السراية فى الإسلام
السراية كلمة تطلق على معنى متعددة أشهرها المعروف بين الناس وهو:
القصر وهى ليس المعنى المراد هنا
كما تعنى السراية:
السير فى الليل ومنه جاء اسم الإسراء
كما تعنى :
جريان الشىء من مكان لأخر أو من عضو لأخر وهو المعنى المراد فى موضوعنا
السراية فى الفقه تعنى :
تعدى الأمر من شىء لشىء أخر مثل :
تعدى المرض من عضو أخر كما فى حالات القيح التى يسمونها :
الغرغرينا والتى يقطع فيها العضو حتى لا يفسد العضو التالى له
ومثل:
أن زواج الإنسان من أنثى يجعل التحريم يسرى على نساء أخريات كالأم والأخت والخالة والابنة
ومثل :
أن
عتق نصيب فى إنسان من ملك اليمين يجعل السارى على المعتق أن يسعى فى عتق
بقية أنصبة الآخرين منه بدفع ثمنه لهم أو بطلبه منهم التنازل عن أنصبتهم
وهذا المثل أقوله بغض النظر عن حكمه
ومن المسائل التى استعمل الفقهاء فيها السراية ما يلى :
السراية في العتق:
اتفق
جمهور الفقهاء على أن من عتق نصيب من مملوك له ولأفراد أخرين عليه أن يسعى
لعتق بقيته سواء بدفع بقية ثمنه أو بطلب التنازل من أصحابه عن ثمنه وعتق
بقيته
ومن الأحاديث فى ذلك:
حدثنا
أحمد ابن أبي رجاء حدثنا يحيى بن آدم حدثنا جرير بن حازم سمعت قتادة قال
حدثني النضر بن أنس بن مالك عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
قال النبي صلى الله عليه وسلم من أعتق شقيصا من عبد رواه البخارى
حدثنا
مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن
نهيك عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أعتق
نصيبا أو شقيصا في مملوك فخلاصه عليه في ماله إن كان له مال وإلا قوم عليه
فاستسعي به غير مشقوق عليه تابعه حجاج بن حجاج وأبان وموسى بن خلف عن
قتادة اختصره شعبة رواه البخارى
عن
أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أعتق
شِقْصَاً مِنْ مملوك، فعليهِ خَلاصُهُ كله في ماله، فإِنْ لم يكن له مال؛
قُوِّمَ المملوك قِيمَةَ عَدْلٍ، ثمَّ اُسْتُسْعِيَ العبد، غير مَشْقُوقٍ
رواه مسلم
وهى
أحاديث كاذبة فلا يجب على من أعتق نصيبه من فرد عتق بقيته من ماله لأنه
قام بواجبه وهو عتق ما يملك وأما البقية فله أن يطلب من بقية الملاك عتق
بقيته ويمكن له أن يدفع بقيته إن أراد وإن لم يرد فى هذا ليس واجب عليه لأن
الواجب هو على المجتمع من خلال مصرف فى الرقاب كما قال تعالى :
" إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ"
سراية الجناية:
المراد بسريان الجناية أمرين :
الأول : أن يؤثر ضرب الإنسان فى مكان ما على أعضاء أخرى مثل من يضرب أحدهم
على دماغه فيصاب بالعمى لأن أثر الضرب امتد من عظام الدماغ إلى عصب العين
ومثل من يضرب أحدهم على ظهره فى منطقة العصص فيسرى التلف من العمود الفقرى إلى الرجلين حيث يتم شللهما
الثانى :
أن يضرب أحدهم الأخر ضربا لا يقتل فيقتل كما فعل موسى(ص) عندما ضرب أى وكز الرجل فمات والمعتاد ألا يموت الناس من ضرب قبضة واحدة
وفى هذا قال تعالى :
"وَدَخَلَ
الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا
رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ
فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ
فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ
الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ"
وقد اختلف الفقهاء فيما يجب فى الجنايتين والحكم فى الأولى واضح فى القرآن وهو :
القصاص أو العفو أو العفو والدية فى جريمة السريان الأولى
والثانية واضحة وهى قتل خطأ لأن الضرب لم يتكرر فتكرار الضرب فى الغالب يكون بقصد القتل خاصة إذا كانت الأداة الضاربة تقتل
سراية القود:
سراية القود يقصد بها :
الجروح
والجروح قد يسرى أى يمتد ضررها من مكان الجرح إلى مكان أخر على حسب الظروف المحيطة بالعلاج أو إهماله
وقد اختلف القوم فقالوا كلاما كثيرا ننقل بعضا منه هو:
"
سراية القود غير مضمونة عند جمهور الفقهاء، فإذا قطع طرفا يجب القود فيه
فاستوفى منه المجني عليه ثم مات الجاني بسراية الاستيفاء لم يلزم المستوفي
شيء، وإلى هذا ذهب الشافعية وأحمد وأبو يوسف ومحمد، وروي عن أبي بكر وعمر
وعلي رضي الله عنهم، وقالوا: لأنه قطع مستحق مقدر فلا تضمن سرايته كقطع
السارق، ولا يمكن التقييد بسلامة العاقبة لما فيه سد باب استيفاء الحق
بالقصاص، والاحتراز عن السراية ليس في وسعه.
