الأحد، 31 يناير 2021

نقد كتاب مشروعية الاستخارة وأنها ليست من الاستقسام بالأزلام

نقد كتاب مشروعية الاستخارة وأنها ليست من الاستقسام بالأزلام
البحث تأليف لطف الله الصافي الگلپايگاني وهو يدور الاستخارة والاستقسام وهو نقد لمقال كتبه محمود شلتوت أحد شيوخ الأزهر السابقين وفى هذا قال الصافى:
"قال الله تعالي (حرمت عليکم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أکل السبع إلا ما ذکيتم وما ذبح علي النصب وان تستقسموا بالأزلام)
قرأت في (رسالة الإسلام) التي تصدرها دار التقريب بالقاهرة جزء في تفسير القرآن الکريم للأستاذ الشهير (الشيخ محمود شلتوت) ووقفت فيه علي ما کتب حول تفسير هذه الآية الکريمة وقوله تعالي (وان تستقسموا بالأزلام)، وما اختاره فيه وقد ألحق فيما ألحق بالاستقسام بالأزلام، من الطرق بالحصي و ضرب الفول والرمل، الاستخارة من الله تعالي بالقرآن الکريم، وحبات السبحة المأثورة من أئمة أهل البيت و زعم أن کل ذلک ينافي احتفاظ الانسان بعقله، وان القرآن المجيد يصير بذلک- والعياذ بالله- أداة الشعوذة ولا يخفي عليک أنه إنما قال ما قال، لأنه لم يتحصل أولا معني الاستقسام بالأزلام، وثانيا لم يتفهم حقيقة الاستخارة، وانها لم ترد في مورد استقل العقل بحسن فعله أو ترکه، أو حکم الشرع برجحان فعله أو ترکه، ولا تنافي کرامة القرآن المجيد وكونه کتاب الهداية والإرشاد بالتي هي أقوم، کما أنه لا ينافي ذلک التبرک به وبآياته، وقراءته لأجل الثواب، و حصول بعض المقاصد کشفاء الأمراض مما هو مجرب ومأثور في الأحاديث الکثيرة المتواترة."

الرجل يرفض ما جاء فى بحث شلتوت عن حرمة الطرق بالحصي وضرب الفول والرمل، الاستخارة من الله تعالي بالقرآن الکريم، وحبات السبحة وهو يرجع هذا إلى تأثر شلتوت بالثقافة المادية فيقول:
"غير أن التأثر بالثقافة المادية المسيطرة علي الأفهام والمشاعر، يريد أن لا يقبل تأثير عالم الغيب في عالم الشهادة، ويريد أن لا يؤمن بعلل غير مادية وتأثيرات غيبية، فينکر أثر التوکل والتفويض والدعاء والصدقة ولذا تري بعضهم ينکرون معجزات الأنبياء، وما صدر منهم من خرق العادات في عالم المادة، کقلب العصا بالثعبان، ومعجزة صالح، وحوت يونس، واحياء الموتي، وابراء الأکمه والأبرص، و نصرة النبي (ص) بالملائکة ومن لا ينکر ذلک منهم يؤوله، ويري الإيمان به ضربا من الإيمان بالخرافات، ويعد إنکاره نوعا من الثقافة. وفتح باب ذلک في الکتاب والسنة، يقلب الشريعة ظهرا لبطن- أعاذنا الله من شر هذه الثقافات-."
الصافى هنا يرجع ما قاله شلتوت إلى شيوع الثقافة المادية وهو كلام ألقاه على عواهنه دون تقديم أى دليل وهو يعيب على الرجل أنه يعيد الأمور إلى الأخذ بالأسباب مع أن الله هو من طالبنا بذلك فى أقوال عدة منها :
" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
وقوله :
" خذوا حذركم"
وقوله:
" قل انظروا ماذا فى السموات والأرض"
وقوله :
" ثم ارجع البصر كرتين"
ويكرر الرجل ان ما قاله شلتوت حول الطرق بالحصي وضرب الفول والرمل، الاستخارة من الله تعالي بالقرآن الکريم، وحبات السبحة فيقول عنها انها مظهر إيمانى فيقول:
"وفي الاستخارات المأثورة التي هي ليست إلا مظهرا من مظاهر الإيمان بالله وطلب الخير أومعرفته منه أيضا يتبعون هذه الثقافة التي ليست من التفکير الإسلامي بشيء، فينکرونها، ويلحقونها تارة بأفعال المشرکين وعاداتهم، و تارة بما لم يرد فيه حديث ورواية، ولم يثبت شرعيته من جانب الشرع."
وشرع الصافى فى نقل ما قاله شلتوت ورد عليه فقال:
"هذا ولزيادة البحث حول تفسير هذه الجملة الشريفة القرآنية، (وان تستقسموا بالأزلام)، نذکر کلام الشيخ المذکور، ثم نتکلم حول تفسيرها بحول الله وقوته
قول الشيخ محمود شلتوت في الاستخارة بالقرآن و حبات السبحة المأثورة من أئمة أهل البيت وتعريضه بأنه يشبه من وسائل الاستقسام:
"قال الشيخ محمود شلتوت (ويلحق بهذا النوع الذي حرمه الله علي الإنسان احتفاظا بعقله، ما يشبه من وسائل الاستقسام التي يعتادها الناس اليوم کالطرق بالحصي، و ضرب الفول والرمل، والاستخارة بحبات السبحة، ومن أقبح أنواع الاستخارة الاستخارة بالقرآن الکريم الذي جرت به عادة بعض المسلمين، وصار شأنا معروفا حتي عند أهل العلم والدين، وما کان الله ليرضي أن يکون کتاب هدايته وارشاده بالتي هي أقوم في الحياة العقلية والروحية والعملية، أداة الشعوذة أو لعبة يد عابث أومضلل أو محتال).

بداية لم يقل شلتوت أن من يقومون بتلك الضروب من الخبل هم الشيعة كما أوهمنا الصافى بتكرار كلامه أن هذا عمل أهل البيت وإنما قال بالنص الذى نقله الصافى "جرت به عادة بعض المسلمين"ولأن شلتوت عاش ومات فى مصر الحالية فهو يتحدث فى الغالب عما يقوم به بعض الصوفية والغجر والدجالين فى مصر وهو أمر ما زال مستمرا فى بعض جهات مصر الحالية
ثم ذكر الصافى الأقوال فى تفسير الاستقسام بالأزلام فقال:
"أقول: في تفسير الاستقسام بالأزلام أقوال:
القول الأول: أن المراد بالاستقسام بالأزلام، طلب معرفة الخير والشر
، وما قسم في مستقبل الحياة واستعلامها، من عند الأصنام. وعلل بعضهم حرمة ذلک علي تضمنه العقيدة بالأصنام، و رده بعضهم بأن ذلک لم يکن في جميع الأحوال عند الأصنام، فربما کان مع الرجل زلمان، يستقسم بهما إذا شاء. ويرد ذلک بأن هذا لا ينافي کون العلة تکريم الأصنام، فإن الظاهر أن الأصل في ذلک عندهم أن يکون عند الأصنام، وعند تعذر الحضور في بيت الصنم يستقسم بما معه من الأزلام، کما أن الظاهر أن هذا ليس من العلة المنحصرة، فيمکن أن يکون لحرمته علل اخري.

وكيف کان، قال في لسان العرب (قال الأزهري): الاستقسام مذکور في موضعه، والأزلام کانت لقريش في الجاهلية مکتوب عليها أمر و نهي، وافعل ولا تفعل، قد زلمت وسويت ووضعت في الکعبة، يقوم بها سدنة البيت فإذا أراد رجل سفرا أو نکاحا، أتي السادن، فقال: اخرج لي زلما. فيخرجه وينظر إليه، فإذا خرج قدح الأمر، مضي علي ما عزم عليه، وان خرج قدح النهي، قعد عما أراده، و ربما کان مع الرجل زلمان، وضعهما في قرابه، فإذا أراد الاستقسام أخرج أحدهما).
وقال أبو البقاء في تفسيره (کانت سبعة عند سادن الکعبة، عليها أعلام، کانوا يحکمونها فإن أمرتهم ائتمروا، وان نهتهم انتهوا).
و روي الطبري في تفسيره عن ابن إسحاق، قال: کانت هبل أعظم أصنام قريش بمکة، وكانت في بئر في جوف الکعبة، وكانت تلک البئر هي التي يجمع فيها ما يهدي للکعبة. وكانت عند هبل سبعة أقداح، کل قدح منها فيه کتاب- إلي أن قال: - کانوا إذا أرادوا أن يجيبوا غلاما، أو أن ينکحوا منکحا، أو أن يدفنوا ميتا، أو يشکوا في نسب واحد منهم، ذهبوا به إلي هبل بمائة درهم وبجزور، فأعطاها صاحب القداح الذي يضربها، ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون، ثم قالوا: يا إلهنا هذا فلان بن فلان، قد أردنا به کذا وكذا، فاخرج الحق فيه، الخ.
وهذا کما تري يدل علي عدم انحصار الاستقسام بالأزلام بمعرفة الخير والشر، بل يعمها ومعرفة الحق عند اختلافهم فکأنهم يحکمونها أو يحکمون الصنم الذي يستقسمون بالأزلام عنده.
وقال القفال: ذکر هذا في جملة المطاعم، لأنه مما أبدعه أهل الجاهلية، وكان موافقا لما کانوا فعلوه في المطاعم، وذلک أن الذبح علي النصب إنما کان يقع عند البيت، وكذا الاستقسام بالأزلام کانوا يوقعونه عند البيت إذا کانوا هناک.

وقال بعضهم: وانما حرم ذلک لأنهم کانوا يحملون تلک الأزلام عند الأصنام وهذا القول هو اختيار جمهور کما نقل الرازي في تفسيره.
إلا أن سياق الآية يأبي عن ذلک، فإن الله تعالي قال في أول السورة (أحلت لکم بهيمة الأنعام) ثم ذکر استثناء أشياء بقوله تعالي (إلا ما يتلي عليکم). وفي هذه الآية الکريمة ذکر تلک الصورة المستثناة، واستثناء الاستقسام علي هذا التفسير من العموم المستفاد من قوله تعالي (أحلت لکم بهيمة الأنعام) مع أنه ليس من المطاعم علي هذا القول لا يستقيم، و ذکره في جملة المطاعم أيضا ينافي هذا القول و توجيه القفال بعيد من الظاهر.
القول الثاني: ما نقله الرازي و غيره و هو أن الاستقسام هو الميسر المنهي عنه وقال: إنه قول المؤرج وكثير من أهل اللغة، و هو أن الاستقسام هو الميسر المنهي عنه، والأزلام، قداح الميسر. والي هذا يرجع ما حکي عن مجاهد من أنه کعاب فارس والروم التي کانوا يتقامرون بها، وما حکي عن أبي سفيان بن وکيع من أنه هو الشطرنج
وهذا القول إن کان راجعا إلي أن الاستقسام هو من افراد الميسر المنهي عنه، يرجع إلي القول الثالث المروي عن أهل البيت الطاهرة عليهم السلام، وإن کان المراد منه الاستقسام بمطلق الميسر، يرده السياق والظاهر، کما رددنا به القول الأول. نعم تفسير الأزلام بقداح الميسر وبما يتقامرون به لا ينافي هذا السياق.
القول الثالث: وهو القول الحق لأنه مروي عن أئمة أهل البيت
الذين جعلهم النبي (ص) عدلا للقرآن، وقال (إنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض).

وهذا القول کما في (مجمع البيان) وغيره، روي عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر بن علي بن الحسين، وابنه جعفر بن محمد الصادق و هو (إن الأزلام عشرة، سبعة لها انصباء، و ثلاثة لا أنصباء لها، وكانوا يعمدون إلي الجزور فيجزءونه أجزاء، ثم يجتمعون عليه، فيخرجون السهام ويدفعونها إلي رجل، و ثمن الجزور علي من تخرج له التي لا أنصباء لها، وهو القمار، فحرمه الله تعالي).
و ذکر هذا القول، أبوالسعود في تفسيره إلا أنه ترک التنويه بذکر قائله ، فقال:
وقيل هو استقسام الجزور بالأقداح علي الانصباء المعهودة. و ذکره البيضاوي والسيوطي و غيرهما وقال الآلوسي في (روح المعاني): وقيل المراد بالاستقسام بالأزلام، استقسام الجزور بالأقداح علي الانصباء المعلومة، أي طلب قسم من الجزور أوما قسم الله تعالي منه، وهذا هوالميسر وقد تقدم ذلک وروي علي بن إبراهيم عن الأئمة الصادقين رضي الله تعالي عنهم، ورجح بأنه يناسب ذکره مع محرمات الطعام انتهي کلام الآلوسي.
وهذا القول، هو القول الموافق لسياق الآية وما قبلها من الآيات.
ومن هذا القول يعرف المنصف أن الأمة لو تمسکوا بالکتاب والعترة، واخذوا العلم من أهله، واتبعوا هدي أهل البيت أمنوا من الضلال والاختلاف ومن القول بغير علم و تفسير القرآن بالرأي، ويعرف أن رسول الله (ص) لم يأمر الامة بالرجوع إلي أهل بيته إلا لفضائل اختصهم الله بها، ولأن الله تعالي أمره بذلک.
وقد فسر الزمان سر ذلک، فصدر منهم في المعارف الإسلامية والعلوم الحقيقية من التوحيد والتفسير والفقه والحديث والأخلاق والآداب و شرح معالم الإنسانية، ما لم يصدر عن أحد بعد رسول الله (ص)، قد اعترف بذلک الموافق والمخالف"

