السبت، 31 يوليو 2021

قراءة في خطبة ( المرأة وقيادة السيارة )

قراءة في خطبة ( المرأة وقيادة السيارة )
الخطبة بالطبع في المكتبة الشاملة ليس لها قائل ولكن المعروف أنه واحد ممن يعيشون في السعودية لأن تلك المشكلة خاصة بذلك البلد وألان انتهت المشكلة بالسماح للمرأة بقيادة السيارة وتغيرت الفتاوى من معظم الشيوخ الذين كانوا يفتون بحرمة قيادة المرأة للسيارة وهو ما يؤكد ان الفتاوى لا يصدرها الشيوخ وإنما يصدرها الحكام ووظيفة شيوخ السلطان هو إيجاد المبررات
استهل الخطيب خطبته بالحديث عن أهمية المرأة ومكانتها في الإسلام فقال :
" إننا يوم أن نتحدث عن النساء فإننا نتحدث عن نصف الأمة .. بل نتحدث عن الأمة بأسرها لأنه لا يلد النصف الآخر إلا النساء .
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ، وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ، إن الله كان عليكم رقيبا)
المرأة .. أم حنونة .. وبنت مصونة .. وزوجة حصونة .. وصدق القائل
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
الأم روض إن تعهده الحيا ... بالري أورق أيما إيراق
الأم أستاذ الأساتذة الألى ... شغلت مآثرهم مدى الآفاق"
وبعد هذا الحديث دلف الرجل إلى الحديث عما يريده الكفار بنا وأنهم من يريدون إدخال عاداتهم الكفرية عندنا وكأن حكامنا لا يحكمون وليس لهم أى لزوم فقال:
"ومع تكريم الإسلام للمرأة وحفظه كرامتها وحقوقها ، فقد تعرض العالم الإسلامي خلال القرن الماضي للغزو الفكري ، وظهرت دعوات وحركات تحرير المرأة .. تلك الحركات المشبوهة التي ارتبطت بمصالح مادية وإعلامية ، وتيارات اجتماعية تعادي الدين والعقائد، وتروج للإلحاد والإباحية.
ثم تلقى هذه الدعوات بعض أبناء المسلمين ، ممن استقر في عقولهم أن التقدم العلمي والسباق التقني لن يتحقق إلا على أنقاض الفضيلة والإيمان والالتزام بأحكام الإسلام .
وتلك والله الهزيمة النفسية والانكسار الداخلي ، الذي يفقد الإنسان القدرة على التمييز بين الحق والباطل .
أدعياء تحرير المرأة لا ينفكون عن الدندنة حول قضاياها..والتمسح بهمومها..وسفك دموع التماسيح على حقها المسلوب..وهويتها المفقودة..وكثيرا ما يرددون عبارات براقة ، ومصطلحات مختزلة.. كقولهم: المرأة نصف المجتمع..نصف المجتمع معطل..المجتمع يتنفس برئة واحدة."
وهذا الحديث هو حديث باطل فأى عادة من عادات الكفار تدخل عن طريق سماح الحكام بها فهم من يدخلون الأجانب بلادنا وهم من يدخلون كتبهم وغيرها بلادنا وهم من يشرعون التشريعات المبيحة لتلك العادات والناس كالأنعام تستجيب باعتبار الحكام أولياء الأمر وليسوا من ضمن اعداء الأمة
وتحدث الرجل عن حكاية نصف المجتمع عن كون جملة المرأة نصف المجتمع كلمة باطلة مع أنه اعترف بصحتها في أول الخطبة فقال: فإننا نتحدث عن نصف الأمة" وعاد أيضا فنقضها في نفس السطر كما نقضها هنا بادعاء أنها كل المجتمع فقال:
وهذه كلمة حق ناقصة..أريد بها باطل محض..! فالمرأة لم تكن نصف المجتمع الإسلامي.. بل هي المجتمع كله.. وكيف لا تكون المجتمع كله وهي صانعة الرجال..وملهمة الأبطال..والواقفة خلف العظماء.. نعم المرأة هي المجتمع كله.. شريطة أن تؤدي دورها الذي ارتضاه لها مولاها."
وهذا الكلام هو كذب محض منه فلا يمكن أن تكون المرأة كل المجتمع وإلا أين الرجال وأيضا لو صدقناه لكان الخطيب هو الأخر من النساء
وحدثنا عن أن دعاة الغرب يزعمون انهم يريدون تحرير المرأةولكنهم كاذبون وفى هذا قال:
"يزعم هؤلاء الأدعياء أنهم يدعون إلى تحرير المرأة ، والواقع أنهم يدعون إلى تحرير الوصول إلى المرأة .
والمصيبة أنك لو نظرت في أحوال كثير من هؤلاء الكتاب وجدت أنهم من ذوي الانحراف الفكري أو السلوكي .
ففي قضايا الدين تجد أنهم أعداء كل دعوة خير وداعيها.. وإذا استعرضت كتاباتهم وأحاديثهم ، وجدت أن عدوهم: الحسبة ورجال الهيئة أو العلماء والدعاة والمتدينون .. يتصيدون أخطاءهم .. ويتلمسون هفواتهم بالمجهر.
أيها المؤمنون .. لا يخفى عليكم ما تردد مؤخرا من الدعوة إلى قيادة المرأة للسيارة ، وتقديم هذه القضية مقترحا لمجلس الشورى ، واعتبار أن المعارضين لها يمارسون نوعا من الإرهاب الفكري .
وعلى الرغم من فساد هذه الدعوة الشاذة ، والمفاسد المترتبة عليها ، فإن مما يؤسف له أنه قد فرح بها بعض الكتاب ، ووصفوها بالخطوة الجريئة الشجاعة ، حتى إن بعض رسامي ما يسمى بالكاريكاتير تهكموا بالذين يرفضون هذه الفكرة وصوروا اعتراضهم بأنه ضرب من التشدد الذي يرفضه المجتمع .
ونحن في هذا المقام من منبر الفضيلة ، منبر محمد - صلى الله عليه وسلم - لا نجد بدا ولا عذرا من أن نقول في هذه القضية ما ندين الله تعالى به ، إبراء للذمة ، ونصحا للأمة ، وحبا لهذه البلاد ، وحفاظا على أمنها ، بعيدا عن العنف والتشنج ، أو الخوض في ذوات الأشخاص ، أو الدخول في النوايا والمقاصد .
أيها المؤمنون : يجب أن نعلم أنه من الخطورة والفتنة بالمجتمع أن يفتي في مثل هذه المسائل الحساسة كل من هب ودب ، بل الواجب الرجوع فيها لولاة الأمر من الأمراء والعلماء ، وبهذا تنجو سفينة المجتمع .. قال تعالى: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ، ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) .
والذين يستنبطونه هم العلماء الذين تصدر الأمة عن رأيهم .. علماؤنا الراسخون الذين قل أن نجد لهم نظيرا في هذا الزمان، رحم الله الأموات منهم وحفظ الأحياء وبارك فيهم."
وما قاله الخطيب في الفقرة السابقة هو كلام بلا أدلة فبدلا من الحديث عن أدلة الحرمة أو الإباحة يكلمنا كلاما القصد منه التهويل وتخويف المجتمع من الأمر
وذكر الخطيب ما سماه اقوال العلماء والعقلاء وهو كلام مبنى على شىء واحد وهو وجود مفاسد كثيرة وفى هذا قال :
"وقد أطبقت أقوال علمائنا الكبار وعقلاء المجتمع على تحريم قيادة المرأة للسيارة نظرا لما يترتب عليها من مفاسد كثيرة .
قال سماحة الإمام عبد العزيز بن باز(فقد كثر حديث الناس عن قيادة المرأة للسيارة ، ومعلوم أنها تؤدي إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها ، منها : الخلوة المحرمة بالمرأة ، ومنها : السفور ، ومنها : الاختلاط بالرجال بدون حذر ، ومنها : ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور ، والشرع المطهر منع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة ، وقد أمر الله جل وعلا نساء النبي ونساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت ، والحجاب ، وتجنب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي إليه ذلك كله من الإباحية التي تقضي على المجتمع ، قال تعالى : { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله } الآية)) [ثم ساق رحمه الله عددا من الأدلة] .
وقد ناقش فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين هذه المسألة نقاشا هادئا شافيا ، ليس بعده مطلب لطالب الحق المتجرد عن الهوى .
فقد سئل الشيخ السؤال التالي : ))أرجو توضيح حكم قيادة المرأة للسيارة، وما رأيكم بالقول: إن قيادة المرأة للسيارة أخف ضررا من ركوبها مع السائق الأجنبي؟ ((.
فأجاب الشيخ بما مفاده : الجواب على هذا السؤال ينبني على قاعدتين مشهورتين بين علماء المسلمين:
القاعدة الأولى : أن ما أفضى إلى المحرم فهو محرم.
القاعدة الثانية : أن درء المفاسد - إذا كانت مكافئة للمصالح أو أعظم - مقدم على جلب المصالح.
[ثم قال الشيخ :] وبناء على هاتين القاعدتين يتبين حكم قيادة المرأة للسيارة . فإن قيادة المرأة للسيارة تتضمن مفاسد كثيرة .
فمن مفاسدها: نزع الحجاب ، لأن قيادة السيارة سيكون بها كشف الوجه الذي هو محل الفتنة ومحط أنظار الرجال .
وربما يقول قائل: إنه يمكن أن تقود المرأة السيارة بدون نزع الحجاب بأن تتلثم المرأة وتلبس في عينيها نظارتين سوداوين.
والجواب على ذلك أن يقال: هذا خلاف الواقع من عاشقات قيادة السيارة، واسأل من شاهدهن في البلاد الأخرى، وعلى فرض أنه يمكن تطبيقه في ابتداء الأمر فلن يدوم طويلا، بل سيتحول - في المدى القريب - إلى ما عليه النساء في البلاد الأخرى .
ومن مفاسد قيادة المرأة للسيارة : نزع الحياء منها، والحياء من الإيمان - كما صح ذلك عن النبي .
ومن مفاسدها: أنها سبب للفتنة في مواقف عديدة:
في الوقوف عند إشارات الطريق. . في الوقوف عند محطات البنزين. . في الوقوف عند نقطة التفتيش. . في الوقوف عند رجال المرور عند التحقيق في مخالفة أو حادث. . في الوقوف لملء إطار السيارة بالهواء .. في الوقوف عند خلل يقع في السيارة في أثناء الطريق .
ومن مفاسد قيادة المرأة للسيارة: كثرة ازدحام الشوارع .
ومن مفاسد قيادة المرأة للسيارة :كثرة الحوادث؛ لأن المرأة بمقتضى طبيعتها أقل من الرجل حزما. وأقصر نظرا وأعجز قدرة، فإذا داهمها الخطر عجزت عن التصرف.
وأما قول السائل: (وما رأيكم بالقول: إن قيادة المرأة للسيارة أخف ضررا من ركوبها مع السائق الأجنبي؟ ) فالذي أرى أن كل واحد منهما فيه ضرر، وأحدهما أضر من الثاني من وجه، ولكن ليس هناك ضرورة توجب ارتكاب أحدهما.
قال الشيخ : واعلم أنني بسطت القول في هذا الجواب لما حصل من المعمعة والضجة حول قيادة المرأة للسيارة والضغط المكثف على المجتمع السعودي المحافظ على دينه وأخلاقه ليستمريء قيادة المرأة للسيارة ويستسيغها. وهذا ليس بعجيب لو وقع من عدو متربص بهذا البلد الذي هو آخر معقل للإسلام يريد أعداء الإسلام أن يقضوا عليه، ولكن هذا من أعجب العجب إذا وقع من قوم من مواطنينا ومن أبناء جلدتنا يتكلمون بألسنتنا، ويستظلون برايتنا، قوم انبهروا بما عليه دول الكفر من تقدم مادي دنيوي ، فأعجبوا بما هم عليه من أخلاق تحرروا بها من قيود الفضيلة إلى قيود الرذيلة وصاروا كما قال ابن القيم في نونيته:
هربوا من الرق الذي خلقوا له وبلو برق النفس والشيطان
وظن هؤلاء أن دول الكفر وصلوا إلى ما وصلوا إليه من تقدم مادي بسبب تحررهم هذا التحرر؛ وما ذلك إلا لجهلهم أو جهل الكثير منهم بأحكام الشريعة وأدلتها الأثرية والنظرية، وما تنطوي عليه من حكم وأسرار تتضمن مصالح الخلق في معاشهم ومعادهم ودفع المفاسد . فنسأل الله تعالى لنا ولهم الهداية والتوفيق لما فيه الخير والصلاح في الدنيا والآخرة . انتهى ملخص كلام العالم الناصح محمد بن عثيمين رحمه الله .
