الثلاثاء، 30 يونيو 2020

نظرات فى كتاب إجهاض الجنين المشوه نظرة بين الشرع والطب

نظرات فى كتاب إجهاض الجنين المشوه نظرة بين الشرع والطب
الكتاب تأليف حمو بن عبد الله أبو بكر وفى مقدمة الكتاب قال المؤلف عن موضوعه :
"فقد ظهرت كثير من قضايا معاصرة جديدة، تقد المضجع، وتجعل العلماء – المسلمين طبعا – في حيرة من أمرهم، فمن هذه القضايا مثلا ما تطرقنا إليه في هذا البحث المتواضع إلا وهو:
" إجهاض الجنين المشوه نظرة بين الشرع والطب "
فقد كثر في زماننا هذا إجهاض الجنين بدون أي غرض أو مصلحة شرعية ولا صحية، من كثير من الجهلة والسفلة، فأصبح شيئا طبيعيا إراقة روح لا حول له ولا قوة، وذلك لمصلحة دنيوية محضة، أو مادية صرفة."
واستهل البحث بتعريف الاجهاض لغويا فقال :
"المبحث الأول:
تعريف الإجهاض
المطلب الأول الإجهاض لغة:
الإجهاض؛جهض: أجهضت الناقة إجهاضا، وأجهضت المرأة ولدها أسقطته ناقص الخلق فهي جهيض ومجهضة بالهاء، ويقال: أجهضت جنينها، وفي الحديث:«فأجهضت جنينها» ....( الإجهاض):خروج الجنين من الرحم قبل الشهر الرابع (المجهاض): التي من عادتها الإجهاض؛(ج) مجاهيض (الجهض): الولد السقط. "
ثم ذكر تعاريف الفقهاء للإجهاض فقال:
"المطلب الثاني الإجهاض عند اصطلاح الفقهاء:
لقد عرفه الفقهاء بعدة تعريفات، ولكن مدلولها واحد ولا يخرج بعيدا من مدلوله اللغوي، فسنورد بعضا منها لا على سبيل الحصر:
بأنه: « إنزال الجنين قبل أن يستكمل مدة الحمل» وقيل « هو إسقاط حمل المرأة بعد استقرارها في رحمها سواء كان قبل التخلق أو بعده» إذا أسقطت المرأة الوليد بعلاج أو شربت دواء تعمدت به إسقاطه، بمعنى أجهضته وقيل هو إسقاط المرأة جنينها بفعل منها أو من غيرها عن طريق دواء أو غيره ومن معاني الإجهاض يستعملها بعض الفقهاء:
الإسقاط كما رأينا، والإلقاء، والطرح، و الإملاص.
ثم عرف الإجهاض طبيا فذكر خلافات الأطباء فقال :
المطلب الثالث الإجهاض في اصطلاح الطبي :
ولقد اختلف الأطباء في تعريفه لعدة تعريفات، وأظن أن منطلق الخلاف يكمن في عمر الجنين من حيث: نفخ الروح فيه، واستكمال خلقته:
يعرفه بعض الأطباء بأنه خروج الجنين من الرحم قبل أن يستطيع الحياة خارجه ويعرفه آخرون بأنه خروج الجنين قبل بداية الشهر السادس للحمل أي قبل 21 أسبوعا وبعضهم يحدده قبل عشرين أسبوعا وبعضهم يعرفه بأنه نهاية الحمل قبل الأسبوع الثامن والعشرين من بداية الحمل، ويعللون ذلك: بان الطفل الذي يكمل ثمانية وعشرين أسبوعا في بطن أمه قد يولد حيا ويعيش سليما بعد ذلك، وذلك بنسبة 1%، أما إذا أكمل الثلاثين أسبوعا فتزداد نسبة مقدرته على الاستمرار في الحياة "
وانتهى الباحث إلى النتيجة التالية:
"وحسب إطلاعي البسيط أرى بأن الفقهاء والأطباء، عقدوا التعريفات، حتى أنه صار غير جامع مانع؛ والتعريف البسيط الذي أحسبه موافقا إلا وهو إسقاط الجنين من رحم المرأة، بسبب داخلي أو خارجي ؛منذ تلقيح البويضة إلى نهاية الشهر الثامن، مع عدم استطاعته الحياة خارج الرحم أو هو قتل طفل لم يولد بعد؛ في داخل أحشاء أمه، وهذا يتم بشكل مباشر من قبل المجهضين، وبقبول الأمهات، وأحيانا بضغط أو بتجاهل الآباء أو بعدم علمهم"
المتفق عليه هو إنزال أو نزول الجنين ميتا قبل موعد ولادته فالإنزال هو الإجهاض المتعمد والنزول هو الإجهاض غير المتعمد نتيجة لحوادث مثل ركوب الحامل فى سيارة تهتز فى الطريق ومثل سقوط الحامل على الأرض نتيجة اغماء أو ماء على الأرض
ثم نحدث الباحث فى المبحث الثانى عن تخلق الجنين فى الرحم وهو فصل أكثره لا علاقة له بموضوع الكتاب وهو الإجهاض وقد قمت لحذف عدة صفحات منع تتحدث عن تخلق الجنين فى بطن الأم واستهل الكلام بالبحث اللغوى ثم الاصطلاحى عن كلمة جنين فقال :
"المبحث الثاني:كيفية تخلق الجنين في الرحم
الجنين لغة:
الجنين من جن الشيء عنه أي ستره...فالجنين في اللغة: الولد مادام في بطن أمه لاستتاره فيه.(ج): أجنة، وأجنن، وقد جن الجنين في الرحم يجن جنا
الجنين في الاصطلاح:
وفي الاصطلاح لا يخرج عن المعنى اللغوي غير أن المزني من فقهاء الشافعية نقل عن الإمام الشافعي: أن الاستعمال الحقيقي للجنين فيما يكون بعد مرحلة المضغة، واستعماله فيما قبل ذلك من باب المجاز، وعبارته:قال الشافعي في الجنين:« أقل ما يكون جنينا أن يفارق المضغة والعلقة حتى يتبين منه شيء من خلق آدمي» وعرفه الشوكاني بأنه حمل المرأة مادام في بطنها وقال أبو بكر الكندي: بأنه الولد في البطن "
وهذا التعريف الاصطلاحى يناقض كون الجنين هو الطفل منذ بدايته فى بطن وهو رحم الأم كما قال تعالى " هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة فى بطون أمهاتكم"
ثم تحدث عن تكوين الجنين السليم وغير السليم فقال :
"المطلب الأول: تكوين الجنين السليم
إن رحلة تخلق الجنين التي تعتبر رحلة إلى عالم مجهول، عالم مملوء بالمعجزات؛عالم مفعم بالإثارة والمتعة، عالم كثيف بالأسرار والألغاز، فكلما ظهر شيء جديد في ميدان الطب، إلا ونجد قد لمح الله تعالى ذلك في كتابه العزيز، واهتم به اهتماما كبيرا وتذكيرا متواليا، أو أشار إليه النبي المصطفي في سنته المطهرة منذ أربعة عشر قرنا....
المطلب الثاني:
تكوين الجنين غير السليم
تطرقنا في المطلب الأول إلى كيفية تكوين الجنين في الرحم، وتعرفنا على نبذة ولو بسيطة على كيفية تخلق الجنين، بتلك المراحل الربانية التي لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى، والعلم الحديث لم يتوصل إلا على معرفة قاصرة منها، والعلم مازال يحبو نحوها، ولكن وما أوتي العلماء من العلم إلا قليلا ففي هذا المطلب سوف نعرج إلى نقطة جد هامة وهي صلب بحثنا هذا، إذ أن الجنين تعتريه بعض العوامل الداخلية( من جسم الأم ) وعوامل خارجية، تجعله يتأثر بها، وبالتالي- لا قدر الله- أن يولد الجنين مشوها، ولذا سنبين ما هي هذه العوامل المؤثرة فيه !؟، كيفية تأثرها في الجنين!؟، وما علاجها!؟.
العوامل المؤثرة في تشوه الجنين وكيفية العلاج منها طبيا أو شرعيا:
الفرع الأول:
أسباب صحية: يرى الباحثون في حقل البحوث العلمية أن دور الحامل في كسب الجنين بعض التشوهات التي تختلف أنواعها تعود جملة منها إلى أسباب صحية تؤدي إلى التشوه:
- الأمراض الخلقية التي تجعل الولادة متعسرة، مثل مرض تكون العظم الناقص....
- الأمراض العقلية والنفسية وحالات الهرس لعدم إمكانية المريضة بالعناية بمولودها.
- أمراض القلب المتمثلة في انسداد الشرايين التاجية، أو ضيق شديد في الصمامات.
- أمراض الكلى المزمنة وارتفاع نسبة البولينا في الدم أو التهاب الكلى المصحوب باستسقاء الكلي
- كما أن بعض الأجنة يبتلون بعاهات عضوية بسبب عوارض نفسية منها:
أ -عدم التحام القفص الصدري بعظم القص وفي هذه الحالة يكون القلب سطحيا.
ب -شق القحف: هذا الشق ينشأ بعدم اتصال أنسجة بين عظام الجمجمة.
ت- بقاء جدار البطن مفتوحا يؤدي إلى خروج الأمعاء
- عمر الأم: تدل البحوث العلمية أن عمر الأم له تأثير في الجنين، فقالت:إن السن من 20 إلى 35 هو أنسب أعمار الحمل، وأقل من 20 سنة يكون له تأثير لعدم نضج الجهاز التناسلي، وأن ما فوق 35 قد يؤدي إلى طول المخاض وصعوبته، ويسبب في ضعف العقل عند المواليد فينا بعد
- المرض:يتأثر به الجنين تأثرا خطيرا إذا تعرضت الأم للعدوى بمرض خطير وهي حاملة، ونعلم أن المرض يؤثر في عملية تمثيل الغذائي، والتركيب الكميائي للدم مما يؤثر في نمو الجنين، فإن اضطراب إفرازات الغدد النخامية والدرقية والكظرية له تأثير في نمو الجنين، كما أن التعب والإرهاق الشديد يزيد في حركة الجنين في الرحم "
الفرع الثاني:
أسباب وراثية:
تعتبر الأسباب الصيغية والوراثية مسؤولة عن 30% إلى 40% من جميع التشوهات:
- تشوهات في مرحلة النطفة: إن معظم تشوهات الأجنة تحدث في مرحلة مبكرة جدا من تكوين الجنين، بل إنها تحدث قبل أن يتكون الجنين في معظم الحالات، وذلك لو وجد خلل في النطفة الذكرية(الحيوان المنوي) أو في النطفة الأنثوية(البيضة)، أوفي نطفة الأمشاج، كما أن الخلل يحدث في أثناء تكون الأريحة (الكرة الجرثومية) أو أثناء الإنغراز والتعلق.
من حسن الحظ أن معظم هذه الأجنة تسقطها الحامل قبل علمها أنها حامل، وهذا بنسبة60% إلى 70% من حالات الحمل المبكر، والتشوهات في مرحلة النطفة تحدث عن خلل ناتج في الصبغيات لأثناء فترة الانقسام الاختزالي، أثناء تكون الحيوان المنوي أو أثناء تكون البيضة، مما يؤدي إلى:
أ الخلل في عدد الصبغيات: إما بزيادة أو نقصان فبدلا من وجود 23كرومزوم في الحيوان المنوي أو البيضة يكون هناك24 أو22كرومزوم.
ب الخلل في تركيب أحد الصبغيات بزيادة طوله أو نقصانه نتيجة فقدان جزء من الكرومزوم أو التصاقه بكرومزوم آخر.
ت كما يتم تقسيم الخلية بعد تلقيحها لتكون كل مجموعة منها على حده، إذا كان هذا الانفصال متأخرا في تكوين اللوح الجنيني- في حالة التوائم- فإن ذلك يؤدي إلى تكوين جنينين بكيس واحد وغشاء مشيمي واحد لهما جميعا، فإذا كان الانفصال غير تام كذلك أدى إلى ولادة توائم متصلة ؛وتسمى التوائم السامية
الأمراض الوراثية: تنتقل بعض الأمراض الوراثية فتصيب 50% من الذرية، وتنتقل الأخرى بصفة متنحية، ويؤدي بي الأقارب إلى أمراض وراثية، وغالبها ليس لها علاج ومن هذه الأمراض: مرض رقص هنتنجتونHuntigt-ns charea)) وهو نوع من الشلل الرقاص، ترفقه إصابة عقلية، لا تظهر عوارضه إلا في الأرعين من العمر، وبما ان المرض لا يظهر إلا في هذه السن المتأخرة مما يؤدي إلى نقل المرض إلى أبنائه، وتمكن الطب معرفة وجود المرض الواقع في الكرومزوم الرابع.
مرض الضمور العضلي:ينتقل وراثيا من أمهات يحملن مرض على الصبغي (x) ويصيب الذكور، تظهر أعراضه منذ سنتين الأولى باضطراب عضلي خاص في الفخدين والحوض ويؤدي إلى عجز مطلق يلزم الفراش منذ السن العاشرة، ويتبعه الموت في نواحي العشرين من عمره بخلل في التنفس وإصابة عضلة القلب مرض الطلاسيميا:وهو فقر الدم وراثي، بعض أنواع الطلاسيميا تؤدي إلى موت الجنين بين الأسبوع 26، 40من الحمل.
العوامل الجرثومية:
توصل البحث العلمي إلى وجود بعض الأمراض الوراثية التي لها تأثير شديد على الجنين ومن حسن الحظ أن أغلب خذه الميكروبات لا تصل إلى الجنين بسبب وجود المشيمة، وإن وصل شيء منها يكون جهاز المقاومة في جسم الإنسان قد قضى عليه، غير أن هناك مجموعة من الفيروسات والبكتيريا التي تصل إلى الجنين وتحدث في تشويها، ومن هذه الفيروسات والميكروبات ناتجة عن أمراض منها:
أ الإيدز: مرض ينتقل عبر المشيمة إلى الجنين خاصة بعد الأسبوع الخامس عشر للحمل، ويرتفع احتمال العدوى عند الولادة عند مرور بإفرازات المهبل الموبوءة ونسبة العدوى 50%
ب الزهري(AIDS): هو مرض فتاك.
ت الهربس(Herpes): يصيب الجلد، ويسبب في صغر حجم الدماغ.
ث فيروس الحصبة الألمانية: له تلقيح قبل الحمل، وإذا لم تلقح المرأة فقد يشوه الجنين بعدة أمراض فتسبب له:تخلف في نمو العقل، إضطرابات في الرؤية، وخلل في الكبد...
وهنا أمراض جرثومية عديدة قد توصل إليها الأطباء بأنها تؤثر في الجنين عند تخلقه
سنوضح بعض المواد المسخية في هذا الجدول مع الفترة التي تؤثر فيها على الجنين، وما هي أنواع التشوهات التي تسببها:
الأمراض الجرثومية.. الفترة.. التشوه
1. فيروز الحصبة.. من 0 إلى 60 يوما.. عيوب خلقية في القلب والساد(الماء الأبيض) و الصمم.
2. عقار ثاليدومايد.. من 21 إلى 40 يوما.. عدم نمو الأطراف.
3. هرمونات الذكورة.. قبل اليوم التسعين... تضخم البظر، وقفل الشفرين، بحيث تبدو البنت عند الولادة على هيئة ذكر.
4. هرمونات الذكورة.. بعد اليوم التسعين.. نمو البظر فقط
5. تتراسيكلين.. حوالي 120يوما أو بعدها.. تلوين الأسنان الأولية اللبنية والدائمة
ومم نعده من الأمراض الخطيرة:
يؤكد علماء الوراثة خطورة اختلاف بين نوع دم الأم ودم الجنين، من حيث:العامل الريزيني، فهذا يحدث عند اختلاف فصيلة دم الأم عن فصيلة دم الأب، كأن تكون فصيلة دم الأم سالبة (Rh-)، وفصيلة دم الأب موجبة(Rh+) أو العكس، فإذا الجنين أخذ فصيلة موجبة(Rh+)بعامل الوراثة من أبيه يؤدي إلى تكوين أجسام مضادة في جسم الأم وإلى اضطراب في توزيع الأكسجين وعدم نضج خلايا الدم وتدمير كريات الحمراء عند الجنين الثاني، مما يؤدي إلى موت الجنين ووقوع الإجهاض أو موته بعد الولادة بقليل ، ولهذا إذا اختلفت الفصيلتين فصيلة الأم والجنين، فحينها تعطى حقنة للأم قبل مرور 48 ساعة بعد الولادة."
