الأربعاء، 30 يونيو 2021

نقد كتاب سيد الاستغفار

نقد كتاب سيد الاستغفار
المؤلف هو أبو أنس الطائفي وموضوع الكتاب هو رواية عن الاستغفار شغل الطائفى بتفسيرها فى ثنايا الكتاب وكما يقال اول القصيدة كفر فجملة سيد الاستغفار تعنى أن الحديث منكر موضوع مائة فى المائة فلا يوجد فى الأدعية أو حتى فى آيات الله ما يسمى بالسيد لأن السيادة تعنى أن هذا هو النص الوحيد المقبول فى الاستغفار مع أن أن الرسل لم يقولوها فيما قص الله علينا فى القرآن وإنما استخدموا أدعية بألفاظ أخرى مثل:
"قال رب إنى ظلمت نفسى فاغفر لى فغفر له إنه هو الغفور الرحيم"
"ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب قال رب اغفر لى "
"رب اغفر لى ولوالدى ولمن دخل بيتى مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات"
"قال رب اغفر لى ولأخى وأدخلنا فى رحمتك وأنت أرحم الراحمين"
"رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى ربنا وتقبل دعاء"
" ربنا اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب"
"وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين"
هذه الأدعية فالها طائفة من الرسل(ص) وكلها ذات صيغة واخدة اغفر لى وألأخير منها أمر مباشر لمحمد (ص)بالقول اغفر فهل تلك الرواية أفضل من كلام الله الذى أمر الله به نبيه(ص)؟
قطعا لا
الاستغفار ليس فيه سادة ولا عبيد وإنما المهم هو استغفار الله بإخلاص كما قال تعالى " ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما"
الرواية تقول:
"عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم سيد الاستغفار أن تقول
{ اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت}
قال ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة .رواه البخاري
قوله ( سيد الاستغفار )
قال الطيبي : لما كان هذا الدعاء جامعا لمعاني التوبة كلها استعير له اسم السيد , وهو في الأصل الرئيس الذي يقصد في الحوائج , ويرجع إليه في الأمور .
قوله ( أن يقول )
أي العبد , وثبت في رواية أحمد والنسائي " إن سيد الاستغفار أن يقول العبد " وللترمذي من رواية عثمان بن ربيعة عن شداد " ألا أدلك على سيد الاستغفار " وفي حديث جابر عند النسائي " تعلموا سيد الاستغفار " "
الروايات هنا متناقضة فمرة النبى(ص) هو من علمهم ومرة سأل واحد أن يعلمه سيد الاستغفار ثم قال:
"قوله ( لا إله إلا أنت خلقتني )
كذا في نسخة معتمدة بتكرير أنت , وسقطت الثانية من معظم الروايات , ووقع عند الطبراني من حديث أبي أمامة " من قال حين يصبح : اللهم لك الحمد لا إله إلا أنت " والباقي نحو حديث شداد وزاد فيه " آمنت لك مخلصا لك ديني " ."
نفس الكلام وهو التناقض بين روايات سيد الاستغفار فمرة من قال حين يصبح ومرة تقول كما فى الرواية الرئيسية فى النهار وفى الليل ثم قال:
"قوله ( وأنا عبدك )
قال الطيبي : يجوز أن تكون مؤكدة , ويجوز أن تكون مقدرة , أي أنا عابد لك , ويؤيده عطف قوله " وأنا على عهدك " .
قوله ( وأنا على عهدك )
سقطت الواو في رواية النسائي , قال الخطابي : يريد أنا على ما عهدتك عليه وواعدتك من الإيمان بك وإخلاص الطاعة لك ما استطعت من ذلك . ويحتمل أن يريد أنا مقيم على ما عهدت إلي من أمرك ومتمسك به ومنتجز وعدك في المثوبة والأجر . واشتراط الاستطاعة في ذلك معناه الاعتراف بالعجز والقصور عن كنه الواجب من حقه تعالى . وقال ابن بطال : قوله " وأنا على عهدك ووعدك " يريد العهد الذي أخذه الله على عباده حيث أخرجهم أمثال الذر وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم فأقروا له بالربوبية وأذعنوا له بالوحدانية . وبالوعد ما قال على لسان نبيه " إن من مات لا يشرك بالله شيئا وأدى ما افترض عليه أن يدخله الجنة " . قلت : وقوله وأدى ما افترض عليه زيادة ليست بشرط في هذا المقام لأنه جعل المراد بالعهد الميثاق المأخوذ في عالم الذر وهو التوحيد خاصة , فالوعد هو إدخال من مات على ذلك الجنة .
قال وفي قوله " ما استطعت "
إعلام لأمته أن أحدا لا يقدر على الإتيان بجميع ما يجب عليه لله ولا الوفاء بكمال الطاعات والشكر على النعم , فرفق الله بعباده فلم يكلفهم من ذلك إلا وسعهم وقال الطيبي : يحتمل أن يراد بالعهد والوعد ما في الآية المذكورة , كذا قال : والتفريق بين العهد والوعد أوضح "
والخطأ هنا هو القول إعلام لأمته أن أحدا لا يقدر على الإتيان بجميع ما يجب عليه لله فهو مخالفة صريحة لقوله تعالى " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" فطاعة الله فى استطاعة وهى مقدور أى إنسان والقول اتهام لله أن يخالف قوله بالتكليف على القدرة ثم قال:
"قوله ( أبوء لك بنعمتك علي )
سقط لفظ لك من رواية النسائي , وأبوء بالموحدة والهمز ممدود معناه أعترف ووقع في رواية عثمان بن ربيعة عن شداد " وأعترف بذنوبي " وأصله البواء ومعناه اللزوم , ومنه بوأه الله منزلا إذا أسكنه فكأنه ألزمه به "
وتفسير الطائفى هنا يخالف أن العودة هنا لله بالنعم وهى الحسنات كما العودة بالذنوب وهى السيئات فى القول التالى:
"قوله ( وأبوء لك بذنبي )
أي أعترف أيضا , وقيل معناه أحمله برغمي لا أستطيع صرفه عني وقال الطيبي : اعترف أولا بأنه أنعم عليه , ولم يقيده لأنه يشمل أنواع الإنعام , ثم اعترف بالتقصير وأنه لم يقم بأداء شكرها , ثم بالغ فعده ذنبا مبالغة في التقصير وهضم النفس قلت : ويحتمل أن يكون قوله " أبوء لك بذنبي " أعترف بوقوع الذنب مطلقا ليصح الاستغفار منه , لا أنه عد ما قصر فيه من أداء شكر النعم ذنبا"
والبوء ليس اعترافا وإنما البوء العودة إلى الله بالعمل حسناته وسيئاته للحساب كما فى قوله تعالى "وباءوا بغضب على غضب " وقوله" وباءوا بنعمة ثم قال
"قوله ( فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )
يؤخذ منه أن من اعترف بذنبه غفر له , وقد وقع صريحا في حديث الإفك الطويل وفيه " العبد إذا اعترف بذنبه وتاب تاب الله عليه "
قوله ( من قالها موقنا بها )
أي مخلصا من قلبه مصدقا بثوابها , وقال الداودي يحتمل أن يكون هذا من قوله إن الحسنات يذهبن السيئات ومثل قول النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء وغيره ; لأنه بشر بالثواب ثم بشر بأفضل منه فثبت الأول وما زيد عليه , وليس يبشر بالشيء ثم يبشر بأقل منه مع ارتفاع الأول , ويحتمل أن يكون ذلك ناسخا وأن يكون هذا فيمن قالها ومات قبل أن يفعل ما يغفر له به ذنوبه , أو يكون ما فعله من الوضوء وغيره لم ينتقل منه بوجه ما , والله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء كذا حكاه ابن التين عنه , وبعضه يحتاج إلى تأمل
قوله ( ومن قالها من النهار )
في رواية النسائي " فإن قالها حين يصبح " وفي رواية عثمان بن ربيعة " لا يقولها أحدكم حين يمسي فيأتي عليه قدر قبل أن يصبح , أو حين يصبح فيأتي عليه قدر قبل أن يمسي "
قوله ( فهو من أهل الجنة )
في رواية النسائي " دخل الجنة " وفي رواية عثمان بن ربيعة " إلا وجبت له الجنة " قال ابن أبي جمرة : جمع صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من بديع المعاني وحسن الألفاظ ما يحق له أنه يسمى سيد الاستغفار , ففيه الإقرار لله وحده بالإلهية والعبودية , والاعتراف بأنه الخالق , والإقرار بالعهد الذي أخذه عليه , والرجاء بما وعده به , والاستعاذة من شر ما جنى العبد على نفسه , وإضافة النعماء إلى موجدها , وإضافة الذنب إلى نفسه , ورغبته في المغفرة , واعترافه بأنه لا يقدر أحد على ذلك إلا هو , وفي كل ذلك الإشارة إلى الجمع بين الشريعة والحقيقة , فإن تكاليف الشريعة لا تحصل إلا إذا كان في ذلك عون من الله تعالى وهذا القدر الذي يكنى عنه بالحقيقة فلو اتفق أن العبد خالف حتى يجري عليه ما قدر عليه وقامت الحجة عليه ببيان المخالفة لم يبق إلا أحد أمرين : إما العقوبة بمقتضى العدل أو العفو بمقتضى الفضل , انتهى ملخصا أيضا : من شروط الاستغفار صحة النية , والتوجه والأدب , فلو أن أحدا حصل الشروط واستغفر بغير هذا اللفظ الوارد واستغفر آخر بهذا اللفظ الوارد لكن أخل بالشروط هل يستويان ؟ فالجواب أن الذي يظهر أن اللفظ المذكور إنما يكون سيد الاستغفار إذا جمع الشروط المذكورة , والله أعلم
قال شيخ الإسلام: في قوله عليه السلام : " سيد الاستغفار أن يقول العبد : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت" قد اشتمل هذا الحديث من المعارف الجليلة ما استحق لأجلها أن يكون سيد الاستغفار ، فإنه صدره باعتراف العبد بربوبية الله ، ثم ثناها بتوحيد الإلهية بقوله : (( لا إله إلا أنت )) ثم ذكر اعترافه بأن الله هو الذي خلقه وأوجده ولم يكن شيئا ، فهو حقيق بأن يتولى تمام الإحسان إليه بمغفرة ذنوبه ، كما ابتدأ الإحسان إليه بخلقه
ثم قال : " وأنا عبدك " اعترف له بالعبودية
فإن الله تعالى خلق ابن آدم لنفسه ولعبادته ، كما جاء في بعض الآثار : (( يقول الله تعالى : ابن آدم ! خلقتك لنفسي ، وخلقت كل شيء لأجلك ، فبحقي عليك لا تشتغل بما خلقته لك عما خلقتك له )) وفي أثر آخر : (( ابن آدم ! خلقتك لعبادتي فلا تلعب ، وتكفلت لك برزقك فلا تتعب ابن آدم ! اطلبني تجدني ، فإن وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء )) فالعبد إذا خرج عما خلقه الله له من طاعته ومعرفته ومحبته والإنابة إليه والتوكل عليه ، فقد أبق من سيده ، فإذا تاب إليه ورجع إليه فقد راجع ما يحبه الله منه ، فيفرح الله بهذه المراجعة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم يخبر عن الله : (( لله أشد فرحا بتوبة عبده من واجد راحلته عليها طعامه وشرابه بعد يأسه منها في الأرض المهلكة ، وهو سبحانه هو الذي وفقه لها ، وهو الذي ردها إليه )) وهذا غاية ما يكون من الفضل والإحسان ، وحقيق بمن هذا شأنه أن لا يكون شيء أحب إلى العبد منه
ثم قال : " وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت" فالله سبحانه وتعالى عهد إلى عباده عهدا أمرهم فيه ونهاهم ، ووعدهم على وفائهم بعهده أن يثيبهم بأعلى المثوبات ، فالعبد يسير بين قيامه بعهد الله إليه وتصديقه بوعده أي أنا مقيم على عهدك مصدق بوعدك وهذا المعنى قد ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ، كقوله : (( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )) والفعل إيمانا هو العهد الذي عهده إلى عباده ، والاحتساب هو رجاؤه ثواب الله له على ذلك ، وهذا لا يليق إلا مع التصديق بوعده وقوله (( إيمانا واحتسابا )) منصوب على المفعول له ، إنما يحمله على ذلك إيمانه بأن الله شرع ذلك وأوجبه ورضيه وأمر به ، واحتسابه ثوابه عند الله ، أي يفعله خالصا يرجو ثوابه
وقوله : " ما استطعت " أي إنما أقوم بذلك بحسب استطاعتي ، لا بحسب ما ينبغي لك وتستحقه علي وفيه دليل على إثبات قوة العبد واستطاعته ، وأنه غير مجبور على ذلك ، بل له استطاعة هي مناط الأمر والنهي والثواب والعقاب ففيه رد على القدرية المجبرة الذين يقولون : إن العبد لا قدرة له ولا استطاعة ، ولا فعل له البتة ، وإنما يعاقبه الله على فعله هو ، لا على فعل العبد وفيه رد على طوائف المجوسية وغيرهم
ثم قال : " أعوذ بك من شر ما صنعت " فاستعاذته بالله الالتجاء إليه والتحصن به والهروب إليه من المستعاذ منه ، كما يتحصن الهارب من العدو بالحصن الذي ينجيه منه وفيه إثبات فعل العبد وكسبه ، وأن الشر مضاف إلى فعله هو ، لا إلى ربه ، فقال : (( أعوذ بك من شر ما صنعت )) فالشر إنما هو من العبد ، وأما الرب فله الأسماء الحسنى ، وكل أوصافه صفات كمال ، وكل أفعاله حكمة ومصلحة ويؤيد هذا قوله عليه السلام : (( والشر ليس إليك )) في الحديث الذي رواه مسلم في دعاء الاستفتاح
ثم قال : " أبوء لك بنعمتك علي " أي أعترف بأمر كذا ، أي أقر به ، أي فأنا معترف لك بإنعامك علي ، وإني أنا المذنب ، فمنك الإحسان ومني الإساءة فأنا أحمدك على نعمتك ، وأنت أهل لأن تحمد وأستغفرك لذنوبي ولذا قال بعض العارفين : ينبغي للعبد أن تكون أنفاسه كلها نفسين : نفسا يحمد فيه ربه ، ونفسا يستغفره من ذنبه ومن هذا حكاية الحسن مع الشاب الذي كان يجلس في المسجد وحده ولا يجلس إليه ، فمر به يوما فقال : ما بالك لا تجالسنا ؟ فقال : إني أصبح بين نعمة من الله تستوجب علي حمدا ، وبين ذنب مني يستوجب استغفارا ، فأنا مشغول بحمده واستغفاره عن مجالستك فقال : أنت أفقه عندي من الحسن ومتى شهد العبد هذين الأمرين استقامت له العبودية ، وترقى في درجات المعرفة والإيمان ، وتصاغرت إليه نفسه ، وتواضع لربه ، وهذا هو كمال العبودية ، وبه يبرأ من العجب والكبر وزينة العمل والله الموفق الهادي ، والحمد لله وحده ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، ورضي الله عن أصحاب رسول الله "
يضاف لما سبق أن العديد من الذنوب لا يكفى فيها الاستغفار فلابد من رد الحقوق لأهلها كمن سرق مالا أو قتل نفسا فلابد من رد المال ولابد من الذهاب لأهل القتيل ليحكموا فيه بالقصاص أو العفو

الثلاثاء، 29 يونيو 2021

نقد كتاب التربية البدنية في المدارس النسائية

نقد كتاب التربية البدنية في المدارس النسائية
مؤلف الكتاب هو محمد بن عبد الله الهبدان وهو يدور حول إقرار مادة التربية البدنية في مدارس البنات وفى مقدمته قال:
"أما بعد:فقد تباينت وجهات النظر في مسألة إدخال التربية البدنية في مدارس البنات ما بين مؤيد ورافض ، وأصبحنا على مفترق طرق في هذه القضية ،وحيث كثر الجدل فيها ومدى شرعية هذا الأمر رأيت أن أكتب للقراء ما يجلي لهم حكم إدخال هذه المادة في مدارس البنات "
استهل الرجل الكتاب بالمنافع العائدة على المجتمع من إدخال التربية البدنية لمدارس البنات فقال:
الفصل الأول المصالح المرجوة من إدخال التربية البدنية
من خلال إطلاعي على ما كتب تبين أن هناك عدة مصالح في نظر المؤيدين من خلالها طالب من طالب بإدخال التربية البدنية في مدارس البنات ، فمن تلك المصالح :
المصلحة الأولى : ( تهيئة المرأة لتقوم بدورها في الجهاد وحماية مقدسات الأمة وأرض الوطن ومما قالوه في ذلك : ( المرأة قديما مما توفر لنا من معلومات في التاريخ الإسلامي كانت تشارك في المعارك لنشر الإسلام والدفاع عنه ولم يمنعها الدين فهي الفارسة التي دافعت عن رسول الله وجرحت وطعنت لإعلاء كلمة الله )
والجواب :
أولا : أن هذا منسوخ لما جاء في مصنف ابن أبي شيبة عن سعيد بن عمرو القرشي أن أم كبشة امرأة من بني عذرة قضاعة قالت : يا رسول الله ائذن لي أن أخرج في جيش كذا وكذا ، قال : لا ، قالت : يا رسول الله إني لست أريد أن أقاتل إنما أريد أن أداوي الجريح والمريض أو أسقي المريض ، فقال : «لولا أن تكون سنة ويقال فلانة خرجت لأذنت لك ولكن اجلسي ».فهذا الحديث يفيد أن المرأة لا تشارك حتى في سقاية الجرحى ومداواة المرضى فهل يبقى بعد هذا لقائل مقال ؟!!