وقال
أبو حنيفة: يضمن دية النفس؛ لأنه قتل بغير حق لأن حقه في القطع وهو وقع
قتلا، ولو وقع هذا القطع ظلما في غير قصاص وسرى إلى النفس، كان قتلا موجبا
للقصاص أو الدية؛ ولأنه جرح أفضى إلى فوات الحياة في مجرى العادة، وهو مسمى
القتل إلا أن القصاص سقط للشبهة فوجب المال .
والعبرة
في الضمان ونوعه وقدره بوقت الجناية لا بوقت السراية، فإن جرح مسلم حربيا
أو مرتدا فأسلما ثم ماتا بالسراية فلا ضمان، كعكسه، بأن جرح حربي مسلما
فأسلم الحربي ثم مات المسلم؛ لأنه جرح غير مضمون فسرايته غير مضمونة.
وإن
جرح مسلم مسلما ثم ارتد المجروح فمات بالسراية فلوليه القصاص بالجرح،لا
بالنفس. وإن تخلل المهدر بين الجرح والموت بالسراية كأن يجرح مسلم مسلما،
ثم ارتد المجروح، ثم أسلم ومات بالسراية فلا يجب القصاص لتخلل حالة الإهدار
بين الجناية والموت بالسراية، وتجب الدية لوقوع الجناية والموت بالسراية
في حالة العصمة.
وإن
جرح مسلم ذميا فأسلم ومات بالسراية فلا قصاص عند من يرى عدم قتل المسلم
بالذمي؛ لأنه لم يقصد بجنايته من يكافئه، وتجب دية مسلم؛ لأنه في الابتداء
مضمون وفي الانتهاء حر مسلم.
والقاعدة في هذا الباب هي:
1 - أن كل جرح غير مضمون لا ينقلب مضمونا بتغير الحال في الانتهاء.
2 - وكل جرح مضمون في الحالين، فالعبرة في قدر الضمان بالانتهاء.
3 - وكل جرح مضمون لا ينقلب غير مضمون بتغير الحال "
وحكم الله واضح وهو لا قصاص فى الجروح إلا بعد تقرير الطبيب بشفاء المجنى عليه
سراية الطلاق:
المراد به أقوال هى فى الواقع أقوال مجانين لا تحدث كمن قال لزوجته:
أنت طال نصفك، أو ربعك، أو جزؤك طالق، أو أضافه إلى معين منها كأن يقول: يدك أو رجلك طالق
وقد
اختلف الفقهاء فى هذا القول وهو قول مخترع لأن أحدا لم يسمع به إلا على
سبيل الضحك والهزار فبعضهم قال يقع الطلاق به وبعضهم قال لا يقع الطلاق به
والطلاق يقع بأى لفظ لكن بعد استنفاد طرق حل الخلاف الزوجى كما قرر الله وهى :
الطريق بين الزوجين حيث يعظ الزوج زوجته عدة أيام ويفارقها فى المضجع عدة أيام ويضربها عدة أيام
طريق الاصلاح من حكم أهل الزوج وحكم أهل الزوجة وهو ما يعنى أن بين السماع
والأخذ والرد يكون هناك مدة لا تقل عن ستة أشهر لتقرير الطلاق وساعتها
يكون بأى لفظ لأنه يكون فى تلك الساعة يكون مقصود به الطلاق بعد استنفاد
الحلول