ما ذكره الباحث من أسباب تؤدى للتشوه وهى الأسباب الصحية والأسباب الوراثية والعوامل الجرثومية ليست أسبابا شاملة كما ان تلك الأسباب لا تؤدى بالضرورة إلى نتائج واحدة فى كل الحالات المشابهة فتأثير تعاطى دواء واحد فى حالتين مثلا قد يؤدى لتشوه واحد وعلاج الأخر وما يسمى خطأ بالأسباب الوراثية وهو تأثير جسم الأم على الجنين ليس واحدا فى كل الاخوة فبعضهم يأتى سليما وبعضهم يأتى مريضا وقد يأتون جميعا سلماء صحيا بل إن حالات التشوه أو المرض تحدث فيما يسمى زواج الأباعد أكثر بكثير من حالات زواج الأقارب ومن غرائب الحياة أن البعض يتزوج نساء هرس لا يتكلمن ومع هذا ينحبن أولاد متكلمين بطلاقة وفى حالات أخرى نساء ورجال يتكلمون بطلاقة ينجبن أولاد مصابون بخرس مؤقت وهو ليس خرس وهو ما يطلقون عليه التوحد وعلى كل واحد أن يفكر فيمن حوله من حالات الاعاقة او التشوه الخلقى ليعرف الحقيقة ومن ثم فلا يوجد قانون محدد لولادة طفل مشوه أو طفلة مشوهة لأن هذا يعود لإرادة الله وهى مشيئته فى تصوير الأجنة وفى هذا قال تعالى " هو الذى يصوركم فى الأرحام كيف يشاء"
ثم تحدث عن علاج التشوهات فقال :
"العلاج منها:
منع حدوث التشوهات:إن من أهم مقاصد الشريعة المحافظة على النسل والنفس، فلا بد علينا أن نحافظ عليهما أيما محافظة، فنبذل كل جهدنا للمحافظة عليما، ونتوكل على الله فيما لا استطاعة لنا به ففي القرآن الكريم نجد دعوة الأنبياء بان يرزقهم ذرية طيبة، فمثلا زكرياء (ص) قال: { رب هب لي من لدنك ذرية طيبة } ، ودعا المؤمنون ربهم قائلين: { ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما } ، ولا تكون الذرية قرة عين إذا كان فيها مشوه الخلقة، كأن يكون ناقص الخلقة متخلف عقليا أو ذهنيا.
ولكي نحافظ على صحتنا وصحة أولادنا فلا بد من عدة توصيات، منها ما جاء على لسان الله سبحانه وتعالى أو على النبي المصطفى (ص)، أو ما جاء على الصحابة الكرام، أو على ألسنة العلماء والأطباء فسنجمل بعضها فيما يلي:
قبل أن نسترسل في التوصيات فلا بد لنا من معرفة شيء معلوم من الدين بالضرورة، بان الله تعالى هو المقدر، والمشيئة تعود إليه فلا معقب لحكمه، وأنه هو الذي يقدر لنا الشفاء، فليس نحن ولا الأطباء، ولكن لابد علينا أن نتخذ الأسباب، فلا نقول إن الله قدر ما شاء فعل فلا اعتبار لتحركاتنا ولا لعلمنا، فهذا هو عين الخطأ، فكل شيء يأتي باتخاذ الأسباب والعمل، فالسماء لا تمطر ذهبا ولا يتأتى الشفاء والسلامة بالجلوس وانتظار أمر الله. { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } ، وقال: { وإذا مرضت فهو يشفين }
فقد ورد عن النبي (ص)أنه قال:« تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس»
وقال أيضا:« إياكم وخضراء الدمن، قيل يارسول الله: وما خضراء الدمن؟، قال:الحسنا في منبت السوء»
فهذه الأحاديث تؤكد أهمية الصفات الوراثية التي تنتقل من الآباء والأمهات إلى الأبناء والأحفاد..، فلم يقتص الرسول (ص)على الأمراض الجسمانيية فقط بل تعداها إلى ما هو أعمق منه وهي الأمراض النفسية والأخلاقية، وإن مدى فهم الرسول (ص)إلى أسرار الوراثة وسعة علمه بمكوناتها وخفاياها مع قدرته التي لا تدان في الحوار والإقناع.
فعن أبي هريرة انه قال: جاء رجل من بني فزارة إلى رسول الله (ص)فقال له: ولدت امرأتي غلاما أسودا وهو يعرض بان ينفيه، فقال رسول الله (ص)« هل لك من الإبل؟، قال:نعم، قال: ما ألوانها؟، قال:حمر، قال:هل فيها من أوراق؟(أي أسمر أو ما كان لونه كلون الرماد)، قال:إن فيها لورقا، قال:فمن أين أتاها ذلك؟قال:عسى أن يكون نزعه عرق، قال:فهذا عسى أن يكون نزعه عرق» ، ولم يرخص له الانتفاء منه قال ابن حجر في تلخيص الحبير: أنهم بحثوا فوجدوا له جدة سوداء من جهة أمه وهكذا حدث المصطفى (ص)أن هناك صفات وراثية متنحية Aut_Recessive قد لا تكون ظاهرة في الوالدين ولكن تظهر في ربع الذرية تقريبا حسب قانون مندل كما نبه عمر بن الخطاب إلى مخاطرة الزواج بين الأقارب إذا تكرر عدة مرات في الأسرة الواحدة، فقال:« لا تنكحوا القرابة القريبة فإن الولد يخلق ضاويا » ، وقيل عنه انه قال لقبيلة من العرب تسمى بني السائب، فقال لها « يا بني السائب إنكم قد أضويتم فأنكحوا في النزائع» أي تزوجوا من البعيدات لكي لا تضعفوا، وفي معنى الحديث قول الشاعر:
«تجاوزت بنت العم وهي سليلة مخافة أن تضوي علي سليلي» وقد سمعت أنه ثبت علميا أنه إذا تزج رجل مثقف امرأة من أسرة مثقفة فإن ذريتهم تكون كذلك، وهذا نسقطه على كل الصفات الحسنة إما خلقيا أو خلقيا فقد نبه النبي (ص)في عدة أحاديث يطول المقام ذكرها إلى اختيار الزوجة الصالحة والزوج الصالح، ولا يقتصر الصلاح إلا في الخلق والدين، بل نستنتج كذلك حتى عدم وجود أمراض وراثية لكيلا تنتقل إلى النسل فتشوهه. وقد كره بعض الفقهاء الزواج بالقريبات منهم الإمام الشافعي وخاصة إذا انغلقت الأسرة بنفسها."
الأخطاء هنا هى :
الأول أن زواج الأقارب يجلب أولاد مشوهين غالبا وهو كلام لا يمت للحقيقة بصلة فلو كان فيه ضرر لحرمه الله ولكنه أباحه فطالبه بزواج أولاد عمه وعماته وخاله وحالاته فقال "يا أيها النبى إنا أحللنا لك أزواجك اللاتى أتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتى هاجرن معك"
الثانى حكاية الوراثة الجسدية هى أمر غير مسلم به خاصة ان الاخوة ليسوا نسخة واحدة وإنما غالبا مختلفون ولو اتخذنا الشبه لاثبات القرابة فهو أمر غير سليم بدليل أن المسيح(ص) كان ابنا وحيدا من غير أب ومع هذا كان له شبيه كما قال تعالى "ولكنه شبه لهم"
ومن يدرس نصوص القرآن يجد النباتات منها المتشابه ومنها غير المتشابه مع كونهم نوع واحد كما قال تعالى "وهو الذى أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه"
الثالث أن المنبت وهم المربون ينتج عنه سوء إن كان سيىء وطيب إن كان طيب وهو ما يخالف أن ابن نوح(ص) كان فى منبت طيب وخرج كافر وإبراهيم(ص) كان فى منبت سوء والده صانع الأصنام وبائعها ومع هذا خرج طيبا
وذكر الباحث التالى:
"وكذلك أباح بعض الفقهاء رد المهر إذا وجد عيبا في أحد الزوجين كبرص أو جذام...ومن أهم العلاج الذي يقض على أغلب هذه الأمراض الوراثية، إلا وهو الفحص الطبي قبل الزواج وهو مهم جدا في نظري، بل أقول أكثر من ذلك فالأحسن قبل الخطبة عند لاختيار، ويكون شرطا من شروط الخطبة، لأنه يؤدي إلى التهلكة، وإلى ظهر أمراض عديدة، ولذلك نتبع قاعدة سد الذرائع، فلا بد من فحص طبي لكلا الخطيبين، وفحص طبي لأسرة الخطيبين ربما هناك مرضا وراثيا سوف يظهر في نسلهما، وذلك مع تطور الطب الحديث، وتطور الوسائل، فإذا كان هناك مرض – لا قدر الله- قضي عليه و إلا فسخت الخطبة لوجود ضرر أكيد الحصول."
هذا الكلام كلام أناس مجانين فالمهر واحد للسليمة والمريضة فالمصابة بالمرض لم تصب نفسها به حتى يعاقبها الناس بما ليس فى يدها ولا فى يد بشر كالبرص او الجذام ثم لماذا يتكلمون عن النساء المريضات ولا يقولون مثلا حتى يكون الكلام متناسبا وليس عادلا لكونه ظلم وكفر أن الرجال المرضى عليهم زيادة المهر للنساء اللاتى يتزوجنهم لأن بهم عيبا؟
وما قاله الرجل عن الفحص الطبى قبل الزواج هو ضرب من الخبل لأنه يحرم ما أحل الله نتيجة ظنون قد تحدث أو لا تحدث فهو محرم لكونه من علم الغيب الذى لا يعلمه إلا الله فأى علم هذا الذى يعرف المستقبل الذى يعرفه الله وحده
والفحص الطبى الشامل يتسبب فى مشكلات نفسيه لفئة معينة هم العقماء فمن يتصور نفس العقيم وقد خرجت نتيجة التحاليل أنه عقيم أو يتصور عقيمة سيجد صدمة كبرى قد تدفع البعض للانتحار وقد تدفع البعض للجنون وقد تدفع البعض إلى احداث مشكلات للأخرين
ثم تحدث الباحث عن العوامل الخارجية التى تؤثر على الجنين فقال :
"الفرع الثالث:
العوامل الخارجية:
a) العلاج بالعقاقير: تختلف العقاقير في تأثيرها على تشويه الجنين ؛منها ما يسبب تشوهات خطيرة إذا ما تناولتها الأم الحامل، خاصة في مرحلة تخلق الأعضاء، فمن هذه المضادات الحيوية المضرة بالجنين:
- البروجسترون ومشتقات الأستروجين الموجود في حبوب منع الحمل...
- وهناك عدة أدوية متهمة بالتشوهات خاصة المستعملة يوميا، مثل: المسكنات، الأنسولين...
- الأدوية المستعملة لمعالجة الصرع، إن أهم دواء يستخدم في الصرع لمدة طويلة هو:عقر الفينوتوين (PHengt-in) المستعمل في حالات الصرع الكبير إذا تناولته الحامل فإن ذلك يؤثر على الجنين ويؤدي إلى توقف النمو داخل الرحم ...وكذلك عقار الثاليدومين:الذي أدى إلى قرابة 10,000طفل بتشوهات خلقية، فيكون الطفل بدون أطراف، وتشوهات في القلب والجهاز الهضمي وقد سحب هذا الدواء من السوق سنة 1962م.
b) العلاج الكميائي:« يبقى العلاج الكميائي الذي يوقف الانقسامات الخلوية في حالات مرضية معينة كالسرطان حتمية لا غنى عنهاc)
العلاج بالأشعة:لم تعد تستعمل الأشعة السينية(xRay) في فحص الحمل مند بداية القرنفي عام 1920م سجل Aschenhein حالة طفل ولد متخلف عقليا مع صغر الدماغ، ...
d) المسكرات والمخدرات:
التدخين: بينت أن الأبحاث العلمية الطبية أن التدخين يؤدي إلى تأخير نمو الجنين.
كما أن المواد الكحولية بكل أنواعها من أهم أسباب تخلف العقلي لدى الجنين، ويؤدي إلى تشوهات في صغر الدماغ، وصغر الفك...
المخدرات:فتورث تشوهات مختلفة حسب أنواعها، وعموما أنها تصيب الجهاز العصبي بأضرار بالغة، وتؤثر على الأعضاء التناسلية، وتسبب تخلف عقلي.
كما أن العوامل البيئية تتأثر في تشويه الجنين، فكما نعلم أن البيئة أصبحت ملوثة، خاصة في المناطق التي تتركز فيها الصناعات ؛صناعات المواد الكيماوية والإشعاعية، أو بسبب الحروب، لأنهم يستعملون أسلحة فتاكة كمياوية، مثل ما حدث في اليابان، وما حدث في العراق مؤخرا.

