الجمعة، 31 مارس 2023

نقد فتوى القول الزاهر في حكم قتل المسلم بالكافر

نقد فتوى القول الزاهر في حكم قتل المسلم بالكافر
الفتوى وهى موضوع الكتاب تدور حول حرمة قتل المسلم القاتل بالقتيل الكافر
وقد كتب الكتاب بكر أبو بكر الأثرى وقال فى مقدمته:
"السؤال هل يقتل المسلم بكافر؟ وهل يطبق حد الحرابة على المسلم إذا قتل كافرا؟ (إشارة إلى الشباب الذين نفذ فيهم حد الحرابة عندما عملوا تفجير في الخبر وقتلوا الأمريكان).
الجواب على السؤال العاشر، وقد أسميت إجابتي بـ " القول الزاهر، في حكم قتل المسلم بالكافر ""
وتحدث الرجل عن عدم قتل القاتل المسلم بالقتيل الكافر لكون هذ أمر مسلم به فقال :
"المحور الأول:
إن من البديهيات لدى أهل العلم؛ أنه لا يقتل مسلم بكافر، مهما كان هذا الكافر، ومهما كان سبب قتله، بل لو أن أحد المسلمين قام متسليا فقتل أحد أهل الذمة، لم يجز لإمام المسلمين - الحاكم بالكتاب والسنة - أن يقتل هذا المسلم بالذمي! فكيف يجوز قتل المسلم بالحربي؟!
وهذا الحكم لا يحتاج إلى توضيح وبيان، فهو من المسلمات عند أهل الإيمان، وكما قيل: من المعضلات، توضيح الواضحات! لكننا في زمن صار الحق فيه باطلا، والباطل فيه حقا، فاضطررنا لكتابة هذه الورقات، فالله المستعان على شبهات المرجئة والشطحات.
أخرج البخاري في صحيحه عن علي بن أبي طالب عن النبي (ص) أنه قال: (لا يقتل مسلم بكافر) وهذا نص صحيح صريح في المسألة، لا يمكن رده بشبهات أو ترهات، فليتأمل كل من يحسن العربية! ومن لا يحسنها فعليه بالترجمة!
بل إن من ما جاء في بنود كتاب النبي (ص) الذي كتبه أول ما نزل المدينة – يثرب - حيث جاء فيه: ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر. أهـ[ابن هشام 1/ 502] فهذا من الثوابت عند النبي (ص) وأصحابه وأتباعه.
وأخرج الإمام ابن حزم الأندلسي رحمه الله في محلاه بسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (لا يقتل مؤمن بكافر).
وله أيضا عن ابن شهاب في قتل المسلم النصراني أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قضى: أن لا يقتل به.
وله أيضا عن الحسن البصري أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (لا يقتل مؤمن بكافر).
وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (من السنة ألا يقتل مسلم بكافر).
وتأمل جيدا هذه الرواية العظيمة التي تبين حكم من قتل المسلم في الكافر؛ روى ابن إسحاق أن عبد الله بن عبد الله بن أبي أتى رسول الله (ص)، واستأذنه في قتل أباه المنافق، وقال: إني أخشى أن تأمر به غيري يقتله، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبدالله بن أبي يمشي في الناس، فأقتله فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار. [أنظر السيرة لابن هشام 3/ 267]
قال الإمام ابن قدامة المقدسي وغيره استنباطا من هذه الآثار: أن المسلم لا يقتل بالكافر، ولو كان مستأمنا أو ذميا [انظر المغني (9/ 341)، والمهذب (2/ 185)]
وقال ابن قدامة أيضا: مسألة: قال (ولا يقتل مسلم بكافر) .. لا يوجبون على مسلم قصاصا بقتل كافر أي كافر كان، روي ذلك عن عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت ومعاوية رضي الله عنهم، وبه قال عمر بن عبد العزيز وعطاء والحسن وعكرمة والزهري وابن شبرمة ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر .. أهـ[المغني 11/ 305]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: من أقسام العموم: عموم الجنس لأعيانه، كما يعم قوله: (لا يقتل مسلم بكافر) جمع أنواع القتل، والمسلم والكافر. [اقتضاء الصراط المستقيم ص 51] فلا يجوز قتل أي مسلم وإن كان فاسقا، بأي كافر وإن كان ذميا، بأي نوع من أنواع القتل.
ولقد أثر عن بعض الأحناف قولهم بقتل المسلم بالذمي، ولكن لم يؤثر عن أحد قط حتى عن أبي الحباب القول بقتل المسلم بالحربي! وحتى القول الأول فهو قول ضعيف
وقد نقل الإمام ابن قدامة عن الإمام أحمد في الرد على من قال بهذا القول، قال: هذا عجب يصير المجوسي مثل المسلم؟! سبحان الله! ما هذا القول؟! واستبشعه، وقال: النبي (ص) يقول: (لا يقتل مسلم بكافر) وهو يقول: يقتل بكافر، فأي شيء أشد من هذا؟! [المغني 11/ 304]
وقال الشيخ محمد علي الصابوني: ثم كيف يتساوى المؤمن مع الكافر، مع أن الكافر شر عند الله من الدابة والمؤمن طيب طاهر؟ والله تعالى يقول: (إنما المشركون نجس) ويقول: (قل لا يستوي الخبيث والطيب) فكيف نقتل مؤمنا طاهرا بمشرك نجس؟! .. وقد رأيت في بعض مراجعاتي قصة لطيفة وهي أن (أبا يوسف) القاضي من تلامذة الإمام أبي حنيفة، رفعت إليه قضية تتلخص في أن مسلما قتل ذميا كافرا، فحكم عليه أبو يوسف بالقصاص، فبينما هو جالس ذات يوم، إذ جاءه رجل برقعة فألقاها إليه ثم خرج، فإذا فيها هذه الأبيات:
يا قاتل المسلم بالكافر ... جرت وما العادل كالجائر
يا من ببغداد وأطرافها ... من علماء الناس أو شاعر
استرجعوا وابكوا على دينكم ... واصطبروا فالأجر للصابر
جار على الدين أبو يوسف ... بقتله المؤمن بالكافر
فدخل أبو يوسف على الرشيد وأخبره الخبر وأقرأه الرقعة، فقال له الرشيد: تدارك هذا الأمر لئلا تكون فتنة، فدعا أبو يوسف أولياء القتيل وطالبهم بالبينة على صحة
شجبوا وصاحوا زبدوا وتوعدوا ... أفتوا بقتل المؤمن الرباني
أفتوا بقتل موحد في كافر ... لتقر عين الشرك والصلبان
وكأن مفتيهم بأعينه عمى ... أو أنه من نسل أمريكاني
أو أن علم الله (جيره) لهم ... يفتي بغير أدلة القرآن
وقال الإمام أبو بكر ابن العربي: ورد علينا بالمسجد الأقصى سنة سبع وثمانين وأربعمائة فقيه من عظماء أصحاب أبي حنيفة يعرف بـ (الزوزني) زائرا للخليل (ص) فحضرنا في حرم الصخرة المقدسية – طهرها الله – معه، وشهد علماء البلد، فسئل على العادة عن قتل المسلم بالكافر فقال: يقتل به قصاصا، فطولب بالدليل فقال: الدليل عليه قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى) .. فانتدب معه في الكلام فقيه الشافعية وإمامهم بها (عطاء المقدسي) وقال: ما استدل به الشيخ الإمام لا حجة له فيه من ثلاثة أوجه: أحدها: أن الله سبحانه قال: (كتب عليكم القصاص) فشرط المساواة في المجازاة، ولا مساواة بين المسلم والكافر، فإن الكفر حط منزلته ووضع مرتبته. الثاني: أن الله سبحانه ربط آخر الآية بأولها، وجعل بيانها عند تمامها فقال: (كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) فإذا نقص العبد عن الحر بالرق – وهو من آثار الكفر – فأحرى وأولى أن ينقص عنه الكافر. الثالث: أن الله سبحانه وتعالى قال: (فمن عفي له من أخيه شيء) ولا مؤاخاة بين المسلم والكافر، فدل على عدم دخوله في هذا القول ... قال ابن العربي: وجرت مناظرة عظيمة حصلنا منها فوائد جمة، أثبتناها في " نزهة الناظر ". أهـ[تفسير آيات الأحكام لابن العربي 1/ 61 - 62]
وجاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " في كتاب القصاص ص261 وما بعدها: شروط القصاص في النفس: .. ب- عصمة القتيل: اتفق الفقهاء على أن من شروط وجوب القصاص على القاتل أن يكون القتيل معصوم الدم .. اشترطوا أن يكون المقتول محقون الدم في حق القاتل على التأبيد كالمسلم، فإن كانت عصمته مؤقتة كالمستأمن لم يقتل به قاتله، لأن المستأمن مصون الدم في حال أمانه فقط، وهو مهدر الدم في الأصل، لأنه حربي، فلا قصاص في قتله
.. ج- المكافأة بين القاتل والقتيل: .. أن من شروط وجوب القصاص في القتل المكافأة بين القاتل والقتيل في أوصاف اعتبروها، فلا يقتل الأعلى بالأدنى، ولكن يقتل الأدنى بالأعلى وبالمساوي .. وعلى ذلك فلا يقتل مسلم ولو عبدا بكافر ولو حرا ... أهـ
الإيراد:
يستدل بعض الأحبار والرهبان اليوم على قتل إخواننا أهل التوحيد والعقيدة بالأمريكان الكفار المحاربين بأن رسول الله (ص) يوم خيبر قتل مسلما بكافر قتله غيلة، وقال: (أنا أولى أو أحق من وفى بذمته).
جواب هذا الإيراد:
عبثا يحاولون فهذا الحديث ضعيف لا يرفع به رأسا؛ فقد أورده أبو دواد في مراسيله وجميع طرقه معلولة، والبيهقي من حديث عبد الرحمن البيلماني.
قال ابن قدامة المقدسي: وحديثهم ليس له إسناد، قاله أحمد، وقال الدارقطني: يرويه ابن البيلماني، وهو ضعيف إذا أسند، فكيف إذا أرسل؟! [المغني 11/ 306]
وقال ابن سلام: هذا الحديث ليس بمسند، ولا يجعل مثله إماما تسفك به الدماء. وقال القرطبي: وابن البيلماني ضعيف الحديث لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث فكيف بما يرسله؟! [انظر روائع البيان للصابوني 1/ 128]
ولو افترضنا أن الحديث صحيح؛ فإن الإمام الشافعي قال: على فرض صحة الحديث فإنه منسوخ بقول الرسول (ص) زمن الفتح (لا يقتل مسلم بكافر) وهذا الحديث في البخاري وغيره. أهـ
ولكي نقطع على مرجئة عصرنا الطريق نذكر هنا ما ذكره الإمام الحافظ ابن كثير بعد أن قرر عدم قتل المسلم بالكافر قال: لا يصح حديث ولا تأويل يخالف هذا. أهـ[تفسير ابن كثير 1/ 209]
والأدهى من هذا كله أن بعضهم لا يخجل أن يستدل بقوله تعالى: (إنما جزآء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلو ا أو يصلبو ا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذالك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم)
ليت شعري: من هم الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا بتحكيم غير شرع الله في أرض الله، ومناصرة أعداء الله ورسوله على أولياء الله؟!
