الاثنين، 31 ديسمبر 2018

تفسير سورة الدخان

سورة الدخان
سميت بهذا الاسم لذكر الدخان فى قوله "يوم تأتى السماء بدخان مبين ".
"بسم الله الرحمن الرحيم حم والكتاب المبين إنا أنزلناه فى ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين رحمة من ربك إنه هو السميع العليم "المعنى بحكم الرب النافع المفيد الكتاب أى الوحى العظيم إنا أوحيناه فى ليلة مقدسة إنا كنا مبلغين فيها ينزل كل حكم قاض حكما من لدينا إنا كنا باعثين هدى من إلهك إنه هو الخبير المحيط ،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أن حم وهو الكتاب وفسره بأنه الكتاب المبين أى القرآن وبيانه وهو تفسيره العظيم مصداق لقوله بسورة يس"وقرآن مبين "قد أنزله فى ليلة مباركة أى قد أوحاه الله جملة واحدة لجبريل (ص) فى ليلة مقدسة هى ليلة القدر مصداق لقوله بسورة القدر "إنا أنزلناه فى ليلة القدر " وكان الله منذرا أى مبلغا لحكمه وهو الكتاب لكى لا يكون لأحد حجة يوم القيامة وفى تلك الليلة يفرق كل أمر حكيم والمراد ينزل فيها كل حكم قاض بالعدل وهو أمرا من عند الله والمراد وهو وحيا من لدى الرب ويبين له أنه كان مرسلا رحمة من ربه والمراد كان باعثا له هدى من خالقه وهو الوحى،ويبين له أنه هو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء فى الكون والخطاب للنبى(ص).
"رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين لا إله إلا هو يحى ويميت ربكم ورب آباءكم الأولين "المعنى إله السموات والأرض والذى وسطهما إن كنتم مصدقين لا رب إلا هو يخلق ويهلك إلهكم وإله آباءكم السابقين،يبين الله على لسان نبيه (ص)للناس أن الله هو رب أى خالق السموات والأرض وما بينهما وهو الجو الذى وسطهما إن كنتم موقنين أى "إن كنتم مؤمنين"بحكم الله كما قال بسورة آل عمران،لا إله إلا هو والمراد لا رب أى لا خالق إلا هو يحى أى يخلق ويميت أى ويهلك ،ربكم ورب آباءكم الأولين والمراد خالقكم وخالق آباءكم السابقين ،وهذا يعنى أن الله الخالق وحده ومن ثم فهو قادر على البعث مرة أخرى ومن ثم فهو وحده المستحق للطاعة والخطاب للناس على لسان النبى(ص).
"بل هم فى شك يلعبون فارتقب يوم تأتى السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون "المعنى إنما هم فى تكذيب يتمتعون فانتظر يوم يجىء السحاب ببخار عظيم يغطى الخلق هذا عقاب شديد إلهنا ابعد عنا العقاب إنا مصدقون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الناس فى شك يلعبون أى فى خوض أى كفر يتمتعون مصداق لقوله بسورة الطور"الذين فى خوض يلعبون"ويطلب منه أن يرتقب يوم تأتى السماء بدخان مبين والمراد أن ينتظر وقتا يجىء السحاب فيه ببخار عظيم يغشى الناس أى يغطى الخلق وهذا البخار يرفع الحرارة ويجعل التنفس صعب والحياة متعبة وهذا هو العذاب الأليم أى العقاب العظيم ،وقد نزل الدخان فى عهد النبى (ص)فقال الكفار ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون والمراد خالقنا أزل عنا العقاب إنا مصدقون بحكمك ،وهذا يعنى أنهم اشترطوا إزالة العقاب ليؤمنوا ومع ذلك لما زال العقاب لم يؤمنوا والخطاب للنبى(ص).
"أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون "المعنى كيف لهم الإيمان وقد أتاهم مبلغ أمين ثم كفروا به وقالوا مدرس سفيه ،يسأل الله أنى لهم الذكرى أى كيف لهم الإسلام وقد جاءهم رسول مبين أى وقد أتاهم مبلغ كريم للوحى مصداق لقوله بنفس السورة "رسول كريم "ثم تولوا عنه أى "أعرضوا "كما قال بسورة فصلت والمراد وكفروا برسالته وقالوا معلم مجنون أى مدرس سفيه وهذا يعنى أنهم اتهموه بالجنون وهو السفه ؟والغرض من السؤال إخبار النبى (ص)والمؤمنين باستمرار كفر الناس برسالته والخطاب للمؤمنين .
"إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون "المعنى إنا مزيلوا العقاب قليلا إنكم راجعون يوم نعذب العذاب العظيم إنا منتصرون ،يبين الله للناس أنه كاشف العذاب قليلا والمراد مبعد العقاب عن الناس وقتا قصيرا ،ويقول للناس إنكم عائدون أى راجعون إلى جزائنا بعد الموت يوم نبطش البطشة الكبرى والمراد يوم نعاقب العقاب الشديد إنا منتقمون أى منتصرون أى غالبون والمراد منفذون لعقابنا وهو غضبنا والخطاب للناس.
"ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم أن أدوا إلى عباد الله إنى لكم رسول أمين وأن لا تعلوا على الله إنى أتيكم بسلطان مبين وإنى عذت بربى وربكم أن ترجمون وإن لم تؤمنوا لى فاعتزلون "المعنى ولقد ابتلينا قبلهم شعب فرعون وأتاهم مبعوث عظيم أن هلموا إلى خلق الله إنى لكم مبلغ مخلص وأن لا تتكبروا على الرب إنى أجيئكم ببرهان عظيم وإنى احتميت بإلهى وإلهكم أن تقتلون وإن لم تصدقوا بى فاتركون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه فتن أى اختبر قبلهم قوم وهم شعب فرعون حيث جاءهم رسول كريم أى مبعوث أمين هو موسى (ص)فقال :أن أدوا إلى عباد الله والمراد أن اتبعون خلق الرب وهذا يعنى أنه طلب منهم طاعة حكم الله المنزل عليه ،إنى لكم رسول أمين والمراد إنى لكم مبلغ مخلص للوحى وفسر طلبه بقول لا تعلوا على الله والمراد لا تتكبروا على طاعة حكم الله إنى أتيكم بسلطان مبين والمراد إنى أجيئكم بدليل صادق وهو المعجزات ،وإنى عذت بربى وربكم والمراد وإننى احتميت بربى وهو إلهى وربكم وهو إلهكم أن ترجمون أى تقتلون وهذا يعنى أنه يبين لهم أنه محتمى من قتلهم له بالله فهو الذى ينقذه منهم ،وإن لم تؤمنوا لى فاعتزلون والمراد وإن لم توقنوا برسالتى فاتركون أعبد ربى دون إيذائى والخطاب للنبى(ص)هو وما بعده من القصة ومنه للناس
"فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون فأسر بعبادى ليلا إنكم متبعون واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون "المعنى فنادى إلهه إن هؤلاء ناس كافرون فاخرج بخلقى ليلا إنكم ملاحقون ودع الماء ساكنا إنهم عسكر مهلكون ،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)دعا ربه والمراد نادى خالقه فقال :أن هؤلاء قوم مجرمون أى مفسدون فأنقذنا منهم وانتقم منهم وهو قوله بسورة يونس"ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم " فقال الله له أسر بعبادى ليلا والمراد اخرج من البلد مع خلقى فى الليل إنكم متبعون أى مطاردون وهذا يعنى أن فرعون سيلاحق القوم بجيشه ،واترك البحر رهوا والمراد ودع الماء ساكنا والمراد وهذا يعنى ألا يعيد البحر واحدا بعد تجاوزهم له إنهم جند مغرقون أى إنهم عسكر مهلكون فى الماء .
"كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قوما أخرين فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين "المعنى كم خلفوا من حدائق وأنهار ونباتات ومسكن عظيم أى متاع كانوا بها متلذذين هكذا وملكناها ناسا أخرين فما حزنت عليهم السماء والأرض وما كانوا منتصرين ،يسأل الله كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين والمراد كم خلفوا بعدهم من حدائق وأنهار ونباتات وبيت عظيم أى متاع كانوا به فرحين ؟والغرض من السؤال هو إخبار أن القوم تركوا كل هذه النعم الإلهية بسبب كفرهم ،كذلك أى بتلك الطريقة وهى هلاكهم أورثها قوما أخرين والمراد ملكها لناس أخرين من بعدهم فما بكت عليهم والمراد فما حزنت السماء والأرض على قوم فرعون وما كانوا منظرين والمراد وما كانوا مرحومين أى منتصرين مصداق لقوله بسورة الذاريات"وما كانوا منتصرين"
" ولقد نجينا بنى إسرائيل من العذاب المهين من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين ولقد اخترناهم على علم على العالمين"المعنى ولقد أنقذنا أولاد يعقوب(ص)من العقاب المذل من فرعون إنه كان كبيرا فى المفسدين ولقد اصطفيناهم على معرفة من الناس ،يبين الله لنبيه (ص)أنه نجى والمراد أنقذ بنى إسرائيل وهم أولاد يعقوب (ص)من العذاب المهين وهو العقاب المذل الذى قرره فرعون لهم وهو الذى كان عاليا من المسرفين أى كان عظيما من المفسدين مصداق لقوله بسورة القصص"إنه كان من المفسدين "وهذا يعنى أنه كان كبير الكفار ويبين له أنه اختار القوم على علم على العالمين والمراد أنه اصطفى القوم على دين من الناس والمراد فضلهم على الناس بسبب إسلامهم مصداق لقوله بسورة البقرة "وأنا فضلتكم على العالمين ".
"وأتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين "المعنى وأعطيناهم من المعجزات ما فيه اختبار عظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أتى الآيات والمراد أعطى من المعجزات ما فيه بلاء مبين والمراد ما فيه امتحان كبير لهم .
"إن هؤلاء ليقولون إن هى إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين "المعنى إن هؤلاء ليزعمون إن هى إلا وفاتنا السابقة وما نحن بمبعوثين فهاتوا آبائنا إن كنتم عادلين ،يبين الله لنبيه (ص)أن هؤلاء وهم الكفار يقولون أى يزعمون:إن هى إلا موتتنا الأولى والمراد إن هى إلا وفاتنا السابقة وهذا يعنى أنهم يعيشون مرة واحدة ويموتون موتة واحد فقط وما نحن بمنشرين أى وما نحن بمبعوثين أى عائدين للحياة مرة أخرى مصداق لقوله بسورة الأنعام"وقالوا إن هى إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين " فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين والمراد فأحيوا آبائنا إن كنتم عادلين فى قولكم وهذا يعنى أنهم يطلبون من المسلمين إحياء أباء الكفار لعلمهم أن الله حرم عودتهم للدنيا بقوله بسورة الأنبياء"وحرام على قرية أنهم لا يرجعون "والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص) .
"أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين "المعنى هل هم أفضل أم شعب تبع والذين سبقوهم دمرناهم إنهم كانوا كافرين ،يسأل الله أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم والمراد هل هم أشد أم ناس تبع وهم قوم إبراهيم (ص)والذين سبقوهم أهلكناهم أى دمرناهم ؟والغرض من السؤال هو إخباره أنه لن يمنع عنهم العذاب وسيعذبهم كما عذب السابقين والسبب أن السابقين كانوا مجرمين أى كافرين أى فاسقين مصداق لقوله بسورة النمل"إنهم كانوا قوما فاسقين ".
"وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون"المعنى وما أبدعنا السموات والأرض والذى وسطهما لاهين ما أبدعناهما إلا للعدل ولكم معظمهم لا يؤمنون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه ما خلق أى ما أنشأ السموات والأرض وما بينهما وهو الجو الذى وسطهما لاعبين أى لاهين أى عابثين ويبين أنه ما خلقهم إلا بالحق والمراد ما أنشأهم إلا لإقامة العدل فيهما ولكن أكثرهم لا يعلمون والمراد ولكن أغلبهم لا يطيعون حكم الله أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثرهم لا يشكرون ".
"إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون إلا من رحم الله إنه العزيز الرحيم "المعنى إن يوم الحكم موعدهم كلهم يوم لا تتحمل نفس عن نفس عقابا ولا هم يرحمون إلا من نفع الرب إنه الناصر النافع ،يبين الله لنبيه (ص) أن يوم الفصل وهو يوم الدين أى الحكم العادل ميقاتهم أجمعين أى موعد الناس كلهم يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا والمراد يوم لا تتحمل نفس عن نفس عذابا مصداق لقوله بسورة الإنفطار"يوم الدين يوم لا تغنى نفس عن نفس شيئا"والناس لا ينصرون أى لا يرحمون أى لا ينظرون مصداق لقوله بسورة البقرة"ولا هم ينظرون"إلا من رحم الله والمراد إلا من نفع الله وهم المؤمنين والله هو العزيز الرحيم والمراد هو الناصر النافع للمؤمنين .
"إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلى فى البطون كغلى الحميم خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ذق إنك أنت العزيز الكريم إن هذا ما كنتم تمترون"المعنى إن نبات الضريع هو أكل الكافر كالزيت يمور فى الأجواف كمور المغلى ،أمسكوه فسوقوه إلى أرض النار ثم حطوا على دماغه من ألم الغساق اطعم إنك أنت الغالب العظيم إن هذا الذى كنتم تكذبون ،يبين الله لنبيه (ص)أن شجرة وهى نبات الزقوم وهو الضريع هو طعام الأثيم والمراد أكل الكافر فى النار مصداق لقوله بسورة الغاشية "ليس لهم طعام إلا من ضريع "وثمر الزقوم يشبه المهل وهو الزيت المغلى الذى يغلى فى البطون أى يقطع الأمعاء والمراد يحرق فى الأجواف كغلى الحميم والمراد كحرق الغساق وهو السائل المغلى ويقول الله للملائكة ،خذوه أى قيدوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم والمراد فسوقوه إلى وسط النار ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم والمراد ثم ضعوا على دماغه من ماء الغساق المؤلم وقولوا له :ذق إنك أنت العزيز الكريم والمراد اعلم الألم إنك أنت الناصر العظيم وهذا قول الهدف منه السخرية من الكفار لأنهم لا يعزون أنفسهم وليسوا كرماء يكرمون أنفسهم ،وقولوا لهم إن هذا ما كنتم تمترون أى تكذبون مصداق لقوله بسورة سبأ "ذوقوا عذاب النار الذى كنتم بها تكذبون"والخطاب وما بعده للنبى(ص).س
"إن المتقين فى مقام أمين فى جنات وعيون يلبسون من سندس واستبرق متقابلين كذلك وزوجناهم بحور عين يدعون فيها بكل فاكهة آمنين لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم "المعنى إن المطيعين فى مسكن آمن فى حدائق وأنهار يرتدون من سندس وإستبرق متلاقين هكذا وأعطيناهم قاصرات الطرف ينادون فيها بكل نعمة مطمئنين لا يعرفون الوفاة إلا الوفاة السابقة ومنعهم عقاب النار رحمة من إلهك ذلك هو النصر المبين ،يبين الله لنبيه (ص)أن المتقين وهم المطيعين لحكمه فى مقام أمين والمراد فى مسكن محمود أى طيب مصداق لقوله بسورة الإسراء"مقاما محمودا"وهذا المسكن هو جنات أى حدائق وعيون والمراد أنهار مصداق لقوله بسورة القمر "فى جنات ونهر"وهم يلبسون من سندس وإستبرق والمراد يرتدون ثياب من حرير أخضر وحرير له بريق وهم متقابلين أى متلاقين على الفرش ،وكذلك أى وبهذا النعيم زوجناهم بحور عين والمراد أعطيناهم قاصرات الطرف وهم يدعون فيها بكل فاكهة آمنين والمراد وهم ينادون فى الجنة إلى التمتع بكل متعة سالمين من أى أذى وهم لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى والمراد وهم فيها لا يعرفون الوفاة إلا الوفاة السابقة فى البرزخ عند القيامة وهذا يعنى أنهم باقون دون موت ووقاهم عذاب الجحيم والمراد ومنع الله عنهم عقاب السموم مصداق لقوله بسورة الطور"ووقانا عذاب السموم"وهذا فضل من ربهم أى رحمة من خالقهم وذلك هو الفوز العظيم أى النصر الكبير مصداق لقوله بسورة البروج"ذلك الفوز الكبير"