الاثنين، 29 يونيو 2020

حكم جوائز المحلات التجارية

حكم جوائز المحلات التجارية
شاعت فى عصرنا ما يسمونها جوائز أو مكاسب تمنحها المحلات أو المصانع التجارية لمن يشترى منها
بداية هذا الفعل المالى محرم فى دولة المسلمين لأن فيها المال مال الله ويعطى كما يريد الله والله لم يخص أحد بعطاء وحده دون سائر المسلمين
الجوائز التجارية للأسف الشديد هى تحايل من قبل المصانع والشركات والمحلات على القانون لأن فى الكثير من البلاد تحسب تلك الجوائز من ضمن الضرائب ووجه التحايل هو أن أصحاب تلك الشركات يرفعون سعر الجوائز عن الحد المعروف ويقدمون فواتير مزورة بتلك الأسعار لتحسب من الضرائب والبعض الأخر يعمل على زيادة الكمية بنفس السعر لترويج منتج جودته ليست سليمة تماما فيعمل على زيادة الإستهلاك ومن ثم فهو يساعد على الإسراف فى المجتمع
عرف خالد المشيقيح فى كتابع المعاملات المالية المعاصرة الجوائز وحكمها فقال :
"الجوائز في اللغة : جمع جائزة ؛ وهي العطية وأما في الاصطلاح : فهي العطايا التي يهبها أصحاب السلع للمشترين
حكمها :
الأصل فيها أنها جائزة ؛ يعني كونك تشتري من صاحب المحل فيعطيك هدية فالأصل في مثل هذه الجوائز والهبات من أصحاب المحلات أنها جائزة والإجماع منعقد على ذلك "
لم تذكر الجائزة إلا فى دولة كافرة هى دولة مصر حيث جعل العزيز جائزة حمل بعير لمن جاء بصواع الملك المفقود وهو قوله تعالى " قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم "
الجوائز التجارية أى الهبات أى العطايا وما هى بعطايا نيتها العطاء دون مقابا كالعطية أو الهدية لأن مانح الهدية هنا إما يريد تكرار الشراء فيأخذ ثمن الهدية مما يشتريه الفائز من خلال رفع أسعار المشتريات نسب معينة وإما يريد عمل إعلان مجانى من قبل الفائزين لمحله حيث يمدحون المحل وبضائعه وإما يريد زيادة المبيعات ويأخذ ثمن الهدايا من خلال فرض مبلغ صغير على كل منتج فيجمع ما اعطاه من قبل
ومن ثم فالهدية هنا لا يقصد بها وجه الله كما يقصد فى الهدايا المباحة التى قال الله فيها "ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة"
وقد بين الله لنا مثال المدين الذى يعطى المديون مالا زائدا ليتاجر له به مع المال الذى أسلفه له أولا وسماه الله الربا ولم يجعل عليه ثواب من عنده بينما الزكاة لأنها تعطى بهدف طاعة الله لمساعدة الغير جعل عليها ثواب مضاعف فقال :
"وما أتيتم من ربا ليربوا فى أموال الناس فلا يربوا عند الله وما أتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون"
الهدية التجارية إذا ليس الهدف منها طاعة الله لمساعدة الغير وإنما الهدف منها الربح الدنيوى فى كل الأحوال ومن ثم لا ثواب عليها ولا هى مباحة فى دولة المسلمين
قسم خالد أنواع الجوائز التجارية فقال:
"المستقرئ لأحوال هذه الجوائز والهبات التي تكون من أصحاب السلع ومن غيرهم يتبين له أن هذه الجوائز تنقسم إلى أقسام :
القسم الأول : الجوائز التي تكون عن طريق المسابقات ؛ وتحت هذا القسم أنواع :
الأول : أن تكون الجائزة عن طريق دفع رسوم للدخول في المسابقة ؛ يعني : لا يدخل الإنسان في المسابقة لكي يأخذ الجائزة حتى يدفع رسما
مثالها : أن تكون هنا بطاقات يشتريها الناس ثم بعد ذلك يدخلون في المسابقة ، ومن الأمثلة الموجودة الآن ما تقيمه بعض وسائل الإعلام الآن من المسابقات بحيث تتصل على الهيئة المنظمة للمسابقة ثم بعد ذلك تقوم بالإجابة ؛ وقد تحصل على الجائزة وقد لا تحصل على الجائزة
وهذه الاتصالات يستفيد منها أصحاب الهيئة الذين قاموا بتنظيم هذه المسابقات ، ومثل ذلك ما يسمى بالمسابقة عن طريق الهاتف ونحو ذلك
فهذا لكي يدخل في هذه المسابقة اتصل على هذه الهيئة عن طريق الهاتف ، وهذه اللجنة المنظمة لهذه المسابقة تستفيد من هذا الاتصال ولها نسبة من رسوم هذا الاتصال ، وإدارة الاتصالات لها نسبة أخرى
صورتها: أن يضع التاجر جائزة على مسابقة لا يشترك فيها إلا من يشتري سلعة يبيعها التاجر وما عداه فلا يدخل في المسابقة
مثالها : تأتي إلى محل تجاري قد وضع سيارة أو ثلاجة إلخ ، ومن اشترى منه أعطاه ورقة فيها مسابقة ؛ بعض الأسئلة تقوم بحلها ثم بعد ذلك تفرز الإجابات وقد يحل الأسئلة جمع من الناس تكون إجاباتهم صحيحة ثم بعد ذلك تفرز عن طريق الحظ
أقسامها : هذا النوع تحته قسمان :
أ- أن تكون الجائزة مؤثرة في السعر بحيث إن التاجر رفع السعر مقابل الجائزة
حكمها : محرمة ولا تجوز وهي من الميسر
التعليل : لأن العميل أو المستهلك لما اشترى هذه السلعة زاد في الثمن ، وقد يحصل على الجائزة وقد لا يحصل على الجائزة ؛ فهو إما غانم أو غارم
ب- ألا يكون للجائزة أثر في السعر ؛ فالسعر كما هو لكنه وضع هذه الجائزة كالسيارة أو الثلاجة ونحو ذلك لكي يرغب في الشراء منه ، وإلا فالأسعار كما هي
القول الثاني : التحريم مطلقا
التعليل :
قالوا : حتى وإن كانت السلعة بسعر المثل والعميل يحتاجها فإن اشتراط عدم الزيادة في السعر مما يصعب ضبطه
الثالث : أن تكون الجائزة عن طريق المسابقات التي يظهر منها تعليم الناس وإرشادهم
مثالها : كما تصنعه بعض المؤسسات التربوية أو بعض المؤسسات التعليمية بحيث تضع مسابقة على شريط هادف أو كتاب من كتب أهل العلم أو أسئلة شرعية تقصد من وراء ذلك تعليم الناس وإرشادهم مثل هذه الأحكام "
هذا النوع وهو الهدية بدفع الرسم قبل الاشتراك وجه التحريم فيه هو أخذ أموال الناس دون مقابل وهو رسم الاشتراك فى المسابقة فالمفترض أن كل مال تجارى مقابله سلعة والرسم لا يأخذ الدافع له أى شىء مقابل
والنوع الثانى وهو دخول السحب على جائزة بعد شراء شىء ذو قيمة من المحل أو الشركة محرم لأن ثمن الجائزة يؤخذ من الجميع من خلال فرض زيادة يعتبرها البعض ضئيلة القيمة على كل سلعة ولكن عند جمعها ينتج ثمن الجائزة أو اكثر ومن ثم يتم تأكيل أموال كثير من الناس لفرد أو اكثر دون رضاهم ودون علمهم وهو ما حرمه الله تعالى بقوله "لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم"
ثم قال المشيقيح:
"القسم الثاني : الجوائز التابعة للسلع :
وهذا القسم أيضا تحته أنواع :
النوع الأول : أن تكون الجائزة من قبل البائع بلا شرط ولا قيد ، وقد تكون هذه الجائزة عينا وقد تكون منفعة
مثالها : أ- الجائزة العينية : أن يشتري من صاحب المحل فيعطيه كذا وكذا من الهدايا أو ما يوجد الآن في محطات البنزين ؛ يعبئ كذا وكذا من البنزين فيعطيه صاحب المحطة كذا وكذا
الجائزة المنفعة : مثلا من أصلح السيارة عنده فالإصلاح الثاني يكون مجانا ، أو من غسل عنده السيارة يكون الغسيل الثاني عنده مجانا
حكمها : جائزة لا بأس بها
التعليل : لأن الأصل فيها الحل لعدم المحذور الشرعي "
هذه الجوائز سواء عينية او نفعية خدمية ليست مجانية فما يسمى المجانى سعره موجود فى السلعة المشتراة أو الخدمة الأولى ومن ثم فهو يدخل ضمن الربا وهو بيع السلعة مضاعفة الثمن ومن ثم فهو خداع للشارى حيث لا يخبره أن السعر مضاعف فهو يبيع له سلعة بثمن ساعتين أو أكثر وهو ما حرمه الله بقوله "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة" فالربا هنا المكسب التجارى
ثم قال المشيقيح:
"النوع الثاني : أن تكون الجائزة هدية معلومة للمشتري :
صورتها : أن تشتري السلعة وقد بين لك البائع أن مع هذه السلعة هدية
حكمها : جائزة ولا بأس بها
التعليل : لأن هذه الهدية بمثابة التخفيض أو الخصم ولا يوجد شيء من الغرر للعلم بهذه الهدية "
لا يبين التاجر أن الهدية ثمنها أو بعضه من ضمن سعر السلعة وهو غرر أى خداع خاصة أن معظم أصحاب المحال ليسوا من يعملون بها وإنما عمال يقال لهم فينفذون فقط بينما العلم عند صاحب المحل أو المدير وغالبا هؤلاء لا يتواجدون ولا يعلمون الناس بالحقيقة
وقال المشيقيح:
"النوع الثالث : أن تكون الهدية مجهولة لكونها داخل السلعة
حكمها : فيها التفصيل :
إن كانت هذه الجائزة لها أثر في السعر ؛ يعني رفع السعر من أجل هذه الجائزة فهذا لا يجوز لأن الإنسان يدخل في هذه المعاملة وهو إما غانم أو غارم ، فقد تكون هذه الزيادة في السعر مساوية لهذه الهدية وقد تكون هذه الزيادة أكثر وقد تكون أقل ، فيدخل وهو إما غانم أو غارم فإذا كان كذلك فإنه لا يجوز "
سيان عرفت الجائزة أم لم تعرف فعدم معرفة دخولها فى السعر من عدمه هو خداع حتى لو كتب عليها ان السعر كذا للسلعة والهدية مجانية لأن ديدن تجار العصر هو الكذب
وقال المشيقيح:
"النوع الرابع : أن تكون الجائزة في بعض السلع دون بعض ، فيشتري هذه السلعة وقد يكون فيها جائزة وقد لا يكون فيها جائزة
حكمها : جائزة لكن تقيد بقيدين :
القيد الأول : ألا يكون للجائزة أثر في السعر
القيد الثاني : أن يشتري الإنسان ما يحتاجه من هذه السلع "
نفس الأمر وهو الخداع وهو عدم معرفة هل ثمن الجوائز مقسوم على عدد السلع ام لا وقال فى النوع التالى:
:النوع الخامس : أن تكون الجائزة من النقود :
يعني : يكون في داخل هذه السلعة شيء من النقود
حكمها : اختلف فيها المتأخرون على قولين :
القول الأول : أنها محرمة ولا تجوز
التعليل : لأنها داخلة في مسألة مد عجوة ودرهم ؛ ومد عجوة ودرهم : هو بيع ربوي بجنسه ومع أحدهما من غير جنسهما "
نفس الكلام وهو عدم العلم من قبل الناس بهل الجوائز داخلة ضمن السعر العام للمنتجات أو ان الشركة تنقص السلعة جزء صغير منها من وزنها أو عددها بحيث تعود النقود من خلال هذا الفعل
وقال المشيقيح:
"القسم الثالث : قسائم السحب على الجوائز :
صورته : بعض المحلات أو الشركات التجارية عند شراء المستهلك شيئا من السلع فإنه يحصل على بطاقة ثم بعد انتهاء مدة معينة يقومون بالسحب على هذه البطاقات ، يعني : عندما تشتري سلعة تعطى بطاقة فيها رقم ؛ ورقم آخر تضعه عند تلك الشركة أو المحل التجاري ، ثم بعد مضي فترة يقام بالسحب على هذه الأرقام ؛ فمن خرج نصيبه استحق هذه الجائزة
حكمه : هذا القسم موضع خلاف بين المتأخرين :
القول الأول : الجواز ، قال به : الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله واللجنة الشرعية في بيت التمويل الكويتي ؛ واشترطوا لذلك شرطين :
الأول : عدم رفع قيمة السلع ؛ يعني : لا يكون للجائزة أثر في رفع قيمة السلع ، فتكون السلعة بمثل الثمن
الثاني : أن يكون شراؤه لهذه السلعة من أجل حاجته إليها ولا يقصد الشراء من أجل الجائزة "
نفس الكلام وهو أن الجوائز لا يعرف هل ثمنها أخذ من قبل عند بيع السلغ المختلفة التى اشتراها الناس قبل السحب بزيادة طفيفة فى السعر أو بنقص من وزن السلعة أو شىء اخر
ثم تحدث قائلا:
"خامسا : البطاقات التخفيضية :
صورها : بحسب الإستقراء تنقسم إلى ثلاث صور :
البطاقات التخفيضية العامة
البطاقات التخفيضية الخاصة
البطاقات المجانية
وهذه البطاقات استجدت في هذه الأزمان وتكلم عليها العلماء وكتب فيها الباحثون
الصورة الأولى : البطاقات التخفيضية العامة :
تعريفها : هي البطاقات التي يستفيد منها المستهلك أو العميل في الخصم من الأسعار أو الخدمات لدى جهات تجارية عديدة
والغالب أن الذي يقوم بإصدار هذا النوع من البطاقات شركات السياحة والدعاية والإعلان
الفرق بين البطاقات العامة والبطاقات الخاصة :
الفرق بين البطاقات العامة والبطاقات الخاصة من وجهين :
الوجه الأول : أن البطاقات التخفيضية العامة أطرافها ثلاثة :
المصدر للبطاقة : الغالب أن المصدر للبطاقة هي شركات السياحة والدعاية والإعلان
الجهات التجارية المشتركة في هذه البطاقة والمانحة للتخفيض
العميل أو المستهلك
وأما البطاقات التخفيضية الخاصة فإن أطرافها طرفان فقط :
العميل
جهة الإصدار
فالعميل يشترك في هذه البطاقة من جهة الإصدار مباشرة من المستشفى أو الفندق أو المحل التجاري أو المطعم أو غير ذلك ، فيشترك اشتراكا مباشرا وليس هناك طرف ثالث بين العميل وجهة التخفيض
الوجه الثاني : أن البطاقات التخفيضية العامة يستفيد المستهلك بها من جهات تجارية عديدة وليس جهة تجارية واحدة ، فتجد أنه يستفيد من مجموعة من الفنادق أو من مجموعة من شركات الطيران أو من المطاعم أو المحلات التجارية أو من هذه كلها فيستفيد من المحلات التجارية والمطاعم والفنادق وشركات الطيران وغير ذلك
أما بالنسبة للبطاقات التخفيضية الخاصة فالعميل إنما يستفيد من جهة واحدة فقط لا يستفيد من غيرها
حكمها : أكثر أهل العلم على أنها محرمة ولا تجوز ؛ وبهذا صدرت الفتوى عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة ؛ فذهبوا إلى تحريم هذه البطاقة
فهنا حصل عقد إجارة والأجرة فيه مجهولة ؛ فلا ندري قد تكون قليلة وقد تكون كثيرة
إن العلاقة بين جهة الإصدار وبين العميل علاقة إجارة ؛ فإن العميل يقوم بدفع رسم سنوي أو شهري مقابل أخذ هذه البطاقة لكي يستفيد من التخفيضات ، فهذه منفعة مجهولة فيها غرر ، فقد يستفيد وقد لا يستفيد
وهو أقواها أن منفعة الاستفادة عند غير المؤجر – عند جهة التخفيض – فالمؤجر الآن ليست عنده المنفعة ، فهذه منفعة غير مقدور على تسليمها بالنسبة لجهة الإصدار وهي الشركة السياحية ، وحينئذ جهة الإصدار عقدت على منفعة لا تملكها
نعم ؛ العميل يستفيد كتيبات تصدرها جهة الإصدار فيها الفنادق والمحلات التجارية …إلخ ، لكن هذه ليست هي المقصود له ، فالمقصود له هو التخفيض وهذا التخفيض لا يملكه جهة الإصدار التي استأجرها هذا العميل ودفع لها هذه النسبة ، فحينئذ تكون جهة الإصدار عقدت على منافع لا تملكها ؛ وهي منافع التخفيض التي تكون عند المحلات التجارية
الصورة الثانية : البطاقات التخفيضية الخاصة :
وقد تقدم بيانها عند ذكر الفرق بين البطاقات التخفيضية العامة والبطاقات التخفيضية الخاصة
تعريفها : هي التي لا يستعملها المستهلك إلا في جهة تخفيضية واحدة ، والأطراف فيها طرفان :
الطرف الأول : العميل المستهلك
الطرف الثاني : جهة الإصدار وهي جهة التخفيض
مثالها : كما لو قام فندق من الفنادق بإصدار بطاقات يدخل فيها الراغبون عن طريق رسوم يدفعونها مثلا مائة ريال ، فتستفيد من هذا الفندق إذا أردت أن تسكن فيه بالخصم عشرين أو ثلاثين بالمائة
أو مثلا مستشفى من المستشفيات التجارية أو مستوصف من المستوصفات التجارية أو شركة طيران إلخ ؛ تقوم بإصدار بطاقة يشتريها الراغبون ، يستفيدون من التخفيضات التي تقدمها هذه الجهة المصدرة مقابل هذه البطاقة
الصورة الثالثة : البطاقات التخفيضية المجانية :
تعريفها : هي البطاقات التي تمنحها الجهات التجارية للمستهلكين مكافأة على تعاملهم معها أو تشجيعا عليه
مثالها : زيد من الناس تعامل مع هذا المحل التجاري فأعطاه المحل بطاقة تخفيضية على أن يخصم له من الأسعار كذا وكذا "
البطاقات التخفيضية نفسها كما قلنا لا يعلم مصدروها الناس الحقيقة فهم يخدعون الناس بأنهم خصموا نسبة كذا مع أنهم لم يخصموا شىء فما دفعوه من نسبة الخصم أخذوه من قبل برفع السعر للسلعة أو الخدمة بنفس نسبة الخصم ثم يعلنون أنهم خصموا من السعر وهم لا يبينون هل هذا هو السعر القديم أو سعر جديد
الجوائز قائمة على مبدأ كفرى معروف عند التجار وهو :
"من ذقنه وافتل له"
خذ من ذقن الأصلع أو الأقرع واصنع له ضفائر
فهم يأخذون ثمن الجوائز من ثمن السلع التى باعوها الزبائن
التجارة القائمة فى بلادنا قائمة على تعدد تجار الجملة ومن ثم زيادة السعر فالسلعة عندما تمر من تاجر واحد جملة لتاجر التجزئة يكون ربحها قليل ولكن عندما تمر على عدة تجار جملة وتصل لتجار التجزئة يرتفع السعر لأن كل واحد يريد نصيبا من الربح
كما أن هناك مصيبة اسمها اتفاق تجار البلدة على سعر واحد لبيع السلعة بغض النظر عن أن كل واحد اشتراها بسعر مخالف للثانى أقل أو أكثر قليلا ومن ثم يبيعون بأضعاف السعر وأهل البلدة مضطرون للشراء لأن تكلفة ذهابهم لبلدة أخرى ستكلفهم اكثر من هذا الثمن المضاعف
التجارة العالمية قائمة على خبل هو التضخم فى الأسعار فمثلا السلعة التى تتكلف مع ربحها دينارا واحدا تصل للمستهلك خمسة أو عشرة أضعاف السعر مع أنها لا يجب أن تتعدى ضعفا واحدا عند الله ومن ثم فالسلع قيمتها النقدية عشر الفلوس الورقية الموجودة

الجمعة، 26 يونيو 2020

نظرات فى كتاب فتح القسطنطينية2

فمن تلك الروايات المنسوبة إلى آل البيت العلوي كما في كتب الشيعة الإمامية:
* من روايات محمد الباقر معجم أحاديث الإمام المهدي ج3 ص 303: ( إن رسول الله (ص) سار في أمته بالمن، كان يتألف الناس، والقائم يسير بالقتل، بذاك أمر في الكتاب الذي معه أن يسير بالقتل ولا يستتيب أحدا، ويل لمن ناواه) ولا ندري ما هو هذا الكتاب الذي يأمره بسفك الدماء بهذا الشكل؟!!
