الخميس، 31 ديسمبر 2020

نقد كتاب حسن التفهم والدرك لمسألة الترك

نقد كتاب حسن التفهم والدرك لمسألة الترك
الكتاب من تأليف عبدالله بن الصديق الغماري الحسني وهو من أهل العصر وسبب التأليف كما ذكر أن تلميذ له طلب منه بيان مسألة الترك وفى هذا قال فى المقدمة:
"أما بعد:
فقد طلب مني تلميذنا الفاضل الأستاذ محمود سعيد أن أحرر رسالة في مسألة الترك, تزيل عن قارئها كل حيرة وشك وذكر أنه وجد في (إتقان الصنعة) إشارة إليها موجزة, فأجبت طلبه وأسعفت رغبته, وكتبت هذا المؤلف محررا ليكون قارئه في ميدان الاستدلال على بصيرة من أمره, ويعرف الدليل المقبول من غيره, والله الموفق والهادي وعليه اعتمادي"
وقد استهل الغمارى الكتاب بمقدمة فى أدلة الأحكام وأنواع الأحكام وهو كلام ليس له ضرورة لأنه لا يتناول المسألة فقال:
"المقدمة:
الأدلة التي احتج بها أئمة المسلمين جميعا هي:
الكتاب والسنة –لا خلاف بينهم في ذلك-وإنما اختلفوا في الإجماع والقياس؛ فالجمهور احتج بهما وهو الراجح لوجوه مقررة في علم الأصول, وتوجد أدلة مختلف فيها بين الأئمة الأربعة وهي الحديث المرسل وقول الصحابي, وشرع من قبلنا ,والاستصحاب ,والاستحسان وعمل أهل المدينة والكلام عليها مبسوط في كتاب الاستدلال من جمع الجوامع للسبكي
ماهو الحكم الشرعي؟
الحكم هو خطاب الله المتعلق بفعل المكلف, وأنواعه خمسة:
1 - الواجب أو الفرض: وهو مايثاب فاعله ويعاقب تاركه مثل الصلاة والزكاة وصوم رمضان وبر الوالدين
2 - الحرام: وهو ما يعاقب فاعله ويثاب تاركه ,مثل الربا والزنا والعقوق والخمر
3 - المندوب: وهو مايثاب فاعله ولا يعاقب تاركه, مثل نوافل الصلاة
4 - المكروه: وهوما يثاب تاركه ولا عقاب على فاعله, مثل صلاة النافلة بعد صلاة الصبح أو العصر
5 - المباح أو الحلال: وهو ماليس في فعله ولا تركه ثواب ولا عقاب مثل أكل الطيبات والتجارة
فهذه أنواع الحكم التي يدور عليها الفقه الإسلامي, ولا يجوز لمجتهد صحابيا كان أو غيره أن يصدر حكما من هذه الأحكام إلا بدليل من الأدلة السابقة, وهذا معلوم من الدين بالضرورة لا يحتاج إلى بيان"
وبعد ذلك تناول الغمارى تعريف أو معنى الترك فقال:
"ماهو الترك؟
نقصد بالترك الذي ألفنا هذه الرسالة لبيانه:
أن يترك النبي (ص)شيئا لم يفعله أو يتركه السلف الصالح من غير أن يأتي حديث أو أثر بالنهي عن ذلك الشيء المتروك يقتضي تحريمه أو كراهته
وقد أكثر الاستدلال به كثير من المتأخرين على تحريم أشياء أو ذمها ,وأفرط في استعماله بعض المتنطعين المتزمتين ورأيت ابن تيمية استدل به واعتمده في مواضع سيأتي الكلام على بعضها بحول الله"
أولا هذا التعريف خاطىء لأنه لا يوجد شىء فى الشرع ليس فيه نص لقوله تعالى " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
والأفضل فى تعريفه هو عمل لم يعمل به النبى(ص)أو المسلمون نظرا لعدم وجود ظروف تحققه فمثلا الطلاق يقال ان النبى(ص) لم يفعله لأن الظروف لم تجعله يطلق أيا من زوجاته ومثلا لم يصطد النبى(ص) شىء مع أن الصيد فيه حلال وحرام فليس معنى أنه لم يفعله أن حلال أو حرام لأن المناط هو النص وليس فعل النبى(ص)أو عدم فعله
ومن ثم فمناط الحلال والحرام هو النصوص وليس عمل النبى(ص) أو تركه لأنه ارتكب ذنوبا كما فى قوله تعالى "واستغفر لذنبك"ومنها عملا وتركا
ثم بين الغمارى أنواع الترك فقال:
"أنواع الترك:
إذا ترك النبي (ص)شيئا فيحتمل وجوها غير التحريم:
1 - أن يكون تركه عادة: قدم إليه (ص)ضب مشوي فمد يده الشريفة ليأكل منه فقيل: إنه ضب, فأمسك عنه ,فسئل: أحرام هو؟ فقال:لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه! والحديث في الصحيحين وهو يدل على أمرين:
أحدهما: أن تركه للشيء ولو بعد الإقبال عليه لا يدل على تحريمه
والآخر: أن استقذار الشيء لا يدل على تحريمه أيضا"
الرواية أساسا مخالفة للقرآن فالصيد البرى حلال لمن جاع فى السفر ولم يجد شىء يأكله إلا عن طريق الصيد والطعام المحلل فى الحياة العادية من الحيوانات هو الأنعام والطيور
وحتى لو صحت الرواية وهى غير صحيحة لأن الحديث فيه رواية متعددة متناقضة فالمستفاد منها هو أن عادة القوم لا تحل حراما ولاتحرم حراما
وأما النوع الثانى من الترك فهو الترك نسيانا وقيه قال الغمارى:
2 - أن يكون تركه نسيانا, سها (ص)في الصلاة فترك منها شيئا فسئل: هل حدث في الصلاة شيء؟ فقال:((إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ,فإذا نسيت فذكروني))"
وهذا النسيان فيه نصوص ومن ثم فهو عادى وأما النوع الثالث فهو الترك خوفا على المسلمين وهو قوله:
"3 - أن يكون تركه مخافة أن يفرض على أمته, كتركه صلاة التراويح حين اجتمع الصحابة ليصلوها معه"
وهذه الرواية مخالفة للقرآن فالله هو من يفرض وهو لا يهتم بمشاعر الناس تجاه الأحكام وإلا ما عاتب النبى(ص) مثلا فى حكاية الاستئذان غتدما سمح للمنافقين بترك أماكنهم ومن ثم فروايات خوف النبى(ص) من فرض شىء لاوجود لها ولم تحدث لأن الأحكام هى مشيئة الله ولو اهتم بذلك لجعل له شريكا فى الحكم ولا شؤيك له
وبين الغمارى النوع الرابع فقال:
"4 - أن يكون تركه لعدم تفكيره فيه, ولم يخطر على باله, كان النبي (ص)يخطب الجمعة إلى جذع نخلة ولم يفكر في عمل كرسي يقوم عليه ساعة الخطبة, فلما اقترح عليه عمل منبر يخطب عليه وافق وأقره لأنه أبلغ في الإسماع واقترح الصحابة أن يبنوا له دكة من طين يجلس عليها ليعرفه الوافد الغريب, فوافقهم ولم يفكر فيها من قبل نفسه"
هذا الكلام خاص فيما اختيار أى شوؤة ومن ثم فهو داخل ضمن قوله تعالى "وأمرهم شورى بينهم"
والنوع الخامس غير مفهوم وهو قوله:
"5 - أن يكون تركه لدخوله في عموم آيات أو أحاديث ,كتركه صلاة الضحى وكثيرا من المندوبات لأنها مشمولة لقول الله تعالى ((وافعلوا الخير لعلكم تفلحون)) وأمثال ذلك كثيرة"
ترك المندوبات فى الروايات ليس داخل فى الترك لأنه فعله عدة مرات فى الروايات واما فى الشرع فلا مندوبات إلا ما قالها الله مثل ترك نصف المهر الأخر للمطلق قبل الدخول
وأما السادس فهو نوع محرم لم يحدث وفيه قال الغمارى:
6 - أن يكون تركه خشية تغير قلوب الصحابة أو بعضهم: قال رسول الله (ص)لعائشة:
((لولا حداثة قومك بالكفر لنقضت البيت ثم لبنيته على أساس إبراهيم عليه السلام فإن قريشا استقصرت بناءه))وهو في الصحيحين
فترك (ص)نقض البيت وإعادة بنائه حفظا لقلوب أصحابه القريبي العهد بالإسلام من أهل مكة "
والخوف من الناس عاتب الله عليه نبيه(ص) فقال " وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه"
ومن ثم فهو لن يكرر الخوف من الناس فى أمر امره الله به علما بأن الرواية المستدل بها لم تحدث ولم يقل النبى(ص) ما فيها
ثم بين الغمارى أن الترك لا يدل على التحريم ونقل من بطون الكتب ما يدل هلى هذا فقال:
"ويحتمل تركه (ص)وجوها أخرى تعلم من تتبع كتب السنة, ولم يأت في حديث ولا أثر تصريح بأن النبي (ص)إذا ترك شيئا كان حراما أو مكروها
الترك لا يدل على التحريم
قررت في كتاب (الرد المحكم المتين) أن ترك الشيء لا يدل على تحريمه, وهذا نص ماذكرته هناك:
والترك وحده إن لم يصحبه نص على أن المتروك محظور لا يكون حجة في ذلك بل غايته أن يفيد أن ترك ذلك الفعل مشروع, وإما أن ذلك الفعل المتروك يكون محظورا فهذا لا يستفاد من الترك وحده, وإنما يستفاد من دليل يدل عليه
ثم وجدت الإمام أباسعيد بن لب ذكر هذه القاعدة أيضا؛ فإنه قال في الرد على من كره الدعاء عقب الصلاة:
غاية ما يستند إليه منكر الدعاء إدبار الصلوات أن التزامه على ذلك الوجه لم يكن من عمل السلف, وعلى تقدير صحة هذا النقل ,فالترك ليس بموجب لحكم في ذلك المتروك إلا جواز الترك وانتفاء الحرج فيه, وأما تحريم أو لصوق كراهية بالمتروك فلا, ولا سيما فيما له أصل جملي متقرر من الشرع كالدعاء
وفي المحلى (ج2ص254) ذكر ابن حزم احتجاج المالكية والحنفية على كراهية صلاة ركعتين قبل المغرب بقول إبراهيم النخعي أن أبا بكر وعمر وعثمان كانوا لا يصلونهما ورد عليهم بقوله:
لوصح لما كانت فيه حجة, لأنه ليس فيه أنهم رضي الله عنهم نهوا عنهما
قال أيضا: وذكروا عن ابن عمر أنه قال:ما رأيت أحدا يصليهما ورد عليه بقوله: وأيضا فليس في هذا لو صح نهي عنهما ,ونحن لا ننكر ترك التطوع ما لم ينه عنه
وقال أيضا في المحلى (ج2ص271) في الكلام على ركعتين بعد العصر:
وأما حديث علي ,فلا حجة فيه أصلا, لأنه ليس فيه إلا إخباره بما علم من أنه لم ير رسول الله (ص),صلاهما, وليس في هذا نهي عنهما ولا كراهة لهما, فما صام عليه السلام قط شهرا كاملا غير رمضان وليس هذا بموجب كراهية صوم شهر كامل تطوعا, اهـ
فهذه نصوص صريحة في أن الترك لا يفيد كراهة فضلا عن الحرمة"
وبالقطع نقول الكتب ليست دلالة على صحة قول أو بطلانه فالدليل هو نص الوحى فقط لا غير وقد قام الغمارى بالرد على من طهنوا فى أن الترك لا يدل على الحرمة فقال :
"وقد أنكر بعض المتنطعين هذه القاعدة ونفى أن تكون من علم الأصول فدل بإنكاره على جهل عريض ,وعقل مريض
وهاأناذا أبين أدلتها في الوجوه التالية:
أحدهما: أن الذي يدل على التحريم ثلاثة أشياء:
1 - النهي, نحو ((ولا تقربوا الزنا)) , ((ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل))
2 - لفظ التحريم نحو ((حرمت عليكم الميتة))
3 - ذم الفعل أو التوعد عليه بالعقاب, نحو ((من غش فليس منا))
والترك ليس واحدا من هذه الثلاثة, فلا يقتضي التحريم
ثانيها: إن الله تعالى قال:
((وما آتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا)) ولم يقل:
وماتركه فانتهوا عنه, فالترك لا يفيد التحريم
ثالثها: قال النبي, (ص):
((ما أمرتكم به فائتوا منه مااستطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه)) ولم يقل:
وما تركته فاجتنبوه فكيف دل الترك على التحريم؟
رابعها: أن الأصوليين عرفوا السنة بأنها قول النبي (ص)وفعله وتقريره ولم يقولوا وتركه, لأنه ليس بدليل
خامسها: تقدم أن الحكم خطاب الله ,وذكر الأصوليون: أن الذي يدل عليه قرآن أو سنة أو إجماع أوقياس ,والترك ليس واحدا منها فلايكون دليلا
سادسها: تقدم أن الترك يحتمل أنواعا غير التحريم ,والقاعدة الأصولية أن ما دخله الاحتمال سقط به الاستدلال بل سبق أيضا أنه لم يرد أن النبي (ص),إذا ترك شيئا كان حراما وهذا وحده كاف في بطلان الاستدلال به
سابعها: أن الترك ظل كأنه عدم فعل, والعدم هو الأصل والفعل طارىء والأصل لا يدل على شيء لغة ولا شرعا, فلا يقتضي الترك تحريما
أقوال غير محررة
قال ابن السمعاني إذا ترك الرسول (ص)شيئا وجب علينا متابعته فيه, واستدل بأن الصحابة حين رأوا النبي (ص)أمسك يده عن الضب توقفوا وسألواعنه
قلت: لكن جوابه عليه الصلاة والسلام بأنه ليس بحرام-كما سبق-يدل على أن تركه لا يقتضي التحريم فلا حجة له في الحديث, بل الحجة فيه عليهوسبق أن الترك يحتمل أنواعا من الوجوه, فكيف تجب متابعته في أمر محتمل لأن يكون عادة أو سهوا أو غير ذلك مما تقدم؟!"
ثم نقل من بطون الكتب ما يناصر أدلته ودحض أدلة الأخرين فقال :
"كلام ابن تيمية:
سئل عمن يزور القبور ويستنجد بالمقبور, في مرض به أو بفرسه أو ببعيره, ويطلب إزالة الذي بهم أو نحو ذلك؟
فأجاب بجواب مطول وكان مما جاء فيه قوله:
ولم يفعل هذا أحد من الصحابة والتابعين ولا أمر به أحد من الأئمة, يعني لم يسألوا الدعاء من النبي (ص)بعد وفاته كما كانوا يسألونه منه في حالة حياته
وقلت في الرد عليه: وأنت خبير بأن هذا لا يصح دليلا لما يدعيه وذلك لوجوه
أحدها: أن عدم فعل الصحابة لذلك يحتمل أن يكون أمرا اتفاقيا ,أي اتفق أنهم لم يطلبوا الدعاء منه بعد وفاته, ويحتمل أن يكون ذلك عندهم غير جائز, أو يكون جائزا وغيره أفضل منه فتركوه إلى الأفضل ويحتمل غير ذلك من الاحتمالات والقاعدة أن ما دخله الاحتمال سقط به الاستدلال انتهى المراد منه
قلت: ويؤيد أنهم لم يتركوه لعدم جوازه أن بلال بن الحارث المزني الصحابي ذهب عام الرمادة إلى القبر النبوي وقال:((يارسول الله استسق لأمتك)) فأتاه في المنام وقال له:((اذهب إلى عمر وأخبره أنكم مسقون, وقل له: عليك الكيس الكيس))فأخبر عمر فبكى وقال:((اللهم لا آلوا إلا ما عجزت عنه)) ولم يعنفه على ما فعل, ولو كان غير جائز عندهم لعنفه عمر قال ابن كثير صحيح الاسناد
حديث صحيح لا يرد قولنا
قال البخاري في صحيحه:(باب الاقتداء بأفعال النبي (ص)) وروى فيه عن ابن عمر قال:اتخذ النبي (ص)خاتما من ذهب فاتخذ الناس خواتيم من ذهب فقال: إني اتخذت خاتما من ذهب)) فنبذه وقال:((إني لن ألبسه أبدا)) فنبذ الناس خواتيمهم قال الحافظ: اقتصر على هذا المثال لاشتماله على تأسيهم به في الفعل والترك
قلت: في تعبيره بالترك تجوز, لأن النبذ فعل, فهم تأسوا به في الفعل ,والترك ناشىء عنه
وكذلك لما خلع نعله في الصلاة, وخلع الناس نعالهم, تأسوا به في خلع النعل ,وهو فعل نتيجته التركوليس هذا هو محل بحثنا كما هو ظاهروأيضا فإننا لا ننكر اتباعه (ص)في كل ما يصدر عنه, بل نرى فيه الفوز والسعادة لكن مالم يفعله كالاحتفال بالمولد النبوي وليلة المعراج لا نقول إنه حرام, لأنه افتراء على الله, إذ الترك لا يقتضي التحريم
وكذلك ترك السلف لشيء-أي عدم فعلهم له-لا يدل على أنه محظور, قال الإمام الشافعي:
((كل ماله مستند من الشرع فليس ببدعة ولو لم يعمل به السلف)) لأن تركهم للعمل به قد يكون لعذر قام لهم في الوقت, أو لما هو أفضل منه أو لعله لم يبلغ جميعهم علم به
ماذا يقتضي الترك؟
بينا فيما سبق أن الترك لا يقتضي تحريما وإنما يقتضي جواز المتروك, ولهذا المعنى أورده العلماء في كتب الحديث, فروى أبو داوود والنسائي عن جابر رضي الله عنه قال:
((كان آخر الأمرين من رسول الله (ص)ترك الوضوء مما غيرت النار))
أوردوه تحت ترجمة:"ترك الوضوء مما مست النار" والاستدلال به في هذا المعنى واضح ,لأنه لو كان الوضوء مما طبخ بالنار واجبا ماتركه النبي (ص)وحديث تركه دل على أنه غير واجب قال الإمام أبوعبدالله التلمساني في مفتاح الوصول:
((ويلحق بالفعل في الدلالة, الترك, فإنه كما يستدل بفعله (ص)على عدم التحريم يستدل بتركه على عدم الوجوب وهذا كاحتجاج أصحابنا على عدم وجوب الوضوء مما مست النار به)) ,روي أنه (ص)أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ, وكاحتجاجهم على أن الحجامة لا تنقض الوضوء, بما روي أنه (ص)احتجم ولم يتوضأ وصلى (انظر مفتاح الوصول ص93 طبعة مكتبة الخانجي) ومن هنا نشأت القاعدة الأصولية:
جائز الترك ليس بواجب"
وما قالع الغمارى كىم ناقص وهو أن الترك لا يدل على الحرمة وايضا لا يدل على التحليل إلا بنص فالنبى(ص) ترك حلالا أباحه الله كما قلنا فى أمر الطلاق وامر الصيد الحلال لأن الظروف لم تتوافر له بكى يفعل هذا أو ذاك
وبين الغمارى أن القوم قسموا الترك لترك فى عهد النبى(ص) وتركا بعد موته لأنه لم يحدث فى عهده فقال:
"إزالة اشتباه:
قسم العلماء ترك النبي (ص)لشيء ما ,على نوعين:
نوع لم يوجد ما يقتضيه في عهده ثم حدث له مقتضى بعده (ص)فهذا جائز على الأصل
وقسم تركه النبي (ص)مع وجود المقتضى لفعله في عهده, وهذا الترك يقتضي منع المتروك, لأنه لو كان فيه مصلحة شرعية لفعله النبي (ص), فحيث لم يفعله دل على أنه لا يجوز
ومثل ابن تيمية لذلك بالأذان لصلاة العيدين الذي أحدثه بعض الأمراء وقال في تقريره: فمثل هذا الفعل تركه النبي (ص)مع وجود ما يعتقد مقتضيا له مما يمكن أن يستدل به من ابتدعه, لكونه ذكرا لله ودعاء للخلق إلى عبادة الله وبالقياس على أذان الجمعة
فلما أمر الرسول (ص)بالأذان للجمعة, وصلى العيدين بلا أذان ولا إقامة, دل تركه على أن ترك الأذان هو السنة, فليس لأحد أن يزيد في ذلك الخ كلامه
وذهب إلى هذا أيضا الشاطبي وابن حجر الهيتمي وغيرهما, وقد اشتبهت عليهم هذه المسألة بمسألة السكوت في مقام البيان صحيح أن الأذان في العيدين بدعة غير مشروعة, لا لأن النبي (ص)تركه ولكن لأنه (ص)بين في الحديث ما يعمل في العيدين ولم يذكر الأذان فدل سكوته على أنه غير مشروع
والقاعدة: أن السكوت في مقام البيان يفيد الحصر وإلى هذه القاعدة تشير الأحاديث التي نهت عن السؤال ساعة البيان
روى البزار عن ابي الدرداء قال: قال رسول الله (ص):
((ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئا ثم تلا ((وما كان ربك نسيا))
قال البزار: إسناده صالح ,وصححه الحاكم
وروى الدارقطني عن أبي ثعلبة الخشني عن رسول الله (ص)قال: إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ,وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة بكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها))
في هذين الحديثين إشارة واضحة إلى القاعدة المذكورة وهي غير الترك الذي هو محل بحثنا في هذه الرسالة, فخلط إحداهما بالأخرى مما لا ينبغي
ولذا بينت الفرق بينهما حتى لا يشتبه أحد وهذه فائدة لا توجد إلا في هذه الرسالة "
وكما قلنا فى بداية الكتاب أن الحرمة والحلة لا تثبت بترك النبى(ص)أو فعله وإنما بالنص لأن من اعمال النبى(ص) ذنوب واخطاء كما قال تعالى "إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر"
ومن ثم لا يصح الاقتداء بتلك الذنوب التى هى أقوال وأفعال وتروكات ومن ثم النص وحده هو من يحب أو يحرم
واختتم الغمارى الكتاب بالتالى:
"تتميم
قال عبدالله بن المبارك: أخبرنا سلام بن أبي مطيع عن ابن أبي دخيلة عن أبيه قال:
كنت عند ابن عمر فقال:"نهى رسول الله (ص)عن الزبيب والتمر يعني أن يخلطا"
فقال لي رجل من خلفي: ماقال؟ فقلت: (حرم رسول الله (ص)التمر والزبيب) فقال عبدالله بن عمر: (كذبت)! فقلت: (ألم تقل نهى رسول الله (ص)عنه؟ فهو حرام) فقال: (أنت تشهد بذلك)؟ قال سلام كأنه يقول: مانهى النبي (ص)فهو أدب
قلت: انظر إلى ابن عمر وهو من فقهاء الصحابة –كذب الذي فسر نهى بلفظ حرم, وإن كان النهي يفيد التحريم لكن ليس صريحا فيه بل يفيد الكراهة أيضا وهي المراد بقول سلام: فهو أدب
ومعنى كلام ابن عمر: أن المسلم لا يجوز له أن يتجرأ على الحكم بالتحريم إلا بدليل صريح من الكتاب أو السنة, وعلى هذا درج الصحابة والتابعون والأئمة
قال إبراهيم النخعي ,وهو تابعي:
كانوا يكرهون أشياء لا يحرمونها, كذلك كان مالك والشافعي وأحمد كانوا يتوقون إطلاق لفظ الحرام على ما لم يتيقن تحريمه لنوع شبهة فيه, أو اختلاف أو نحو ذلك, بل كان أحدهم يقول أكره كذا, لا يزيد على ذلك
ويقول الإمام الشافعي تارة: أخشى أن يكون حراما ولا يجزم بالتحريم يخاف أحدهم إذا جزم بالتحريم أن يشمله قول الله تعالى: ((ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب))
فما لهؤلاء المتزمتين اليوم يجزمون بتحريم أشياء مع المبالغة في ذمها بلا دليل إلا دعواهم أن النبي (ص)لم يفعلها وهذا لا يفيد تحريما ولا كراهة فهم داخلون في عموم الآية المذكورة"
كما قلنا رد ألمر لعمل النبى(ص) وتركه هو خطا فى غصدار ألحكام فالحكم كما قلنا هو نص الوحى لن النبى(ص) ارتكب ذنوبا فى حياته فى العمل والترك
ثم ذكر الغمارى نماذج لأعمال متروكة فقال :
"نماذج من الترك:
هذه نماذج لأشياء لم يفعلها النبي (ص):
1 - الاحتفال بالمولد النبوي
2 - الاحتفال بليلة المعراج
3 - إحياء ليلة النصف من شعبان
4 - تشييع الجنازة بالذكر
5 - قراءة القرآن على الميت في الدار
6 - قراءة القرآن عليه في القبر قبل الدفن وبعده
7 - صلاة التراويح أكثر من ثماني ركعات
فمن حرم هذه الأشياء ونحوها بدعوى أن النبي (ص)لم يفعلها فاتل عليه قول الله تعالى:
((ءآلله أذن لكم أم على الله تفترون))
لا يقال: وإباحة هذه الأشياء ونحوها داخلة في عموم الآية لأنا نقول:
ما لم يرد نهي عنه يفيد تحريمه أو كراهته ,فالأفضل فيه الإباحة لقول النبي (ص): ((وما سكت عنه فهو عفو)) أي مباح"
ومما ينبغى قوله فى النهاية :
الحلال والحرام يكون بنص الوحى فقط وليس شىء أخر لأن الوحى لم يترك أى شىء إلا وبين حكمه كما قال تعالى :
"ما فرطنا فى الكتاب من شىء"

