الأحد، 30 أبريل 2023

قراءة فى كتاب آية التطهير

قراءة فى كتاب آية التطهير
الكتاب يدور حول منهم المقصودون بأهل البيت المطهرين وقد استهل الرجل الكتاب بأن التطهر لا يعنى العصمة من الذنوب ,ان كل المسلمون مطهرون فقال :
"(التطهير)) و((إذهاب الرجس)) لا يعني العصمة من الذنب والدليل الواضح على هذا وروده في غير ((أهل البيت))
كما في قوله تعالى:{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.102. خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}التوبة:102-103."
وكرر نفس اللاستشهاد مفرقا بين التطهير والتزكية فقال :
"وهؤلاء قوم ارتكبوا المعاصي , فلو كان ((التطهير)) يعني العصمة من الذنب لما أطلق على هؤلاء المذنبين الذين ((اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً)) وقد وصف هؤلاء بالتزكية إضافة إلى التطهير ((تطهرهم وتزكيهم)) والتزكية أعلى وقد وصف بها هؤلاء المذنبون ومع ذلك لم يكونوا معصومين ولم يوصف بها أولئك الذين يُقال عنهم ((أئمة معصومون)) ,وإنما اكتفى بلفظ ((التطهير )) فقط ,وهو أقل منزلة من حيث المعنى فكيف صاروا قال تعالى {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} النمل:56.,ولم تكون ابنتا لوط معصومتين مع أنهما من الآل الذين وصفوا ((بالتطهير)) وأرادوا إخراجهم , فتطهير آل النبي محمد (ص)أو أهله هو كتطهير آل لوط (ص)"
والحقيقة أن اللفظين ورد خلف بعضهما فى عدة آيات وهو ما يدل على أن إحداهما تفسير للأخرى وليس أعلى أو أوطى منزلة
وتحدث عن عمومية التطهير وأنه ليس خاص بأهل البيت فقالفى المصلين فى المسجد:
"وقال جل وعلا عن رواد مسجد قباء من الصحابة الأطهار:{فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} التوبة:.108.ولم يكن هؤلأء معصومين من الذنوب بالاتفاق."
وقال فى النساء المتطهرات من الحيض :"
وقال بعد أن نهى عن إتيان النساء في المحيض:{إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة:222."
وقال عن تطهير أهل بدر:
"وقال عن أهل بدر وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً:
{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ}الأنفال:11.
والرجز والرجس متقاربان و((يطهركم))في الآيتين واحد ولم يكن هؤلاء معصومين من الذنوب."
وقال مطهرا كل المسلمين دون تفرقة :
"وقال مخاطباً المسلمين جميعاً:{مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} المائدة:6."
وقال أن المقابل هو عدم تطهير الكفار ووصفهم بالنجاسة فقال :
"وقال عن المنافقين واليهود: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ}المائدة:41."
وكرر المعنى فى أول الكتاب وهو أن التطهير لا يعنى العصمة من الذنوب فقال :
وليس معنى اللفظ((أولئك الذين لم يرد الله أن يعصمهم من الذنوب ))ولا يستقيم تفسير اللفظ ((بالعصمة))إلا إذا كان المعنى كذلك,وأيضاً فإن مفهوم لفظ الآية يستلزم أن يكون غيرهم من المؤمنين معصومين من الذنوب ولم يقل أحد بذلك."
والحقيقة أن المؤلف أفلح فيما سبق فلاحا عظيما فى نفى المعنى الذى يعنيه فريق أخر تماما بشكل لا يمكن لهم أن يجادلوا فيه إلا من عمى قلبه
وتحدث عن معنى لفظ الأهل فى الآية فقال :
"لفظ ((الأهل)) في أصل الوضع اللغوي يعني زوجة الرجل , ومن يجمعه وإياهم مسكن واحد وليس الأقارب بالنسب إلاعلى سبيل المجاز واليك الدليل:
((فأهل)) الشئ عموماً: أصحابه الملازمون له كما قال تعالى:{إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ} ص:64.
فأهل النار أصحابها وسكانها الملازموم لها كما قال تعالى:{لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ}الحشر:20.
و((أهل الكتاب )) و((أهل الذكر )) أصحابه وحملته ((وأهل المدينة)) و((أهل القرى)) أصحابها وساكنوها المقيمون فيها الملازمون لها كما قال تعالى {وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ} الحجر:67. , {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ} الأعراف:96. , وكذلك((أهل البلد)) كما قال تعالى:{رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ}(3)البقرة:126.
وكذلك كل لفظ أضيف إلى كلمة ((أهل )) كما في قوله تعالى:{فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} طه:40.
{يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا}الأحزاب:13 ,{وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ}البقرة:217. {حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا} الكهف: 71. فأهل السفينة ركابها الذين تجمعهم."
وقد نجح الرجل أيما نجاح فى بيان معنى الأهل هنا وركز على معنى أهل البيت فقال :
"أهل البيت:
وأهل أى بيت سكانه الذين يجمعهم ذلك البيت كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا}النور:27
وقالت أخت موسى - (ص)- لفرعون:{أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ) أهل الرجل:
يقول الراغب الأصفهاني:أهل الرجل في الأصل من يجمعه وإياهم مسكن واحد ,ثم تُجُوز به فقيل أهل بيت الرجل لمن يجمعه وإياهم نسب.أ.هـ.
فأهل الرجل أو أهل بيته في الأصل من يجمعه وإياهم مسكن واحد وبهذا جاءت النصوص القرآنية كما في قوله تعالى:{قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ}هود: 40. ,وقال إخوة يوسف- (ص){وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} يوسف:65
{مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ}يوسف:88. وقال يوسف (ص){وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ} يوسف:93
وكانوا أباه وزوجة أبيه وإخوته كما أخبر عنهم الرب جل وعلا بقوله:
{فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ 99 وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا}يوسف 99- 100.
فأنت ترى كل هذه الشواهد القرآنية لم يدخل في لفظ ((الأهل )) فيها غير سكان بيت الرجل الذي يجمعهم وإياه ذلك البيت , ولم يدخل الأقارب فيه قط الزوجة من (أهل بيت) الرجل بل هي أول عضو فيه:"
وما قاله الرجل كلام صحيح تماما لا يمكن أن يكذبه إلا من فقد عقله واتبع هواه
واستشهد الرجل على المعنى بأربعة أدلة فقال :
"فأهل الرجل زوجته بدليل اللغة والشرع والعرف والعقل ولا دليل آخر مع هذه الأربعة:
1- دليل اللغة:
يقول الراغب الاصفهاني: وعبر (بأهل الرجل ) عن امرأته... و(تأهل) إذا تزوج ومنه قيل: أهلك الله في الجنة: أي زوجك فيها وجعل لك فيها أهلا يجمعك وإياهم.أ. هـ.
وفي (مختار الصحاح) يقول الرازي: (أهل ) الرجل تزوج وبابه دخل وجلس و(تأهل) مثله فهذا دليل اللغة."
واللغة ليست بدليل فى الشرع على معنى لأن معانى اللغة وضعت فى المعاجم بعد نزول الوحى بقرون أو عقود طويلة حسب التاريخ المعروف
وأما الدليل الثانى فهو الدليل ولا دليل غيره وفيه قال :
"2- دليل الشرع:
تأمل هذه الآيات:
-{فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ}القصص: 29 ولم يكن معه ساعتها غير زوجه
-{قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا} وهذا قول سارة زوجة إبراهيم (ص)فبما ذا أجابتها الملائكة ؟ وتحت أى وصف أدخلتها ؟ {قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ} هود:72-73
فلولا كونها من أهل بيت إبراهيم (ص)لما رحمها الله بهذه المعجزة ولا بارك عليها فحملت بإسحق (ص), وإذن فلا عجب.
- وقالت أخت موسى (ص)لفرعون: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} القصص: 12. فمن قصدت أولاً بأهل البيت ؟ أليست أمها أول المقصودين بهذا اللفظ لأن كفالة الرضيع تتوجه أول ما تتوجه إلى المرضع وهي هنا أم موسى لذلك قال تعالى:{فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ} القصص:13
- حتى امرأة العزيز خطبت زوجها فقالت:{مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا}يوسف:25
أي بزوجتك.
-وهذه عدة آيات عن لوط (ص) وامرأته يدخلها الله تحت مسمى (الاهل) في كل المواضيع التي ورد فيها- {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ 170 إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} الشعراء: 170 - 171.
- {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} العنكبوت:32.
- {لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} العنكبوت:33
فكرر الاستثناء مع أن الآيتين متقاربتان لا تنفصل بينهما إلا آية واحدة وفي سياق واحد.
-{وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} الصافات: 133 -135.
ولا شك أن هذا الإصرار على استثناء امرأة لوط في كل مرة يذكر فيها (أهله) لا داعي له لو كان العرب الذين نزل عليهم القرآن يستطيعون فيهم لفظ (الأهل) مجرداُ من الزوجة يقول الله تعالى:
{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَال} آل عمران:121.
فمن هؤلاء (الأهل) الذين غدا منهم رسول الله (ص) متوجهاً للقتال.
أليسوا هم الذين كان يجمعهم وإياه مسكن واحد؟ وهم أزواجه لا غير أهل ذلك البيت الذي قال الله عنه:{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} الأنفال: 5.
وبيت رسول الله له وجود مستقل كان يأوي إليه وينام فيه كذلك يأكل ويشرب ويفعل كل ما يفعله رجل في بيته وفي هذا البيت أزواجه وهن أهله لا غيرهن فأولاده الذكور قد ماتوا جميعاً والبنات بعضهن مات وبعضهن تزوج وخرج من بيته. ولقد كان لرسول الله (ص)عدة بيوت على عدد أزواجه فلكل زوجة بيت فهي بيوت كما يعبر الله عنها بصيغة الجمع ويضيف هذه البيوت التي تعددت لتعدد أزواجه مرة إليه ومرة إليهن فبيوته بيوتهن وبيوتهن بيوته على حد سواء فكيف يكون بيت لشخص ومع ذلك فهذا الشخص ليس من أهل ذلك البيت ؟ !
فبيوت أزواج النبي (ص)أهلها هذه الأزواج وبيوت النبي (ص)لم تكن غير بيوت أزواجه فهن أهل بيته بلا شك كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ}الأحزاب:53.
ثم يذكر الله في الآية نفسها الأدب الواجب على المؤمنين في التعامل مع أهل هذه البيوت (أزواجه) قائلاً: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ} الأحزاب:53.
ويقول مخاطباً أزواج النبي (ص)مضيفاً البيوت إليهن { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا } الأحزاب:33-34.
فتأمل كيف قال الرب جل وعلا:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} ثم قال: {أَهْلَ الْبَيْتِ} ثم قال: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ} وهذا يعني أن المقصود (بأهل البيت ) في الآية نفس المخاطبات في الآية نفسها والآية التي بعدها فبيت النبي (ص)هو نفسه بيت زوجته ولتعدد هذه البيوت أضيفت إليه (ص)بصيغة الجمع فقيل (بيوت النبي ) وهي نفسها (بيوت أزواجه) بلا فرق. وأهل هذا البيت هم النبي (ص)وأزواجه."
وتحدث عن أن إخراج الزوجات من ألأهل وهن الأهل أولا بناء على رواية أو غيرها معارض لكتاب الله فقال :
" فبأي حق نخرج هذه الأزواج الطاهرات الطيبات أمهات المؤمنين من (أهل بيت) رسول الله (ص)؟ ! روى مسلم في صحيحه عن عائشة قالت:
خرج النبي (ص)ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن ابن علي فأدخله معه في المرط ثم جاء الحسن فأدخله معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} وفيه أن رسول الله لم يدخل زوجته أم سلمة معهم بل قال لها: أنت من أهل بيتي أنت على خير."
وما بم يقل المؤلف هو أن العائلة المذكورة فى الحديث هى عائلة على وليست عائلة محمد(ص) طبقا لقوله تعالى:
" ادعوهم لآباءهم"
مع أن تلك العائلة طبقا للقرآن لا يمكن أن تتكون من العم على وابن أخيه فاطمة فلا يجوز زواج بنت الأخ من عمها كما قال تعالى " وبنات اخوانكم"
وطالب المؤلف القراءة بتحكيم عقولهم فى قراءة الآيات ليعرفوا من المقصود بأهل البيت فقال :
"فالآية تشمل أزواج النبي (ص)بدليل الشرع واللغة والعرف والعقل وسبب النزول والسياق وغيرها من الأدلة التي قدمناها آنفاً ولا يحتاج الأمر إلى أكثر من قراءة الآيات في المصحف الشريف في سورة الأحزاب من الآيات (28- 34):
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا 28 وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا 29 يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا 30 وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا 31 يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا 32 وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا 33 وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} الأحزاب: 28 "
وما أخطأ فيه المؤلف هو القول أن أهل البيت يشمل الأعمام وأولادهم فى قوله:
"لفظ ((أهل البيت)) عام يشمل أهل بيت النبي (ص)جميعهم ومنهم آل جعفر وآل العباس وآل عقيل ومنهم بناته الأربع , أليس بناته من أهل بيته ؟ ! ومنهم أبناؤه أليس أبناؤه من أهل بيته ؟ ! إن هؤلاء جميعاً من ((أهل البيت )) فكيف يخصص النص بأهل بيت علي وحده والآية نص في أهل بيت النبي ؟"
وبالقطع هذا تخريف فكلمة ألأهل كما قال المؤلف فى معظم الكتاب تطلق على الزوجات والأولاد بنين وبنات فقط ولا يدخل فيها أعمام ولا أولادهم وإلا وجب دخول العمات وأولادهم والخالات والأخوال وأولادهم وهو منطق غريب من المؤلف الذى يعترض فى الفقرة التالية على تخصيص واحد من أولاد على أو واحد من أولاد الحسين بالعصمة وهو :
"وقد مر بنا تهافت القول بدلالة حديث الكساء على التخصيص , ثم إن أولاد علي كثيرون وقد أعقبوا ومنهم محمد وعمر فلم اقتصرت العصمة على اثنين منهم فقط ؟! ثم إن الحسن عنده ذرية فلم يكن أحد منهم معصوماً مع أنهم من أهل البيت , وأبوهم الحسن أفضل من الحسين وأكبر ؟!
ثم لماذا اقتصرت العصمة على واحد من أولاد الحسين , ثم تسلسلت في الواحد بعد الواحد من ذريته مع أن الكل ينتسبون إلى أهل البيت الذين نزلت الآية فيهم - كما يقولون. إن هذه الآية إما نص في العصمة ((فأهل البيت)) جميعاً معصومون وإلا فلا دلالة فيها على العصمة لا سيما وحديث الكساء فيه الدعاء لعدد مخصوص هم علي وفاطمة والحسن والحسين وليس فيه الدعاء لغيرهم من ذريتهم ممن لم يأتوا بعد فكذلك قوله لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ} ,فلم تأت واحدة منهن بفاحشة ولم يضاعف لها العذاب , بل العكس حصل - كما سأوضحه - والنهي لا يستلزم وقوع المنهي عنه كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} الأحزاب: 1
وذلك في مطلع السورة التي خاطب الله بها أزواج نبيه بقوله:{فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} - وقوله - {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}
ورسول الله (ص)لم يطع الكافرين والمنافقين وأزواجه لم يخضعن بالقول ولم يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى , بل أقمن الصلاة وآتين الزكاة واتقين الله وأطعنه ورسوله وقمن بتنفيذ هذه الموعظة خير قيام واخترن الله ورسوله والدار الآخرة والعيش مع رسول الله على خشونته وخلو بيته من كل ما يمكن أن يجذب امرأة ويغريها بالبقاء فيه ,ولقد كان اختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة على الدنيا وزينتها صادقاً حقيقياً مقبولاً عند الله الذي لا تخفى عليه خافيه والدليل على ذلك أن الله قبل هذا الاختيار بأن كافأهن بجملة أمور منها:
-حرمة الزواج عليهن.
-حرمة تطليق واحدة منهن ليتزوج غيرها.
-وذلك بقوله في الأية(52) من السورة نفسها:{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ} , وهذا تحريم للزواج عليهن - {وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} وهذا تحريم لتطليق أي واحدة منهن"
وهذا الكلام هو أفضل ما قيل فى آية التطهير