الأحد، 30 ديسمبر 2018

تفسير سورة الجاثية

سورة الجاثية
سميت بهذا الاسم لذكر كلمة جاثية بقوله "وترى كل أمة جاثية ".
"بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم "المعنى بحكم الرب النافع المفيد آيات إلقاء الوحى من الرب الناصر القاضى بالحق ،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم وهو حكم الرب النافع المفيد هم أن حم تنزيل الكتاب والمراد أن آيات عادلة متفرقات وحى الوحى وهو القرآن وبيانه من الله العزيز الحكيم وهو الرب الناصر لمطيعيه القاضى بالحق والخطاب للنبى(ص).
"إن فى السموات والأرض لآيات للمؤمنين وفى خلقكم وما يبث من دابة لآيات لقوم يوقنون "
المعنى إن فى السموات والأرض لبراهين للمصدقين وفى إبداعكم وما يخلق من مخلوق لبراهين لناس يؤمنون ،يبين الله للناس أن فى السموات والأرض والمراد فى مخلوقاتهما لآيات للمؤمنين والمراد لبراهين للمصدقين بحكم الله دالة على وجوب طاعته وحده وفى خلقهم وهو إنشائهم وما يبث من دابة والمراد وما يخلق من مخلوق لآيات لقوم يوقنون والمراد لبراهين دالة على وجوب طاعة الله وحده لناس يعقلون أى يؤمنون بحكمه مصداق لقوله بسورة الجاثية "لقوم يعقلون "والخطاب للناس وما بعده.
"واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون "المعنى وتقلب الليل والنهار وما أسقط الرب من السحاب من مطر فبعث به الأرض بعد جدبها وتوجيه الهواء براهين لناس يفهمون ،يبين الله للناس أن فى اختلاف أى تقلب أى تغير الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق والمراد وما أسقط الرب من السحاب من ماء مصداق لقوله بسورة الأنعام"وهو الذى أنزل من السماء ماء"فأحيا به الأرض بعد موتها والمراد فبعث للحياة أى فأنشر به البلدة بعد جدبها مصداق لقوله بسورة الزخرف"فأنشرنا به بلدة ميتة" وفى تصريف الرياح وهو توجيه الهواء المتحرك لجهات محددة آيات لقوم يعقلون والمراد لبراهين دالة على وجوب طاعة الله وحده لناس يفهمون .
"تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأى حديث بعد الله وآياته يؤمنون"المعنى تلك أحكام الرب نبلغها لك بالعدل فبأى حكم بعد الرب أى أحكامه يصدقون ،يبين الله لنبيه (ص)أن تلك وهى الوحى هى آيات الله والمراد أحكام الله نتلوها عليك بالحق والمراد نبلغها لك بالعدل وهو الصدق ويسأل الله فبأى حديث بعد الله وآياته يؤمنون والمراد فبأى حكم بعد الرب أى أحكامه يوقنون ؟والغرض من السؤال هو إخبار النبى (ص)بكفر القوم والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم "المعنى العذاب لكل مفترى مجرم يعرف أحكام الله تبلغ له ثم يعزم مستنكفا فأخبره بعقاب شديد ،يبين الله لنبيه (ص)أن الويل وهو العذاب هو نصيب كل أفاك أثيم أى مفترى ظالم مصداق لقوله بسورة الزخرف"فويل للذين ظلموا "والأثيم هو الذى يسمع آيات الله تتلى عليه والمراد الذى يعلم كلام الله يبلغ له مصداق لقوله بسورة البقرة"يسمعون كلام الله"ثم يصر مستكبرا والمراد ثم يظل عاصيا لحكمه كأن لم يسمعها أى كأن لم يعلمها ويطلب منه أن يبشره بعذاب أليم والمراد أن يخبر الأثيم بعقاب مهين مصداق لقوله بسورة الجاثية "عذاب مهين ".
"وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين ومن وراءهم جهنم ولا يغنى عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ولهم عذاب عظيم "المعنى وإذا عرف من أحكامنا بعضا جعلها أضحوكة أولئك لهم عقاب شديد ومن بعدهم النار ولا يمنع عنهم ما عملوا عذابا ولا ما جعلوا من سوى الرب آلهة ولهم عقاب شديد ،يبين الله لنبيه (ص)أن الأثيم إذا علم من آيات الله شيئا والمراد إذا عرف من أحكام الرب بعضا اتخذها هزوا والمراد جعل الأحكام أضحوكة أى مثارا لسخريته أولئك لهم عذاب مهين أى عقاب مذل فى الدنيا ومن وراءهم جهنم ومن بعد عقوباتهم فى الدنيا النار يدخلونها ولا يغنى عنهم ما كسبوا شيئا والمراد ولا يمنع عنهم ما عملوا وهو كيدهم عقابا مصداق لقوله بسورة الطور"يوم لا يغنى عنهم كيدهم شيئا "ولا يمنع عنهم ما اتخذوا من دون الله أولياء والمراد ولا يمنع عنهم العقاب ما عبدوا من سوى الله آلهة وفسر هذا بأن لهم عذاب عظيم أى عقاب أليم والخطاب للنبى(ص) .
"هذا هدى والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم "المعنى هذا حق والذين كذبوا بأحكام خالقهم لهم ألم من عقاب موجع ،يبين الله لنبيه (ص)أن هذا وهو الوحى هدى أى حق أى نفع أى "هذا بيان للناس "كما قال بسورة آل عمران والذين كفروا بآيات ربهم والمراد والذين كذبوا بأحكام إلههم لهم عذاب من رجز أليم والمراد لهم ألم من عقاب موجع والخطاب للنبى(ص).
"الله الذى سخر لكم البحر لتجرى الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون وسخر لكم ما فى السموات وما فى الأرض جميعا منه إن فى ذلك آيات لقوم يتفكرون "المعنى الرب الذى خلق لكم الماء لتسير السفن فيه بنعمته ولتطلبوا من رزقه ولعلكم تطيعون وخلق لكم الذى فى السموات والذى فى الأرض كله منه إن فى ذلك لبراهين لناس ينظرون ،يبين الله للناس أنه هو الذى سخر لكم البحر والمراد الذى خلق لكم الماء لتجرى الفلك فيه بأمره والمراد لتتحرك فيه السفن بنعمة وهو حكم الله مصداق لقوله بسورة لقمان"ألم تر أن الفلك تجرى فى البحر بنعمة الله"ولتبتغوا من فضله والمراد ولتطلبوا من رزق الله فى البحر ولعلكم تشكرون أى تطيعون حكم الله ،وسخر أى وخلق لكم ما أى الذى فى السموات وما أى والذى فى الأرض جميعا منه أى كله بقدرته وفى ذلك وهو الخلق لآيات لقوم يتفكرون والمراد لبراهين دالة على وجوب طاعته وحده لناس يفهمون والخطاب للناس على لسان النبى(ص) .
"قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزى قوما بما كانوا يكسبون"المعنى قل للذين صدقوا يعفوا عن الذين لا يريدون نعم الله ليحاسب ناسا بما كانوا يعملون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للذين آمنوا أى صدقوا حكم الله :اغفروا للذين لا يرجون أيام الله والمراد اصفحوا عن الذين لا يريدون ثوابات الله ليجزى قوما بما كانوا يكسبون والمراد ليعاقب ناسا بالذى كانوا يعملون أى يكفرون والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للمؤمنين.
"من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون "المعنى من فعل حسنا فلمنفعته ومن كفر فعقابه له ثم إلى إلهكم تعودون،يبين الله للنبى(ص) أن من عمل صالحا فلنفسه والمراد من فعل حسنا أى شكر الله فلمنفعته مصداق لقوله بسورة النمل"من شكر فإنما يشكر لنفسه"ومن أساء فعليها والمراد ومن كفر فعليه عقاب كفره مصداق لقوله بسورة الروم"من كفر فعليه كفره"ثم إلى ربكم ترجعون والمراد ثم إلى جزاء إلهكم تعودون بعد الموت .
"ولقد أتينا بنى إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين "المعنى ولقد أعطينا أولاد يعقوب (ص)الوحى أى الإلقاء أى حكم الله وأعطيناهم من المنافع وميزناهم على الناس ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أتى والمراد أنه أوحى لبنى إسرائيل وهم أولاد يعقوب (ص)الكتاب وفسره بالحكم وفسره بالنبوة أى الوحى ورزقهم من الطيبات والمراد وأعطاهم من المنافع وهى النعم وفضلهم على العالمين أى واختارهم من الناس والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس.
"وأتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضى بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون "المعنى وأوحينا لهم آيات من الحكم فما تنازعوا إلا من بعد ما أتاهم الوحى جورا منهم إن إلهك يحكم بينهم يوم البعث فيما كانوا به يكذبون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أتى أى أعطى بنى إسرائيل بينات من الأمر والمراد "شريعة من الأمر"كما قال بنفس السورة وهذا يعنى أنه أعطاهم أحكام من الوحى فكانت النتيجة أن اختلفوا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم والمراد أن كفروا من بعد ما أتتهم البينات وهى الأحكام ظلما أى جورا منهم مصداق لقوله بسورة البقرة"من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم "ويبين له أن ربه وهو خالقه يقضى بينهم يوم القيامة والمراد يحكم أى يفصل بينهم يوم البعث مصداق لقوله بسورة السجدة"إن ربك يفصل بينهم"فيما كانوا فيه يختلفون والمراد فيما كانوا به يكذبون وهو الدين الحق والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون "المعنى ثم أطلعناك على بينة من الوحى فأطعها ولا تطع ظنون الذين لا يدرون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه جعله على شريعة من الأمر والمراد على بينة من الوحى أى على دين الله فى الوحى مصداق لقوله بسورة الأنعام"بينة من الأمر"ويطلب منه أن يتبعها أى يطيع الدين ولا يتبع أهواء الذين لا يعلمون والمراد ولا يطيع شهوات الذين لا يؤمنون وهو سبيل أى دين المفسدين مصداق لقوله بسورة الأعراف "ولا تتبع سبيل المفسدين ".
" إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولى المتقين "المعنى إنهم لن يمنعوا عنك من الرب عقابا وإن الكافرين بعضهم أنصار بعض والرب ناصر المطيعين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار لن يغنوا عنه من الله شيئا والمراد لن يمنعوا عنه من الرب عذابا إذا كفر به ،وإن الظالمين وهم الكافرون بعضهم أولياء بعض والمراد بعضهم أنصار بعض والناصر يعين ويساعد الأخرين مصداق لقوله بسورة الأنفال"والذين كفروا بعضهم أولياء بعض" والله ولى المتقين والمراد والله ناصر أى راحم المطيعين لدينه وهم المؤمنين مصداق لقوله بسورة آل عمران"والله ولى المؤمنين".
"هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون"المعنى هذا أنوار للبشر أى رحمة أى نفع لناس يؤمنون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الوحى بصائر أى بيان أى أحكام للبشر مصداق لقوله بسورة آل عمران"هذا بيان للناس "وفسر البصائر بأنها هدى أى رحمة أى نفع لقوم يوقنون أى لناس يعقلون أى يطيعون مصداق لقوله بسورة الجاثية "لقوم يعقلون "
"أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون "المعنى هل ظن الذين عملوا الذنوب أن نجازيهم كالذين صدقوا وفعلوا الحسنات سيان معيشتهم ووفاتهم قبح ما يقولون ،يسأل الله أم حسب الذين اجترحوا السيئات والمراد هل اعتقد الذين عملوا الخطايا مصداق لقوله بسورة الأعراف "الذين عملوا السيئات"أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا السيئات والمراد أن نساويهم بالذين صدقوا الوحى وفعلوا الحسنات سواء محياهم ومماتهم أى سيان دنياهم وأخراهم ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار اعتقدوا أن الله سيساويهم بالمسلمين فى الدنيا والآخرة كما قال واحد منهم فى سورة فصلت "ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى"ويبين أنه ساء ما يحكمون والمراد بطل ما يقولون وهذا يعنى أن إعتقادهم خاطىء فالله لن يساويهم بالمسلمين أبدا والخطاب للنبى(ص).
"وخلق الله السموات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون "المعنى وأبدع الرب السموات والأرض ولتحاسب كل نفس بما عملت وهم لا ينقصون حقا ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله خلق أى أنشأ أى "فطر السموات والأرض "كما قال بسورة الأنعام والسبب فى خلقهما هو الحق أى إقامة العدل فيهما ولتجزى كل نفس بما كسبت والمراد ويوفى كل فرد جزاء ما عمل فى الدنيا مصداق لقوله بسورة الزمر"ووفيت كل نفس ما عملت"والناس لا يظلمون أى لا ينقصون حقا أى "هم فيها لا يبخسون" والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون "المعنى هل علمت بمن جعل ربه شهوته أى أبعده الرب بعد وحى أى طبع على قلبه أى نفسه أى خلق على قلبه حاجز فمن يرحمه من بعد الرب أفلا تطيعون ؟يسأل الله نبيه (ص)أفرأيت من اتخذ إلهه هواه والمراد أعرفت من جعل ربه شهوته وفسر هذا بقوله وأضله الله على علم والمراد وأبعده الرب عن دينه بعد معرفته بدين الله وفسر الله بقوله وختم أى وطبع على سمعه وهو قلبه أى نفسه مصداق لقوله بسورة التوبة "وطبع الله على قلوبهم "وفسر هذا بقوله وجعل على بصره غشاوة والمراد وخلق فى نفسه حاجز يمنعه من الإسلام هو شهوته أى كفره؟والغرض من السؤال إخبار النبى (ص)أن الكافر إلهه هو هواه وهو طاعة شهوته التى خلقها الله فى نفسه فى نفس الوقت الذى أراد الكافر طاعتها ،ويسأل فمن يهديه من بعد الله والمراد فمن يرحمه من بعد الرب ؟والغرض من السؤال إخباره أن الكافر لا ينقذه أحد من عقاب الله ،ويسأل أفلا يذكرون والمراد "أفلا يعقلون"كما قال بسورة يس وهذا يعنى أن الواجب عليهم هو طاعة الله .
"وقالوا ما هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون "المعنى وقالوا ما هى إلا معيشتنا الأولى نتوفى ونعيش وما يتوفانا إلا الزمن وما لهم بذلك من وحى إن هم إلا يخرصون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا :ما هى إلا حياتنا الدنيا والمراد ليس لنا إلا معيشتنا الحالية وهذا يعنى أنهم يكذبون بالبعث ،نموت ونحيا أى نهلك ونعيش وما يهلكنا إلا الدهر والمراد وما يدمرنا إلا أسباب الزمن وهذا يعنى أنهم يعتقدون أن السبب فى موتهم هو مصائب الزمن وليس الله ،وهم ما لهم بذلك من علم والمراد وليس لهم بقولهم فى الموت والحياة من علم أى وحى منزل من الله وإنما هم يظنون أى "إن هم إلا يخرصون "كما قال بسورة الأنعام والمراد يعتقدون هذا من تأليف أنفسهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين "المعنى وإذا تبلغ لهم أحكامنا واضحات ما كان برهانهم سوى أن قالوا هاتوا آبائنا إن كنتم عادلين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إذا تتلى عليهم أياتنا بينات والمراد إذا تبلغ لهم أحكام الله مفهومات ما كان حجتهم وهو برهانهم أى قولهم إلا أن قالوا :ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين والمراد أحيوا آبائنا إن كنتم عادلين فى قولكم بالبعث وقد قالوا هذا لعلمهم أن الله حرم المعجزات وهى الآيات ومنها إرجاع الموتى مصداق لقوله بسورة الأنبياء "وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون".
"قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون "المعنى قل الرب يخلقكم ثم يتوفاكم ثم يبعثكم إلى يوم البعث لا ظلم فيه ولكن أغلب الخلق لا يؤمنون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :الله يحييكم أى يخلقكم أول مرة ثم يميتكم أى يتوفاكم ثم يجمعكم أى يبعثكم إلى يوم القيامة والمراد يحييكم فى يوم البعث لا ريب فيه أى "لا ظلم اليوم "كما قال بسورة غافر ،ويبين الله له أن أكثر وهم معظم الناس لا يعلمون أى لا يطيعون حكم الله أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثر الناس لا يشكرون "والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس حتى لكن وما بعده له .
"ولله ملك السموات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون "المعنى ولله حكم السموات والأرض ويوم تقع القيامة يومئذ يعذب الكافرون ،يبين الله لنبيه (ص)أن لله ملك أى حكم أى "ميراث السموات والأرض"كما قال بسورة آل عمران ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون والمراد يوم تحدث القيامة يومذاك يبلس أى يعذب المجرمون مصداق لقوله بسورة الروم"ويوم تقوم الساعة يومئذ يبلس المجرمون ".
"وترى كل أمة جاثية تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون "المعنى وتشاهد كل جماعة واقفة تنادى إلى سجلها الآن تحاسبون على ما كنتم تكسبون هذا سجلنا يشهد عليكم بالعدل إنا كنا نسجل ما كنتم تكسبون،يبين الله لنبيه (ص)أنه يرى كل أمة جاثية والمراد يشاهد يوم القيامة كل جماعة واقفة فى أرض المحشر تدعى إلى كتابها والمراد تنادى إلى تسلم سجل عملها فيتسلمونه ويقال لهم :اليوم تجزون ما كنتم تعملون والمراد الآن توفون أجوركم على ما كنتم تكسبون مصداق لقوله بسورة آل عمران"إنما توفون أجوركم يوم القيامة "وقوله بسورة الأعراف"بما كنتم تكسبون "ويقال لهم هذا كتابنا ينطق بالحق والمراد هذا سجلنا يقول الصدق أى يشهد عليكم بالصدق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون والمراد إنا كنا نسطر أى نكتب ما كنتم تكسبون مصداق لقوله بسورة القمر"وكل كبير وصغير مستطر"وقوله بسورة الزخرف"ورسلنا لديهم يكتبون ".
"فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم فى رحمته ذلك الفوز المبين وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتى تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين "المعنى فأما الذين صدقوا وفعلوا الحسنات فيسكنهم خالقهم فى جنته ذلك النصر الكبير وأما الذين كذبوا أفلم تكن أحكامى تبلغ لكم فخالفتم أى كنتم ناسا كافرين ،يبين الله لنبيه (ص) أن الذين آمنوا أى صدقوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات فيدخلهم ربهم فى رحمته والمراد فيسكنهم فى جنته مصداق لقوله بسورة المجادلة "ويدخلهم جنات "ودخول الجنة هو الفوز المبين أى النصر العظيم مصداق لقوله بسورة الدخان"ذلك هو الفوز العظيم "وأما الذين كفروا وهم الذين كذبوا أحكام الله فيقول الله لهم على لسان الملائكة :أفلم تكن آياتى تتلى عليكم والمراد ألم تكن أحكامى تبلغ لكم فى الدنيا فاستكبرتم أى فكذبتم مصداق لقوله بسورة المؤمنون"ألم تكن آياتى تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون "وفسرها بقوله وكنتم قوما مجرمين أى كافرين أى مكذبين بآيات الله والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندرى ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون "المعنى وإذا قيل إن قول الرب صدق أى القيامة لا ظلم فيها قلتم ما نعلم ما القيامة إن نعتقد إلا اعتقادا وما نحن بمؤمنين وظهر لهم عقوبات ما صنعوا أى نزل بهم الذى كانوا به يكذبون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إذا قال لهم المسلمون :إن وعد الله حق والمراد إن قول الرب عن القيامة صدق والساعة وهى القيامة لا ريب فيها أى "لا ظلم اليوم"كما قال بسورة غافر قالوا لهم :ما ندرى ما الساعة والمراد ما نعرف ما القيامة إن نظن إلا ظنا والمراد إن نعتقد إلا يقينا بعدم وجودها وما نحن بمستيقنين أى ما نحن بمؤمنين بالقيامة وهذا يعنى كفرهم بالبعث والجزاء فهذا حكم فى دينهم الضال ،ويبين له أن الكفار بدا لهم سيئات ما عملوا والمراد ظهرت لهم عقوبات ما كسبوا مصداق لقوله بسورة الزمر"وبدا لهم سيئات ما كسبوا "وفسر هذا بقوله وحاق بهم ما كانوا يستهزءون والمراد وحل بهم الذى كانوا به يكذبون وهو العقاب ممثل فى دخولهم النار
"وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون "المعنى وقيل الآن نترككم كما تركتم جزاء يومكم هذا ومقامكم جهنم وما لكم من منقذين ذلكم بأنكم جعلتم أحكام الرب سخرية وخدعتكم المعيشة الأولى فالآن لا يطلعون منها ولا هم يتكلمون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله يقول على لسان الملائكة فى القيامة :اليوم ننساكم والمراد الآن نترك رحمتكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا والمراد كما تركتم العمل لثواب يومكم هذا ومأواكم النار والمراد ومثواكم وهو مكانكم جهنم مصداق لقوله بسورة الأنعام"النار مثواكم"وما لكم من ناصرين أى منقذين من النار أى أولياء مصداق لقوله بسورة هود"وما لكم من دون الله من أولياء "ذلكم أى دخولكم النار سببه أنكم اتخذتم آيات الله هزوا والمراد أنكم جعلتم أحكام الرب وهى دينه لعبا أى أضحوكة مصداق لقوله بسورة المائدة"الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا "وفسر هذا بقوله وغرتكم الحياة الدنيا والمراد وخدعكم متاع المعيشة الأولى فاليوم لا يخرجون منها والمراد فالآن لا يطلعون من النار دوما ولا هم يستعتبون والمراد ولا هم ينطقون مصداق لقوله بسورة المرسلات"هذا يوم لا ينطقون ".
"فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين وله الكبرياء فى السموات والأرض وهو العزيز الحكيم "المعنى فلله الطاعة خالق السموات وخالق الأرض خالق الكل وله العظمة فى السموات والأرض وهو الناصر القاضى ،يبين الله لنبيه (ص)أن الحمد وهو الملك أى الطاعة لحكم الله مصداق لقوله بسورة التغابن "له الملك"رب أى خالق السموات ورب أى خالق الأرض رب العالمين أى خالق الجميع وفسر الحمد بأنه الكبرياء والمراد أن الله له العظمة ممثلة فى طاعة الخلق فى السموات والأرض لحكمه والله هو العزيز الحكيم أى الناصر لمطيعيه القاضى بالحق والخطاب وما قبله للنبى(ص)

