السبت، 30 أبريل 2022

نقد كتاب صفة الجنة في سورة الرحمن

نقد كتاب صفة الجنة في سورة الرحمن
مؤلفة الكتاب عائشة عامر شوكت وهو يدور حول ما ورد من كلام عن الجنة في سورة الرحمن وقد اعتبرته عائشة في المقدمة أسلوب للترغيب وفى مقابله ذكر النار وهو أسلوب الترهيب فقالت:
"أما بعد
فيعد القران الكريم المصدر الأول من مصادر التشريع الإسلامي وله أساليبه المتنوعة في التربية والتعليم؛ كالتربية بالقصص القرآني وضرب الأمثال والموعظة الحسنة وكذلك أسلوب الترغيب والترهيب وهذه الأساليب نستعملها في تربية أولادنا فعندما يذكر القرآن الكريم هذا الأسلوب فإنما يذكر لسبب مهم وهو أن يربي الأجيال على طاعته واجتناب نواهيه وأن سبب ذكر أهوال يوم القيامة في البداية وبعدها ذكر الجنة هو أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يميز الفارق الهائل بين منازل المجرمين ومراتب المتقين فعندما يذكر القرآن أهوال يوم القيامة فهذا الأسلوب ترهيب للعباد حتى يبتعدوا عن المعاصي والذنوب وعن كل ما يبعدهم عن الله سبحانه وتعالى لكن بعدها بشر المتقين والذين أطاعوه في كل آية من آيات التحذير بأن هناك جنة تنتظرهم ووصفها لهم وصفا رائعا ليرغب العباد أن من أطاعه بأداء الفرائض واجتناب المحرمات فإنه سيفوز بهذه الجنة التي وصفها وصفا يعجز العقل عن تخيله ولهذا فإنها جديرة بأن يعمل لها العاملون ويتنافس عليها المتنافسون طوال فترة حياته فإن الأصل لدخول الجنة هو الخوف من الله تعالى"
وقد استهلت الكلام بتعريف الجنة لغويا واصطلاحيا فقالت :
"المبحث الأول وصف الجنة في القرآن الكريم
المطلب الأول تعريف الجنة لغة واصطلاحا
لغة الجنة والجنة بالضم ما استترت به من سلاح والجنة السترة والجمع الجنن يقال استجن بجنة؛ أي استتر بسترة والجنة البستان ومنه الجنات والعرب تسمي النخيل جنة ومنه قوله تعالى {من الجنة والناس أجمعين}
قال زهير
كأن عيني في غربي مقتلة = من النواضح تسقي جنة سحقا
والجنة (الحديقة ذات الشجر والنخل وجمعها جنان وفيها تخصيص ويقال للنخل وغيرها وقال أبو علي في التذكرة لا تكون الجنة في كلام العرب إلا وفيها نخل وعنب فإن لم يكن فيها ذلك وكانت ذات شجر فهي حديقة وليست بجنة) "
والخطأ في الكلام أن الجنة في قوله "من الجنة والناس أجمعين" تعنى النخيل مع أنها تعنى الجن وهو النوع الذى أبوه الجنة فالوسوسة وهى قول الزخرف تكون في الجنة والإنس كما قال تعالى:
"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا"
ثم عرفتها اصطلاحا فقالت:
"الجنة اصطلاحا (هي دار الكرامة التي أعد الله لأوليائه يوم القيامة فيها نهر يطرد وغرفة خالية وشجرة مثمرة وزوجة حسناء بل وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)وقيل (الجنة هي دار الثواب لمن أطاع الله وموضعها عند سدرة المنتهى) "
والتعاريف كثيرة مضمونها مكان إقامة المسلمين في الآخرة وتحدثت عن خلق الجنة فقالت:
"المطلب الثاني خلق الجنة
قال ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية
(إن الجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبدا ولا تبيدان فإن الله تعالى خلق الجنة قبل الخلق وخلق لهما أهلا فمن شاء منهم إلى الجنة فضلا منه وكل يعمل لما قد فرغ له وصائر إلى ما خلق له)
(والدليل على أنهما مخلوقتان بعد إخبار النبي (ص) أنه رأى الجنة ليلة الإسراء وأخبر (ص) أنه رأى سدرة المنتهى في السماء السادسة وقال تعالى {عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى} فصح أن جنة المأوى هي السماء السادسة وقد أخبر الله عز وجل أنها الجنة التي يدخلها المؤمنون يوم القيامة قال تعالى {فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون} "
والخطأ هنا كون الجنة في السماء السادسة وهو ما يخالف أن كلمة المنتهى تدل على أنها أخر سماء وهى السماء السابعة ثم قالت:
"ومن أوضح الأدلة وأصرحها على خلق الجنة قصة آدم (ص)
قال تعالى {ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين}
وقال تعالى {يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم}
وقوله تعالى عن الجنة {أعدت للمتقين}
وكذلك في قوله تعالى {أعدت للذين آمنوا بالله ورسله}
وفي هذه الآيات دلالات واضحة على أن الله سبحانه وتعالى قد خلق الجنة وأنها موجودة وأنه أعدها للذين يتقونه ويخشونه
(وعن عائشة أم المؤمنين قالت توفي صبي فقلت طوبى له عصفور من عصافير الجنة فقال رسول الله (ص)((أولا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار فخلق لهذه أهلا ولهذه أهلا)) "
والحديث لا يصح فالناس لا يتحولون لعصافير في الجنة لقوله تعالى:
" كما بدأكم تعودون"
فالإنسان صغير أو كبير يعود كما كان ثم تحدثت عن أنهار الجنة فقالت:
"المطلب الثالث أنهار الجنة:
تعد أنهار الجنة جزءا لا يتجزأ منها وقد وصفها الله سبحانه وتعالى بأوصاف رائعة وجميلة ترغب الناس في التقرب إلى الله ودخول الجنة للتمتع بأنهارها وهنالك أنواع من الأنهار التي ذكرها القرآن الكريم وكذلك ذكرت في أحاديث في السنة النبوية
ففي القرآن قال تعالى {مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى}
وقبل البدء في أوصاف وأنواع الأنهار الجنة فقد عبر ابن القيم عنها بعبارت ذات معان جميلة فقال
أنهارها في غير أخدود جرت = سبحان ممسكها عن الفيضان
من تحتهم تجري كما شاؤوا مفجـ = ـجرة وما للنهر من نقصان
عسل مصفى ثم ماء ثم خمـ = ـر ثم أنهار من الألبان
والله ما تلك المواد كهذه = لكن هما في اللفظ مجتمعان
هذا وبينهما يسير تشابه = وهو اشتراك قام بالأذهان
فهنا قد وصف الأنهار - كما قال مسروق- أنها تجري في غير أخدود"
وكلام ابن القيم باطل فكل أنهار الجنة كأنهار الأرض تجرى تحت الأرض كما قال تعالى :
" تجرى من تحتها الأنهار" فالتحتية تعنى أن أرض الجنة أعلى من أنهارها وهو ما يعنى كونها أخدود فلو كانت كما يقول لقال تعالى من فوقها
وتحدثت عن أنواع ألأنهار وهى العيون الأربعة فقالت :
"تدل الآية الكريمة وكما في القصيدة النونية أن هناك أربعة أنهار (نهر الماء - نهر اللبن - نهر الخمر - نهر العسل)
وقد ذكر سبحانه هذه الأجناس الأربعة في الآية الكريمة ونفى عن كل واحد منها الآفة التي تعرض له في الدنيا
فآفة الماء أن يأسن ويأجن من طول مكثه
وآفة اللبن الذي يتغير طعمه إلى الحموضة وأن يصير قارصا
وآفة الخمر كراهة مذاقها وتذهب العقل
وآفة العسل عدم تصفيته
لقد تكرر في القرآن الكريم في عدة مواضع ذكر أنهار الجنة لكن في كل موضع تدل على معنى
الموضع الأول {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار} ففي هذا الموضع دلالة على أن وجود الأنهار حقيقة
الموضع الثاني {وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا} وهذا الموضع دلالة على أنها أنهار جارية لا واقفة
الموضع الثالث {ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار} وفي هذا الموضع دلالة على أنها تجري تحت غرفهم وقصورهم
• والآن أذكر أنهار الجنة
الأول (نهر الكوثر)
يقول سبحانه وتعالى {إنا أعطيناك الكوثر}
عن ابن عباس أنه قال في الكوثر هو الخير الذي أعطاه الله إياه؛ قال أبو بشير قلت لسعيد بن جبير فإن الناس يزعمون أنه نهر في الجنة فقال سعيد النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه "
الخطأ أن الكوثر نهر والرواية التى تقول ذلك لم يقلها النبى(ص) أولا لأن أعطيناك فعل ماض فدل على أن العطاء دنيوى بينما الأخروى لا يستعمل فيه الفعل الماضى وثانيا لأن الكوثر تعنى الخير الكثير وهو الحكمة أى الوحى كما قال تعالى:
"ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا"
وقالت:
"الثاني نهر بارق
عن ابن عباس قال قال رسول الله (ص)((الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا))
وأنهار الجنة ليس بينها وبين أنهار الدنيا تشابه إلا في الاسم فقط وجريان الأنهار من تحت غرف الجنة والقصور مما يزيدها جمالا وبهجة وهي حاصلة ومتحققة لعباد الله المؤمنين؛ لأن الله وعد المتقين بهذا النعيم "
وهذا الكلام باطل لم يقله النبى(ص) أولا لأن الشهدا لكل منهم جنتان وكذلك كل مسلم لقوله تعالى :
" ولمن خاف مقام ربه جنتان" فميف يكونون جميعا على نهر وليس في جنة كل منهما وحسب سورة الرحمن فكل جنة فيها عين لقوله:

"فيهما عينان تجريان"
ومن ثم فهناك نهران لمن في الجنتان العاليتين وأما الأقل منهما ففيهما نهران من نوعين أخرين كما قال :
"ومن دونهما جنتان"
ثم قالت:
"الثالث (نهر البيذخ أو البيدح)
جاءت امرأة فقالت يا رسول الله رأيت كأني دخلت الجنة فسمعت بها وجبة ارتجت لها الجنة فنظرت فإذا قد جيء بفلان بن فلان وفلان بن فلان حتى عدت اثني عشر رجلا وقد بعث رسول الله (ص) سرية قبل ذلك قالت فجيء بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم قالت فقيل اذهبوا بهم إلى نهر البيذخ - أو قال إلى نهر البيدح - قال فغمسوا فيه فخرجوا منه وجوههم كالقمر ليلة البدر قالت ثم أتوا بكراسي من ذهب فقعدوا عليها وأتي بصحفة - أو كلمة نحوها - فيها بسر فأكلوا منها فما يقلبونها لشق إلا أكلوا من فاكهة ما أرادوا"
وهذه الرواية مناقضة لرواية بارق فهؤلاء شهداء والشهداء على بارق فكيف كان الشهداء12 على البيذخ ثم قالت:
"الرابع (النهران الظاهران والنهران الباطنان)
قال رسول الله (ص)((رفعت إلى السدرة فإذا أربعة أنهار نهران ظاهران ونهران باطنان فأما الظاهران فالنيل والفرات وأما الباطنان فنهران في
الجنة فأتيت بثلاثة أقداح قدح فيه لبن وقدح فيه عسل وقدح فيه خمر فأخذت الذي فيه اللبن فشربت فقيل لي أصبت الفطرة أنت وأمتك)) "
الحديث باطل لمخالفته كتاب الله لأن الكون كله يهدم في القيامة فكيف يكون ما في الدنيا في الآخرة وقد هدم أى تبدل ما في الدنيا كما قال تعالى :
" يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات"
وحتى لو افترضنا أن الكلام في الدنيا فهذا الكلام مناقض لما ذكرته في أول الكتاب من كون الجنة حاليا في السماء السادسة فكيف يكون النهران في السماء والنيل والفرات حاليا في الأرض؟
وتحدث عن درجات الجنة فقالت:
"المطلب الرابع درجات الجنة:
يعمل الإنسان في الحياة الدنيا من أجل الحصول على منافع قليلة تساعده على الاستمرار في الحياة ومهما كان الإنسان غنيا نتيجة هذه المنافع فإنها مقارنة بما يحصل عليه المؤمنون في الجنة ودرجاتها لا تعد شيئا؛ لأن الإنسان في الجنة يحصل على الدرجات العالية من خلال العبادات والطاعات وهذه الدرجات حسب العمل الصالح وتعتمد على قوة العمل الصالح {ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون}
تدل هذه الآية الكريمة على أن لكل عامل في طاعة الله أو معصيته منازل ومراتب من عمله يبلغه الله إياها ويثيبه بها إن خيرا فخير وإن شرا فشر؛ لأن الإنسان يحصل على الدرجات العالية من خلال العبادات والطاعات فكلما كثرت طاعاته زادت درجاته في الجنان
