الجمعة، 30 نوفمبر 2018

تفسير سورة الغاشية

سورة الغاشية
سميت بهذا لذكر الغاشية فى قوله"هل أتاك حديث الغاشية".
"بسم الله الرحمن الرحيم هل أتاك حديث الغاشية وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية تسقى من عين آنية ليس لهم من طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغنى من جوع"المعنى بحكم الرب النافع المفيد هل جاءك خبر القيامة نفوس يومئذ خاضعة فاعلة مذلولة تذوق نارا عظيمة تروى من نهر حميم ليس لهم من أكل سوى من زقوم لا يشبع ولا يذهب الجوع،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم وهو حكم الرب النافع المفيد هو أن حديث الغاشية قد أتاه ،يسأل الله نبيه (ص)هل أتاك حديث الغاشية والمراد هل جاءك خبر القيامة ؟والغرض من السؤال هو إخباره بخبر الساعة ومنه أن بعض الوجوه وهى النفوس فى ذلك اليوم تكون خاشعة أى خاضعة خانعة وهى عاملة أى قلقة خائفة وهى ناصبة أى متعبة أى ذليلة والسبب هو أنها تصلى نارا حامية أى تذوق نارا موقدة مصداق لقوله بسورة الهمزة "نار الله الموقدة" أى تدخل نارا مشتعلة وهى تسقى من عين آنية والمراد تشرب من نهر الغساق أى الحميم مصداق لقوله بسورة النبأ"لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا"وليس لهم طعام إلا من ضريع أى زقوم أى غسلين مصداق لقوله بسورة الجاثية "إن شجرة الزقوم طعام الأثيم"وقوله بسورة الحاقة"ولا طعام إلا من غسلين "وهو أكل لا يسمن أى لا يشبع ولا يغنى من جوع والمراد ولا يمنع الجوع عن الكفار مهما أكلوا من ثمره والخطاب للنبى(ص) وما بعده.
"وجوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية فى جنة عالية لا تسمع فيها لاغية فيها عين جارية فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابى مبثوثة "المعنى نفوس يومذاك مترفة لعملها قابلة فى حديقة مرفوعة لا تعلم بها باطلة فيها نهر سائر فيها فرش عالية وأكواب مقدمة ووسائد مرتبة وسجاجيد منتشرة،يبين الله لنبيه (ص)أن فى يوم القيامة تكون وجوه ناعمة والمراد نفوس سعيدة أى ضاحكة مصداق لقوله بسورة عبس"وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة" وهى لسعيها راضية والمراد بجزاء عملها فى الدنيا سعيدة وهى فى جنة عالية أى حديقة مرتفعة لا تسمع فيها لاغية والمراد لا تعلم بها كلمة باطل أى إثم مصداق لقوله بسورة الواقعة"لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما" فيها عين جارية أى نهر متحرك ما فيه من شراب فيها سرر مرفوعة أى فرش عالية وأكواب موضوعة أى كئوس مقدمة للناس ونمارق مصفوفة أى وسائد مرتبة وزرابى مبثوثة أى وسجاجيد مفروشة على أرض الجنة .
"أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت "المعنى أفلا يفكرون فى الإبل كيف أنشأت وفى السماء كيف حملت وفى الرواسى كيف وضعت وفى الأرض كيف بسطت ؟يسأل الله أفلا ينظرون والمراد أفلا يعلمون إلى الإبل كيف خلقت والمراد بالإبل كيف أبدعت وبالسماء كيف رفعت أى أقيمت فوق الأرض وبالجبال كيف وضعت أى أرسيت على الأرض وبالأرض كيف سطحت أى بسطت ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا بمعرفة الكفار بكيفية خلق الإبل ورفع السماء ووضع الجبال وسطح الأرض ومع هذا لم يؤمنوا بخالقهم القادر على كل شىء والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر إنا إلينا إيابهم ثم إنا علينا حسابهم "المعنى فأبلغ إنما أنت مبلغ لست عليهم بوكيل أما من أعرض أى كذب فيعاقبه الرب العقاب الأعظم إنا إلينا رجوعهم ثم إنا علينا جزائهم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يذكر أى يبلغ الوحى للناس لأنه مذكر أى مبلغ للوحى أى نذير مصداق لقوله بسورة فاطر"إن أنت إلا نذير"ويبين له أنه ليس عليهم بمصيطر أى جبار أى مكره للناس على الإيمان ويبين له أن من تولى أى كفر أى كذب حكم الله يعذبه الله العذاب الأكبر والمراد يعاقبه الرب العقاب الأعظم ويبين له أن إيابهم وهو عودتهم للحياة هى إلى جزاء الله وفسر هذا بأن حسابهم عليه أى جزاءهم هو من الله وهو النار

 

الخميس، 29 نوفمبر 2018

تفسير سورة الأعلى

سورة الأعلى
سميت بهذا الاسم لذكر كلمة الأعلى فى قوله"سبح اسم ربك الأعلى ".
"بسم الله الرحمن الرحيم سبح اسم ربك الأعلى الذى خلق فسوى والذى قدر فهدى والذى أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى "المعنى بحكم الرب النافع المفيد أطع حكم إلهك الأعظم الذى أنشأ فأتقن والذى حسب فأرشد والذى أنبت النبات فجعله حطام مدمر،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أن يسبح اسم ربه الأعلى والمراد أن يطيع حكم خالقه العظيم مصداق لقوله بسورة الحاقة"فسبح باسم ربك العظيم "والله هو الذى خلق فسوى أى أنشأ المخلوق فأتقن الإنشاء والذى قدر فهدى والمراد الذى خلق الخلق فأرشدهم للحق والذى أخرج المرعى والمراد والذى أنبت النبات فجعله غثاء أحوى والمراد فأعاده حطاما مدمرا مصداق لقوله بسورة الزمر"ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما "والخطاب وما بعده من السورة للنبى(ص) عدا بل تؤثرون.
"سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى "المعنى سنلقنك فلا تعصى إلا ما أراد الرب إنه يعرف العلن وما يسر،يبين الله لنبيه (ص)أنه سيقرئه أى سيبلغه الوحى فعليه ألا ينسى إلا ما شاء الله والمراد فعليه ألا يسهو عن طاعة الوحى أى يعصى حكم الله إلا ما قدر الله سابقا أنه سيعصاه من الأحكام والمؤمنين ويبين له أنه يعلم الجهر وما يخفى أى أنه يعرف العلن والذى يكتم أى يسر مصداق لقوله بسورة التغابن"ويعلم ما تسرون وما تعلنون ".
"ونيسرك لليسرى فذكر إن نفعت الذكرى سيذكر من يخشى "المعنى ونهيئك للسبيل فأبلغ إن أفاد الإبلاغ سيطيع من يخاف،يبين الله لنبيه (ص)أنه سييسره لليسرى أى سيبلغه السبيل وهو الإسلام والمراد سيعرفه الدين ليذكره أى ليطيعه مصداق لقوله بسورة عبس "ثم السبيل يسره"وهو القرآن مصداق لقوله بسورة القمر "ولقد يسرنا القرآن للذكر"ويطلب منه أن يذكر أى يبلغ الوحى إن نفعت الذكرى أى إن أفاد الإبلاغ والمراد أن يبلغ الوحى مرارا من يرى أنه يفيده البلاغ ويبين له أنه سيذكر من يخشى أى سيطيع البلاغ من يخاف عذاب الله .
"ويتجنبها الأشقى الذى يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيى "المراد ويخالفها المهان الذى يدخل النار العظمى ثم لا يفنى فيها ولا يعيش ،يبين الله للنبى (ص)أن الأشقى وهو المعاقب يتجنب اليسرى أى يخالف الوحى المبلغ وهو الذى يصلى النار الكبرى أى الذى يدخل السعير الكبير مصداق لقوله بسورة الإنشقاق"ويصلى سعيرا"وهو لا يموت فيها ولا يحيى أى لا يفنى فيها فناء تاما لا حياة بعده ولا يحيى أى ولا يعيش عيش السعداء وإنما عيش سيىء.
"قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى إن هذا لفى الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى "المعنى قد رحم من أسلم أى عرف حكم خالقه فأطاع،بل تفضلون المعيشة الأولى والجنة أفضل وأدوم إن هذا لفى الكتب السابقة كتب إبراهيم (ص)موسى (ص)،يبين الله لنبيه (ص)أنه قد أفلح من تزكى والمراد قد فاز برحمة الله وهى جنته من أسلم لله وفسر هذا بأنه من ذكر اسم ربه فصلى والمراد من علم بحكم خالقه فأتبعه،ويبين الله للناس أنهم يؤثرون الحياة الدنيا أى يفضلون أى يستحبون متاع المعيشة الأولى على متاع الآخرة مصداق لقوله بسورة النحل"استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة"ويبين لهم أن الآخرة والمراد بها هنا الجنة أى رزق الجنة خير أى أحسن من رزق الدنيا وأبقى أى أدوم لأنه لا يفنى مصداق لقوله بسورة طه"ورزق ربك خير وأبقى "ويبين لهم أن هذا الكلام وهو الآيات السابقة موجودة فى الصحف الأولى وهى الكتب السابقة التى أوحاها لكل من إبراهيم (ص)وموسى (ص)والخطاب للناس من أول بل تؤثرون

الأربعاء، 28 نوفمبر 2018

تفسير سورة الطارق

سورة الطارق
سميت بهذا الاسم لذكر الطارق فى قوله "والسماء والطارق ".
"بسم الله الرحمن الرحيم والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب إن كل نفس لما عليها حافظ "المعنى بحكم الرب النافع المفيد والسماء والنجم والذى عرفك ما النجم الكوكب المنير إن كل نفس لها حامى،يقسم الله بالسماء والطارق وهو النجم الثاقب أى الكوكب المنير على أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أن كل نفس عليها حافظ والمراد كل فرد له حامى من عذاب الله هو بصيرته أى عقله مصداق لقوله بسورة القيامة"بلى إن الإنسان على نفسه بصيرة " ويبين له أن ما أدراك ما الطارق أى والله الذى عرفك ما الطارق إنه النجم الثاقب .
"فلينظر الإنسان مما خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر فما له من قوة ولا ناصر "المعنى فليفكر الفرد مما أنشأ ؟ أنشأ من ماء مدفوع يدفع من بين الصلب أى الترائب إنه على بعثه لفاعل يوم تكشف الخفايا فما له من عزة ولا مؤيد،يطلب الله من الإنسان وهو الفرد أن ينظر مما خلق والمراد أن يعرف من أى شىء أنشأه الله،ويعرفه الله المطلوب فيقول خلق من ماء دافق أى أنشأ من ماء مدفوع أى مهين مصداق لقوله بسورة المرسلات"ألم نخلقكم من ماء مهين "وهذا الماء يخرج من بين الصلب أى وسط الصلب وهو نفسه الترائب لأنه قال بسورة النساء"وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم "فهنا مخلوق من الأصلاب وحدها وهذا يعنى أن المصدر واحد فقط وهو ثقب القضيب وثقب المهبل الذى يتدفق منهما الماء المهين عند الجماع وسمى العضو بالصلب لأن القضيب والمهبل يكونان فى حالة ليونة عادة وعند الجماع يتضخمان ويصبحان فى حالة صلابة والصلابة تعنى أنهما جامدان وليس لينان ويبين للنبى (ص) أنه على رجعه لقادر والمراد أنه على إحيائه لفاعل مصداق لقوله بسورة القيامة "أليس بقادر على أن يحيى الموتى "يوم تبلى السرائر والمراد يوم تكشف الخفايا وهى الأعمال ويبين له أن الكافر ليس له قوة أى عزة تحميه وليس له ناصر أى حامى من عذاب الله .
"والسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع إنه لقول فصل وما هو بالهزل إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا "المعنى والسماء ذات العود والأرض ذات الشق إنه لقول حق وما هو بالباطل إنهم يمكرون مكرا وأمكر مكرا فاترك الكاذبين اتركهم وقتا ،يقسم الله بالسماء ذات الرجع أى العود فهى تعيد الشمس بعد غيابها نهارا وتعيد النجوم بعد غيابها فى الليل وبالأرض ذات الشق وهى صاحبة الشق أى الفتحات المتتالية على أن القرآن قول فصل أى كلام عدل وما هو بالهزل أى وما هو بالباطل ،ويبين لنبيه (ص)أن الكفار يمكرون مكرا أى يكيدون كيدا أى يدبرون تدبيرا مؤذيا والله يكيد لهم كيدا والمراد يمكر لهم مكرا يفسد تدبيرهم ويطلب منه أن يمهل الكافرين أى أن يدع الكافرين والمراد أن يتركهم والإمهال المطلوب هو أن يتركهم رويدا أى أن يدعهم وقتا قصيرا يتمتعوا كما يريدون حتى يروا العذاب بعد ذلك والخطاب فى السورة للنبى(ص)