ثانيا : لقد حرص نساء الصحابة أن يتقلدن دور الجهاد الذي أنيط بكاهل الرجل طمعا في الأجر ؛ فجاء التوجيه النبوي لهن كما يلي : عن عائشة رضي الله عنها قالت : استأذنت النبي (ص)في الجهاد فقال : « جهادكن الحج » رواه البخاري ، وعن عائشة قالت قلت : يا رسول الله ألا نخرج فنجاهد معك فإني لا أرى عملا في القرآن أفضل من الجهاد ، قال :« لا ولكن أحسن الجهاد وأجمله حج البيت حج مبرور "» رواه النسائي
قال ابن بطال : ( دل حديث عائشة على أن الجهاد غير واجب على النساء ، ولكن ليس في قوله : (جهادكن الحج ) أنه ليس لهن أن يتطوعن بالجهاد ) ، بل إن بقائها في بيتها وحفظها لعفافها تدرك بهذا فضل المجاهدين في سبيل الله تعالى لحديث أنس بن مالك قال : جئن النساء إلى رسول الله - (ص)- فقلن يا رسول الله : ذهب الرجال بالفضل بالجهاد في سبيل الله أفما لنا عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله فقال رسول الله - (ص)- « مهنة إحداكن في البيت تدرك به عمل المجاهدين في سبيل الله »
ثالثا : ما ورد من قتال بعضهن : إنما كان في بداية الإسلام وعلى سبيل الضرورة والدفاع عن النفس أو الدفاع عن رسول الله (ص) كما جاء عن أنس أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرا فكان معها فرآها أبو طلحة فقال يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر ، فقال لها رسول الله (ص)ما هذا الخنجر ؟ قالت : اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه ، فجعل رسول الله (ص)يضحك .." رواه مسلم والضرورة كما هو معلوم تقدر بقدرها .
رابعا : ثم أين الجهاد الذي يحتج بمشاركة المرأة فيه في هذا الزمان والله المستعان ، ولو ارتفعت راية الجهاد لولى هؤلاء الكتاب ومن ظاهرهم النفاق الأدبار ، كما قال الله تعالى عن أسلافهم : { ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون }
ثم إذا كان هناك حرص على إعداد المرأة للجهاد فلماذا لا نسأل أنفسنا ما هي الأولويات بالعناية في هذا المجال والأكثر أثرا والأسرع في تحقيق الهدف ، هل الرياضة في هذا الصدد أولى من إعلام محافظ يربي المرأة ؟!! ومحاضن تربوية تعدها الإعداد الحقيقي للجهاد ؟!! وهل الرياضة أولى من مضاعفة الجهد في حرب التغريب وحملات التخريب ومقاومة كل ما يسعى لإفساد المرأة ؟!!
وأخيرا ... هل التربية الرياضة للبنين قد أعدت شبابنا للجهاد ؟!!"
ناقش الهبدان المصلحة الأولى التى قالتها أجهزة التعليم فى بلده لادخال التربية البدنية مدارس البنات وبين أن جهاد النساء فى القتال كان لضرورة وعدد المشاركات كان قليلا جدا وذلك بسبب عدد توافر عدد من الرجال وقلة أموال المسلمين وتساءل سؤالا فى محله وهو أن التربية البدنية للبنين لم تحقق الهدف الجهادى فهل تحققه للبنات وقد صدق فيما قال لن القائمون على التعليم فى بلاد المنطقة بأوامر من الحكام يركزون على الهيافات وهى ممارسة ألأعاب كرة القد واليد والطائرة والسلة وأحيانا ألعاب القوى والأهم هو إعداد الفتيان والفتيات للاستعراضات الراقصة التى يعرضونها أمام المسئولين متناسين قوله تعالى " وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم" ثم حدثنا عن العقل والجسم فقال:
المصلحة الثانية : أن الرياضة لها أثرها الكبير في عقل الإنسان وفكره .
"ومما قالوه في ذلك قولهم ( جميعنا يعرف أن العقل السليم في الجسم السليم ..والتي لا تقتصر على الرجال فقط .. )
والجواب : هذه المقولة يرددها الكثير ،ولكن لو تأملها ذوو العقل السليم لعرفوا أن فيها بعض المغالطة للحقيقة ، وليست قاعدة ثابتة ، فكم من أناس أجسامهم هزيلة ، وأبدانهم عليلة ومع ذلك عقولهم تزن أمة ؟ وماذا نفعت الأجسام وصحة الأبدان أولئك المجانين الذين امتلأت المشافي بهم ؟ لو أن أحدهم وكزك بيده لقضى عليك ؟وهل صحة أجسام البغال والحمير زادت من عقولها ؟! ألم يضرب الله مثلا لليهود بأسوأ من الحمار في بلادته : { كمثل الحمار يحمل أسفارا } ولو استنطقنا التاريخ ليحدثنا عن أناس استطاعوا ـ بفضل الله ـ أن يحولوا عجزهم قدرة ،ونقصهم عطاء فأصبحوا يعدون قمما سامقة ، ومنارات عالية لحدثنا عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود فقد كان قصير القامة ، كانت قامته طول الرجل أثناء قعوده ، وكان الصحابة يعجبون من دقة ساقيه ، فهل عاش بدون عقل !! نظرا لقصر قامته وخفة وزنه ، عجبا لمن يهرف بما لا يعرف !!
ولحدثنا التاريخ أيضا عن الإمام عطاء بن أبي رباح التابعي الجليل فقد كان ـ رحمه الله ـ أعور ، أشل ، أفطس ، أعرج ، أسود ،ثم عمي وقطعت يده مع عبدالله بن الزبير هكذا قال عنه مترجموه ولكن ماذا قالوا عن علمه وجلالته يقول أبو جعفر : ما بقي على ظهر الأرض أحد أعلم بمناسك الحج من عطاء ، وقال علي بن المديني سمعت بعض أهل العلم يقول : كان ثقة فقيها عالما كثير الحديث .
وكم من العلماء في قديم الدهر وحديثه من فقد بصره وعمي في صغره وما ضره ذلك فإذا هو العالم الذي يشار إليه بالبنان ،كالشيخ الإمام محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية سابقا ، والشيخ العلامة عبد العزيز بن باز مفتى المملكة العربية السعودية ، وسماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ وغيرهم كثير وترى منهم الخطيب المصقع الذي يزمجر على أعواد المنابر فتصل كلماته سويداء القلوب كأمثال الشيخ عبد الحميد كشك فعجبا لمن يتكلم بما لا يعلم ، ويهذي بما لا يدري !! يقول الشاعر :
فرب ضرير قاد جيلا إلى العلا
وقائده في السير عود من الشجر
وكم من كفيف في الزمان مشهر
لياليه أوضاح وأيامه غرر
ومن الأمثلة أيضا التي تدل على ضعف هذه القاعدة ما نراه من أحمد ياسين منظم حركة حماس فهو رجل مشلول شللا كليا ومع ذلك هو يدير أمة ويحرك شعبا !!
وقد قرأت مقالا في المجلة العربية تحت عنوان ( الصاعدون إلى القمة بلا قدم ) ذكر صاحب المقال أمثلة رائعة لأناس غدوا معاقين بالمفهوم الدارج ، ..من هؤلاء الشاب الإيرلندي ( كريستوفر كولان ) البالغ من العمر 22 عاما الذي فاز بجائزة الكتاب في بريطانيا لعام 1987م ..وقد حضر حفل تكريمه أكثر من أربعمائة أديب بريطاني ، وهل ستندهش إذا قلت لك أن الشاب أصم وأبكم لا يتكلم ومشلول ، ...هل سمعت عن حكاية شابين معاقين في مصر وهما توأمان ولدا مشلولين ولم يمنعهما الشلل من أن يذهب كل منهما إلى الدراسة في كرسي بعجلات وقد تفوقا في الدراسة وحصلا على النجاح في الجامعة بامتياز مع مرتبة الشرف وحصل كل منهما على الدكتوراه مع التقدير وصارا عضوين في هيئة التدريس بالجامعة هناك ؟! ) "
ناقش الهبدان مقولة العقل السليم فى الجسم السليم فبين أنها مقولة خاطئة فالعقول السليمة تتواجد فى أجسام عليلة وقد أفلح فيما ضرب من أمثلة ثم حدثنا عن الهدف الثالث وهو علاج السمنة فقال:
"المصلحة الثالثة : إدخال التربية البدنية من أجل الحد من ارتفاع نسبة البدانة بين الفتيات.
والجواب : من عدة وجوه :
أولا : هل نفعت حصة التربية البدنية البنين في الحد من ظاهرة السمنة ؟الواقع يثبت عدم ذلك ،بل الملاحظ ارتفاع نسبة السمنة في صفوف الشباب ، ( إحدى الدراسات أظهرت أن 52% من البالغين في المملكة يعانون من البدانة، ويعاني منها أيضا 18% من المراهقين و15% من الأطفال دون سن المدرسة!!!) . وأي أثر لحصة لا تتجاوز الساعة إلا ربع في الأسبوع الواحد ؛ في الحد من هذه السمنة .
ثانيا : مسيرة التعليم في هذه البلاد وضعت قبل ما يزيد على خمسين عاما ، وهذا الارتفاع في ظاهرة السمنة لم تظهر إلا في الآونة الأخيرة مما يدل على أن الخطة الدراسية لمدارس التعليم لا علاقة لها بارتفاع هذه النسبة .
ثالثا : إن من أسباب ظهور حالات السمنة هي :
ـ وجود الخادمات في المنزل مما سبب الخمول والكسل ..ـ كثرة تناول الطعام ؛ يقول النبي (ص): « ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه ، فإذا كان لا محالة فاعلا ، فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه » رواه أحمد
رابعا : يمكن أن تمارس المرأة الرياضة في بيتها ...
خامسا : هل هناك دراسات تثبت حالة ارتفاع السمنة بين الطالبات ؛ فهذه دعوى مجردة والدعاوى إن لم يقيموا عليها بينات أصحابها أدعياء"
وأفلح الهبدان فيما قاله فالرياضة البدنية فى المدارس لا تعالج المشكلة لأن علاج المشكلة يحتاج لتعاون البيئات التى تتواجد فيها الفتيات كلها وليس المدرسة التى تمثل جزء ضئيلا من العلاج لن الحصص زمنها لا يتعدى الساعتين أسبوعيا وفى الفصل الثانى استعرض المفاسد المتوقعة من وجود التربية البدنية فى مدارس البنات فقال:
الفصل الثاني المفاسد المتوقعة على حصة التربية البدنية:
هناك مفاسد عديدة من جملتها :
1 ـ خلع ملابسها في المدرسة ولبسها لملابس الرياضة وهذا يخالف ما روي عن النبي (ص)من قوله : « ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى »رواه أبو داود .
2 ـ قد تسبب زوال أو ضعف الحياء لدى الطالبة ، خاصة وهي تلبس تلك الملابس أمام زميلاتها وجمال المرأة هو في حيائها .
3 ـ قد تكون هذه الحصة عاملا مساعدا في انتشار ظاهرة الإعجاب المتزايدة في مدارس البنات...
4 ـ من المعلوم أنه لن يشارك جميع الطالبات في ممارسة الرياضة كما هو الحاصل عند الطلاب مما يساعد على كثرة الأحاديث الجانبية بين الطالبات وربما دارت أحاديث الإغراء والفساد وترويج لبعض الأفكار والأرقام والتشجيع عليها في تلك الفترة والتي لا يمكن للمدربة أن تراقب الجميع .
5 ـ إن اعتماد مادة التربية البدنية في مدارس البنات هو البذرة الأولى للمشروع الرياضي النسائي الكبير ، على غرار المجتمعات الغربية ،والعربية المتغربة ، إذ سيتبع ذلك وبشكل متسارع الرياضة في التعليم العالي ، حيث تفتح التخصصات والكليات التي تعنى بتخريج المدربات والمعلمات للرياضة البدنية وغير البدنية ، ثم يتبع ذلك إقامة البطولات المدرسية والجامعية ..
6 ـ الاسترجال ؛ فدخول حصة التربية البدنية قد يفقد الفتاة أنوثتها ورقتها ويميل بها إلى الصلابة وطبيعة الرجال ، عن ابن عباس قال :« لعن رسول الله (ص)المخنثين من الرجال ، والمترجلات من النساء »
7 ـ من سيتولى تدريب الطالبات ؟ هل ستكون من أهل هذا البلد ؟ وإن كان كذلك ؛ فما مدى خبرتها ؟!!وهل عندنا العدد الكافي للقيام بهذه المهمة ؟!! وإن كانت من بلد آخر فما مدى تمسكها بآداب الإسلام وشعائره خاصة ونحن ندرك وضع المجتمعات الأخرى ومدى التساهل في قضية العورات وكشفها فهل من الأمانة أن يتولى بنات المسلمين أمثال تلك النسوة ؟!!
8 ـ إرهاق أولياء الأمور بالمصروفات المالية ، فالفتاة تحتاج إلى ملابس رياضية والأبناء كذلك ،علما أن الفتاة شديدة الاهتمام بلباسها ومظهرها ، وحالة الناس اليوم إلى الضعف والفقر أقرب منها إلى حالة الغنى واليسر .
9ـ توسع الفتيات في ممارسة الرياضة يسبب لهن عواقب سيئة على صحتهن ؛ يتمثل باضطراب الحيض ونقص الخصوبة ، كما يؤثر على كثافة العظام ...
10ـ قد تصور الفتاة وهي بلباس الرياضة أو أحيانا وهي تنزع لباسها لتلبس ملابس الرياضة ...وربما مورس مع الفتاة المصورة الضغط عليها لتخرج مع شاب أو تفضح بهذه الصورة نسأل الله تعالى السلامة والعافية .
11 ـ لبس الطالبة لملابس ضيقة أو شفافة أو قصيرة ؛ مما يتحقق عليها الوعيد الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص): « صنفان من أهل النار لم أرهما ..وذكر : « ونساء كاسيات عاريات ، مميلات مائلات ، رؤسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا »
12 ـ قد تصاب الطالبة بالعين ، فقد تكون رشيقة البدن ، جميلة المنظر ، فإذا رأتها غيرها قد تصيبها بالعين ، والعين حق ، وهذا أمر لا يقلل من شأنه ، ولا يستهان بأمره ( أخرج البزار من حديث جابر بسند حسن عن النبي (ص)قال : « أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالأنفس » قال الراوي :يعني بالعين ) .