فإن جاءهم فيه الدليل موافقا ... لما كان (للحاكم) إليه ذهاب
رضوه وإلا قيل هذا مؤول ... ويركب للتأويل فيه صعاب!!
حقا كما قال (ص) في صفات الخوارج: (يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان) [أخرجه البخاري] ولله در ابن القيم حين قال:
من لي بشبه خوارج قد كفروا ... بالذنب تأويلا بلا إحسان
وخصومنا قد كفرونا بالذي ... هو غاية التوحيد والإيمان
ومن العجائب أنهم قالوا لمن ... قد جاء بالآثار والقرآن
أنتم بذا مثل الخوارج إنهم ... أخذوا الظواهر، ما اهتدوا لمعان
إلى أن قال:
فرموهم بغيا بما الرامي به ... أولى ليدفع عنه فعل الجاني
يرمي البريء بما جناه مباهتا ... ولذاك عند الغر يشتبهان"
وكل هذه النقول من الأثرى لا قيمة لها فى الموضوع لأن القرآن نص إلهى والروايات كلام ظنى لا يبنى عليه شىء طالما النص الإلهى موجود وهو :
"كتب عليكم القصاص فى القتلى "
وأيضا :
"أن النفس بالنفس "
وأيضا :
" ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف فى القتل"
فالله لم يحدد دين القاتل ولا دين المقتول ومن ثم فهى نصوص عامة فى القتل لا يمكن لأحد تفسيرها على هواه لكونها نص عام ولو عمل بهذا النص لاستسهل المسلمون قتل المعاهدين فى البلاد استسهالا عظيما لأن لا أحد سيقتل منهم ومن ثم تحدث فوضى كبرى لا تتفق مع النهى عن القتل فى قوله تعالى :
"ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق"
وتحدث عن حكم منفذى تفجير الخبر فقال :
"المحور الثاني: وأما عن حكم منفذي تفجير الخبر، فننقل مقالة لشيخنا المقدسي بعنوان " زل حمار العلم في الطين " بطولها لأهميتها، قال:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه
وبعد ..
فلقد قرأت في جريدة الرأي الاردنية بتاريخ 16 صفر 1417هـ الموافق 2/ 7/1996م خبرا بعنوان: (هيئة كبار العلماء بالسعودية تشجب حادث التفجير)
وجاء في الخبر: (شجبت هيئة مجلس كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في بيان نقلته صحف المملكة أمس حادث التفجير في الخبر ...
وقال البيان الذي صدر عن جلسة استثنائية عقدت يوم السبت في مدينة الطائف برئاسة مفتي السعودية عبد العزيز بن باز:- ((أن المجلس بعد النظر والدراسة والتأمل قرر بالإجماع ... أن هذا التفجير عمل إجرامي محرم شرعا بإجماع المسلمين))
وأضاف: ((في هذا التفجير هتك حرمات الإسلام المعلومة منه بالضرورة وهتك لحرمة الأنفس المعصومة وهتك لحرمة الأموال وهتك لحرمة الأمن والاستقرار وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم وغدوهم ورواحهم))
وتابع البيان قائلا: ((ما أبشع وأعظم جريمة من تجرأ على حرمات الله وظلم عباده واخاف المسلمين والمقيمين بينهم فويل له ثم ويل له من عذاب الله ونقمته ومن دعوة تحيط به نسأل الله أن يكشف ستره وأن يفضح أمره))
فأقول: قد فضح الله أمركم وكشف ستركم يا علماء الضلالة .. ووالله لقد جاء علينا يوم كنا نكف ألسنتنا عن الخوض فيكم، ونربأ بأنفسنا عن الانشغال بكم، خوفا من تهميش صراعنا والانحراف عن نهج دعوتنا .. وكنا نكتفي بتحذير الشباب من ضلالاتكم .. حتى كفرنا من كفرنا لتركنا الخوض في تكفيركم ..
وقد كنا نأمل ان تراجعوا .. أو تغيروا .. أو تبدلوا .. أو تتوبوا .. أو تستحيوا .. ونعرض عنكم متمثلين بحديث النبي (ص) (دعهم يتحدث الناس محمدا يقتل أصحابه)
ولكنكم يا للأسف .. لم تزدادوا إلا عماية وطغيانا .. وانحرافا عن الحق وانسلاخا عن التوحيد، وانحيازا إلى الطواغيت والى الشرك والتنديد ..
وإذا كان أسلافكم وشيوخكم الذين كان عبد العزيز (أخو نوره) و (أبو فهد) يستغفلهم ويضحك عليهم .. فيجدون من يرقع لهم، لدهاء الخبيث وإحكامه التلبيس والتدليس ..
فحكم أولاده الذين تتولونهم وتبايعونهم اليوم وأمرهم لا يخفى على أحد .. فكفرهم وموالاتهم لأعداء الدين وطواغيت الكفر الشرقيين والغربيين ومحاربتهم للموحدين، ظاهر بين لا يخفى حتى على العميان ..
ومع هذا فما زلتم تسمون الطاغوت إمام المسلمين، وتعدونه وغيره من الطواغيت ولا ة أمور شرعيين، وتعدون المنازع لهم، الكافر بشركهم من الخوارج والبغاة والتكفيريين .. فصدق فيكم ما ذكره رسول الله (ص) من كلام النبوة الأولى: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت)
وها أنتم كل يوم تزدادون جرأة على دين الله وأوليائه، وتمعنون في الترقيع لأعداء الدين وتسويغ باطلهم والتلبيس على المسلمين .. فتقولون في هذا البيان: (إن هذه التفجير عمل إجرامي محرم شرعا بإجماع المسلمين) أهـ. (زل حمار العلم في الطين) .. فأي إجماع هذا الذي تتحدثون عنه، وأي مسلمين تقصدون
(إننا وإخواننا الموحدين ممن يقفون في وجه الطواغيت في كل بقاع الأرض نخرق إجماعكم المدعى هذا ..
فإما انكم لا تعدوننا من المسلمين!! أو أنكم لستم بصادقين في دعوى الإجماع هذه .. ورحم الله إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل الذي تنتسبون إلى مذهبه – زورا - إذ يقول: (من ادعى الإجماع فقد كذب ما يدريه لعل الناس اختلفوا .. )
فليس إجماعكم هذا المزعوم بشيء
لأنه إجماع كلنتون وشيراك وفهد وأسد وحسن وحسين وحسني وغيرهم من طواغيت الكفر ومن شايعهم من علماء الفتنة وسدنة الشرك والقانون ..
أما قولكم (ما أبشع وأعظم جريمة من تجرأ على حرمات الله وظلم عباده وأخاف المسلمين)
فلا أظنه يخفى على أحد يا عميان القلوب أن اولى من ينطبق عليه مثل هذا الكلام هو طاغوتكم فهد وإخوانه من طواغيت الشرك الذين لم يتركوا حرمة من حرمات الله إلا انتهكوها، ولم يبقوا حقا لعباد الله إلا وظلموهم إياه .. وروعوا المسلمين وأمنوا المشركين وأقروا أعين الكافرين وبيان كفرهم وباطلهم وجرائمهم لا يسعه مثل هذه الورقات ..
- لقد صدقتم يا علماء السوء من قبل على قتل جهيمان وطائفة من إخوانه وهاهي فتاويكم التي قتلوا بها الى اليوم محفوظة شاهدة على جريمتكم، ومع هذا فقد قيل يومها: الأمر ملتبس والحادث حصلت فيه فتنة عظيمة، وحمل السلاح في الحرم فتنة وبلبلة وقتل أبرياء ... و ... و ... الخ، فوجدتم من يرقع لباطلكم ... ورقع لكم المرقعون ..
- ثم سوغتم لطاغوتكم (ولي الأمر أو الخمر) فهد ... لبس الصليب فقيل الأمر ملتبس ... وهذه (ميدالية) وشعار وليس هو بصليب صريح ورقع لكم المرقعون ...
- ثم أفتيتم لإمامكم بإدخال الأمريكان واستقرارهم بالجزيرة وأفتيتم بجواز الاستعانة بهم ضد صدام حسين مع أنكم لم تكونوا تكفرونه أو تكفرون جيشه!! بل كنتم تطبلون له وتزمرون لما كان يقاتل رافضة إيران ... ثم ذهبتم مذهب الخوارج فكفرتموه لإحتلال الكويت
والقتل والقتال .. وجوزتم لأجل ذلك الاستعانة بالكفار على قتاله .. وهاهم يستقرون ببركات فتاويكم في ديار المسلمين ..
- فقيل: الأمر فيه مفاسد و مصالح وصدام طاغوت مجرم ما كان ليتوقف عند حدود الكويت .. وغير ذلك .. فرقع لكم المرقعون ... .!!
- وها أنتم تخلعون جلباب الحياء وتعلنوها صراحة فتقررون جواز قتل المسلم الموحد، بالكافر المشرك النصارني، فتفتون بقتل أربعة من خيار الموحدين بعد حادث تفجير العليا بالرياض .. مع أن النبي (ص) قد قال: ( ... لا يقتل مسلم بكافر) رواه البخاري من حديث علي بن أبي طالب .. فبهت المرقعون .. وقال من عنده بقية حياء منهم: (شي يترقع، وشي ما يترقع)
- ثم ها أنتم تزعمون (إجماع المسلمين) على حرمة مثل هذا العمل وأنه من أعظم الجرائم، وتنسون جرائم طواغيتكم المتفرقين ..
- لكن نقولها بصراحة .. إن هذا كله غير مستغرب عندنا .. نعم قد يستغربه غيرنا ممن لم يكن عنده بصيرة فيكم قبل اليوم، فيتعجب ويفاجأ بمثل هذه المواقف .. أما الموحد الذي استنار قلبه بنور الوحي، واستبان سبيل المجرمين، وعرف حكم الله في طاغوتكم (إمامكم) ثم يراكم مع هذا تعطونه صفقة أيديكم وثمرة أفئدتكم فتبايعونه ... وتقررون بأنه إمام للمسلمين .. مع أنه من الطواغيت اللذين أمرنا الله أول ما أمرنا أن نكفر بهم!!
فمن عرف هذا وتبصر به .. لم يعجب ولم يفجأ بما هو دونه أو بما هو متفرع عنه ..
فبيضوا ... وفرخوا ... و أفتوا بما بدا لكم من باطل وزور
خلا لك الجو يا نعامة ... فصفري ما شئت أن تصفري ..
ولكن ليكن في علمكم بعد أن تكشفت عوراتكم أن الأمة ستلعنكم إن لم تتوبوا ..
((إن الذين يكتمون مآ أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون * إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم)) .. البقرة
فتوبوا ... وأصلحوا ... وبينوا الحق للخلق ..
وإلا فمهما لمعكم الطواغيت ... ومهما زينوا فتاويكم التي تنصر باطلهم .. ومهما وضعوا لكم من ألقاب .. وأنشأوا لكم من هيئات .. فمصيركم إن لم تتوبوا وتصلحوا وتبينوا، مصير من قال الله تعالى فيه ((واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون)) "
وتفجير الخبر إذا اعتبرناه جهاد فلا عقاب على مجاهد فى قتل كافر محارب
والحقيقة أن ما جرى من كل الأطراف لا علاقة له بالإسلام فوجود جنود الأمريكان الكفار على أرض المسلمين محرم ومن استدعاهم فعل محرم ومن قتلهم فعل محرم طالما لم يقم الجنود بالاعتداء على أحد طبقا لقوله تعالى:
"فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"
ومن ثم المسألة كلها لم تدر فى أرض تحكم بحكم الله حتى يحكم فيها بحكم الله وإنما فى أرض تحكم بالكفر ومن ثم حكم ما حدث خارج على الإسلام 