ألا فليتق الله كل مسلم غيور على دينه ، غيور على هذه البلاد المباركة ، وأمنها ، وصلاح أهلها .
وعلينا جميعا ، عامة وخاصة ، أن ننطلق في إصلاح أحوالنا من كتاب ربنا وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - .. ولنعلم أنه لا خيار لنا في ذلك .. (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلالا مبينا) "
الفتاوى التى ذكرها الخطيب لا يوجد بها نص واحد أو حتى رواية تستعمل كدليل على الحرمة واستند الفقيهين إلى أن ما أفضى إلى المحرم فهو محرم وهذا يعنى أن يقطع الرجل قضيبه لأنه يؤدى للزنى ويفقع عينيه لأنه يؤدى للنظر المحرم ويقطع لسانه لأنه يتكلم به السوء وهو محرم وايضا تقطع المراة مهبلها لأنه يستعمل في المحرم وهو الزنى وتقطع وجهها لأنه يؤدى للمحرم وهو فتنة الرجال
إنها قاعدة فاسدة ما انزل الله بها من سلطان
وأما أن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح فهى قاعدة يقول بها من لا يفهم أنه بهذا يحرم الجهاد لأن الجهاد سبب من اسباب الفساد الكبرى من تخريب العمار وقتل الناس وجرحهم وهذه القاعدة هى عينها ما قالته اليهود عن أن المسلمون مفسدون بقطعهم الشجر في الحرب ونزل قول الله مبينا أن القطع والتدمير مباح في حالة الحرب وفى هذا قال سبحانه:
" ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله"
ثم قال الخطيب :
"فقد ذكر بعض الناس هداهم الله بعض المبررات الاجتماعية والاقتصادية لقيادة المرأة السيارة ، كقولهم : إن منع المرأة من قيادة السيارة يكلف المجتمع مبالغ مالية تدفع للسائقين المستقدمين ، علاوة على ما يسببه السائقون من كثرة وقوع الحوادث ، وأن المرأة تقود السيارة في الدول الأخرى ولم تتعرض للأذى ... الخ ما ذكروا .
والجواب على هذه الكلام من وجوه :
إن من الخطأ الظاهر ما يذكره بعض الناس من المنافع والمبررات لهذا الأمر، لكنهم ينسون أو يتناسون المفاسد المترتبة على هذا الأمر ، وقد قال الله تعالى في الخمر والميسر (قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس ، وإثمهما أكبر من نفعهما).
إن قياس هذه البلاد على غيرها من البلدان قياس مع الفارق ، فالعاقل يدرك ما تتمتع به هذه البلاد من خصوصية ومحافظة ، ويدرك أحوال مجتمعها ، وما يعيشه نساؤها وشبابها ، فلا يمكن أن يقال فيها ما يقال في غيرها من البلاد .
إن قيادة المرأة للسيارة لا تعني بالضرورة إلغاء السائقين، وواقع المرأة في دول الخليج يؤكد ذلك، حيث بقي السائق في كثير من البيوت التي تقود فيها المرأة السيارة .
لو سلمنا بأن منع المرأة من قيادة السيارة يكلف المجتمع مبالغ مالية تدفع للسائقين المستقدمين ، فهل خسارة المال أشد من خسارة الأعراض والإخلال بأمن الأسرة والمجتمع ؟ ولله در القائل:
أصون عرضي بمالي لا أدنسه لا بارك الله بعد العرض بالمال
إن كثرة وقوع الحوادث لا يدفعها قيادة المرأة للسيارة ، بل ربما تزيدها أضعافا ، لضعف المرأة وشدة خوفها لاسيما في المواطن المزدحمة أو الخطيرة . وفيما ذكره الله تعالى من قصة ابنتي شعيب اللتين كانتا لا تسقيان حتى يصدر الرعاء أكبر شاهد على ضعف المرأة ، ولو كان معها امرأة أخرى ، وأنها لا غنى لها عن الرجل .
إن الادعاء بوجود ضوابط لتقنين قيادة المرآة للسيارة يبطله الواقع، وما نراه في الشارع ، وما نعانيه من قيادة الشباب للسيارات ، وتسببهم في المآسي والحوادث خير دليل ذلك."
قطعا كل ما ذكره الخطيب من مبررات هو كلام بلا دليل وهوما يتنافى مع كتاب الله ومع روايات عدة بينت أن المرأة كانت تقود الدواب للسفر والعمل
ثم حدثنا عن أن عدم قيادة المرأة للسيارة هو حفاظ على مكانتها فقال :
"وأخيرا : هل في عدم قيادة المرأة للسيارة احتقار لها أو حط من قدرها؟ سبحان الله .
من هم الذين لا يقودون السيارة .. بل ويجلسون في الخلف .. ويخصص لهم سائق وسيارة؟
نعم .. إنهم الملوك والرؤساء ، والقادة والأمراء ، والشخصيات الهامة ، وقد شاركتهم المرأة السعودية ..لأنها مكرمة ..أكرمها دينها..وأعزها ورفع شأنها...وجعل والدها وأخاها..وزوجها وابنها يخدمونها.. ويرافقونها.. وستظل المرأة السعودية بإذن الله ، عزيزة مكرمة ، متى ما حافظت على دينها ، وتمسكت بأخلاقها .
نسأل الله تعالى أن يأخذ بأيدينا وولاة أمورنا للبر والتقوى ، ويرينا وإياهم الحق حقا ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ، وأن يرد ضالنا إليه ردا جميلا ، وأن يهدي كل من أراد منا الحق فلم يوفق إليه ."
قطعا يجب أن تتدرب بعض النساء على قيادة السيارات وغيرها لأن الحرب قد تحتم عليهن في يوم ما أن يقدن السيارات ويعملون في باقى أعمال الرجال وهذا من باب إعداد القوة للعدو كما قال تعالى :

"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"

الجمعة، 30 يوليو 2021

نقد كتاب أحكام الغنائم في واقعنا المعاصر

نقد كتاب أحكام الغنائم في واقعنا المعاصر
الكتاب تأليف أبي عبد الرحمن الباشا وهو يدور حول تطبيق حكم الغنيمة والفىء والنفل في عصرنا وفى مقدمته قال الباشا:
"أما بعد:
فالغنيمة والفيء والنفل مما امتن الله على أمة محمد (ص) دون غيرهم من الأمم السابقة، قال (ص): " فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأرسلت إلى الناس كافة، وختم بي النبيون " رواه مسلم.
وكانت الغنائم في الأمم السابقة تجمع فتنزل عليها نار من السماء فتأكلها، وكان هذا دليل قبولها، وكان الغلول يمنع النار من أكلها حتى يأت الغال بما غل، وإنما علم الله ضعفنا، فطيبها لنا، رحمة لنا، ورأفة بنا، وكرامة لنبينا (ص)، قال تعالى: " واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل "، وقال تعالى: " فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا "فخير الطعام وأطيبه ما غنمه المسلمون من الكفار. وقال النبي (ص): " وجعل رزقي تحت ظل رمحي " الحديث."
وما قاله الباشا عن كون الغنائم حللت في رسالة محمد(ص) وحدها كلام باطل أن الرواية باطلة فمرة ست ومرة خمس ومرة غير ذلك والخطأ فيهاأن الأرض كلها مسجد وطهور وهو ما يخالف أن الأرض كلها ليست كلها طاهرة بدليل وجود الغائط وهو مكان النجاسات فلا يتطهر بها الإنسان ولا يصلى فى مكانها وتوجد أخطاء أخرى هى اعتبار القائل المسلمين أمته وحده مع أن المسلمين عبر العصور أمة واحدة وفى هذا قال تعالى "وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون "
واستهل الباشا كلامه بوجود فرق بين الغنيمة والفىء والنفل فقال :
"ولفظ الغنيمة والفيء والنفل بينها عموم وخصوص ولكن اصطلح على تسمية الغنيمة بما أخذ من أموال الكفار المحاربين عنوة بقتال والفيء بما أخذ من الكفار المحاربين بغير قتال كصلح وأمان وغيره ومنه الجزية والخراج.
والنفل ما يعطى المقاتل من الخمس أو من الأربعة أخماس – على خلاف - فوق قسمه لحسن بلائه من إقدام ونكاية.
والسلب هو ما وهبه الإمام لمن يقتل مقاتلا من العدو عدة، وهو نوع من النقل يأذن فيه الإمام للقاتل.
وقبل بيان هذه الأحكام ينبغي أولا أن تحدد أنواع الحروب التي تجوز فيها أخذ الغنائم، وذلك للاشتباه الذي يحصل كثيرا لدى البعض، فيعتقد أن كل حرب غلب فيها يجوز له أخذ الغنائم، حتى وإن كان القتال بين المسلمين "
وما قاله الباشا عن وجود النفل والسلب باطل فليست في كتاب الله وهى تقوم على الفوضى التى قد تؤدى في النهاية بالمسلمين إلى الهزيمة نتيجة تسارع الكثير منهم نحو السلب وأحيانا تؤدى لكفرهم حيث يكذب البعض ويشهد غيره كذبا ليأخذ السلب والحرب الحالية عن طريق القصف عن بعد ويماثلها الرمى بالسهام في الماضى لاتجعل احد يعرف من قتله ممن قتله غيره
ثم حدثنا الباشا عن قتال الغنيمة وقتال غيرها فقال :
"فالقتال الذي يبيح الغنائم بلا إشكال هو قتال الكفار الأصليين المحاربين، فهذا حكمه ثابت بالنص والإجماع.
والقتال الذي لا يبيح الغنائم باتفاق هو القتال بين المسلمين المتأولين في القتال، والأصل في ذلك قتال الجمل وصفين ويلحق بالكفار من أجمعت الأمة على كفرهم من طوائف الردة، كالنصيرية والاسماعيلية والباطنية والدروز وغيرهم، فهذه طوائف كافرة مرتدة ممتنعة يجب قتالها كالكفار الأصليين وتغنم أموالهم كما تغنم أموال الكفار الأصليين المحاربين."
وقطعا تقاتل المسلمين وهو ليس في تلك الساعة تقاتل مسلمين لأن الفئة الباغية تكون كافرة حتى تعود لأمر الله ولكنه ليس فيه غنيمة او غيرها ولكن الغنيمة شرعت فى قتال الكفار المعتدين
ثم حدثنا عن توزيع الغنيمة فقال :
فإذا عرف ذلك فقد " أجمع " أهل العلم على أن أربعة أخماس الغنيمة للغانمين، وقوله تعالى: " واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه " يفهم منه أن أربعة أخماسها لهم، لأنه أضافها إليهم، ثم أخذ منها سهما لغيرهم، فبقي سائرها لهم، كقوله تعالى: " وورثه أبواه فلأمه الثلث ". وقال عمر رضي الله عنه: " الغنيمة لمن شهد الوقعة " المغني لابن قدامة"
والخطأ في الكلام هو أخذ سهم فوق الخمس من الأربعة أخماس بغير الغانمين وهوما يخالف أن الأربعة اخماس كاملة لكل من اشترك في المعارك بصورة مباشرة أو غير مباشرة والخطأ الثانى أن الغنيمة لمن حضر الواقعة وهوما يخالف ان الجيوش حاليا منها ما يكون في ميدان القتال بالفعل ومنها من لا يكون مثل من يضربون الصواريخ أو يطلقون المدفعية وغيرها من على أبعاد كبيرة فهم لا يحضرون القتال نفسه وهو الاشتباك والاستيلاء على الأرض
وحاول الباشا تعريف الغنائم فقال :
"ما هي الغنائم؟.