13 ـ إرسال بعثات إلى خارج البلاد إما للتدريب أو للمباريات أو لغير ذلك كما هو الحاصل في الدول العربية الأخرى ، فيحصل في ذلك الإخلال بقضية السفر بلا محرم ، إضف إلى ذلك الاختلاط مع الرجال الأجانب والذي جاءت النصوص الكثيرة ببيان حرمته .
14 ـ إرهاق ميزانية الدولة دون أن يكون له الأثر الكبير ، فستنفق أموال على المدربات وعلى أدوات الرياضة وعلى تهيئة المدارس لممارسة مختلف أنواع الرياضة ونحوها من العقبات الموجودة الآن .."
وما قاله الرجل من المفاسد هو كلام صحيح فى معظمه إلا حكاية العين فلا وجود لهذا الحسد العينى لأن الحسد كله نفسى كما قال تعالى " جسدا من عند أنفسهم" ثم حدثنا الرجل عما حدث للبلاد التى أقرت فيها التربية البدنية للبنات فقال:
واقع مؤلم :
لقد سبقت هذه البلاد بلاد أخرى في إدخال التربية البدنية في مدارس البنات ، وحصل فيها من الصور المؤلمة ، والأحداث المؤسفة ، ما يتفطر له قلب الغيور ، ويعلم علما يقينيا أننا لسنا بمعزل عن هذا الواقع ، وأن تلك المجتمعات ربما جاءتها وعود بعدم حصول تلك المخاطر ولكنها وقعت وحصلت ، خاصة إذا علمنا أن ما نتحدث عنه الآن تطالب به المنظمات الغربية والتي تدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة ،فهل نتصور أنهم سيقفون عند حد إدخال هذه المادة لتؤدى الطالبات تمارين سويدية فقط ؟!! أم سيتطور الأمر إلى وجود مباريات وتصفيات وأندية ومنتخبات. فنسأل الله تعالى أن يكفينا إياهم بما يشاء ؟!
الواقع يثبت أنهم لن يكتفوا بإدخال التربية البدنية في المدارس فقط وإليك نموذج على ذلك : ذكر الأديب الكبير علي الطنطاوي في ذكرياته (8/270) أنه سبق أن درس في مدارس البنات في بداية تعليم الرجال للنساء ..وفي ذات يوم حصل له موقف قال فيه : ( ..حتى سمعت يوما وأنا ألقي درسي أصواتا ألتفت بلا شعور إلى مصدرها ، فإذا أربعون من الطالبات في درس الرياضة وهن يلبسن فيه ما لا يكاد يستر من نصفهن الأدنى إلا أيسره ، وكن في وضع لا أحب ولا أستجيز أن أصفه فهو أفظع من أن يوصف ..)
...وأما عن واقع التربية البدنية للنساء في العراق :
فيقول صاحب كتاب ( الأسس الحديثة للتربية الرياضية النسوية ) : ( بعض المنجزات الرياضية للمرأة العراقية بعد ثورة 17 ـ 30 تموز :
يمكن تلخيص أهم المنجزات الرياضية ..بالنقاط التالية :
1 ـ إرسال الفتيات إلى الخارج للتدريب والتعليم ضمن البعثات وتشجيعهن للتخصص في مجال التربية الرياضية .
2 ـ دعم المرأة في ممارسة أنواع وفعاليات التربية الرياضية كافة من خلال المشاركة في التدريبات والمسابقات جنبا إلى جنب الرجل .
3 ـ مشاركة الطالبات في المدارس والجامعات في درس التربية الرياضية في المسابقات والفرق الرياضية المختلفة إلى جانب المشاركة في العروض والمهرجانات الرياضية المدرسية والجامعية.
4 ـ تأثير كليات الرياضية وأقسامها في القطر حيث إن الفتاة العراقية تدرس في هذه الكليات جنبا إلى جنب مع الفتيان للتخصص بالتربية الرياضية .
5 ـ المشاركة في الاتحادات الرياضية وحتى في تركيب اللجنة الأولمبية لقيادة الحركة الرياضية في القطر إلى جانب إخوانهن من الملاكات المتخصصة . ) ..."
وما قاله الرجل صحيح ولكنه لم يقدم الحلول لتلك المفاسد إلا فى الفصل التالى فقال:
"الفصل الثالث البدائل المناسبة:
1ـ القيام بالأعمال الرياضية المناسبة للمرأة داخل منزلها. والمكتبات الإسلامية تزخر بالكتب التي يمكن الاستفادة منها في بعض التمارين الرياضية المهمة للمرأة .
مع العلم أن المرأة مطالبة بأعمال كثيرة جدا في بيتها قد تأخذ وقتها كاملا، ...وقال الباحث موئيل سيرز : ( لقد أظهر البحث الذي أجريناه أنه على المدى البعيد النساء اللواتي يبدأن ممارسة التمارين الرياضية في أجوائهن المنزلية لكون ذلك يناسبهن أكثرهن أكثر احتمالا للاستمرار ببرنامج التمارين والمحافظة على خفة الوزن ، من اللواتي يتجهن إلى الأندية الرياضية ) ...
فهذه دراسات ميدانية حقيقية أجريت على شريحة من المجتمع وتبين من خلالها الحق من الباطل ـ والحق حق ـ فكيف إذا شهدت به الأعداء ، ولكن كما قال الله تعالى : { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور }
2 ـ إذا كانت المرأة ترغب في رياضية المشي فيوجد الآن في الأسواق الآت للمشي عليها يمكن للمرأة الاستفادة منها ووضعها في المنزل فتحقق بذلك رغبتها وهي في قعر بيتها بدون مضايقات المعاكسين ولا أضرار الشمس ولا غير ذلك وهي في أثناء ذلك يمكنها أن تستمع إلى شريط هادف فتجمع بذلك بين مصلحتين التربية البدنية والتربية العقلية والنفسية .
3ـ الاستغناء عن الخادمات والقيام بالأعمال المنزلية ومزاولتها لما لها من الأثر الفعال على جسم المرأة كما تقدم إثبات ذلك من خلال الدراسات التي أجريت .
4 ـ الاعتدال في الطعام والشراب فتصيب منهما ما تقيم به صلبها ، ويحفظ عليها صحتها ونشاطها ولياقة جسمها ، مستهدية بقول الله تعالى : { وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين } وبقول النبي - (ص)- وهديه في الاعتدال بالطعام والشراب : : « ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه ، فإذا كان لا محالة فاعلا ، فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه » رواه أحمد وبقول عمر : ( إياكم والبطنة في الطعام والشراب ، فإنها مفسدة للجسد ، مورثة للسقم ، مكسلة عن الصلاة ، وعليكم بالقصد فيهما ، فإنه أصلح للجسد ، وأبعد عن السرف ، وإن الله تعالى ليبغض الحبر السمين ، وإن الرجل لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه ")
5 ـ لمزاولة رياضة المشي يمكن أن تزاولها في منزلها ـ إن كان متسعا ـ فإن لم يكن كذلك فيمكن مزاولتها في المنتزهات البرية البعيدة عن المدينة ، والبعيدة عن مضايقة الفضوليين.
6 ـ المواظبة على صيام النوافل إذا كانت بلا زوج ، وإذا كانت ذات زوج فلا تصوم وهو شاهد إلا بإذنه .
7 ـ الصلاة ؛ فكما أنها عبادة فهي تعد كما ذكره أهل الاختصاص رياضة نافعة للإنسان ، فالمرأة إذا أدت هذه العبادة جمعت بين الحسنيين ."
والرجل أفلح فى تقديم وجهة نظره من حيث ممارسة التربية البدنية فى البيت وأما فى المدارس فلم يقدم البديل وهو :

أولا أن مدارس البنات لابد أن يكون كل من يعمل من الموظفين من أقلهم وهم العمال حتى أكبرهم وهو المدير لابد أن يكن من النساء
ثانيا ممارسة الحصة فى صالات أو ملاعب مقفلة تماما جدران وسقف بحيث لا يرى من حول المدرسة إحداهن وهى تمارس التربية البدنية وكذلك لا يراها الناس من فوق من الطائرات وأمثالها
ثالثا أن تكون الألعاب التى تمارسها البنات مفيدة لهن فى بيوتهن وليس ألعاب الكرة والاستعراضات ثم حدثنا الهبدان عن حكم الشرع فى المسألة فقال:
"الفصل الرابع الحكم الشرعي لإدخال التربية البدنية:
إذا علم ما تقدم تبين أن إدخال مادة التربية البدنية في مدارس البنات لا يجوز لما يلي :
1ـ روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص): « صنفان من أهل النار لم أرهما ..وذكر : « ونساء كاسيات عاريات ، مميلات مائلات ، رؤسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا »
ووجه الدلالة من الحديث : أن الفتيات في حصة التربية البدنية سيرتدين ملابس إما أن تكون ضيقة تحدد حجم الأعضاء أو تكون قصيرة أو شفافة فتدخل في هذا الوعيد الشديد الذي أخبر عنه النبي (ص)في هذا الحديث ،.... 2 ـ ما رواه أبو داود عن أبي المليح رحمه الله قال : دخل نسوة من أهل الشام على عائشة فقالت : ممن أنتن ؟ قلن من أهل الشام ، قالت : لعلكن من الكورة التي تدخل نساؤها الحمامات ؟ قلن : نعم ، قالت : أما أني سمعت رسول الله (ص)يقول : « ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى »ولا شك أن الطالبة في المدرسة تحتاج إلى نزع ثيابها لأداء الحركات بخفة وسهولة .
3 ـ حديث ابن عباس قال : لعن رسول الله (ص)المخنثين من الرجال ،والمترجلات من النساء"رواه البخاري .
وجه الدلالة من الحديث : أن المرأة التي تمارس أنواع الرياضة الموجودة الآن في العالم العربي والغربي تخالف فطرتها وأنوثتها وتتشبه بالرجال في لباسهم وهيئاتهم وأخلاقهم وتصرفاتهم مما يعني دخولها في هذا الوعيد..
4 ـ القاعدة الشرعية تقول : ( درء المفسدة الراجحة مقدم على جلب المصلحة المرجوحة ) وهي من مقاصد الشريعة ، وصورتها : إذا رجحت المفسدة على المصلحة في الشيء الواحد يجب تقديم درء المفسدة ، وتغليب حكمها على جلب المصلحة ، وهذه القاعدة متفق عليها بين أهل العلم دون خلاف ، ....ولو سلمنا بوجود مصالح في التربية البدنية للفتيات إلا أننا بالنظر إلى ما يترتب عليها من مفاسد نجده أضعافا مضاعفة بالنسبة لتلكم المصالح القليلة النسبية التي لا تكاد تذكر ، لأن مفاسدها قد بلغت من الخطورة ما لا ينكره عاقل ممن يستطيع أن يفرق بين التمرة والجمرة !! خاصة مع وجود البدائل المناسبة .
5 ـ ومن الأدلة قاعدة ( سد الذرائع ) وقد أجمعت الأمة على سد الذرائع ، والذريعة ما أفضى إلى الحرام ، وكذلك ما كان مظنة للحرام...ولا يخفى ما عليه واقع التربية البدنية في المجتمعات المسلمة ولذا يقال بالمنع سدا للذريعة المفضية إلى الحرام ..فمن يضمن أن يتوقف الأمر على هذه الحصة فقط ؟!! ، ومن يضمن أن هذه الحصة خالية من المحاذير الشرعية ؟ ومن يضمن ألا تصور بنات المسلمين وهن يلبسن ملابس الرياضة وتنشر صورهن في مجامع الفجار وأراذل الخلق ؟ ...
6ـ من القواعد الشرعية قاعدة : ( يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام ) فيجوز للإمام أن يجبر من أحدث في الطريق العام ما يضره بإزالته وإن كان فيه ضرر عليه دفعا للضرر العام ، وكذا يقال في مادة التربية البدنية ..يتحمل الضرر الخاص وهو عدم الحركة لدى شريحة محدودة من الطالبات لدفع الضرر العام وهو ما سيحصل من مفاسد في إقرارها ، علما أنه لن يكون هناك حتى الضرر الخاص لأن الفتاة يمكن أن تمارس الحركة والتمارين المناسبة في بيتها "
ما قاله الهبدان فيه أخطاء وهيتم تلاشيه كله بالحل الذى قدمته من حيث كون المدرسة موظيفها من النساء كلهم من المبدأ وحتى المنتهى وممارسة الحصة فى صالات مغلقة أو ملاعب مسقفة مقفلة فهذا يمنع كل ما قاله الهبدان من المفاسد وأما حكاية أن خلع المرأة ملابسها فى غير بيتها هتك للسر بينها وبين الله فخبل يتعارض مع أن الله سمح لها أن تدخل بيوت كثيرة وتخلع ملابسها وتكشف بعض عوراتها كبيت أبيها وأخيها وأولاد أخواتها وإخوانها وأجدادها وجداتها وهو ما جاء فى سورة النور وسورة الأحزاب ثم حدثنا عن الشبهات فى الموضوع فقال:
الفصل الخامس شبهات حول الحكم الشرعي
الشبهة الأولى : قولهم ( لقد وجه رسولنا (ص) تعليم أولاد المسلمين السباحة والرماية وركوب الخيل )
والجواب :
أولا : الآثار التي تفيد هذا المعنى هي :
أ ) ما أخرجه البيهقي في الشعب 6/401 عن أبي رافع أن رسول الله - (ص)- قال :« حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرماية وأن لا يرزقه إلا طيبا » والحديث ضعيف ،وقد أورده الألباني في ضعيف الجامع الصغير (2732) .
ب ) عن بكر بن عبدالله بن الربيع الأنصاري أن رسول الله - (ص)- قال : « علموا أبناءكم السباحة والرماية ، ونعم لهو المؤمنة في بيتها المغزل ، وإذا دعاك أبواك فأجب أمك » أورده السيوطي في الجامع الصغير ( فيض القدير (4/327) وعزاه لابن مندة في المعرفة و رمز له بالحسن والصواب بطلان الحديث كما قال الذهبي في الميزان (2/231) : ( خبر باطل ) وضعفه العجلوني في كشف الخفاء (2/68) والألباني في ضعيف الجامع (3726)
ج ) عن ابن عمر مرفوعا : « علموا أبناءكم السباحة والرمي والمرأة المغزل »رواه البيهقي في الشعب 6/401 وقال : به عبيد العطار منكر الحديث .وقال الألباني في ضعيف الجامع ص546 : ضعيف جدا.
د ) عن جابر مرفوعا : « علموا بنيكم الرمي فإنه نكاية العدو » رواه الديلمي في مسنده ، قال الألباني في ضعيف الجامع ص546 : موضوع
هـ ) عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال عمر إلى أبي عبيد أن علموا صبيانكم العوم ، ومقاتلتكم الرمي ..» الحديث رواه ابن حبان (13/401) ورقمه (6037) وصححه وحسنه الأرنؤوط
ثانيا : من خلال هذا العرض السريع للآثار تبين :
أ ـ ضعف ما رفع إلى النبي - (ص)- ولم يصح منها شيئا .
ب ـ صحة ما ورد عن عمر وهو موقوف عليه .
ج ـ لو سلمنا صحة الأحاديث فإننا لا نسلم صحة الاستدلال بها لأن كلام النبي - (ص)- موجه إلى الأبناء دون البنات فقال :« علموا أبناءكم » والابن يراد به الذكر ومما يؤكد ذلك قوله في عقب الحديث : « ونعم لهو المؤمنة في بيتها المغزل » وهكذا الآثار الباقية . لكن قد يعكر على هذا الاستدلال الحديث الأول لأن الولد يشمل الذكر والأنثى ، فيجاب عن ذلك : بأنه يجب حمل المطلق الذي هو ( أولادكم ) على المقيد الذي هو ( أبناءكم ) حسب القاعدة الأصولية المشهورة ، كما يؤكد ذلك تفسير عمر السابق في قوله ( صبيانكم ) وأيضا يؤكد ذلك واقع سلف الأمة الذين عرف عنهم شدة تمسكهم واتباعهم .