الثلاثاء، 27 نوفمبر 2018

تفسير سورة البروج

سورة البروج
سميت بهذا الاسم لذكر البروج فيها بقوله "والسماء ذات البروج".
"بسم الله الرحمن الرحيم والسماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد ومشهود قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد الذى له ملك السموات والأرض والله على كل شىء شهيد"المعنى بحكم الرب النافع المفيد والسماء صاحبة النجوم واليوم الميقات وحاكم ومحكوم لعن أهل الشق النار صاحبة الحطب إذ هم حولها جلوس وهم على ما يصنعون بالمسلمين شاهدين وما غضبوا عليهم إلا أن يصدقوا بالرب الناصر الشاكر الذى له ميراث السموات والأرض والرب على كل أمر رقيب،يقسم الله بكل من السماء ذات البروج أى صاحبة النجوم وهى المصابيح مصداق لقوله بسورة الملك"ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح"،واليوم الموعود وهو اليوم المخبر الناس به وهو يوم القيامة،والشاهد وهو الحاكم وهو الله ،والمشهود وهو الحكم الذى يصدره الله على كل إنسان،وهو يقسم على أن اسم الله الرحمن الرحيم وهو أن حكم الرب النافع المفيد هو قتل أصحاب الأخدود أى لعن أهل الشق والمراد عذب الذين صنعوا الحفرة فى الأرض لحرق المسلمين والأخدود هو النار ذات الوقود والمراد النار صاحبة الحطب إذ هم عليها قعود والمراد والكفار حول الأخدود جلوس يتفرجون وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود والمراد وهم على الذى يعملون بالمسلمين مقرين معترفين بذنبهم وقد حصلت هذه الحادثة فى عهد النبى (ص)والسبب الذى دفع الكفار لحرق المؤمنين أنهم نقموا منهم أى غضبوا أى ثاروا عليهم بسبب أنهم أمنوا بالله العزيز الحميد والمراد أنهم صدقوا حكم الرب الناصر للمؤمنين المثيب لهم بالجنة الذى له ملك أى "مقاليد السموات والأرض "كما قال بسورة الزمر"والمراد له حكم الكون والله على كل شىء شهيد والمراد والرب على كل أمر رقيب أى بكل أمر عليم مصداق لقوله بسورة الأحزاب"وكان الله على كل شىء رقيبا ".
"إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق"المعنى إن الذين عذبوا المصدقين والمصدقات ثم لم يسلموا فلهم عقاب النار أى لهم عقاب الجحيم،يبين الله أن الذين فتنوا أى عذبوا أى حرقوا المؤمنين والمؤمنات وهم المصدقين والمصدقات بحكم الله ثم لم يتوبوا أى ثم لم يعودوا لحكم الله والمراد لم يسلموا فلهم عذاب جهنم أى لهم عذاب الحريق والمراد لهم عقاب الجحيم أى عقاب السعير مصداق لقوله بسورة الدخان"عذاب الجحيم"وقوله بسورة سبأ"عذاب السعير".
"إن الذين أمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير "المعنى إن الذين صدقوا وفعلوا الحسنات لهم حدائق تسير من أسفلها العيون ذلك النصر العظيم ،يبين الله أن الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات وهم الذين فعلوا الحسنات لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد حدائق تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة ودخول الجنة هو الفوز الكبير والمراد النصر العظيم مصداق لقوله بسورة الصف"ذلك الفوز العظيم ".
"إن بطش ربك لشديد إنه يبدىء ويعيد وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد "المعنى إن عقاب إلهك لعظيم إنه هو يخلق ويبعث وهو العفو المحب صاحب الكون الكبير ،يبين الله للنبى (ص)أن بطش ربه شديد والمراد أن عذاب خالقه عظيم مصداق لقوله بسورة البقرة"وإن الله شديد العذاب"وهو يبدىء أى يخلق أى يحيى ويعيد أى ويبعث للحياة بعد الموت مصداق لقوله بسورة آل عمران"والله يحى ويميت"وهو الغفور الودود أى العفو النافع لمن يطيع حكمه وهو ذو العرش المجيد أى رب الكون العظيم مصداق لقوله بسورة المؤمنون"ورب العرش العظيم"والمراد مالك الكون الكبير.
"هل أتاك حديث الجنود فرعون وثمود بل الذين كفروا فى تكذيب والله من وراءهم محيط بل هو قرآن مجيد فى لوح محفوظ"المعنى هل جاءك قول العساكر فرعون وثمود إن الذين كذبوا فى كفر والرب من خلفهم عليم،بل هو حكم عظيم فى سجل مصون،يسأل الله رسوله(ص)هل أتاك حديث الجنود والمراد هل أوحيت لك قصة العسكر فرعون وثمود؟والغرض من السؤال إخباره أن قصص فرعون وثمود قد أوحيت له من قبل وعليه وعلى من يسمع السؤال أن يتخذ العظة منها،ويبين له أن الذين كفروا فى تكذيب والمراد أن الذين كذبوا حكم الله مستمرون فى الكفر وهو التكذيب بحكم الله،والله من وراءهم محيط والمراد والرب بأنفسهم عليم مصداق لقوله بسورة التوبة "والله عليم بالظالمين"،ويبين له أن الوحى هو قرآن مجيد فى لوح محفوظ والمراد أنه هو كتاب كريم فى كتاب أى سجل مكنون أى مصون مصداق لقوله بسورة الواقعة "إنه لقرآن كريم فى كتاب مكنون"

الاثنين، 26 نوفمبر 2018

تفسير سورة الانشقاق

سورة الإنشقاق
سميت بهذا الاسم لذكر انشقاق السماء فى قوله "إذا السماء انشقت ".
"بسم الله الرحمن الرحيم إذا السماء إنشقت وأذنت لربها وحقت وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت وأذنت لربها وحقت"المعنى بحكم الرب النافع المفيد إذا السماء تفتحت واستسلمت لحكم خالقها أى خضعت وإذا الأرض بسطت ورمت الذى فيها وتركت وخضعت لحكم خالقها أى استسلمت ،يبين الله أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أن السماء والأرض كل منهما أذنت أى حقت لربها والمراد خضعت أى استسلمت أى استجابت لأمر إلهها فالسماء انشقت والأرض مدت وتخلت،ويبين لنا أن السماء انشقت أى انفطرت مصداق لقوله بسورة الإنفطار"إذا السماء انشقت "والمراد تفتحت أبوابا وإذا الأرض مدت أى زلزلت وألقت ما فيها وتخلت والمراد وتركت الذى فيها أى أخرجت ما فى باطنها مصداق لقوله بسورة الزلزلة "إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها ".
"يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه فأما من أوتى كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا "المعنى يا أيها الفرد إنك عامل لإلهك عملا فمقابل جزائه فأما من أعطى سجله بيمينه فسوف يعطى عطاء حسنا ويعود إلى عائلته فرحا ،يخاطب الله الإنسان وهو أى فرد من الإنس والجن فيقول إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه والمراد إنك عامل فى الدنيا عملا فآخذ جزاء العمل فى الآخرة فأما من أوتى كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا والمراد فأما من سلم سجل عمله بيده اليمنى فسوف يعطى عطاء حسنا هو الجنة وينقلب إلى أهله مسرورا والمراد ويعود إلى عائلته فرحا سعيدا والخطاب للناس وما بعده.
"وأما من أوتى كتابه وراء ظهره فسوف يدعوا ثبورا ويصلى سعيرا إنه كان فى أهله مسرورا إنه ظن أن لن يحور بلى إن ربه كان به بصيرا"المعنى وأما من سلم سجله خلف دبره فسوف ينادى هلاكا ويدخل نارا إنه كان فى صحبه سعيدا إنه اعتقد إنه لن يبعث إن إلهه كان به عليما،يبين الله للإنسان أن من أوتى كتابه وراء ظهره والمراد أن من سلم سجل عمله بشماله مصداق لقوله بسورة الحاقة "وأما من أوتى كتابه بشماله "فسوف يدعوا ثبورا أى فسوف يقول هلاكا أى الويل لى،ويصلى سعيرا أى يدخل نارا مصداق لقوله بسورة الأعلى "الذى يصلى النار الكبرى"والسبب أنه كان فى أهله مسرورا والمراد إنه كان يعيش مع ناسه سعيدا بكفره إنه ظن أن لن يحور والمراد إنه اعتقد أنه لن يبعث أى لن يعود للحياة مرة أخرى مصداق لقوله بسورة الجن"وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا"وقد كان ربه به بصيرا والمراد وقد كان خالقه بعمله عليما مصداق لقوله بسورة الفرقان "وكفى به بذنوب عباده خبيرا".
"فلا أقسم بالشفق والليل وما وسق والقمر إذا اتسق لتركبن طبقا عن طبق فما لهم لا يؤمنون وإذا قرىء عليهم القرآن لا يسجدون بل الذين كفروا يكذبون والله أعلم بما يوعون فبشرهم بعذاب أليم إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون "المعنى أحلف بالحمرة والليل وما جمع والقمر إذا اكتمل لتكونن طبقة فوق طبقة فما لهم لا يصدقون أى إذا أبلغ لهم الكتاب لا يطيعون ،إن الذين كذبوا يكفرون والله أدرى بما يعملون فأخبرهم بعقاب شديد إلا الذين صدقوا وفعلوا الحسنات فلهم ثواب غير مقطوع ،يقسم الله بالشفق وهو احمرار جو السماء فى الليل بعد مغرب الشمس والليل وما وسق وهو ما جمع وهو النجوم والقمر إذا اتسق أى اكتمل فأصبح بدرا وهو يقسم على التالى :أن الناس يركبون طبقا عن طبق والمراد يخلقون مرحلة بعد مرحلة أى خلق بعد خلق مصداق لقوله بسورة الزمر"يخلقكم فى بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق"ويسأل الله فما لهم لا يؤمنون أى فما الكفار لا يفقهون حديثا مصداق لقوله بسورة النساء"فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا "وفسر السؤال بسؤاله وإذا قرىء عليهم القرآن لا يسجدون وما لهم إذا أبلغ لهم الوحى لا يطيعون ؟ويجيب الله على السؤال بقوله بل الذين كفروا يكذبون أى إن الذين خالفوا الوحى يكفرون به ويطلب الله من نبيه (ص)أن يبشرهم أى يقول للكفار لكم عذاب أليم والمراد لكم عقاب شديد إلا الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات لهم أجر غير ممنون أى ثواب غير مقطوع والمراد دائم والخطاب للناس حتى طبق وما بعده للنبى(ص)

