الاثنين، 30 سبتمبر 2019

قراءة فى مقال كيف تعامل من حولك ؟

قراءة فى مقال كيف تعامل من حولك ؟
هذا المقال منشور فى الكثير من المواقع أقدمها حسب ما قرأته ما نشر فى موقع عالم حواء بقلم ألماس كما هو مكتوب بتاريخ 27/1/2005م ومكتوب أن الموضوع منقول والمقال عبارة عن تقديم نصائح للناس فى التعامل مع الآخرين وهى نصائح غير شاملة للتعامل مع من حول الإنسان وسوف نناقش تلك النصائح وهى :
"هذه بعض الإرشادات والتوجيهات عن كيفية التعامل مع الآخرين
(1) - أعط للحدث أو للكلام تعبيراً من الوجه يناسبه أو كلاماً يلائمه."
لو أعطينا للفعل أو القول تعبيراً من الوجه يناسبه فى كل الأحوال لكان هذا خداعا فى كثير من الأحوال كما فى فعل اخوة يوسف(ص) بعد أن تركوه وفى البئر وهو البكاء وفى هذا قال تعالى "وجاءوا آباهم عشاء يبكون"وكذلك أعطت امرأة العزيز تعبيرا مناسبا لتبرئة نفسها بالقول "وألفيا سيدها لدا الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوء إلا أن يسجن أو عذاب أليم"
كما نجد أن إعطاء الكلام كلاما يلائمه هو ضرب من الخبل فالكلام شىء واحد وليس اثنين وربما أراد معطى النصيحة القول تغيير نبرة الصوت باختلاف نوع الكلام
(2) - فكّر في الموقف الراهن لا بشىء مضى أو شىء مستقبلي إلا عند جلسة سكون وتأمل."
التفكير أحيانا لا يحتاج لسكون وتأمل وإنما يحتاج إلى تشاور فالتفكير الفردى السكونى لا يكذب فيه الإنسان على نفسه بينما التفكير الثنائى أو الجماعى يطلع الفرد على أمور قد نسيها أو يجهلها من جانب غيره وفى هذا قال تعالى :
"قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة"
(3) - إن كان لديك فكرة أو نصيحة فاعرضها بأسلوب حسن واضح و لا تأمر بها غيرك لينفذها إلا يكون تحت إمرتك و سلطتك"
هذا أمر مطلوب وأما الأمر فلا يكون بفكرة أو نصيحة فالنصيحة لا يمكن أن تكون أمرا لأن لسامعها قبولها أو رفضها كما قال تعالى على لسان نوح (ص) "ولا ينفعكم نصحى إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون"
والأمر فى الإسلام حكمه إلى الله كما قال تعالى "وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله"
(4) - لا تخاطب فرداً حتى ينتهي من كلامه و قابله بظاهر كلامه لا بظنون و تخرصات مسبقة لديك."
هذه نصائح مقبولة فلابد من السامع أن يترك المتكلم حتى ينهى كلامه ولابد ألا يحكم إلا بالظاهر من الكلام أو بالفعل ومن هنا اتت القولة المأثورة "هلا شققت عن قلبه "
وهذه النصيحة هى نفسها النصيحة التالية:
(5) - عوّد نفسك على عدم اساءة الظن بالآخرين إلا بما يقتضيه ظاهر الكلام أو الحال."
والنصيحة التالية هى نصيحة تشمل كل النصائح السابقة والتالية وغيرها وهى :
(6) - إذا كنت في موقف ما أو على هيئة معينة فتصرف وفق الشرع المطّهر بما يناسب ذلك الموقف أو تلك الحال."
فكل معاملاتنا فى الحياة مسلمين قائمة على موافقة الشرع كما قال تعالى:
"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا"
والنصيحة التالية تطلب إظهار الخير فى كل الأحوال وهى :
(7) - ما تكنه للغير من خير وحب أظهره ولا تجعله كامناً في نفسك والعكس بالنسبة للشر والبغض."
هذه النصيحة تخالف أن بعض الأعمال الخيرية كالصدقات تخفى كما قال تعالى:
"إن تبدوا الصدقات فنعما هى وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم"
والنصيحة التالية هى:
(8) - إذا عملت عمل طاعة أو فعل خير أو سنة فلا تعقّب ذلك أو تسبقه بدليل من القرآن أو السنة يؤيد ذلك إلا أن تكون معلماً لمن أمامك ؛ خشية الرياء."
نصيحة مطلوب تنفيذها والنصيحة التالية فى الضيف وهى
(9) - أول كلام مع الضيف بعد السلام أن تطلب منه التفضل وترحب به."
المفروض هو إدخال الضيف والترحيب به وتقديم الموجود له والنصيحة الآتية فى السلام وهى :
(10) - عند ما تسلم على أحد فليكن وجهك تلقاء وجهه مع ابتسامة مشرقة لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: تبسمك في وجه أخيك صدقة."
هذه النصيحة صحيحة إن كانت فى لقاء الرجل الرجل أو المرأة المرأة وأما فى حالة اختلاف النوع فمحرمة كما قال تعالى "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم " و"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن"
وأما النصيحة التالية فى عدم إدخال الناس فى مشاكل الشخص وهمومه وهى :
(11) - لا تدخل الناس في مشاكلك وهمومك فلديهم ما يكفيهم."
فهى تخالف قوله تعالى فى تعاون المسلمين على الخير "وتعاونوا على البر والتقوى" والذى يفسره أيضا القول المأثور "ليس من المسلمين من لم يهتم بهم "
(12) - لتكن معاملتك للناس وسطاً لا غلو فيها بحيث تعظمهم وتخافهم وترجوهم وتعلّق قلبك بهم ، ولا جفاء فيها فتحتقرهم وتزدريهم و تتكبر عليهم ولا تؤدي لهم حقوقهم . بل كن وسطاً تعمل في ذلك بما يقتضيه الشرع المطّهر. وتعدّى أداء الحقوق إلى الإحسان إليهم بالقول والمال والفعل والعون."
والمعاملة المطلوبة من المسلم قد يكون مطلوبا فيها الغلو وهو الشدة كما فى القتال كما قال تعالى"يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم"وقد يكون مطلوبا بها الجفاء وهو الكراهية وعدم الود كما فى معاملة الكفار المحاربين كما قال تعالى :
" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا فى سبيلى وابتغاء مرضاتى تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل"
والنصيحة التالية وهى الاهتمام بالأخر تقول:
(13) - إذا قابلت أخاً لك فرحب به وأسأل عن حاله وما يخصه مما يرضى أن تسأل عنه ، لأن ذلك اهتمام به وتقدير له."
وهى تتناقض مع النصيحة11 التى ترفض قول المشاكل والهموم للآخرين فالسؤال عن الحال يفرض الإجابة بقول المشاكل والهموم
والنصيحتان التاليتان للأزواج الرجال وهى تقول:
(14) - للزوج : عامل زوجتك كشريكة حياة ورفيقة درب العمر بدون إفراط أو تفريط.
(15) - للزوج : دع زوجتك تشاركك العواطف والأحاسيس ولا تجعل المبادرة دائماً منك."
وهى نصائح لا تفيد مع تعدد الزوجات لأن الشراكة الزوجية ليست مقتصرة على اثنين وإنما تضم أعداد تتراوح ما بين ثلاث وخمسة كما ان مشاركة لعواطف والأحاسيس فى حال تعدد الزوجات تجلب المشاكل
والنصيحة الأخيرة للمدرس وهى:
(16) - للمعلم : إذا جاءك طالب يسأل فلا تكثر عليه من الاستفسار عن بعض نواحي المسألة لأنه جاء ولم يفهم جيداً ، أو أعطه فكرة الحل ودعه يكمل الباقي إن كان يعرفه."
هذه النصيحة ليست سليمة دوما فالمجيب لابد أن يفهم مراد السائل حتى تكون إجابته صحيحة وهذا يتطلب أحيانا أن يسأل السائل أسئلة متعددة ليفهم الحكم الصحيح وهذا ما ظهر فى قصة الحرث والغنم حيث أفتى داود(ص) بحكم لأنه لم يسأل أسئلة كثيرة فى الموضوع وحكم ابنه سليمان(ص) بحكم أخر مخالف لأنه فهم عبر الأسئلة والاستفسار والتوسع فى الدراسة ما لم يفهمه والده وفى هذا قال تعالى:
"وداود وسليمان إذ يحكمان فى الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا أتينا حكما وعلما"

الأحد، 29 سبتمبر 2019

نقد كتاب فن إدارة الوقت


نقد كتاب فن إدارة الوقت أعمارنا كم نستغل منها؟ وكم نضيع؟
هذا البحث تأليف أو إعداد عبد الله آل سيف وكمعظم المقالات والبحوث التى تتناول شيئا يظنه الكثيرون جديد وما هو بجديد ولكن أحدا لم يفكر فيه جيدا ليعلم أن الوحى قال فيه الكلمة الفصل
استهل الكاتب البحث بأن الموضوع يهم الفئة التى تظن أن وقتها لا يكفى لانجاز ما تريد من أعمال فقال:
"هذا الموضوع يهم طائفة من الناس، وهم الذين يشعرون أن الوقت المتاح لا يكفي لقضاء كل الأعمال والطموحات التي يريدونها، وبالتالي: فهم بحاجة ماسة إلى قواعد في فن إدارة الوقت، إذن فهذا الموضوع يهم أصحاب الطموحات والمشاريع والهمم العالية، أصحاب الإبداع والابتكار
وفي الحقيقة فإن أصحاب الهمم العالية يشكون من ضيق الوقت، وهذه الشكوى، وإن كانت صحيحة من جانب لقصر أعمار بني البشر، إلا أنها ليست صحيحة من جانب آخر"

والوقت يهم كل إنسان عاقل وليس فئة محددة من الناس وقصة خلق الكون فى ستة أيام هى درس للناس أن الأعمال تتم بالتدريج فالله مع قدرته على خلق الكون فى لحظة إلا أنه خلقه فى ستة أيام ليعلم الناس أن الأعمال الكبيرة تتم على مراحل وليس مرة واحدة حتى لا تفسد او تقع
وبين الكاتب مشكلة الفئة التى سماها وهى طريقة إدارة الوقت فقال :
"ووجه ذلك: أن المشكلة ليست في الوقت فحسب، ولكن المشكلة تكمن أيضاً في طريقة إدارة الوقت بفعالية ونجاح، ولذا: تجد من الناس من يستطيع ـ بحسن إدارته لوقته ـ أن يعمل الشيء الكثير
ولسنا بصدد الحديث عن أهمية الوقت؛ لأن هذا موضوع آخر وفيه من النصوص الشرعية وكلام السلف والعلماء والحكماء ما يضيق عنه المقام"

إدارة الوقت ليس فيها أى مشكلة لدى المسلم لأن الله نظم له وقته بحيث لا يحتاج لأحد ليدير له الوقت كالتالى :
1-الأعمال اليومية المتكررة:
هى الأعمال التى لها وقت معروف تنفذ فيه وتتمثل فى التالى :
السير وهو العمل أى المشى فى مناكب الأرض لأداء العمل الوظيفى ووقته من بداية النهار حتى أول الظهيرة وفى هذا قال تعالى:
"هو الذى جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه"
الصلوات كما فى المصحف صلاة الفجر صلاة النهار وتؤدى فى الثلث الأول من النهار وصلاة العشاء وتنفذ فى الثلث الأول من الليل وقبلها تنفذ أعمال الوضوء أو الغسل وفى هذا قال تعالى:
"يا أيها الذين آمنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء"
خلع بعض الملابس وهو وضع الثياب ويكون فى الظهيرة وهو وقت الراحة بعد المشى فى مناكب الأرض الوظيفى كما فى قوله تعالى :
"يا أيها الذين آمنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة "
التوبة وهى الاستغفار فى السحر وهو الليل كما قال تعالى"والمستغفرين فى الأسحار "
وقال فى سورة الذاريات :
"وبالأسحار هم يستغفرون"
2-الأعمال المتكررة فى اليوم بدون وقت محدد وتتمثل فى التالى:
دخول الغائط والمراد التبول والتبرز والتطهر منهم وفى هذا قال تعالى:
"وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا"
عمل الطعام وفى هذا قال تعالى:
"وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم "
الإنفاق أى رزق الأولاد والزوجة وهو إحضار ضرورياتهم من طعام وشراب وغيره
وفى هذا قال تعالى:
"يا أيها الذين أمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض" وفى هذا قال تعالى:
" وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف"
الأكل والشرب وفى هذا قال تعالى:
"وكلوا واشربوا ولا تسرفوا "
3-الأعمال الموسمية:
وهى التى تنفذ فى أيام محددة فى شهور معينة أو يوم معين وتتمثل فى التالى:
الصلاة فى يوم الجمعة وفى هذا قال تعالى:
"يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون"
الصوم فى شهر رمضان وفى هذا قال تعالى:
"شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه "
الحج الأكبر فى شهر ذى الحجة فى أيام محددة أعظمها يوم الحج الأكبر وفى هذا قال تعالى:
"وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر "
العمرة وتؤدى فى أشهر الحج وفى هذا قال تعالى:
"الحج أشهر معلومات "
4-الأعمال الغير المتكررة إلا قليلا:
وهى الأعمال تنفذ بسبب حدوث شىء لم يكن موجودا ومن أمثلتها:
الزكاة والزواج والجهاد
والكاتب وضع جداول أو نقلها عن تضييع الوقت وتقسيمه فقال:
"لكن سنعرض إحصائية دقيقة تبين أهمية العمر والحرص عليه بما يثير الغيرة لدى الإنسان المسلم لنفرض أن الإنسان يعيش عمراً افتراضياً مدته سبعون سنة، فإذا ضيع الإنسان خمس دقائق يومياً فإن هذا يعني أنه أضاع من مجموع العمر كله ثلاثة أشهر تقريباً (88 يوماً)، وهذا الجدول يوضح المسألة أكثر فأكثر
الوقت من اليوم مجموع الوقت من العمر الافتراضي النسبة المئوية
- خمس دقائق ثلاثة أشهر 035%
- عشر دقائق ستة أشهر 071%
- عشرون دقائق سنة كاملة 142%
- ساعة كاملة ثلاث سنوات 428%
- عشر ساعات ثلاثون سنة 4285%
ثم إذا نظرت إلى مجموع الأنشطة التي تستهلك الوقت تجد أنها كثيرة جداً، وهي ـ وإن كان بعضها ضرورياً ـ لكن بعضها الآخر غير مفيد وغير فعال وهذا يتضح في الجدول التالي:
نوع النشاط ما يستغرقه بالسنوات النسبة المئوية من العمر كله
النوم، بمعدل ثمان ساعات يومياً 23 32%
العمل، (من 7-25) يومياً 215 307%
الأكل والشرب، بمعدل ساعة ونصف يومياً 45 64%
نوع النشاط ما يستغرقه بالسنوات النسبة المئوية من العمر كله
- الأعمال المعتادة والمراجعات الحكومية
(بمعدل نصف ساعة) 15 214%
- الأعمال المنزلية والرحلات والتنزه
(بمعدل ساعة واحدة يومياً) 3 428%
- اللقاءات الاجتماعية والودية بين الأصدقاء
(بمعدل نصف ساعة يومياً) 15 214%
- التنقل من مكان لآخر
(بمعدل نصف ساعة يومياً) 15 214%
- الاتصالات الهاتفية
(بمعدل نصف ساعة يومياً) 15 214%
المجموع 61 سنة 87%
الباقي 9 سنوات 1285%
فإذا حذفت من ذلك فترة المراهقة وزمن الطفولة فكم يا ترى يبقى من الوقت للمشاريع الطموحة والأعمال الكبيرة، والأهداف النبيلة