* من روايات محمد الباقر معجم أحاديث الإمام المهدي ج3 ص 303: (لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم ألا يروه مما يقتل الناس، أما إنه لا يبدأ إلا بقريش!!، فلا يأخذ منها إلا السيف، حتى يقول كثير من الناس ليس هذا من آل محمد، ولو كان من آل محمد لرحم)
* من روايات محمد الباقر معجم أحاديث الإمام المهدي ج3 ص 304: (لو قام قائمنا بدأ بالذين ينتحلون حبنا فيضرب أعناقهم)...
وأعاد الوهيبى قراءة روايات الشيعة التى حذفنا كثير منها لعدم تعلقها بموضوع الكتاب وتركنا بعض منها لعدم ذكر الموضوع صراحة أو ضمنا فقال:
"قراءة في روايات المعارضة الشيعية :
هذه الروايات تمثل الوجه الآخر لقضية فتح القسطنطينية، فالمعارضة هنا تقول كلمتها في فتح القسطنطينية، وتشارك الحكومة المركزية الأموية في ترحيل المسألة إلى آخر الزمان، ممثلة في شخصية تظهر تملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما
وهذه الشخصية تنتمي إلى أدبيات المعارضة الشيعية التي تؤصل الحق الإلهي لآل البيت العلوي، وهذا الحق يمتد إلى آخر الزمان في شخصية المهدي المنتظر الذي يرجع الأمور إلى نصابها، ومن ضمنها فتح القسطنطينية، التي استعصت على الأمويين...
* السمة البارزة على روايات المعارضة في قضية فتح القسطنطينية، أنها لم ترد كثيرا في الكتب السنية المشهورة كالبخاري ومسلم والنسائي والترمذي، وإنما وردت في بعض الكتب التي لا تحظى بتلك العناية (الإسنادية)
* أغلبها وارد في الكتب الشيعية من الطرق المعروفة لديهم عن آل البيت العلوي
* لم تحظ هذه الروايات بخدمات إسنادية قوية كتلك التي وردت لصالح السلطة المركزية...
* لا تختلف هذه الروايات في بنيتها وتركيبها عن الروايات الأخرى في فتح القسطنطينية في آخر الزمان، سوى في بعض التفاصيل المتعلقة بهوية الفاتح وانتمائه السياسي
* الطابع المثيولوجي حاضر بقوة في هذه الروايات، شأنها شأن الكثير من روايات الفتن والملاحم
* مفردات عصر التدوين واضحة كل الوضوح على هذه الروايات شأن أغلب روايات الفتن والملاحم
* وواضح كل الوضوح أثر الصراع السياسي على هذا النمط من الروايات، ففي الوقت الذي تحاول السلطة جاهدة أن تستفيد من صناعة روايات القسطنطينية، تحاول المعارضة هي أيضا بدورها أن تستفيد من هذه (الحادثة الزمنية) لصالح بطلها الأسطوري (= المهدي المنتظر 1"
لذا لم يسع المعلق على معجم أحاديث الإمام المهدي سوى أن يعترف ببعض هذه الحقائق-ولو على مضض- فمما قاله في الجزء الأول منه ص 371:
* (وهذا الحديث أيضا من الأحاديث المتأثرة بالصراع الذي كان لمدة طويلة بين المسلمين والروم الشرقيين، ومضافا إلى عدم إسناده إلى النبي (ص)يحتمل أن يكون موضوعا، ولكن كما ذكرنا يدل على أنه كان في أذهان الرواة الربط بين قتال الروم ومسألة المهدي والدجال)"
ثم ذكر روايات عدة لا ذكر فيها لفتح تلك المدينة أو قتال الروم حذفناه لعدم علاقتها بالموضوع وأبقينا على الروايات التالية:
* (المهدي يبعث بقتال الروم، يعطى فقه عشرة، يستخرج تابوت السكينة من غار بأنطاكية فيه التوراة التي أنزل الله تعالى على موسى (ص) والإنجيل الذي أنزل الله عز وجل على عيسى (ص) يحكم بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم) رواه عن كعب نعيم بن حماد في الفتن، معجم أحاديث الإمام المهدي ج1ص 343
* قال كعب: إن فيها لشجرة هي في كتاب الله مجلس ثلاثة آلاف، فمن علق فيها سلاحه أو ربط فيها فرسه فهو عند الله من أفضل الشهداء، قال كعب: تفتح عمورية قبل نيقية، ونيقية قبل القسطنطينية، والقسطنطينية قبل رومية) رواه عن كعب نعيم بن حماد وفي عقد الدرر، معجم أحاديث الإمام المهدي ج1 ص 371
* وهذه رواية أخرى، لكن يرويها هذه المرة عبدالله بن سلام -وكان يهوديا فأسلم-: (ويستخرجون منها حلي بيت المقدس والتابوت الذي فيه السكينة، ومائدة بني إسرائيل، ورضراضة الألواح، وعصا موسى، ومنبر سليمان، وقفيزين من المن الذي أنزل على بني إسرائيل أشد بياضا من اللبن قال حذيفة: قال عبد الله بن سلام: والذي بعثك بالحق إن صفة هذه المدينة بالتوراة طولها ألف ميل، وهي تسمى في الإنجيل فرعا أو قرعا طولها ألف ميل وعرضها خمسمائة ميل) رواه الطبري وابن أبي حاتم والطبراني وابن عدي وابن ومردويه وغيرهم، معجم أحاديث الإمام المهدي، ج1 ص 355 "
وبعد هذا ذكر الوهيبى روايات قبلية تنسب الفتح لليمنيين والعمانيين والقحطانيين والهاشميين فقال :
"ثانيا: روايات بعض القبائل العربية المعارضة
لم تخل الروايات في بعض كتب الحديث والرواية من ذكر فتح القسطنطينية، ونسبته إلى قبائل عربية بعينها، لتكتمل بذلك حلقات الصراع على فتح هذه المدينة بين السلطة والمعارضة الموالية لأل البيت العلوي- التي هي قومية قرشية- وقوميات أخرى غير قرشية
ومن هذه الروايات كما جاءت في معجم أحاديث الإمام المهدي ج1 ص 298:
1 روى نعيم بن حماد في الفتن (1147) عن أرطأة قال: (على يدي ذلك الخليفة اليماني الذي تفتح القسطنطينية ورومية على يديه)
2 روى نعيم بن حماد في الفتن (1137) عن كعب الأحبار قال: (ثم يلي بعد ذلك المضري العماني القحطاني يسير بسيرة أخيه المهدي"1" وعلى يديه تفتح مدينة الروم)
3 روى البخاري (6700) ومسلم (2910) وأحمد وعبدالرزاق وغيرهم عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن النبي (ص)قال: (لا تذهب الليالي والأيام حتى يغزو العادي رومية، فيقفل إلى القسطنطينية فيرى أن قد فعل، ولا تقوم الساعة حتى يسوق الناس رجل من قحطان)
4 روى نعيم بن حماد في الفتن (1190) عن كعب الأحبار قال: (يكون بعد المهدي خليفة من أهل اليمن من قحطان، أخو المهدي في دينه يعمل بعمله، وهو الذي يفتح مدينة الروم ويصيب غنائمها)
5 روى نعيم بن حماد في الفتن (1200) عن محمد بن الحنفية قال: (ينزل خليفة من بني هاشم بيت المقدس يملأ الأرض عدلا، يبني بيت المقدس بناء لم يبن مثله، يملك أربعين سنة، ثم تكون هدنة الروم على يديه سبع سنين بقين من خلافته، ثم يغدرون به، ثم يجتمعون له بالعمق فيموت فيها غما، ثم يلي رجل من بني هاشم، ثم تكون هزيمتهم وفتح القسطنطينية على يديه، ثم يسير إلى رومية فيفتحها ويستخرج كنوزها)
6 روى أبو نعيم في أخبار أصبهان وابن أبي شيبة في المصنف (33805) عن مالك بن صحار الهمداني قال: غزونا بلنجر في خلافة عثمان فقال حذيفة بن اليمان: (لا تفتحوها قابلا ولا تفتحوها في سلطان بني أمية، ولا يفتح بلنجر، وجبل الديلم، والقسطنطينية إلا هاشمي، بهم فتح هذا الأمر وبهم ختم)
7 وروى ابن أبي شيبة في المصنف (33809) عن حذيفة بن اليمان قال: ( لا يفتح القسطنطينية ولا الديلم ولا الطبرستان إلا رجل من بني هاشم)"
وقد حذفت روايات عدة هنا لا تذكر شىء عن الفتح أو الفاتح وتعرض الوهيبى لمناقشة نلك الروايات فقال :
"قراءة في روايات المعارضة القبائلية:
هذه الروايات كسابقاتها تعكس واقعا مأساويا كانت تعيشه الأمة، مأساة جعلت من نصوص تنسب إلى النبي (ص)أو إلى أحد من أصحابه سلاحا تتحارب به الفرق السياسية دونما أدنى خوف من الله تعالى، وكأنما غاب عن ذهنها أنها بذلك تدخل في دين الله ما ليس فيه ...وهذه الروايات تزيد من قناعاتنا بأن مسألة فتح القسطنطينية ما هي إلا نتاج التفاعل الزمني مع عالم الروايات، وما هي إلا تعبير عن طموحات وانتكاسات هذه القوى في تحقيق النصر على عاصمة من أقوى الدول في العالم آنذاك
ومن الملاحظات على الروايات السابقة:
* أغلب هذه الروايات لم تحض بخدمات إسنادية قوية كسابقاتها، إذ إن أغلبها لم تنسب إلى النبي (، وإنما نسبت إلى بعض التابعين وبعض من مسلمة أهل الكتاب ككعب الأحبار
* هذه الروايات كسابقاتها من روايات الفتن والملاحم يغلب عليها الطابع المثيولوجي الأسطوري، وسيطرة مفردات وتراكيب عصر التدوين على لغتها
* الرواية رقم (6) واضحة كل الوضوح في أن المسألة سياسية بحتة، إذ إنها تنفي أن يفتح القسطنطينية (أموي)، إنما هي لبني هاشم الذي بهم بدأ هذا الأمر وبهم يختتم!!
* لم تخل هذه الروايات من الطابع الإسرائيلي الممثل في الكتيبة الإعلامية الهائلة (=كعب الأحبار)، ولا تزال مرويات كعب الأحبار وتفاعلها مع السياسة محتاجة إلى دراسة مستقلة"
وعاد الوهيبى للتركيز على نقطة أن الروايات فى الموضوع هى نتاج الخلاف السياسى فقال:
"مما سبق يتبين لنا أن قضية (فتح القسطنطينية) التي أخذت مساحة واسعة في عالم المرويات، ما هي إلا اجترار لأدبيات الصراعات السياسية حيت تبين لنا:
1 أن تلك الروايات لا يمكن قبولها لعدم (مطابقتها) للواقع التاريخي الثابت
2 شبهة الصراع السياسي بادية عليها، وهذا أمر يثير الكثير من الشكوك حولها، ويجعل أمر التعويل على أمر النظر إلى الزمن القادم على السنن الكونية التي وضعها الله سبحانه في هذا الوجود
3 أن منهج التعامل مع هذا اللون من الروايات هو: اختبار ثبوت الرواية بمقاييس المنهج النقدي الشامل الذي يتجاوز مجرد القضية الإسنادية، إلى آفاق أوسع تقوم على محاكمة الرواية من متنها إلى: القرآن الكريم والقوانين الكونية (= ومنها الحقائق التاريخية الثابتة)
4 لا يمكن توصيف نظرية للتعامل مع النص الحديثي دون التعريج على إنتاج مدرسة أهل الحديث -كبرى المدارس الإسلامية-، إذ إنها المدرسة التي استأثرت بأغلب الجهود في تدوين الحديث ووضع المناهج والنظريات للتعامل معه نستطيع أن نصف هذه المدرسة بأنها كبرى المدارس الإسلامية، والتي اشتغلت بالرواية منذ وقت مبكر، والبواكير الأولى لهذه المدرسة تعود إلى بعض الصحابة المكثرين من الرواية، والذين كان لهم تلاميذ كثر أخذوا عنهم
ويبدو أن الإكثار من الرواية قد بدأ ينشط مع اشتعال لهيب الفتن، وفتح الباب على مصراعيه لكل من هب ودب ليروي، في حين أن الوضع السائد أيام الاستقرار السياسي على عهد الخليفتين أبي بكر وعمر كان الإقلال من الرواية فيما لا جدوى من ورائه، والاكتفاء بما يعرفون من أقوال النبي (ص)وأفعاله وتقريراته خشية الكذب والدس وآليات الحذف والبتر
* روى ابن عبد البر في جامع بيان العلم: أن عمر بن الخطاب طفق يستخير شهرا في أمر كتابة الأحاديث، ثم أصبح يوما وقد عزم الله له فقال: إني كنت أريد أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوما قبلكم كتبوا كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا أشوب كتاب الله بشيء أبدا)
* وروى الدارمي في السنن (281) عن قرظة بن كعب أن عمر شيع الأنصار حين خرجوا من المدينة، فقال: أتدرون لم شيعتكم؟ قلنا: لحق الأنصار ، قال: (إنكم تأتون قوما تهتز ألسنتهم بالقرآن اهتزاز النخل فلا تصدوهم بالحديث عن رسول الله (ص)وأنا شريككم) قال: فما حدثت بشيء وقد سمعت كما سمع أصحابي"
وفى الفقرة ألخيرة يشير الرجل إلى أن كمية الأحاديث الموضوعة يفوق التخيل حتى داخل أصح الكتب عند اهل الحديث ولذا تم رفض كتابة الروايات كما يقول فى عهد الراشدين وهو كلام غير صحيح فالمؤمنون كان عندهم كتاب الله وتفسيره الإلهى موجودا ولم يكن عصر صناعة الروايات قد بدأ بعد لأنه بدأ بعد قرون عندما تمكن المنافقون من هدم دولة المسلمين بعد أن تولوا المناصب فيها وقاموا بقتل كل المؤمنين وأولهم العلماء .