السبت، 29 أبريل 2023

نقد كتاب إفادة الخبر بنصه في زيادة العمر ونقصه

نقد كتاب إفادة الخبر بنصه في زيادة العمر ونقصه
مؤلف الكتاب عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) وسبب التأليف أن والده تم سؤاله عن نقص وزيادة العمر فأجاب وهو ينتقد هنا إجابة والده وفى هذا قال :
"سئل والدي كمال الدين أبو المناقب بن ناصر الدين محمد بن سابق الدين أبي بكر بن فخر السيوطي رحمه الله تعالى، عن العمر، هل يزيد وينقص من الولادة إلى الموت ومن الموت إلى البعث؟ وما تفسير قوله تعالى: { ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون}، وقوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}، وقوله تعالى: {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير}فأجاب رحمه الله تعالى، وقال:
الأجل مقدر من الأزل، لا يزيد ولا ينتقص، ولا يتقدم ولا يتأخر، تظاهرت على ذلك جمل من الآيات الشريفة، والأحاديث الصحيحة، وأقاويل العلماء
فمن الآيات الدالة على ذلك قوله سبحانه وتعالى: {وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا}
وقوله جل وعلا: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}، وقوله تعالى: {ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها}، وقوله جلت عظمته: {إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر}
ومن الأحاديث الصحيحة ما رواه ابن مسعود: أن أم حبيبة، رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: اللهم متعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبأبي سفيان، وبأخي معاوية، فقال: رسول الله (صلى الله عليه وسلم): قد سألت الله عز وجل لآجال مضروبة، وأيام معدودة، وأرزاق مقسومة، ولن يعجل الله شيئا قبل حله، أو يؤخر شيئا عن حله، ولو كنت سألت الله تعالى أن يعيذك من عذاب النار أو عذاب في القبر كان خيرا وأفضل
ومنها ما روي أيضا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين أو خمس وأربعين ليلة، فيقول: يا رب، أشقي أو سعيد؟ فيكتبان، فيقول: أي رب، أذكر أو أنثى؟ فيكتبان، ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه، ثم تطوى الصحف، فلا يزاد فيها ولا ينقص ومن طريق آخر: ثم يخرج الملك فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص
وأما ما روي في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في عمره، فليصل رحمه، فقد أجاب العلماء عنه بأجوبة أصحها: أن هذه الزيادة بركة في عمره بالتوفيق والطاعات، وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة، وصيانتها من الضياع في غير ذلك
والثاني: أنها بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة، وفي اللوح المحفوظ، فيظهر لهم أو في اللوح، أن عمره ستون سنة، إلا أن يصل رحمه، فإن وصلها زيد له أربعون وقد علم الله ما سيقع له من ذلك علما أزليا، وهو معنى قوله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت}وبالنسبة إلى علم الله تعالى، وما سبق به قدره، لا زيادة ولا نقص، بل هما مستحيلان
والثالث: أن المراد بقاء ذكره الجميل، فكأنه لم يمت وأما قوله تعالى: {ثم قضى أجلا وأجل مسمى}، فذكر المفسرون فيها وجوها: أحدهما: أن الأجل الأول أجل الموت، والأجل المسمى عنده أجل القيامة
وثانيها: أن الأول ما بين الخلق إلى الموت، والثاني ما بين الموت إلى البعث؛ فإن الأجل كما يطلق لآخر المدة يطلق لمدتها
والثالث: أن الأول النوم، والثاني الموت
والرابع: أن الأول لمن مضى، والثاني لمن بقي ولمن يأتي
وأما قوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت}، ففيه أقاويل كثيرة منها:
أن المعني بقوله: {يمحو الله ما يشاء}؛ أي يوقعه بأهله في وقته، فإنه إذا وقع انقضى، فيسمى ذلك محوا، ومعنى قوله: {ويثبت}؛ أي يؤخره إلى وقته
ومنها: أن معنى {يمحو}: ينسخ ما يستصوب نسخه من الأحكام، ويثبت ما تقتضي حكمته إبقاؤه فيبقيه
ومنها: أن معناه: يمحو سيئات التائب ويثبت الحسنات مكانها
ومنها: أن المعنى يمحو من كتاب الحفظة ما لا يتعلق به ثواب ولا عقاب، مثل: أكلت، وشربت، ونحو ذلك من المباحثات، ويثبت ما يقتضي ثوابا أو عقابا، وقيل يمحو قرنا، ويثبت آخر وقيل غير ذلك من الأقاويل التي يطول ذكرها
وأما ما روي عن ابن عباس من أن لكل أحد أجلين، أحدهما إلى الموت، والآخر من الموت إلى البعث، فإن كان برا تقيا وصولا للرحم زيد له من أجل البعث في أجل العمر، وإن كان فاجرا، قاطعا للرحم، نقص من أجل العمر، وزيد في أجل البعث، فقد نقل عنه أيضا ما يخالف ذلك، وهو أنه قال: يمحو الله ما يشاء ويثبت إلا الخلق والخلق والسعادة والشقاوة والأجل والرزق
وعن مجاهد: يحكم الله أمر السنة في رمضان، فيمحو الله ما يشاء ويثبت إلا الحياة والموت والسعادة والشقاوة
وأما تفسير قوله تعالى: {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره}، فالمعنى: ولا ينقص من عمر المعمر، على أن الضمير لمطلق المعمر، لا لذلك المعمر بعينه، كما يقال: درهم ونصف، فإن المراد: ونصف درهم آخر، لا نصف ذلك الدرهم المتقدم ذكره، أي، لا ينقص من عمر شخص من أعمار أضرابه، بمعنى ولا يحصل عمر شخص ناقصا عن عمر أمثاله
وقد ارتكبنا في هذا الجواب بعض الإطناب إسعافا للسائل بما التمس من بسط القول، وإلا فالوصية من أشياخنا بالاختصار في الإفتاء مانعة من الزيادة "
هذه إجابة الوالد وهى تنفى الزيادة والنقصان من العمر وأما إجابة الولد فتثبت الزيادة والنقصان من العمر حيث يقول:
"وأقول: وقد تظاهرت الأحاديث والآثار عندي على أن زيادة العمر ونقصه بالنسبة إلى ما كتب في اللوح المحفوظ، أو برز إلى الملائكة، لا بالنسبة إلى علم الله الأزلي والعجب من الوالد كيف سلم الحكم بالزيادة والنقص من حيث البركة وفعل الطاعات، ومنعه من حيث المقدار، وعلل المنع بأنه متعذر من الأزل، وعلم الله أزلي لا يتغير، وليس ذلك خاصا بهذه المسألة، فإن كل واقع في الكون إذا نظر إليه من هذه الحيثية لم يقبل التغيير، فإن علم الله تعالى بجميع الأشياء أزلي، وإنما محل النزاع بالنسبة إلى صفة الفعل الحادثة، التي هي الخلق، لا إلى هذه الذات القديمة، التي هي العلم، فطاعات العباد وعصيانهم وسائر أفعالهم، إذا نظر إليها من حيث ما علم الله تعالى في الأزل وقوعه منهم، فإنه لا يقبل الزيادة والنقصان، وكذلك أمر الرزق والسعادة والشقاوة، وكل شيء وإذا نظر إلى ذلك من حيث خلق الله إياه، الذي هو من صفات الأفعال، قبل التغيير والتبديل، فلهذا قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في دعائه: اللهم إن كنت كتبتني عندك شقيا فامحني، واكتبني عندك سعيدا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، فانظر إلى قوله: إن كنت كتبتني عندك شقيا ولم يقل: إن علمتني شقيا عندك
1 - وأخرج ابن جرير وابن مردويه في تفسيريهما عن الكلبي في قوله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت}، قال: يمحو الرزق ويزيد فيه، ويمحو من الأجل ويزيد فيه، فقيل له: من حدثك بهذا؟ قال: أبو صالح عن جابر بن عبد الله بن رئاب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم
2 - وأخرج ابن مردويه، وابن عساكر في تاريخه عن علي رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت}،
فقال: لأقرن عينك بتفسيرها، ولأقرن عين أمتي بعدي بتفسيرها، الصدقة على وجهها، وبر الوالدين، واصطناع المعروف، يحول الشقاء سعادة، ويزيد في العمر، وبقي مصارع السوء
3 - وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت}، قال: الله ينزل كل شيء يكون في السنة في ليلة القدر، فيمحو ما يشاء من الآجال والأرزاق والمقادير، إلا الشقاء والسعادة فإنهما ثابتان
4 - وأخرج ابن جرير عن الضحاك في الآية قال: يقول: أنسخ ما شئت، وأصنع في الآجال ما شئت، إن شئت زدت فيها، وإن شئت نقصت
5 - وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سره أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أجله، فليصل رحمه
6 - وأخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أجله، فليصل رحمه
7 - وأخرج الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سره أن يمد الله له في عمره، ويوسع له في رزقه ويدفع عنه ميتة السوء، ويستجاب دعاؤه، فليتق الله وليصل رحمه
8 - وأخرج الحاكم والبيهقي في الشعب، عن عقبة بن عامر، صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عقبة، ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة، تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، ألا ومن أراد أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، فليصل ذا رحم منه
9 - وأخرج البيهقي عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلة الرحم وحسن الخلق يعمرن الديار ويزدن في الأعمار
10 - وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: من اتقى ربه، ووصل رحمه نسئ له في عمره، وثري ماله، وأحبه أهله
11 - وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والبيهقي من طريقة عن معمر عن أبي إسحاق الهمداني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سره النسأ في الأجل، والزيادة في الرزق، فليتق الله، وليصل رحمه
قال معمر: وسمعت عطاء الخراساني يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
قال البيهقي عقب إيراد ذلك: قال الحليمي في معناه: إن من الناس من قضى الله عز وجل بأنه إذا وصل رحمه عاش عددا من السنين مبينا، وإن قطع رحمه عاش دون ذلك، فحمل الزيادة في العمر على هذا، وبسط الكلام فيه، ولا يخفى عليه أي العددين يعيش انتهى
12 - وأخرج الحاكم، وصححه، عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مكتوب في التوراة: من سره أن تطول حياته، ويزاد في رزقه، فليصل رحمه
13 - وأخرج الحاكم، وصححه، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأثر
14 - وأخرج البيهقي عن ابن عمر، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تابعوا بين الحج والعمرة، فإن متابعة بينهما يزيدان في الأجل، وينفيان الفقر، كما ينفي الكير الخبث
15 - وأخرج الطبراني، والبيهقي عن رافع بن مكيث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حسن الملكة نماء، وسوء الخلق شؤم، والبر زيادة في العمر، والصدقة تطفئ ميتة السوء
16 - وأخرج الطبراني، عن عمرو بن عون: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إن صدقة المسلم تزيد في العمر وتمنع ميتة السوء
17 - وأخرج الطبراني في الأوسط عن أم سلمة، رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة خفيا تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر
18 - وأخرج الطبراني في الكبير عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر
19 - وأخرج البيهقي في الشعب، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: صدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر، وفعل المعروف يقي مصارع السوء
20 - وأخرج أحمد، والنسائي، وابن ماجه عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر
وأخرج أبو الشيخ في الثواب عن ابن عمرو قال: إن المرء ليصل رحمه، وما بقي من عمره إلا ثلاثة أيام، فينسئه الله ثلاثين سنة، وإنه ليقطع الرحم وقد بقي من عمره ثلاثون سنة، فيصيره إلى ثلاثة أيام "
إجابة الوالد والولد عن السؤال خاطئة فكلاهما وغيرهما هما المسألة خطأ ومن هنا حدث الإلتباس فى الإجابات التى تعتمد غالبا على روايات متناقضة أو تخالف القرآن
بداية يجب ان نفرق بين التالى :
العمر محدد بمدة وهذه المدة لا تتغير بدايتها ولا تتغير نهايتها وهذا معناه أن العمر ثابت البداية وثابت النهاية وهو ما عناه قوله تعالى :
"قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون"
وقوله تعالى :
"وكل شىء عنده بمقدار"
ومن هنا لا يوجد زيادة ولا نقصان من تلك المدة وأما النقصان من العمر فالمراد أن العمر عندما يبدأ ينقص من المدة التى هى طوله ولذا ذكر الله هذا النقص فقال :
"وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا فى كتاب"
فكل ساعة تمر تنقص العمر ساعة وهكذا ولو أردنا أن نشبهه فهو يشبه بمزولة الرمل أو الساعة الرملية فهى تمتلىء بالرمل ثم تبدأ بالتناقص التدريجى للرمل من الجزء الملىء للجزء الخالى وهو يشبه الرصيد فى المصرف الذى نسحب منه كل فترة ولا نضع غيره
هذا هو النقص من العمر وأما الزيادة فهى غير موجودة فى العمر فهى غير موجودة لأن العمر يبدأ تنازليا من أكبره حتى أول لحظة ينتهى عندها ولذا سماه الله نقص
وبناء على هذا فكل الروايات التى تقول بوجود زيادة فى العمر أو نقص من العمر بمعنى زيادة أو نقص عن العمر المحدد عند الله هى روايات مناقضة لكتاب الله لا تصح
وأما قوله تعالى " يمحو الله ما يشاء ويثبت "فلا يقصد به أن الله يغير القضاء والقدر لأنه لا يمكن تبديله لقوله تعالى " ما يبدل القول لدى" وقوله "لا تبديل لكلمات الله"والمحو والإثبات لا يمكن أن يفهم إلا من خلال ذكر الجملة وهى :
"لكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت"
فالمعنى لكل عمر كتاب والعمر يكون للمخلوق أى لكل إنسان صحيفة أى كتاب أى سجل مسجل فيه كل شىء كما قال تعالى" وكل شىء فعلوه فى الزبر وكل صغير وكبير مستطر"
ومن ثم فالمحو والإثبات متعلق بهذا السجل فالله يمحو أى يذهب منه سيئات المسلم كما قال" إن الحسنات يذهبن السيئات" بمعنى يعفو عنها كما قال تعالى "ويعفو عن السيئات" وهو يثبت الحسنات أى يثيب عليها