ولا ننسَ أن هذه التقديرات هي متوسط الوقت الذي يقضيه عامة الناس مع إمكانية أن يكون هناك إنسان يزيد على هذا المتوسط من الوقت المبذول لكل نشاط، كما أن هناك مَن ينقص من هذا ويكون شحيحاً بوقته إلى درجة الاقتصار على أقل قدر ممكن مما يستحقه كل نشاط"
وهذه التقسيمات هى تقسيمات تعارض كلام الله النوم ليس 8 ساعات لأن النوم حسب قوله تعالى :إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك"قد يكون ثلث الليل أو نصفه أو ثلثى الليل كما أن لا مكان للتنزه فى الإسلام واسمه فى الإسلام النظر فى مخلوقات الله وليس التنزه بمعنى التنقل وتضييع الوقت وفى هذا قال تعالى "قل انظروا ماذا فى السموات والأرض"
وقد قسم الرجل الوقت فى الفقرة التالية:
"أقسام الوقت:
1- الوقت المادي الميكانيكي: وهو مقياس لحركة جسم مادي بالنسبة لجسم مادي آخر، كالفترة التي تستغرقها الأرض في الدوران حول الشمس، ووحدات هذا القسم: الثانية، والدقيقة، والساعة، واليوم
2- الوقت البيولوجي: وهو الوقت الذي يقاس فيه تطور الظواهر البيولوجية ونموها ونضجها وكمالها، ووحدته هي الجسم نفسه، فقد يكون لطفلين عمر زمني واحد كتسع سنوات مثلاً، لكن أحدهما أكثر نضجاً من الآخر من حيث الطول وكمال الجسم وتناسقه

3- الوقت النفسي: وهو نوع آخر من أنواع الشعور الداخلي بقيمة الوقت، حيث يؤثر الحدث النفسي في ذلك إذا كان سعيداً أو سيئاً أو خطراً أو مهماً، فتبدو الدقائق في الحدث السيء كأنها ساعات، وتبدو الساعات في الحدث السعيد كأنها دقائق
4- الوقت الاجتماعي: وهو الوقت الذي يربط فيه تقدير الوقت بأحداث اجتماعية مهمة إما عالمية أو محلية، ولذا نسمع كبار السن يؤرخون بحياة فلان وفلان"

وما سبق من تقسيم للوقت ليس عليه دليل من الوحى فالوقت واحد وبدلا من تسميته أقسام الوقت كان يجب أن يوضع له عنوان أنواع الوقت عند الناس لأنه تقسيم حسب ما يهم البشر أو بعضهم وأما الوقت عند الله فواحد لا يتغير كما قال تعالى "إن عدة الشهور عند الله اثنا عشرا شهرا فى كتاب الله يوم خلق السموات والأرض"
وتحدث الرجل عن قواعد إدارة الوقت فقال :
"قواعد إدارة الوقت:
* القاعدة الأولى:تحديد الأهداف والأولويات:
هناك مثل قديم ساخر يقول: عندما لا تعرف أين تتجه فإن كل الطرق توصلك، وتحديد الهدف أمر على قدر كبير من الأهمية وللأسف فإن من التخلف الحضاري الذي تعيشه الأمة ما يمكن أن نسميه بأزمة الهدف أو غياب الأهداف وخاصة الأهداف الوسطى التي تخدم الهدف الأعظم
- أقسام الأهداف:
يمكن أن تقسم الأهداف إلى ثلاثة أقسام:
1- الهدف الأكبر: وهو أهم هدف يسعى له الإنسان ونجد ما عداه من الأهداف تخدم هذا الهدف، وهو بالنسبة للإنسان المسلم: تحقيق العبودية لله (عز وجل)، وبالنسبة للماديين: تحقيق أكبر قدر ممكن من اللذة والمصلحة والمتعة
2- الأهداف الوسطى: وهي مجموعة من الأهداف تخدم الهدف الأكبر؛ مثالها بالنسبة للإنسان المسلم: الدعوة إلى الله، الصلاة، طلب العلم، بر الوالدين 0الخ
3- الأهداف الصغيرة: وهي ما يمكن أن يعبر عنها بأنها مجموعة من الوسائل التي تخدم الأهداف الوسطى؛ مثالها: طلب العلم هدف أوسط وهناك مجموعة من الوسائل والطرق والوسائل لتحقيقه
علماً بأن كل هدف هو بالنسبة لما فوقه وسيلة وبالنسبة لما تحته هدف
وبناء على هذا التقسيم: تكون هذه الأهداف على شكل هرم، حيث يتبوأ الهدف الأعظم القمة وتليه الأهداف الوسطى الخادمة له، ثم تمثل الأهداف الصغيرة قاعدة الهرم"

بالقطع هدف المسلم واحد فى الدنيا والآخرة وهو الحصول على الحسنتين حسنة الدنيا بطاعة أحكام الله وحسنة الآخرة بدخول الجنة كما قال تعالى على لسان المسلمين:
"ومنهم من يقول ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة"
وكل الأهداف الوسطى والصغرى تندرج تحت هذا الهدف فى الدنيا
ثم تكلم عن كتابة الأهداف فقال:
"- تدوين الأهداف:
1- دون أهدافك بنفسك أو بالتعاون مع المجموعة التي تعمل معك في نفس القطاع أو المؤسسة
2- احرص على كتابتها؛ فهذا أدعى لعدم نسيانها
3- لاحظ أن تكون الأهداف ذات معنى سامٍ قابل للنمو والتطور، وينم عن همة عالية
4- الاهتمام في سبيل تحقيق الهدف بالكيف لا بالكم
5- الوضوح في صياغة الأهداف
6- أن تكون الأهداف واقعية وممكنة التحقيق"

الهدف واضح للمسلم لا يحتاج لكتابته لأنه من خلال طاعته لأحكام الله يحقق كل ما يريده من المباحات بالتدريج أو دون تدريج
ثم تكلم عما سماه المعير الخاطئة فقال :
"- معايير خاطئة لتحديد أولويات العمل:
1- إذا كنت تقدم العمل الذي تحبه على العمل الذي تكرهه
2- إذا كنت تقدم العمل الذي تتقنه على الذي لا تتقنه
3- إذا كنت تقدم العمل السهل على العمل الصعب
4- إذا كنت تقدم الأعمال ذات الوقت القصير على ذات الوقت الطويل
5- إذا كنت تقدم الأعمال العاجلة على غير العاجلة وإن كانت مهمة"

وهذه المعايير بعضها صحيح فتقديم السهل على الصعب مطلوب فى أحيان كثيرة فالسهل معروف ولذا ينفذ بسرعة وأما الصعب فنتيجة التفكير فيه قد لا ينفذ ويضيع وقت تنفيذ السهل بسبب التفكير فى عمل هذا الصعب وكذلك تقديم المتقن على عير المتقن واجب لأن العمل غير المتقن قد يضيع وقت عمل المتقن لأن نتيجة تنفيذ غير المتقن تحدث مشاكل تتطلب وقت لإصلاحها ومن ثم لا ينفذ لا هذا ولا ذاك
ثم حدثنا عن القاعدة الثانية فقال:
" القاعدة الثانية:تسجيل الوقت وتحليله:
الكثير من الناس يجهلون كيف يقضون أوقاتهم، ولذا: نجد البون شاسعاً بين ما يفعلونه في الواقع وبين ما يريدون أن يفعلوه، فإذا كان ما يريد أن يفعله الواحد منهم من الأنشطة يستغرق 90 (نقطة) يجد أن ما يفعله في الواقع لم يتجاوز 10 (نقاط) مما يريد أن يفعله، وهذا يعني التقصير في أداء بعض الأنشطة أو عدم فعلها نهائياً
المعلومة الدقيقة في تحليل الوقت وتسجيله تقود إلى تعريف دقيق للمشكلات ومضيعات الأوقات، ومن ثم: تساعد على التخطيط السليم لقضاء الوقت"

هذا كلام لا يجوز فى المجتمع المسلم فالمسلم أيا كان لابد أن يعرف الأحكام اليومية التى يتعامل بها من صلاة وأكل وشرب ولبس ودخول الغائط واستغفار والتعامل مع الزوج والأولاد والناس
ثم كلمنا الكاتب عن تسجيل الوقت فقال:
- أنواع تسجيل الوقت:
1- السجل اليومي للوقت: يركز فيه على الوقت تحديداً، والمكان، ونوع النشاط، وترتيب الأنشطة في الأهمية
2- السجل الشهري: يركز فيه على الوقت ابتداءً وانتهاءً، والتاريخ، وكيفية قضاء النشاط، منفرداً أو في اجتماع، ومكان النشاط وأهميته
3- سجل ملخص الوقت: يركز فيه نوع الأنشطة، مجموع الوقت المخصص لكل نشاط في السنة كلها بالنسبة المئوية، ومن ثم المقارنة بين الأهمية والنسبة المئوية المخصصة له"

وهذا الكلام هو ضرب من الخيال فلا يوجد أحد يدون كل ما يحدث له ولا يوجد جدول ما يتم تنفيذه كما هو فالأمور الطارئة تجبر كل واحد على تغيير مواعيده فالمرض قد يأتى فى أى وقت وحالات وفاة الأقارب تأتى فجأة
المطلوب من المسلم هو قياس عمله على حكم الله ساعة تنفيذه فقط فإن كان طاعة حمد الله وإن كانت معصية استغفر لله متى عرف أنها معصية
وما تحدث عنه هو ديدن وحوش المال أى رجال الأعمال ومعهم الحكام حرصا على جمع المال أو حرصا على عدم تضييع الحكم من أيديهم وبعد ذلك حدث عن التخطيط لقضاء الوقت فقال :
" القاعدة الثالثة:التخطيط لقضاء الوقت:
كثير من الناس يحب أن يعمل أكثر من محبته أن يفكر، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه صواب والسر في ذلك أن الإنسان فيه غريزة حب الإنجاز والعجلة ومحبة رؤية ثمرة العمل مبكراً، والعمل يشبع هذه الغريزة، بخلاف التخطيط والتفكير فنتائجه ليست مباشرة ولا تظهر إلا بعد فترة من الزمن والعمل بدون تخطيط يأخذ وقتاً أطول مما يستحق، بخلاف العمل المخطط له فهو يأخذ أقل قدر ممكن من الوقت لهذا العمل
ولذا: فإن مضيعات الوقت تعترض بكثرة من لا يخطط لوقته، ومن ثم: فهو لم يخطط لإيجاد حلول لها، ولذا يضيع وقته
ومن يعمل العمل بدون تخطيط تقنعه أقل النتائج الحاصلة، بخلاف من يخطط فإنه لا يرضى إلا بأكبر قدر ممكن من النجاح"

ما قيل هنا حديث لا يهم المسلم لأن وقت مخطط له وأما المؤسسات فهذه ما يجب التخطيط لأعمالها حتى تنفذ والتخطيط الفردى هو ما أدى بالبشر للظلم التى تغرق فيه المجتمعات فالتخطيط كان دوما لحصول على شىء ليس من حق المخطط فالله وزع الرزق بالعدل فقال "وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين" ومن ثم طمع البشر أدى بهم لما نحن فيه من ظلمات متراكمة من وجود أغنياء وفقراء بينما الوضع الطبيعى أن الكل سواء فى المال والفروق المالية بينهم تأتى من أسباب شرعها لله كالورث والهبة والغنيمة
ثم تحدث الرجل عن كيفية التخطيط حيث قال:

"-كيف نخطط؟

1- حدد الأهداف ورتبها حسب الأهمية والأولوية
2- فكر في الخيارات المطروحة لتحقيق الأهداف واختر أحسنها ثم حدد الوقت بالدقة لتنفيذ الطريقة
3- حدد المكان المناسب للجميع لتنفيذ العمل
4- فكر فيمن يقوم بالعمل أنت أو غيرك ومن هو الأصلح في ذلك
5- افترض حدوث مضيعات للوقت، ومن ثم ابحث لها عن حلول
6- تجنب الارتجالية في وضع الخطة
7- لا تعط أي نشاط أكثر من الوقت الذي يستحقه، إذ إن إعطاءه ذلك يعني أن العمل الصغير سوف يتمدد ليملأ الوقت المتاح مع إمكانية الاختصار في الوقت
8- ضع احتياطات عند فشل النشاط لاستثمار الوقت، فمثلاً عندما يتخلف الطرف الآخر عن الموعد، يفترض أن تستفيد من الوقت وتستثمره في شيء آخر
9- حاول أن تجمع الأعمال المتشابهة لتقوم بها دفعة واحدة، مثل: إجراء عدة اتصالات هاتفية
10- تذكر أن بضع دقائق من التفكير توفر بضع ساعات من العمل الشاق، وكما تقول بعض النظريات: إن 80% من الإنتاج تنبع من 20% من العناصر"