الغنائم هي كل ما ملكه الكفار فإنه يفيء ملكه إلى المسلمين من أرض وعقار وحيوان وذهب ونقود وسلاح وغيرها ..والجمهور على أن الأرض والعقار لا تدخل في الغنيمة، وإن انتقلت ملكيتها للمسلمين على وجه العموم. فما يدخل في الغنيمة الواجب تخميسها هو كل ما دون الأرض والعقار"
قطعا الغنيمة هى ما وجد في مكان المعركة فقط من متاع أى شىء نافع سلاح أو طعام أو مركوبات أو ذهب أو معادن كان يتحلى بها المقاتلون الكافرون وأما أملاك غير المحاربين في مدنهم وقراهم من بيوت ومتاع غيره فلا تدخل تضمن الغنيمة
وقال الباشا :
"والحاكم في الأرض والعقار مخير له حق التصرف فيهم في مصالح المسلمين، فله أن يقسمها بين الغانمين، وله أن يقر أهلها عليها بخراج أو نحوه.
وقد ورد كل ذلك عن النبي (ص)، فقد قسم (ص) وترك، وعمر والخلفاء من بعده لم يقسموا، بل أقروها على حالها وضربوا عليها خراجا مستمرا في رقبتها يكون للمقاتلة .."
وقطعا الأرض هى ملكية عامة للمسلمين لا يجوز توزيعها على بعض الأفراد لأنها ملك الكل لقوله تعالى " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون" وإنما تدار الأرض لصالح كل سكان الدولة المسلمة مسلمين وكفار دخلوا تحت حكمهم
ثم ذكر الباشا تقسيم اخر للغنائم قال فيه:
"والبعض يقسم أموال الكفار إلى قسمين:
1 - ملك للأفراد من أموال ومتاع ونقود يدخل في مسمى الغنيمة.
2 - ملك للدولة يزعم أنه مال عام للمسلمين، ويدخل فيه الأسلحة الثقيلة والخفيفة والطائرات والدبابات وغير ذلك، ويجعل هذا من المال العام لا يدخله في الغنيمة وهذا التقسيم لا أصل له فيما يظهر، وهو معارض!!
وقد تكلم أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين في مثل هذه الصورة، ووردت فيه آثار، وبحثها في باب (ما علم أنه من أموال المسلمين عند الكفار)، فقد قسموه إلى قسمين:
الأول: ما تعرف عليه صاحبه وثبت ملكه له فيعطي له قبل القسم مجانا، وإذا عرفه بعد القسم يعطى له بقيمته.
الثاني: أن لا يعرف صاحبه، فهو مجهول، فهذا يدخل في الغنيمة فيخمس ويعطى الغانمون أربعة أخماسه.
فلا اعتبار لهذا التقسيم والله أعلم.
وللقائد حق التصرف في الأرض والعقار، فهي على الراجح لا تدخل في الغنيمة، وهو قول الجمهور، ويدخل فيها جميع مرافق الدولة العامة والشوارع والأسواق وغيرها ..
أما الأسلحة فهي من الغنيمة، بلا شك كثرت أو قلت ثقلت أو خفت، لكن للقائد أن يسترضي المقاتلين في وقفها على الكتيبة ويعوضهم غيرها بأوجه التعويض.
قال الشنقيطي: " اعلم أن جماهير علماء المسلمين على أن أربعة أخماس الغنيمة للغزاة الذين غنموها، وليس للإمام أن يجعل تلك الغنيمة لغيرهم، ويدل لهذا قوله تعالى: " غنمتم "، فهو يدل على أنها غنيمة لهم، فلما قال: " فأن لله خمسه "، علمنا أن الأخماس الأربعة الباقية لهم لا لغيرهم، ونظير ذلك قوله تعالى: " فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث "، أي: ولأبيه الثلثان الباقيان إجماعا، فكذلك قوله: " فأن لله خمسه "، أي: وللغانمين ما بقي، وهذا القول هو الحق الذي لا شك فيه، وحكى الإجماع عليه غير واحد من العلماء، وممن حكى إجماع المسلمين عليه ابن المنذر، وابن عبد البر، والداودي، والمازري، والقاضي عياض، وابن العربي، والأخبار بهذا المعنى متظاهرة، وخالف في ذلك بعض أهل العلم، وهو قول كثير من المالكية، ونقله عنهم المازري رحمه الله أيضا، قالوا: للإمام أن يصرف الغنيمة فيما يشاء من مصالح المسلمين، ويمنع منها الغزاة الغانمين. إلى أن قال: " فالحاصل أن أربعة أخماس الغنيمة التي أوجف الجيش عليها الخيل والركاب للغزاة الغانمين على التحقيق، الذي لا شك فيه، وهو قول الجمهور". ا. هـ أضواء البيان 2 - 256.
قال الشوكاني: " أحاديث الباب فيها دليل على أنه لا يأخذ الإمام من الغنيمة إلا الخمس ويقسم الباقي منها بين الغانمين " 7 - 307.
فالأصل الموافق للكتاب والسنة في الغنيمة هو تخميسها وصرف الخمس إلى من ذكره الله تعالى، وقسمة الباقي بين الغانمين."
كما سبق القول كل ما في ميدان المعركة ملك للمجاهدين واصحاب الخمس فقط واما كيفية التصرف في السلاح المغنوم فهى :
يتم حساب ثمنه صالحا وغير صالح ويعطى الثمن للمجاهدين واهل الخمس فغير الصالح يذهب لمصانع المعادن حيث بعاد صهره وتصنيعه في صورة نافعة وأما السلاح الصالح فيتم ادخاله ضمن سلاح الجيش
ثم حدثنا الباشا عما سماه النفل فقال :
لكن هل يجوز للإمام أن ينفل من ظهر منه زيادة نكاية أو وفى بشرط شرطه ..
هل ينفل من الخمس أو من الأربعة أخماس؟
على خلاف!!
قال شيخ الإسلام: " والصحيح أنه يجوز من أربعة الأخماس، وإن كان فيه تفضيل بعضهم على بعض لمصلحة دينية؛ لا لهوى النفس كما فعل رسول الله (ص) غير مرة ".
ما مقدار هذا النفل؟
قيل لا يجوز أن يزيد عن الربع بعد الخمس، والثلث بعد الخمس، لما ورد في السنن من أنه (ص) كان ينفل في ابتداء الغزو الربع بعد الخمس، وفي الرجعة الثلث بعد الخمس، وفي ذلك خلاف.
هل يجوز للحاكم أن يتصرف في أكثر من الثلث بعد الخمس؟.
قال شيخ الاسلام: " لأن النبي (ص) وخلفاءه كانوا ينفلون لذلك. وكان ينفل السرية في البداية الربع بعد الخمس وفي الرجعة الثلث بعد الخمس. وهذا النفل؛ قال العلماء: إنه يكون من الخمس. وقال بعضهم: إنه يكون من خمس الخمس؛ لئلا يفضل بعض الغانمين على بعض. والصحيح أنه يجوز من أربعة الأخماس وإن كان فيه تفضيل بعضهم على بعض لمصلحة دينية؛ لا لهوى النفس كما فعل رسول الله (ص) غير مرة.
وهذا قول فقهاء الشام وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم، وعلى هذا فقد قيل: إنه ينفل الربع والثلث بشرط وغير شرط وينفل الزيادة على ذلك بالشرط مثل أن يقول: من دلني على قلعة فله كذا أو من جاءني برأس فله كذا ونحو ذلك وقيل: لا ينفل زيادة على الثلث ولا ينفله إلا بالشرط. وهذان قولان لأحمد وغيره. كذلك - على القول الصحيح - للإمام أن يقول: من أخذ شيئا فهو له؛ كما روي أن النبي (ص) كان قد قال ذلك في غزوة بدر. إذا رأى ذلك مصلحة راجحة على المفسدة ".
فالظاهر أنه يجوز بشرط وبغير شرط!!
وهذا الخلاف يعطي لقائد الفصيل مساحة أوسع للاجتهاد في تصريف هذه الأموال بحسب ما يراه من مصلحة الجهاد ومصالح المسلمين، لكن بشرط أن لا يعود على أصل المسألة بالإبطال، فيمنع القسمة مطلقا، ويمنع الغانمين حقوقهم التي أثبتها لهم الله ورسوله؛ فهذا القول باطل ومردود، وقد وصفه شيخ الإسلام بالانحراف!!
قال شيخ الإسلام في من قال أن: " الإمام لا يجب عليه قسمة المغانم بحال ولا تخميسها، وأن له أن يفضل الراجل وأن يحرم بعض الغانمين ويخص بعضهم، وزعم أن سيرة النبي (ص) تقتضي ذلك. وهذا القول خلاف الإجماع والذي قبله باطل ومنكر أيضا فكلاهما انحراف ". 29 - 317 من مجموع الفتاوى.
هل يجوز أن يشترط قائد الفصيل على المقاتلين أن لا غنيمة لهم؛ أو أن لهم كذا وكذا من الغنيمة دون الباقي .. فهل هذا الشرط صحيح؟.
الظاهر أنه لا يصح.
وهو شرط فاسد خلاف الأصل، لقوله تعالى: " واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول .. " الآية، ومعارض أيضا لفعل النبي (ص) في قسمته للغنائم، فقد خمس الغنائم في جميع المعارك.
والمخالف يأتي على القول الضعيف الشاذ وينفخ فيه ويجعل له من الوجاهة والقبول ما يعارض به الثابت الصحيح بالكتاب والسنة، وربما خلط بين المسائل من حيث لا يشعر!!"
قطعا نسخ الله حكم النفل وهو الاسم السابق للغنيمة حيث جعل الله رسوله(ص) المتصرف الوحيد فيها لكى يوازن في الملكية بين المعدمين وغيرهم وفى هذا قال تعالى :
" يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول"
ولما اعتدل الميزان المالى لأفراد المسلمين أنزل الله حكم الغنيمة كمكافأة للمجاهدين بالأربعة أخماس والخمس ظل هو من يعدل الميزان الاقتصادى المختل بسبب الظروف السابقة التى اوجدها حكم الكفر
وعاد الباشا للكلام عن الفرق بين الفىء والغنيمة فقال:
"فمثلا الجمهور على التفريق بين الفيء والغنيمة، وأن الفيء كالخمس يتصرف فيه الإمام باجتهاده في مصالح المسلمين، وما تبقى بعد الخمس فهو للغانمين، فيأتي فيسوي بينهما ويحمل كلام أهل العلم في أحقية الإمام بالتصرف في الفئ فيجعله في الغنيمة بحجة أنه لا فرق بينهما من جهة اللغة!!"
وأما الفىء وهو الأرض بما عليها من بيوت وأمتعة والتى هجرها الكفار وتركوها خوفا من المسلمين فقد بين وجوه توزيعها وجعل الشرط التى توزع على أساسه هو ألا يعطى غنى منه لعمل موازنة واعتدال في أملاك المسلمين وفى هذا قال تعالى " كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم"
وكرر مرة أخرى ذكر الخلاف في الرض والعقار وكما سبق القول لا يجوز بأى حال من ألأحوال توزيع الأرض والعقار على بعض أفراد المسلمين دون بعض وإنما تدار اقتصاديا وتوزع المكاسب بالتساوى على كل أفراد المسلمين وفى هذا قال :
"والجمهور على التفريق بين حكم الأرض والعقار وبين سائر المنقولات، فلا يعتبرونها من الغنيمة ويجعلون للإمام الخيار بين تقسيمها أو التصرف فيها في مصالح المسلمين، فيحملون هذا الكلام على سائر أنواع الغنيمة بحجة أنه لا فرق بينها، وأن الجميع مما غنمه المسلمون ويركبون كلام الشافعية على كلام الحنابلة والأحناف!!
ويحتجون بفعله (ص) في حنين ويتركون الآية وسائر أفعاله في جميع الغزوات مع أنه (ص) قد استرضاهم فرضوا وعوضهم بعد ذلك.