الأربعاء، 30 ديسمبر 2020

قراءة فى كتاب تخاطب الجسد

قراءة فى كتاب تخاطب الجسد
فى مكتبة الإكسير هذا المقال أصبح كتابا ليس له مؤلف وقد بحثت عنه فى الشبكة العنكبوتية فوجدت بعض الفقرات والباقى غير موجود وأول تاريخ لنشره بالميلادى2009
سمى المؤلف المقال أو الكتاب:
مذكرة تبسيطية وتوضيحية لبعض معالم لغة الجسد"
وقد استهلها بذكر بعض آيات القرآن وبعض العبارات المنقولة من بطون الكتب القديمة فقال :
"قال الله تعالى:" (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون)
وقال تعالى:" (ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم)
وقال زعماء القبائل: "لقد أتاكم الوليد بن المغيرة بوجه غير الذي ذهب به"
وقالوا:" لقد جاء عمر والغضب باد على وجهه"
وفي الحديث:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب الناس كأنه نذير جيش يقول صبحكم ومساكم"
وفي الحديث: "وكان إذا غضب عليه الصلاة والسلام كأنما تفتق في جهه حب الرمان"
الآية الأولى ليست معبرة عن تخاطب جسدى وإنما المشاهد هو من أعجب والإعجاب ليس رسالة من الذى رآه المشاهد وإنما هو رسالة أوصلها المشاهد لنفسه فمنظر الجسم ليس رسالة من صاحب الجسم لأنه لم يخلق جسمه
والآية الثانية لا تعبر عن تخاطب جسدى وإنما تتحدث عن صفات وأفعال المنافقين الدالة عليهم فالسيماه تعنى الصفات النفسية كالكسل كما قال تعالى "وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى "ولحت القول عمل نفسى وليس جسدى
وأما الأقوال المنقولة فهى بالفعل معبرة عن لغة الجسد
وبين المؤلف أن علماء النفس يعتقدون بأن 60 % من حالات التخاطب والتواصل بين الناس تتم بصورة غير شفهية وفى هذا قال :
"ويعتقد علماء النفس بأن 60 % من حالات التخاطب والتواصل بين الناس تتم بصورة غير شفهية أي: عن طريق الإيماءات والإيحاءات والرموز، لا عن طريق الكلام واللسان
وهذه الطريقة ذات تأثير أقوى بخمس مرات من ذلك التأثير الذي تتركه الكلمات"
وبالقطع هذا كلام بلا دليل فيجب أن نبعث الموتى ونستدعى كل الناس ليقولوا لنا هل استخدموا اللغة الجسدية وكم مرة استخدموها وهو أمر محال ولكن المعروف أن الكلام هو الأكثر استعمالا فى التواصل وأما التواصل الجسدى الإشارى فهو قليل الاستخدام ويستخدمه فى الغالب أشخاص يعملون أعمالا إجرامية أو تتعلق بالتخابر والبحث الشرطى أو تتعلق بالمؤامرات
ثم تناول المؤلف ما سماه بغة الجسد فقال:
"تجاهل لغة الجسد:
ومن الأخطاء الجسيمة التي نقع فيها هي تجاهلنا للغة الجسد والإيماءات في محاولتنا فهم ما يقوله لنا الآخرون وقراءة مقاصدهم
بل إننا نمضي ساعات في تحليل الكلمات التي قيلت لنا من دون أن ندرك مغزاها لأننا لا نتعمق بالشكل الكافي لغة الإيماءات"
وبالقطع لايوجد تجاهل للغة الجسد إلا فى القليل من الأحيان كما أن الفعل الجسدى الواحد قد يفهم خطأ لأنه يعبرعن معانى متعددة مثل رفع إصبعين فهذا قد يعنى النصر وقد يعنى شيئين فقط وقد يعنى معنى ثالث ومثلا قبض اليد ورفع الأصابع وضمها للداخل وردها للخارج إشارة لها عدة معانى ففى مصر الحالية تعنى إما تعالى معى أو هات نقود أو شىء
وحدثنا الرجل أن لغة الجسد تعبر عن راحة الإنسان مع الإنسان أو العكس فقال:
"الناس مؤدبون:
يمكن فك الجدل التقليدي حول ما إذا كان الطرف الآخر مرتاح لنا بالاعتماد على إيماءاته وإيحاءاته ورموزه لا على كلامه، فالإيماءات جديرة بأن تقول ذلك ببلاغة أشد من الكلام وهذه بعض الإيماءات والإيحاءات التي تحدث في حياتنا اليومية وقد لا نكون مدركين للمغزى أو التأثير النفسي المسبب لها
فمثلا :
• مس اليد للوجه أثناء الحديث أمر مرتبط بالكذب وكذلك الحال عند لمس الأنف أثناء
الكلام
• وقد يلجأ البعض إلى لمس الأذن عند التشكيك بكلام يقال أمامهم
• عندما يعقد اجتماع ما لمؤسسة أو إدارة ويلقي المدير نكتة عرضية نجد أن كلا من الحاضرين يصطنع ابتسامة مزيفة تظهر بوضوح في عضلات زاويتي فمه التي تشد وترخى في اتجاه الأعلى أما في الابتسامة الحقيقية فإن عضلات أطراف العينين تتقلص أيضا
• وإذا شبكت المرأة يديها بشكل لين فهذا دليل انفتاحها على الجو المحيط بها
• عندما يهز البعض رؤوسهم في إشارة إلى التأييد والاهتمام نجد أن الشخص المتكلم يزيد من سرعة كلامه
• بينما يشير تشابك الذراعين وتباطؤ رفرفة العينين إلى الملل أو إلى عدم الموافقة ما يحتمل أن يجعل المتكلم يبطئ في كلامه
• أن يكون الإبهامان متلاصقين فهذا يعني أن المتحدث عقلاني وكريم ومثقف ويستطيع التأقلم مع الظروف العامة
• عندما يجري تعريف بعض الناس إلى بعضهم الآخر يظهر مستوى ما من الاهتمام يعبر عنه بازدياد رفرفة أجفان العينين من 18 مرة إلى أكثر من 25 مرة في الدقيقة
• نحن نشاطر الآخرين الذين نكاد لا نعرفهم السوائل الباردة لأنها جاهزة ولا تتطلب وقتا
• نشاطر السوائل الساخنة الناس ذوي العلاقة الودية الأقوى بنا، لأنها تحتاج إلى زمن أكبر لتحضيرها فهل هذا هو السبب الذي يجعلنا نقدم ضيافة من المشروبات الساخنة للناس الذين تجمعنا بهم الألفة والمودة وربما لهذا السبب أيضا يعد تقديم أي مشروب آخر غير القهوة الساخنة نوعا من الاستخفاف بالضيف الذي يشعر بشيء من برودة الاستقبال إذا لم تقدم له القهوة حصرا
• وضع اليدين على الطاولة باتجاه الشخص المتحدث فهذه بمثابة دعوة لتكوين علاقة حميمة
• يفضل المرء أن يتوجه بعد دخول السوق أو المحلات التجارية إلى اليمين لأنه سوف يستخدم يده اليمنى الأقوى ويشعر بالانشراح إذا كانت الممرات واسعة بينما يشعر بالضيق إذا كانت هذه الممرات ضيقة ولذا يحاول أصحاب المخازن تنفيذ هذه الرغبات إذ يضعون السلع الغالية الثمن في اتجاه اليمين وفي الممرات الواسعة ويجب أيضا أن تكون السلع في تناول الزبون لأنه لا يشتري عادة أي سلعة لا يمسها بيده وقلما يشتري أحدنا سلعة كتب عليها «ممنوع اللمس»
• عندما تكون اليد مفتوحة فهذه الإيماءة تقترن بالصدق والخضوع
• في حال كون الذراعان متقابلتين فمعنى ذلك أن الشخص بحالة دفاعية سلبية
• تعمد مطاعم الوجبات السريعة للإكثار من الألوان الفاقعة والحادة مثل الأحمر والأصفر وذلك لكي لا يشعر الزبون بالراحة ويطيل الجلوس في المطعم"
ما قاله المؤلف هنا عن الإشارات غالبه ليس صحيحا فليس كل لمس للوجه أو الأنف دليل عن الكذب فأحيانا يكون دليلا على التوتر او وجود حكة أو اى شىء أخر ولمس الأذن ليس دوما إشارة للتشكيك فى كلام الأخر فقد يكون إشارة إلى انصراف هو واحدهم من المجلس لوجود موعد أخر أو غير ذلك ومثلا حكاية المشروبات الساحنة والباردة فليست تخاطب جسدى وكذلك ألوان المطاعم وهى ليست تعبير عن رفض أو قبول الأخر فمثلا بحكم البرد نشرب المشروبات الساخنة وبحكم الحر نشرب الباردة وأحيانا حسب طلب الضيف او حسب سؤال الضيف عما يريد وأما حكاية رفرفة العيون عند التعارف فهذا كلام غير علمى فهى تحدث عند تعارف الفتى والفتاة ولكنها ليسا عادة متكررة عند الناس
وعاد المؤلف إلى القول بكميات محددة من لغة الجسد وهو كلام كما قلنا مخال إثباته علميا فقال:
"تبين جميع الأبحاث المتوفرة أن لغة الجسد هي الجزء الأهم من أي رسالة تنتقل إلى الشخص الآخر وإن ما بين (50 - 80%) من المعلومات يمكن أن تنقل بهذه الطريقة وأن الرسالة غير الشفوية المنقولة هي غنية, ومعقدة في طبيعتها, وتحتوي على تعابير الوجه والقرب من الشخص المتكلم, وحركات اليدين والقدمين, وملابس الشخص المتكلم ونظراته, وتوتره, وانفعالاته وما إلى ذلك
ويوجد هناك عاملان هامان:
• هل يستطيع جسدك أن يقول ما تريده منه؟
• وهل تستطيع أن تفسر لغة أجساد الآخرين؟
إن الكثيرين منا لا يعون لغات أجسامنا حيث أن هذا ينطبق على الرجال الذي لا يلاحظون الإشارات التي تنبعث من أجسامهم وأجسام الآخرين ويتجاهلونها حول أشياء مهمة جدا
وإنه لمن المفيد أن ينضم المرء إلى ورشة علمية تدور حول كيفية تحليل واكتشاف الإشارات المضللة للغة الجسد"
كما قلنا الكثير مما قاله ليس رسائل والناس منذ القديم أحيانا يوجهون رسائل جسدية كما فى المثل :
"فوت على عدوك مكرش وليس معرش"
والمراد اجعل بطنك تتقدم جسمك دليل على العز والترف ولاتهتم باللبس
وقدم المؤلف نصائح للناس فى اللغة الجسدية فقالك
"وهذه بعض الأشياء التي يمكن أن تجربها:
ابدأ بالانتباه الواعي للغة أجسام الناس حيث يمكن أن تشاهد التلفزيون لمدة عشر دقائق مع إخفاء الصوت كليا دون بعض الملاحظات عن لغة أجسام الناس المحبوبين والمحترمين والمسموعين:
• كيف يقفون أو يجلسون؟
• ما نوع التعابير التي يملكون؟
• ماذا تفعل أيديهم, وأقدامهم؟
• ما نوع النظرات التي يملكونها؟
• ما هي الوسائل غير الشفوية التي يمتلكونها؟
• هل يتصرفون بعكس لغة أجسادهم الإيجابية وهل هذا يؤثر عليهم؟
ابدأ بالتصرف بلغة الأجساد الإيجابية لمن تحب, وتحترم, وسيبدأ الناس الآخرون بالنظر إليك بشكل مختلف عن السابق"
وبالقطع هذه ليست نصائح فالنظر للغير محكوم بقوله تعالى " قل للمؤمنين يفضوا من أبصارهم " و"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن"
ثم حدثنا المؤلف عن سبعة أماكن إشارية لمعرفة ما يقوله الناس جسديا فقال:
"وحدها العيون تتخطى كل اللغات وتغزو كل الحصون فتلتقي في لحظة لتحكي بلمحة ما يعجز عنه اللسان وتتسلل إلى أعماق النفس لتقول كلماتها الخاصة والصادقة، فهي لغة لا تعرف الكذب ولا الرياء، لغة ليست بلغة لكنها مرآه صافيه تعكس مباشرة كل المشاعر
والعرب تقول: "فضحته عيناه"
1 العين:
تمنحك واحدا من أكبر مفاتيح الشخصية التي تدلك بشكل حقيقي على ما يدور في عقل من أمامك، ستعرف من خلال عينيه ما يفكر فيه حقيقة؛
فإذا اتسع بؤبؤ العين وبدا للعيان فإن ذلك دليل على أنه سمع منك توا شيئا أسعده،
أما إذا ضاق بؤبؤ العين فالعكس هو الذي حدث،
وإذا ضاقت عيناه ربما يدل على أنك حدثته بشئ لا يصدقه،
وإذا اتجهت عينه إلى أعلى جهة اليمين فإنه ينشئ صورة خيالية مستقبلية
وإذا اتجه بعينه إلى أعلى اليسار فإنه يتذكر شيئا من الماضي له علاقة بالواقع الذي هو فيه،وإذا نظر إلى أسفل فإنه يتحدث مع أحاسيسه وذاته حديثا خاصا ويشاور نفسه في موضوع ما
2 الحواجب:
إذا رفع المرء حاجبا واحدا فإن ذلك يدل على أنك قلت له شيئا إما أنه لا يصدقه أو يراه مستحيلا،
أما رفع كلا الحاجبين فإن ذلك يدل على المفاجأة
أما إذا قطب بين حاجبيه مع ابتسامة خفيفة فإنه يتعجب منك ولكنه لا يريد أن يكذبك واذا تكرر تحريك الحواجب فإنه مبهور ومتعجب من الكلام وكلامك يدخل على دماغه بأكثر من شكل
3 الأنف والأذنان:
فإذا حك أنفه أو مرر يديه على أذنيه ساحبا إياهما بينما يقول لك إنه يفهم ما تريده فهذا يعني أنه متحير بخصوص ما تقوله ومن المحتمل أنه لا يعلم مطلقا ما تريد منه أن يفعله ووضع اليد أسفل الأنف فوق الشفة العلية دليل أنه يخفي عنك شيئا ويخاف أن يظهر منه
4 جبين الشخص:
فإذا قطب جبينه وطأطأ رأسه للأرض في عبوس فإن ذلك يعني أنه متحير أو مرتبك أو أنه لا يحب سماع ما قلته توا،
أما إذا قطب جبينه ورفعه إلى أعلى فإن ذلك يدل على دهشته لما سمعه منك
5 الأكتاف:
فعندما يهز الشخص كتفه فيعني انه لا يبالي بما تقول
6 الأصابع:
نقر الشخص بأصابعه على ذراع المقعد أو على المكتب يشير إلى العصبية أو عدم الصبر
7 وعندما يربت الشخص بذراعيه على صدره:
فهذا يعني أن هذا الشخص يحاول عزل نفسه عن الآخرين أو يدل على أنه خائف بالفعل منك
هذه الإشارات السبع تعطيك فكرة عن لغة الجسد وكيف يمكن استخدامها في إبراز قوة شخصيتك و التعرف على ما يفكر به الآخرون على الرغم من محاولاتهم إخفاء ذلك"
كما قلنا الإشارات وحركات الجسد قد لا تعنى شيئا مما ذكره الرجل لأن التاس ليست متفقة فيما بينها على معانى الإشارات فتحريك إصبع واحد يعنى عند البعض أن المطلوب واحد أو إشارة إلى الله أو إنذار لشخص بألا يتكلم او يفعل شىء ومثلا رفع اليدين لأعلى على شكل زوايا حادة قد يكون معناه عند البعض إظهار القوة كتحدير للخرين وأحيانا يكون تعبير لكظم أعراض النوم
وقد ورد التالى عن التخاطب الإشارى الجسدى فى القرآن :
وضع الأصابع فى الآذان كدليل على تكذيب الوحى ورفضه وفى هذا قال تعالى :
"وإنى كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم فى أذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبار"
ونفس الحركة تعبر عن معنى أخر وهو الخوف من الموت كما قال تعالى:
"أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم فى آذانهم حذر الموت"
أن المغتاظ يعض أصابعه بأسنانه فى الخفاء كما قال تعالى :
"وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم"
الغمز هو لغة الكفار للتعبير عن سخطهم على المسلمين عند المرور عليهم وفى هذا قال تعالى:
"وإذا مروا بهم يتغامزون"
الإشارة باليد للابن وفى هذا قال تعالى :
"فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا"
الإشارة باليد للتسبيح وقد يقصد به الكتابة باليد نظر لأمر الصمت المفروض على زكريا (ص) كما فى قوله تعالى :
" فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوه بكرة وعشيا"
النظر بالعيون للانصراف من مكان التجمع كما قال تعالى:
"وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا"