قال تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما} فهذه الآية تشير إلى أن أصحاب الضرر من المؤمنين يساوون بالمجاهدين؛ لأن العذر أقعدهم عن القتال كما تشير الآية إلى أن المجاهدين في سبيل الله لهم درجات في غرف الجنان العالية ولهم مغفرة من الذنوب وحلول الرحمة والرضوان عليهم تكريما لهم
وقد ذكر ابن القيم في هذه قصيدته الرائعة درجات الجنة فقال
درجاتها مائة وما بين اثنتيـ = ـن فذاك في التحقيق للحسبان
مثل الذي بين السماء وبين هـ = ذي الأرض قول الصادق البرهان
لكن عاليها هو الفردوس مسـ = ـقوف بعرش الخالق الرحمن
وسط الجنان وعلوها فلذاك كا = نت قبة من أحسن البنيان
منه تفجر سائر الأنهار فالـ = ـمنبوع منه نازل بجنان
قال تعالى {ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى}
ومن الذين وضحوا هذه المسألة ابن تيمية فقد قال
"والجنة درجات متفاضلة تفاضلا عظيما وأولياء الله المؤمنون المتقون في تلك الدرجات بحسب إيمانهم وتقواهم
فبين الله سبحانه أن أهل الآخرة يتفاضلون فيها أكثر مما يتفاضل الناس في الدنيا وأن درجاتها أكبر من درجات الدنيا وقد بين تفاضل أنبيائه عليهم السلام كتفاضل سائر عباده المؤمنين {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات} وعن أبي هريرة عن رسول الله (ص) قال ((إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله بين الدرجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فهو أوسط الجنة وهو أعلى الجنة وفوقه العرش ومنه تفجر أنهار الجنة))
والمراد بالمائة هنا الكثرة بالدرجات المرقاة والمراد بالدرجات المراتب العالية؛ أي إن لهم درجات بحسب أعمالهم من الطاعات
ويتضح لنا من خلال ما سبق أن الجنة درجات؛ وذلك لأن عباد الله غير متساوين في الأعمال فهناك من يؤدي الفرائض فقط وهو من أهل الجنة وهذا يعتبر أقل درجة في دخول الجنة وهناك من يريد الزيادة في الجنة فيطبق السنن كقيام الليل وهنا تكثر درجاته في الجنة؛ لأن ذلك حسب عمله
عن النبي (ص) قال ((يقال - يعني لصاحب القرآن - اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها)) ؛ إذا الزيادة تتوقف على فعل العبد للطاعة
وفي آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية إشارة إلى أن الجنة درجات وهناك أفضل أنواع الجنات
قال رسول الله (ص)((يا عثمان بن مظعون من صلى صلاة الفجر في جماعة ثم جلس يذكر حتى تطلع الشمس كان له في الفردوس سبعون درجة كل درجتين كحضر الفرس الجواد المضمر سبعين سنة ومن صلى صلاة الظهر في جماعة كان له في جنات عدن خمسون درجة بعد ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد المضمر خمسون سنة))
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (ص) قال إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم)) قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال ((والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين))
وقد ذهب ابن حجر إلى القول في معنى (يتراءون) أن أهل الجنة تتفاوت منازلهم بحسب درجاتهم في الفضل حتى إن أهل الدرجات العلا ليراهم من هو أسفل منهم كالنجوم وقوله ((الدري)) وهو النجم الشديد الإضاءة
• أما أفضل تلك الدرجات فهي الفردوس الأعلى وهناك صفات أو شروط تمكن ساكنها من إرثها بعد رحمة الله تعالى كما في الآية الكريمة {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون} في هذه الآية الكريمة بينت أن سبب إرث أهل الجنة الفردوس الأعلى هو تقواهم لربهم وما قدموا من الأعمال الصالحة في دنياهم
ومن هنا تبين لنا في هذا المطلب أن أعلى درجات الجنة الفردوس الأعلى فإذا سأل العبد ربه فليسأله الفردوس الأعلى؛ لأنه أسمى وأرقى درجة في الجنة ويحتاج العبد الجهد الكثير ليصل إلى هذه المرتبة أو الدرجات العلا ومما ينبغي أن يعلم أن العمل لا يكفي مستقلا في دخول الجنة بل لا بد من رحمة الله تعالى"
وما ذكرته عائشة وابن القيم باطل فالروايات متناقضة في عدد الدرجات فهناك حديث عن أن قارىء القرآن له بكل آية يرتلها درجة وهذا معناه أن هناك أكثر من ستة آلاف درجة حسب عدد آيات القرآن الحالية قال: لصاحب القرآن إذا دخل الجنة اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه"
وقد ذكرت حديثين مناقضين حديث المائة وحديث السبعين والكل مناقض لكتاب الله فالجنة درجتين واحدة للمجاهدين وهم المقربون وواحدة للقاعدين وهم أهل السمين كما قال تعالى:
" فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
ولذا قال تعالى في سورة الرحمن أن هناك جنتين أقل من الجنتين الأوليين فقال :
"ومن دونهما جنتان"
ثم تحدثت عن صفات أهل الجنة فقالت:
المطلب الخامس أهل الجنة
لقد وصف القرآن الكريم أصحاب الجنة بصفات؛ منها
أولا المتقون وهم الذين يراقبون الله سبحانه وتعالى ويقوون أنفسهم من عذابه
قال تعالى {إن المتقين في جنات وعيون}
وقال تعالى {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين}
كما أن التقوى هي تجنب القبيح خوفا من الله تعالى وأصلها الوقاية وعي كذلك التحرز بطاعة الله عن عقوبته وهي صيانة النفس عما تستحق به العقوبة
ثانيا الصادقون
قال تعالى {قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم}
قال الرازي "اعلم أنه تعالى لما أخبر أن صدق الصادقين في الدنيا ينفعهم في القيامة شرح كيفية ذلك النفع وهو الثواب وحقيقة الثواب أنها منفعة خالصة
دائمة مقرونة بالتعظيم وقوله تعالى {خالدين فيها أبدا} إشارة إلى دوام ذلك النعيم
ثالثا الطائعون - الذين يعملون الصالحات
قال تعالى {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار}
إن الذي يحصل عليه أصحاب الجنة قد يشبه ما كان في الدنيا من حيث الاسم فقط أما من حيث اللون والشكل والطعم فهو يختلف تماما
قال تعالى {ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار} ؛ أي من يطع الله والرسول يدخله جنات النعيم
رابعا التائبون
وقد وعد الله سبحانه وتعالى التائبين بالجنة وهذا من الكرم الإلهي فهي لمن أراد العودة إلى الله سبحانه وتعالى والعبد التائب يغفر الله ذنبه كرما من الباري قال تعالى {إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة} أي من رجع عن ترك الصلوات واتباع الشهوات فإن الله يقبل توبته ويحسن عاقبته ويجعله من ورثة جنة النعيم؛ لأن التوبة تجب ما قبلها
خامسا الأبرار
قال تعالى {إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا} والأبرار هم أعلى درجة وأقرب في طاعاتهم إلى من الطائعين والتائبين
سادسا المقربون
قال تعالى {فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنت نعيم}
• ومن الصفات أيضا ما جاء في قوله تعالى {الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين}
وقال تعالى {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى}
وهذا في القرآن كثير مقداره على ثلاث قواعد إيمان وتقوى وعمل خالص لله على موافقة السنة فأهل هذه الأصول الثلاثة هم أهل البشرى دون من عداهم من سائر الخلق عليها دارت بشارات القرآن والسنة
• وهي تجتمع في أصلين
إخلاص في طاعة الله وإحسان إلى خلقه وضدها يجتمع في الذين يراؤون ويمنعون الماعون وترجع إلى خصلة واحدة وهي موافقة الرب تبارك وتعالى في محابه ولا طريق إلى ذلك إلا بتحقيق القدوة ظاهرا وباطنا برسول الله (ص)
أما الأعمال التي هي تفاصيل هذا الأصل فهي بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق
• وكذلك في سورة المؤمنون أيضا هناك صفات الذين تكون لهم الجنة وخاصة الفردوس الأعلى
- الذين هم في صلاتهم خاشعون
- الذين هم عن اللغو معرضون
- الذين هم للزكاة فاعلون
- الذين لفروجهم حافظون
- الذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون
- الذين هم على صلاتهم يحافظون
• وفي هذا العرض الموجز تعرفنا على أهل الجنة وصفاتهم والذين خصهم القرآن الكريم بالذكر عسى الله أن يجعلنا وإياكم ممن تنطبق عليهم هذه الصفات"
وكل هذه الصفات موجودة في كل مسلم وكلها يفسر بعضها بعضه فالتقوى هى طاعة الله هى التصديق بكلام الله والعمل به .....
وتحدثت عن سبب نزول سورة الرحمن فقالت:
"المبحث الثاني سورة الرحمن الإطار العام
المطلب الأول سبب نزول سورة الرحمن
إن لكل سورة سبب نزول خاص بها وسوف نفصل الآن سبب نزول سورة الرحمن
فقيل إن سبب نزول هذه السورة هو قول المشركين المحكي عنهم {وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا} فتكون تسميتها باعتبار إضافة سورة إلى الرحمن على معنى إثبات وصف الرحمن فرد الله على المشركين بأن الرحمن هو الذي علم النبي (ص) القرآن وهي من أول السور نزولا
وقيل إن هذه السورة نزلت بسبب قول المشركين في النبي (ص){إنما يعلمه بشر} أي يعلمه القرآن وكان الاهتمام بذكر الذي يعلم النبي (ص) القرآن أقوى من الاهتمام بالتعليم
وورد أيضا أن أبا بكر الصديق ذكر ذات يوم القيامة والموازين والجنة والنار فقال وددت أني كنت خضراء من هذه الخضر تأتي على بهيمة تأكلني وأني لم أخلق فنزل قوله تعالى {ولمن خاف مقام ربه جنتان} "
ولا يوجد سبب للنزول معين ولكن الحديث الٌرب للصحة هو السؤال وما الرحمن ؟ فكانت بداية السورة إجابة عليه
وتحدثت عن فضل السورة فقالت:
"المطلب الثاني فضل ومميزات سورة الرحمن
نتحدث أولا عن فضل سورة الرحمن وهو قليل الذكر في فضائلها وفيها الكثير من الأحاديث الضعيفة وقد ذكرت في السنة النبوية فضائل بعض السور ومن هذه الفضائل فضل سورة الرحمن التي سميت بعروس القرآن
فعن جابر قال خرج رسول الله (ص) على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا فقال ((لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن مردودا منكم كنت كلما أتيت على {فبأي آلاء ربكما تكذبان} قالوا لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد)) "
الحديث باطل فالرسول لم يقرأ على الجن شىء وإنما كان يقرأ القرآن فصرف الله إليه بعض الجن فسمعوا القرآن منه ولم يعلم بذلك إلا بعد أن أخبره الله بعد انصرافهم فقال :
"قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا"

وتحدثت عن مميزات السورة فقالت:
"والآن نذكر مميزات هذه السورة العظيمة فلها مميزات كثيرة ولا شك أن لكل شيء مميزات حباه الله بها دون غيره وهذا الكلام ينطبق على الإسلام فالإسلام فيه من المميزات والخصائص ما تجعله لا يتشابه مع الأديان الأخرى وكذلك فإن رسولنا الأعظم محمدا (ص) قد خصه الله بخصائص جعلته يتميز عن غيره من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام لذلك فإن نقول إن الله قد خص كتابه الكريم بخصائص جعلته يختلف عن غيره من الكتب السماوية؛ ومنها الحفظ والإعجاز والتحدي والشمولية وإن أهم خصيصة فيه وأبرز ميزة أنه كلام الله سبحانه ولا شك أن لكل سورة من سوره أشياء وصفات تختص بها عن غيرها من السور وهذا ما سنحاول أن نبينه في هذا المطلب