قال شيخ الاسلام: " والنبي - (ص) - أعطى المؤلفة قلوبهم من غنائم حنين ما أعطاهم؛ فقيل: إن ذلك كان من الخمس؛ وقيل: إنه كان من أصل الغنيمة، وعلى هذا القول فهو فعل ذلك لطيب نفوس المؤمنين بذلك؛ ولهذا أجاب من عتب من الأنصار بما أزال عتبه وأراد تعويضهم عن ذلك "ومن ذلك النقل عن ابن حجر والسفاريني والشنقيطي، ومع أن الشنقيطي حرر المسألة وحققها، ونقل أقوال المذاهب الأربعة ثم قال ما نقل عنه أعلاه، تجد من يحتج ببعض كلامه على خلاف ما أوردته.
وقد يضطر المقاتل لقبول هذا الشرط تحت ضغوط، إلا أن هذا لا يجيزه ولا يصححه، وقد تمحق بركة هذا المال وما يترتب عليه من جهاد بسبب هذا التصرف!!
ومن لم يقسم من الفصائل ويخمس فهو بين أمرين:
أحدهما: أن يرى أن للإمام حق التصرف في المغانم دون قسمة مطلقا، فيعطي من يشاء ويمنع من يشاء، وهذا قول فاسد مخالف للسنة، وقد حكم عليه شيخ الإسلام كما سبق بالبطلان والانحراف ..
والثاني: أن لا يرى هذا الرأي، ولكن يعتقد أن مصلحة الجهاد أن تبقى الغنائم في حكم الوقف على الكتيبة ينفق منها على أمور الجهاد، ويجهز بها الغزاة وينفق منها على الجرحى والمرضى وغير ذلك، ثم يعطي المقاتل شيئا من المعونة كراتب ونحوه.
وهذا القول على وجاهته إلا أنه ضعيف شاذ، وقد يصح العمل به في بعض الغزوات والمعارك دون غيرها، لكن لا يتخذ منهجا وطريقة وسنة تبدل بها أحكام الشريعة الثابتة، ففيه ظلم شديد للمقاتلين وهضم لحقوقهم وغبن، وفيه معارضة صريحة لنصوص الكتاب والسنة، وما كان عليه الخلفاء من بعدهم.
ولقائد الفصيل أن يتصرف في الأرض والعقار كيف يشاء، وله خمس الغنيمة ينفقها في وجوهها في مصالح المسلمين، ثم له بعد ذلك الربع أو الثلث قبل القسمة إن كانت ثمة مصلحة راجحة على المفسدة.
فإن لم يكف كل هذا استسمح الجنود والمجاهدين في الزيادة على ذلك، فإن أذنوا وإلا فلا؛ فمصلحة الجهاد لا تكون إلا بمراعاة مصلحة المجاهدين، بل لا يكون الجهاد إلا بهم ... فكيف إذا لم يجد المجاهد ما يكفي لسد حاجته وحاجة أهله؟!
وبإمكان القائد أن يحرز الأسلحة الثقيلة من الدبابات والسيارات ومضاد الطيران ونحوها في حصته، ويعوض المقاتلين بغير هذه من الأموال إن نقصت حصته عن استيعاب هذه الأسلحة، وقد كان النبي يعدل البعير بعشر من الغنم ليوفي الناس حقوقهم ..
فعلى أية حال لابد من إحياء السنة والتزام الواجب وإجراء القسمة بالعدل، فذلك من دواعي البركة وإبراء الذمة ورفع همم المقاتلين وكفاية حاجتهم.
وما يتسامح فيه المقاتل برضى نفس فلا بأس في أخذه.
وما لم يتسامح فيه فهو حقه معجل ومؤجل، لا يسقط ولا يجبر على تركه، ولا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ولقائد الفصيل - إن شاء - أن يخصم ما يعطيه للمقاتل من راتب ونحوه من حصته بعد القسمة، بل له أن يخصم جميع ما ينفقه عليه، وليتق الله من ولاه هذا المال، فإن الظلم ظلمات.
ولتخصص لجنة بتقدير الغنائم وحفظ حصص المقاتلين وحقوقهم.
قال شيخ الإسلام: " ولم يكن للأموال المقبوضة والمقسومة؛ ديوان جامع على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر رضي الله عنه، بل كان يقسم المال شيئا فشيئا، فلما كان في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثر المال واتسعت البلاد وكثر الناس فجعل ديوان العطاء للمقاتلة وغيرهم؛ وديوان الجيش - في هذا الزمان - مشتمل على أكثره؛ وذلك الديوان هو أهم دواوين المسلمين ". 28 – 278."
وكما سبق القول أن الغنائم يتم جمعها وما صلح منها للتوزيع وزع والذى لا يصلح للتقسيم كالسلاح الصالح والسلاح الخردة يتم تقييم ثمنه وتشتريه وزارة الجهاد وتبيع الخردة منه لمصانع المعادن وتوزع الثمن على المجاهدين واصحاب الخمس
ودعا الباشا أن يكون هنالك ثقة بين القادة والجنود فقال :
وأخيرا: على المجاهدين أن يتقوا الله في أنفسهم وإخوانهم وأن يحسنوا الظن بقادتهم، وقد اصطفاهم الله لإحياء هذه الفريضة، وأن ينأوا بأنفسهم عن متاع هذه الدنيا الزائلة أو ما يدعو للتشبث بها من مال ونحوه، وليتذكروا قول النبي (ص) للأنصار لما حملوا في أنفسهم في حنين، وليكن هذا شعارهم، وقد باعوا أنفسهم رخيصة لله، وعليهم أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله.
ولئن ذكرت المشروع أو ما أعتقده مشروعا في أمر الغنائم، إلا أن ثمة فرق في أمر الولاة بين الوجوب والنفوذ، فالواجب على القادة نذكره ونبينه لهم ونعظهم به، وما خالفوا فيه باجتهادهم نعذرهم فيه ونحفظ لهم أقدارهم واجتهادهم، وبالجملة فنحن نسدد ونقارب، وجميعنا يجتهد، لكن الحق الذي ظهرت دلائله يجب اتباعه على كل أحد.
وهذه المسألة باب واسع من الفقه، ومن المسائل الكبيرة التي اختلف فيها الصحابة، حتى قال عمر: " اللهم اكفني شر بلال وذويه "، وذلك لما طالبه بقسمة أرض فتحها المسلمون بالشام أو العراق ..وأختم بقول شيخ الإسلام " وتفاريع المغانم وأحكامها: فيها آثار وأقوال اتفق المسلمون على بعضها وتنازعوا في بعض ذلك "، وليس هذا موضعها؛ وإنما الغرض ذكر الجمل الجامعة"

الخميس، 29 يوليو 2021

نقد كتاب أصناف الناس في القرآن

نقد كتاب أصناف الناس في القرآن
الكتاب تأليف أبو إسلام أحمد بن علي وهو يدور حول تصنيف الناس إلى جماعات وقد حاول أبو إسلام اختراع تصنيف جديد مع التصنيف المعروف مؤمن وكافر أى مسلم وكافر كما قال تعالى :
"هو الذى خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن"
وفى هذا قال فى المقدمة:
"وبعد :
الناس مختلفون في طباعهم وفي معاملاتهم مع الله تعالى وفي تعاملهم مع الآخرين , والله تعالى سبحانه وتعالى هو الذي أوجدهم وهو الذي يعرف كل ما يدور بخلدهم وبصدورهم , وفي هذا الكتاب تم حصر هذه الأصناف من الناس وتم تصنيفهم وترتيبهم بما يسر الله تعالى لي , وكل ما تخط الأيدي فيك شك ونقص إلا كتاب الله تعالى (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين"
وقد استهل الكتاب بذكر المؤمنين فقال :
أصناف الناس في القرآن الكريم
1- المؤمنون
{ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار }
ومن الناس فريق مؤمن يقول في دعائه: ربنا آتنا في الدنيا عافية ورزقا وعلما نافعا, وعملا صالحا, وغير ذلك من أمور الدين والدنيا, وفي الآخرة الجنة, واصرف عنا عذاب النار. وهذا الدعاء من أجمع الأدعية, ولهذا كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم, كما ثبت في الصحيحين.
{ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد }
وبعض الناس يبيع نفسه طلبا لرضا الله عنه, بالجهاد في سبيله, والتزام طاعته. والله رءوف بالعباد, يرحم عباده المؤمنين رحمة واسعة في عاجلهم وآجلهم , فيجازيهم أحسن الجزاء.
{ ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء }
ألم تعلم- أيها النبي- أن الله سبحانه يسجد له خاضعا منقادا من في السموات من الملائكة ومن في الأرض من المخلوقات والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب؟ ولله يسجد طاعة واختيارا كثير من الناس، وهم المؤمنون، وكثير من الناس حق عليه العذاب فهو مهين، وأي إنسان يهنه الله فليس له أحد يكرمه. إن الله يفعل في خلقه ما يشاء وفق حكمته."
ثم صنف الكفرة إلى أصناف عديدة وهو ليس بتصنيف لأن الله صنفهم إلى فريقين:
الأول أهل الكتاب والثانى المشركين وفى هذا قال تعالى :
"إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين فى نار جهنم خالدين فيها أولئك شر البرية"
لأنه يذكر صفة أو فعل من أفعالهم على كونه كل منهم فريق مختلف فأول فريق عنده المحبون للدنيا وكل الكفار محبون للدنيا وفيهم قال:
2- المحبون للدنيا
{ فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق }
فإذا أتممتم عبادتكم, وفرغتم من أعمال الحج, فأكثروا من ذكر الله والثناء عليه, مثل ذكركم مفاخر آبائكم وأعظم من ذلك. فمن الناس فريق يجعل همه الدنيا فقط, فيدعو قائلا ربنا آتنا في الدنيا صحة, ومالا وأولادا, وهؤلاء ليس لهم في الآخرة حظ ولا نصيب; لرغبتهم عنها وقصر همهم على الدنيا."
والدليل على حب الكفار جميعا للدنيا قوله تعالى :
"زين للذين كفروا الحياة الدنيا"
والصنف الثانى عنده اللاهون عن طاعة الله فى قوله:
3- الملهيون عن طاعة الله تعالى
{ ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين }
ومن الناس من يشتري لهو الحديث - وهو كل ما يلهي عن طاعة الله ويصد عن مرضاته- ليضل الناس عن طريق الهدى إلى طريق الهوى, ويتخذ آيات الله سخرية, أولئك لهم عذاب يهينهم ويخزيهم."
والله عن الطاعة فعل من أفعال الكفار كما قال تعالى :
" قالوا إن الله حرمهما على الكافرين الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا"
والصنف الثالث عنده هو الغافلون عن آيات الله وفيهم قال :
4- الغافلون عن آيات الله تعالى
{فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون }
فاليوم نجعلك على مرتفع من الأرض ببدنك, ينظر إليك من كذب بهلاكك; لتكون لمن بعدك من الناس عبرة يعتبرون بك. فإن كثيرا من الناس عن حججنا وأدلتنا لغافلون, لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون."
وفى كون الغافلون هم الكفار قال تعالى :
" وأن الله لا يهدى القوم الكافرين أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون"
والصنف الخامس عنده هم الداخلون في الإسلام على شك وضعف وفيهم قال:
5- الداخلون في الإسلام على شك وضعف
{ ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين }
ومن الناس من يدخل في الإسلام على ضعف وشك، فيعبد الله على تردده، كالذي يقف على طرف جبل أو حائط لا يتماسك في وقفته، ويربط إيمانه بدنياه, فإن عاش في صحة وسعة استمر على عبادته, وإن حصل له ابتلاء بمكروه وشدة عزا شؤم ذلك إلى دينه, فرجع عنه كمن ينقلب على وجهه بعد استقامة، فهو بذلك قد خسر الدنيا؛ إذ لا يغير كفره ما قدر له في دنياه, وخسر الآخرة بدخوله النار، وذلك خسران بين واضح."