السبت، 29 ديسمبر 2018

تفسير سورة الأحقاف

سورة الأحقاف
سميت بهذا لذكر الأحقاف بقوله "إذ أنذر قومه بالأحقاف ".
"بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم" المعنى بحكم الرب النافع المفيد آيات عادلة إلقاء الوحى من الرب الناصر القاضى ،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو حم تنزيل الكتاب والمراد هو آيات عادلة وحى القرآن وبيانه مفرقات حيث أنزل الله القرآن وتفسيره آيات مفرقات على مرات عديدة من الله العزيز الحكيم والمراد من الرب الناصر القاضى بالحق والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما أنذروا معرضون"المعنى ما أبدعنا السموات والأرض والذى وسطهما إلا للعدل وموعد محدد والذين كذبوا لما أبلغوا مخالفون،يبين الله لنبيه (ص)أنه ما خلق أى ما أنشأ السموات والأرض وما بينهما والمراد والجو الذى وسطهما إلا بالحق والمراد إلا لإقامة العدل وأجل مسمى أى وموعد محدد هو القيامة والذين كفروا عما أنذروا معرضون والمراد والذين كذبوا بحكم الله لما أبلغوا من الأحكام عاصون .
"قل أرايتم ما تدعون من دون الله أرونى ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك فى السموات ائتونى بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين "المعنى قل أعلمونى ما تعبدون من سوى الرب أعلمونى ماذا أبدعوا فى الأرض أم لهم ملك فى السموات جيئونى بوحى من قبل القرآن أى بعض من وحى إن كنتم محقين ،يطلب الله من رسوله (ص)أن يسأل الناس :أرأيتم ما تدعون من دون الله والمراد عرفونى ما تعبدون من سوى الله مصداق لقوله بسورة المائدة "أتعبدون من دون الله"أرونى ماذا خلقوا من الأرض والمراد عرفونى ماذا أنشئوا فى الأرض أم لهم شرك فى السموات والمراد هل لهم ملك أى خلق فى السموات ؟ائتونى بكتاب من قبل هذا والمراد جيئونى بوحى منزل من قبل القرآن وفسر هذا بقوله آثارة من علم أى بعض من وحى الله السابق يدل على خلق الأرباب المزعومة لشىء فى الكون إن كنتم صادقين أى عادلين فى قولكم ؟والغرض من القول هو إخبار الناس أن الأرباب المزعومة لم تخلق شىء فى الكون ولا يوجد فى أى وحى أنزله الله دليل على هذا .
"ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعاءهم غافلون "المعنى ومن أظلم ممن يعبد من سوى الرب من لا يعلم به إلى يوم البعث وهم عن عبادتهم ساهون،يبين الله لنبيه (ص)أن من أضل والمراد "ومن أظلم "كما قال بسورة البقرة وهذا يعنى أن الكافر هو من يدعو من دون الله والمراد هو من يعبد من سوى الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة والمراد من لا يعلم بعبادته حتى يوم البعث مصداق لقوله بسورة النحل"ويعبدون من دون الله "وهم عن دعاءهم غافلون والمراد وهم عن عبادتهم وهى طاعتهم ساهون مصداق لقوله بسورة يونس"إنا كنا عن عبادتكم غافلين "والمراد أن الأرباب المزعومة لا تعلم بعبادة الناس لها ولا تنفعهم بشىء والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين "المعنى وإذا بعث الخلق كانوا لهم كارهين وكانوا لطاعتهم مكذبين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الناس وهم الخلق إذا حشروا والمراد إذا بعثوا يوم القيامة كانوا لهم أعداء والمراد كانت الأرباب للعابدين لها كارهين وكانوا بعبادتهم كافرين والمراد وكانت الأرباب المزعومة بطاعة العابدين لها مكذبين .
"وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين "المعنى وإذا تبلغ لهم أحكامنا واضحات قال الذين كذبوا للعدل لما أتاهم هذا خداع عظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الناس إذا تتلى عليهم آيات الله بينات والمراد إذا تبلغ لهم أحكام الله مفهومات وهذا يعنى إن يروا كل آية قال الذين كفروا للحق لما جاءهم أى قال الذين كذبوا بالعدل لما أتاهم :هذا سحر مبين أى هذا خداع أى كذب مستمر مصداق لقوله بسورة القمر"وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر ".
"أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لى من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بينى وبينكم وهو الغفور الرحيم "المعنى هل يزعمون اختلقه قل إن اختلقته فلا تقدرون لى من الرب على عذاب هو أعرف بالذى تخوضون فيه حسبى حاكما بينى وبينكم وهو العفو النافع ،يسأل الله أم يقولون افتراه والمراد هل يزعمون تقوله أى اختلقه مصداق لقوله بسورة الطور"أم يقولون تقوله"ويطلب الله من نبيه (ص) أن يقول للناس إن افتريته والمراد إن تقولته فلا تملكون لى من الله شيئا والمراد فلا تقدرون لى من الرب على جلب العذاب ،هو أعلم بما تفيضون فيه والمراد هو أعرف بالذى تعملون مصداق لقوله بسورة الحج"إن الله أعلم بما تعملون "كفى به شهيدا بينى وبينكم والمراد حسبى الله قاضيا بينى وبينكم وهو الغفور الرحيم والمراد وهو النافع المفيد لمطيعيه والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس.
"قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلى وما أنا إلا نذير مبين "المعنى قل ما كنت صنفا من الأنبياء (ص)وما أعلم ما يصنع بى ولا بكم إن أطيع إلا الذى يلقى إلى وما أنا سوى مبلغ أمين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :ما كنت بدعا من الرسل والمراد ما كنت صنفا من الأنبياء(ص)وهذا يعنى أنه ليس حالة خاصة من الرسل (ص)وإنما واحد مشابه لهم تمام المشابهة ،وأن يقول وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم والمراد ولا أعرف الذى يصنع بى ولا بكم فى المستقبل وهو الغد مصداق لقوله بسورة لقمان"وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا"وهذا يعنى أنه لا يعلم الغيب،وأن يقول إن أتبع إلا ما يوحى إلى والمراد إن أطيع إلا الذى يلقى إلى من الوحى وهو دين إبراهيم (ص)مصداق لقوله بسورة النحل"اتبع ملة إبراهيم حنيفا "وما أنا إلا نذير مبين والمراد وما أنا إلا مبلغ أمين والمراد رسول كريم مصداق لقوله بسورة الزخرف "ورسول مبين"والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس
"قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بنى إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدى القوم الظالمين "المعنى قل أعلمونى إن كان من لدى الرب وكذبتم به وأقر مقر من أولاد يعقوب (ص)على شبهه فصدق وكذبتم إن الرب لا يرحم الناس الكافرين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول أرأيتم أى عرفونى إن كان القرآن من عند أى لدى الله وكفرتم به والمراد وكذبتم بالقرآن فمن ينقذكم من عذاب الله ؟والغرض من القول أن لا أحد ينقذهم من العذاب وشهد شاهد من بنى إسرائيل على مثله والمراد واعترف معترف من أولاد يعقوب (ص)على عالم شبهه وهذا يعنى أن أحد علماء بنى إسرائيل اعترف على عالم أخر بالتحريف فآمن أى فصدق بالقرآن واستكبرتم والمراد وكفرتم طاعة للعالم الآخر إن الله لا يهدى القوم الظالمين والمراد إن الرب لا يرحم الناس الكافرين مصداق لقوله بسورة التوبة "والله لا يهدى القوم الكافرين "والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس.
"وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم "المعنى وقال الذين كذبوا للذين صدقوا لو كان نفعا ما نافسونا فيه وإذا لم يرشدوا فسيقولون هذا كذب عتيق ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا الحق قالوا للذين آمنوا والمراد للذين صدقوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه والمراد لو كان الإسلام نافعا ما سارعونا إليه وهذا يعنى أن الإسلام لو كان رحمة ما أسلم الضعاف والصغار قبلهم وأما إذا لم يهتدوا أى لم يسلموا فسيقولون عنه :هذا إفك قديم أى هذا كذب عتيق والمراد أنه خلق الأولين أى كذب السابقين نقله محمد (ص)عن السابقين ونسبه لله والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين "المعنى ومن قبل القرآن وبيانه وحى موسى (ص)هاديا أى نافعا وهذا حكم مشابه حكما واضحا ليخبر الذين كفروا ورحمة للمصلحين ،يبين الله لنبيه (ص)أن من قبل نزول القرآن وجد كتاب موسى وهو توراة موسى (ص)إماما أى رحمة والمراد هاديا أى نافعا وهذا أى القرآن وبيانه كتاب مصدق لسانا عربيا والمراد وحى مشابه لتوراة موسى (ص)حكما مفهوما مصداق لقوله بسورة الرعد"وكذلك أنزلناه حكما عربيا "والسبب فى نزوله أن تنذر الذين ظلموا والمراد أن تبلغ الذين كفروا بعذاب الله إن كفروا به وبشرى للمحسنين أى ونفع للمسلمين إن آمنوا به وأطاعوه مصداق لقوله بسورة النحل"وبشرى المسلمين " .
"إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون "المعنى إن الذين قالوا إلهنا الرب ثم أطاعوا فلا عقاب لهم أى ليسوا يعاقبون أولئك سكان الحديقة مقيمين فيها ثواب بما كانوا يحسنون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين قالوا ربنا أى خالقنا الله ثم استقاموا أى أطاعوا حكم الله بعد إيمانهم به لا خوف عليهم والمراد لا عذاب لهم وفسر هذا بقوله ولا هم يحزنون أى ليسوا يعذبون فى القيامة أولئك أصحاب الجنة والمراد أولئك سكان الحديقة خالدين فيها أى مقيمين أى "ماكثين فيها أبدا"كما قال بسورة الكهف جزاء بما كانوا يعملون والمراد ثوابا" بما كانوا يكسبون" كما قال بسورة التوبة.
"ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعنى أن اشكر نعمتك التى أنعمت على وعلى والدى وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لى فى ذريتى إنى تبت إليك وإنى من المسلمين "المعنى وأمرنا المرء بأبويه برا رفعته والدته جبرا وولدته جبرا وحبله وفطامه ثلاثون شهرا حتى إذا وصل قوته أى وصل أربعين عاما قال إلهى قدرنى أن أحمد منحتك التى أعطيت لى ولأبويى وأن أفعل نافعا تقبله وأحسن لى فى نسلى إنى عدت لك أى إنى من المطيعين ،يبين الله لنبيه (ص)أنه وصى الإنسان بوالديه إحسانا والمراد أن أمر الفرد بأبويه برا والمراد أن يعاملهما بالعدل،حملته أمه كرها ووضعته كرها والمراد حبلت به جبرا وولدته جبرا وهذا يعنى أن الأم تحبل وتلد دون إرادتها فالله وحده هو الذى يريد ،وحمله وفصاله والمراد ومدة الحبل به ورضاعته ثلاثون شهرا وهذا يعنى أن مدة الحمل ستة أشهر فقط لأن الفطام وهو الرضاع عامين أى 24شهر مصداق لقوله بسورة البقرة "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين "وهذا هى مدة الحمل الحقيقى الذى تكون فيه النفس فى الجسم ،وحتى إذا بلغ أشده والمراد وحتى إذا وصل سن قوته أى بلغ أربعين سنة أى وصل سن الأربعين قال رب أوزعنى أن أشكر نعمتك التى أنعمت على وعلى أبوى والمراد قدرنى أن أطيع وحيك الذى أبلغت لى ولوالدى وفسر هذا بقوله وأن أعمل صالحا ترضاه والمراد وأن أفعل إسلاما تقبله مصداق لقوله بسورة آل عمران "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه"وقال وأصلح لى فى ذريتى والمراد أحسن لى فى أولادى إنى تبت إليك والمراد إنى عدت لدينك وفسر هذا بقوله وإنى من المسلمين أى المطيعين لدينك والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم فى أصحاب الجنة وعد الصدق الذى كانوا يوعدون "المعنى أولئك الذين نرضى منهم أصلح ما فعلوا ونعفو عن خطاياهم من سكان الحديقة قول العدل الذى كانوا يخبرون،يبين الله لنا أن المسلمين هم الذين يتقبل منهم أحسن ما عملوا والمراد يرضى منهم أفضل ما صنعوا وهو الإسلام مصداق لقوله بسورة آل عمران"ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه "فالإسلام هو المقبول وغيره لا يقبله الله ونتجاوز عن سيئاتهم أى "ويعفوا عن السيئات"كما قال بسورة الشورى والمراد ونترك عقاب خطاياهم وهم أصحاب الجنة أى سكان الحديقة وهذا الدخول للجنة هو وعد أى قول الصدق أى العدل أى الحق الذى كانوا يوعدون أى يخبرون أى يبشرون فى الدنيا مصداق لقوله بسورة غافر"إن وعد الله حق ".