الخميس، 30 مارس 2023

قراءة في كتاب نفح الطيب في حكم لبس الصليب

قراءة في كتاب نفح الطيب في حكم لبس الصليب
المؤلف بكر بن عبد العزيز الأثري والكتاب يدور حول حكم من لبس الصليب أمام الناس وقد تحدث الأثرى عن أن الكتاب رد على ثلاثة أسئلة تتعلق بمن لبس الصليب فقال :
"السؤال الأول: ما حكم إذا لبس الحاكم الصليب أمام مرأى من المسلمين والعالم برضاه واختياره؟
السؤال الثاني: ما دور العلماء في هذه الحالة؟
السؤال الثالث: ما الحكم إذا سكت العلماء عن هذا المنكر
الجواب على السؤال الأول والثاني والثالث، وقد أسميت هذه الإجابة بـ " نفح الطيب، في حكم لبس الصليب ""
وفى المحور الأول تحدث عن أن من ارتدى الصليب كافر حيث قال :
"المحور الأول:
يعتبر من علق الصليب في عنقه - وهو يعلم أنه صليب – كافر خارج عن الإسلام، لمناطات عدة:
المناط الأول: الصليب وثن ومن عظم الوثن فقد كفر:
عن عمرو بن عبسة السلمي قال سائلا النبي (ص): ما أنت؟ قال: (أنا نبي) فقلت: وما نبي؟ قال: (أرسلني الله) فقلت: وبأي شيء أرسلك؟ قال: (أرسلني بصلة الأرحام وكسر الأوثان وأن يوحد الله لا يشرك به شيء .. ) [أخرجه مسلم] وتأمل قول النبي (ص): (وكسر الأوثان) ولم يقل: وكسر الأصنام لأن الوثن أعم من الصنم فالصنم هو ذاك المجسد المصور، أما الوثن فهو كل ما عظم من دون الكتاب والسنة، كالصليب. قال العلامة ابن منظور في لسان العرب 9/ 216:
أصل الأوثان عند العرب كل تمثال من خشب أو حجارة أو ذهب أو فضة أو نحاس أو نحوها، وكانت العرب تنصبها وتعبدها، وكانت النصارى نصبت الصليب وهو كالتمثال وتعظمه وتعبده، ولذلك سماه الأعشى وثنا؛ وقال:
تطوف العفاة بأبوابه كطوف النصارى ببيت الوثن أراد بالوثن الصليب"
وقد جاء النص على ذلك من كلام المصطفى (ص) صراحة: فعن عدي بن حاتم قال أتيت النبي (ص) وفي عنقي صليب من ذهب فقال: (يا عدي اطرح عنك هذا الوثن) وسمعته يقرأ في سورة براءة (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) .. [
أخرجه الترمذي وحسنه الألباني] قال الإمام الحافظ المباركفوري: قوله: (وفي عنقي صليب) هو: كل ما كان على شكل خطين متقاطعين. وقال في " المجمع ": هو المربع من الخشب للنصارى يدعون أن عيسى (ص) صلب على خشبة على تلك الصورة [تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 8/ 476]
فالصليب إذن وثن، فيجب تحقيره وتصغيره واحتقاره، حتى كان بعض أئمة الإسلام إذا رأى صليبا أغمض عينيه عنه، وقال: " لا أستطيع أن أملأ عيني ممن سب إلهه ومعبوده بأقبح السب "[إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، جـ 2] بل ولم يكونوا – أي: أئمة الإسلام - يعدونه ثمنا، وقد أفتى محمد بن إبراهيم – مفتي بلاد الحرمين سابقا - بأن (لا قطع على سارق الصليب ولو كان من ذهب) أنظر (ص 135/ 12) من الفتاوى فكان الصليب عند السلف الصالح ليس بثمن، وصار عند الخلف الطالح ليس بوثن!!
فمن عظم الصليب بتعليق ونحوه فهو كافر كفر أكبر مخرج من الملة؛ هذا حكمه عند أهل الإسلام، بل ومن العجيب أن أهل الكتاب أنفسهم يوافقوننا على ذلك! فلقد جاء في التوراة "ملعون من تعلق بالصليب" [سفر تثنية الإشتراع (21/ 23)]!!!
ولا فرق - فيمن أرتكب هذا الناقض - بين حاكم ومحكوم، بل الحكم متعلق بمناطه لا بفاعله، ولكن طبيعة السؤال الأول تشير إلى حادثة وقعت؛ وهي لبس (الملك) فهد بن عبد العزيز آل سعود للصليب وتعليقه على عنقه برضاه واختياره أمام مرأى الجميع، فهو كافر بارتكابه لهذا الناقض، وغيره من النواقض الكثيرة العديدة
قال أبو محمد المقدسي:
إن فهدا اليوم يشد الرحال إلى ارض أسياده وأسياد أبيه في بريطانيا العظمى وتتناقل وسائل الإعلام في أنحاء العالم صورة حامي الحرمين بين الملكة البريطانية وأمها ... وهو يرتدي صليب النصارى وشعار الماسونية للدرجة (18) .. [الكواشف ص 12] وقال أيضا : أنسيتم زيارة (الفهد) لبريطانيا وصورته التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية وهو لابس الصليب فرحا مسرورا مهبولا بذلك وسط الملكة البريطانية وأمها .. وكان يفتتح خطاباته عندها التي نقلتها وسائل الإعلام بقوله ... "سيدتي جلالة الملكة المعظمة ... " ونحوه ... فحق أن يسمى بخادم الحرمتين البريطانيتين ... وليس بخادم الحرمين!! .. ولولا تحرجنا من تصوير ذوات الأرواح لأوردنا صورته تلك ... ولكن شهرتها تغني عن ذلك. [الكواشف ص 187] "
وما قاله الأثرى هنا ونقله عن الآخرين الكثير منه مخالف لكتاب الله فالصليب وهو المصلبة ليس خاصا بالنصارى لأن وجود الصليب وهو المصلبة واجب في الإسلام لتعليق المحاربين لله المفسدين في ألأرض عليه كما قال تعالى:
"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم أو أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض"
ومن ثم سقط كل الكلام السابق له ولمن نقل عنهم أن الصليب وثن وإنما هو أداة عقابية في الإسلام لابد من وجودها في القضاء كما أمر الله لعقاب من ارتكبوا جريمة الحرابة
وأورد اعتراضا من أحدهم عن لبس عدى بن حاتم للصليب واستدلاله بذلك على جواز لبسه فقال:
"الإيراد:
قد يقول قائل: لماذا لم يكفر عدي بن حاتم الطائي وقد علق الصليب في عنقه؟!
الجواب على الإيراد:
إن عدي بن حاتم كان معلقا للصليب قبل أن يعلن إسلامه وليس بعده وقد روى الإمام أحمد والترمذي وابن جرير في تفسير قوله تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) من طرق يقوي بعضها بعض قصة عدي والصليب بطولها، وكان أولها:
(أن عدي بن حاتم لما بلغته دعوة رسول الله (ص) فر إلى الشام وكان قد تنصر في الجاهلية فأسرت أخته وجماعة من قومه؛ ثم من رسول الله (ص) على أخته وأعطاها، فرجعت إلى أخيها فرغبته في الإسلام وفي القدوم على رسول الله (ص)؛ فقدم عدي إلى المدينة وكان رئيسا في قومه طيء، وأبوه حاتم الطائي المشهور بالكرم، فتحدث الناس بقدومه فدخل على رسول الله (ص) وفي عنق عدي صليب من فضة، وهو (ص) يقرأ هذه الآية (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) قال عدي: فقلت؛ إنهم لم يعبدوهم. فقال: "بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم؛ وذلك عبادتهم إياهم"،وقال رسول الله (ص): "يا عدي ما تقول؟ أيضرك أن يقال الله أكبر؟ فهل تعلم شيئا أكبر من الله؟ ما يضرك؟ أيضرك أن يقال لا إله إلا الله، فهل تعلم إلها غير الله؟ ثم دعاه إلى الإسلام فأسلم وشهد شهادة الحق. قال: فلقد رأيت وجهه استبشر ثم قال: "إن اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون".
فعدي بن حاتم كان معلقا للصليب قبل أن يدخل الإسلام، قال الله تعالى: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) قال الإمام ابن كثير : يغفر لهم ما قد سلف، أي: من كفرهم، وذنوبهم وخطاياهم. أهـ[تفسير القرآن العظيم 2/ 385] وتعليق الصليب من جملة ما يغفر بالدخول في الإسلام، وقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث عمرو بن العاص أنه قال: ( .. لما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي (ص) فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك فبسط يمينه. قال: فقبضت يدي. قال: " مالك يا عمرو؟ " قال: قلت: أردت أن أشترط. قال: " تشترط بماذا؟ " قلت: أن يغفر لي. قال: " أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ "). قال الإمام النووي: (الإسلام يهدم ما كان قبله) أي يسقطه ويمحو أثره. [شرح صحيح مسلم 2/ 182]
أما فهد بن عبد العزيز فعكس وارتكس، قال الإمام ابن كثير رحمه الله: كما جاء في الصحيح، من حديث أبي وائل، عن ابن مسعود: أن رسول الله (ص) قال: (من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر)[تفسير القرآن العظيم 2/ 285]"
وكل الكلام السابق وهو اعتبار الصليب رمز للنصارى وحدهم يتناقض مع نفى القرآن لعملية الصلب فلا وجود لصليب ولا لقتل المسيح(ص) كما هى عقيدة النصارى الحالية :وفى هذا قال تعالى :
" وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم"
وتحدث عن كون الصليب طاغوت يجب الكفر به فقال :
"المناط الثاني: الصليب طاغوت، ومن لم يكفر بالطاغوت فقد كفر:
عرف السلف الطاغوت بأمور كثيرة، فمن قائل إنه: الشيطان. وآخر يقول: الساحر. و: الكاهن. و: الصنم. و: رهبان النصارى. و: وأحبار اليهود وغير ذلك الكثير. وهذا كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " مقدمة في أصول التفسير ": فصل في اختلاف السلف في التفسير وأنه اختلاف تنوع: الخلاف بين السلف في التفسير قليل، وخلافهم في الأحكام أكثر من خلافهم في التفسير. وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع إلى اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد: وذلك صنفان: أحدهما: أن يعبر كل واحد منهما عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه، تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر، مع اتحاد المسمى ... الصنف الثاني: أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه، على سبيل التمثيل وتنبيه المستمع على النوع، لا على سبيل الحد المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه.
فيتبين أن تعريف السلف للطاغوت هو من باب ذكر نوع من أنواع الطاغوت، لا على سبيل الحد المطابق له في عمومه وخصوصه. ولذلك قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري بعد أن ذكر أقوال السلف في الطاغوت: والصواب من القول عندي في "الطاغوت"، أنه كل ذي طغيان على الله، فعبد من دونه، إما بقهر منه لمن عبده، وإما بطاعة ممن عبده له، إنسانا كان ذلك المعبود، أو شيطانا، أو وثنا ، أو صنما، أو كائنا ما كان من شي.
و أرى أصل "الطاغوت"، الطغووت من قول القائل: طغا فلان يطغو، إذا عدا قدره فتجاوز حده [تفسير الطبري: 3/ 21]
وقال ابن القيم: الطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله، فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها رأيت أكثرهم عدلوا من عبادة الله إلى عبادة الطاغوت، وعن التحاكم إلى الله وإلى الرسول إلى التحاكم إلى طاغوت، وعن طاعته ومتابعة رسوله إلى طاعة الطاغوت ومتابعته. [أعلام الموقعين: 1/ 50]
ويقول سليمان بن سحمان في رسالة في الدرر السنية: (الطاغوت ثلاثة أنواع: طاغوت حكم وطاغوت عبادة وطاغوت طاعة ومتابعة .. ) [ص 272 من جزء حكم المرتد]
فالصليب وثن، والوثن طاغوت والصليب يعبد، فهو طاغوت عبادة، ولذلك قال الشيخ أبو بصير الطرطوسي: ما عبد من صنم، أو حجر، أو بقر، أو قبر، أو صورة، أو صليب: فكل ما يعبد من هذه الأشياء - من دون الله - فهو طاغوت [الطاغوت ص119]
إذا تبين لك هذا كله، فيبقى عليك أن تعلم أن من علق الصليب في عنقه وهو عالم به، فهو لم يكفر بالطاغوت، ومن لم يكفر بالطاغوت لم يؤمن بالله، فإن الكفر بالطاغوت شرط الإيمان. وتعريف الشرط عند الأصوليين هو: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته ... [شرح الكوكب المنير 1/ 452 ومعالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة ص321] وشرح التعريف في مسألتنا هو كما يلي:
قوله: (ما يلزم من عدمه العدم) فإذا عدم الكفر بالطاغوت عدم الإيمان بالله.
ودليل شرطية الكفر بالطاغوت للإيمان بالله هو:
قول الله تعالى: (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى)
وقد قال محمد بن عبد الوهاب في الدرر السنية 1/ 163: واعلم: أن الإنسان ما يصير مؤمنا بالله، إلا بالكفر بالطاغوت، والدليل قوله تعالى: (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم)
وقال محمد الأمين الشنقيطي: فالكفر بالطاغوت، الذي صرح الله بأنه أمرهم به في هذه الآية شرط في الإيمان كما بينه تعالى في قوله: (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى) فيفهم منه أن من لم يكفر بالطاغوت لم يتمسك بالعروة الوثقى، ومن لم يستمسك بها فهو مترد مع الهالكين.
وقال أيضا: والإيمان بالطاغوت يستحيل اجتماعه مع الإيمان بالله، لأن الكفر بالطاغوت شرط في الإيمان بالله أو ركن منه، كما هو صريح قوله (فمن يكفر بالطاغوت)
وقال حمود بن عبد الله العقلاء الشعيبي في كتاب " شرح شروط لا إله إلا الله " ص49: الشرط الثامن: الكفر بالطاغوت: من شروط صحة التوحيد الكفر بالطاغوت، إذ لا إيمان إلا بعد الكفر بالطاغوت ظاهرا وباطنا .. "
وكل هذا الكلام مبنى على غير أساس من كتاب الله وحتى لا يوجد في رواية منسوبة للنبى(ص) وكل واحد يستدل بكلام من سبقه والذى يقوم على غير نص من الوحى فالطاغوت هو دين أى كافر الذى يعمله به سواء كان دينا مكتوبا أو يعتقد به في نفسه
ولو بنينا على كلام القوم من حيث إزالة كل رموز ألأديان من الوجود الإسلامى لوجب علينا أن نزيل الشمس من السماء لأن كان قوم سبأـ كانوا يعبدون الشمي كما جاء في القرآن :
"وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله"

