الاثنين، 30 نوفمبر 2020

نقد كتاب مسائل الجاهلية

نقد كتاب مسائل الجاهلية
الكتاب من تأليف محمد بن عبد الوهاب وقد عنون فى المكتبة الشاملة باسم مسائل الجاهلية والعنوان فى الداخل أمور خالف فيها رسول (ص)ما عليه أهل الجاهلية وفى مقدمته قال:
"هذه أمور خالف فيها رسول الله (ص)ما عليه أهل الجاهلية الكتابيين والأميين مما لا غنى للمسلم عن معرفتها فالضد يظهر حسنه الضد وبضدها تتبين الأشياء فأهم ما فيها وأشدها خطرا عدم إيمان القلب بما جاء به الرسول (ص)فإن انضاف إلى ذلك استحسان ما عليه أهل الجاهلية تمت الخسارة كما قال تعالى : " والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون " "
وقد بين الرجل أنه خالفهم فى131 مسألة وقد غفل عن مسائل كثيرة موجودة فى القرآن أهمها مسائل الأنعام وسوف نذكر كلامه فنترك الصحيح بلا تعليق ونعلق على الخاطىء والآن إلى ذكر ما قاله الرجل:
"المسألة الأولى : أنهم يتعبدون بإشراك الصالحين في دعاء الله وعبادته يريدون شفاعتهم عند الله كما قال تعالى : " ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله " وقال تعالى : " والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى "
وهذه أعظم مسألة خالفهم فيها رسول الله (ص)فأتى بالإخلاص وأخبر أنه دين الله الذي أرسل جميع الرسل وأنه لا يقبل من الأعمال إلا الخالص وأخبر أن من فعل ما يستحسنونه فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار
وهذه المسألة التي تفرق الناس لأجلها بين مسلم وكافر وعندها وقعت العداوة ولأجلها شرع الجهاد كما قال تعالى : " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ""
الخطأ أن الجهاد شرغ لأجل مسألة تبرك القوم بالصالحين وهو ما يخالف قوله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"
" الثانية : أنهم متفرقون في دينهم كما قال تعالى : " كل حزب بما لديهم فرحون " وكذلك في دنياهم ويرون ذلك هو الصواب فأي بالاجتماع في الدين بقوله : " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه " فقال تعالى : " إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء "ونهانا عن مشابهتهم بقوله : " ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات "
ونهانا عن التفرق في الدين بقوله : " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا "
"الثالثة : أن مخالفة ولي الأمر وعدم الانقياد له فضيلة والسمع والطاعة ذل ومهانة فخالفهم رسول الله (ص)وأمر بالصبر على جور الولاة وأمر بالسمع والطاعة لهم و النصيحة وغلظ غي ذلك وأبد أ فيه وأعاد
وهذه الثلاث التي جمع بينها فيما ذكر عنه (ص)في الصحيحين أنه قال : [ إن الله يرضى لكم ثلاثا : ألا تعبدوا إلا الله ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه أمركم ] ولم يقع خلل في دين الناس ودنياهم إلا بسبب الإخلال بهذه الثلاث أو بعضها "
الخطأ هنا هو الصبر على ظلم الولاة الظالمين والنبى(ص) لم يأمر بالصبر عليهم لأن الله قال " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار"
واللأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يتناقض مع ما قاله الرجل
"الرابعة : أن دينهم مبني على أصول أعظمها التقليد فهو القاعدة الكبرى لجميع الكفار أولهم وآخرهم كما قال تعالى : " وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون " وقال تعالى : " وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير " فأتاهم بقوله : " قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة " وقوله : " اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون "
"الخامسة : أن من أكبر قواعدهم الاغترار بالأكثر ويحتجون به على صحة الشيء ويستدلون على بطلان الشيء بغربته وقله أهله فأتاهم بضد ذلك وأوضحه في غير موضع من القرآن "