الوهيبى فى الكتاب لم يذكر كل الروايات المتعلقة بالقسطنطينية وحتى الروايات التى ذكرها أكثرها مختصر وسوف اذكر ملاحظاتى خلف كل رواية هنا :
"1 روى البخاري (2766) من طريق عمير بن الأسود العنسي عن عبادة بن الصامت أن أم حرام بنت ملحان حدثته أنها سمعت النبي (ص)يقول: (أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا) قالت أم حرام: قلت يا رسول الله أنا فيهم؟قال: أنت فيهم ثم قال النبي (ص): (أول جيش يغزون مدينة قيصر مغفور لهم( فقلت: أنا فيهم يا رسول الله قال: لا)"
الملاحظات على الروايات هى :
-لا وجود لمدينة اسمها مدينة قيصر وإذا ذكر هذا التعبير فى أى كلام عام فالمراد به مدينة قيصر أو القياصرة وهى روما وليست القسطنطينية فمن ملكوا روما كانوا يحملون لقب قيصر بينما من حكموا القسطنطينية حملوا لقب الامبراطور طبقا للتاريخ المعروف
-قيصر وهو يوليوس قيصر بنى عدة مدن وليست واحدة ولم تحمل أيا منها اسمه ومن المدن المعروفة عندنا قيصرية اى قيسارية وهى فى الشام
"2 روى البخاري (2636) (5926) (6600) من طريق أنس بن مالك : (كان رسول الله (ص)يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله (ص)فأطعمته، وجعلت تفلي رأسه فنام رسول الله (ص)، ثم استيقظ وهو يضحك قالت:فقلت: وما يضحك يا رسول الله؟ قال: (ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة، أو مثل الملوك على الأسرة) قالت:فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها رسول الله (ص) ثم وضع رأسه ثم استيقظ وهو يضحك، فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله كما قال في الأول قالت: فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال: أنت من الأولين فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت"
الملاحظات هى:
- تفلية المرأة لرأس النبى(ص) ونومه على حجرها فى بيتها وزوجها غير موجود أمر لم يحدث وهو كلام فيه مخالفات عدة لأوامر الله
- علم النبى(ص) بالغيب ممثلا فى تلك الأمور وهو ما يناقض أنه لا يعلم الغيب كما قال تعالى على لسانه "ولا أعلم الغيب"
- الرواية لا ذكر فيها للمدينة المزعومة
"3 روى أحمد في المسند (18189) والبخاري في التاريخ الكبير (1760) والحاكم في المستدرك (8300) عن عبدالله بن بشر الغنوي عن أبيه أنه سمع النبي (ص)يقول: (لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش) قال فدعاني مسلمة بن عبد الملك فسألني فحدثته فغزا القسطنطينية"
الملاحظات هى:
كلام عام لا يدل على أى شىء سوى فتح المدينة بدون تحديد للزمن أو لاسم الأمير أو للمشاركين فى الجيش
4" روى مسلم (2920) وغيره من طريق أبي هريرة أن النبي (ص)قال: سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟قالوا: نعم يا رسول الله قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق، فإذا جاءوها نزلوا، فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، قالوا:لا إله إلا الله والله أكبر إلخ الرواية"
الملاحظات هى :
-التناقض بين القول " يغزوها" الذى يعنى حربا وقتالا وبين القول " فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم" فلم يحدث أى قتال أى غزو
-- علم النبى(ص) بالغيب ممثلا فى تلك الأمور وهو ما يناقض أنه لا يعلم الغيب كما قال تعالى على لسانه "ولا أعلم الغيب"
- الجنون فى القول" بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر" فالمدن كلها فى البر ولا توجد مدينة على مياه البحر
- الفتح يتم بآية أى معجزة وهى قول لا إله إلا الله والله أكبر وهو ما يخالف منع الله الآيات وهى المعجزات من عهد النبى الأخير (ص) بقوله " وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
"5 روى مسلم (2897) وغيره من طريق أبي هريرة أن النبي (ص)قال: ( لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق، فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم فيهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا، ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله، ويفتح الثلث لا يفتنون أبدا، فيفتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان أن المسيح قد خلفكم في أهليكم فيخرجون وذلك باطل)
الملاحظات هى:
-الجنون وهو إرادة الروم قتال من سبوا أى أسروا من الروم أنفسهم من قبل المسلمين بالقول" خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم"
- الجنون الأخر اعتبار المسلمين السبى اخوان أى مسلمين مثلهم بالقول فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا "
- الجنون الثالث أن الثلث المقتول من المسلمين لا يتوب الله عليهم والمسلمون توبتهم مقبولة
-- علم النبى(ص) بالغيب ممثلا فى تلك الأمور وهو ما يناقض أنه لا يعلم الغيب كما قال تعالى على لسانه "ولا أعلم الغيب"
- الخبل تعليق السيوف بالزيتون والسيوف لا تعلق بالشجر
"6 روى أحمد في المسند (17068) من طريق جبير أنه سمع أبا ثعلبة الخشني صاحب رسول الله (ص)يقول وهو بالفسطاط في خلافة معاوية, وكان معاوية أغزى الناس القسطنطينية فقال: والله لا تعجز هذه الأمة من نصف يوم، إذا رأيت الشام مائدة رجل واحد وأهل بيته فعند ذلك فتح القسطنطينية"
الملاحظات هى:
- الجنون وهو كون الغزو فى نصف يوم وهو خبل فالجيش يحتاج أيام للوصول من الشام لمكان القسطنطينية
" روى البخاري في صحيحه (3309) من طريق الزهري قال: كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث أنه بلغ معاوية -وهم عنده في وفد من قريش-أن عبدالله بن عمرو يحدث سيكون ملك من قحطان، فغضب فقام فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد فإنه بلغني أن رجالا منكم يحدثون أحاديث ليست في كتاب الله، ولا تؤثر عن رسول الله (، وأولئك جهالكم، فإياكم والأماني التي تضل أهلها، فإني سمعت رسول الله (ص)يقول: (إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين)"
الملاحظات هى:
الرواية لا ذكر فيها للمدينة المذكورة
" روى أحمد في المسند (16324) عن عمير بن هاني قال:سمعت معاوية بن أبي سفيان على هذا المنبر يقول: سمعت رسول الله (ص)يقول: وفيه: (لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله ) فقام مالك بن يخامر السكسكي فقال:يا أمير المؤمنين: سمعت معاذ بن جبل يقول: (وهم أهل الشام)فقال معاوية:ورفع صوته: هذا مالك يزعم أنه سمع معاذا يقول: وهم أهل الشام"

الملاحظات هى:
الرواية لا ذكر فيها للمدينة المذكورة
" روى ابن ماجه (2779) من طريق أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم، لطوله الله عز وجل حتى يملك رجل من أهل بيتي يملك جبل الديلم والقسطنطينية) وفي بعض ألفاظ هذه الرواية: (لبعث الله فيكم رجلا من عترتي يواطئ اسمه اسمي براق الجبين يفتح القسطنطينية وجبل الديلم)"
الخبل فى الرواية هو أن الرجل من ذرية النبى(ص) وهو ما يناقض أنه ليس لديه ذرية كما قال تعالى " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم" فذريته انتهت بموته وموت بناته
-- علم النبى(ص) بالغيب ممثلا فى تلك الأمور وهو ما يناقض أنه لا يعلم الغيب كما قال تعالى على لسانه "ولا أعلم الغيب"
وروايات الديلم والقسطنطينية تناقض فتح القسطنطينية فقط فى الروايات التالية:
" وروى نعيم بن حماد في الفتن (1000)من طريق عبدالله بن مسعود موقوفا عليه: (فيقولون جئنا في طلب هذا الرجل الذي ينبغي أن تهدأ على يديه الفتن وتفتح له القسطنطينية)"
" روى نعيم بن حماد في الفتن (1009) عن علي بن أبي طالب موقوفا عليه: (إذا بعث السفياني إلى المهدي جيشا فخسف بهم بالبيداء، وبلغ ذلك أهل الشام، قالوا لخليفتهم قد خرج المهدي فبايعه وادخل في طاعته وإلا قتلناك، فيرسل إليه بالبيعة، ويسير المهدي حتى ينزل بيت المقدس، وتنقل إليه الخزائن، وتدخل العرب والعجم وأهل الحرب والروم وغيرهم في طاعته من غير قتال، حتى تبنى المساجد بالقسطنطينية وما دونها، ويخرج الخ الرواية)
" وروى نعيم بن حماد في الفتن (999)عن أبي جعفر محمد الباقر قال: (ثم يظهر المهدي بمكة عند العشاء، ومعه راية رسول الله (ص) وقميصه وسيفه، وعلامات، ونور، وبيان، وتستقيم له البلدان، ويفتح الله على يديه القسطنطينية)
وفتح المدينة وحدها يناقض فتحها وفتح الصين والديلم فى الرواية التالية:
" وفي بحار الأنوار كما جاء في معجم أحاديث الإمام المهدي ج3 ( 855 ) عن أبي جعفر محمد الباقر: (فيقيم بها القائم ثلاث رايات: لواء إلى القسطنطينية يفتح الله له، ولواء إلى الصين فيفتح له، ولواء إلى جبال الديلم فيفتح له)
وهو ما يناقض كون المدن المفتوحة عمورية ونيقية والقسطنطينية، ورومية فى الرواية التالية:
"قال كعب: إن فيها لشجرة هي في كتاب الله مجلس ثلاثة آلاف، فمن علق فيها سلاحه أو ربط فيها فرسه فهو عند الله من أفضل الشهداء، قال كعب: تفتح عمورية قبل نيقية، ونيقية قبل القسطنطينية، والقسطنطينية قبل رومية) رواه عن كعب نعيم بن حماد وفي عقد الدرر، معجم أحاديث الإمام المهدي ج1 ص 371"
" وفي دلائل الإمامة وبحار الأنوار كما في نفس المصدر السابق (858 ) عن أبي جعفر محمد الباقر قال: (إذا قام القائم بعث في أقاليم الأرض في كل إقليم رجلا يقول: عهدك في كفك، فإذا ورد عليك أمر لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه فانظر إلى كفك، واعمل بما فيها قال: ويبعث جندا إلى القسطنطينية، فإذا بلغوا الخليج كتبوا على أقدامهم شيئا ومشوا على الماء، فإذا نظر إليهم الروم يمشون على الماء، قالوا: هؤلاء أصحابه يمشون على الماء فكيف هو؟! فعند ذلك يفتحون لهم أبواب المدينة، فيدخلونها، فيحكمون ما يشاؤون)"
الخبل هنا هو المشى على الماء بالكتابة على الأقدام وهى أية أى معجزة وهو ما يخالف منع الله الآيات وهى المعجزات من عهد النبى الأخير (ص) بقوله " وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
"من روايات محمد الباقر معجم أحاديث الإمام المهدي ج3 ص 303: ( إن رسول الله (ص) سار في أمته بالمن، كان يتألف الناس، والقائم يسير بالقتل، بذاك أمر في الكتاب الذي معه أن يسير بالقتل ولا يستتيب أحدا، ويل لمن ناواه) "
الملاحظات على الرواية السابقة والروايات الثلاث القادمة هى أن الروايات لا ذكر فيها للمدينة المذكورة
"من روايات محمد الباقر معجم أحاديث الإمام المهدي ج3 ص 303: (لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم ألا يروه مما يقتل الناس، أما إنه لا يبدأ إلا بقريش!!، فلا يأخذ منها إلا السيف، حتى يقول كثير من الناس ليس هذا من آل محمد، ولو كان من آل محمد لرحم)
" من روايات محمد الباقر معجم أحاديث الإمام المهدي ج3 ص 304: (لو قام قائمنا بدأ بالذين ينتحلون حبنا فيضرب أعناقهم)...
" (المهدي يبعث بقتال الروم، يعطى فقه عشرة، يستخرج تابوت السكينة من غار بأنطاكية فيه التوراة التي أنزل الله تعالى على موسى (ص) والإنجيل الذي أنزل الله عز وجل على عيسى (ص) يحكم بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم) رواه عن كعب نعيم بن حماد في الفتن، معجم أحاديث الإمام المهدي ج1ص 343"
وأما الرواية التالية:
"وهذه رواية أخرى، لكن يرويها هذه المرة عبدالله بن سلام -وكان يهوديا فأسلم-: (ويستخرجون منها حلي بيت المقدس والتابوت الذي فيه السكينة، ومائدة بني إسرائيل، ورضراضة الألواح، وعصا موسى، ومنبر سليمان، وقفيزين من المن الذي أنزل على بني إسرائيل أشد بياضا من اللبن قال حذيفة: قال عبد الله بن سلام: والذي بعثك بالحق إن صفة هذه المدينة بالتوراة طولها ألف ميل، وهي تسمى في الإنجيل فرعا أو قرعا طولها ألف ميل وعرضها خمسمائة ميل) رواه الطبري وابن أبي حاتم والطبراني وابن عدي وابن ومردويه وغيرهم، معجم أحاديث الإمام المهدي، ج1 ص 355 "
فهى رواية بها جنون مطبق قلا توجد فى المدينة فى الأرض كلها طولها ألف ميل وعرضها 500 ميل فهذه المساحة هى مساحة دول كثيرة لمدنها وقراها وما فيها من تضاريس ولا يوجد فى العهدين القديم والجديد مدينة بهذا الوصف
وأما الروايات التالية:
" روى نعيم بن حماد في الفتن (1147) عن أرطأة قال: (على يدي ذلك الخليفة اليماني الذي تفتح القسطنطينية ورومية على يديه) روى نعيم بن حماد في الفتن (1190) عن كعب الأحبار قال: (يكون بعد المهدي خليفة من أهل اليمن من قحطان، أخو المهدي في دينه يعمل بعمله، وهو الذي يفتح مدينة الروم ويصيب غنائمها)
هنا الفاتح يمنى وهو ما يناقض كونه عمانى فى الرواية التالية:
" روى نعيم بن حماد في الفتن (1137) عن كعب الأحبار قال: (ثم يلي بعد ذلك المضري العماني القحطاني يسير بسيرة أخيه المهدي وعلى يديه تفتح مدينة الروم)
وهو ما يناقض كونه العادى فى الرواية الآتية:
" روى البخاري (6700) ومسلم (2910) وأحمد وعبدالرزاق وغيرهم عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن النبي (ص)قال: (لا تذهب الليالي والأيام حتى يغزو العادي رومية، فيقفل إلى القسطنطينية فيرى أن قد فعل، ولا تقوم الساعة حتى يسوق الناس رجل من قحطان)
ويناقض كون الفاتح قحطانى يمنى أو عمانى كونه قريشى هاشمى عدنانى فى الروايات التالية:
" روى نعيم بن حماد في الفتن (1200) عن محمد بن الحنفية قال: (ينزل خليفة من بني هاشم بيت المقدس يملأ الأرض عدلا، يبني بيت المقدس بناء لم يبن مثله، يملك أربعين سنة، ثم تكون هدنة الروم على يديه سبع سنين بقين من خلافته، ثم يغدرون به، ثم يجتمعون له بالعمق فيموت فيها غما، ثم يلي رجل من بني هاشم، ثم تكون هزيمتهم وفتح القسطنطينية على يديه، ثم يسير إلى رومية فيفتحها ويستخرج كنوزها)
" روى أبو نعيم في أخبار أصبهان وابن أبي شيبة في المصنف (33805) عن مالك بن صحار الهمداني قال: غزونا بلنجر في خلافة عثمان فقال حذيفة بن اليمان: (لا تفتحوها قابلا ولا تفتحوها في سلطان بني أمية، ولا يفتح بلنجر، وجبل الديلم، والقسطنطينية إلا هاشمي، بهم فتح هذا الأمر وبهم ختم)