فقد ورد عن علي أن رسول الله (ص) قال ((لكل شيء عروس وعروس القرآن سورة الرحمن)) وهذا لا يعدو أن يكون ثناء على هذه السورة وليس هو في التسمية في شيء ولذلك يقال لها عروس القرآن وأنها مجمع النعم والجمال والبهجة في نوعها والكمال "
والحديث كما قالت الباحثة ضعيف وهو ما يعنى أن الرسول لم يقله وهو ما يعرضنا للسخرية عندما يقول البعض إذا كانت هى العروس فأين العروسة أو العريس
ثم تحدثت عن المميزات فقالت:
ومن مميزات سورة الرحمن
• بديع أسلوبها وافتتاحها الباهر باسمه الرحمن وهي السورة الوحيدة المفتتحة باسم من أسماء الله لم يتقدمه غيره
• وكذلك منه التعداد في مقام الامتنان والتعظيم قوله {فبأي آلاء ربكما تكذبان}؛ إذ تكررت هذه الآية في سورة الرحمن إحدى وثلاثين مرة وذلك أسلوب عربي جليل
• وكذلك من مميزاتها تعداد آلاء الله الباهرة ونعمه الكثيرة الظاهرة على العباد التي لا يحصيها عد في مقدمتها نعمة (تعليم القرآن) بوصفه المنة الكبرى على الإنسان
• تناولت السورة في البداية نعم الله الكثيرة وبعدها دلائل القدرة الباهرة في تسيير الأفلاك وتسخير السفن الكبيرة وبعدها الاستعراض السريع لصفحة الكون المنظور
• استخدام أسلوب الترغيب والترهيب؛ لأن الله سبحانه ذكر أهوال يوم القيامة وتحدث سبحانه عن حال الأشقياء المجرمين وما يلاقونه من فزع وبعدها يذكر مشهد النعيم للمتقين في شيء من الإسهاب والتفصيل؛ إذ يكونون في الجنان مع الحور العين
• تعد سورة الرحمن ذات نسق خاص وملحوظ؛ فهي إعلان عام في ساحة الوجود الكبير وإعلام آلاء الله الباهرة الظاهرة في جميل صنعه وإبداع خلقه وفي فيض نعمائه وفي تدبيره للوجود وما فيه وتوجه الخلائق كلها إلى وجهه الكريم وهي إشهاد عام للوجود كله على الثقلين (الإنس والجن) المخاطبين بالسورة على السواء في ساحة الوجود على مشهد من كل موجود مع تحديهما إن كانا يملكان التكذيب بآلاء الله تحديا يتكرر عقب بيان كل نعمة من نعمه التي يعددها ويفصلها ويجعل الكون كله معرضا لها وساحة الآخرة كذلك ورنة الإعلان تتجلى في بناء السورة كله وفي إيقاع فواصلها تتجلى في إطلاق الصوت إلى أعلى وامتداد التصويت إلى بعيد كما تتجلى في المطلع الموقظ الذي يستثير الترقب والانتظار لما يأتي بعد المطلع من أخبار
• أكثر ميزة في هذه السورة أنها جميلة بتناسق الكلمات؛ ومما يجلي وضوح جمال هذه السورة ما روي أن قيس بن عاصم المنقري قال للنبي (ص)"اتل علي مما أنزل عليك فقرأ عليه سورة {الرحمن} فقال أعدها فأعادها ثلاثا فقال والله إن له لطلاوة وإن عليه لحلاوة وأسفله لمغدق وأعلاه مثمر وما يقول هذا بشر وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله" ففي هذه الرواية أسلم قيس بسبب جمال هذه السورة وطلاوتها وصياغة كلماتها "
الحديث في المشهور ليس في قيس وإنما في الوليد بن المغيرة وهو لم يسلم ثم قالت:
" وفي هذه السورة ذكرت نعم الله التي لا تعد ولا تحصى منها الكبرى المستقرة ومنها الصغرى المتجددة بتجدد الحياة الإنسانية فعلى كل إنسان شكر هذه النعم اعترافا بها وإجلالا لها ووفاء لحق المنعم "
وفى نهاية البحث تحدثت عن صفة الجنة في السورة فقالت:
المبحث الثالث صفة الجنة في سورة الرحمن
المطلب الأول تفسير آيات وصف الجنة في سورة الرحمن
في هذا المبحث وصف الجنة في سورة الرحمن وصفا تفصيليا طبقا للآيات الكريمة التي ذكرت في القرآن الكريم
قال تعالى {ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان}
• قال مجاهد هو الرجل يهم بالمعصية فيذكر الله عندها فيدعها فله أجران
وذكر عن الفراء أنه قال جنتان أراد به جنة واحدة وإنما ذكر {جنتان} للقوافي والقوافي تحتمل الزيادة والنقصان ما لا يحتمل الكلام
وقيل إنه الوقوف بين يديه في ساحة فصل القضاء يوم القيامة فأطاعه بأداء الفرائض واجتناب المحرمات
• وجنتان أي بستانان"
وحكاية القوافى خبلا من ضمن الخبل فالقرآن ليس شعرا حتى يقال أنه له قوافى فلو كان هذه صحيح لانتهت آيات كل سورة بحرف واحد ولكن نلاحظ تعدد الحروف في معظم السور
ثم قالت:
• {فبأي آلاء ربكما تكذبان} أبإثابة أحدكم الذي إذا هم بالمعصية ذكر قيامه بين يدي ربه فتركها فأثابه الله بجنتين؟
• وهذه الآية تدل على أمرين
الأمر الأول لما ذكر أحوال النار ذكر ما أعد للأبرار والمعنى خاف مقامه بين يدي ربه للحساب فترك المعصية وقيل خاف قيام ربه؛ أي إشرافه واطلاعه عليه
الأمر الثاني هذه الآية دليل على أن من قال لزوجه إن لم أكن من أهل الجنة فأنت طالق لا يحنث إن كان هم بالمعصية وتركها خوفا من الله وحياء منه
وذكر المقام اسم مكان ومقامه تعالى موقفه الذي يقف فيه العباد والحساب كما قال {يوم يقوم الناس لرب العالمين} فالإضافة للاختصاص الملكي؛ إذ لا ملك يومئذ إلا لله تعالى
وقيل إن الجنتين نوعان جنة للخائف الإنسي وجنة للخائف الجني فإن الخطاب للفريقين والمعنى لكل خائفين منكما أو لكل واحد جنة لعقيدته وأخرى لعمله أو جنة لفعل الطاعات وأخرى لترك المعصية أو جنة يثاب بها وأخرى يتفاضل عليه أو روحانية وجسمانية
• وقيل إحدى الجنتين منزله والأخرى منزل أزواجه كما يفعله رؤساء الدنيا حيث يكون له قصر ولأزواجه قصر
• قال القرطبي إنما كانتا اثنتين ليضاعف له السرور بالتنقل من جهة إلى جهة
إذا فإن هذه الجنة للسابقين المقربين وهم يكونون في مرتبة عالية ونفهم من هذه الآية أن آخر العذاب جهنم وأول مراتب الثواب الجنة ثم بعدها مراتب وزيادات ثانية
• ويتضح مما سبق أن الله سبحانه وتعالى لما أراد أن يكرم من يخاف مقامه من خلال تنفيذ الأوامر أو ترك ما نهى الله عنه فإنه يجازيه بجنتين وهذا ما ورد في قول الله عز وجل {ولمن خاف مقام ربه جنتان}"
والكلام السابق خطأ فالجنتين ألوليين كما سبق القول هما نصيب المجاهد والجنتين الأقل هم نصيب القاعد عن الجهاد كما هو مذكور في قوله تعالى :
فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
ثم قالت:
" وفي وصف آخر في سورة الرحمن يقول سبحانه وتعالى {ذواتا أفنان فبأي آلاء ربكما تكذبان} أي ذواتا أغصان وأغصان جمع غصن وخص الأفنان؛ لأنها هي التي تورق وتثمر فمنها تمتد الظلال ومنها تجتنى الثمار أو أفنان جمع فن؛ أي له فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين
وقيل إنها ذات ألوان متعددة وفنون من الملاذ وقيل إن كل غصن فيها يحتوي على فن من فنون الفاكهة
وتوصف بأنها أغصان نضرة حسنة تحمل من كل ثمرة نضيجة فائقة
• قال عطاء الخراساني وجماعة إن الأفنان أغصان الشجر يمس بعضها بعضا
وقيل فنون من الملاذ كل غصن يجمع فنونا من الفاكهة وأن {ذواتا أفنان} واسعة الفناء
وقال قتادة {ذواتا أفنان}؛ يعني بسعتها وفضلها ومزيتها على ما سواها
وصف للجنتين بأنهما جمع فنن لون أفنان وأنها أنواع من الأشجار والثمار أو أغصان لينة وهو ما دق ولان من الغصن
• وهنا يصف الله سبحانه وتعالى الأغصان والأشجار والثمار وطبيعتها في هذه الآية الكريمة ليعلم الناس أن الجنة وأشجارها وأغصانها وثمارها مختلفة عن الأشجار والأغصان والثمار الموجودة في الحياة الدنيا وأيضا في الجنة هناك اختلاف في الأنواع والأشجار والثمار فيما بين بعضها البعض
• وعندما يصف الله سبحانه وتعالى الجنة من خلال العيون الجارية نرى أن سبحانه وتعالى يقول {فيهما عينان تجريان فبأي آلاء ربكما تكذبان} أي إن في الجنتين عينين تجريان بالماء العذب الزلال الصافي خلال تلك القصور والأشجار
عندما يذكر {فبأي آلاء ربكما تكذبان} فتكرر هذا اللفظ بتكرار النعيم وذلك للتقرير أو التوبيخ والحث على الشكر بالعبادة والتوحيد فيها
• كما أن في جنة المقربين عينين تجريان أما في جنة أصحاب اليمين فتكون العين غير جارية فمن المعلوم أن الماء الجاري هو الذي يسقي الأشجار وأن الجري يكون أقوى من النضح وأنه أفضل من الذي لا يجري
• قال الحسن البصري إن هاتين العينين إحداهما يقال لها تسنيم والأخرى السلسبيل
• قال عطية إحداهما من ماء غير آسن والأخرى من خمر لذة للشاربين
• وأما العينان اللتان تجريان فإن حصباهما الياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر وترابها الكافور وحصاتها المسك الأذفر وحافتاهما الزعفران
• وهاتان العينان فياضتان فوارتان بالماء العذب فهناك جنتان تجريان بالأنهر وجنتان فوارتان
• هذا ما وصف الله به الجنتين اللتين ذكرتا لكنه فصل بين الأغصان والعيون والفواكه بذكر العينين الجاريتين على عادة المتنعمين فيذكر الله تعالى ما يتم به النزهة وهو خضرة الأشجار وجريان الأنهار فسبحان من يأتي بالآيات بأحسن المعاني في أبين المباني"
والعينان في ألأوليين والعينان في الأخرين هما الأنهار الأربعة واسم تسنيم يطلق على نهر العسل وهو للمقربين وهم المجاهدين وأما السلسبيل فيطلق على نهر الماء وهو للقاعدين
ثم تحدثت على فاكهة الجنة فقالت:
"• ثم ينتقل قال سبحانه وتعالى في وصف الجنة في سورة الرحمن بعد ذلك {فيهما من كل فاكهة زوجان فبأي آلاء ربكما تكذبان}
ذكر الله سبحانه في سورة الرحمن سرد أوصاف النعيم المادية للمتقين الخائفين من الله ومن ترك المعاصي خوفا منه ففي الآيات التي ذكرت - والتي سوف نذكرها - يبين ثواب الخائفين (جنتان) وأنهما تختلفان في المرتبة والفضيلة لكنهما وصفتا بأنهما خضراوان في الآية السابقة وأنهما فوارتان بالماء وأما في هذه الآية فقد بين الله سبحانه اشتمالها على أنواع الفواكه اللذيذة والخيرات الحسان وهذا يدل على أنه يكون في كل فاكهة في هذه الجنة زوجان أو صنفان حلو وحامض رطب ويابس أحمر وأصفر
• وهذان الصنفان صنف معروف مألوف وآخر غير معروف لكنه في منتهى اللذة والحلاوة ؛ إكراما وجزاء وإحسانا من الله سبحانه وتعالى لعباده الذين زهدوا في الحياة الدنيا وتركوا ملذاتها المحرمة ابتغاء مرضات الله سبحانه فجازاهم بهذه الجنة وهذا النعيم
• ومن هذا النعيم الذي أنعم الله سبحانه على عباده أن جعل أنواع الفاكهة صنفين ليتفكه المتقون ويتلذذوا بتلك الفواكه الكثيرة والتي وصفها سبحانه بأنها غير مقطوعة ولا ممنوعة وهي تختلف عن ثمار الدنيا فإن الطازج فيها ألذ طعاما وأشهى مأكلا
وقيل أنواع الثمار مما يعملون وخير مما يعملون ومما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
قال ابن عباس ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء؛ يعني أن يبين ذلك بيانا عظيما وفرقا بينا في التفاضل "
والملاحظ أن الباحثة لم تتحدث عن قاصرات الطرف ولا عن الرفرف الخضر والعبقرى الحسان والاستبرق وغيره مما ورد في السورة

الجمعة، 29 أبريل 2022

قراءة في كتاب الآثار وفتوى الفوزان

 قراءة في كتاب الآثار وفتوى الفوزان