الأحد، 25 نوفمبر 2018

تفسير سورة المطففين

سورة المطففين
سميت بذلك لذكر المطففين فيها بقوله"ويل للمطففين ".
"بسم الله الرحمن الرحيم ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين "المعنى بحكم الرب النافع المفيد العذاب للكافرين الذين إذا تعاملوا مع الخلق يستكملون وإذا عاملوهم أى فاعلوهم يظلمون ألا يعتقد أولئك أنهم عائدون فى يوم كبير يوم يستجيب الخلق لإله الناس،يبين الله لنا أن اسم الله الرحمن الرحيم وهو حكم الرب النافع المفيد هو أن الويل للمطففين والمراد العذاب للمكذبين مصداق لقوله بسورة الطور"فويل يومئذ للمكذبين"وفسرهم بأنهم إذا اكتالوا على الناس يستوفون أى إذا تعاملوا مع الخلق يستكملون والمراد إذا كان لهم حقوق عند الخلق أخذوها كاملة وإذا كالوهم وفسرها بأنها وزنوهم يخسرون والمراد وإذا عاملوا الناس يبخسون وهذا يعنى أن الآخرين إن كان لهم حقوق عند المطففين لم يعطوها لهم كاملة إنما يمنعونها عنهم ،ويسأل الله ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم والمراد ألا يعتقد أولئك أنهم عائدون للحياة فى يوم كبير وهذا يعنى أنه يريد إخبارنا أنهم لا يصدقون بالبعث والقيامة يوم يقوم الناس لرب العالمين أى يوم يستجيب الخلق لنداء وهو دعاء إله الكل بالعودة للحياة مرة أخرى مصداق لقوله بسورة الإسراء"يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"كلا إن كتاب الفجار لفى سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين الذين يكذبون بيوم الدين وما يكذب به إلا كل معتد أثيم إذ تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين "المعنى حقا إن عمل الكفار لفى كتاب والذى أعلمك ما سجين سجل مسجل ،العذاب يومذاك للكافرين الذين يكفرون بيوم الحساب وما يكفر به إلا كل ظالم مجرم إذا تبلغ له أحكامنا قال تخاريف السابقين،يبين الله لنبيه (ص)أن كلا وهو الحق أن كتاب الفجار والمراد إن عمل الكفار موجود فى شىء يسمى سجين وما أدراك ما سجين أى والله الذى أعرفك ما سجين ،إن سجين هو كتاب مرقوم أى سجل مدون به عملهم لا يترك صغيرة ولا كبيرة ،والويل وهو العذاب يومئذ للمكذبين وهم المطففين مصداق لقوله"ويل للمطففين"وهم الذين يكذبون بيوم الدين وهم الذين يكفرون بيوم الحساب وما يكذب به أى وما يكفر به إلا كل معتد أثيم أى كل ظالم مجرم مصداق لقوله بسورة الرحمن"هذه جهنم التى يكذب بها المجرمون"وهو إذا تتلى عليه آياتنا والمراد إذا تبلغ له أحكام دين الله قال:أساطير الأولين أى خلق أى تخاريف السابقين مصداق لقوله بسورة الشعراء"إن هذا إلا خلق الأولين "وهذا يعنى أنه يجعل القرآن أكاذيب السابقين .
"كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالوا الجحيم ثم يقال هذا الذى كنتم به تكذبون "المعنى حقا لقد ظهر لأنفسهم ما كانوا يعملون حقا إنهم عن رحمة خالقهم لبعيدون ثم إنهم لداخلوا النار ثم يقال هذا الذى كنتم به تكفرون ،يبين الله لنبيه(ص)أن كلا وهى الحقيقة هى أن الكفار ران على قلوبهم ما كانوا يعملون أى ظهر أى تذكروا فى أنفسهم ما كانوا يكسبون أى يسعون أى يعملون مصداق لقوله بسورة النازعات"يوم يتذكر الإنسان ما سعى "وكلا وهى الحقيقة هى أنهم عن ربهم والمراد عن جنة خالقهم محجوبون أى مبعدون وهذا يعنى أنهم لا يدخلون الجنة ثم إنهم لصالوا الجحيم أى "لذائقوا العذاب الأليم"كما قال بسورة الصافات والمراد ثم إنهم لداخلوا النار ثم يقال هذا الذى كنتم به تكذبون أى تكفرون وهو النار التى كانوا يكفرون بها فى الدنيا والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"كلا إن كتاب الأبرار لفى عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون"المعنى حقا إن عمل المسلمين لفى عليين والذى أعلمك ما عليون سجل مدون يراه المسلمون ،يبين الله لنبيه (ص)أن كلا وهى الحقيقة هى أن كتاب الأبرار وهو عمل المسلمين فى الدنيا فى عليين وما أدراك ما عليين أى والله الذى أعلمك ما عليين هو كتاب مرقوم يشهده المقربون أى سجل مدون كل شىء يراه المقربون وهم المسلمون مصداق لقوله بسورة الزلزلة "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره".
"إن الأبرار لفى نعيم على الأرائك ينظرون تعرف فى وجوههم نضرة النعيم يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفى ذلك فليتنافس المتنافسون ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون "المعنى إن المسلمين فى جنة على الفرش يرون تعلم من أنفسهم فرحة المتاع يشربون من عسل مطبوع مذاقه مسك وفى ذلك فليتسابق المتسابقون ومصدره من تسنيم نهرا يرتوى منه المسلمون ،يبين الله لنبيه (ص)إن الأبرار فى نعيم والمراد إن المسلمين وهم المتقين فى الجنة مصداق لقوله بسورة القمر"إن المتقين فى جنات"وهم على الأرائك وهى الفرش أى الأسرة ينظرون أى يتمتعون تعرف فى وجوههم نضرة النعيم والمراد يعلم من نفوسهم فرحة بالمتاع وهم يسقون من رحيق مختوم أى يشربون من عسل مصفى ختامه مسك أى مذاقه أى طعمه طعم المسك وفى ذلك فليتنافس المتنافسون أى فى الحصول على النعيم فليتسابق المتسابقون ومزاجه من تسنيم والمراد ومصدر العسل هو تسنيم وهو عين أى نهر يشرب منه المقربون أى يرتوى من سائلها المسلمون والخطاب للنبى(ص) وما بعده.
"إن الذين أجرموا كانوا من الذين أمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون وما أرسلوا عليهم حافظين "المعنى إن الذين كفروا كانوا من الذين صدقوا يسخرون وإذا لقوهم يلمزون وإذا عادوا إلى عوائلهم عادوا ضاحكين وإذا شاهدوهم قالوا إن هؤلاء لكافرون وما بعثوا لهم مانعين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين أجرموا وهم الذين كفروا بحكم الله كانوا من الذين أمنوا أى صدقوا بحكم الله يضحكون أى يسخرون منهم وإذا مروا بهم يتغامزون والمراد وإذا قابلوهم فى أى مكان يعيبون عليهم بشتى الإشارات وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين والمراد وإذا عادوا إلى بيوت أسرهم عادوا مسرورين مصداق لقوله بسورة الإنشقاق"إنه كان فى أهله مسرورا"وإذا رأوهم أى شاهدوهم قالوا عنهم إن هؤلاء لضالون أى لكافرون بديننا وما أرسلوا عليهم حافظين والمراد وما بعثوا على المسلمين أمناء أوصياء مانعين لهم.
"فاليوم الذين أمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون"المعنى فالآن الذين صدقوا من المكذبين يسخرون على الأسرة يتمتعون هل أفاد المكذبين ما كانوا يعملون،يبين الله لنبيه (ص)أن فى يوم القيامة الذين أمنوا أى صدقوا بحكم الله يضحكون من الكفار أى يستهزءون بالمكذبين بحكم الله وهم على الأرائك ينظرون والمراد وهم على الفرش يتمتعون ويسأل الله هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون أى هل أغنى عن المكذبين ما كانوا يكسبون مصداق لقوله بسورة الحجر"فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون"والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار لم تفدهم أعمالهم فى الدنيا والخطاب للنبى(ص).

السبت، 24 نوفمبر 2018

تفسير سورة الانفطار

سورة الإنفطار
سميت السورة بهذا الاسم لذكر انفطار السماء فيها فى قوله "إذ السماء انفطرت".
"بسم الله الرحمن الرحيم إذا السماء انفطرت وإذا الكواكب انتثرت وإذا البحار فجرت وإذا القبور بعثرت علمت نفس ما قدمت وأخرت "المعنى بحكم الرب النافع المفيد إذا السماء انشقت وإذا النجوم انكدرت وإذا البحار اشتعلت وإذا المدافن فتحت عرفت نفس ما أحسنت وأساءت ،يبين الله لنا أن اسم وهو حكم الله الرحمن الرحيم أى حكم الرب النافع المفيد هو أن كل نفس علمت ما قدمت وأخرت عند القيامة والمراد أن كل فرد عرف ما أحسن من عمل وما أساء من عمل وهو ما أحضر مصداق لقوله بسورة التكوير"علمت نفس ما أحضرت"ومن أحداث القيامة أن السماء انفطرت أى "إذا السماء انشقت"كما قال بسورة الإنشقاق والمراد أصبح لها فرج أى أبواب مفتوحة والكواكب انتثرت أى انكدرت أى تحطمت مصداق لقوله بسورة التكوير"وإذا النجوم انكدرت"والبحار فجرت والمراد أن المياه اشتعلت نارا أى سجرت مصداق لقوله بسورة التكوير"وإذا البحار سجرت" والقبور بعثرت والمراد والمدافن تفتحت لإخراج الموتى والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذى خلقك فسواك فعدلك فى أى صورة ما شاء ربك "المعنى يا أيها الفرد ما جرأك على إلهك العظيم الذى أنشأك فأتمك فأقامك فى أى شكل ما أراد وضعك؟يسأل الله الإنسان وهو الكافر:ما غرك بربك الكريم الذى خلقك فسواك فعدلك فى أى صورة ما شاء ركبك والمراد ما جرأك على إلهك الكبير الذى أنشأك فأتمك فأقامك فى أى شكل ما أحب وضعك ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكافر أن الذى غره أى خدعه أى جرأه على عصيان الرب الكريم هو هواه الضال والرب الكريم هو الذى خلقه أى أنشأه فسواه أى فأتم خلقه ثم عدله أى أحياه فى أى صورة والمراد أى شكل شاء ركبه أى أراد وضعه وهذا يعنى أن الله خلق الإنسان فأتقن خلقه ثم وضعه فى الصورة التى يريدها والخطاب للكافر.
"كلا بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون "المعنى حقا إنما تكفرون بالإسلام وإن عليكم لمراقبين عظاما مسجلين يعرفون الذى تعملون ،يبين الله للناس أن كلا وهو الحق هو أن الكفار يكذبون بالدين أى يكفرون بالإسلام وأن عليهم والمراد لهم حافظين كراما كاتبين والمراد مراقبين عظاما ناسخين للعمل مصداق لقوله بسورة الجاثية "إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون"وهم يعلمون ما تفعلون والمراد وهم يعرفون أى يسجلون الذى تعملون والخطاب للكفار.
"إن الأبرار لفى نعيم وإن الفجار لفى جحيم يصلونها يوم الدين وما هم عنها بغائبين "المعنى إن المسلمين لفى جنة وإن الكفار لفى نار يذوقونها يوم الحساب وما هم عنها بمتروكين،يبين الله أن الأبرار وهم المسلمين أى المتقين فى نعيم أى جنات مصداق لقوله بسورة الطور"إن المتقين فى جنات"والفجار وهم الكفار فى جحيم أى نار وهم يصلونها يوم الدين أى يذوقونها أى يدخلونها يوم الحساب وهو يوم الجزاء وما هم عنها بغائبين والمراد وهم ليسوا بمتروكين وهذا يعنى أنه لا يترك مخلوق إلا ويبعثه للحياة للحساب.
"وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله"المعنى وما أعلمك ما يوم الحساب ثم ما أعلمك ما يوم الجزاء يوم لا تمنع نفس عن نفس عذابا والحكم يومذاك لله ،يبين الله لنبيه (ص)ما أدراك ما يوم الدين والمراد الله الذى عرفك يوم الدين وهو يوم الحساب وهو يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والمراد يوم لا يملك مولى أى مخلوق لمولى وهو مخلوق شيئا والمراد لا يمنع عنه عذابا مصداق لقوله بسورة الدخان"يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا "والأمر يومئذ لله والمراد"والملك يومئذ لله"كما قال بسورة الحج وهذا يعنى أن الله يحكم الحكم العادل فى يوم القيامة والخطاب وما قبله للنبى(ص)