ما نقله الصافى هنا من تفسيرات هو عينه ما قاله شلتوت فى تفسيره حيث قال :
"والأزلام قطع من الخشب تشبه السهام والاستقسام هو طلب معرفة مستقبل الحياة عن طريق هذه القطع الخشبية وذلك أنهم إذا أرادوا سفرا أو غزوا أو زواجا أو بيعا وترددوا فيما يريدون أخير هو فيقدمون عليه أم شر هم فيحجمون عنه عمدوا إلى هذه الأزلام فأجالوها فى الأقداح ......" ص228 وص229تفسير القرآن الكريم لمحمود شلتوت
والرجل لم يتعرض للشيعة فى تفسير الآيات وكما قلنا ما ذكره عن بعض المسلمين يشير بذلك إلى ما يجرى فى فرق موجودة فى مصر هم بعض الصوفية والغجر والدجالين
واستمر فى البحث قائلا:
"ثم إن من جميع ذلک يظهر أن لا وجه لإلحاق الاستخارة بالقرآن المجيد وبحبات السبحة، بالاستقسام بالأزلام لوجود الفرق بين الاستقسام بالأزلام وبين الاستخارة فإن حقيقة الاستقسام علي القول الأول الذي ظهر لک ضعفه، يرجع إلي الشرک، واستعلام ما يکون في المستقبل، وطلب معرفة الخير والشر من الأصنام. والاستخارة حقيقتها، الدعاء، وطلب الحاجة، ومعرفة الخير من الله تعالي علام الغيوب.
والفرق بينهما، هو الفرق بين الشرک والتوحيد، مع أنه ليس في الاستخارة طلب معرفة ما يقع في مستقبل الحياة مثل الموت والمرض ووجدان الضالة وغيرها مما يکون مآله طلب معرفة الغيوب.
وانما يستفاد منها إذا کان مؤداها الخير، أن الأمر کيف وقع، ووقع أم لم يقع، يکون فيه الخير، وان ما يقع هو اصلح الأمرين أو الامور ومثل هذا إنما يؤثر في الإقدام علي الفعل أو ترکه، ولهذا ورد النهي عن التفؤل بالقرآن دون الاستخارة به. فإن التفاؤل إنما يکون فيما سيقع کشفاء المريض وقدوم المسافر وغيرهما، بخلاف الاستخارة، فإنها طلب لمعرفة الرشد وما فيه الخيرة فعلي هذا الاستخارة بالقرآن الکريم وبالسبحة، ليست مخالفة للکتاب، ولا مانعا من هدايته وارشاده للتي هي أقوم، ولو قلنا بالقول الأول في تفسير الاستقسام. واما بحسب القول الثاني والثالث، فلا ارتباط بين الاستقسام والاستخارة أصلا، ولا وجه لإلحاقها به"

نص ما قاله شلتوت فى تفسيره هو :
"ويلحق بهذا النوع الذى حرمه الله على الإنسان احتفاظا بعقله ما يشبهه من وسائل الاستقسام التي يعتادها الناس اليوم کالطرق بالحصي، وضرب الفول والرمل، والاستخارة بحبات السبحة، ومن أقبح أنواع الاستخارة الاستخارة بالقرآن الکريم الذي جرت به عادة بعض المسلمين"
الرجل هنا لم يقل أن الاستقسام هو الاستخارة وإنما قال ما يشبهه والتشابه يكون فى بعض دون بعض لأنه لو كان تشابها تاما لكان هو نفسه
وقبل المضى فى بقية البحث أقول الاستقسام بالأزلام هو أى قسمة ظالمة نتيجة لعبة ما يختار فيها المقتسمين كل واحد شىء ما فبعضهم يدفع مالا سواء نقدا أو عينا وبعضهم يأخذ مالا دون وجه حق أى بألفاظ أخرى جماعة يخسرون مالهم وجماعة يكسبون مال الخاسرين
ومن ثم لا علاقة له بالغيب ثم قال :
"وبعد ذلک، فلا بأس بذکر بعض ما ورد في الاستخارة من الأحاديث فنقول: دلت الروايات من طرق العامة علي استحباب الاستخارة ومطلوبيتها:
فمنها: ما أخرجه أحمد والبخاري و غيرهما من أرباب السنن والمسانيد عن جابر بن عبد الله، قال: کان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الامور کلها کالسورة من القرآن، يقول (إذا هم أحدکم بالأمر فليرکع رکعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرک بعلمک، واستقدرک بقدرتک) الحديث.ومنها: ما أخرجه أحمد في مسنده، ج 1 ص 168، قال رسول الله (ص): (من سعادة ابن آدم، استخارته الله، ومن سعادة ابن آدم، رضاه بما قضاه الله، ومن شقوة ابن آدم، ترکه استخارة الله، ومن شقوة ابن آدم، سخطه بما قضي الله عز و جل).
وعن انس بن مالک، لما توفي رسول الله (ص)، قال: کان رجل ملحد (يلحد)، واخر يضرح، فقالوا: نستخير ربنا. فبعث (فنبعث) إليهما، فأيهما سبق ترکناه فأرسل إليهما، فسبق الله صاحب اللحد، فألحدوا له.
و هذا الحديث يدل علي أن الاستخارة بالسبحة جائزة، لا إشکال في جوازها.
واما الأخبار من طرقنا، فأکثر من أن تحصي:
فمنها: ما رواه ثقة الإسلام في (الکافي) بسند صحيح، قال: قال أبوعبد الله (صل رکعتين، واستخر الله. فوالله ما استخار الله مسلم إلا خار له البتة).
ومنها: ما روي عن البرقي في (المحاسن) عن أبي عبد الله عليه السلام، قال (قال الله عز و جل: من شقاء عبدي أن يعمل الأعمال، فلا يستخيرني).
ومنها: ما روي عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله قال: قلت له: ربما أردت الأمر، تفرق مني فريقان، أحدهما يأمرني، والآخر ينهاني. قال: فقال (إذا کنت کذلک، فصل رکعتين، واستخر الله مائة مرة ومرة، ثم انظر أجزم الأمرين لک، فافعله، فإن الخيرة فيه إن شاء الله).
وفي رواية عن أبي الحسن (ثم انظر أي شيء يقع في قلبک، فاعمل به)
وفي رواية اليسع القمي عن أبي عبد الله (انظر إذا قمت إلي الصلاة فإن الشيطان أبعد ما يکون من الإنسان إذا قام إلي الصلاة، أي شيء يقع في قلبک، فخذ به، وافتح المصحف، فانظر إلي أول ما تري فيه، فخذ به إن شاء الله تعالي).

وربما يستخار لرفع التحير و طلب تعرف ما فيه الخيرة بالسبحة، و هي أيضا مروية في طرقنا عن الصادق ، وكذا بالرقاع، و هي أيضا مروية عن أبي عبد الله.
بحث حول الاستسقام (مشروعية الاستخارة)، ص: 8
ومنها: ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام (إذا أراد أحدکم شيئا، فليصل رکعتين، ثم ليحمد الله وليثن عليه، ويصلي علي محمد واهل بيته، ويقول: اللهم إن کان هذا الأمر خيرا لي في ديني و دنياي، فيسره لي واقدره، وان کان غير ذلک، فاصرفه عني)، الحديث.
ومنها: ما روي في (الکافي) عن أبي جعفر قال (کان علي بن الحسين إذا هم بأمر حج وعمرة أوبيع أو شراء أوعتق، تطهر، ثم صلي رکعتي الاستخارة وقرأ فيهما سورة الرحمن والحشر، والمعوذتين وقل هوالله أحد إذا فرغ و هو جالس في دبر الرکعتين، ثم يقول: اللهم إن کان کذا وكذا خيرا لي في ديني و دنياي وعاجل أمري واجله، فصل علي محمد واله ويسره لي علي أحسن الوجوه واجملها، اللهم وان کان کذا وكذا شرا لي في ديني و دنياي واخرتي وعاجل أمري واجله، فصل علي محمد واله واصرفه عني).
ومنها: ما روي عن محمد بن خالد أنه سأل أبا عبد الله عن الاستخارة. فقال:
(استخر الله في آخر رکعة من صلاة الليل، وانت ساجد، مائة مرة ومرة)، قال: کيف أقول؟ قال (تقول: أستخير الله برحمته، أستخير الله برحمته).
وغيرها مما هو مذکور في جوامع الحديث."

ذكر الرجل روايات السنة والسبعة وليس فيها رواية واحدة تقول الاستخارة بالقرآن عدا رواية وهى رواية اليسع القمى عن أبى عبد الله وفيها يقول " وافتح المصحف، فانظر إلي أول ما تري فيه، فخذ به إن شاء الله تعالي"
وهى رواية لو أخذ الإنسان بها فإنه سيكفر لأنه نظر قد يقع على أمر مثل هيت لك أو اكفر أو اقتلوا يوسف أو ذرونى أقتل موسى أو استحيوا نساءهم أو غير ذلك من أقوال الكفار هل سيأخذ المسلم بتلك الأقوال التى معظمها محرم؟
أو مثلا يريد تسمية ابنه أو ابنته قد يقع نظره أول ما يقع على كلمة نار أو سقر أو جهنم أو إبليس أو الشيطان فهل سيسمى بهم الأولاد ؟
قطعا لا ومن ثم فكلام شلتوت صحيح عن حرمة ذلك العمل
وحكايى الأخذ بالسبحة وهو السبق من الرواية التالية" وعن انس بن مالک، لما توفي رسول الله (ص)، قال: کان رجل ملحد (يلحد)، واخر يضرح، فقالوا: نستخير ربنا. فبعث (فنبعث) إليهما، فأيهما سبق ترکناه فأرسل إليهما، فسبق الله صاحب اللحد، فألحدوا له"
هو ضرب من الجنون للتالى :
أولا ليس هذا قول من النبى(ص) أو فعل منه حتى يمكن الأخذ به عند الفريقين؟
ثانيا لو اعتبرنا السبق حكم فهو حكم ظالم لأن القوم عندما استبقوا كما زعموا حدثت مصيبة كاذبة أكل الذئب ليوسف(ص) ومثلا لو تسابق الناس إلى الاستحواذ على الأراضى فسيكون هذا ضرب من الجنون الذى يعنى توزيع الثروة بالظلم حيث أن المعاقين لن يصيبوا شىء منها ومثلا من ذهب لخطبة امرأة أولا ستكون من نصيبه ولو رفضت زواجه لأنه السابق إلى الخطبة
ثم قال :
"ولا يخفي عليک أنه يستفاد من مجموع هذه الأحاديث أن الاستخارة نوعان:
النوع الأول: مجرد طلب الخير بالدعاء، کما دلت عليه رواية محمد بن خالد.

النوع الثاني: طلب تعرف ما فيه الخير من الله تعالي، أو طلب العزم علي ما فيه الخيرة، کما دل عليه خبر اليسع القمي واحاديث الاستخارة بالرقاع وبالقرآن المجيد وبالسبحة و حديث إسحاق بن عمار. ومحل هذا النوع، تحير المستخير في أمرين مباحين، أومستحبين، بل ومکروهين إذا لم يکن طريق لمعرفة رجحان أحدهما علي الآخر، لا من الشرع ولا من العقل، ولا من أحد يشاوره.
فإذا صار حاله کذلک، ولم يأت منه الجزم علي أحد الطرفين، يستخير الله تعالي لرفع تحيره و تحصيل الجزم علي أحد الطرفين، ويعمل علي مؤدي استخارته، ويبني علي أن ذلک هوالأرجح، کما أنه يصير أرجح أيضا من جهة أداء استخارته إليه وكونه عملا بما خار الله تعالي له."

الاستخارة هى دعاء وليست صلاة لأن الصلوات معروفة محددة من زاد عنها فقد ابتدع ولم تذكر بهذا الاسم فى القرآن ومن يلجأ لها فى الأمور الاختيارية كاختيار زوج أو زوج أوعمل ما او تسمية ابن او ابنة أو غير هذا او غير هذا من الأمور المباحة فله ذلك ولكن هذاا الدعاء لا يعنى عن التفكير لأن الله قد لا يظهر للداعى أى علامة تدل على اختيار ما بل إن بعض العلامات كالأحلام قد تكون معكوسة فهى تقول بزواج فلانة ومع هذا يتزوج عيرها وأحيانا يظهر لها فى الخلم زواج امراة متزوجة ومن ثم فالتفكير فى هذه الأمور الاختيارية هو الحل ومع التفكير وحتى الدعاء قد لا يكونان حلا فمثلا تفكر فى زواج فلانة وتستخير وتتخذ القرار وتفاجىء عند الذهاب لخطبتها انها خطبت لغيرك ومن ثم على المسلم أن يعرف أن الزواج واختيار الأسماء والوظائف وغيرها من الخيارات هى أمور لا تعتمد على جهده وفكره وحده رغم أن مثلا القانون الوضعى قد يجعل طريق المتفوق دراسيا واضح وهو التعيين كمعيد فى الجامعة لأنه كان الأول على القسم أو على الكلية ويفاجىء المتفوق أن الظلمة من أساتذة الجامعة قد تركوه وعينوا قريبا لهم رغم أنه لم يحصل على أى ترتيب فى الأوائل المفروض تعيينهم وحتى فى دولة العدل من باب الآيثار يخص المسلم أخاه بوظيفته التى يتمناها ويمسك وظيفة أخرى حبا له أو تضطر ظروف كثرة اقبال شباب المسلمين على كليات أو أقسام معينة أن تطلب إدارة الكليات من الطلاب أن يغير بعض أقسامهم برضاهم أولا فإن وافق النسب الوظيفية المطلوبة فبها وحسنت وإلا اضطرت الإدارة إلى عمل امتحان لكل من تقدم للأقسام المقبل عليها حتى تستبعد العدد الزائد الذى عليه أن يختار أقسام أخرى تحتاج دولة المسلمين إلى موظفين فيها