المؤلف هو عبد الرحمن اليحيا والكتاب الذى سماه صاحبه مذكرة كانت ردا على من عقبوا على فتوى الفوزان في الآثار وكذلك فتوى البراك وفى هذا قال في المقدمة:
"وهذه المذكرة كتبتها تعقيبا على من عقب على فتوى الشيخ الفوزان في جريدة الوطن وقد نزل ردي عليهم في صفحة الردود في حينها حينما تبنى مجموعة من الكتاب الرد على الشيخ وايضا تعقيبا على فتوى الشيخ البراك في مسجد البيعة "
وقد استهل الكتاب بمقولة لكارل ماركس عن انسياق النخب المثقفة وراء اليهود فقال :
"ومما يحسن ذكره ذكر كلام كارل ماركس في كتابه الظفر بالجماهير (ان في عقيدتي ان المنساقين في التيارات المضادة لمصالح امتهم وبلادهم لتحقيق مصالح اليهود اناس انانيون جاهلون مضللون يتوهمون انهم يعملون الخير لأمتهم وهم في الحقيقة مخدوعون بالشعارات المبهرجة ولن يكون جزاؤهم الا مثل جزاء سنمار) الا فليعلم المضللون ان من الخير لهم ان يتبصروا بالحقائق وان يدفعوا عن انفسهم الاوهام وان يسيروا في طريق النور حتى يهتدوا الى اشرف الغايات ويظفروا بالغاية الحسنى فنصيحتي للنخب المثقفة ان يسيروا في طريق النور ولا يحملوا اضاليل الكفار بغباء ويظنونها خير وهي شر ودمار ولقد علموا وايقنوا بان كل ما نقضوه من فتاوى العلماء انها فتاوى صحيحة وثابتة ولكن ليخلطوا امر الناس ويزعزعوا عقائدهم ويشوشوا افكارهم"
وحدقنا عن بداية علم الآثار في للاد المنطقة فحدثنا عما فعلته حملة نابليون في مصر فقال :
"نشأة علم الآثار :
في عام 1798جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر بقيادة نابليون وكان في صحبة الحملة البعثة العلمية المتخصصة في تنقيب الآثار ورغم ذهاب الحملة التي استقدمت معها البعثة الا ان مآثر البعثة العلمية بقيت تواصل عملها في صعيد مصر وبقي معهد الآثار الفرعونية الذي أنشأه نابليون في حي المنيرة بالقاهرة قائما مكانه الى هذه اللحظة"
ثم تعرض لسبب إنشاء الكفار لهذا العلم في بلادنا وهو ٌارة النعرات القومية فقال :
"الغرض من احياء الآثار الفرعونية وغيرها من الآثار :
ان الرحلات العلمية المغلفة بطلب العلم والتي قام بها النصارى من القرن السادس عشر ميلادي لها مخطط خبيث حمله الصليبيون معهم وهم يجوسون خلال الديار الاسلامية لقد كانت هذه الآثار الفرعونية موجودة منذ الوف السنين وفيها معابد وهياكل ضخمة يزورها من يزور مصر ويعتبرها من عجائب الماضي السحيق ويعود الى بلاده ليصفها لمن لم يراها اما المسلمون من اهل مصر فقد كانوا يرونها دون شك ويعجبون من دقائق صنعها ولكنها في حسهم اصنام وأوثان تركها قوم غابرون انقطعت الصلة بينهم وبينهم لكون هؤلاء مسلمين وأولئك كفرة عبدة أوثان وهكذا كان الحال في كل مكان في العالم الاسلامي توجد فيه آثار من بقايا عبدة الأوثان الذين سكنوا الارض قبل مجيء الاسلام سواء في الجزيرة العربية او بلاد الشام او العراق او غيرها من البلاد فهذه الآثار وأماكن عبدة الأوثان لا تثير فيهم الا عبرة التاريخ
حتى جاء الصليبيون ومعهم البعثات العلمية لنبش الآثار وكان الغرض منها ليس الاستكشافات العلمية وانما نبش الارض الاسلامية لاستخراج حضارات ما قبل التاريخ الاسلامي لذبذبة ولاء المسلمين بين الاسلام وبين تلك الحضارات تمهيدا لاقتلاعهم نهائيا من الولاء للإسلام وهذا كله هو الهدف من البعثة العلمية التي جاء بها نابليون معه الى مصر بخلاف ما يعتقده المثقفون السذج الذين يرون أن أهداف الحملة العلمية بحتة"
واستشهد اليحيا على صحة ما ذهب إليه من تعدد الولاءات بقول أحدهم في كتاب له وهو:
"فقد شهد شاهد منهم ففي كتاب الشرق الادنى مجتمعه وثقافته (يقول اننا في كل بلد اسلامي دخلناه نبشنا الارض لنستخرج حضارات ما قبل الاسلام ولسنا نطمع بطبيعة الحال ان يرتد المسلم عن عقائد ما قبل الاسلام ولكن يكفينا تذبذب ولائه بين الاسلام وحضارات ما قبل الاسلام
فالغرض من الآثار الفرعونية آثار ة النعرات الفرعونية حتى اذا انتسبوا ينتسبون لها ويفتخرون بها حتى قال حافظ ابراهيم
اننا مصري بناني من بنى ... هرم الدهر الذي اعيا الفنا
ولما قلت هذا البيت اعترض علي رجل فقال يا اخي اتق الله حافظ ابراهيم رجل طيب فقلت له بيت الشعر هو الذي قاله ولست انا الذي قلته وقس عليها في شعارات البلد في الرياضة والطوابع وغيرها من الافتخارات مع ان المسلمين الاوائل كانت لا تثير فيها الا عبرة التاريخ لكن بعد حملة الآثار تغير الوضع بدأ أناس جهلة يفتخرون بها وينتسبون اليها مع ان الدين قد فرق بيننا وبينهم هم عبدة أوثان ونحن مسلمون وفي الحديث عند البخاري في الأدب المفرد: {من افتخر بتسعة آباء من الكفار فهو عاشرهم في النار} قال تعالى: "تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون "
والرواية التى استشهد بها باطلة فالفخر بأى أب كافر هو كفر وعلى حد القول من افتخر فليفتخر بالله
وتحدث عن انقسام الآثار لنوعين فقال :
"الآثار نوعان:-
منها ما هو قبل الاسلام وسبق بيان الهدف من احياءها
ومنها ما هو اسلامي مما دفع بعض المتأخرين الى الشخوص الى الآثار والمواضع والغلو فيها وبناء ما اندثر منها وتكلف الطلوع والنزول وفي المقابل تجد الرجل منهم يضيع السنن الواجبة بل والامور التي هي من اصل الدين وأساسه ثم يطالب الناس ويحثهم بتتبع هذه الآثار ويغالي فيها ويشنع على من ترك زيارة هذه الآثار التي ليست من الدين ولا حتى من المستحبات بل رأينا من يجادل ويناظر ويناقش في مثل هذه المسائل بدعوى احياء التراث والقسم الاخر بدعوى التبرك بها"
وفى دين الله لا يوجد ما يسمى آثار إسلامية فما يطلق عليه آثار كالمساجد والمقابر والأسبلة وما شاكلها هى مؤسسات تقوم بأدوار في المجتمع فالمساجد للصلاة والمقابر للدفن والأسبلة كانت لسقى الناس الماء ويمكن استغلالها حاليا في أى منفعة تفيد المسلمين لأن ترك اى مبنى بلا وظيفة نافعة هو من باب قوله تعالى:
" ولا تبذر تبذيرا"
وتحدث اليحيا هم حكاية التبرك بالأماكن التاريخية فقال :
"ومما يحسن ذكره في هذا الباب ذكر ردي على الكاتب في جريدة الوطن حينما ذكران التبرك مشروعا بذات النبي (ص)وبقبرة ومقبرة حواء وغار ثور وجبل الرحمة وجبل النور وقرر ذلك واستدل باحاديث ليست في محل النزاع وقدم واخر واصل وقعد بغير زمام ولا خطام فقلت له هذا الرد
والتبرك ينقسم الى قسمين
الاول التبرك المشروع كالتبرك بذاته (ص)فيجوز لنا ان تبرك بريقة وعرقه وشعره ولباسه وضوئه وبجسده يقول الشيخ ابن باز (ولا يجوز التبرك بأحد غير النبي (ص)ان هذا خاص به لما جعل الله في جسده وما مسه من الخير والبركة ولم يتبرك الصحابة بأحد منهم لا حيا ولا ميتا) ولو قدر لأحدنا ان يجد شيئا منها لأحتفظ به وتبرك به وهو امر مشروع
والثاني التبرك الغير مشروع كالتبرك بقبره والتمسح به او الاستغاثة بغير الله عند قبره او قصد الصلاة عند قبره للتبرك فهذا تبرك محرم وغير مشروع وصاحبه آثم ولوشرع لنا ان نتبرك بقبره لتبركنا به ولكن لم يشرع لنا لان الله جعل الانبياء وسائط بين الله وخلقه في امره ونهيه ووعيده ووعده وخبره فعلينا ان نصدقهم ونطيعهم فعلى سبيل المثال لو ان رجلا جاء وقال انا نذرت ان اذبح ابني تقربا لله لقلنا له هذا تقرب غير مشروع وانت أثم لان الله حرمه ولم يأمربه فان قال نبي الله ابراهيم أمر بذبح ابنه لقلنا له نعم أمر براهيم بذلك ولكن لم نؤمر به
وعليه فالكاتب خلط في ادلته بين المشروع وغير المشروع ومن هذا المنطلق نود ان نبين حقيقة الأمر ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة تعالوا لنبين ما ذكر من حق ومن باطل ونرد الأمر الى نصابه
اما قول الكاتب انه يجوز الصلاة عند الآثار النبوية كجبل الرحمة وحراء وموقع المولد لأنه من باب التبرك فهو جائز والجواب عليه ان شجرة بيعة الرضوان التي بايع رسول الله صحابته تحتها وذكرها الله في كتابه فقال (اذ يبايعونك تحت الشجرة) فهي من أكبر الآثار ومع ذلك قطعها عمر لما رأى الناس يتبركون بهذا المكان وبهذه الشجرة وقال من ادركته الصلاة فليصلي حيث ادركته وقطعها قطعا لمادة الشرك
اما قول الكاتب ان الصلاة ليست الزامية بالمساجد واستدل بحديث (وجعلت لي الارض مسجد وطهورا) هذا الحديث المراد به انه في حالة تعذر المساجد فإن الرجل يصلي في أي مكان بخلاف النصارى لا يصلون الا في الكنائس وكذلك اذا فقد الماء وتعذر عليه يجوز له أن يتيمم وليس معنى الحديث ان الصلاة ليست الزامية بالمساجد كما فسرها الكاتب ولبس على لناس في ذلك
اما وقوفة (ص)خلف الصخرات في عرفة فهذه عبادة ليست مقصودة انما حصلت اتفاقا ولذا قال وقفت هاهنا وكل عرفة موقف اما تقبيل الحجر الاسود فهي عبادة مقصودة عند الاستطاعة وليست اتفاقا
اما صعوده الى غار ثور قبل البعثة فلم يفعله بعد نزول الوحى عليه ولم يأمر بصعوده فمن صعده من أجل التقرب والصلاة عنده والدعاء هنالك فهذا العمل محرم وبدعة ومن صعده للفرجة والنزهة فلا شيء عليه"
والتبرك المزعوم كله محرم فلا يجوز التبرك بأحد حتى بالنبى محمد(ص) أو غيره وابن باز مخطىء في التبرك بمحمد(ص) وحده لأنه لو أعمل النص " لا نفرق بين أحد من رسله" لوجب أن يتبرك بكل الرسل(ص)
ولا ندرى عن أى بركة أى نفع يتحدثون في عرق النبى (ص)وشعره وثيابه وكلها لا تضر أو لا تنفع والتبرك هو عودة للوثنية فما الفارق بين وثن لا يتحرك وبين جثة لا تتحرك ؟
وزيارة الأماكن هى من باب التبذير في الوقت والمال والجهد في منفعة ترجى من زيارة تلك الأماكن والتى غالبا ليست هى الأماكن الحقيقية لأن الكفار غيروا أسماء البلاد فمصر الحالية لا ينطبق عليها وصف مصر القرآنية ففى القرآنية فيها أنهار وتجاور مدين بينما الحالية لا تجاور مدين وفيها نهر واحد
وحدثنا عن حراء فقال :
"أما قول الكاتب (اثبت حراء او احنثي حراء) وان هذا يدل على جواز زيارة هذه الآثار والجواب عليه لم يأمر به رسول الله ولم يفعله صحابته بعده فمن زار هذه الأماكن للقربة والعبادة فهي بدعة محرمة لأننا ذكرنا حديث (من احدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) ومن زار جبل حراء للفرجة جاز له ذلك"
والقول لا يدل على شىء وهى رواية لم تحدث لأنها تتحدث عن علم النبى(ص) بالغيب ممثل في استشهاد بعض من كانوا على الجبل والنبى(ص) لا يعلم الغيب كما قال تعالى:
"لو كنت أعلم الغيب لا ستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
بل أعلن أنه لا يعرف ما سيحدث أو لغيره في الدنيا فقال :
" وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم"
ثم قال :
"أما قول الكاتب موقع ابليس في مشعر منى ولم يشكك فيه أحد :