"والذى قال لوالديه أف لكما أتعداننى أن أخرج وقد خلت القرون من قبلى وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين أولئك الذين حق عليهم القول فى أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين "المعنى والذى قال لأبويه ويل لكما أتخبراننى أن أبعث وقد مضت الناس من قبلى وهما يستنجدان الله العذاب لك صدق إن قول الرب صدق فيقول ما هذا إلا أكاذيب السابقين أولئك الذين صدق فيهم الحكم فى جماعات قد مضت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا معذبين،يبين الله لنبيه (ص)أن الخاسر هو الذى قال لوالديه وهم أمه وأبيه :أف لكما والمراد العذاب لكما ،أتعداننى أن أخرج والمراد هل تخبراننى أن أعود للحياة من بعد الموت وقد خلت القرون من قبلى والمراد وقد مضت الأمم من قبلى أى ولم تعد الجماعات التى ماتت قبلى إلى الحياة ؟وهذا يعنى أنه مكذب بالبعث الذى أخبره الأبوان به ،ويبين له أن الأبوين استغاثا أى استنصرا أى استنجدا بالله لإقناع الإبن فقالا له :ويلك أى العذاب لك أنت إن كذبت ،آمن أى صدق بالبعث ،إن وعد الله حق والمراد إن عهد وهو قول الله صدق والمراد إن البعث واقع فى المستقبل فكان رده هو قوله :ما هذا إلا أساطير الأولين والمراد ما البعث سوى أكاذيب السابقين وهذا يعنى إصراره على التكذيب،ويبين له أن المكذبين بالبعث هم الذين حق عليهم القول والمراد الذين صدق فيهم الحديث أنهم كانوا خاسرين أى معذبين فى النار وهؤلاء المعذبين هم من أمم قد خلت من قبل كفار عهد الرسول (ص)والمراد من جماعات قد مضت أى عاشت وهلكت من قبل الناس فى عهد الرسول (ص)سواء كانت هذه الجماعات من الإنس أو الجن والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون فى الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون "المعنى ولكل عطايا بما صنعوا أى ليعطيهم أجورهم وهم لا ينقصون حقا ويوم يدخل الذين كذبوا جهنم أضعتم متاعكم فى معيشتكم الأولى أى تلذذتم بها فالآن تعاقبون عقاب الذل بما كنتم تحكمون فى البلاد بغير العدل أى بما كنتم تكفرون ،يبين الله لنبيه (ص)أن لكل درجات مما عملوا والمراد لكل جماعة جزاء ما صنعوا فالجنة لمن أسلم والنار لمن أساء وفسر هذا بقوله ليوفيهم أعمالهم والمراد وليعطيهم أجور أفعالهم ،ويوم يعرض الذين كفروا على النار والمراد ويوم يدخل الذين كذبوا الحق فى النار يقال لهم أذهبتم طيباتكم والمراد أضعتم متاعكم فى الحياة الدنيا وهى المعيشة الأولى وفسر هذا بقوله واستمتعتم بها أى وتلذذتم بالطيبات فى الدنيا فاليوم تجزون عذاب الهون والمراد فالآن تذوقون عذاب الذل بما كنتم تستكبرون فى الأرض بغير الحق والمراد بما كنتم تعملون فى البلاد غير العدل وفسر هذا بقوله وبما كنتم تفسقون أى بما كنتم تكفرون بدين الله وهو العدل .
"واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم "المعنى وقص عن أخا عاد حين خوف شعبه بالرياح وقد مضت الآيات من أمامه ومن وراءه ألا تطيعوا سوى الله إنى أخشى عليكم عقاب يوم كبير،يطلب الله من نبيه (ص)أن يذكر أخا عاد والمراد أن يحكى قصة هود(ص)أخا وهو صاحب عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف والمراد حين خوف شعبه من الرياحات المهلكة وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه والمراد وقد سبقت التحذيرات من أمامه أى فى علنه ومن وراءه أى فى سر الناس حيث قال لهم ألا تعبدوا إلا الله والمراد ألا تطيعوا حكم سوى حكم الرب إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم والمراد إنى أخشى عليكم من عقاب يوم أليم والخطاب فى القصة للنبى(ص)ومنه للناس
"قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين"المعنى قالوا أأتيتنا لتبعدنا عن أربابنا فهات لنا الذى تخبرنا إن كنت من العادلين ،يبين الله على لسان نبيه (ص)أن عاد قالوا لهود(ص)قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا والمراد هل أتيتنا لتبعدنا عن أربابنا؟والغرض من السؤال إخبار هود(ص)أنه هدفه معروف لهم وهو إبعادهم عن دين أربابهم المزعومة،وقالوا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين والمراد فجئنا بما تخبرنا إن كنت من المحقين فى قولك،وهذا يعنى أنهم يطلبون منه العذاب حتى يؤمنوا وهو قول استهزائى منه .
"قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكن أراكم قوما تجهلون "المعنى قال إنما المعرفة لدى الرب وأوصل لكم ما بعثت به ولكن أعرفكم ناسا تكفرون ،يبين الله على لسان نبيه (ص)أن هود(ص)قال لعاد:إنما العلم عند الله والمراد إنما معرفة موعد العذاب فى كتاب الله وأبلغكم ما أرسلت به والمراد وأقول لكم ما بعثت له وهو ما أوحى إلى ولكن أراكم قوما تجهلون والمراد ولكن أعلمكم ناسا تكفرون بدين الله .
"فلما رأوه مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شىء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزى القوم المجرمين "المعنى فلما شهدوه سحابا واقف مواضعهم قالوا هذا سحاب ساقط بل هو ما طالبتم به ريح فيها عقاب شديد تهلك كل إنسان بإذن إلهها فأصبحوا لا يشاهد إلا مساكنهم كذلك نعاقب الناس الكافرين ،يبين الله لنا على لسان نبيه (ص)أن عاد لما رأوا السحاب عارضا والمراد لما شاهدوا السحاب مرابطا مستقبل أوديتهم أى أمام مواضعهم وهى مساكنهم وهذا يعنى أن السحاب وقف مدة طويلة أمام مساكن الكفار فقالوا :هذا عارض ممطرنا والمراد هذا سحاب نازل علينا غيثه ،فقال هود(ص)لهم :بل هو ما استعجلتم به والمراد إن هذا هو العذاب الذى طالبتم به ريح فيها عذاب أليم والمراد هواء متحرك به عقاب شديد بإذن ربها وهو أمر خالقها وهذا يعنى أن الأمر الصادر للريح هو إهلاكهم ،ويبين لنا أن عاد أصبحوا لا يرى إلا مساكنهم والمراد أصبحوا لا يشاهد إلا بيوتهم وأما هم فقد هلكوا وهكذا يجزى الله القوم المجرمين والمراد بتلك الطريقة يعاقب الرب الناس الظالمين مصداق لقوله بسورة يوسف"كذلك نجزى الظالمين ".
"ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شىء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا يستهزءون "المعنى ولقد حكمناهم فيما إن حكمناكم فيه وجعلنا لهم قلبا أى عقولا أى نفوسا فما منع عنهم قلبهم أى عقولهم أى نفوسهم من عذاب إذ كانوا يكفرون بأحكام الله ونزل بهم الذى كانوا به يسخرون ،يبين الله للناس أنه مكن عاد فيما مكنهم فيه والمراد حكم عاد فيما حكم الناس وهو الأرض بما عليها وجعل لهم سمعا وفسرها بأنها أبصارا وفسرها بأنها أفئدة والمراد خلق لهم عقول أى نفوس أى قلوب فما أغنى عنهم سمعهم والمراد فما منعت عنهم عقولهم أى أبصارا أى أفئدة من شىء أى من عذاب الله والسبب أنهم كانوا يجحدون بآيات الله فلا يستعملون عقولهم والمراد أنهم كانوا يكفرون بأحكام الرب وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون والمراد وحل بهم الذى كانوا به يكذبون وهو العذاب والخطاب للناس .
"ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة بل ضلوا عنهم وذلك إفكهم وما كانوا يفترون "المعنى ولقد دمرنا ما يحيط بكم من أهل البلاد وبينا الأحكام لعلهم يتوبون فلولا أنقذهم الذين عبدوا من سوى الله زلفى أرباب ،لقد تبرءوا منهم وذلك افتراءهم أى الذى كانوا يزعمون ،يبين الله للناس أنه أهلك ما حولهم من القرى والمراد دمر أى قصم الذى يحيطون بهم من أهل البلاد الكفار مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وكم قصمنا من قرية "ويبين للنبى(ص)أنه صرف الآيات والمراد بين الأحكام مصداق لقوله بسورة البقرة "قد بينا الآيات "والسبب لعلهم يرجعون والمراد لعلهم يتوبون أى يطيعونها ،فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة والمراد فهل أنقذهم الذين عبدوا من دون الرب شفعاء أرباب ؟والغرض من القول هو إخبار الناس أن الأرباب المزعومة لم تنقذ الكفار من العذاب وإنما ضلوا عنهم أى تبرءوا من عبادتهم لهم وذلك وهم الآلهة المزعومة هى إفكهم وهو افتراءهم أى اختراعهم وفسره بأنه ما كانوا يفترون أى الذى كانوا يزعمون مصداق لقوله بسورة الأنعام "وضل عنكم ما كنتم تزعمون "والخطاب حتى القرى للناس وهو قول محذوف أخره وما بعده للنبى (ص)وهو محذوف أوله
"وإذا صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم "المعنى وقد وجهنا لك جمعا من الجن ينصتون للوحى فلما سمعوه قالوا اسمعوا فلما انتهى انصرفوا إلى أهلهم مخبرين قالوا يا شعبنا إنا علمنا وحيا أوحى من بعد موسى (ص)مشابها لما معه يرشد إلى الإسلام أى إلى دين عادل ،يبين الله لنبيه (ص)أنه صرف إليه نفر من الجن والمراد أنه وجه إلى مكان وجود النبى (ص)جمع من الجن حتى يستمعوا للقرآن والمراد حتى يعلموا بوحى الله فلما حضروه والمراد فلما سمعوا القرآن قالوا لبعضهم :أنصتوا أى اسمعوا والمراد اعلموا لتطيعوه ،وهذا يعنى أن النبى (ص)لم يعرف بحضور الجن لسماع القرآن إلا بعد أن انصرفوا من عنده بمدة ،فلما قضى والمراد ولما أنهى النبى (ص)قراءة القرآن ولوا إلى قومهم منذرين والمراد ذهبوا إلى شعبهم وهو الجن مخبرين بوحى الله فقالوا لهم :يا قومنا أى يا أهلنا إنا سمعنا كتابا أى"إنا سمعنا قرآنا عجبا "كما قال بسورة الجن والمراد إنا علمنا وحيا أنزل أى أوحى من بعد وفاة موسى (ص)مصدقا لما بين يديه والمراد مشابه لما معه وهذا يعنى أن القرآن مشابه للتوراة يهدى إلى الحق والمراد يرشد إلى الإسلام وفسروا هذا بقولهم وإلى طريق مستقيم والمراد إلى دين عادل علينا إتباعه يدخل الجنة.
"يا قومنا أجيبوا داعى الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ومن لا يجب داعى الله فليس بمعجز فى الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك فى ضلال مبين "المعنى يا شعبنا أطيعوا منادى الرب وصدقوا به يزيل لكم من خطاياكم أى ينقذكم من عقاب شديد ومن لا يطع منادى الرب فليس بمنتصر فى البلاد وليس له من سواه أنصار أولئك فى عذاب عظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أن النفر من الجن قالوا لقومهم:يا قومنا أى يا أهلنا أجيبوا داعى الله والمراد اتبعوا رسول الله وآمنوا به والمراد وصدقوا برسالته وهذا يعنى أنهم يطلبون منهم الإيمان بالنبى (ص) وقرآنه وطاعتهم ،يغفر لكم من ذنوبكم أى "ويكفر عنكم سيئاتكم"كما قال بسورة الأنفال والمراد يترك عقاب ما صنعتم من خطايا وفسر هذا بقوله ويجركم من عذاب أليم والمراد وينقذكم من عقاب عظيم مصداق لقوله بسورة التوبة "عذاب عظيم "ومن لا يجب داعى الله والمراد ومن لا يطع مبلغ الرب فليس بمعجز فى الأرض والمراد فليس بمنتصر فى البلاد مصداق لقوله بسورة الكهف"وما كان منتصرا"والمراد ليس بهارب من عذاب الله وليس له من دونه أولياء والمراد وليس له من سوى الله أنصار ينقذونه من العذاب أولئك فى ضلال مبين والمراد أولئك فى عذاب عظيم وهو النار والخطاب وما قبله للنبى(ص).
"أو لم يروا أن الله الذى خلق السموات والأرض ولم يعى بخلقهن بقادر على أن يحى الموتى بلى إنه على كل شىء قدير "المعنى هل لم يعلموا أن الرب الذى أنشأ السموات والأرض ولم يتعب من إنشاءهن مستطيع أن يبعث الهلكى ؟حقا إنه لكل أمر مستطيع ،يسأل الله أو لم يروا والمراد هل لم يعرفوا أن الله الذى خلق أى أبدع أى"فطر السموات والأرض"كما قال بسورة الأنعام ولم يعى بخلقهن والمراد ولم يتعب من خلقهن والمراد ولم يمرض من إبداعهن بقادر على أن يحى الموتى أى بمستطيع أن يبعث الهلكى للحياة ؟والغرض من السؤال إخبارنا أن الكفار عرفوا أن الله خالق السموات والأرض قادر على بعث الموتى وأنه لا يتعب من شىء ويجيب الله على السؤال بقوله بلى إنه على كل شىء قدير والمراد حقا إنه لكل أمر يريده فاعل وهذا يعنى أنه يفعل ما يريد دون تعب والخطاب للنبى(ص) وما بعده وما بعده .
"ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون "المعنى ويوم يدخل الذين كذبوا جهنم أليس هذا بالصدق قالوا حقا وإلهنا قال فإصلوا العقاب بما كنتم تكذبون،يبين الله لنبيه (ص)أن يوم يعرض الذين كفروا على النار والمراد يوم يدخل الذين جحدوا وحى الله فى الجحيم يقال لهم على لسان الملائكة :أليس هذا بالحق والمراد أليست النار بالصدق؟فقالوا بلى وربنا والمراد حقا وخالقنا وهذا يعنى أنهم يقرون بصدق الله فيقال لهم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون والمراد فإصلوا العقاب بالذى كنتم تعملون أى تكذبون مصداق لقوله بسورة السجدة"ذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون ".
"فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار فهل يهلك إلا القوم الفاسقون "المعنى فأطع كما أطاع أصحاب الحكم من الأنبياء(ص)ولا تطلب لهم كأنهم يوم يشاهدون الذى يخبرون لم يعيشوا إلا جزء من يوم فهل يعاقب إلا الناس الكافرون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يصبر أى يطيع حكم ربه مصداق لقوله بسورة القلم"فاصبر لحكم ربك"كما صبر أولوا العزم من الرسل والمراد كما أطاع حكمه أصحاب الحكم وهم الأنبياء(ص)ويطلب منه ألا يستعجل لهم والمراد ألا يطلب للكفار العذاب لأنهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون والمراد كأنهم يوم يشاهدون ما يخبرون وهو العذاب لم يلبثوا إلا ساعة من نهار والمراد لم يبقوا فى الدنيا إلا جزء من النهار وهذا يعنى أنهم يتصورون يوم القيامة أنهم لم يعيشوا فى الدنيا عمرهم وإنما جزء قصير ويسأل فهل يهلك إلا القوم الفاسقون أى فهل يعذب إلا القوم الظالمون مصداق لقوله بسورة الأنعام"فهل يهلك إلا القوم الظالمون"والغرض من السؤال إخبارنا أن الكفار وحدهم هم المعذبون.