د ـ نحن لا نمانع أن تتعلم المرأة السباحة والرماية ونحوها مما يفيد إذا تولى هذا الأمر محرمها ؛ فإن كلام عمر ـ المتقدم ـ كان موجها إلى أولياء الأمور من آباء وأمهات فكل هذه الأمور مما يحتاجه الجميع ، ولكن يمكن أن تتعلمه المرأة بدون أن نحتاج إلى إدخال هذه المادة في مدارس البنات كما ذكرناه في البدائل"
وما قاله الرجل فى سند الروايات كلام صحيح ولكن المفهوم وهو قصر الرياضة على الذكور هو أمر خاطىء فالفائدة متحققة كما قال هو نفسه عندما اقترح ممارسة البنات للرياضة فى بيوتهن ثم قال:
"الشبهة الثانية : قولهم (ورد عن أم المؤمنين السيدة عائشة أنها كانت مع رسول الله (ص)في سفر فسابقته فسبقته ويمكننا على هذا أن نقيس أن مسابقة في الجري وهو لا شك نوع من الرياضة لم يمنعه أو يحرمه الإسلام للمرأة )
والجواب : نعم لم يحرمه الإسلام وهذا باتفاق العلماء إذا كان بلا عوض ، وقبل الخوض في التفاصيل لابد أن نعرف حديث عائشة الذي استدل به صاحب هذه الشبهة :روى الإمام أحمد في مسنده )عن عائشة قالت خرجت مع النبي (ص)في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن فقال للناس تقدموا فتقدموا ثم قال لي تعالي حتى أسابقك فسابقته فسبقته فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت خرجت معه في بعض أسفاره فقال للناس تقدموا فتقدموا ثم قال تعالي حتى أسابقك فسابقته فسبقني فجعل يضحك وهو يقول هذه بتلك "
ومن خلال الحديث تتضح الحقائق التالية :
أولا : أم المؤمنين عائشة لم تسابق إلا زوجها - (ص)- ولم يثبت أنها سابقت غيره .
ثانيا : أنه - (ص)- أمر أصحابه أن يتقدموا حتى لا تقع أبصارهم عليهما .ولم يكن هذا الأمر عارضا إنما كرره - (ص)- مرة أخرى عندما سابقها ثانية مما يدل على أهمية هذا الأمر و لزومه .
ثالثا : ليس القصد من هذا السباق هو الرياضة لذاتها ، إنما القصد هو التودد والتحبب بين الزوجين ويدل على ذلك المقصد تكرار الرسول - (ص)- للسباق مع عائشة عندما حملت اللحم.
رابعا : لو كان السباق مشروعا أمام الرجال الأجانب لما خص الرجل بالرمل في الطواف ،والسعي بقوة في بطن الوادي بين الصفا والمروة ومنعت منه المرأة إبقاء لحشمتها وحفاظا على حجابها ، وانعدام الفائدة منه."
هذه الرواية لا تصح لأن السباق هذا سيكون فى مكان عام ومن المحرم كشف بعض العورة فى اآ مكان عام خاصة أن النبى(ص) يعرف أنه حتى ولو كان هو وهى فى مكان خالى كالصحراء معرض لقدوم أى أحد يرى ما ليس منه بد ثم قال:
الشبهة الثالثة: قولهم ( عند بدء تعليم المرأة في هذه البلاد واجه معارضة حادة من قبل الناس وعندما عرفوا قيمته تسابقوا إليه وسارعوا بتسجيل بناتهم ، وهكذا التربية البدنية )
والجواب :
أولا : هناك فرق شاسع ،وبون عظيم بين الأمرين فمعارضة الناس في ذلك الوقت للتعليم ليس لذات التعليم وإنما لأنه لم يكن يوجد في العالم الإسلامي آنذاك تعليم سالم من المخالفات الشرعية حتى يجعل قاعدة يقاس عليها ..فحصلت المعارضة بسبب ذلك ، ...
ثانيا :أن معارضة الناس في ذلك الوقت كان له ثمرة عظيمة ، ومنفعة جليلة ..وهي ما تنعم به هذه البلاد من تعليم نفاخر به العالم.. ففي أي دولة في العالم يوجد تعليم لا اختلاط فيه من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الجامعية ؟!!.
ثالثا : أن أفعال الناس ليست بحجة في شرع الله تعالى فكون الناس فعلوا أو تركوا لا يعني ذلك حكما شرعيا بالحلال أو الحرام ، فالحق ما وافق الكتاب والسنة ،والباطل ما خالفهما ولو اجتمع عليه الناس فإبراهيم عليه السلام سماه الله أمة في قوله تعالى : { إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين } ...
ثالثا : إن أضرار هذه المادة قد بدت لكل حاضر وباد ؛ حيث إن البلاد المجاورة قد سبقتنا إلى هذا البلاء ، وظهر أثرها على أخلاق وسلوكيات النساء مما يجعلنا في غنى عن الدخول في هذا النفق المظلم وكما قيل السعيد من وعظ بغيره والشقي من وعظ غيره به
رابعا : الاحتجاج بالموقف من تعليم البنات في السابق ثم تسابقهم عليه هو أيضا حجة على الداعين إلى إدخال الرياضة في مناهج البنات ، فنحن نقول إن رفض دخول الرياضة لمدارس البنات واجه معارضة شديدة من بعض الناس وعندما يعرفون قيمة هذا الرفض ويرون فائدته سيؤيدوننا فيه "
وكلام الهبدان صحيح هنا نوع ما ولكن الخطأ ليس فى ممارسة البنات التربية البدنية فى المدارس وإنما الخطأ فيما يريده الحكام من خلف ذبك فهم لو أرادوا صحة المرأى فهذا أمر مباح ولكنهم يريدون ما وراء الحلال من ظهور المرأة فى الملاعب والتلفازات وكشفها لبعض عوراتها حتى ولو ارتدت ملابس مغطية للكل لكنها فى النهاية لابد ان تكون مفصلة لأجزاء عورتها لضيق الملابس حتى تقدر على الحركة السريعة وهو ما يعوقه ارتداء الجلباب
وفى النهاية أورد الهبدان فتوى هى:
"فضيلة الشيخ عبد الكريم الخضير وفقه الله لكل خير.
تناولت وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة أن هناك اقتراحا يهدف إلى دراسة إدخال التربية البدنية في مدارس تعليم البنات بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ما حكم إدخال مثل هذه المادة في تعليم البنات؟أرجو التفصيل في هذه المسألة وتحريرها ليتجلى للكثير الحكم وفقكم الله لما يحبه ويرضاه،،، والله يحفظكم ويرعاكم.
الجواب :
أما بعد، فإن المطالبة بدراسة إدخال التربية البدنية في مدارس البنات، اتباع لخطوات الشيطان الذي نهيناع نه بقوله تعالى: ...
{ يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين }..وقد بين الله لنا أتم بيان أن الشيطان لنا عدو وأمرنا أن نتخذه عدوا ،والشيطان حريص على إضلال بني آدم،كما أقسم بعزة الله جل وعلا قائلا كما ذكره الله عنه: { فبعزتك لأغوينهم أجمعين } ، وإذا رأينا ما فعله الشيطان بالنسبة لهذه الرياضة المزعومة، من إيقاع العداوة والبغضاء ، والصد عن ذكر الله مما لا يخفى على أحد، ويكفينا ما مرت به الدول المجاورة، لما تجاوزوا أمر الله عز وجل واتبعوا خطوات الشيطان، فالخطوة الأولى أن تلعب الرياضة مع الحشمة وفي محيط النساء، ثم تنازلوا عن هذه الشروط شيئا فشيئا، إلى أن وصل الحد إلى وضع لا يرضاه مسلم عاقل غيور فضلا عن متدين، وإذا كان الذكور مطالبين بالإعداد والاستعداد، فالنساء وظيفتهن القرار في البيوت وتربية الأجيال على التدين والخلق والفضائل والآداب الإسلامية،
فالذي لا أشك فيه أن ممارسة الرياضة في المدارس بالنسبة للبنات حرام؛ نظرا لما تجر إليه من مفاسد لا تخفى على ذي لب، ولا تجوز المطالبة بها فضلا عن إقرارها"
والفتوى تنم عن جهل قائلها فالله لم يحرم ممارسة البنات فى المدارس طالما لا يراهن رجل أثناء الممارسة

الاثنين، 28 يونيو 2021

قراءة فى كتاب التحذير من الفرقة والاختلاف

قراءة فى كتاب التحذير من الفرقة والاختلاف وتكوين الجماعات
مؤلف الكتاب سرحان بن غزاي العتيبي وهو يدور حول حرمة الاختلاف ووجوب التوحد وفى مقدمته قال العتيبى:
"أما بعد: فإن الله جل في علاه قد أكمل هذا الدين ورضيه لنا قال تعالى {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} ولم يقبل من أحد دينا غيره فقال تعالى {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} ثم حفظ مصدره وهو القران فقال تعالى {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} فحفظه الله في السطور وفي الصدور كما قيل في الكتب السابقة عن أمة محمد: قوم أناجيلهم في صدورهم 0 ثم أمرنا بالإتباع وترك الابتداع وكل مبتدع هو في حقيقة أمره متهم للدين بالنقص وأنه لم يكتمل وأنه محتاج لبدعته تلك ويكون بذلك مكذبا لما أخبر الله به من اكتمال دينه وما أخبر به رسوله (ص)بقوله (تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك) ثم أمرنا ربنا جل وعلا بالاجتماع وترك التفرق فربنا واحد وديننا واحد وعقيدتنا واحدة وكلمتنا واحدة وجماعتنا واحدة 0"
وبعد ذلك ذكر العتيبى أنه سوف يقول الأدلة على حرمة التفرق والتحزب فقال:

"وهنا سوف نتطرق للأمور التالية:
1 - الأدلة من الكتاب والسنة على نبذ التفرق والتحزب والإختلاف:
قال تعالى {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} وقال تعالى {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} وقال تعالى {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم" وقال تعالى {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون} (وقال تعالى {وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين} وقال تعالى {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون} إلى غير ذلك من الأدلة من الكتاب"
وبعد أن ذكر الرجل أدلة المصحف أتى إلى ذكر أدلة الروايات فقال :
"وأما من السنة فقد قال النبي (ص)((من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد) "وعن أبي ذر قال قال رسول الله (ص)(من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) "
الروايتان الخطأ فيهما هو عدم مفارقة الجماعة وهو ما يناقض أنه المطلوب من المسلم عدم مفارقة الدين بالاعتصام به وليس عدم مقارقة الجماعة لأنها يفارقها لو فارقت كتاب الله وفى هذا قال تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا" فالجماعة هى فى الاعتصام بدين الله وليس فى عصيانه ثم قال:
"وكان حذيفة بن اليمان يقول كان الناس يسألون رسول الله (ص)عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله (إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر قال نعم قال فهل بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخن قلت وما دخنه قال قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت هل بعد ذلك الخير من شر قال نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليه قذفوه فيها قلت يا رسول الله صفهم لنا قال هم من جلدتنا ويتكلمون بالسنتنا قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت فإن لم تكن جماعة ولا إمام قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت كذلك "
نفس الخطأ فى الروايات السابق وهو لزوم الجماعة فالملزوم هو كتاب الله وليس الجماعة لأنها قد تضل كما ضل أخوة يوسف(ص) عندما اجمعوا على رميه فى غيابت الجب والخطأ الثانى علم النبى(ص) بالغيب ممثلا فى أحداث الدخن وهو ما يناقض نفى الله على لسانه العلم بالغيب فى قوله تعالى " ولا أعلم الغيب" وقوله" لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
"وعن أبي هريرة عن النبي (ص)أنه قال (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب للعصبية أو يدعو إلى عصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتلة جاهلية) رواه مسلم "
نفس الخطأ وهو لزوم الجماعة فالملزوم هو كتاب الله وليس الجماعة لأنها قد تضل كما ضل بعض المسلمين فى غزوة أحد عندما اجمعوا على ترك أماكنهم لجمع الغنائم ثم قال:
"وعن الحارث الأشعري أن رسول الله (ص)قال (وأنا آمركم بخمس كلمات أمرني الله عز وجل بهن الجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله فمن خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من رأسه إلا أن يراجع ومن دعا دعوة جاهلية فإنه من جثا جهنم قال رجل يا رسول الله وإن صام وصلى قال نعم وإن صام وصلى فادعوا بدعوة الله الذي سماكم بها المسلمين المؤمنين عباد الله) "
نفس الخطأ وهو لزوم الجماعة وليس لزوم كتاب الله ثم قال:
وعن بن عباس أن النبي (ص)قال (من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه ليس أحد يفارق الجماعة قيد شبر فيموت إلا مات ميتة جاهلية) رواه البخاري "
الخطأ الصبر على فعل الحاكم للمنكر وهو ما يخالف وجوب إنكار المنكر فمن ارتكب المنكر مخالف لكتاب الله ولا يجب الصبر على الحاكم بالذات لأن هذا هو أول الطريق لزول دولة المسلمين فلابد من الأخذ على يده لأن السفينة سوف تغرق كلها بالصبر الأهبل ثم قال:
"وعن ابن عمر أن رسول الله (ص)قال (إن الله لا يجمع أمتي - أو قال أمة محمد - على ضلالة ويد الله على الجماعة ومن شذ شذ إلى النار) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وقال بن مسعود رضي الله عنه (يا أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة فإنها حبل الله عز وجل الذي أمر به، وما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة) وقال (الخلاف شر)"
وكما سبق القول الأمة قد تجتمع على الضلال بإرادتها كما ضلت الأمة فى عهد يعقوب(ص) عندما أجمع أولاده على رمى أخيهم فى الجب وكما أجمع النبى(ص) ومن معه دون إرادتهم لأن واحد أو أكثر خدعهم على رمى البرىء حتى نزل أمر الله للنبى(ص) والمسلمين بالكف عن ذلك وعدم الدفاع عن الخونة وفى هذا قال تعالى :
"ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما" ثم قال:
"فهذه الآيات والأحاديث والآثار كلها تحذر من التفرق والإبتعاد عن جماعة المسلمين وتبين أنها شر محض مهما أظهر أربابها إرادة الخير ونصرة الدين فإن ذلك من حيل الشيطان وحبائله، ومن تتبع التاريخ علم علم اليقين أن ذلك من مكر الشيطان وحبائله في إغواء الناس ولذا سنذكر"
والأمر الثانى الذى تكلم فيه العتيبى هو تاريخ التحزب وللسف فإن تاريخنا معظمه كذب وزور ولا يمت للحقيقة بصلة وفيه قال:
"2 - بداية التحزب في الأمة الإسلامية ونتائج تلك التحزبات ونذكر من هذه التحزبات:
(تحزب العباد أو التحزب الصوفي)
وسبب تسميتهم بالصوفية هو أنهم كانوا يلبسون الصوف والخشن من الثياب زهدا في الدنيا وإعراضا عنها وتفرغا للعبادة، ثم تطور بهم الأمر فصاروا يبتعدون عن الناس ويعبدون الله في الجبال والأودية والصحاري وصارت لهم رهبانية كرهبانية النصارى وقد نسوا أن النبي (ص)قد حذر من هذا الفعل وقال (لا رهبانية في الإسلام) وترك بعضهم لأجل ذلك الجمعة والجماعات، فكان ذلك بداية الإنحراف، ثم تطور الأمر بهم فاخترعوا ما يسمى بالرياضة وهي ترك الأكل والشرب زمنا ويدعون أن في ذلك ترويضا للنفس على ترك الشهوات، ولربما صرع بعضهم من شدة الجوع وبعضهم ادعى أن الملائكة تكلمه وما ذاك إلا من الهلوسة من شدة الجوع فهو يحدث نفسه ويخيل له الشيطان أن الملائكة تحدثه أو ربما تحدثهم الشياطين تلاعبا بهم وإغراء لهم على الاستمرار في هذا الطريق، ثم تطور الأمر بهم حتى ادعى بعضهم أن الله يحدثه وكانوا يقولون لأهل الحق سندكم من ميت عن ميت يريدون الصحابة والرسول وسندنا عن الحي الذي لا يموت أي أن الله يحدثهم، ويقولون حديثنا عن الرزاق وحديثكم عن عبد الرزاق يريدون الامام المحدث عبد الرزاق الصنعاني، وإذا أراد أحدهم أن يسند قال: حدثني قلبي عن ربي 0 ثم تطور الأمر أكثر من ذلك فقالوا بالحلول والإتحاد وهو أن الله تعالى قد حل في أجساد أئمتهم واتحد معهم تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، ولما سئل أحدهم: أين الله؟ قال: في هذه البردة (يريد نفسه) والعياذ بالله
فانظر كيف تدرج بهم الشيطان من أرادة الخير بخروجهم عن جماعة المسلمين فما زال بهم حتى أوقعهم في الكفر الأكبر بل في كفر لم يبلغه قبلهم إلا فرعون ومن شاكله، فهذا من عواقب الخروج عن الجماعة وهذا من تفسير قول النبي (ص)(من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) فالربقة حبل مربوط فيه مواضع مربوطة على شكل دائري أو نحوه توضع فيه رقبة الدابة مع زميلاتها لئلا تنفلت وتضيع فشبه النبي (ص)الإسلام بالربق وشبه من فارق الجماعة بمن انفلت من هذا الربق فهو عرضة للضياع كما حصل من الصوفية حين انفلتوا من ربق الإسلام فخرجوا منه 0
جماعة الإخوان المسلمين
هذه الجماعة أسسها الشيخ حسن البنا وانضم إليها عدد من الدعاة والمفكرين كالشيخ سيد قطب والدكتور مصطفى السباعي وغيرهم وكان الهدف من تأسيسها هي نشر الثقافة الدينية في المجتمعات الإسلامية ومحاربة المد العلماني والتغريبي الذي كان موجودا في البلاد الإسلامية، لكن هذا الهدف السامي لم يستمر طويلا بعد وفاة المؤسس، فدخلت الحركة في أمور السياسة والملك ووقعوا في مصادمات مع حكومات بلادهم مما أوقعهم في القتل والتعذيب والحبس، وفي السجن اتفقت طائفة منهم على تكوين جماعة سرية أطلقت على نفسها جماعة المسلمين وأسماها العارفون بها جماعة التكفير والهجرة، وذلك لأن هذه الجماعة تبنت مذهب الخوارج مذهبا لها ودعت إلى منابذة الحكام وتكفيرهم بل وتكفير من لم يكفرهم فجعلوا حكام المسلمين كفرة وكذلك الشعوب الإسلامية لأنهم لم يكفروا حكامهم، وبذلك أخرجوا من عداهم من دائرة الإسلام، واستباحوا دماء المسلمين وأموالهم، فسموا جماعة التكفير لذلك وسموا بجماعة الهجرة لأنهم يسمون من ينتخبونه منهم (أمير المؤمنين) ويوجبون الهجرة إليه، وكان المؤسس لهذه الجماعة رجل يدعى علي إسماعيل وكان أخوه عبد الفتاح إسماعيل قد قتل مع من قتلته الحكومة المصرية من جماعة الإخوان المسلمين، لكنه رجع إلى رشده وأعلن توبته ورجوعه إلى الحق لكن أتباعه لم يقتنعوا فخرج رجل منهم يدعى شكري مصطفى وادعى أنه أمير المؤمنين وبايعوه على ذلك، فعين أمراء للمحافظات المصرية ونشر دعاته فيها فتجمع عليه خلق كثير من حدثاء الأسنان وضعفاء العقول فتواعدوا في مكان يجتمعون فيه ليبدءوا منه الجهاد بزعمهم ضد الحكومات والشعوب المسلمة لكن الحكومة المصرية كشفت أمرهم قبل أن يجتمعوا وقبضت على الكثير منهم على رأسهم زعيمهم شكرى مصطفى الذي أعدم مع كثير من أمراءه الذين عينهم وخاصة اتباعه فتفرقت الجماعة ورجع كثير منهم إلى الحق، لكن هذه الجماعة لم تختفي والذي يرى ما يفعله أعضاء تنظيم القاعدة يدرك تماما أنها من أفكار هذه الجماعة، والذي يظهر أن اتباع هذه الجماعة خرجوا إلى الأفغان أبان الحرب مع الروس فوجدوا قوما من شباب هذه البلاد وغيرها من بلاد المسلمين الذين خرجوا للجهاد في سبيل الله ونصرة إخوانهم الأفغان وغالبيتهم صغار السن قليلي العلم فكان هذا مناخا مناسبا لأرباب هذه الدعوة لنشر أفكارهم المنحرفة في وسط هؤلاء الشباب الذين أخرجتهم غلبة العاطفة مع قلة العلم، وخاصة بعد مقتل من كان معهم من العلماء كالشيخ عبد الله عزام وغيره، ثم عاد شبابنا الذين خرجوا لنصرة الإسلام وأهله، عادوا ليدمروا الإسلام ويقتلوا أهله بحجج شيطانية وأفكار منحرفة تلقوها من مثل هذه الجماعات المنحرفة التي سلكت غير سبيل المؤمنين وسعوا إلى الفرقة وشق عصا الطاعة والجماعة
جماعة التبليغ
ومن الجماعات المعاصرة جماعة التبليغ أو ما يسمون أنفسهم بالأحباب، هذه الجماعة أسسها الشيخ محمد إلياس الكاندهلوي وكان فيه نوع من التصوف ولذا فهذه الجماعة تضم أخلاطا من أهل البدع دون نكير بينهم لأن من مبادئ هذه الجماعة عدم إنكار المنكر لأنه يفرق جماعتهم ويضع عراقيل في طريق دعوتهم ولربما اقترف بعضهم بعض المنكرات بحجة التقرب إلى قلوب أصحابها فسمعنا أن بعضهم كان يطوف مع عباد القبور ولما سئل قال لأتقرب إلى قلوبهم فانظر إلى الجهل العظيم، وقد نهى الله عز وجل عن مثل هذا فقال تعالى {ودوا لو تدهن فيدهنون} قال في التفسير الميسر: تمنوا وأحبوا لو تلاينهم، وتصانعهم على بعض ما هم عليه، فيلينون لك والآية سيقت للتحذير من ذلك 0وقال تعالى ((قل يأيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون .... ) الآيات، ولكن الجهل يغلب على هذه الجماعة وهي سمة بارزة عندهم مع اختلاطهم بأهل البدع والشركيات لأن هذه الجماعة تضم أخلاطا منهم كما تقدم وفي هذا خطر عظيم فلربما لبسوا عليهم بالشبه حتى يخرجونهم من دينهم أو على الأقل يوقعونهم في الشكوك، والشك في العقيدة كفر كما قال تعالى {ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (35) وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا (36) قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا (37)} أو على الأقل يوقعونهم في البدع والمخالفات الشرعية، فلابد أن يكون المتصدي للدعوة خاصة مع المبتدعة والكفرة أن يكون ذا علم ولذا ساق البخاري في الصحيح (باب العلم قبل القول والعمل) قال تعالى {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك}
ومن الأمور التي تلاحظ على هذه الجماعة ابتداعهم أمورا ما أنزل الله بها من سلطان
1 - كالبيعة للشيخ وغالب المشايخ من الصوفية فلا يؤمن أن يلزمهم ببعض البدع التي هو واقع فيها
2 - ومنها تأويلهم آيات الجهاد بالخروج معهم ويسمونه الخروج في سبيل الله ويحددون له مددا معينة كأربعين يوما وأربعة أشهر ونحو ذلك، ويلزمون من خرج معهم أن يقطع علاقاته مع أهله وتجاراته مدة خروجه، ولهم شبه في ذلك كقولهم ألست إذا خرجت مسافرا قلت في دعاء السفر (اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل) فإذا اتصلت على أهلك أو سئلت عن تجارتك كنت شاكا في ربك غير متوكل عليه، وهذا من جهلهم وقلة علمهم فإن بذل الأسباب لا ينافي التوكل وقد قال النبي (ص)(اعقلها وتوكل) 0
3 - إهمالهم لطلب العلم بل والتحذير منه بدعوى أن الناس محتاجين للدعوة أكثر من حاجتهم للعلم، وهل يستقيم أمر الداعية إلا بالعلم ولربما تعرض بعضهم لبعض المبتدعة فشبهوا عليهم الأمور وأوقعوهم في الشكوك 0
الجامية أو السلفية
ومن الجماعات المستحدثة وهي من أخطرها وأشدها ضررا على الأمة، الجماعة الجامية أو ما يسمون أنفسهم (بالسلفيون أو الأثريون) تلبيسا على الناس ليظنوا أنهم على اقتداء بالسلف والسلف منهم براء، وهذه الجماعة أسسها الشيخ محمد أمان الجامي ونسبت إليه، وأساس دعوة هذه الجماعة هي الحط من قدر العلماء والتنقص لهم وإسقاطهم عن طريق التتبع لأخطائهم وتضخيمها وذلك إما حسدا وبغيا وإما لأجل أن يكونوا هم علية المجتمع وإما لأجل زعزعة أمن البلاد وذلك أن الشعوب إذا قطعت الصلة بعلمائها ودعاتها كانت لقمة سهلة في أيدي المغرضين والحاقدين ولذلك انتشر الإرهاب بعد خروج هذه الجماعة ولم يعد للعلماء المحذرين من هذا الفكر قبول عند العامة لأنه قد تم إسقاطهم من قبل هذه الجماعة، وبالجملة فهذه الجماعة من أخطر الجماعات وأشدها ضررا على الأمة فمن أين يأخذ الناس دينهم إذا لم يثقوا بعلمائهم، إن هذه الجماعة تدعوا إلى الإنحراف والضلالة والسير على غير هدى فيجب التحذير منها والبعد عنها"
بالقطع ليس هذا ذكر لتاريخ التحزب وإنما هو قدح فى بعض الجماعات ومما لا شك فيبه أن الجماعات المعاصرة فيها الحسن وفيها السيىء حسب نية كل منهم وكل فرد منا له سيئاته وبدعه والكثيرون لا يعرفون أنها كذلك بل يظنونها حسنات عند الله والله سوف يحاسب على النية لأن لا العتيبى ولا أنا ولا غيرنا يستطيع أن يحكم على أى أحد أنه مسلم أو كافر نظرا لاختلاف الكل اختلافا شديدا نتيجة الروايات والفهم الخاطىء لكتاب الله إلا أن يكون أمر الكفر ظاهر للكل
وفى النهاية قال العتيبى:
"خاتمة في التحذير من الإنضواء لهذه الجماعات 0
ولذلك فإننا نحذر من الفرق والجماعات والأحزاب ولو ادعت أنها إنما أسست للتنظيم الدعوي أو الجهادي أو نحوه فإن هذا من حيل الشيطان وتلاعبه بالجهلة لتفريق الأمة وتمزيقها، بل ينبغي أن تبقى الأمة أمة واحدة من دعى يدعوا إلى الإسلام تحت اسم الإسلام ومن جاهد يجاهد للإسلام وتحت اسم الإسلام حتى تبقى رايتنا واحدة لا مدخل للفرقة والخلاف فيها، وأما تلك الجماعات التي ظهرت في الساحة الإسلامية وكل جماعة تتبنى فكرة معينة واسما معينا وطريقة معينة ثم صارت تترامى فيما بينها بالشتائم والنقائص وصار كثير من المنتسبين لتلك الجماعات يدعوا لجماعته ويدافع عن جماعته وضاع الهدف الذي كانوا يدعون أنهم انشئوا الجماعة من أجله وهو الدفاع عن الدين والدعوة للدين وهذا نتيجة حتمية للتحزب والافتراق
قال الشيخ بن عثيمين : السلف ليس عندهم أحزاب كلهم حزب واحد ينطوون تحت قوله تعالى {هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير} فلا حزبية ولا تعدد ولا موالاة ولا معاداة إلا على حسب ما جاء في الكتاب والسنة، بل يجب أن نكون أمة واحدة وإن اختلفنا في الرأي، أما أن نكون أحزابا هذا إخواني وهذا تبليغي وهذا سلفي، لا يجوز هذا إطلاقا فالواجب أن تزول هذه الأسماء وأن نكون أمة واحدة وحزبا واحدا على أعدائنا اهـ0
وقال أيضا: إذا كثرت الأحزاب في الأمة فلا تنتم إلى حزب فقد ظهرت طوائف من قديم الزمان كالخوارج والمعتزلة والجهمية وغيرهم ثم ظهر أخيرا إخوانيون وسلفيون وتبليغيون وما أشبه ذلك، فكل هذه الفرق اجعلها على اليسار وعليك بما أرشد إليه النبي (ص)بقوله (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور)
وقال الشيخ بكر أبو زيد : أهل الإسلام ليس لهم سمة سوى الإسلام والسلام فيا طالب العلم اطلب العلم واطلب العمل وادع إلى الله على طريقة السلف ولا تكن خراجا ولاجا في الجماعات والأحزاب فتخرج من السعة إلى القوالب الضيقة فالإسلام كله لك جادة ومنهجا والمسلمون جميعهم هم الجماعة ويد الله مع الجماعة فلا طائفية ولا حزبية في الإسلام اهـ0
تنبيه / ما يدعيه بعض الجهلة من أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب هو أول من دعى إلى التحزب في العصر الحديث حيث أنشأ بزعمهم جماعة الوهابية وهذا قول من يجهل حقيقة دعوة الشيخ فإنه لم يدعوا إلى حزب ولا إلى طائفة وإنما كان يدعوا إلى الإسلام الحق في زمن بعد الناس فيه عن الإسلام الحق وانتشرت فيهم البدع والشركيات، والوهابية لقب أطلقه أهل البدع والشركيات من عباد القبور وغيرهم على دعوة الشيخ بهدف تشويه سمعة الشيخ وتنفير الناس منه وليوهموا الجهلة أنه جاء بالتحزب والطائفية وأنه جاء بمذهب جديد لم يسبق إليه، والشيخ لم يذكر عنه أنه قال انضموا إلى حزبي أو طائفتي إنما كان يدعوا إلى الإسلام ونبذ البدع والشركيات الموجودة في زمانه "