وقطعا لا يوجد مؤمن يشترط على الله شيئا وإنما الكفار هم من يفعلون ذلك والغريب أن من ذكرهم فى الصنف الخامس هم أنفسهم الصنف السادس حيث علقوا إسلامهم على عدم أذى الناس لهم وفيهم قال:
6- المرتدون عن إيمانهم
{ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين }
ومن الناس من يقول: آمنا بالله, فإذا آذاه المشركون جزع من عذابهم وأذاهم, كما يجزع من عذاب الله ولا يصبر على الأذية منه, فارتد عن إيمانه, ولئن جاء نصر من ربك -أيها الرسول- لأهل الإيمان به ليقولن هؤلاء المرتدون عن إيمانهم: إنا كنا معكم -أيها المؤمنون- ننصركم على أعدائكم, أوليس الله بأعلم من كل أحد بما في صدور جميع خلقه؟"
الصنف السابع عنده هو المنافقون وهو كفار أيضا وفيهم قال تعالى:
7- المنافقون
{ ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين }
ومن الناس فريق يتردد متحيرا بين المؤمنين والكافرين, وهم المنافقون الذين يقولون بألسنتهم: صدقنا بالله وباليوم الآخر, وهم في باطنهم كاذبون لم يؤمنوا.
{ ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام }
وبعض الناس من المنافقين يعجبك -أيها الرسول- كلامه الفصيح الذي يريد به حظا من حظوظ الدنيا لا الآخرة, ويحلف مستشهدا بالله على ما في قلبه من محبة الإسلام, وفي هذا غاية الجرأة على الله, وهو شديد العداوة والخصومة للإسلام والمسلمين."
وفى كفر المنافقين قال تعالى :
"فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها فى الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون"
وقال :
"وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أن كفروا بالله ورسوله "
العجيب أنه جعل الكفار صنف غير السابقين فقال :
8- الكافرون
{ ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب }
ومع هذه البراهين القاطعة يتخذ فريق من الناس من دون الله أصناما وأوثانا وأولياء يجعلونهم نظراء لله تعالى, ويعطونهم من المحبة والتعظيم والطاعة, ما لا يليق إلا بالله وحده. والمؤمنون أعظم حبا لله من حب هؤلاء الكفار لله ولآلهتهم; لأن المؤمنين أخلصوا المحبة كلها لله, وأولئك أشركوا في المحبة. ولو يعلم الذين ظلموا أنفسهم بالشرك في الحياة الدنيا, حين يشاهدون عذاب الآخرة, أن الله هو المتفرد بالقوة جميعا, وأن الله شديد العذاب, لما اتخذوا من دون الله آلهة يعبدونهم من دونه, ويتقربون بهم إليه.
{ ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد }
وبعض رؤوس الكفر من الناس يخاصمون ويشككون في قدرة الله على البعث; جهلا منهم بحقيقة هذه القدرة, واتباعا لأئمة الضلال من كل شيطان متمرد على الله ورسله.
{ ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير }
ومن الكفار من يجادل بالباطل في الله وتوحيده واختياره رسوله صلى الله عليه وسلم وإنزاله القرآن، وذلك الجدال بغير علم، ولا بيان، ولا كتاب من الله فيه برهان وحجة واضحة ..
{ ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء }
ألم تعلم- أيها النبي- أن الله سبحانه يسجد له خاضعا منقادا من في السموات من الملائكة ومن في الأرض من المخلوقات والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب؟ ولله يسجد طاعة واختيارا كثير من الناس، وهم المؤمنون، وكثير من الناس حق عليه العذاب فهو مهين، وأي إنسان يهنه الله فليس له أحد يكرمه. إن الله يفعل في خلقه ما يشاء وفق حكمته."
والأغرب فى الكلام السابق هو أنه ام يستدل بآية واحدة فيها لفظ الذين كفروا أو الكفار أو الكافرون أو الكافرين
والصنف التاسع عنده المجادلون فى توحيد الله وفيهم قال:
9- المجادلون في توحيد الله تعالى
{ ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير }
ألم تروا- أيها الناس- أن الله ذلل لكم ما في السموات من الشمس والقمر والسحاب وغير ذلك, وما في الأرض من الدواب والشجر والماء, وغير ذلك مما لا يحصى, وعمكم بنعمه الظاهرة على الأبدان والجوارح, والباطنة في العقول والقلوب, وما ادخره لكم مما لا تعلمونه؟ ومن الناس من يجادل في توحيد الله وإخلاص العبادة له بغير حجة ولا بيان, ولا كتاب مبين يبين حقيقة دعواه"
وقطعا المجادلون فى آيات الله هم الكافرون كما فى قوله تعالى :
"حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين"
وكما نجد الجدال فى الله نجده فى آياته كما فى قوله تعالى :
"ويعلم الذين يجادلون فى آياتنا"
والصنف العاشر عنده المكذبون بالبعث والحساب وفيهم قال :
10- المكذبون بالبعث والحساب
{أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون }
أولم يتفكر هؤلاء المكذبون برسل الله ولقائه في خلق الله إياهم, وأنه خلقهم, ولم يكونوا شيئا. ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا لإقامة العدل والثواب والعقاب, والدلالة على توحيده وقدرته, وأجل مسمى تنتهي إليه وهو يوم القيامة؟ وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لجاحدون منكرون; جهلا منهم بأن معادهم إلى الله بعد فنائهم, وغفلة منهم عن الآخرة."
العجيب هنا أنه يستشهد بآية فيها لفظ الكافرون وليس المكذبين والعجيب أيضا أن هناك تكذيب بآيات الله كما فى قوله تعالى :
"والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم فى الظلمات"
الصنف الحادى عشر السفهاء وفيهم قال :
11- السفهاء ضعاف العقول
{ سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم }
سيقول الجهال وضعاف العقول من اليهود وأمثالهم, في سخرية واعتراض: ما الذي صرف هؤلاء المسلمين عن قبلتهم التي كانوا يصلون إلى جهتها أول الإسلام; (وهي "بيت المقدس") قل لهم -أيها الرسول-: المشرق والمغرب وما بينهما ملك لله, فليست جهة من الجهات خارجة عن ملكه, يهدي من يشاء من عباده إلى طريق الهداية القويم. وفي هذا إشعار بأن الشأن كله لله في امتثال أوامره, فحيثما وجهنا توجهنا."
وقطعا السفهاء هم الكفار من أهل الكتاب فهم من اعترضوا على تغيير القبلة مع علمهم أنها الحق وفى هذا قال تعالى "وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم"
الصنف الثانى عشر هم الضالون عن الحق وفيهم قال:
12- الضالون عن الحق
{رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم }
رب إن الأصنام تسببت في إبعاد كثير من الناس عن طريق الحق, فمن اقتدى بي في التوحيد فهو على ديني وسنتي, ومن خالفني فيما دون الشرك, فإنك غفور لذنوب المذنبين -بفضلك- رحيم بهم, تعفو عمن تشاء منهم."
قطعا تفسير الرجل خاطىء فالأصنام لا تضل الناس لأنها لا تنطق حتى تطلب منهم عبادتها والضالون هم الكافرون كما قال تعالى :
"كذلك يضل الله الكافرين"
والرجل بالقطع نسى الكثير من الأصناف لم يذكرها فيما لو بدأ كما كما بدأ بالقول "ومن الناس" مثل قوله تعالى :
" "ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على ما فى قلبه وهو ألد الخصام"
وكل هذه التصنيفات مخالفة لكلام الله تعالى

الأربعاء، 28 يوليو 2021

قراءة فى كتاب التفسير الموضوعي لكلمة التقوى في القرآن الكريم

قراءة فى كتاب التفسير الموضوعي لكلمة التقوى في القرآن الكريم
المؤلفات هن منى عباس با عبد الله - فاطمة الصليح - العنود العنزي - سهام العجمي وهو يدور حول موضوع التقوى فى القرآن وتحدثن فى المقدمة عن أهمية التقوى فقلن:
"المقدمة أما بعد قال (ص)(التقوى ههنا) وأشار الى صدره احتلت التقوى مكانة عظيمة في سور القران الكريم فيذكر الله سبحانه وتعالى في معرض آياته أن يتقوه بالتزام أوامره واجتناب نواهيه ويخاطب عباده المؤمنين أن يحققوا في أنفسهم حقيقة التقوى وان يكونوا كذلك حتى يأتيهم الموت وهم مسلمون غاية الإسلام، ولأهمية التقوى في حياة الأمم والشعوب ولتأثيرها في ماضيها وحاضرها ومستقبلها كانت دعوة الرسل والأنبياء منصبة على دعوة الناس الى التقوى التي هي الوقاية من عذاب الله وعقابه بالتزام منهجه في الحياة "
واستهللن الكتاب بتعريف التقوى من خلال كتب اللغة كعادة الفقهاء ثم بتعريف المصطلح وفى هذا قلن:
"الفصل الأول
معنى كلمة التقوى من القاموس
وقاه وقيا ووقاية وواقية: صانه، كوقاه والوقاء، ويكسر، والوقاية، مثلثة: ما وقيت به والتوقية: الكلاءة، والحفظ واتقيت الشيء، وتقيته اتقيه واتقيه تقى وتقية وتقاء، ككساء: حذرته والاسم: التقوى أصله: تقيا، قلبوه للفرق بين الاسم والصفة، ..."