الثلاثاء، 29 ديسمبر 2020

نقد رسالة في السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة يوم لا ظلّ إلاّ ظله

نقد رسالة في السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة يوم لا ظلّ إلاّ ظله
الكتاب تأليف: عبد الباقي بن يوسف بن أحمد الزرقاني المصري (1099 هـ) وهو عبارة عن انتخاب روايات حديث ظل الله للسبعة من كتاب الخصال الموجبة للظلال للسخاوى وفى هذا قال فى المقدمة:
" فهذه عجالة للقاصر الباع، القليل الاطلاع، ممن لي الأنام ضارع، ولم يحمل رماح الحفظ على عاتقه، ولا بين فرسان الحفاظ بسهام الإصابة صارع، انتقيتها من كتاب الحافظ الشهير، العالم الكبير، أبي الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي، متعه الله بالنظر إليه، وجعله ممن بظل عرشه يأوي، في الخصال الموجبة للظلال، فإنه رحمه الله تعالى قد أجاد، ومد ساعد الجد حتى أفاد فوق ما استفاد "
الروايات كلها لم يقلها النبى(ص) لأنها قائمة على أساس خاطىء وهو أن الظلال لسبعة محددين بينما الظلال للمؤمنين وهم الأبرار جميعا كما قال تعالى :
"إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ودانية عليهم ظلالها"
وفى آية أخرى الظلال لأصحاب اليمين جميعا قال تعالى:
"وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين فى سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود"
كما أن الروايات متناقضة فيمن هم السبعة والغريب أن البعض نظم تلك الحالات فجعلها بعضهم سبهون وبعضهم91 وبعضهم أقل والروايات هى
"روى الشيخان، والنسائي، والطيالسي عن أبي هريرة، والإمام مالك في الموطأ، ومن طريقه مسلم والترمذي، عن أبي هريرة، أو أبي سعيد عن النبي (ص)أنه قال: (سبعة يظلهم الله عز وجل في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا على ذلك، وافترقا عليه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)
رواه أبو نعيم وغيره من حديث أبي هريرة، وابن الجراح في أماليه من حديث ابن مسعود، فقالا بدل وشاب نشأ في عبادة الله: ورجل كان في سرية مع قوم فلقوا العدو، فانكشفوا، فحمى آثارهم، وفي لفظ ديارهم، حتى نجوا ونجا، أو استشهد، قال الحافظ ابن حجر: حسن غريب جدا
وروى الحاكم وتلميذه البيهقي في الشعب عنه حديث أبي هريرة، فقال بدل الشاب أيضا: ورجل تعلم القرآن في صغره، فهو يتلوه في كبره
وروى عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد لأبيه الحديث عن سليمان موقوفا، وحكمه الرفع ، فمثله لا يقال رأيا، وأبدل الإمام والشاب بقوله: ورجل يراعي الشمس لمواقيت الصلاة، ورجل إن تكلم تكلم بعلم، وإن سكت سكت عن حلم، ورواه ابن أبي الدنيا بلفظ: سبعة يظلهم الله في ظل عرشه رجل نبت بحلم أو علم ان تكلم الخ
وأخرج ابن عدي عن أنس رفعه: أربعة في ظل الله، وعد الشاب، والمتصدق، والإمام، قال: ورجل تاجر، اشترى وباع، فلم يقل إلا حقا، وسنده ضعيف، لكن له طريق آخر عنه مرفوعا بلفظ التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة، رواه الديلمي، والأصفهاني، وهو ضعيف أيضا، لكن له شواهد عن سلمان عند البيهقي وعلي مرفوعا وأبي هريرة مرفوعا
وأخرج مسلم والحسن بن سفيان، وأبو يعلى، وآخرون عن أبي اليسر عن النبي (ص)من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد مسند أبيه عن عثمان، سمعت رسول الله (ص)يقول: أظل الله عبدا في ظله يوم لا ظل إلا ظله من أنظر معسرا، أو ترك لغارم، وللطبراني في الأوسط عن شداد بن أوس سمعت رسول الله (ص)يقول: من أنظر معسرا، أو تصدق عليه أظله الله في ظله يوم القيامة، والصدقة على المعسر أسهل من الوضع عنه، فهي غيرها، وله أيضا عن جابر مرفوعا: أظل الله في ظله يوم القيامة من أنظر معسرا، أو أعان أخرق، وفي إسناده ضعف، والأخرق الذي لا صناعة له، ولا يقدر أن يتعلم صنعة، ولأحمد وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والحاكم، والبيهقي عن سهل بن حنيف مرفوعا: من أعان مجاهدا في سبيل الله، أو غارما في عسرته، أو مكاتبا في رقبته، أظله الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله، وإعانة الغارم لا تتكرر مع الترك له؛ لأنه أخص من معونته
ولأبي الشيخ بسند ضعيف عن علي رفعه: أن سيد التجار لزم التجارة التي دل الله عليها من الإيمان بالله ورسوله، وجهاد في سبيله، فمن لزم البيع والشراء فلا يذم إذا اشترى، ولا يحمد إذا باع، وليصدق الحديث، ويؤد الأمانة، ولا يقم ن للمؤمنين الغلاء، فإذا كان كذلك كان أحد السبعة الذين في ظل العرش، وهذا قدر زائد على الصدق، فيمكن أن يكون خصلة مستقلة، وللطبراني عن أبي نعيم، والديلمي، وابن عدي، عن أبي هريرة رفعه: أوحى الله إلى إبراهيم: يا خليلي حسن خلقك ولو مع الكفار تدخل مداخل الأبرار، وإن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أن أظله تحت ظل عرشي، وأسقيه من حظيرة قدسي، وأدنيه من جواري
وللطبراني عن جابر رفعه في حديث: ومن كفل يتيما، أو أرملة أظله الله في ظله يوم القيامة، ضعيف، لكن له شواهد، وأحمد وابن منيع والبيهقي وغيرهم عن عائشة رفعته: أتدرون من السابق إلى ظل الله يوم القيامة، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: الذين إذا أعطوا الحق قبلوه، وإذا سئلوا بذلوا، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم، قال الحافظ ابن حجر: غريب، ولم أره إلا من حديث ابن لهيعة، وحاله معروف،
وابن عساكر، وابن شاهين، وابن أبي الدنيا، والحاكم عن أبي ذر رفعه: إني موصيك بوصية فاحفظها، لعلها تنفعك زر القبور تذكرك الآخرة، قلت: بالليل، قال: لا بالنهار أحيانا، ولازم غسل الموتى فإن في معاينة جسد خاو موعظة بليغة، وصل على الجنائز، لعل ذلك يحزنك، فإن الحزين في ظل الله معرض لكل خير، وجالس المساكين، وسلم عليهم، وكل مع صاحب البلاء إيمانا وتواضعا، والبس الخشن من الثياب وتزين لعبادة ربك أحيانا، ولا تعذب شيئا مما خلق الله بالنار، قال الحافظ ابن حجر: غريب، وفيه ضعف، وخفيت علته على الحاكم فاستدركه، وابن شاهين، وأبي نعيم، وغيرهما عن الصديق، سمعت رسول الله (ص)يقول: الوالي العادل ظل الله ورمحه في الأرض، فمن نصحه في نفسه، وفي عباد الله أظله الله يوم القيامة بظله يوم لا ظل إلا ظله، ومن غشه في نفسه، وفي عباد الله خذله الله يوم القيامة، رجاله معروفون إلا سليمان بن رجال، فقال أبو حاتم مجهول، وأبو بكر بن لال، وأبو الشيخ عن الصديق رفعه: من أراد أن يظله الله بظله فلا يكن على المؤمنين غليظا، وليكن بالمؤمنين رحيما،
والدارقطني، وابن شاهين عن الصديق وابن السني والديلمي عنه، وعن عمران بن حصين، قالا: قال موسى (ص)لربه عز وجل: ما جزاء من عزى الثكلى، قال: أظله في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي، قال الحافظ القسطلاني: وطريق كل من هذين الحديثين أوهى مما مر، وابن أبي الدنيا عن فضيل بن عياض، قال: بلغني أن موسى قال: أي رب من تظل تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك، قال: يا موسى الذين يعودون المرضى، ويشبعون الهلكى، ويعزون الثكلى
وروى أبو سعيد السكري عن علي رفعه: السابقون إلى ظل العرش يوم القيامة طوبى لهم، قال: من هم؟ قال: هم شيعتك يا علي، ومحبوك واه جدا، فيه سليمان الملطي، رماه الدار قطني بالكذب، وسلم بن ميمون الخواص ضعيف، قال أبو حاتم: لا يكتب حديثه، وقال ابن حبان: شغله الصلاح عن حفظ الحديث حتى كثرت المناكير في روايته، والبيهقي وابن عساكر عن أبي الدرداء، قال: قال موسى: يا رب من مساكنك في حظيرة القدس، ومن يستظل بظلك يوم لا ظل إل ظلك، قال: أولئك الذين لا 6 ب ينظرون بأعينهم الزنا، ولا يبتغون في أموالهم الربا، ولا يأخذون على أحكامهم الرشا، أولئك طوبى لهم وحسن مآب، قال الحافظ أبو الفضل: غريب، وليس في رواية من اتفق على تركه، وما كان أبو الدرداء ممن يأخذ عن أهل الكتاب، فالظاهر أن لحديثه حكم الرفع
وأخرج أبو القاسم التيمي في ترغيبه عن ابن عمر مرفوعا: ثلاثة يتحدثون في ظل العرش آمنين، والناس في الحساب رجل لم يأخذه في الله لومة لائم، ورجل لم يمد يده إلى ما لا يحل له، ورجل لم ينظر إلى ما حرم عليه، فيه عنبسة القرشي متروك منهم، لكن ورد في الخصال الثلاث ما يرغب فيها
وروى طلحة بن علي بن الصقر في جزئه المشهور عن ابن عباس قال: من قرأ إذا صلى الغداة ثلاث آيات من أول سورة الأنعام إلى ويعلم ما تكسبون نزل إليه أربعون ألف ملك يكتب له مثل أعمالهم، الحديث، وفيه فإذا كان يوم القيامة قال الله: امش في ظلي فيه إبراهيم بن إسحاق الصبي متروك، قال الدار قطني، وقال الأزدي: زائغ، وذكره ابن حبان في الثقات، وورد ما يستأنس له به،
وأبو الشيخ والديلمي عن يزيد الرقاشي عن أنس رفعه: ثلاثة في ظل العرش يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظله: واصل الرحم، يزيد الله تعالى في رزقه، ويمد له في أجله، وامرأة مات زوجها، وترك عليها أيتاما صغارا، فقالت: لا أتزوج، أقيم على أيتامي حتى يموتوا أو يغنيهم الله تعالى، وعبد صنع طعاما؛ فأطاب صنعه، وأحسن نفقته، فدعا عليه الفقير والمسكين؛ فأطعمهم لوجه الله عز وجل والطبراني في الكبير عن أبي أمامة رفعه: ثلاثة في ظل الله يوم القيامة: رجل حيث توجه علم أن الله معه، ورجل دعته امرأة إلى نفسها فتركها من خشية الله، ورجل يحب الناس لجلال الله تعالى، فيه بشر بن عمر، متروك
وروى الخطيب في التاريخ عن أبي سعيد رفعه: إذا كان يوم القيامة جيء بكراسي من ذهب مكللة بالدر والياقوت، مفروشة بالسندس والإستبرق، ثم يضرب عليها قباب من نور، ثم ينادي مناد أين المؤذنون، فيقومون، وهم أطول الناس أعناقا، فيقال لهم اجلسوا على تلك الكراسي، تحت تلك القباب حتى يفرغ الله من حساب الخلائق، فإنه لا خوف عليكم، ولا أنتم تحزنون، وسنده ضعيف جدا، وأفرد المؤذن بالذكر عن مراعي الشمس، فإنه قد لا يكون مؤذنا، وللديلمي بلا سند عن أنس مرفوعا: ثلاثة تحت ظل العرش يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظله: من فرج على مكروب من أمتي، وأحيى سنتي، وأكثر الصلاة علي
وأخرج الديلمي مرفوعا: أدمنوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب أهل بيته وعلى قراءة القرآن، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه، ومر حديث ورجل تعلم القرآن في صغره، فهو يتلوه في كبره، لكن الظاهر أن هذه الخصلة، وهي حامل القرآن غير تلك، قلت: كأنه لحظ أنه لا يلزم من حمله كونه تعلمه في صغره، انتهى
وروى أبو يعلى في حديث طويل عن أنس رفعه: إذا خرج المسلم من بيته يعود أخاه المسلم خاض في الرحمة إلى حقويه، فإذا جلس عنده غمرته الرحمة، وكان المريض في ظل عرشه، والعائد في ظل عرشه فيه عياد بن كثير ضعيف متروك؛ لغفلته، وإن كان صالحا، لكن له شواهد، والديلمي عن أبي هريرة رفعه: أهل الجوع في الدنيا هم الذين يقبض الله أرواحهم، وهم الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا شهدوا لم يعرفوا، أخفياء في الدنيا، معروفون في السماء، إذا رآهم الجاهل ظن أنهم سقماء، وما بهم سقم إلا الخوف من الله، يستظلون يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله في إسناده ضعف، وابن أبي الدنيا عن مغيث بن سمي أنه قال: الصائمون في ظل العرش، ومثله لا يقال رأيا، بل عندهم أيضا، عن أنس مرفوعا: الصائمون ينفح من أفواههم ريح المسك، وتوضع لهم يوم القيامة مائدة تحت العرش؛ فيأكلون منها، والناس في شدة، والديلمي عن أبي الدرداء رفعه: يوضع للمصلين موائد من ذهب تحت العرش، وفي أمالي ابن ناصر عن أبي سعيد رفعه: من صام في رجب ثلاثة عشر يوما وضع الله يوم القيامة مائدة في ظل العرش، يأكل منها، والناس في شدة، وهو شديد الوها،والحارث ابن أبي أسامة عن علي رفعه: من صلى ركعتين بعد ركعتي المغرب، قرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد خمس عشرة مرة، جاء يوم القيامة فقيل: هذا من الصديقين، فيجوزهم، فيقال هذا من الشهداء، فيجوزهم، فيقال هذا من النبيين، فيجوزهم، فيقال هذا من الملائكة، فيجوزهم، فلا يحجب حتى ينتهي إلى ظل العرش، وهذا منكر، قاله الديلمي عن أنس رفعه: يؤتى يوم القيامة بالمتقاعسين والمتبذلين، قالوا: يا رسول الله ومن هم؟ قال: أما المتبذلون فهم الذين تركوا مهج دمائهم لله، فهراقوها، شاهري سيوفهم، يتمنون على الله عز وجل يوم القيامة، لا ترد لهم حاجة، وأما المتقاعسون فهم أطفال المؤمنين، اشتد عليهم الموقف؛ فيتصايحون، فيقول الله يا جبريل ما هذا الصوت، وهو أعلم بذلك، فيقول جبريل: رب أطفال المؤمنين، اشتد عليهم الموقف، قال فيقول: أظلهم تحت ظل عرشي، فيظلهم ثم يقول: يا جبريل أدخلهم الجنة فيرتعون فيها، فيسوقهم جبريل فيصيحون كما يصيح الخرفان إذا عزلت أمهاتهم، فيقول: يا جبريل وهو بذلك أعلم ما حالهم، قال يا رب يريدون الآباء والأمهات، فيقول الله عز وجل أدخل الآباء والأمهات مع أطفالهم جنتي برحمتي، ضعيف؛ لبعضه شواهد،