الجمعة، 23 نوفمبر 2018

تفسير سولاة التكوير

سورة التكوير
سميت السورة بهذا لذكر تكوير الشمس فيها فى قوله "إذا الشمس كورت"
"بسم الله الرحمن الرحيم إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت وإذا الجبال سيرت وإذا العشار عطلت وإذا الوحوش حشرت وإذا البحار سجرت وإذا النفوس زوجت وإذا الموءودة سئلت بأى ذنب قتلت وإذا الصحف نشرت وإذا السماء كشطت وإذا الجحيم سعرت وإذا الجنة أزلفت علمت نفس ما أحضرت "المعنى بحكم الرب النافع المفيد إذا الشمس دورت وإذا الكواكب هوت وإذا الرواسى نسفت وإذا العشار أبطلت وإذا الوحوش بعثت وإذا البحار اشتعلت وإذا النفوس ركبت وإذا المعذبة استخبرت بأى جريمة لعنت وإذا الكتب فرقت وإذا السماء تفتحت وإذا النار اغتاظت وإذا الحديقة زينت عرفت نفس ما علمت ،يبين الله لنا بسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن بحكم الرب النافع المفيد إذا حدثت أحداث القيامة المذكورة فى السورة يحدث التالى علمت نفس ما أحضرت والمراد رأى أى عرف الفرد ما صنع وهو ما قدم وما أخر مصداق لقوله بسورة الإنفطار"علمت نفس ما قدمت وأخرت "وما يحدث هو :أن الشمس كورت أى دورت لتتدمر والنجوم وهى الكواكب انكدرت والمراد انتثرت أى انفجرت مصداق لقوله بسورة الإنفطار"إذا الكواكب انتثرت"والجبال وهى الرواسى سيرت أى حركت أى نسفت مصداق لقوله بسورة المرسلات"وإذا الجبال نسفت"والعشار وهى الحوامل عطلت أى بطل حملها وهذا يعنى منع الله الإناث كلها من الحمل والولادة،والبحار وهى أماكن تجمع المياه سجرت أى فجرت أى اشتعلت نارا مصداق لقوله بسورة الإنفطار"وإذا البحار فجرت"والنفوس زوجت والمراد والأرواح ركبت فى الأجسام والموءودة وهى النفس المعذبة سئلت بأى ذنب قتلت أى استفهمت بأى جريمة عوقبت والمراد أن المسلمين يسألون الكفار عن سبب عقابهم وتعذيبهم والصحف نشرت والمراد والكتب سلمت فى الأيدى مصداق لقوله بسورة الإنشقاق"فأما من أوتى كتابه بيمينه"و"وأما من أوتى كتابه وراء ظهره"والسماء كشطت أى أزيلت أى تفتحت أى فرجت مصداق لقوله بسورة المرسلات"وإذا السماء فرجت"والجحيم سعرت أى والنار برزت أى أظهرت غيظها مصداق لقوله بسورة النازعات"وبرزت الجحيم لمن يرى "والجنة أزلفت أى والحديقة زينت أى فتحت أبوابها للمسلمين .
"فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس إنه لقول رسول كريم ذى قوة عند ذى العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكم بمجنون ولقد رءاه بالأفق المبين وما هو على الغيب بضنين وما هو بقول شيطان رجيم "المعنى فلا أحلف بالغائبات السائرات الدوارات والليل إذا أظلم والنهار إذا أنار إنه لحديث مبعوث عظيم صاحب عزة لدى صاحب الكون مكين متبع ومخلص وما صديقكم بسفيه ولقد شاهده بالعلو العظيم وما هو للوحى بمانع وما هو بحديث كافر ملعون،يقسم والمراد يحلف الله بالخنس وهى النجوم الغائبات نهارا الجوار وهن النجوم السائرات والكنس وهن النجوم الدائرات فى المدارات وهذا يعنى قسمه بالنجوم وبالليل إذا عسعس أى يغشى أى يظلم والصبح وهو النهار إذا تنفس أى أنار أى تجلى مصداق لقوله بسورة الليل "والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى "وهو يقسم على أن القرآن هو قول رسول كريم أى وحى مبلغ عظيم مصداق لقوله بسورة النجم"إن هو إلا وحى يوحى علمه شديد القوى"والرسول ذى قوة عند ذى العرش مكين والمراد صاحب مرة أى شدة مصداق لقوله بسورة النجم"ذو مرة "لدى صاحب الكون وهو أمين أى مخلص فى عمله وأقسم على أن صاحب الكفار وهو صديقهم محمد(ص)فليس بمجنون أى سفيه وهذا يعنى أنه عاقل وقد رأى جبريل(ص)فى الأفق المبين وهو الجو العظيم مرتين على صورته الحقيقية كما قال بسورة النجم "وقد رآه نزلة أخرى"وهو ليس على الغيب بضنين أى ليس لأخبار المجهول وهو الوحى بمانع وليس القرآن قول شيطان رجيم أى ليس بحديث كافر ملعون والخطاب للناس وما بعده.
"فأين تذهبون إن هو إلا ذكر للعالمين لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين "المعنى فأين تنصرفون؟إن القرآن إلا نصيحة للناس لمن أراد منكم أن يعدل وما تريدون إلا أن يريد الرب إله الناس،يسأل الله الكفار:فأين تذهبون أى تهربون ؟والمراد أن لا مهرب لهم من عذاب الله ويبين لهم أن القرآن هو ذكر للعالمين أى رحمة أى نفع للناس لمن شاء منهم أن يستقيم والمراد لمن أراد منهم أن يتقدم أى يرحمه الله مصداق لقوله بسورة المدثر"لمن شاء منكم أن يتقدم"ويبين لهم أنهم ما يشاءون إلا أن يشاء الله أى ما يريدون إلا أن يريد الرب والمراد أن الخلق لا يفعلون شيئا إلا إذا أراد الله خلق فعلهم فى نفس الوقت الذى يريدون عمله فيه وهو رب العالمين أى إله الناس

الثلاثاء، 20 نوفمبر 2018

تفسير سورة النبأ

سورة النبأ
سميت السورة بهذا الاسم لذكر النبأ فيها بقوله "عم يتساءلون عن النبأ العظيم "
"بسم الله الرحمن الرحيم عم يتساءلون عن النبأ العظيم الذى هم فيه مختلفون كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون "المعنى بحكم الرب النافع المفيد عن ماذا يتحدثون عن الحكم الكبير الذى هم به مكذبون حقا سيعرفون ثم حقا سيعرفون ،يسأل الله عم يتساءلون والمراد عن أى شىء يستخبرون ؟ويجيب الله على السؤال بقوله عن النبأ العظيم الذى هم فيه مختلفون والمراد عن الكتاب الكبير الذى هم عنه معرضون مصداق لقوله بسورة البقرة "وإن الذين اختلفوا فى الكتاب "وقوله بسورة ص"قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون"وهذا يعنى أن الناس مختلفون أى مكذبون بالنبأ وهو القرآن العظيم ،ويبين لنا أن كلا سيعلمون بسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن الناس حقا سيعرفون بحكم الرب النافع المفيد وكرر الله هذا تأكيدا على علم الناس بحكم الله وهو نبأه العظيم والخطاب للنبى(ص)
"ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا وخلقناكم أزواجا وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا والنهار معاشا وبنينا فوقكم سبعا شدادا وجعلنا سراجا وهاجا وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا"المعنى ألم نخلق الأرض فراشا والرواسى شوامخا وجعلناكم أفرادا وخلقنا نعاسكم راحة وخلقنا الليل غطاء والنهار حياة وأنشأنا أعلاكم سبعا عظاما وخلقنا شمسا مضيئة وأسقطنا من السحاب مطرا متتابعا لننبت به حبا وزرعا وحدائق عظيمة ،يسأل الله ألم والغرض من السؤال هو إخبار الناس أنه جعل لهم الأرض مهادا والمراد خلق لهم "الأرض فراشا "كما قال بسورة البقرة والمراد مكان للحياة وخلق لهم الجبال أوتادا أى جعل لهم الرواسى شوامخا أى مثبتات مصداق لقوله بسورة المرسلات"وجعلنا فيها رواسى شامخات"وخلق الناس أزواجا والمراد جعل الناس أفرادا أى ذكرا وأنثى مصداق لقوله بسورة الحجرات"إنا خلقناكم من ذكر وأنثى"وجعل الله نومنا سباتا والمراد وخلق الله نعاسنا راحة لأنفسنا ولأجسامنا وخلق الليل لباسا والنهار معاشا والمراد وجعل الليل سكنا والنهار مبصرا مصداق لقوله بسورة غافر"الذى جعل لكم الليل لتسكنوا فيه"وقوله بسورة يونس"والنهار مبصرا "وبنينا فوقكم سبعا شدادا والمراد وسوينا أى وشيدنا أعلاكم سبعا سموات طباقا مصداق لقوله بسورة البقرة "فسواهن سبع سموات"وهذا يعنى أن السماء مقامة على الأرض فالأرض هى أساس الكون وجعل الله سراجا وهاجا والمراد وخلق شمسا مضيئة مصداق لقوله بسورة يونس"وجعل الشمس ضياء"وهو الذى أنزل من المعصرات ماء ثجاجا والمراد وهو الذى أسقط من السحاب مطرا متتابعا والسبب ليخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا والمراد لينبت به حبوبا وزرعا وحدائق غلبا أى بساتين عظيمة والخطاب وما بعده للناس
"إن يوم الفصل كان ميقاتا يوم ينفخ فى الصور فتأتون أفواجا وفتحت السماء فكانت أبوابا وسيرت الجبال فكانت سرابا"المعنى إن يوم الحكم كان محددا يوم ينفث فى البوق فتخرجون جماعات وانشقت السماء فكانت فتحات وتحركت الرواسى فكانت هباء،يبين الله للناس أن يوم الفصل وهو يوم الحكم وهو يوم الساعة كان ميقاتا أى موعدا محددا مصداق لقوله بسورة القمر "بل الساعة موعدهم"وهو يوم ينفخ فى الصور أى ينقر فى الناقور مصداق لقوله بسورة المدثر"فإذا نقر فى الناقور "والمراد وإذا ينادى المنادى فى آلة النداء فتأتون أفواجا والمراد فتبعثون جماعات للحياة مرة أخرى وفتحت السماء فكانت أبوابا والمراد وانشقت السماء فكان لها فتحات عديدة مصداق لقوله بسورة الرحمن"فإذا انشقت السماء"وسيرت الجبال فكانت سرابا أى وبست الرواسى فكانت هباء أى كثيبا مهيلا مصداق لقوله بسورة المزمل"يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا" وقوله بسورة الواقعة "وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا".
"إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا لابثين فيها أعقابا لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا جزاء وفاقا إنهم كانوا لا يرجون حسابا وكذبوا بآياتنا كذابا وكل شىء أحصيناه كتابا فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا "المعنى إن النار كانت عقابا للكافرين مسكنا باقين فيها أزمانا لا يطعمون فيها ماء ولا شرابا إلا سائلا أى غساقا عقابا عادلا إنهم كانوا لا يريدون جزاء وكفروا بأحكامنا كفرا وكل أمر سجلناه تسجيلا فاطعموا فلن نعطيكم سوى آلاما، يبين الله أن جهنم وهى النار كانت مرصادا أى موعدا مصداق لقوله بسورة الحجر"وإن جهنم لموعدهم أجمعين"وهى للطاغين مآبا والمراد للفاسقين مأوى مصداق لقوله بسورة السجدة"وأما الذين فسقوا فمأواهم النار"وهم لابثين فيها أحقابا أى ماكثين فيها أزمنة متعاقبة والمراد مقيمين فيها دوما وهم لا يذوقون فيها بردا والمراد لا يشربون فيها عصيرا أى شرابا أى ماء إلا حميما أى غساقا وهو سائل محرق مصداق لقوله بسورة الأنعام"لهم شراب من حميم "وهذا جزاء وفاقا أى عقابا عادلا والسبب أنهم كانوا لا يرجون حسابا أى لا يؤمنون بلقاء الله مصداق لقوله بسورة يونس"الذين لا يرجون لقاءنا"وكذبوا بآياتنا كذابا والمراد وكفروا بأحكامنا وهى آياتنا كفرا مصداق لقوله بسورة النساء"إن الذين كفروا بآياتنا"وكل شىء أحصيناه كتابا والمراد وكل فعل سجلناه تسجيلا فى الزبر وهو سجل العمل مصداق لقوله بسورة القمر"وكل شىء فعلوه فى الزبر وكل صغير وكبير مستطر"ويقال لهم فى الآخرة ذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا والمراد اعرفوا ألم العذاب فلن نعطيكم سوى ألما مستمرا والخطاب للنبى(ص) وما بعده
"إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا وكواعب أترابا وكأسا دهاقا لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا جزاء من ربك عطاء حسابا"المعنى إن للمطيعين نصرا بساتين وأعنابا وفتيات حسان وكأسا مليئة لا يعرفون فيها باطلا ولا إثما ثوابا من خالقك جزاء عادل،يبين الله أن المتقين وهم المطيعين لحكمه لهم مفازا أى نصرا أى ثوابا هو حدائق أى جنات وأعناب ،وكواعب أترابا وهن الفتيات الزميلات والمراد الحور العين ،وكأس دهاق أى نهر جارى بالشراب اللذيذ وهم لا يسمعون فيها لغوا أى كذابا والمراد إثما أى باطلا مصداق لقوله بسورة الواقعة"لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما "وهو جزاء من ربك عطاء حسابا والمراد وهو جنة من خالقه ثوابا عادلا فى مقابل عملهم الحسن فى الدنيا .
"رب السموات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا "المعنى خالق السموات والأرض والذى وسطهما النافع لا يأخذون منه حديثا يوم يبعث جبريل(ص)والملائكة طابورا لا يتحدثون إلا من سمح له النافع وقال عدلا ذلك اليوم العدل فمن أراد جعل إلى إلهه سبيلا ،يبين الله للناس أن الله رب وهو خالق السموات والأرض وما بينهما أى والذى وسطهما مصداق لقوله بسورة الأنعام"خالق كل شىء"وهو الرحمن أى النافع لا يملكون منه خطابا والمراد لا يقدرون له على حديث وهذا يعنى أنهم لا يتكلمون معه أى لا ينطقون ويوم يقوم الروح والملائكة صفا والمراد ويوم يقف جبريل(ص)والملائكة جميعا فى شكل طابورلا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن والمراد لا يتحدثون أى لا يشفعون إلا من سمح له النافع وهو الذى قال صوابا أى حقا أى من قال ما يرضى الله مصداق لقوله بسورة النجم"وكم من ملك فى السموات لا تغنى شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى "وذلك وهو يوم القيامة هو اليوم الحق أى العدل فلا ظلم فيه مصداق لقوله بسورة غافر"لا ظلم اليوم" فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا والمراد فمن أراد جعل إلى خالقه سبيلا مصداق لقوله بسورة المزمل"فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا"وهذا يعنى أن من أراد ثواب الله فعليه بطاعة سبيل وهو دين الله والخطاب وما بعده للناس
"إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتنى كنت ترابا "المعنى إنا أخبرناكم عقابا واقعا يوم يرى الفرد ما عملت نفسه ويقول المكذب يا ليتنى كنت فتاتا،يبين الله أنه أنذر الناس عذابا قريبا والمراد أنه أخبر الناس عقابا واقعا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه والمراد يوم يرى الإنسان ما عملت نفسه فى كتابه مصداق لقوله بسورة الزلزلة "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"ويقول الكافر وهو المكذب بدين الله :يا ليتنى كنت ترابا أى كنت فتاتا أى تسوى بهم الأرض مصداق لقوله بسورة النساء"يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض"