وما ذكره العتيبى عن الجماعات وحرمة الانضمام يقال عن حرمة الانضمام للعتيبى وجماعته لأنهم يأتمرون بأمر الحكام الذين لا يحكمون بحكم الله وهم ساكتون على المنكر وأوله إقرارهم بتوارث الملك وتقسيم مال الدولة على الأسرة الحاكمة ومن معها
المفروض فى المسلم أن ينضوى تحت كتاب الله وحده وليس تحت أى مسمى حتى ولو سموا أنفسهم علماء أو فقهاء أو حركات أو جماعات 

الأحد، 27 يونيو 2021

قراءة فى كتاب رسالة في الخراج

قراءة فى كتاب رسالة في الخراج
الرسالة من تأليف ماجد بن فلاح الشيباني والرسالة هى رد على كتاب أو رسالة أخرى لفقيه أخر هو أحمد الأردبيلى فى موضوع الخراج وهو :
الخراج هو ضريبة مفروضة على الأرض التى استولى عليها المقاتلون بعد الحرب وتركوها فى يد الناس فمن يزرعها أو يستفيد منه يدفع مقابلها ضريبة أى أجر
وقد ذكر الله الخراج بمعنى الأجر على إبلاغ الدعوة وحرمه مذكرا النبى(ص) أنه أجر وهو ثواب الله خير من طلب الأجر على الدعوة فقال :
"أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين"
الخراج مسألة فى الأصل مسألة مخترعة اخترعها الناس بعد قرون من زوال دولة المسلمين لأن ألصلف ى الأرض التى فى حوزة المسلمين أنها أرضهم جميعا لا يحق لأحد منهم أو من سكان الدولة المسلمة تملكها فهى أرض شركة بين المسلمين لقوله تعالى :
" ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون"
وحكم الله فى الأرض كما فى كل شىء من المال هو أن قسمة بين الناس بالعدل كما قال تعالى " وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين" ومن ثم كل ما يخرج من الأرض من محاصيل او معادن أو غير ذلك يوزع على كل فرد قدر الأخر أو يقوم ثمنه ويقسم الثمن على عدد سكان الدولة ويعطى كل فرد نصيبه نقدا
ومن ثم لا يوجد ضريبة ولا خراج ولا شىء فى تلك الدولة العادلة التى انتهى وجودها
والشيبانى فى هذا الكتاب ينتقد الأردبيلى فى قوله أن الخراج به شبهة الحرام ومن ثم فهو حرام وكما قلت هو حرام من أصله وكل ما ترتب عليه من نتائج ونسير هنا خلف الشيبانى فى مناقشته لنعلم ما جرى
استهل الشيبانى الرسالة بذكر رأى الأردبيلى فقال:
"وبعد، فيقول الفقير الفاني ماجد بن فلاح الشيباني إنه قد اشتهر أن أحمد الأردبيلي يقول بتحريم الخراج، وقد سألني جماعة من أصحابه عن ذلك، فقلت لهم: المناسب أن يكتب مولانا في ذلك شيئا يدل على تحريمه فبعد مدة ظهرت منه رسالة محصلها أن الخراج فيه شبهة وأنا أنقل عبارته حرفا بحرف خوفا من التغيير والتبديل وكثرة الاقاويل فقال ومتعنا الله ببقائه وكثر من مثله وأمثاله: «إعلم وفقك الله لمرضاته أن الخراج لا يخلو عن شبهة، فإنه على ما فهم من كلامهم إنه كالأجرة المضروبة على الأرض التي فتحت عنوة، وكانت عامرة حين الفتح، وفي معناه: المقاسمة، سواء كانت من عين حاصل الأرض كالثلث أو من النقد بل غيره أيضا وقيل: إنه مختص بالقسم الثاني والمقاسمة بالأول، وقد يفرق بالمضروب على الأرض أو المواشي، وهي التي أخذت بالسيف والغلبة مع النبي (ص)أو مع الإمام أو نائبهما في الجهاد، وإلا يكون فيئا لهما على ما يفهم من عباراتهم، وإن كان دليلهم لا يخلو عن ضعف، إلا كلام المحقق في المعتبر والنافع، فإنه يدل على تردده في كون ما أخذه العسكر بغير إذنه فيئا ـ وقالوا: وهذه الأرض للمسلمين قاطبة، فيكون حاصلها لهم وأمرها إلى الإمام ويصرف حاصلها في مصارف المسلمين من المساجد والقناطر والقضاة والأئمة والمؤذنين وسد الثغور والغزاة وغيرها، وينبغي كون ذلك بعد إخراج الخمس، لأنه من الغنيمة، وكلام أكثر الأصحاب خال عنه، ونبه عليه الشيخ إبراهيم في نقض الرسالة الخراجية لعلي بن عبد العالي، وفي العبارة المنقولة عن المبسوط تصريح بوجوب الخمس في هذه الأراضي»
وأقول: إن المفهوم من قوله «فإنه الخ» كون هذا الكلام دليلا على كون الخراج فيه شبهة، ولا يخفى أن هذا الكلام بأسره لا دلالة له على مدعاه بشئ من الدلالات الثلاث، يعرف ذلك من كان سالكا طريق الانصاف، فإن كونه كالأجرة وكون المقاسمة في معناه واختصاصه بالقسم الثاني، والمقاسمة بالأول لا يدل على حل ولا تحريم ولا شبهة
وقوله: «وقد يفرق بالمضروب على الأرض أو المواشي» لا ربط له بما قبله ولا بما بعده
وقوله «وإلا يكون فيئا» إن أراد به غنيمة الغازي بغير إذن الإمام كما يفهم من آخر هذه العبارة، فالصواب تركه، لأن المفروض كون الجهاد مع النبي أو الإمام أو نائبه في الجهاد، على ما صرح به فكيف يكون ما أخذه فيئا؟ وإن أراد به غيره فلا بد من بيانه
وقوله «وهذه للمسلمين إلى قوله وينبغي كون ذلك بعد إخراج الخمس» لا دخل له في الاستدلال على التحريم ولا الشبهة، بل إن كان ولا بد يكون دليلا على كون الخراج حلالا "
والشيبانى محق فى نقده فقد أظهر عيوب قول الأردبيلى وأنها لا علاقة لها بالخراج ثم عرف الخراج تاريخيا فقال:
قال : «واعلم أيضا أنه ما ثبت كون الأرض فتحت عنوة على الوجه المذكور إلا ما ثبت في زمان النبي (ص) كونه كذلك، وأما غيره فالعراق وجد كونها مفتوحة عنوة في كثير من العبارات، حيث فتحت في زمان الثاني بالقهر، وقيل كان بإذن أمير المؤمنين وكان الحسنان مع العسكر وقد منع ذلك، وذلك منقول عن فخر الفقهاء ووالده في التنقيح، ويفهم ذلك من كلام المبسوط وإن يفهم خلافه أيضا، وبالجملة ما ثبت كونه كذلك»
وأقول: إن هذا الكلام مع قطع النظر عما فيه من عدم تحرير العبارة وربطها، لا يظهر المعطوف عليه ما هو؟ والمفهوم أن أرض العراق لم يثبت كونها خراجية، وهو مع تسليمه لا يدل على كون الخراج فيه شبهة، بل إن ثبت دل على أن المأخوذ منها بطريق الخراج حرام إن قلنا بأن القسمة للغازين أو قلنا بأنها للامام ولم نقل بأنه جعلها كأرض الخراج تفضلا منه كما يجئ في كلام هذا المصنف
وقوله: «وبالجملة لم يثبت كونه كذلك» بعد تصريح العلماء بأنها لا خلاف فيه أنها فتحت عنوة، مما لا يليق من مثل هذا الفاضل، فإن كون أرض العراق خراجية أشهر من الشمس وأبين من أمس لمن تصفح مساطير العلماء، مثل عبارة المبسوط والمنتهى، والتذكرة، والتحرير، والسرائر، وما رواه الشيخ بإسناده عن مصعب بن يزيد الأنصاري من قوله: استعملني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الخ وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر من قوله: سألته عن سيرة الإمام في الأرض التي فتحت عنوة بعد رسول الله (ص) فقال: إن أمير المؤمنين قد سار في أهل العراق مسيرة فهم إمام لسائر الأرضين وما روي أيضا عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد الله عما اختلف فيه ابن أبي ليلى، وابن شبرمة الخ ، فكل هذا لا يفيد الظن بأن أرض العراق خراجية؟! فكيف لنا بثبوت المعاني اللغوية التي نأخذها من كتب المخالفين؟! فليتأمل ذلك المنصف
قال : «نعم، فيما رواه الشيخ في الصحيح على ما قيل عن محمد الحلبي، قال: سئل أبو عبد الله عن السواد، ما منزلته؟ فقال: هو لجميع المسلمين الخ دلالة على ذلك مع أنها قد تكون للتقية على ما قيل، أو يكون له جعلها كذلك تفضلا منه»
أقول: إن الحمل الثاني ينادي ويقول: مرحبا بالوفاق فإن المقصود حل ما يؤخذ من أرض العراق بطريق الخراج وأما الحمل الأول، فإنما يستقيم لو كان لهذا الخبر معارض أرجح منه، أما مع عدم المعارض فأي ضرورة إلى هذا الحمل
قال : «وأما ما سوى العراق مثل الشام، ونقل عن العلامة: وخراسان إلى كرمان، وخوزستان وهمدان وقزوين وحواليها، ونقل أنها خراجية عن قطب الراوندي في الخراجية، فقد علمت، أن حليته موقوفة على تحقيق كون الأرض التي يؤخذ منها الخراج أخذت عنوة وكانت معمورة حينئذ ومضروب الخراج ولم يدع أحد ملكيتها ولم تكن موقوفة لما سيجئ ودونه خرط القتاد إذ طريقه الخبر المتواتر أو خبر الواحد الصحيح وليس شئ من ذلك بمعلوم ولا مظنون بظن معتبر»
أقول: هذا الكلام يدل على حل الخراج وأنه لا شبهة فيه، وإنما الكلام في تحقيق أرض الخراج وليس هو المبحوث عنه ثم إن المتوقف عليه حل الخراج إنما هو فتح المعصوم أو نائبه للارض عنوة وكونها محياة، وأما عدم ضرب الخراج وادعاء أحد مليكتها لا ينافي كون الأرض خراجية، لأن المفتوح عنوة يملك تبعا لآثار التصرف، ولا يقتضي ذلك سقوط الخراج بل يقتضي قرارها في يده ما دام آثار التصرف موجودة "
ونقد الشيبانى هنا للأردبيلى حيث تكلم الأخير عن الأرض الخراجية وليس عن حكمها ثم أكمل نقد كلام الأردبيلى فقال:
"ثم دعوى انحصار الثبوت بالخبر المتواتر وخبر الواحد الصحيح دعوى خالية عن الدليل فلم لا يكفي فيها الشياع المفيد للظن؟ إذ لو لم يكف فيها ذلك لبطل هذا الحكم مع امتداد الأوقات وفناء الشهور وعدم حصول التواتر، وذلك ينافي حكمة الشارع
قال : «ولا يمكن إثباته بكونها معمورة الآن وأن الجائر يأخذ عنها الخراج كما قال الشيخ زين الدين في شرح الشرائع: حملا لفعل المسلمين على الصحة، إذ الأصل عدمه وذلك قرينة ضعيفة، إذ الجائر يرى عدم تقييده لأخذه مال الناس ولد خوله فيما ليس له كالقتل وغير ذلك، فكيف يمكن حمل ذلك منه على الصحة؟ ولأنه يأخذ الخراج من غير محله وفوق الحق ومن غير رضا المتصرف، بل وقد ينقص محصول من الخراج ولا يتمكن من الترك، بل لو ترك الزراعة يؤخذ منه الخراج، على أنهم صرحوا بأن أخذ الجائر غير جائز وأنه ظلم وحرام وهو آثم به، فكيف يحكم على الصحة والاباحة ولا يعتبر شرعا في أخذ ما في أيدي الناس الدالة على الملكية وقد يدعي الملكية أيضا؟ قال فيه في شرح قول المصنف «والنظر فيها أي في الأرض المفتوحة عنوة إلى الإمام» هذا مع ظهوره وبسط يده، أما مع غيبته كهذا الزمان فكل أرض يدعي أحد ملكيتها بشراء أو إرث ونحوها ولا يعلم فساد دعواه تقر في يده كذلك، لجواز صدقه وحملا لتصرفه على الصحة فإن الأرض المذكورة يمكن تملكها بوجوه وذكر وجهين»
أقول: الشيخ زين الدين ادعى أن كونها خراجية يثبت بكونها معمورة الآن وأخذ الجائر منها، واستدل عليه بحمل فعل المسلمين على الصحة، ولا يخفى تكرر هذا الدليل في كلام الفقهاء وأنهم استدلوا به على مطالب كثيرة من جملتها ما استشهد به المصنف من قول الشيخ زين الدين: «فكل أرض يدعي أحد ملكيتها إلى قوله: حملا لتصرفه على الصحة»، فقول المصنف: «الأصل عدمه» إن أراد به عدم الخراج فلا يضر هذا المستدل إذا سلم المصنف دليله، وإن لم يسلمه فلا حاجة إلى قوله «إذا الأصل عدمه»، وإن أراد أن الأصل عدم الصحة ففيه ما يكفيه
وقوله: «إن ذلك قرينة ضعيفة» بعد تسليم الدليل، لا وجه له إذ عدم تقيد الظالم وما ذكر فيه من المطاعن لا يخرجه عن الاسلام، ولا يقتضي تحريم ما في يده إذا لم نعلم تحريمه بعينه
وقوله: «من غير رضا المتصرف» لا وجه له بعد الاحاطة بأن الخراج خارج عن مالك المتصرف ومن أوهن المطاعن قوله: «بل وقد ينقص محصوله عن الخراج» مع قطع النظر عما في العبارة، لما قرر أن الخراج كالأجرة، والعلاوة التي ذكرها وهي التصريح بأن أخذ الجائر غير جائز لا يقتضي تحريمه على مستحقه ولا ينافي صحة أخذ المستحق له ولا إباحته له وإن كان أخذ الجائر له محرما
وقوله: «ولا يعتبر شرعا في أخذ ما في أيدي الناس الدالة على الملكية» إن أراد بما في أيدي الناس، الأموال التي يدعون ملكها فليس الكلام فيه وإن أراد به الأموال التي في أيديهم إذا طلبها السلطان دفعوها إليه على أنها عوضا عن زرع هذه الأرض، فنفي الاعتبار لا وجه له
وقوله: «قد يدعي الملكية إلى قوله وذكر وجهين» لا طائل بذكره لأن كلامنا في الأرض التي لا يدعي صاحب اليد ملكيتها أو يدعيها مع علم فساد دعواه "
والنقد مع سلامته فإنه يحل الخراج وكما قلت لا خراج فى الإسلام فهو معاملة من معاملات الكفار ويروى فى ذلك روايات صحيحة المعنى تقول لا مكس أو لا مكوس فى الإسلام ثم أكمل نقده فقال:
قال : «ثم على تقدير الثبوت فلا دليل يعتد به عليه وإن كان ظاهر عبارات الأصحاب يفيده، لكن الأخذ بمجرد ذلك من غير ظهور دليل وثبوت إجماعهم بحيث تقنع النفس به وإن ادعى الشيخ علي بن عبد الغالي الاجماع على ذلك في الخراجية لما تعلم في الاجماع، ودعواه في هذا الزمان في مثل هذه المسألة مشكل، لأن الظاهر أن المال لمن في يده من غير أن يكون لأحد شيئا، إذ ثبوت الخراج في أرضه من الإمام وقبوله على ذلك المقدار الآن غير واضح وإن سلم أن أرضها مما يجب فيه الخراج، فيكون هو غاصبا يلزمه أجرة المثل وليس بمعلوم كونها المقدار المقرر المأخوذ باسمه» "