والطبراني برواة ثقات عن ابن عمر مرفوعا في حديث أن إبراهيم ابن النبي (ص)تحت ظل العرش، وأبو نعيم عن وهب بن منبه، قال: قال موسى: إلهي من ذكر بلسانه وقلبه، قال: يا موسى أظله بظل عرشي، وأجعله في كنفي، وعنده بطريق آخر عن كعب مثله، وهما واهيان، لكن في الذكر أحاديث شاهدة بالثواب الجزيل منها ما يستأنس به في الجملة، وابن عساكر عن ابن مسعود، وسعيد بن منصور، والبيهقي عن رجل من الصحابة، قال: رأى موسى رجلا في ظل العرش، قال: من هذا؟ قال: لا أحدثك من هو، ولكن سأخبرك بثلاث فيه، كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله ولا يعق والديه، ولا يمشي بالنميمة، وأحمد في الزهد، وابن أبي الدنيا عن عكدطاء بن يسار أن موسى قال: يا رب أخبرني بأهلك الذين هم أهلك، الذين تؤويهم في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك، قال: هم الطاهرة قلوبهم، النقية قلوبهم، البرية أبدانهم، الذين يتحابون بجلالي، الذين إذا ذكرت ذكروا بي، وإذا ذكروا ذكرت بهم، الذين يسعون في الوضوء في المكاره، وينيبون إلى ذكري كما تنيب النسور إلى وكرها، ويغضبون لمحارمي إذا استحلت، كما يغضب النمر إذا حرب، ويكلفون بحبي كما يكلف الصبي بحب الناس وابن المبارك في الزهد، وأخبرنا معمر عن رجل من قريش، قال: قال موسى، قد ذكره، وزاد الذين يعمرون مساجدي، ويستغفروني بالأسحار، وأبو نعيم عن أبي إدريس الخولاني، قال قال موسى: يا رب من في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك، قال: الذين أذكرهم، ويذكروني، ويتحابون لجلالي فأولئك في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي، والديلمي عن أنس مرفوعا: لقول الله عز وجل: قربوا أهل لا إله إلا الله من ظل عرشي، فإني أحبهم والطبراني بسند صحيح في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: لهم ـ أي المؤمنين ـ منابرمن نور، يظل عليهم الغمام، والديلمي وأبو يعلى بسند ضعيف عن أبي الدرداء مرفوعا: خلق الله الإنس ثلاثة أصناف: صنف كالبهائم، ثم قال الله تعالى: [لهم قلوب] الآية، وصنف أجسادهم أجساد بني آدم، وأرواحهم أرواح الشياطين، وصنف في ظل عرش الله يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظله، والمراد خيار المؤمنين، كما صرح به القرطبي، فقال في قول سلمان: لا يجد حر جهنم مؤمن ولا مؤمنة، ظاهره العموم، وليس كذلك، أما المراد والله أعلم مؤمن كامل الإيمان، أو من استظل بظل العرش، وكذا ما جاء، المرء في ظل صدقته، والأعمال الصالحة أصحابها في ظلها
وفي حديث مرفوع أن الشهداء في ظل عرش الرحمن في الجنة وأبو داود والحاكم، وصحح على شرط مسلم مرفوعا في شهداء أحد: أرواحهم في أجواف طير خضر، تأوي إلى قناديل من ذهب، معلقة في ظل العرش
وروى الحسن بن علي بن محمد الخلال، والخطيب عن ابن عباس مرفوعا: اللهم اغفر للمعلمين، وأطل أعمارهم، وأظلهم تحت ظلك، فإنهم يعلمون كتابك المنزل، قال بعض الحفاظ: هذا موضوع وأبو الشيخ، والديلمي عن عبد الرحمن بن عوف مرفوعا: ثلاثة تحت ظل العرش يوم القيامة: القران يحاج العباد، والأمانة والرحم ينادي: ألا من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله، قال العقيلي: لا يصح اسناده وأبو نعيم عن كعب الأحبار: أوحى الله إلى موسى في التوراة: يا موسى من أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، ودعا الناس إلى طاعتي فله صحبتي في الدنيا، وفي القبر، وفي القيامة ظلي، وفي أمالي ابن البختري عن جابر مرفوعا: أنا سيد ولد آدم، إلى أن قال: وفي ظل الرحمن عز وجل يوم القيامة، ولا ظل إل ظله، ولا فخر، ويروى عند أحمد في مناقب علي مرفوعا: أنه يسير القيامة بلواء الحمد، وهو حامله، والحسن عن يمينه، والحسين عن يساره، حتى يقف بين النبي (ص)وبين إبراهيم في ظل العرش، ومن الواهي ما يشهد له إن صح للاستشهاد، ما عند الحاكم عن سلمان مرفوعا: إذا كان يوم القيامة ضربت لي قبة حمراء عن يمين العرش، وضربت لإبراهيم قبة من ياقوتة خضراء عن يسار العرش، وضرب فيما بيننا لعلي قبة من لؤلؤة بيضاء، فما ظنك بحبيب بين خليلين والديلمي عن عمر مرفوعا: فاطمة وعلي والحسن والحسين من حظيرة القدس في قبة بيضاء، سقفها عرش الرحمن، ونحوه عن أبي موسى الأشعري مرفوعا: أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين يوم القيامة في قبة تحت العرش، واعلم أن عد سيد الخلق (ص)وإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، وعلى فاطمة وابنيهما؛ لأنهم أخص من مطلق الأنبياء والأصفياء، كما أن عد السيد إبراهيم ابن النبي (ص)؛ لأنه أخص من مطلق أولاد المؤمنين، وكذا عد شهداء أحد؛ لأنهم أخص من مطلق الشهداء، قال السخاوي: هذا ما يسر الله الوقوف عليه في مدة متطاولة، وليس ذلك على وجه الحصر فيه، بل باب الفضل مفتوح، قال: ووصل بها ابن كمال الدين السيوطي ممن تردد إلي وقفا إلى نيف وسبعين، ونظمها وأدرج ما لا تصريح بالمراد منه في أحاديثه، وإن أسفرت به كالزهد، وقضاء الحوائج، وصالح العبيد، والإمام المرتضى للمأمومين، والمهاجر، فلفظه في الأول جلساء الله غدا أهل الورع والزهد وفي الثاني إذا كان يوم القيامة أجلسوا على منابر من نور، ويحادثون الله ورسوله والناس في الحساب، وفي الثالث والرابع: ثلاثة على كثب من مسك أسود لا يهولهم الفزع الأكبر، ولا ينالهم الحساب: رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله، وأم قوما وهم راضون، ورجل أذن في مسجد دعا إلى الله ابتغاء وجهه، ورجل ابتلي بالرق في الدنيا فلم يشغله ذلك عن طلب الآخرة، رواه البيهقي، وفي الخامس: إن للمهاجرين منابر من نور، يجلسون عليها يوم القيامة، قد أمنوا من الفزع
قال: أي السخاوي ـ ولو أريد استيفاء ما يشبه ذلك لزادت كثيرا، بل ربما يتوهم من نظمه أن الطفل والمؤذن والمعلم تتلو، وليس كذلك"
وبين الزرقانى عدد الخصال فقال:
"وقد نظم أبو شامة السبعة الأولى في بيت، وذيله الحافظ ابن حجر بثلاث سبعات، وزادها ستا، ولم ينظمها، فذكرت ذلك وذيلت عليه بقية ما ذكر السخاوي، والجملة أربعة وتسعون خصلة، فقلت:
أتى في الموطا والصحيحين سبعة يظلهم الله الكريم بظله
أشار لهم رمزا إمام زمانه أبو شامة إذ قال في بيت شعره
محب عفيف ناشئ متصدق وبال مصل والإمام بعدله
وزاد عليه القسطلاني بعده ثلاثة سبعات فقال بنفله
وزد سبعة إظلال غاز وعونه وإنظارذي عسر وتخفيف حمله
وحامي غزاة حين ولوا وعون ذي غزاة حق مع مكاتب أهله
وزد مع ضعف سبعتين إعانة لأخرق مع أخذ لحق وبذله
وكره وضوء ثم مشي لمسجد وتحسين خلق ثم مطعم فضله
وكافل ذي يتم فأرملة وهت وتاجر صدق في المقال وفعله
وحزن وتصبير ونصح ورأفة تربع بها السبعات من فيض فضله
وقد زادها ستأ بضعف ولم تقع منظمة منه فخذ نظم نثره
فحبث علي ثم ترك لرشوة زنا وربا حكم لغير كمثله
ومن أول الأنعام آي ثلاثة عقيب صلاة الصبح غاية نقله
وأوصلها الشيخ السخاوي أربعا وتسعين مع ضعف لإسناد جله
مراقب شمس للمواقيت ساكت بحلم وعن علم بقول وعقله
ومن حفظ القرآن حالة صغره وفي كبر يتلو وحامل كلمه
مريض وتشببع لميت عيادة شهيد ومن في أحد فاز بقتله
وعلم بأن الله معه وتاجر أمين بلا مدح وذم لرحله
من لم يمد اليد نحومحرم عليه ولم ينظر إلى غير حله
محسن طعم للفقير مصدق على معسر ترك الغريم لعسره
وكافلة أيتامها بعد زوجها ومشبع جوع ثم واصل أهله
محب الأناسي للجلال مؤذن ومن لم يخف في الله لوما لعذله
كذا رحم ثم الأمانة تلوها خيار ذوي التوحيد طيب فعله
مفرج كرب ثم محيى لسنة مصل على الهادي كثيرا بعمره
قران وأهل الجوع خوفا وصائم ثلاثة عشر من مرجب حوله
من يقرأ الإخلاص من بعدمغرب ثلاثين في ثنتين من بعد نقله
وأطفال ذي الإيمان نجل نبينا وغير حسود لا يعق لأصله
وطاهر قلب ليس يمشي نميمة بريء ومكلوف محب لربه
منيب ومذكور بذكر إلاهه لحرمته غضبان داع لسبله
وأمر بمعروف ونهي لمنكر وذكر بقلب مع لسان لنيله
ومستغفر الأسحار عمار مسجد كذلك صوام معلم طفله
ومن يذكرالرحمن مع ذكرهم له كذا أنبياء الله مع أهل صفوه
خليل إله العرش فاطمة كذا علي ونجلاه وخاتم رسله
عليه صلاة مع سلام به نرى بحرمته يوم المعاد بظله
وأما نظم العالم الفقيه النحوي معمر بن عبد القوي المالكي المكي وإن أطنب فيه شيخه السخاوي، وقال إن أبياته جامعة للخصال، قاطعة للقيل والقال ففيه إعواز، كقوله في الستة التيمن جهات لم ينظمها الحافظ
فخذ نظمها حكم لغير كنفسه محب لسيف الله شيعة عدله
وترك الزنا ترك الرباء ورشوة وأول أنعام نهاية كله
إذ لا يعلم المراد بقوله: وأول أنعام، إذ يصدق بأية وبأكثر من الثلاثة، ومد الربا، وهو مقصور، وفي جوازه للنظم خلاف، وكذا قوله: ومن حفظ القرآن في حال صغره، وفاز كبيرا في الأنام لحمله، لا يعلم المراد به، فإنه جعل قوله: وفازكبيرا رمزا لقوله: في الحديث، فهو يتلوه في كبره، بل يتوهم ببادي الرأي أنه مكرر مع قوله بعده بأبيات: وحامل قرأن، والمطلوب أنه غيره، وكذا قوله: وصانع طعم لليتيم، فليس المرادمجرد الصمع، بل تحسينه، ولا خصوص اليتيم، فلفظ الحدبث: وعبد صنع طعاما فأحسن صنعه، فدعا عليه الفقير والمسكين،
فأطعم لوجه الله، كما مر، وكذا قوله: مصل فقران أتى بعد مغرب، فيه إجمال، فلا يعلم المراد به إلا بالوقوف على الحديث، وكذا قوله: وعمار بيت الله جل جلاله، أراد به جنس المسجد، مع أن المتبادر من اللفظ البيت العتيق وكذا قوله: ثم المحب لأجله، أراد به خلاف مدلوله، فإنه إشارة للحديث القدسي: ويكلفون بحبي، وكذا قوله: وأحبار ديننا، يتبادر منه أنهم العلماء، مع أنه أراد به معلمين القرآن، ولا يلزم أن يكونوا علماء أحبارا
لطيفة: يقال إن السبعة الأولى اجتمعت في يوسف (ص)فهو إمام عادل، نشأ في عبادة الله تعالى، وتحاب هو ووالده يعقوب (ص)في الله، ودعته زليخا، وهي ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، وتصدق على إخوته سرا كما في قوله: اجعلوا بضاعتهم في رحالهم، ولا شك أن قلبه كان يحب مواطن العبادات، وأنه شديد الشوق إلى الله
تتمة : أورد الديلمي في مسند الفردوس، وتبعه ابنه بلا سند، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله (ص): ثلاثة لا يظلهم في ظل عرشه، ولا يقبل منهم صرفا ولا عدلا: من جر إزاره أسفل من كعبيه خيلاء وكبرا، ورجل اغتاب من حيث لا يعلم، ورجل نفق سلعته يزينها بما ليس فيها"
أمر غريب هو أن القوم يتحدثون عن تلك الأحاديث وكأنها صحيحة بينما هى متناقضة فلا يمكن أن يكون نص من الوحى قد خددا العدد بسبعة ثم يقال ان كل تلك الأحاديث وحى وصحيحة فإما رواية واحدة صحيحة وإما أن الكل باطل وهو بالفعل كذاك
والخصال هى حالات قد تتواجد فى إنسان واحد كلها ومن ثم لا يمكن أن يقال سبعة أفراد وإنما هى أحوال أى صفات أى أعمال والدليل ان الزرقانى ذكر أن الخصال السبعة اجتمعت فى يوسف فى اللطيفة التى أنهى بها الكتاب
نحن إذا حالة غريبة من الفهم الخاطىء فأى مسلم يفهم يعرف أن الوحى لن يخطىء ولن يتناقض خاصة إذا حدد عددا لأنه بذلك يثبت أنه ليس من عند الله وإنما هو أكاذيب بشرية نسبها الرواة أو وضعوا الروايات للرسول(ص)
وحالة غريبة أيضا من ناحية أن الرجل يجلب روايات ويقول عنها انها ضعيفة ومنكرة ويبنى على ذلك نتائج وبالقطع طالما الأساس باطل فما يترتب عليه باطل