الاثنين، 19 نوفمبر 2018

تفسير سورة المرسلات

سورة المرسلات
سميت بهذا الاسم لذكر المرسلات بقوله"والمرسلات عرفا".
"بسم الله الرحمن الرحيم والمرسلات عرفا فالعاصفات عصفا والناشرات نشرا فالفارقات فرقا فالملقيات ذكرا عذرا أو نذرا إنما توعدون لواقع"المعنى بحكم الرب النافع المفيد والباعثات علما فالقاصفات قصفا والمفرقات تفرقا فالموزعات توزيعا فالقائلات قولا بشرا أو حزنا إنما تخبرون لحادث،يقسم الله بالمرسلات عرفا وهى فرق الجيش المبعوثات علما أى لمعرفة أخبار العدو،والعاصفات عصفا وهى فرق الجيش الراميات للعدو من على بعد،والناشرات نشرا وهى فرق الجيش المتفرقات فى أرض العدو تفرقا منظما،والفارقات فرقا وهى فرق الجيش الموزعة توزيعا على مهام القتال ،والملقيات ذكرا وهى فرق الجيش المتحدثات حديثا مع العدو وهو إما عذرا أى تبشير لهم وإما نذرا أى تخويف لهم وهو يقسم بهم على أن اسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو إنما توعدون لواقع والمراد إن العذاب الذى تخبرون أيها الكفار لحادث فى المستقبل والخطاب للناس
"فإذا النجوم طمست وإذا السماء فرجت وإذا الجبال نسفت وإذا الرسل أقتت لأى يوم أجلت ليوم الفصل وما أدراك ما يوم الفصل ويل يومئذ للمكذبين "المعنى فإذا الكواكب انتثرت وإذا السماء فتحت وإذا الرواسى بست وإذا الرسل أوعدت لأى يوم أخرت ليوم الحكم والذى أعلمك ما يوم الحكم العذاب يومئذ للكافرين،يبين الله لنبيه (ص)أن إذا النجوم وهى الكواكب طمست أى انكدرت أى تحطمت مصداق لقوله بسورة التكوير"وإذا النجوم انكدرت"وإذا السماء فرجت أى فتحت أى كشطت مصداق لقوله بسورة التكوير"وإذا السماء كشطت"وإذ الجبال وهى الرواسى نسفت أى سيرت أى هدمت مصداق لقوله بسورة النبأ"وإذا الجبال سيرت"وإذا الرسل أقتت والمراد أى أجلت والمراد أخبرت بتأخير الحكم فى خلافهم مع الناس ويسأل لأى يوم أجلت والمراد لأى يوم أخرت الرسل للحكم؟ويجيب ليوم الفصل وهو يوم الحكم العادل وما أدراك ما يوم الفصل والمراد والذى عرفك ما يوم الحكم،ويل يومئذ للمكذبين أى العذاب يومذاك للكافرين بحكم الله والخطاب وما بعده حتى نهاية السورة للنبى(ص)إلا ما قلنا فيه غير هذا
"ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الأخرين كذلك نفعل بالمجرمين ويل يومئذ للمكذبين"المعنى ألم ندمر السابقين ثم نلحق بهم الباقين هكذا نصنع بالكافرين،العذاب يومذاك للكافرين،يسأل الله ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الأخرين والمراد ألم نعذب السابقين ثم نلحق بهم الباقين ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن كذلك أى بالعذاب نفعل بالمجرمين والمراد بالويل يجازى الكافرين وويل يومئذ للمكذبين أى والعذاب يومذاك للكافرين بحكم الله.
"ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلناه فى قرار مكين إلى قدر معلوم فقدرنا فنعم القادرون ويل يومئذ للمكذبين"المعنى ألم ننشئكم من منى متدفق فوضعناه فى رحم مستقر إلى موعد معروف فحددنا فحسن المحددون ؟عذاب يومذاك للكافرين،يسأل الله ألم نخلقكم من ماء مهين أى ألم ننشأكم "من ماء دافق"كما قال بسورة الطارق فجعلناه فى قرار مكين والمراد فأسكناه فى رحم حامى له إلى قدر معلوم والمراد إلى موعد محدد عندنا فقدرنا فنعم القادرون فحددنا الموعد فحسن المحددون ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بأن أصلهم هو الماء المتدفق الذى يسكن الرحم لمدة حددها الله وحده ولا يعرفها سواه بالثانية والدقيقة والساعة واليوم،وويل يومئذ للمكذبين والمراد والنار يومذاك للكفار والخطاب للناس وما بعده
"ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا وجعلنا فيها رواسى شامخات وأسقيناكم ماء فراتا ويل يومئذ للمكذبين "المعنى ألم نخلق الأرض جامعة عائشين وهلكى وألقينا فيها جبال عاليات وأرويناكم ماء عذبا ؟عذاب يومذاك للكافرين،يسأل الله ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا والمراد ألم نخلق الأرض جامعة عائشين وهلكى وهذا يعنى وجود أجساد الموتى والأحياء فى مكان واحد وجعلنا فيها رواسى شامخات والمراد ووضعنا فيها جبال عاليات وأسقيناكم ماء فراتا والمراد أرويناكم ماء عذبا ؟والغرض من السؤال تذكير القوم بنعم الله عليهم ،ويبين أن الويل وهو العذاب للمكذبين وهم الكافرين بحكم الله
"انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون انطلقوا إلى ظل ذى ثلاث شعب لا ظليل ولا يغنى من اللهب إنها ترمى بشرر كالقصر كأنه جمالات صفر "المعنى اذهبوا إلى الذى كنتم به تكفرون اذهبوا إلى خيال صاحب ثلاث اتجاهات لا واقى ولا يمنع من النار إنها تقذف بنيران كالأحجار كأنه إبل صفراء،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يقال لهم فى القيامة :انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون والمراد ادخلوا الذى كنتم به تكفرون وهو النار،انطلقوا إلى ظل ذى ثلاث شعب والمراد اذهبوا لترتاحوا تحت خيال صاحب ثلاث اتجاهات لا ظليل أى ليس واقى من الأذى وفسره بأنه لا يغنى من اللهب أى لا يمنع من النار الحارقة وهو قول يراد به السخرية منهم،ويقول لهم إنها ترمى بشرر كالقصر والمراد إنها تقذف بنيران مثل الأحجار كأنها جمالات صفر أى كأنها إبل صفراء والمراد أن قطع النار تشبه قطع الأحجار فى الحجم وفى اللون تشبه الإبل صاحبة اللون الأصفر والخطاب للنبى(ص)ومنه للكفار ومحذوف أوله
"ويل يومئذ للمكذبين هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون ويل يومئذ للمكذبين "المعنى العذاب يومذاك للكافرين هذا يوم لا يتكلمون ولا يسمح لهم فيبررون العذاب يومذاك للكافرين،يبين الله لنبيه(ص)أن الويل وهو العذاب فى يوم القيامة للمكذبين وهم الكافرين بحكم الله ويقال للمسلمين عن الكفار:هذا يوم لا ينطقون والمراد هذا يوم لا يتحدثون فهم لا يقدرون على الكلام والسبب أنهم لا يؤذن لهم فيعتذرون والمراد ولا يسمح لهم بالكلام فيبررون كفرهم لله لأن كلامهم كعدمه لا ينفعهم بشىء .
"هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين فإن كان لكم كيد فكيدون ويل يومئذ للمكذبين"المعنى هذا يوم الحكم بعثناكم والسابقين فإن كان لكم مكر فامكروا بى العذاب يومذاك للكافرين،يبين الله لنبيه (ص)أن الله يقول للكفار على لسان الملائكة:هذا يوم الفصل أى الحكم العادل جمعناكم والأولين والمراد أحييناكم والسابقين فإن كان لكم كيد أى تدبير تمنعون به عذابى فكيدون أى فافعلوا التدبير لمنع العذاب عنكم،ويبين له أن الويل وهو العذاب يوم القيامة هو للمكذبين وهم الكافرين بحكم الله .
"إن المتقين فى ظلال وعيون وفواكه مما يشتهون كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون إنا كذلك نجزى المحسنين"المعنى إن المطيعين فى خيالات وأنهار وثمار مما يحبون اطعموا وارتووا ثوابا لما كنتم تحسنون إنا هكذا نثيب الشاكرين،يبين الله لنبيه (ص)أن المتقين وهم المطيعين لحكمه فى ظلال أى خيالات تحميهم من الحر والبرد وعيون وهى الأنهار ذات السوائل اللذيذة وفواكه مما يشتهون والمراد ومتع مما يحبون وتقول الملائكة لهم كلوا واشربوا والمراد اطعموا وارتووا هنيئا بما كنتم تعملون أى جزاء أى ثواب لما كنتم تطيعون فى الدنيا إنا كذلك أى بإدخال الجنة نجزى المحسنين أى نثيب المطيعين لحكمنا .
"ويل يومئذ للمكذبين كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون ويل يومئذ للمكذبين "المعنى العذاب يومذاك للكافرين تلذذوا أى إلهوا قليلا إنكم كافرون العذاب يومذاك للكافرين،يبين الله لنبيه (ص)أن الويل وهو العذاب فى يوم القيامة للمكذبين وهم الكافرين بحكم الله ويطلب منه أن يقول للكفار:كلوا أى تمتعوا قليلا والمراد تلذذوا أى انشغلوا وقتا قصيرا بمتع الدنيا إنكم مجرمون أى كافرون خاسرون .
"وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ويل يومئذ للمكذبين فبأى حديث بعده يؤمنون"المعنى وإذا قيل لهم أطيعوا لا يطيعون العذاب يومذاك للكافرين فبأى حكم بعد القرآن يصدقون ؟يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إذا قال لهم المسلمون :اركعوا لا يركعون والمراد اتبعوا حكم الله لا يتبعون حكم الله لذا فالويل وهو العذاب يوم القيامة للمكذبين وهم الكافرين بحكم الله ويسأل فبأى حديث بعده يؤمنون والمراد فبأى حكم بعد القرآن يصدقون؟والغرض من السؤال هو إخبار النبى(ص) أنهم لا يصدقون بحكم الله الذى هو القرآن