وبين الشيبانى أن الرجل كان يكفيه فى حرمة الخراج أن يقول لا دليل عليه ولكنه أدخل نفسه فى متاهات فقال:
أقول وبالله التوفيق: لا يخفى أن هذا المصنف يدعي أن الخراج محرم أو فيه شبهة، فكيف يكفيه في ذلك أن لا دليل يدل على تحليله نعم، لو كان مانعا كفاه ذلك وعدم قبوله دعوى الاجماع من مثل الشيخ علي ، أو مثل الشيخ زين الدين ومثل المقداد لا يلائم ما هو مقرر من أن الاجماع المنقول بخبر الواحد بل ولا المنقول بنقل مستفيض حجة
وأعظم من بالغ في دعوى الاجماع شيخنا الشيخ زين الدين الذي بالغ في تتبع الروايات وكلام الفقهاء فقال تعالى: «ما يأخذه الجائر في زمن الغلبة قد أذن أئمتنا في تناوله منه، وأطبق عليه علماؤنا، لا نعلم فيه مخالفا وإن كان ظالما في أخذه، ولاستلزام تركه والقول بتحريمه الضرر العظيم على هذه الطائفة
وقال المقداد «إنما قلنا بجواز الشراء من الجائر مع كونه غير مستحق للنص الوارد عنهم بذلك، وللاجماع وإن لم يعلم مستنده أن ما يأخذه الجائر حق لائمة العدل وقد أذنوا لشيعتهم في ذلك فيكون تصرف الجائر كالفضولي إذا إنضم إليه إذن المالك»"
وبين الشيبانى أن الروايات الواردة فى أمر الخراج ضعيفة لا يعول عليها فقال:
أقول: ومن ذلك يفهم جواز غير الشراء فتأمل وما ورد من الروايات التي يدل بعضها صريحا وبعضها بالفكر الصائب وإن كان في بعضها ضعف، وعبارات الفقهاء التي هي صريحة بحله مما يدل على تحليله وأصرح ما وجدناه في هذا الباب ما رواه محمد بن الحسن الصفار، عن محمد ابن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن عبد الملك، عن أبي جعفر وأبي عبد الله وأبي الحسن وعن المفضل ابن صالح عن أبي عبد الله قال: إذا سرق السارق من البيدر من إمام جائر فلا قطع عليه إنما أخذ حقه، فإذا كان منع إمام عادل فعليه القتل ولكنه وإن كان ضعيفا فهو مع غيره من الأحاديث الدالة على حل الخراج قد اعتضد بعمل الفقهاء وتوافق عباراتهم فضلا عن الاجماع المدعى على أن الخراج حل للمسلمين قاطبة "
وبين الشيبانى أن الأردبيلى أخطأ النقل عن إبراهيم أو افترى عليه فقال:
"ومن أعجب الأمور أن هذا الخراج لم يذهب إلى تحريمه أحد من المسلمين فضلا عن المؤمنين حتى أن الشيخ إبراهيم ـ الذي نسب إليه الخلاف في ذلك قال في نقض الخراجية بما يدل على اعتقاده بأن الخراج حلال للمسلمين وإن حرم أخذ الجائر له، وهذه عبارته: «ولو شئت أن أقول إن اختيار الدفع إلى الظالم مع التمكن من الكتمان والسرقة والجحود مما علم عدم جوازه من الدين بالضرورة لقلت، لأن ذلك حق للمسلمين يجب إيصاله إلى واليهم، فإذا كان غائبا وجب أن يوصل إلى نائبه وهو حاكم الشرع، فإن لم يمكن فإلى مستحقه حسبة كالمال الذي في يده لغيره فإنه يدفعه إلى من يستحق قبضه شرعا» فإذا كان الأمر كذلك فلا فرق مع غيبة الحاكم الشرعي أن يأخذ الخراج من الظالم أو من غيره، وكثيرا ما نسمع الفقهاء رحمهم الله تعالى يقولون: لو نجد الرفيق لقلنا كذا، فمسألة لم يوجد دليل على تحريمها ولا قائل به فكيف يجوز التجري على القول به؟ وما أشبه الخراج بالمتعة التي كانت على عهد رسول الله (ص)والأول وكرهوه من زمن الثاني، بل هو في حكمه أعلى مرتبة حيث إن المخالفين نقلوا في تحريم المتعة من النبي (ص)وعن بعض الصحابة، ولم ينقل مخالف ولا مؤالف حديثا ولا قولا في تحريمه، بل كان حله شائعا في زمن النبي (ص) والصحابة والتابعين وجميع أهل العلم وقوله: «فإن سلم أن أرضها مما يجب فيه الخراج إلى قوله ـ وليس بمعلوم كونه المقدار المقدر» ولا وجه له بعد التسليم بأن الخراج هو الأجرة اللائقة بتلك الأرض "
ثم نقل عن الأردبيلى كلاما هو دليل على أن يحله وليس يحرمه فقال:
"قال : «ثم إن ذلك دين في ذمته فلا يمكن الأخذ إلا برضاه ولا يتعين كون المأخوذ لذلك إلا بأخذهم أو أخذ وكيلهم وهو متعذر حينئذ فيكون ثابتا في ذمته يوصي به إلى أن يصل إلى صاحبه أو الحاكم لو أمكن، ويكون له ذلك، إذ الإمام ناظر ولا يلزم من كون الحاكم نائبا عنه في الجملة كونه نائبا في ذلك أو يوصل هو إلى أهله أي يصرفه في مصالح المسلمين أو يكون ساقطا سيما مع الاحتياج إذ هو من المسلمين فقد يكون هذا من نصيبه، حيث إن المفهوم من كلام الشيخ علي أن الآخذ إنما يأخذه لأنه من بيت مال المسلمين، وللآخذ نصيب فيه وحصة، ولا شك أن ذا اليد أيضا كذلك» انتهى كلامه
أقول: هذا الكلام لا دخل له في تحريم الخراج، بل يدل على تحليله، إنما الكلام في التوصل إلى أخذه إذا لم يسمح به المستعمل للارض، ولا يخفى أن للامام الأخذ من ذلك المستعمل ولو بالقهر إذا لم يسمح به ذلك المستعمل، وأما الجائر فقد دلت الأحاديث والفتاوى والاجماع على أن ما يأخذه الجائر جائز لنا تناوله من يده وهو أعم من الأخذ طوعا أو كرها لأن «ما» من أدوات العموم حتى أن في بعضها «ولو كان يتظلم»، فلا يبعد أن يقال بالأخذ بتعين ذلك المأخوذ للخراج ويكون مغايرا للدين، على أنا نقول: إن الدائن إذ امتنع من عليه الدين جاز الأخذ منه قهرا، ويتعين ذلك عوضا عنه، وتحريم السرقة والامتناع من أدائه إذا طلبه دليل على عدم جواز الأخذ من دون إذن الحاكم ومن ثبت أنه قائم مقامه في جواز الأخذ من يده، ويدل على عدم سقوطه عن ذلك المستعمل، نعم لو أذن له في تبعيته لأجله فلا كلام في سقوطه وليس كل من له نصيب في بيت المال يجوز له الأخذ منه من دون إذن الحاكم ومن يقوم مقامه ألا يرى أن الوقف العام كالوقف على الفقراء لكل فقير نصيب فيه ولم يجز له الأخذ إلا بإذن من له ولاية التفريق، وبعد الاحاطة بما قلناه، فلا وجه لقوله: «ولا يلزم من كون الحاكم نائبا عنه إلى قوله في مصالح المسلمين» "
والكلام هنا خلط بين الدين وبين الخراج فالدين حق بينما الخراج حرام ثم تحدث عن الخمس والخراج فقال:
قال : «ثم بعد ذلك [كله] كيف يصنع الآخذ بالخمس وكيف يقسمه في هذا الزمان من غير إذن الحاكم؟ وأي شئ يفعل بحصته »؟
أقول: إن أراد أن الخمس أقل من الأجرة اللائقة بتلك الأرض فلا ضرر فيه، لأن الآخذ أخذ أقل من حقه فلا يكون حراما، لأنه أخذ بعض حقه وإن أراد أنه أزيد فلا نزاع في تحريم الزائد، وقوله «وكيف يقسمه في هذا الزمان من غير إذن الحاكم» إن أراد به الحاكم الشرعي بأن يكون المعنى: وكيف يقسم الجائر للخراج من غير إذن الحاكم الشرعي، فإن سئل عن أن هذا التصرف هل هو جائز للحاكم الجائر أم لا؟ قلنا: هو غير جائز له ولا يقتضي هو عدم جواز أخذنا من يده لاذن أئمتنا في الأخذ من يده، وإن أراد به حاكم الجور قلنا: الأخذ من غيره مع طلب حاكم الجور له لا يجوز وقوله «وأي شئ يفعل بحصته » إن أراد بالحصة الخمس الواجب له ولقبيله قلنا: الخمس لا يتعلق بالعين كما صرحوا به حتى يكون المأخوذ فيه الخمس، ولو سلمنا أنه متعلق بالعين فالمصنف يرى عدم وجوب الخمس في زمن الغيبة، وإن أراد أن له حصة في الخراج فغير معلوم استحقاقه بشئ منه، ولو سلم ذلك فقد أباحوه لنا بإذنهم في تناول الخراج من يد الجائر، أو نقول إنه لا يجب البسط على جميع المستحقين كالزكاة، بل بسطه على جميع المسلمين متعسر بل متعذر "
والكلام عن الخمس هو نفس الكلام عن الدين فكلاهما مقرر فى الشرع وأما الخراج فحرام بحكمه الشرع ثم حدثنا عن غفلة الناس ورد عليه فقال:
"قال : «ونجد أهل هذا الزمان غافلا عن ذلك كله واعتمدوا على ما في رسالة الخراجية لعلي بن عبد العالي وغيره مع قوله: لا يجوز العمل بقول الميت بوجه»
أقول: لا وجه لتخصيص الغفلة بأهل هذا الزمان بل هي شاملة لجميع أهل الاعصار، وذلك من أدل الدلائل على أن ذلك كله لا يمنع من حل الخراج، لأن ما أفاده ـ ليس في كمال الدقة حتى لم يصل إليه إلا هو بل لأجل أنها أوهام لا يعتد بها ولا يلتفت إليها "
ثم جرنا الأردبيلى لمسائل أخرى خارج الموضوع منها العمل بقول الميت ناقشها الشيبانى فقال:
"وقوله: «إنه لا يجوز العمل بقول الميت» إن أراد به التقليد للميت والاخلاد إلى قوله وترك الحث في تحصيل الاجتهاد فهو مسلم، لكن لا يمنع من تقليده في المسائل التي يضطر إليها قبل تحصيل الاجتهاد، وإن أراد أنه لا يجوز العمل بقوله وإن اضطر فما قوله فيمن ضاق عليه وقت الصلاة ويريد أن يصلي فهل يترك الصلاة أو يقلد الميت ويصلي؟ على أن نقول إن هذه المسألة ليس للاجتهاد فيها دخل لأنها من المسائل الاجماعية ولهذا لم يذكرها العلامة في مختلفه الذي اجتهد فيه على ذكر المسائل الخلافية "
ثم ناقش اختلاف إحلال أخذ الجائر وتحريمه فقال:
"قال ـ : «ويفهم من كلامه دعوى الاتفاق ودليله عليه عباراتهم المنقولة في الرسالة ومعلوم أنها ليست عبارات جميعهم ولا بعضهم الذي فيه من يظن كونه الإمام ولو بجهل النسب على ما قالوه، مع أنه لا يفيد الظن، على أن أكثر العبارات التي فيها لا تخلو عن شئ كما ذكر في نقضها، مع أن الأصحاب إنما جوزوا أخذ ما قبضه الجائر على ما يظهر من كلامهم، فإن الاجماع على تقديره إنما يكون على ذلك لا مطلقا، لأن بعض الأصحاب صرح بعدم جواز التناول بغير ذلك»
أقول: لا يخفى أن الشيخ علي وغيره ادعى الاتفاق على حل الخراج، وجعل المصنف دليل الاجماع عباراتهم قدح في مثل هذا العالم المتبحر على أنا نقول ذكر العبارات بعد دعوى الاتفاق لا يدل على كونه دليلا، لجواز أن يكون سبب دعواه الاجماع الاطلاع عليه، وذكر العبارات مؤيد لذلك كما جرت عادة السلف بتأييد الدليل برواية أبي هريرة وعائشة وغيرهما، ومما يؤيد ما قلناه، قوله قبل هذا الكلام الذي ادعى فيه الاتفاق وذكر عبارات الفقهاء بعده «والحاصل أن هذا مما وردت به النصوص وأجمع عليه الأصحاب بل المسلمون فالمنكر له والمنازع فيه مدافع للنص منازع للاجماع، فإذا بلغ معه الكلام إلى هذا المقام فالأولى الاقتصار معه على قول سلام» وكأن هذا المصنف ـ دام بقاه ولم يطلع على هذا الكلام
وقوله «على أن أكثر عباراتهم لا تخلو من شئ على ما ذكر في نقضها» والذي ذكر في نقضها أنه قول عدد قليل، بعضهم ذكر الابتياع وبعضهم عمم وقد قال الشيخ علي إنه إذا جاز الابتياع جاز غيره واستدل عليه والجماعة الذين ذكرت عباراتهم مثل الشيخ في النهاية ونجم الدين في الشرائع والعلامة في المنتهى والتذكرة والتحرير والقواعد والشهيد في حاشية القواعد ، والعلامة في الارشاد ، والشهيد في دروسه ، والمقداد في تنقيحه فهؤلاء الجماعة لم ينقلوا في هذه الكتب خلافا لأحد من المسلمين فضلا عن المؤمنين مع شدة حرصهم على إيراد الخلاف وإن ضعف، فلا أقل أن يكون ذلك قرينة من القرائن الدالة على أنه لا خلاف في هذا الحكم مع قطع النظر عن الاجماع الذي قد ذكر مرارا
وقوله «مع أن الأصحاب إنما جوزوا أخذ ما قبضه الجائر» إن أراد جمعهم فهو غير صحيح، وإن أراد بعضهم فمسلم ويمكن حمله على ما إذا ـ منع منه ولم يأذن فيه قبل القبض، ولو سلم ذلك كله فكيف كان الاجماع إنما هو على القبض ومن أعجب الأمور استدلاله على أن الاجماع إنما هو على ذلك بقوله لأن بعض الأصحاب صرح بعدم جواز التناول بغير ذلك بعد الاحاطة بأن الاجماع هو الاتفاق في العصر الواحد وأن معلوم النسب لا يقدح في الاجماع، تقدم أو تأخر أو قارن
قال : «ونقل في النقض: أن السيد ابن عبد الحميد قال في شرحه للنافع: «وإنما يحل بعد قبض السلطان أو نائبه، ولهذا قال المصنف ما يأخذه باسم المقاسمة فقيده بالأخذ» ويفهم من الدروس أيضا ذلك، بل أخص منه على ما نقله فيه، إذ يفهم عدم الجواز عنده إلا في المعاوضة حيث قال فيه «وكما يجوز الشراء يجوز سائر المعاوضات كالهبة والصدقة والوقف ولا يحل تناولها بغير ذلك» ومنه يعلم أن جواز التناول مطلقا ليس بمجمع عليه أيضا، بل فيه خلاف حيث يفهم عدمه عند الشهيد، وعند السيد المذكور، وفي النافع أيضا على ما فهمه» إنتهى كلامه
أقول: لا يخفى أن المفهوم من الروايات ومن كلام الفقهاء أن وجه الحل كون الخراج حقا من حقوق المسلمين، وأئمتنا أذنوا لنا في تناوله، فعلى هذا لا وجه لتوقف حله على قبض الجائر له أو نائبه، نعم له منع منه الجائر أمكن توقفه على ذلك، على أنا نقول: من أذن له الجائر في أخذه كان نائبا للجائر قبضه كقبضه، ولو سلم ذلك كله فأي دخل له في تحريم الخراج المأخوذ من يد الظالم أو نائبه؟ ومن الغرائب قوله «ويفهم من الدروس ذلك» مع أن التصريح فيها بقوله «ولا فرق بين قبض الجائر إياها أو وكيله، وبين عدم القبض» وأغرب من ذلك قوله «ومنه يعلم أن جواز التناول مطلقا ليس بمجمع عليه إلى آخر ما ذكره» مع تصريحه هو فضلا عن غيره أن معلوم النسب لا يضر خلافه في الاجماع "
ومما سبق نجد اختلاف القوم فى مسألة الخراج فى حكاية أخذ الحاكم الظالم للخراج ثم حدثنا عن أدلة المختلفين فقال:
قال : «وأما أدلتهم فهي بعض الأخبار، ولا دلالة ظاهرة فيها، وادعى النصوصية فيها الشيخ علي بن عبد العالي وهي خبر أبي بكر الحضرمي الذي روى الشيخ عنه، عن أبي عبد الله ، وموضع الدلالة منه قوله «ما منع ابن أبي سماك يبعث إليك بعطائك، أما علم أن لك في بيت المال نصيبا» وقال الشيخ علي بن عبد العالي فيها «قلت: هذا نص في الباب ـ إلى قوله: حيث إنه يستحق في بيت المال نصيبا، وقد تقرر في الأصول تعدي الحكم بالعلة المنصوصة» قلت: الحديث غير معلوم الصحة، وعدم ظهور الدلالة إذ غايتها جواز قبول الحضرمي عطاء ابن أبي سماك، لأن له في بيت المال نصيبا، فهم بالقياس جواز الأخذ منه لمن كان مثل الحضرمي في الاستحقاق من بيت المال، بأن يكون من المصالح، فلم يدل على جواز أخذ الخراج من كل جائز، مؤمنا وغيره لكل أحد، سواء كان ممن يستحق من بيت المال أو لا، فالاستدلال بمثله في هذه المسألة لا يخلو عن إشكال، وأشد منه تسميته بالنص، نعم يمكن الاستدلال به في الجملة على جواز أخذ الجوائز من الجائر كما استدل به عليه العلامة في المنتهى وليس بتام أيضا»
أقول: قوله «الحديث غير معلوم الصحة» لو سلم لا يقتضي عدم جواز الاستدلال به لجواز اعتضاده بما يجبر ضعفه من إجماع أو غيره، وأما ظهور دلالته على حمل الخراج للمسلمين فنقول: إن الحضرمي إنما استحق العطاء من بيت المال الذي من جملته الخراج لكونه صاحب نصيب في بيت المال، ومعلوم أن استحقاقه للنصيب إنما هو من جهة كونه من جملة المسلمين، لأنه لو كان له جهة غير ذلك لنقلتها الرواة وأهل التاريخ، بل المجتهدون الذين اشتهر حرصهم على نقل أقل من ذلك، ولو نقلوه لشاع وذاع، وإذا كان الأمر كذلك فكل مسلم له نصيب في بيت المال وما ليس له نصيب لا يستحق الأخذ، فانتفى الاشكال، والأشد منه ومن العجب قوله «نعم يمكن الاستدلال به على جواز أخذ الجوائز من الجائر» فكيف يعمل بقوله «ألم يعلم أن لك في بيت المال نصيبا» لأن النصيب في بيت المال لا يقتضي حل الجوائز من غيره، فالدليل حينئذ أخص من المدعى، إذ المدعى جواز أخذ جوائز الظالم مطلقا إذا لم يعلم كونها
قال : «وأيضا صحيحة هشام الدالة على جواز شراء مال الصدقة من الجائر حتى يعرف أنه حرام ولا خفاء في عدم دلالتها على المدعى وهو ظاهر، وأيضا ما روي أن الحسنين قبلا جوائز معاوية، وعدم الدلالة ظاهر»
أقول: لا يخفى أن هذه الرواية كما دلت على جواز شراء مال الصدقة دلت على جواز شراء ما يأخذه باسم المقاسمة من الحنطة والشعير، وذلك مصرح به فيها وهو يشمل الخراج من حاصل الأرض، وقد بين أن الجائر لا يستحقه ولا يجوز أخذه له، فجواز الشراء منه ليس إلا لكونه حقا لنا، وإذا كان الأمر كذلك فأين ظهور عدم دلالتها على المدعى؟ وأما قبول الحسنين جوائز معاوية فهو كما قال المصنف لكن لا حاجة للقائل بحله إلى ذلك لوجود ما يكفيه
قال : «وأيضا صحيحة عبد الرحمن حين قال له أبو الحسن : ما لك لا تدخل مع علي في شراء الطعام، إني أظنك ضيقا؟ قال: قلت: نعم، فإن شئت وسعت علي، قال: اشتره ومعلوم أن ليس فيه إلا الدلالة على جواز شراء طعام كان عبد الرحمن ضيقا من شرائه، ولا يدل على جواز أخذ الخراج من كل جائر لكل أحد بكل وجه وهو المدعى»
أقول: لا يخفى أن الطعام عام، وقد سلم الناقض عمومه، فيشمل الخراج وقد جوز الإمام شراءه، وإذا جاز شراء الطعام الذي هو أعم من الخراج من الجائر الذي لا يستحقه ولا يجوز له أخذه كان دليلا على حل الخراج لنا، لأن جواز الشراء منه إنما هو لكون الخراج حقا لنا
وفي قول الشيخ علي «وقد احتج بها العلامة في التذكرة على تناول ما يأخذه الجائر باسم الخراج والمقاسمة» دقيقة وهي أن دلالة هذه الروايات على حل الخراج غير ظاهرة فلولا علم العلامة بأن هذا الطعام من مال الخراج والمقاسمة لما استدل بها، وإذا كان الأمر كذلك دل على جواز أخذ الخراج من كل جائر لكل واحد من المسلمين لا لكل أحد، فتأمل
قال : «وأيضا صحيحة جميل بن صالح قال: أرادوا بيع تمر عين أبي زياد فأردت أن اشتريه، ثم قلت: حتى أستأذن أبا عبد الله ، فأمرت مصادفا فسأله فقال: قل له: يشتريه فإن لم يشتره اشتراه غيره هذه مثل ما قبلها في الدلالة، بل أقل، على أنه قد يكون صحتهما موقوفة على توثيق عبد الرحمن ومصادف ونقلها الشيخ علي بن عبد العالي في الخراجية، وقال: «وقد استدل بالأخير في المنتهى على هذه الدعوى» ثم اعترض الشيخ علي على نفسه: «بأن جواز الشراء لا يدل على غيره، وأجاب إن حل الشراء يستلزم حل جميع أسباب النقل» وأنت تعلم أنه غير واضح، وقد يكون جواز الشراء لحصول العوض وغير ذلك، ألا ترى أن المكاتب يجوز له الشراء ولا يجوز له الهبة! وأيضا أجاب عن عدم لزوم جواز الأخذ بأمر الجائر من جواز أخذ ما قبضه على تقدير تسليمه بنحو ذلك وهو غير ظاهر» إنتهى كلامه
أقول: قد قال الشيخ بعد نقل هذه الرواية: «إن العلامة احتج على حل ذلك بهذه الرواية في المنتهى، وصححه» وهذا اعتراف منه، إذ دلالتها على ذلك غير ظاهرة، فلولا أن العلامة اطلع على أن ذلك التمر من الخراج لما استدل بها، ولو لم تدل على ذلك فنحن لا إحتياج بنا إليها بعد الاحاطة بأن جواز الشراء ليس إلا لكون نصيب لنا فيه، وأن أئمتنا أذنوا لنا في أخذه، فلا شبهة في جواز غير الشراء بل الأخذ مجانا
ومن العجب قوله: «وقد يكون جواز الشراء لحصول العوض»، إذ حصول العوض للجائر الذي لا يجوز له أخذ الخراج ولا تملكه لا يقتضي جواز التسلط على مال الغير والتمثيل بالمكاتب الذي يملك ما في يده لكنه محجور عليه بغير المعاوضة أعجب من ذلك، لأن الجائر غير مالك بالاجماع بل لا ولاية له، وإذا ثبت أن المأخوذ حق بالأصالة فلا فرق بين الأخذ من أيدي الجائر والأخذ بأمره، وذلك ظاهر لمن تدبره
قال : «وبالجملة هذه المسألة في الغاية من الاشكال، حيث إنهم حكموا بها بهذه الأدلة، وقالوا: لا يجوز الأخذ إلا بإذن الجائر بل نقل الشيخ علي ابن عبد العالي عن البعض أنه لا يجوز السرقة والكتمان للزارع مع قولهم بعدم جواز الأخذ للجائر، وأنه ظالم فلا يجوز البيع منه حينئذ، بل لا يمكن تحقق البيع، وكيف يجوز بيع مال المسلمين الذي الناظر فيه الإمام ومصرفه المصالح أخذه الظالم ظلما أن يشترى منه أو يتهب، إلا أن يقال هذا استنقاذ لا بيع حقيقة، ولا صدقة، ولكن حينئذ شرط القبض أو الاذن غير ظاهر»
أقول: لا يخفى أنه لا منافاة بين حل الخراج وعدم جواز الأخذ بدون إذن الجائر، ولا يصلح أن يكون ذلك منشأ لمجرد الاشكال فضلا عن كونه منشأ للغاية من الاشكال، إذ لا قبح أن يقول الشارع للانسان: لك في بيت المال نصيب ولا يجوز لك أخذه إلا بإذن الجائر لمصلحة يعلمها، ونظائر ذلك كثيرة، فإن الوقوف العام والزكوات والوصايا والمنتشرين كذلك بل ملك الانسان المختص به كالمحجور عليه للسفه كذلك، بل غير المحجور عليه كذلك، كما لو استولى الظالم على مال الانسان، وخاف على نفسه أن يتصرف بغير إذن الظالم فإنه لا يجوز لأحد من هؤلاء السرقة والكتمان، وإن أراد أن منشأ الاشكال الدلائل المذكورة فقط، فمعلوم أيضا عدم صلاحيتها له، لأن هذه الدلائل إن أفادت الحل فلا إشكال، وإن لم تفده فلا إشكال أيضا وإن أراد إذن الجائر الذي لا يجوز له الأخذ ولا التصرف، وكيف يجامع حل الخراج ويكون منشأ للاشكال؟ فهو مما لا وجه له بعد الاحاطة بما قلناه ونفي جواز البيع بعد دلالة الروايات والعبارات عليه عجيب لا يليق بهذا الفاضل وقوله «بل لا يمكن تحقق البيع» مع ورود الروايات به ونقل الاجماع عليه أعجب، ولو سلم يكون استنقاذا، وإطلاق البيع عليه ليس بعزيز، بل هو موجود في عبارات الفقهاء، كما لو قهر الحربي من ينعتق عليه وباعه ونفي ظهور اشتراط قبض الجائر له أو إذنه لا دخل في التحريم والشبهة، بل هو مما يحقق مطلوبنا من حل الخراج وكون منشأ حله أن لنا فيه نصيبا "
دخلت المسائل فى بعضها مبتعدة عن موضوع الخراج ومعظم الكتاب هو مناقشة لتلك المسائل البعيدة عن الخراج وحتى ما قالوا أنه ادلة ليست فى المسألة وإنما فى أمور بعيدة فما سبق هو حديث عن سرقة الحاكم الظالم أموال المسلمين وهل يجوز لهم سرقة المال ممن سرقه أو كتمانه عنه وهو ما أكملته الرسالة فى القول التالى:
"قال : «وكيف لا يجوز لمن في ذمته السرقة والكتمان، بل ينبغي، بل يجب عدم جواز الاعطاء له إن أمكن، لأنه لا تبرأ ذمته على تقدير قدرته على المنع، ولا يتعين ما أخذ منه مالا للخراج والزكاة، لكن ما جزم بهذا النقل بل قال أظن سماعا عن علي بن هلال، وما نقلوا دليلا على عدم الجواز إلا بإذن الجائر والجواز به سوى ما مر» إنتهى كلامه دامت أيامه وكثر الله من مثله وأمثاله
أقول: إن جميع ما قاله المصنف إن لم يساعد من يقول بحل ما يؤخذ باسم الخراج والزكاة، فلا أقل أن لا يضره، إذ المقصود حل تناول ما يأخذه الجائر سواء جاز للجائر أخذه أم لا، وسواء حرم على المالك دفعه أم لا، وسواء تعين ما أخذه للخراج والزكاة أم لا، ولا يتوقف إثبات مطلوبنا على شئ من ذلك، على أنا نقل: الروايات دلت على تعيين ما أخذه للخراج لقول الإمام : أما علم أن لك نصيبا في بيت المال، وبيت المال إن لم يعم الخراج والزكاة وغيرهما فلا أقل أن يكون مختصا بهما
ولا يخفى أن الشيخ علي جازم بالنقل عن الشيخ علي بن هلال وإنما تردده بين كونه مشافهة أو بواسطة، بل الراجح عنده أنه مشافهة، حيث قال «غالب ظني بالمشافهة» واستدل على عدم جواز السرقة والجحود والمنع لذلك أو لشئ منه لمن هو عليه، لكونه حقا، فأين قول المصنف إنه ما جزم بهذا النقل؟
قال : «فلولا خوف خلاف الاجماع، لأمكن المبحوث عنه نعم قد يوجد في بعض الأخبار جواز شراء الزكاة فيحتمل زكاة مال المشتري على طريق الاستنقاذ، وأن يكون المراد ممن عنده الزكاة لاعين الزكاة، وأن يكون العامل مأذونا من الإمام ، وما كان معلوما ظاهرا للتقية أو يكون للتقية أو قضية في واقعة، فلا يتعدى وأمثالها كثيرة، وأن يكون لطفا من الله تعالى تسهيلا للشريعة ونفيا للحرج على تقدير عدم ثبوت براءة الذمة والضرورة واستحقاق الزكاة فيؤول كلام الأصحاب على بعض تلك الوجوه على تقدير الاجماع مثل كون الأخذ من المصالح والمصرف، أو الذي يقدر أن يأخذه ويصرفه في مصرفه، وغير ذلك وقد احتمل الشيخ إبراهيم القطيفي في النقض كون الجائر مخالفا بظن إمامته وكذا المعطي ويفهم من شرح الشرائع أيضا» "
والكلام السابق هو كلام غير مستقيم فالقوم يحلون للحاكم سرقة مال المسلمين له ولمن معه ويحرمون على المسلمين أخذ بعض حقهم سواء سموا ذلك سرقة أو كتمان ثم حدثنا الشيبانى أن الأدلة أحلت الخراج ولم تحرمه فقال:
"أقول: قول المصنف «لولا خوف خلاف الاجماع» لا وجه لاختصاصه بهذه المسألة، إذا كل مسألة من مسائل الشرع يمكننا أن نقول فيها لولا خوف مخالفة الدليل لأمكننا القول ببطلانها وهذا اعتراف منه بثبوت الاجماع بعد الانكار له ورجوع إلى الحق، ولا يخفى أن صحيحة هشام وصحيحة عبد الرحمن صريحان في جواز بيع مال الخراج وقد بينا ذلك فيما مضى بل بينا دلالة باقي الروايات فليراجع ولا يخفى أن هذه المحامل التي ذكرها المصنف قاصرة على ما فيها، إنما تحسن لو كان في المسألة خلاف أو رواية تدل على عدم جواز أخذ الخراج أو مشتراه، أما مع عدم ذلك فأي ضرورة على الحمل على تلك المحامل
وقوله: «وأن يكون لطفا من الله الخ» مما ينادي ويصرح بالوفاق، لأنا متى منعنا كون حله لطفا وعدم حله حرجا؟ بل صرح بعض من ادعى الاجماع على حله أنه لولا الحل لزم الحرج على هذه الطائفة، وقد أسلفنا، وما رأيت أقل طالعا من هذه المسألة لما قرروا من أن جواز العمل يكفي فيه الظن الحاصل من الدليل، وكثير من المسائل يثبتونها بالخبر الضعيف، ويقولون إنه وإن كان ضعيفا إلا أنه قد انجبر بعمل الأصحاب أو بغيره، وهذه المسألة قد ادعى على حلها الاجماع جماعة من العلماء مثل المحقق المدقق فريد عصره وزمانه الشيخ علي بن عبد العالي والشيخ المرحوم المبرور الشهيد الثاني الشيخ زين الدين والفاضل المقداد ودلت عليه الروايات قول أحد ممن يسمى باسم العلم بتحريمها ولا دلت عليه رواية حتى أن الشيخ إبراهيم المنسوب إليه الخلاف معترف بحله وأثبت ذلك في نقضه كما حكيناه عنه سابقا، فرحم الله من أحسن النظر وتفكر في أمر دينه واعتبر وجعل ضالته الحق، ونزه نفسه عن التعصب والجدال، واعترف لأهل الفضل بفضلهم، ونزل الناس بمنازلهم، وليكن هذا آخر ما خطر لهذا الفقير القاصر"
وكل الكلام هو تقليد من الفقهاء لأقوال بعضهم فهم بنوا الأمر على باطل ولم ينظروا فى كتاب الله الذى هو أساس التحليل والتحريم فالخراج طبقا له حرام وإنما الأرض التى فى حوزة دولة المسلمين يقيم المسلمون بعضا منهم لزراعتها أو تعدينها أو وما شابه وما يخرج منها يقسم ربحه على كل المسلمين بالعدل