ما قاله ليس كيفية التخطيط ونما نصائح للعمل بها عند التخطيط فالكيفية تعنى وجود عمل له وقت ينفذ فيه مع إعداد وسائل التنفيذ
ثم كلمنا عن التوكيل فقال:
"* القاعدة الرابعة:التفويض والتوكيل:
يعتبر التوكيل الجيد من الأساليب الناجحة لحفظ الوقت، وذلك لأنك تضيف بأوقات الآخرين وقتاً جديداً إليك، وتكسب عمراً إلى عمرك المعنوي
- أسباب الإعراض عن التفويض:
1- المركزية التي يتشبع بها بعض الأشخاص، حيث لا يثق الشخص بأحد البتة، وأضرار هذه المركزية تظهر عندما يصيب الشخص مرض قاهر أو ظرف طارئ حيث يتعطل العمل بدونه
2- الرغبة في تحقيق أكبر قدر ممكن من النجاح
وهذه نظرة قاصرة، لأن النظرة البعيدة تقضي بأن التفويض وسيلة ناجحة لاحتمال أن يكون المتدرب فيما بعد مثلك في الأداء أو أحسن منك أحياناً، وبالتالي تحافظ على وقتك وتنجز أكثر"

هذه النقطة غير مشروحة جيدا فالتوكيل يعنى إيجاد منفذين أخرين غير المنفذ الرئيسى يقومون بالعمل نيابة عنه فبدلا من أن يجهد نفسه فى مختلف الاتجاهات يعطى كل واحد جانب ينفذه وهو فى النهاية يشرف عليهم للاطمئنان على تنفيذهم المطلوب وهو ما يسمى بتقسيم العمل
ثم كلمنا عن مضيعات لوقت فقال:
"* القاعدة الخامسة:مضيعات الوقت:
مضيعات الوقت داء عضال يشكو منه كل حريص على وقته، وهي قسمان:
1- داخلي من الإنسان نفسه، وينبع هذا غالباً من عدم التخطيط السليم
2- خارجي من الآخرين: الأسرة والمجتمع

ومضيعات الوقت قد تكون أموراً نسبية، فمثلاً: قد يأتيك زائر ثقيل الظل بدون ميعاد، ويقتطع جزءاً ثميناً من وقتك، فبينما تشعر أنك على جمر تتلظى، يشعر هو في المقابل بسعادة غامرة وانطباع جيد عن هذا اللقاء
-مضيعات الأوقات:

1- اللقاءات والاجتماعات غير المفيدة سواءً أكانت عائلية أو غيرها
2- الزيارات المفاجئة من الفارغين
3- التردد في اتخاذ القرار
4- توكيل غير الكفء في القيام بالأعمال، وهو ما يسمى بالتفويض غير الفعال
5- الاتصالات الهاتفية غير المفيدة
6- المراسلات الزائدة عن الحد
7- القراءة غير المفيدة، ويدخل فيها فضول العلم عند تقديمها على الفاضل
8- بدء العمل بصورة ارتجالية بدون تخطيط ولا تفكير
9- الاهتمام بالمسائل الروتينية قليلة الأهمية
10- تراكم الأوراق وكثرتها وعدم ترتيبها
11- عدم القدرة على قول لا، أو ما يمكن أن نسميه بالمجاملة في إهداء الوقت لكل من هب ودب
12- التسويف والتأجيل
- كيفية السيطرة على مضيعات الوقت:

1- اجمع البيانات اللازمة عن مضيعات الوقت
2- حدد سبب تضييع الوقت بدقة
3- ضع عدداً من الحلول لكل مضيع للوقت ثم اختر أنسبها
علماً بأن السيطرة على مضيعات الوقت لا يعني بالضرورة إزالتها بالكلية لأن بعض هذه المضيعات ضروري ومهم، ولكن لابد من السيطرة عليه بدلاً من السيطرة علينا
وقد ذكر المصنفون في هذا الباب حلولاً مستقلة لكل مضيع من المضيعات لم نر متسعاً لذكرها هنا لكثرتها"

مضيعات الوقت التى يتحدث عنها الرجل هنا ليس الكثير منها مضيعات للوقت وإنما مضيعات لأوامر الله فالزائر الذى نحسبه ثقيل هو ضيف يجب إكرامه واللقاءات العائلية مطلوبة وكلام الرجل هنا كما قلنا سابقا عن مجتمعات رجال الأعمال وهى مجتمعات بعيدة عن طاعة الله فالمهم هو جمع المال من خلال استغلال الوقت ولا يهم ان تضيع العائلة وتتقطع أواصر القربى والصداقة من اجل هذا الجنون
وفى نهاية البحث أعطانا لرجل إلماحات مهمة فقال:
"إلماحات مهمة:
1- إدارة الوقت الناجحة لا تعني بالضرورة تخفيض الوقت اللازم لتنفيذ كل نشاط معين، بل تعني قضاء الكمية المناسبة منه لكل نشاط
2- يستحيل أن تكون جميع الأعمال في درجة واحدة من الأهمية، وهذا يعني أنه لابد من ترتيب الأولويات
3- عالج مضيعات الوقت بحلول جذرية لا وقتية
4- تحكم في الوقت المتاح ولا تترك الوقت هو الذي يتحكم فيك، فبادر بالأعمال وانتهز الفرص

5- إنما تكمل العقول بترك الفضول؛ الفضول في القول أو الفعل
6- ساعة وساعة: ينبغي للإنسان أن يجعل جزءاً من وقته للترويح عن نفسه لأن القلب إذا كلّ عمي، وينبغي أن يكون الترويح بشيء مفيد كقراءة الأدب والشعر والتاريخ، أو الرياضة المفيدة للجسم كالسباحة؛ قال أبو الدرداء: إني لأستجم قلبي بالشيء من اللهو ليكون أقوى لي على الحق

7- وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام
أصحاب الهمم العالية والمشاريع الطموحة يتعبون أجسامهم ولا تكفيهم الأوقات المتاحة لتحقيق كل طموحاتهم
8- لكل وقت ما يملؤه من العمل؛ بمعنى أن لكل وقت واجباته، فإذا فُعلت في غير وقتها ضاعت
9- الوقت قطار عابر لا ينتظر أحداً، فإن لم تركبه فاتك
10- تذكر أن أهم قاعدة في إدارة الوقت هي الانضباط الذاتي النابع من إرادة جبارة عازمة على الحفاظ على وقتها متخطية كل العقبات التي تعترض طريقها
11- اعمل بطريقة أذكى لا بمشقة أكثر كانت هذه العبارة هي شعار الجمعية الأمريكية لتقويم المهندسين كمحاولة منها للتمييز بين الشغل والانشغال، وهي تشير إلى التخطيط السليم لكل عمل تعمله"

وما ذكره من أمور معظمه ذكره فى فقرات سابقة

السبت، 28 سبتمبر 2019

نقد كتاب مختصر رسالة في أحوال الأخبار

نقد كتاب مختصر رسالة في أحوال الأخبار
الكتاب لقطب الدين الراوندي سعيد بن هبة الله أبي الحسين ( 573هـ)وهو من تحقيق محمّد رضا الحسينيّ الجلالي وهو يدور حول حجية الروايات وكيفية معرفة صحيحها من باطلها
وقد قال المحقق فى أسماء تلك الرسالة :
"أصل الرسالة:
عُرِفت هذه الرسالة لمؤلّفها الإمام القطب الراوندي، عند المفهرسين والمترجمين، واستند إليها المحدّثون في نقل الأحاديث، والفقهأ في الاستدلال بما فيها، بما يحصُل معه الاطمئنان اللازم لتصحيح نسبتها وقد سمّاها جمع باسم: "رسالة في بيان أحوال أحاديث أصحابنا" ومنهم الفاضل التُوني والمحدّث الكركي و أضاف الأمين الأستراَبادي والحرّ العاملي على ذلك: " وإثبات صحّتها" وقد تبدّل اسمها الى : " رسالة في صحّة أحاديث أصحابنا " عند سيّد الروضات
وشيخ الذريعة وقد تحوّر العنوان إلى "رسالة الفقهاء" عند المحدّث المجلسي وبما أنّ المجلسي لم يقف على الرسالة نفسها، بنفسه، وإنّما نقل ما نقل عنها، بواسطة "بعض الثقات" والمظنون أن الواسطة هو المحدّث الحرّ العاملي والحر العاملي قد عبّر عن الرسالة بقوله: "سعد بن هبة الله الراوندي في رسالته التي األّفها " فتصحَفت كلمة (ألّفها) إلى (الفُقها) عند المجلسي ومن الغريب ان شيخنا صاحب الذريعة لم ينتبه الى هذا التصحيف، فجعل للقطب الراوندي كتبا باسم:
1 - رسالة الفقهاء

2 - كتاب الفقهاء
3 - رجال الراوندي
4 - رجال قطب الدين
ولكن كلّ هذه الأسماء هي لمسمّىً واحد، وهو الأصل لكتابنا الذي نقدّم له، ومن خلاله يمكننا التعرّف على اسمه وموضوعه "
وبعيدا عن أعمال المحقق يهمنا فقط نص الكتاب ومناقشة ما جاء فيه وهو:
عرف الرواندى التواتر فقال :
"[1]فصل
اعلم: أنّ التواتر - في اللغة - يقع على الثلاثة فما فوقها والمراد به: الجماعة التي يستحيل عليها التواطُؤ على الأمر، لبعد ديارها، واختلاف أهوائها وآرائها، فمتى حصلتْ على ذلك وقع العلمُ بصحّة خبرها عند مشاهدتها "

التواتر لا يصلح كأساس لقبول الأحاديث للأسباب التالية :
أن الكفار يتناقلون أديانهم بنفس طريقة التواتر ومع ذلك فليست أديانهم سليمة وقد سجل الله ذلك فى القرآن على لسان الكفرة فى أكثر من سورة منها سورة البقرة حيث قال "وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه أباءنا "وسورة الزخرف حيث قال "بل قالوا إنا وجدنا أباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون "فهل نقل الأبناء الكفرة أقوال دينهم عن الأباء الكفرة يثبت صحة أديانهم؟بالقطع لا لأننا لو سلمنا بهذا فستكون كل الأديان صحيحة .
أن الكذب التآمرى من جماعة كبيرة جائز الوقوع وليس مستحيلا بدليل أن المنافقين تأمروا على الكذب ومن أمثلته اتفاقهم على أن يحلفوا للمسلمين أنهم مسلمون وفى ذلك قال تعالى بسورة المجادلة "يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شىء ألا إنهم هم الكاذبون" وإتفاق العصبة المنافقة على حديث الإفك مثل أخر قال تعالى فيه بسورة النور "إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم والذى تولى كبره منهم له عذاب عظيم " ويعتبر حديث الإفك خير مثال على أن التواتر لا يثبت شىء فإذا كانت العصبة المنافقة اخترعت الإفك ممثلا فى رمى المؤمنات بالزنى فإن المسلمين أفاضوا فى ذكر الحديث فتناقلوه مصدقين إياه بناء على قول المنافقين ومع ذلك أصدر الله حكمه ببراءتهم والدليل على الإفاضة هو قوله بسورة النور "ولولا فضل الله عليكم ورحمته فى الدنيا والأخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم "والكذب التأمرى ليس له قاعدة معينة لأن الاحتمالات كلها واردة عدا جيل الصحابة وهو الجيل الأول فمن الممكن أن نقول أنه الجيل الثانى فى حديث ما هو المتآمر ومن الممكن فى حديث أخر أن نقول الثالث أو الرابع000.
لا يكفى فى الحكم على الناس بالصدق أن يكونوا فى تعاملهم معنا محسنين يفعلون الصالحات لأن من الممكن أن يكون الإنسان كاذب ويريد الترويج لكذبه وليس هناك أفضل من المعاملة الحسنة حتى نصدقه ولذا لا نجد الناس يصدقون من يسيئون لهم بعض المرات حتى ولو كانوا صادقين وأمامنا نبى الله يعقوب (ص)الذى لم يصدق أولاده فى أمر أخو يوسف (ص)رغم كونهم صادقين لأنهم سبق أن أساءوا معاملته بالكذب عليه فى أمر يوسف(ص)ولذا قال لهم فى المرة الثانية مكذبا إياهم "بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتينى بهم جميعا " وبدليل أن نكذب المشهور بالكذب حتى ولو كان صادقا ومن ثم لا يكفى فى إثبات الصدق والكذب المعاملة الحسنة أو السيئة .
أن التواتر يثبت المتضادات المتناقضات فمسألة واحدة لا يمكن أن تحتمل سوى حكم واحد فمثلا هناك أحاديث متواترة تثبت استحالة رؤية الله وأحاديث متواترة أيضا تثبت رؤية الله وهناك أحاديث تثبت أن صلاة الوتر فرض وهناك أحاديث تثبت أنها ليست فرض ،بقى أن نقول أن المسألة قد يكون لها حكمين أو أكثر ولكن أحدهم نسخ الأخر

وقد بين الراوندى أن الروايات عند الشيعة منها المتواتر ومنها وهو كثير ليس بمتواتر فقال:
"ثُمَ هذا الخبرُ قد جاءَ بعينه في كثيرٍ من الشرع عنهم عليهم السلام ، وعُدِمَ من بعضه فما جاء فيه كالصلاة وحدودها، والزكاة وحكمها، والصوم وأحكامه، والحجّ وشرائطه، والنكاح ووجوهه والطلاق وصفاته وتحريم كلّ مسكر وما عدم منه فكمسائل في الديات، ومسائل في الحدود، وأبواب من العِدَد، ومسائل في حوادث محصورةٍ، وأدعية جاءت في الصلوات والزيارات ونحوها وهذا الجنسُ - وإنْ كان عُدِمَ منه التواترُ - فلم يُعْدَمْ منه دلالته القائمة مقامَ التواتُر، على ما نذكره "