الجمعة، 28 أبريل 2023

قراءة في مخطوط منتقى من كتاب الوسوسة

قراءة في مخطوط منتقى من كتاب الوسوسة
المؤلف أبو بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني المتوفي: 316 هـ
قال كاتب الجزء أنه هذا الجزء سمع من أبو داود السجستانى فقال في أوله:
منتقى من كتاب الوسوسة لابن أبي داود في جزء قرأته جميعه أخبرنا الشيخ أبو محمد عبد الله بن علي بن عبد الله الأبنوسي، أخبرني أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن الحسن الجوهري، بقرائتي عليه في مسجده بدرب الزعفراني، وأبو القاسم طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد المعروف بغلام ابن مجاهد، حدثنا عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني أبو بكر، قال:
1 - سمعت أبي يقول: قول النبي صلى(ص)، ذاك صريح الإيمان، يعني أن كراهية الرجل لذلك صريح الإيمان.
بالفعل كراهية الوسوسة تعنى إيمان الكاره للوسوسة ,اما كون الوسوسة صريح الإيمان فهى ليست من الإيمان والإيمان هو تكذيبها ورفض التصديق بها
2 - حدثنا محمود بن آدم، حدثنا الفضل بن موسى، أخبرنا جعفر بن سليمان، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: مر رجل بجمجمة أو عظم، فحدث نفسه شيء، فخر ساجدا تأيما، فقيل له: ارفع رأسك، فإنك أنت وأنا أنا."
بالقطع تحدث الشيطان أو إبليس كما يزعمون معجزة وقد منع الله الآيات المعجزات فقال :
"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"

3 - حدثنا سهل بن محمد أبو حاتم السجستاني، حدثنا الأصمعي، حدثني جرير بن عبيدة، عن أبيه، قال: كنت أجد من الوسواس شيئا، فسألت العلاء بن زياد؟ فقال: يا ابن أخي، إنما مثل ذلك مثل اللصوص، يمرون بالبيت، فإن كان فيه خيرا نالوه، وإن لم يكن فيه خير طووا عنه."
الخطأ أن الوسواس كاللص وهو لا يشبه لأن اللص يأخذ الخير له بينما الوسواس يزيل الخير ويجلب الشر
4 - حدثنا عبد الله بن محمد بن خلاد، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن الفضيل، عن أبيه، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعوذوا بالله من وسوسة الوضوء.
الحديث صحيح المعنى وهو الاحتماء بالله من الوسوسة
5 - حدثنا أحمد بن يحيى بن مالك، حدثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، قال: كنا نحدث أن الوسواس يعترى منه، أو قال: يهتج منه. قال سعيد: ولا أرى بأسا أن يبول عند متعبه.
والخطأ هو تبول الشيطان على الإنسان وكل هذا يخالف أن الشيطان يوسوس فقط مصداق لقوله تعالى "من شر الوسواس الخناس الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس "
6 - حدثنا أبو عبد الرحمن الأزدي، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: لا يبول في فم البلوعة، لأنه إن عرض منه شيء كان أشد لعلاجه
الخطأ أن الشيطان يخرج من البلوعة فيصيب الإنسان وهو معجزة وهو ما يخالف انتهاء زمن الآيات منذ عهد الرسول(ص) كما قال تعالى :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا ان كذب بها الأولون"

7 - حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا المستمر بن الريان، عن أبي الجوزاء، قال: طلقت امرأتي يوم الجمعة، وحدثت نفسي أن أراجعها يوم الجمعة الأخرى ولم أخبر بذلك أحدا، فقالت امرأتي: أنت تريد أن تراجعني يوم الجمعة، فقلت: إن هذا الشيء ما حدثت به أحدا، حتى ذكرت قول ابن عباس: إن وسواس الرجل يخبر وسواس الرجل، فمن ثم يفشو الحديث."
الخبل هو العلم بالغيب من قبل الشياطين وهو حديث النفس الذى لم يبح به الإنسان وهو ما يخالف أن العالم هو الله وحده كما قال تعالى :
" ونعلم ما توسوس به نفسه"