السبت، 30 يناير 2021

قراءة فى كتاب شكوى القرآن

قراءة فى كتاب شكوى القرآن
الكتاب تأليف محمد اليعقوبي وهو من المعاصرين وهو يدور حول فضائل القرآن وأوصافه ويذكر الرجل فى المقدمة آية هجر القرآن وما حولها فيقول:
"ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا،الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا، ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا، وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا، وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا، وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا، ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا:
وقد بين الرج كون القرآن هو طريق معرفة الله وأنه طريق صلاح النفس فقال:
"القرآن طريق الوصول إلى المعرفة بالله تبارك وتعالى فمن اراد الله سبحانه وطلب الوصول اليه لان أول الدين معرفته تبارك وتعالى فعليه بالقرآن فقد ((تجلى الله تعالى في كتابه لخلقه ولكن لا يبصرون))، كما هو مروي عن أمير المؤمنين ومن اراد اصلاح نفسه وتهذيبها وتخليصها من امراضها فعليه بالقرآن ومن اراد اصلاح مجتمعه وإقامة أمره على السلام والسعادة والطمأنينة فعليه بالقرآن فانه الدليل لكل هدى والمرشد لكل خير وصلاح, ومن العجب انك حين يعطل جهاز تذهب إلى الجهة المصنعة له لكي تصلحه فان صانع الشيء خبير به, واذا مرضت ـلاسمح الله ـفتذهب إلى الطبيب المختص لكي يعالج المرض, ثم عندما تريد ان تصلح النفس الانسانية ذات الاسرار الغامضة الخافية عن صاحبها فضلا عن غيره, أو ان تضع نظاما يكفل للبشرية سعادتها واصلاحها تلتمس العلاج عند نفس البشر الناقصين العاجزين القاصرين. ولا تذهب إلى صانع هذا الانسان وخالقه ومصوره والعارف بالنفس البشرية"
كما بين أن التجربة فى عهد النبى(ص) أثبتت فاعلية القرآن فى تغيير الأخلاق وتوجه المجتمع نحو العدل فقال:
"وقد صدقت ذلك أي فاعلية القرآن في اصلاح النفس والمجتمع التجربة العظيمة لرسول الله (ص)فان مقارنة بسيطة بين مجتمع ما قبل الاسلام وما بعده والنقلة الضخمة التي حصلت للأمة من أناس همج جهلة متشتتين قد تفشت بينهم الرذائل يتفاخرون بالمنكرات والقبائح إلى أمة متحضرة كريمة الاخلاق ذات نظام لم ولن تعرف البشرية البعيدة عن الله سبحانه مثله وبفترة قصيرة وكل ذلك ببركة هذا الكتاب الكريم وحمله العظيم."
وبعد هذا بين اليعقوبى حاجة الناس فى عصرنا إلى العودة لطاعة القرآن كى يعود العدل والصلاح بدلا من جعله موجود كشكل او صورة فى بعض الأمور فقال:
"حاجتنا إلى اعادة القرآن إلى الحياة:
فنحن اذن بحاجة إلى اعادة فاعلية القرآن في حياة المسلمين واخراجه من عزلته بحيث اقتصر وجوده على المآتم التي تعقد للموتى والعوذ والاحراز وقد ورد في بعض الكلمات ((إن آخر هذه الأمة لاينصلح الا بما صلح به أولها))، وقد صلح أولها بالقرآن فاذا اردات الأمة ان تستعيد عافيتها وتعود إلى رشدها فعليها بالقرآن, عن المقداد عن رسول الله (ص)انه قال في حديث: ((فاذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فانه شافع مشفع وماحل مصدق ومن جعله امامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار وهو الدليل يدل على خير سبيل))، وقال أمير المؤمنين في بعض خطبه: ((واعملوا ان هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش والهادي الذي لايضل, والمحدث الذي لا يكذب, وما جالس هذا القرآن أحد الا قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى ونقصان من عمى , واعلموا انه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة ولا لاحد قبل القرآن من غنى فاستشفعوه من ادوائكم واستعينوا به على لأواءكم فان فيه شفاءا من أكبر الداء وهو الكفر والنفاق والغي والضلال فاسألوا به وتوجهوا اليه بحبه ولا تسألوا به خلقه إنه ما توجه العباد إلى الله بمثله, واعملوا انه شافع مشفع وقائل ومصدق وانه من شفع له القرآن يوم القيامة صدق عليه فانه ينادي مناد يوم القيامة: ((الا إن كل حارث مبتلى في حرثه وعاقبة عمله غير حرثة القرآن))، فكونوا من حرثته واتباعه واستدلوه على ربكم واستنصحوه على انفسكم واتهموا عليه اراءكم واستغشوا فيه اهواءكم)) "
ما ذكره الرجل صحيح وما رواه عن على كلام صحيح ولكن يد الوضع لمتجعل القول سليما فى قوله "ينادي مناد يوم القيامة: ((الا إن كل حارث مبتلى في حرثه وعاقبة عمله غير حرثة القرآن))فهذا القول لم يذكره الله فى الوحى كما أنه لو صدر قول مثل هذا فلن يخص القرآن وإنما سيعمم الكلام على الوحى المنزل من أول آدم(ص) وحتى محمد(ص)
ثم ذكر اليعقوبى اهتمام النبى(ص) بالقرآن فقال :
"اهتمام النبي (ص) وأهل بيته بالقرآن:
ولقد بلغ اهتمام اهل البيت بالقرآن اقصاه حتى قال الإمام السجاد : ((لو مات من بين المشرق والمغرب لما استوحشت بعد ان يكون القرآن معي))
لقد أمر رسول الله (ص)بتلاوة القرآن"

وما ذكره اليعقوبى من الاهتمام يبدو هنا ناقصا فقد ذكر قول واحد عن السجاد ولم يكلف نفسه ذكر شىء عن النبى(ص)
وتحت عنوان شرح لبعض اوصاف القرآن ذكر بعض الأوصاف للقرآن فقال:
"شرح لبعض اوصاف القرآن:
ولكن هذا الشرح الاجمالي لصفات القرآن غير كافية, لذا أرى من الضروري تقديم شرح اكثر تفصيلا لبعض هذه الصفات مما لها آثار اجتماعية أو أخلاقية تاركا البعض الآخر إلى التفاسير المطولة في موارد الآيات التي ذكرتها, وانما اذكر هذه الاوصاف ليس فقط للتعرف على القرآن بل للتعرف على أهل البيت لأنهم عدل الكتاب وهما صنوان لا يفترقان فاذا كان القرآن ينطق بالحق فانهم مع الحق والحق معهم وهو لايأتيه الباطل وهم معصومون وهو الكتاب قيمومة وسلطنة على الناس وهم ائمتهم وهكذا:"
بالقطع القول عن كون أهل البيت عدل الكتاب فهو كلام باطل فلا شىء مع كتاب الله فلم يأمر الله ان نتحاكم إلى بشر كأهل البيت وإنما أنمرنا أن نتحاكم إليه أى إلى كتاب الله وهو الوحى المنزل فقال :
"وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله"
وقال :
" ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"
وأما كونهم الأئمة معصومون من الخطأ وهو ارتكاب الذنوب فهذا ما لا دليل عليه من وحى وإنما الدليل على ضده وهو أن الرسول الأخير(ص) أذنب كما قال تعالىله :
" واستغفر لذنبك"
وقال :
" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر"
وأما كونهم أهل البيت فلا دليل عليه فأهل البيت هم زوجات النبى(ص) وبناته وقد انتهى وجود أهل البيت بموتهن والدليل على كون النساء أهل البيت قول الملائكة لزوجة إبراهيم(ص) فى الآيات التالية:
" وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها باسحق ومن وراء اسحق يعقوب قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا إن هذا لشىء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد"
صم ذكر الوصف الأول وهو كون القرآن مبارك فقال
"مبارك
أي كثير البركة وهو كذلك من عدة جهات فهو مبارك في محل صدوره لانه نازل من الله تبارك وتعالى المتفضل المنان مفيض النعم التي لاحصر لها ولا عد, ومبارك في محل نزوله وهو قلب رسول الله (ص)الرحيم الكريم الذي ارسل رحمة للعالمين ومبارك في اثاره ففيه الهداية والخير والسعادة في الدنيا والاخرة وفيه نظام حياة البشرية وقوامها وحفظ كيانها وفيه السلام والطمأنينة, ومبارك في حجمة فهو كتاب واحد الا ان جميع ارباب العلوم والمعرفة يغترفون منه وهو معين لا ينضب فتجد الأصولي والفقيه والنحوي والاديب والمفكر والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والطبيب والمشرع والحاكم يأخذون منه ويستدلون بآياته ومع ذلك يبقى خالدا معطاء وهذا دليل نزوله من الله فان هذا كله مما لايمكن لكتب عديدة ان تضمه وتحويه وهو مبارك بعدد الذين اهتدوا على يديه وتنورت قلوبهم وعقولهم ببركته."

وكان يكفى اليعقوبى أن يقول أنه نافع فى كل الأحوال ثم ذكر الوصف الثانى فقال:
"عزيز:
أي يصعب مناله فانه في كتاب مكنون وحقائقه العليا محفوظة في اللوح المحفوظ وما هذه الكلمات الا امثال لتقريب تلك المعاني إلى اذهان البشر المستأنسة بالماديات والتي لاتسمو لتنال تلك الحقائق, نعم, يمسها ويصل اليها ويعيها المطهرون الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وهم آل محمد (ص)وقد سمعت أمير المؤمنين يقول: اننا لا نملك علما أكثر من فهم لهذا الكتاب, وهو عزيز بمعنى يندر وجود مثله وهو كذلك لانه كلام من ليس كمثله شيء, وهو عزيز أي ممتنع عن ان ينال بسوء, فيكون بمعنى الآيه الشريفة"
وعزة القرآن أى منعته تتمثل فى كونه فى مكان لا يقدر أحد على أن ينال منه بتحريف أو محو أو غير ذلك وهوكعبة الله التى لا يقدر أحد على ـن يقرر أن يرتكب فيه جريمة صغرت أو كبرت وليس أن يفعلها كما قال تعالى :
" ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم"

ثم تحدث اليعقوبى عما عاينه من فضل القرآن عليه فقال:
"الحياة في كنف القرآن:
وقد جربت الحياة في كنف القرآن وعشت في رعايته سنين في ريعان الشباب كنت أختمه في السنة عشرين إلى خمس وعشرين مرة حتى خالط لحمي ودمي وفكري ولساني وقلبي وكنت مع تلاوتي له اقرأ بامعان في تفسيرين مهمين أجلهما واعترف لهما بالفضل في تكوين شخصيتي العلمية والفكرية هما (الميزان) و (في ظلال القرآن) حتى اكملتهما ولخصت رؤوس افكارهما حتى أرجع اليهما باستمرار فتنقدح في ذهني تلك الأفكار وفي روحي وقلبي تلك اللحظات السعيدة فماذا وجدت في رحاب القرآن,؟ وماذا سيجد من يعيش في رعاية القرآن؟ سيرى عظمة الله سبحانه تتجلى في آياته وقوانينه وسننه وقدرته على كل شيء, فالأرض جمعيا قبضته والسموات مطويات بيمينه والعزة لله جميعا والقوة والملك له وحده فهو الذي يرث الارض ومن عليها وإليه مرجع العباد وهو اقرب اليهم من حبل الوريد ويحول بين المرء وقلبه ولا يملك شيء لشيء نفعا ولا ضرا الا بإذنه, فعندئذ يتصاغر امام حامل القرآن كل ما سوى الله تبارك وتعالى مهما عظم ظاهرا أو حاول اولياؤه وأتباعه تعظيمه والنفخ في صورته فاذا قدرة الله تلقف ما يأفكون فلا إرم ذات العماد ولا فرعون ذو الاوتاد ولا صاحب الكنوز التي تنوء مفاتيحه بالعصبة اولي القوة, اما حامل القرآن فقوته متصلة بالله فلا يخشى ما سواه"
ثم حدثنا اليعقوبى عن أن الجاهلية وهى الكفر قبل عهدالنبى(ص) عاد فى عصرنا وأصبح المسيطر على حياة البشر وأن من يتسمون بأسماء المسلمين مسلمون بالأسماء إلا من رحم الله فقال:
"جاهلية اليوم:
إن البشرية تعيش اليوم جاهلية جديدة ـ-وان تسمى بعضهم بالاسلام ـ-بحسب المفهوم الذي يعطيه القرآن للجاهلية إذ انه لا يعتبرها فترة زمنية انتهت بطلوع شمس الاسلام بل هي حالة اجتماعية تتردى اليها الأمة وينتكس اليها المجتمع كلما اعرض عن شريعة الله "
ثم ذكر الرجل أنه سيورد أربعون رواية فى فضل القرآن وسوف أعلق على الرواية الصحيحة بصحيحة المعنى وأما الروايةالخاطئة التى لا يصح نسبتها للنبى(ص) فسوف أعلق عليها لبيان مخالفتها لكتاب وقد قال اليعثوبى:
"الأربعون حديثا في فضل القرآن وآثاره وآداب تلاوته:
وسأكتفي هنا بذكر نصوص الأحاديث مع جعل عنوان مناسب لمضمونها وتصنف الأحاديث بحسب المضامين أما شرحها وبيان ما فيها من نكات فيمكن أن يكون له محل آخر وسوف لا أتحدد بالعدد أربعين لأن الأخبار التي حثت على حفظ أربعين حديثا لا نفهم منها انها بشرط لا عن الزيادة فالزيادة خير إذن.
1 -ضرورة تعلمه:

عن ابي عبد الله قال: ((ينبغي للمؤمن ان لا يموت حتى يتعلم القرآن أو ان يكون في تعليمه))
صحيح المعنى
وعن رسول الله (ص)قال: ((لايعذب الله قلبا وعى القرآن))
صحيح المعنى
ذ"وعنه (ص)قال: ((خياركم من تعلم القرآن وعلمه))
كون من علم القرآن وعلمه هو الأفضل يخالف أن المجاهد هو أعظم أجرا كما قال تعالى "فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
"وعنه (ص)قال: ((حملة القرآن في الدنيا عرفاء أهل الجنة يوم القيامة))
الخطأ وجود عرفاء أى أمراء أى أسياد لأهل الجنة يوم القيامة وهو ما يخالف كون المسلمين جميعا اخوة كما قال تعالى " اخوانا على سرر متقابلين"
"وعنه (ص)قال: ((القرآن غني لاغنى دونه ولا فقر بعده))

صحيح المعنى
"وعنه (ص)قال: ((إذا قال المعلم للصبي: بسم الله الرحمن الرحيم فقال الصبي بسم الله الرحمن الرحيم كتب الله براءة للصبي وبراءة لأبويه وبراءة للمعلم))
الخطأ إثابة الأبوين على شىء لم يعملاه وإنماعمله ولدهما وهوما يناقض قوله تعالى : ولا تزر وزارة وزر أخرى" وقال "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"
"وعن أبي عبد الله - قال: ((الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة))
صحيح المعنى
"2 -تعلم القرآن أعظم نعمة:
عن النبي (ص)انه قال: ((من قرأ القرآن فظن أن أحدا أعطي افضل مما أعطي فقد حقر ما عظم الله, وعظم ما حقر الله))
صحيح المعنى
3 ـ-القرآن شافع مشفع وخصم مصدق
عن الرسول (ص)انه قال في حديث: ((إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فانه شافع مشفع وماحل مصدق, ومن جعله امامه قاده إلى الجنة , ومن جعله خلفه ساقه إلى النار, وهو الدليل يدل على خير سبيل, وهو كتاب فيه تفصيل وبيان تحصيل ـ-إلى ان قال ـ-لاتحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه ,مصابيح الهدى ومنار الحكمة))

الكلام المذكور هنا صحيح المعنى وأما بقية الرواية فلا نعرفها
4 -صفة قارئي القرآن
"عن أبي عبد الله انه قال: ((ينبغي لمن قرأ القرآن اذا مر بأية من القرآن فيها مسألة أو تخويف ان يسأل عند ذلك خير ما يرجو ويسأله العافية من النار ومن العذاب))