الاثنين، 28 ديسمبر 2020

نقد مسرحية الحاكم بأمر الله

نقد مسرحية الحاكم بأمر الله
الكتاب تأليف نوال السعداوي وهى تتناول فيها شخصية الحاكم بأمر الله وقد قالت فى مقدمة الحكاية أو المسرحية :
"قد يصدم معنى من معاني هذه المسرحية بعض القراء أو المشاهدين وخاصة ذلك الذي يتعلق منه بالنواحي الحساسة في العلاقات الإنسانية وبالذات علاقة الرجل والمرأة ولكني أعترف بأن الأفكار والحوادث التي وردت في المسرحية ليست بالجديدة وليست من خيالي، فقد أخذتها من التاريخ وأنا لست من حفظة التاريخ لكن الذي يرجع إلى قراءة التاريخ يجد أن الإنسانية مرت بأزمنة غريبة كان هناك زمن الرقيق والعبيد وكان هناك زمن يخصى فيه العبد ليخدم حريم السلطان بغير خشية على الحريم وكان هناك زمن الحاكم بأمر الله الذي أدعى الألوهية وقدسه بعض الناس وكان هو يقدس الحمار وقد استهواني التاريخ بحوادثه الغريبة التي تكشف عن بعض الخبايا والناقضات التي تنطوي عليها النفس المعقدة لذلك المخلوق – الإنسان- ورغم دراستي للطب والجراحة وإدراكي العلمي لجسم الإنسان إلا أن فكرة إحصاء العبيد التي حدثت في التاريخ ظلت بالنسبة لي غامضة وشاذة توحي إلى بان إخصاء الرجل ليس هو الجراحة أو ما ينتج عنها من عقم مادي بقدر ما هو الإخصاء الفكري أو النفسي وما ينتج عنه من عقم في الفكر أو النفس "
المسرحية بالقطع أحداثها ليست كما قالت نوال من التاريخ فهى فى الغالب من خيال المؤلفة فنوال قالت أن الرجل كان عقيما وعلى أمر العقم تدور كل أحداث المسرحية وفى هذا قالت:
"يجلس رجل الكوخ العجوز ويجلس إلى جواره الرجل وعبيد
الرجل العجوز يمسك مزماره ويرن فى هدوء الليل لحن راقص طروب الرجل العجوز يغنى
سيعم الخير بلدتنا والعقم راح وزال الهم "
وقالت فى موضع أخر :
"عبيد والرجل العجوز يرقصان ويغنيان معا
سيعم الخير بلدتنا والعقم راح وزال الهم
فالمرأة منا انجبتنا ولدا حرا يصرخ هم هم
تخرج الأم العجوز من الكوخ تبتسم فى سعادة تنضم إلى عبيد والرجل العجوز فى الغناء والرقص
الكل يغنون ويرقصون سيعم الخير بلدتنا والعقم راح وزال الهم
فالمرأة منها أنجبتنا ولدا حرا يصرخ هم هم "
بينما كتب التاريخ تقول أنه كان له ابنه والظاهر إعزاز دين الله وهو الذى تولى الخلافة بعده واسم الولد على وبها تكنى الحاكم حيث كان ينادى بأبو على
ونوال لم تجد فى الحاكم سوى الحديث عن عجزه الشهوانى أو ما يسمى العجز الجنسى وأنه كان يدارى ذلك بكتابة رسائل الحب لزوجته جنات والتى يقرأها لها كل ليلة وفى هذا قالت نوال :
"الملك (فى تودد) أنت لست في حالتك الطبيعية يا حبيبتى ربما لم تنامى نوما كافيا أو لعل أعصابك مرهقة لأننى
(يقترب منها في تودد شديد وهى تبتعد عنه) لأننى لم أقصد لأننا لم نجلس معا ليلة الأمس جلستنا الغرامية المعتادة ولكن ماذا أفعل يا حبيبتى كنت مشغولا جدا ليلة الأمس ولم يكن فى استطاعتى أن أترك مجلس البلاط مجتمعا ثم آتى اليك
الملكة لا ترد ويبدو عليها أنها منشغلة بالبحث عن الصوت الغريب
الملك (فى رقة) ولكن هذه هى الليلة الوحيدة التى لم نجلس فيها معا الليلة الوحيدة التى مرت من حياتك دون ان تسمعى
(يقترب منها وهى تبتعد عنه) الليلة الوحيدة التى لم تسمعى فيها كلام الحب ولكن ولكنك ستغفرى لى حين أسمعك الآن لماذا تبعدين عنى هكذا يا جنات الملك وهل رسائلى كلام يا حبيبتى؟ رسائلى التى أكتبها لك بكل أحاسيسى وجوارحى رسائلى التى أنفقت فى كتابتها نصف عمرى رسائلى التى تملأ هذا الصندوق الكبير
يشير إلى الصندوق الكبير فى الركن
هل هناك امرأة فى العالم تلقت من زوجها كل هذه الرسائل؟
الملكة ولكن الرسائل لا تفعل شيئا
الملك لا تفعل شيئا؟! هذه أول مرة أسمع منك هذه العبارة لا يمكن أن تكونى فى حالتك الطبيعية لا يمكن لست جنات التى كنت أعرفها ماذا حدث لك يا عزيزتى؟ "
وتكرر نفس الكلام فى موضع أخر على لسان أسخاص أخرين فتقول:
"الأم ماذا حدث يا جنات؟
الملكة يبدو عليها الاضطراب والحرج
الأم تكلمى يا ابنتى هل حدث شىء؟
الملكة لم يحدث شىء يا أمى ولكن
الأم ولكن ماذا؟
الملكة (فى ارتباك) ولكن لا أعرف كيف أعبر لك أننى تعيسة يا أمى تعيسة!
تبدأ الملكة فى البكاء
الأم (فى دهشة) تعيسة؟ لماذا يا أبنتى؟ ماذا حدث؟
الملكة تبكى ولا ترد
كنت أظن أنك سعيدة يا جنات صحيح أنه رجل مستبد وغليظ القلب ولكنه يحبك يا جنات وأنت نفسك قلت لى أنه يحبك
الملكة تجفف دموعها
الملكة أنه يحبنى أو هذا ما أظنه على الأقل فهو ينادينى دائما يا حبيبتى وكل ليلة يسمعنى الكثير من عبارات الحب ولكن
(تسكت وتطرق إلى الأرض)
الأم تنظر إليها منصته فى أهتمام
الأم ولكن ماذا يا جنات؟
الملكة ولكن هذا كل شىء
الأم (فى دهشة) كل شىء؟
الملكة نعم يا أمى كل شئ
الأم (مرددة) أتقصدين أنه يسمعك فقط عبارات الحب؟
الملكة كل ليلة يجلس إلى جوارى على هذه الشلتة ويقرأ لى رسالة غرامية
(فى غضب)
الأم (فى دهشة) يقرأ لك رسالة غرامية؟
الملكة نعم يا أمى يقرأها لى "
وتبين نوال أن الملكة كانت جاهلة بما يجرى بين المرأة وزوجها جهى مطبقا وأن السبب هو أمها فهى لم تقل لها شيئا عما يجرى داخل حجرة النوم فقد أوصتها بوصية واحدة طبقتها طوال عشرين سنة وهى طاعة زوجها وفى هذا قالت:
"الأم وماذا بعد الرسالة؟
الملكة لا شىء
الأم (فى دهشة) لا شىء!
الأم تنهض واقفة تنظر إلى ابنتها متفحصة
الأم هذا شىء عجيب! قفى يا جنات
الملكة تقف أمام أمها
الأم دورى يا جنات
الملكة تدور والأم تتفحصها بعينين مدققتين
الأم ليس بك عيب يا ابنتى شابة فى عز الشباب وجسمك فارع خصب كالأرض الطيبة
الملكة (تنفعل) تصورى يا أمى هذا؟ تصورى! ما أنا فيه من تعاسة!
تبكى الملكة مرة أخرى فى عصبية
الأم (تهز رأسها متعجبة) هذا شىء عجيب
ولكن تقترب من ابنتها وتهمس فى أذنها
الأم ربما تكون له علاقة بامرأة أخرى
الملكة ليست هناك امرأة أخرى
الأم وكيف تعرفى يا ابنتى الرجال لهم أسرارهم الرجال بير يا ابنتى بير
الملكة أنا أعرف كل خطواته يا أمى (تهمس فى أذن أمها) أحد الحرس يقول لى كل خطواته
الأم وإذا لم تكن هناك امرأة أخرى فماذا يكون يا ابنتى؟
الملكة لا أدرى يا أمى لا أدرى! هذا ما يحيرنى!
الأم هذا شىء غريب والغريب أيضا أنك لم تفتحى فمك كل هذه السنين
الملكة وماذا كنت اقول يا أمى؟
الأم ماذا كنت تقولين؟ هل هذا شىء تخفيه امرأة؟ وإذا أخفته سنة أو سنتين
(تجلس) أو ثلاثة فكيف يمكن أن تخفيه عشرين سنة؟!
الملكة عشرين سنة؟!
الملكة كنت أظن أنه يحدث لكل النساء مثلى لم أكن أعرف شيئا آخر يا أمى لم أكن أعرف وكيف كنت أعرف؟ أنت لم تقولى لى شيئا قبل الزواج سوى أطيعى سيدك وقد أطعته يا أمى
الأم طاعة الزوج واجبة يا ابنتى هكذا قالت لى المرحومة أمى ولكنى لم أتصور أنك تطيعيه إلى هذا الحد
الملكة وكيف كنت أعرف إلى أى حد أطيعه؟ أنت لم تقولى لى إلى أى حد أطيعه
الأم وهل هذه اشياء تقال يا أبنتى؟
الملكة وكيف أعرفها يا أمى؟
الأم كيف تعرفيها؟ هذا سؤال غريب وكيف عرفتها الآن؟"
تبدو نوال وهى الطبيبة التى مارست الطب ودافعت عن حقوق المرأة فى المسرحية وهى تسقط ما يحدث لنساء عصرها الجاهلات على الحاكم وزوجته وعلى حد ذاكرتى الضعيفة انها فى أحد كتبها عن قضايا المرأة ذكرت أنها كانت تدافع عن النسوة اللاتى كان أزواجهن مصابين بالعجز الجنسى وكن لا يستطعن الكلام عن هذا المشكلة لأحد وقد قامت بدورها حيث حصلت لهم على الطلاق ولكن الدور الذى رأته حلا للمشكلة للمسرحية كان مصيبة فاحشة فبدلا من الطلاق والزواح من أخر عملت على جعل المرأة تزنى والأمر أن تقوم أمها بمساعدتها على الزنى وإنجاب طفل فالأم لما عرفت أنها أحبت الرجل الغريب من مجرد سماع صوته ظلت تبحث عن الرجل حتى جلبته لها فى القصر ليضاجعها فى حجرة نوم الحاكم وفى هذا قالت:
"الأم كيف تعرفيها؟ هذا سؤال غريب وكيف عرفتها الآن؟
الملكة لا أدرى ولكن سمعت صوته من وراء الباب فأحسست بشىء غريب يا أمى كأنما كأنما "
وقالت :
الأم سمعت صوته؟ من هذا الذى سمعت صوته؟
الملكة لا أدرى يا أمى إنه صوت غريب صوت ملىء بالقوة له نبرة خاصة نبرة قوية دخلت قلبى فى لحظة واحدة يا أمى الأم أنها تضيع يا ابنتى أعرف أنها تضيع ولكن ما العمل يا ابنتى؟ إنه لن يتركك يا جنات لن يحررك أنت تعرفيه إنه لا يحرر أحدا فما بالك أنت وخروجك من هذا القصر معناه نهايتك
الملكة وبقائى هنا معناه نهايتى أيضا يا أمى
الأم أعرف يا ابنتى
الملكة إنى لا أنام يا أمى لم أعد أنام وكلما نمت (تسير إلى الأمام كالحالمة) هل تسمعى هذا الصوت يا أمى؟
(فى اعياء)
الأم (تتلفت فى دهشة) أى صوت؟ لا أسمع شيئا يا ابنتى
الملكة (كالحالمة تتقدم بخطوات بطيئة إلى الأمام ناظرة إلى أعلى): اسمعى
إنه ينادينى يا أمى
يسمع صوت طفل يأتى من أعلى المسرح (صوت خافت يقول فى نداء ملح) ماما
(الملكة تقترب من مصدر الصوت باسطة ذراعيها إلى الأمام) أنه ينادينى أنا آتية إليك يا حبيبى
(الأم تنظر إلى ابنتها فى دهشة وتقول لنفسها فى ذهول) أنا لا أسمع شيئا ماذا جرى لك يا جنات؟"
وفى بحث الأم عن الرجل لكى يجعل ابنتها تنجب قالت نوال:
"الملكة تفيق إلى نفسها تنظر بين ذراعيها فلا تجد الطفل تتلفت حولها فى فزع وذهول تنهض مذعورة وتدور على خشبة المسرح كأنما تبحث عن طفلها الضائع
الملكة (بصوت مذعور) من أخذ منى طفلى؟ من أخذ منى طفلى؟! كان هنا! كان هنا بين ذراعى تقبض الهواء بين ذراعيها وتلقى بنفسها على أمها باكية منتحبة
الملكة (تبكى فى حزن) كان بين ذراعى يا أمى! كان بين ذراعى! أين ذهب يا أمى؟
الأم (تواسيها) سيعود إليك يا ابنتى سيعود إليك طفلك يا ابنتى
الملكة (تفيق) طفلى؟!
الأم نعم طفلك يا جنات
الملكة طفلى أنا؟ هل يمكن أن يكون لى طفل
الأم طبعا يا ابنتى يمكن أن يكون لك طفل
الملكة كيف يكون لى طفل يا أمى وزوجى يريدنى طاهرة
الأم لعنة الله عليه وعلى طهارته يا ابنتى أهذه طهارة؟! إنه الدنس أنه يخدعك بهذه الطهارة وهو يدنس حياتك يدنسها يا ابنتى وهل هناك دنس أكثر من فقد حياتك دون طفل دون ثمرة
الملكة وماذا أفعل يا أمى؟ ماذا أفعل؟ ما هو الحل؟
الأم رجل آخر يا ابنتى
الملكة تنهض فزعة مندهشة
الملكة (فى دهشة) رجل آخر؟
الأم (بشدة) نعم رجل آخر هذا هو الحل الوحيد
الملكة هل يوجد رجل آخر يا أمى؟ إنه الرجل الوحيد والباقى كلهم عبيد
الأم ربما يكون هناك رجل
الملكة (فى أمل) أقسم لك يا أمى أننى سمعت صوته
الأم ربما يكون هناك رجل يا ابنتى
الملكة لابد أن هناك واحد اقسم لك يا أمى أنه موجود
الأم لا يمكن أن تخلو الدنيا من رجل من رجل واحد على الأقل
الملكة ماذا ستفعلين يا أمى؟
الأم سأبحث عن هذا الرجل يا جنات سأبحث عنه فى كل مكان فى البلد قلبى يحدثنى بأنه موجود فى مكان ما لا يمكن أن تخلو الدنيا من رجل الأم تسير نحو الباب وهى تردد
الأم لا يمكن أن تخلو الدنيا من رجل واحد
الأم (بصوت خافت فيه نداء) رجل واحد يا عباد الله رجل واحد فقط يا عباد الله واحد فقط واحد فقط ألا يوجد رجل واحد فقط فى كل هذه البلد؟"
نوال فى الفقرة السابقة تختزل متعة الجماع فى شىء واحد وهو إنجاب طفل وهو كلام يحسن الزنى للحصول على أطفال ومن المعروف أن المتعة هى هدف الجماع وليس الحصول على طفل
نوال هنا تبدو هنا وكانها تجمل الجريمة أو تبررها وعليها ينطلق المثل:
"جاء يكحلها عماها"
فنوال بدلا من علاج المشكلة أتت بمشكلة عبارة عن مشاكل أى جرائم عدة وهى الزنى ونسبة طفل لغير أبيه
ونلاحظ أنهم يصفون الغريب بكونه الرجل الوحيد فى البلاد لكونه قادر على الإنجاب قادر على عصيان الحاكم قادر على تدنيس فراشه والتمتع بزوجته ويبدو أن هذا عملية اسقاط أخرى فقد استعارت من علم النفس حكاية المحب فالمرأة لا ترى فى الدنيا رجل سوى من تحب والرجل المحب لا يرى فى النساء امرأة سوى من يحبها
وتذكر نوال بحث الأم عن سعادة ابنتها المزعومة فالأم لأنها عرفت أنها كانت السبب فى تعاستها الزوجية أرادت التكفير عن ذنبها بالبحث عن حبيب ابنتها وفى هذا قالت نوال :
"تظهر الأم العجوز من الطرف الاخر للمسرح تحمل شمعتها الصغيرة تسير بعكازها وظهرها منحنى تنادى بصوتها الضعيف الخائر
رجل واحد يا عباد الله رجل واحد فقط يا عباد الله ألا يوجد رجل واحد فى هذه المدينة رجل واحد فقط
الرجل الغريب يهب واقفا
الرجل يبدو أنها تحتاج إلى المساعدة
يسرع ناحية الأم العجوز ومن خلفه عبيد ورجل الكوخ
الرجل ماذا بك يا أمنا العجوز؟
الأم ابحث عن رجل ينقذ ابنتى
الرجل ماذا حدث لابنتك؟
الأم إنها تموت شيئا فشيئا أما من رجل هنا ينقذها؟
الرجل أين ابنتك يا سيدتى؟
الأم فى القصر
الرجل خذينى إليها
يمسك الرجل بيد الأم العجوز ويهم بالمسير معها
عبيد (يخاطب الرجل) انت تخاطر بحياتك إذا ذهبت ناحية القصر
الرجل (باسما) أنا اخاطر بحياتى دائما يا عبيد انتظرنى هنا سأعود إليك يسير الرجل ممسكا بيد الأم العجوز يبتعدان عن الكوخ
الأم بارك الله فيك يا إبنى (تمسح دموعها) بارك الله فيك قلبى كان يحدثنى بأن هناك رجل لا يمكن أن تخلو الدنيا من رجل واحد لا يمكن أن تخلو الدنيا من رجل واحد "
وتقدم الأم الحبيب إلى ابنتها لكى تنجب طفلها وهو تجميل كلامى للفاحشة وهو الزنى الذى يتحدث عنه المشهد التالى :
"تظهر الأم العجوز بالباب ومن خلفها الرجل
الأم تشير إلى ابنتها فى حذر شديد ثم تختفى وراء ستار النافذة
الرجل يقف لحظة ينظر إلى الملكة فى انبهار يتقدم نحوها بخطوات بطيئة
الملكة ترفع رأسها وتنظر اليه فى دهشة وانبهار
الملكة أهو انت؟
الرجل أهى انت؟
تقف الملكة وتقترب منه فى خطوات بطيئة وكأنها مشدودة اليه بقوة خفية ثم يقفان وجها لوجه كل منهما يتأمل الآخر فى دهشة وانبهار
يتعانقان بقوة
الملكة أخيرا اتيت
الرجل كان لابد أن أجئ
الملكة لماذا تأخرت؟
الرجل لم اكن أعرف الطريق
الملكة وهل عرفت؟
الرجل من بعد عناء المسير
الملكة ولن تغيب؟
الرجل كان موعدنا فى الربيع
يسيران وهما متعانقان ويدخلان غرفة نوم الملكة ويغلق خلفهما الباب"
هذا هو أساس المسرحية الذى استغرق الجزء الأكبر منها وهو أساس خيالى لا يستند إلى كتب التاريخ وهو كما قلت عملية اسقاط لبعض مشاكل النساء فى عصر نوال فى شبابها
الأساس الثانى للمسرحية هو الخمار فنوال تظهر الحاكم وكأنه عابد للحمار فالرجل استغنى عن الناس تماما بمصاحبة الحمار مولود وفى هذا قال :
"الملك لست مطمئن لست مطمئن إلى أى شئ يقترب من الحمار الواقف فى ركن المسرح يربت على الحمار فى رقة وحنان
يخاطب الحمار عثمان تأخر يا مولود ماذا حدث؟ خبرنى يا مولود خبرنى لم أعد أطيق الانتظار
(يضع أذنه إلى جوار فم الحمار كانه يسمعه) ماذا تقول تريد أن تتمشى فى الصحراء ثم تخبرنى بكل شئ لماذا تحب الصحراء بهذا الشكل (يبتسم للحمار ويداعبه) أنا أيضا أحب أن أتمشى فى الصحراء برفقتك هيا يا مولود هيا بنا إلى نزهتنا الخلوية معا هيا نتحدث معا فى هدوء بعيدا عن الآذان والعيون تحكى لى وأحكى لك تحكى لى وأحكى لك يسوق الحمار ويأخذه خارج المسرح "
وقالت فى موضع أخر :
" الحاكم آه يا مولود كم أنا متعب
(يكلم الحمار) (يلصق رأسه برأس الحمار ويربت على رقبته) هؤلاء العبيد كالحيوانات أجسام ضخمة بغير عقل أنت الوحيد الذى يمكن أن أكلمه فى هذه المدينة أنت الوحيد الذى يمكن أن يفهمنى الوحيد الذى يمكن أن يجادلنى أما هؤلاء العبيد كم أحتقرهم إن واحدا منهم لا يستطيع أن يجادلنى إن واحدا منهم لا يستطيع أن يقول لى لا كلهم يقولون نعم افندم سمعا وطاعة لا أحد يقول لا كم أحتقرهم! أنت الوحيد الذى أحترمك أنت الوحيد الذى تهز رأسك أحيانا وتقول لى لا هل تذكر حينما غضبت منى حينما نسيت أن اشترى لك العطر؟ هل تذكر حين رفستنى بقدمك حين نسيت أن آخذك معى فى نزهتك المعتادة فى الصحراء؟ كم أحبك وأنت تهز رأسك غاضبا وكم أحبك حين ترفسنى
(يتمسح فى الحمار ويربت على رأسه وعنقه)
كم أستريح وانا أكلمك يا مولود كم استريح وأنا اكشف لك عن نفسى كم أحبك لأننى أتكلم معك بغير قيود أحكى لك بحرية انت تفهمنى وتعرف حقيقتى هؤلاء العبيد كم أكرههم كم اكره ضعفهم أمامى كم أكره ذلهم يتصورون أننى إله تصور يا مولود (يضحك ضحكة قصيرة) تصور يعاملوننى معاملة الإله
(يبدو عليه الإلم والتعاسة فجأة) آه كم أحب عينيك وأنت تنظر إلى بكل هذه الشفقة أنت الوحيد الذى تشفق على فأنا إنسان وحيد تعيس كم أخاف حين يرفع واحد منهم عينيه وينظر فى عينى كم أخاف‍كم اخاف ان يكتشف واحد منهم كم أخاف أن يعرف واحد منهم أننى
(يلصق رأسه برجل الحمار وكأنه يحتمى به) آه كم أصبحت أخاف من عينى جنات لقد بدأت ترفع عينيها فى عينى "
علاقة الحاكم بالحمار ليست علاقة عبادة وإنما هى كما فى كتب التاريخ وسيلة الرجل لمعرفة أخبار الرعية حيث كان يركب عليه متنكرا يتتبع أخبار الناس وكانت وسيلته للذهاب للخلاء للتأمل
وأما الأساس الثالث وهو القتل فهو الشىء الوحيد الذى تذكره كتب التاريخ فالرجل كان يسرف فى قتل الناس ومن المواضع التى ذكرت فيها ذلك قولها:
عبيد (يخاطب الرجل الغريب) هل لك فى أن نستريح هنا قليلا
الرجل الغريب هذا الرجل الطيب ما أجمل أن نجلس معه قليلا
يجلس الرجل الغريب إلى جوار رجل الكوخ
عثمان يأخذ عبيد من يده ويسيران بعيدا عن الرجلين ثم يقفان فى الركن الآخر من المسرح يتهامسان
عثمان يجب أن نقتله
عبيد ولماذا نقتله يا عثمان؟ إنه لا ينطوى على شر وسوف يغادر حدودنا ولا نراه بعد ذلك أبدا
عثمان هذا أمر مولاى
عبيد (فى غضب) هذا ظلم هذا استبداد ماذا فعل الرجل ليقتله؟ ماذا فعل؟ ألا يكفيه ما يفعل بنا هذا الطاغية!
رجل الكوخ ماذا حدث يا سيدى
عبيد عثمان ذهب معه ليقتله"
وأما الأساس الرابع فهو إيمانه بالخرافات وهو كلام صحيح وهو ما تعبر عنه الفقرة التالية من المسرحية:
"الملك جالس وسط حاشيته وأعضاء البلاط مروان وعدد آخر من العبيد بعض الجوارى من النساء الملك يشرب الشيشة وجارية من الجوارى تشرب شيشة أيضا الجو معبأ بدخان البخور مختلطا بالمخدرات والنساء فى ركن المسرح البعيد حمار من الخشب له عجل
الملك إنى قلق يا مروان قلق
يتحدث مع مروان
مروان لا داعى للقلق يا مولاى عثمان لم يتأخر
الملك الدنيا أظلمت والليل كاد أن ينتصف وهو لم يعد؟!
يضحك فى سرور جارية ترقص على وقع الطبول جارية أخرى تغنى الملك يدخن الشيشة ويبدو عليه بعد قليل الانشراح والاندماج الكامل فى الجو يبدو عليه السكر وهو يتحدث مع مروان
الملك بصوت مخمور وماذا نفعل يا مروان فى تلك المرأة؟
مروان أى امرأة يا مولاى؟
الملك زوجتى الملكة جنات
مروان ماذا حدث لها يا مولاى؟
الملك لا أدرى ولكنى أشك فى أنها سمعت صوت الرجل من وراء الباب أو ربما رأته من النافذة ولكنها لا تعترف بشئ كل ما تقوله أنها سمعت صوتا غريبا صوتا جعل
(الملك يحاول أن يتذكر) لا أذكر بالضبط كيف نطقت بهذه الجمل ولكنها قالت أن الصوت جعل شيئا فى جسمها ينبض بالحياة
الجارية بعد أن تنام مولاتى سأدخل عليها ومعى البخور أبخرها سبع دقائق ثم أضع قطعة الشبة فى النار وأقص من شعرها سبع شعرات الفها مع فص لبان دكر وأعمل لها الحجاب وأضعه تحت المخدة بعد هذا تفتح مولاتى عينيها فى الصباح فتجد كل شئ قد ذهب من رأسها
الملك أريدها أن تنسى تنسى تماما ذلك الصوت الذى هوسها تنساه كأن لم يكن
الجارية لن يبقى منه فى رأسها شئ يا مولاى
مروان اطمئن يا مولاى "