لا يوجد دليل من القرآن على هذه المسألة خاصة فى الاحتجاج لصحة الشىء والدليل أم ابن عبد الوهاب لم يذكر آية فى ذلك فالموجود فى القرآن هو أن الله قال أن الناس أكثرهم كفرة لا يشكرون لا يعلمون لا يفقهون...ز
"السادسة : الاحتجاج بالمتقدمين كقوله : " فما بال القرون الأولى " " ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين "
السابعة : الاستدلال بقوم أعطوا قوى في الأفهام والأعمال وفي الملك والمال والجاه فرد الله ذلك بقوله : " ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه " وقوله : " وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به " وقوله : " يعرفونه كما يعرفون أبناءهم "
"الثامنة : الاستدلال على بطلان الشيء بأنه لم يتبعه إلا الضعفاء كقوله : " أنؤمن لك واتبعك الأرذلون " وقوله : " أهؤلاء من الله عليهم من بيننا " فرده الله بقوله : " أليس الله بأعلم بالشاكرين "
التاسعة : الإقتداء بفسقة العلماء فأتى بقوله : " يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله " وبقوله : " لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل " "
وقد سبق ذكر هذا فى الرابعة وهى تقليد الكفار لآباءهم وهنا ل اذكر لفسقة العلماء فى الاقتداء وإنما الاقتداء بالقوم دون تحديد
"العاشرة : الاستدلال على بطلان الدين بقلة أفهام أهله وعدم حفظهم كقوله " بادي الرأي "
الثامنة هى العاشرة وهى بقية الآية فهما واحد وليس اثنين لقوله " أنؤمن لك واتبعك الأرذلون بادي الرأي"
"الحادية عشرة : الاستدلال بالقياس الفاسد كقوله : " إن أنتم إلا بشر مثلنا "
" الثانية عشرة : إنكار القياس الصحيح والجامع لهذا وما قبله عدم فهم الجامع والفارق "
قول بلا دليل بعدم ذكره مثال من القرآن
"الثالثة عشرة : الغلو في العلماء والصالحين كقوله : " يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق " "
هذا كىم بلا دليل فالغلو هنا عام فى الدين وليس محدد بالعلماء والصالحين
"الرابعة عشرة : أن كل ما تقدم مبني على قاعدة وهي النفي والإثبات فيتبعون الهوى والظن ويعرضون عما آتاهم الله "
الهوى وهو الظن والتقليد والاقتداء بالآباء فى الدين وغير هذا كله معنى واحد وهو شامل لكل الأفعال المحرمة
"الخامسة عشرة : اعتذارهم عن إتباع ما آتاهم الله بعدم الفهم كقوله : " قلوبنا غلف " " يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول " فأكذبهم الله وبين أن ذلك بسبب الطبع على قلوبهم والطبع بسبب كفرهم "
القوم هنا لم يعتذروا عن شىء فهم يعلنون التكذيب
"السادسة عشرة : اعتياضهم عما أتاهم من الله بكتب السحر كما ذكر الله ذلك في قوله : " نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون * واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان "
هذا الكلام فى فريق من الناس وليس فى الكل
"السابعة عشرة : نسبة باطلهم إلى الأنبياء كقوله : " وما كفر سليمان " وقوله : " ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا "
"الثامنة عشرة : تناقضهم في الانتساب ينتسبون إلى إبراهيم مع إظهارهم ترك إتباعه "
هذا ليس بتناقض فالنسب شىء والعمل شىء أخر
"التاسعة عشرة : قدحهم في بعض الصالحين بفعل بعض المنتسبين كقدح اليهود في عيسى وقدح اليهود والنصارى في محمد (ص)
العشرون : اعتقادهم في مخاريق السحرة وأمثالهم أنها من كرامات الصالحين ونسبته إلى الأنبياء كما نسبوه لسليمان "
سبق القول عن السحر فى17
"الحادية والعشرون : تعبدهم بالمكاء والتصدية
الثانية والعشرون : أنهم اتخذوا دينهم لهوا ولعبا "
هذا أمر عام كالهوى والظن
"الثالثة والعشرون : أن الحياة الدنيا غرتهم فظنوا أن عطاء الله منها يدل على رضاه كقوله : " نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين "
الرابعة والعشرون : ترك الدخول في الحق إذا سبقهم إليه الضعفاء تكبرا وأنفة فأنزل الله " ولا تطرد الذين يدعون ربهم " "
سبق الكلام على هذا فى 8و10 ومن ثم فهو مكرروكذلك25 وهو:
"الخامسة والعشرون : الاستدلال على بطلانه بسبق الضعفاء كقوله : " لو كان خيرا ما سبقونا إليه "
"السادسة والعشرون : تحريف كتاب الله من بعد ما عقلوه وهم يعلمون"
"السابعة والعشرون : تصنيف الكتب الباطلة ونسبتها إلى الله كقوله : " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله "
"الثامنة والعشرون : أنهم لا يعقلون من الحق إلا الذي مع طائفتهم كقوله : " نؤمن بما أنزل علينا "
هذا فريق من الكتابيين وليس عام
"التاسعة والعشرون : أنهم مع ذلك لا يعلمون بما تقوله الطائفة كما نبه الله عليه بقوله : " فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين " "
الآية هنا ليست دليل على جهلهم بقول طائفتهم
"الثلاثون : وهي من عجائب آيات الله أنهم لما تركوا وصية الله بالاجتماع وارتكبوا ما نهى الله عنه من الآفة صار " كل حزب بما لديهم فرحون " "
سبق ذكر فى الثانية وهى أنهم متفرقون فى دينهم ومن ثم فهو كلام مكرر
"الحادية والثلاثون : وهي من عجائب الله أيضا معاداتهم الدين الذي انتسبوا إليه غاية العداوة ومحبتهم دين الكفار الذين عادوهم وعادوا نبيهم وفتنتهم غاية المحبة كما فعلوا مع النبي (ص)لما آتاهم بدين موسى واتبعوا كتب السحر وهي من دين آل فرعون "
"الثانية والثلاثون : كفرهم بالحق إذا كان مع من لا يهودونه كما قال تعالى : " وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء "
المفترض أنه حسب كل دين وليس اليهودية فقط فالنصارى قالوا نفس القول وكذلك فرق الشرك الذين لا يعلمون
"الثالثة والثلاثون : إنكارهم ما أقروا أنه من دينهم كما فعلوا في حج البيت فقال تعالى : " ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه "
"الرابعة والثلاثون : أن كل فرقة تدعى أنها الناجية فأكذبهم الله بقوله : " هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين " ثم بين الصواب بقوله : " بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن "
الخامسة والثلاثون : التعبد بكشف العورات كقوله : " وإذا فعلوا فاحشة"
المعنى هنا بعيد الفاحشة كل ذنب حرمه الله ولو قال الزنى لكان لكلامه بعض الصحة لأن الفاحشة تطلق على الزنى فى القرآن
" السادسة والثلاثون : التعبد بتحريم الحلال كما تعبد بالشرك "
لم يذكر هنا أمثله تبين ما قاله
"السابعة والثلاثون : التعبد باتخاذ الأحبار والرهبان أربابا من دون الله "
الثامنة والثلاثون : الإلحاد في الصفات كقوله تعالى : " ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون "
"التاسعة والثلاثون : الإلحاد في الأسماء كقوله تعالى : " وهم يكفرون بالرحمن "
هذا ليس دليلا على الإلحاد فى الأسماء وهناك آية أصلح للاستدلال بها مع أن فهم الإلحاد والأسماء عنده خاطىء وهى " ذر الذين يلحدون فى أسمائه"
" الأربعون : التعطيل كقول آل فرعون "
لم يذكر القول ولا مكانه من القرآن
"الحادية والأربعون : نسبة النقائص إليه "
يشبه هذا التعطيل فى رقم40 كما لم يذكر الآيات الدليل
"الثانية والأربعون : الشرك في الملك كقول المجوس "
لم يذكر الدليل على قوله
"الثالثة والأربعون : جحود القدر "
لم يذكر الدليل على قوله
"الرابعة والأربعون : الاحتجاج على الله "
لم يذكر الدليل على قوله
"الخامسة والأربعون : معارضة شرع الله بقدره "
لم يذكر الدليل على قوله
"السادسة والأربعون : مسبة الدهر كقولهم : " وما يهلكنا إلا الدهر "
هذا ليس سب للدهر وإنما وصف لفعله
"السابعة والأربعون : إضافة نعم الله إلى غيره كقوله : " يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها "
الثامنة والأربعون : الكفر بآيات الله "
الكفر كلام عام يشمل كل الأفعال المحرم المحرمة فهو كالهوى والظن ...