هذا الكلام بلا دليل فقراءة القرآن لا يجب قطعها للدعاء أو غيرها
"وعن رسول الله (ص)((إني لأعجب كيف لا أشيب اذا قرأت القرآن))
هذا القول يتعارض مع رواية شيبتنى هود وأخواتها كما يتعارض مع الرواية بعده فلا سؤال فيها وإنما اقشعرار للجلود وطمع وهى:
"ومن خطبة أمير المؤمنين في وصف المتقين قال: ((اما الليل فصافون اقدامهم تالين لأجزاء الكتاب يرتلونه ترتيلا, يحزنون به انفسهم ويستثيرون به تهيج احزانهم, بكاء على ذنوبهم, ووجع كلوم جراحهم, واذا مروا بآية فيها تخويف اصغوا اليها مسامع قلوبهم وأبصارهم فاقشعرت منها جلودهم ووجلت قلوبهم فظنوا ان صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في اصول آذانهم, واذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا اليها طمعا وتطلعت انفسهم اليها شوقا, وطنوا انها نصب اعينهم))
الخطأ فى الرواية هو الاكثار من الحزن عند القراءة وهو يخالف نهى الله نبيه (ص)عن الحزن أكثر من مرة "ولا تحزن "فإذا كان الله يطالبه بعدم الحزن فى القرآن فكيف يحزنه بنزول القرآن وقراءته
5 -وجوب اكرام حملة القرآن وحرمة الاستخفاف بهم
"عن رسول الله (ص)قال: ((ان أهل القرآن في أعلى درجة من الآدميين ما خلا النبيين والمرسلين فلا تستضعفوا اهل القرآن حقوقهم, فان لهم من الله العزيز الجبار لمكانا))

الخطأ كون أهل القرآن في أعلى درجة وهو ما يخالف أن الدرجة العليا للمجاهدين كما قال تعالى"فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
"6 -ثواب من يصعب عليه تعلم القرآن وحفظه
عن الصادق قال: ((من شدد عليه القرآن كان له أجران ومن يسر عليه كان مع الاولين))
"وعنه - قال: ((ان الذي يعلج القرآن ويحفظه بمشقة منه وقلة حفظ له أجران)) "

الخطأ وجود أجرين فى الروايتين للشاق عليه القرآن وهو ما يخالف أن اجر الكل واحد وهو عشر حسنات كما قال تعالى :
" من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
"7 -وجوب قراءة البسملة قبل سورة
عن الصادق : ((إذا أم الرجل القوم جاء شيطان إلى الشيطان الذي هو قرين الإمام فيقول: هل ذكر الله يعني هل قرأ بسم الله الرحمن الرحيم فان قال نعم هرب وان قال لا ركب عنق الإمام ودلى رجليه في صدره فلم يزل الشيطان امام القوم حتى يفرغوا من صلاتهم))

الخبل مجىء شيطان للسيطان وهروب الذى جاء إذا كان الإمام قرأ البسملة فلو كانت قراءة البسملة تجعل الشياطين تهرب فلماذا لم يهرب الشيطان الأول ثم لماذا خص الإمام بشيطانه بينما القرين موجود مع الكل؟
"8 -استحباب قراءة القرآن عند زيارة القبور
في (من لا يحضره الفقيه) عن الامام الرضا : ((ما عبد عبد مؤمن زار قبر مؤمن فقرأة عنده انا انزلناه في ليلة القدر سبع مرات الا غفر الله له ولصاحب القبر)).وفي رواية اخرى: ((امن من الفزع الاكبر)) وفي معناه رويات عديدة."

أن عمل الحى ينفع الميت وهو ما يخالف أن ما ينفع الإنسان هو سعيه أى عمله هو وليس عمل غسره كما قال تعالى " وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"
"وفي أخرى استحباب اضافة سورة الفاتحة والمعوذتين والتوحيد وآية الكرسي كل منها ثلاث مرات, وورد في ثوابها: ((ان الله يبعث اليه ملكا يعبد الله عند قبره ويكتب له وللميت ثواب ما يعمل ذلك الملك فاذا بعثه الله من قبره لم يمر على هول الا صرفه الله عنه بذلك الملك الموكل حتى يدخله الله به الجنة)).

نفس الخطأ السابق وهو نفع عمل الغير للميت والخطأ الثانى وجود ملاك فى الأرض عند القبروهو ما يناقض أن الملائكة فى السموات لا تنزل الأرض لعدم اطمئنانها كما قال تعالى "قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا ".
"9 -فضل تعلم القرآن في الشباب وآثاره
عن الصادق قال: ((من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه, وجعله الله من السفرة الكرام البررة, وكان القرآن عنه حجيزا يوم القيامة, يقول: يارب ان كل عامل قد اصاب أجر عمله غير عاملي, فبلغ به اكرم عطائك, قال: فيكسوه الله العزيز الجبار حلتين من حلل الجنة ويوضع على رأسه تاج الكرامة, ثم يقال له: هل ارضيناك فيه؟ فيقول القرآن: يارب قد كنت ارغب له فيما هو افضل من هذا, قال: فيعطى الأمن بيمينه والخلد بيساره ثم يدخل الجنة فيقال له اقرأ آية فاصعد درجة, ثم يقال له: هل بلغنا به وارضيناك؟ فيقول: نعم))

الخطأ الأول اختلاط القرآن باللحم والدم والقرآن كلام والكلام لا يمكن أن يختلط باللحم والدم
الثانى أن درجات الجنة على عدد آيات القرآن وهو ما يخالف كون الجنة درجتين فقط واحدة للمجاهدين وهم السابقون وواحدة للقاعدين وهم أهل اليمين وفى هذا قال تعالى" فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
"10 -ضرورة تعليم الاولاد القرآن
عن الرسول الله (ص)في حديث إلى ان قال: ((ويكسي ابواه ـ أي حامل القرآن ـىحلتين ان كانا مؤمنين ثم يقال لهما هذا لما علمتماه القرآن))

صحيح المعنى
وفي حديث عن أمير المؤمنين - قال: ((ان الله ليهم بعذاب أهل الارض جميعا حتى لا يحاشي منهم أحد اذا عملوا بالمعاصي واجترحوا السيئات, فاذا نظر إلى الشيب ناقلي أقدامهم إلى الصلوات والولدان يتعلمون القرآن رحمهم فأخر ذلك عنهم))
الخطأ منع العذاب عن أهل الأرض بصلوات الشيب وتعلم الولدان للقرآنوهوما يخالف أن مانعالعذاب إما عدم مجىء موعد العذاب وإما استغفارهم كما قال تعالى " وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون"
11 -أقسام قراء القرآن وصفة القاريء الحق

عن أبي جعفر قال: ((قراء القرآن ثلاثة: رجل قرأ القرآن فاتخذه بضاعة واستدر به الملوك واستطال به على الناس, ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه وضيع حدوده وأقامه إقامة القدح, فلا كثر الله هؤلاء من حملة القرآن ورجل قرأ القرآن فوضع دواء القرآن على داء قلبه فاسهر به ليله واظمأ به نهاره وقام به في مساجده وتجافى به عنه فراشه, فباولئك يدفع الله البلاء وبأولئك يديل الله من الاعداء وبأولئك ينزل الله الغيث من السماء, فوالله لهؤلاء في قراء القرآن اعز من الكبريت الاحمر))
الخطأ الأول دفع البلاء بقراء القرآن والبلاء واقع حتى بالقراء مع غيرهم كما قال تعالى " ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
الثانى نصر الله المسلمين على الأعداء بسبب القراء وهو ما يخالف أن سبب النصر نصر المسلمين لله أى طاعتهم لوحيه كما قال تعالى " إن تنصروا الله ينصركم"
الثالث إنزال الغيث بسبب القراء وهو ما يخالف أنه قضاء الله السابق بإنزاله لأنه ينزل على الكفار وليس عندهم قراء للقرآن كما ينزل على المسلمين
"وعن رسول الله ((ص)) قال: ((يا حامل القرآن تواضع به يرفعك الله, ولا تعزز به فيذلك الله, يا حامل القرآن تزين به لله يزينك الله به, ولا تزين به للناس فيشينك الله به))

معنى صحيح إن كان يراد به التواضع مع المسلمين وعدم التعزز عليهم
12 -فهم القرآن مرتبة قريبة من النبوة
عن رسول الله (ص)من حديث قال: ((من ختم القرآن فانما ادرجت النبوة بين جنبيه ولكنه لايوحى اليه))

صحيح المعنى
13 -الطريق الاكمل لقراءة القرآن ان تبدأ من أوله إلى آخره وليس بأن تقرأ سورا متفرقة
عن الزهري قال: ((قلت لعلي بن الحسين : أي الأعمال أفضل قال: (الحال المرتحل) قلت وما الحال المرتحل, قال: فتح القرآن وختمه, كلما جاء بأوله ارتحل في آخره)) وفي النهاية سئل: أي الأعمال افضل فقال: الحال المرتحل, فقيل: وما ذلك, قال: الخاتم المفتح هو الذي يختم القرآن بتلاوته ثم يفتتح التلاوة من أوله شبهه بالمسافر يبلغ بالمنزل فيحل فيه ثم يفتتح السير أي يبدأه وكذلك قراءة أهل مكة اذا ختموا القرآن بالتلاوة ابتدأوا وقرأوا الفاتحة وخمس آيات من أول سورة البقرة"

الخطأ كون أفضل الأعمال الحال المرتحل وهو قراءة القرآن وهو ما يخالف كون الجهاد أفضل الأعمال بدليل أن الله فضل المجاهدين على القاعدين مهما قرئوا من القرآن "فقال فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"

الجمعة، 29 يناير 2021

قراءة فى كتاب فتية الكهف

قراءة فى كتاب فتية الكهف
الكتاب تأليف محمد مهدي الآصفي وقد استهل الكتاب بما سماه المؤلف أجواء القصة:
"أجواء القصة:
من هم هؤلاء الفتية؟ الرواية التاريخية تقول إنهم من شباب القصر، وشباب القصر نموذج خاص من الشباب، يعيشون اجواء التحلل والترف والفتنة والفساد، وليس يتوفر لأحد من الفتنة والفساد ما يتوفر لشباب القصر، حيث ينعمون بالمال ويعيشون الترف والفراغ، وكل ذلك مفسدة للشباب وليس شيء في حياة الإنسان من أسباب الاغراء والفتنة يؤدي إلى التحلل والفساد مثل أجواء القصر
ففي قصة يوسف (ص) ، وأنها أقدمت على خيانته، وشهد على ذلك شاهد من أهلها، لم يزد على أن قال: (يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك) ويضاف إلى ذلك أن هذه المنطقة كانت مقرا لسلطان الملك الوثني الذي اضطهد النصارى بحدود سنة (250م)، وهو الملك داقيوس أو داقينوس أو داقيانوس، وكانت سلطته في هذه الفترة من التاريخ سلطة واسعة، وإذا اضيف الترف إلى (السلطان) كان تربة خصبة للفساد
في مثل هذه الاجواء كان يعيش فتية أهل الكهف، ينعمون بالمال والسلطان، ويعيشون حياة البذخ والترف
وهذا هو البعد الأول من الموضوع ولابد من أن نضيف إلى هذا البعد البعد الثاني لاجواء القصر; حتى تكتمل صورة الجو النفسي والوسط الاجتماعي الذي كان يعيشه هؤلاء الفتية
لقد كانوا يعيشون دور الشباب من حياتهم يقول الله تعالى عنهم: (إنهم فتية)، وفي مرحلة الشباب تنفتح الغرائز، وتلتهب الاهواء والشهوات، وينجذب الإنسان فيها إلى الفتن بقوة لا يعرفها الإنسان في أية فترة أخرى من حياته، وهذه الفترة من حياة الناس فترة طيش وتحلل عادة

في مثل هذه الاجواء النفسية والاجتماعية، كان يعيش هؤلاء الفتية تحت سلطان الاهواء، داخل نفوسهم من جانب، وفي ظل الفتن في ساحة الحياة من جانب آخر"
البداية خاطئة فلا يوجد دليل على كون أهل الكهف كانوا من الأغنياء أو من شباب القصر بتعبير الآصفى وغالبا لا يؤمن أحد من الأغنياء أو أهل القصر بتعبير الرجل إلا نادرا مثل زوجة فرعون وفى هذا قال تعالى "كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى"
وأتباع الأنبياء كانوا دوما من المحتاجين والفقراء
وحكاية كون أهل الكهف كانوا يعيشون فى عهد ملك يسمى داقيوس أو داقينوس أو داقيانوس حسب تعبير الآصفى أو حتى دقلديانوس لا دليل عليها من الوحى ولا هى تهمنا فى شىء فقومهم حسب القرآن كانوا كفرة كما قال تعالى :
"هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه إلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين"
ومن ثم فلم يكونوا نصارى مضطهدين ولا غير ذلك لأنهم كانوا يعبدون آلهة متعددة
وتحت عنوان الإيمان قال :
" الإيمان:
يقول تعالى: (إنهم فتية آمنوا بربهم) إن الإنسان يخترق حصار المادة والحس إلى رحاب الغيب بالايمان وحصار الحس حصار ضيق، ورحاب الغيب رحاب واسعة، ومن بؤس الإنسان وشقائه أن يبقى سجينا محاصرا في مساحة الحس، ولا يتمكن أن يخترق هذا الحصار إلى الغيب وعامل الاختراق هو المعرفة، ونتيجة المعرفة هي الايمان
والإيمان بالغيب أهم أبعاد شخصية الإنسان يقول تعالى: (آلم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) وقد جعل الله تعالى الايمان تحت اختيار الإنسان، وسلطان ارادته بصورة كاملة في الحالات السوية له; فهو مسألة عقلية نفسية داخلية، وخاضعة لسلطان ارادة الإنسان ولكن الطاغوت يحاول أن يسلب ارادة الناس، ويجردهم من القدرة على الاختيار، فيطيعونه حتى في الايمان والتشخيص والعرفان والانكار، وليس فقط في الطاعة والتبعية في النظام والاعمال بل ينكرون ما ينكره الطاغوت ولو كان معروفا، ويعرفون ما ينكره الطاغوت ولو كان منكرا، ويرون الاشياء والالوان والقيم كما يراها الطاغوت، ويؤمنون ويكفرون كما يريد الطاغوت وقد انكر فرعون على السحرة إذ آمنوا بموسى (ص) دون أن يستأذنوه (قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون) وهذا هو ما يطلبه الطاغوت من الناس، وأقصى مراحل الاستكبار والاستضعاف فاذا اخترق الناس حصار الارهاب والتبعية الذي يفرضه المستكبرون، ثارت ثائرتهم، واعتبروا ذلك اختراقا لسلطانهم ونفوذهم، وهددوا، وتوعدوا، وعذبوا، واضطهدوا الذين تجرأو أن يفكروا ويتعقلوا الاشياء بانفسهم من دون استئذان وقد كان جزاء سحرة فرعون عندما آمنوا بالله تعالى من دون استئذان فرعون أن قطع أيديهم وارجلهم من خلاف: (لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين) "