أولا ليس هو موقع ابليس ولا هو موجود هناك وانما يسمى الموقع الجمرات صحيح ان ابليس اعترض سيدنا ابراهيم هنالك ولكن رسول الله امرنا برمي الجمار وقال خذوا عنى مناسككم) ثم بين في حديث أخر ان سبب رمي الجمار من اجل اقامة ذكر الله وكذلك السعي والطواف بالبيت ثم ان السعي شرع بين الصفا والمروة وكان سببه ان هاجر سعت هناك فهل نحن نسعى من أجل أن هاجر سعت هنالك لا بل لأن الله أمرنا بذلك وبين لنا رسول الله ان سبب شرعية الطواف بالبيت والصفا والمروة من اجل اقامة ذكر الله كما أخرجه الامام احمد ولو لم نؤمر بالسعي لم نسعى فنحن ندور مع الأمر وكله بأمر الله وليس معناه أن هاجر سعت فنحن نسعى بل لان الله امرنا بذلك"
وهذا الرد تخريف كقول الكاتب الذى يرد عليه اليحيا فالحج موجود من آدم(ص) لأن البيت كان موضوع من أول البشرية كما قال تعالى:
"إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا"
ومن ثم السعى موجود من البداية
ثم حدثنا عن التبرك مرة أخرى فقال :
اما قول الكاتب هؤلاء هم ممن بشر بالجنة فهل كانوا على خطأ أو اشركوا حين تبركوا بآثار سيدنا محمد (ص)والجواب اما ما ذكرت مما يتعلق بذات سيدنا محمد (ص)كريقه وشعره ولباسه فهذا تبرك مشروع اما التبرك بالآثار كجبل الرحمة وموقع المولد وغار ثور وجبل حراء فهو عمل غير مشروع خصوصا ممن زارها بقصد القربة والطاعة والعبادة والدليل (من احدث في امرنا ما ليس منه فهو رد) ولا يوجد لديكم أي دليل ولو جد دليل لعملنا به اما من زارها بقصد الفرجة فلا شيء عليه ومن هنا كانت البدعة من اعظم المعاصي بعد الكفر والشرك انظروا لو ان شخص قال انا اصلي صلاة الظهر خمس ركعات وهذا زيادة خير لبطلت صلاته كلها وكان اثما لأنه يصبح مشرع لنفسه (ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) فهو ترك شرع الله وشرع للناس أذكار أو عبادات او أورادا واصبح يعطي الناس عبادات واقوال لم يأذن بها الله ورسوله فيصبح الناس مطيعين له وليسوا مطيعين لله ولذلك كانت هذه القاعدة الشرعية (اياك اريد بما تريد) وليس بما يريد البشر ومن كتب أوراد للناس ويقول هذا مجرب هذا ذكر مفيد هذا دعاء يحفظك من كذا فهو مشرع واعماله مردودة ففي صحيح مسلم (من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد)
خلاصة الأمر من ينافح عن هذه الآثار من مقابر أو موقع مولد أو عيد مولد او غار ويجادل عنها الا تتقي الله في امة محمد صلى الله عليه وسلم
حرام ان يضلل عوام المسلمين ويلبس عليهم دينهم ويجروا الى مالا اصل له وعلى المسلم ان يتقي الله ولا يقول على الله الا بعلم وقد امر الله رسوله ان يكشف للناس في كتابه الكريم عن حدود طاقته وامكانياته (قل لا اقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا اقول اني ملك ان اتبع الا ما يوحى الي قل هل يستوي الاعمى والبصير)"
واليحيا لا يدرى وهو يجيز التبرك بالنبى(ص) الميت من حيث العرق والشعر والثياب والنعال وما شابه أنه يعيدنا لعصور الكفر السابقة من حيث التبرك بالكهنة وهو أمر ما زال موجودا في الديانات ألأخرى
النبى(ص) ليس حالة خاصة من البشر وإنما هو بشر كما قال تعالى:
"قل إنما بشر مثلكم "
ومن ثم لو جاز التبرك به لجاز التبرك بكل مسلم
ومن ثم لا يجوز التبرك بأحد باعتبار أن فضلاته الضارة كالعرق أو ثيابه أو نعاله لا تجلب رزقا ولا تمنع هزيمة أو غير هذا من الاعتقادات المجنونة
وتحدث هم حكم إحياء الآثار فقال :
"حكم احياء الآثار :
بداية انا لا اتبنى التكفير في هذا الموضوع حتى لا يبحث باحث بين الاسطر ويحمل الكلام ما يحتمل
أما آثار ما قبل الاسلام فيكفي من أراد الحق فتوى الشيخ الفوزان في حرمة احيائها لان الهدف من احياء آثار الكفار كسر النفرة من الكافرين وذبذبة ولاء المسلم ... والتشويش على المسلمين وإثارة الشبهات وايقاف العداء الاسلامي للكفار وهدم قاعدة الولاء والبراء فهي
بدعة منكرة ومحرمة فتجد من يأتي الى معابد الكفار التي اندثرت فيجدد بنائها ويجمع ما تفرق منها وقد يلفق فيها ويأتي الى التماثيل او الاصنام التي فيها فيجعلها كنوزا مهمة من كنوز حضارات العالم مع انها بيوت كفر وضلال فيقول أحدهم المعابد التي تتسم بالفن الرائع الذي يبهر السائحين القادمين متناسين انها بيوت كفر وضلال ويكفيك شرا رؤيتها فدخول ديار الظالمين شرا وبلاء ففي الحديث عند احمد (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا انفسهم الا ان تكونوا باكين ان يصيبكم ما اصابهم) وعند البخاري (لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين الا ان تكونوا باكين) حتى ان رسول الله لما نزل بالحجر من ديار ثمود اثناء ذهابه الى تبوك قال لأصحابه (لا تشربوا من مياهها شيئا ولا تتوضئوا منه للصلاة وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الابل ولا تأكلوا منه شيئا) وقال (اني اخشى ان يصيبكم مثل ما اصابهم فلا تدخلوا عليهم) وفي رواية (ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم) "
هذا الأحاديث باطلة تتناقض مع كتاب الله فالله طلب من الكفار مشاهدة تلك الآثار للاعتبار بما حدث لأهلها من عذاب بسبب كفرهم وهو قوله تعالى :
"قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين"
وقال:
"أو لم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا فى الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق"
وتحدث عن عدم وجود فائدة من التنزه بمشاهدة الآثار فقال :
"فماذا يصنع اقوام يذهبون للنزهة كما يدعون الى ديار قوم قد غضب الله عليهم وينظرون الى معابدهم وتماثيلهم على انها تراث وكنوز مهمة وقد حذرنا رسول الله من ذلك بل ان رسول الله لما دخل مكة وفتحها وكان حولها ثلثمائة وستين صناما مشدودة بالرصاص فجعل يشير عليها بقضيب في يده الى الاصنام فتتهاوى وهو يقول (وجاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا) حتى انه ما بقي صنم الا وقع وارسل خالد بن الولدين لهدم صنم العزى وبيتها وقال رسول الله بعد قتل المراة وبيتها (تلك العزى ولا تعبد ابدا) حكيم بن حزم لما آلت إليه دار الندوة و هي دار عريقة ذات تاريخ
ففيها كانت تعقد قريش مؤتمراتها في الجاهلية، و فيها اجتمع سادتهم و كبراؤهم ليأتمروا برسول الله (ص) فأراد حكيم بن حزام أن يتخلص منها – و كأنه كان يريد أن يسدل ستارا من النسيان على ذلك الماضي البغيض – فباعها بمئة ألف درهم، فقال له قائل من فتيان قريش:
"لقد بعت مكرمة قريش يا عم".
فقال له حكيم: "هيهات يا بني، ذهبت المكارم كلها و لم يبق إلا التقوى، وعهد رسول الله الى علي (الا يدع تمثالا الا كسره ولا صورة الا طمسها)
كنا نرى الاصنام من ذهب فنهدمها ... ونهدم فوقها الكفارا
بمعابد الافرنج كان اذاننا ... قبل الكتائب يفتح الامصارا
ولك ان تتصور موقف سلطان الاسلام الاعظم محمود الغزنوي كاسر الاصنام (ت421) حينما غزا الهند وكسر صنمها الاعظم المسمى (بسومنات) وكان يفد اليه من كل فج عميق كما يفد الناس الى الكعبة وينفقون عنده النفقات العظيمة التي لا توصف ولا تعد وعنده الف رجل يخدمونه وثلثمائة رجل يحلقون رؤوسهم كل يوم وثلثمائة رجل يغنون ويرقصون على بابه وكان البعيد من الهنود يتمنى لو بلغ الصنم واستخار الله السلطان محمود في هدمه فعزم الله له عليه فانتدب معه ثلاثون الفا من المقاتله من الافغان فسلمهم الله حتى بلغوا بلد الوثن ونزل بساحة الكفر وقلع الوثن مع ان الهنود بذلوا له اموالا جزيلة ليترك لهم الصنم الاعظم فقال استخير الله فلما اصبح قال فكرت7 في الأمر الذي ذكر فرايت انه اذا نوديت يوم القيامة اين محمود الذي كسر الصنم احب الي من ان يقال اين محمود الذي ترك الصنم لأجل ما ينا7له من الدنيا ثم عزم على كسره رحمه الله فوجد فيها من الجواهر والذهب ما يزيد على اضعاف مضاعفة ونرجوا له في الاخرة الثواب الجزيل الذي مثقال الدانق منه خير من الدنيا وما فيها مع ما حصل له من الثناء الحسن في الدنيا) ابن كثير اين هذا ممن يعتبر هدم مثل هذه الأوثان انه تعد على التراث العالمي هل يستطيع احد ان يقول عن محمد نبينا (ص)الذي ازال الاصنام ان يقول ان عقيدة طالبانية كما يحلو لكل من اراد ان يدافع عن هذه المعابد والاصنام والتماثيل
ولك ان تتعجب من كاتب في جريدة الوطن يقول (كان هناك عرضا عن مملكة سبأ والتماثيل العادئة لتلك الحضارات واحسرتاه) وهؤلاء المثقفين تشبعوا بالثقافة الغربية في مختلف التخصصات ولم تكن عندهم فرصة كافية للاطلاع على ثقافة الاسلام ولهذا تجدهم منهمكين في تنظير قضايا كبيرة وتحتاج الى مقدار كبير من الثقافة الشرعية وهم افقر الناس من ذلك وتراهم يخطئون العلماء الذين شابت لحاهم في الاسلام وما افتهم الا الجهل فيدعون المعرفة وهم لا يمتلكونها"
تكسير الأوثان أو نسفها هو ديدن الرسل(ص) كما فعل إبراهيم(ص) وكما حرق موسى(ص) العجل ونسفه ولكن ليس الهدف هو التكسير كتكسير وإنما إثبات حقيقة للكفار وهى أن تلك الأصنام لا تضر ولا تنفع
وحدثنا عما سماه الآثار الإسلامية فقال :
"أما الآثار الاسلامية واحياءها فنحن عندنا أمر ووسيلة إليه ونهي ووسيلة إليه فما امرت به تؤمر بما هو وسيلة اليه وما نهيت عنه تنتهى عما هو وسيلة اليه فمنه ما هو مأمور به لذاته او مقصود لغيره ومنه ما هو منهي عنه لذاته ومنهي عنه لغيره فزيارة الآثار الاسلامية بقصد التقرب اليها محرم وفاعلة اثم وقد يصل الى الشرك لان العبادات توقيفية يقول الله (فاستقم كما امرت) ولا يوجد دليل واحد على مشروعية زيارة هذه الآثار
أما الزيارة الى أماكن الآثار بقصد الفرجة وتكرار ذلك واحياء ما اندثر منها فهي وسيلة الى تعظيم هذه الأماكن في المستقبل والوقوع بعدها في الشرك وهي من مكائد الشيطان فأول وقوع في الشرك في قوم نوح حينما عظموا الموتى فلما مات منهم قوم صالحين كانوا فيهم عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم عبدوهم بعد ذلك وهكذا ابتدع عباد الأوثان الشرك في جزيرة العرب يبدأ الأمر بشبه7ات زينها لهم الشيطان بالأقيسة الفاسدة والفلسفة الحائدة حتى سحبوا الناس الى كفر او ردة شاملة بعد ان كانوا على ملة ابراهيم"
وقطعا لا وجود لتلك الآثار التى يسمونها الإسلامية فمثلا المساجد لا يجوز للكفار زيارتها ولا حتى أن يسافر المسلمين لزيارتها من بلد لبلد أن هدف بناءها هو ذكر الله كما قال تعالى :
"فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه"
فالمساجد بنيت لهدف واحد وهو الصلاة أى ذكر الله ومن ثم لا يجوز زيارتها لمشاهدتها
ولذا يقال أن المسيح (ص) حطم كل ما في المسجد مما زاده قومه من موائد الصيارفة وبضاعة التجار... وقال لهم :
"إنه بيت للصلاة وأما أنتم فقد جعلتموه مغارة لصوص"
ولو فتح الباب لزيارة لكان معنى هذا دخولهم الكعبة المحرمة عليهم بقوله تعالى :
" إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا"
وتحدث عن البعثات العلمية لدراسة الآثار وخطورتها على أخلاق المبتعثين والمبتعثات للخارج فقال :
"البعثات العلمية لدراسة الآثار