[2]فصل
والذي يليه في الحُجّة: إجماع الإمامية:
لكونهم على الصفة التي يقول الله: (ولتكن منكم أمّة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف ويَنهونَ عن المنكرِ وأوْلئك هم المفلحون* ولا تكونوا كالذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيّناتُ وأولئك لهم عذاب عظيم) [ الاَية(104) سورة اَل عمران ]فحصل هذا الوصف لهم من بَين جُملة الفرق، إذ كانت دعوتهم بعدَ الرسول إلى ذُريّته، دون من عداهم من أهْلِ الأهواء، ومَنْ يجوز عليه - في اختياره - السهو والغلط
وهُمُ الخيرُ كله، والاعتماد - في سائر الدين - عليهم، والتسليم لهم والرضا بقولهم ويدلّ على ذلك - أيضا - قولُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما كان الله ليجمع اُمّتي على ضلالة وهم الأمّة المقصودة بذلك، دُونَ من سواهم، بدلالة وجود المعصوم فيهم ويدلّ عليه قولُ الصادق عليه السلام : خُذوا بالمجمع عليه من حُكمنا، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه"

الخطأ فى الفقرة هو وجود عصمة وهى أمر لا وجود له فالرسول(ص) والأئمة أيا كانوا بشر يخطئون وفى الأثر كل ابن آدم خطاء والأهم أن الرسول(ص) نفسه لم يعصمه الله من ارتكاب الذنوب كما قال تعالى :
"إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر"
فكيف بمن هم أقل منه منزلة؟
وأما الأخذ بالمجمع عليه من القوم فيتناقض مع التواتر فالقليل جدا الذى اجمعوا عليه ليس متواترا والروايات عن الأئمة فى كتب الشيعة متناقضة فى معظمها
والغريب أنه يقول بالنقل عن الروايات المتوسطة الحال وهو ما يتعارض مع المتواتر فيقول:
[3]فصل
الذي يلي هذا الثاني في الحجّة: نقلُ متوسّط عن إمام، في ما يلزم فرضُه في حال البلاغ، ببلاغه، لوجوب عصمته في الأداء، وإن عُدِمتْ ممّا عدا ذلك بدلالة حكمة القديم تعالى في تكليفه، واستحالة إلزامه إصابة الحقّ بوساطة مَنْ يُبدّل ما حُمّلَ وهذه الصفة كانتْ في جماعةٍ من رُسُل النبيّ ووسائطه بينه وبين من نابَ عنه في شرعه وكذلك جماعة من رُسُل الأئمّة والأبواب الرسميّة الإماميّة، خاصّة وإذا ثبتَ بصفة من ذكرنا خبر مروي، كفي في حُجيّة روايته، ووجب العلم بدلالته، والعمل به "

والأغرب أن يقول بحجية الأقل فيقول:
[4]فَصل
والذي يلي هذا الثالث في الحجّة: نقل العدل عن مثله ما يتضمّن لزوم فعله، دون المُباح والندب، مع خُلُوّه - فيما نقل - من معارضٍ في الظاهر
بدلالة وجوب إظهار فساد ما كان في ذلك من الفاسد، على المعصوم المنصوب لبيان مالا سبيلَ إلى بيانه إلاّ من جهته "

ثم بعد هذا يتطرق للباطل من لأخبار فيقول:
|[5]فصل
في علامة الفاسد من الأخبار الخ
[6]فصل
في علامة ما يسقط العمل به، ممّا يقطع على صدق ناقليه إلخ
[7]فصل
في علامة ما يسقط العمل به مع الشكّ في صدق ناقليه وطريق ذلك واحد، وهو ما جاء عن الاَحاد، متعرّيا من دلائل الصواب التي قدّمنا ذكرها، ومتعرّيا[على] سواء كان الناقلُ له [حجّةً] من دلائل الفساد التي يجب القطع على عدم كونها ظاهر العدالة، او على ظاهر الفسق:
بدلالة قول الصادق عليه السلام : ولا تُكذّبوا بحديثٍ اتى به مرْجى، ولا قدَري، ولا خارجي، فنسبَهُ إلينا، فإنّكم لا تدرون? لعله شي من الحقّ، فتُكذّبوا الله"

وبعد هذا تعرض لعلل اختلاف الأخبار وعلل المتشابه من الأخبار فقال :
[8]فصل
في علل الاختلاف في الأخبار الخ
[9]فصل
في علل الشُبَهِ في اختلاف ما ليس بمختلفٍ من الأخبار:
اوّل ذلك: عموم ظاهر القول مع خصوصه في نفسه، وورد خصوصه، فتلبّس ذلك على السامع، قبل السَبْر، فيقضي بالعموم

والثاني: خصوص ظاهر القول، مع عمومه في نفسه، وورود عمومه فيقضي السامعُ - قبل التامل - بوجوبه والرابع التضمن الذي للكراهة دونَ الحَظْر، وورد بيان ذلك، فيقضي السامعُ - قبل البحث - بحظرِهِ "
وبعد التعرض لما يظن انه صحيح من الأخبار والباطل منها جاءنا بما ينقض كل السابق وهو أن الروايات الصحيحة هى التى تكون موافقة للقرآن غير مكذبة لها طبقا للروايات التالية:
[10]فصل
في عرض الأخبار على الكتاب:
[1] - اخبرني الشيخان: محمّد، وعلي، ابنا عليّ بن عبد الصمد، عن أبيهما0،عن أبي البركات، عليّ بن الحُسين، عن أبي جعفر بن بابويه: نا أبي: نا سعد بن عبدالله، عن احمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عُمير، عن هِشام بن سالم، وهِشام بن الحكم، عن: أبي عبدالله عليه السلام : قال "خطَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس بمنى، فقال:
ايّها الناسُ، ما جاءكم عنّي يُوافق القراَن فانا قُلتُهُ، وما جاءكم يُخالف القراَن، فلم اقُلْهُ
[2] - وعن ابن بابويه: نا محمّد بن الحسن: نا الحسين بن الحسن بن ابان،عن الحُسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي عُمير، عن الحسن بن عطيّة، عن محمّد بن مسلم
قال ابو عبد الله عليه السلام : يا محمّد، ما جاءك من روايةٍ من بر او فاجرٍ، يُخالف القراَن فلا تاخذ بها
[3] - وعن ابن بابويه: نا محمّد بن موسى بن المتوكّل: نا عليّ بن الحُسين السَعد اَبادي، عن احمد بن أبي عبد الله البرقيّ، عن أبيه، والحسين بن سعيد: عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن كُليب الأسدي:
سمعت ابا عبد الله عليه السلام ، يقول: "ما اتاكم عنّا من حديثٍ لا يصدّقهُ كتاب الله فهو باطل"
[4] - وعن ابن بابويه: نا محمّد بن موسى: نا عبد الله بن جعفر، عن احمد بنمحمّد بن عيسى: عن الحَسن بن محبوب، عن سَدير، قال:
كان ابو جعفر، وجعفر يقولان: لا يُصَدَقُ على عليّ إلاّض ما يوافق الكتابَ 2] - وعن ابن بابويه: نا محمّد بن الحسن: نا محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن جعفر بن بشير، عن أبي سلمة الجمّال:
[5]عن أبي عبد الله عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : قد كَثُرت الكذّابة علينا فاي حديثٍ
ذُكر، يُخالف كتابَ الله فلا تأخذوه فليس منّا"
[6] - وعن ابن بابويه: نا أبي: نا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابنأبي عُمير، عن هِشام بن الحكم:
عن أبي عبدالله عليه السلام : "خطب رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم بمنى، فقال: يأيّها النّاسُ، ما جاءكم عنّي يُوافق القراَن فأنا قلتُه، وما جاءكم يخالف القُراَنَ فلم أقلهُ
[7] - وعن ابن بابويه: نا أبي: نا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد،عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن درّاج:
عن أبي عبد الله، قال: الوقوف عند الشُبهة خير من الاقتحام في الهلكة، إنّ على كلّ حق حقيقةً، ولكلّ صوابٍ نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالفَ [فدعوه]كتاب الله
[8] - وعن ابن بابويه: نا محمّد بن الحسن: نا الحسين بن الحسن بن ابان،عن الحسين بن سعيد، عن النَضْر بن سويد، عن يحيى بن عمران، عن ايوب:سمعتُ ابا عبد الله عليه السلام ، يقول: كلّ شيٍ مرْدود إلى الكتاب والسنة، وكلّ حديث لا يُوافق كتاب الله فهو زُخرُف"

وطبقا لهذا المنهج وهو صحة موافقة الرواية للقرآن وبطلانا إذا عارضته أى كذبته الرواية فالمتواتر والمجمع عليه ومن دونهما يكون فيها الصحيح والباطل والباطل حسب مناهج الجرح والتعديل يون فيه الصحيح والباطل وهو نسف لمنه الجر والتعديل اعتمادا على صحة المتن وليس على صحة السند ويحكى الرجل لنا أن العديد من الناس ينكر عرض الروايات على القرآن لأن هذا فى رأيهم سينكر كثير من الأحكام المتعارف عليها فيقول:
[11]فصل
ومن العامّة من يدفع صحّة عرض الأخبار على الكتاب، وينكر ما يُروى عن النبي والأئمة في ترتيب الصلاة، وتفصيل الزكاة، ووجوب الصيام، وكفّارة الإفطار، ومناسك الحجّ، وغير ذلك:قالوا: لسنا نجد في القراَن الكريم ما يشهد بصحّة الجهر ب(بسم الله الرحمن الرحيم)،
ويشهد على فساد الجهر باَمين، ولا ما يصحّح إرسال اليدين، ولا ما يفسد وضع إحداهما على الأخرى، بَدَلا من الإسبال بل، لا نجد ما يشهد على أنّها سَبعَ عشرة ركعة، في اليوم والليلة، دون ما ذكرنا، وإنْ كان قد نطق بفعل الصلاة عند قوله: (اقيموا الصلاة واَتوا الزكاة)
قالوا: وكذلك لسنا نجد ما يشهد بصحّة نصف دينار من عشرين دينارا من الذهب، ولا ما يفسد ذلك، ولا ما يُصحّح الزكاة في مال اليتيم ولا ما يُفسد ذلك قالوا: وكذلك القول في كثيرٍ ممّا عدلنا عن ذكره لانتشاره من الفرائض والسنن فلو كان ما ادّعيتموهُ صحيحا، وكان الخبر عن الرسول ثابتا، لسقطتْ هذه الفرائض كلها، وبطل حكمها، وسقط منها ما يُشاركها في الصفة، وسقط أكثر السنّة واعلم أنّ القوم إنّما اُتوا - في غلطهم هذا - من قِبَلِ ذهابهم عن كيفيّة العرض وما يجب منه الخ "

ورغم أن الرواندى غلط هذا المنهج فإنه عاد فى الفصل التالى وجعل الفيصل إما العرض على القرآن عندما تتعارض روايتان وإما رفض الرواية التى تكون مذهب العامة وفى هذا قص علينا روايات فقال :
"[12]فصل
في عرض ما اختلف من الأخبار على المذهبين:
[9] - بالإسناد المذكور: عن ابن بابويه: نا أبي: نا0 سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، عن محمّد بن أبي عُمير، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله:قال الصادق عليه السلام : "إذا ورد عليكم حديثانِ مختلفانِ، فاعرضوهما على كتاب الله، فإن لم تجدوهما في]فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله، فذروه، وما خالف[كتاب الله فاعرضوهما على اخبار العامة، فما وافق اخبارهم فذروه اخبارهم فخذوه
:[10] - وعن ابن بابويه: نا محمد بن الحسن: نا محمّد بن الحسن الصفّارنا محمّد بن عيسى عن رجُلٍ، عن يونس بن عبد الرحمن، عن الحسن بن السريّ:قال ابو عبد الله: "إذا ورد عليكم حديثانِ مختلفانِ فخذوا بما خالف القوم"
[11] - وعن ابن بابويه: نامحمّد بن موسى بن المتوكّل: نا عليّ بن الحسين السعد اَبادي: حدّثنا احمد بن أبي عبد الله البرقي، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم:قلتُ للعبد الصالح: هل يسَعُنا - فيما يرد علينا عنكم - إلاّ (التذكّر و) التسليم لكم? فقال: "لا والله، لا يسعكم إلاّ التسليم لنا" قلت: فيُروى عن أبي عبدالله شي، ويروى عنه خلافه، فبايّهما ناخذ? وما وافق القومَ فاجتنبه" ["خُذ بما خالف القوم]قال:

[12] - وعن ابن بابويه: نا أبي: نا سعد بن عبد الله، عن احمد بن محمد بنعيسى، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن: أبي عبد الله عليه السلام ، قال: "ما أنتم - والله - على شيٍ مما هُم فيه، ولا هم على شيٍ فخالفوهم فما هم من الحنيفيّة على شي" [مما انتم فيه]
[13] - وعن ابن بابويه: نا أبي: نا سعد بن عبد الله، عن احمد بن محمد، عن بن حفص، عن سعيد بن يسار، عن:[علي بن الحكم عن عمر] بِقول[إذا علموا]أبي عبد الله عليه السلام : "إن الناس ما علموا من اُمور الدين شيئا علي فيخالفونه"
[14] - وعن ابن بابويه: نا محمد بن الحسن نا محمد بن الحسن الصفار، عن احمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عُمير، عن داود بن الحصين، عمّن ذكره عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال: "والله، ما جعل الله لأحد خيرة في اتّباع غيرنا، وإن من وافقنا خالف عدوّنا، ومَن وافق عدوّنا في قولٍ أو عملٍ فليس منّا ولا نحن منهم"
[15] - وعن ابن بابويه: نا محمد بن موسى المتوكّل: نا عليّ بن الحسين السعد اَبادي: نا احمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن عُبيد الله قلتُ لأبي الحسن الرضا عليه السلام : كيف نصنعُ بالخبرين المختلفين?فقال: "إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فانظروا ما يخالف منهما أخبارَ العامّة، فخذوه، وانظروا ما يُوافق أخبارهم فَدَعوه"

وبعد هذا قال بوجود من ينكر العرض على القرآن وعلى المذاهب قال:
"[13]فصل
في كيفيّة العرض، وعلّة من أنكر عرض الخبرين، على المذهبين:
أما العامّة: فواجب إنكارها والخاصة: فواجب إقرارها به عامةً
وقد ناقضت جماعة منهم ذلك، واتّبعت العامّة، فخرجت بذلك عن إجماعها، وشذّت عن أسلافها الخ "