وكل ما سبق لا علاقة بالقصة موضوع الكتاب ثم قال:
"وقد كان الشوط الأول من التمرد في حياة هؤلاء الفتية، أن آمنوا بالله من غير استئذان الملك، وسمحوا لأنفسهم أن يفكروا ويتعقلوا الاشياء كما تعقلها عقولهم، وتهواها قلوبهم، لا كما يعقلها الملك ويهوى
وكان هذا الايمان محظورا في اجواء القصر أشد الحظر، ممنوعا أشد المنع ومن عجب أن القصر بقدر ما يضم بين جدرانه من التحلل من القيم، والفساد، يضم كذلك الارهاب الفكري والسياسي بابشع صوره
والايمان بالله هو بداية التمرد، وتكون هذه البداية داخل النفس ورغم ذلك، لا يعفي الطاغوت صاحبه من العقوبة والاضطهاد وهذه البداية هي أشق مراحل التمرد وليس في مراحل التمرد السياسي والحركي مرحلة أشق من الايمان، والمشقة هنا نفسية داخلية، فإذا آمن الإنسان، واخترق جدار الارهاب، هانت عليه الأشواط اللاحقة من العمل
واستطاع هؤلاء الفتية اجتياز هذه العقبة، واستطاعوا أن يغافلوا الطاغية ويفاجئوه بايمانهم، ويواجهوه بالامر الواقع
وهذه هي المرحلة الاولى من التمرد"

الآصغى هنا مصر على كون أهل الكهف من شباب قصر الملك وهو كلام كما قلنا لا يتفق مع كون المؤمنون دوما ممن هم فى احتياج وفقر إلا فى حالات شاذة لا يمكن القياس عليها فلو قال ان أحدهم من الأغنياء لكان كلاما معقولا ولكن أن يكونوا جميعا من الطبقة التى هى تحارب الإسلام دوما فى كل العصور فهو شىء لايصدق
ثم قال:
"القيام والنهضة
يقول تعالى: (إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذن شططا هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا)
الرواية التاريخية لا تذكر في قصة هؤلاء الفتية أنهم ثاروا وقاموا وأعلنوا التمرد في اجواء القصر، وتكتفي بقصة ايمانهم وهجرتهم إلى الكهف ولكن القرآن يروي القصة الكاملة، ويؤكد أن هؤلاء الفتية قاموا وثاروا في أجواء القصر، واعلنوا التمرد، واخترقوا جو الارهاب الحاكم في القصر يقول تعالى: (إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض)
ودوت هذه الصرخة في اجواء القصر، ومزقت السكوت الرهيب الذي كان يفرضه الدكتاتور داقيوس، فأرعبته وهزت عرشه بقوة وقد تضمنت هذه الصرخة:
1 ـ الدعوة إلى الله رب السموات والأرض: (ربنا رب السماوات والأرض)
وكان الحاكم داقيوس قد حجبهم بمكره عن رب السموات والأرض، فلما عرفوا أن رب السموات والأرض هو ربهم أعلنوا ذلك بقوة
2 ـ الرفض للطاغوت والاصنام والآلهة التي يتخذها الناس من دون الله: (لن ندعو من دونه إلها) وفي هذه النقطة يكمن ظل التحدي والتمرد، ويكمن سخط وغضب الجبابرة والطغاة، ويكمن كل عذاب واضطهاد الدعاة إلى الله
3 ـ التقبيح والإنكار على من يقول بالوهية احد غير الله: (لقد قلنا إذن شططا)
4 ـ الاحتجاج على قومهم، ومطالبتهم بالبينة والحجة على ما يقولون: (لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا)وأشد ما يكون الامر على الطاغية أن تتفجر الثورة والتمرد من داخل قصره، كما حصل للحاكم داقيوس في قصره، وكما حصل لفرعون عندما اعلن موسى (ص) وهو ربيب قصره، الدعوة إلى الله تعالى
إن الطاغية في هذه الحالة يفقد الثقة بكل أحد في قصره، ويهتز عرشه وكبرياؤه بقوة، ولا يعود يثق بأحد من بلاطه وحاشيته، ولا يعود يثق به أحد، ويفقد بذلك هيبته وشموخه بعد أن ارتفعت الدعوة إلى الله من داخل جدران قصره وليس شيء يثير الظالمين والمستكبرين كمن يسلبهم هيبتهم ; فإن هؤلاء الطغاة يحكمون الناس بهذه الهيبة، وهي هيبة كاذبة بالتأكيد، ولكنهم يبذلون كل ما في وسعهم لتثبيتها بالبطش والقتل والسجن والتعذيب، فإذا هابهم الناس تحكموا في رقابهم، وفرضوا عليهم ما يريدون من معيشة ونظام وعمل وفكر وثقافة ودين ونظرية الظالمين في الحكم هي (اكذب حتى يصدقك الناس، وارعب حتى يرهبك الناس)فإذا تعرض احدهم لاسقاط هيبة الطاغية ثارت ثائرته وطاش صوابه; لأنه يسلب بذلك كل شيء في ملكه وسلطانه"

يصر الرجل على وجود ملك فى القصة مع أن القرآن لم يذكر الملك وتعبير القرآن على لسانهم واضح وهو قومنا أى أن المجتمع كله كان يعبد آلهة متنوعة والدعوة تهز المجتمع كله وليس مجرد من فى القصر فحتى المعوزين والطبقة الوسطى يعارضون الدعوة باعتبارها تسفيها لعقولهم وسب لآباءهم بعدم العقل ومن ثم يقف المجتمع كله فى البداية فى وجه الدعوة مكذبا إياها ولكن الأشد فى مواجهة الدعوة هو الأغنياء لأنها تقويض للنظام المالى القائم على الظلم حيث تريدالدعوة تطبيق العدل فى الأقوات حسب ما قال الله حيث لا يوجد غنى ولا فقير كما قال تعالى " سواء للسائلين"
ثم قال :
"إن صرخة حق صريحة وواضحة وجريئة في وجه الطاغية، تعادل سنين من العبادة عند الله وقد ورد في الحديث: ((إن كلمة حق عند سلطان جائر تعادل عبادة سبعين سنة))وسر هذه القيمة لكلمة الحق في وجه السلطان الجائر، أن هذه الكلمة تسقط الظالم، وتجرئ الآخرين عليه، وتزعزع ثقته بكل شيء حتى بنفسه
وما من شيء يعكر صفو حياة الظالم، ويسلب عنه راحته واستقراره، ويطرد النوم من عينيه ويؤرقه، مثل كلمة حق جريئة يعلنها المظلوم في وجهه وسيرة الموحدين على طول التاريخ طافحة بالامثلة الحاكية لذلك، خصوصا في سيرة أهل البيت واتباعهم المخلصين منها ما روي مسندا عن يحيى بن عبد الحميد الحماني قال: خرجت أيام ولاية موسى بن عيسى الهاشمي الكوفة من منزلي، فلقيني أبو بكر بن عياش فقال لي: امض بنا يا يحيى إلى هذا فلم أدر من يعني، وكنت أجل أبا بكر عن مراجعته، وكان راكبا حمارا له، فجعل يسير عليه وأنا أمشي مع ركابه، فلما صرنا عند الدار المعروفة بدار عبد الله بن حازم، التفت إلي وقال: يا ابن الحماني، إنما جررتك معي وجشمتك ان تمشي خلفي لأسمعك ما أقول لهذه الطاغية قال: فقلت: من هو يا أبا بكر؟ قال: هذا الفاجر الكافر موسى بن عيسى فسكت عنه ومضى وأنا أتبعه، حتى إذا صرنا إلى باب موسى بن عيسى وبصر به الحاجب وتبينه، وكان الناس ينزلون عند الرحبة فلم ينزل أبو بكر هناك، وكان عليه يومئذ قميص وإزار وهو محلول الأزرار قال: فدخل على حماره وناداني: تعال يابن الحماني فمنعني الحاجب فزجره أبو بكر وقال له: أتمنعه يا فاعل وهو معي؟! فتركني، فما زال يسير على حماره حتى دخل الإيوان، فبصر بنا موسى وهو قاعد في صدر الإيوان على سريره، وبجنبتي السرير رجال متسلحون، وكذلك كانوا يصنعون، فلما أن رآه موسى رحب به وقربه وأقعده على سريره، ومنعت أنا حين وصلت إلى الإيوان أن أتجاوزه، فلما استقر أبو بكر على السرير التفت فرآني حيث أنا واقف، فناداني فقال: ويحك! فصرت إليه ونعلي في رجلي وعلي قميص وإزار، فأجلسني بين يديه، فالتفت إليه موسى فقال: هذا رجل تكلمنا فيه؟ قال: لا، ولكني جئت به شاهدا عليك قال: في ماذا؟ قال: إني رأيتك وما صنعت بهذا القبر قال: أي قبر؟ قال: قبر الحسين بن علي ابن فاطمة بنت رسول الله (ص) وكان موسى قد وجه إليه من كربه وكرب جميع ارض الحائر وحرثها وزرع الزرع فيها فانتفخ موسى حتى كاد أن ينقد، ثم قال: وما أنت وذا؟ قال: اسمع حتى أخبرك
ثم ذكر له رؤيا طويلة تتضمن خروجه إلى قومه بني غاضرة، واعتراض عشرة خنازير له، وتخلصه منها برجل من بني أسد، وسيره إلى نينوى وتشرفه بالحائر الشريف، وأن على الباب منه جماعة كثيرة، فأراد الدخول فقال له الآذن: لا تقدر على الوصول في هذا الوقت; لأنه كان وقت زيارة ابراهيم خليل الله ومحمد رسول الله، ومعهما جبرائيل وميكائيل في رعيل من الملائكة كثير، وأنه انتبه وجرى له في اليقظة مثل ما رأى في النوم، إلا أن الخنازير كانت في اليقظة عشرة من اللصوص، وفي دخوله الحائر لم يكن هناك آذنفقال له موسى: إنما أمسكت عن إجابة كلامك لأستوفي هذه الحمقة التي ظهرت منك، وتالله إن بلغني بعد هذا الوقت أنك تحدث بهذا لأضربن عنقك وعنق هذا الذي جئت به شاهدا علي فقال له أبو بكر: إذن يمنعني الله وإياه منك; فإني إنما أردت الله بما كلمتك به فقال له: أتراجعني يا ماص؟! وشتمه، فقال له: اسكت أخزاك الله وقطع لسانك فأزعل موسى على سريره ثم قال: خذوه فأخذوا الشيخ عن السرير وأخذت أنا، فو الله لقد مر بنا من السحب والجر والضرب ما ظننت أننا لا نكثر الأحياء أبدا وكان أشد ما مر بي من ذلك أن رأسي كان يجر على الصخر، وكان بعض مواليه يأتيني فينتف لحيتي، وموسى يقول: اقتلوهما ابني كذا وكذا ـ بالزاني لا يكني ـ وأبو بكر يقول له: أمسك قطع الله لسانك وانتقم منك اللهم إياك أردنا ولولد نبيك غضبنا، وعليك توكلنا فصير بنا جميعا إلى الحبس، فما لبثنا في الحبس إلا قليلا، فالتفت إلي أبو بكر ورأى ثيابي قد خرقت وسالت دمائي فقال: يا حماني، قد قضينا لله حقا واكتسبنا في يومنا هذا أجرا، ولن يضيع ذلك عند الله ولا عند رسوله"

خرج الآصفى عن سياق القصة كما فعل سابقا وحكى حكايةعن مواجهة الحاكم وليس عن مواجهة القوم جميعا وهى مواجهة أعظم صعوبة
ثم قال:
طالاعتزال
يقول تعالى: (وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فاووا إلى الكهف) سيظهر لنا من هذا الجزء من الآية، أنه كان لهؤلاء الفتية بعد الايمان بالله اعتزال وأوي إلى الكهف والثاني غير الأول بظاهر الآية وإذا أردنا أن ننظم مراحل عمل هؤلاء الفتية نستطيع أن نقول: إنهم آمنوا أولا، ثم قاموا فقالوا: (ربنا رب السماوات والأرض) ثانيا، ثم اعتزلوا قومهم وما يعبدون إلا الله ثالثا، ثم أووا إلى الكهف رابعا
إذن الاعتزال غير الأوي إلى الكهف; فقد اعتزلوا قومهم وما يعبدون إلا الله قبل أن يأووا إلى الكهف وأقرب معاني الاعتزال في هذه الصورة أنهم قاطعوا مجتمع القصر، ولم يخالطوهم كما كانوا يخالطونهم من قبل، ولم يعاشروهم كما كانوا يعاشرونهم من قبل، وهذه الحالة هي حالة الانفصال والمقاطعة النفسية والبراءة وفي هذه الحالة ينتزع الإنسان نفسه من الوسط الذي يعيش فيه انتزاعا كاملا، رغم أنه يعيش في نفس الوسط، ويدخل معهم في الاسواق ويعاملهم ويتعاطى البيع والشراء والدراسة والعمل في الاسواق والدوائر والمدارس معهم، لكنه لا يتأثر ولا يخضع لمؤثرات الوسط الثقافية والحضارية والسياسية مطلقا، وكأن بينه وبين هذه المؤثرات في ذلك الوسط عازلا قويا، يقطع كل تأثير من الوسط الذي يعيش فيه علما بأن للوسط الحضاري والثقافي والاعلامي الذي يعيش فيه الإنسان تأثيرا قاهرا على عقله وقلبه والمؤمن الذي يعيش في وسط غير وسطه، وفي غربة حضارية وثقافية واجتماعية، يستهلكه لا محالة الوسط الذي يعيش فيه، وتقهره العوامل الثقافية والحضارية والإعلامية على الاندماج العقلي والعاطفي في هذا الوسط ; كما لو صببنا كأسا من الماء العذب الحلو في بحيرة مالحة، فإن البحيرة تستهلكه لا محالة وهذا الحكم يجري في المجتمع كما يجري في التفاعلات الفيزيائية، من غير فرق إلا أن يعزل المؤمن نفسه بعازل نفسي قوي عن المؤثرات والعوامل القاهرة في ذلك الوسط، فعندئذ يعيش في ذلك الوسط في حصانة كاملة، رغم أنه يمكن أن يتعاطى في ذلك الوسط كل ما يتعاطاه الناس من شؤون عمله ومعيشته وهذا هو حال الإنسان المؤمن عندما يعيش في حالة غربة حضارية وثقافية في مجتمع غير مجتمعه، كما حدث ذلك للمسلمين في بدء ظهور الإسلام في مكة"