ولوجب أن نعدم كل البقر من الوجود لأن الهندوس يعبدونه وهو ما يخالف أن الله أباح وجود البقر والأكل منه فقال :
"ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل أالذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا"
ومن ثم مقولة إزالة الصليب من الوجود هى مقولة لا يقولها عاقل خاصة مه وجود أزهار خلقها الله على شكل الصليب ومع وجود أدوات نستخدمها في حياتنا مثل مسامير الصليبة ومفك الصليبة وهى أدوات نافعة في حياتنا ولوجب علينا أن نلغى الرمز+ من الرياضيات عند الجمع لكونه صليب
وتحدث عن كون الصليب رنز للنصارى ورمز لتكذيب الله فقال :
"المناط الثالث: تعليق الصليب رمز لدين النصارى المحرف، والصليب رمز لتكذيب الله والرسول (ص):
جاء في إنجيل متى (16/ 24 - 28) ولوقا (9/ 23 - 27) و (14/ 25 - 28) ومرقس (8/ 34 - 36): " من أراد أن يتبعني فليزهد في نفسه وليحمل صليبه ويتبعني ". وفهد بن عبد العزيز حمل صليبه واتبع دين النصارى، وابتغاء غير الإسلام دينا، (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)
والصليب رمز لصلب عيسى (ص) كما يزعم النصارى قال أبو محمد المقدسي : ولعل أول من سن لهم بدعة تعظيم الصليب " هيلانة الحرانية الفندقانية " أم الإمبراطور الروماني قسطنطين الذي كان أول إمبراطور روماني يعتنق النصرانية كما سيأتي. وذلك أن اليهود لما صلبوا ذلك الرجل الذي ألقي عليه شبه المسيح ثم ألقوه بخشبته التي صلب عليها .. جعل بعض أتباع المسيح يأتون إلى مكانه ويبكون، فخشي اليهود أن يصير لذلك المكان شأنا فجعلوا مكانه مطرحا للقمامة والنجاسة لينفروا عنه، فلم يزل كذلك، حتى كان زمان قسطنطين، أي بعد (300) سنة، حيث عمدت أمه هيلانة إلى ذلك المكان، تبحث فيه، معتقدة أن المسيح هناك فزعموا أنها وجدت الخشبة التي صلب عليها ذلك المصلوب، فعظموها وغشوها بالذهب، ومن ثم اتخذوا الصلبانات، وتبركوا بشكلها، وقبلوها. [التحفة المقدسية، في مختصر تاريخ النصرانية ص43 - 44]
بينما أهل الإسلام يعتقدون أن عيسى (ص) لم يقتل ولم يصلب، ولكنه رفع، قال شيخنا المقدسي : وعقيدتنا نحن المسلمين أن المسيح (ص) قد نجاه الله تعالى فلم يمكن أعداءه منه، فلا هم أسروه، ولا هم ضربوه، ولا هم صلبوه ولا قتلوه .. بل رفعه الله تعالى إليه، كما أخبر في محكم التنزيل؛ فقال سبحانه: (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا )
وقال تعالى: (قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا)
فهذا عندنا ثابت يقين نصدق به ولا نشك طرفة عين أن الله نجي عبده ورسوله ورفعه إليه ..
وأنه لم يمكن أعداءه منه، فما قتلوه وما صلبوه، ولكن شبه لهم .. أي أنهم إنما قتلوا شبيها له .. ثم شبه عليهم اليهود أنهم قتلوه .. وشبه عليهم أحبارهم أنه صلب فعلا ليخلصهم ..
أما كيف شبه لهم ففي ذلك روايات ذكرها أهل التفسير، في تفسير هاتين الآيتين .. [التحفة المقدسية، في مختصر تاريخ النصرانية ص50]
وقال الشيخ حامد العلي جوابا على سؤال حول حكم لابس الصليب: من لبس الصليب، وظاهر حاله أن يعلم أنه صليب رمز لدين النصارى، ارتد عن الإسلام، وإلا فإنه يبين له، فإن لم يتب ارتد.
ومعلوم أن الصليب، في حد ذاته رمز للتكذيب للقرآن، وقد قال تعالى: (وما قتلوه وما صلبوه)، وهو رمز لدين كفري باطل، ليس هو دين عيسى (ص)، فإن دينه كان الإسلام، كدين سائر الأنبياء، وقد بشر ـ (ص) ـ بنينا صلى الله عليه وأمر بإتباعه، كما أمرت الأنبياء من قبله، بل دين النصارى بعد تحريفهم رسالة عيسى (ص)، هو دين الشرك، كعبادة الأصنام، حرفوا دين المسيح، وكفروا، إذ قالوا أن الله هو المسيح، وبإدعائهم الولد لله تعالى، وأنه ـ تعالى عما يقولون علوا كبيرا ـ ثالث ثلاثة، ذلك مع تكذيبهم للنبي محمد (ص)، والمكذب بنبي كالمكذب بجميع الأنبياء.
ولهذا فإن المسيح (ص)، عندما ينزل آخر الزمان، يكسر الصليب، كما تحطم الأوثان، ولهذا كان النبي (ص)، لا يدع شيئا في بيته فيه تصاليب إلا نقضه، كما في الصحيح عن عائشة فالصلبان كالأوثان.
وفي الصحيحين، قال (ص) (والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، وإماما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال، حتى لا يقبله أحد، وحتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها).
قال ابن حجر بعدما ذكر حديثا رواه أحمد وأبو داود بإسناد صحيح: " وفي هذا الحديث، ينزل عيسى عليه ثوبان ممصران فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويدعو الناس إلى الإسلام، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، وتقع الأمنة في الأرض، حتى ترتع الأسود مع الإبل، وتلعب الصبيان بالحيات - وقال في آخره - ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون "
وروى أحمد ومسلم من طريق حنظلة بن علي الأسلمي عن أبي هريرة: (ليهلن ابن مريم بفج الروحاء بالحج والعمرة) الحديث، وفي رواية لأحمد من هذا الوجه: (ينزل عيسى فيقتل الخنزير ويمحي الصليب وتجمع له الصلاة ويعطي المال حتى لا يقبل ويضع الخراج، وينزل الروحاء فيحج منها أو يعتمر أو يجمعهما وتلا أبو هريرة: (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به) الآية. قال حنظلة قال أبو هريرة: (يؤمن به قبل موت عيسى).
وفي الصحيح من حديث أبي سعيد أنه لما ينادي المنادي يوم القيامة، (من كان يعبد شيئا فليتبعه) فيذهب أهل الصليب مع صليبهم، وأصحاب كل الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم)
ولهذا لا فرق بين الصليب وغيره من المعبودات مع الله، في ردة معظمها، وتعليقها من تعظيمها، كما ذكر العلماء."
كما قال في البحر الرائق: " وبشد المرأة حبلا في وسطها وقالت هذا زنار"، فهذه كفرها السادة الحنيفة بلبسها حبلا، زعمت أنه مثل زنار النصارى، فكيف بمن علق الصليب؟!
وقال في التاج والإكليل لمختصر خليل ذاكرا أمثلة لأفعال الردة:
" كإلقاء مصحف بقذر وشد زنار، ابن عرفة: قول ابن شاس: " أو بفعل يتضمنه " هو كلبس الزنار وإلقاء المصحف في صريح النجاسة، والسجود للصنم ونحو ذلك " ... [حامد بن عبد الله العلي ]
وقال العلامة ابن جبرين جوابا لسؤال حول حكم لبس الصليب: لا شك أن النصارى قد ضلوا سبيلا في تعظيمهم للصليب ورسمه في لباسهم وعلى أجسادهم، وهكذا من تشبه بهم في لباسه وتعظيمه إذا علم بأنه معبود النصارى وشعار دينهم، وقد قال النبي -(ص)- (من تشبه بقوم فهو منهم) رواه أحمد وأبو داود عن ابن عمر.[أنظر الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين ]"
والخطأ في الأحاديث السابقة بعث المسيح(ص)للحياة مرة أخرى ويخالف هذا تحريم الله إعادة الموتى للدنيا وفى هذا قال تعالى بسورة الأنبياء "وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون "كما أن قوله تعالى بسورة مريم "والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا "كقوله "وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا "وما دام يحيى (ص)لا يبعث فى الدنيا فكذلك عيسى (ص)لأن المراد هنا هو البعث يوم القيامة
وأما حديث من كان يعبد شىء فليتبعه إلى النار فحديث يتناقض مع اختفاء المعبودات كالشمس والبقر من الوجود في الآخرة وأيضا يدخل معهم المسيح والملائكة النار لأنهم كانوا من المعبودين وهو ما يتنافى مع قوله تعالى :
"ولا تزر وزارة وزر أخرى "