الأحد، 27 ديسمبر 2020

نقد كتاب موسى والتوحيد

نقد كتاب موسى والتوحيد
الكتاب من تأليف سيجموند فرويد والكتاب مبنى على عدة أمور:
الأول أن موسى(ص) لم يكن إسرائيليا أى ليس من ذرية إبراهيم (ص) وإسحق(ص) ويعقوب الذى هو إسرائيل (ص) وإنما كان أميرا من قوم فرعون أو بتعبير فرويد مصريا خالصا وفى هذا قال :
"لقد بات فى وسعى ألان أن أختم هذا البحث الذى كان غرضى الوحيد منه أن ادخل وجه موسى المصرى فى إطار التاريخ اليهودى وحتى نصوغ نتائج عملنا فى أوجز صيغة فسنقول أننا أضغنا إلى ثنائيات التاريخ اليهودى المعروفة شعبين ينصهران ليؤلفا أمة واحدة مملكتين تتفرعان من انقسام هذه الأمة إله يحمل اسمين اثنين فى التوراة أضفنا إلى هذه الثنائيات ثنائيتين أخريين تأسيس ديانتين جديدتين دحرت ثانيتهما أولاهما فى البداية ولكن الأولى لا تتأخر فى انتزاع لواء النصر من جديد ثم مؤسسى ديانة اثنين كل منهما موسى ولكن لا مفر لنا من التمييز بين شخصيتهما وجميع هذه الثنائيات تتفرع بالضرورة عن الثنائية الثانية كون شطر من الشعب عانى من حدث مفجع لم يعان منه الشطر الأخر ص72
وهو يستدل على كون موسى مصرى وليس اسرائيليا يهوديا بأن لسانه كان أجنبيا مع اليهود فيقول:
"ثمة سمة أخرى تنسب إلى موسى جديرة هى كذلك بأن نحظى منا باهتمام خاص فالنبى على ما يبدو كان ثقيل اللسان أى أنه كان يشكو ولابد من علة فى التعبير أو من عيب فى النطق وهذا ما اضطره إلى أن يستعين بهارون الذى يقال أنه كان أخاه فى مناقشاته المزعومة مع فرعون... أفلا تشير القصة عن هذا الطريق الملتوى إلى أن موسى كان أجنبيا يعجز على الأقل فى بدء علاقاته مع المصريين الجدد عن الاتصال بهم بدون معونة مترجم إن لفى ذلك تأييدا للأطروحة أن موسى كان مصريا" ص44
ويخالف الأساطير التى يبنى عليها أبحاثه النفسية ومنها أسطورة الابن الضائع الذى يكون دوما أميرا ملكيا وتتبناه أسرة فقيرة فيجعل موسى أميرا مصريا وأسرته الحقيقية ليست أسرته فيقول:
"والمفروض بالأسرة المتواضعة بوجه عام أن تكون هى الأسرة الحقيقية وبالأسرة النبيلة أن تكون هى الخيالية ولكن حالة موسى تبدو مختلفة بعض الشىء وهنا بالتحديد تتيح لنا وجهة نظرنا الجديدة أن تقر بان الأسرة الأولى الأسرة التى هجرت الطفل هى بكل تأكيد خيالية وبأن الأسرة الثانية الأسرة التى تولت تربية الطفل هى الحقيقية وإذا كنا نملك الجرأة على التسليم بأن هذه حقيقة ذات صفة عامة تنطبق على أسطورة موسى مثلما تنطبق على سائر الأساطير فسيتجلى لنا فجأة أن موسى كان فعلا مصريا وفى غالب الظن مصريا نبيل الأصل وقد جعلت الأسطورة من هذا المصرى يهوديا هذا ما سيكونه استنتاجنا "ص17
ويستدل فرويد على صحة فرضيته بكون موسى مصريا بأن الختان اليهودى مأخوذ من الختان المصرى فيقول:
"ولكن من الصحيح أيضا إذا تساءلنا من أين جاءت اليهود عادة الختان ما أمكننا أن نجيب إلا بالقول من مصر وينبئنا أبو التاريخ هيرودتس أن الختان كان يطبق فى مصر من قديم الأزمان "ص36
الثانى أن موسى(ص) لم ينزل عليه وحى وإنما اقتبس دينه من مذهب آتون أو اخناتون التوحيدى وأنه دين اليهود هو إحدى ديانات المصريين وفى هذا قال :
"إن نقطة انطلاقنا والفرضية التى اتبعناها بها تتناقضان إلى درجة يحق لنا معها أن نستخلص من تناقضهما النتيجة التالية إذا كان موسى قد وهب اليهود لا ديانة جديدة فحسب بل شريعة الختان أيضا فهذا لأنه كان مصريا ولم يكن يهوديا الأمر الذى يترتب عليه أن الدين الموسوى كان فى ارجح الظن ديانة مصرية لا ديانة الشعب العظيمة الاختلاف بل ديانة آتون التى تتفق معها الديانة اليهودية فى العديد من النقاط الهامة" ص37
الثالث أن الدين هو مرض عصابى ومن ثم فهو أذى وضرر على الناس وفى هذا قال :
"فحين تقودنا أبحاثنا إلى الاستنتاج بأن الدين ما هو إلا عصاب ص78تشكو منه الإنسانية وحين تبين لنا أن قوته الهائلة تجد تفسيرها على نفس النحو الذى نفسر به الوسواس العصابى لدى بعض مرضانا "ص79
ويقرر الرجل المجنون أن أصل الأخلاق هو الحقد على الله ويعيدنا مرة أخرى للعصاب الوسواسى فيقول "ومسعانا هنا منصب على بيان ارتباط هذه المطامح بالفكرة الأولى بتصور إله واحد فمما لا مرية فيه أن أصل هذه الأخلاق يرجع إلى شعور بالذنب يرتد بدوره إلى شعور مكبوت بالحقد على الإله والصفة الثابتة لهذه الأخلاق أنها لا تكتمل ولا يمكن أن تكتمل أبدا مثلها مثل التكوينات الارتكاسية التى نلاحظها فى ضروب العصاب الوسواسى ولا يعسر علينا أن نتكهن أيضا بأن هذه الأخلاق قامت سرا مقام قصاص وعقاب ص186
موسى لا وجود له فى التاريخ :
فى البداية يوضح فرويد فرضية اتفق عليها المؤرخون والآثاريون وهو أن لا وجود لموسى(ص) فى كتب التاريخ ووثائقه وآثاره فيقول :
"ونحن لا نملك عنه من معلومات سوى تلك التى تقدمها لنا كتب المقدسة والمأثورات اليهودية المكتوبة " ص7
ويحدثنا فرويد عن اسم موسى فيقول أن الاسم لا يعنى فى العبرية من انتشل من الماء كما هو شائع وأقصى معنى لموشى هو الساحب ثانية وفى هذا قال :
"فأحد واضعى المعجم اليهودى يؤكد أن التأويل التوراتى لاسم من انتشل من الماء هو اشتقاق شعبى للكلمة يتعارض أصلا مع الصيغة العبرانية المتعدية موشى التى يمكن أن تعنى على أبعد تقدير الساحب ثانية ص8
وينقل عن المؤرخ بريستد أن اسم موسى مصرى يعنى طفل فيقول:
"من المهم أن نلاحظ أن اسمه موسى كان مصريا فالكلمة المصرية موسى تعنى طفل " ص9
مقتل موسى:
يفترض فرويد افتراضا بأن رواية بعض الأحبار عن قتل موسى(ص) على يد شعبه حقيقة فيقول:
"وجاء وقت ندم فيه الشعب على قتل موسى وسعى إلى نسيان هذه المأثمة ولقد تم ذلك بالتأكيد فى زمن اجتماع قادش وبالفعل إن تقريب المسافة الزمنية بين الخروج وبين تأسيس الديانة فى الواحة واستبدال المؤسس الأخر بهذه الديانة بموسى ما كان ترضية لأتباع موسى بل كان فى الوقت نفسه علامة النجاح فى نفى واقعة التصفية العنيفة للنبى ص66
ويكرر المقولة فى قوله:
"الأولى ومكتشفها سيلن هى أن اليهود حتى بحسب أقوال التوراة أبوا انصياعا وامتثالا لمشرعهم وتمردوا ذات يوم وقتلوه وألغوا ديانة آتون تماما كما فعل المصريون "ص86
وقطعا موسى لم يقتل وإنما توفى وفاة طبيعية
اعترافات فرويد بكون البحث فاشل :
اعترف فرويد بأن البحث كله خطأ ولا نفع منه فقال:
"وإنى لعلى علم أكيد بأن هذه الطريقة فى تقديم موضوع ما من المواضيع غير ذات جدوى وغير ذات طابع فنى فى آن معا وأنى لمستهجن لها بلا تحفظ فلم إذن لم أتفاد هذا الخطأ ؟ص142جوابى جاهز مقدما وإن كان يتطلب اقرارا شاقا وصعبا على النفس فأنا لم أتوصل إلى محو الآثار التى خلقتها الطريقة الغريبة فعلا التى تم بها تأليف هذا الكتاب ص143
ويعترف بأن كل ما قاله فى البحث هو احتمالات فيقول:
"ولا شك فى أن كل ما افترضناه لا يعدو أن يكون احتمالات ص177
ويقر بأن البحث ملىء بالثغرات التى لا تسد مع أن غزارة المادة التى قدمها فيقول:
"لا مندوحة من التسليم بأن هذه اللمحة التاريخية مليئة بالثغرات تحفها الريب والشكوك من أكثر من ناحية ومع هذا لا يسع أحدا أن ينعت طريقتنا فى فهم التاريخ البدائى وتصوره بأنها تشط فى الخيال إلا إذا استهان عظيم الاستهانة بغنى المادة التى تستند إليها وبقوتها على الاقناع" ص117
ويقرر وجود جوانب ضعف وجوانب قوة فى البحث فيقول:
"وإنى لأعلم حق العلم أن عملنا فى إعادة البناء ينطوى على جوانب ضعف ولكنه يشتمل أيضا على جوانب قوة "ص56
ويقرر أن ما يقوله والفرضية فيها تناقض فيقول:
"إن نقطة انطلاقنا والفرضية التى اتبعناها بها تتناقضان إلى درجة يحق لنا معها أن نستخلص من تناقضهما النتيجة التالية إذا كان موسى قد وهب اليهود لا ديانة جديدة فحسب بل شريعة الختان أيضا فهذا لأنه كان مصريا ولم يكن يهوديا الأمر الذى يترتب عليه أن الدين الموسوى كان فى ارجح الظن ديانة مصرية لا ديانة الشعب العظيمة الاختلاف بل ديانة آتون التى تتفق معها الديانة اليهودية فى العديد من النقاط الهامة" ص37
ويقرر أن ما توصل له هو استدلال نفسى لا علاقة به بصحة التاريخ فيقول :
"وسأبدأ بتلخيص دراستى الثانية عن موسى أعنى تلك التى لها طابع تاريخى صرف ولم أنبرى هنا لنقدها لأن جميع النتائج التى تم الوصول إليها ما هى إلا استدلالات سيكولوجية تتفرع عنها وترجع إليها باستمرار "ص83
ويقرر أن طول المدة بين حدوث الحكاية وكتابتها يجعلنا لا نرتكز على شىء حقيقى وأننا نجهل دوما المدة الفاصلة بين الحادث وكتابته فى التاريخ فيقول:
"وأغلب الظن أن قصة الملك داود وعهده من كتابة أحد معاصريه وهى قصة تاريخية حقيقية متقدمة بخمسمائة سنة على هيرودوتس أبى التاريخ ... وغنى عن البيان أننا لا نعرف البتة مدى استناد قصص الأزمنة القديمة إلى روايات مكتوبة أو إلى مأثورات شفهية كما أننا نجهل مقدار الفاصل الزمنى بين الحدث وبين روايته المكتوبة "ص58
ويقرر أن فرضيته لا يعرف إن كانت تصح أو لا فيقول:
"وإذا صحت فرضيتنا فإن الخروج قد حدث بين1358 و1350 ق م أى بعد وفاة إخناتون وقبل أن يعيد حور محب توطيد سلطان الدولة فإلى هذه البلاد كانت عشائر من الآراميين المحبين للحرب قد تسللت غازية ناهبة بعد تقوض الهيمنة المصرية مشيرة إلى المكان الذى يمكن فيه لشعب مقتدر أن يتملك أراضى جديدة ونحن نعرف أخبار هؤلاء المحاربين من الرسائل المكتشفة عام1887م فى سجلات مدينة العمارنة المتهدمة فهى اسميهم باسم عابيرو وقد أطلق هذا الاسم فيما بعد بسنا ندرى كيف على الغزاة الجدد اليهود العبرانيين الذين ما كتم فى مستطاع رسائل العمارنة أن تسميهم لأنهم قدموا فى زمن لاحق وفى جنوبى فلسطين فى كنعان كانت تعيش بعض قبائل تمت بصلة حميمة إلى اليهود القادمين من مصر ص39
ويبين أن ما قام به لا يبين سوى القشرة السطحية فقط فيقول:
"ومن المحتمل أن مجمل الأبحاث التى قمنا بها حتى الآن لا تمكننا بعد من إماطة اللثام إلا عن شطر سطحى من تلك الدوافع والحوافز لا عنها جميعا ص171
وبعد أن يناقش فى صفحات عدة مسالة الرجل العظيم يعود فيقرر أنه لا نفع من مناقشة المسألة فيقول:
"هكذا نجد أنفسنا منقادين إلى الافتراض بأنه لا جدوى ولا نفع من تحديد دقيق بمفهوم الرجل العظيم ص151
هذه الاعترافات تبين أن الكتاب لو كان كاتبه عاقلا ما نشره لأنه يعرف أنه لا توجد أدلة على صحة ما ذهب إليه فى الكتاب من فرضيات
الخروج من مصر:
بناء على فرضية فرويد أن موسى(ص) كان مصريا من أتباع اخناتون فالرجل يجعل خروج بنى إسرائيل من مصر فى التاريخ المزعوم قبل حور محب مستدلا بورود اسم عابيرو فى رسائل تل العمارنة فيقول:
"وإذا صحت فرضيتنا فإن الخروج قد حدث بين1358 و1350 ق م أى بعد وفاة إخناتون وقبل أن يعيد حور محب توطيد سلطان الدولة فإلى هذه البلاد كانت عشائر من الآراميين المحبين للحرب قد تسللت غازية ناهبة بعد تقوض الهيمنة المصرية مشيرة إلى المكان الذى يمكن فيه لشعب مقتدر أن يتملك أراضى جديدة ونحن نعرف أخبار هؤلاء المحاربين من الرسائل المكتشفة عام1887م فى سجلات مدينة العمارنة المتهدمة فهى اسمتهم باسم عابيرو وقد أطلق هذا الاسم فيما بعد لسنا ندرى كيف على الغزاة الجدد اليهود العبرانيين الذين ما كتم فى مستطاع رسائل العمارنة أن تسميهم لأنهم قدموا فى زمن لاحق وفى جنوبى فلسطين فى كنعان كانت تعيش بعض قبائل تمت بصلة حميمة إلى اليهود القادمين من مصر " ص39
وبالقطع الاسم عابيرو لا يدل على العبرانيين كما أن اسمهم فى الوحى ومن ثم التاريخ هو بنو إسرائيل أو حتى اليهود ويقول أن مسلة منفتاح تتحدث عن انتصاره على إيسراعال مفسرا الاسم بإسرائيل وهو احتمال بعيد فيقول:
"وتقدم لنا بعد ذلك مسلة منفتاح (1225-1215) المعلومات التاريخية الوحيدة التى نملكها فمنفتاح يتباهى بانتصاره على إيسراعال (اسرائيل) وبتدميره لمحاصيل هذه الأخيرة ونحن لسنا متأكدين مع الأسف من القيمة التى يمكن أن نعزوها إلى هذا النقش "ص66
ويخبرنا فرويد مناقضا نفسه أن الخروج كان بعد عام1350 بينما قال قال أنه تم فى الفترة بين1358 و1350 ق م فى الفقرة قبل السابقة فيقول:
"ونحن نفترض أن الخروج تم فى فترة خلو العرش بعد عام1350 أما المراحل التالية حتى الاستقرار فى كنعان فيحيط بها غموض شديد ... الأولى ومكتشفها سيلن هى أن اليهود حتى بحسب أقوال التوراة أبوا انصياعا وامتثالا لمشرعهم وتمردوا ذات يوم وقتلوه وألغوا ديانة آتون نماما كما فعل المصريون والواقعة الثانية ومكتشفها ماير هى أن اليهود العائدين من مصر انصهروا فيما بعد مع قبائل أخرى نسبية تقطن البلاد الواقعة بين فلسطين وشبه جزيرة سيناء وشبه الجزيرة العربية ص86