الخلاصة مما سبق هو أن التقوى خوف من عذاب الله يدفع إلى طاعة أحكامه وبعد هذا ذكرن الآيات القرآنية المشتملة على كلمة التقوى وتفسيرها فقلن:
"الآيات القرآنية المشتملة على كلمة التقوى وتفسيرها
{أو أمر بالتقوى} قال تعالى: {أرأيت الذي ينهى * عبدا إذا صلى} نزلت في أبي جهل لعنه الله، توعد النبي (ص)على الصلاة عند البيت، فوعظه تعالى بالتي هي أحسن أولا، فقال: {أرأيت إن كان على الهدى} أي فما أظنك إن كان هذا الذي تنهاه على الطريق المستقيمة في فعله {أو أمر بالتقوى} بقوله وأنت تزجره وتتوعده على صلاته؟ ولهذا قال: {ألم يعلم بأن الله يرى}؟ أي أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه ويسمع كلامه، وسيجازيه على فعله أتم الجزاء، روى البخاري عن ابن عباس قال، قال أبو جهل: لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لأطأن على عنقه، فبلغ النبي (ص)فقال: (لئن فعل لأخذته الملائكة) " أخرجه البخاري "
المفروض فى البحث أنه يتناول معنى التقوى لا حكايات أسباب النزول والغريب هنا أنهن لم يفسرن التقوى فى قوله "أو أمر بالتقوى" أو طالب بالخوف من عذاب الله ثم قلن:
"{وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة} {وما يذكرون إلا أن يشاء الله} كقوله: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله} و قوله تعالى: {هو أهل التقوى وأهل المغفرة} أي هو أهل أن يخاف منه، وهو أهل أن يغفر ذنب من تاب إليه وأناب عن أنس ابن مالك قال: قرأ رسول الله (ص)الآية {هو أهل التقوى وأهل المغفرة} وقال: (قال ربكم أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله، فمن اتقى أن يجعل معي إلها كان أهلا أن أغفر له) " رواه الترمذي وابن ماجه من حديث زيد بن الحباب "
الغريب هنا أنهن فسرن الماء بالماء كما يقال فى قولهن "هو أهل التقوى وأهل المغفرة} وقال: (قال ربكم أنا أهل أن أتقى" فأهل التقوى تفسيرها " أهل أن أتقى" وكان المفروض القول أن الله أهل التقوى أى المستحق للخوف من عقابه ثم قلن:
"{ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} يقول تعالى: هذا {ومن يعظم شعائر الله} أي أوامره، {فإنها من تقوى القلوب}، ومن ذلك تعظيم الهدايا والبدن، كما قال ابن عباس: تعظيمها استسمانها واستحسانها عن أبي رافع أن رسول الله (ص)ضحى بكبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوئين، وعن البراء قال، قال رسول الله (ص)(أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والكسيرة التي لا تنقى) " رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي "وهذه العيوب تنقص اللحم لضعفها وعجزها عن اسكتمال الرعي، لأن الشاء يسبقونها إلى المرعى، فلهذا لا تجزئ التضحية بها "
الغريب هنا هو نفس الأمر وهو عدم تناول معنى تقوى القلوب والكلام كله انصب على الهدى وصفاته والمعنى من خوف النفوس من عذاب الله وبألفاظ اخرى طاعة النفوس خوفا من العقاب وطمعا فى رحمة الله ثم قلن:
{لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين}
يقول تعالى إنما شرع لكم نحر هذه الضحايا لتذكروه عند ذبحها، فإنه الخالق الرزاق لا يناله شيء من لحومها ولا دمائها، فهو الغني عما سواه عن ابن جريج قال: كان أهل الجاهلية ينضحون البيت بلحوم الإبل ودمائها، فقال أصحاب رسول الله (ص)فنحن أحق أن ننضح فأنزل الله: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم} " أخرجه ابن أبي حاتم " أي يتقبل ذلك ويجزي عليه وقوله: {كذلك سخرها لكم} أي من أجل ذلك سخر لكم البدن {لتكبروا الله على ما هداكم} أي لتعظموه على ما هداكم لدينه وشرعه وما يحبه ويرضاه، ونهاكم عن فعل ما يكرهه ويأباه، وقوله: {وبشر المحسنين} أي وبشر يا محمد المحسنين في عملهم، القائمين بحدود الله، المتبعين ما شرع لهم، المصدقين الرسول فيما أبلغهم وجاءهم به من عند ربه عز وجل "
نفس الخطأ وهو عدم تفسير الجملة ولكن يناله التقوى منكم والمعنى أن الله تصل لعلمه طاعتنا لحكمه والخطأ التركيز على غير موضوع البحث ثم قلن:
{وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى} {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها} أي استنقذهم من عذاب الله بإقام الصلاة واصبر أنت على فعلها، وقوله: {لا نسألك رزقا نحن نرزقك} يعني إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب ولهذا قال {لا نسألك رزقا نحن نرزقك}، وقال الثوري: لا نسألك رزقا: أي لا نكلفك الطلب وقال ابن أبي حاتم، عن ثابت قال: كان النبي (ص)إذا أصابه خصاصة نادى أهله يا أهلاه صلوا، صلوا قال ثابت: وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة وقال رسول الله (ص)(يقول الله تعالى يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك، وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك) " الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة , وقوله {والعاقبة للتقوى}: أي وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة وهي الجنة لمن اتقى الله، وفي الصحيح أن رسول الله (ص)قال: (رأيت الليلة كأنا في دار عقبة بن نافع وأنا أتينا برطب من رطب ابن طاب، فأولت ذلك أن العاقبة لنا في الدنيا والرفعة وأن ديننا قد طاب " "
هذه أول مرة يذكرن فيها معنى التقوى فى آية فى البحث ولكن العيب الثانى كما هو وهو التركيز على شرح غير موضوع الكتاب ثم قلن:
"{يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون}
يمتن تعالى على عباده بما جعل لهم من اللباس والريش، فاللباس ستر العورات وهي السوآت، والرياش والريش ما يتجمل به ظاهرا, فالأول من الضروريات، والريش من التكملات والزيادات قال ابن عباس: الريش: اللباس، والعيش والنعيم، وقال ابن أسلم: الرياش الجمال؛ ولبس أبو أمامة ثوبا جديدا، فلما بلغ ترقوته قال الحمد لله الذي كساني ما أوراي به عورتي، وأتجمل به في حياتي، ثم قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله (ص)(من استجد ثوبا فلبسه فقال حين يبلغ ترقوته: الحمد لله الذي كساني ما أوراي به عورتي وأتجمل به في حياتي، ثم عمد إلى الثوب الخلق فتصدق به، كان في ذمة الله وفي جوار الله وفي كنف الله حيا وميتا) " رواه أحمد والترمذي وابن ماجه " وقوله تعالى: {ولباس التقوى ذلك خير}، اختلف المفسرون في معناه، فقال عكرمة: يقال هو ما يلبسه المتقون يوم القيامة، وقال قتادة وابن جريج: {ولباس التقوى} الإيمان، وقال ابن عباس: العمل الصالح، وعنه: هو السمت الحسن في الوجه، وعن عروة بن الزبير {لباس التقوى} خشية الله، وقال ابن أسلم: ولباس التقوى يتقي الله فيواري عورته، فذاك لباس التقوى، وكلها متقاربة "
نفس الخطأ وهو التركيز على غير المعنى التقوى بجلب روايات أو أقوال تفسره وهن ذكرن الخلاف فيما هو لباس التقوى والمعنى ولباس التقوى والمراد وقد أنزلنا لكم عمل الطاعة لحكم الله وهذا يعنى أن الله أوحى للناس أن يعملوا الخير وهو طاعة حكم الله ،ويبين الله لهم أن ذلك خير أى الطاعة لحكم الله أحسن من عصيان حكمه ثم قلن"
{يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون}قال تعالى مؤدبا عباده المؤمنين: {يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول} أي كما يتناجى به الجهلة من كفرة أهل الكتاب ومن مالأهم على ضلالهم من المنافقين، {وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون} أي فيخبركم بجميع أعمالكم وأقوالكم التي قد أحصاها عليكم وسيجزيكم بها روى الإمام أحمد عن صفوان بن محرز قال: كنت آخذا بيد ابن عمر إذ عرض له رجل، فقال: كيف سمعت رسول الله (ص)يقول في النجوى يوم القيامة؟ قال: سمعت رسول الله (ص)يقول: (إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كتفه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه، ويقول له أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى في نفسه أن قد هلك، قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، ثم يعطى كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين) " أخرجاه في الصحيحين من حديث قتادة "
نفس الأمرين وهو عدم التعرض لذكر معنى التقوى فى الآية والتركيز على ذكر روايات لا علاقة لها بموضوع البحث ومعنى وتناجوا بالبر والتقوى هو وتحدثوا بالعدل أى الطيب من القول وهذا يعنى أن النجوى مباحة إذا كانت لعمل حق ثم قلن:
"{إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم} هذه آيات أدب الله تعالى بها عباده المؤمنين، فيما يعاملون به الرسول (ص)من التوقير والاحترام، والتبجيل والإعظام قال: {إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى} أي أخلصها لها وجعلها أهلا ومحلا {لهم مغفرة وأجر عظيم} وعن مجاهد قال: كتب إلى عمر، يا أمير المؤمنين رجل لا يشتهي المعصية ولا يعمل بها أفضل، أم رجل يشتهي المعصية ولا يعمل بها؟ فكتب عمر إن الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها {أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم} " أخرجه أحمد في كتاب الزهد "
نفس الأمرين ومعنى أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى هو أولئك الذين مهد الرب نفوسهم لطاعة حكمه ثم قلن:
{إذ جعل الذين كفروا في الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما} {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية} يقول تعالى مخبرا عن الكفار ومشركي العرب، من قريش ومن مالأهم على نصرتهم على رسول الله (ص)وذلك حين أبوا أن يكتبوا: بسم الله الرحمن الرحيم، وأبوا أن يكتبوا: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله {فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى} وهي قول: لا إله إلا الله، كما قال ابن جرير عن رسول الله (ص)يقول: {وألزمهم كلمة التقوى} قال: (لا إله إلا الله) " أخرجه ابن جرير ورواه الترمذي، وقال: حديث غريب "، وقال ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب إن أبا هريرة أخبره أن رسول الله (ص)قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال: لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله عز وجل) وقال مجاهد: كلمة التقوى الاخلاص، وقال عطاء: هي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على شيء قدير، وقال علي {وألزمهم كلمة التقوى} قال: لا إله إلا الله والله أكبر، وقال ابن عباس {وألزمهم كلمة التقوى} يقول شهادة أن لا إله إلا الله وهي رأس كل تقوى، وقال سعيد بن جبير: {وألزمهم كلمة التقوى} لا إله إلا الله والجهاد في سبيله، {وكانوا أحق بها وأهلها} كان المسلمون أحق بها وكانوا أهلها {وكان الله بكل شيء عليما} أي هو عليم بمن يستحق الخير ممن يستحق الشر "
ركزن هنا على غير موضوع الكتاب وذكرن الأقوال المختلفة فى معنى كلمة التقوى وكلها أقوال بعيدة عن الحقيقة ومعنى ألزمهم كلمة التقوى هو أوجب عليهم حكم الطاعة والمراد فرض عليهم اتباع حكم عدم القتال فى مكة وكانوا أحق بها والمراد وكانوا أولى بطاعة حكم الله ثم قال:
{لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين * أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين} قال ابن عباس في الآية: هم أناس من الأنصار بنوا مسجدا، فقال لهم أبو عامر: ابنوا مسجدا واستعدوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآتي بجنود من الروم وأخرج محمدا وأصحابه، فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي (ص)فقالوا: قد فرغنا من بناء مسجدنا، فنحب أن تصلي فيه وتدعو لنا بالبركة، فأنزل الله عز وجل: {لا تقم فيه أبدا} ولهذا قال تعالى: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه}، والسياق إنما هو في معرض مسجد قباء، ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله (ص)قال: (صلاة في مسجد قباء كعمرة) وقد صرح بأنه مسجد قباء جماعة من السلف منهم ابن عباس وعروة بن الزبير وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم والشعبي والحسن البصري وسعيد بن حبان وقتادة وغيرهم