ان ارسال الشبان والفتيات الصغار بأعداد متزايدة الى الغرب وهم في سن الفتنة غير محصنين بشيء لينهلوا من العلم ان شاءوا ومن الفساد ان شاءوا او من العلم والفساد معا في غالب الاحيان وقد يجمعون في قاعات قبل بعثتهم ويؤتى لهم بداعية او عالم ليؤمهم بالصلاة ويحثهم على التمسك بالدين فيخرجون من بلادهم ونقطة الارتكاز الضخمة قائمة في نفوسهم وهي الاسلام ونقطة ضئيلة في غاية الضآلة هي الحضارة الغربية ورويدا رويدا حتى اخذت النقطة الضئيلة تكبر وتتضخم وهي الحضارة الغربية واصبحت النقطة الضخمة وهي الاسلام تتضاءل تدريجيا حتى يأتي وقت تكاد تنمحي من الوجود ولقد استغرقت عملية الانتقال سنوات يرجع اولئك الشبان والفتيات وهم معاول هدم تتفلت عن تعاليم الاسلام وتتقاعس عن اداء الواجبات ويصبحوا دعاة من ائمة التغريب ولقد قرات كتابات وافكار منحرفة لبعضهم وهم لازالوا يدرسون هناك
والله اني لازلت غير مصدق لما يحصل اعداد كبيرة من الفتيات يسافرن لطلب العلم في بلاد الغرب بلا محرم وهن غير متزوجات وبعد الثانوية وفي سن الفتنة وغير محصنين بحجة ان طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة غير ابهين بدينهم وغرر ببعضهم فذهب ببنته ليكون محرما لها فجلس في المنزل وتخرج هي تطلب العلم في الجامعات ساعات طويلة وما ترجع له الا في اخر الليل حتى رجع بعضهم بعد ان ضيع امانته والله سائله ان المغفلين يحملون اضاليلهم بغباء وقد يظهر لأحدهم حاصل فتوى البراك بانه نوع دياثة بل قد ارشدنا نبينا بانه سوف يأتي اقوام يستحلون محرمات معلومة من الدين بالضرورة (ليكونن اقوام من امتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) اما تسمعون من يقول من الذي يقول ان الموسيقى حرام والنتيجة (وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الاخرة الا قليل) قد يحصلون على الشهادات العلمية ولكن دينهم ذهب والدنيا لا تبقى لهم
بل اخبرني احد الاخوة المبتعثين بانه رأى بعينيه نساء متزوجات مبتعثات ومعهن أزواجهم فهو يدرس في قسم وزوجته تدرس في قسم الآخر وهي تجلس مع زملائها وتتبادل معهم النكات والمزاح ويقولون نظرات بريئة ونفس طاهرة ومن آمن الفتنة فتن
ينهى الاسلام عن تعلم العلوم الضارة كالنظريات الفلسفية المزيفة والمبهرجة وغيرها مما يبثه المضللون باسم العلم ويرى ان ضرر الجهل على المراة او الرجل اهون ضرر ضياع دينه واهون من ضرر العلوم الضارة والتي تهدف الى نشر الرذيلة والفساد
ولو كان العلم دون التقي شرف ... لكان اشرف خلق الله ابليس
واذا قادك فهمك الى مغاوي ... فليتك ثم ليتك ما فهمت
واذا لم يفدك العلم خيرا ... فخير منها ان لو قد جهلتا
ستجنى ثمار اللهو جهلا ... وتصغرفي العيون اذا كبرتا
نعم قد يسافر احدهم الى بلاد الغرب ويحصل على درجات علمية وبراءة اختراع ولكنه يخسر اعز ما يملك في هذه الحياة دينة وقد مات احدهم اثناء عودة من غربته في المطار بعد الانتهاء من الدراسة عشر سنوات (حتى اذا اخذت الارض زخرفها وظن اهلها انهم قادرون عليها اتها امرنا ليلا او نهارا فاصبحت حصيدا كان لم تغن بالامس) فمات في الطريق فخسر الدنيا والاخرة
يعرض على اهل الاسلام بين يدي الساعة امران وهذا العرض على الامة كلها
1 - يعرض عليهم عجز وامتهان فيبقى عاجزا لا ينظر اليه ولا يؤبه به فيذل ويمتهن ويؤخر
2 - ويعرض عليهم عرض زائل وحطام لكن مع معصية الله
فإما أن تؤخر وتمتهن او تقدم لكن مقابل التنازل عن دينك وفي الحديث (بين يدي الساعة فتنا يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع اقوام دينهم وفي رواية خلاقهم بعرض من الدنيا قليل)
واظن ان التقلب بين مادتي الايمان والكفر في الحديث بسبب استحلال الزنا والربا والخمر والاغاني كما سبق بيانه في حديث ليكونن)
فيخير العبد بين العجز والفجور بين ان يصبح راسا في الشر ويخسر دينة وينال المراتب العلمية والشهرة وبين ان يحافظ على دينه ويصبح ذنبا في الخير ولا يؤبه به ففي الحديث (بين يدي الساعة يخير العبد بين العجز والفجور فمن ادرك ذلك الزمان فليختر العجز على الفجور) رواه احمد عن ابي هريرة وعند ابن ابي شيبة يقول حذيفة (كيف بكم اذا انفرجتم عن دينكم كما تنفرج المرأة عن قبلها لا تمنع من يأتيها فقالوا لحذيفة لا ندري فقال انتم يومئذ بين عاجز وفاجر) لان المرأة اذا جاهرت بالزنا فلا يوجد اخبث منها ولا اقل حياء منها"
ومما لا شك فيه أن الابتعاث السابق والحالى سواء كان من قبل الحكومات أو ألأهل هو خطر ما بعده خطر على البلاد فدول الكفر لا تلعب وإنما تعد من يدرس فيها ليكون إما عميلا صريحا إن قبل برضاه أو دون إرادته بتصويره وهو يرتكب المنكرات وإما ليكون مخربا لدين بلاده من خلال تدريس العلوم التى هى تكذيب صريح للدين وأكثر من90 % من الدارسين لا يدرسون علوما لها فائدة فهناك قلة تدرس العلوم التقنية والنووية وهى العلوم المطلوب نقلها بالفعل ولكن في الغالب من يدرسها إما أن يبقى في بلاد الابتعاث أو يأتى ليقتل أو لا يجد عمل بالفعل في بلاده لأن بلاد المنطقة أكثرها يحذر اقامة المفاعلات النووية ومصانع التقنية العالية
وأما من جهة الأخلاق فمما لاشك فيه أن الكثيرون والكثيرات يتأثر بعادات الكفار في الغرب وينقلها لبلاده
واختتم اليحيا الكتاب بالحذر من إحياء الآثار والعمل على نشرها فقال :
"خلاصة الكلام
بلادنا حماها الله من كل مكروه وحماها من كيد الكافرين والمنافقين والمفسدين لازالت سليمة من احياء الآثار ولكن نسمع بين الحين والاخر من ينادي بالاهتمام بهذه الآثار وقد يكون بحسن نية ولكن نخشى من سذاجة صاحب الفاس الذي اراد ان يخرق السفيه وغرضة حسن فيا ليتنا نحافظ على مبادئنا واخلاقنا وديننا فهو عصمة أمرنا "

الخميس، 28 أبريل 2022

نقد كتاب اللؤلؤ والجوهر المستخرج من سورة الكوثر

نقد كتاب اللؤلؤ والجوهر المستخرج من سورة الكوثر
المؤلف نايف الحمد وقد استهل البحث بالقول بأن سبب نزول سورة الكوثر هو قول العاص بن وائل عن النبى (ص) إنما هو رجل أبتر وهو قوله:
"وبعد فقد من الله تعالى على نبينا محمد (ص)بأن جعل ذم المشركين له رفعة وعلوا فكلما ذمه ذام منهم وانتقصه أكرمه الله ببشارة هي خير من الدنيا وما فيها ومن ذلك أن العاص بن وائل السهمي كان إذا ذكر رسول الله (ص)قال دعوه فإنما هو رجل أبتر لا عقب له لو هلك انقطع ذكره واسترحتم منه فأنزل الله تعالى في ذلك (إنا أعطيناك الكوثر) إلى آخر السورة
ومما قيل في سبب نزولها ما رواه ابن عباس قال قدم كعب بن الأشرف مكة فقالت له قريش أنت سيدهم ألا ترى إلى هذا المصنبر المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة وأهل السقاية؟ فقال أنتم خير منه قال فنزلت (إن شانئك هو الأبتر)وهذا هو ديدن اليهود والمنافقين في كل زمان ومكان يزينون للمشركين ما هم عليه من كفر وضلال تصريحا تارة وتلميحا أخرى"
والكلام لا أصل له لأن الأبتر لا تعنى من ليس له أبناء ذكور لأن محمد(ص) كان له أبناء ذكور لكنهم لم يبلغوا جميعا مبلغ الرجال كما قال تعالى :
" ما كان محمد أبا أحد من رجالكم"
وحتى لو طبقنا المعنى على العاص فالرجل لم يكن أبتر تاريخيا لأن ذريته معروفة تاريخيا في فرع عمرو وابنه عبد الله
ومن ثم فالأبتر لا تعنى المعنى المشهور وإنما تعنى المعذب المعاقب الذليل
ورجع الحمد للكلام عن سورة الكوثر فتحدث عن أسمائها فقال :
"وعودا إلى سورة الكوثر فهي ثلاث آيات قصار وهي أقصر سورة في القرآن
قال الطاهر بن عاشور " سميت هذه السورة في جميع المصاحف التي رأيناها وفي جميع التفاسير أيضا سورة الكوثر وكذلك عنونها الترمذي في كتاب التفسير من جامعه وعنونها البخاري في (صحيحه) سورة (إنا أعطيناك الكوثر) ولم يعدها في (الإتقان ) مع السور التي لها أكثر من اسم ونقل سعد الله الشهير بسعدي في (حاشيته على تفسير البيضاوي) عن البقاعي أنها تسمى (سورة النحر)"
ثم حدثنا عن الاختلاف في كونها مكية أو مدنية فقال :
"وهل هي مكية أو مدنية؟ تعارضت الأقوال والآثار في أنها مكية أو مدنية تعارضا شديدا فهي مكية عند الجمهور واقتصر عليه أكثر المفسرين " وسورة الكوثر مدنية في قول الحسن وعكرمة وقتادة ومجاهد وصوبه السيوطي في الاتقان ورجحه النووي "
ومن قال بمدنيتها يناقضون أنفسهم في أسباب النزول إذا كانوا يصدقونها لكون العاص مكى
وتحدث عن تفسير الآية الأولى فقال :
قال تعالى (إنا أعطيناك الكوثر) هذه الآية تدل على عطية كثيرة صادرة من معط كبير غني واسع وصدر الآية (بإن) الدالة على التأكيد وتحقيق الخبر وجاء الفعل بلفظ الماضي الدال على التحقيق وأنه أمر ثابت واقع ولا يدفعه ما فيه من الإيذان بأن إعطاء الكوثر سابق في القدر الأول حين قدرت مقادير الخلائق قبل أن يخلقهم بخمسين ألف سنة وحذف موصوف الكوثر ليكون أبلغ في العموم؛ لما فيه من عدم التعيين"
والكلام هو كلام لا يعقل فالعطاء والأخذ والموت وغيرهم كله مكتوب من قبل ومن ثم فلا قيمة لكون العطاء في الكتاب من قبل وهو اختراع من الحمد وغيره لتبرير كون الفعل أعطيناك ماض وهو ما يعنى أن العطاء كان في الدنيا وليس كما هو مشهور في التفاسير معنى أخروى
وتساءل عن الكوثر فأجاب الإجابة المعروفة فقال :
"ما هو الكوثر؟
والكوثر فسره النبي (ص)كما في حديث أنس قال بينا رسول الله (ص)ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا ما أضحكك يارسول الله؟ قال (أنزلت على آنفا سورة) فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم (إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر ) ثم قال (أتدرون ما الكوثر)؟ فقلنا الله ورسوله أعلم قال (فإنه نهر وعدنيه ربى عز وجل عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتى يوم القيامة آنيته عدد النجوم فيختلج العبد منهم فأقول رب إنه من أمتى فيقول ما تدري ما أحدث بعدك) وهذا الحديث استدل به من يرى السورة مدنية لرواية أنس له ولم يسلم إلا في المدينة"
ثم ذكر تفسير مخالف وهو كون الكوثر الخير الكثير فقال :
وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال الكوثر الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه قال أبو بشر قلت لسعيد إن أناسا يزعمون أنه نهر في الجنة؟ فقال سعيد النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه قال الحافظ ابن حجر معلقا على قول سعيد وحاصل ما قاله سعيد بن جبير أن قول ابن عباس إنه الخير الكثير لا يخالف قول غيره إن المراد به نهر في الجنة لأن النهر فرد من أفراد الخير الكثير ولعل سعيدا أومأ إلى أن تأويل ابن عباس أولى لعمومه لكن ثبت تخصيصه بالنهر من لفظ النبي (ص) فلا معدل عنه "
ثم نقل أكثر من عشر تفسيرات للكوثر فقال :
"وقد نقل المفسرون في الكوثر أقوالا أخرى غير هذين تزيد على العشرة منها قول عكرمة الكوثر النبوة وقول الحسن الكوثر القرآن وقيل تفسيره وقيل الإسلام وقيل إنه التوحيد وقيل كثرة الأتباع وقيل الإيثار وقيل رفعة الذكر وقيل نور القلب وقيل الشفاعة وقيل المعجزات وقيل إجابة الدعاء وقيل الفقه في الدين وقيل الصلوات الخمس والصحيح هو ما فسره به النبي (ص)"