وكل الكتابات التاريخية والوثائق مشبوهة ويبدو أنها مصطنعة فمصر التى تتحدث عنها كتب التاريخ ليست مصر فى القرآن فكل ما فى القرآن من أدلة جغرافية يتحدث عن منطقة أخرى وهى تشبه العراق الحالى فالأنهار التى تحت فرعون موجودة فيه ومجمع البحرين أى النهرين فى العراق وجبل طوروس أو الطور موجود على خريطة العراق
أسطورة الأمير الضائع:
يستخرج فرويد من كتب علم الاجتماع والنفس والتاريخ خرافات منها خرافة البطل الذى رفض والده مجيئه للحياة ومن ثم يحارب الولد ضد والده فيقتله وفى هذا قال :
"وقد أتاحت لنا أبحاث رانك أن نعرف مصدر هذه الأسطورة ومنحاها ويكفينى أن اشير إليها باختصار فالبطل هو من يتصدى لوالده بشجاعة ويتغلب عليه فى خاتمة المطاف والأسطورة التى تحظى باهتمامنا هنا تحكى قصة هذا الصراع مرجعة إياه إلى ما قبل تاريخ البطل ما دام الطفل قد رأى النور ضد مشيئة أبيه ونحا من مكائد هذا الأخير ص13
ومع هذا يقوم بهدم نظرية هذا البطل حيث لا يوجد مفهوم متفق عليه لهذا البطل فيقول :
"هكذا نجد أنفسنا منقادين إلى الافتراض بأنه لا جدوى ولا نفع من تحديد دقيق بمفهوم الرجل العظيم ص151
ومع هذا يظل يحدثنا عن النظرية فيقول:
"لا مفر إذن من التسليم بأن الرجل العظيم يمارس تأثيره على معاصريه بطريقتين مختلفتين بشخصيته وبالفكرة التى يحامى عنها وهذه الفكرة إما أن تداهن وتتملق أمنية قديمة من أمانى الجماهير وإما أن تعين هدفا لهذه الجماهير هدفا جديدا وإما أن تجتذبها أخيرا بصورة من الصور وفى بعض الأحيان وفى الأحوال الأكثر بدائية لا يكون من تأثير سوى للشخصية وحدها أما الفكرة فلا يكون لها سوى دور ثانوى محض "ص151
ويبين الرجل أن أسطورة الابن الضائع عمدا تنطبق على موسى(ص) مع بعض التحريف فيقول:
"لنمعن النظر أولا فى الأسرتين اللتين يتقرر بينهما طبقا للخرافة مصير الطفل فهاتان الأسرتان تتداخلان وتختلطان تبعا للتأويل التحليلى النفسى فلا تفترقان إلا فى التسلسل الزمنى ولأولى هاتين الأسرتين أى الأسرة التى يولد فيها الطفل طبقا للخرافة النمطية أسرة نبيلة وعلى العموم ملكية أما الأسرة الثانية التى تحتضن الطفل فوضيعة أو ساقطة تبعا للظروف التى يستند إليها التأويل وأسطورة أوديب وحدها التى تشذ لأن الطفل المهجور من أسرته الملكية يحتضنه بيت ملكى أخر وليس من قبيل المصادفة بلا شك فى هذه الحالة أن الهوية البدائية لكلا الأسرتين تظهر حتى فى الخرافة والتباين الاجتماعى بين الأسرتين يجنح كما نعلم إلى إبراز الطبيعة البطولية للرجل العظيم"ص14
ويدلل على النظرية المزعومة قائلا:
"ويختلف وضع موسى عظيم الاختلاف فأولى الأسرتين هنا متضعة جدا مع أنها فى القاعدة العامة نبيلة فموسى سليل لاويين يهود وبالمقابل فإن الأسرة الثانية التى يفترض بها أن تكون متواضعة الحال والتى تحتضن الطفل تتمثل هنا فى البيت الملكى المصرى والأميرة التى تربى الطفل كما لو أنه ابنها حقا هذه الخرافة تختلف إذا عن الخرافة النمطية وهذا ما أثار دهشة العديد من الباحثين ص15
اعتقاد فرويد أن موسى رجل للأكاذيب:
رغم يهودية فرويد فالرجل يقول أن اليهودية دين أسطورة اخترعه وألفه موسى فهو من خلق اليهود ودينهم وهو سبب عداوة الشعوب لهم فيقول :
والحال أننا نعلم أنه تستتر وراء الإله الذى اصطفى اليهود وأنقذهم من مصر شخصية موسى الذى فعل الشىء ذاته زاعما أنه إنما فعله باسم الرب ولهذا كان من حقنا أن نفترض أن رجلا بعينه موسى هو الذى خلق اليهود فهذا الشعب لا يدين له بإضراره على الاستمرار فى الحياة فقط بل يدين له أيضا بقدر كبير من الضغينة التى أجج نارها وما يزال يؤججها إلى اليوم فى نقوس الآخرين ص148
وموسى هو من خلق فكرة الإله الواحد من ركام الماضى وفى هذا قال :
"فحين أعطى موسى الشعب فكرة إله واحد لم يأته فى الواقع بجديد وإنما نفخ روح الحياة الفانية فى حدث قديم يرجع إلى الأزمنة البدائية من تاريخ الأسرة البشرية" ص179
ويزعم فرويد أن ديانة موسى(ص) ليست من الله وإنما ديانة أخذها من المصريين فيقول:
"بل شريعة الختان أيضا فهذا لأنه كان مصريا ولم يكن يهوديا الأمر الذى يترتب عليه أن الدين الموسوى كان فى ارجح الظن ديانة مصرية لا ديانة الشعب العظيمة الاختلاف بل ديانة آتون التى تتفق معها الديانة اليهودية فى العديد من النقاط الهامة" ص37
ويزعم وجود قائدين باسم موسى هما من أسسا الدين فيقول:
" مؤسسى ديانة اثنين كل منهما موسى ولكن لا مفر لنا من التمييز بين شخصيتهما "ص72
وكلامه متناقض ومع هذا يرفض أن يكون لموسى أو الاثنين موسى وجود فيقول أن موسى أسطورة أى خرافة فى الفقرة التالية:
"وإذا كنا نملك الجرأة على التسليم بأن هذه حقيقة ذات صفة عامة تنطبق على أسطورة موسى مثلما تنطبق على سائر الأساطير "ص17
نظرية الشعور بالذنب واختراع الأديان:
يبين فرويد أن شعور البشر بالذنب تجاه قتل الأب وهو يقصد قتل اليهود لموسى(ص) كما أشار فى أول الكتاب لرواية فتله عن بعض الأحبار والتى تم اخفاءها أدى إلى قيام دين جديد هو المسيحية يتم التكفير فيها عن قتل الأب وهو موسى بقتل الابن وهو المسيح وفى هذا قال :
"ويبدو أن شعورا متعاظما بالذنب قد استولى على الشعب اليهودى وربما أيضا على العالم المتمدين بأسره فى ذلك العصر ...ولقد سارت الأمور على هذا المنوال إلى أن قام فرد من أفراد هذا الشعب عقب انحيازه إلى جانب محرض سياسى دينى بتأسيس ديانة جديدة هى الديانة المسيحية التى استقلت عن الديانة اليهودية فقد بادر بولس الطرسوسى وهو رومانى يهودى إلى الاجاع الشعور بالذنب لحق وعدل إلى منبعه ما قبل التاريخى مطلقا عليه اسم الخطيئة الأصلية تلك الجريمة التى اقترفت بحق الذات الإلهية والتى لا سبيل للتكفير عنها إلا بالموت والموت وحده ومع الخطيئة الأصلية دخل الموت إلى العالم والواقع أن تلك الجريمة تستتبع الموت هى جريمة قتل الأب البدائى الذى جرى تأليهه فيما بعد بيد أن جريمة القتل لم يأت لها ذكر وإنما جاء فقط ذكر استيهام التكفير عنها ولهذا جرى الترحيب بهذا الاستيهام باعتباره رسالة خلاص الانجيل فابن الله البرىء من كل خطيئة ضحى بنفسه واخذ على عاتقه وزر الجميع وذنبهم ص120
ومع إثباته أن بولس مؤسس المسيحية يعود وينقض الكلام مبينا أنه قد يكون شخصية أسطورية أخرى لا وجود لها اخترعوها لتعظيمها فيقول:
"الخطيئة الأصلية وافتداء البشر بالتضحية بحياة هذان هما الأساسان اللذان قامت عليهما الديانة الجديدة التى أسسها بولس هل وجد حقا وفعلا داخل عشيرة الإخوة المتمردين داعية إلى القتل ومحرض عليه أم أن هذه الشخصية قد جرى اختراعها فيما بعد وأدرجها الشعراء فى المأثور تعظيما ص187
ولا ينفك فرويد يكرر مقولة مقتل الأب على يد أولاده فيقول :
"وبناء على ما تقدم لا أتردد البتة فى التوكيد بأن البشر عرفوا على الدوام أنه كان لهم فى يوم من الأيام أب بدائى وأنهم قتلوه غيلة ص140
والأب كما يقول قد يكون الإله نفسه أو أن الأب رفعه الأبناء لمرتبة الألوهية كالمسيح وموسى فيتكلم عن الطوطمية المزعومة التى لا وجود لها إلا فى خياله هو وأمثاله من المجانين :
"فالطوطمية أول شكل معروف من أشكال الدين تشتمل على مجموعة كاملة من النواهى والأوامر التى تشكل القاعدة التى لا غنى عنها للنظام بأسره وما هذه الأوامر وهذه النواهى إلى إنكارات لدوافع غريزية ذلكم هو على سبيل المثال حال تبجيل الطوطم وتوقيره وتحريم قتله أو إنزال الأذى به وذلكم هو أيضا حال الزواج الخارجى أى النكوص عن الأم وعن الأخوات فى العشيرة وهن اللائى كن موضع طمع واشتهاء والاعتراف بحقوق متساوية لجميع أعضاء عشيرة الاخوة وما يترتب على هذا الاعتراف من عدول عن كل صراع عنيف بين المتنافسين ولا يغرب عن بالنا أن ثمة حافزين يلعبان دورهما هنا فالناهيان الأولان مطابقان لما كان الأب المخلوع قد أراده ورغب فيه وهما بالتالى استمرار لإرادته ومشيئته أما الناهى الثالث المتعلق بالمساواة فى الحقوق بين الإخوة فإنه يتجاهل هذه المشيئة ويجنح إلى الابقاء على سلامة النظام الجديد الذى أرسيت أسسه بعد مقتل الأب "ص165
ويبين أن الختان والخصى وغيره هو تكفير عن جريمة قتل الأب المزعوم فيقول:
"وحين نقرأ بعدئذ أن موسى قدس شعبه حين فرض عليه فريضة الختان نفهم للحال المعنى العميق لهذا الزعم فالختان بديل رمزى عن الخصى الذى كان الأب البدائى والكلى القدرة قد عاقب به أبنائه فيما غبر من الزمن وكل من كان يقبل بهذا الرمز كان يدلل بذلك على استعداده للامتثال للمشيئة الأبوية حتى لو كان سيترتب على ذلك أوجع التضحيات وآلمها بالنسبة إليه ص169
ويظل الرجل على معتقده فى الإله الواحد المقتول فيبين المراحل المزعومة لتطور المقولة فيقول:
"ويبدو أن فكرة إله أعلى قد رأت النور باكرا ولكن فى صورة مبهمة غامضة فى البداية ودونما صلة بمشاغل الإنسان اليومية وحين اجتمعت القبائل والشعوب فى وحدات أوسع نطاقا نظمت الآلهة نفسها فى أسر وفى مراتب متسلسلة وفى أحيان كثيرة كان أحد الآلهة يعظم شأنا فيغدو سيد الآلهة والبشر أما المرحلة التالية التى أفضت إلى عبادة إله واحد فلم يتم اجتيازها إلا بتردد وفى خاتمة المطاف توصلت البشرية إلى عبادة هذا الإله الواحد فنسبت إليه كلية القدرة ولم تقبل إلى جانبه بأى إله أخر وعندئذ فقط عادت لأبى العشيرة البدائية عظمته كلها وبات فى الإمكان أن تتكرر الانفعالات التى كان يثيرها"ص184
وكل ما سبق يؤكد على مقولة واحدة وهى أن الأديان عند فرويد هى اختراعات بشرية فلا وجود لمقولة الإله الواحد لأنه فى الأصل كما يزعم هو مخلوق نتيجة علو شأنه جعلوه الإله الأوحد وهو تأكيد على خرافة فرعون " أنا ربكم الأعلى"
زواج المحارم:
يؤكد فرويد على خرافة أخرى وهى :
أن زواج المحارم أمهات وأخوات كان دوما شرع الأسر الحاكمة عبر التاريخ فهم يحلونه لأنفسهم ويحرمونه على العامة فيقول:
"البرهان على ذلك أى قيمة فما يقال أنه يجرح مشاعرنا كان فيما غبر من الأيام دائما فى أوساط الأسر المالكة فى مصر القديمة كما لدى شعوب أخرى من العهد القديم بل يسعنا القول أنه كان تقليدا مقدسا فقد كان من المنبع والطبيعى أن يجد الفرعون فى شخص أخته زوجته الأولى والرئيسية ولم يتوان خلفاء الفراعنة البطالسة عن أن يحذو حذوهم هكذا نجد أنفسنا ميالين إلى الافتراض بأن حب المحارم وفى مثالنا بين الأخ والأخت كان امتيازا موقوفا على الملوك ممثلى الآلهة على الأرض محظرا غلى عامة الناس ....وإننا لنلاحظ أن الرءوس المتوجة فى أوربا فى الوقت الحاضر تنتمى كلها إلى أسرة أو أسرتين لا غير وذلك نتيجة لزيجات العصب الواحد من جهة الأب ص167
ما قاله لو صح فهو يؤكد وجود مقولة المؤامرة العالمية فتلك الأسر القليلة هى التى هدمت دولة العدل وحلت محلها وهم لا يريدون أن تخرج أسرار تحكمهم فى العالم للوجود من خلال هذا الزواج وهو ما أكده ديفيد أيكيه فى كتابه السر الأكبر أو الأعظم حيث زاد أن الرؤساء فى دول الغرب ومنه روسيا ينتمون جميعا على اختلافهم لأسرتين فقط
متفرقات:
قال فرويد مقولة غبية وهى :
"ليس بيننا من لا يعلم أن وقائع السنوات الخمس الأولى من الحياة تمارس على وجودنا تأثيرا حاسما لا يستطيع أى شىء أن يبطل مفعوله فيما بعد "ص174
كلام بلا دليل فلا أحد يتذكر غالبا أى ذكريات من تلك السن من نفسه إلا أن يذكره الآخرون الذين كانوا حوله فإذا كان الإنسان لا يعلم ماضيه فى تلك السنوات فكيف يكون له أى تأثير؟
مثال بسيط من يغيرون أديانهم فى الكبر كيف يكون لتلك الفترة أى تأثير فيهم والطفل أساسا لا يعنى معنى الدين فى تلك السن
وقال عن اليهود:
"فنحن نعلم أن الشعب اليهودى ربما كان على الأرجح الشعب الوحيد دون سائر الشعوب القديمة التى عاشت فى حوض البحر الأبيض المتوسط الذى حافظ على اسمه وربما أيضا على طبيعته "ص145
مقولة ثبات الشعب على طبيعته تتناقض مع الكتاب نفسه فكيف يكون هذا الشعب محافظا على طبيعته وقد غير أديانه عدة مرات كما يقول فرويد عندما اعتنق دين موسى المصرى وعندما اخترع ابن أخر منه الدين المسيحى
الكتاب هو ضرب تحت الحزام للمقولة الأساسية فى الوجود الإله الواحد و نزول الوحى من عنده فالأديان اختراعات بشرية ولا وجود لهذا الإله إلا فى صورة مخلوقات رفعتها شعوبها أو نفسها لمرتبة هذا الإله