الأحد، 18 نوفمبر 2018

تفسير سورة الإنسان

سورة الإنسان
سميت بهذا الاسم لذكر الإنسان فى قوله"هل أتى على الإنسان حين من الدهر".
"بسم الله الرحمن الرحيم هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا "المعنى بحكم الرب النافع المفيد هل جاء على الفرد وقت من الزمن لم يكن مخلوقا موجودا ،يسأل الله هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يك شيئا مذكورا والمراد هل جاء على المرء وقت من الأوقات لم يكن شيئا موجودا،والغرض من السؤال هو إخبار النبى (ص) أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أن الإنسان جاء عليه فترة من الفترات الكونية لم يكن موجودا فيها وهو ما قبل خلق آدم(ص) والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص)
"إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا "المعنى إنا أنشأنا الفرد من منى مختلط نختبره فخلقناه عارفا عليما إنا عرفناه الدين إما مطيعا وإما عاصيا ،يبين الله لنبيه(ص) أنه خلق الإنسان من نطفة أمشاج والمراد أنه أبدع الفرد من منى مشترك حيث يدخل ما يسمونه الحيوان المنوى للرجل فى بويضة الأنثى والسبب نبتليه والمراد نختبره أيسلم أم يكفر ؟فجعلناه سميعا بصيرا والمراد فخلقناه عارفا خبيرا بالسبيل ،ويبين لنا أنه هدى الإنسان السبيل أى عرف الفرد الدين وهو النجدين طريق الخير وطريق الشر مصداق لقوله بسورة البلد"إنا هديناه النجدين "ولذا فهو إما شاكرا أى مطيعا لطريق الخير وإما كفورا أى مطيعا لطريق الشر .
"إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا وسعيرا "المعنى إنا جهزنا للمكذبين قيودا أى سلاسلا ونارا ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أعتد للكافرين والمراد جهز للمكذبين بدينه سلاسلا وفسرها بأنها أغلالا أى قيودا يربطون منها وسعيرا أى نارا .
"إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا "المعنى إن المسلمين يسقون من نهر كان منبعه كافورا نهرا يسقى منه خلق الله يشربونه متتابعا ،يبين الله لنبيه(ص)أن الأبرار وهم الأطهار أى المسلمين يشربون من كأس كان مزاجها كافورا والمراد من عين كان مصدره وهو منبعه كافورا وهذا يعنى أن السائل الذى يشربونه مصدره الكافور وهو من عين يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا والمراد من نهر يسقى منه خلق الله يشربونه شربا متواليا.
"يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا"المعنى يتمون العهد ويخشون يوما كان عقابه دائما ويعطون العطاء على وده محتاجا وفاقد الأب وسجينا إنما نعطيكم لثواب الله لا نطلب منكم مقابلا أى حمدا،إنا نخشى من إلهنا يوما مسودا مهينا فمنعه الله أذى ذلك اليوم وأعطاهم متعة وفرحا ،يبين الله لنبيه(ص) أن الأبرار يوفون بالنذر والمراد يتمون العهد والمراد يطيعون ميثاقهم مع الله وهم يخافون يوما كان شره مستطيرا والمراد ويخشون عقاب يوم كان عقابه مستمرا والمراد يخشون عذاب يوم القيامة الدائم وهم يطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا والمراد وهم يعطون المال رغم رغبتهم فيه محتاجا له وفاقد الأب فى صغره وحبيس الحرب ويقولون لهم إنما نطعمكم لوجه الله والمراد إنما نعطيكم المال رغبة فى الحصول على ثواب الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا والمراد لا نرغب منكم فى مقابل أى حمد منكم ،إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا والمراد إنا نخشى من خالقنا عذاب يوم مذلا مهينا فكانت النتيجة أن وقاهم الله شر ذلك اليوم أى منع عنهم الله عذاب ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا والمراد وأعطاهم نعيما أى متاعا أى فرحا والمراد أسكنهم الجنة .
"وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ويطاف عليهم بأنية من فضة وأكوابا كانت قواريرا قواريرا من فضة قدروها تقديرا "المعنى أى أثابهم بما أطاعوا حديقة وحريرا راقدين فيها على الأسرة لا يشهدون فيها حرا ولا بردا وواقعة عليهم خيالاتها وسهلت ثمارها تسهيلا ويدار عليهم بأكواب من فضة وكئوس كانت رقيقات رقيقات من فضة صنعوها صناعة ،يبين الله لنبيه(ص)أن الأبرار جزاهم الله بما صبروا أى أثابهم بما تبعوا حكمه جنة أى حديقة وحريرا أى ولباسهم فى الجنة من الحرير وهم متكئين فيها على الأرائك والمراد وهم راقدين فيها على الفرش وهى الأسرة لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا والمراد لا يعلمون فيها حرارة ولا بردا وإنما جوها دائما معتدل جميل لا يشتكون منه ودانية عليهم ظلالها والمراد وواقعة على أجسامهم خيالات أشجار الجنة وذللت قطوفها تذليلا والمراد وأعطيت لهم ثمار الجنة اعطاء مستمرا ويطاف عليهم بآنية من فضة والمراد ويدور عليهم غلمان بصحاف من فضة وأكواب أى كئوس من فضة كانت قواريرا قواريرا من فضة والمراد كانت زجاجات زجاجات أى شفافات شفافات من فضة قدروها تقديرا أى صنعوها صناعة متقنة
"ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا عينا فيها تسمى سلسبيلا ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا "المعنى ويرون فيها خمرا كان منبعها زنجبيلا نهرا فيها يدعى سلسبيلا ويدور عليهم غلمان باقون إذا شاهدتهم ظننتهم درا منشورا ،يبين الله لنبيه (ص)أن الأبرار يسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا والمراد يروون فى الجنة خمرا كان مصدرها زنجبيلا وهذا الزنجبيل منبعه عينا فيها تسمى سلسبيلا والمراد نهرا فى الجنة يدعى سلسبيلا،ويطوف عليهم ولدان مخلدون والمراد ويدور عليهم غلمان مقيمون فى الجنة بالكئوس والصحاف مصداق لقوله بسورة الطور"ويطوف عليهم غلمان مخلدون"ويبين للنبى (ص)أنه إذا رآهم حسبهم لؤلؤا منثورا والمراد إذا شاهدهم ظنهم درا متفرقا فى أنحاء الجنة والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص)
"وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا عاليهم ثياب سندس خضر واستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا "المعنى وإذا شاهدت ثم شاهدت متاعا أى نفعا دائما لباسهم ملابس حرير أخضر ولامع وارتدوا حلى من فضة ورواهم خالقهم سائلا لذيذا إن هذا كان لكم ثواب وكان عملكم محمودا ،يبين الله لنبيه (ص)أنه إذا رأى ثم رأى والمراد إذا شاهد وكرر المشاهدة سيشهد نعيما أى متاعا وفسره بأنه ملك كبير أى نفع عظيم منه أن عاليهم ثياب خضر واستبرق والمراد فوق أجسام الأبرار ملابس من حرير أخضر اللون وحرير براق وفى هذا قال بسورة الحج"ولباسهم فيها حريرا"وهم قد حلوا أساور من فضة والمراد وقد لبسوا حلى من الفضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا والمراد ورواهم خالقهم سائلا عذبا مباركا وقالت الملائكة لهم :إن هذا كان لكم جزاء أى "ثوابا من عند الله"كما قال بسورة آل عمران وكان سعيكم مشكورا والمراد وكانت طاعتكم مثابة بالجنة لكم .
"إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا "المعنى إنا نحن أوحينا لك الكتاب وحيا فاتبع أمر خالقك ولا تتبع منهم ظالما أى كذابا أى أطع حكم إلهك نهارا وليلا أى من الليل فأطعه أى اتبعه ليلا مستمرا،يبين الله لنبيه (ص)التالى إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا والمراد إنا نحن ألقينا لك الكتاب إلقاء والمراد "وأوحينا إليك قرآنا عربيا"كما قال بسورة الشورى ويطلب منه أن يصبر لحكم ربه والمراد أن يطيع حكم الله وفسره بأنه يذكر اسم ربه بكرة وأصيلا والمراد أن يطيع حكم ربه نهارا وليلا وفسره بأنه يسجد له أى يسبحه أى يطيع حكمه ليلا طويلا أى مستمرا والمراد كل ليل وكل نهار وفسره بألا يطع منهم آثما والمراد ألا يتبع حكم ظالم وفسره بأنه الكفور وهو المكذب بحكم الله .
"إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا "المعنى إن هؤلاء يريدون الدنيا ويتركون خلفهم يوما مذلا نحن أنشأناهم وعظمنا أمرهم وإذا أردنا خلقنا أشباههم خلقا،يبين الله لنبيه (ص)أن هؤلاء وهم الكفار يحبون العاجلة والمراد يريدون متاع الدنيا ويذرون وراءهم يوما ثقيلا والمراد ويتركون العمل لما خلفهم أى لما بعد موتهم وهو اليوم الثقيل أى المهين المذل ،ويبين له :نحن خلقناهم أى أبدعناهم وشددنا أسرهم والمراد وعظمنا ملكهم والمراد مكناهم فى الأرض وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا والمراد وإذا أردنا خلقنا أشباههم خلقا والمراد لو أحب خلق ناس يطيعون حكمه لخلقهم والخطاب للنبى(ص)
"إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما "المعنى إن هذا بلاغ فمن أراد جعل إلى خالقه طريقا وما تفعلون إلا أن يفعل الرب إن الرب كان خبيرا قاضيا ،يبين الله للناس التالى إن هذه تذكرة والمراد إن القرآن بلاغ للحق والباطل فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا والمراد فمن أراد جعل لنيل ثواب إلهه طريقا هو طاعة القرآن ويبين لهم أنهم ما يشاءون إلا أن يشاء الله والمراد ما يذكرون إلا أن يريد الله مصداق لقوله بسورة المدثر"وما تذكرون إلا أن يشاء الله"وهذا يعنى أنهم لا يسلمون إلا أن يريد الله إسلامهم فى نفس الوقت والله عليم حكيم أى خبير بكل شىء قاض بالعدل والخطاب وما بعده للناس
"يدخل من يشاء فى رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما "المعنى يسكن من يريد فى جنته والكافرين جهز لهم عقابا شديدا ،يبين الله للناس أنه يدخل من يشاء فى رحمته والمراد أنه يسكن من يريد وهم المؤمنين فى جناته مصداق لقوله بسورة محمد"إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات"والظالمين أعد لهم عذابا أليما والمراد والكافرين جهز لهم عقابا مهينا مصداق لقوله بسورة الأحزاب"وأعد لهم عذابا مهينا "

السبت، 3 نوفمبر 2018

تفسير سورة الصف

سورة الصف
سميت بهذا الاسم لذكر كلمة صفا بقوله "إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا ".
"بسم الله الرحمن الرحيم سبح لله ما فى السموات وما فى الأرض وهو العزيز الحكيم "المعنى بحكم الرب النافع المفيد أطاع الله الذى فى السموات والذى فى الأرض عدا من كفر وهو الناصر القاضى ،يبين الله للمؤمنين أن اسم الله الرحمن الرحيم وهو حكم الرب النافع المفيد هو أن ما أى الذى فى السموات وما أى والذى فى الأرض سبح لله أى سجد أى أسلم لله عدا من كفر فحق عليه العذاب مصداق لقوله بسورة الحج "ألم تر أن الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب "وهو العزيز الحكيم والمراد وهو الناصر لمسبحيه القاضى بالحق والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"المعنى يا أيها الذين صدقوا لماذا تزعمون الذى لا تعملون عظم عند الرب أن تزعموا الذى لا تفعلون ،يخاطب الله الذين آمنوا سائلا :لم تقولون ما لا تفعلون والمراد ما السبب فى أنكم تتحدثون بالذى لا تصنعون؟وهذا يعنى أن كل واحد منهم يزعم أنه سيعمل كذا وكذا من وجوه الخير ولا ينفذ كلامه ويبين الله لهم غرضه من السؤال بقوله كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون والمراد عظم فى كتاب الرب أن تتحدثوا بالذى لا تصنعوا وهذا يعنى حرمة أن نقول سنفعل ونحن لا نفعل .
"إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص " المعنى إن الرب يرحم الذين يحاربون لنصره وحدة كأنهم بيت مشيد ،يبين الله للمؤمنين أنه يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا والمراد أن الرب يثيب أى يرحم أى ينصر الذين يجاهدون لنصر دينه وحدة واحدة وهذا يعنى أن يكون المؤمنون معتصمين بحبل الله غير متفرقين فيه ويشبههم بأنهم بنيان مرصوص والمراد بيت متماسك الأجزاء لا يقدر أحد على هدمه أو إلحاق الأذى به والخطاب للمؤمنين.
"وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذوننى وقد تعلمون أنى رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدى القوم الفاسقين "المعنى وقد قال موسى (ص)لشعبه يا شعبى لماذا تضروننى وقد تعرفون أنى مبعوث الرب لكم ؟فلما ضلوا أضل الله نفوسهم والرب لا يرحم الناس الكافرين،يبين الله أن موسى(ص)قال لبنى لقومه وهم بنى إسرائيل :لم تؤذوننى وقد تعلمون أنى رسول الله إليكم والمراد لماذا تضروننى وأنتم تعرفون أنى مبعوث الرب لكم ؟وهذا يعنى أنهم يعرفون أنه مبعوث الله ومع هذا يضرونه ،وقد زاغوا أى ضلوا عن الحق فأزاغ الله قلوبهم والمراد أى أضل الله نفوسهم عن الحق فى نفس وقت ضلالهم عنه والله لا يهدى القوم الفاسقين والمراد والرب لا يرحم أى لا يحب الناس الظالمين مصداق لقوله بسورة آل عمران "والله لا يحب الظالمين"والخطاب للنبى (ص)والمؤمنين ومنه للناس وما بعده .
"وإذ قال عيسى ابن مريم يا بنى إسرائيل إنى رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدى من التوراة ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين "المعنى وقد قال عيسى ولد مريم (ص)يا أولاد يعقوب إنى مبعوث الرب لكم مؤمنا بما أمامى من التوراة ومخبرا بنبى يجىء من بعدى اسمه محمد(ص)فلما أتاهم بالبراهين قالوا هذا خداع واضح ،يبين الله أن عيسى ابن مريم (ص)قال لقومه:يا بنى إسرائيل والمراد يا أولاد يعقوب :إنى رسول الله إليكم والمراد إنى مبعوث الرب لكم مصدقا لما بين يدى من التوراة والمراد مؤمنا لما عندى من التوراة وهذا يعنى أنه يصدق بالتوراة ،وقال ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد والمراد ومخبرا بنبى يجىء من بعد وفاتى اسمه محمد(ص)وهذا يعنى أنه أخبرهم ببعث محمد (ص)فى المستقبل بعد وفاته والسبب أن يؤمنوا به ،فلما جاءهم بالبينات والمراد فلما أتاهم عيسى (ص)بالبراهين وهى المعجزات والأحكام قالوا عنها :هذا سحر مبين والمراد هذا خداع كبير .
"ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدى القوم الظالمين يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم ولو كره الكافرون "المعنى ومن أضل من الذى نسب إلى الرب باطلا وهو ينادى إلى الحق والرب لا يرحم الناس الفاسقين يحبون أن يزيلوا دين الله بكلماتهم والرب مكمل دينه ولو بغض المكذبون ،يبين الله للمؤمنين أن من أظلم أى "ومن أضل"كما قال بسورة الأحقاف والمراد أن الكافر هو من افترى على الله الكذب والمراد من نسب إلى الرب الباطل الذى لم يقله وهو يدعى إلى الإسلام والمراد وهو ينادى لطاعة الحق والله لا يهدى القوم الظالمين والمراد والرب لا يحب أى لا يرحم الناس الكافرين والكفار يريدون أى يحبون أن يطفئوا نور الله والمراد أن يزيلوا حكم الله وهو الوحى من الوجود ويبين لهم أنه متم نوره والمراد مكمل دينه مصداق لقوله بسورة المائدة "أكملت لكم دينكم "ولو كره الكافرون أى"ولو كره المشركون" أى ولو بغض المكذبون للدين إكماله .
"هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون"المعنى هو الذى بعث نبيه (ص)بالحق أى حكم العدل لينصره على الحكم كله ولو بغض الكافرون،يبين الله للمؤمنين أن الله هو الذى أرسل رسوله بالهدى والمراد هو الذى بعث نبيه (ص)بالحق وفسره بأنه دين الحق أى حكم العدل والسبب ليظهره على الدين كله والمراد لينصره على الأديان وهى الأحكام الباطلة كلها ولو كره المشركون أى "ولو كره الكافرون "كما قال بنفس السورة والمراد ولو بغض المكذبون له النصر والخطاب وما بعده وما بعده للمؤمنين.
"يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون فى سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعملون "يا أيها الذين صدقوا هل أرشدكم إلى عمل ينقذكم من عقاب شديد تصدقون بحكم الله ونبيه(ص)وتحاربون فى نصر الرب بأملاككم وذواتكم ذلكم أفضل لكم إن كنتم تعرفون،يخاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله فيقول:هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم والمراد هل أعلمكم ببيع ينقذكم من عقاب مهين ؟ويجيب الله على السؤال لأن المؤمنين أرادوا العلم فقال تؤمنون بالله ورسوله (ص)والمراد تصدقون بحكم الله المنزل على نبيه (ص)وتجاهدوا فى سبيل الله بأموالكم وأنفسكم والمراد وتعملون لنصر دين الله بأملاككم وذواتكم ذلكم وهو الإيمان والجهاد هو خير لكم إن كنتم تعلمون" "يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار ومساكن طيبة فى جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب "المعنى يكفر لكم سيئاتكم أى يسكنكم حدائق تسير من أسفلها العيون أى بيوت كريمة فى حدائق الخلود ذلك النصر الكبير وأخرى تريدونها رحمة من الرب أى غزو واقع وأفرح المصدقين ،يبين الله للمؤمنين أنهم إن اتبعوا التجارة الرابحة فهو يغفر لهم ذنوبهم والمراد يكفر عنهم سيئاتهم مصداق لقوله بسورة التحريم "ويكفر عنكم سيئاتكم"والمراد ويترك عقابكم على جرائمكم وفسر هذا بأنه يدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد يسكنهم الرحمات وهى حدائق تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وفسر هذا بأنه يدخلهم مساكن طيبة فى جنات عدن والمراد بيوت حسنة فى حدائق النعيم وذلك وهو دخول الجنة هو الفوز العظيم أى النصر الكبير مصداق لقوله بسورة البروج"ذلك الفوز الكبير وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب والمراد وأمر ثانى تريدونه من الله تأييد من الرب وهو الفتح السريع والمراد فتح مكة
"يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بنى إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين "المعنى يا أيها الذين صدقوا أصبحوا أولياء لله كما قال عيسى ولد مريم (ص)للمؤمنين من أوليائى فى الله ؟قال المؤمنون :نحن أولياء الله فصدقت جماعة من أولاد يعقوب وكذبت جماعة فنصرنا الذين صدقوا على كارههم فأصبحوا غالبين ،يخاطب الله الذين آمنوا فيقول :كونوا أنصار الله والمراد أصبحوا أولياء الله وهذا يعنى أن يكونوا مطيعى دين الله كما قال عيسى ابن مريم (ص)للحواريين وهم المؤمنين به :من أنصارى إلى الله والمراد من مطيعى فى دين الله ؟فقال الحواريون وهم المصدقون برسالة عيسى (ص)نحن أنصار أى أولياء أى مطيعى حكم الله ،فكانت النتيجة أن آمنت طائفة من بنى إسرائيل والمراد أن صدقت جماعة من أولاد يعقوب(ص)بدين الله وكفرت طائفة والمراد وكذبت جماعة أخرى فكانت النتيجة أن أيدنا الذين آمنوا على عدوهم والمراد أن نصرنا الذين صدقوا على باغضهم فأصبحوا ظاهرين أى غالبين والمراد حاكمين للبلاد بالعدل والخطاب للمؤمنين