الجمعة، 28 ديسمبر 2018

تفسير سورة محمد

سورة محمد

سميت بهذا الاسم لذكر محمد(ص)فى قوله"وآمنوا بما نزل على محمد".
"بسم الله الرحمن الرحيم الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل الله أعمالهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم "المعنى بحكم الرب النافع المفيد الذين كذبوا أى بعدوا عن دين الله أحبط الرب أفعالهم والذين صدقوا وفعلوا الحسنات وصدقوا بما أوحى إلى محمد
(ص)وهو العدل من إلههم غفر لهم ذنوبهم أى أحسن مقامهم ،يبين الله للمؤمنين أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أن الذين كفروا أى"وكذبوا بآياتنا"كما قال بسورة البقرة وفسرهم بأنهم صدوا عن سبيل الله والمراد بعدوا عن طاعة حكم الله أضل الله أعمالهم أى "فأحبط الله أعمالهم"كما قال بسورة محمد والمراد أخسر الله أجور أفعالهم فى الدنيا وهذا معناه أنهم أصحاب النار وأما الذين آمنوا أى صدقوا وحى الله السابق وعملوا الصالحات والمراد وفعلوا الحسنات وآمنوا بما نزل على محمد (ص)والمراد وصدقوا بالذى أوحى لمحمد(ص)وهو الحق من ربهم أى القرآن هو الصدق من عند خالقهم كفر عنهم سيئاتهم أى غفر لهم ذنوبهم مصداق لقوله بسورة الأحزاب"ويغفر لكم ذنوبكم"والمراد وترك عقابكم على خطاياكم وأصلح بالكم أى وأحسن جزاء أعمالكم مصداق لقوله بسورة الأحزاب"ويصلح لكم أعمالكم "وهذا يعنى أن مقامهم الجنة والخطاب وما بعده لنا.
"ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم "المعنى ذلك بأن الذين كذبوا أطاعوا الكفر وأن الذين صدقوا أطاعوا العدل من خالقهم هكذا يبين الله للناس أحكامهم ،يبين الله للمؤمنين أن ذلك وهو عقاب الكفار وإثابة المسلمين سببه أن الذين كفروا اتبعوا الباطل والمراد أن الذين كذبوا حكم الله أطاعوا الهوى وهو الكفر وهو الشهوات مصداق لقوله بسورة القمر"واتبعوا أهواءهم "ومصداق لقوله بسورة مريم"واتبعوا الشهوات "وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم والمراد أن الذين صدقوا حكم الله أطاعوا النور وهو الصدق من إلههم مصداق لقوله بسورة الأعراف"واتبعوا النور الذى أنزل معه "ويبين لهم أن كذلك يضرب الله للناس أمثالهم والمراد بتلك الطريقة وهى الوحى يبين الرب للخلق أى آياتهم أى أحكامهم مصداق لقوله بسورة البقرة "كذلك يبين الله آياته للناس".
"فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثختنموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لإنتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض والذين قتلوا فى سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم "المعنى فإذا قابلتم الذين كذبوا فرمى الأعناق حتى إذا هزمتموهم فأحكموا القيد فإما إطلاق بعد حتى تنهى الحرب أحداثها ذلك ولو يريد الله لانتقم منهم ولكن ليختبر بعضكم ببعض والذين استشهدوا فى نصر الله فلن يحبط أفعالهم سيرحمهم أى يحسن مقامهم أى يسكنهم الحديقة علمها لهم ،يبين الله للمؤمنين أنهم إذا لقوا الذين كفروا والمراد إذا قاتلوا الذين كذبوا حكم الله فعليهم ضرب الرقاب أى رمى الأعناق بالسلاح والمراد قتل الكفار حتى إذا أثخنتموهم أى حتى إذا هزمتموهم فى الحرب فالواجب هو شد الوثاق أى إحكام القيد على الأسرى والواجب فى الأسرى هو المن بعد الحرب أى إطلاق سراحهم بعد القتال أو الفداء وهو دفع مقابل مالى لإطلاق سراحهم والأسرى لا يتم إطلاق سراحهم إلا بعد أن تضع الحرب أوزارها والمراد إلا بعد أن ينهى القتال أحداثه،وذلك وهو حكم الأسرى ويبين الله أنه لو يشاء لانتصر منهم والمراد لو يريد لانتقم من الكفار الإنتقام التام فأماتهم ولكن أبقاهم على قيد الحياة ليبلوا بعضهم ببعض والمراد ليختبر الناس بعضهم ببعض أيطيعون أم يعصون ؟،وأما الذين قتلوا فى سبيل الله وهم الذين استشهدوا فى نصر دين الله لن يضل الله أعمالهم أى لن يحبط الله أجر أفعالهم ويبين الله أنه سيهديهم أى سيرحمهم وفسر هذا بأنه سيصلح بالهم أى سيحسن مقامهم وفسر هذا بأنه سيدخلهم الجنة أى سيسكنهم الحديقة التى عرفها لهم والمراد التى أخبرهم بها والخطاب وما بعده للمؤمنين
"يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم "المعنى يا أيها الذين صدقوا إن تطيعوا الرب يثيبكم أى يسكن قلوبكم والذين كذبوا فالنار لهم أى أخسر أعمالهم ذلك بأنهم بغضوا ما أوحى الرب فأخسر أفعالهم ،يخاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله فيقول:إن تنصروا الله ينصركم والمراد إن تطيعوا حكم الله يرحمكم أى يؤتكم أجرا حسنا وفسر هذا بقوله ويثبت أقدامكم أى ويسر نفوسكم بالجنة مصداق لقوله بسورة الفتح"فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا "والذين كفروا فتعسا لهم والمراد والذين كذبوا حكم الله فسحقا أى فعذاب لأصحاب السعير مصداق لقوله بسورة الملك "فسحقا لأصحاب السعير"وفسر هذا بقوله أضل أعمالهم أى أحبط أفعالهم والمراد أضاع أجر أفعالهم مصداق لقوله بسورة الأحزاب" فأحبط الله أعمالهم "والسبب أنهم كرهوا ما أنزل الله والمراد خالفوا ما أوحى الله فأحبط أعمالهم أى فأخسر أجور أفعالهم .
"أفلم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم "المعنى أفلم يتحركوا فى البلاد فيعلموا كيف كان جزاء الذين سبقوهم انتقم الله منهم وللكاذبين أشباهها ذلك بأن الله ناصر الذين صدقوا وأن المكذبين لا ناصر لهم،يسأل الله أفلم يسيروا فى الأرض والمراد هل لم يسافروا فى البلاد فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم والمراد فيعرفوا كيف كان عذاب الذين سبقوهم ؟ويبين الله غرضه من السؤال بقوله دمر الله عليهم والمراد انتقم الرب منهم أى عذبهم الله بطرق مختلفة وللكافرين أمثالها والمراد وللمكذبين بحكم الله عقوبات أشباه عقوبات الكفار السابقين،وذلك أى السبب فى عقابهم هو أن الله مولى الذين آمنوا والمراد أن الرب ناصر الذين صدقوا حكمه وهم المتقين مصداق لقوله بسورة الجاثية "والله ولى المتقين "وأن الكافرين لا مولى لهم والمراد وأن المكذبين بحكم الله لا ناصر لهم ينقذهم من العذاب والخطاب للمؤمنين وما بعده للنبى(ص).
"إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم "المعنى إن الرب يسكن الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات حدائق تسير من أسفلها العيون والذين كذبوا يتلذذون أى يتمتعون كما تتمتع الأنعام وجهنم مقام لهم ،يبين الله للنبى(ص) أن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات والمراد أن الله يسكن الذين صدقوا وحى الله وفعلوا الحسنات رحمته وهى الحدائق مصداق لقوله بسورة الجاثية"فيدخلهم ربهم فى رحمته"وهى تجرى من تحتها الأنهار والمراد وتسير من أسفل مستوى أرضها العيون وهى مجارى السوائل اللذيذة والذين كفروا أى كذبوا حكم الله يتمتعون أى يأكلون كما تأكل الأنعام والمراد يلهون أى يعيشون كما تعيش الأنعام فى شهواتها والنار مثوى لهم والمراد فالجحيم مأوى لهم مصداق لقوله بسورة آل عمران"ومأواهم النار".
"وكأين من قرية هى أشد قوة من قريتك التى أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم "المعنى وكم من بلدة هى أعظم من بلدتك التى طاردتك دمرناهم فلا منقذ لهم ،يسأل الله نبيه (ص)وكأين من قرية هى أشد قوة من قريتك التى أخرجتك والمراد وكم من أهل بلدة هم أعظم بطشا من أهل بلدتك التى لاحقتك بعد خروجك منها أهلكناهم فلا ناصر لهم والمراد دمرناهم فلا مولى أى فلا منقذ لهم مصداق لقوله بسورة محمد"فلا مولى لهم "؟والغرض من السؤال إخباره بقدرته على تعذيب الكفار مهما كانت قوتهم لأنهم أهلك قبلهم من هو أعظم قوة والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم "المعنى هل يتساوى من كان على هدى من إلهه مع من حسن له قبيح فعله وأطاعوا شهواتهم فى الجزاء ؟يسأل الله أفمن كان على بينة من ربه والمراد هل يتساوى فى الجزاء من كان على طاعة دين من خالقه كمن زين له سوء عمله والمراد مع من حسن له قبيح صنعه أى اتبعوا أهواءهم أى أطاعوا شهواتهم وهى الباطل مصداق لقوله بنفس السورة "واتبعوا الباطل"؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الله يفضل المؤمنين على الكفار فى الجزاء فى الآخرة .
"مثل الجنة التى وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير أسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد فى النار كمن سقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم "المعنى وصف الحديقة التى أخبر المطيعون فيها عيون من ماء غير راكد وعيون من لبن لم يتبدل مذاقه وعيون من خمر متعة للمرتوين وعيون من عسل رائق ولهم فيها من كل المنافع أى رحمة من خالقهم كمن هو باق فى جهنم كمن أعطوا ماء غساقا فهتك بطونهم ،يبين الله لنبيه (ص)أن مثل الجنة وهو وصف الحديقة والمراد أرض البستان التى وعد المتقون والمراد التى أخبر المطيعون لحكم الله فيها أنهار من ماء غير أسن والمراد مجارى ماء غير راكد فالماء فيها متجدد باستمرار وأنهار من لبن لم يتغير طعمه والمراد ومجارى لبن لم يتبدل مذاقه وأنهار من خمر لذة للشاربين والمراد ومجارى خمر أى عصير متعة للمرتوين وأنهار من عسل مصفى والمراد ومجارى عسل رائق وهذا يعنى وجود أربعة سوائل فى الجنة ماء ولبن وخمر وعسل ولهم فيها من كل الثمرات والمراد ولهم فيها من كل الفواكه وهى المنافع المختلفة وفسر هذا بأن لهم مغفرة من ربهم أى رحمة من خالقهم ويسأل هل من فى الجنة كمن هو خالد فى النار والمراد هل يستوى ساكن الجنة بمن هو مقيم فى جهنم ؟والجواب بالقطع لا والكفار سقوا ماء حميما أى أشربوا أى أعطوا سائل مؤلم هو الغساق فقطع أمعاءهم أى فأحرق بطونهم .
"ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم "المعنى ومنهم من ينصت لك حتى إذا طلعوا من لديك قالوا للذين أعطوا الوحى ماذا قال سابقا أولئك الذين ختم الله على نفوسهم وأطاعوا ظنونهم ،يبين الله لنبيه (ص) أن من المنافقين من يستمع إليه والمراد من ينصت لحديثك وهذا يعنى أن منهم من يتظاهر بمعرفة ما يقوله الرسول(ص)للطاعة حتى إذا خرجوا من عندك والمراد حتى إذا انصرفوا من مكان وجودك قالوا للذين أوتوا العلم وهم الذين أعطوا الوحى ماذا قال آنفا والمراد بماذا تحدث محمد سابقا أى بماذا تكلم محمد فى المجلس ؟وهذا التناسى لقول الرسول (ص)هو تناسى متعمد منهم ويبين له أن أولئك هم الذين طبع الله على قلوبهم أى ختم الله على نفوسهم مصداق لقوله بسورة البقرة"ختم الله على قلوبهم"والمراد جعل فى نفوسهم حاجز يمنعهم من الإسلام وهو أنهم اتبعوا أهواءهم والمراد أطاعوا ظنونهم وهى شهواتهم أى الباطل مصداق لقوله بسورة محمد"واتبعوا الباطل" والخطاب للنبى(ص).
"والذين اهتدوا زادهم هدى وأتاهم تقواهم فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم "المعنى والذين رشدوا أمدهم رحمة أى أعطاهم نصرهم فهل يتربصون إلا القيامة أن تجيئهم فجأة فقد أتت علاماتها فكيف يفيدهم إذا أتتهم إيمانهم ساعتها ؟يبين الله لنبيه (ص)أن الذين اهتدوا زادهم هدى والمراد أن الذين اتبعوا الهدى وهو الحق أمدهم برحمته وفسر هذا بأنه أتاهم تقواهم والمراد أعطاهم منعتهم من العذاب وهو دخول الجنة،ويسأل الله فهل ينظرون إلا الساعة والمراد فهل يتربص الكفار إلا القيامة أن تأتيهم بغتة والمراد أن تجيئهم فجأة ؟وهذا يعنى أن القيامة تأتى فى موعد غير متوقع وهم يترقبون حدوثها ويبين لنا أنه قد جاء أشراطها والمراد إنه إن حدثت أحداث وهى آيات القيامة فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم والمراد فكيف يفيدهم إذا أتتهم أحداث القيامة إيمانهم ساعتها؟وهذا يعنى أنهم لا ينفعهم إيمانهم يوم القيامة مصداق لقوله بسورة الأنعام