نجح الآصفى هنا فى التعبير هن حكاية الاعتزال وهى اعتزال طاعة قوانين المجتمع لطاعة أحكام الله وليس اعتزال الناس فى المعيشة وكعادته ذهب بنا بعيدا عن سياق القصةبحديثه عن الغزو الثقافى الحالى ومايقوم به المعتزلون حاليا فقال:
" وكما حدث ذلك في عصرنا في فترة الغزو الثقافي، والغارة الحضارية التي تعرضت لها بلادنا في العالم الإسلامي، ثم بدأت بالانحسار والحمد لله وهو على ما اعتقد تفسير لقوله (ص) ((بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا، فطوبى للغرباء))
ومن الطبيعي أن الإنسان إذا كان غريبا في بيئة، يأخذ بالأنس والاندماج النفسي بتلك البيئة ثقافيا وحضاريا بالتدريج، ولكن هذا الاندماج العقلي والعاطفي مع الأوساط الجاهلية يؤدي إلى استهلاك الحالة الإيمانية بالتدريج، فلابد أن يفصل نفسه في مثل هذه الحالة بعازل نفسي قوي عن المؤثرات الثقافية والحضارية في ذلك الوسط، في الوقت الذي يمارس فيه نشاطه في السوق والجامعة والدوائر والشارع بشكل طبيعي، كما لو لم يكن بينه وبين ذلك المجتمع عازل من هذا النوع وفي مثل هذه الحالة يتحرر الإنسان بشكل كامل من مؤثرات الوسط الذي يعيش فيه، في الوقت الذي يؤدي فيه دوره العملي في المجتمع بصورة كاملة وشأن هذا العازل شأن العازل في الفيزياء; فالعامل الذي يمارس عمله في مد الأسلاك الكهربائية، يمكن أن يمارس عمله بصورة طبيعية في أخطر الحالات، إذا كان يستخدم العازل الذي يعزله عن التيار الكهربائي وهذه الحالة من المفاصلة النفسية حالة صعبة من دون ريب، وليس أشق على الإنسان من أن يعيش في المجتمع حياة طبيعية، يدخل ويخرج مع الناس في مداخل الحياة ومخارجها، في الوقت الذي ينتزع فيه نفسه من ذلك الوسط انتزاعا كاملا وهذه هي الهجرة الكبرى في حركة الإنسان إلى الله، والهجرة في المساحة الجغرافية من مكان إلى مكان هي الهجرة الصغرى ورغم كل المتاعب والمشاكل التي تستتبعها الهجرة الصغرى، فإنها دون الهجرة الكبرى بمراحل وقياس الهجرة الكبرى إلى الهجرة الصغرى مثل قياس الجهاد الأكبر إلى الجهاد الأصغر ; فإنه رغم كل متاعب الجهاد الأصغر، وما يتطلبه من التضحية والقتل في سبيل الله وإنفاق الأموال والأنفس، فإن الجهاد الأكبر ـ داخل النفس ـ أصعب وأشق بمراحل كثيرة من الجهاد الأصغر"

ونحن عنوان التقوى عازل استمر الرجل فى بعده عن سياق القصة فقال:
"التقوى عازل:

وبمناسبة الحديث عن العازل النفسي أقول: إن التقوى من اقوى العوازل النفسية التي تحمي الإنسان من (الاهواء) و (الفتن) ولسنا نعرف عازلا اقوى من هذا العازل والتقوى لباس يحفظ الإنسان من الاهواء والفتن، كما أن اللباس يحفظ الإنسان من الحر والبرد ومن اعين الناس، ويستر سوأة الإنسان يقول تعالى: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير)، فاذا حفظ الإنسان نفسه بملابس واقية ودافئة، فليس عليه بأس أن يخرج من البيت في يوم شديد البرد، فلا يمسه ولا يضره من البرد شيء، وكذلك الإنسان إذا تسلح بالتقوى، فليس عليه بأس من سلطان الهوى والفتن
\ولو أن الناس خرجوا إلى الشارع من دون ملابس تستر سوآتهم، لأشبهوا الحيوانات، ولكن الله تعالى أكرم الإنسان باللباس الذي يستر سوأة جسمه، فكذلك التقوى لباس يستر سوأة النفس من الاهواء والشهوات والغرائز، فيلطفها ويعدلها ويرققها بالشكل الذي يناسب كرامة الإنسان والتقوى حصن يحصن الإنسان من الاهواء والفتن والشياطين، كما أن الحصون تحمي الناس من سطو الاعداء وبطشهم يقول امير المؤمنين ـ عليه السلام ـ: ((إن التقوى دار حصن عزيز، والفجور دار حصن ذليل)) فالتقوى حصن منيع يمنع الاعداء من البطش والسطو، والفجور حصن ذليل، لا يمنع احدا ولا يحفظ من عدو
وكما أن الإنسان لو تحصن بحصن منيع لما خاف عدوا ولا سارقا، ولا سبعا ضاريا، كذلك من تحصن بحصن التقوى يقول امير المؤمنين ـ عليه السلام ـ: ((عباد الله، إن تقوى الله حمت أولياء الله محارمه))
وإذا اصبح الإنسان في حمى الله بالتقوى من الاهواء والفتن والشياطين، فلا يمسه منها سوء ولا أذى، وليس للهوى والشيطان عليه سلطان
وأهم من ذلك كله أن التقوى تمنح صاحبها قدرة على الانتباه المبكر، فإذا تعرض الإنسان لخطر سطو الشيطان تذكر فورا، وأخذ العدة الكاملة لمواجهة الشيطان والهوى

ارأيت اجهزة الانذار المبكر؟ كذلك التقوى، فلا يتمكن الشيطان أن يغزو الإنسان على حين غرة وغفلة يقول تعالى: (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون)
وإن الشيطان لا يقتحم عليهم قلوبهم، وإنما يمسهم طائف منه فقط
فإذا مسهم من الشيطان طائف تذكروا فورا، وبصورة مبكرة، فإذا هم مبصرون ولن يستطيع الشيطان أن يقتحم على أحد قلبه وصدره وعقله، وهو في مثل هذه الدرجة العالية من التذكر والبصيرة، والقدرة على المواجهة"

انتهى مقال التقوى عازل وهو لا علاقة له بالقصة حيث لم يذكر أهل الكهف أبدا فى المقال ثم قال:
"الأوي إلى الكهف:
يقول تعالى: (فأووا إلى الكهف) ذكرنا أن الأوي إلى الكهف غير الاعتزال، والآية الكريمة صريحة في ذلكوإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فاووا إلى الكهف)
الاعتزال مقاطعة نفسية، والأوي إلى الكهف هجرة، والاعتزال والهجرة يكمل احدهما الآخرغير أن الاعتزال من الهجرة الكبرى، والأوي إلى الكهف من الهجرة الصغرى والهجرة الكبرى تجري داخل مساحة النفس، والهجرة الصغرى في الرقعة الجغرافية من الأرض، ولا تقاس الهجرة الكبرى بالهجرة الصغرى ; فإن الاعتزال والمقاطعة النفسية جهد نفسي شاق، في انتزاع النفس وتحريرها من سلطان الأهواء والمغريات، والهجرة الصغرى جهة لانتزاع الإنسان نفسه من الوسط الاجتماعي الذي يألفه، والعلاقات الاجتماعية والأسرية، والموقع الاجتماعي والاقتصادي، وهذه المجموعة هي مجموعة (الوشائج) التي يرتبط الإنسان عن طريقها بالمجتمع والوسط الاجتماعي بينما في الهجرة الكبرى ينتزع الإنسان نفسه من الأهواء العميقة النفسية، وهي (الولائج) المتحكمة والمؤثرة داخل النفس والفرق بين الهجرتين هو الفرق بين (الوشائج) و (الولائج) ; فإن الهجرة الكبرى هي مقاومة الولائج وانتزاع النفس منها، بينما الهجرة الصغرى هي انتزاع النفس من مجموعه الوشائج ولا شك أنه عملية صعبة، ولكن شتان بين الانتزاعين: أن ينتزع الإنسان نفسه من الولائج المتحكمة في نفسه، وأن ينتزع نفسه من الوشائج التي تربطه بالوسط والمجتمع ولا شك أن الأول أشق من الثاني بكثير
إن الهدف من الهجرة الكبرى تحرير النفس من سلطان الاهواء والهدف من الهجرة الصغرى أن يخرج الإنسان من دائرة سلطان الطاغوت ونفوذه ; فإن الطاغوت لا يطيق الدعوة إلى الله تعالى في دائرة نفوذه وسلطانه، بكل شكل; لأن هذه الدعوة تصادر ـ في النتيجة ـ كل سلطانه ونفوذه، وهو يشعر بعمق هذه الدعوة، ولذلك لا يكاد يسمح لأحد أن ينهض بالدعوة إلى الله في دائرة نفوذه وسلطانه، ويعمل لخنق كل صوت والقضاء على كل من يحمل هذه الرسالة إلى الناس، من دون رحمة، ومن دون تردد ولذلك فمن الخطأ في مثل هذه الحالة ألا يهاجر من دائرة نفوذ الطاغوت، ولا يفر بدينه، ويبقى في متناول بطش الظالم وسطوته; فإنه في هذه الحالة لابد أن يؤول حاله إلى احد أمرين: إما الخضوع لإرادة الطاغية والتخلي عن موقع الدعوة إلى الله، أو أن يمكن الطاغية من رقبته وكل منهما خسارة والصحيح هو أن يهاجر بدينه من قبضة الظالم وهذا هو معنى (الأوي إلى الكهف) في قصة الفتية
الجزاء"

رغم حديث الرجل عن طلب أحدهم أن يذهبوا للكهف ليس هروبا وإنما يأسا من إيمان القوم فقد استمر فى الفقرة التالية فى البعد عن سياق القصة فقال:
"من رقائق الثقافة الاسلامية العلاقة بين الجزاء والعمل ومساحة الجزاء هي الدنيا والآخرة، ومساحة العمل هي الدنيا فقطولابد لكل عمل من جزاء، ولا ينفك العمل عن الجزاء وبتعبير أدق: العمل يستبطن الجزاء، والجزاء من سنخ العمل يقول تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) إن الذي يجاهد في الله، ويسعى إلى تحقيق مرضاة الله، يهديه الله سبل مرضاته، ويعينه الله على تحقيق مرضاته والوصول إليها"
ثم عاد للسياق فقال:
"وفي آيات سورة الكهف نجد أن هؤلاء الفتية لقوا جزاء عملهم عاجلا في الدنيا في ثلاث مراحل: في مرحلة الايمان بالله يقول تعالى: (إنهم فتية آمنوا بربهم فزدناهم هدى) ، وفي مرحلة القيام والنهضة واعلان التمرد على الطاغية يقول تعالى: (وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها) ، وفي مرحلة الأوي إلى الكهف يقول تعالى: (فاووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا)
فلنتأمل في هذه المراحل الثلاثة من الجزاء
في المرحلة الاولى:
لما آمنوا بالله زادهم الله تعالى هدى على هداهم وهنا الجزاء من جنس العمل; بوضوح أن الايمان هداية، فإذا اهتدى الإنسان بهدي الله زاده الله تعالى هدى على هداه كما أن الإنسان إذا اختار سبيل الضلالة يعاقبه الله، فيزيده ضلالا على ضلاله يقول تعالى: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا) "

نلاحظ هنا الفهم الخاطىء بزيادة الإيمان فمعنى زيادة الإيمان هى الاستمرار على الإيمان والعمل به فالهدى واحد وهو لا يتغير وهو الوحى ثم قال:
"وفي المرحلة الثانية:
(وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض) وليس من شك أن هذا القيام وتلك الدعوة لا يتمان من دون قوة قلب ورباطة جأش فإذا قاموا بهذه الدعوة في وجه الطاغية، آتاهم الله المزيد من رباطة الجأش، وربط على قلوبهم: (وربطنا على قلوبهم) يعني قوينا قلوبهم، ولولا أن الله تعالى يقوي قلب عبده، لما تمكن من مثل هذه الحركة الجريئة والشجاعة، ولا استطاع أن يواجه الطاغية بمثل هذه القوة، بل ما استطاع أن يتخذ القرار بذلك ; فإن الخطوة الاولى في مثل هذه الاعمال الكبيرة هي اتخاذ القرار والنية والعزموسلام الله على الامام الصادق حيث يقول: ((لا يضعف جسد عما قويت عليه النية)) فإذا قوي الإنسان على النية والعزم والقرار، هانت عليه المراحل الاخرى من العمل، وأعانه الله عليها وشد على يدهولكن لابد من أن يقوم وينهض ليشد الله على يده، فإن لم يقم ولم يحاول لا يرزقولولا دعم الله تعالى وتأييده لأولئك الفتية الذين نهضوا في جو القصر بالدعوة إلى الله، لم يتمكن أي منهم أن يقوم فيقول في وجه الطاغية: (لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذن شططا)
ولا شك أن العزم والنية أيضا لا تتم إلا بتأييد الله تعالى ودعمه، فإن الله تعالى يسبغ تأييده ودعمه واسناده على عبده مرتين: مرة للنية والعزم والقرار والوقوف، وهذا عام شامل لكل الناس، ومن الناس من ينتفع بهذا الرزق الإلهي الشامل، ومن الناس من يفرط فيه، ويضيعه، ومرة أخرى ينزل دعمه واسناده على الذين يعزمون، وينهضون ويقومون، وهذا رزق خاص، يخص به الله تعالى الذين يقومون وينهضون برسالة التوحيد
وفي المرحلة الثالثة:
يقول تعالى: (فاووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا)
والحمد لله الذي ارانا صدق وعده فيما رزقنا من ابتلاء الهجرة; فقد وجدنا ماوعدنا ربنا حقا، ونشر لنا من رحمته، وهيأ لنا من أمرنا مرفقا وصدق الله العلي العظيم وكل الذين ابتلاهم الله تعالى بالهجرة وجدوا صدق وعد الله، بما فتح الله تعالى لهم من أبواب رحمته وآفاق العمل والحركة، وفيما هيأ لهم من المرافق في حركتهم وعملهم والحمد لله رب العالمين"

ونلاحظ هنا أن الرجل لم يذكر القصة كاملة فقد اكتفى بطلب الايواء إلى الكهف وأما بقية القصة من نومهم وكلبهم وما تلا ذلك حتى بعثهم وموتهم مرة أخرى فلم يذكرها مع ان الكتاب هو أن عن أهل الكهف وهو قصور فى الكتاب كان ينبغى تداركه

الخميس، 28 يناير 2021

نقد كتاب تلقيح الأفهام في وصايا خير الأنام

نقد كتاب تلقيح الأفهام في وصايا خير الأنام
الكتاب جمع عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بنعمر مقبول الأهدل المتوفى 1250هـ وموضوع الكتاب كما قال جامعه :
"هذه أحاديث نبوية ووصايا مصطفوية، جمعتها رجاء أن ينفعني الله بها وكل من وقف عليها بفضل الله ومنه"
بداية قبل الدخول فى الكتاب أقول أن وصايا الأنبياء عامة وهى وصية واحدة بالتزام الإسلام دينا وهى تؤدى بألفاظ عديدة وأما الوصايا الجزئية فلا يقولها أى نبى لأنها فى الغالب تؤدى لفهم خاطىء وفى الوصية العامة قال تعالى :
"ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا أنتم مسلمون"
والآن لتناول الروايات:
"الحديث الأول:
أخرج البيهقي عن أبي ذر، قال: قلت: يا رسول الله! أوصني، قال: " أوصيك بتقوى الله؛ فإنه أزين لأمرك كله، قلت: زدني، قال: عليك بتلاوة القرآن وذكر الله؛ فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض، قلت: زدني! قال: عليك بطول الصمت؛ فإنه مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك،"
الأخطاء فى الرواية هى:
الأول الأمر بطول الصمت وهو ما يخالف قوله تعالى " وقولوا للناس حسنا"
"الحديث الثاني:

أخرج ابن السنى ، عن عثمان بن موهب مولى بني هاشم، قال: سمعت أنس بن مالك، يقول: قال رسول الله(ص) لفاطمة: " ما يمنعك أن تسمعيني ما أوصيتك؟! تقولين إذا أصبحت وإذا أمسيت: يا حي يا قيوم! برحمتك أستغيث - زاد هارون - أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين".
هذه ليست وصية وإنما دعاء
الحديث الثالث:
أخرج أحمد ، عن أبي ذر، قال: قلت: يا رسول الله! أوصني! قال: " إذا عملت سيئة؛ فاتبعها حسنة "، قال: قلت: أمن الحسنة لا إله إلا الله؟! قال: " هي أفضل الحسنات ".