والحقيقة أن الكوثر هو الخير الكثير وهو النبوة وهى نفسها القرآن وقد فسر الله الآية فقال :
"ومن يؤتى الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا"
فالوحى نزل على النبى(ص) من قبل في الماضى ومن ثم يصح أن العطاء هو الوحى وهو الحكمة أى القرآن أى النبوة أى الرسالة
ولكن القوم تركوا التفسير الصحيح إلى قول الروايات مخالفين كون العطاء قد مضى بينما العطاء الذى يتحدثون عنه لم يحدث لكونه في الآخرة وهو ما يسمونه الحوض وكل أحاديث الحوض تكذب كتاب الله فلا حوض واحد للمسلم وإنما حوضين أى عينان أى نهران كما قال تعالى :
"ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأى آلاء ربكما تكذبان ذواتا أفنان فبأى آلاء ربكما تكذبان فيهما عينان تجريان"
زد على هذا أن الأحاديث متناقضة مع بعضها البعض في أمور مختلفة سنبينها من خلال ذكر الحمد للأحاديث فقد قال :
"وهذا النهر العظيم جاءت له صفات كثيرة منها:
ما جاء في حافتيه وطينته روى أنس بن مالك عن النبي (ص) قال (بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف قلت ما هذا يا جبريل؟ قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك فإذا طينه أو طيبه مسك أذفر)
وفي رواية للبخاري عن أنس قال لما عرج بالنبي (ص) إلى السماء قال (أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ مجوفا فقلت ما هذا يا جبريل؟ قال هذا الكوثر)"
هنا الحافتان من لولو وهو ما يناقض كونهما من ذهب في قوله:
"وكذا حافتاه من ذهب كما في حديث عبد الله بن عمر قال قال رسول الله (ص)(الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب ومجراه على الدر والياقوت تربته أطيب من المسك وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج)"
وعدد آنيته هو عدد نجوم السماء في قوله:
أما آنيته فقد قال أنس قال نبى الله (ص)(ترى فيه أباريق الذهب والفضة كعدد نجوم السماء)"وهو ما يناقض رواية أخرى تقول أنه أكثر من عدد نجوم السماء ثم قال عن تربته:
"أما مجراه وتربته وماؤه فكما في حديث عبد الله بن عمر قال قال رسول الله (ص) (الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب ومجراه على الدر والياقوت تربته أطيب من المسك وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج) "
وقد سبق بيان تناقض حافتيه ثم تحدث عمن سأل عن الطيرة فذكرة مرة عمر في رواية :
"وقد حدث النبي (ص)عن طيوره في حديث أنس بن مالك أن رجلا سأل رسول الله (ص)ما الكوثر؟ فقال رسول الله (ص)(هو نهر أعطانيه الله في الجنة أبيض من اللبن وأحلى من العسل فيه طيور أعناقها كأعناق الجزر) فقال عمر بن الخطاب إنها لناعمة يا رسول الله فقال رسول الله (ص)(آكلوها أنعم منها)"
وهو ما يناقض كونه أبو بكر في الرواية التالية:
ورواه أنس بلفظ قال رسول الله (ص)(إن طير الجنة كأمثال البخت ترعى في شجر الجنة) فقال أبو بكر يا رسول الله إن هذه لطير ناعمة فقال (أكلتها أنعم منها) قالها ثلاثا (وإني لأرجو أن تكون ممن يأكل منها يا أبا بكر)
ثم تحدث عن صفاته فقال :
"ومن صفاته أنه يجري على وجه الأرض من غير شق فيها لحديث أنس بن مالك أنه قرأ هذه الآية (إنا أعطيناك الكوثر) قال قال رسول الله (ص)(أعطيت الكوثر فإذا هو نهر يجري ولم يشق شقا فإذا حافتاه قباب اللؤلؤ فضربت بيدي إلى تربته فإذا هو مسكة ذفرة وإذا حصاه اللؤلؤ)
وعن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك قال أظنكم تظنون أن أنهار الجنة أخدود في الأرض! لا والله إنها لسائحة على وجه الأرض إحدى حافتيها اللؤلؤ والأخرى الياقوت وطينها المسك الأذفر قال قلت ما الأذفر؟ قال الذي لا خلط له "
هنا طينة النهر مسك وهو ما يناقض كون طينته أحسن من المسك في الرواية السابقة "تربته أطيب من المسك" وهو تعارض لا يمكن دفعه
ثم حدثنا عن موقع الكوثر فقال :
"أما موقعه فعن أبى عبيدة بن عبد الله قال قلت لعائشة رضي الله عنها ما الكوثر؟ قالت نهر أعطيه النبي (ص) في بطنان الجنة قال قلت وما بطنان الجنة؟ قالت وسطها حافتاه درة مجوف وقد قال ابن مسعود مفسرا قوله تعالى (جنات عدن) بطنان الجنة"
ونلاحظ تناقض أخر في حافتيه فبده رواية حافتاه من الذهب وحافتاه من الدر نجد حافتيه درة واحدة في الرواية السابقة وهو تعارض بين
وتحدث عن تفسير الآية قبل الأخيرة فقال :
قوله تعالى (فصل لربك وانحر) قال ابن كثير أي أخلص له صلاتك وذبيحتك فإن المشركين كانوا يعبدون الأصنام ويذبحون لها فأمره الله تعالى بمخالفتهم والانحراف عما هم فيه والإقبال بالقصد والنية والعزم على الإخلاص لله تعالى
وقال ابن القيم " وقال آخرون في قوله (فصل لربك وانحر) إن المراد به ضع يدك على نحرك وتكايس غيره وقال المعنى استقبل القبلة بنحرك فهضموا معنى هذه الآية التي جمعت بين العبادتين العظيمتين الصلاة والنسك "
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أمره الله أن يجمع بين هاتين العبادتين العظيمتين وهما الصلاة والنسك ..والمتتبع لسيرته (ص)يجده قد قام بهاتين العبادتين خير قيام امتثالا لأمر ربه (يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا إن لك في النهار سبحا طويلا واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا ) ) فقد كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه كما في حديث أم المؤمنين عائشة أن نبي الله (ص) كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فسألته لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال (أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا)
وكان (ص)يضحي بكبشين أقرنين يذبحهما بيده كما في حديث أنس وفي حجة الوداع يروي جابر بن عبد الله أنه (ص)انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر
وجاء الوعيد الشديد لمن صرف شيئا من ذلك لغير الله تعالى كما يحدث الآن في المشاهد وعند الأضرحة فعن أمير المؤمنين علي قال سمعت رسول الله (ص)يقول (لعن الله من ذبح لغير الله)
وقال تعالى (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ” لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ” وعن أنس قال قال رسول الله (ص)(لا عقر في الإسلام) قال عبد الرزاق كانوا يعقرون عند القبر بقرة أو شاة
وعن ثابت بن الضحاك قال نذر رجل على عهد رسول الله (ص)أن ينحر إبلا ببوانة فأتى النبي (ص)فقال إنى نذرت أن أنحر إبلا ببوانة فقال النبي (ص)(هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد)؟ قالوا لا قال (هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد)؟ قالوا لا قال رسول الله (ص)(أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم)"
وهذه التفاسير كلها لا علاقة لها بالآية فالصلاة تعنى طاعة دين الله كما قال " أقم الصلاة " وفسرها بقوله "وأن أقم وجهك للدين حنيفا" والنحر يعنى الانقطاع لتلك الطاعة بمعنى المدامة عليها وليس معناها الصلاة المعروفة ولا الذبح
وتحدث عن تفسير الآية الأخيرة فقال :
"قوله تعالى (إن شانئك هو الأبتر) قال العلامة السعدي " (إن شانئك) أي مبغضك وذامك ومنتقصك (هو الأبتر) أي المقطوع من كل خير مقطوع العمل مقطوع الذكر وأما محمد (ص)فهو الكامل حقا الذي له الكمال الممكن في حق المخلوق من رفع الذكر وكثرة الأنصار والأتباع (ص)"
قال شيخ الإسلام ابن تيمية " و الشنآن منه ما هو باطن في القلب لم يظهر و منه ما يظهر على اللسان و هو أعظم الشنآن و أشده و كل جرم استحق فاعله عقوبة من الله إذا أظهر ذلك الجرم عندنا وجب أن نعاقبه و نقيم عليه حد الله فيجب أن نبتر من أظهر شنآنه و أبدى عداوته و إذا كان ذلك واجبا وجب قتله و إن أظهر التوبة بعد القدرة وإلا لما انبتر له شانىء بأيدينا في غالب الأمر لأنه لا يشاء شانىء أن يظهر شنآنه ثم يظهر المتاب بعد رؤية السيف إلا فعل ذلك فإن ذلك سهل على من يخاف السيف "
والمعنى بدون كل هذا الكلام المنقول هو أن كاره النبى(ص) هو المعذب الذليل
وتحدث الحمد حديثا لا لزوم له متهما أهل المذاهب الأخرى بكونهم مبتورين لأنهم يفعلون أفعالا دالة على كراهيتهم للنبى(ص) فقال :
وقال " سورة الكوثر ما أجلها من سورة وأغزر فوائدها على اختصارها وحقيقة معناها تعلم من آخرها فإنه سبحانه وتعالى بتر شانئ رسوله من كل خير فيبتر ذكره وأهله وماله فيخسر ذلك في الآخرة ويبتر حياته فلا ينتفع بها ولا يتزود فيها صالحا لمعاده ويبتر قلبه فلا يعي الخير ولا يؤهله لمعرفته ومحبته والإيمان برسله ويبتر أعماله فلا يستعمله في طاعة ويبتره من الأنصار فلا يجد له ناصرا ولا عونا ويبتره من جميع القرب والأعمال الصالحة فلا يذوق لها طعما ولا يجد لها حلاوة وإن باشرها بظاهره فقلبه شارد عنها وهذا جزاء من شنأ بعض ما جاء به الرسول (ص)ورده لأجل هواه أو متبوعه أو شيخه أو أميره أو كبيره كمن شنأ آيات الصفات وأحاديث الصفات وتأولها على غير مراد الله ورسوله منها أو حملها على ما يوافق مذهبه ومذهب طائفته أو تمنى أن لا تكون آيات الصفات أنزلت ولا أحاديث الصفات قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أقوى علامات شناءته لها وكراهته لها أنه إذا سمعها حين يستدل بها أهل السنة على ما دلت عليه من الحق اشمأز من ذلك وحاد ونفر عن ذلك لما في قلبه من البغض لها والنفرة عنها فأي شانئ للرسول أعظم من هذا وكذلك أهل السماع الذين يرقصون على سماع الغناء والقصائد والدفوف والشبابات إذا سمعوا القرآن يتلى ويقرأ في مجالسهم استطالوا ذلك واستثقلوه فأي شنآن أعظم من هذا وقس على هذا سائر الطوائف في هذا الباب وكذا من آثر كلام الناس وعلومهم على القرآن والسنة فلولا أنه شانئ لما جاء به الرسول ما فعل ذلك حتى إن بعضهم لينسى القرآن بعد أن حفظه ويشتغل بقول فلان وفلان ولكن أعظم من شنأه ورده من كفر به وجحده وجعله أساطير الأولين وسحرا يؤثر فهذا أعظم وأطم انبتارا وكل من شنأه له نصيب من الانبتار على قدر شناءته له فهؤلاء لما شنئوه وعادوه جازاهم الله بأن جعل الخير كله معاديا لهم فبترهم منه وخص نبيه (ص)بضد ذلك "
وأدخلنا الرجل في متاهة أخرى وهى ذكر مسائل متعلقة بالسورة وهى الحوض فقال :
"ولعل من المناسب أن أذكر بعض المسائل المتعلقة بحوض النبي (ص)
الإيمان بالحوض
"قال الحافظ ابن حجر " قال القرطبي في المفهم تبعا للقاضي عياض مما يجب على كل مكلف أن يعلمه ويصدق به أن الله سبحانه وتعالى قد خص نبيه محمدا (ص)بالحوض المصرح باسمه وصفته وشرابه في الأحاديث الصحيحة الشهيرة التي يحصل بمجموعها العلم القطعي إذ روى ذلك عن النبي (ص)من الصحابة نيف على الثلاثين منهم في الصحيحين ما ينيف على العشرين وفي غيرهما بقية ذلك مما صح نقله واشتهرت رواته ثم رواه عن الصحابة المذكورين من التابعين أمثالهم ومن بعدهم ..."