السبت، 26 ديسمبر 2020

نقد كتاب آية العظمة

نقد كتاب آية العظمة
الكتاب تأليف محمد الشريف الحسني وهو يدور حول تفسير ما سماه آية العظمة وهى قوله تعالى بسورة القلم "وإنك لعلى خلق عظيم " وفى هذا قال الحسنى:
" أما بعد:فإن هذا الكتاب العظيم لا تنتهي عجائبه ولاتنفد غرائبه، فكلما اكتشفت منه معاني غابت منه أضعافها، فكل ذي فن يدلي بدلوه في قاموسه المطمطم، فيقتني منه بقدر حاله ومقامه، ولما كان لنا تعلق بالجناب الشريف، كانت تستوقفنا بعض الآيات الخاصة به (ص)
فلما استوقفتني آية العظمة (وإنك لعلى خلق عظيم) نقبت عن أراء المفسرين فيها، فلم أجد من يشفي غليلي منها، وحينما نظرت في كتب العارفين وجدت ضالتي، فأحببت أن أصوغها في رسالة بسيطة لمن على شاكلتي"
الرجل يقول أن كتب التفسير لم تقدم لها التفسير الصحيح الذى وجده فى كتب المتصوفة الذين سماهم العارفين
الحسنى وجد فى الكلمات الخمس او الست أسرارا كثيرة وفى هذا قال الحسنى:
فأقول وبالله التوفيق:
- وإنك لعلى خلق عظيم -
لا جرم أن لوائح العظمة ظاهرة على هذه الآية العظيمة، فلا شك أنها تواري ضمنها أسرارا عجيبة غريبة؛ حيث أن العظيم - جل جلاله - لا يعظم إلا عظيما، فأمر عظمه العظيم في القرآن العظيم، حقا إنه لعظيم
ومما زاد الشأن عظمة على عظمة، تلك التوكيدات التي تنبه على أن الأمر خطير، فلوكان الأمر مجرد الأخلاق الظاهرة، كالصدق والأمانة ، لما احتاج الحق - جل جلاله - أن يؤكدها، وحتى الكفار مسلمون له فيها
فأكدها بواو القسم، ثم ثناها بأداة التوكيد " إن " ثم ثلثها بلام التوكيد، ثم ربعها بحرف الإستعلاء " على " ثم خمسها بالتعظيم , فما العلة من ذلك ياترى؟!
1) الخلق العظيم هو: الملة المحمدية
قال سيدنا ابن عباس : {وإنك لعلى خلق عظيم} أي: على دين عظيم (الطبري)وتأويل ذلك أن النبوة ذات والرسالة صفاتها، فكل رسالة تستمد من نبوة، وكل رسالة هي مظهر لصاحبها، فالظاهر عنوان الباطن، والسيرة تعرب عن السريرة، ومن أعظم مقاما وحالا، من سيد الوجود (ص)
فلإن كانت رسالات وشرائع الرسل تسفر عن نبواتهم الصفاتية، فإن الملة المحمدية تسفر عن النبوة الذاتية، وكل إناء بالذي فيه ينضح وإذا كان الدين الإسلامي الكامل، المحيط بكل الشرائع الإلهية، والمهيمن على سائر الكتب السماوية، هو خلقه (ص)، فجدير أن يعظمه العظيم - جل جلاله - في القرآن العظيم ووجه الربط بين الدين والأخلاق هنا، أن الشريعة هي منظومة أخلاق، مع الحق تعالى بالعبادة، ومع الخلق في العادة "
الفقرة هنا تحتوى على النفسير الصحيح وهو ما نسبه لابن عباس وهو يوافق قوله تعالى بسورة الزخرف"إنك على صراط مستقيم" وقوله بسورة يس " إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم " وقوله بسورة الحج"إنك على هدى مستقيم"
فالممدوح هو الوحى وليس النبى(ص)
والأخطاء فى الفقرة:
الأول هى جعل النبوة غير الرسالة فكلاهما واحد وإنما يختلفان عن النبى وهو الرسول فالرسالة غير الرسالة لأن الرسالة كلها صحيحة لا يمكن أن يوجد فيها اى خطأ بينما النبى وهو الرسول0ص) يمكن أن يخطىء أى يذنب كما قال تعالى فى النبى الأخير(ص):
" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر"
الثانى أن الدين الإسلامي الكامل، المحيط بكل الشرائع الإلهية، والمهيمن على سائر الكتب السماوية، هو خلقه (ص)
فالإسلام كان دين كل الرسل 0ص) وليس محمد (ص) وحده كما قال تعالى " إن الدين عند الله الإسلام"
الثالث وهو فى نفس كلمات الخطأ الثانى أن دين افسلام هو خلقه (ص) وهو كلام خاطلاء باطل فالرسالة وهى الدين غير الرسول فالرسالة ليس فيها أخطاء فكلها صحيحة وأما النبى(ص) نفسه هو فهو أحيانا يخطىء
ثم تحدث الحسنى مرتكبا مصيبة ارتكبها المتصوفة وايضا النصارى مع الاختلاف فقال:
"2) الخلق العظيم هو: الخلعة الصفاتية
ولقد ذهب زمرة من العارفين، إلى أن الخلق هاهنا المراد به الصفة، وفي تعظيم القرآن العظيم لها دلالة على أنها ليست صفات عادية، بل صفات عظيمة مقدسة، وما الصفات العظيمة إلا صفات الحق تعالى، والتي تحققت بها الحضرة المحمدية، ثم ظهرت بها في صورة بشرية
فكأن الآية تقول: سبحان الله العظيم ما هذه صفات بشرية، ولكنها صفات ربانية عظيمة، فتكون من قبيل (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) وما شاكلها "
الرجل هنا يجعل الحضرة المحمدية التى لا نعرف لها مسمى فى القرآن بهذا الاسم أصبحت تشبه الله وهو ما سماه أن صفات النبى(ص) البشرى اصبحت صفات الله وهو كلام من لا يعى ما يقوله فمحمد مخلوق والله هو الخالق وما محمد إلا عبد من عباد الله لا يشارك الله فى أى شىء كما قال تعالى " ليس كمثلة شىء"
ثم أكمل تخريفاته فقال :
"3) الخلق العظيم هو: المظهرية الذاتية
ولقد نحى الخواص ما هو أدق من ذلك، فقالوا في قوله تعالى بـ " على " إشارة إلى المقام الذاتي، فضلا عن المظهر الصفاتي، حيث أن " على " تفيد الإستعلاء
فيكون تأويل الآية: إنك علوت وتفوقت على رتبة التحققات الصفاتية، المعبر عنها بـ (خلق عظيم) إلى مستوى التحقق بالمظهرية الذاتية، الملغز لها بـ (على) ولا غرو من هذا فكلما دق المعنى دقت العبارة وهذا ما تدل عليه آية (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم) حيث أن "السبع المثاني" هي الصفات السبع المعنوية، و"القرآن العظيم" هو التحقق الذاتي "
هنا التلاعب اللفظى الذى لا يوجد فى وحى الله وهو التحققات الصفاتية والمظهرية الذاتية فالرجل جعل محمدالعبد 0ص) يعلو فوق البشرية وهو كلام من لا يفقه قوله تعالى " قل إنما أنا بشر مثلكم" فمحمد(ص) ليس ‘إلا مخلوق كأى مخلوق بشرى
ثم أكمل الرجل خرافاته فقال :
"4) الخلق العظيم هو: القرآن الحكيم
وذهبت أم المؤمنين عليها الرضوان، إلى أن الخلق العظيم هذا هو القرآن العظيم، فلما سئلت كما في الصحيح، كيف كان خلقه (ص) قالت (كان خلقه القرآن)، وهو جواب ملغز دقيق، ولله درها من صديقة إبنت الصديق عليهما الرضوان وكأنها تقول: من كانت جبلته ذاتية، لا بد أن تكون أخلاقه قرآنية، ولهذا كانت كل أحواله وأفعاله وأقواله معصومة (ص)، كما قال تبارك (إن هو إلا وحي يوحى)
وهذا ما تعطيه دلالة القرآن، من معاني ربانية قدسية، وصفات نورانية روحانية، وأحوال غيبية كلية، وليس على حسب التشريع فحسب "
الخطا هنا هو أن كل أحواله وأفعاله وأقواله معصومة فهل يكذب الحسنى وينكر قوله تعالى " واستغفر لذنبك " وقوله "" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر"فمحمد(ص) ليس معصوما من عمل الذنوب وهى الخطايا أى ألخطاء فقد كان معصوما من أذى الناس كما قال تعالى :
"والله يعصمك من الناس"
ثم أكمل الرجل أكاذيبه على الله فقال :
"5) الخلق العظيم هو: الواسطة العظمى
ومنها أن الخلق العظيم هو: ما وسع الخلق أجمعين، وهذا ما يتضمنه معنى الواسطة العظمى، من سعة الإمدادات المحمدية للعالمين فما من ذرة في الكون إلا ووسعها إمداده (ص)، لكونه واسطة تأثيرات الأسماء والصفات بالكل في الكل، وكفى بهذا الخلق عظمة، حيث أن الإمداد يشمل كل صفات الإحسان، جمالا وجلالا وكمالا، غيبا وشهادة "
الدين الذى جاء لمنع الوساطة بين الله والناس فى قوله تعالى" والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى" يعيده الحسنى للكفر فيجعل محمد(ص) واسطة إلى الله
المصيبة الأخرى أن محمد(ص) أصبح فجأة هو الله الذى يمد المخلوقات بكل شىء ألم تقرأ أيها الحسنى أنه كله من عند الله ومحمد(ص) عبد ابن عبد لا يملك أى شىء من أمر الدنيا كما قال تعالى على لسانه" "قل لا أقول لكم عندى خزائن الله"
ألم تقرأ أن الله هو الذى يعطى كل مخلوق كما قال "إنك انت الوهاب"
ثم أكمل الحسنى أساطيره فقال :
"6) الخلق العظيم هو: الرحمة للعالمين
ومنهم من رأى أن الخلق العظيم هذا، هو صفة الرحمة التي تحقق بها (ص)، حتى كان هو مظهرها بل عينها، بمقتضى قوله تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، وقوله - جل جلاله - (بالمؤمنين رؤوف رحيم)، وقول الكامل (ص) (إنما أنا رحمة مهداة) ومعنى هذه العظمة في صفة الرحمة، أنها هي المهيمنة على تأثيرات باقي الصفات، لقوله - جل جلاله - (ورحمتي وسعت كل شيء) وقوله - جل جلاله - (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيما تدعوا فله الأسماء الحسنى) وقوله - جل جلاله - في الحديث القدسي (رحمتي سبقت غضبي)، وبتعظيمه - جل جلاله - لصفة الرحمة في نبيه (ص) تعظيم لكل صفاته"
الرجل هنا جعل صفات المخلوق هى الرحمة وحدها وكأن الرجل لم يقرأ قوله تعالى " "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار"
فمحمد(ص) هنا ليس رحيما بالكفار ومطلوب منه أن يغلظ عليهم كما قال تعالى "يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم"
فالرحمة ليست صفته وكذلك الغلظة وإنما هى استجابة منه لأوامر خالقه
ثم أكمل الحسمى أقواله فقال:
7") الخلق العظيم هو: أدبه الرفيع مع الرب - جل جلاله -
ومنهم من فقه أن الخلق العظيم، هو في تخلقه (ص) في بساط العبودية الخالصة، وهو المعروف عند القوم بالأدب مع الحضرة الإلهية
ولا شك أنه (ص) هو الإمام محراب العبودية على الإطلاق، وبه يهتدي ويقتدي المقربون قاطبة، وهو ما يمكن أن نوجه به قول الإمام الجنيد قدس سره: "لأنه (ص) لم يكن له همة في سوى الله تعالى"
وقول الإمام الحسن البصري قدس سره: "لأنك لم يؤثر فيك جفاء الخلق، مع مطالعة الحق، وهذا غاية في كمال أدبه (ص) "
عاد الرجل هنا للاعتراف بعبودية محمد(ص) لله بعد أن شبهه بالله فى عدة فقرات سابقة وهو تناقض واضح ثم قال مكملا تخاريفه:
8) الخلق العظيم هو: الفطرة النورانية
ومنها أن الآية تشير إلى قدسية الفطرة المحمدية، والتي هي كالخلفية المصدرية لسيرته وشمائله (ص)، حيث أن الخلق مشتق من الخلقة، أي السجية التي خلقت عليها، كمثل اشتقاق الأمية من الحالة التي ولدتك عليها أمك فيكون توجيه الآية: أنك لعلى فطرتك الربانية، المشار إليها بـ (أدبني ربي فأحسن تأديبي) وعلى خلقتك النورانية، المعبر عنها بـ (كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد)، ولم تغيرك الأغيار، ولم تعكر صفوك الآثار، بل ظهرت أخلاقك طبقا للأصل الذي كنت عليه سالفا "
التخريف هنا هو وجود فطرة ولد بها محمد(ص) وهو كلام ينافى مبدأ الأختيار فلو كان مولودا بها لكان مجبرا ولم يكن له فضل كما ان الفطرة وهى الدين أمر مكتسب ولا يولد به الإنسان لأن الكل يولدون وهم لا يعلمون أى شىء كما قال تعالى :
"والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
وقال مكملا تخاريفه :
9") الخلق العظيم هو: التنزل للورى ومنها أن الخلق العظيم، هو في تنزله وتواضعه (ص) إلى المستوى السفلي، مع عليه حقيقته النورانية من مجد ورفعة، ولكن الخلق لم يوفوه حق قدره، لأنهم جاهلون بمقداره العظيم، فتولى الحق سبحانه ذلك لأنه الأعلم بمكانته
وهذا ما تشير إليه الآية، حيث عدل تعالى عن خطابنا إلى خطابه، مع أنه (ص) ليس في حاجة إلى كل تلك التواكيد، فكان التوكيد لنا والخطاب موجه له، ففيها وفي ما سبق من الآيات والتي أتت في معرض الذب عن جنابه الشريف، أسلوب رفيع من العناية الربانية
وكأن الحق تعالى حينما أعرض عنهم ولم يخاطبهم، فيه تحقير لشأنهم، وتعظيم لشأن المعصوم (ص)، بل وفيه إعراض حتى عن المؤمنين، لعجزهم عن إدراك تلك العظمة، فما خاطب إلا من يدركها (ص)"
السفلية والنورانية تعبيرات الصوفية وهى تعبيرات لا تدل على الحقيقة فليس محمد(ص) وحده من له نور وإنما كل مسلم له نور جعله الله كما قال تعالى :
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به"
وانتهى الحسنى إلى التالى:
"خلاصة:
وبالجمع بين هذه التأويلات الدقيقة، ندرك معنى العظمة التي أثنى بها الحق تعالى على حبيبه (ص)، حتى كلت ألسنة الخلق بعده عن مدحه وتعظيمه، وشتان بين تعظيم العظيم - جل جلاله - وبين تعظيم الخلائق، ولله در القائل:
يا مصطفى من قبل نشأة آدم والكون لم تفتح له اغلاق
أيروم مخلوق على ثناءك بعدما أثني على أخلاقك الخلاق
وعليه فإن المعنى العميق الذي دار عليه بحثنا، هو أن تلك العظمة ليست مجرد عظمة بشرية عادية، بل هي عظمة قدسية ربانية، بمقتضى الصبغة الجبروتية التي تتوجت بها الحضرة المحمدية، في مضمار الحضرات الإلهية
ولهذا نجد أن لآية العظمة هذه أخوات، كمثل قوله - جل جلاله - (وكان فضل الله عليك عظيما)، وقوله - جل جلاله - (إنا أعطيناك الكوثر)، وقوله - جل جلاله - (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم)، وقوله - جل جلاله - (فسبح باسم ربك العظيم)
إذا فكأن تولي الحق تعالى التعظيم لحبيبه (ص) بنفسه، فيه إشارة إلى عظمة تلك الحضرة وإطلاقها، حيث أن الخلق عاجزون عن معرفتها ووصفها، ولهذا لما سئلت السيدة الصديقة عن خلقه (ص)، علقته بالقرآن العظيم، الذي هو بحر بلا سواحل
كما جاء في السير أن يهوديا من فصحاء اليهود جاء إلى سيدنا عمر - - في أيام خلافته فقال: أخبرني عن أخلاق رسولكم، فقال عمر: اطلبه من علي فلما سأل سيدنا عليا قال: صف لي متاع الدنيا حتى أصف لك أخلاقه، فقال الرجل: هذا لا يتيسر لي، فقال سيدنا علي - -:
عجزت عن وصف متاع الدنيا وقد شهد الله على قلته حيث قال: قل متاع الدنيا قليل فكيف أصف أخلاق النبي وقد شهد الله تعالى بأنه عظيم حيث قال: (وإنك لعلى خلق عظيم) "
الخلاصة كمعظم الكتاب تدل على الجهل فكما أن الله ذكر للنبى (ص)محاسنه فقد ذكره له مساوئه وهى ذنوبه كما فى قوله تعالى " واستغفر لذنبك " وقوله "" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر" وقوله " عيس وتولى أن جاءه الأعمى "وقوله " هقا الله عنك لم أذنت لهم"
وهذا الكلام عن ذنوب النبى(ص) وأخطائه هو من أدلة صحة القرآن فلو كان من عند غير الله لمحا النبى(ص) منه تلك الأقوال
بالقطع نشهد للنبى (ص) بأنه أدى الرسالة وعمل الصالحات وتاب من السيئات وتوفاه الله على الإسلام ولكن لا يجب أن نعمى عن الحق فنصفه ونمدحه بما لم يمدحه الله متناسين انه طلب ألا يتم اطراءه كما أطرى السابقون عليه رسلهم حتى جعلوهم آلهة
واختتم الحسنى كتابه بنقول من بطون كتب المتصوفة بها نفس الأخطاء التى قالها تقريبا وهى :
"خاتمة:
وأختم البحث بهذه النبذة، من تأويلات العارفين لآية العظمة:
يقول الإمام جعفر الصادق - عليه السلام -:
«(وإنك لعلى خلق عظيم)، أي: على النور الذي خصصت به في الأزل»
قال الإمام الجنيد
«(وإنك لعلى خلق عظيم) كان على خلق عظيم لجوده بالكونين»
وقال الإمام الجنيد
«لأنه (ص) لم يكن له همة في سوى الله تعالى»
وقال الإمام الحسن البصري
«لأنك لم يؤثر فيك جفاء الخلق، مع مطالعة الحق، وهذا غاية في كمال أدبه (ص)»
وقال الإمام ابن عطاء
«كأنه يقول لنبيه (ص) أفترضى بالعطاء عوضا عن المعطي، فيقول: لا؛ فقيل له (وإنك لعلى خلق عظيم) أي على همة جليلة، إذ لم يؤثر فيك شيء من الأكوان، ولا يرضيك شيء منها»
يقول الإمام القشيري
«(وإنك لعلى خلق عظيم)، لا بالبلاء تنحرف، ولا بالعطاء تنصرف»
ويقول الشيخ الحسين بن منصور الحلاج
«لما دنى السفير الأعلى من الحق في المسرى أيده، فقال: (سل تعط) فقال: ماذا أسأل وقد أعطيت، وماذا أبتغي وقد كفيت، فنودي: (إنك لعلى خلق عظيم)، حيث نزهت بساطنا عن طلب الحوائج»
ويقول الشيخ أبو علي الدقاق
الخلق العظيم: هو لسيدنا محمد (ص)، حيث طويت له الدنيا وشاهد مشارقها ومغاربها، ورقي إلى قاب قوسين أو أدنى، فلم يساكن شيئا من الدنيا والعقبى، لأنه (ص) على همة عظيمة
ويقول الشيخ أبو الحسين النوري
«كيف لا يكون خلقه عظيما وقد تجلى الله لسره بأنوار أخلاقه»
ويقول الشيخ نجم الدين الكبرى
يقول: «كان خلقه (ص) القرآن، بل كان هو القرآن»
ويقول الشيخ محمد بهاء الدين البيطار
«أخلاقه الكاملة (ص): هي أخلاق الله العظيم، فإن الله غيور على عظمته أن يوصف بها سواه، فهو (ص) إكسير التطهير، لأنه السراج المنير، فأخلاقه معنى الكمال الإلهي»
ويقول الامام الاكبر :
«(وإنك لعلى خلق عظيم) فكان ذا خلق لم يكن ذا تخلق»
ويقول الامام الفخر الرازي :
«لما كانت أخلاقه الحميد كاملة لا جرم وصفها الله بأنها عظيمة ولهذا قال: (قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) أي لست متكلفا فيما يظهر لكم من أخلاقي لأن المتكلف لا يدوم أمره طويلا بل يرجع إلى الطبع
وإن الله تعالى وصف ما يرجع إلى قوته النظرية بأنه عظيم، فقال: (وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما)
ووصف ما يرجع إلى قوته العلمية بأنه عظيم فقال: (وإنك لعلى خلق عظيم) فلم يبق للإنسان بعد هاتين القوتين شيء، فدلى مجموع هاتين الآيتين على أن روحه فيما بين الأرواح البشرية كانت عظيمة عالية الدرجة، كأنها لقوتها وشدة كمالها كانت من جنس أرواح الملائكة»
الإمام الكتاني
«(وإنك لعلى خلق عظيم) على قراءة الإضافة بدون تنوين، أي وإنك أيها الهيكل الجامع لعلى خلق عظيم، وهو الحق إذ لا أعظم منه»
ولاشك أن أخلاقه (ص) لا تحصى، وهاهنا اثبت له الحق أنه اكتنف الأخلاق الإلهية و لم يحصرها في جنس معين، فأبقينا هذا اللفظ على ما تعطيه صراحته، والمراد أنه حائز لجميع الكمالات الإلهية بدليل الآية»
الشيخ كمال الدين القاشاني
«قال تعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم) وذلك الخلق العظيم: هو التحقق بالقرآن العظيم علما وعملا»
الشيخ محمد بهاء الدين البيطار
«(وإنك لعلى خلق عظيم)، لأن الله تعالى خلقه، فهو بأخلاقه الكريمة كالبحر يسع كل شيء ولا يسعه شيء، وقد قال (ص) في وصف البحر: (الطهور ماؤه، الحل ميتته)، فبحره لا يقبل النجاسات، لأنها تنقلب فيه ماء مطلقا طهورا، يطهر به كل شيء، كما أن ميتته التي هي كناية عن الأخلاق الردية، تنقلب في بحره أخلاقا إلهية، فالجهل في بحره يعود علما، والخبث يعود طيبا، والإثم يعود قربا وطاعة»
الشيخ علي الخواص
«" إذا الشمس كورت " بطنت، وباسمه الباطن ظهرت، ولم تظهر، ولم تبطن " إنك لعلى خلق عظيم " وانقست بعد ما توحدت ثم تعددت، وانعدمت بظهور المعدود " والقمر إذا تلاها " ثم تنزلت بما عنه انفصلت لما به اتصلت، واتخذت " والنجم إذا هوى " ثم تنوعت بالأسماء، واتحدت بالمسمى، وظهرت من أعلى عليين إلى أسفل سافلين، ثم رجعت إلى نحو ما تنزلت »
الشيخ ابو طالب المكي
«(وإنك لعلى خلق عظيم) قيل على أخلاق الربوبية، وقرئت بالإضافة ليكون عظم اسم الله سبحانه لا يظهر من حاله ونصيبه شيئا لقوة التمكين»
ويقول الشيخ نعمة الله علوان (الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية):
«(وإنك) من كمال تخلقك بالأخلاق الإلهية وتحققك بمقام الخلة والخلافة (لعلى خلق عظيم) لا خلق أعظم من خلقك لحيازتك وجمعك خلق الأولين والآخرين حسب جامعية مرتبتك وبالجملة»
ويقول الشيخ إسماعيل حقي الحنفي الخلوتي (روح البيان):
«قال الله تعالى لنبيه (ص) وهو الإنسان الكامل (ولقد آتيناك سبعا) هي سبع صفات ذاتية لله - جل جلاله - "السمع والبصر والكلام والحياة والعلم والارادة والقدرة"
(من المثاني) أي من خصوصية المثاني وهى المظهرية؛ (والقرآن العظيم) أي حقائقه القائمة بذاته تعالى وخلقا من أخلاقه القديمة بأن جعل القرآن العظيم خلقه العظيم كما قال تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم) ولما سئلت السيدة عائشة عن خلق النبي (ص) قالت: (كان خلقه القرآن)»
ويقول الشيخ في (روح البيان):
«(وإنك لعلى خلق عظيم) لكونك متخلقا بأخلاق الله، واخلاق كلامه القديم، ومتأيد بالتأييد القدسي، فلا تتأثر بافترائهم، ولا تتأذ بأذاهم، إذ بالله تصبر لا بنفسك، كما قال تعالى (واصبر وما صبرك الا بالله)
وكلمة "على" للاستعلاء، فدلت على أنه (ص) مشتمل على الأخلاق الحميدة، ومستول على الافعال المرضية، حتى صارت بمنزلة الأمور الطبيعية له، ولهذا قال تعالى (قل لا أسالكم عليه أجرا وما أنا من المتكلفين) أي لست متكلفا فيما يظهر لكم من أخلاقي، لأن المتكلف لا يدوم أمره طويلا، بل يرجع إليه الطبع »
ويقول الشيخ ابن عجيبة (البحر المديد):
«كان خلقه عظيما، لأنه مظهر العظيم - جل جلاله -، فكان خلق العظيم عظيما، فافهم جدا»
وقال الشيخ عبد الرحمن العارف
كان (ص) على خلق عظيم؛ لشرح صدره بالنور، كما قال تعالى: (ألم نشرح لك صدرك)، ولحديث شرح صدره وشقه وتطهيره، ونزع حظ الشيطان منه، ثم إفراغ الحكمة والنور فيه، حتى ملىء بذلك، فكان شيئا محضا لله تعالى، لا تعلق له بغيره، فناسب القرآن، وصار خلقا له، منقوشا فيه، من غير روية، ولا تكسب في ذلك، بل طبع على ذلك، وسرى فيه أمر الوحي، وجرى على مقتضاه في جميع أحواله، ولذلك تجد السنة مشرعة من القرآن، وخارجة منه خروج اللبن من الضرع، والزبد من اللبن، فصار متخلقا بالقرآن، وفي الحقيقة متخلقا بخلق الله، ومظهر أوصافه، ومجلاة سره وشأنه، (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله)، ومن رآه فقد رأى الحق، فالسيدة عائشة إحتشمت وسترت، حيث عبرت بالقرآن، ولم تقل كان خلقه خلق الرحمن» "
بالقطع النقول فيها أخطاء أخرى غير ما ذكرناه فى كلام الحسنى منها حكاية الكونين والأكوان فالمعروف أنه كون واحد وحكاية القوتين النظرية والعلمية بينما هما قوة الجسم والعلم كما قال تعالى "وزاده بصطة فى العلم والجسم"وحكاية أنه من جنس الملائكة وهو ما ينافى قوله تعالى " قل إنما أنا بشر مثلكم" وتفسير السبع المثانى بغير ما فسرها الله وهى عندهم السمع والبصر والكلام والحياة والعلم والارادة والقدرة بينما فسر الله المثانى بأنها الكتاب وهو الوحى ""الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى"