الخميس، 30 سبتمبر 2021

نقد كتاب القول الفصل في حكم البناء على القبر

نقد كتاب القول الفصل في حكم البناء على القبر
جامع الكتاب كما قال سليمان بن صالح بن عبد العزيز الجربوع وقد جمع مادة الكتاب فى موضوع بناء القبب على القبر وحكمها وقد قال صالح الفوزان فى المقدمة
"أما بعد,
فإن المتأمل في هذا الزمان والمطلع على واقع المسلمين يجد أمورا يندى لها الجبين، وخاصة إن كانت من أعظم ذنب عصي الله به، أو سبيل موصل إليه، وهو الشرك بالله تعالى، وهل أرسل الرسل ونزلت الكتب إلا لتحقيق العبادة لله وحده لا شريك له، وإبطال ما سواه من الأنداد، { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } ، هذا وإن من الطرق الموصلة للشرك بناء القبب على القبور، وهو طريق وسبيل إلى عبادتها أو الاستشفاع بها عند الله، عياذا بالله من ذلك.
ولهذه الأسباب وغيرها جاءت فكرة طرح هذا المختصر عن بناء القبب على القبر وحكمها في الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف الصالح عنها والعمل تجاهها، عسى الله أن ينفع كاتبها وقارئها."
وقد استهل الجربوع الكتاب بتعريف القبب فقال:
"مقدمة
معنى القبة في اللغة: القبة من البناء: قيل هي البناء من الأدم خاصة، مشتق من ذلك، والجمع قبب وقباب. وقببها: عملها. وتقببها: دخلها، وبيت مقبب: جعل فوقه قبة؛ والهوادج تقبب. وقببت قبة، وقببتها تقبيبا إذا بنيتها. وقبة الإسلام: البصرة، وهي خزانة العرب .
والمقصود في بحثنا هذا هو ما بني على قبل الميت من الأبنية."
واستهل البحث بذكر رواية ثم نقل شرحها فقال:
"وعن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: «ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله (ص) ألا أدع قبرا مشرفا إلا سويته، ولا تمثالا إلا طمسته»
قال الإمام الشوكاني في شرحه لهذا الحديث: «... ومن رفع القبور الداخل تحت الحديث دخولا أوليا القبب والمشاهد المعمورة على القبور، وهو من اتخاذ القبور مساجد، وقد لعن رسول الله (ص)فاعله، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الشيخان من حديث أم المؤمنين عائشة عن رسول الله (ص): «لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» "
ثم ذكر روايات أخرى فى الموضوع فقال:
"واستشار رجل عبد الله بن عمر أن يبني فسطاطا على ميت له، فقال له: «لا تفعل، إنما يظله عمله»
وعن أم سلمة وأم حبيبة أنهما ذكرتا للنبي (ص)كنيسة رأينها بأرض الحبشة، وذكرتا حسنها، وتصاوير فيها، فقال النبي (ص): «إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» .
وروى حرب الكرماني عن زيد بن ثابت أن ابنا له مات, فاشترى غلام له جصا وآجرا ليبني على القبر، فقال له زيد: حفرت وكفرت، أتريد أن تبني على قبر ابني مسجدا ؟ ونهاه عن ذلك
وعن أنس قال: «كنت أصلي وهناك قبر، فقال عمر بن الخطاب: القبر القبر! فظننته يقول: القمر، وإذا هو يقول: القبر، أو كما قال» .
وقد قال ابن القيم: «وأبلغ من ذلك: أن رسول الله (ص)أمر بهدم مسجد الضرار، ففي هذا دليل على هدم ما هو أعظم فسادا منه كالمساجد المبنية على القبور، فإن حكم الإسلام فيها أن تهدم كلها حتى تسوى بالأرض، وهي أولى بالهدم من مسجد الضرار، وكذلك القباب التي على القبور يجب هدمها كلها؛ لأنها أسست على معصية الرسول؛ لأنه قد نهى عن البناء على القبور؛ فبناء أسس على معصيته ومخالفته بناء محرم وهو أولى بالهدم من بناء العاصب قطعا»"
المنقول عن ابن القيم بعدم مسجد الضرار هو تكذيب صريح للقرآن فالله طالب نبيه(ص) بعدم الإقامة وهى الصلاة فيه كما قال :
"لا تقم فيه أبدا"
ومن ثم القياس بهدم البناء على القبور على هدم المسجد الضرارى غير جائز لعدم وقوع الهدم فى المسجد
ثم قال :
"(وقد أفتى جماعة من الشافعي بعدم ما بالقرافة من الأبنية، منهم ابن الجميزي (ت649هـ) والظهير التزمنتي (ت682هـ) وغيرهما، وقال القاضي ابن كج (ت405هـ): «ولا يجوز أن تجصص القبور، ولا أن يبنى عليها قباب ولا غير قباب، والوصية بها باطلة».
وقال الفقيه الشافعي الأذراعي (ت781هـ): «وأما بطلان الوصية ببناء القباب وغيرها من الأبنية، وإنفاق الأموال الكثيرة، فلا ريب في تحريمه».
وقال ابن رشد (ت520هـ): «كره مالك البناء على القبر، وجعل البلاطة المكتوبة، وهو من بدع أهل الطول، أحدثوه إرادة الفخر والمباهاة والسمعة» .
وقد قال الإمام الشافعي: «رأيت الأئمة بمكة، يأمرون بهدم ما يبنى على القبور» ويؤيد الهدم: قوله (ص): «ولا قبرا مشرفا إلا سويته» وحديث جابر الذي بمسلم «نهى (ص)عن البناء على القبور». اهـ.
وقال شيخ الإسلام محمد التميمي معلقا على قول الشافعي السابق: «ولأنها أسست على معصية الرسول؛ لنهيه عن البناء عليها، وأمره بتسويتها؛ فبناء أسس على معصيته، ومخالفته (ص)بناء غير محترم، وأولى بالهدم من بناء الغاصب قطعا، وأولى من هدم مسجد الضرار، المأمور بهدمه شرعا؛ إذ المفسدة أعزم حماية للتوحيد... اهـ»
وقد قال ابن حجر: « (ص)تجب المبادرة لهدم المساجد والقباب التي على القبور؛ إذ هي اضر من مسجد الضرار؛ لأنها أسست على معصية رسول الله (ص)، وكانت هذه الفتوى في عهد الملك الظاهر, إذ عظم على هدم كل ما في القرافة من البناء كيف كان، فاتفق علماء عصره أنه يجب على ولي الأمر أن يهدم ذلك كله ويجب عليه أن يطلق أصحابها رمي ترابها في الكيمان» .
قال الإمام محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني: «فإن هذه القباب والمشاهد التي صارت أعظم ذريعة إلى الشرك والإلحاد، وأكبر وسيلة إلى هدم الإسلام وخراب بنيانه، غالبا، بل كل من يعمرها هم الملوك والسلاطين والرؤساء والولاة، إما على قريب لهم أو على من يحسنون الظن فيه، من فاضل أو عالم أو صوفي أو فقير أو شيخ أو كبير، ويزوره الناس الذين يعرفونه زيارة الأموات، من دون توسل به ولا هتف باسمه، بل يدعون له ويستغفرون، حتى ينقرض من يعرفه أو أكثرهم، فيأتي من بعدهم فيجد قبرا قد شيد عليه البناء، وسرجت عليه الشموع، وفرش بالفراش الفاخر، وأرخيت عليه الستور، وألقيت عليه الورود والزهور، فيعتقد أن ذلك لنفع أو لدفع ضر، ويأتيه السدنة يكذبون على الميت بأنه فعل وفعل، وأنزل بفلان الضرر، وبفلان النفع، حتى يغرسوا في جبلته كل باطل، فلذلك ثبت في الأحاديث النبوية المنع من ذلك. » .
وكلام القوم عن الهدم فى كل الأحوال هو كلام لا يراعى الفوائد فالأسهل هو اخراج الجثث من المساجد ودفنها فى مقابر الناس مع تسوية مكان القبر ببقية أرض المسجد
ونقل الجربوع بعض الرسائل والفتاوى فى الموضوع فقال :
"بعض رسائل وفتاوى العلماء في بناء القبب على القبور، والواجب تجاهها
الرسالة الأولى: رسالة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب:
بسم الله الرحمن الرحيم, من محمد بن عبد الوهاب إلى العلماء الأعلام في بلد الله الحرام، نصر الله بهم دين سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام، وتابعي الأئمة الأعلام.
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وبعد, جرى علينا من الفتنة ما بلغكم وبلغ غيركم، وسببه هدم بناء في أرضنا على قبور الصالحين، ومع هذا نهيناهم عن دعوة الصالحين، وأمرناهم بإخلاص الدعاء لله، فلما أظهرنا هذه المسألة، مع ما ذكرنا من هدم البناء على القبور، كبر على العامة، وعاضدهم بعض من يدعي العلم لأسباب ما تخفى على مثلكم، أعظمها أتباع الهوى مع أسباب أخر... الخ الرسالة
الرسالة الثانية: رسالة للإمام البطل المجاهد سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود آل سعود رسالة إلى سليمان باشا، وجاء في : فشعائر الكفر بالله والشرك هي الظاهرة عندكم مثل: بناء القباب على القبور وإيقاد السرج عليها وتعليق الستور عليها... إلخ .
الرسالة الثالثة: جواب سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز على السؤال التالي:
السؤال: لاحظت عندنا على بعض القبور عمل صبة بالأسمنت بقدر متر طولا في نصف متر عرضا مع كتابة اسم الميت عليها وتاريخ وفاته وبعض الجمل؛ اللهم ارحم فلان بن فلان... وهكذا، فما حكم مثل هذا العمل؟
الجواب: لا يجوز البناء على القبور لا بصبة ولا بغيرها ولا تجوز الكتابة عليها؛ لما ثبت عن النبي (ص)من النهي عن البناء عليها والكتابة عليها؛ فقد روى مسلم من حديث جابر قال: «نهى رسول الله (ص)أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه» وخرجه الترمذي وغيره بإسناد صحيح وزاد «وأن يكتب عليه» ولأن ذلك نوع من أنواع الغلو, فوجب منعه، ولأن الكتابة ربما أفضت إلى عواقب وخيمة من الغلو وغيره من المحظورات الشرعية، وإنما يعاد تراب القبر عليه ويرفع قدر شبر تقريبا حتى يعرف أنه قبر، هذه هي السنة في القبور التي درج عليها رسول الله (ص)وأصحابه ، ولا يجوز اتخاذ المساجد عليها ولا كسوتها ولا وضع القباب عليها لقول النبي (ص): «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» متفق على صحته، ولما روى مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي قال: سمعت رسول الله (ص)قبل أن يموت بخمس يقول: «إن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك» والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، ونسأل الله أن يوفق المسلمين للتمسك بسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام والثبات عليها والحذر مما يخالفها إنه سميع قريب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الرسالة الرابعة: وجه أيضا لسماحة الشيخ ابن باز هذا السؤال: عندنا من المشايخ الصوفية من يهتمون بعمل القباب على الأضرحة والناس يعتقدون فيهم الصلاح والبركة، فإن كان هذا الأمر غير مشروع فما هي نصيحتكم لهم وهم قدوة في نظر السواد الأعظم من الناس؟ أفيدونا بارك الله فيكم. اهـ.
الجواب: النصيحة لعلماء الصوفية ولغيرهم من أهل العلم أن يأخذوا بما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله (ص)، وأن يعلموا الناس ذلك، وأن يحذروا اتباع من قبلهم فيما يخالف ذلك؛ فليس الدين بتقليد المشايخ ولا غيرهم، وإنما الدين ما يؤخذ من كتاب الله وسنة رسوله (ص)، وما أجمع عليه أهل العلم وعن الصحابة ، هكذا يؤخذ الدين لا عن تقليد زيد أو عمرو، ولا عن مشايخ الصوفية ولا غيرهم، وقد دلت السنة الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام على أنه لا يجوز البناء على القبور ولا اتخاذ المساجد عليها، ولا اتخاذ القباب ولا أي بناء، كل ذلك محمر بنص الرسول (ص)، ومن ذلك ما ورد في الصحيحين عن عائشة قالت: «قال رسول الله (ص): «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» قالت: يحذر ما صنعوا»، وفي الصحيحين عن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله تعالى عنهما أنهما ذكرتا للنبي (ص)كنيسة رأتاها في أرض الحبشة وما فيها من الصور فقال (ص): «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوره فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله» فأخبر (ص)ن الذين يتخذون المساجد على القبور هم شرار الخلق، وهكذا من يتخذ عليها الصور؛ لأنها دعاية إلى الشرك ووسيلة له؛ لأن العامة إذ رأوا هذا عظموا المدفونين واستغاثوا بهم ودعوهم من دون الله وطلبوهم المدد والعون، وهذا هو الشرك الأكبر وفي حديث جندب بن عبد الله البجلي المخرج في صحيح مسلم عن النبي (ص)أنه قال: «إن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد،
ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك» هكذا رواه مسلم في الصحيح، فدل ذلك على فضل الصديق وأنه أفضل الصحابة وخيرهم، وأنه لو اتخذ النبي خليلا لاتخذه خليلا ، ولكن الله جل وعلا منعه من ذلك حتى تتمحض محبته لربه سبحانه وتعالى، وفي الحديث دلالة على تحريم البناء على القبور, واتخاذ مساجد عليها وعلى ذم من فعل ذلك من ثلاث جهات: إحداها: ذمه من فعل ذلك، والثانية: قوله: «فلا تتخذوا القبور مساجد»، والثالثة: قوله: «فإني أنهاكم عن ذلك».
فحذر من البناء على القبور بهذه الجهات الثلاث، فوجب على أمته أن يحذروا ما حذرهم منه، وأن يبتعدوا عما ذم الله به من قبلهم من اليهود والنصارى ومن تشبه بهم من اتخاذ المساجد على القبور والبناء عليها، وهذه الأحاديث التي ذكرنا صريحة في ذلك، والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم: الذريعة الموصلة إلى الشرك الأكبر، فعبادة أهل القبور بدعائهم والاستغاثة والنذور والذبائح لهم وطلب المدد والعون منهم كما هن واقع الآن في بلدان كثيرة في السودان ومصر وفي الشام وفي العراق وفي بلدان أخرى, كل ذلك من الشرك الأكبر، يأتي الرجل العامي الجاهل, فيقف على صاحب القبر المعروف عندهم فيطلبه المدد والعون كما يقع عند قبر البدوي والحسين وزينب والسيدة نفيسة، وكما يقع في السودان عند قبور كثيرة، وكما يقع في بلدان أخرى، وكما يقع من بعض الحجاج الجهال عند قبر النبي (ص)في المدينة وعند قبور أهل البقيع وقبور أخرى, يقع هذا من الجهال، فهم يحتاجون إلى التعليم والبيان والعناية من أهل العلم حتى يعرفوا دينهم على بصيرة، فالواجب على أهل العلم جميعا الذين من الله عليهم بمعرفة دينهم على بصيرة سواء كانوا من الصوفية أو غيرهم أن يتقوا الله وأن ينصحوا عباد الله، وأن يعلموهم دينهم، وأن يحذروهم من البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب أو غير ذلك من أنواع البناء، وأن يحذروهم من الاستغاثة بالموتى ودعائهم فالدعاء عبادة يحب صرفها لله وحده، كما قال الله سبحانه: { فلا تدعوا مع الله أحدا } وقال سبحانه: { ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين } يعني: من المشركين، وقال (ص): «الدعاء هو العبادة»، وقال (ص): «إذا سألت فأسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله» فالميت قد انقطع عمله وعلمه بالناس، وهو في حاجة أن يدعى له ويستغفر له ويترحم عليه لا أن يدعى من دون الله، يقول النبي - عليه السلام - : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له».
فكيف يدعى من دون الله؟ وهكذا الأصنام وهكذا وهكذا الأشجار والأحجار والقمر والشمس والكواكب, كلها لا تدعى من دون الله، ولا يستغاث بها، وهكذا أصحاب القبور وإن كانوا أنبياء أو صالحين، وهكذا الملائكة والجن لا يدعون مع الله، فالله سبحانه يقول: { ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون } فالله لا يأمر باتخاذ الملائكة والبنيين أربابا من دونه؛ لأن ذلك كفر بنص الآية، وفي حديث جابر عند مسلم في صحيح يقول : «نهى رسول الله عن تجصيص القبور وعن القعود عليها وعن البناء عليها» وما ذاك إلا لأن تجصيصها والبناء عليها وسيلة إلى الشرك بأهلها والغلو فيهم أما القعود عليها فهو امتهان لها، فلا يجوز ذلك، كما لا يجوز البول عليها والتغوط عليها، ونحو ذلك من أنواع الإهانة؛ لأن المسلم محترم حيا وميتا لا يجوز أن يداس قبره ولا أن تكسر عظامه، ولا أن يقعد على قبره، ولا أن يبال عليه، ولا أن توضع عليه القمائم، كل هذا ممنوع، فالميت لا يمتهن ولا يعظم بالغلو فيه ودعائه مع الله والطواف بقبره ونحو ذلك من أنواع الغلو، وبذلك يعلم أن الشريعة الإسلامية الكاملة جاءت بالأمر الوسط بشأن الأموات فلا يغلى فيهم ويعبدون مع الله، ولا يمتهنون بالقعود على قبورهم ونحو ذلك، وهي وسط في كل الأمور والحمد لله؛ لأنها تشريع من حكيم عليم يضع الأمور في مواضعها كما قال عز وجل: { إن ربك حكيم عليم }
ومن هذا ما جاء في الحديث الصحيح يقول (ص): «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها»، فجمعت الشريعة الكاملة العظيمة بين الأمرين؛ بين تحريم الغلو بدعاء أهل القبور والاستغاثة بهم والصلاة إلى قبورهم، وبين النهي عن إيذائهم وامتهانهم والجلوس على قبورهم أو الوطء عليها والاتكاء عليها، كل هذا ممنوع فلا هذا ولا هذه، وبهذا يعلم المؤمن ويعلم طالب الحق أن الشريعة جاءت بالوسط لا بالشرك ولا بالإيذاء، فالميت المسلم يدعى له ويستغفر له ويسلم عليه عند زياراته, أما أن يدعى من دون الله أو يطاف بقبره أو يصلى إليه, فلا، أما الحي الحاضر فلا بأس بالتعاون معه فيما أباح الله؛ لأن له قدرة على ذلك، فيجوز شرعا التعاون معه بالأسباب الحسية، وهكذا الإنسان مع أخوانه ومع أقاربه يتعاونون في مزارعهم وفي إصلاح بيوتهم وفي إصلاح سيارتهم ونحو ذلك، يتعاونون بالأسباب الحسية المباحة المقدور عليها, فلا بأس بذلك، وهكذا مع الغائب الحي عن طريق الهاتف أو عن طريق المكاتبة ونحو ذلك، كل هذا تعاون حسي لا بأس به في الأمور المقدورة المباحة، كما أن الإنسان القادر الحي يتصرف بالأسباب الحسية, فيعينك بيده ويبني معك أو يعطيك مالا، هدية أو قرضا، فالتعاون مع الأحياء شيء جائز بشروطه المعروفة، أما الاستغاثة بالأموات أو بالغائبين بغير الأسباب الحسية, فشرك أكبر بإجماع أهل العلم ليس فيه نزاع بين الصحابة ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان وأهل البصيرة، والبناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب كذلك منكر معلوم عند أهل العلم، جاءت الشريعة بالنهي عنه؛ لكونه وسيلة إلى الشرك، فالواجب على أهل العلم أن يتقوا الله أينما كانوا، وأن ينصحوا عباد الله، وأن يعلموهم شريعة الله، وأن لا يجاملوا زيدا ولا عمرا، فالحق أحق أن يتبع بل عليهم أن يعلموا الأمير والصغير والكبير، ويحذروا الجميع مما حرم الله عليهم، ويرشدوهم إلى ما شرح الله لهم،وهذا هو الواجب على أهل العلم أينما كانوا من طريق الكلام الشفهي ومن طريق الكتاب ومن طريق التأليف أو من طريق الخطابة في الجمعة وغيرها، أو من طريق الهاتف أو من أي الطرق التي وجدت الآن والتي تمكن على تبليغ دعوة الله ونصح عباده، والله ولي التوفيق .
الرسالة الخامسة: وقد سئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين السؤال: هذه الرسالة وردتنا من الأردن, يقول فيها الأخ خليل يزد محمد النعامي: هل يجوز بناء القبر، وإذا لم يجوز أفيدوني ماذا أفعل؟
الجواب: لا أدري هل يريد ببناء القبر اتخاذ مكان للإنسان بدفن فيه مبنيا، أو أنه يريد ببناء القبر البناء عليه، فإن كان الأول وهو أن يتخذ مكانا يدفن فيه, فإن السنة هو أن يكون القبر ملحدا، أي: أن تحفر حفرة ويجعل في مقدمة القبر من ما يلي القبلة حفرة أخرى بمقدار جسم الميت يدفن فيها هذا هو السنة التي ثبتت عن النبي (ص)وعلى هذا فمن اتخذ قبرا مبنيا ببناء, فإنه يكون مخالفا للسنة، وأما إذا كان يريد البناء على القبور, فإن هذا محرم وقد نهى عنه (ص)؛ لما فيه من تعظيم أهل القبور وكونه وسيلة وذريعة إلى أن تعبد هذه القبور وتتخذ آلهة مع الله, كما هو الشأن في كثير من الأبنية التي بنيت على القبور فأصبح الناس يشركون بأصحاب هذه القبور مع الله سبحانه وتعالى .
وقد سئل في فتاوى نورعلى الدرب السؤال الآتي: جزاكم الله خيرا السائل أحمد من اليمن من محافظة إب يقول في هذا السؤال: نرجو منكم أن تفتوننا في هذا السؤال يوجد لدينا قبر رجل ويقولون بأنه ولي وقد بني عليه قبة وبجانبه ما يقارب من ثلاثة قبور أخرى والقبة المذكورة قد جعلوا فيها مقدمة ومكانا يصلى فيه والقبور المذكورة تقع خلف المصلين, ونحن نصلي في هذه القبة والقبور من خلفنا, فنرجو من فضيلة الشيخ النصح والتوضيح هل صلاتنا صحيحة أو لا, جزاكم الله خيرا.
الجواب: البناء على القبور محرم، وكل بناء بني على قبر فإنه يجب هدمه، ولا يجوز إقراره والصلاة فيه لا تصح بل هي باطلة؛ فلا يحل لكم أن تصلوا في هذه الساحة، وإن صليتم فأنتم آثمون وصلاتكم باطلة مردودة عليكم ثم إني أقول: من قال إن هذا قبر ولي قد يكون دجلا وكذبا ثم أقول: ما هو الولي قد يكون دجالا دجل على الناس, وقال إنه من أولياء الله وهو من أعداء الله وأولياء الله تعالى هم المؤمنون المتقون لقوله تعالى: { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون }فلابد من هذه المقدمات أن يعلم أن هذا من أولياء الله لكونه مؤمنا تقيا، وأن يعلم أنه دفن في هذا، وبعد هذا يجب أن تهدم القبة التي عليه ولا تصح الصلاة فيها."
والحادثة الوحيدة التى وردت فى القرآن فى الأمر هى :
موت أهل الكهف للمرة الثانية واختلاف الناس فيهم لفريقين:
الأول وهو الذى على حق قال:
ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم
والبنيان ليس هنا حجارة أو لبن يرص وإنما المراد حفرة الدفن كما سمى قوم إبراهيم (ص)المحرقة وهى مكان تجميع الوقود والأحطاب بنيانا فى قوله تعالى :
"قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه فى الجحيم فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين"
الثانى وهم الذين غلبوا على الأمر والمراد الذين كانوا يحكمون القرية:
لنتخذن عليهم مسجدا وهذا معناه انهم أقاموا على القبور مسجد
وفى هذا قال تعالى :
"وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا
بقيت كلمة وهى :
أن السبب فى نشوء المشكلة هو :
أن المجتمع لا يقوم بدوره فى تنفيذ أحكام البناء أو غيرها مما سمح للمخالفين بعمل ما يريدون ومن ثم نشأت المخالفات لأن الحاكمين هم من يريدون تلك المخالفات ليثبتوا فيما بعد لأنفسهم فساد صحيح الدين ومن ثم يبنوا عليه الدين الباطل القائم على التفرقة بين المسلمين دون داعى بوجود مسلمين أولياء لله ومسلمين ليسوا كذلك والحقيقة أن كل المسلمين أولياء الله بلا استثناء لأحد

الأربعاء، 29 سبتمبر 2021

قراءة فى كتاب كتب في الرد على ابن تيمية و ابن عبدالوهاب

قراءة فى كتاب كتب في الرد على ابن تيمية و ابن عبدالوهاب
الكتاب عبارة عن ذكر لكتب ردت على كتب ابن تيمية وكتب محمد عبد الوهاب مع ذكر بيان مؤلفيها وزمنهم
والكاتب بنى كتابه على عداوة الرجلين دون النظر لما كتبا فلا يمكن أن نذكر المساوىء دون أن نذكر المحاسن فالرجلين لهما كتب قيمة خاصة ابن تيمية كالرد على العقلانيين أو الطبيعيين
وقد طالبنا الله أن نعدل فيمن نكرههم فقال سبحانه:
" ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"
ومن ثم كان على الكاتب أن يذكر بعض المحاسن كما ذكر الكتب التى تدل على المساوىء
وبالطبع ليس أحد معصوم من الأخطاء والله هو من سيحاسبنا
والآن لذكر الكتب التى ترد على الأخطاء التى وقع فيها الرجلين كما يقول المؤلف مع أن معهما الحق فى بعض المسائل فى الكتب التى تنتقدهم وهى :
بعض ممن ألف و رد على ابن تيمية:
1) القاضي المفسر بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة الشافعي المتوفى سنة 733 هجرية
2) القاضي محمد بن الحريري الأنصاري الحنفي
3) القاضي محمد بن أبي بكر المالكي
4) القاضي أحمد بن عمر المقدسي الحنبلي. و قد حبس بفتوى موقعة منهم (القضاة الأربعة المذكورين أعلاه) سنة 726 هجرية. أنظر كتاب عيون التواريخ للكتبي و كتاب نجم المهتدي لابن المعلم القرشي.
5) الشيخ صالح بن عبد الله البطائحي شيخ المنيبيع الرفاعي نزيل دمشق المتوفى سنة 707 هجرية. و هو أحد من قام على ابن تيمية و رد عليه. أنظر روضة الناظرين و خلاصة مناقب الصالحين لأحمد الوتري. و قد ترجمه الحافظ ابن حجر في كتاب الدرر الكامنة.
6) معاصره الشيخ كمال الدين محمد بن أبي الحسن علي السراج الرفاعي القرشي الشافعي (تفاح الأرواح و فتاح الأرباح)
7) الفقيه المتكلم على لسان الصوفية في زمانه الشيخ تاج الدين أحمد بن عطاء الله الاسكندري الشاذلي المتوفى 709 هجرية.
8) قاضي القضاة بالديار المصرية أحمد بن ابراهيم السروجي الحنفي المتوفى سنة 710هجرية (اعتراضات على ابن تيمية في علم الكلام)
9) قاضي قضاة المالكية علي بن مخلوف بمصر المتوفى سنة 718هجرية. كان يقول: ابن تيمية يقول بالتجسيم و عندنا من اعتقد هذا الاعتقاد كفر و وجب قتله.
10) الشيخ الفقيه علي بن يعقوب البكري المتوفى سنة 724هجرية، لما دخل ابن تيمية مصر قام على ابن تيمية و أنكر عليه ما يقول.
11) الفقيه شمس الدين محمد بن عدلان الشافعي المتوفى سنة 749هجرية. كان يقول: (ان ابن تيمية كان يقول: ان الله فوق العرش فوقية حقيقية، و ان الله يتكلم بحرف و صوت)
12) الحافظ المجتهد تقي الدين السبكي المتوفى سنة 756هجرية. أنظر مؤلفاته: الاعتبار ببقاء الجنة و النار. الدرة المضية في الرد على ابن تيمية. شفاء السقام في زيارة خير الأنام. النظر المحقق في الحلف بالطلاق المعلق. نقد الاجتماع و الافتراق في مسائل الأيمان و الطلاق. التحقيق في مسألة التعليق. رفع الشقاق عن مسألة الطلاق.
13) ناظره المحدث المفسر الفقيه محمد بن عمر بن مكي المعروف بابن المرحل الشافعي المتوفى سنة 716هجرية.
14) قدح فيه الحافظ أبو سعيد العلائي المتوفى سنة 761هجرية. أنظر كتاب ذخائر القصر في تراجم نبلاء العصر لابن طولون صفحة 32 - 33. و كتاب أحاديث زيارة قبر النبي صلى الله عليه و سلم.
15) قاضي قضاة المدينة المنورة أبو عبد الله محمد بن مسلم بن مالك الصالحي الحنبلي المتوفى سنة 726هجرية
16) معاصره الشيخ أحمد بن يحيى الكلابي الحلبي المعروف بابن جهبل المتوفى سنة 733هجرية في كتابه رسالة في نفي الجهة.
17) القاضي كمال الدين بن الزملكاني المتوفى سنة 727 هجرية. ناظره و رد عليه برسالتين واحدة في مسألة الطلاق و الأخرى في مسألة الزيارة.
18) ناظره القاضي صفي الدين الهندي المتوفى سنة 715هجرية.
19) الفقيه المحدث علي بن محمد الباجي الشافعي المتوفى سنة 714 هجرية. ناظره في أربعة عشر موضعا و أفحمه.
20) المؤرخ الفقيه المتكلم الفخر بن المعلم القرشي المتوفى سنة 725هجرية. أنظر كتاب نجم المهتدي و رجم المعتدي.
21) الفقيه محمد بن علي بن علي المازني الدهان الدمشقي المتوفى سنة 721هجرية. كتب: رسالة في الرد على ابن تيمية في مسألة الطلاق. رسالة في الرد على ابن تيمية في مسألة الزيارة.
22) الفقيه أبو القاسم أحمد بن محمد بن محمد الشيرازي المتوفى سنة 733 هجرية. رسالة في الرد على ابن تيمية.
23) رد عليه الفقيه المحدث جلال الدين محمد القزويني الشافعي المتوفى سنة 739 هجرية.
24) مرسوم السلطان ابن قلاوون المتوفى سنة 741 هجرية بحبسه.
25) معاصره الحافظ الذهبي المتوفى سنة 748هجرية. أنظر كتابي: بيان زغل العلم و الطلب. و النصيحة الذهبية.
26) المفسر أبو حيان الأندلسي المتوفى سنة 745هجرية في كتاب تفسير النهر الماد من البحر المحيط.
27) الشيخ عفيف الدين عبد الله بن أسعد اليافعي اليمني ثم المكي المتوفى سنة 768هجرية.
28) الفقيه الرحالة ابن بطوطة المتوفى سنة 779هجرية في كتاب رحلة ابن بطوطة
29) طبقات الشافعية الكبرى للفقيه تاج الدين السبكي المتوفى سنة 771هجرية.
30) عيون التواريخ للمؤرخ ابن شاكر الكتبي تلميذ ابن تيمية المتوفى سنة 764هجرية.
31) التحفة المختارة في الرد على منكر الزيارة للشيخ عمر بن أبي اليمن اللخمي الفاكهي المالكي المتوفى سنة 734هجرية.
32) المقالة المرضية في الرد على من ينكر الزيارة المحمدية. التي طبعت ضمن كتاب"البراهين الساطعة" للعزامي للقاضي محمد السعدي المصري الأخنائي المتوفى سنة 750هجرية.
33) رسالة في مسألة الطلاق للشيخ عيسى الزواوي المالكي المتوفى سنة 743هجرية.
34) الأبحاث الجلية في الرد على ابن تيمية للشيخ أحمد بن عثمان التركماني الجوزجاني الحنفي المتوفى سنة 744هجرية.
35) بيان مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة للحافظ عبد الرحمن بن أحمد المعروف بابن رجب الحنبلي المتوفى سنة 795هجرية.
36) الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هجرية رد على ابن تيمية في كتبه: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة. لسان الميزان. فتح الباري شرح صحيح البخاري. الاشارة بطرق حديث الزيارة.
37) كتاب الأجوبة المرضية في الرد على الأسئلة المكية للحافظ ولي الدين العراقي المتوفى سنة 826هجرية.
38) كتاب تاريخ ابن قاضي شهبة للفقيه المؤرخ ابن قاضي شهبة الشافعي المتوفى سنة 851هجرية.
39) كتاب دفع شبه من شبه و تمرد و نسب ذلك للامام أحمد للفقيه أبو بكر الحصني المتوفى سنة 829هجرية.
40) رد عليه شيخ أفريقيا أبو عبد الله بن عرفة التونسي المالكي المتوفى سنة 803هجرية.
41) العلامة علاء الدين البخاري الحنفي المتوفى سنة 841هجرية، كفره و كفر من سماه شيخ الإسلام ذكر ذلك الحافظ السخاوي في كتاب الضوء اللامع.
42) كتاب الرد على ابن تيمية في الاعتقادات للشيخ محمد بن أحمد حميد الدين الفرغاني الدمشقي الحنفي المتوفى سنة 867هجرية.
43) كتاب شرح حزب البحر للشيخ أحمد زروق الفاسي المالكي المتوفى سنة 899هجرية.
44) الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ للحافظ السخاوي المتوفى سنة 902هجرية.
45) كتاب القول الناصر في رد خباط علي بن ناصر لأحمد بن محمد المعروف بابن عبد السلام المصري المتوفى سنة 931هجرية.
46) ذمه العالم أحمد بن محمد الخوارزمي الدمشقي المعروف بابن القرا المتوفى سنة 968هجرية.
47) كتاب إشارات المرام من عبارات الامام للقاضي البياضي الحنفي المتوفى سنة 1098هجرية.
48) كتاب روضة الناظرين و خلاصة مناقب الصالحين للشيخ أحمد بن محمد الوتري المتوفى سنة 980هجرية.
49) الشيخ ابن حجر الهيتمي المتوفى سنة 974هجرية رد عليه في مؤلفاته: الفتاوى الحديثة. الجوهر المنظم في زيارة القبر المعظم. حاشية الايضاح في المناسك.
50) كتاب شرح العضدية للشيخ جلال الدين الدواني المتوفى سنة 928هجرية
51) الشيخ عبد النافع بن محمد بن علي بن عراق الدمشقي المتوفى سنة 962هجرية. أنظر ذخائر القصر في تراجم نبلاء العصر لابن طولون صفحة 32 - 33
52) نظم اللآلي في سلوك الأمالي للقاضي أبو عبد الله المقري.
53) كتاب شرح الشفا للقاضي عياض كتبه ملا علي القاري الحنفي المتوفى سنة 1014هجرية.
54) كتاب شرح الشمائل للترمذي للشيخ عبد الرءوف المناوي الشافعي المتوفى سنة 1031هجرية.
55) كتاب المبرد المبكي في رد الصارم المنكي للمحدث محمد بن علي بن علان الصديقي المكي المتوفى سنة 1057هجرية.
56) كتاب شرح الشفا للقاضي عياض للشيخ أحمد الخفاجي المصري الحنفي المتوفى سنة 1069هجرية.
57) كتاب أزهار الرياض للمؤرخ أحمد أبو العباس المقري المتوفى سنة 1041هجرية
58) كتاب شرح المواهب اللدنية للشيخ محمد الزرقاني المالكي المتوفى سنة 1122هجرية.
59) الشيخ عبد الغني النابلسي الدمشقي المتوفى سنة 1143هجرية و قد ذمه في أكثر من كتاب
60) ذمه الفقيه الشيخ محمد مهدي بن علي الصيادي الشهير بالرواس المتوفى سنة 1287هجرية
61) كتاب النشر الطيب على شرح الشيخ الطيب للشيخ إدريس بم أحمد الوزاني الفاسي المالكي المولود سنة 1272هجرية
62) كتاب قلادة الجواهر للسيد محمد أبو الهدى الصيادي المتوفى سنة 1328هجرية.
63) رسالة في الرد على الوهابية للشيخ مصطفى ابن الشيخ أحمد بن حسن الشطي الدمشقي الحنبلي قاضي دوما (كان حيا سنة 1331هجرية)
64) كتاب النقول الشرعية للمفتي مصطفى بن أحمد الشطي الحنبلي الدمشقي المتوفى سنة 1348هجرية.
65) كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق كتبه محمود خطاب السبكي المتوفى سنة 1352هجرية
66) كتاب لزوم الطلاق الثلاث دفعه بما لا يستطيع العالم دفعه لمفتي المدينة المنورة الشيخ المحدث محمد الخضر الشنقيطي المتوفى سنة 1353هجرية.
67) كتاب النفحة الزكية في الرد على الوهابية و كتاب الحجة المرضية في إثبات الواسطة التي نفتها الوهابية للشيخ عبد القادر بن محمد سليم الكيلاني الاسكندراني المتوفى سنة 1362هجرية.
68) رسالة في الرد على الوهابية للشيخ أحمد حمدي الصابوني الحلبي المتوفى سنة 1374هجرية.
69) كتاب البراهين الساطعة في رد البدع الشائعة للشيخ سلامة العزامي الشافعي المتوفى سنة 1376هجرية بالإضافة لمقالات له في جريدة المسلم المصرية.
70) كتاب تطهير الفؤاد من دنس الاعتقاد لمفتي الديار المصرية الشيخ محمد بخيت المطيعي المتوفى سنة 1354هجرية
71) أربعة كتب لوكيل المشيخة الاسلامية في دار الخلافة العثمانية الشيخ محمد زاهد الكوثري المتوفى سنة 1371هجرية و هي: كتاب مقالات الكوثري، كتاب التعقب الحثيث لما ينفيه ابن تيمية من الحديث، كتاب البحوث الوفية في مفردات ابن تيمية، كتاب الإشفاق في أحكام الطلاق
72) كتاب نصرة الامام السبكي برد الصارم المنكي لابراهيم بن عثمان السمنودي المصري، من أهل هذا العصر.
73) كتاب براءة الأشعريين من عقائد المخالفين لعالم مكة محمد العربي التباني المتوفى سنة 1390هجرية
74) كتاب معارف السنن شرح سنن الترمذي للشيخ محمد يوسف البنوري الباكستاني
75) كتاب ابن تيمية ليس سلفيا للشيخ منصور محمد عويس، من أهل هذا العصر
76) كتاب هداية الصغراء و كتاب القول الجلي للحافظ الشيخ أحمد بن صديق الغماري المغربي المتوفى سنة 1380هجرية.
77) كتاب الخلاصة الكافية في الأسانيد العالية للمسند أبو الأشبال سالم بن حسين بن جندان الإندونيسي المتوفى سنة 1389هجرية
78) كتاب اتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة و كتاب الصبح السافر في تحقيق صلاة المسافر و كتاب الرسائل الغمارية و غيرها للشيخ المحدث عبد الله الغماري المغربي المتوفى سنة 1413هجرية.
79) كتاب البصائر لمنكري التوسل بأهل القبور لحمد الله البراجوي عالم سهارنبور
80) و قد كفره الشيخ مصطفى أبو سيف الحمامي في كتابه غوث العباد ببيان الإرشاد
81) رد عليه محمد بن عيسى بن بدران السعدي المصري
82) السيد الشيخ الفقيه علوي بن طاهر الحداد الحضرمي.
83) كتاب جلاء الأوهام عن مذاهب الأئمة العظام و التوسل بجاه خير الأنام عليه الصلاة و السلام لمختار بن أحمد المؤيد العظمي المتوفى سنة 1340هجرية و قد رد فيه على كتاب ابن تيمية المسمى رفع الملام
84) كتاب مرءاة النجدية للشيخ إسماعيل الأزهري.
85) كتاب سراج الطالبين على منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين للشيخ الكياهي إحسان بن محمد دحلان الجمفسي الكديري الأندنوسي
86) كتاب اعتقاد أهل السنة و الجماعة و كتاب أربعين المسائل الدينية للشيخ سراج الدين عباس الأندنوسي المتوفى بجاكرتا سنة 1401هجرية
87) كتاب حجة أهل السنة و الجماعة للشيخ الكياهي الحاج علي معصوم الجكجاوي المتوفى سنة 1410هجرية.
88) كتاب عقائد أهل السنة و الجماعة للشيخ الكياهي أحمد بن عبد الحليم القندلي الأندنوسي ألفه سنة 1311هجرية.
89) كتاب توضيح الأدلة للشيخ الكياهي الحاج محمد شافعي حذام بن محمد صالح رائدي الأندنوسي الرئيس العام لمجلس العلماء الأندنوسي بجاكرتا سنة 1990 - 2000 م.
90) كتاب حصن السنة و الجماعة في معرفة فرق أهل البدع للشيخ الكياهي الحاج أحمد مكي عبد الله محفوظ الأندنوسي
وهذا غيض من فيض و لا يمكن لأحد ان يقول بأني ادلس فهذه الكتب موجودة لدي و يمكن ان ارسل لمن يريد اسماء اضافية.
ذكر بعض ما ألف في الرد على محمد بن عبد الوهاب النجدي:
1) إتحاف الكرام في جواز التوسل و الاستغاثة بالأنبياء الكرام: تأليف الشيخ محمد بن الشدي، مخطوط في الخزانة الكتانية بالرباط برقم/1143ك مجموعة.
2) إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس و عهد الأمان. تأليف أحمد بن أبي الضياف
3) اثبات الواسطة التي نفتها الوهابية. للشيخ عبد القادر بن محمد سليم الكيلاني الاسكندراني المتوفى سنة 1362هجرية.
4) كتاب أجوبة في زيارة القبور للشيخ العيدروس، مخطوط في الخزانة العامة بالرباط برقم 2577/ 4د مجموعة
5) كتاب الأجوبة النجدية عن الأسئلة النجدية لأبي العون شمس الدين محمد بن أحمد بن سالم المعروف بابن السفاريني النابلسي الحنبلي المتوفى سنة 1188هجرية
6) كتاب الأجوبة النعمانية عن الأسئلة الهندية في العقائد لنعمان بن محمود خير الدين الشهير بابن الألوسي البغدادي الحنفي المتوفى سنة 1317 هجرية
7) إحياء المقبور من أدلة استحباب بناء المساجد و القباب على القبور للحافظ أحمد بن صديق الغماري المتوفى سنة 1380هجرية
8) الإصابة في نصرة الخلفاء الراشدين للشيخ حمدي جويجاتي الدمشقي
9) كتاب الأصول الأربعة في ترديد الوهابية لمحمد حسن صاحب السرهندي المجددي المتوفى سنة 1346هجرية
10) كتاب إظهار العقوق ممن منع التوسل بالنبي و الولي الصدوق للشيخ المشرفي المالكي الجزائري
11) الأقوال السنية في الرد على مدعي نصرة السنة المحمدية جمعها إبراهيم شحاتة الصديقي من كلام المحدث عبد الله الغماري
12) الأقوال المرضية في الرد على الوهابية للفقيه عطا الكسم الدمشقي الحنفي
13) كتاب الانتصار للأولياء الأبرار للشيخ المحدث طاهر سنبل الحنفي
14) كتاب الأوراق البغدادية في الجوابات النجدية للشيخ ابراهيم الراوي البغدادي الرفاعي رئيس الطريقة الرفاعية ببغداد.
15) كتاب البراءة من الاختلاف في الرد على أهل الشقاق و النفاق و الرد على الفرقة الوهابية الضالة للشيخ علي زين العابدين السوداني.
16) كتاب البراهين الساطعة في رد بعض البدع الشائعة للشيخ سلامة العزامي المتوفى سنة 1379هجرية
17) كتاب البصائر لمنكري التوسل بأهل المقابر لحمد الله الداجوي الحنفي الهندي
18) كتاب تاريخ الوهابية لأيوب باشا الرومي صاحب (مرءاة الحرمين)
19) كتاب تبرك الصحابة بآثار الرسول صلى الله عليه و سلم لمحمد طاهر بن عبد القادر الكردي
20) كتاب تبيين الحق و الصواب بالرد على أتباع ابن عبد الوهاب للشيخ توفيق سوقية الدمشقي المتوفى سنة 1380هجرية
21) كتاب تجريد سيف الجهاد لمدعي الاجتهاد للشيخ عبد الله عبد اللطيف الشافعي، و هو أستاذ محمد بن عبد الوهاب و شيخه و قد رد عليه في حياته.
22) كتاب تحذير الخلف من مخازي أدعياء السلف للشيخ محمد زاهد الكوثري
23) التحذيرات الرائقة للشيخ محمد النافلاتي الحنفي مفتي القدس الشريف
24) تحريض الأغبياء على الاستغاثة بالأنبياء و الأولياء للشيخ عبد الله ابن ابراهيم الميرغني الحنفي الساكن بالطائف
25) التحفة الوهبية في الرد على الوهابية للشيخ داود بن سليمان البغدادي النقشبندي الحنفي المتوفى سنة 1299هجرية
26) تطهير الفؤاد من دنس الاعتقاد للشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي من علماء الأزهر الشريف بمصر
27) تقييد حول التعلق و التوسل بالأنبياء و الصالحين لقاضي الجماعة في المغرب ابن كيران، مخطوط في خزانة الجلاوي/الرباط برقم/153ج
28) تقييد حول زيارة الأولياء و التوسل بهم للمؤلف السابق
29) تهكم المقلدين بمن ادعى تجديد الدين للشيخ محمد بن عبد الرحمن الحنبلي و فيه رد على ابن عبد الوهاب في كل مسألة من المسائل التي ابتدعها
30) التوسل للمفتي محمد عبد القيوم القادري الهزاروي
31) التوسل بالنبي و الصالحين لأبي حامد بن مرزوق الدمشقي الشامي
32) التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق على محمد بن عبد الوهاب لعبد الله أفندي الراوي. مخطوط في جامعة كمبردج/لندن باسم (رد الوهابية) و منه نسخة في مكتبة الأوقاف / بغداد.
33) جلال الحق في كشف أحوال أشرار الخلق للشيخ إبراهيم حلمي القادري الإسكندري
34) الجوابات في الزيارة لابن عبد الرزاق الحنبلي.
35) حاشية الصاوي على تفسير الجلالين للشيخ أحمد الصاوي المالكي
36) الحجة المرضية في إثبات الواسطة التي نفتها الوهابية للشيخ عبد القادر بن محمد سليم الكيلاني الإسكندري المتوفى سنة 1362هجرية
37) الحقائق الإسلامية في الرد على مزاعم الوهابية بأدلة الكتاب و السنة النبوية لمالك ابن الشيخ محمود مدير مدرسة العرفان بمدينة كوتبالي بجمهورية مالي الأفريقية
38) الحق المبين في الرد على الوهابيين للشيخ أحمد سعيد الفاروقي السرهندي النقشبندي المتوفى سنة 1277هجرية
39) الحقيقة الإسلامية في الرد على الوهابية لعبد الغني بن صالح حمادة
40) الدرر السنية في الرد على الوهابية للسيد أحمد زيني دحلان مفتي مكة المكرمة الشافعي المتوفى سنة 1304هجرية
41) الدليل الكافي في الرد على الوهابي للشيخ مصباح بن أحمد شبقلو البيروتي
42) الرائية الصغرى في ذم البدعة و مدح السنة الغرا و هي قصيدة من نظم الشيخ يوسف النبهاني البيروتي
43) الرحلة الحجازية للشيخ عبد الله بن عودة الملقب بصوفان القدومي الحنبلي المتوفى سنة 1331هجرية.
44) رد المحتار على الدر المختار لمحمد أمين الشهير بابن عابدين الحنفي الدمشقي
45) الرد على ابن عبد الوهاب لشيخ الاسلام بتونس اسماعيل التميمي المالكي المتوفى سنة 1248هجرية
46) رد على ابن عبد الوهاب للعلامة بركات الشافعي الأحمدي المكي
47) رد على ابن عبد الوهاب للشيخ أحمد المصري الأحسائي
48) الردود على محمد بن عبد الوهاب للشيخ المحدث صالح الفلاني المغربي. قال السيد علوي بن الحداد فيه رسالات و جوابات من أهل المذاهب الأربعة الحنفية و المالكية و الشافعية و الحنابلة يردون على محمد بن عبد الوهاب بالعجب
49) الرد على الوهابية للشيخ صالح الكواش التونسي
50) الرد على الوهابية للشيخ محمد صالح الزمزمي الشافعي امام مقام ابراهيم بمكة المكرمة
51) الرد على الوهابية لابراهيم بن عبد القادر الطرابلسي الرياحي التونسي المالكي من مدينة تستور المتوفى سنة 1266هجرية
52) الرد على الوهابية لعبد المحسن الأشيقري الحنبلي مفتي مدينة الزبير بالبصرة
53) الرد على الوهابية للشيخ المخدوم المهدي مفتي فاس
54) الرد على محمد بن عبد الوهاب لمحمد بن سليمان الكردي الشافعي أستاذ محمد بن عبد الوهاب و شيخه
55) الرد على الوهابية لأبي حفص عمر المحجوب مخطوط بدار الكتب الوطنية/تونس برقم2513 و مصورتها في معهد المخطوطات العربية/القاهرة. و في المكتبة الكتانية في الرباط برقم 1325ك
56) الرد على الوهابية لقاضي الجماعة في المغرب ابن كيران مخطوط بالمكتبة الكتانية بالرباط رقم 1325ك
57) الرد على محمد بن عبد الوهاب للشيخ عبد الله القدومي الحنبلي النابلسي عالم الحنابلة بالحجاز و الشام المتوفى سنة 1331هجرية
58) رسالة السنيين في الرد على المبتدعين الوهابيين و المستوهبين للشيخ مصطفى الكريمي ابن الشيخ ابراهيم السيامي. طبع مطبعة المعاهد سنة 1345هجرية
59) الصواعق الالهية في الرد على الوهابية للشيخ سليمان بن عبد الوهاب شقيق المبتدع محمد بن عبد الوهاب
60) فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبد الوهاب للشيخ سليمان بن عبد الوهاب شقيق مؤسس المذهب الوهابي و هذا أول كتاب ألف في الرد على الوهابية. و كان الشيخ سليمان قد تفرس بأخيه محمد الضلال و الفساد قبل أن يصدر منه ما صدر.
61) يهودا لا حنابلة للشيخ الأحمدي الظواهري شيخ الأزهر.
و هذه المؤلفات أيضا هي غيض من فيض حيث أن المؤلفات التي ترد على محمد بن عبد الوهاب و أتباعه كثيرة"
والرجل ذكر أسماء مؤلفين ولم يذكر كتبهم الرادة على الرجلين وكان الواجب عليه ألا يذكرهم لعدم وجود الكتب الرادة حاليا

الثلاثاء، 28 سبتمبر 2021

قراءة فى كتاب التحسين والتقبيح بين أهل السنة والمبتدعة

قراءة فى كتاب التحسين والتقبيح بين أهل السنة والمبتدعة
المؤلف تميم بن عبد العزيز القاضي ةفى التمهيد بين أن مسألة التحسين والتقبيح يعتبر أثرا للخلاف في مسألة الحكمة والتعليل في أفعال الله فقال:
"تمهيد :
أولا : علاقة المسألة بمسألة الحكمة والتعليل :
البحث في مسألة التحسين والتقبيح يعتبر أثرا للخلاف في مسألة الحكمة والتعليل في أفعال الله، هل يحكم عليها بالعقل أو لا؟ فمن أثبت الحكمة والتعليل في أفعاله تعالى قال بالحسن والقبح العقلي، ومن نفي الحكمة والتعليل –كالأشاعرة - نفي الحسن والقبح العقليين كما سيأتي بيانه .
قال ابن القيم مبينا هذه العلاقة بين هذين الموضوعين : وكل من تكلم في علل الشرع ومحاسنه وما تضمنه من المصالح ودرء المفاسد فلا يمكنه ذلك إلا بتقرير الحسن والقبح العقليين، إذ لو كان حسنه وقبحه بمجرد الأمر والنهي لم يتعرض في إثبات ذلك لغير الأمر والنهي فلما قالت المعتزلة بالتحسين والتقبيح العقليين، نتج عن ذلك قولهم أن من يفعل لا لغرض يكون عابثا، والعبث قبيح، فثبت أن أفعاله يجب أن تكون لأغراض وحكم ولما قالت الأشاعرة إن العقل لا يحكم بحسن ولا قبح، بل ذلك مقصور على الشرع، والأفعال في أنفسها سواء قبل ورود الشرع، وليس الحسن والقبح صفتين ذاتيتين للأشياء، قالوا :إن أفعاله تعالى ليست معللة بالأغراض والغايات، ونفوا بناء على ذلك الحكمة على ما سبق بيانه ."
وبعد أن استعرض آراء القوم دخل فى تاريخ المسألة وهو بالقطع تاريخ كاذب كمعظم تواريخنا فقال :
"ثانيا :تاريخ المسألة .
- تاريخها في هذه الأمة :
أول من بحث هذه المسألة من أهل الكلام هو الجهم بن صفوان، حين وضع قاعدته المشهورةإيجاب العارف بالعقل قبل ورود الشرع
وقال : إن العقل يوجب ما في الأشياء من صلاح وفساد وحسن وقبح، وهو يفعل هذا قبل نزول الوحي، وبعد ذلك يأتي الوحي مصدقا لما قال به العقل من حسن بعض الأشياء وقبح بعضها
وقد أخذ بهذا القول المعتزلة –كما سيأتي إن شاء الله تفصيل مذهبهم -وبنو عليه أصلهم، وأخذه عنهم الكرامية
- تاريخها قبل هذه الأمة .
القول بالتحسين والتقبيح العقليين قد جاء -قبل الإسلام - من بعض الديانات الهندية، وهو قول التناسخية، والبراهمة، والثنوية، وهم -كما يقال -الذين وضعوا البذور الأولى للقول بإيجاب المعارف عقلا
ثالثا :تحرير محل النزاع .
-اتفق الجميع على أن من الأشياء ما لا يدرك إلا بالشرع، كبعض تفاصيل الشرائع والعبادات .
- وأما بالنسبة لمعاني الحسن والقبح فتطلق على ثلاثة أشياء ببيانها يتضح محل النزاع :
المعنى الأول :أن يراد بالحسن والقبح : ما يوافق غرض الفاعل من الأفعال وما يخالفه، أو ما يطلق عليه : الملائمة والمنافرة للإنسان ...فهذا معلوم بالعقل بالاتفاق فإنه قد يعنى بالحسن والقبح كون الشيء ملائما للطبع أو منافرا له، وبهذا التفسير لا نزاع في كونهما عقليين . فما وافق غرض الفاعل يسمى حسنا ويدرك بالعقل، كحسن قتل العدو، وهو ما يسمونه مصلحة أو ملائمة طبع، وما خالف غرض الفاعل يسمى قبيحا، كالإيذاء، ويسمى مفسدة أو منافرة للطبع، قال شيخ الإسلام في التدمرية في كلامه على مسألة الحسن والقبح فإنهم اتفقوا على أن كون الفعل يلائم الفاعل أو ينافره يعلم بالعقل، وهو أن يكون الفعل سببا لما يحبه الفاعل ويلتذ به، أو سببا لما يبغضه ويؤذيه .
وقال كذلك: والعقلاء متفقون على كون بعض الأفعال ملائما للإنسان، وبعضها منافيا له، إذا قيل هذا حسن وهذا قبيح، فهذا الحسن والقبح مما يعلم بالعقل ...ولا ريب أن من أنواعه ما لا يعلم إلا بالشرع، ولكن النزاع فيما قبحه معلوم لعموم الخلق، كالظلم والكذب ونحو ذلك
- والحسن والقبح بهذا المعنى اعتباري نسبي، وليس ذاتيا،فإن قتل زيد مثلا مصلحة لأعدائه ومفسدة لأوليائه .
-ا لمعنى الثاني : أن يراد بالحسن والقبح : كون الشيء صفة كمال أو صفة نقص، كقولنا :العلم حسن، والجهل قبيح، ولا نزاع هنا -أيضا -في كونهما عقليين .
ويرى شيخ الإسلام أن هذا المعنى راجع للمعنى الأول، لأنه عائد إلى الموافقة والمخالفة، وهو اللذة والألم، فالنفس تلتذ بما هو كمال لها، وتتألم بالنقص، فيعود الكمال والنقص إلى الملائم والمنافي
فلا نزاع في هذين المعنيين بين أهل الكلام أنهما عقليان يستقل العقل بإدراكهما
- المعنى الثالث :أن يراد بالحسن والقبح :كون الفعل يتعلق به المدح والثواب، و الذم والعقاب .
فما تعلق به المدح والثواب في الدنيا والآخرة كان حسنا، وما تعلق به الذم والعقاب في الدنيا كان قبيحا فهذا المعنى هو الذي وقع فيه الخلاف
وقال الرازي : وإنما النزاع في كون الفعل متعلق الذم عاجلا وعقابه آجلا، وفي كون الفعل متعلق المدح عاجلا، والثواب آجلا، هل يثبت بالشرع أو بالعقل ... وفيما سيأتي بإذن الله نذكر أهم الأقوال في ذلك ."
والمسألة أهون من ذلك فالعقل لم يكن موجودا قبل الشرع وهو الوحى ولو افترضنا كونه موجود فإنه لا يقدر على التقبيح والتحسين لأن ذلك يتطلب أساس يحكم بناء عليه وهو الوحى

الوليد ينزل بعقل ولكنه لا يعمل ولذا نفى الله المعرفة عنها تماما فقال :
" والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
ومن ثم لا يمكن أن يحسن العقل أو يقبح إلا عبر أساس أخر استقاه من وحى الله
ولو سلمنا بتقبيح وتحسين العقل فلا حاجة لرسالات الرسل(ص) لأن كل واحد منا فيه عقل يقدر على التشريع الصحيح ولكنه هذا غير صحيح بدليل أن الناس اخترعوا كم هائل من الأديان المتناقضة وهم يحسبون أنهم مبنية على العقل ولكنها فى الحقيقة مبنية على أهواء النفوس
واستعرض فى الفصل الأول مذهب المعتزلة فقال:
"الفصل الأول : مذهب المعتزلة في التحسين والتقبيح
المبحث الأول :تقرير مذهبهم :
ذهبت المعتزلة إلى القول بالتحسين والتقبيح العقلي، ولعل مذهبهم يتضح من خلال النقاط التالية :
- ذهبوا إلى إثبات الحسن والقبح بالعقل وجعلوا حسن الأفعال وقبحها للعقل فقط .
- قالوا :إن حسن الأشياء وقبحها صفتان ذاتيتان في الأشياء، والفعل حسن أو قبيح، إما لذاته، وإما لصفة من صفاته اللازمة له، وإما لوجوه واعتبارات أخرى ولذا قالوا بإمكان إدراكها بالعقل.
-أما الشرع فجعلوه كاشف ومبين لتلك الصفات فقط .
-ونتيجة لذلك جعلوا استحقاق الثواب والعقاب على مجرد معرفة العقل حسن الأفعال وقبحها ولو لم تبعث الرسل .
وإليك ذكر طرف من أقوالهم الكاشفة لحقيقة مذهبهم في ذلك :
- قال ابن المرتضي : إنما يقبح الشيء لوقوعه على وجه من كونه ظلما أو كذبا أو مفسدة، إذ متى علمناه كذلك علمنا قبحه، وإن جهلنا ما جهلنا، ومتى لا فلا، وإن علمنا ما علمنا
- قال عبد الجبار الهمذاني المعتزلي في كتابه شرح الأصول الخمسة )قد ذكرنا أن وجوب المصلحة وقبح المفسدة متقرران في العقل .
- وقال في كتابه المغني في أبواب التوحيد )إن في الأفعال الحسنة ما يعلم من حاله أن فاعله يستحق المدح بفعله
- وقال : قد بينا بطلان قول المجبرة الذين يقولون إن بالعقل لا يعرف الفرق بين القبيح والحسن، وإن ذلك موقوف على الأمر والنهي بوجوه كثيرة، فليس لأحد أن يقول :إنما يحتاج إلى السمع ليفصل العاقل بين الواجب والقبيح
- وقال في نفس الكتاب في تعريف القبيح : إنه ما إذا وقع على وجه من حق العالم بوقوعه كذلك من جهته، المخلي بينه وبينه، أن يستحق الذم إذا لم يمنع منه مانع، وهذا مستمر في كل قبيح .... ثم يقول )وأما وصف القبيح بأنه معصية فمعناه :أن المعصي قد كرهها، ولذلك يقال في الشيء الواحد :إنه معصية لله، طاعة للشيطان، من حيث كرهه الله وأراده الشيطان، ولذلك يستعمل مضافا، ولكنه بالتعارف قد صار إطلاقه يفيد كونه معصية لله، فلذلك يفيد كونه قبيحا، لأن ما كرهه تعالى فلا بد من كونه قبيحا، ولو كره تعالى ما ليس بقبيح -تعالى الله عن ذلك -لوصف بذلك، لكن لما ثبت أنه لا يكره إلا القبيح، أفاد بالإطلاق ما ذكرناه
ثم يقول في تعريف الحسن : اعلم أنه لما علم باضطرار أن في الأفعال على وجه لا يستحق فاعله –إذا علمه -عليه الذم على وجه وصف بأنه حسن ...والمباح كله حسن، لا صفة له زائدة على حسنه ... وكل ما وصفنا به الحسن يستعمل في أفعاله تعالى، وإن كانت لا توصف أفعاله بأنها مباحة ويقول كذلك : ولا يجوز أن يكون الموجب لقبحه أحوال الفاعل منا، نحو كون الواحد منا محدثا مربوبا، مملوكا، مقهورا مغلوبا، ولا يجوز أن يكون ماله يقبح القبيح منا النهي، ولا أنا نتجاوز به ما حد به ورسم لنا، ولا يجوز أن يكون ما له حسن لحسن الأمر، وأنا لم نتجاوز ما حد به ورسم لنا، ولا يجوز أن يكون الموجب لحسن أفعاله جل وعز أنه رب، مالك ناه آمر ناصب للدليل، متفضل، ...ونحن نبين أن ما أوجب قبح القبيح متى حصل يجب كونه قبيحا، وكذلك ما أوجب حسن الحسن، ووجوب الواجب ...وهذه القضية لا تختلف باختلاف الفاعلين، وإن حكم أفعال القديم في ذلك حكم أفعالنا
ويلاحظ في كلامه الأخير تشبيه أفعال الله بأفعال المخلوقين، وتسويته بينها فيما يقبح ويحسن، وإيجابه على الله ما رأوه حسنا،تعالى الله وتقدس عن قوله .
وقال كذلك مقررا أن الشرع مجرد كاشف عن أشياء معلومة مسبقا بالعقل وأن العقل هو الذي يوجبها وليس الشرع، قال واعلم أن النهي الوارد عن الله عز وجل يكشف عن قبح القبيح، لا أنه يوجب قبحه، وكذلك الأمر يكشف عن حسنه، لا أنه يوجب حسنه وقال : إنا لو علمنا بالعقل أن الصلاة مصلحة لنا لزمت كلزومها إذا عرفنا ذلك من حالها شرعا، لأنا إذا علمنا بالعقل ما نعلمه بدليل السمع بعينه فيجب كون الفعل لازما
وقال أبو هذيل العلاف : يجب على المكلف أن يعرف الله بالدليل من غير خاطر، وإن قصر في المعرفة استوجب العقاب أبدا، ويعلم حسن الحسن وقبح القبيح، فيجب عليه الإقدام على الحسن كالصدق والعدل، والإعراض عن القبيح كالكذب والفجور .
وقال الشهرستاني عن المعتزلة وقال أهل العدل -المعتزلة - المعارف كلها معقولة بالعقل، واجبة بنظر العقل، وشكر المنعم واجب قبل ورود السمع، والحسن والقبح صفتان ذاتيتان للحسن والقبيح .
وجمهور الماتريدية قد قالوا كما قالت المعتزلة، إلا أنهم خالفوهم في إيجابهم على الله تعالى فعل الصلاح والأصلح، لعباده، ووجوب الرزق والثواب على الطاعة، وفي غيرها من المسائل .
تنبيهان حول مذهب المعتزلة :
- مما ينبه له أن المعتزلة يرون -كغيرهم -أن بعض الأشياء إنما يعلم حسنها أو قبحها بالشرع، ولا يدرك العقل حسنها ولا قبحها، ضرورة ولا نظرا، وإن كان في الجملة يعلم حسن كل ما أمر به الشرع، ويدرك الحسن إجمالا، ويعلم قبح الأشياء التي نهى عنها الشرع، ويدرك القبح إجمالا، ومن تلك الأشياء :
تفاصيل العبادات التي لا يدرك العقل حكمتها، وذلك كحسن كون صلاة المغرب ثلاث ركعات، والفجر ركعتين، وقبح تحري الصلاة وقت النهي، وحسن صيام آخر يوم من رمضان، وقبح صيام أول يوم من شوال، ونحو ذلك مما لا يدركه العقل ابتداء، ومن ذلك :إلزام العاقلة الدية، يقول القاضي عبد الجبار : كما ورد الشرع في إلزام العاقلة الدية، ولم يقع منها إتلاف، وهذا مما لا مدخل له في التكاليف العقلية، وإن كانت مجوزة لورود السمع به فهم يرون أن بعض تفاصيل الحسن والقبح لا تدرك بالعقل، وإنما بينها الشرع، ولذلك أوجبوا على الله بعثة الرسل .
يقول القاضي عبد الجبار مقررا هذا المعنى : لما لم يمكنا أن نعلم عقلا أن هذا الفعل مصلحة وذلك مفسدة، بعث الله إلينا الرسل ليعرفونا ذلك من حال هذه الأفعال، فيكونوا قد جاءوا بتقرير ما قد ركبه الله تعالى في عقولنا، وتفصيل ما قد تقرر فيها
- وقع خلاف بين المعتزلة في مسألة قبح الأفعال وحسنها، هل هو لذاته أم لصفة من صفاته اللازمة له :
فمدرسة البصرة، وعلى رأسهم (أبو هاشم الجبائي والقاضي عبد الجبار :يرون أن الفعل الحسن والقبيح إنما كان ذلك لوجوه واعتبارات وأوصاف إضافية وقع الفعل عليها .
ما مدرسة بغداد :فترى أن الحسن والقبح إنما هو لذات الفعل .
وقال بعضهم : أن الحسن والقبح إنما هو لصفة حقيقية توجب ذلك "
يكفى فى رد قول المعتزلة وكل من قال بأن العقل حكم فى التحسين والتقبيح أنهم اختلفوا فى الكثير من المسائل فبعضهم اعتبرها حسنة وبعضهم اعتبرها قبيحة
كما أن القول بأن الصدق حسن والكذب قبيح والفجور قبيح يعارض أن الله أباح بعض الكذب فقال :
"ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس"
وأباح بعض الفجور وهو السوء من القول لمن ظلم فقال :
"لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم"
وناقش القاضى أقوال المعتزلة فقال :
"المبحث الثاني : مناقشة قول المعتزلة في التحسين والتقبيح .
مما سبق من تقرير مذهب المعتزلة، نجد أنهم أصابوا من جهة وأخطأوا من من جهة أخرى :
صابوا :بقولهم إن لتلك الأفعال حسنا وقبحا ذاتيا يمكن إدراكه بالعقل .
وأخطأوا :أولا : في إيجابهم على الله تعالى أشياء بمحض عقولهم بل أوجبوا على الله أشياء مخالفة للصحيح الصريح من نصوص الكتاب والسنة، ورود الشرع .
وثانيا : في أنهم رتبوا التكليف والعقاب والثواب على ذلك، حتى لو كان قبل
فيجاب عليهم :
أن إيجابهم العقلي على الله باطل، لأنه يلزم أن يكون هناك موجب فوق الله أوجب علي شيئا، ولا موجب عليه سبحانه، كما يلزم عيه ألا يكون سبحانه فاعلا مختارا، وهو باطل
وقولهم هذا فيه تشبيه لله بخلقه، فهم يوجبون على الله ما يوجبونه على العبد، ويحرمون عليه من جنس ما يحرمونه على العبد، وهذا أمر باطل، فالله تعالى كما أنه ليس كمثله شيء في ذاته، ولا في صفاته، فكذلك ليس كمثله شيء في أفعاله، وكيف يقاس تعالى بخلقه ونحن نرى كثيرا من الأفعال تقبح من العبد وهي حسنة منه تعالى لحكم يعلمها سبحانه، كإيلام الأطفال والحيوان
أما ما أوجبه الله تعالى على نفسه فهو حق لا مرية فيه، فالله تعالى يجب عليه ما أوجبه على نفسه، ويحرم عليه ما حرمه على نفسه، فهو الذي كتب على نفسه الرحمة، وأحق على نفسه نصر المؤمنين، وثواب المطيعين، وحرم على نفسه الظلم .
قال تعالى:"كتب ربكم على نفسه الرحمه"
وقال : " وكان حقا علينا نصر المؤمنين"
وفي حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ : حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا
وهذا الإيجاب منه سبحانه إنما هو تفضل ورحمه، فلا أحد يوجب عليه سبحانه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وأما الإيجاب عليه سبحانه وتعالى والتحريم بالقياس على خلقه فهذا قول القدرية، وهو قول مبتدع مخالف لصحيح المنقول وصريح المعقول، وأهل السنة متفقون على أنه سبحانه خالق كل شيء وربه ومليكه ،وأنه ما شاء كان وما شاء لم يكن، وأن العباد لا يوجبون عليه شيئا ،ولهذا كان من قال من أهل السنة بالوجوب قال : إنه كتب على نفسه الرحمة، وحرم الظلم على نفسه، لا أن العبد نفسه مستحق على الله شيئا كما يكون للمخلوق على المخلوق، فإن الله هو المنعم على العباد بكل خير، فهو الخالق لهم وهو المرسل إليهم الرسل، وهو الميسر لهم الإيمان والعمل الصالح، ومن توهم من القدرية والمعتزلة ونحوهم أنهم يستحقون عليه من جنس ما يستحقه الأجير على المستأجر فهو جاهل في ذلك
وأما الجواب على خطأهم الثاني في أنهم رتبوا الإيجاب والثواب والتحريم والعقاب على التحسين والتقبيح العقلي ولو لم يرد به الشرع، فيقال : إنه لا تلازم بين هذين الأمرين، فالأفعال في نفسها حسنة وقبيحة، لكن لا يترتب عليها الثواب والعقاب إلا بالأمر والنهي، وقبل العقاب لا يكون قبيحا موجبا للعقاب مع قبحه في نفسه، بل هو في غاية القبح، والله تعالى لا يعاقب عليه إلا بعد إرسال الرسل، فالكذب والسرقة والزنا كلها قبيحة في ذاتها، لكن العقاب عليها مشروط بالشرع .
فترتيب العقاب على فعل القبيح أو ترك الواجب مشروط بالسمع، وانتفاء العقاب عند انتفاء السمع من انتفاء المشروط لانتفاء شرطه، لا من انتفاء المسبب لانتفاء سببه، فإن سببه قائم ومقتضيه موجود، إلا أنه لم يتم لتوقفه على شرطه، وعلى هذا فكونه متعلقا للثواب والعقاب والمدح والذم عقلي، وإن كان وقوع العذاب موقوف على شرط وهو ورود السمع
ويلزم على قول المعتزلة أن الحجة تقوم بدون الرسل، وهذا باطل .
وقد دل القران على عدم التلازم بين التحسين العقلي والثواب، ولا بين التقبيح العقلي والعقاب، وأن الله تعالى لا يعاقب إلا بإرسال الرسل، وأن الفعل نفسه حسن أو قبيح، قال تعالى :
"وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا"
فدلت الآية على أن العذاب لا يكون إلا ببعثة الرسل، وهو دليل على أن العقاب لا يثبت إلا بالشرع .
"تكاد تميز من الغيظ كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير"
فدلت الآية –كسابقتها -على أنه لا يثبت العقاب إلا بالشرع، فالخزنة لم يسألوهم عن مخالفتهم العقل، بل سألوهم عن مخالفتهم للنذير "
وتحدث القاضى فى الفصل الثانى عن مذهب ألأشاعرة فقال :
"الفصل الثاني : مذهب الأشاعرة في التحسين والتقبيح .
المبحث الأول :تقرير مذهبهم
ذهب الأشاعرة إلى القول بالتحسين والتقبيح الشرعيين لا العقليين :
فقالوا : إنه لا يجب على الله شيء من قبل العقل، ولا يجب على العباد شيء قبل ورود السمع وقالوا :إن الحسن والقبح الذي يتعلق به المدح والثواب، و الذم والعقاب، إنما يدرك بالشرع فحسب، وليست الأشياء في ذاتها حسنة ولا قبيحة بل توصف بذلك باعتبارات غير حقيقية .
فهم ذهبوا إلى أن الحسن والقبح في الأشياء اعتباري ونسبي، أي :أنه ليس صفة لازمة وذاتية في الشيء، وإنما يعرف حسن الأشياء وقبحها باعتبارات إضافية .
قال الآمدي في سياق تقريره لمذهب الأشاعرة : إن الحسن والقبح ليس وصفا ذاتيا للحسن والقبيح، ولا أن ذلك مما يدرك بضرورة العقل ونظره، بل إطلاق لفظ الحسن والقبح عندهم باعتبارات غير حقيقية، بل إضافية، يمكن تغيرها وتبدلها بالنظر إلى الأشخاص والأزمان والأحوال
ويقول الجويني : العقل لا يدل على حسن شيء ولا قبحه، وإنما يتلقى التحسين والتقبيح من موارد الشرع، وموجب السمع، وأصل القول في ذلك أن الشيء لا يحسن لنفسه وجنسه وصفة لازمة له، وكذلك القول فيما يقبح، وقد يحسن في الشرع ما يقبح مثله المساوي له في جملة أحكام صفات النفس، فإذا ثبت أن الحسن والقبح عند أهل الحق لا يرجعان إلى جنس وصفة نفس، فالمعنى بالحسن :ما ورد الشرع بالثناء على فاعله، والمراد بالقبيح :ما ورد الشرع بذم فاعله
يقول الإيجي : ولا حكم للعقل في حسن الأشياء وقبحها، وليس ذلك عائدا إلى أمر حقيقي في الفعل يكشف عنه الشرع، بل الشرع هو المثبت له والمبين، ولو عكس القضية فحسن ما قبحه وقبح ما حسنه، لم يكن ممتنعا، وانقلب الأمر فعلى هذا قد يأمر الله بالشرك والكفر والقتل والزنا فتكون حسنة، وقد ينهى عن التوحيد والصدق والإحسان فتكون قبيحة .
ومما يدل على فساد قولهم أنهم قد أجازوا على الله فعل أشياء يتنزه عنها الرب تعالى، ولا يصح أن تنسب إليه، كتعذيب عباده المخلصين، وتنعيم عدائه الكافرين ."
وقول الأشاعرة أفضل من قول المعتزلة وقد ناقشه القاضى فقال:
"المبحث الثاني :مناقشة قول الأشاعرة في التحسين والتقبيح .
ما ذهب إليه الأشاعرة من نفي حسن الأفعال وقبحها وتعطيل العقل عن معرفة ذلك، قد خالفوا به صحيح المنقول وصريح المعقول :
ا - فمخالفتهم لصحيح المنقول :ففي القران آيات كثيرة تدل على أن الحسن والقبح ثابت للأشياء في ذاتها
قال تعالى:"يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبآئث"
ووجه الدلالة :الآية صريحة في أن العقل يدرك حسن الأشياء وقبحها، فالمعروف الذي يأمر به الله ما تعرفه وتقر به العقول السليمة، والفطر المستقيمة، والمنكر الذي نهاهم عنه هو ما تنكره العقول والفطر السليمة، وتقر بقبحه، ولو لم يمن للأشياء حسن وقبح لذاتها، وإنما كان ذلك من قبل الشارع وأن ما أمر به الحسن وما نهى عنه هو القبيح لكان معنى الآية : يأمرهم بما يأمرهم به، وينهاهم عما ينهاهم عنه وهذا لا يقوله عاقل فضلا عن رب العالمين .
وقال تعالى أيضا : ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، فدلت الآية على أن الحلال كان طيبا قبل حله، وأن الخبيث كان خبيثا قبل تحريمه , فلو كان الحلال والخبيث إنما عرفا بالتحليل والتحريم لكان معنى الآية يحل لهم ما يحل لهم، ويحرم عليهم ما يحرم عليهم وهذا لا يليق بنظم كلام الله تعالى .
نعم :الطيب إذا أحل من الشارع فقد اكتسب طيبا آخر إلى طيبه، فصار طيبا من الوجهين، وكذلك القبيح إذا نهى الشارع عنه اكتسب قبحا إلى قبحه، فصار قبيحا من الوجهين معا .
وقال تعالى:"ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا" فدلت الآية على أن الزنى إنما تعلق به النهي لكونه قبيحا وفاحشة، وهذا الوصف ثابت له قبل النهي عنه، ولو لم يكن قبيحا وفاحشة في نفسه لكان معنى الآية : ولا تقربوا الزنى فإنه منهي عنه، وهذا من تعليل الشيء بنفسه وهو باطل .
ويلاحظ أن هذه الأدلة تدخل في الأدلة التي سبقت في ثبات الحكمة والتعليل في أفعاله سبحانه، فنفي الأشاعرة للحكمة والتعليل نتج عنه قولهم بنفي الحسن والقبح العقلي .
قال تعالى : أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون فأخبر سبحانه أن الحق لو اتبع أهواء العباد فجاء شرع الله ودينه بأهوائهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن، ومعلوم أن عند النفاة يجوز أن يرد شرع الله ودينه بأهواء العباد، وأنه لا فرق في نفس الأمر بين ما ورد به وبين ما تقتضيه أهواؤهم إلا مجرد الأمر، وإنه لو ورد بأهوائهم جاز وكان تعبدا ودينا، وهذه مخالفة صريحة للقرآن، وإنه من المحال أن يتبع الحق أهوائهم ،وأن أهواءهم مشتملة على قبح عظيم لو ورد الشرع به لفسد العالم أعلاه وأسفله وما بين ذلك، ومعلوم أن هذا الفساد إنما يكون لقبح خلاف ما شرعه الله وأمر به ومنافاته لصلاح العالم علويه وسفليه، وإن خراب العالم وفساده لازم لحصوله ولشرعه، وأن كمال حكمة الله وكمال علمه ورحمته وربو بيته يأبى ذلك ويمنع منه، ومن يقول : الجميع في نفس الأمر سواء يجوز ورود التعبد بكل شيء، سواء كان من مقتضى أهوائهم أو خلافها .
- وأما مخالفتهم لصريح المعقول فيما ذهبوا إليه من نفي الحسن والقبح الذاتي للأفعال، وتعطيل العقل عن معرفة ذلك ففيه جمع بين الأمور المختلفة الممتنعة عند ذوي العقول الصريحة والفطر المستقيمة، فإذا كان العقل ليس له مدخل في معرفة حسن الأفعال وقبحها، فإن ذلك يستلزم أن تكون الأفعال الحسنة والقبيحة في حقه متساوية كالصدق والكذب والعدل والظلم والكرم والبخل والبر والفجور، وحكم الضدين بهذه العبارة يكون باطلا لا يقول به من له أدنى مسكة من علم وإيمان وعقل
قال تعالى:"أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار"
وقال جل من قائل:"أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون"
قال ابن القيم : فدل على أن هذا حكم سيء قبيح ينزه الله عنه ولم ينكره سبحانه من جهة أنه أخبر بأنه لا يكون، وإنما أنكره من جهة قبحه في نفسه، وإنه حكم سيء يتعالى ويتنزه عنه لمنافاته لحكمته وغناه وكماله ووقوع أفعاله كلها على السداد والصواب والحكمة، فلا يليق به أن يجعل البر كالفاجر ولا المحسن كالمسيء ولا المؤمن كالمفسد في الأرض، فدل على أن هذا قبيح في نفسه تعالى الله عن فعله
ومن قال :إن الأفعال ليس فيها صفات تقتضي الحسن والقبح لذاتها فهو بمنزلة قوله : ليس في الأجسام صفات تقتضي التسخين، والتبريد، والإشباع ، والإرواء ، فسلب صفات الأعيان المقتضية للآثار كسلب صفات الأفعال المقتضية للآثار .
وكذلك يقال :إن حسن الصدق وقبح الكذب أمر يدركه العقلاء، وهو مركوز في الفطر، والقول بأن الكذب قد يحسن أحيانا كما لو رتب عليه عصمة مسلم من القتل ظلما غير مسلم، فتخلف القبح عن الكذب لفوات شرط، أو لقيام مانع، يقتضي مصلحة راجحة على الصدق، لا تخرجه عن كونه قبيحا لذاته، ومن ذلك أن الله حرم الميتة والدم ولحم الخنزير للمفسدة في تناولها وهي ناشئة من ذوات هذه المحرمات، وتخلف التحريم عنها عند الضرورة لا يوجب أن تكون ذاتها غير مقتضية للمفسدة التي حرمت لأجلها، فهذا الكذب متضمن عصمة المسلم ."
القاضى هنا يرمى القوم بتعطيل العقل عن معرفة الصحيح من القبيح وهو كلام مخالف لكتاب الله لأن العقل كما سبق القول يبنى معارفه الصحيحة على الشرع وهو الوحى ومن ثم لا دور للعقل سوى التسليم بوحى الله

وحدثنا عن مذهب السنة فى المسألة فقال :
"الفصل الثالث : مذهب أهل السنة والجماعة في التحسين والتقبيح
وإنما أخرت ذكر مذهب أهل السنة والجماعة لكي تنجلي وسطيته بين طرفي الضلال، ولكونه قد جمع ما في ذينك المذهبين من حق واطرح ما فيهما من باطل، وأيضا لكي يتضح أن أهل السنة والجماعة هم أسعد المذاهب بالأدلة التي نظر كل فريق من الفريقين الآخرين إلى طرف منها وأهملوا طرفا، وحكموا عقولهم الفاسدة على الشرع حينا، واطرحوا العقل وأتوا بما يسخر منه البشر في أحيان أخر .
فوافق أهل السنة المعتزلة في قولهم : إن للأفعال حسنا وقبحا ذاتيين يمكن إدراكه بالعقل،
وخالفوهم حين قالوا بترتب التكليف والعقاب على ذلك الحكم العقلي،وكذلك خالفوهم حين أوجبوا على الله ما حسنته عقولهم وحرموا عليه ما قبحته عقولهم .
وخالف أهل السنة الأشاعرة في زعمهم ن تلك الأفعال لم تثبت لها صفة الحسن والقبح إلا بخطاب الشرع، وأنها في ذاتها ليست حسنة ولا قبيحة،ووافقوهم في قولهم بأن التكليف والعقاب موقوف على خطاب الشرع، وفي إثباتهم للحسن والقبح الشرعيين .
فمذهب أهل السنة والجماعة يمكننا أن نجمله بالنقاط التالية :
إثبات حسن بعض الأفعال وقبحها بالعقل والشرع، ولا يلزم أن يدركها جميعا، لأن منها ما قد يخفي على بعض العقول،والشرع زاد حسن الأفعال الحسنة بالعقل حسنا، وزاد القبيحة قبحا
الثواب على فعل الأفعال الحسنة، والعقاب على فعل الأفعال القبيحة إنما هو من قبل الشارع، فلا يجب على المكلف شيء قبل ورود الشرع .
قال ابن القيم : وتحقيق القول في هذا الأصل العظيم أن القبح ثابت للفعل في نفسه، وأنه لا يعذب الله عليه إلا بعد إقامة الحجة بالرسالة، وهذه النكتة هي التي فاتت المعتزلة والكلابية كليهما، فاستطالت كل طائفة منهما على الأخرى لعدم جمعهما بين هذين الأمرين، فاستطالت الكلابية على المعتزلة بإثباتهم العذاب قبل إرسال الرسل، وترتيبهم العقاب على مجرد القبح العقلي، وأحسنوا في رد ذلك عليهم، واستطالت المعتزلة عليهم في إنكارهم الحسن والقبح العقليين جملة، وجعلهم انتفاء العذاب قبل البعثة دليلا على انتفاء القبح واستواء الأفعال في أنفسها، وأحسنوا في رد هذا عليهم، فكل طائفة استطالت على الأخرى بسبب إنكارها الصواب، وأما من سلك هذا المسلك الذي سلكناه فلا سبيل لواحدة من الطائفتين إلى رد قوله، ولا الظفر عليه أصلا فانه موافق لكل طائفة على ما معها من الحق مقرر له مخالف في باطلها منكر له
وقال كذلك : والحق الذي لا يجد التناقض إليه السبيل أنه لا تلازم بينهما أي بين الحسن والقبح الذاتي المدرك بالعقل، وترتب الثواب والعقاب عليهما وأن الأفعال في نفسها حسنة وقبيحة كما أنها نافعة وضاره، والفرق بينهما كالفرق بين المطعومات والمشمومات والمرئيات ،ولكن لا يترتب عليها ثواب ولا عقاب إلا بالأمر والنهي، وقبل ورود الأمر والنهي لا يكون قبيحا موجبا للعقاب مع قبحه في نفسه، بل هو في غاية القبح، والله لا يعاقب عليه إلا بعد إرسال الرسل، فالسجود للشيطان والأوثان والكذب والزنا والظلم والفواحش كلها قبيحة في ذاتها والعقاب عليها مشروط بالشرع
وبين شيخ الإسلام أنواع الحسن والقبح في الأفعال فقال :
قد ثبت بالخطاب والحكمة الحاصلة من الشرائع ثلاثة أنواع :
أحدها : أن يكون الفعل مشتملا على مصلحة أو مفسدة و لو لم يرد الشرع بذلك
كما يعلم أن العدل مشتمل على مصلحة العالم، والظلم يشتمل على فسادهم، فهذا النوع هو حسن و قبيح و قد يعلم بالعقل و الشرع قبح ذلك، لا أنه أثبت للفعل صفة لم تكن، لكن لا يلزم من حصول هذا القبح أن يكون فاعله معاقبا في الآخرة إذا لم يرد شرع بذلك، و هذا مما غلط فيه غلاة القائلين بالتحسين والتقبيح، فإنهم قالوا إن العباد يعاقبون على أفعالهم القبيحة و لو لم يبعث إليهم رسولا، و هذا خلاف النص ..
النوع الثاني :أن الشارع إذا أمر بشىء صار حسنا و إذا نهى عن شيء صار قبيحا و إكتسب الفعل صفة الحسن و القبح بخطاب الشارع
والنوع الثالث : أن يأمر الشارع بشىء ليمتحن العبد هل يطيعه أم يعصيه و لا يكون المراد فعل المأمور به، كما أمر إبراهيم بذبح إبنه، فلما أسلما و تله للجبين حصل المقصود ففداه بالذبح ...فالحكمة منشؤها من نفس الأمر لا من نفس المأمور به .