وتحدث الرجل عن اعتراض على دخول لابس الصليب النار وأجاب عنه فقال :
الإيراد:
يستدل بعض مرجئة العصر على عدم كفر لابس الصليب بما قال البخاري في كتاب الصلاة من صحيحه باب رقم (15): " باب إن صلى في ثوب مصلب أو تصاوير؛ هل تفسد صلاته؟ "
الجواب على الإيراد:
نقول إيجازا:
أولا: إن تبويب البخاري ليس بدليل شرعي، فليس كلام البخاري كتابا ولا سنة ولا إجماعا ولا قياسا ليستدل به من يستدل به! وأما حديث الباب الذي ساقه البخاري فهو عن أنس بن مالك " كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها فقال النبي (ص): (أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي) فقاس البخاري التصاليب على التصاوير.
ثانيا: فرق شاسع، وبون واسع؛ بين الصليب والمصلب، وبين الصلبان والتصاليب فإن الصليب والصلبان هي موضوع هذا البحث، أما المصلب والتصاليب، فهي الخطوط المتقاطعة، وهذه قد توجد في البيوت والمساجد والأبواب والنوافذ، بل وحتى الكتب والمصاحف، فهذه ليست صلبانا ولكنها تصاليب قال الشيخ ابن جبرين في المعذور به: وكذا إذا لم يكن صليبا واضحا كالرسوم والنقوش التي توجد في الفرش واللحف التي لا يتضح كونها صليبا، ومع ذلك فعلى المسلم الحذر والانتباه لحيل النصارى في شعارهم وما يعظمونه. [أنظر الموقع عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين ]
عصارة البحث:
إن لبس الصليب ناقض من نواقض الإسلام، لمناطات ثلاثة:
1 - لأن الصليب وثن ومن عظم الوثن فقد كفر.
2 - لأن الصليب طاغوت، ومن لم يكفر بالطاغوت فقد كفر.
3 - لأن الصليب رمز لدين النصارى المحرف، وهو أيضا رمز لتكذيب الله ورسوله (ص)، ومصادمة عقيدة المسلمين.
ومن لبس الصليب فهو كافر مرتد إن توفرت فيه الشروط الشرعية، وانتفت عنه الموانع المقررة في كتب أهل العلم، لا ما يزعمه مرجئة العصر ويلفقه أفراخ المبتدعة من موانع مختلقة مصطنعة."
والحقيقة أن لابس شكل الصليب لا يكون كافرا إذا كان يلبسه كزينة ولا يعتقد أن المسيح (ص) صلب وهو يلبسه على أنه مثلا شكل زائد الرياضى أو حرف إكس وما شابه
وأما الكافر فهو من يرتديه اعتقادا بصلب المسيح (ص) وقتله عليه لأنه في تلك الحالة يكون مكذب بقوله تعالى :
"وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم"
وتحدث عن إنكار العلماء لتلك العادة فقال :
"المحور الثاني: دور العلماء في إنكار هذا المنكر:
أما عن دور العلماء في إنكار هذا المنكر العظيم، والباطل الجسيم، فقد مر معنا في ثنايا هذا البحث كلام علمائنا في إنكار هذا المنكر، فتكلم ابن جبرين وأحسن فيالكلام، وتكلم حامد العلي وأحسن في الكلام، وتكلم مدفع أهل السنة والجماعة في وجه الضلال - أبو محمد المقدسي - فأحسن في الكلام، وبين حجج الإسلام. وهذا الشيخ فارس الزهراني فك الله أسره يرسل رسالة إلى خادم الصلبان، ثم يتبعها بأخرى لعلماء الإسلام، فيقول شعرا:
إلى خادم الصلبان والأصنام
ثكلتك أمك يا أبا الإجرام ... يا هادم الحرمين و الإسلام
ثكلتك أمك في قريب عاجل ... يا خادم الصلبان والأصنام
فهد ولكن في الحروب نعامة ... مذعورة من ثورة الأنعام
...
أما دعاة الفتنة والضلالة، فلم يفتوا بإباحة لبس الصليب فحسب، بل أفتوا بإباحة السجود له!!!
قال المرجئ الصغير الحقير عبد العزيز الريس في الرد الأول [ص:17]: إذ الساجد للصليب والأوثان من غير أي دافع كالمال ونحوه وإكراه هو سجود له وفي مثل هذه الحالة لا يمكن أن يكون إلا لتعظيم قلبه للمسجود وإلا لماذا سجد له إذ لا أحد يفعل فعلا إلا لدافع. فإن خلت الدوافع الدنيوية من جلب نفع أو دفع ضر فلم تبق إلا الدوافع التعبدية كالتعظيم لها ونحو ذلك. وقد سبق نحو هذا الكلام وأن في مثل هذا يكون التلازم بين السجود والتقرب بالقلب. أهـ أي أنه لو سجد للصنم بدافع المال فلا غضاضة في ذلك
! ليت شعري! فماذا يقول هذا القزم في من علق الصليب على عنقه لأجل المال! ما عساه إلا أن يقول: ذاك مندوب مستحب!!!
...وأما الطامة التي فجعنا بها، فهي تلك الفتوى المشهورة المنشورة التي قررها ابن باز في إباحة لبس الصليب، وأنه أمر لا بأس به!
نحن لما سمعنا ذلك التسجيل المنشور على الشبكة العنكبوتية – مقطع صوتي -، لم نتسرع في نسبته للشيخ غفر الله لنا وله، وغلبنا جانب حسن الظن بالشيخ، وخاصة أننا وجدنا على الشبكة وثيقة تنسب إليه ينكر فيها هذه الفتوى ...
ولكن – وللأسف الشديد - فقد وجدت هذه الفتوى في أحد أشرطة الشيخ، وأنظر أخي في الله (أسئلة وأجوبة الجامع الكبير، المجموعة الثانية، إصدار تسجيلات التقوى، الشريط 29، الوجه الثاني):
سؤال: " يحدث أحيانا أن يحضر بعض المسلمين إلى بلد يدين أهله بدين غير الإسلام؛ أما للزيارة أو لمناسبة ما، ويقوم الكفار بتقليد أحد المسلمين بقلادة على هيئة صليب أو عليها صور الصليب كتكريم منهم لهذا المسلم، ويتقبلها هذا المسلم مجاملة لهم
ويعتبره من حسن المعاملة؛ هل فعل هذا المسلم يعتبر من موالاة الكافرين؟ وهل يصل ذلك إلى مرتبة الكفر؟)
الشيخ ابن باز: " لا، هذه أمور عادية مثل ما تقدم، هذه أمور عادية ينظر فيها ولي الأمر بما تقتضيه المصلحة؛ فإذا كان من المصلحة الإسلامية قبول هذه المجاملة أو هذه الهدية كان ذلك جائزا من باب دفع الشر وجلب الخير، كما يقبل هداياهم التي يهدون إليه يرى مصلحة في ذلك، وإن رأى المصلحة في ردها ردها، هكذا ما يتوج السلاطين والملوك على قلائد يصنعها الكفار أو يقدمها المسلم لهم إذا رأى في هذا المصلحة الإسلامية كفا لشرهم وجلبا لخيرهم؛ فلا مشاحة في ذلك وليس هذا من المولاة ".
اثنان من الحضور باستنكار: (فيها صليب يا شيخ!).
الشيخ ابن باز: " ولو فيها صليب .. يأخذه ثم يلقيه ".
أحد الحضور مستنكرا: (يلبسه لباس هو يا شيخ!)
الشيخ ابن باز: " بعدين يزيله، بعدين يزيله ". انتهى الحوار.
وقد نقل هذا الحوار بطوله من المصدر المشار إليه المرجئ الصغير الحقير بندر بن نايف بن صنهات العتيبي في كتيبه " وجادلهم بالتي هي أحسن. مناقشة علمية هادئة لـ18 مسألة متعلقة بحكام المسلمين. مدعم بالنقل عن الإمامين: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز، محمد بن صالح العثيمين " ص 120 - 121.
وقد أشار أبو محمد المقدسي إلى هذه الفتوى عندما قال في رده على المدخلي:
من ثم ذا المدخلي يدخلهمو كذبا في زمرة العلما من أهل إيمان
يشن غارته في ذم من برؤوا ... من كفر أربابه لباس صلبان
قال في الهامش : عندما لبس فهد بن عبد العزيز الصليب في بريطانيا وتناقلت صورته وكالات الأنباء وسئل عالمهم عن ذلك، هل يصل إلى الكفر؟؟ فقال: (لا هذه أمور عادية .. هذي أمور عادية!!) [إلى حارس التنديد ورهبانه]
ولكى ألا تبقى في قلوب أحبابنا أي شبهة نقول: قد تقرر أن لبس الصليب من المكفرات"
وكل هذا الكلام جعل المسألة تدور حول فهد ولبس الوسام والمسألة هى أنه أساسا لا يجوز للحاكم المسلم الخروج من دولة المسلمين لأى سبب لأن المطلوب من المسلم في دول الكفر الهجرة إلى دولة المسلمين وفى هذا قال تعالى :
"والذين أمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شىء حتى يهاجروا"
والمفترض ألا يقبل هدية من الكفار كما فعل سليمان(ص) بقوله :
"فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما أتانى الله خير مما أتاكم بل أنتم قوم بهديتكم تفرحون ارجع إليه"

الأربعاء، 29 مارس 2023

نظرات فى خطبة الشهادات الرمضانية

نظرات فى خطبة الشهادات الرمضانية
ملقى الخطبة صالح بن حميد وهى تدور حول شهر رمضان وقد استهلها بالمقدمة التقليدية ثم أعقبها بالطلب التقليدى وهو طلب اتقاء المصلين لله وبيان أن أسباب الله هى الأسباب الوحيدة الموجودة فقال :
"أما بعد:
فأوصيكم ـ أيها الناس ـ ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله رحمكم الله، واغتنموا مواسم الأرباح فقد فتحت أسواقها، وداوموا قرع أبواب التوبة قبل أن يحين إغلاقها. الغفلة تمنع الربح، والمعصية تقود إلى الخسران. الواقف بغير باب الله عظيم هوانه، والمؤمل غير فضل الله خائبة آماله، والعامل لغير الله ضائعة أعماله. الأسباب كلها منقطعة إلا أسبابه، والأبواب كلها مغلقة إلا أبوابه. النعيم في التلذذ بمناجاة الله، والراحة في التعب في خدمة الله، والغنى في تصحيح الافتقار إلى الله"
وتحدث عن توالى الأيام والليالى فقال:
"أيها المسلمون، الأيام تمر عجلى، والسنون تنقضي سراعا، وكثير من الناس في غمرة ساهون وعن التذكرة معرضون، وفي التنزيل العزيز: وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا "
والخطأ فى الحديث هى مرور الأيام بسرعة والحقيقة أن الزمان لا يسرع ولا يبطىء وإنما هو منتظم لا يتغير فالسرعة والبطء هى شهور نفسى فعندما يكون الإنسان فرحا سعيدا لا يشعر بمرور الأيام إلا فى سرعة وأما عندما تكون أيام عسر وشقاء فإنه يظن أنها تمر ببطاء
وتحدث عن مقولة خاطئة وهى مواسم الخير فقال :
"ولما كان العمر ـ يا عباد الله ـ محدودا وأيام العبد في هذه الدنيا معدودة فقد امتن الله على عباده بمواسم الخيرات ومنح النفحات، وأكرم بأيام وليال خصها بمزيد من الشرف والفضل وعظيم الثواب ومضاعفة الأجر، وجعل فيها بمنه وكرمه ما يعوض فيه الموفق قصر حياته وتقصير أعماله. وإن أيامكم هذه من أفضل الأيام، وهذه العشر الأخيرة هي الأفضل والأكرم"
وبالقطع لا يوجد مواسم للخير كما قال ابن حميد فالخير موجود فى كل يوم وكذلك الشر كما قال تعالى :
" ولنبلونكم بالشر والخير فتنة"

والخطأ هو تفاضل أيام رمضان وكون الأواخر أفضل من الأوائل وهو كلام بلا دليل من الوحى فلو كان هناك أفضلية لاختلف الأجر مثلا
وتحدث عن حساب المسلم لنفسه ثم استشهد بحديث ليسي فيه أى كلام عن المحاسبة فقال :
"أيها المسلمون، ما أحوج العبد إلى موقف المحاسبة في هذه الأيام الفاضلة، إنها مناسبة مناسبة من أجل التغيير والتصحيح والإصلاح في حياة الفرد وفي حياة الأمة، يقول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: ((إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وسلسلت الشياطين)) أخرجه الترمذي، وفي رواية أخرى: ((إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة)). إنها فرصة للمحاسبة وفرصة للإصلاح وفرصة للتغيير، ((يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر))."
والحديث برواياته لا تصح نيبته للنبى (ص) والخطأ الأول فيه هو تصفيد الشياطين فى رمضان وهو يخالف حدوث الذنوب من قبل المسلمين فى رمضان كما فى حديث التلاحى وهو الشجار فى رمضان " خَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيُخْبِرَنَا بلَيْلَةِ القَدْرِ فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقَالَ: خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلَاحَى فُلَانٌ وفُلَانٌ، فَرُفِعَتْ"
فالتلاحى وهو التنازع والشجار يعنى وجود الشيطان فى واحد منهما على ألأقل ويخالف وجود الكفار فى الدنيا فى رمضان لأن معنى شل قدرة الشياطين فيه هى إسلام الناس كلهم فيه
والخطأ الأخر هو إغلاق أبواب النار وفتح أبواب الجنة وهو ما يخالف أنها مفتحة لدخول أى ميت حسب عمله فليس معقولا أن يترك الكافر بلا عذاب شهرا حتى ينتهى رمضان .
وذكر الرجل أن على المسلمين أن يطلبوا من الله أن يكون رمضان شاهدا عليهم فقال :
"معاشر المسلمين، ومن أجل مزيد من التأمل واستشعار جاد للمحاسبة وإدراك عميق لهذه الفرصة السانحة هل تأملتم في دعاء يردده المسلمون في هذا الشهر الكريم، وبخاصة في مثل هذه الأيام حين تبدأ أيام الشهر في الانقضاء وهلاله بالأفول، ويستشعرون فراقه ويعيشون ساعات الوداع ومشاعر الفراق، دعاء يصاحبه دفق شعوري مؤثر من القلوب الحية والنفوس المحلقة نحو السمو بشعور إيماني فياض، يرفعون أيديهم مناشدين ربهم ومولاهم: "اللهم اجعله شاهدا لنا، لا شاهدا علينا". هل تأملتم هذا الدعاء؟! وهل فحصتم مضامينه وعواقبه وحقيقته ونتيجته؟!
أيها الصائمون، إن شهادة شهر رمضان غير مجروحة، إنه موسم يتكرر كل عام، يشهد على الأفراد، ويشهد على الأمة، إنه يشهد حالكم، فهل سيشهد لنا أو يشهد علينا؟! يرقب حالنا؛ هل سوف يزدرينا أو سوف يغبطنا؟! ماذا في استقبالنا له؟! وماذا في تفريطنا فيه، بل في كل أيام العام والعمر؟ هل نجتهد فيه ثم نضيع في سائر أيام العام؟!
عباد الله، الأيام تشهد، والجوارح تشهد، والزمان يشهد، والمكان يشهد، إن تأملنا في شهادة هذا الشهر الكريم لنا أو علينا فرصة عظيمة صادقة جادة في المحاسبة ومناسبة حقيقية نحو التغيير والتعويض، ((يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر)). وقد يكون لشهادة رمضان المعظم نوع من التميز ولون من الخصوصية، لماذا؟ لأن شهر رمضان هو شهر الصبر، شهر مقاومة الهوى وضبط الإرادة ومقاومة نزوات النفس ونوازعها.
شهر رمضان ـ معاشر الصائمين ـ ميدان التفاوت بين النفوس الكبيرة والنفوس الصغيرة، بين الهمم العالية والهمم الضعيفة. هذا الشهر الشاهد فرصة حقيقية لاختبار الوازع الداخلي عند المسلم، الوازع والضمير هو محور التربية الناجحة."
وحديث الرجل عن كون رمضان يشهد للناس لم يرد فى وحى الله فالشهود هم مخلوقات كالملائكة والرسل(ص) أو أعضاء الجسم وأما شهادة رمضان فهن أى رمضان يتحدث إن شهور رمضان تقدر بالمليارات فهى ليست مخلوق واحد وإنما مخلوقات كثيرة كل واحد منها كان فى سنة من السنوات
ما ذكره من شهادة الأعضاء وشهادة الملائكة والناس موجود منصوص عليه وأما الزمان والمكان فلا وجود لشهاداتهم فى كتاب الله
وتحدث عن كون الصوم سر بين العبد وربه فقال :
"ومن أجل مزيد من التأمل والنظر والفحص في هذه الشهادة الرمضانية فلتنظروا في بعض خصائص الصيام وأحوال الصائمين. الصوم سر بين العبد وبين ربه، وقد اختصه الله لنفسه في قوله سبحانه في الحديث القدسي: ((الصوم لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي)).
أيها الإخوة في الله، الصوم عن المفطرات الظاهرة يسير غير عسير لكثير من الناس، يقول ابن القيم:
"والعباد قد يطلعون من الصائم على ترك المفطرات الظاهرة، وأما كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده فهو أمر لا يطلع عليه بشر، وتلك حقيقة الصوم".
واقرنوا ذلك بقوله : ((من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)). من ـ ترى ـ يحقق الإيمان والاحتساب على وجهه يا عباد الله؟! ((يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر))."
وهذا الكلام لا غبار عليه ولكن قصر الغفران على عمل الصوم فقط يتناقض مع أن أى حسنة أى أى عمل صالح تغفر كل الذنوب كما قال تعالى :
" إن الحسنات يذهبن السيئات"