"التاسعة والأربعون : جحد بعضها "
لم يذكر الدليل على قوله
"الخمسون : قولهم : " ما أنزل الله على بشر من شيء "
الحادية والخمسون : قولهم في القرآن : " إن هذا إلا قول البشر "
"الثانية والخمسون : القدح في حكمة الله تعالى "
لم يذكر الدليل على قوله
"الثالثة والخمسون : إعمال الحيل الظاهرة والباطنة في دفع ما جاءت به الرسل كقوله : " ومكروا ومكر الله " وقوله تعالى : " وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار "
المكر هو نفسه الكفر والفعل المحرم هنا هو خداع الناس لاضلالهم
"الرابعة والخمسون : الإقرار بالحق ليتوصلوا به إلى دفعه كما قال في الآية "
لم يذكر الدليل على قوله
"الخامسة والخمسون : التعصب للمذهب كقوله فيها : " ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم "
سبق ذكر الفعل فى رقم38و32
"السادسة والخمسون : تسمية إتباع الإسلام شركا كما ذكره في قوله تعالى : " ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله "
"السابعة والخمسون : تحريف الكلم عن مواضعه"
سبق ذكره فى رقم 26
"الثامنة والخمسون : تلقيب أهل الهدى بالصباة والحشوية "
لم يذكر الدليل على قوله وهذا القول كما فى التاريخ جاء فى العصور بعد موت النبى(ص)
"التاسعة والخمسون : افتراء الكذب على الله "
سبق ذكره فى رقم27 وهو تصنيف الكتب الباطلة ونسبتها إلى الله
"الستون : كونهم إذا غلبوا بالحجة فزعوا إلى الشكوى للملوك كما قال : " أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض "
هذا الأمر كالعديد من الفعال هنا ليس خاص بعصر النبى(ص) فالكلام وقع فى عصر موسى(ص)
"الحادية والستون : رميهم إياهم بالفساد في الأرض كما في الآية "
لم يذكر الدليل على قوله
"الثانية والستون : رميهم إياهم بانتقاص دين الملك كما قال تعالى : " ويذرك وآلهتك " وكما قال تعالى : " إني أخاف أن يبدل دينكم " "
هذا الأمر ليس خاص بعصر النبى(ص) فالكلام وقع فى عصر موسى(ص)
الثالثة والستون : رميهم إياهم بانتقاص آلهة الملك كما في الآية "
لم يذكر الدليل على قوله وهذا الأمر ليس خاص بعصر النبى(ص) فالكلام وقع فى عصر موسى(ص)وهو تكرارلرقم62وكذلك64 و65و66وهو:
الرابعة والستون : رميهم لإياهم بانتقاص دين الملك كما قال تعالى : " ويذرك وآلهتك " الآية وكما قال تعالى : " إني أخاف أن يبدل دينكم "
الخامسة والستون : رميهم إياهم بتبديل الدين كما قال : " إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد "
السادسة والستون : رميهم إياهم بانتقاض الملك كقولهم : " ويذرك وآلهتك ""
" السابعة والستون : دعواهم العمل بما عندهم من الحق كقوله : " نؤمن بما أنزل علينا " مع تركهم إياه "
سبق أن ذكر هذا فى رقم 28 وهو أنهم لا يعقلون من الحق إلا الذي مع طائفتهم
"الثامنة والستون : الزيادة في العبادة كفعلهم يوم عاشوراء "
كلام بلا دليل وعليه كان على الرجل أن يكذب الروايات التى تقول أن النبى(ص) صامه وأمر بصومه فلو كان خطأ حسب الروايات لم يفعله
"التاسعة والستون : نقصهم منها كتركهم الوقوف بعرفات "
لم يذكر الدليل
السبعون : تركهم الواجب ورعا "
لم يذكر الدليل
"الحادية والسبعون : تعبدهم بترك الطيبات من الرزق"
لم يذكر الدليل
"الثانية والسبعون : تعبدهم بترك زينة الله "