وهذا النوع و الذي قبله لم يفهمه المعتزلة و زعمت أن الحسن و القبح لا يكون إلا لما هو متصف بذلك بدون أمر الشارع
والأشعرية إدعوا أن جميع الشريعة من قسم الإمتحان، و أن الأفعال ليست لها صفة لا قبل الشرع و لا بالشرع
و أما الحكماء و الجمهور فأثبتوا الأقسام الثلاثة و هو الصواب
فتبين بهذا أن المصلحة تنشأ من الفعل المأمور به تارة ومن الأمر تارة ومنهما تارة ومن العزم المجرد تارة
أما أدلة أهل السنة على مذهبهم فقد سبق ذكرها ضمن الرد على المعتزلة والأشاعرة، فلتراجع هناك ."
وقطعا ما ذكره الرجل عن اتفاق العقل والشرع يخالف أن المسلم لا يكون مسلما حتى يسلم بما قضى الله ورسوله(ص) بقوله:
"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا"
فلو كان للعقل أى دور فى التحسين والتقبيح لأصبح شريكا لله تعالى عن ذلك ولكن جعل الله كل شىء نابع من شرعه

الاثنين، 27 سبتمبر 2021

نقد كتاب العمل الجماعي أساس كل حضارة

نقد كتاب العمل الجماعي أساس كل حضارة
الكتيب تأليف محمد بابا عمي وهو يناقش كون التعاون أساس كل الحضارات وفى المقدمة تحدث عن الفرق بين القدرة والعجز فقال:
"إن الفرق الأساس بين القدرة على الشيء والعجز عنه، هو:
كون القدرة المنتظمة: انتقال من الأدنى إلى الأعلى. والعجز المتوالي: تدهور من الأعلى إلى الأسفل.
وكما يقرر علم الفيزياء أن الأول يتطلب طاقة، والثاني لا يحتاج إلى طاقة؛ فكذلك يقرر العارفون بأسباب الحضارة أن الأول يستدعي منهجا، والثاني يتنكر للمنهج"
التشبيه هنا خاطىء فكل شىء حتى السقوط يحتاج لطاقة ولكن بصورة أقل وتحدث عن أهمية العمل الجماعى فقال:
"ومن بين أبرز المناهج التصاقا بقيام الحضارات وسقوطها: العمل الجماعي.
إذ لا حضارة إلا بتراكم في الجهود، وانتظام في المسير؛ ولا تخلف إلا إذا تلاقى الأفراد – مهما كانت إمكاناتهم – على أساس من العلاقة الساذجة، غير المنتظمة."
وحاول بابا عمى تأسيس كلامه على الوحى والروايات فقال :
التأصيل الشرعي:
من القرآن الكريم.
باستقراء آيات القرآن الكريم نجده بخاطب المسلمين كجماعة تربطها أواصر، وتدفعها غايات، ويجمع بينها منهج في العمل، هو روح العمل الجماعي، ولعلنا نذكر من هذه الآيات، قوله تعالى:
{وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الاثم والعدوان}
{واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون، إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما، فعززنا بثالث، فقالوا إنا إليكم مرسلون ... }
دعاء سيدنا موسى عليه السلام إذ:{قال رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري، كي نسبحك كثيرا، ونذكرك كثيرا، إنك كنت بنا بصيرا}.
دعاؤنا اليومي في سورة الفاتحة: {إياك نعبد وإياك نستعين}."
وما قاله الرجل خاطىء فالعمل الجماعى كما بين الله من الممكن ان يكون على خير ومن الممكن أن يكون على شر ومما لاشك فيه أن ما يسمى حضارات الشر وهى كل ما خالف الإسلام لا تقوم على منفعة جميع الناس وإنما هى قائمة على ظلم وهو العمل من أجل مصالح الصفوة مع تسخير العامة فى العمل من أجلهم ومن ثم حتى ولو لح الكفار فى هذا العمل فهو عمل فاسد لأنه مبنى على الظلم وليس مبنى على الحق وهو العدل للكل
ثم استشهد بالروايات فقال :
من السنة النبوية.
حديث: «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، إذ اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - يوم حكم في وضع الحجر الأسود، ودعوته قريشا للنظرة الجماعية للقضية.
بناء مسجد الرسول، والعمل الجماعي بمشاركة النبي - صلى الله عليه وسلم - ..."
كما سبق القول العمل الجماعى أحيانا يكون مبنيا على الشر مع أنه عمل مباح كبناء المسجد المسمى مسجد الضرار ومن ثم فالمهم ليس العمل الجماعى ولكن المهم الهدف منه
ثم قدم بابا عمى ما سماه نماذج تراثية فقال:
" نماذج من تراثنا:
الأساس الفلسفي:
فكرة التوجيه. هذه الفكرة هي في الأساس من صياغة المفكر الجزائري المسلم الأستاذ مالك بن نبي، ويعرفها على أنها: «قوة في الأساس، وتوافق في السير، ووحدة في الهدف» ثم يقول: «فكم من طاقات وقوى لم تستخدم، لأننا لا نعرف كيف نكتلها. وكم من طاقات وقوى ضاعت فلم تحقق هدفها، حين زحمتها قوى أخرى، صادرة عن نفس المصدر، متجهة إلى نفس الهدف، فالتوجيه هو تجنب هذا الإسراف في الجهد وفي الوقت»
ثم يقرر أن هذا الإسراف بالذات هو ما يعاني منه العالم الإسلامية، ولا يعاني نقصا في الطاقات، ولا في السواعد وهذا الحكم يمكن أن نطلقه ونحن متفائلون على الوضع في ميزاب، ففيه من الطاقات ما يصنفه من حيث النسبة، ضمن مصاف الأمم المتحضرة، ولكنها في حاجة إلى موجه"
قطعا الكل فى الإسلام موجه بتوجيه الله وكل ما يقصده بابا عمى من التقدم الاقتصادى والتقنى داخل ضمن قوله تعالى :
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
ثم قال :
"فكرة الدليل الطبيعي (الحيوانات المنوية، قبضة اليد...):
الدليل الطبيعي أقوى شاهد على ضرورة العمل الجماعي، والأمثلة لا يحصرها عد، من ذلك مثلا تعاون الحيوانات المنوية من أجل الوصول في آخر المطاف إلى نشأة خلق سوي، هو أنا وأنت، وهو كل إنسان على ظهر الأرض، وليس ثمة أي مبرر علمي ومنطقي لاصطفائه من بين أربع مائة مليون من أمثاله، غير حكمة الله تعالى، التي اقتضت ذلك، سبحانه {فعال لما يريد}.
وهذه اليد التي نبطش بها، ونكسب بها، وندعو خالقنا بها ... هل هي جملة أصابع؟ أم هي بناء متكامل من أصابع لا يشبه الواحد منها الآخر، يحكمها أمر واحد، وتنطلق دوما إلى هدف واحد، في تناسق تام، قد يكون من المضحك لو تصورنا خلافه يوما، إذا لذهب كل إصبع خلاف مذهب الآخر، ولانتهت النتيجة إلى ما لا يحتمل تصوره."
قطعا التشبيه بالحيوانات المنوية هو :
تشبيه خاطىء للتالى:
الحيوانات المنوية تتسابق كى يخصب منها البويضة ويصل فى النهاية واحد فقط أو اثنين أو ثلاثة فى حالات نادرة بينما يموت الباقى الذى لم يصل للبويضة
العمل الجماعى ليس تسابق وإنما اشتراك فى العمل حيث كل واحد يؤدى دور مكمل للأخر حتى يتم العمل
وفى العمل الجماعى عدا حالة الجهاد لا يوجد موت بسشبب العمل الجماعى
ثم قال:
"الأسس الأخلاقية للعمل الجماعي:
ادعاء الحق المطلق.
الحق واحد لا يتعدد، هذا ما يعتقده المسلم، ويؤمن به، وبخاصة في شؤون العقيدة غير أن فهم الحق، والوصول إليه قد يتعدد، في غير الكليات، وفي غير ما ثبت بدليل قطعي.
غير أن الإنسان مجبول على ادعاء الحق بجانبه، ونسبة الباطل إلى غيره؛ وهذه النزعة في حد ذاتها طبيعية لا عيب فيها، غير أن الخطأ في ادعاء الحق المطلق، وعدم التريث في إسداء الأحكام، والخلق بين المنهج المتبع في الاعتقاد، وما ينتهج في غيره من شؤون العلم والحياة.
ولعل ما يعاني منه المسلمون اليوم هو هذا الادعاء بالذات، فالصراع المذهبي (سواء المذاهب العقدية، أو الفقهية)، والصراع الفكري (في الفكر، والثقافة، والتربية، والسياسة، والاقتصاد)، والصراع العرقي والجنسي ... يبدأ من كوني أنا على حق وغيري على باطل، أنا مظلوم وغير ظالم ... فلو أننا اعتقدنا أن بعضا من الحق معي، وبعضا منه مع غيري، وبعضا من الخطأ معي، وبعضا منه مع صاحبي.
والغريب أن هذا المرض مستشر في ميزاب، وانقسمنا شيعا وأحزابا ... وإن كنا لا ننكر هذا التعدد، فما ننكره هو ادعاء الصواب المطلق، ورفض التعاون والتنسيق، من بعض الجهات والجماعات والحركات، دون ذكر للأسماء، ودون تعميم . ففي المنطق: كل تعميم خطأ. حتى هذا التعميم."
الرجل هنا يناقض كلامه فمرة الحق واحد معنا ومرة يجب أن نتنازل بعض الشىء فقد يكون الحق مع غيرنا وهو كلام سببه المذاهب الفقهية ولكن الحقيقة الحق واحد وهو الإسلام وأما المختلف فيه بين الناس فهو ناتج من أهواء أنفسهم أو ظنونهم أو فهمهم القاصر وعند الاختلاف يجب الاحتكام للإسلام كما قال تعالى:
"وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله"
ثم تحدث عن حرية الفكر وقبول رأى الآخرين فقال:
"الحرية في التفكير، وقبول الرأي المخالف.
حديثنا دوما عن حرية إسداء الرأي، وقبل ذلك يجب أن نسعى إلى ضمان الحرية في التفكير، لأن الإنسان لا يمكنه أن يؤكد إنسانيته إذا لم يفكر، فمجرد تناول الطعام، وارتداء اللباس، ورفع الرأس إلى السماء، أو خفضه إلى الأرض، بحرية ... لا يعني الحرية بالضرورة، لأن من الحيوانات من يتقن هذه الأفعال أكثر من الإنسان.
بل الإنسان السوي هو الذي يفكر في المصير، ويعتبر بالماضي، ويستفيد من التجارب؛ يؤثر بأفكاره، ويتأثر بأفكار غيره، ويدلي برأيه دون تردد ولا إحجام، ويقبل رأي مخالفه في حدود المنطق.
وهذا الخلق من أساسيات العمل الجماعي، فبدونه تغدو الجماعة قطيعا من الأفراد تحكمها الأنانيات، ويسيرها الادعاء والرفض، فلا تخضر فيها فكرة ولا تورق، ولا يسعد فيها فرد ولا يسمو."
حرية الفكر لا وجود لها فى الإسلام فى أحكام الله لقوله تعالى :
"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا"
ثم تحدث عن الاستعداد لتصحيح الأخطاء فقال :
" الاستعداد للتصحيح:
الإنسان الواثق من علمه وفكره هو الذي يستعد دوما لأن يصحح خطأه، ويعتبر ذلك التصحيح إضافة فيه، وإعلاء من فكرته؛ أما الشاك والمتردد، فيخاف التصحيح ويهابه، ويدفع المستمعين دوما إلى التوهم أنه على صواب لا يستدعي النقاش ولا الحوار.
وانظر إلى أخلاقيات رسول الرحمة محمد - صلى الله عليه وسلم - حين يقول للكافرين، وهو على الحق الذي لا ريب فيه: {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين}."
الاستعداد للتصحيح عنوان غير إسلامى فالتعبير الإلهى هو وجوب التوبة من الأخطاء ولذا قال تعالى :
"وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون"
ثم تحدث عن التخصص واحترامه فقال :
"احترام التخصص:
سعة العلوم، وضعف الإنسان، وقصر عمره ... كل ذلك يجعل من المستحيل على إنسان واحد إدراك جميع الحقائق في أي علم من العلوم، أو في أي تخصص من التخصصات، ولذلك كان لزاما على المشتغلين بالمعارف أن لا يعتدوا بما عندهم، وأن يحترموا تخصصات غيرهم.
الأسس التقنية:
البرمجة المحكمة.
النظام الدقيق.
الانضباط والالتزام.
الحوار ضمان لسيولة الفكرة، والتدوين تأكيد على رسوخها."
والتخصص وهو تقسيم العمل أمر مطلوب حسب ما طلب الله فى بعض الأحكام حتى تقوم الدولة ككل على أسس سليمة