بالقطع من اشتغلوا بالروايات وهموا عندما جعلوا السند هو الفيصل ومن اشتغلوا بالمتن وهم قلة وهموا أيضا فالدين واحد فيه وحيين القرآن وهو المجمل والذكر وهو تفسيره الإلهى الذى سماه الله المبين للمنزل وهو القرآن فقال" وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم"
هذا التفسير أطلق عليه الناس حديث الرسول(ص) وبمرور الزمن تم إنساء الناس له بشتى الأساليب فلم يتبق منه سوى شذرات واخترع الناس معظم ما نعرفه من الروايات وأصبحت هى التفسير الذى تم فرضه على الناس بقوة السلاح وقوة الدعاية فى البدايات وبعد أصبح ذلك لدي الرمى للناس وهو أبعد ما يكون عن دين لله إلا القليل الموافق للقرآن

الجمعة، 27 سبتمبر 2019

قراءة فى مقال حتى تصير مثقفا

قراءة فى مقال حتى تصير مثقفا
المقال بقلم من أسمى نفسه نور إذ أعلن أن المقال مأخوذ بتصرف من كتاب مفاتيح النجاح للكاتب إبراهيم الفقي
يتناول المقال فى بدايته تعريف لفظ الثقافة عند الغرب كما هو المعهود فى النقلة الذين ينقلون ولا يفكرون وقد ذكر الرجل أن معنى الكلمة هو الفلاحة اى الزراعة فقال :
"اللفظة العربية "ثقافة" هي الترجمة السائدة للكلمة الإنجليزية"Culture"، وتعود جذور الكلمة الإنجليزية إلى اللفظ اللاتيني "Culture"ويعني حرث الأرض وزراعتها، وقد ظلت اللفظة مقترنة بهذا المعنى طوال العصرين اليوناني والروماني.
وفي فترة لاحقة، استخدمها المفكر اليوناني "شيشرون" مجازًا بالدلالات نفسها، حين أطلق على الفلسفة " Culture Mentis " أي زراعة العقل وتنميته، مؤكدًا أن دور الفلسفة هو تنشئة الناس على تكريم الآلهة."
ومن ثم الثقافة طبقا لهذا هى طريق النجاح وهو ما يعنى إنها الدين فالدين سواء كان دين الله أو أديان الشيطان يدعى أنه طريق فلاح متبعه وفى هذا قال تعالى :
"قد أفلح المؤمنون"
وقال :
"قد أفلح من زكاها"
وقال فرعون كما قص الله علينا :
"ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد"
وبالقطع لا أساوى بين الأديان وإنما الدين وحده دين الله وهو طريق الفلاح وبقية الطرق كما قال تعالى طريق الخسران وهى طريق جهنم كما قال تعالى:
"إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم"
وكالمعهود ذكر تعاريف أخرى كلها منقولة عن الغرب فقال :
"وفي عام 1871م، قدم إدوارد تيلور تعريفًا لهذا المفهوم في كتابه "Primitive culture"، حيث اعتبره "ذلك الكل المركب الذي يشمل المعرفة والعقائد والفن والأخلاق والقانون والعرف وكل القدرات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان بصفته عضوًا في مجتمع". وبانتقال مفهوم "Culture" إلى "Kultur" الألماني اكتسبت الكلمة مضمونًا جماعيًا، فقد أصبحت تدل على التقدم الفكري الذي يحصل عليه الفرد أو المجموعات أو الإنسانية بصفة عامة بناءً على ذلك، عالج المفكرون الألمان العلاقة بين علوم الـ "Culture" والعلوم الطبيعية.
من ناحية أخرى اتجه المفكرون الإنجليز إلى النظر في التطبيقات العملية لمفهوم "Culture" في المسائل السياسية والدينية، لذلك عرّفها كلايد كلوكهون بأنها: مجموعة طرائق الحياة لدى شعب معيّن في الميراث الاجتماعي التي يحصل عليها الفرد من مجموعته التي يعيش فيها."
ومما سبق من تعاريف نجد أن الثقافة مجموعة المعارف التى تلزم الإنسان لكى يعيش حياته فى نجاح أى سعادة وهى أمر تناوله الف4هاء قديما تحت عناوين مثل:
ما لا يسع المسلم جهله
ومثل :
المعلوم من الدين بالضرورة
وقد تناولت بعض المذاهب كالإباضية هذه المسألة واعتبرت المسلم الذى لا يطلب هذا العلم العام كافر حتى يتعلم الأحكام التى يسير عليها فى المسائل المتكررة فى حياته وحتى غير المتكررة
ثم ذكر الكاتب بعض النصائح للحصول على الثقافة فقال :
"وهذه بعض النصائح التي قد تساعدك لتصبح مثقفا:
قراءة لمدة عشر دقائق يوميا ..
سماع شريط ..
حضور محاضرات ودورات بمعدل محاضره كل شهر ودورة كل ستة أشهر ..
تعلم لغة جديدة ..
جعل التميز هو الهدف في العمل ..
الاستيقاظ مبكرا واستغلال هذا الوقت في تدوين فكره جديدة..
القيام بعمل محبب إلي النفس ..
الاحتفاظ بمفكرة صغيره قريبه من السرير ويدون بها الأفكار الطارئة قبل النوم فهي تعتبر هدية من العقل ..
قبل النوم يجب التوجه بسؤال إلي النفس ...هل تريد هذا اليوم أن يعود
مره أخري ...هل أنجزت شيئا فيه ..هل تريد أن تقوم بطريقه مختلفة في
اليوم التالي
قيم يومك دائما وسترى النتيجة ..
أخيرا دع لنفسك المجال لتجرب ولا تقيدها ... ومع الأيام ستتحول إلى
الشخصية التي تحبها "
ما سبق من نصائح هى نصائح لبشر فى غير الإسلام فالقراءة فرض فى الصلوات كما قال تعالى :
" فاقرءوا ما تيسر من القرآن"
فقراءة بعض القرآن يوميا واجب وهو العلم عند الله وأما قراءة الكتب المختلفة فمنها ما هو واجب وهو قراءة كتب الوظيفة التى يعمل بها المسلم من باب إتقان العمل ومنها غير الواجب كقراءة كتب الروايات والأشعار
وأما سماع الأشرطة وحضور المحاضرات والدورات فللأسف هو دعاية للبعض وإعطاء مال للبعض مقابل العلم والعلم ليس عليه أجر فى الإسلام كما قال تعالى :
"ما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على الله"
وأما تعلم لغة جديدة فأمر ليس بواجب على كل مسلم
وأما التميز فى العمل فليس مطلوبا فواجب كل مسلم هو أداء عمله كما يجب فقط
وأما الاستيقاظ المبكر فاجب كل مسلم للسعى وراء رزقه
وأما تدوين الأفكار فأمر مباح ولكنه ليس بواجب إلا أن يكون دينا له أو عليه كما قال تعالى ك
"إذا تداينتم بدين فاكتبوه"
وأما القيام بعمل محبب للنفس فهو أمر منهى عنه فى الإسلام ومن نهى نفسه هما تهواه ى تحبه دخل الجنة كما قال تعالى :
" وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هى المأوى "
وأما سؤال النفس عن هل تريد عودة اليوم فسؤال مجنون فما مضى لا يعود والمطلوب عند النوم هو الاستغفار لذنوب اليوم كما قال تعالى :
"وبالأسحار هم يستغفرون"
وأما معرفة إنجازها فى اليوم لمعرفة المراد إنجازه فى الغد فأمر مطلوب من باب قوله تعالى :
"ولا تقولن لشىء إنى فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله"
وأما فتح المجال للنفس للتجربة فهو باب يفتح الشرور فيجب على الإنسان ان يعتبر بتجارب الأخرين ولا يجرب ما جربه الأخرون من أخطاء وأما التجربة المباحة فهى التجربة التى هدفها مباح