"يوم يأت بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها ما لم تكن آمنت من قبل" .
"واعلم أنه لا إله إلا هو واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم "المعنى واعرف أنه لا رب إلا هو واستعفى لسيئتك وللمصدقين والمصدقات والله يعرف حركتكم وسكنكم ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يعلم أى أن يعرف أنه لا إله إلا هو والمراد أنه لا طاعة لحكم أحد سوى حكم الله ويطلب منه أن يستغفر لذنبه والمراد أن يطلب من الله ترك عقابه على سيئته وأن يطلب نفس الطلب للمؤمنين والمؤمنات وهم المصدقين والمصدقات بحكم الله ويبين للمؤمنين أنه يعلم متقلبكم ومثواكم والمراد أنه يعرف حركتكم وسكنكم وهذا يعنى أنه يعرف كل شىء عنهم فى اليقظة والنوم والخطاب وما قبله للنبى(ص).
"ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين فى قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت فأولى لهم طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم "المعنى ويقول الذين صدقوا لولا أوحيت آيات فإذا أوحيت آيات مفروضة وطلب فيها الجهاد علمت الذين فى نفوسهم علة يرنون لك رنو المغمى عليه من الوفاة فأحق لهم اتباع وحديث طيب فإذا وجب الحكم فلو صدقوا الله لكان أحسن لهم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين آمنوا أى صدقوا بحكم الله قالوا لولا نزلت سورة والمراد هلا أوحيت آيات وهذا يعنى أنهم يطلبون نزول بعض الوحى لهم فإذا نزلت سورة محكمة والمراد فإذا أوحيت مجموعة آيات مفروضة طاعتها عليهم وذكر فيها القتال والمراد وطلب فيها الجهاد منهم ويبين له أنه يرى الذين فى قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت والمراد أنه يشاهد الذى فى نفوسهم علة هى النفاق يتوجهون ببصرهم إليه كتوجه المغمى عليه من الوفاة وهذا يعنى أن عيونهم تشخص عند ذكر الجهاد كشخوص عيون المغمى عليه من الموت التى تنظر فى اتجاه واحد فقط ،ويبين له أن الأولى وهو الواجب عليهم هو الطاعة وهى اتباع حكم الله وقول معروف أى وأن يتكلموا كلاما طيبا ولو صدقوا الله لكان خيرا لهم والمراد ولو أطاعوا أى فعلوا موعظة أى حكم الله لكان أفضل لهم أجرا مصداق لقوله بسورة النساء"ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم "والخطاب للنبى(ص) وما بعده له ومنه للناس
"فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم " المعنى فهل عسيتم إن أعرضتم أن تظلموا فى البلاد أى تدمروا منافعكم أولئك الذين غضب الله عليهم فأمرضهم أى أغشى نفوسهم ،يسأل الله المنافقين :فهل عسيتم إن توليتم أى كذبتم بالحق أن تفسدوا فى الأرض أى تبغوا أى تحكموا فى البلاد بالظلم وفسر هذا بقوله وتقطعوا أرحامكم والمراد وتنسوا منافعكم وهى أوامر الله التى يجب وصلها مصداق لقوله بسورة البقرة "ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل "؟وهذا يعنى أنهم سيحكمون البلاد بالباطل وهو الظلم ويبين له أولئك الذين لعنهم الله أى غضب الله عليهم"كما قال بسورة الفتح والمراد أضلهم وفسر هذا بأنه أصمهم أى أضلهم وفسره بأنه أعمى أبصارهم أى أضل قلوبهم عن الحق لأنهم أرادوا ضلالهم والخطاب للنبى(ص)ومنه للمنافقين حتى أرحامكم فله وحده
"أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها "المعنى أفلا يفهمون الكتاب أم على عقول حواجزها ؟يسأل الله أفلا يتدبرون القرآن والمراد أفلا يطيعون الوحى أم على قلوب أقفالها والمراد أم على نفوس حواجزها ؟ والغرض من الأسئلة هو إخبارنا أن المنافقين لا يطيعون القرآن والسبب أقفال القلوب وهى شهوات النفوس التى تمنعها من الطاعة للقرآن والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم فى بعض الأمر والله يعلم إسرارهم فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعماله "المعنى إن الذين عادوا إلى كفرهم من بعد ما ظهر لهم الرشد ،الهوى وسوس لهم ذلك بأنهم قالوا للذين خالفوا ما أوحى الله سنتبعكم فى بعض الحكم والرب يعرف كتمانهم فكيف إذا أماتتهم الملائكة يرمون وجوههم وظهورهم ذلك بأنهم أطاعوا ما كره الرب وبغضوا رحمته فأخسر أجورهم ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين ارتدوا على أدبارهم والمراد أن الذين رجعوا إلى أديان الكفر من بعد ما تبين لهم الهدى والمراد من بعد ما أبلغ لهم الوحى الإلهى الشيطان سول لهم والمراد الهوى الضال وسوس لهم أى زين لهم الردة ذلك والمراد السبب هو أنهم قالوا للذين كرهوا ما أنزل الله وهم الذين كذبوا ما أوحى الله :سنطيعكم فى بعض الأمر والمراد سنتبع رأيكم فى بعض القضايا وغرضهم من هذا ألا يظهروا كفرهم للمسلمين والله يعلم إسرارهم والمراد والله يعرف خفاياهم التى يخفونها ويسأل فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم والمراد فكيف يمنعون إذا أماتتهم الملائكة يعذبون مقدمات أجسامهم وخلفياتهم هذا العذاب ؟والغرض من السؤال إخبارنا بعدم قدرتهم على منع العذاب،ويبين له أن ذلك وهو العذاب سببه أنهم اتبعوا ما أسخط الله والمراد أطاعوا ما أغضب الله وهو الشيطان أى الباطل وكرهوا رضوانه والمراد وبغضوا حكمه الموصل لرحمته فأحبط أعمالهم والمراد فأخسر أجور أفعالهم حيث أدخلهم النار .
"أم حسب الذين فى قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم فى لحن القول والله يعلم أعمالكم "المعنى هل ظن الذين فى نفوسهم علة أن لن يظهر الرب أحقادهم ؟ولو نريد لعرفناكهم فلعلمتهم بصفاتهم ولتعرفنهم من تحريف الحديث والله يعرف أفعالكم ،يسأل الله أم حسب الذين فى قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم والمراد هل اعتقد الذين فى نفوسهم نفاق أن لن يظهر الرب أحقادهم؟وهذا يعنى أن المنافقين يظنون أن الله لن يظهر أحقادهم لأنهم يعتقدون أن الله لا يعلم السر،ويبين لنبيه (ص)أنه لو شاء لأراه إياهم والمراد لو أراد لعرفه المنافقين فردا فردا،ويبين له أنه يعرفهم من سيماهم والمراد يعلمهم من أفعالهم ويعرفهم فى لحن القول والمراد ويعلم بهم من تحريفهم الكلام فالمنافق سمته هى تحريف الوحى ويبين للمؤمنين أنه يعلم أعمالهم والمراد يعرف أفعالهم وسيحاسبهم عليها والخطاب للنبى(ص) .
"ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم "المعنى ولنختبرنكم حتى نعرف المطيعين منكم أى المتبعين ونعرف أعمالكم ،يبين الله للمؤمنين أنه يبلوهم والمراد أنه يمتحنهم بحكمه حتى يعلم أى يميز المجاهدين وفسرهم بأنهم الصابرين وهم المطيعين لحكم الله من المخالفين لحكمه ويبين لهم أنه يبلوا أخبارهم والمراد أنه يعلم أعمالهم ويحاسبهم عليه والخطاب للناس ومحذوف بقيته وهو ونعلم الكافرين والمنافقين.
"إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم"المعنى إن الذين كذبوا أى بعدوا عن دين الله أى خالفوا النبى (ص)من بعد ما ظهر لهم الحق لن يؤذوا الرب أذى وسيضل أفعالهم ،يبين الله للمؤمنين أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله وفسرهم بأنهم صدوا عن سبيل الله أى بعدوا عن طاعة دين الله وفسرهم بأنهم شاقوا الرسول أى خالفوا الوحى المنزل على النبى (ص) من بعد ما تبين لهم الهدى والمراد من بعد ما بلغهم الحق وهو حكم الله لن يضروا الله شيئا والمراد لن يصيبوا الرب بضرر وهذا يعنى أنهم لا يقدرون على إصابة الله بأذى وهو سيحبط أعمالهم أى سيخسر أجور أفعالهم والمراد سيدخلهم النار
"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم "المعنى يا أيها الذين صدقوا اتبعوا حكم الله أى اتبعوا حكم النبى (ص)ولا تخسروا أجور أفعالكم ،يطلب الله من الذين آمنوا أى صدقوا وحى الله التالى بقوله:أطيعوا الله أى اتبعوا الحكم المنزل من الله مصداق لقوله بسورة البقرة "اتبعوا ما أنزل الله"وفسر هذا بقوله وأطيعوا الرسول أى اتبعوا الحكم المنزل على النبى (ص)من الله ولا تبطلوا أعمالكم أى ولا تخسروا أجور أفعالكم بدخول النار والخطاب وما قبله للمؤمنين وما بعده وما بعده
"إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر لهم "المعنى إن الذين كذبوا أى بعدوا عن دين الله ثم هلكوا وهم مكذبين فلن يرحمهم الله ،يبين الله للمؤمنين أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله وفسرهم بأنهم صدوا عن سبيل الله أى بعدوا عن طاعة دين الله ثم ماتوا وهم كفار والمراد ثم توفوا وهم مكذبون بحكم الله فلن يغفر الله لهم والمراد فلن يرحمهم الله فى الآخرة أى سيدخلهم النار .
"فلا تهنوا وتحزنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم "المعنى فلا تضعفوا أى تخافوا وتنادوا إلى الكف وأنتم المنتصرون والله ناصركم ولن يحبط أجوركم،يطلب الله من المؤمنين ألا يهنوا والمراد ألا يضعفوا عن القتال وفسر هذا بقوله لا تحزنوا أى لا تخشوا أذى الكفار وتدعوا إلى السلم والمراد وتميلوا إلى طلب عدم القتال وأنتم الأعلون أى المنتصرون وهذا يعنى حرمة طلب السلام عند النصر من المسلمين فالطلب يأتى من المنهزم وليس من المنتصر والله معكم أى والرب ناصركم على عدوكم ولن يتركم أعمالكم والمراد ولن يبطل أفعالكم والمراد ولن يضيع الله ثواب أفعالكم .
"إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسئلكم أموالكم "المعنى قال الكفار إنما المعيشة الأولى عبث أى تمتع وإن تصدقوا وتطيعوا يعطكم ثوابكم ولا يطالبكم بمنافعكم ،يبين الله للمؤمنين أن الكفار قالوا لبعضهم :إنما الحياة الدنيا لعب أى لهو والمراد إنما المعيشة الأولى تمتع أى عبث ويبين للمنافقين أنهم إن يؤمنوا ويتقوا والمراد إن يصدقوا ويطيعوا حكم الله يؤتكم أجوركم والمراد يدخلكم ثوابكم وهو الجنة ولا يسئلكم أموالكم والمراد ولا يطالبكم بإنفاق أموالكم كلها فى الجهاد فهو يطلب إبقاء مال لمعيشة الأسرة والخطاب حتى لهو للمؤمنين ومحذوف أوله وهو قال الكفار وما بعده خطاب للمنافقين وما بعده .
"إن يسئلكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم "المعنى إن يطالبكموها فيكرر لكم تمنعوا ويظهر أحقادكم ،يبين الله للمنافقين أن النبى (ص)إن يسألهم والمراد إن يطالبهم بأموالهم فيحفهم أى فيكرر طلبه لهم يبخلوا أى يمنعوا المال عنه والله يخرج أضغانهم والمراد يظهر أحقادهم فى الوحى حتى يعلم المؤمنين بها .
"ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا فى سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل على نفسه والله الغنى وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم "المعنى ها أنتم هؤلاء تنادون لتصرفوا فى نصر الله فمنكم من يمنع ومن يمنع فإنما يعاقب نفسه والرب الرزاق وأنتم المحتاجون وإن تعرضوا يخلق ناسا سواكم ثم لا يكونوا أشباهكم ،يخاطب الله المؤمنين فيقول :ها أنتم هؤلاء تدعون أى تنادون لتنفقوا فى سبيل الله أى لتعطوا أموالكم لنصر دين الله فمنكم من يبخل أى يمنع المال عن الجهاد ومن يبخل فإنما يبخل على نفسه والمراد ومن يمنع المال فإنما يعاقب نفسه بمنعه بالنار والله الغنى أى صاحب الرزق وأنتم الفقراء أى المحتاجون إلى رزق الله وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم والمراد وإن تكفروا يخلق ناسا سواكم ثم لا يكونوا أمثالكم أى ثم لا يصبحوا كفار أشباهكم