الخطأ لا إله إلا الله أفضل الحسنات وهو ما يخالف أن افضل الحسنات الجهاد كما قال تعالى" فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
الحديث الرابع:
أخرج أبو داود ، والنسائي ، أن رسول الله، (ص)، أخذ بيد معاذ، وقال: " والله يا معاذ! إني لأحبك، فأوصيك أن لا تدعن دبر كل صلاة، أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ".

الخطأ النهى عن عدم ترك القول عقب الصلاة فالنهى لا يكون إلا فى المحرم
الحديث الخامس:
أخرج ابن السنى ، في عمل اليوم والليلة، عن أنس، أن النبي (ص) أوصى رجلا إذا أخذ مضجعه أن يقرأ سورة الحشر، وقال: " إن مت؛ مت شهيدا "."

الخطأ من قرأ سورة الحشر يكون شهيد والشهيد لا يكون سوى مجاهد لأن الشهداء يكونون فى الحرب كما قال تعالى:
"إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين أمنوا ويتخذ منكم شهداء"
الحديث السادس:
أخرج البخاري، في صحيحه ، عن البراء، أن النبي، (ص)، أوصى رجلا فقال: " إذا أردت مضجعك فقل: اللهم أسلمت نفسي إليك،وفوضت أمري إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجات ظهري إليك رغبة ورهبة إليك، لا منجا ولا ملجأ منك إلا إليك، أمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي ... أرسلت ".

الحديث السابع:
أخرج ابن سعد وأحمد ، عن ضرغامة بن عليبة بن حرملة العنبري، قال: حدثني أبي، عن أبيه قال: أتيت رسول الله، (ص)، فقلت: يا رسول الله! أوصني؟! قال: " أتق الله، فإذا كنت في مجلس فقمت منه فسمعتهم يقولون ما يعجبك فأته، وإذا سمعتهم يقولون ما تكره فاتركه ".

الخطأ الجلوس عند يماع ما يعجل السامع وتركه عند سماع ما يكره وبالقطع الوصية لا يمكن أن تكون هكذا وإنما إذا سمعت ما يوافق دينك وإذا سمعت الكفر وهو الاستهزاء بدينك فاترك المجلس كما قال تعالى:
وقد نزل عليكم فى الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزىء فلا تقعدوا معهم"
الحديث الثامن:
أخرج ابن أبي الدنيا، في كتابه الإخلاص ، وابن أبي حاتم ، والحاكم، وصححه ، والبيهقي في الشعب عن معاذ بن جبل ، قال لرسول الله، (ص)، حين بعثه إلى اليمن: أوصني؟ قال: " أخلص دينك؛ يكفك القليل من العمل ".

الخطأ هو كفاية القليل من العمل والإنسان مسلم أو كافر حياته من صحوة حتى نومه كلها أعمال متوالية حتى و لو لم يتحرك من مكانه مثل الأكل والشرب مع أن المسلم مطالب بالمشى فى مناكب الأرض كما قال تعالى "هو الذى جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه"
الحديث التاسع:
أخرج الحاكم وصححه ، عن ابن عباس، قال: قلت: يا رسول الله! أوصني؟! قال: " أقم الصلاة، وأد الزكاة، وصم رمضان، وحج البيت، وأعتمر، وبر والديك، وصل رحمك، وأقر الضيف، وأمر بالمعروف، وأنه عن المنكر، وزل مع الحق حيث زال ".

بالقطع الرسول(ص) لا يوصى بوصايا خاصة متعددة لأن المفهوم من تلك الوصايا أن بقية الأعمال ليست واجبة وإنما وصايا الأنبياء(ص) عامة لأن الوحى فيه تفصيل الأعمال
الحديث العاشر:
أخرج البخاري ومسلم ، وأبو داود الترمذي ، والنسائي عن أبي هريرة، وأبي الدرداء كلاهما، قال: أوصاني رسول الله، (ص)، بثلاث لا أدعهن في سفر ولا حضر: صوم ثلاث أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام " وأخرج الأصفهاني ، في الترغيب، عن أنس، قال: أوصاني رسول الله، (ص)، فقال:
" يا أنس! صل صلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين "."
والخطأ الأول العهد لصحابى واحد بعهد خاص وهذا يخالف كون الإسلام رسالة عامة للكل مصداق لقوله تعالى "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "والخطأ أيضا صيام ثلاثة أيام كل شهر وهذا يخالف أن النبى (ص)يعلم أن الإفطار بثلاثين حسنة فى الثلاث وجبات بينما الصوم بعشر حسنات فقط ومن ثم فلن يوصى به .
الحديث الحادي عشر:
أخرج الطبراني ، وابن حبان في صحيحه ، واللفظ له، عن أبي ذر، قال: أوصاني خليلي، صلي الله عليه وسلم، بخصال من الخير: أوصاني أن لا أنظر إلى من هو فوقي، وأن أنظر إلى من هو دوني، وأوصاني بحب المساكين والدنو منهم، وأوصاني أن أصل رحمي وإن أدبرت، وأوصاني أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأوصاني أن أقول الحق ولو على نفسي وإن كان مرا، وأوصاني أن أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإنها كنز من كنوز الجنة ".

كما قلت لا وصية بأعمال معينة فى الإسلام وإنما وصيةعامة تشمل كل الأعمال وكون لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة تحريف لأن الكنز يكون خفى وهذا شىء ظاهر كما وكنوز الجنة ليست عمل سواء فعل او قول وإنما هى المتع المختلفة
الحديث الثاني عشر:
أخرج الطبراني عن أبي سلمه ، قال: قال معاذ: قلت: يا رسول الله! أوصني؟! قال: " اعبد الله كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى، وأذكر الله عند كل حجر وشجر، وإذا عملت سيئة؛ فاعمل بجنبها حسنة، السر بالسر والعلانية بالعلانية ".

الخطأ عمل حسنة علنية بسبب السيئة العلنية وعمل الحسنة خفية إذا كانت السية خفية كلام فارغ فالحسنات تكون حسب الظروف وليس حسب نوعية السيئات
الحديث الثالث عشر:
أخرج البخاري ، عن أبي هريرة، أن رجلا، قال للنبي، (ص)، أوصني؟! قال: " لا تغضب، فردد مرارا، قال: لا تغضب ".
وأخرج الحكيم الترمذي، في نوادر الأصول ، والبيهقي ، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يا رسول الله! أخبرني بوصية قصيرة فألزمها، قال: " لا تغضب يا معاوية بن حيدة؛ إن الغضب ليفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل".

والخطأ هو النهى عن الغضب وهو تخريف لأن النبى(ص)لو تكلم لقال لا تغضب للشيطان والغضب لله مطلوب إذا اعتدى على حد من حدوده وذلك كما غضب موسى (ص)بسبب عبادة قومه للعجل وفى هذا قال تعالى "ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتمونى من بعدى "كما أن الله أباح للمؤمنين الغضب فقال "وإذا ما غضبوا "ولولا الغضب ما كان هناك أمر بمعروف أو نهى عن منكر
الحديث الرابع عشر:
عن سعد بن
أبي وقاص، قال: أتى رجل رسول الله، (ص)، فقال: يا رسول الله! أوصني، وأوجز؟! فقال: " عليك باليأس مما في أيدي الناس، وإياك والطمع؛ فإنه فقر حاضر، وإياك وما يعتذر منه ".

الخطأ النهى عن الطمع عامة دون تحديد وهو ما يخالف وجود طمع مشروع كدخول الجنة كما قال تعالى : "وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين فأثابهم الله بما قالوا جنات"
الحديث الخامس عشر:
أخرج البخاري، في تاريخه ، وابن أبي الدنيا، في الصمت ، والبيهقي ، عن أسود بن أصرم المحاربي، قال: قلت: يا رسول الله! أوصني؟! قال: " هل تملك لسانك؟! قلت: فما أملك إذا لم أملك لساني!، قال: " فهل تملك يدك؟! قلت: فما أملك إذا لم أملك يدي! قال: " فلا تقل بلسانك إلا معروفا، ولا تبسط بيدك إلا إلى خير ".

كما قلنا الوصايا الجزئية لا يقولها نبى فالوصية عندهم عامة حتى لا يفهم منها إباحة أو تحريم غيرها وهنا قد يفهم الرجل أن الفرج والرجل مثلا عليه ألا يملكهم فيزنى أو يضرب بهما
الحديث السادس عشر:
اخرج أبو يعلي ، عن عبد الله بن مسعود، قال: جاء رجل إلى النبي، (ص)، فقال: أوصني، فقال: " دع قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال ".

كما قلنا الوصايا الجزئية لا يقولها نبى فالوصية عندهم عامة حتى لا يفهم منها إباحة أو تحريم غيرها وهنا قد يظن السامع إباحة غير الثلاثة
الحديث السابع عشر:
أحرج الأصفهاني، في الترغيب ، عن أنس ، قال: قال رسول الله، (ص)، يا أنس! إن حفظت وصيتي؛ فلا يكونن شيء أحب إليك من الموت ".

كلام لا يمكن أن يقوله النبى(ًص) لأن الوصاة تتعلق بالحياة أى ينفذها الموصى بها فى الحياة ومن ثم حب الموت كأشد ما يكون يتعارض مع الوصية
الحديث الثامن عشر:
أخرج الطبراني ، عن أم أنس قالت: قلت: يا رسول الله! أوصني؟! قال: أهجري المعاصي؛ فإنها أفضل الهجرة، وحافظي على الفرائض؛ فإنها أفضل الجهاد، وأكثري من ذكر الله؛ فإنه لا يؤتى الله بشيء أحب إليه من ذكره ".
الخطا أن أفضل الجهاد الحفاظ على الفرائض وهو ما يناقض كون الجهاد بالمال والنفس هو أقضل العمل كما قال تعالى :

"فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
الحديث التاسع عشر:
أخرج محمد بن نصر المروزي ، والطبراني ، عن عبادة بن الصامت، قال: أوصاني خليلي بسبع خصال، قال: " لا تشركوا بالله شيئا وأن قطعتم أو حرقتم أو صلبتم، ولا تتركوا الصلاة متعمدين؛ فمن تركها متعمدا فقد خرج من الملة، ولا تركبوا المعصية؛ فإنها تسخط الله، ولا تشربوا الخمر؛ فإنها رأس الخطايا كلها، ولا تفروا من الموت، وإن كنتم فيه، ولا تعص والديك؛ وإن أمراك برمي الدنيا كلها فاطرحها، ولا تضع عصاك عن أهلك وأنصفهم من نفسك ".

الأخطاء:
الأول عدم الشرك حتى ولو قطعوا أو صلبوا أو أحرقوا ووهو ما يخالف سماح الله بالكفر الظاهرى فى قوله تعالى إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان"
الرجل قال ان الأمور سبعة بينما هم 8 وهم1- لا تشركوا بالله شيئا وأن قطعتم أو حرقتم أو صلبتم، 2-ولا تتركوا الصلاة متعمدين؛ فمن تركها متعمدا فقد خرج من الملة، 3-ولا تركبوا المعصية؛ فإنها تسخط الله، 4-ولا تشربوا الخمر؛ فإنها رأس الخطايا كلها، 5-ولا تفروا من الموت، وإن كنتم فيه، 6-ولا تعص والديك؛ وإن أمراك برمي الدنيا كلها فاطرحها، 7-ولا تضع عصاك عن أهلك 8-وأنصفهم من نفسك
الحديث العشرون:
أخرج البزار ، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله، (ص): " ألا أخبركم بوصية نوح ابنه؟! قالوا: بلى، قال: " أوصى نوح ابنه، فقال: يا بني أني موصيك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين، أوصيك بلا إله إلا الله؛ فإنها لو وضعت في كفة ووضعت السموات والأرض في كفة لرجحت بهن، ولو كانت حلقة لقصمتهن حتى تخلص إلى الله، وبقول سبحان الله العظيم وبحمده، فإنها عبادة الخلق، وبها تقع أرزاقهن، وأنهاك عن اثنتين الشرك والكبر؛ فإنهما يحجبان عن الله، قال: فقيل: يا رسول الله! أمن الكبر أن يتخذ الرجل الطعام فيكون الجماعة عليه، أو يلبس القميص النظيف ؟! قال: ليس ذلك يعني الكبر إنما الكبر من يسفه الحق ويغمص الناس".
قطعا نوح(ص) كان أوصى ابنه بالإسلام فلم يسلك فكيف يوصيه بتلك الأقوال وقد ظل على كفره حتى مات كما قال تعالى" يا بنى اركب معنا ولا تكن مع الكافرين قال سآوى إلى جبل يعصمنى من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين "
الحديث الحادي والعشرون:
أخرج الخرائطي ، والبيهقي ، وأبو نعيم ، أنه (ص)، قال لمعاذ: " أوصيك بتقوى الله،
وصدق الحديث، ووفاء العهد، وأداء الأمانة، وترك الخيانة، وحفظ الجار، ورحمة اليتيم، ولين الكلام، وبذل السلام، وخفض الجناح ".