8 - حدثني أبي بإسناد ذكره، أن الحجاج بن يوسف أتى برجل رمي بالسحر، فقال له: أنت ساحر؟ قال: لا، فأخذ الحجاج كفا من حصى معه، ثم قال له: كم في يدي من الحصى؟ قال: كذا وكذا، فطرح الحجاج الحصى، ثم أخذ كفا آخر، ولم يعده، ثم قال له: كم في يدي؟ قال: لا أدري، قال الحجاج: كيف دريت الأول، ولم تدر الثاني، قال: إن ذاك عرفته أنت فعرفه وسواسك، فأخبر وسواسك وسواسي، فأخبرني وسواسي، وهذا لم تعرفه أنت فلم يعرفه وسواسك، فلم يخبر وسواسي، فلم يجبه وسواسي فلم أعرفه."
نفس الخطأ السابق
9 - [حدثنا عمر بن شيبة، حدثني هارون بن عبد الله، حدثني ابن أبي حازم، عن أبيه قال: أتاه رجل فقال: يا أبا حازم إن الشيطان يأتيني فيوسوس إلي وأشده عندي أنه يأتيني فيقول إنك طلقت امرأتك، فقال له أبو حازم، أو يأتيني فيطلقها عندي، قال: والله ما طلقتها عندك قط، قال: فاخلف للشيطان كما خلفت لي
10 - حدثنا محمد بن مصفى، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن، حدثني ثابت بن زيادة اللخمي، عن جده، عن معاوية، عن جده، عن معاوية بن أبي سفيان، أنه أمر كاتبه أن يكتب كتابا في السر، فبينا هو يكتب إذ وقع ذباب على حرف من الكتاب، فضربه الكاتب بقرطاس القلم، فقطع بعض قوائمه، فخرج الكاتب، فاستقبله الناس على باب القصر، فقالوا: اكتب أمير المؤمنين بكذا وكذا، قال: وما علمكم، قالوا: حبشي أقطع خرج علينا، فأخبرنا، فرجع الكاتب إلى معاوية، فقال: يا أمير المؤمنين، الذي أمرتني أن أكتبه سرا استقبلني به الناس، قال: وما علمهم، قال: ذكروا أن حبشيا أقطع خرج عليهم فأخبرهم، قال: هو والذي نفسي بيده الشيطان، هو الذباب الذي ضربت بالقلم.
الخطأ أن أرجل الذبابة شيطان وهو ما يخالف أن الشياطين إنس وجن كما قال تعالى :
"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول"
11 - حدثنا هارون بن سليمان، حدثنا أبو عامر، حدثنا كثير بن زيد، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، أن عمر بن الخطاب ذكر امرأة في نفسه، ولم يبح بها لأحد، فأتاه رجل، فقال: ذكرت فلانة أنها الحسنة شريفة في بيت صدق، قال: من حدثك هذا، قال: الناس يتحدثون به، قال: فوالله ما بحت بها لأحد، فمن أين ثم؟! قال: قد عرفت، خرج به الخناس."
الخبل هو العلم بالغيب من قبل الشياطين وهو حديث النفس الذى لم يبح به الإنسان وهو ما يخالف أن العالم هو الله وحده كما قال تعالى :
" ونعلم ما توسوس به نفسه"
12 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد، حدثنا أبو داود، حدثنا فرج، عن معاوية، يعني ابن أبي طلحة، قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أعمر قلبي من وساوس ذكرك، واطرد عني وساوس الشيطان.
الخطأ إطلاق اسم الوسواس وهو ما يخالف أن الوسواس يطلق على الشر كما قال تعالى ´من شر الوسواس الخناس الذى يوسوس في صدور الناس"
هنا ذكر الله وسوسة وهو ما يخالف أن ذكر الله ليس وسوسة في قولهم:
13 - حدثنا محمد بن عبد الملك، حدثنا يزيد، أخبرنا روح بن المسيب، حدثنا عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس، في قوله: {الوسواس الخناس. الذي يوسوس في صدور الناس}، قال: مثل الشيطان، كمثل ابن عدس، واضع فمه على فم القلب، فيوسوس إليه فإذا ذكر الله جلس، وإن سكت عاد، فهو الوسواس الخناس."
هنا الوسوسة في القلب وهو ما يخالف وجوده في الاحليل والدبر في قولهم :
14 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد، حدثنا أبو داود، حدثنا فرج، عن عروة بن رويم: أن عيسى بن مريم دعا ربه أن يريه من مع الشيطان من ابن آدم، قال: فجلى له، فإذا برأسه مثل الحية، واضع رأسه على غرة القلب، فإذا ذكر العبد الله خنس برأسه، وإذا ترك الذكر مناه، وحدثه، قال الله: {من شر الوسواس الخناس. الذي يوسوس في صدور الناس}.
15 - حدثنا الحسين بن منصور، حدثنا يزيد، أخبرنا سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: إن الشيطان ليجري في الإحليل، ويبيض في الدبر.
16 - حدثنا إبراهيم بن عباد الكرماني، حدثنا يحيى بن أبي بكير، أخبرنا جعفر بن زيد، عن هلال الوزان، عن أبي كثير الأسدي، عن عبد الله بن أسعد بن زرارة الأنصاري، قال: قال رسول الله: انتهيت ليلة أسري بي إلى سدرة المنتهى، فأوحي إلي في علي ثلاث، أنه إمام المتقين، وسيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين، إلى جنات النعيم "
الخطأ أن الرسول (ص) سيد المسلمين وهو ما يخالف أنهم جميعا اخوة كما قال تعالى :
" إنما المؤمنون اخوة"

وذكر الكاتب كلاما غريبا وهو كلام عن عمرو بن شعيب وهو :
"آخر المنتقى منه، وجعل هذا الحديث آخر كتابه، ولا أدري كيف أدخله فيه
17 - وحدثنا أبو محمد بن الأبنوسي هذا القطان، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي، حدثني أبي القاضي أبو علي المحسن بن علي بن محمد، قال: حدثني أبو عبد الله عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن زيد الختلي الحافظ في المذاكرة، قال: كنت أجمع حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، فلما ظننت أني قد فرغت منه، جلست ليلة في بيتي، والسراج بين يدي، وأمي في صفة حيال البيت الذي أنا فيه، وابتدأت أنظم الرقاع، وأصنفها، فحملتني عيني، فرأيت كأن رجلا أسود وقد دخل إلى بهردني نار، فقال: تجمع حديث هذا العدو، احرقه، وإلا أحرقتك، وأومىء بيده بالنار، فصحت، وانتبهت، فعادت إلي أمي، وقالت: ما لك، ما لك، فقلت هذا ما رأيته، وجمعت الرقاع، ولم أعرض لتمام التصنيف، وهالني المنام، وعجبت منه، فلما كان بعد مدة طويلة ذكرت المنام لشيخ من أصحاب الحديث، كنت آنس به، فقال: حدثني فلان عن، فلان فذكر اسنادا الثبت أقوم على حفظه ولا كتبته عنه في الحال: أن عمرو بن شعيب هذا لما أسقط عمر بن عبد العزيز من الخطب على المنابر، لعن أمير المؤمنين علي، قام إليه عمرو بن شعيب، وقد بلغ إلى الموضع الذي كان يقول منه يلعن فيه عليا، فقرأ مكانه: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان}، فقام إليه عمرو بن شعيب، فقال: يا أمير المؤمنين السنة السنة، يحرضه على لعن علي، فقال عمر: اسكت قبحك الله، تلك البدعة، تلك البدعة لا السنة، وتمم خطبته. قال أبو عبد الله الختلي: فعلمت أن منامي كان عظة لي من أجل هذه الحال ولم أكن علمت من عمرو هذا الرأي فعدت إلى بيتي، فأحرقت الرقاع التي كنت جمعت فيها حديثه.
بلغت من أول حديث ابن أبي داود بقراءتي إلى أخر المنتقى ومن أول هذه القصة من لفظه، وصدقه ابن محمد بن الجليل الرامهرمزي، ومهلهل بن علي الهمداني، ونادرا الأرمني عتيق ابن سمحة اليهودي، وهو ارست بن عوض الهروي. وسمع حديث ابن أبي داود أحمد بن محمد بن محمد بن السلال الأزرق في ذي القعدة من سنة أربع وتسعين

الخميس، 27 أبريل 2023

قراءة في كتاب تحقيق المذهب في حكم زكاة العنب

قراءة في كتاب تحقيق المذهب في حكم زكاة العنب
الكتاب من تأليف: أبي عبد الله محمد بن محمد المصطفى الأنصاري وقد استهل الكتاب بمقدمة من روايات وآيات لا علاقة لها بموضوع الكتاب فقال :
"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - القائل: (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموت والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) .
قال الله تعالى: - يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا - (سورة النساء: آية 1)، وقال تعالى: - يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما -
(سورة الأحزاب: آيتا 70 - 71).
قال الحسن البصري: (رأس مال المسلم دينه فلا يخلفه في الرحال ولا يأتمن عليه الرجال) . ... وقال سهل بن عبد الله: النجاة في ثلاثة:
1 - أكل الحلال، 2 - أداء الفرائض، 3 - الاقتداء بالنبي -) . ... وقال الزهري: (من الله الرسالة، وعلى رسوله - البلاغ، وعلينا التسليم) ."
واستهل الموضوع بأن ما جاء هو تلخيص لما قاله الفقهاء في زكاة العنب فقال :
"وبعد فهذا تلخيص لأقوال العلماء في حكم زكاة العنب، وسميته بتحقيق المذهب * في حكم زكاة العنب، أسأل الله عز وجل أن يفقهنا في دينه، وأن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه على كل شيء قدير"
وذكر أن للفقهاء ثلاثة مذاهب في الموضوع فقال :
"اختلف العلماء في وجوب زكاة العنب وفي اعتبار بلوغه النصاب: خمسة أوسق: على ثلاثة أقوال.
القول الأول: أن الزكاة فيه واجبة إذا جف وصار زبيبا وبلغ خمسة أوسق وتخرج زكاته من الزبيب: وهو قول أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن عمر، ومعاذ بن جبل، وأبي موسى، ورواية عن ابن عباس، وبه قال: الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وأبو عبيد، وابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، والحسن بن صالح بن حي، وعبد الله بن المبارك، وقول: لإبراهيم النخعي، والشعبي ، وهو مذهب مالك ، والشافعي ، وأحمد ، ومحمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة .
القول الثاني: تجب الزكاة في العنب إذا جف وصار زبيبا قليلا كان أو كثيرا، خمسة أوسق، أو أقل: وهو رواية عن ابن عباس وقول لزيد بن علي، وإبراهيم النخعي، وهو مذهب أبي حنيفة
القول الثالث: لا تجب الزكاة في العنب سواء كان رطبا أو زبيبا:
وهو قول: شريح، والحكم بن عتبة، ورواية عن الشعبي، ومذهب الظاهرية ."
وبعد أن ذكر الأقوال الثلاثة وهى:
1- فيه الزكاة إذا بلغ النصاب وهو زبيب2- فيه الزكاة قليلا أو كثيرا وهو زبيب 3- ليس فيه زكاة
والأقوال الثلاثة تتعارض مع قوله تعالى في زكاة النبات:
" وأتوا حقه يوم حصاده"