الثلاثاء، 25 ديسمبر 2018

تفسير سورة الفلق

سورة الفلق
سميت بهذا لذكر الفلق بقوله"قل أعوذ برب الفلق".
"بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات فى العقد ومن شر حاسد إذا حسد "المعنى بحكم الرب النافع المفيد قل احتمى بخالق الشق من أذى الذى أنشأ ومن أذى مظلم إذا أتى ومن أذى الماكرين فى الروابط ومن أذى متمنى إذا تمنى ،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أن يقول أعوذ برب الفلق أى احتمى بطاعة حكم خالق الشق فكل مخلوق خلق من شىء مشقوق كما قال تعالى "فالق الحب والنوى" من شر غاسق إذا وقب والمراد من أذى موسوس إذا وسوس ومن شر النفاثات فى العقد والمراد ومن أذى الماكرين فى الروابط وهم الناس الذين يعملون على فك الروابط بين البشر مثل الزوجية والاخوة،ومن شر حاسد إذا حسد والمراد ومن أذى متمنى إذا تمنى زوال أى نعمة والخطاب للنبى(ص)
.

الاثنين، 24 ديسمبر 2018

تفسير سورة الإخلاص

سورة الإخلاص
سميت بهذا الاسم وهو من النوادر فى القرآن كالفاتحة حيث لم يذكر فى السورة .
"بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد "المعنى بحكم الرب النافع المفيد قل هو الله واحد الرب الحى لم ينجب ولم ينجب ولم يكن له ندا أحدا،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو أن يقول للناس :الله أحد والمراد واحد لا ثانى له ،الله الصمد أى الله الحى الذى لا يموت ،لم يلد أى لم ينجب أولادا ولم يولد والمراد ولم ينجبه أحد ،ولم يكن له كفوا أحد والمراد ولم يكن له ندا أحدا وهذا يعنى عدم وجود مثيل له والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس

الأحد، 23 ديسمبر 2018

تفسير سورة المسد

سورة المسد
سميت بهذا الاسم لذكر المسد بقوله "فى جيدها حبل من مسد".
"بسم الله الرحمن الرحيم تبت يدا أبى لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب فى جيدها حبل من مسد "المعنى بحكم الرب النافع المفيد هلكت نفس أبى لهب أى عوقب ما منع عنه ملكه وما عمل سيدخل نارا ذات وقود وزوجته رافعة الحطب فى عنقها قيد من حديد،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو أن يدا أبى لهب تبت والمراد أن نفس أبى لهب هلكت أى تب وسمى بهذا الاسم لحرقه المسلمين باللهب والمراد هلك أى عوقب بالنار،ما أغنى عنه ماله وما كسب والمراد ما منع عنه ملكه العقاب ولا منع عنه ما كسب وهو ما عمل العقاب ،وهو سيصلى نارا ذات لهب والمراد سيسكن جهنم صاحبة وقود دائم وامرأته حمالة الحطب وأما زوجته حاملة الوقود لحرق المؤمنين ففى جيدها وهو عنقها حبل من مسد أى سلسلة من حديد والخطاب للنبى(ص)

السبت، 22 ديسمبر 2018

تفسير سورة النصر


سورة النصر
سميت بهذا الاسم لذكر نصر الله بقوله "إذا جاء نصر الله والفتح ".
"بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا "المعنى بحكم الرب النافع المفيد إذا وقع تأييد الرب أى الغزو وشاهدت الخلق يعتنقون حكم الله جماعات فاعمل بحكم إلهك واستعفه إنه كان نافعا ،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أن يسبح بحمد ربه والمراد أن يعمل بحكم خالقه وأن يستغفره أى وأن يطلب ترك عقابه على ذنوبه من الله إذا جاء نصر الله والمراد إذا حدث تأييد الرب وفسره بأنه الفتح أى غزو مكة ورأى الناس يدخلون فى دين الله أفواجا والمراد وعلم الخلق يعتنقون حكم الرب جماعات والسبب أنه كان توابا أى عفوا تاركا لعقاب المستغفر والخطاب للنبى(ص).

الجمعة، 21 ديسمبر 2018

تفسير سورة الكافرون

سورة الكافرون
سميت بهذا الاسم لذكر الكافرون بقوله"قل يا أيها الكافرون ".
"بسم الله الرحمن الرحيم قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولى دين "المعنى بحكم الرب النافع المفيد قل يا أيها المكذبون لا أطيع الذى تطيعون ولا أنتم طائعون للذى أطيع ولا أنا طائع الذى أطعتم ولا أنتم مطيعون الذى أطيع لكم حكمكم ولى حكم ،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أن يقول :يا أيها الكافرون أى المكذبون لحكم الله :لا أعبد ما تعبدون أى لا أطيع حكم الذى تطيعون حكمه،ولا أنتم عابدون ما أعبد والمراد ولا أنتم مطيعون الحكم الذى أطيع ،لكم دينكم ولى دين والمراد لكم حكمكم ولى حكم الذى هو حكم الله والخطاب للنبى(ص)ومنه للكفار

الخميس، 20 ديسمبر 2018

تفسير سورة الكوثر

سورة الكوثر
سميت بهذا الاسم لذكر الكوثر بقوله"إنا أعطيناك الكوثر".
"بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر"المعنى بحكم الرب النافع المفيد إنا منحناك الكثير فأطع إلهك أى اصبر إن كارهك هو المعذب،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أنه أعطاه الكوثر أى منحه الكثير وهو الوحى أى الحكمة مصداق لقوله بسورة البقرة" ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا "ويطلب منه أن يصلى لربه أى أن يطيع حكم خالقه وفسره بأنه ينحر أى يتبع حكم الله ويبين له أن شانئه هو الأبتر والمراد أن كارهه وهو مكذبه هو الخاسر المعذب والخطاب للنبى(ص)

الأربعاء، 19 ديسمبر 2018

تفسير سورة الماعون

سورة الماعون
سميت بهذا الاسم لذكر الماعون بقوله "ويمنعون الماعون ".
"بسم الله الرحمن الرحيم أرأيت الذى يكذب بالدين فذلك الذى يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين "المعنى بحكم الرب النافع المفيد أعلمت الذى يكفر بالإسلام فذلك الذى يظلم فاقد الأب ولا يأمر بإعطاء المحتاج ،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أن الذى يكذب بالدين وهو الذى يكفر بالإسلام هو الذى يدع اليتيم أى يظلم من فقد أبيه فى صغره ولم يحض على طعام المسكين والمراد ولم يأمر بإعطاء المحتاج المال.
"فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون"المعنى فالعذاب للمنافقين الذين هم لدينهم مخالفون الذين هم يظاهرون ويحجزون الخير،يبين الله لنبيه (ص)أن الويل وهو العقاب هو نصيب المصلين أى المنافقين الذين هم عن صلاتهم ساهون والمراد الذين هم بإسلامهم مكذبون الذين هم يراءون أى يتظاهرون بالإسلام ويمنعون الماعون أى ويحجزون الخير عن الناس والخطاب للنبى(ص)

الثلاثاء، 18 ديسمبر 2018

تفسير سورة قريش

سورة قريش
سميت بهذا الاسم قريش لذكر قريش بقوله "لإيلاف قريش ".
"بسم الله الرحمن الرحيم لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذى أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف "المعنى بحكم الرب النافع المفيد لعادة قريش إعتيادهم سفر الشتاء والصيف فليطيعوا إله هذه الكعبة الذى أشبعهم من سغب وطمأنهم بعد رعب،يبين الله للمؤمنين أن قريش وهم قبيلة الرسول(ص)ألفت إيلاف والمراد اعتادت عادة هى رحلة الشتاء ورحلة الصيف والمراد الانتقال مرة فى الشتاء من مساكنهم والانتقال مرة فى الصيف من مساكنهم بسبب الحج والعمرة حيث يتركون بيوتهم حول البيت للحجاج والعمار ويقيمون فى بيوتهم الثانية فى مكة أيضا بعيدا عن البيت ويبين لهم أن اسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو أن يعبدوا رب هذا البيت والمراد أن يطيعوا حكم خالق هذا المسجد الذى أطعمهم من جوع أى أشبعهم من سغب وهو انعدام الطعام وأمنهم من خوف أى وطمأنهم بعد رعب من أذى الأخرين فى مكة والخطاب للنبى(ص)والمؤمنين