" وروى ابن أبي شيبة في المصنف (33809) عن حذيفة بن اليمان قال: ( لا يفتح القسطنطينية ولا الديلم ولا الطبرستان إلا رجل من بني هاشم)"
ومن ثم فروايات هذا الفتح كلها كاذبة وحتى التاريخ المعروف كاذب فى كون محمد العثمانى هو الفاتح والله أعلم هل فتحت أم أسلم أهلها طوعا كما قال تعالى "ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجا"

الأربعاء، 24 يونيو 2020

نظرات فى الرق في الجاهلية والإسلام

نظرات فى الرق في الجاهلية والإسلام
الكتاب من تأليف إبراهيم محمد الحسن الجمل وهو من المعاصرين وقد استهل الجمل كتابه بمعنى الرقي ونشأته فقال:
"الرق في اللغة: العبودية، وسمى العبيد رقيقا، لأنهم يرقون لمالكهم، ويذلون ويخضعون، والرقيق هو المملوك وقيل: الرق في اللغة: الضعف ومنه رقة القلب وهو نظام اجتماعي معروف بين الشعوب القديمة، واستمر قائما حتى أخريات القرن التاسع عشر، وكان يعتبر بين تلك الشعوب نظاما مشروعا تحميه قوانين الدولة وعرف أيضا بأنه حرمان الشخص من حريته الطبيعية، وصيرورته ملكا لغيره ، وهذا ما كان مصطلحا عليه عند الأمم القديمة"
والرق كلمة لا علاقة لها بالإسلام فلم ترد فى كتاب الله هى أو مشتقاتها من الرقيق وقد غير الإسلام المصطلح إلى ملك اليمين أو ملك الأيمان إشارة إلى أن الرق ذل وهو ما غيره الله إلى اليمن وهو السعد
وفى الفقرة التالية بين الجمل مقولة تعتمد على نظرية غربية تخالف كلام الله وهى التطور من الرعى للزراعة ثم الصناعة وهى مقولة تخالف تعليم الله لآدم(ص) الأسماء كلها وأول ما يجب العمل به للحصول على الطعام هو العمل بالزراعة والعمل معها بما يصلخ الحياة من رعى الأنعام وصناعة الأدوات الضرورية للحياة وفى هذا قال :
"ولقد عرف الرق من قديم، وكانت الحرب بادئ الأمر عاملا على نشأة الرق وذلك أن القوي حينما كان يظهر بالضعيف يقتله، ولا يقبل بغير القتل بديلا، وكان الناس في ذلك الوقت يعملون لأنفسهم فكان الرجال يقومون بالصيد والحروب وكان النساء والأبناء يقومون بغير ذلك من الأعمال وحينما اتجه الإنسان إلى الزراعة، كان في حاجة إلى العناية بالأرض عناية تتكرر كل يوم، وإلى تنظيم العمل، كما أنه كان مع حاجة إلى من يساعده، وهذه المساعدة كانت تعتمد في النهاية على القوة والإرغام، وحدوث التعاون بين الناس، انتهى إلى استخدام الضعفاء بواسطة الأقوياء ثم فكر القوى الظافر في القتال أن الأسير الذي يقتله يمكن أن يبقيه حيا فيستخدمه في زراعة الأرض وبهذا قلت المجاور وقل أكل الناس لحوم بعضهم بعضا وحين أمتنع الإنسان المنتصر عن قتل المغلوب اعتبر هذا تقدما عظيما للإنسان من حيث الأخلاق، حين أقلع عن قتل زميله أو أكله واكتفى من أعدائه باسترقاقهم، وإعمالهم في الأرض وفي الزراعة ثم انتقل استرقاق الغير من الزراعة إلى الصناعة، حتى إذا زادت الثروة، ومال الأغنياء إلى الدعة والراحة، واستغلال الآخرين في ذلك جعل الناس ينظرون إليه كأنه نظام فطري لا غنى عنه وكانت الجماعات البدائية لا ترى فارقا بين الحر والعبد، ولا تجد رقا ولا طبقات، ولا تدرك من الفوارق بين الرئيس وتابعيه إلا قدرا ضئيلا وبالتدريج، أخذ تقسيم العمل وما يقتضيه الاختلاف بين الناس، يستبدل شيئا فشيئا المساواة بقليل من التحكم الذي زاد على مرور الأيام، ثم لما ازدادت الآلات والصناعات تعقدا، عمل ذلك على إخضاع الضعيف لمشيئة القوى، وكلما ظهر سلاح جديد في أيدي الأقوياء زاد من سلطانهم على الضعفاء واستغلالهم إياهم ثم عمل نظام التوريث على اتساع الهوة بأن أضاف إلى الامتياز في الفرص السانحة امتيازا في الأملاك وقسمت المجتمعات التي كانت يوما متجانسة إلى عدد لا يحصى من طبقات وأوساط، وأحس الأغنياء والفقراء بغناهم أو فقرهم إحساسا يؤدى إلى التشاحن، وأخذت حرب الطبقات تسرب خلال التاريخ حتى انتهت إلى وجود طبقة من الناس تستخدم وكأنها آلة تتحرك بغير إرادتها يحركها الغير، وكأنها دمية توجه حسب ما يريد لها سيدها"
هذه نظرية التطور المجنونة التى نست وحى الله وى أعرف كيف يقوم رجل يعلم الدين بتصديقها وقصة آدم(ص) فى الجنة تدل على تعليمه القراءة والكتابة وهو أمر يحتاج لأدوات القلم والسبورة فكيف يكون رجل عالم يقرأ ويكتب لا يعرف ما علمه الله تعالى من الأسماء ومعانيها وكيفية الاستفادة منها وزد على هذا أمره بالأكل من الأشجار عدا شجرة وإنزال اللباس وهو الملابس عليه عند انكشاف عورته هو وزوجته
الرجل عاش فى الجنة حيث الأسرة والفرش والوسائد والبطائن والنمارق وغير هذا من الضروريات المنزلية وهو ما يعنى أنه حتى لو لم يتعلم صناعة تلك الأمور فقد قلدها عندما نزل للأرض ومن ثم فالناس لم يمروا بمراحل التطور المجنونة حيث كانوا لا ينطقون ولا يعرفون كتابة ولا قراءة ولا زرع ولا قلع كما تزعم النظرية
وبين الجمل أن فلاسفة الأمم وهم جهال الأمم أقروا العبودية فى المجتمعات فقال :
"ولم يستطع الفلاسفة القدامى أن يغيروا شيئا من الواقع، وإنما زادوه تثبيتا، وكأنما هذا الصنف من الناس إنما خلق بغير إرادة ولا حول ولا قوة، فأفلاطون يقضي في جمهوريته الفاضلة بحرمان الرقيق حق المواطنة وإجبارهم على الطاعة والخضوع للأحرار من ساداتهم أو من السادة الغرباء، ومن تطاول منهم على سيد غريب أسلمته الدولة إليه ليقتص منه كما يريد ومذهب أرسطو في الرق أن فريقا من الناس مخلوقين للعبودية؛ لأنهم يعملون عمل الآلات التي يتصرف فيها الأحرار ذوو الفكر والمشيئة، فهم آلات حية تلحق في عملها بالآلات الجامدة ويحمد من السادة الذين يستخدمون تلك الآلات الحية أن يتوسموا فيها القدرة على الاستقلال والتمييز فيشجعوها ويرتقوا بها من منزلة الأداة المسخرة إلى منزلة الكائن العاقل الرشيد"
ثم تحدث عن وجود الرق قبل رسالة النبى الأخير (ص)والمفترض ألا يسمى العنوان كما سماه الرق قبل الإسلام لأن الإسلام موجود من أول البشرية وحتى نهايتها فليس هو شىء خاص بالنبى الأخير(ص) فبين ما حكاه القرآن عن استرقاق يوسف(ص) فى مصر وبين وجوده فى الأديان الكافرة فقال :
"الرق قبل الإسلام
كان الرق من دعائم المجتمع عند قدماء المصريين، وكانوا يتخذون الإماء للخدمة، وللزينة ولمظاهر الأبهة، فكانوا بقصور الملوك، وبيوت الكهان والأعيان، وهم إن كانوا يسيئون معاملة رقيق الخدمة، بحيث يعتبرونهم كآلة صماء، فإن رقيق الزينة على العكس فقد كانوا يلقون معاملة حسنة كما يدل على ذلك قول العزيز لامرأته في حق يوسف عليه السلام {وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} (يوسف آية3 )ولقد أباح العبرانيون الرق، وذكر في التوراة في مواضع ، وكان الرق عندهم نوعين: استرقاق الأفراد لارتكاب خطيئة محظورة، واسترقاق غير اليهود في الحروب وكذلك أباحته المسيحية، وأمر بولس مدعي الرسالة العبيد بطاعة سادتهم كما يطيعون السيد المسيح فقال في رسالته إلى أهل أفسس:"أيها العبيد! أطيعوا سادتكم حسب الجسد، بخوف ورعدة في بساطة قلوبكم كما للمسيح، ولا بخدمة العين كمن يرضى الناس، بل كعبيد المسيح عاملين مشيئة الله من القلب خادمين بنية صالحة كما للرب ليس للناس عالمين، أنه مهما عمل واحد من الخير فذلك يناله من الرب عبدا كان أم حرا"وأوصى مدعى الرسالة بطرس بمثل هذه الوصية، وأوصاها آباء الكنيسة، لأن الرق كفارة من ذنوب البشر يؤديها العبيد لما استحقوا من غضب السيد الأعظم ونص في الإنجيل على أن الناس كلهم إخوان، ولكنه لم ينص على منع الاسترقاق، لذلك أقرته جميع الكنائس على اختلاف أنواعها ولم تر فيه أقل حرج ولم ير من جاء من باباوات النصارى ولا قديسيهم حرجا من إقرار الرق حتى قال باسيليوس، في كتابه القواعد الأدبية، بعد أن أورد ما جاء في رسالة بولس إلى أهل افسس: " هذا يدل على أن العبد تجب عليه طاعة مواليه تعظيما لله عز وجل" إن الطبيعة (هكذا قول بولس) قضت على بعض الناس بأن يكونوا أرقاء، واستشهد على نظريته (كما يرى هو أي بولس) بالشريعة الطبيعية والشريعتين الوضعية والإلهية وقال القسيس المشهور بوسويت الفرنسي: "إن من حق المحارب المنتصر قتل المقهور فإن استعبده واسترقه فذلك منه منة وفضل ورحمة"وقد بقى الاسترقاق معتبرا من الأمور المشروعة لدى المسيحيين؛ فقد جاء في دائرة معارف لاروس أن رجال الدين الرسميين يقرون صحة الاسترقاق ويسلمون بشرعيته وإذا كانت الأديان التي سبقت الإسلام، قد أباحت الرق، فإن جميع الأمم المعروفة لنا في القديم قد أباحته كذلك ففي الهند قسمت الشرائع البرهمية القديمة الأشخاص الملزمين بالخدمة إلى قسمين وهما الخادمون والأرقاء، فالأعمال الطاهرة من خصائص الخادمين، والأعمال النجسة على عواتق الأرقاء
وكانت الشريعة الهندية تقضى على أن الرقيق لم يخلق إلا لخدمة البرهمي- وهم الطبقة المقدسة عندهم- فكانوا يتخذون الرقيق من إحدى طبقات المجتمع التي تعتبر صفة العبودية لازمة لها حتى لو تخل السيد عن عبده فإنه يبقى رقيقا لا يصلح أن يتمتع بحريته كغيره من الناس، وكانت القوانين عندهم تقضى بقتل العبد لأقل هفوة يرتكبها، أما التنكيل به والانتقام منه بسائر الوسائل الوحشية فحدث ولا حرج وكان الرق عند الفرس بدولتهم العظيمة التي امتدت في حدود آسيا المعروفة كثيرة، فكان الأرقاء الرعاة، والأرقاء المختصون بحاجات الزينة والثروة واليسار، ومنهم من خصص لعمل القبائح المنكرة التي قضت بها خرافات القوم قال هيرودت: "ولا يجوز لأي قاس أن يعاقب عبده على ذنب واحد اقترفه بعقاب بالغ في الشدة والصرامة لكن إذا عاد العبد لارتكاب هذا الذنب بعدما أصابه من العقاب فلمولاه حينئذ أن يعدمه الحياة أو أن يعاقبه بجميع ما يتصور من أنواع العذاب" ولعل الصين كانت في القديم من أكثر الدول اعتدالا في معاملة رقيقها، فكان يستخدم للمنفعة العامة، وكانوا يجلبون الرقيق من الخارج بواسطة الحروب والأسلاب، أو يأخذونهم من البلاد بسبب الفقر والحاجة، لأن الفقير كان يضطر لبيع نفسه أو لبيع أولاده، وكان الاسترقاق في تلك البلاد قليل الشدة والصعوبة؛ لأن الشرائع والعرف والأخلاق كانت تساعد على تلطيف حاله وقد ورد في أثارهم:
" إن الإنسان هو أفضل وأشرف المخلوقات التي في السماء والتي على الأرض، فمن قتل رقيقه فليس له من سبيل في إخفاء جرمه، ومن أخذت به الجرأة فكوى رقيقه بالنار، حوكم على ذلك بمقتضى الشريعة، ومن كواه سيده بالنار دخل في عدد الوطنيين الأحرار"وإذا تركنا آسيا وانتقلنا إلى أوربا لم يكن حال الرقيق بأحسن مما كان عليه الحال في بلاد فارس أو الهند فلقد كان المجتمع اليوناني المقسم إلى سادة وعبيد يبالغ في احتقار العبيد على الرغم من استخدامهم في سائر المرافق، وكانوا يعتقدون أن الأرقاء إنما خلقوا لخدمة السادة والأمراء، وكانوا يعتبرونهم جزءا من الأرض يباعون ويشترون، وكان المورد الأساسي للعبيد عندهم الأسر في الحروب، وأهل البلاد المغلوبة التي يعملون فيها، وكانت القرصنة هي المورد الثاني للعبيد وعندما نشطت تجارة الرقيق في أثينا لم تقف مطامع النخاسين عند حد، وصار القراصنة اليونانيون يخطفون المسافرين، والسكان الآمنين في الشواطئ الأفريقية والأوربية ويبيعونهم للناس في الأسواق من غير خجل ولا تكبر وكان حق المولى على عبده أنه جزء من أملاكه وأمتعته، فله رهنه أو بيعه، والتصرف فيه كما يشتهى لا يمنعه مانع ولم يكن الحال عند الرومان بأقل مما كان عليه غيرهم من حيث استخدامهم في الأعمال الجسمانية، ومساواتهم بالأمتعة والفرش، فكانوا يباعون بالمزاد وكانوا يوقفون على مكان عال بحيث يتيسر لكل واحد أن يراهم ويمسهم بيده، ولو لم يكن له نية في شرائه أحيانا كانوا يشاهدون كيوم ولدتهم أمهاتهم، وكان الرق في نظرهم نتيجة الأسر والسبي، أو الميلاد، أو الدين أو الفرار من الجيش ومن العجيب أن الدولة كانت تسترق بعض الأفراد بسلطة القانون مثل أن يمتنع الشخص من أداء الضريبة، أو بعيب عندما يطلب منه الحضور، فيمتنع فيصبح حينئذ في عداد الأرقاء وكذلك كان المجرمون والثوار يسترقون للدولة، أما الملحدون في الدين فكانوا يسترقون للمعاد وكان الإسبرطيون يكرون العبيد لمن يرغب في ذلك، ويشغلونهم في الحروب والقتال زيادة في الخدمة، وفلاحة الأراضي وحراستها وغير ذلك من أنواع العمل الشاق وكانت القرون الوسطى مسرحا للاسترقاق وتكاد كلها تتشابه مع الرومان ويعتبر الرقيق كجزء من متاع البيت فهو بمنزلة الفرس والثور، وغيرهما من الحيوانات المستخدمة الأهلية، فكان المولى في شرعهم يتصرف بعبده كما يتصرف بما عنده من الأشياء ذات القيمة، وكان لا يجوز له قتله لأنه شيء من الأشياء التي تملكها يمينه، ولم يختلف الاسترقاق عن سابقه عند الغاليين وهم السكان المعروفون في فرنسا وأمام جبال الألب في إيطاليا الشمالية وأقاليم الغاليا في الجزر البريطانية وإسبانيا وكذلك سكان جرمانيا- ألمانيا- فكانوا يحتكمونهم بطريقة الشراء أو الميراث، وكانوا يكلفون بخدمة المنازل، وكان الولي يفرض عليه مقدارا من القمح أو الماشية أو الملابس كأنه من مؤاجريه، وكان سكان نهر الرين الأسفل إذا تزوج أحد الأهالي برقيقة أجنبية وقع في الرق والاستعباد وكذلك المرأة الحرة التي تتزوج برقيق تفقد حريتها، وينالها العقاب وكان عند القوط أن المرأة الحرة إذا تزوجت برقيقها، كانت عقوبتها أن تحرق هي وإياه وهما على قيد الحياة، وإذا كانت لا تمتلك العبد يفسخ النكاح، ويجلد كل منهما بالسياط، ولكن التصرف في العبد بالموت، كان يلجأ السيد إلى القاضي، ليحكم حكمه، ثم يسلمه لسيده ليفعل به ما يريد، وكانت قبائل الويز يغوط تشدد النكير في مسألة تزواج الأحرار بالأرقاء، حتى نص القانون على أن المرأة الحرة إذا تزوجت بعبدها فعقابها أن تحرق هي وهو حيين، وكذلك كانت قبائل الاستورغوط، فقد كانوا يقتلون المرأة التي تتزوج بعبد وكان الأنجلو ساكسون يقسمون الرقيق إلى نوعين هما الرقيق المشبهون بالمنقولات والمشبهون بالعقارات، فالصنف الأول يجوز بيعهم أما الآخرون فكانوا لا ينفكون عن الأرض يقومون بحراثتها وزراعتها من هذا يتبين أن الأرقاء لم يكن لهم أي تصرف في أنفسهم، ولا أمل لهم في حياة إنسانية أو شبه إنسانية وكانت تجارة الرقيق نشطة في أسواق أوربا، ومواني جنوة والبندقية وليفورن في إيطاليا، تعج بالمراكب التي تحمل أبناء السود من الجنسين المخطوفين من إفريقيا، وبعض دول آسيا، وكان أكثر القائمين على هذه التجارة من اليهود ولم يكن الحال في أمريكا بأقل منه في الدنيا القديمة، فلقد كانت بواخرها تنتقل بين شاطئ أفريقية وبين أمريكا حاملة الألوف من أهل إفريقية للاتجار، وللزراعة، وكانت حالتهم شبيهة بحال إخوانهم في الدنيا القديمة، فهم بين العمل، والاحتقار، والمهانة فكان على غاية الشدة والقسوة، وكان مقتضى القانون الأسود أن الحر إذا تزوج بأمة صار غير جدير بأن يشغل وظيفة في المستعمرات وكانت القوانين تصرح بأن للسيد كل حق على عبده حتى حق الاستحياء والإماته وكان يجوز للمالك رهن عبده، وإجارته، والمغامرة عليه وبيعه، كأنه بهيمة وكان لا حق للأسود أن يخرج من الغيط، ويطوف بشوارع المدن إلا بتصريح قانوني، ولكن إذا اتفق واجتمع في شارع واحد أكثر من سبعة من الأرقاء ولو بتصريح قانوني، كان لكل أبيض إلقاء القبض عليهم وجلدهم، وقد صرح قانونهم على أن ليس للعبد روح ولا عقل وأن حياتهم محصورة في أذرعهم ولقد بدأ إلغاء الرق في أمريكا في منتصف القرن الثامن عشر، وفي سنة 1857 نشبت الحروب بين الولايات الشمالية والجنوبية من أجل إعلان حرية العبيد، ولم يتحقق إلا سنة 1865م بعد انتصار الشماليين على الجنوبيين وقد ظلت التفرقة العنصرية شائعة سنوات عديدة، ولم يكن من الممكن أن يدخل العبيد في الأماكن التي فيها الأسياد ولا أن يركبوا مراكبهم، وكثيرا ما كان البيض يثورون ضدهم، ويشبعونهم ضربا وتقتيلا، وكان القانون دائما في صف البيض