الأحد، 22 سبتمبر 2019

نقد كتاب مَسْبُوك الذَّهبِ، في فَضْلِ العربِ

نقد كتاب مسبوك الذهب، في فضل العرب، وشرف العلم على شرف النسب
الكتاب تأليف مرعي بن يوسف الحنبلي المقدسي وموضوعه كما قال المؤلف:
"هذه مسائل تستعذب، ودلائل تستغرب، تتعلق بفضل العرب وما حازوه من شرف النسب والحسب، وسميته (مسبوك الذهب، في فضل العرب، وشرف العلم على شرف النسب) "
وفى المقدمة تكلم المؤلف عن الأصل اللغوى لكلمة العرب قال :
"اعلم أرشدك الله أن العرب - بالضم وبالتحريك - خلاف العجم والعجم - بالضم والتحريك - خلاف العرب من أي جنس كان، من ترك وروم وهند وبربر وزنج والعرب العاربة والعرب العرباء الخلص منهم، وعرب متعربة ومستعربة دخلاء بينهم (ويقال العرب العاربة هم الذين تكلموا بلسان يعرب بن قحطان، و هو اللسان القديم، والعرب المستعربة هم الذين تكلموا بلسان إسماعيل وهي لغة أهل الحجاز وما والاها من البادية)
قال في القاموس : والعرب سكان الأمصار والأعراب منهم سكان البادية وكلام النحاة يخالف كلام القاموس، فإنهم قالوا : أبى سيبويه أن يجعل الأعراب جمع عرب لأن الجمع أعم من المفرد، والعرب يعم الحاضرين والبادين والأعراب خاص بالبادين قيل : بل الأعراب جمع عربي
وقيل : اسم جنس جمعي لا واحد له من لفظه يفرق بينه وبين واحده بياء النسب، مثل روم ورومي، وزنج وزنجي وهذا أظهر "
والكلام ومعانيه فى اللغة هو من اختراعات الكفار لذين أرادوا إبعاد الناس عن معانى الكلمات فى الوحى فمعظم ما قيل فى معانى اللغة يخالف ما ورد من معانيها فى المصحف وكلمة العرب لم ترد فى المصحف وما ورد هو الأعراب ووصف لكتاب واللسان بالعربى
لا يوجد قوم اسمهم العرب فى الوحى لأن الله لا يتعامل مع أصحاب اللغات وإنما يتعامل مع أصحاب الديانات وهم يتكلمون لغات مختلفة ومعنى العربى هو الواضح المفهوم وأما الأعراب فأطلقت على السكان خارج المدينة
ثم تناول المؤلف تاريخ العرب فقال :
"واعلم أن العرب موجودة من قبل إسماعيل لإبراهيم، فإن الله تعالى قد بعث إليهم قبل إسماعيل هودا وصالحا - عليهما السلام - وما قيل من أن إسماعيل أبو العرب فلعل المراد أشرف العرب، أو غالب العرب
ثم رأيت في حديث الترمذي وحسنه عن النبي ( قال : (سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم) و رأيت صاحب (تاريخ الخميس) ذكر ما حاصله : أن أبناء نوح - عليه السلام - ثلاثة: سام وهو أبو العرب، وفارس، والروم ويافث وهو أبو الترك، ويأجوج ومأجوج : (والخز) و الصقالبة وحام وهو أبو السودان من الحبشة والزنج والقبط والأفرنج قال : ومن أولاد سام عراق وكرمان وخراسان وفارس وروم، وباسم كل واحد سميت المملكة التي حل بها قال : و أما ولد ارم بن سام بن نوح فإنهم احتقروا الناس بما أنعم الله عليهم من القوة والبطش واللسان العربي، وكانوا سبعة إخوة، وهم : عاد - وكان أعظمهم قوة وبطشا - ، وثمود، وصحار، ووبار، وطسم، وجديس، وجاسم، وهؤلاء كلهم تفرقوا بجزيرة العرب، وهم العرب السالفة الأولى الذين انقرض غالبهم
قال : وقد فهم الله العربية لعمليق، وطسم، وعاد، وعبيل، وثمود، وجديس
وقال صاحب (تاريخ الملوك التبابعة وملوك حمير " : إن هودا - عليه السلام - بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح هو أبو العرب العاربة وإن ابنه قحطان هو ولي عهده قد لزم طريقته، واقتدى بها وأن يعرب بن قحطان بن هود هو أول من ألهمه الله - تعالى - العربية المحضة، وقال فأبلغ، واختصر فأوجز، وأشتق اسم العربية من اسمه وأن يشجب بن يعرب قام مقامه في النهي والأمر وحاز اليمن والحجاز، وأن سبأ بن يشجب كان ملكا عظيما، وهو أول من سبى السبي غزا ملوك بابل وفارس والروم والشام حتى أتى المغرب، ثم رجع إلى اليمن فبنى السد الذي ذكره الله - تعالى - و اسمه العرم، وقسم الملك بين ولديه حمير وكهلان "
هنا ذكر المؤلف أقوال فيمن هو أصل العرب فذكر إسماعيل(ص)وهود(ص) ويعرب بن قحطان وسام وكلها أقوال متناقضة ووجود أولاد بنين لنوح(ص) يناقض أن ذريته الرجال انتهت بموت ابنه الكافر ولم يكن له إلا بنات ولذا فبنو إسرائيل ليسوا من ذريته وإنما ذرية المؤمنين به كما قال تعالى ""وأتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبنى إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح"
وبعد هذا بين المؤلف الحقيقة وهى أن ادم(ص) هو أول المتكلمين بالعربية وفسر الأقوال الأخرى فقال:
"واعلم أن ادم - عليه السلام - هو أول من تكلم بالعربية بل بالألسنة كلها بجميع لغاتها، وعلمها أولاده، فلما افترقوا في البلاد وكثروا اقتصر كل قوم على لغة وما روي : أول من تكلم بالعربية إسماعيل، أو يعرب بن قحطان فالمراد من ولد إبراهيم، أو من قبيلته، وعلى هذا فالظاهر أن لغة العرب قديمة، بل وسائر اللغات وأن من كان يتكلم بالعربية من بني ادم قبل الطوفان فهم العرب، أو أن العرب والعجم والروم والترك والحبش أوصاف حادثة بعد الطوفان، وأنه كانت للناس أوصاف وأجناس أخر قبل الطوفان نسخت ونسيت، فإن الطوفان عم أهل الأرض جميعا بحيث لم يبق على وجه الأرض أحد 00ونوح - عليه السلام - هو الأب الثاني للبشر قال تعالى: (وجعلنا ذريته هم الباقين) ثم تناسلوا وكثروا وتكلموا باللغات كلها إما بإلهام من الله - تعالى - كما مر، أو بتلقيها من نوح - عليه السلام - ، وتلقاها أولاده عنه، هذا محل تردد، ولم أر في ذلك نقلا والأقرب تلقيها من نوح - عليه السلام - فإن اللغة لا يحيط بها إلا ملك أو نبي "
وبالقطع ليس المقصود بالذرية هنا الأولاد وإنما الشيعة أى الأتباع المؤمنين به فكل نبى بقى أى نجا معه المؤمنون كما قال تعالى" ثم ننجى رسلنا والذين امنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين"وقال"وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحى إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين"
ثم بين معنى الأعراب فقال:
"واعلم أن الأعراب في الأصل اسم لسكان بادية أرض العرب، فإن كل أمة لها حاضرة وبادية، فبادية العرب الأعراب، وبادية الروم الأرمن، وبادية الترك التركمان، وبادية الفرس الأكراد "
وهى كلمة ليس معناها كما قال فهم سكان خارج المدينة أو المدن أيا كانوا لأنه لا يوجد قوم اسمهم العرب إلا أن يكونوا بمعنى المسلمين فاسمهم مأخوذ من تسمية القران بالعربى فيكونون بناء عليه هم العرب بمعنى الواضحين أى المسلمين
وتناول الرجل ما سماه بحدود بلاد العرب فقال:
"وأرض العرب هي : جزيرة العرب التي هي من بحر القلزم شرقي مصر إلى بحر البصرة، ومن أقصى حجر باليمن إلى أوائل الشام
وقال أبو عبيد : جزيرة العرب من عدن إلى ريف العراق طولا، ومن تهامة - بكسر التاء - إلى ما وراءها، إلى أطراف الشام وسميت جزيرة لأن بحر فارس، وبحر الحبش، ودجلة والفرات قد أحاطت بها "
وهو وهم من الأوهام فالدراسات بينت أن العربية كانت موجودة فى مصر الحالية وغيرها ولكن الاختلاف كان فى طرق كتابتها وأما نطقها فكان واحدا مع تعدد اللهجات كما أن هناك مناطق عربية فى إيران رغم إحاطتها من كل لجوانب بمناطق تتكلم الفارسية وهناك بلاد فى أفغانستان ولقوقاز تتكلم العربية فقط مع أن المحيط اللغوى مختلف عنها تماما
ثم تناول الرجل مسألة فضل العرب على العجم فقال:
"إذا تقرر هذا فاعلم أن جنس العرب أفضل من جنس العجم، كما أن جنس الرجل أفضل من جنس المرأة، وأما باعتبار أفراد أو أشخاص، فقد يوجد من النساء ما هو أفضل من ألوف من الرجال كمريم وفاطمة وعائشة وقد يوجد من العجم ما هو أفضل من ألوف من العرب كصهيب الرومي وسلمان الفارسي وبلال الحبشي وغيرهم فإن كل واحد منهم أفضل من ألوف من العرب بل أفضل من ألوف من قريش وبني العباس والأشراف ويصح أن نقول : إن كل واحد من مثل سلمان و بلال وصهيب لصحبة رسول الله - ( - أفضل من جعفر الصادق وموسى الكاظم، وأفضل من أبي حنيفة ومالك والشافعي واحمد وهل يصح أن يقال إن الواحد من الصحابة أفضل من جميع أمة محمد من غير الصحابة المشتملة على الأقطاب والأنجاب والأبدال والعلماء والشهداء والأولياء؟ الظاهر صحة ذلك وإن كان العقل يأبى ذلك ويستبعده لا سيما في الهيئة الاجتماعية من الفضل والقوة غاية المزية فليتأمل
والدليل على فضل العرب من وجهين، من المنقول والمعقول: أما النقل : فقد روى الطبراني والبيهقي وأبو نعيم (والحاكم) عن ابن عمر - رض الله عنه - قال : قال رسول الله (: (إن الله - تعالى - خلق الخلق، فاختار من الخلق بني ادم، واختار من بني ادم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشا، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا خيار من خيار، فمن أحب العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم) فهذا النقل صريح في فضل العرب على العجم، وصريح في فضل جنس بني ادم على (جنس) الملائكة، خلافا للمعتزلة ومن وافقهم وروى الترمذي أيضا وحسنه من حديث العباس - رض الله عنه - أن النبي - ( - قال : (إن الله خلق الخلق فجعلني في خير فرقهم، ثم خير القبائل فجعلني في خير قبيلة، ثم خير البيوت فجعلني في خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسا، وخيرهم بيتا)
وروى الترمذي أيضا وحسنه، قال : جاء العباس إلى رسول الله - ( - وكأنه سمع شيئا فقام النبي - ( - على المنبر فقال : (من أنا؟ فقالوا: أنت رسول الله فقال : (أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب) ثم قال : (إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا، وخيرهم نفسا) وروى الإمام أحمد هذا الحديث في (المسند) وفيه : فصعد النبي - ( - المنبر فقال: (من أنا؟ " فقالوا: أنت رسول الله فقال : (أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه، وجعلهم فرقتين فجعلني في خيرفرقة، وجعلهم قبائل فجعلني في خير قبيلة، وجعلهم بيوتا فجعلني في خير بيت ، فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا) وروى الحافظ ابن تيمية من طرق معروفة إلى محمد بن إسحاق الصاغاني بإسناده إلى ابن عمر عن النبي - ( - وفيه : (ثم خلق الخلق فاختار من الخلق بني ادم، واختار من بني ادم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشا، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا من خيار إلى خيار، فمن أحب العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم)
ففي هذه الأحاديث كلها أخبر رسول الله - ( - أنه تعالى جعل بني ادم فرقتين، والفرقتان العرب والعجم، ثم جعل العرب قبائل فكانت قريش أفضل قبائل العرب، ثم جعل قريشا بيوتا، فكانت بنو هاشم افضل البيوت)
فالأحاديث كلها صريحة بتفضيل العرب على غيرهم وروى الإمام أحمد ومسلم و الترمذي من حديث الأوزاعي، عن شداد، عن واثلة بن الأسقع - رض الله عنه - قال : سمعت رسول الله - ( - يقول : (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) وفي لفظ اخر (إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة) إلى اخره قال الترمذي : هذا حديث صحيح وهذا الحديث يقتضي أن إسماعيل وذريته صفوة ولد إبراهيم، وأنهم أفضل من ولد إسحاق، ومعلوم أن ولد إسحاق الذين هم بنو إسرائيل افضل من العجم لما فيهم من النبوة والكتاب حيث ثبت فضل ولد إسماعيل على بني إسرائيل، فعلى غيرهم بطريق الأولى وقد احتج الشافعية في الكفاءة بهذا، فقالوا: إن العرب طبقات، فلا يكافئ غير قرشي من العرب قرشية، وليس القرشي كفء للهاشمية، للحديث السابق : (إن الله اصطفى) إلى اخره قالوا : وأولاد فاطمة - عليها السلام - لا يكافؤهم غيرهم من بقية بني هاشم، لأن من خصائصه - عليه السلام - أن أولاد بناته ينسبن إليه قالوا: وكذا باقي الأمم فلا يكون من ليس من بني إسرائيل كفء لإسرائيلية ومذهب الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - : أن جميع العرب أكفاء لبعضهم، كما أن جميع العجم أكفاء لبعضهم، واعتبر النسب في الكفاءة لأن العرب تفتخر به واعلم أن الأحاديث الواردة في فضل قريش، ثم في فضل بني هاشم كثيرة جدا وليس هذا موضعها "0
الرجل هنا يقرر أن العرب أفضل من العجم بسبب روايات تعارضها روايات مثل :
"لا فضل لعربى على عجمى إلا بالتقوى "
والرواية عن الانتماءات الأسرية :
"دعوها فإنها منتنة"
والتقرير هنا يتعارض مع أن الأفضلية وهى الإكرام بالتقوى وليس بلغة او بغيرها كما قال تعالى :
"إن أكرمكم عند الله أتقاكم "
كما يتعارض مع قوله تعالى :
"إنما المؤمنون إخوة "
فالأفضلية الدنيوية تتنافى مع الإخوة حث كل أخ مساوى للأخ الأخر
ثم كيف يكون العربى الكافر أفضل من المسلم الأعجمى؟
أليس هذا جنون ؟
ثم كيف يختار الله أى يصطفى الكفار قريش وبنى هاشم وعبد الله والد لنبى(ص)وهو لا يصطفى إلا المسلمين من الملائكة والناس كما قال تعالى
"الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس"؟
ثم كيف يكون والد النبى(ص)مصطفى مختار وهو كافر طبقا لرواية "إن أبى وأباك فى النار"؟
وأما قولهم وأولاد فاطمة - عليها السلام - لا يكافؤهم غيرهم من بقية بني هاشم، لأن من خصائصه - عليه السلام - أن أولاد بناته ينسبن إليه فيخالف قوله تعالى "ادعوهم لاباءهم "اولاد بناته ينسبون لأزواج بناته طبقا للاية لأن هذا ينسف كون عيسى بن مريم(ص) الوحيد المنسوب لأمه وطبقا للروايات لم ينقل عن النبى (ص)أنه قال عن بنات فاطمة أنهن بناته وإنما الولدين فقط وكذلك أمامة بنت العاص وأخوها عبد الله أولاد زينب ابنته
ثم قال مرعى فى دلالة العقل المزعوم على فضل العرب والغريب أن أكثر نقول لروايات التى ليست بعقل وإنما نقل فقال:
"0وأما العقل الدال على فضل العرب : فقد ثبت بالتواتر المحسوس المشاهد أن العرب أكثر الناس لسخاء، وكرما، وشجاعة، ومروءة، وشهامة، وبلاغة، وفصاحة ولسانهم أتم الألسنة بيانا، وتمييزا للمعاني جمعا وفرقا بجمع المعاني الكثيرة في اللفظ القليل، إذا شاء المتكلم الجمع ويميز بين كل لفظين مشتبهين بلفظ اخر مختصر، إلى غير ذلك من خصائص اللسان العربي