الاثنين، 17 ديسمبر 2018

تفسير سورة الفيل

سورة الفيل
سميت بهذا الاسم لذكر الفيل بقوله "ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل".
"بسم الله الرحمن الرحيم ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم فى تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول "المعنى بحكم الرب النافع المفيد ألم تعلم كيف صنع إلهك بأهل الفيل ألم يجعل مكرهم فى خسار وبعث لهم طيرا أفرادا تقذفهم بقطع من طين فجعلهم كورق ممضوغ ،يسأل الله نبيه (ص)ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل والمراد ألم تدرى كيف صنع إلهك بأهل الفيل؟ويجيب على السؤال بسؤال الغرض منه إعلام النبى(ص) بفعل الله مع أصحاب الفيل :ألم يجعل كيدهم فى تضليل والمراد ألم يجعل تدبيرهم فى تدمير ،ويبين له أن اسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو أنه أرسل عليهم طيرا أبابيل والمراد بعث على أصحاب الفيل طيورا أفرادا ترميهم بحجارة من سجيل والمراد تقذفهم بصخر مهلك من طين فكانت نتيجة القذف أن جعلهم كعصف مأكول أى كورق محطم ممضوغ مهشم والخطاب للنبى(ص)

الأحد، 16 ديسمبر 2018

تفسير سورة الهمزة

سورة الهمزة
سميت بهذا الاسم لذكر الهمزة بقوله"ويل لكل همزة لمزة ".
"بسم الله الرحمن الرحيم ويل لكل همزة لمزة الذى جمع مالا وعدده أيحسب أن ماله أخلده كلا لينبذن فى الحطمة وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التى تطلع على الأفئدة إنها عليهم مؤصدة فى عمد ممددة"المعنى بحكم الرب النافع المفيد العذاب لكل موسوس عياب الذى لم ملكا وحسبه أيظن أن ملكه أبقاه ؟الحقيقة ليدخلن فى الحطمة والذى عرفك ما الحطمة جحيم الرب المشتعل الذى يسلط على النفوس إنها عليهم مسلطة فى أعمدة ممتدة،يبين الله للنبى(ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو أن الويل وهو العذاب لكل همزة لمزة أى موسوس كافر الذى جمع مالا وعدده والمراد الذى لم ملكا وأحصاه ،أيحسب أن ماله أخلده والمراد أيظن أن ملكه أبقاه؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن المال لا يبقى على حياة صاحبه ،كلا وهى الحقيقة هى أن الكافر لينبذن فى الحطمة أى ليسكنن فى النار وما أدراك ما الحطمة والمراد والله الذى عرفك ما النار :نار الله الموقدة والمراد عذاب الله المستمر التى تطلع على الأفئدة والمراد التى تعذب النفوس أنها عليهم مؤصدة فى عمد ممددة والمراد إنها عليهم مسلطة وهم مربوطون فى أعمدة مبسوطة وهى السلاسل المربوطة من نهايتها فى عمدان أى أوتاد

السبت، 15 ديسمبر 2018

تفسير سورة العصر


سورة العصر
سميت بهذا الاسم لذكر العصر بقوله "والعصر ".
"بسم الله الرحمن الرحيم والعصر إن الإنسان لفى خسر إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر "المعنى بحكم الرب النافع المفيد والزمن إن الفرد لفى نار إلا الذين صدقوا وفعلوا الحسنات أى عملوا بالعدل أى أدوا الطاعة للحق،يقسم الله بالعصر وهو الزمن على أن اسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو أن الإنسان وهو الفرد فى خسر أى عقاب إلا الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات وتواصوا بالحق أى وتعاونوا على البر أى وعملوا بالعدل وهو حكم الله وفسره بأنهم تواصوا بالصبر أى تعاونوا على اتباع حكم الله أى عملوا بطاعة حكم الله

الجمعة، 14 ديسمبر 2018

تفسير سورة التكاثر

سورة التكاثر
سميت بهذا الاسم لذكر التكاثر لقوله "ألهاكم التكاثر ".
"بسم الله الرحمن الرحيم ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون "المعنى بحكم الرب النافع المفيد شغلكم التعاظم حتى دخلتم المدافن حقا سوف تعرفون ثم حقا سوف تعرفون ،يبين الله للناس أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أن التكاثر وهو التعاظم بينهم فى الأموال والأولاد ألهاهم أى شغلهم عن الحق حتى زاروا المقابر أى حتى دفنوا فى المدافن ،كلا سوف تعلمون والمراد الحقيقة سوف تعرفون وهى أن العذاب لكم .
"كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم "المعنى حقا لو تعرفون معرفة الموت لتشاهدون النار أى لتشاهدونها حق المشاهدة ثم لتحاسبون يومذاك عن المتاع ،يبين الله للناس أن كلا وهى الحقيقة هى أنهم لو يعلمون علم اليقين أى لو يعرفون معرفة الموت لترون الجحيم أى لتشاهدون النار والمراد لتدخلن فى العذاب وفسر هذا بأنهم يرونها عين اليقين أى يشاهدونها حق المشاهدة والمراد يذوقونها واجب الذوق ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم والمراد ثم تحاسبون يوم القيامة عن المتاع الذى تمتعتم به فى الدنيا والخطاب للناس وما قبله

الخميس، 13 ديسمبر 2018

تفسير سورة القارعة

سورة القارعة
سميت بهذا الاسم لذكر القارعة بقوله "القارعة ما القارعة".
"بسم الله الرحمن الرحيم القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش "المعنى بحكم الرب النافع المفيد المنادية ما المنادية والذى عرفك ما المنادية يوم يصبح الخلق كالفراش المنتشر وتصبح الرواسى كالصوف المنفوخ،يبين الله للمؤمنين أن اسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو القارعة أى المنادية للخلق وهى القيامة ويسأل ما القارعة أى ما القيامة ؟وما أدراك ما القارعة أى والله الذى علمك ما القيامة وهى المنادية للخلق بالقيام يوم يكون الناس كالفراش المبثوث والمراد يوم يصبح الخلق كالفراش المنتشر من كثرته وتكون الجبال كالعهن المنفوش والمراد وتصبح الرواسى كالصوف المنفوخ حيث تصبح هشة والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"فأما من ثقلت موازينه فهو فى عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاويه وما أدراك ما هيه نار حامية "المعنى فأما من حسنت أعماله فهو فى حياة مقبولة وأما من ساءت أعماله فمصيره هاويه والذى عرفك حقيقتها نار مسلطة،يبين الله لنبيه (ص)أن من ثقلت موازينه فهو فى عيشة راضية أى من حسنت أعماله أى خلص إسلامه فهو فى حياة سعيدة وأما من خفت موازينه أى وأما من ساءت أعماله أى قبح دينه فأمه هاوية والمراد فمسكنه هو الهاويه وما أدراك ما هيه أى والله الذى عرفك حقيقتها نار حامية أى عقاب مسلط عليه

الأربعاء، 12 ديسمبر 2018

تفسير سورة العاديات

سورة العاديات
سميت بهذا الاسم لذكر العاديات بقوله"والعاديات ضبحا ".
"بسم الله الرحمن الرحيم والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا إن الإنسان لربه لكنود وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد"المعنى والجاريات جريا فالمخفيات أمرا فالهاجمات نهارا فصنعن به دمارا فأحطن به جمعا إن الإنسان لإلهه لجحود وإنه بذلك لمعترف وإنه لود النفع لراغب ،يقسم الله بالعاديات ضبحا وهى فرق الجيش المسرعات للعدو إسراعا ،والموريات قدحا وهى فرق الجيش المخفيات أمرا وهو الخداع،والمغيرات صبحا وهى فرق الجيش الهاجمات نهارا فأثرن به نقعا والمراد فصنعن فى المكان دمارا فوسطن به جمعا والمراد فنزلن بالعدو جماعة وهذا يعنى أنهم نزلوا فى قلب أرض العدو وهو يقسم على أن اسم الله الرحمن الرحيم أى على أن حكم الرب النافع المفيد هو أن الإنسان وهو الفرد لربه لكنود أى بحكم خالقه كافر وإنه على ذلك وهو كفره لشهيد أى لمقر معترف وإنه لحب الخير لشديد والمراد وإنه لود المال وهو النفع راغب .
"أفلا يعلم إذا بعثر ما فى القبور وحصل ما فى الصدور إن ربهم بهم يومئذ لخبير "المعنى أفلا يعرف إذا خرج الذى فى المدافن وظهر الذى فى النفوس إن خالقهم بهم يومئذ لعليم ،يسأل الله أفلا يعلم إذا بعثر ما فى القبور وحصل ما فى الصدور والمراد أفلا يدرى إذا قام من فى المدافن وبان الذى فى النفوس ؟والغرض من السؤال هو إخبار الإنسان أنه سيعرف عقابه إذا بعث الموتى وظهر الذى فى صدورهم ،إن ربهم بهم يومئذ لخبير والمراد إن خالقهم بهم يوم القيامة لعليم والخطاب للمؤمنين والنبى(ص)

الثلاثاء، 11 ديسمبر 2018

تفسير سورة الزلزلة

سورة الزلزلة
سميت بهذا الاسم لذكر الزلزلة بقوله"إذا زلزلت الأرض زلزالها".
"بسم الله الرحمن الرحيم إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان ما لها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها "المعنى بحكم الرب النافع المفيد إذا رجت الأرض رجا وطردت الأرض أحمالها وقال الفرد ما لها يومذاك تتكلم أنبائها بأن إلهك ألقى لها ،يبين الله لنبيه (ص)أن إذا زلزلت الأرض زلزالها أى إذا رجت الأرض رجا مصداق لقوله بسورة الواقعة "إذا رجت الأرض رجا"والمراد إذا اهتزت الأرض اهتزازا وأخرجت الأرض أثقالها أى وألقت أحمالها وهى المخلوقات التى فيها مصداق لقوله بسورة الإنشقاق"وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت"وقال الإنسان وهو الكافر مالها أى ماذا حدث لها ؟ عند ذلك يكون اسم الله الرحمن الرحيم أى حكم الرب النافع المفيد هو أن تحدث أخبارها والمراد تتكلم مخلوقات الأرض بأن ربك أوحى لها أى بأن خالقك أمرها بذلك والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"المعنى يومذاك يخرج الخلق أفرادا ليعلموا أفعالهم فمن يفعل قدر ذرة نفعا يعلمه ومن يفعل قدر ذرة ضررا يعلمه،يبين الله لنبيه(ص)أن فى يوم القيامة يصدر الناس أشتاتا والمراد يقوم أى يخرج الناس أفرادا لرب العالمين مصداق لقوله بسورة المطففين "يوم يقوم الناس لرب العالمين"والسبب ليروا أعمالهم أى ليشهدوا أفعالهم والمراد ليعلموا أفعالهم من كتبهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره والمراد فمن يفعل قدر ذرة صالحا يشاهده فى كتابه ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره والمراد ومن يفعل قدر ذرة سيئا يشاهده مسجلا فى كتابه

الاثنين، 10 ديسمبر 2018

تفسير سورة البيمة

سورة البينة
سميت بهذا الاسم لذكر البينة فيها بقوله"حتى تأتيهم البينة ".
"بسم الله الرحمن الرحيم لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسولا من الله يتلوا صحفا مطهرة فيها كتب قيمة "المعنى بحكم الرب النافع المفيد لم يكن الذين كذبوا من أصحاب الوحى والكافرين تاركين حتى تجيئهم المعرفة مبعوث من الله يبلغ كتبا مزكاة فيها أحكام عادلة،يبين الله للمؤمنين أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله من أهل الكتاب وهم أصحاب الوحى السابق والمشركين وهم أصحاب الأديان التى ليس لها وحى سابق لم يكونوا منفكين أى معذبين حتى تأتيهم البينة والمراد حتى يبلغهم الوحى عن طريق رسول من الله والمراد مبعوث من الله يتلوا صحفا مطهرة أى يبلغ لهم كتبا مزكاة أى مكرمة مصداق لقوله بسورة عبس"فى صحف مكرمة "فيها كتبا قيمة أى فيها أحكام عادلة مصداق لقوله بسورة الإسراء"وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا "
"وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة "المعنى وما كفر الذين أعطوا الوحى إلا من بعد أتاهم العلم وما أوصوا إلا ليطيعوا الله موحدين له الحكم متبعين أى يتبعوا الدين أى يعملوا الحق وذلك حكم العدل،يبين الله للمؤمنين أن الذين أوتوا الكتاب وهم الذين أعطوا الوحى سابقا ما تفرقوا إلا من بعد ما جاءتهم البينة والمراد وما كفروا إلا من بعد ما أتاهم العلم وهو الحق مصداق لقوله بسورة آل عمران"إلا من بعد ما جاءهم العلم"وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء والمراد وما أوصوا إلا ليطيعوا حكم الله مؤمنين بالحكم متبعين له وفسر هذا بأن يقيموا الصلاة أى يطيعوا الدين وهو الإسلام مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين "وفسره بأن يؤتوا الزكاة أى يعملوا الحق وذلك وهو الإسلام هو دين القيمة أى الحكم العادل
"إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين فى نار جهنم خالدين فيها أولئك شر البرية "المعنى إن الذين كذبوا من أصحاب الوحى والضالين فى عذاب الجحيم مقيمين بها أولئك أوساخ الخلق،يبين الله للمؤمنين أن الذين كفروا كذبوا حكم الله ينقسمون إلى أهل الكتاب وهم أصحاب الوحى السابق والمشركين وهم أصحاب الأديان التى ليس لها وحى سابق هم كلهم فى نار جهنم أى فى عذاب الجحيم خالدين فيها أى مقيمين بها دوما أولئك هم شر البرية أى أوساخ الدواب مصداق لقوله بسورة الأنفال "إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون" والخطاب للمؤمنين.
"إن الذين أمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشى ربه"المعنى إن الذين صدقوا وفعلوا الحسنات أولئك أحسن الخلق ثوابهم لدى خالقهم حدائق تتحرك من أسفلها العيون مقيمين بها دوما قبل الله منهم وقبلوا منه ذلك لمن خاف خالقه،يبين الله للنبى(ص)أن الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات هم خير البرية أى أفضل الناس والمراد أكرم الخلق جزاؤهم عند ربهم والمراد ثوابهم لدى الرب فى الآخرة جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد حدائق تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة خالدين فيها أبدا أى"ماكثين فيها أبدا"كما قال بسورة الكهف والمراد مقيمين بها دائما رضى الله عنهم أى قبل الله منهم أحسن ما عملوا مصداق لقوله بسورة الأحقاف"أولئك الذين نتقبل منهم أحسن ما عملوا"ورضوا عنه أى وقبلوا ثواب الله،ذلك وهو الجنات لمن خشى ربه أى لمن خاف عذاب خالقه فأطاعه والخطاب للنبى(ص)