الجمعة، 2 نوفمبر 2018

تفسير سورة الممتحنة

سورة الممتحنة
سميت بهذا الاسم لذكر امتحان المؤمنات بقوله "فامتحنوهن ".
"بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا فى سبيلى وابتغاء مرضاتى تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل "المعنى بحكم الرب النافع المفيد يا أيها الذين صدقوا لا تجعلوا كارهى وكارهكم أنصار تمدون لهم الحسنى وقد كذبوا بما أتاكم من العدل يحاربون النبى (ص)وأنتم أن تصدقوا بالرب خالقكم إن كنتم ذهبتم قتالا فى نصرى أى طلبا لجنتى تخفون لهم الحب وأنا أعرف بالذى كتمتم والذى أظهرتم ومن يعمله منكم فقد ترك طاعة الدين،يخاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا بحكم الله فيبين لهم أن اسم الله الرحمن الرحيم وهو حكم الرب النافع المفيد هو ألا يتخذوا عدو الله وعدوهم أولياء والمراد ألا يجعلوا كاره دين الله وكاره المؤمنين وهم الكفار أنصار لهم يلقون إليهم بالمودة والمراد يظهرون لهم العون فى مختلف المجالات وهو الحب مصداق لقوله بسورة آل عمران"لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء "ويبين لهم أنهم يوادونهم مع أنهم كفروا بما أتاهم من الحق والمراد مع أنهم كذبوا بالذى جاء المؤمنين من العدل وهو وحى الله وهم يخرجون الرسول (ص)وإياكم والمراد يلاحقون النبى (ص)وأنتم أن تؤمنوا بالله ربكم والسبب فى ملاحقتهم وهى حربهم لكم هو أنكم تصدقون بحكم الله خالقكم ويبين الله للمؤمنين أنهم إن كنتم خرجتم جهادى فى سبيلى وابتغاء مرضاتى والمراد إن كنتم تحركتم رغبة فى نصر دينى وطلبا لثوابى فلا تناصروهم بالمودة ويبين لهم أنهم يسرون إليهم بالمودة والمراد أنهم يخفون لهم العون وهذا يعنى أنهم يساعدونهم فى السر ويبين لهم أنه أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم والمراد أنه أعرف بالذى أسروا من العمل والذى أظهروا منه وسيحاسبهم عليه ويبين لهم أن من يفعله منهم فقد ضل سواء السبيل والمراد ومن يصنع المودة منكم للعدو فقد ترك طاعة الإسلام أى كفر أى ظلم نفسه مصداق لقوله بسورة البقرة "ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه "والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون "المعنى إن يجدوكم يصبحوا لكم كارهين ويمدوا لكم قوتهم وكلماتهم بالشر وأحبوا لو تكذبون،يبين الله للمؤمنين أن الأعداء إن يثقفوهم والمراد إن يحاربوهم يكونوا لهم أعداء والمراد يصبحوا لهم باغضين أى ضارين لهم وفسر هذا بقوله يبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء والمراد يظهروا لكم أسلحتهم وكلماتهم بالضرر وهذا يعنى أنها ستكون حرب بالفعل والقول معا ويبين لهم أنهم ودوا لو يكفرون أى أحبوا لو يكذب المؤمنون حكم الله حتى يصبحوا مثلهم كفارا .
"لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير "المعنى لن تفيدكم أموالكم ولا عيالكم يوم البعث يحكم بينكم والله بالذى تصنعون خبير،يبين الله للناس أن أرحامهم وهى أموالهم وأولادهم وهم عيالهم أى البنين فى الدنيا لن ينفعوهم والمراد لا يفيدوهم والمراد لا يمنعوا عنهم عقاب الله فى الآخرة مصداق لقوله بسورة الشعراء"يوم لا ينفع مال ولا بنون"ويبين لهم أن يوم القيامة يفصل بينهم والمراد أن الله يوم البعث يقضى أى يحكم بينهم بالحق مصداق لقوله بسورة النمل"إن ربك يقضى بينهم بحكمه"والله بما تعملون بصير والمراد "إن الله عليم بما يفعلون "كما قال بسورة يونس والمراد والله بالذى تصنعون خبير وسيحاسبكم عليه والخطاب للناس
"قد كانت لكم أسوة حسنة فى إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شىء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم "المعنى قد كانت لكم قدوة طيبة فى إبراهيم (ص)والذين ناصروه حين قالوا لشعبهم إنا معتزلون لكم وللذى تطيعون من غير الله وقامت بيننا وبينكم الكراهية أى المقت دوما حتى تصدقوا بالله وحده إلا حديث إبراهيم (ص)لوالده لأستعفين لك وما أمنع عنك من الرب من عذاب إلهنا بك احتمينا أى إليك عدنا وإليك المرجع إلهنا لا تجعلنا غرضا للذين كذبوا وارحمنا إلهنا إنك أنت الناصر القاضى،يبين الله للمؤمنين أن لهم أسوة حسنة والمراد أن لهم قدوة طيبة أى نموذج صالح فى إبراهيم (ص)والذين معه أى لوط (ص)فهو الوحيد الذى آمن به كما قال بسورة العنكبوت "فآمن له لوط"وذلك إذ قالوا لقومهم وهم شعبهم :إنا برءاؤا منكم وما تعبدون من دون الله والمراد إنا معتزلون لكم وللذى تدعون من سوى الله مصداق لقوله بسورة مريم"وأعتزلكم وما تدعون من دون الله "وهذا يعنى أنهم أعلنوا تركهم طاعة الكفار ودينهم الضال،وقالوا كفرنا بكم أى كذبنا دينكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا والمراد وقامت بيننا وبينكم الكراهية أى المقت دوما وهذا يعنى أنهم أعلنوا العداء للقوم فى كل وقت حتى تؤمنوا بالله وحده أى حتى تصدقوا بدين الله وحده فتطيعوه فعند ذلك أنتم أحبابنا،ويستثنى من العداوة قول إبراهيم (ص)لأبيه وهو والده آزر :لأستغفرن لك والمراد لأطلبن من الله ترك عقابك وما أملك لك من الله شىء والمراد ولا أمنع عنك من الله عقاب وهذا يعنى أنه أخبره أنه لا يقدر على منع عذاب الله لأبيه لو قرره الله وقالوا ربنا عليك توكلنا والمراد إلهنا بطاعة حكمك احتمينا من كل ضرر أى إليك أنبنا والمراد لحكمك اتبعنا وإليك المصير والمراد وإلى جزاءك المرجع فى الآخرة ،وقالوا:ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا والمراد لا تجعلنا غرضا لأذى الذين كذبوا فهم يطلبون من الله أن يمنع عنهم مكر الكفار لهم واغفر لنا أى اترك عقابنا على ذنوبنا والمراد ارحمنا إنك أنت العزيز الحكيم أى الناصر لمطيعيه القاضى بالحق والخطاب وما بعده للمؤمنين وما بعده وما بعده وما بعده.
"لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغنى الحميد "المعنى لقد كان لكم فيهم قدوة طيبة لمن كان يريد الرب واليوم الأخير ومن يكفر فإن الرب هو الواسع الشاكر،يبين الله للمؤمنين أنهم كان لهم أسوة حسنة أى قدوة صالحة فى إبراهيم (ص)ومن معه والقدوة هى لمن كان يرجوا الله أى يريد ثواب الله وفسره بأنه يرجوا اليوم الآخر والمراد أنه يريد ثواب يوم القيامة وهو الجنة مصداق لقوله بسورة آل عمران"ومنكم من يريد الآخرة"أى الجنة ومن يتول والمراد ومن يكفر فإن الله هو الغنى الحميد والمراد فإن الرب غير محتاج لطاعته الشاكر لمن يطيعه وفى هذا قال بسورة آل عمران "ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين ".
"عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم "المعنى لعل الرب أن يضع بينكم وبين الذين حاربتم منهم حبا والرب فاعل والرب عفو نافع،يبين الله للمؤمنين أن الله عسى أن يجعل بينهم وبين الذين عادوا مودة والمراد أن الله عسى أن يخلق بين المؤمنين وبين الذين قاتلوهم من الكفار حبا ممثلا فى إسلامهم ومن ثم تعاونهم على البر والتقوى والله قدير أى فاعل لهذا إن أسلم بعض الكفار والله غفور رحيم والمراد والرب نافع مفيد لما أسلم بعد كفره .
" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم والله يحب المقسطين "المعنى لا يمنعكم الرب من الذين لم يحاربوكم فى الإسلام ولم يطردوكم من بلادكم أن تحسنوا أى تعدلوا معهم والرب يرحم العادلين، يبين الله للمؤمنين أنه لا ينهاهم عن أن يبروا والمراد لا يمنعهم عن أن يحسنوا وفسر هذا بأنه يقسطوا أى يتعاملوا بالعدل مع الذين لم يقاتلوهم فى الدين وهم الذين لم يحاربوهم بسبب الإسلام ولم يخرجوهم من ديارهم وهم الذين لم يطردوهم من مساكنهم ويبين لهم أن الله يحب المقسطين أى يرحم المحسنين وهم المتوكلين مصداق لقوله بسورة آل عمران"إن الله يحب المتوكلين ".
"إنما ينهاكم عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون "المعنى إنما يمنعكم عن الذين حاربوكم بسبب الإسلام وطردوكم من مساكنكم وساعدوا على طردكم أن تناصروهم ومن يناصرهم منكم فأولئك هم الكافرون ،يبين الله للمؤمنين أنه ينهاهم أن يتولوا والمراد أنه يحرم عليهم أن يناصروا من فعلوا التالى قاتلوكم فى الدين أى حاربوكم بسبب الإسلام والمراد حاربوكم حتى تتخلوا عن الإسلام وأخرجوكم من دياركم أى وطردوكم من بيوتكم وظاهروا على إخراجكم والمراد وساعدوا الطاردين على طردكم وهذا يعنى أن من يفعل الثلاثة أفعال أو بعضهم وهو قتال المسلمين وطردهم من بيوتهم أو مساعدة الطاردين على الطرد هو عدو لا يجب مناصرته ويبين للمؤمنين أن من يتولى أى من يناصر فاعلى الأفعال الثلاثة أو بعضهم يكون من الظالمين وهم الكافرين المستحقين لعذاب الله .
"يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وأتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا أتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر وسئلوا ما أنفقتم وليسئلوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم "المعنى يا أيها الذين صدقوا إذا أتتكم المصدقات منتقلات فاختبروهن الرب أعرف بتصديقهن فإن عرفتموهن مصدقات فلا تعيدونهن للمكذبين لا هن مباحات لهم ولا هم يباحون لهن وأعطوهم ما أمهروا ولا عقاب عليكم أن تتزوجوهن إذا أعطيتموهن مهورهن ولا تديموا زواج الكافرات واطلبوا الذى أمهرتم وليطلبوا ما أمهروا ذلكم قول الله يقضى بينكم والرب خبير قاضى،يخاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله فيقول:إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن والمراد إذا أتتكم المصدقات بحكم الله منتقلات لدولتكم فاختبروهن حتى تتأكدوا من صدق إيمانهن أو عدمه لأن بعض النساء تعلن إيمانها هروبا من زوجها حتى تتركه ويبين لهم إنهم إن علمونهن مؤمنات والمراد إن عرفوا أنهن مصدقات عن طريق مراقبة أفعالهن وأقوالهن حقا فالواجب عليهم هو ألا يرجعوهن للكفار والمراد ألا يعيدوهن لدول أزواجهن المكذبين بحكم الله والسبب هو أنهم ليسوا حل لهم والمراد ليست المؤمنات حلال للكفار ولا هم يحلون لهم والمراد ولا الكفار يباح زواجهم للمؤمنات وأتوهم ما أنفقوا والمراد وأعطوا الأزواج الكفار ما أمهروا وهذا يعنى أن على المؤمنة رد المهر لزوجها الكافر ويبين للمؤمنين أن ليس عليهم جناح أى عقاب أن ينكحوهن إذا أتوهن أجورهن والمراد ليس عليهم عقاب أن يتزوجوا المؤمنات المهاجرات إذا أعطوهن المهور التى أوجبها الله لهن ويطلب منهم ألا يمسكوا بعصم الكوافر والمراد ألا يديموا زواج الكافرات وهذا يعنى وجوب ترك من كان متزوج كافرة لها بطلاقها ويبين للمؤمنين أن يسألوا ما أنفقوا والمراد أن يطلبوا ما أمهروا الزوجات الكافرات به فيأخذوه منهن وأن يسأل الكفار ما أنفقوا والمراد أن يسترد الأزواج الكفار ما أمهروا المؤمنات المهاجرات ويبين لهم أن ذلكم وهو ما سبق هو حكم أى فرض أى قضاء الله يحكم به أى يفصل به بينهم فى تلك القضايا والله عليم حكيم والمراد خبير قاضى بالحق والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"وإن فاتكم شىء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فأتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذى أنتم به مؤمنون "المعنى وإن هرب منكم بعضا من زوجاتكم إلى المكذبين فأذيتم فأعطوا الذين هربت نساءهم قدر الذى أمهروا وأطيعوا الرب الذى أنتم به مصدقون ،يبين الله للمؤمنين التالى إن فاتكم شىء من أزواجكم إلى الكفار والمراد إن فرت منكم من نساءكم بعضهن إلى بلاد الكفار فعاقبتم والمراد فعاملتم بالمثل والمراد فعاملوا الكفار بنفس المعاملة وهى منع مهور رجالهم عنهم بأخذها من المؤمنات المهاجرات ثم أتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا والمراد ثم أعطوا الذين هربت نساءهم لبلاد الكفر قدر ما أمهروا من مهور الكفار للمؤمنات المهاجرات وفى حالة عدم وجود مهور يعطى من بيت مال المسلمين ويطلب منهم أن يتقوا الله أى يطيعوا حكم الله الذى هم به مؤمنون أى مصدقون .
"يا أيها النبى إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك فى معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم "المعنى يا أيها الرسول (ص)إذا أتتك المصدقات يعاهدنك على أن لا يعبدن مع الله أحدا أى لا ينهبن ولا يفحشن ولا يذبحن عيالهن ولا يجئن بافتراء يقدمنه بين أيديهن وأقدامهن ولا يخالفنك فى حق فعاهدهن واستعفى لهن الرب إن الرب عفو نافع ،يخاطب الله النبى (ص)فيقول إذا جاءك المؤمنات يبايعنك والمراد إذا أتتك المصدقات بحكم الله يعاهدنك على أن لا يشركن بالله شيئا والمراد على أن لا يطعن مع حكم الله حكما أخر وفسر هذا بأن لا يسرقن أى لا يأخذن مال الغير بلا حق ولا يزنين أى ولا يرتكبن الفاحشة ولا يقتلن أولادهن والمراد ولا يذبحن عيالهن وهو الوأد ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن والمراد ولا يحضرن كذبة يؤلفنها أمامهن والمراد ولا ينسبن طفلا زورا لهن وأزواجهن دون إنجابهن له ولا يعصينك فى معروف والمراد ولا يخالفنك فى حق من الحقوق المنزلة كلها فبايعهن والمراد فعاهدهن على ذلك واستغفر لهن الله والمراد واستعفى لهم الرب والمراد واطلب لهن من الله ترك عقابهن على ذنوبهن السابقة والله غفور رحيم أى نافع مفيد لمتبعى حكمه والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور "المعنى يا أيها الذين صدقوا لا تناصروا ناسا سخط الرب عليهم قد قنطوا من القيامة كما قنط المكذبون من أهل المدافن،يخاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله فيقول :لا تتولوا قوما غضب الله عليهم والمراد لا تناصروا أى لا تحبوا ناسا سخط الله عليهم أى لعنهم أى عاقبهم قد يئسوا من الآخرة والمراد قد قنطوا من دخول الجنة كما يئس الكفار من أصحاب القبور والمراد كما قنط المكذبون بحكم الله من عودة الحياة إلى أهل المدافن وهم الأموات والخطاب للمؤمنين