وأول من جاء عنه إنكار الحوض عبيد الله بن زياد ثم آمن به فعن أبي سبرة قال كان عبيد الله بن زياد يسأل عن الحوض حوض محمد (ص) وكان يكذب به بعد ما سأل أبا برزة والبراء بن عازب وعائذ بن عمرو ورجلا آخر وكان يكذب به فقال أبو سبرة أنا أحدثك بحديث فيه شفاء هذا إن أباك بعث معي بمال إلى معاوية فلقيت عبد الله بن عمرو فحدثني مما سمع من رسول الله (ص) وأملى علي فكتبت بيدي فلم أزد حرفا ولم أنقص حرفا حدثني أن رسول الله (ص)قال (إن الله لا يحب الفحش أو يبغض الفاحش والمتفحش) قال (ولا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفاحش وقطيعة الرحم وسوء المجاورة وحتى يؤتمن الخائن ويخون الأمين) وقال (ألا إن موعدكم حوضي عرضه وطوله واحد وهو كما بين آيلة ومكة وهو مسيرة شهر فيه مثل النجوم أباريق شرابه أشد بياضا من الفضة من شرب منه مشربا لم يظمأ بعده أبدا) فقال عبيد الله ما سمعت في الحوض حديثا أثبت من هذا فصدق به وأخذ الصحيفة فحبسها عنده
هل الحوض هو الكوثر أو غيره؟
اختلف في ذلك العلماء ولعل أظهر أقوالهم وأصحها دليلا وتعليلا هو أن الحوض غير الكوثر وهو خارج الجنة أما الكوثر فداخلها وهذا ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة وقد سبق أن ذكرت جملة منها والحوض يتغذى من الكوثر إذ يصب ميزابان من الكوثر على الحوض كما في حديث أبى ذر قال قلت يا رسول الله ما آنية الحوض؟ قال (ص)(والذى نفس محمد بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها ألا في الليلة المظلمة المصحية آنية الجنة من شرب منها لم يظما آخر ما عليه يشخب فيه ميزابان من الجنة من شرب منه لم يظما عرضه مثل طوله ما بين عمان إلى أيلة ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل)
والحوض يرده المسلمون قبل دخولهم الجنة ...
قال القرطبي والمعنى يقتضي تقديم الحوض على الصراط فإن الناس يخرجون من قبورهم عطاشا فناسب تقديمه لحاجة الناس إليه قال ابن عباس - رضي الله عنهما «سئل رسول الله (ص) عن الوقوف بين يدي الله تعالى هل فيه ماء؟ قال إي والذي نفسي بيده إن فيه لماء وإن أولياء الله ليردون إلى حياض الأنبياء (ص)» " (قال جامعه ذكره ابن كثير في تفسيره 3/ 243 من رواية ابن مردوية في تفسيره وقال هذا حديث غريب)
ورجح القاضي عياض أن الحوض بعد الصراط وأن الشرب منه يقع بعد الحساب والنجاة من النار ...قال الجلال السيوطي وقد ورد التصريح في حديث صحيح عند الحاكم وغيره بأن الحوض بعد الصراط فإن قيل إذا خلصوا من الموقف دخلوا الجنة فلم يحتاجوا إلى الشرب منه فالجواب بل يحتاجون إلى ذلك لأنهم محبوسون هناك لأجل المظالم فكان الشرب في موقف القصاص ويحتمل الجمع بأن يقع الشرب من الحوض قبل الصراط لقوم وتأخيره بعده لآخرين بحسب ما عليهم من الذنوب والأوزار حتى يهذبوا منها على الصراط ولعل هذا أقوى انتهى قال العلامة الشيخ مرعي في بهجته وهذا في غاية التحقيق جامع للقولين وهو دقيق " لوامع الأنوار البهية 2/ 195وانظر التذكرة للقرطبي 1/ 246 النهاية في الفتن والملاحم 1/ 140 ولعل الحديث الذي ذكره السيوطي المتضمن أن الحوض بعد الصراط هو ما رواه أنس بن مالك قال سألت النبي (ص) أن يشفع لي يوم القيامة فقال (أنا فاعل) قال قلت يا رسول الله فأين أطلبك؟ قال (اطلبني أول ما تطلبني على الصراط) قال قلت فإن لم ألقك على الصراط؟ قال (فاطلبني عند الميزان) قلت فإن لم ألقك عند الميزان؟ قال (فاطلبني عند الحوض فإني لا أخطئ هذه الثلاث المواطن) رواه أحمد (12848) والترمذي (2433) والضياء في المختارة (2693) وأبوبكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (30) واللالكائي (1803) قال الترمذي حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذ الوجه وانظر كلام ابن كثير التالي قال ابن كثير الحوض المورود قبل الصراط الممدود وما أفهم عكس ذلك ضعيف أو مردود أو مؤول إن قال قائل فهل يكون الحوض قبل الجواز على الصراط أو بعده قلت إن ظاهر ما تقدم من الأحاديث يقتضي كونه قبل الصراط لأنه يذاد عنه أقوام يقال عنهم إنهم لم يزالوا يرتدون على أعقابهم منذ فارقتهم فإن كان هؤلاء كفارا فالكافر لا يجاوز الصراط بل يكب على وجهه في النار قبل أن يجاوزه وإن كانوا عصاة فهم من المسلمين فيبعد حجبهم عن الحوض لاسيما وعليهم سيما الوضوء وقد قال (ص)" أعرفكم غرا محجلين من آثار الوضوء " (قال جامعه رواه أحمد (21785) وصححه الحاكم (3784) من حديث أبي الدرداء وهو حديث حسن بالمتابعات وأصله في الصحيحين من حديث أبي هريرة)" ثم من جاوز لا يكون إلا ناجيا مسلما فمثل هذا لا يحجب عن الحوض فالأشبه والله أعلم أن الحوض قبل الصراط فأما الحديث الذي قال الإمام أحمد حدثنا يونس حدثنا حرب بن ميمون عن النضر بن أنس عن أنس قال سألت رسول الله (ص)أن يشفع لي يوم القيامة قال " أنا فاعل قال فأين أطلبك يوم القيامة يا نبي الله قال اطلبني أول ما تطلبني على الصراط قلت فإن لم ألقك؟ قال فاطلبني عند المنبر قال فإن لم ألقك؟ قال فأنا عند الحوض لا أخطىء هذه الثلاثة المواطن يوم القيامة " ورواه الترمذي من حديث بدل بن المحبر وابن ماجه في تفسيره من حديث عبد الصمد كلاهما عن حرب بن ميمون بن أبي الخطاب الأنصاري البصري من رجال مسلم وقد وثقه علي بن المديني وعمرو بن علي الغلاس وقوفا بينه وبين حرب بن ميمون بن أبي عبد الرحمن العبدي البصري أيضا صاحب الأدعية وضعفا هذا وأما البخاري فجعلهما واحدا وحكى عن سليمان بن حرب أنه قال هذا أكذب الخلق وأنكر الدارقطني على البخاري ومسلم جعلهما هذين حديثا واحدا وقال شيخنا المزي جمعهما غير واحد وفرق بينهما غير واحد وهو الصحيح قلت وقد حررت هذا في التكميل بما فيه كفاية وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه والمقصود أن ظاهر هذا الحديث يقتضي أن الحوض بعد الصراط وكذلك الميزان أيضا وهذا لا أعلم به قائلا اللهم إلا أن يكون ذلك حوضا ثانيا لا يذاد عنه أحد والله سبحانه وتعالى أعلم ا هـ النهاية في الفتن 1/ 139 ..." وقد روى البخارى عن أبى هريرة أن رسول الله (ص)قال "بينا أنا قائم على الحوض إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بينى وبينهم فقال لهم هلم فقلت إلى أين؟ فقال إلى النار والله قلت ما شأنهم؟ قال إنهم ارتدوا على أدبارهم فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم" قال فهذا الحديث مع صحته أدل دليل على أن الحوض يكون فى الموقف قبل الصراط لأن الصراط إنما هو جسر ممدود على جهنم فمن جازه سلم من النار"
ومما سبق نجد قولين في الحوض :
الأول هو نهر الكوثر والثانى الحوض غير الكوثر وهو تناقض
كما نجد الحوض مرة في الجنة ومرة خارج الجنة وهو تناقض
كما نجد تناقضا في مكان الحوض فمرة روايات تثبت كونه قبل الصراط وروايات أخرى تثبت أنه بعد الصراط
وتناقض الأخبار يدل على عدم صحتها كلها فلا وجود لذلك الحوض فلم يذكره الله في كتابه وكذلك الصراط لأن الله بين أن دخول الجنة والنار سكون عن طريق الأبواب وليس بالسقوط من عليه في النار للكفار والعبور عليه من المسلمين للسقوط في الجنة من فوق فقال :
"وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين"وقال :
"وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها"
وهنالك الكثير من الأحاديث تقول أن دخول الجنة والنار يكون من أبوابهم وليس بالسقوط من فوقهم مثل " فأكون أن أول من يطرق باب الجنة"
ورغم التعارض الظاهر الواضح بين قبل وبعد وبين الوجود داخهل أو خارج الجنة إلا أن الحمد ينفى وقوع التعارض وهو كلام لا أساس له فيقول:
"قلت وليس بين أحاديث رسول الله (ص)تعارض ولا تناقض ولا اختلاف وحديثه كله يصدق بعضه بعضا وأصحاب هذا القول إن أرادوا أن الحوض لا يرى ولا يوصل إليه إلا بعد قطع الصراط فحديث أبى هريرة هذا وغيره يرد قولهم وإن أرادوا أن المؤمنين إذا جازوا الصراط وقطعوه بدا لهم الحوض فشربوا منه فهذا يدل عليه حديث لقيط هذا وهو لا يناقض كونه قبل الصراط فإن قوله "طوله شهر وعرضه شهر" فإذا كان بهذا الطول والسعة فما الذى يحيل امتداده إلى وراء الجسر فيرده المؤمنون قبل الصراط وبعده فهذا فى حيز الإمكان ووقوعه موقوف على خبر الصادق والله أعلم ا هـ زاد المعاد 3/ 682"
ورغم ذلك يذكر الحمد قول من قالوا ببعد أو بقيل فيقول:
"وممن قال الحوض قبل الصراط شيخ الإسلام ابن تيمية المستدرك على مجموع الفتاوى 1/ 104 والعلامة ابن باز معللا ذلك بقوله إن صحت الأخبار أنهم يردون بعد الصراط فهذا نهر يردونه في الجنة؛ لأن الصراط ممدود على متن جهنم يصعد الناس عليه إلى الجنة فمن جاوز الصراط وصل إلى الجنة والحوض في الأرض فلا يرجعون إلى الأرض مرة ثانية بعد صعودهم إلى الجنة "
وأما سفر الحوالى فأقر بأن الأحاديث متناقضة ومن ثم اعتبر هذا من علم الغيب فقال كما نقل الحمد عنه:
"وللشيخ سفر الحوالي رأي فقد قال " الحقيقة أن هذه المسألة ليس فيها نص قاطع وهي تحتمل هذا وذاك وهي من أمور الغيب التي لا يجوز الخوض ولا القول فيها بالظن ولا بمجرد الاستنباط الذي يبدو لصاحبه رجحانه ولو دقق فيه لتبين خلافه ولهذا لو قيل في هذه المسألة إن الأرجح فيها هو التوقف وأن يرد علم ذلك إلى الله سبحانه وتعالى فيقال في ذلك الله أعلم فنسبة العلم إليه سبحانه وتعالى أسلم فهذا الذي نميل إليه ونختاره"
ورغم هذا الاقرار والاعتراف إلا أن الحمد مصر على ذكر الأحاديث فيقول:
"رسول الله (ص)يقول (أنا فرطكم على الحوض) والفرط الذي يسبق إلى الماء وهذا الحوض مربع الشكل زواياه سواء كما في حديث عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله (ص)(حوضى مسيرة شهر وزواياه سواء وماؤه أبيض من الورق وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء فمن شرب منه فلا يظمأ بعده أبدا) كما سبق ذكر عرضه وطوله في حديث أبي برزة وأبي ذر"
وهذا الحديث مناقض لحديث سابق في عدد الآنية وهى الكيزان فهنا عدد نجوم السماء وفى الرواية ألأخرى أكثر وهو قوله "لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها "
كما نجد بياضه أبيض من الورق وهو الفضة وفى الرواية الأخرى أبيض من اللبن وهو قوله" ماؤه أشد بياضا من اللبن"
كما نجد الروايات تتناقض في مساحته أو أبعاده فمرة من آيلة لمكة ومرة من آيلة لعمان وهناك روايات أخرى تذكر مدن وقرى أخرى
وتحدث الحمد عن وجود صحابة مسلمون لا يردون الحوض فقال :
"وهناك أقوام لا يردون الحوض وقد ذكرهم النبي (ص)في أحاديث منها ما رواه أنس عن النبي (ص) قال (ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبنى حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلي اختلجوا دوني فلأقولن أي رب أصيحابى أصيحابي فليقالن لي إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) ...
وممن يرد عن حوضه (ص)ما رواه حذيفة عن النبي (ص) قال (إنها ستكون أمراء يكذبون ويظلمون فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس منا ولست منهم ولا يرد علي الحوض ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وسيرد علي الحوض) "
وهذا الكلام كله كذب على الله ورسوله(ص) فهم يجعلون الرسول(ص) هنا يكذب كلام ربه في قوله" رضى الله عنهم ورضوا عنه" فلا يوجد صحابة أى مسلمون آمنوا بالرجل يمنعون من نعيم الله لأن كل المسلمون آمنون من الفزع كما قال تعالى :
" وهم من فزع يومئذ آمنون"