ومن كان كذلك فالعقل قاض بفضله قطعا على من ليس كذلك، ولهم مكارم أخلاق محمودة لا تنحصر ، غريزة في أنفسهم، وسجية لهم جبلوا عليها، لكن كانوا قبل الإسلام طبيعة قابلة للخير ليس عندهم علم منزل من السماء، ولا هم أيضا مشتغلون ببعض العلوم العقلية المحضة كالطب أو الحساب أو المنطق ونحوه إنما علمهم ما سمحت به قرائحهم من الشعر والخطب أو ما حفظوه من أنسابهم وأيامهم، أو ما احتاجوا إليه في دنياهم من الأنواء والنجوم، أو الحروب، فلما بعث الله محمدا - ( - بالهدى الذي ما جعل الله في الأرض مثله تلقوه عنه بعد مجاهدته الشديدة لهم، ومعالجتهم على نقلهم عن تلك العادات الجاهلية التي كانت قد أحالت قلوبهم عن فطرتها، فلما تلقوا عنه ذلك الهدى زالت تلك الريون عن قلوبهم واستنارت بهدي الله فأخذوا هذا الهدي العظيم بتلك الفطرة الجيدة فاجتمع لهم الكمال التام بالقوة المخلوقة فيهم، والهدى الذي أنزله عليهم، ثم خص قريشا على سائر العرب بما جعل فيهم خلافة النبوة وغير ذلك من الخصائص، ثم خص بني هاشم بتحريم الصدقة، واستحقاق قسط من الفيء إلى غير ذلك من الخصائص، فأعطى الله - سبحانه - كل درجة من الفضل بحسبها والله عليم حكيم (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس) (الله أعلم حيث يجعل رسالاته)
واعلم أنه ليس فضل العرب ثم قريش ثم بني هاشم بمجرد كون النبي - ( - منهم كما يتوهم وإن كان هو - عليه السلام - قد زادهم فضلا وشرفا بلا ريب - بل هم في أنفسهم أفضل وأشرف وأكمل وبذلك ثبت له - عليه السلام - أنه أفضل نفسا ونسبا، وإلا للزم الدور وهو باطل
وبالجملة فالذي عليه أهل السنة والجماعة اعتقاد أن جنس العرب أفضل من جنس العجم عبرانيهم، وسريانيهم، ورومهم، وفرسهم، وغيرهم، وأن قريشا أفضل العرب، وأن بني هاشم أفضل قريش، وأن رسول الله - ( - أفضل بني هاشم فهو أفضل الخلق أجمعين، وأشرفهم نسبا وحسبا، وعلى ذلك درج السلف والخلف
قال أبو محمد حرب بن إسماعيل الكرماني صاحب الإمام أحمد في وصفه للسنة، التي قال فيها : هذا مذهب أئمة العلم، وأصحاب الأثر، و أهل السنة المعروفين بها، المفتدى بهم فيها
قال : وأدركت من أدركت من أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها، وأن من خالفها أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مبتدع خارج عن الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق - وساق كلاما طويلا إلى أن قال - : ونعرف للعرب حقها وفضلها وسابقتها، ونحبهم لحديث رسول الله - ( - (حب العرب إيمان، وبغضهم نفاق) ولا نقول بقول الشعوبية و أراد الموالي الذين لا يحبون العرب ولا يقرون بفضلهم - فإن قولهم بدعة وخلاف
وقد وردت أحاديث تؤيد مذهب أهل السنة والجماعة: روى الحاكم عن انس عن النبي - ( - (حب العرب إيمان وبغضهم كفر، فمن أحب العرب فقد أحبني، ومن أبغض العرب فقد أبغضني)
وروى الطبراني عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - ( - (حب قريش إيمان وبغضهم كفر، وحب العرب إيمان وبغضهم كفر، فمن أحب العرب فقد أحبني، ومن أبغض العرب فقد أبغضني)
وروى ابن عساكر والسلفي عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - ( - : حب أبي بكر وعمر من الإيمان وبغضهما كفر، وحب الأنصار من الإيمان وبغضهم كفر ، وحب العرب من الإيمان وبغضهم كفر)
وروى الترمذي وغيره عن سلمان - رض الله عنه - قال : قال رسول الله - ( - (يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك)
قلت يا رسول الله، كيف أبغضك وبك هداني الله؟ قال : (تبغض العرب فتبغضني)
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب فجعل النبي - ( - بغض العرب سببا لفراق الدين، وجعل بغضهم مقتضيا لبغضه - عليه السلام - ولعله إنما خاطب سلمان بهذا وهو سابق الفرس، وذو الفضائل المأثورة تنبيها لغيره من سائر الفرس، لما علمه الله - تعالى - من أن الشيطان قد يدعو بعض النفوس إلى شيء من ذلك وهذا دليل على أن بغض جنس العرب ومعاداتهم كفر، أو سبب للكفر، ومقتضاه أنهم أفضل من غيرهم، وأن محبتهم سبب قوة الإيمان وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - ( - : (أحبوا العرب وبقاءهم، فإن بقاءهم نور في الإسلام، وإن فناءهم فناء في الإسلام) رواه أبو الشيخ ابن حبان
وعن جابر - رض الله عنه - أن النبي - ( - (قال : إذا ذلت العرب ذل الإسلام) حديث صحيح وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال النبي - ( - (الناس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم، والناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا) حديث صحيح متفق عليه وقال - ( - : (الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله) حديث صحيح أخرجه الأئمة الستة)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وقد رويت في ذلك أحاديث، النكرة ظاهرة عليها كحديث الترمذي من حديث حصين بن عمر بإسناده عن عثمان بن عفان - رض الله عنه - قال : قال رسول الله - ( - : (من غش العرب لم يدخل في شفاعتي، ولم تنله مودتي) قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث حصين بن عمر قال ابن تيمية: حصين هذا الذي رواه قد أنكر أكثر الحفاظ حديثه قال يحيى بن معين : ليس بشيء وقال ابن المديني : ليس بالقوي وقال البخاري وأبو زرعة : مكر الحديث وقال ابن عدي : عامة أحاديثه معاضيل و ينفرد عن كل من روى عنه منهم ومنهم من يجاوز به الضعف إلى الكذب وروى عبد الله بن أحمد في مسند أبيه (من طريق إسماعيل بن عياش عن يزيد بن جبير بإسناده، عن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - ( - : (لا يبغض العرب إلا منافق) قال ابن تيمية : وزيد بن جبيرة عندهم منكر الحديث، ورواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين مضطربة
وروى العقيلي في (الضعفاء) والطبراني في (الكبير " ، والحاكم في (المستدرك) و البيهقي في (شعب الإيمان) عن ابني عباس - رض الله عنه - قال : قال رسول الله - ( - : (أحبوا العرب لثلاث، لأني عربي، والقران عربي، وكلام أهل الجنة عربي) قال الحافظ السلفي : هذا حديث حسن قال ابن تيمية : فما أدري أراد حسن إسناده على طريقة المحدثين، أو حسن متنه على الاصطلاح العام؟ قال : وابن الجوزي ذكر هذا الحديث في (الموضوعات) وقال: قال العقيلي: لا أصل له وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ( - أنا عربي، والقران عريي، ولسان أهل الجنة عربي
قال الحاكم : حديث صحيح رجاله كلهم ثقات
و مما يدل على فضل العرب أيضا ما رواه البزار بإسناده قال : قال سلمان - رض الله عنه - نفضلكم يا معشر العرب لتفضيل رسول الله - ( - إياكم، لا ننكح نساءكم، ولا نؤمكم في الصلاة
قال ابن تيمية : وهذا إسناد جيد قال : وقد روي من طريق أخر عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - أنه قال : فضلتمونا يا معشر العرب باثنتين : لا نؤمكم، ولا ننكح نساءكم ورواه سعيد في (سننه) وغيره
وهذا الحديث مما احتج به أكثر الفقهاء الذين جعلوا العربية من الكفاءة بالنسبة إلى العجمي قائلين : ولا تزوج عربية بعجمي
قال الفقهاء في تعليل ذلك - : لأن الله - تعالى - اصطفى العرب على غيرهم وميزهم عنهم بفضائل جمة واحتج أصحاب الإمام الشافعي، والإمام أحمد بهذا على أن الشرف مما يستحق به التقدم في الصلاة
ولما وضع الإمام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الديوان للعطاء كتب الناس على قدر أنسابهم، فبدأ بأقربهم نسبا إلى رسول الله - ( - ، فلما انقضت العرب ذكر العجم، هكذا كان الديوان على عهد الخلفاء الراشدين، وسائر الخلفاء من بني أمية، والخلفاء من بني العباس إلى أن تغير الأمر بعد ذلك
وذكر غير واحد أن عمر بن الخطاب حين وضع الديوان، قالوا له : يبدأ أمير المؤمنين بنفسه 0فقال: لا، ولكن ضعوا عمر حيث وضعه الله - تعالى - فبدأ بأهل بيت رسول الله - ( - ثم من يليهم حتى جاءت نوبته في بني عدي، وهم متأخرون عن أكثر بطون قريش فانظروا إلى هذا الإنصاف من عمر حيث عرف الحق لأهله، وبموجب هذا الاتباع للحق ونحوه قدمه على عامة بني هاشم فضلا عن غيرهم من قريش
فظهر بما تقرر: أن جنس العرب أفضل من جنس العجم، وأن حب العرب من الإيمان وبغضهم نفاق، أو كفر، وعلى هذا درج السلف والخلف كما تقدم لك ذكره "
ونلاحظ أن كل ما ذكره تكرار لما سبق أن من الأمور بروايات أخرى يعرف أن معظمها ضعيف أو منكر وهو نقل وليس من العقل وقد نقض الرجل ما سماه شرف النسب بكون شرف العلم أفضل وأحسن منه فى امور والشرف النسبى أفضل منه فى أمور فقال :
"واعلم وفقك الله - تعالى - أن فضل الجنس لا يستلزم فضل الشخص من حيث الدين الذي هو المقصود الأعظم، وإن استلزمها من حيث الكفاءة وهنا مزلة أقدام، وهو أن كثيرا يتوهم أن شرف النسب أفضل من شرف العلم، ويقول : إن الشرف الذاتي أفضل من الشرف الكسبي، وبعضهم يعكس وأظن أن كلا من الفريقين لا يعرف تحقيق وجه الأفضلية، والصواب التفصيل وعدم الإطلاق، وهو أن شرف النسب أفضل من حيث الكفاءة فلا يكافيء عجمي عالم بنت عربي جاهل، وأن الزوجة الأمة المسلمة لا تساوي من حيث القسم الزوجة الحرة اليهودية، أو النصرانية، فللحرة ليلتان، وللأمة ليلة إلى غير ذلك من الأحكام
وشرف العلم أفضل من حيث التقدم في الصلاة ومنصب الإفتاء والقضاء وغير ذلك وينظر في منصب الخلافة، والإمامة العظمى فهل يستحقها قرشي جاهل، أو عجمي فاضل؟ وهذا كله مع الاتصاف بتقوى الله - تعالى - وإلا فالعالم الفاسق كإبليس، والعربي الجاهل كفرعون وكلاهما مذموم وأيضا فمن اغتر في الكفاءة بشرف النسب، فيقال له : إن العجمي وإن كان ليس كفءا للعربية، فالعربي الفاسق أيضا ليس كفءأ للعجمية المرضية ، فإن الشرع أيضا يعتبر في الكفاءة منصب الدين كما يعتبر منصب النسب ولا يكافئ العربي الجاهل بنت العالم صرح بذلك الشافعية"
وبعد أن قال بتفاضل الشرفين كل فى أمور عاد وقرر أن الشرف الكسبى وهو العلم أفضل فقال :
"إذا علمت هذا فاعلم أن الذي يرجع إليه ويعول في الفضل عليه هو الشرف الكسبي الذي منه العلم والتقوى، وهو الفضل الحقيقي، لا مجرد الشرف الذاتي الذي هو شرف النسب بشهادة القران وشهادة النبي - عليه السلام - وشهادة الأذكياء من الأنام مفرد:
إن الفتى من يقول ها أناذا ليس الفتى من يقول كان أبي
فمن الغرور الواضح، والحمق الفاضح أن يفتخر أحد من العرب على أحد من العجم بمجرد نسبه، أو حسبه، ومن فعل ذلك فإنه مخطيء جاهل مغرور فرب حبشي أفضل عند الله تعالى من ألوف من قريش قال الله - تعالى - في مثل ذلك : (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم)
وقال تعالى : (ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم * بر ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم)
وقال تعالى : (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)
وقال : (يرفع الله الذين امنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) إلى غير ذلك من الايات
وقال النبي - ( - في الحديث الصحيح : (إن الله - تعالى - قد أذهب عنكم عبية الجاهلية، وفخرها بالأباء، مؤمن تقي أو فاجر شقي، أنتم بنو ادم وادم من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن)
رواه أبو داود وغيره
وقال ابن تيمية : وهو صحيح
وفي حديث اخر بإسناد صحيح أن النبي - ( - قال في خطبته بمنى: (يا أيها الناس ألا إن ربكم - عز وجل - واحد، ألا إن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ألا لا فضل لأسود على أحمر إلا بالتقوى ألا قد بلغت؟ قالوا: نعم قال : ليبلغ الشاهد الغائب) وروى مسلم في صحيحه : (أن النبي - ( - قال : إني أوحي إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد) فنهى الله - سبحانه وتعالى - على لسان رسوله عن نوعي الفخر والبغي اللذين هما الاستيطال على الخلق، فمن استطال بحق فقد افتخر، وإن كان بغير حق لقد بغى، ولا يحل هذا ولا هذا
ولو كان الفخر بالحسب أو النسب لكان لليهود فخر وأي فخر، فهم أولاد يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق : ذبيح الله بن إبراهيم : خليل الله، إنما الفخر بتقوى الله وطاعته، بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، ولهذا قال - ( - : (يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا، يا عباس عم رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا ، يا صفية عمة رسول الله - ( - لا أغني عنك من الله شيئا) ففي ذلك تنبيه منه - عليه السلام - لمن انتسب لهؤلاء الثلاثة أن لا يغتروا بالنسب ويتركوا الكلم الطيب، والعمل الصالح
نعم من اتقى الله - تعالى - من العرب فقد حاز فضيلة التقوى، وفضيلة النسب، ومن لم يتق الله فهو إلى البهائم أقرب قال الله تعالى : (أن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا) وقال تعالى: (ولعبد مؤمن خير من مشرك)
فالفضل الحقيقي هو اتباع ما بعث الله - تعالى - به محمدا من الإيمان والعلم باطنا وظاهرا، لا أنه (بمجرد) كون الشخص عربيا أو عجميا أو أسود أو أبيض أو بدويا أو قرويا وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رض الله عنه - قال : (كنا جلوسا عند النبي - ( - فأنزلت عليه سورة الجمعة (واخرين منهم لما يلحقوا بهم) فقال قائل : من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه، حتى سأل ثلاثا، وفينا سلمان الفارسي، فوضع رسول الله - ( - يده على سلمان، ثم قال : لو نهان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء) وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة ( رض الله عنه - قال : قال رسول الله - ( - : (لو كان الذين عند الثريا لذهب به رجل من فارس) أو قال : (من أبناء فارس) وفي رواية ثالثة : (لو كان العلم عند الثريا لتناوله رجال من أبناء فارس) وروى الترمذي عن أبي هريرة - أيضا - عن النبي - ( - في قوله تعالى : (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم) إنهم من أبناء فارس) إلى غير ذلك من اثار رويت في فضل رجال من أبناء فارس الأحرار والموالي، مثل : الحسن، وابن سيرين، وعكرمة مولى ابن عباس، وغيرهم ممن وجد بعد ذلك فيهم من الراسخين في الإيمان والدين والعلم، بحيث صاروا في ذلك أفضل من كثير من ا لعرب
وكذلك في سائر أصناف العجم من الروم والترك والحبشة، فإن الفضل الحقيقي هو اتباع ما بعث الله به محمدا - ( - كما تقدم ولهذا كان اللذين تناولوا العلم والإيمان من أبناء فارس إنما حصل لهم ذلك بمتابعتهم الدين الحنيف ولوازمه من العربية وغيرها، ومن نقص من العرب فإنما هو بتخلفهم عن مثل ذلك، ولهذا كانوا يفضلون من الفرس من رأوه أقرب إلى متابعة السابقين من الصحابة والتابعين، حتى قال الأصمعي فيما رواه عنه أبو طاهر السلفي في (كتاب فضل الفرس) قال : عجم أصبهان: قريش العجم