فكل نبات فيه حق يوم الحصاد والمعروف أن العنب حصاده يكون وهو على العناقيد ناضج حيث يتم جمعه وبيعه يوميا لمدة معينة وفيما بعد يجففه البعض ويحوله لزبيب
ومن ثم فالزكاة متعلقة ببيعه طازج وليس بيعه زبيب
ثم ذكر الأنصارى أدلة كل فريق وهى روايات معظمها ورد في كتب ليست معروف فقال :
"استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
الدليل الأول:
عن سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد - أن رسول الله - بعثه وأمره أن يخرص العنب كما يخرص النخل وأن يأخذ زكاة العنب زبيبا كما يأخذ زكاة النخل تمرا
الدليل الثاني:
عن أبي موسى ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما حين بعثهما رسول الله - إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم وقال: لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة الشعير والحنطة والزبيب والتمر .
الدليل الثالث:
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -، قال: إنما سن رسول الله - الزكاة في هذه الخمسة: في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب والذرة
الدليل الرابع:
عن أبي سعيد الخدري - عن النبي - قال: ليس فيما أقل من خمسة أوسق صدقة، ولا في أقل من خمسة من الإبل الذود صدقة، ولا في أقل من خمس أواق من الورق صدقة .
الدليل الخامس:
وفي لفظ: ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق، ولا فيما دون خمس ذود صدقة ولا فيما دون خمس أواق صدقة .
الدليل السادس:
عن جابر بن عبد الله عن رسول الله - أنه قال: ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة
الدليل السابع:
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الصدقة واجبة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب .
الدليل الثامن:
قال ابن عبد البر: لا خلاف بين العلماء فيما علمت أن الزكاة واجبة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب، وقال أيضا: وقد أجمع العلماء على أخذ الزكاة من البر والشعير والتمر والزبيب .
وجه الدلالة:
دلت هذه الأحاديث والإجماعات على وجوب الزكاة في هذه الأصناف الأربعة: الشعير والحنطة والزبيب والتمر، وأن زكاة العنب لا تجب إلا إذا جف وصار زبيبا وأنها تعطى من الزبيب، وأن نصاب الحبوب والتمر وسائر الثمار خمسة أوسق فلا تجب الزكاة في أقل من ذلك .
استدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
الدليل الأول:
قال الله تعالى: - أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض - (سورة البقرة آية 267)، قيل المراد بالمكسوب: مال التجارة، والمراد بقوله: - ومما أخرجنا لكم من الأرض -: العشر .
الدليل الثاني:
قال الله تعالى: - وآتوا حقه يوم حصاده - (الأنعام: من الآية141)،
الدليل الثالث:
عن أبان بن أبي عياش عن رجل عن رسول الله - قال: ما أخرجت الأرض ففيه العشر، وفيما سقي بنضح، أو بقرب نصف العشر قليله وكثيره .
الدليل الرابع:
عن عبد الله بن عمر عن النبي - أنه قال: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر)
وجه الدلالة:
دلت هذه الآيات والأحاديث على وجوب العشر فيما سقت السماء وأخرجت الأرض سواء كان قليلا أو كثيرا فدل ذلك على عدم اشتراط تحديد النصاب بخمسة أوسق
استدل أصحاب القول الثالث: بأن العنب لم يثبت فيها شيء يوجب فيها الزكاة، وما ورد لم يثبت، والأصل في الذمة البراءة حتى يثبت النص الدال على الإيجاب، وما ذكر من إجماع لا يصح مع وجود المخالف ."
وبعد أن ذكر ألأدلة حاول ترجيح بعضها على بعض فقال :
"المناقشة والترجيح:
بعد النظر في أدلة أصحاب هذه الأقوال الثلاثة تبين لي ما يأتي:
الأول: أن ما استدل به أصحاب القول الأول صحيح صريح وهو نص في محل النزاع من إيجاب الزكاة في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب ويشترط في وجوب زكاتها بلوغ النصاب: خمسة أوسق.
الثاني: أن ما استدل به أصحاب القول الثاني: من عدم اعتبار نصاب خمسة أوسق، قال الشوكاني: ذهب أبو حنيفة ومن معه: إلى العمل بالعام فقالوا تجب الزكاة في القليل والكثير ولا يعتبر النصاب وأجابوا عن حديث الأوساق بأنه لا ينتهض لتخصيص حديث العموم لأنه مشهور وله حكم المعلوم وقالوا: إن دلالة العموم قطعية وأن العمومات القطعية لا تخصص بالظنيات ولكن ذلك لا يجري فيما نحن بصدده فإن العام والخاص ظنيان كلاهما والخاص أرجح دلالة وإسنادا فيقدم على العام تقدم أو تأخر أو قارن على ما هو الحق من أنه يبنى العام على الخاص مطلقا وهكذا يجب البناء إذا جهل التاريخ وقد قيل إن ذلك إجماع والظاهر أن مقام النزاع من هذا القبيل قلت: والأدلة التي استدلوا بها الخاص منها ضعيف لا يثبت بل هو موضوع كما سبق ذلك في تخريج حديث أبي مطيع البلخي، والعام منها: مخصص بأدلة تحديد الخمسة الأوسق، وحمل العام على الخاص والمطلق على المقيد عند التعارض هو الأولى والأصح إذا لم يعلم التاريخ عند الجمهور.
الثالث: أنما استدل به أصحاب القول الثالث من عدم دليل يدل على وجوب زكاة العنب فالجواب عنه: أن حديث عتاب بن أسيد حسن، وكذلك حديث معاذ بن جبل وأبي موسى صحيح كما تقدم في تخريجهما وهما صريحا الدلالة، وأما حيث عمرو بن شعيب فضعيف السند ولكن معناه صحيح بما في حديث عتاب، ومعاذ، وأبي موسى، وباتفاق من ذكرنا من الصحابة ومن بينهم الخلفاء الراشدون، ولم ينقل عن أحد من الصحابة في ذلك خلاف، فيعتبر بمثابة إجماع من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وهو قول الأئمة الأربعة وأتباعهم رحمهم الله كما تقدم، بل تقدم الإجماع الذي ذكره ابن عبد البر، وابن المنذر ونقله عنهما ابن قدامة في المغني، مع أنه فيه نظر مع وجود المخالف مثل شريح، والحكم بن عتبة، وقول للشعبي، ومذهب الظاهرية كما تقدم! قلت: ولعل مرادهم بالإجماع هنا إجماع الصحابة، والأئمة الأربعة وأتباعهم على وجوب الزكاة في هذه الأصناف الأربعة المتقدمة، أو لعلهم لم يقفوا على المخالفين لذلك الذين ذكرهم ابن حزم رحمه الله،
وبهذا يتبين لي رجحان ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من وجوب الزكاة في هذه الأصناف الأربعة: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، وأن العنب تجب زكاته إذا جف وصار زبيبا، وتخرج زكاته زبيبا، وأنه يشترط لوجوب زكاة سائر الحبوب والثمار بلوغها نصاب خمسة أوسق، وأنه لا زكاة فيما دون ذلك للأدلة التي استدلوا بها، والله تعالى أعلم.
وإلى هنا انتهى ما أردت جمعه من أحكام زكاة العنب ومذاهب العلماء في ذلك وأدلتهم، والذي سميته بتحقيق المذهب في حكم زكاة العنب"
وكل ما سبق حتى الترجيح باطل إلا ما كان من أمر النصاب فالعنب لا تؤدى زكاته زبيبا لقوله يوم حصاده فهو لا يحصد زبيبا وغنما يحصد ناضجا
وأما النصاب فهو ليست خمسة أوسق لأن النصاب هو ما يفوق احتياجات الفلاح وأسرته فإن فاض عنهم شىء وجبت في الزكاة وإن لم يفض عنهم شىء فلا زكاة
مثلا إذا كان العنب المجموع بيع بثمن يكفى احتياجات الأسرة طوال السنة إن كان هو المحصول الوحيد في الأرض ثم تبقى منه شىء بعد تلك الاحتياجات ومنها ثمن رعاية الأرض وخدمتها ففيه الزكاة وإن لم يتبق شىء أو نقص من احتياجات الأسرة فليس فيه زكاة لأن نصاب الزكاة هو الغنى وهو أن يفيض عن المسلم البعض وأما طالما احتاجته الأسرة فلا زكاة 

الأربعاء، 26 أبريل 2023

حديث فى ولى الأمر

حديث فى ولى الأمر
إن مسئوليات ولى الأمر تختلف من مكان لأخر فمثلا ولى أمر الدولة وهو ما يسمونه الخليفة أى الملك أو السلطان أو الحاكم مسئولياته أكبر من مسئولية ولى أمر الولاية أكبر من مسئولية ولى أمر المحافظة أكبر من ولى أمر مسئولية أمر المدينة أو القرية أو النجع أو الكفر فكلما كبرت المسافات كبر حجم المسئولية حيث يحتاج ولى الأمر للتنقل كثيرا بين القرى والمدن أو بين الأحياء ومن ثم يجب أن يكون تحت يده وسيلة نقل سريعة ليقدر على التحرك السريع لمتابعة تنفيذ الشرع وحل المشكلات الطارئة فالخليفة يحتاج لطائرة وكذلك والى الولاية وأما المحافظ فيوضع تحت يده سيارة وأما ولى أمر المدينة أو القرية أو النجع فسيارة أو دراجة بخارية
تنقل ولى الأمر خاصة فى المسافات الكبيرة يعنى أنه قد يتغيب عن بيت أسرته ساعات أو أيام ومن ثم وجب لولى الأمر أن يكون معه وسيلة نقل تساعده على تنفيذ مهامه الموكولة له
ولى الأمر أيا كان لابد له من مميزات أخرى ليست مالية ولكنها مميزات تقلل من مشاكله البيتية فمثلا إذا كان متعدد الزوجات يجب أن يسكن فى جواره آباء وأمهات زوجاته حتى يقمن بدورهم فى حل مشكلاته بسرعة مع ابنتهم زوجته فإن كانت المشكلات تتحدى وتقلل من وقته الذى هو يجب أن يكون فى خدمة من يلى أمرهم وجب أن يطبق فيه نص النبى (ص) وهو نص فى الحاكم فى الزوجات وهو قوله تعالى:
"ترْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ"
هذا النص هو لمنع ضياع وقت ولى الأمر فى حل مشكلات زوجاته
ولى الأمر بالطبع يحتاج بيته للتموين الطعامى وغيره وليس من المعقول أن يقوم ولى الأمر مثلا بالوقوف فى طابور الخبز أو طابور انتظار أنبوبة الغاز أو فى انتظار الحصول على وقود السيارة أو الدراجة مضيعا كل يوم ساعة أو اثنين من الوقت المفترض أن يكون فيه فى حل المشاكل أو فى متابعة سير العمل فى المصالح المختلفة ومن ثم يجب أن يتم حل تلك المشكلة فمثلا فى مسألة الخبز يكون ابنه أو ابنته أو زوجته الواقف فى الطابور أو زوجته وأما فى حالة الوقود وقود السيارة أو الدراجة فيتم استثنائه من الوقوف فى الطابور
بالطبع المميزات ليست مميزات لولى الأمر لأنها حقوق مقابل واجبات فالرجل وقته ملك الناس ففى أى وقت كوقت الراحة فى الظهيرة أو وقت النوم ليلا عليه أن يترك فراشه أو مكان راحته لحل المشكلات
عليه أن يترك أمور بيته من زوجة وولد حيث يتغيب أياما فى بعض الحالات عنهم خاصة فى المناصب الكبرى كالخليفة ووالى الولاية 

الثلاثاء، 25 أبريل 2023

نظرات فى محاضرة مقومات السعادة الزوجية

 نظرات فى محاضرة مقومات السعادة الزوجية
المحاضر ناصر العمر وهى تدور حول مقومات السعادة الزوجية وقد تحدث عن أن هديته للحضور ومن يسمع المحاضرة أو يقرئها ليست مادية وإنما معنوية وهى نصح الأزواج فقال :
"أما بعد:
فإن موضوعنا – أيها الأحبة – الذي يدور عليه حديثنا يتعلق بناحية مهمة في حياتنا الاجتماعية، ولذا فإني أقدمه هدية لكل عروسين، بل لكل واحد منكم، والهدية – كما تعلمون – تعبير صادق عن المحبة الكامنة في الفؤاد، والرغبة في إدخال السرور على قلب كل من الزوجين، وهي وإن اعتاد الناس كونها مادية، إلا أني سأقدمها معنوية، إيثارا لما يبقى على ما يفنى:
لا خيل عندك تهديها ولا مال ... فليسعد النطق إن لم تسعد الحال
ولذا أحببت معالجة هذا الموضوع الذي يدور بخلد الكثيرين ممن وقفوا على عتبة باب الزواج من فتيان وفتيات، سائلا الله أن تكون هذه المعالجة سبيلا إلى تحقيق السعادة لهم جميعا في الدارين. إنه ولي ذلك والقادر عليه."

وذكر العمر أن اسباب اختياره للموضوع متعددة وهى :
"وقد دفعني لاختيار هذا الموضوع عدة دوافع أذكر أهمها:
1 - أهمية هذا الموضوع، حيث إن السعادة الزوجية مطلب ضروري لك راغب في الزواج، ومقبل عليه، وواقع فيه.
2 - كثرة وقوع المنازعات والخلافات الزوجية التي تؤدي إلى الفرقة والشقاق، ومن ثم الطلاق؛ وليس هذا في مجتمعنا فحسب، بل لا يكاد مجتمع يسلم من زخم الأرقام الهائلة لحوادث الطلاق، وخير دليل نقدمه على صدق هذه الدعوى ما أثبتته الإحصائيات لنسب الطلاق على المستوى الدولي.

ففي أمريكا وصلت نسبة الطلاق إلى (48%).
بينما وصلت في ألمانيا لمن هم دون الخامسة والعشرين عاما إلى (35%).
وفي أوربا عموما وبعض الولايات الأمريكية وصلت إلى (62%).
وإذا انتقلنا إلى الدول العربية، وجدنا بعضها قد وصلت فيه النسبة إلى (20%).
وهذه النسب كلها مذهلة، حيث تجد نسب الطلاق تصل إلى ما فوق النصف، أو الثلث، أو حتى إلى الخمس.
فضلا عن تلك البيوت التي تتشبث بعقد الزوجية مع ما تعيشه من اختلاف وتمزق وتعاسة.
3 - أن الأسرة المستقرة تخرج الأجيال الذين يعدون لحمل رسالة الإسلام.
فنحن بحاجة إلى الشاب الصالح والفتاة المؤمنة اللذين يتربيان في بيت ترفرف عليه السعادة؛ لا الفراق والشقاق، وهنا ينشأ الأولاد في جو نفسي رائع بعيد عن التوتر والقلق، وفي مثل هذا البيت يتخرج الدعاة والمصلحون."