وقوله: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين}، دليل على استحباب الصلاة في المساجد القديمة المؤسسة من أول بنائها على عبادة الله وحده لا شريك له، وعلى استحباب الصلاة مع الجماعة الصالحين، والعباد العاملين المحافظين على إسباغ الوضوء، والتنزه عن ملابسة القاذورات
وقال أبو العالية في قوله تعالى: {والله يحب المطهرين} إن الطهور بالماء لحسن ولكنهم المطهرون من الذنوب، وقال الأعمش التوبة من الذنوب والتطهر من الشرك
يقول تعالى: لا يستوي من أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان، ومن بنى مسجد ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين، فإنما يبني هؤلاء بنيانهم على شفا جرف هار، أي طرف حفيرة في نار جهنم، {والله لا يهدي القوم الظالمين} أي لا يصلح عمل المفسدين، قال جابر: رأيت المسجد الذي بني ضرارا يخرج منه الدخان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن جريج: ذكر لنا أن رجالا حفروا فوجدوا الدخان الذي يخرج منه، وكذا قال قتادة"
نفس الأخطاء السابقة ومعنى أسس على التقوى هو أن المصلى الذى شيد على الخير للمسلمين من أول يوم أحق أن يقوم فيه والمراد أولى أن يبقى فيه للصلاة ثم قلن:
{يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب}
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله} قال ابن عباس: يعني بذلك مناسك الحج، وقال مجاهد: الصفا والمروة، والهدي والبدن من شعائر الله، وقيل: شعائر الله محارمه، أي لا تحلوا محارم الله التي حرمها الله تعالى، ولهذا قال تعالى: {ولا الشهر الحرام} يعني بذلك تحريمه والاعتراف بتعظيمه وترك ما نهى الله عن تعاطيه فيه من الإبتداء بالقتال، وتأكيد اجتناب المحارم وفي صحيح البخاري: عن أبي بكرة أن رسول الله (ص)قال في حجة الوداع: (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمرحم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان)، وهذا يدل على استمرار تحريمها إلى آخر وقت كما هو مذهب طائفة من السلف وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {ولا الشهر الحرام} يعني لا تستحلوا القتال فيه، واختاره ابن جرير أيضا، وقوله تعالى: {ولا الهدي ولا القلائد} يعني لا تتركوا الإهداء إلى البيت الحرام، فإن فيه تعظيم شعائر الله، ولا تتركوا تقليدها في أعناقها لتتميز به عما عداها من الأنعام وليعلم أنها هدي إلى الكعبة فيجتنبها من يريدها بسوء، وتبعث من يراها على الإتيان بمثلها، فإن من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء، وقوله تعالى: {ولا آمين البيت الحرام يتبغون فضلا من ربهم ورضوانا} أي ولا تستحلوا قتال القاصدين إلى بيت الله الحرام الذي من دخله كان آمنا، وكذا من قصده طالبا فضل الله، وراغبا في رضوانه فلا تصدوه ولا تمنعوه ولا تهيجوه، قال مجاهد وعطاء في قوله: {يبتغون فضلا من ربهم} يعني بذلك التجارة , وقوله: {ورضوانا} قال ابن عباس: يترضون الله بحجهم، وقد ذكر عكرمة والسدي وابن جرير أن هذه الآية نزلت في الحطيم بن هند البكري، كان قد أغار على سرح المدينة، فلما كان من العام المقبل اعتمر إلى البيت، فأراد بعض الصحابة أن يعترضوا في طريقه إلى البيت، فأنزل الله عز وجل: {ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا} " وقوله تعالى: {وإذا حللتم فاصطادوا} أي إذا فرغتم من أحرامكم وأحللتم منه، فقد أبحنا لكم ما كان محرما عليكم في حال الإحرام من الصيد، وهذا أمر بعد الحظر، وقوله: {ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا} أي لا يحملنكم بغض قوم قد كانوا صدوكم عن الوصول إلى المسجد الحرام، وذلك عام الحديبية على أن تعتدوا حكم الله فيهم فتقتصوا منهم ظلما وعدوانا، بل احكموا بما أمركم الله به من العدل في حق كل أحد، وهذه الآية كما سيأتي من قوله: {ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى} وقال بعض السلف: ما عاملت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه، والعدل به قامت السموات والأرض والشنآن: هو البغض، قاله ابن عباس وغيره , وقوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات وهو البر، وترك المنكرات وهو التقوى، وينهاهم عن التناصر على الباطل والتعاون على المآثم والمحارم، قال ابن جرير الإثم: ترك ما أمر الله بفعله، والعدوان مجاوزة ما حد الله في دينكم ومجاوزة ما فرض الله عليكم في أنفسكم وفي غيركم "
نفس الأخطاء والتفسير اللاتى ذكرنه هو أن ترك المنكرات هو التقوى والتقوى تشمل طاعة الأوامر واجتنب النواهى وهى المنكرات ثم قلن:
{يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله} أي كونوا قوامين بالحق لله عز وجل لا لأجل الناس والسمعة، وكونوا {شهداء بالقسط} أي بالعدل لا بالجور، وقد ثبت في الصحيحين عن النعمان بن بشير أنه قال: نحلني أبي نحلا، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد عليه رسول الله (ص)فجاءه ليشهده على صدقتي فقال: (أكل ولدك نحلت مثله؟) قال: لا، فقال: (اتقوا الله واعدلوا في أولادكم)، وقال: (إني لا أشهد على جور) قال فرجع أبي فرد تلك الصدقة وقوله تعالى: {ولا يجرمنكم شنآن قوم المراد بالقوم: اليهود، وقد أرادوا قتل النبي (ص)كما ذكره ابن جرير أي لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل فيهم، بل استعملوا العدل في كل أحد صديقا كان أو عدوا، ولهذا قال: {اعدلوا هو أقرب للتقوى} أي عدلكم أقرب إلى التقوى من تركه، ودل الفعل على المصدر الذي عاد الضمير عليه , وقوله: {هو أقرب للتقوى} من باب استعمال أفعل التفضيل في المحل الذي ليس في الجانب الآخر منه شيء، ثم قال تعالى: {واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} أي وسيجزيكم على ما علم من أفعالكم التي عملتموها إن خيرا فخير، وإن شرا فشر"
التركيز على تفسير الآية ككل بدلا من الجملة التى فيها المطلوب هو خطأ كبير يجعل القارىء مشتت الذهن والمعنى لجملة اعدلوا هو أقرب للتقوى اعدلوا أى احكموا بالقسط وهو حكم الله فهو أقرب للتقوى أى أحسن للبعد عن العقاب وأخذ أجر الثواب ثم قلن:
{الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب} {الحج أشهر معلومات} تقديره الحج حج أشهر معلومات، وقوله تعالى: {أشهر معلومات}، قال البخاري: قال ابن عمر: هي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد، وقوله تعالى: {فمن فرض فيهن الحج} أي وأجب بإحرامه حجا، قال ابن جرير: أجمعوا على أن المراد من الفرض ههنا الإيجاب والإلزام، وقال ابن عباس: {فمن فرض فيهن الحج} من أحرم بحج أو عمرة، وقال عطاء: الفرض الإحرام، وقوله: {فلا رفث} أي من أحرم بالحج أو العمرة، فليجتنب الرفث وهو الجماع , وكذلك يحرم تعاطي دواعيه من المباشرة والتقبيل ونحو ذلك، وكذلك التكلم به بحضرة النساء وقال أبو العالية عن ابن عباس: الرفث غشيان النساء والقبلة والغمز، وأن تعرض لها بالفحش من الكلام ونحو ذلك وقوله تعالى: {ولا فسوق} عن ابن عباس: هي المعاصي، وعن ابن عمر قال: الفسوق ما أصيب من معاصي الله صيدا أو غيره، وقال آخرون: الفسوق ههنا السباب قاله ابن عباس ومجاهد والحسن وقوله تعالى: {ولا جدال في الحج} فيه قولان: أحدهما: ولا مجادلة في وقت الحج في مناسكه، وقد بينه الله أتم بيان ووضحه أكمل إيضاح والقول الثاني: أن المراد بالجدال ههنا المخاصمة قال ابن جرير عن عبد الله بن مسعود في قوله: {ولا جدال في الحج} قال: أن تماري صاحبك حتى تغضبه وقال ابن عباس: {ولا جدال في الحج} المراء والملاحاة حتى تغضب أخاك وصاحبك وعن نافع أن ابن عمر كان يقول: الجدال في الحج: السباب والمراء والخصومات وقوله تعالى: {وما تفعلوا من خير يعلمه الله}: لما نهاهم عن إيتان القبيح قولا وفعلا، حثهم على فعل الجميل وأخبرهم أنه عالم به وسيجزيهم عليه أوفر الجزاء يوم القيامة وقوله: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}، عن عكرمة أن أناسا كانوا يحجون بغير زاد فأنزل الله: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}، وعن ابن عباس قال: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون نحن المتوكلون فأنزل الله: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} " رواه البخاري وأبو داود "وقوله تعالى: {فإن خير الزاد التقوى} لما أمرهم بالزاد للسفر في الدنيا، فأرشدهم إلى زاد الآخرة وهو استصحاب التقوى إليها "
نفس الأخطاء وهناك ذكرن سبب نزول الجملة كما قلن وهو ليس تفسير لها ومعنى وتزودوا فإن خير الزاد التقوى هو واعملوا فإن أفضل العمل الطاعة لله خوفا من عقابه وطمعا فى ثوابه ثم قلن:
{وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير}أوجب الله في هذه الآية نصف المهر المفروض إذا طلق الزوج قبل الدخول، فإنه لو كان ثم واجب آخر من متعة لبينها، قال ابن عباس: في الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها ولا يمسها ثم يطلقها، ليس لها إلا نصف الصداق، لأن الله يقول: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم} قال الشافعي: بهذا أقول وهو ظاهر الكتاب وقوله تعالى: {إلا أن يعفون} أي النساء عما وجب لها على زوجها فلا يجب لها عليه شيء، قال ابن عباس في قوله {إلا أن يعفون}: إلا أن تعفو الثيب فتدع حقها وقوله تعالى: {أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} المراد به الزوج عن عيسى بن عاصم قال: سمعت شريحا يقول: سألني علي بن أبي طالب عن {الذي بيده عقدة النكاح} فقلت له: هو ولي المرأة، فقال علي: لا، بل هو الزوج، الوجه الثاني أنه أبوها أو أخوها أو من لا تنكح إلا بإذنه وقوله تعالى: {وأن تعفو أقرب للتقوى} خوطب به الرجال والنساء، قال ابن عباس: أقربهما للتقوى الذي يعفو، {ولا تنسوا الفضل بينكم} المعروف يعني لا تهملوه بل استعملوه بينكم، {إن الله بما تعملون بصير} أي لا يخفى عليه شيء من أموركم وأحوالكم وسيجزي كل عامل بعمله "
لم تذكر المؤلفات شيئا عن معنى التقوى ومعنى وأن تعفوا أقرب للتقوى والمراد أن تتنازل أحسن من أجل الثواب والبعد عن العقاب
وبعد هذا ذكرن المعنى العام وهو تكرار لما سبق فقلن :
"التفسير الإجمالي لكلمة التقوى في القران الكريم
كلمة التقوى استخدمت في القران الكريم في خمسة عشر موضعا في سور مختلفة وقد استعملت في كل مرة للدلالة علي شي مختلف ولكن موضوعها يدور حول معنى واحد وهو أنها فعل الخيارات وترك المنكرات كقوله تعالي: {والعاقبة للتقوى} {والعاقبة} في الدنيا والآخرة {للتقوى} التي هي فعل المأمور وترك المنهي، فمن قام بها، كان له العاقبة، كما قال تعالى {والعاقبة للمتقين} وأيضا ذكرت في التعاون قال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}