وروى - أيضا - السلفي بإسناد معروف عن سعيد بن المسيب، قال : لو أني لم أكن من قريش لأحببت أن أكون من فارس، ثم أحببت أن أكون من أصبهان وروى بإسناد اخر عن سعيد بن المسيب، قال: لولا أني رجل من قريش لتمنيت أن أكون من أهل أصبهان، لقول النبي - ( - : لو كان الدين معلقا بالثريا لتناوله ناس من أبناء العجم، أسعد الناس بها فارس وأصبهان قالوا : وكان سلمان الفارسي من أهل أصبهان، وكذلك عكرمة مولى ابن عباس واثار الإسلام كانت بأصبهان أظهر منها بغيرها حتى قال الحافظ عبد القادر الرهاوي : ما رأيت بلدا بعد بغداد أكثر حديثا من أصبهان وكان أئمة السنة علما وفقها وحديثا فيها أكثر من غيرها وانظر الان كيف أصبحت دار بدعة وتحت سلطان الرافضة المخذولين ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، والدنيا دار تغير وانقلاب "
وما قاله الرجل هنا عن كون الشرف فى الإيمان والإسلام هو عين الصواب ويبدو أن هذا الكتاب دخله التحريف فالاستدلالات على الأقوال لا تتسق مع بعضها فتقرير شىء ثم تقرير شىء مضاد عدة مرات وكل خلف الأخر هو علامة لتحريف الكتاب أو أن من ألفوه ونسبوه لمرعى أحبوا أن يظهروه صورة المجنون
وفضل الكاتب هل القرى على أهل البادية فقال فى الفقرات التالية:
"واعلم أن العرب الذين هم سكان القرى والأمصار أفضل من الأعراب الذين هم سكان البادية، فإن الله - سبحانه - جعل سكنى القرى يقتضي من كمال الإنسان في العلم والذين، ورقة القلوب مالا يقتضيه سكنى البادية كما أن البادية توجب من صلابة البدن والخلق، ومتانة الكلام ما لا يكون في القرى، هذا هو الأصل "
وعاد الرجل فنقض قوله بكون البدو أحيانا أحسن من القرى فقال:
"وقد تكون البادية أحيانا أنفع من القرى، ولذلك جعل الله - تعالى - الرسل من أهل القرى، فقال سبحانه : (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى) 0ولهذا قال سبحانه : (الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله)
وروى أبو داود وغير عن ابن عباس عن النبي - ( - قال : (من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتتن)
ورواه أبو داود أيضا من طريق اخر عن أبي هريرة - عن النبي - ( - بمعناه قال : (ومن لزم السلطان افتتن)
وزاد (وما ازداد عبد من السلطان دنوا إلا ازداد من الله بعدا)
ولهذا كانوا يقولون لمن يستغلظونه: إنك لأعرابي جاف، إنك لخلف جاف يشيرون بذلك إلى غلظ طبعه وخلقه "
وكما قلنا وقال هو الفضل ليس بلغة ولا باب ولا بمكان سكن ولا غير ذلك فالفضل بالتقوى كما قرر الله "إن أكرمكم عند الله أتقاكم "
وكرر الرجل فقرات ذكرها فى أول الكتاب فقال :
طواعلم أن لفظ الأعراب هو في الأصل اسم لسكان بادية العرب، وإلا فكل أمة لها حاضرة وبادية، فبادية العرب الأعراب، وبادية الروم الأرمن، وبادية الفرس الأكراد، وبادية الترك التركمان، فسائر سكان البوادي لهم حكم الأعراب سواء دخلوا في لفظ الأعراب أم لم يدخلوا
فجنس الحاضرة أفضل من جنس البادية، وأما باعتبار الأفراد فقد يوجد من أهل البادية ما هو أفضل من ألوف من أهل الحاضرة
تنبيه : ذكر شيخ الإسلام الحافظ تقي الدين بن تيمية - رحمه الله - : أن اسم العرب والعجم قد صار فيه اشتباه، فإن اسم العجم يعم - في اللغة - كل من ليس من العرب، لكن لما كان العلم والإيمان في أبناء فارس اكثر منه في غيرهم من العجم كانوا هم أفضل الأعاجم فغلب لفظ العجم في عرف العامة المتأخرين عليهم فصار حقيقة عرفية عامية فيهم "
ثم تكلم الرجل ونقل نقولا عديدة عن كون اللسان العربى مطلوب فى الإسلام فقال :0
"قال : واسم العرب في الأصل كان اسما لقوم جمعوا ثلاثة أوصاف: أحدها: أن لسانهم كان اللغة العربية الثاني: أنهم كانوا من أولاد العرب الثالث: أن مساكنهم كانت أرض العرب، وهي من بحر القلزم إلى بحر البصرة، ومن أقصى حجر باليمن إلى أوائل الشام، وفي هذه الأرض كانت العرب حين المبعث وقبله فلما جاء الإسلام و فتحت الأمصار سكنوا سائر البلاد من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، وإلى سواحل الشام وأرمينية، وهذه كانت مساكن فارس والروم والبربر وغيرهم ثم انقسمت هذه البلاد قسمين؛ منها ما غلب على أهله لسان العرب حتى لا يعرف عامتهم غيره، أو يعرفونه، وغيره مع ما دخل في لسان العرب من اللحن وهذا غالب مساكن الشام والعراق ومصر، والأندلس، والمغرب
قال : وأظن أرض فارس وخراسان كانت هكذا قديما ومنها ما العجمة كثيرة فيهم أو غالبة عليهم كبلاد الترك، وخراسان، وأرمينية، وأذربيجان، ونحو ذلك وقد روى الحافظ السلفي بإسناده عن أبي هريرة - رض الله عنه - عن النبي - ( - قال : (من تكلم بالعربية فهو عربي، ومن أدرك له أبوان في الإسلام فهو عربي) قال: فهنا إن صح هذا الحديث فقد علقت فيه العربية بمجرد اللسان، وعلق فيه النسب بأن يدرك له أبوان في الدولة الإسلامية العربية وقد يحتج بهذا القول أبو حنيفة في قوله: إن من ليس له أبوان في الإسلام أو في الحرية ليس كفءا لمن له أبوان في ذلك وإن اشتركا في العجمية و العتاقة ومذهب أبي يوسف : ذو الأب كذي الأبوين وهو مذهب الشافعية، حتى قالوا : إن الصحابي ليس كفؤا لبنت التابعي ومذهب الإمام أحمد أنه لا عبرة بذلك
وروى السلفي أيضا بإسناده وفيه: فصعد - عليه السلام - المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : (أما بعد، أيها الناس فإن الرب واحد، والأب واحد، والدين واحد، وإن العربية ليست لأحدكم بأب ولا أم، إنما هي لسان، فمن تكلم بالعربية فهو عربي) 0قال ابن تيمية: وهذا الحديث ضيف؛ لكن معناه ليس ببعيد بل هو صحيح من بعض الوجوه ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلها رومية وقبطية وأرض العراق وخراسان ولغة أهلها فارسية وارض المغرب ولغة أهلها بربرية، عودوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم وهكذا كانت خراسان قديما ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة العربية، واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم، وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ولا ريب أن هذا مكروه وإنما الحسن اعتياد الخطاب بالعربية حتى يلقنها الصغار في المكاتب وفي الدور، فيظهر شعار الإسلام وأهله، ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسنة وكلام السلف، لا سيما ونفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب، فإن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ثم منها ما هو واجب على الأعيان، ومنها ما هو واجب على الكفاية
وقد روى ابن أبي شيبة بإسناده، قال : كتب عمر إلى أبي موسى - رض الله عنهما - : اما بعد: فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القران، فإنه عربي) وفي لفظ اخر عن عمر: تعلموا العربية فإنها من دينكم، وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم وأما الرطانة : التي هي التكلم بغير العربية تشبها بالأعاجم، فقد قال عمر بن الخطاب: إياكم ورطانة الأعاجم وان تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم وفي لفظ اخر عن عمر - رضي الله عنه - لا تعلموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم
وقال الإمام مالك فيما رواه ابن القاسم في (المدونة) : لا يحرم بالأعجمية، ولا يدعو بها، ولا يحلف وقال : نهى عمر - رض الله عنه - عن رطانة الأعاجم وسئل الإمام احمد عن الدعاء في الصلاة بالفارسية فكرهه، وقال : لسان سوء ومذهبه أن ذلك يبطل الصلاة
وكره الإمام الشافعي لمن يعرف العربية أن يسمي بغيرها، أو أن يتكلم بها خالطا بالعجمية وهو ظاهر كلامه فيما حكاه عنه ابن عبد الحكم
وقد روى السلفي بإسناده عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله - ( - : (من يحسن أن يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالعجمية فإنه يورث النفاق)
ورواه أيضا بإسناد اخر عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال رسول الله - ( - : (من كان يحسن أن يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالفارسية فإنها تورث النفاق) " حديث صحيح على شرط الشيخين، ورجاله كلهم ثقات)
وهذان الحديثان يقتضيان تحريم الكلام بالعجمية لقادر على العربية إلا لحاجة والمختار أن ذلك مكروه
قال ابن تيمية : ونقل عن طائفة أنهم كانوا يتكلمون بالكلمة بعد الكلمة من العجمية ، والكلمة بعد الكلمة من العجمية أمرها قريب، وأكثر ما كانوا يفعلون ذلك إما لكون المخاطب أعجميا قال : وأما اعتياد الخطاب بغير اللغة العربية التي هي شعار الإسلام، ولغة القران حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله، أو لأهل الدار، أو للرجل مع صاحبه، أو لأهل السوق، أو للأمراء، أو لأهل الديوان، أو لأهل الفقه فلا ريب أن هذا مكروه ، فإنه من التشبه بالأعاجم وهو مكروه لا سيما واللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون
وقد قال الحنفية في تعليل المنع من لباس الحرير في حجة أبي يوسف ومحمد على أبي حنيفة في المنع من افتراش الحرير وتعليقه والستر به لأنه من ،زي ألاكاسرة والجبابرة، والتشبه بهم حرام
قال عمر: إياكم وزي الأعاجم وقال الشيخ عبد القادر الجيلي - قدس الله سره - : ويكره ما خالف زي العرب، وأشبه زي الأعاجم
وقال : وإذا قدم ما تغسل فيه الأيدي فلا يرفع حتى تغسل الجماعة أيديها لأن الرفع من زي الأعاجم لا سيما وقد ورد أن كلام أهل الجنة بالعربية، لقوله - عليه السلام - : (أنا عربي، والقران عربي، ولسان أهل الجنة عربي)
بل ورد أنه لم ينزل وحي على نبي من الأنبياء إلا بالعربية لقوله - ( - : (والذي نفسي بيده ما أنزل الله - عز وجل - وحيا قط على نبي من الأنبياء إلا بالعربية، ثم يكون بعد ذلك النبي يبلغ قومه بلسانهم) رواه الطبراني في (المعجم الأوسط) وقال : حسن صحيح، ورجاله ثقات والله أعلم "
وكل ما سبق من صفحات مطولة لا فائدة منه لكونها اراء بشرية ليس عليها دليل صحيح من الوحى فالعربية مطلوب تعلمها ن كل المسلمين طبقا للمصحف الحالى حتى تصح صلاتهم
ونجد أن الرجل ذكر خاتمة طويلة لا علاقة لها بمضمون الكتاب وهو شرف النسب وشرف العلم فتحدث الكتاب حديثا مطولا عن تشابه أفعال الأقوال فقال :
"خاتمة
روى البخاري في (صحيحه) عن أبي هريرة - رض الله عنه - عن النبي - ( - قال : (لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي ما أخذ القرون، شبرا بشبر، وذراعا بذراع
فقيل : يا رسول الله كفارس والروم؟ قال : ومن الناس إلا أولئك)
فاخبر عليه السلام أنه سيكون في أمته مضاهاة لفارس والروم وهم الأعاجم فالتشبه بفارس والروم بما ذمه الله ورسوله، لأن الغالب عليهم تعاطي أمورا من أفعال الجبارين والمتكبرين في الملبس والعمائم، والقيام والركوع والسجود لبعضهم، أو القيام بين يديه وهو جالس، إلى غير ذلك من الخصائل المذمومة
و قد قال - عليه السلام - : (من تشبه بقوم فهو منهم)
وإنما نهت الشريعة عن التشبه بمن ارتكب خلاف الشرع لأنه كلما كانت المشابهة أكثر كان التفاعل في الصفات والأخلاق أتم وأكمل، حتى يؤول الأمر إلى أن لا يتميز أحدهما عن الاخر إلا بالعين فقط وهذا أمر محسوس في بني ادم، واكتساب بعضهم أخلاق بعض بالمعاشرة و المشاكلة
بل الأدمي إذا عاشر نوعا من الحيوان اكتسب بعض أخلاقه، ولهذا صار الخيلاء والفخر في أهل الإبل، والسكينة في أهل الغنم، وصار الجمالون والبغالون فيهم أخلاق مذمومة من أخلاق الجمال والبغال، وكذلك الكلابون وصار الحيوان الإنسي فيه بعض أخلاق الناس من المعاشرة والمؤالفة وقلة النفرة
قال ابن تيمية - بعد تقريره هذا الكلام - : وقد رأينا اليهود والنصارى الذين عاشروا المسلمين هم أقل كفرا من غيرهم، كما رأينا المسلمين الذين اكثروا معاشرة اليهود والنصارى هم اقل إيمانا من غيرهم والمشابهة و المشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة و مشاكلة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي، فينشا عنها الأخلاق والأفعال المذمومة، بل في نفس الاعتقادات، وتأثير ذلك لا يظهر ولا ينضبط وقد يتعسر أو يتعذر زواله بعد حصوله
وقد روى الإمام أحمد في (المسند) عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال : عليكم بالمعدية، وذروا التنعم، وزي العجم
أمر بالمعدية، وهي زي معذ بن عدنان وهم العرب، فالمعدية نسبة إلى معد
وقال الإمام مالك - فيما رواه ابن القاسم في (المدونة) - : (قيام المرأة لزوجها حتى يجلس من فعل الجبابرة وربما يكون الناس ينتظرونه فإذا طلع قاموا، في هذا من فعل الإسلام وهو مما ينهى عنه من التشبه بالأعاجم
قال : ويكره ترك العمل يوم الجمعة كفعل أهل الكتاب في السبت والأحد
قيل له : فالرجل يقوم للرجل له الفضل والفقه؟ قال : أكره ذلك، ولا باس أن يوسع له في المجلس
وقال أنس - رض الله عنه - : لم يكن شخص أحب إلى الصحابة من رسول الله - ( - وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلموه من كراهيته لذلك
وقد ثبت في الصحيح من حديث جابر: أنه - ( - صلى بأصحابه قاعدا لمرض كان به، فصلوا خلفه قياما، فأمرهم بالجلوس وقال : (لا تعظموني كما يعظم الأعاجم بعضهم بعضا)
وقال : (من سره أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار)
قالع ابن تيمية : فإذا كان - عليه السلام - قد نهاهم مع قعوده وإن كانوا قاموا في الصلاة حتى لا يتشبهوا بمن يقومون لعظمائهم، وبين أن من سره القيام له كان من أهل النار، فكيف بما فيه من السجود له أو وضع الرأس وتقبيل الأيدي ونحو ذلك؟! وبالجملة فقد دخل في هذه الأمة من الأثار الرومية والفارسية قولا وعملا وتشبها مما لا خفاء به على مؤمن عليم بدين الإسلام، وليس الغرض هنا تفصيل الأمور التي وقعت في الأمة من ذلك وإنما الغرض مجرد التلويح رجاء أن يقف عليه مؤمن موفق فينتفع به، ولمجمل بموجبه وفي الحديث : (ما ابتدع قوم بدعة إلا نزع الله عنهم من السنة مثلها)
نعوذ بالله من شر الابتداع، ونسأله - سبحانه - حسن الاتباع لما كان عليه جماعة السلف الصالحين من الصحابة والتابعين والسابقين الأولين من الأرض والمهاجرين، وأساله - سبحانه - حسن الخاتمة في خير وعافية، امين "