بالقطع تقوى الله تشمل كل شىء ومن ثم لن يعدد النبى(ص) تلك الوصايا الجزئية لأنه أوصاه بكل شىء بوصية التقوى
الحديث الثاني والعشرون:
أخرج الترمذي وحسنه، والنسائي ، وابن ماجه ، والحاكم وصححه، عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله (ص) يريد سفرا، فقال: أوصني، فقال: رسول الله (ص): " أوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شرف، فلما مضى قال: اللهم أزو له الأرض وهون عليه السفر ".

نفغس الخطأ السابق وهو الوصية العامة ثم وصايا جزئية قليلة
الحديث الثالث والعشرون:
أخرج الطبراني ، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله (ص): " أوصيك بتقوى الله؛ فإنه رأس الأمر كله، عليك بتلاوة القرآن، وذكر الله؛ فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض، عليك بطول الصمت إلا من خير ؛ فإنه مطردة للشيطان عنك، وعون لك على أمر دينك، وإياك وكثرة الضحك؛ فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه، عليك بالجهاد؛ فإنه رهبانية أمتي، أحب المساكين وجالسهم، وأنظر إلى من تحتك، ولا تنظر إلى من فوقك؛ فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك، صل قرابتك وإن قطعوك، قل الحق ولو كان مرا، لا تحف في الله لومة لائم، ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك، ولا تجد عليهم فيما تأتي، وكفى بالمرء عيبا أن يكون فيه ثلاث خصال: أن يعرف من الناس ما يجهل من نفسه، ويستحى لهم مما هو فيه، ويؤذي جليسه، يا أبا ذر لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق ".

الأهطاء هنا عدة سبق تناول بعضها كطول الصمت وبعضها ككثرة الضحك تميت القلب وتورث الفقر تخالف كون الضحك وهو السرور مطلوب لأن الله نهى نبيه (ص)عن الحزن فقال "ولا تحزن ولا تك فى ضيق مما يمكرون "
والحديث مؤلف من عدة روايات سابقة تم جمعها فى رواية واحدة
الحديث الرابع والعشرون:
أخرج أبو داود ، والترمذي ، عن أبي نجيح العرباض بن سارية، قال: وعظنا رسول الله، (ص)، موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا؟! قال: " أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضواعليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة ".

الخطأ الوصية بسنة النبى(ص) والخلفاء وهو خطأ من ناحيتين الأولى هو العلم بالغيب ممثل فى وجود الخلفاء الراشدين وهو غيب لا يعلمه إلا الله والثانية ترك الوصية بكتاب الله وهو كلام لا يمكن أن يقوله النبى(ص) حيث يترك كلام الله
الحديث الخامس والعشرون:
أخرج البيهقي في الدلايل عن أم سلمه قالت: كانت عامة وصية رسول الله (ص) عند موتة: "الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم "، حتى تلجلجها في صدره، وما يفيص به لسانه ".
بالقطع كما قلنا الوصايا الجزئية لا يقولها النبى(ص) وإنما وصيته خاصة عند الوفاة هى لا تموتن إلا وأنتم مسلمون كما فعل الرسل(ص) من قبله
الحديث السادس والعشرون:
أخرج الإمام أحمد ، والطبراني في الكبير ، عن معاذ ، قال: أوصاني رسول الله، (ص)، بعشر كلمات قال: " لا تشرك بالله، وإن قتلت وحرقت، ولا تعص والديك، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك، ولا تتركن الصلاة متعمدا، فمن ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه الذمة، ولا تشربن خمرا فإنه رأس كل فاحشة، وإياك والمعصية؛ فإن المعصية تحل سخط الله، وإياك والفرار من الزحف؛ وإن هلك الناس، وإن أصاب الناس موت فاثبت، وأنفق على أهلك من طولك، ولا ترفع عصاك أدبا، وأخفهم في الله عز وجل ".

سبق تناول الرواية فهى مكررة مع اختلاف فى بعض الكلمات
الحديث السابع والعشرون:
أخر الديلمي ، عن سمرة، قال: قال رسول الله، (ص): " أوصيكم بتقوى الله، والقرآن؛ فإنه نور الظلمة ".
المستفاد طاعة الله هى طاعة القرآن
الحديث الثامن والعشرون:
أخرج الديلمي ، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله، (ص): " أوصيك بتقوى الله، وأن تمت وأنت خفيف الظهر ".

بالقطع كما قلنا الوصايا الجزئية لا يقولها النبى(ص) وإنما وصيته عامة والوصية بخفة الظهر تحرم ما احل الله للمسلم من متاع الدنيا كما قال"قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق"
الحديث التاسع والعشرون:
أخرج أحمد ، وأبو يعلي ، عن أبي سعيد الخدري، أن رجلا جاءه فقال:
أوصني فقال: " سألتني عما سألت عنه رسول الله، (ص)، من قبلك، أوصيك بتقوى الله فإنه رأس كل شيء، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذكر الله، وتلاوة القرآن، فإنه روحك في السماء وذكرك في الأرض ".
وفي رواية، جاء رجل إلى النبي، (ص)، فقال: أوصني؟! فقال: " عليك بتقوى الله، فإنه جماع كل خير " فذكر نحوه، وزاد: "وأخزن لسانك إلا من خير فإنك بذلك تغلب الشيطان ".

الرهبانية هى الخوفانية والخواف لا يجاهد العدو وإنما الشجاع هو الذى يواجه العدو وكون الذكر هنا فى الأرض يخالف رواية سابقة تقول أن الذكر فى السماء وهى الحديث الأول وهو قوله" فإنه ذكر لك في السماء"
الحديث الثلاثون:
أخرج الطبراني ، عن أبي الدرداء، قال: " أوصاني رسول الله، (ص)، بسبع: لا تشرك بالله شيئا؛ وإن قطعت أو حرقت، ولا تترك الصلاة متعمدا، فإنه من تركها فقد برئت منه الذمة، ولا تعص والديك؛ وإن أمراك أن تخرج من الدنيا؛ فأخرج منها، ولا تنازع الأمر أهله، ولا تفرن من الزحف؛ وإن هلكت وفر أصحابك، وأنفق على أهلك من طولك ، ولا ترفع عنهم العصا، وأخفهم في الله ".

سبق تناول الحديث بألفاظ أخرى مرتين فى رقم19 ورقم29وفيه تناقض عددى فهو يقول سبعة وعد 9 هم1-لا تشرك بالله شيئا؛ وإن قطعت أو حرقت، 2-ولا تترك الصلاة متعمدا، فإنه من تركها فقد برئت منه الذمة، 3-ولا تعص والديك؛ وإن أمراك أن تخرج من الدنيا؛ فأخرج منها، 4-ولا تنازع الأمر أهله، 5-ولا تفرن من الزحف؛ وإن هلكت6- وفر أصحابك، 7-وأنفق على أهلك من طولك ، 8-ولا ترفع عنهم العصا، 9-وأخفهم في الله
الحديث الحادي والثلاثون:
أخرج ابن حبان في صحيحه والحاكم والطبراني بسند رواته ثقات، أن معاذ بن جبل أراد سفرا فقال: يا رسول الله أوصني؟! فقال: " اعبد الله ولا تشرك به شيئا "، قال: يا رسول الله زدني؟! قال: " إذا أسأت فأحسن، وليحسن خلقك للناس ".

كما سبق القول لا يمكن ان يوصى بالوصية العامة ثم يأتى بتفصيل عمل أو عدة أعمال قليلة فقط
الحديث الثاني والثلاثون:
أخرج أحمد ، بسند حسن، أنه، (ص)، قال لأبي ذر: " أوصيك بتقوى الله في سرك وعلانيتك، وإذا أسأت فأحسن، ولا تسألن أحدا شيئا؛ وإن سقط سوطك، ولا تقبض أمانة، ولا تقض بين أثنين ".

الخطأ النهى عن السؤال مع وجود أسئلة واجبة كسؤال العالم للجاهل"فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"
الحديث الثالث والثلاثون:
أخرج الطبراني ، عن أميمة مولاة رسول الله، (ص)، قالت: كنت أصب على رسول الله، (ص)، وضوئه فدخل رجل فقال: أوصني؟! قال رسول الله، (ص): " لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت وحرقت بالنار، ولا تعص والديك؛ وإن أمراك أن تخلى من أهلك ودنياك [فتخله] ، ولا تشربن الخمر فإنها مفتاح كل شر، ولا تتركن الصلاة متعمدا، فمن فعل ذلك؛ برئت منه ذمة الله وذمة رسوله، ولا تفرن يوم الزحف، فمن فعل ذلك؛ باء بسخط الله، ومأواه جهنم وبئس المصير، ولا تزدادن في تخوم أرضك، فمن فعل ذلك؛ يؤتى به يوم القيامة على رقبته من مقدار سبع أرضين، وأنفق على أهلك من طولك، ولا ترفع عصاك عنهم، وأخفهم في الله ".

سبق تناول الحديث ثلاث مرات فى16و26و30
الحديث الرابع والثلاثون:
أخرج ابن عساكر ، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله، (ص): " أي أخي! إني موصيك بوصية؛ فأحفظها لعل الله أن ينفعك بها: زر القبور؛ فإنها تذكر بالآخرة بالنهار أحيانا ولا تكثر، واغسل الموتى فإن معالجة جسد خاو موعظة بليغة، وصل على الجنائز لعل ذلك يحزن قلبك، فإن الحزين في ظل الله معرض لكل خير، وجالس المساكين وسلم عليهم إذا لقيتهم، وكل مع صاحب البلاء تواضعا لله وإيمانا به، والبس الخشن الضيق من الثياب؛ لعل العز والكبرياء لا يكون لهما فيك مساغ، وتزين أحيانا لعبادة ربك؛ فإن المؤمن كذلك يفعل تعففا وتكرما وتجملا، ولا تعذب شيئا مما خلق الله بالنار ".

هناك عدة اخطاء نكتقى منها بالتالىك
الأول طلب الحزن وهو ما يناقض النهى عن الحزن فى قوله تعالى" ولا تحزن ولا تك فى ضيق مما يمكرون"
الثانى لبس الخشن من الثياب وهو تحريم لما أحل الله من زينة وهى متاع الدنيا كما قال تعالى"قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق"
الحديث الخامس والثلاثون:
أخرج الطبراني ، عن عبد الله بن مسعود، قال: " أوصاني رسول الله، (ص)، أن أصبح يوم صومي دهينا مترجلا، قال: ولا تصبح يوم صومك عبوسا، وأجب دعوة من دعاك من المسلمين ما لم يظهر المعازف فلا تجبهم، وصل على من مات من أهل قبلتنا، وإن قتل مصلوبا أو مرجوما، ولأن تلقى الله بمثل قراب الأرض ذنوبا؛ خير لك من أن تبت الشهادة على أحد من أهل قبلتنا ".

الخطأ هنا وجود رجم فى الإسلام فلا يوجد رجم فى الوحى المنزل من عند الله
الحديث السادس والثلاثون:
أخرج أبو يعلى ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، (ص): " أوصيك يا أبا هريرة! بخصال أربع: لا تدعهن أبدا ما بقيت: عليك بالغسل يوم الجمعة، والبكور إليها، ولا تلغ ولا تله، وأوصيك بصيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ فإنه صيام الدهر، وأوصيك بالوتر قبل النوم، وأوصيك بركعتي الفجر لا تدعهما، وإن صليت الليل كله فإن فيهما الرغائب ".

الأخطاء عدة ا÷مها ان حدد أربع خصال بينما عدهم7 وهم 1-عليك بالغسل يوم الجمعة،2- والبكور إليها، 3-ولا تلغ 4-ولا تله، 5-وأوصيك بصيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ فإنه صيام الدهر،6- وأوصيك بالوتر قبل النوم، 7-وأوصيك بركعتي الفجر لا تدعهما، وإن صليت الليل كله فإن فيهما الرغائب
الحديث السابع والثلاثون:
أخرج أحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، عن رجل من بلهجيم ، قال: قلت: يا رسول الله أوصني، قال: " إياك وإسبال الإزار؛ فإن إسبال الإزار من المخيلة ، وإن الله لا يحب المخيلة ".

الخطأ كون إلإسبال افزار من المخيلة والمخيلة هى كل ما يعجب الإنسان ويعره فقد يعجبه اللباس القصير أو اللباس العارى الذى يظهر العورات
الحديث الثامن والثلاثون:
أخرج ابن سعد ، وابن أبي شيبة ، عن شداد بن دأوس، قال: " زوجوني، فإن رسول الله، (ص) أوصاني أن لا ألقى الله عزبا".

المستفاد وجوب الزواج على من ملك المهر
الحديث التاسع والثلاثون:
أخرج الديلمي ، عن علي بن أبي طالب ، قال: قال رسول الله، (ص): " أوصيك يا علي لا تشرك بالله شيئا؛ وأن قطعت ".

هذه وصية عامة صحيحة
الحديث الأربعون:
أخرج الطبراني ، والبيهقي عن أبي سعيد بن زيد، قال: قال رسول

الله، (ص): " أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي رجلا صالحا من قومك ".
وصية لا يقولها النبى(ص) فالاستحياؤ من الله لا يكون كالاستحياء من الرجل الصالح فمثلا جماع المراة الحلال لا يستخى فيه المرء من الله لكونه خلال بينما يستحى من أن يفعله امام الرجل الصالح لحرمة فعله أمام الناس
الحديث الحادي والأربعون:
أخرج الطبراني، في الصغير ، عن أبي سعيد، قال: جاء رجل إلى رسول الله، (ص)، فقال: يا رسول الله أوصني، قال : " عليك بتقوى الله فإنها جماع كل خير".

هذه وصية عامة صحيحة
الحديث الثاني والأربعون:
أخرج الأمام أحمد ، والبخاري، في التاريخ ، عن جرموز بن أوس، قال: قال رسول الله، (ص): " أوصيك أن لا تكون لعانا ".

الخطأ حرمة اللعن فلعن الكفار مباح كما قال تعالى "إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس فى الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون"
الحديث الثالث والأربعون:
أخر البخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، عن طلحة بن مصرف، قال: " سألت ابن أبي أوفى،هل أوصى النبي، (ص)؟، قال: لا، قلت: فكيف كتب على الناس الوصية؟! أو أمروا بها ولم يوص، قال: أوصى بكتاب الله ".

هذه وصية عامة صحيحة وهذه الرواية تتعارض مع رواية أم سلمة رقم 25التى تقول بالصلاة وما ملكت أيمانكم