وتحدث عن الذنوب التى يرتكبها البعض فى هذا الشهر من إسراف وتبذير وتضييع للأوقات فى اللهو فقال :
"تأملوا أحوال بعض الصائمين مع الطعام وفضول الطعام، يسرفون على أنفسهم في مطاعمهم ومشاربهم ونفقاتهم، يتجاوزون حد الاعتدال والوسط، ساعدهم في ذلك إعلام هزيل قد جعل مساحات هائلة للأكل والموائد مع ممارسات غير سوية من التجار والمستهلكين.
وتأملوا ـ حفظكم الله ـ وأنتم في رحاب هذا الشهر الشاهد، تأملوا أحوال بعض الغافلين الذين يضيعون هذه الأوقات الفاضلة والليالي الشريفة مع اللهو والبطالين فيما لا ينفع، بل إن بعضها فيما يضر ويهلك ويفسد الدين من الغيبة والنميمة والمسالك المحرمة، انقلبت عليهم حياتهم ليجعلوا نهارهم نوما وليلهم نهارا في غير طاعة ولا فائدة، لا لأنفسهم ولا لأمتهم، تجمعات ليلية، إما تضييع للواجبات والمسؤوليات، وإما وقوع في المنهيات والمهلكات، يعينهم في ذلك قنوات وفضائيات في مسلسلات هابطة وبرامج للتسلية هزيلة."
وتحدث عن أن بعض الصالحين يفسدون صومهم بكثرة الكلام فقال :
"بل إن التأمل في فضول الكلام ـ أيها الصائمون ـ لا ينقضي منه العجب، حتى في أحوال بعض الصالحين والمتعبدين ممن ينتسب للعلم والدين والدعوة، فلا يكاد الغافل منهم يفكر في فضول الكلام فضلا عن أن يفكر في تجنبه، ولكثرة كلامهم فقدوا السمت وقلت عندهم الحكمة وخلطوا الجد بالهزل، ناهيكم في الوقوع في داء الغيبة والنميمة والكذب والرياء والسمعة."
وتحدث عما يحدث فى الاعتكاف من عيوب فقال :
"ومن المعلوم أن كثرة الخلطة وبخاصة في أوقات التعبد تدعو إلى فضول الكلام وتضييع الأوقات وكثرة الانشغالات وتقعد عن المناجاة، ولاحظوا ذلك في أحوال بعض المعتكفين هداهم الله وأصلح بالهم، يعتكفون جماعات، فينفتح بينهم الحديث وتتسع أبوابه، بل قد يكون المعتكف مجلبة للزائرين ومكانا للتجمع مما يبعد عن هدي الاعتكاف وحكمته، يقول الحافظ ابن القيم: "كل هذا تحصيل لمقصود الاعتكاف وروحة عكس ما يفعله الجهال من اتخاذ المعتكف موضع عشرة ومجلبة للزائرين وأخذهم بأطراف الحديث بينهم، فهذا لون والاعتكاف النبوي لون آخر". وفي هذا يقول بعض الحكماء: "إذا أردت أن يعتزلك الناس فدع الحديث معهم، فإن أكثر مواصلة الناس بينهم بالكلام، فمن سكت عنهم اعتزلوه"."
بالطبع الاعتكاف المعروف فى المساجد العامة هو عصيان لقوله تعالى :
" ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد"

فالنساء لا يتم جماعهن فى المساجد العامة وإنما فى حجرات الزوجية المقفلة وهو ما يعنى أن الاعتكاف يكون فى حجرات الزوجية أى النوم فى البيوت
وتحدث عن إصلاح النفوس والمجتمع فقال :
"معاشر المسلمين، هذه إشارات ووقفات لما قد تكون عليه هذه الشهادات في أحوال بعض الصائمين والمتعبدين، ((يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر)).
أيها المسلمون، هل ندرك ونحن نتأمل هذه الشهادات الرمضانية أننا أصبحنا في أمس الحاجة إلى التغيير وأننا لا نزال يملؤنا التفاؤل بغد أفضل وواقع أمثل. إن وسائل العلاج وأدوات النجاح ليست عنا ببعيد، فنحن أمة القرآن وأمة محمد ، أمة هذا الشهر الكريم الشاهد، ونحن الأمة الشاهدة.
منهج التغيير والإصلاح يتمثل في هذه الآية الكريمة الجامعة: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وفي النداء الرمضاني الصادح: ((يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر)).
ليس الإصلاح بالاكتفاء بالنقد والتلاوم وتحويل المسؤولية على الأعداء والخصوم، إن على المسلم الصادق الجاد المحب الخير لنفسه وصادق الغيرة على أمته أن يتقي الله ربه ويدرك الغاية من هذه الحياة والوظيفة في هذه الدنيا، فيحفظ وقته ويستغل شريف أيامه وفاضل أوقاته وينطلق نحو التغيير والإصلاح، فيعيش حياة جادة حازمة متوازنة، فلا يغرق في المباحات على حساب الفرائض والواجبات، كما يجب ترويض النفس وتدريبها على ملازمة الأعمال الصالحة وتحري السنة وصدق المتابعة لهدي المصطفى ."
والحقيقة أن القول يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر ليس نداء رمضانيا وإنما هو أمر يومى للناس فى كل يوم فالطاعة لا تحتص برمضان وإنما هى مطلوبة فى كل يوم
وتحدث عن الاجتهاد فى العشر الأواخر من رمضان فقال :
"أيها الإخوة المسلمون، إن هذه العشر الأخيرة فرصة حقيقية لاختبار النفس في التغيير نحو الأفضل والأحسن. ليس من الصعب بتوفيق الله وعونه تغيير النفس وقطعها عما اعتادته لمن أخلص نيته وصدق في عزيمته، يقول المنذر بن عبيد: تولى عمر بن عبد العزيز بعد صلاة الجمعة فأنكرت حاله في العصر.
وإن من الدلائل على التغيير ومظاهر الهمة وقوة العزيمة وضبط الإرادة في هذا الشهر شهر الصبر الاجتهاد في العمل والإحسان في هذه الأيام العشر تأسيا بالقدوة والأسوة نبينا محمد ، فقد جعل رمضان كله فرصة للاجتهاد، كما خص العشر باجتهاد، تقول عائشة: كان رسول الله يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وكان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها.
وتسمو الهمة ويتجلى التوجه نحو التغيير حينما يجتهد العبد ليفوز بإدراك ليلة القدر، فيعمل ويتحرى، فتسمو النفس وتعلو الرغائب للوصول إلى أسمى المراتب وأعلى المطالب؛ توبة وإقلاع وعزم على الإصلاح والإحسان، وتأملوا هذا الحديث العظيم وما فيه من الحث ووقفات المحاسبة: ((رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ فلم يغفر له))."
والأحاديث المذكورة لا تصح فالمسلم يجتهد يوميا فى الطاعة وليس فى رمضان فقط أو فى أواخره فكل أيامنا هى أيام اجتهاد لا نفرق بين أحد منها ولكن الظروف هى التى قد تفرض علينا الاكثار من الاجتهاد ,أهمها اعتداء الأعداء على المسلمين وقيام المجاهدين بردهم فالجهاد هو أفضل العمل ومهما أكثرنا من الصالحات ألأخرى يبقى الجهاد ولو مرة فى العمر أفضل كل الأعمال الأخرى الزائدة التى يعملها القاعدون عن الجهاد كما قال تعالى :
"فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"

وتحدث عن الاكثار من الصالحات فقال :
"معاشر الأحبة، أروا الله من أنفسكم خيرا؛ صيام نهار وقيام ليل واعتكاف وقراءة قرآن وذكر وصدقات ودعاء ومحاسبة ومراجعة وندم وتوبة وعزم على فعل الخيرات، ((يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر)).
وبعد: أيها الصائمون، فلحكمة عظيمة جاءت آية الدعاء في ثنايا آيات الصيام: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ولحكمة عظيمة وسر بليغ ختمت آيات الصيام بهذه الآية الواعظة: تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون "
ورغم أنه عن تحدث عن حكم الآيات فلم يبين منها شىء ثم تحدث مرة أخرى ع الاكثار من الصالحات فى رمضان فقال:
"أما بعد: أيها المسلمون، والحديث عن الشهادة الرمضانية وفرص التغيير والإصلاح، فإن شهر رمضان موسم عظيم من مواسم الخير وزمن شريف من أزمنة النفحات، يغتنمه الأتقياء الصالحون للاستزادة من صالح العمل، ويلقي بظله الظليل على العصاة الغافلين والمقصرين فيتذكرون ويندمون ويتوبون، فالسعيد السعيد من كان شهره مجددا للعزم والطاعة وحافزا للتمسك بحبل الله وفرصة للتزود بزاد التقوى، حاديه في ذلك وسائقه همة عالية ونفس أبية لا ترضى بالدون من العزم والعمل، يقول ابن القيم رحمه الله: "إذا طلع غيم الهمة في ليل البطالة وأردفه نور العزيمة أشرقت أرض القلب بنور ربها".
على أنه ينبغي ـ أيها المسلمون ـ لذوي الهمم العالية وطلاب الكمالات أن يعرفوا الطبيعة البشرية والضعف الإنساني، والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا "
وفي مثل هذا يقول بعض أهل العلم والحكمة: إن من الخطأ والخطل أن ينزع الرجل إلى خصلة شريفة من الخير، حتى إذا شعر بالعجز عن بلوغ غايتها انصرف عنها والتحق بالطائفة الكسولة التي ليس لها همة في هذه الخصلة ولا نصيب، ولكن الطريق الصحيح ونهج الحكمة ومنهج السعادة أن يذهب في همته إلى الغايات البعيدة ثم يسعى لها سعيها ولا يقف دون النهاية إلا حيث ينفد جهده ويستفرغ وسعه."
وهو هنا يتحدث عن عدم تكاسل المسلم عن المكرمة بالانضمام للكسالى عن الخير وأنهى الخطبة بمطالبة الحضور بتقوى الله مرة أخرى فقال :
"ألا فاتقوا الله رحمكم الله، واعلموا أن إدراك هذا الشهر والإحسان فيه نعمة عظيمة وفضل من الله كبير، لا يحظى به ولا يوفق إلا من من الله عليه بجوده وإحسانه وفتح عليه أبواب الخيرات، فتنافسوا ـ رحمكم الله ـ في الطاعات، وازدادوا من الصالحات، وجدوا وتحروا ليلة القدر، وتعرضوا لنفحات ربكم.
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وسائر الطاعات، إنه سميع مجيب."
والملاحظ أن الخطبة كمعظم الخطب فى زماننا هذا لا تعلم الناس شيئا مفصلا من الأحكام فالغرض من أى خطبة هو تعليم الناس أحكام دينهم بالتفصيل وليس الاكتفاء بتوجيهات عامة كالمطالبة بالتقوى فمثلا تحدث عن الاعتكاف فى الخطبة وكان المفروض أن يعرفه ويبين أحكامه ليعرفه للناس