ومع مرور الأيام بدأ يخف هذا النمط من المعاملة حتى أخذ العبيد أو السود كما يسمونهم شيئا من المشاركة في الحياة العامة ولقد بقي الرق على شرعيته عند غير المسلمين إلى أن قررت الثورة الفرنسية إلغاءه سنة 1779 م ومع ذلك فإن عامة البلاد الأوربية والأمريكية ظلت تمارسه إلى نهاية القرن التاسع عشر؛ أي بعد الثورة الفرنسية التي أعلنت مبادئ الحرية والمساواة بين الناس بما يزيد على قرن كامل من الزمن وكان الرق في الجزيرة العربية لا يختلف كثيرا عما كان عليه في الأمم الأخرى وكانت الحروب الدعامة الكبرى للرق، فعندما تقوم الحرب ويأسر الغالب المغلوب يأخذه أسيرا عنده وأيضا كان الرق نتيجة للثراء بعد أن يخطف الرقيق؛ فلقد خطف زيد بن حارثة وهو صغير في أثناء لعبه بعيدا عن أمه وهو عند أخواله، ثم بيع في إحدى الأسواق القريبة من مكة واشتراه حكيم بن حزام ابن أخي السيدة خديجة بنت خويلد، ثم أهداه حكيم إلى عمته ولما رأت رضى الله عنها رغبة زوجها الأمين محمد بن عبد الله قبل البعثة أن يلازمه فيقوم بخدمته، قدمته إليه هدية فلزم الرسول (ص)قبل الرسالة وبعدها وكانت تجارة الرقيق من أهم موارد الثروة عند أهل مكة في الجاهلية ومن أشهر تجار الرقيق عبد الله بن جدعان وكان ذا تجارة واسعة في الرقيق
ولقد حرم الأرقاء في الجاهلية من كافة الحقوق المدنية، ومن التصرف في شئونهم الخاصة وغالبا ما كنوا يطلقون كلمة السبايا على النساء خاصة وفي ذلك يقول الشاعر:
فعادوا بالغنائم حافلات وعدنا بالأسارى والسبايا
وكان العبد أحيانا ينال حريته؛ وذلك إذا أظهر شجاعة فائقة في الحروب والقتال ضد من يعتدي على سيده وعلى قبيلته، ويحفظ لنا التاريخ قصة عنترة المشهورة وعتق وليه وأبوه له، وجعله حرا يتصرف تصرف الأحرار بعد أن كان عبدا يرعى الغنم، وأيضا فقد يكون الإخلاص الشديد سببا في العتق ومهما يكنا من وجود طريق إلى حرية الرقيق فقد كانت قليلة بل نادرة، وكانت معاملة الرقيق لا تضرج عما كان متبعا في الدول الأخرى"
الرجل هنا ذكر بعض ما ورد فى كتب التاريخ والأديان عن الرق والرقيق مرجعا السبب الرئيسى إلى الحروب وبشكل أقل عمليات الخطف وهو ما ذكره من نصوص فى بعض الأديان كالهندوسية يجعل السبب الرئيسى عندهم هو الدين كما أن بعض الأديان ممثلة فى القوانين أو التقاليد أو العادات أباحت طرقا أخرى كالبيع والشراء كما فى قوله تعالى فى شريعة لأهل مصر فى عهد يوسف(ص) "وشروه بثمن بخس دراهم معدودة"
ثم تحدث عما حدث فى عهد البعثة النبوية فقال:
"الرق في الإسلام
جاء الإسلام والعالم تتحكم فيه قوتان كبيرتان هما الفرس في أسيا والروم في أوربا، والفوارق الطبقية بلغت مداها، وما يزال الرق منتشرا، والرقيق يعاملون وكأنهم جزء من المتاع لا يملكون من أنفسهم شيئا
جاء الرسول الأعظم محمد بن عبد الله (ص)في الجزيرة العربية بشريعة رب العالمين، فيها سعادة البشر في الدنيا والآخرة، ولم تكن دعوته لقوم دون قوم، أو لطائفة وحدها وإنما هي دعوة لجميع البشر، في أنحاء المعمورة لا تتقيد بمكان أو زمان إلى يوم القيامة: {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا} (سورة سبأ 8)
وأول ما دعا إليه الإسلام حفظ كرامة المسلم، وتحريره من كل القيود لا فرق بين أسود وأبيض أو غني وفقير أو حاكم ومحكوم، الكل أمام الله سواء{يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} (سورة الحجرات ) ومما يروى في سبب نزول هذه الآية: ما روي أنها نزلت في أبي هند، أمر رسول الله (ص)بني بياضة أن يزوجوه امرأة منهم، فقالوا يا رسول الله ونزوج بناتنا موالينا فنزلت الآية ويقول الرسول (ص): "لا فضل لعربي على عجمي ولا لأحمر على أسود إلا بتقوى الله"ولقد عامل الإسلام في أول عهده الرقيق الذين أسلموا- وما يزالون قريبين من العهد الجاهلي- أحسن معاملة، ولم يلغ ما سبق في الجاهلية حتى لا تفسد أمور الناس، وينشغلوا عن أصل الرسالة بأمور جانبية"
الخطأ فى الفقرة السابقة هو أن الاية نزلت فى تزويج ألو عند المولى امرأة أنصارية والآية ليس فيها ذكر للزواج وإنما ذكر للأمر الذى يتفاضل به الناس وهو التقوى وكون سبب خلقهم التعارف وهو تعلم الدين للتعامل مع بعضهم البعض كما أن القول المنسوب للنبى(ص) فى الرواية "لا فضل لعربي على عجمي ولا لأحمر على أسود إلا بتقوى الله"لا علاقة له بتساوى الأحرار والعبيد لأنه ذكر اللغة وذكر اللون فقط
ثم بين أن الإسلام جاء بطرق بتخليص الرقيق من رقهم فذكر شراء المسامين الأغنياء العبيد لعتقهم كما حدث مع بلال فقال :
"لقد عاملهم معاملة حسنة، وكان إسلامهم طريقا إلى التخلص من الرق بطريق مشروع؛ كأن يشترى العبد المسلم من سيده ويعتق، كما حصل للعبد بلال بن رباح، فقد أسلم، ولكنه ما يزال عبدا لسيده أمية بن خلف الذي أذاق بلالا كل أصناف التعذيب، فكان يتركه في حرارة الشمس القاتلة ساعات الظهيرة كي يرجع عن إسلامه، ولكنه كان قوي الإيمان فتحمل العذاب الأليم إلى أن جاء أبو بكر الصديق واشتراه وأعتقه"
ثم ذكر أن الإسلام لم يفرق بين الموالى أو العتقاء والأحرار فى قيادة الجيوش فجعل بعض قادة من العتقاء لسبقهم للإسلام فقال :
"ولقد وجد الرقيق في الإسلام عزا وكرامة، ووجدوا في أخوة الإسلام ما جعلهم يعيشون أحرارا، يرتقون بهذه الأخوة إلى أسمى الرتب ولنضرب لذلك مثلا بزيد بن حارثة وابنه أسامة الذي ولى قيادة جيش المسلمين، ولما يناهز الثامنة عشرة وقد ولاه الرسول (ص)في آخر حياته، ونفذه كبار الصحابة بعد وفاته، ومشى أبو بكر الخليفة رضي الله عنه وهو راكبـ، وكان تحت قيادته الصحابة من أمثال عمر وعلى وغيرهما رضي الله عنهم أجمعين ولقد افتخر المسلمون بأن رابع الذين أسلموا كان زيد بن حارثة، فقد أسلم بعد السيدة خديجة زوج الرسول (ص)وأبى بكر وعلى "
ثم طرح الجمل السؤال التالى هل في الإسلام رق؟
ثم أجاب أنه حرم الاسترقاق نهائيا فقال :
"الإسلام لا يبيح أن يسترق مسلم مسلما مهما كانت الدوافع العدائية بينهما، فالمسلم المولود من أبوين حرين لا يجوز استرقاقه في أي حال من الأحوال، فالاسترقاق لا يجوز بين أهل الدين الواحد, بل لقد جاء في القرآن الكريم النهي عن مقاتلة المسلمين بعضهم بعضا
يقول المولى سبحانه وتعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين}
وكذلك لا يبيح الإسلام للمسلمين استرقاق أهل الكتاب الذين يعيشون بينهم والذين أمنهم على أنفسهم وأهلهم وأموالهم وكذلك الذين ليس لهم كتاب كعبدة الأوثان، والذين لم نحاربهم فالصحيح أن استرقاقهم لا يجوز مطلقا ولقد أغلق الإسلام كل أبواب الرق التي كان السابقون يتخذونها ذريعة إلى الاستعباد والتحكم الأعمى في رقاب بني آدم الذين كرمهم الله وفضلهم على جميع المخلوقات وأحل لهم الطيبات وجعل فيها رزقهم: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} (الإسراء الآية 70)فلا أسر بدون حرب، ولا نهب للناس، ولا استعباد بالدين أو المراهنة أو القوة أو الاستحسان "
ورغم كون الرجل حرم استرقاق الإسلام الكل فى كل الأحوال فإنه عاد وناقض نفسه فذكر وجود استرقاق لأسرى الحرب فقال :
"ولقد حاول الإسلام جهده أن يلغي ذلك النظام ويحول دون انتشار الرق بشتى الوسائل فقد قال فقهاء الإسلام:
"إن كل من أسلم قبل الأسر في الحروب بين المسلمين وغير المسلمين عصم نفسه وماله وإن مجرد دخول العدو المحارب دار الإسلام أمان له من السبي وإذن فالرق الموجود في الإسلام إنما يكون في حالة واحدة هي الحرب التي شرعها الإسلام لحماية الدعوة والدفاع عن أنفس المسلمين كما جاء في قوله تعالى: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز, الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} فهذه الآيات تفيد ما يأتي:
أولا: أن تشريع القتال في الإسلام إنما كان لحماية الدعوة، وحماية المؤمنين المضطهدين فهو دفاع لا هجوم ووسيلة لغاية شريفة
ثانيا: أن القتال من هذا النوع هو من باب ما يقال (القتل أنفى للقتل) فالمراد به هو استقرار السلام وضمان الحريات العامة, فالحرب التي يقوم بها المسلمون لحماية دعوتهم تستوجب ظهور الإيمان ونصرة العقيدة، بدون إكراه لغيرهم، فلقد كانت بيوت العبادة لليهود وللنصارى قائمة بجانب المساجد وكانت هناك دائما حرية العبادة للجميع
ثالثا: أن الغاية من حرب الإسلام هي أن يتمكن المسلمون من إقامة شعائر الدين بكل حرية ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكرومعنى ذلك أن يتحقق وجود العالم الأفضل الذي أراده الله لعباده وتستأصل الرذائل والشرور من هذه الأرض
فإذا قامت الحرب واشتدت وتعرض الطرفان للقتل والأسر فماذا سيصنع الأعداء بأسرى المسلمين؟
لا شك في أنهم سيأخذونهم رقيقا عندهم فهل يطلق المسلمون الحرية لأسرى أعدائهم بينما المسلمون الأسرى هم عبيد لغيرهم يباعون ويشترون؟
لذلك نجد الإسلام جعل هذه الحالة ضرورة وقتية تزول بزوال أسبابها ودوافعها وجعل أيضا معاملة العدو بمثل معاملته، وحيث أنه لم تكن هناك قوانين عامة تحمي أسرى الحرب من الاسترقاق، فليس هناك وسيلة للضغط على العدو من أجل تحسين معاملة الأسرى الذين يقعون في يده ومحاولة استخلاصهم من الرق والإسلام لم يوجب هذا الاسترقاق الذي جاء عن طريق الحرب، بل أباح الخيار بين أن يقبل الفداء من أسرى العدو أو يمن عليهم بإطلاق سراحهم بدون فداء، وهذا ما صرحت به الآية الكريمة فقال تعالى: {حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها}"
ما ذكره من كون الأسر استرقاق هو ضرب من الخبل فالاسترقاق يوجب بقاءهم فى عهدة المسلمين حتى يموتوا ولكن الله شرط انتهاء الأسر بانتهاء الحرب
ثم ضرب الجمل أمثلة من التاريخ عن اطلاق سراح الأسرى فى بدر وفى حطين فقال:
"ولقد تأسى الخلفاء الراشدون والصالحون من بعدهم بما جاء به القرآن الكريم وما فعله الرسول الأمين، فكثيرا ما كانوا يمنون على الأعداء المقاتلين بالفداء أو بدونه ويتركونهم ابتغاء وجه الله وكثيرا ما كانت هذه المعاملة الحسنة تأسر قلوبهم
ولقد وجدنا البطل المغوار صلاح الدين الأيوبي قائد الحروب ضد الصليبيين يطلق آلاف الأسرى من أعداء الإسلام الذين أتوا من أوروبا يقصدون الاستيلاء على البلاد وإهلاك العباد والذين هاجموا بلاد المسلمين وكبدوها من الخسائر في النفوس والأموال الكثير
ولن ينس التاريخ ما فعله الرسول الأعظم بأسرى غزوة بدر فقد جعل المفاداة لهم بالمال أو بأسرى مسلمين أو بالقيام بعمل شريف نبيل كتعليم العلم فقد جعل الرسول (ص)فداء كل أسير تعليم عشرة من صبيان المسلمين القراءة والكتابة وتغنى شعراء المسلمين بالمن على الأسرى وإطلاق سراحهم وجعله من أكرم الصفات وأنبل الأفعال إذ يقول شاعرهم:
ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم إذا أثقل الأعناق حمل المغارم"
ثم تكلم الجمل عن وسائل التخلص من الرق فى الإسلام فقال :
"الإسلام يدعو لتحرير الرقيق:
اعتبر الإسلام الرق عارضا حتى قال العقاد رحمه الله: "شرع الإسلام العتق ولم يشرع الرق؛ إذ كان الرق مشروعا قبل الإسلام في القوانين الوضعية والدينية بجميع أنواعه: رق الأسر في الحروب، ورق السبي في غارات القبائل بعضها على بعض، ورق الاستدانة أو الوفاء بالدين" وغير ذلك مما كان القوم يستحدثونه
ولهذا شرع الإسلام وسائل كثيرة إن حصل رق في حرب وذلك مساعدة للأرقاء على استرداد حريتهم، واستقلالهم، فأوصى الله سبحانه وتعالى بالأرقاء وبالدعوة إلى إطلاق سراحهم وكما أوصد الإسلام كل أبواب الرق المحرمة فإنه فتح أبواب التحرير على مصاريعها لأنه يدعو إلى الحرية ورفع نير الاستعباد والاضطهاد وإزالة كل وسائل الامتهان والاحتقار والسخرية والازدراء، وبهذا ألغى جميع صور ومصادر الرق الأخرى المبنية على الظلم والجور والحيف والتعسف واعتبرها محرمة شرعا لا تحل بحال
دعا الإسلام إلى مكاتبة الأرقاء، وندب إلى إعتاقهم وحث على ذلك فقال تعالى في كتابه العزيز: {والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} (النور الآية )
ومما ورد في سبب نزولها ما أخرجه ابن السكن في معرفة الصحابة عن عبد الله بن صبيح عن أبيه قال: "كنت مملوكا لحويطب بن عبد العزى فسألته الكتاب فأبى فنزلت الآية"