والرجل لم يكتف بما يعرف عن الموضوع وإنما استشار اهل الاختصاص ومن ثم قدم ما يظنه المجموع هو طرق الوصول للسعادة المنشودة لاختصار فقال :
"وقد استشرت في هذا الموضوع المهم وهو "مقومات السعادة الزوجية" ذوي الاختصاص، كما رجعت إلى بعض المراجع، واستفدت من ذوي الخبرة والتجربة، وخرجت من هذا كله بخلاصة تحوي (معظم) مقومات السعادة الزوجية.
ولطول الموضوع، وكثرة ذيوله، فإني سأذكر هذه المقومات على سبيل الإيجاز والاختصار والتركيز الشديد.
وقبل أن ألج في خضم الموضوع، أحب أن أشير إلى اهتمام الإسلام وعنايته البالغة بشأن الزواج، وترغيبه التام، وحثه المطرد عليه، وذلك في آيات وأحاديث كثيرة، أشير إلى بعض منها على عجالة:
فمن الآيات:
1 - قوله تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) (النساء: الآية 1).
2- قوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) (الروم: من الآية21).
3-وقوله تعالى: (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) (الذاريات: الآية 49).

4- ومن صفات المؤمنين التي يذكرها الله لنا في معرض المدح: (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما) (الفرقان:74). فهم ينشدون السعادة في أزواجهم وأولادهم، ويسألونها من القادر عليها – سبحانه -."
والحقيقة أن ما سماه الرجل السعادة سماه المؤمنون طلب قرة الأعين وهى طمأنينة القلب وهو النفس بسبب صلاح الأولاد والزوجات والدعاء بذلك يثبت أن لا وجود لتلك السعادة المنشودة أو السعادة الكاملة فلو كانت السعادة موجودة ثابتة ما طلبها القوم ولكن واقع الحال :
أننا نعمل على توفير أسبها ولكن الواقع قد يكون غم وكراهية فنوح(ص) امرأته وابنه كانوا له أعداء ولوط(ص) كانت امرأته له عدوة وفى هذا قال تعالى :
"ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين"
وأثبت الله الحقيقة وهى أن بعض المسلمين أولادهم وزوجاتهم أعداء لهم يعملون على جعلهم يكفرون وهو ما نسميه التعاسة والشقاء وفى هذا قال تعالى :
"يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم"
ومن ثم لا يمكن أن توجد سعادة أحيانا وإن عملنا على وجودها بكل الأسباب
واستدل الرجل على تلك السعادة المنشودة بالأحاديث فقال :
ومن الأحاديث:
"1 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج"
2-ما رواه أنس، أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، سألوا أزواج النبي صلى الله عليهم عن عمله في السر؟ فقال بعضهم: لا أتزوج النساء! لا وقال بعضهم: لا آكل اللحم! وقال بعضهم: لا أنام على فراش! فحمد الله وأثنى عليه، فقال: "ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وأنام؛ وأصوم وأفطر؛ وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني" "
والأحاديث السابقة لا تدل على السعادة وإنما هى أمر بالزواج بغض النظر عن صحتها أو بطلانها
واعتبر العمر أن الأسرة ضرورة من ضرورات الدين فقال :
"أيها الأحبة :
إن بناء الأسرة من ضرورات قيام هذا الدين، لأن الأسرة لبنة المجتمع الأولى، وأساس هذا البناء الزواج الناجح المبني على أسس سليمة وأهداف مستقيمة، لأن اختلال الأسس، وتفاهة الأهداف تؤدي إلى انعدام الثمرة من التزاوج، وخذ على هذا مثلا:
أولئك الذين يقدمون على الزواج للمتعة، وقضاء الوطر فقط مجردا عن المعاني العظيمة التي يقصد الزواج من أجلها، فسرعان ما يمل أولئك الحياة الزوجية، لأنهم أخطأوا تحديد الهدف منذ البداية.
والإسلام حينما نزل هداية للبشرية، جاء بتشريع كامل شامل لجميع مناحي الحياة، (اليوم أكملت لكم دينكم) (المائدة: 3). "

والرجل هنا يرى أن الزواج لهدف ما كقضاء الشهوة فقط يؤدى بالضرورة إلى فساد الزواج وقد تحدث عن شمولية تشريعات الإسلام لكل شىء ومنه بناء الأسرة واستقرارها فقال :
"لا تجد مسألة إلا وفي الإسلام تشريعها، ولا مشكلة إلا ولها دواؤها يقول أبو ذر – رضي الله عنه – مترجما هذا المعنى:
"لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يتقلب في السماء طائر إلا ذكرنا منه علما"
والحياة الزوجية حظيت كغيرها بتشريع متكامل، وعالج الإسلام جميع جوانبها مما يضمن حياة سعيدة هانئة مستقرة."
الحقيقة أن الله عندما تحدث عن التشريعات الأسرية لم يذكر ما سماه الرجل السعادة والهناء وإنما تحدث عما يحفظ حقوق كل من فى الأسرة سواء استمرت الزوجية أو انتهت بالطلاق فلو كان الهدف السعادة كغاية ما تحدث عن الرحمة كأساس من أسس الزوجية فقال :
"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"
فالرحمة بين الزواج تعنى أن يغفر بعضهم لبعض الأخطاء التى يرتكبونها فى حق بعضهم بالإضافة إلى مساعدة ومعاونة بعضهم البعض
وتحدث عن عمل أعداء المسلمين على هدم الأسر المسلمة فقال :
"ولقد كنت أتساءل عن سر هجوم أعداء الله الشرس على الأسرة المسلمة، ومحاولتهم نصب الشباك لإيقاعها في شرك التمزق والاختلاف؟
فكان الجواب: أن الأعداء أدركوا أن انهيار الأسرة المسلمة معناه تلقائيا: انهيار المجتمع الإسلامي بكامله؛ فمتى فرخت القلاقل والمشكلات في بيت، فلا تنتظر أن يتخرج فيه جيل صالح.
لقد زرت إحدى دور الأحداث، وأذهلتني الإحصائيات المتوافرة هناك، والتي أثبتت أن ما بين 70 إلى 80% من أسباب دخول الأحداث للدار، هو وجود الخلاف الناشب بين الزوجين، أو وقوع الطلاق.
وقد قسمت إحصائياتهم حسب الأحياء، وبتتبع يسير، وجدت أن الأحياء التي يكثر فيها وجود الخلافات والمنازعات بين الأزواج يكثر دخول أحداثها للدار، خلافا لتلك الأحياء التي يقل في بيوتها وقوع الشقاق بين الأزواج، فإن دخول أبنائهم للدار قليل جدا.
أرأيتم – أيها الإخوة – ما تسببه نار المنازعة من تصدع في كيان الأسرة، وتقطع لأوصال المجتمع، وانهيار في بناء الأمة، ومن هنا فطن الأعداء لهذا المدخل الخطير، وبذلوا ما في وسعهم لهدم بنائه وتحطيم جدرانه، نسأل الله أن يرد كيدهم في نحورهم."

بالقطع لا يوجد فى الإسلام ما يسمى بدور الأحداث ولا دور المسنين ولا مشافى المجانين فكلها اقتباس من الكفار لأن الواجب هو تربية المسلمين لصغارهم فى بيوتهم والعمل على راحة كبار السن فى بيوتهم وتحمل المجانين فى البيوت
إن تخلى المسلمون والمسلمات عن واجباتهم هو كفر بأحكام الله ووجود تلك الدور فى بلادنا هو عار علينا وبرهان عن تخلينا عن الإسلام كدين لقوله تعالى :
" وتعاونوا على البر والتقوى "
كمثال الآباء والأمهات من يخرجهم لدار المسنين فقد كذب وكفر بقوله تعالى :
" إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا"
فيا أيها الحقير الذى ترك أباه أو أمه فى دور المسنين أو فى الشوارع اعلم أنك كفرت ومصيرك النار
ومن يطرد الأولاد أو يعمل على تكريههم فى البيت اعلم أنك فى النار لأنك كفرت بقوله تعالى "
" وقل رب ارحمها كما ربيانى صغيرا"

وكفرت بقوله :
" وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف"

بقيت كلمة :
السعادة شىء يتمناه كل إنسان وهو يعمل على تحقيقه ولكن لا وجود للسعادة المستمرة وإنما هى لحظات نعيشها بين حين وأخر قد تطول وقد تقصر فى هذه الدنيا