الثلاثاء، 28 مارس 2023

قراءة في كتاب علاج النصوص المخالفة للعقل

قراءة في كتاب علاج النصوص المخالفة للعقل
الكتاب من تأليف محمد تقي الفقيه وهو يدور حول مخالفة بعض النصوص للعقل والحقيقة ان تلك النصوص على نوعين :
الأول النصوص التى فهمت خطأ نتيجة معانى كتب اللغة فمن المعروف أن اللفظ يكون له معانى متعددة ولكن القوم يقصرون معنى كلمات كاليد والوجه والصدر والقلب على الأعضاء الجسدية ومن هنا فهمت الآيات المتعلقة بيد الله ووجهه وغير ذلك فهما مخالفا للعقل
الثانى النصوص التى تخالف العقل بالفعل
وقد قسم الفقيه أنواع النصوص لثلاثة أنواع فقال :
"النوع الأول
وهو على ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: الآيات والأحاديث الظاهرة في تجسيم الصانع وتحديده.
الصنف الثاني: الآيات والأحاديث الظاهرة في كون الإنسان غير مختار في أفعاله.
الصنف الثالث: الآيات والأحاديث الظاهرة في صدور الذنوب والمعاصي من الأنبياء.
ولا ريب عند الشيعة والمعتزلة، وجميع علماء المسلمين المحققين من سائر أهل المذاهب الإسلامية في تنزيه الصانع عن الجسمانية، وفي عدم جبر الإنسان في أفعاله جبرا يخرجه عن نطاق الاختيار، وفي عصمة الأنبياء"
والخطأ هنا هو عصمة الأنبياء (ص) فلا توجد عصمة بمعنى أنهم لا يرتكبون ذنوب لأن الله قال في ذنوب محمد(ص) مثلا:
" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر الله لك ما تقدكم من ذنبك وما تأخر"
وهناك عصمة من نوع أخر أعطيت لبعض الرسل(ص* دون بعض وهى العصمة من اذى الناس وقد أعطيت لمحمد(ص) وفيها قال تعالى:
" والله يعصمك من الناس"
وتساءل عن العمل بالنصوص المخالفة فقال:
هل يجب العمل بهذه النصوص؟
وبعد هذا: فهل يجب أو يجوز لنا أن نعمل بهذه الظواهر، وأن نعتقد بما نفهمه منها؟
وكيف يصح لنا ذلك مع إنكار العقول السليمة له؟
وما معنى ما اشتهر عند الفقهاء من أن كل ما حكم به الشرع حكم به العقل ولا عكس؟
وما هو المقصود من تلك الآيات والأحاديث؟
الجواب الإجمالي عن ذلك:
هو أن كل ما ورد من هذا النوع، يجب تأويله، وإرجاعه إلى جهة يقبلها العقل، وتساعد عليه قواعد الاستظهار، ولا يجوز الاعتقاد بهذه الظواهر، ولا الاستسلام لها، لأن الشرائع السماوية نفسها لا ترضى بذلك لأمور كثيرة:
منها: النصوص الكثيرة المخالفة لهذه الظواهر، وهي بعد وضوحها وظهورها واعتضادها بحكم العقل، تكون هي المعتمدة.
ومنها: أن الشريعة في أصولها الأولية، تعتمد على العقل، وتستند إليه، فكيف يمكن أن يكون فيها ما يخالفه! فإن العقل هو المدخل الأول، الذي نلج منه لمعرفة الله سبحانه، ولمعرفة وجه الحاجة إلى الأنبياء، ولمعرفة وجوب عصمتهم، ولوجوب تصديقهم والعمل بأوامرهم ونواهيهم، ولولا استقلال العقل بذلك كله، لاستحال علينا الاقتناع والإقناع بهذه الأمور عن طريق السمع، لما في ذلك من الدور الواضح، الذي يدركه كل من أوتي قليلا من العلم والمعرفة والإدراك."
الرجل هنا يقول بالتأويل والحقيقة أن تلك النصوص لا تحتاج للتأويل لأن التعارض أو المخالفة إنما جاءت من اللجوء لكتب اللغة ومعانيها وهى كتب ألفت بعد نزول القرآن بقرون ومع هذا حكمها القوم في تفسير النصوص
فمثلا مع أنهم يعلمون أن العين تطلق على أمور متعددة منها العين الباصرة ومنها العين بمعنى النهر أو فإنهم صدقوا مثلا أن الأعين في الله تعنى العين الباصرة مع وجود نص صريح يمنع أى فهم عضوى يشابه الخالق فيه المخلوق وهو قوله تعالى :
" ليس كمثله شىء"
‘ذا المشكلة ليست في تعارض النصوص مع العقل وإنما المشكلة في التفسير الخاطىء للنصوص
وتحدث عن مكانة العقل فقال :
هذا مضافا إلى النصوص الواردة عن أهل البيت الدالة على أن العقل يسير مع الشريعة والشريعة تسير معه.
ومنها: (أول ما خلق الله العقل ثم قال له: أقبل، فأقبل، ثم قال له: أدبر، فأدبر، فقال سبحانه: وعزتي وجلالي، ما خلقت خلقا أحب إلي منك، بك أثيب وبك أعاقب!) "
والحديث مخالف لكتاب الله فأول ما خلق الله هو الماء كما قال تعالى:
"وجعلنا من الماء كل شىء حى"
وقال :
"ومنها: ما ورد عن الإمام الكاظم وفيه: (إن لله على الناس حجتين: حجة ظاهرة، وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة وأما الباطنة فالعقول) فالحجة من داخل هي العقل، والحجة من خارج هو الرسول، فالعقل رسول داخلي، والرسول عقل خارجي."
وبالقطع الحجة واحدة وهى رسالة الرسل(ص) وهى حجة الله كما قال:
"رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل"
والعقل إنما هو فاهم للشرع مطبق له وليس حجة
وتحدث عن النوع الثانى من ألأمور المتعارضة مع العقل فقال :
"النوع الثاني
الأخبار المروية في كتب الحديث، وكتب الفضائل، وقصص الأنبياء، والمرغبات، والمخوفات،
ولا سيما المروي منها في الكتب التي يؤلفها السذج والبسطاء من المؤمنين المتشبهين بالعلماء، فإن فيها من المبالغات والأمور البعيدة عن الوقوع ما لا يحصى، وقد يوجد شيء من ذلك في الكتب التي صنفها المحققون الأثبات.
نظير ما ورد في وصف سد يأجوج ومأجوج، وأنهم ما زالوا يلحسونه بألسنتهم كل ليلة حتى يصبح بحجم الورق، فإذا أعيوا قالوا: نتمه صباحا، فإذا ناموا وأصبحوا عاد كما كان .
ومنها: أن أحدهم يفترش بإحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى
ومنها: القصص المتعلقة بـ (عوج بن عناق)
ومنها: ما وقع على أيدي الأولياء من الأمور العجيبة الغريبة إلى غير ذلك مما لا يحصيه أمثالنا.
فهل يجب علينا التصديق بذلك أو لا؟
والجواب: لا يجب التصديق، لأن هذه الأخبار كلها أخبار آحاد وهي ظنية السند، وهذا الصنف إذا كان مخالفا لحكم العقل، لا يجوز الاعتماد عليه، ولا الركون إليه، وإن كان رواته من الثقات، فضلا عما إذا كانوا من المجاهيل والضعفاء، فكيف إذا كان رواته كلهم من المجاهيل أو كان من المراسيل، وذلك لأن الدليل الدال على حجية خبر الواحد الموثوق به، مختص بخبر الواحد المتعلق بالأحكام الشرعية، كما هو المعروف في كتب الأصول، وأما أخبار الآحاد المتعلقة بأصول الدين وشؤونها وأخبار الآحاد المتعلقة بالموضوعات فهي باقية على أصالة عدم الحجية، وتبقى داخلة في عموم الآيات الكريمة، الناهية عن العمل بالظن، كقوله تعالى {ولا تقف ما ليس لك به علم} وكقوله تعالى {إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس} وكقوله تعالى {وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا}
ولا ريب أن خبر الواحد ليس علما، فيدخل في المنهي عنه بقوله تعالى {ولا تقف ما ليس لك به علم}، ولا ريب أنه ظن، فيدخل في اتباع الظن المذموم في قوله تعالى {إن يتبعون إلا الظن}، وأوضح من ذلك كله أنه سبحانه جعل الظن مقابلا للحق في قوله {وإن الظن لا يغني من الحق شيئا}، ولا ريب أن ما يقابل الحق هو الباطل.
ويتحصل من ذلك كله، أن اتباع الظن إذا لم يقم على حجيته دليل خاص، يكون العمل به منهيا عنه، ويكون العامل به مذموما، ويكون العمل به من الباطل، هذا كله بالنسبة للأخبار.
وهذا كله بخلاف الآيات الكريمة، والأحاديث المتواترة، التي هي في معناها، فإنه يجب قبولها والاعتناء بها، وأخذها بعين الاعتبار، لأن القرآن الكريم مقطوع الصدور، والمتواتر مثله، فهما إذن شيء ثابت عن الله وعن رسوله، ومن أجل ذلك وعلى حسابه أسهبنا في هذا الموضوع،
ويجب أن يعرف القارئ أن المتواتر المخالف لحكم العقل قليل الوجود، حتى إننا لا نكاد نعرف له مثلا فيما نحن فيه. وإنما هو مجرد فرض."
وكلام الفقيه هنا صحيح فالأخبار ظنية وحتى المتواتر منها وهو ما أخطأ فيه قد يعارض وحى الله وقد يعارض بعضه بعضا كحديث الإسراء وحديث الصلوات الخمس
وتحدث عن اتفاق الشرع والعقل فقال :
"قاعدة كل ما حكم به الشرع حكم به العقل، ولا عكس هذه القاعدة مشهورة بين الأصوليين والفقهاء، وهي قاعدة صحيحة، غير أنها مفتقرة إلى التوضيح، فنقول:
المستقلات العقلية
العقل له أحكام يستقل فيها، تسمى "المستقلات العقلية"، بعضها يرتبط بالدين، وبعضها لا علقة للدين به.
أما ما لا علقة للدين به، فهو مثل حكم العقل بأن الكل أعظم من الجزء، وبأن النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان ... وما أشبه ذلك، وعدم ارتباطها بالدين واضح.
وأما ما له علاقة بالدين، فهو مثل حكمه بوجود الصانع، وبالحاجة إلى الأنبياء، وبوجوب عصمتهم، وبوجوب إطاعة أوامرهم ونواهيهم، وما أشبه ذلك، فإن هذه الأمور كلها من المستقلات العقلية، وهي أساس الأديان، ولا يمكن إثباتها من طريق السمع إلا على وجه دائر.
فإذا ورد الأمر بها في الشرع، كان أمرا بما أمر به العقل، ولكن أمر الشارع بها يكون أمرا إرشاديا لا مولويا، ومعنى ذلك أن الشارع يرشد المخاطبين إلى العمل بما حكم به العقل، ولا يمكن أن يكون مولويا إلا على وجه دائر، كما هو واضح عند أهل العلم.
ومن ذلك قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله}
وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول}
وقول تعالى: {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى}
وإنما كانت هذه الأوامر إرشادية، لأننا قبل الإيمان بالله ورسوله، وقبل الاعتقاد بعصمة الأنبياء ووجوب إطاعتهم، لا نستطيع التصديق بأن هذا الكلام صادر عن الله سبحانه، لأن الاعتقاد بصدوره عنه متوقف على الاعتراف بذلك كله بالضرورة,
وقد ظهر من هذا معنى قولهم (ولا عكس)، الراجع إلى قولنا: (وليس كل ما حكم به العقل حكم به الشرع).
هذا كله بالنسبة للأحكام العقلية.
الأحكام الشرعية
وأما الأحكام الشرعية، فإنها بيد الشارع رفعا ووضعا، لا يشاركه في ذلك غيره، والعقل نفسه لا يتدخل فيها، لأنها ليست من شؤونه ولا من صلاحياته.
غاية الأمر، أن العقل هو الذي يلزم المخاطبين بها بإطاعتها، وبهذا اللحاظ يصح أن نقول: كل ما حكم به الشرع حكم به العقل، ويكون المقصود من حكم العقل به متابعته له فيما حكم به، وليس المقصود منه أن العقل يحكم على ذات الموضوع بحكم مماثل لحكم الشرع.