والتقوى في هذا الموضع: اسم جامع لترك كل ما يكرهه الله ورسوله، من الأعمال الظاهرة والباطنة وكل خصلة من خصال الخير المأمور بفعلها، أو خصلة من خصال الشر المأمور بتركها، فإن العبد مأمور بفعلها بنفسه، وبمعاونة غيره من إخوانه المؤمنين عليها، بكل قول يبعث عليها وينشط لها، وبكل فعل كذلك وقد ذكرت التقوى في الدعوة الى حسن الخلق قال تعالي: {وتناجوا بالبر والتقوى} والتقوى، وهي [هنا]: اسم جامع لترك جميع المحارم والمآثم وان خير الزاد هو التقوى قال تعالي: {فأن خير الزاد التقوى} يتم التقرب إلى الله بترك المعاصي حتى يفعل الأوامر أمر تعالى بالتزود لهذا السفر المبارك , فإن التزود فيه الاستغناء عن المخلوقين وأما الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه , في دنياه , وأخراه , فهو زاد التقوى الذي هو زاد إلى دار القرار , وهو الموصل لأكمل لذة , وأجل نعيم دائم أبدا، ومن ترك هذا الزاد , فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر , وممنوع من الوصول إلى دار المتقين فهذا مدح للتقوى وهي خير لباس للمؤمن الحق وقد دل الله تعالي عليه بقوله: {ولباس التقوى ذلك خير} أي خيرا من اللباس الحسي، فإن لباس التقوى يستمر مع العبد، ولا يبلى ولا يبيد، وهو جمال القلب والروح وان من الأعمال الصالحة التي تقرب المرء من التقوى العفو الذي أمرنا الله به والعدل قال تعالى: {وأن تعفوا أقرب للتقوى} ثم رغب في العفو , وأن من عفا , كان أقرب لتقواه , لكونه إحسانا موجبا لشرح الصدر , ولكون الإنسان لا ينبغي أن يهمل نفسه من الإحسان والمعروف وكقوله عز وجل: {اعدلوا هو أقرب للتقوى} أي: كلما حرصتم على العدل واجتهدتم في العمل به، كان ذلك أقرب لتقوى قلوبكم، فإن تم العدل كملت التقوى وان من البراهين الدالة على تقوى الله سبحانه وتعالي هو تعظيم شعائره عز وجل: {فإنها من تقوى القلوب} فتعظيم شعائر الله صادر من تقوى القلوب، فالمعظم لها يبرهن على تقواه وصحة إيمانه، لأن تعظيمها، تابع لتعظيم الله وإجلاله وان الله سبحانه وتعالي ينال من هذا التعظيم الإخلاص الكامل والاحتساب، والنية الصالحة، ولهذا قال: {ولكن يناله التقوى منكم} ففي هذا حث وترغيب على الإخلاص في النحر، وأن يكون القصد وجه الله وحده، لا فخرا ولا رياء، ولا سمعة، ولا مجرد عادة، وهكذا سائر العبادات، إن لم يقترن بها الإخلاص وتقوى الله، كانت كالقشور الذي لا لب فيه، والجسد الذي لا روح فيه ولا ننسى أن التقوى هي أساس كل شي في الوجود قال تعالي: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم} ظهر فيه الإسلام في " قباء " وهو مسجد " قباء " أسس على إخلاص الدين لله، وإقامة ذكره وشعائر دينه فوضح الله سبحانه وتعالي أن: {وألزمهم كلمة التقوى} هي {لا إله إلا الله} وحقوقها، ألزمهم القيام بها، فالتزموها وقاموا بها، {وكانوا أحق بها} من غيرهم {و} كانوا {أهلها}الذين استأهلوها لما يعلم الله عندهم وفي قلوبهم من الخير ، وان هذه الكلمة اوجب الله فيها الامتحان لقلوب المؤمنين قال تعالى: {الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى} دليل على أن الله يمتحن القلوب، بالأمر والنهي والمحن، فمن لازم أمر الله، واتبع رضاه، وسارع إلى ذلك، وقدمه على هواه، تمحض وتمحص للتقوى، وصار قلبه صالحا لها ومن لم يكن كذلك، علم أنه لا يصلح للتقوى فيجب الاحتراس الشديد من غضب الله سبحانه وتعالى عند منع أي مؤمن أن يأمر بتقوى الله أو التطاول عليه فان غضب الله وسخطه مهيب وشديد فقد هدد الله تعالى أبا جهل عندما حاول منعه (ص)من عبادة الله عز وجل والدعوة الى تقواه: {أرأيت} أيها الناهي للعبد إذا صلى {إن كان} العبد المصلي {على الهدى} العلم بالحق والعمل به، {أو أمر} غيره {بالتقوى} فهي لا تصرف الإله عز وجل فهو: { هو أهل التقوى وأهل المغفرة} أي: هو أهل أن يتقى ويعبد، لأنه الإله الذي لا تنبغي العبادة إلا له، وأهل أن يغفر لمن اتقاه واتبع رضاه "
وقد كررن نفس الكلام ومن ضمنه الخطاف ى كون التقوى ترك المنهيات دون طاعة الأوامر فى بعض المواضع وقد ذكرن أنهم15 وهن ذكرن فى البحث14 وتعرضن فى الفصل الثانى للمعانى التقوى الخاطئة الشائعة فى المجتمعات فقلن:
"الفصل الثاني
التقوى أساس المسئولية دراسة تحليليه على ضوء القران الكريم
أشيع في كثير من المجتمعات الإسلامية عن التقوى أنها ذلك الجانب السلبي لفئة مخصوصة من الناس تتقاعس بهم هممهم عن معترك الحياة
وتركن بهم تقواهم عن القيام بما يفرضه الوجود الإنساني من التقدم العلمي والحضاري في هذا الكون فينزوون في زاوية أو مسجد أو يفرون الى فلاة أو خلاء طلبا للعبادة والتنسك وتركا للمشاركة في البناء والتعمير وركونا الى الدعة والسكون أو أن التقوى في حسبانهم شان فريق من غير المبالين ممن لا يهمهم ولا يشغلهم أن تتقدم الأمة أو تتأخر تنتصر الجيوش أم تهزم تبقى الحكومات أم تفنى قدرما يهمهم ما يصل إليهم من لقيمات سائغات تأتي إليهم من بيت أو حقل أو متجر ثم هم بعد ذلك منكبون على مسبحة طول يومهم يهزونها كيف شاءوا واني أرادوا فحسبك أن تعلم أن التقوى بهذا الفهم المعوج إنما هو ترويج فئة مندسة للإسلام أرادت أن تشوه وجهه النضر وتطمس الجانب العملي لمقصد الشرع وإرادة الخالق في عمارة الكون وخلافتها والأخذ بأسباب العلوم والمعارف فيما يرتقي بالأمة والمجتمع "
وبعد ذلك تعرضن لحقيقة التقوى وفيها عدن للمعنى الحقيقى وهو كونها طاعة للأوامر وهو الحق وترك للمنهيات وهى الباطل فقلن:
"حقيقة التقوى
إن التقوى لها حقيقتان: حقيقة تظهر على الجوارح من القيام بالحق وترك الذنوب والمعاصي أي الالتزام بالأوامر والانتهاء عن النواهي وهي الأعمال الظاهرة وبتعبير آخر هي السلوك الظاهري والحقيقة الثانية لا عمل في الضمير وبالتعبير النبوي القلب وهذه حقيقة تتجسد في الإخلاص , ومجانبة الرياء والشرك , في الفرض والنفل وفي الأوامر والنواهي وهذا معنى قوله (ص)(التقوى ههنا) وإشارته الى صدره يقصد بها القلب وهي حساسية الضمير وشفافية في الشعور وخشية مستمرة وحذر دائم "
ثم تحدثن عن التقوى والمسئولية فقلن:
"التقوى والمسؤولية
المسؤولية في التقوى: هي مراقبة الفعل قبل وقوعه للتحذير من الفعل الضار والتنبيه على الفعل النافع بل إن درجة المسئولية في التقوى ترقى من حد المراقبة المجرد الى حد الإخلاص في هذه المراقبة حيث تكون التقوى إتقان العمل والإخلاص فيه عندما ينعدم الرقيب ولا يبقى للمرء إلا ثقته التامة في أن الله الذي خلقة هو وحده الذي يراه ويراقبه!
وإذا ارتقت معرفه المرء لمسئوليته الى هذا الحد وأنتج عملا من الأعمال فلا يمكن لفرد من الأفراد غيره أن يبلغ درجة إتقانه ولو كان من ورائه عشرة مراقبين لان مسئولية التقوى في ذاته ماثلة في ضميره تخبره أن الله هو المراقب الحقيقي الذي لا يغفل ولا يزول بأي حال من الأحوال
ومن هنا يتضح لنا دور التقوى هنا بالنسبة للمسئولية بان الإنسان في خلافته للأرض وعمارته لها يجهد جهدا بليغا بما فطر عليه من نوازع ودوافع تشده إحداها الى الخير بينما تجذبه أخرى الى الشر وهو بين هذا وذاك مطالب بان يراقب نفسه ويحاسبها قبل الإقدام على الفعل فيحذر الشر ويتجه للخير فإذا كان هذا ديدنه في حياته فقد بر بمسئوليته تجاه التقوى وتجاه ما استخلفه الله عليه قال تعالى (إنما يتقبل الله من المتقين
"
فالتقوى إذا هى مسئولية الفرد التى تجعله مراقبا مستمرا لنفسه ثم تحدثن عن فوائد التقوى فقلن:
"ثمرات التقوى :
إن خيرات الدنيا والآخرة كلها جمعت تحت كلمة واحدة , كلمة متضمنة لكل أنواع الخير والسعادة إنها: التقوى وقد ذكر القران الكريم التقوى في عدة آيات مبينا فضائلها وخصالها وأثارها على عباده المتقين , وما فيها من الامتثال لأوامر الله واجتناب نواهيه في كل مكان وفي كل زمان واوان فانه معك أينما كنت وناظر إليك أينما توجهت ومطلع عليك أينما رحلت وحقيقة التقوى متوقفة على العلم بأحكام الدين لان الجاهل لا يعرف كيف يتقي الله عزوجل، فالعلم هو الأساس لبناء المثل الكامل للمؤمن الذي يريد التقوى وكلمة التقوى جامعة لكل أنواع الخير ومن ثمراتها نذكر على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1 النجاة من الشدائد وحصول الرزق الحلال وذلك مصداقا لقوله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)
2 الحفظ والحراسة من الأعداء قال تعالى: (وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا)
3 النجاة من النار قال تعالى في كتابة العزيز: (ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا)
4 إصلاح العمل وغفران الذنوب فال تعالى وهو اصدق القائلين: (يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم)
5 ومنها الإكرام لقوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله اتقاكم)
6 البشارة بكل خير في الدنيا و الآخرة قال تعالى: (الدين امنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة)
7 هذا بالإضافة الى المديح والثناء والتأييد والنصر محبة الله تعالى وتيسير الأمور
وغيرها من الخصال الحميدة التي تضمن لصاحبها في الدنيا السعادة والهناء وكل خير منشود وفي الآخرة النجاة والمقام المحمود "
وما ذكرت المؤلفات من ثمار هو تكرار لبعضها البعض فالنجاة من الشدائد فى 1 من صمنها الحفط والحراسة من ألعداء فى2 والإكرام فى 5 هو البشارة فى 6 هو المديح والثناء والتأييد والنصر فى 7
وحدثننا عن أقسام التقوى التى عليها الناس فقلن:
أقسام التقوى التي عليها الناس
والتقوى من باب أنها: طاعة الأمر الديني، والصبر على ما يقدر عليه من القدر الكوني نستطيع أن نقسمها الى أربعة أقسام مثلما قسمها الشيخ ابن تيمية
احدها: أهل التقوى والصبر، وهم الذين انعم الله عليهم من أهل السعادة في الدنيا والآخرة
والثاني: الذين لهم نوع من التقوى بلا صبر، مثل الذين يمتثلون ما عليهم من الصلاة ونحوها، ويتركون المحرمات، لكن إذا أصيب احدهم في بدنه بمرض ونحوه أو في ماله أو في عرضه، أو ابتلى بعدو يخيفه عظم جزعه، وظهر هلعه
والثالث: قوم لهم نوع من الصبر بلا تقوى، مثل الفجار الذين يصبرون علي ما يصيبهم في مثل أهوائهم، كاللصوص والقطاع الذين يصبرون على الآلام في مثل ما يطلبونه من الغصب واخذ الحرام، والكتاب وأهل الديوان الذين يصبرون على ذلك في طلب ما يحصل لهم من الأموال بالخيانة وغيرها وكذلك طلاب الرئاسة والعلو على غيرهم يصبرون من ذلك على أنواع من الأذى التي لا يصبر عليها أكثر الناس، وكذلك أهل المحبة للصور المحرمة من أهل العشق وغيرهم يصبرون في مثل ما يهوونه من المحرمات على أنواع من الأذى والآلام وهؤلاء هم الذين يريدون علوا في الأرض أو فسادا من طلاب الرئاسة والعلو على الخلق، ومن طلاب الأموال بالبغي والعدوان، والاستمتاع بالصور المحرمة نظرا أو مباشرة وغير ذلك يصبرون على أنواع من المكروهات، ولكن ليس لهم تقوى فيما تركوه من المأمور، وفعلوه من المحظور، وكذلك قد يصبر الرجل على ما يصيبه من المصائب: كالمرض والفقر وغير ذلك، ولا يكون فيه تقوى إذا قدر
وأما القسم الرابع: فهو شر الأقسام: لا يتقون إذا قدروا، ولا يصبرون إذا ابتلوا؛ بل هم كما قال الله تعالى: {إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا} فهؤلاء تجدهم من اظلم الناس وأجبرهم إذا قدروا، ومن أذل الناس واجزعهم إذا قهروا إن قهرتهم ذلوا لك ونافقوك، وحابوك واسترحموك ودخلوا فيما يدفعون به عن أنفسهم من أنواع الكذب والذل وتعظيم المسؤول، وان قهروك كانوا من اظلم الناس وأقساهم قلبا واقلهم رحمة وإحسانا وعفوا، كما قد جربه المسلمون في كل من كان عن حقائق الإيمان ابعد: مثل التتار الذين قاتلهم المسلمون ومن يشبههم في كثير من أمورهم وان كان متظاهرا بلباس جند المسلمين وعلمائهم وزهادهم وتجارهم وصناعهم، فالاعتبار بالحقائق: (فان الله لا ينظر الى صوركم ولا الى أموالكم، وإنما ينظر الى قلوبكم وإعمالكم) "
وقطعا هذا التقسيم لا أساس له من كتاب فهو اختراع بشرى فالتقوى هى التقوى فإما أن تتكون متقى وإما أن تكون كافر لا ثالث بينهم