الاثنين، 24 أبريل 2023

قراءة في بحث التعصب

قراءة في بحث التعصب
المؤلف عبد الكريم بكار وهو يدور حول التعصب لأمر ما وقد استهل الحديث بوجود رغبة عند الناس والعاملين في حقل الدعوة إلى توحيد الأمة ولكن الواقع أن ما يسمى بالدول القطرية أصبحت النظم السياسية فيها هى من يقف ضد وحدة الأمة المسلمة وفى هذا قال :
"في الساحة الإسلامية العامة دعوة عريضة لتوحيد الأمة في كيان سياسي واحد، وفي ساحة الصحوة والدعوة هناك دعوة مماثلة لتوحيد العمل الإسلامي، أو على الأقل العمل على تقريب توجهاته ومناهجه، ولكن الواقع يشهد أن الاستجابة لكلتا الدعوتين تقترب من العدم، مع أن ولاء المسلمين قاطبة كان على مدار التاريخ للأمة، وليس للدولة القطرية"
وتحدث عن وجود البراهين القاطعة على وجوب وحدة الأمة إلا أن حتى ما يسمى بالتيار الإسلامى مصاب بداء التعصب مثله مثل النظم الحاكمة والكل يقف حائلا دون الوحدة وفى هذا قال :
"ومع أن لدى الإسلاميين الكثير من النصوص والمقولات التي تؤكد على وحدة الكلمة ونبذ الخلاف والفرقة، فلماذا لم تتحقق هذه التطلّعات؟ ... في النائبات على ما قال برهانا ...
في البداية لا بد من القول:
إنني لا أحكم هنا على مدى واقعية الدعوة إلى توحيد الأمة تحت لواء سياسي واحد، ولا توحيد الجماعات الإسلامية في أي بلد من البلدان الإسلامية تحت إمرة قيادة واحدة، فهذه مسألة تحتاج إلى نقاش معمَّق، لكن أود هنا أن أشير إلى مرض اجتماعي واسع الانتشار على صعيد الأمة بشكل عام، وعلى صعيد الجماعات الإسلامية على نحو خاص. ... وهذا المرض والذي هو (التعصب) يشكّل عائقاً أساسياً أمام كل أشكال التقارب بين الأفراد والجماعات والشعوب والمؤسسات .. وذلك لأنه يكرِّس أسباب الفرقة، ويهدم ما هو موجود من أركان اللقاء والوحدة والتعاون. "
وتحدث معرفا العصبية بأنها نصرة فريق معين عن طريق الظلم والعدل معا فقال :
"وهذه بعض الملاحظات الجوهرية في هذا الشأن: ... للتعصّب علاقة لغوية بـ (العصبيّة)، ومعناها أن يدعو الرجل إلى نصرة (عُصبته) -أي قرابته من جهة أبيه الذين يتعصّبون له وينصرونه- والتألّب معهم على من يناوئهم ظالمين كانوا أو مظلومين. ..."
وتحدث عن كون المتعصب لشىء ما هو أعمى في الحقيقة لأنه لا يرى سوى ما يريد هو دون ما يراه غيره فقال |:
" إن المتعصّب لشيء أو ضده يتسم بالعاطفة الشديدة والميل القوي، فهو في حالة التعصب لقومه أو جماعته أو وطنه أو أفكاره .. لا يرى فيما يتعصّب له إلا الإيجابيات والمحاسن، وفي حالة التعصّب ضد شيء مما ذكرناه، فإنه لا يرى المعايب والسلبيات، وهذا يعني أن المتعصّب مصاب بـ (عمى الألوان)"
وبين الرجل أن نتاج التعصب هو أن المتعصب يبرر لنفسه ولمن معه الأخطاء التى هم عليها فقال :
"والمتعصّب إنسان غارق في أهوائه وعواطفه، على مقدار ضعفه في استخدام عقله، ولا يعني ذلك أنه لا يفكر، إنه يفكر، ولكن الأفكار التي تتمحض تتمخض عن تشغيل عقله، يتم إنتاجها في إطار العواطف الجامحة التي لديه، وتكون مهمتها الأساسية ليس ترسيخ الاعتدال والإنصاف، وإنما التسويغ للميول والعواطف العمياء التي تغلي في صدر الإنسان المتعصّب! ..."
وبين الرجل أن المتعصب لا يحب التناظر وهو الجدال بالحق لأنه يكشف عيوبه وما عليه من باطل فقال :
" لا يحبّ المتعصّب المناظرة؛ لأن التعصّب الذي لديه يوحي إليه بأنه على الحق الواضح الذي لا يقبل النقاش، لكن المتعصّب يحب الجدال بالباطل الذي يقوم على أسس غير موضوعية وغير عقلانية."
وبين أن المتعصب يصدر الأحكام في سرعة دون تفكير وهى أن معه على حق وإن كانوا هم الظالمين ومن ضده أو ليسوا معه على باطل فقال :
"والإنسان المتعصّب بعد هذا وذاك إنسان عجول، يُصدر الأحكام على الناس من غير فحص للأدلة والبراهين والأسس التي تقوم عليها تلك الأحكام، إنه مع قومه فيما يحبون ويكرهون، ومع جماعته فيما تقدم عليه، وفيما تحجم عنه، وهم في كل ذلك على صواب، ولا يحتاج ذلك إلى أدلة، على حد قول الشاعر:
... لا يسألون أخاهم حين يندبُهم "
وذكر بكار أن المتعصب يتصف بالجمود بمعنى أنه يقلد الفريق المنتمى إليه كما قال تعالى :
"إنا وجدنا أباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون"
ومن ثم هو لا يفكر وإنما يقرر بناء على معرفته السابقة وفى هذا قال :
"ومن لوازم التعصّب ومكوناته -بالإضافة إلى ما أشرنا إليه- الآتي: ... الجمود؛ إذ إن المتعصّب يلازم الأفكار الموروثة حول ما يتعصّب له، فإذا كان يتعصّب لبلده، فإنه يحفظ كل ما قيل في فضائله بقطع النظر عن صحته، ولا يفتح عقله للتعامل مع المقولات الجديدة حول ذلك البلد؛ فهو بلد الصدق والأمانة والشهامة والكرم .. وإن كان الناس من حوله يلاحظون أن وجود هذه الفضائل نسبي، وأن بين أبناء بلده من ليس صادقاً ولا أميناً ولا كريماً ... ..."
وتحدث بكار أن من أسباب التعصب التفكير غير المنطقى فقال :
"من مكونات التعصّب ولوازمه التفكير غير المنطقي؛ إذ تنطمس الأسباب عند الحديث عن المشكلات، ويختل الربط بين المقدمات والنتائج، فإذا حدثت محنة عظيمة لجماعة المتعصّب فإن تلك المحنة ليست بسبب سوء تقديرها للأمور، أو بسبب أخطاء تربوية أو تنظيمية أو بسبب أخطاء إستراتيجية. ... إن كل هذه الأخطاء لا يستطيع المتعصّب رؤيتها، ولهذا فالمحنة التي وقعت هي بسبب مؤامرة كبرى تعرّضت لها الجماعة أو بسبب وشاية من جماعة منافسة، أو بسبب عدم التزام بعض أبنائها بالتعليمات .. وحين يُنبَّه المتعصّب إلى أن السلوك الفلاني سيؤدي إلى كذا وكذا، فإن المتعصّب يفسر ذلك بالحسد والحقد والجهل؛ وذلك لأن في سلسلة المعقولات لديه حلقات مفقودة، لهذا فإنه لا يستطيع رؤية التداعيات المنطقية بين الأشياء. ... التعميم المفرط داء وبيل يُبتلى به المتعصبون عادة، ونحن نقول دائماً: إن التعميم المفرط من أكثر أخطاء التفكير شيوعاً، وذلك بسبب عجز معظم الناس عن إصدار أحكام مبنية على رؤية تفصيلية منصفة، إن أي فضيلة تثبت لواحد من أفراد قبيلة المتعصّب، يعمّمها على باقي أبناء القبيلة، وإن أي رذيلة تثبت عن قبيلة منافسة يقوم بتعميمها على جميع أبناء كل تلك القبيلة، وفي هذا من الظلم ما لا يخفى. وهكذا فالمحاباة والتحامل صفتان أساسيتان لدى الإنسان المتعصّب، وهاتان الصفتان توجدان خللاً كبيراً في الشخصية، ولهذا فإن المتعصّب يكون في الغالب محروماً من التوازن العقلي والانفعالي الذي يتمتع به الأسوياء. ... "
وما قاله بكار هنا خاطىء فلا علاقة للتفكير والفكر بما سبق لأت التفكير كله عند الله حسن ولذا طالبنا به فقال :
" أفلا تتفكرون "
وقال مفسرا:
" أفلا تعقلون"
وقال مفسرا:
" أفلا تعلمون"
ما سبق هو اتباع الهوى الضال وهو نفسه اتباع دين الآباء حيث كانوا يتبعون أهوائهم الضالة وفى هذا قال تعالى :
" أفرأيت من اتخذ إلهه هواه"