ولا يخفى أن العقل إنما يتبع الشرع إذا كان ما حكم به الشرع لا يناقض حكم العقل، فلو فرض -محالا- أن الشرع حكم بحكم يناقض حكم العقل لم يحكم العقل بوجوب اتباعه لأنه يكون قد خالف نفسه، ومن المعلوم أن أحكام العقل دائما تكون مبينة لا إجمال فيها ولا خفاء، لأنه لا يحكم إلا بعد إدراك مناطات حكمه إدراكا كاملا، ومن المعلوم أيضا أن الشريعة لا تحكم بحكم يناقض حكم العقل.
وبهذا اللحاظ، كان العقل واحدا من الأدلة الأربعة، ولا يخفى أن جميع الأحكام الشرعية المعروفة ليس للعقل حكم واضح على خلافها، والناس عندما لا يدركون الحكمة منها، ولا يجدون من يقنعهم، يسمونها مخالفة للعقل، مثل ترخيص الرجل في الزواج بأكثر من واحدة، ومثل توريث الذكر أكثر من الأنثى في أكثر موارد الإرث.
ولكن هذا لا يسمى مخالفا لحكم العقل، لأن العقل ليس له في هذه الأمور أحكام يستقل فيها، نعم هي أحكام لم يدرك شطر من العقلاء وجه الحكمة فيها، ولكن المحققين قد أدركوا لها حكما كثيرة، وقد استعرضنا شطرا منها في كتاب فلسفة التشريع الإسلامي الذي هو جزء من كتابنا (حجر وطين).
ثم إن الشرع والعقل متفقان على اشتراط القدرة في التكليف، ولذا جعلها الفقهاء من الشروط العامة له، ويتفرع على ذلك اشتراط كون المخاطب بالتكليف قادرا، واشتراط كون ما خوطب به مقدورا، بمعنى كونه ممكنا، وذلك لاستحالة توجه إرادة العاقل إلى تحصيل الممتنع بالذات أو بالعرض، ولقبح تكليف العاجز."
بالقطع الشرع شىء والعقل شىء أخر فالعقل هو فهم الشرع كما أراد الله فليس للعقل دور أيا كان في التشريع فمن التشريع تأتى القواعد التى يعما بها العقل فالعقل مهما بلغ شأوه لا يمكن أن يكون له دور غير دور فهم التشريع لأن القواعد العقلية للفهم مبنية على القواعد التشريعية
كمثال لا يمكن للعقل أن يفرق مثلا بين ذبح الأنعام وذبح حيوانات غيرها فكله عنده ذبح دون أن يعود للشرع الذى أحل الأنعام ولم يحل بقية الحيوانات
وكمثال أخر لا يمكن أن يفرق مثلا بين الوضوء وبين الاستحمام دون أن يعود للشرع الذى جعل الوضوء لمن لم يجامع وجعل الاستحمام وهو الاغتسال لمن جامع حقا أو في الحلم
وكمثال أخر لن يعرف العقل الفرق بين زواج الأختين وحرمته إلا من خلال الشرع
وكذلك لن يفرق بين حرمة زواج الأم والأخت والعمة والخالة وبين اباحة زواج النساء الأخريات
وتحدث عن الدلالة المعنوية للألفاظ فقال :
"دلالة الألفاظ على معانيها ظنية
إذا عرفت هذا فاعلم، أن دلالة الألفاظ الواردة في الجمل الكلامية على معانيها كلها ظنية، ما عدا النص (ويقصد به ما لا يحتمل الخلاف)، والنص قليل الوجود، بل أنكره المحققون حتى بالنسبة للأعلام الشخصية، وذلك لكثرة المجاز والحذف والاستعارات في اللغة العربية.
فإذا قال القائل: أمر الملك ببناء مدرسة، كان ظاهرا في صدور هذا الأمر من الملك نفسه، ولكن هذا الظهور لا يوجب الجزم اليقيني بذلك في نظر العقلاء، ولا سيما بعد كثرة تقرير الوزراء والخبراء وتخطيطهم بالنسبة للأمور المعهود بها إليهم ونسبتها للملك، هذا مضافا إلى أن الظهور بطبعه لا يفيد أكثر من الظن، لأن السامع يحتمل أن يكون الكلام مبنيا على حذف مضاف، تقديره: أمر وزير الملك، أو زوجته، أو من فوض ذلك إليه، ولذا قال النحويون: إذا قال القائل: جاء زيد، احتمل السامع أن يكون الجائي عبده أو رسوله، فإذا أكده بالنفس، وقال: جاء زيد نفسه، دل على أن الجائي هو نفسه، لا عبده ولا رسوله، وهذه أمور مفروغ عنها عند العارفين بأساليب اللغة، فضلا عن المتخصصين بها، المحيطين بأسرارها."
وهذا الكلام صحيح فيما نحن فيما ولكن الشرع معانيه يقينية لأن الله لم يدع للبشر فرصة لتفسيره وبيانه وإنما هو من أنزل الوحى الثانى وهو البيان أى الذكر لبيان الوحى الأول وهو القرآن فقال :
"وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم"
وسماه الله البيان فقال :
"إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه"
ثم تحدث عن حكم الظاهر المخالف للعقل فقال :
"حكم الظاهر المخالف للعقل
بعد هذا كله نعود لما نحن بصدده، ونقول:
لا ريب في ظهور الألفاظ بدوا في معانيها التي وضعت لها، ولا ريب أن هذا الظهور لا يفيد أكثر من الظن، ولا ريب في استقرار طريقة العقلاء على الالتزام به، والعمل بمقتضاه، ولا ريب أن الشارع قد أقرهم على ذلك.
وإذا كان الدليل الذي دل على حجية ظاهر الأدلة الشرعية، هو استقرار طريقة العقلاء على الأخذ بظواهر الكلام، وتقرير الشارع لهم، وجب علينا -قبل كل شيء- أن نعود لطريقة العقلاء، ونأخذ بما يأخذون به من تلك الظواهر، ونعرض عما أعرضوا عنه.
ولا ريب أن العقلاء لا يرتبون آثار تلك الظواهر، ولا يأخذون بها إذا كانت غير معقولة.
وعلى هذا الضوء، يتأول جميع المفسرين، ويتبعهم العلماء والعقلاء وأرباب اللغة العربية، قوله تعالى: {واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون}، ويقولون: المراد من القرية، بمقتضى دلالة الاقتضاء : أهلها مجازا، بعلاقة الحال والمحل، والمراد من العير أصحابها مجازا بعلاقة المالك والمملوك، أو أن الكلام فيهما مبني على حذف مضاف تقديره: واسأل أهل القرية وأصحاب العير.
وذلك، لأن حكم العقل بعدم قابليتهما للسؤال والجواب، يكون قرينة على أنهم لا يريدون سؤال نفس القرية ونفس العير، وبعد كونهم في مقام الاستشهاد على صحة دعواهم، فلا بد أن يكونوا قد أرادوا ما يصلح للشهادة، وليس هو في مثل المقام إلا أهل القرية وأصحاب العير.
وقد تحصل من هذا:
أن كلام الحكيم يحمل على ظاهره، ما لم يقترن بقرينة عقلية أو لفظية، أو مقامية، تدل على خلاف ذلك الظاهر، فإنه حينئذ يجب رفع اليد عن ذلك الظاهر.
ثم: إذا (كان هناك قرينة على خلاف الظاهر)، و كان ثمة قرينة أخرى تعين المراد، تعين، وإلا كان الكلام مجملا، لتعدد المعاني المجازية، وعدم قيام قرينة على تعيين إحداها.
والقول بتعين أقرب المجازات للمعنى الحقيقي، لا دليل عليه، لأن المدار على الظهور، والأقربية لا توجب الظهور، لأن الظهور نتيجة حاصلة من كثرة استعمال اللفظ في المعنى كثرة توجب فهم المخاطبين أو السامعين منه ذلك المعنى بمجرد سماعه.
وبعبارة ثانية: كثرة توجب أنس اللفظ بالمعنى وأنس المعنى باللفظ، حتى يصبحا كأنهما شيء (واحد)، ومن أجل ذلك يسري قبح المعنى وحسنه إلى اللفظ، كما هو المشاهد المحسوس، فلفظ "ورد" حسن، لأنه اسم لشيء حسن، ولفظ "القذر" قذر لأنه اسم لذات القذر.
ثم لا يخفى أن القرينة الصارفة عن المعنى الحقيقي تسمى قرينة معاندة، وإذا فهم منها المقصود كانت معينة أيضا، وإذا فهم من غيرها سمي ذلك الغير قرينة معينة، فالمجاز بطبعه ملزوم لقرينتين، إحداهما معاندة، وهي لازم غير مفارق، والأخرى معينة وهي لازم مفارق، ومن ثم قال علماء البيان: المجاز ملزوم لقرينتين: صارفة ومعينة، وقد تقوم قرينة واحدة بكلا الأمرين.
ومما لا ريب فيه عندهم، أن القرينة العقلية أقوى في الصارفية من غيرها، لأن القرينة العقلية بمنزلة النص في الوضوح والجلاء، بخلاف القرينة الكلامية والمقامية، لأنهما لا تخلوان من احتمال الخلاف.
ثم إنه لو فرض تساوي الظهورين في القرينة وذيها، كان الكلام مجملا، لأن المقصود من الكلام حينئذ غير واضح بنظر أهل المحاورة.
وقد قالوا: لا ينعقد للكلام ظهور ما دام المتكلم متشاغلا بالكلام، كل ذلك مراعاة لاحتمال إتمام كلامه بكلام يكون قرينة دالة على خلاف ما يظهر من أوائل كلامه.
ألا ترى: إلى ظهور قول الملاك للفلاح: اقطع كل شجرة في البستان في إلزامه بقطع جميع ما فيه من الشجر، ولكن الفلاح إذا كان يعلم بأن مقصود المتكلم المحافظة على الشجر المثمر لشدة اعتناء الملاك فيه ومحافظته عليه، لم يجز له قطع الشجر المثمر! ولا الاحتجاج بقوله الأول (اقطع كل شجرة)، ومثل هذه القرينة تسمى قرينة مقامية، وتسمى لبية أيضا.
وأما إذا قال: اقطع كل شجرة في البستان لأنها مضرة بغيرها، فإن هذا الكلام يكون قرينة لفظية.
ومن هذا المثال يتضح لك: فعالية القرائن، في تطوير ظواهر الكلام، وتغيير اتجاهاته.
ولا يخفى أن البلغاء كانوا وما زالوا يتفاخرون بالإيجاز، وباستعمال المجازات والكنايات، والمبالغات المستملحة، وما نحن فيه منها، فكأن المتكلمين يقولون: نفس القرية والعير يشهدان بما نقول: مبالغة في وضوح المشهود به، على معنى أنها لو كانت تعقل وتنطق لشهدت بذلك، فحذف المضاف، والتجوز ليس مستحسنا للاختصار فقط، بل لما يحمله من مبالغة المدعي في وضوح دعواه
(3) القرينة العقلية هي عبارة عن أمر عقلي يمنع من الأخذ بالظاهر، كالمثال المتقدم حيث إنه يمتنع عقلا أن تشهد القرية أو العير (التحرير).
نتيجة البحث
إذا عرفت هذا، عرفت: أنه عندما يقوم الدليل العقلي على شيء، ويكون ظاهر الدليل اللفظي السمعي على خلافه، يكون الدليل العقلي قرينة على عدم إرادة ظاهر الدليل اللفظي، وحينئذ فإن ثبت له ظاهر آخر معقول تساعد عليه قواعد اللغة، وتشهد له ملابسات الكلام، على وجه يستقر له ظهور بنظر أهل المحاورة، حمل ذلك عليه، وعمل به، وإلا كان مجملا يجب الوقوف عنده."
المفترض ألا يكون الكلام عن الظاهر المخالف للعقل وإنما الظاهر المخالف للشرع فكما قلت مسبقا لا يمكن لله أن يترك للبشر تفسير كلامه ولذا حكم بالعودة إليه أى إلى تفسير الله للقرآن فقال :
"وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله"
وهو ما سماه الله أنه هداهم لأمره بعد الاختلاف فقال :
"كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين أمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه"
والمراد "فهدى الله الذين أمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه"
فإذنه هو تفسيره المبين للوحى ألأول الذى لا يدع شاردة ولا واردة إلا ذكرها تفصيلا كما قال :
" وكل شىء فصلناه تفصيلا"
فالاختلاف في الفهم ليس مرده إلى العقل ولا إلى أى شىء خارج الوحى و‘نما مرده إلى الوحى الثانى المفسر للوحى الأول وهو القرآن
وقد حفظ الله الذكر وهو التفسير افلهى فقال :
" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لحافظون"
وجعل الوحى ألأول والثانى موجودين في الكعبة الحقيقية للعودة إليهما عند اختلاف المسلمين في المراد بآية من الآيات