الرواية خاطئة فالرواية تتحدث عن المسلمين الذين عندهم فتيان أو إماء وليس عن كفار كحويطب ثم تحدث عن آية النور فقال :
"بل لقد نهى الشرع الحكيم عن استخدام الرقيق فيما حرم الله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا} ومما ورد في سبب نزول هذه الآية ما روي عن ابن عباس بسند صحيح قال: " كانت لعبد الله بن أبي جارية تزني في الجاهلية فلما حرم الزنا قالت: لا والله لا أزني أبدا فنزلت"
فالآية لا تتحدث عن الزنى لأن الزنى محرم ولا يمكن أن يكون مسلما من يشغل فتياته فى البغاء وهو الزنى ولا يمكن أن يبيح الله البغاء بمعنى الدعارة للمسلم بأى شكل من الأشكال وإنما تتحدث الآية عن حرمان البنات من الزواج للحصول على ميراثهن أو التصرف فى أموالهم
ثم بين الرجل وسائل أخرى لتخليص العبيد والإماء من الرق فقال :
"وجعل الشرع الحكيم وسائل فردية تحرى فيها الإسلام العتق وتعجيل فكاك الأسرى ومن ذلك جعله العتق كفارة عن كثير من الذنوب كالقتل الخطأ فقال تعالى: {ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة}
فمما ورد في سبب نزول هذه الآية أن الحارث بن يزيد من بني عامر بن لؤي كان يعذب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل ثم خرج الحارث مهاجرا إلى رسول الله (ص)فلقيه عياش بالحرة فعلاه بالسيف وهو يحسب أنه كافر ثم جاء إلى النبي (ص)فأخبره فنزلت الآية
كذلك إذا حنث المسلم بيمينه فإن كفارته أيضا عتق رقبة قال تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم} وكذلك الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا قال تعالى: {والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا}
روت عائشة قالت: "تبارك الله الذي وسع سمعه كل شيء، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة، ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله (ص)، وتقول: يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر مني اللهم إني أشكو إليك فما برحت حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} "
أيضا يحسب من الرذائل المأخوذة على الإنسان السيئ أنه لا يقتحم هذه العقبة أو لا ينهض بهذه الفدية المؤكدة, إنها سبيل إلى رحمة الله، وطريق إلا جنته: {فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة} وأيضا فقد جعل الشرع الحكيم للإعتاق بابا من أبواب الزكاة، وقسمها سبحانه وتعالى بنفسه وجعل فيها سهما مفروضا لتحرير الرقاب قال تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} ففي الرقاب إنما يكون العتق"
وبعد أن ذكر ما يعلمه من وسائل القرآن فى التخلص من الرق ذكر الروايات فاستهل كلامه برواية لا تتحدث عن الموضوع من قريب او بعيد وهى فى النذر فقال :
وبجانب القرآن نجد السنة توضح وتبين أسبابا للعتق فمن أوجب على نفسه تحرير رقبة بالنذر وجب عليه الوفاء به متى تحقق له مقصوده وتم له مراده
قال (ص): "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه"
فلا يوجد أى ذكر للرق أو وسائل التخلص منه هنا ثم ذكر الروايات التالية:
"كذلك من أعتق نصيبه من مملوك عتق عليه كله بالسراية وسلم قيمته لشركائه إن كان موسرا، فعن أبي هريرة عن النبي (ص): "من أعتق شقصا من مملوك فعليه خلاصه كله في ماله فإن لم يكن له مال قوم المملوك قيمة عدل ثم استسعى العبد غير مشقوق عليه"
والرواية هنا لم يقلها النبى (ص) لأنه توجل على معتق نصيبه أن يعتق العبد كله دون أن تذكر هل يملك مالا يفعل به هذا أو لا وهناك رواية أخرى أصح معنى وهى تقول أن لم يكن له مال فقد أعتق نصيبه فقط قم ذكر الروايات التالية:
"وكذلك من ملك ذا رحم محرم عليه كأبيه وأخيه وعمه وخاله، وأمه وعمته وخالته عتق عليه قهرا لقوله (ص): "من ملك ذا رحم محرم فهو حر" رواه أهل السنن
أيضا من جرح مملوكه عتق عليه، فقد جاء في الحديث: أن رجلا جدع أنف غلامه فقال (ص): "اذهب فأنت حر" فقال: يا رسول الله فمولى من أنا؟ قال (ص): "مولى الله ورسوله"
ثم ذكر الرواية التالية:
"وأيضا التدبير وهو تعليق عتق الرقيق بموت مالكه روى جابر بن عبد الله قال: "دبر رجل من الأنصار غلاما له وفى لفظ بلغ النبي (ص)أن رجلا من أصحابه أعتق غلاما له عن دبر لم يكن له مال غيره فباعه رسول الله (ص)بثمانمائة درهم ثم أرسل بثمنه إليه"
وهى رواية تبقى الرق وليست تمنعه والنبى(ص) لم يمنع عتق أحد لأن الرواية هنا جعلته باع العبد وهو ما يعنى أن أبقاه فى الرق فى عهدة من اشتراه وهو كلام لا يتفق مع رحمته (ص) ثم قال :
"وإذا وطئ حر أمته فأتت منه بولد صارت أم ولد له تعتق بموته لحديث ابن عباس يرفعه: "من وطئ أمته فولدت فهي معتقة عن دبر عنه" رواه أحمد وابن ماجه"
وهى رواية تبيح الاغتصاب وهو ما حرمه الله فأوجب زواج الفتاة بأمر أهلها فقال "فأنكحوهن بإذن اهلهن" وليس جماعها من دون زواج سواء كان زنى برضاها أو اغتصاب دون رضاها
قم بين الرجل ان النبى(ص) والمسلمين ضربوا المثل فى حسن معاملة الفتيان والفتيات بمعاملتهم معاملة الند فى كل شىء فقال :
"القول يتبعه العمل:
لقد ضرب لنا رسول الله (ص)المثل لنقتدي به فكثيرا ما كان يحث الصحابة على حسن معاملة الرقيق وهي القلة الباقية ثم حضهم على العتق والحريةفعن واصل الأحدب قال: سمعت المعمور بن سويد قال: "رأيت أبا ذر الغفاري وعليه حلة وعلى غلامه حلة فسألناه عن ذلك فقال: ساببت رجلا فشكاني إلى رسول الله (ص)فقال لي النبي (ص): أعيرته بأمه؟! ثم قال: إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم" وقال (ص): "إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين "وعن ابن مسعود قال: "بينما أنا أضرب غلاما لي إذ سمعت صوتا من خلفي: اعلم يا ابن مسعود مرتين فالتفت فإذا رسول الله (ص)فألقيت السوط من يدي فقال: والله لله أقدر عليك منك على هذا"
وبلغ من رحمة رسول الله (ص)أنه كان لا يطيق أحدا أن يقول: كان عبدي وأمتي وأنه أمر المسلمين أن يكفوا عن ذلك، وأن يقولوا فتاي وفتاتي وكان لهذه التربية أحسن الأثر في تحرير الأرقاء ونشر المساواة بين المسلمين
وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (ص)رأى رجلا على دابة وغلامه يسعى خلفه فقال: "يا عبد الله احمله خلفك فإنما هو أخوك روحه مثل روحك فحمله"
ثم روى روايات أخرى منها :
"وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله (ص)أنه قال: "أيما مؤمن أعتق مؤمنا في الدنيا أعتق الله تعالى بكل عضو منه عضوا من النار"
وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: "أتينا رسول الله (ص)في صاحب لنا قد أوجب، فقال (ص): اعتقوا عنه يعتق الله تعالى بكل عضو منه عضوا من النار"
وهذه الروايات خاطئة فالعمل الصالح يعتق المسلم من النار كاملا وليس جزء جزء ثم ذكر التالى :
"وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "جاء أعرابي إلى النبي (ص)فقال: يا رسول الله علمني عملا يدخلني الجنة فقال (ص): اعتق النسمة، وفك الرقبة فقال: أو ليسا واحدا؟ قال (ص): لا، عتق النسمة أن تنفرد بعتقها، وفك الرقبة: أن تعين على فكاكها"ولعل ما عبر عنه القرآن الكريم في سورة البلد فيه خير كثير، فقد من الله على عباده بالنعم التي أنعم بها عليهم فقال سبحانه وتعالى: {ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين} ثم قال بعد ذلك جل وعلا: {فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة}
ولقد ضرب لنا الصحابة المثل الأعلى في معاملة أرقائهم، فساووهم بأنفسهم بل أحيانا كان يفضل الواحد منهم عبده على نفسه فقد روي أن علي بن أبي طالب قال: "إني لأستحي أن أستعبد إنسانا يقول ربي الله"
ومما روي عن علي أنه أعطى غلاما دراهم ليشتري بها ثوبين متفاوتي القيمة، فلما أحضرهما أعطاه أرقهما نسيجا وأغلاهما قيمة وحفظ لنفسه الآخر وقال له: "أنت أحق مني بأجودهما لأنك شاب وتميل نفسك للتجمل أما أنا فقد كبرت"
ولقد عني الإسلام بنفسية الأسير والرقيق عناية خاصة فقال سبحانه وتعالى يطيب خاطرهم ويفتح باب الأمل في المغفرة وحسن الجزاء {يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم} "
ثم نقل الجمل نقولا ليس لها فائدة من شهادات الكفار للإسلام بحسن التخلص من الرق ومعاملة الرقيق فقال :
"ولقد أثنى على الإسلام ومعاملته للرقيق كثير من المنصفين من الأوروبيين والمستشرقين، فقد وصف المستشرق (فان دنبرغ) معاملة الإسلام للرقيق في هذه العبارة: "لقد وضع للرقيق في الإسلام قواعد كثيرة تدل على ما كان ينطوي عليه محمد وأتباعه نحوهم من الشعور الإنساني النبيل ففيها تجد من محامد الإسلام ما يناقض كل المناقضة الأساليب التي كانت تتخذها إلى عهد قريب شعوب تدعي أنها تسير في طليعة الحضارة"
نعم إن الإسلام لم يلغ الرق الذي كان شائعا في العالم، ولكنه عمل على كثير من إصلاح حاله، وأبقى حكم الأسير ولكنه أمر بالرفق
يقول جوستاف لوبون: "إن الرق عند المسلمين غيره عند النصارى فيما مضى، وإن حالة الأرقاء في الشرق أفضل من حال الخدم في أوروبا، فالأرقاء يؤلفون جزءا من الأسرة ويستطيعون الزواج ببنات سادتهم أحيانا- أي بعد أن يعتقوا- ويقدرون أن يتسنموا أعلى الرتب، وفى الشرق لا يرون في الرقيق عارا، والرقيق فيه أكثر صلة لسيده من الأجير في بلادنا"
ثم طرح الجمل سؤال هو :لماذا لم يبدأ الإسلام بإلغاء الرق؟
وكان جوابه هو "إن الإسلام قد وضع الأساس الأول لإلغاء الرقيق منذ خمسة عشر قرنا من الزمن، ولم يحاول أن يلغيه كما يقولون: بجرة قلم؛ لأن الإسلام دين إصلاح لا هدم، ولو دعا إلى تحرير كل العبيد لاهتز كيان العالم وفسدت المصالح وتعطلت حاجات الناس، وما استطاعوا في ذلك الوقت أن يأخذوا سيرهم في الحياة، فكانت الظروف الاجتماعية التي كانت موجودة عند ظهور الإسلام تحتم على كل مشرع حكيم أن يقر الرق في صورة ما، وتجعل محاولة إلغائه تصاب بالفشل والإخفاق
وأيضا فإن الإسلام لم يقر الرق إلا في صورة تؤدي نفسها إلى القضاء عليه بالتدريج يقول علي عبد الواحد وافي: "ظهر الإسلام في عصر كان نظام الرق فيه دعامة ترتكز عليهما جميع نواحي الحياة الاقتصادية، وتعتمد عليها جميع فروع الإنتاج في مختلف أمم العالم، فلم يكن من الإصلاح الاجتماعي في شيء أن يحاول مشرع تحريمه تحريما باتا لأول وهلة؛ لأن محاولة كهذه كان من شأنها أن تعرض أوامر المشرع للمخالفة والامتهان, وإذا أتيح لهذا المشروع من وسائل القوة والقهر ما يكفل به إرغام العالم على تنفيذ ما أمر به فإنه بذلك يعرض الحياة الاجتماعية والاقتصادية لهزة عنيفة، ويؤدي تشريعه إلى أضرار بالغة لا تقل في سوء مغبتها عما تتعرض له حياتنا في العصر الحاضر إذا الغي بشكل مفاجىء نظام البنوك أو الشركات المساهمة فيكون ضررها أكثر بكثير من نفعها"
ولقد استخدم الإسلام في بعض الأحيان طريق التدرج في تحريم الخمر، وقد كان العرب من أكثر الناس تناولا لها، فلو حرمت مرة واحدة لأدى ذلك إلا تفكك المجتمع وتمسك البعض بها فبين الشارع الحكيم ضررها أولا ولم يحرمها في بادئ الأمر ثم حرمها عند إرادة الصلاة {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} وفي المرتين امتنع بعض الناس عن تناولها ثم بعد ذلك حرمها مطلقا{إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} (المائدة الآية 90)
ثم يقول على عبد الواحد وافي: "وبذلك كفل الإسلام القضاء على الرق في صورة سليمة هادئة وأتاح للعالم فترة للانتقال يتخلص فيها شيئا فشيئا من هذا النظام"
والإجابة ليست سليمة فسبب عدم تحريم الرق فى أول البعثة هو أن ملاك العبيد لم يسلموا وكانوا هم أكابر الكفار والشريعة تخاطب بأحكامها المسلمين ومن ثم فلم يكن هناك معنى لأمر الناس بإلغاء الرق لكونهم مكذبين بالوحى وإنما كانت الأحكام للمسلمين وهم نفذوها بالعتق وغيره مما قاله الله
فى القرآن أحكام عامة من يفكر فيها سيجدها قاضية على الرق كما فى قوله تعالى " وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين" فالمال يوزع بالعدل على الكل معناه تساويهم فى المكانة
ثم تحدث الرجل عن أثر الرق في الإسلام فقال :
"كان سبب الرق في الإسلام وقوع الكافر أسيرا في يد المسلمين عند الحرب، فإذا حارب المسلمين الكفار فمن وقع أسيرا في يد المسلمين عند الحرب جاز للإمام أن يسترقه رجالا كانوا أو نساء وكان الأرقاء يوزعون على المسلمين غنائم حرب كما نص عليه الشرع الحكيم وكما جاء في القرآن الكريم: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير}
ولما كان الإسلام يستبيح الرق في حالة الحرب، وقد انتصر في المعارك التي خاضها في أول العهد بالدعوة فقد كثر الأسرى والرقيق، وكان وجودهم مع العرب بالكيفية التي حث الإسلام على اتباعها معهم له أكبر الأثر في عملية المزج بين العرب وغير العرب .....
ولا يحتج بهم على التشريع للرق في الإسلام لأن أعمالهم وعمل من أتى من بعدهم ليست من الإسلام والإسلام بريء منها لأن معظم الرقيق والجواري لم يكونوا عن طريق حرب إسلامية يدافع فيها المسلمون عن عقيدتهم، وإنما كان عن طريق شراء المخطوفين والمخطوفات والراغبين والراغبات وغير ذلك مما يتبرأ منه الإسلام والمسلمون"
الفقرات السابقة هى عبارة عن تصديق للتاريه الكاذب الذى يبيح الرق والسبى وهو أمر حرمه الله فلا توجد سبايا يتم اغتصابها أو الزنى معها برضاها لأن الله جعل زواج الإماء واجب طالما كن مسلمات فقال "وأنكحوهن بإذن أهلهن " وقال "وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم"
والمجانين الذين شرعوا السبى والرق غفلوا عن قوله تعالى " ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه لمثل ما اعتدى عليكم"
فإن كنا نستحل نساء الكفار واستخدامهم فسوف يستحلون نسائنا واستخدامنا قماذا لو استرق الكفار فقيها ممن قالوا هذا الكلام المجنون ؟ماذا لو استرقوا زوجته وبناته هل فى تلك الساعة يباح اغتصابهم أو الزنى معهن من قبل الكفار ؟
بالقطع لن يبيح ذلك فلماذا يبيح ذلك فى نساء الكفار؟