بينما التفكر وهو العقل وهو العلم هو اتباع حكم الله وهو العمل بالعلم
وتحدث بكار عن أن نظرة المتعصب لا تتغير فإن اعتقد أن العائلة أو القبيلة الفلانية أهل سوء فإن حكمه لا يتغير حتى وإن رأى وشاهد بعينيه أنهم أو منهم أهل حسن وهو إن حدثت حادثة سيئة كالسرقة أو القتا فإنه يتهم القبيلة التى يكرهها على الفور دون أى تفكير فقال :
"التعصّب حين يطول أمده، فإنه يؤثر في الشخصية تأثيرًا بالغًا، إنه يصبح عبارة عن مصنع للنظارات التي يرى المتعصّب الأشياء من خلالها، فهو في كل موقف يتعلق بمن يوجه التعصّب ضدهم، يفكر، ويفهم، ويدرك، ويعي، ويشعر، ويسلك ويتصرف ويحكم وفقًا للصورة الذهنية التي شكّلها عنهم؛ وعلى سبيل المثال فإن المتعصّب حين يعتقد أن القبيلة الفلانية قبيلة منحطّة في نسبها أو سجلها التاريخي أو مكانتها الاجتماعية الحاضرة، فإن نظرته إلى تصرفات أفرادها وأحكامه عليهم ومشاعره نحوهم، تتجسد في الآتي: ...
-إذا رأى واحدًا من أفراد القبيلة، فإنه ينظر إليه نظرة دونية، فهو غير جدير بالتفوق الظاهر، وإذا احتل منصبًا كبيرًا نظر إليه على أنه أصغر من أن يحتل ذلك المنصب، وإذا طالب بحق ثابت له، رأى أنه يبالغ في طلب ذلك الحق. ...
o إذا حدثت سرقة أو جناية، أو وقعت فعلة شنيعة، ولم يُعرف مرتكبها فإن المتعصّب يتهم واحدًا من أبناء تلك القبيلة -لا على التعيين- بفعل ذلك، ويبعد التهمة عن أبناء القبائل الشريفة والرفيعة. ...
o حين يقع ظلم على رجل ينتمي إلى قبيلة وضيعة فإن المتعصّب لا يجد في نفسه الحماسة للدفاع عنه ومناصرته، ربما لأنه يعتقد أنه لا يُعقل أن يكون مظلومًا، أو يعتقد أن من المؤكد أنه هو الذي تسبّب في إيقاع الظلم على نفسه. ...
o يحاول المتعصّب الابتعاد في معاملاته وعلاقاته الاجتماعية عن أفراد القبيلة المنحطة وذلك خوفًا من العار أو الأذى أو الخيانة. ينظر إلى ابن القبيلة المنحطة على أنه غير موثوق في كلامه، ويفسر الغامض منه تفسيرًا سيئًا. ... إن كل ما ذكرناه يتم من خلال الرؤية الإجمالية، ومن غير أدلة وبراهين يمكن الاعتماد عليها. "
وما تحدث عنه بكار هنا هو ما يسمونه خطأ التفكير المسبق وهو الهوى الضال المترسخ كعادة لا تتغير وذكر بكار أن هذا هو عينه ما كان يحدث في جنوب أفريقيا من البيض تجاه السود وما يحدث من قبل اليهود في فلسطين فقال :
"وأنت ترى أنما أشرنا إليه يشكل في الحقيقة نوعًا من التمييز الشبيه بالتمييز العنصري الذي مارسه البيض في جنوب إفريقية، ويمارسه اليهود اليوم في فلسطين السليبة."
وتحدث عن أن هذا التعصب هو ناتج من الدين نفسه الذى عليه المتعصب فقال :
إن التعصّب والذي يعزز التمييز بالصورة التي رأيناها يقسِّم أبناء الملة الواحدة إلى طبقتين متمايزتين:
طبقة القبائل النبيلة ذات الحسب والنسب والتفوق والشرف وطبقة القبائل الدنيئة الوضيعة التي لا تمت إلى المكرمات بأي صلة! ... وفي هذا من الحيف والظلم والنجس الذي تمقته الشريعة الغرّاء، حيث يقول الله -تعالى-: (ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) [الأعراف: 85]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن أعظم الناس جرمًا إنسان يهجو القبيلة من أسرها، ورجل تنفَّى من أبيه" (رواه ابن ماجة).
وقال: "لا يُؤخذ الرجل بجريرة أبيه، ولا بجريرة أخيه" (رواه النسائي)"
ولم يفصل بكار ما قاله من أن الأديان الضالة كلها قائمة على أساس التفرقة بين الناس في المنزلة فما حدث في جنوب أفريقيا من قبل النصارى البيض ضد النصارى السود وغيره هو نتاج النص القائل في العهد الجديد :
21ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ. 22وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً:«ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا». 23فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ:«اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» 24فَأَجَابَ وَقَالَ:«لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». 25فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً:«يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي!» 26فَأَجَابَ وَقَالَ:«لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب». 27فَقَالَتْ:«نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!». 2
وهو عينه نتاج النص المفرق بين اليهود وبين غيرهم من ألأمم وهو في العهد القديم في سفر الخروج :
12اِحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَقْطَعَ عَهْدًا مَعَ سُكَّانِ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ آتٍ إِلَيْهَا لِئَلاَّ يَصِيرُوا فَخًّا فِي وَسَطِكَ
وفى سفر اللاويين :
فَمِنَ الشُّعُوبِ الَّذِينَ حَوْلَكُمْ. مِنْهُمْ تَقْتَنُونَ عَبِيدًا وَإِمَاءً. 45وَأَيْضًا مِنْ أَبْنَاءِ الْمُسْتَوْطِنِينَ النَّازِلِينَ عِنْدَكُمْ، مِنْهُمْ تَقْتَنُونَ وَمِنْ عَشَائِرِهِمِ الَّذِينَ عِنْدَكُمُ الَّذِينَ يَلِدُونَهُمْ فِي أَرْضِكُمْ، فَيَكُونُونَ مُلْكًا لَكُمْ. 46وَتَسْتَمْلِكُونَهُمْ لأَبْنَائِكُمْ مِنْ بَعْدِكُمْ مِيرَاثَ مُلْكٍ. تَسْتَعْبِدُونَهُمْ إِلَى الدَّهْرِ. وَأَمَّا إِخْوَتُكُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَلاَ يَتَسَلَّطْ إِنْسَانٌ عَلَى أَخِيهِ بِعُنْفٍ."
والهندوسية من أشر الأديان حيث تذكر الطبقية داخل الأمة الواحدة على أنها أحد أسس الدين وحتى ما يسمى بالأديان الجديدة الدساتير فرغم أن كل الدساتير تقريبا تحتوى على عبارة أن المواطنون سواء في الحقول والواجبات إلا أنها تعطى بعض المواطنين وهم من يتولون المناصب العليا ومن ينوبون عن الشعب في المجالس النيابية مميزات على باقى الناس
وتحدث بكار عما سماه التنميط عند المتعصب فقال :
"من الواضح من خلال ما ذكرناه عن التعصّب ضد (القبيلة المنحطة) أن المتعصّب يقوم بعملية (تنميط) لجميع أفراد القبيلة؛ فهم جميعًا لديه يتخلقون بأخلاق واحدة، ويفكرون بطريقة واحدة، ولهم تطلعات واحدة ... وهذه العملية (التنميط) هي النتيجة الحتمية لعجزنا عن العيش في عالم واسع الأرجاء كثير التعقيدات، فنحن غير مهيئين للتعامل مع كل الأحداث الموجودة بشكل مباشر، ولهذا فإننا نعيد بناءها في نماذج بسيطة كي تصبح سهلة الإدراك."
وقد سبق أن تحدث عن ذلك من خلال ألأحكام المسبقة ضد الآخرين وقدم بكار أمثلة على تنميط الجماعات المنتسبة إلى الإسلام فتحدث عن جماعة التبليغ الهندية فقال :
"ومن المشاهَد أن (التنميط) يقوم على الاختصار والتعميم، فالجماعات الإسلامية -مثلاً- حين تحاول ملامح بعضها بعضًا، تعمد إلى (الاختصار): هذه الجماعة تشتغل بالدعوة، واهتمامها بالعلم الشرعي محدود، المثقفون فيها قليلون، وهي لا تشتغل بالسياسة، ولا تهتم بالجهاد (قتال الأعداء) ولديها بدع كثيرة. هذه السمات هي ما توصف به إحدى الجماعات الإسلامية العاملة على الساحة والمنتشرة في شبه القارة الهندية على نطاق واسع.
الصفات المذكورة هي كل ما تتصف به في نظر الجماعات المتعصّبة ضدها والمناوئة لها. ولا يُذكر في العادة ما لديها من أعمال عظيمة في الدعوة، ولا يذكر ذاك العدد الضخم من الناس الذين تغيّرت أحوالهم إيجابًا بسبب دعوتها لهم. ... بعد الاختصار يأتي التعميم، فكل من ينتمي إلى تلك الجماعة وسواء أكان من أعمدتها وأركانها، أو كان يتحرك في هامشها -كل أولئك يتسمون بالسمات العامة لتلك الجماعة، وعند معاملته ومناظرته وتقويمه ... يُعامل وكأنه فعلاً متمثل لكل صفات جماعته، ومتشرب على نحو كامل لكل مبادئها و أخلاقها، ويحمل كل عيوبها ونقائصها ... وإذا نظرنا إلى الواقع وجدنا أن في أفراد تلك الجماعة، من يمضي معها، وهو لا يعرف إلاّ القليل عن إيجابياتها وسلبياتها، ومنهم من يمضي معها، وهو يناقشها في بعض ما يُؤخذ عليها، وهذا موجود في الحقيقة لدى كل التجمعات والجماعات والأحزاب، بل هو موجود بين أفراد الأسرة الواحدة، حيث يظهر أبناء الأسرة أمام الناس، وكأنهم شيء واحد، مع أن بينهم الكثير من التباين والاختلاف. التعصّب يقوم على الاختصار المخلّ والتعميم المجحف، أي هو مولود لأبوين غير شرعيين، ولذا فإنه مذموم بمعايير الشرع والمنطق والإنسانية. "
وبكار من خلال ما ذكره سابقا يبين لنا أن الجماعات الدعوية يكفر بعضها بعضا من خلال البحث عن المساوىء أو مخالفات الجماعة لنصوص الوحى وهم لا يبحثون عن المشترك بينهم
وتحدث أسباب التعصب فقال :
"في هذا المقال من حديثنا عن التعصب سنتحدث بحول الله -تعالى- عن الأسباب التي تدفع الأشخاص والجماعات في اتجاه (التعصّب) على أمل تكوين ثقافة واضحة حول هذه العلة الأخلاقية والاجتماعية المنتشرة على نطاق واسع؛ ولعل من أهم تلك الأسباب الآتي:
1 - الجهل سبب رئيس بين أسباب التعصب؛ إذ إن الشخص أو الجماعة أو القبيلة أو الحزب حين يجهل حقيقة ما عليه الآخرون فإنه يقع بسهولة فريسة لأحاديث المجالس غير الموثوقة والمتحاملة، كما يقع فريسة للدعاية المضادة، وتدل بعض الدراسات على أن الناس كلّما عرفوا أكثر وأكثر عن بعضهم خفّت حدة التعصب لديهم، وذلك لأن تلك المعرفة تظهر لهم زيف الشائعات المغرضة التي يتداولونها عن بعضهم من غير أي تثبّت؛ وفي هذا الإطار نفهم حكمة العديد من التشريعات والعبادات الإسلامية ذات الصبغة الاجتماعية، مثل: الحج وصلاة العيدين والجمعة والجماعة، ومثل الحثّ على التزاور وعيادة المريض، وصلة الأرحام، والتعاون على البر والتقوى .... والله -تعالى- يحثنا بطريقة واضحة على التعارف والتواصل حين يقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
إن انتشار الذرية وتنوع الانتماء القبلي من الأمور التي تبعث على الفرقة والتناحر والتعصب، لكن القرآن الكريم يذكّرنا بثلاثة أمور أساسية:
أ - الناس مهما اختلفوا وتباعدوا، فإن عليهم أن يتذكّروا أنهم جميعًا من أب واحد وأم واحدة، فهناك دائمًا شيء مشترك.
ب- هذا التنوع قد يُستغلّ للعداء والتجافي، لكن الله -تعالى- يريد من عباده أن يتخذوا منه أداة للتواصل والتآلف والتعارف على قاعدة "نختلف لنأتلف".
جـ- لا ينبغي لهذا التنوع أن يُتّخذ طريقًا للكبر وهضم الحقوق والشقاق، فالإنسان يكون أفضل من غيره بشيء من واحد، هو (التقوى). ومن التقوى رحمةُ العباد والرفق بهم وجلب النفع لهم."
والحديث السابق سليم في أن الجهل وهو عدم معرفة احكام الله والاقتناع بها سبب رئيسى للتعصب وتحدث عن السبب الثانى وهو اعتماد مدح الجماعة فقال :
2 - يجد العنصريون والأنانيون ومحدودو الأفق في التباين الفكري والثقافي والعرقي ... مرتعًا خصبًا لإنعاش التعصب وزيادة حدة الاختلاف. إن هؤلاء يجعلون من أنفسهم ومن مجموعاتهم محورًا أوحد، فكل ما لديهم هو الأصل، وكل ما لدى الآخرين ينبغي أن يكون صورة، وإلاّ تعرضوا للنبذ والعدوان والاضطهاد، مع أن الواقع يشهد أنه ليس هناك قبيلة ذهبت بكل المكرمات، ولا جماعة ذهبت بكل النجاح، كما أنه ليس هناك تيار أو مذهب ذهب بكل الصواب، ونحن نعرف أن أحد فقهائنا القدامى أطلق قاعدة ذهبية في هذا الشأن حين قال: "مذهبنا صواب، يحتمل الخطأ، ومذهب غيرنا خطأ، يحتمل الصواب" لكن الذي كان يجري - ومازال في معظم الأحيان - هو أن مدرسي كل مذهب كانوا مشغولين باستمرار ببيان فضائل مذهبهم والدفاع عن أصوله وفروعه دون ممارسة شيء ذي قيمة من النقد والمراجعة والتمحيص. ووقع في مثل هذا الجماعات وأحزاب وتيارات عديدة. إن النقد الذاتي يخفف من حدة التعصب، ويقلل من إمكانية استغلال العواطف المتاجرة بها، لكنّ هذا يحتاج إلى قدر كبير من الإخلاص والشجاعة الأدبية والرؤية الموضوعية."
وهو بحديثه هذا ينبه إلى ضرورة كف كل جماعة عن مدح نفسها باعتبارها ممثلة الإسلام لأن الله نهى عن مدح وهو تزكية النفس فقال :
" فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى"

وتحدث عن أن القوانين في المجتمع قد تكون سبب من أسباب التعصب لأنها ظالمة لجماعات دون جماعات فقال :
"3 - تشتد حدة التعصب في المجتمعات التي فيها قوانين غير منصفة، وذلك كأن تنال طبقة أو فئة أو مجموعة امتيازات خاصة، دون بقية الناس؛ هذه القوانين تعمل على توليد ثقافة التعصب من أجل إيجاد منطلق لإقناع المحظوظين باستحقاقهم للامتياز، وإقناع المظلومين بأن ما يجري لهم هو شيء طبيعي، ومن هنا فإن الشريعة شدّدت كثيرًا على مسألة العدل ومقاومة الظلم. والحقيقة أن الفئة التي تنال ما ليس لها تُصاب بنوع من التشوّه في أرواحها وعقولها وأخلاقها، وهذا من عدل الله -تعالى- بين عبادة!"
وهو هنا يتحدث عن مجتمع لا يحكم بحكم الله وهو ما سبق أن ذكرته عن تمييز الدساتير لفئات من المجتمع دون بقية الشعب وكذلك الأديان القديمة التى تقوم على العنصرية
وتحدث عن أن الصراع الاقتصادى يزيد من التعصب فقال :
"4 - المنافسة على طلب الرزق تذكي نار التعصب، فحين يجد السكان الأصليون أن الوافدين إلى بلادهم صاروا يزاحمونهم على الأعمال والوظائف، فإنهم يسعون إلى إيجاد آلية لكسر حدة منافستهم، ويجدون في التعصب وسيلة جيدة لذلك، والمفروض لحل مثل هذه المشكلات النظر بعين الإنصاف للإيجابيات والسلبيات التي تترتب على وجود أولئك المنافسين، والسعي إلى إيجاد نظم وقوانين عادلة ومريحة تحكم وتنظم العلاقات بين الجميع، ولاسيما أننا نعيش في عصر العولمة حيث كل شيء يتداخل ويتواصل بوتيرة متصاعدة."
وهو هنا يشير إلى أن المجتمعات تفرق بين المهاجرين إليها وبين الأصليين فيها والمثال الأشهر حاليا هو فرنسا والتى تفرق بين المهاجرين خاصة المسلمين وبين سكانها بدعوى الحفاظ على العلمانية مع أنها لا تحافظ على العلمانية فمثلا تحارب الحجاب وهو الخمار والجلباب عند المسلمين وتفصل من تلبسه في العمل أو تعاقبها بينما لا تفعل هذا مع الراهبات الفرنسيات الأصليات رغم وحدة الزى
وتحدث عن التعصب القبلى أو الشعوبى فقال :
"5 - أحيانًا تتعصب جماعة أو قبيلة ضد جماعة أو قبيلة أخرى من أجل تقوية نسيجها وتقوية صفوفها، وهذا ما يفعله اليهود في فلسطين المحتلة، فهم يحتقرون العرب والفلسطينيين خاصة، ويشنون الحروب المتتابعة من أجل تقوية الروابط الاجتماعية والأيدلوجية القائمة بين اليهود، ولاشك أن اللجوء إلى التعصب بوصفة مورد تضامن ينطوي على انحطاط أخلاقي، ويدلّ على فساد الأسس التي قام عليها الكيان أو التجمّع."
وما ذكره بكار من أمثلة هو واحد في الأصل فالتعصب هو هو في أى مكان وضد أى أحد وفى أى مسألة