لم يذكر الدليل
"الثالثة والسبعون : دعواهم الناس إلى الضلال بغير علم "
لم يذكر الدليل
الرابعة والسبعون : دعواهم محبة الله مع تركهم شرعه فطالبهم الله بقوله : " إن كنتم تحبون الله "
الخامسة والسبعون : دعواهم إياهم إلى الكفر مع العلم "
لم يذكر الدليل
السادسة والسبعون : المكر الكبار كفعل قوم نوح "
هذا ليس خاص بعصر النبى (ص) ولم يذكر الدليل
"السابعة والسبعون : أن أئمتهم : إما عالم فاجر وإما عابد جاهل كما في قوله : " وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله " إلى قوله : " ومنهم أميون " "
سبق ذكر هذا الكلام فى فسقة العلماء وعبادة الأحبار والرهبان
"الثامنة والسبعون : تمنيهم الأماني الكاذبة كقوله لهم : " لن تمسنا النار إلا أياما معدودة " وقولهم : " لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى "
التاسعة والسبعون : دعواهم محبة الله مع تركهم شرعه فطالبهم الله بقوله : " قل إن كنتم تحبون الله "
سبق ذكرها فى رقم74
"الثمانون : اتخاذ قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد "
الحادية والثمانون : اتخاذ آثار أنبيائهم مساجد كما ذكر عن عمر
الثانية والثمانون : اتخاذ السراج على القبور
الثالثة والثمانون : اتخاذها أعيادا
الرابعة والثمانون : الذبح عند القبور "
الخمسة لم يذكر الأدلة على كل واحد منهم
"الخامسة والثمانون : التبرك بآثار المعظمين كدار الندوة وافتخار من كانت تحت يده بذلك كما قيل لحكيم بن حزام : بعث مكة قريش فقال : ذهب المكارم إلا التقوى "
سبق هذا فى التبرك بالصالحين وهو الفعل رقم واحد
السادسة والثمانون : التبرك بآثار المعظمين كدار الندوة وافتخار من كانت تحت يده بذلك كما قيل لحكيم بن حزام : بعت مكرمة قريش ؟ فقال : ذهبت المكارم إلا التقوى "
تكرار للسابقة
"السابعة والثمانون : الفخر بالأحساب
الثامنة والثمانون : الاستسقاء بالأنواء
التاسعة والثمانون : الطعن في الأنساب
التسعون : النياحة
الحادية والتسعون : أن أجل فضائلهم الفخر بالأنساب فذكر الله فيه ما ذكر
الثانية والتسعون : أن أجل فضائلهم أيضا الفخر ولو بحق فنهي عنه "
الستة لم يذكر الأدلة على كل واحد منهم
"الثالثة والتسعون : أن الذي لابد منه عندهم تعصب الإنسان لطائفته ونصر من هو منها ظالما أو مظلوما "
سبق ذكره فى رقم38و32و55
الرابعة والتسعون : أن دينهم أخذ الرجل بجريمة غيره فأنزل الله : " ولا تزر وازرة وزر أخرى "
"الخامسة والتسعون : تعيير الرجل بما في غيره فقال : [ أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية ]
"السادسة والتسعون : الافتخار بولاية البيت فذمهم الله بقوله : " مستكبرين به سامرا تهجرون "
الدليل هنا ليس صالح فالكلام عن القرآن وليس عن البيت
"السابعة والتسعون : الافتخار بكونهم ذرية الأنبياء فأتى الله بقوله : " تلك أمة قد خلت لها ما كسبت "
الدليل لا يصلح للاستدلال على الفعل فالآية لا ينتسبون فيها للأنبياء(ص)
"الثامنة والتسعون : الافتخار بالصنائع كفعل أهل الرحلتين على أهل الحرث "
كلام بلا دليل
"التاسعة والتسعون : عظمة الدنيا في قلوبهم كقولهم : " لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم "
كلام ليس فى محله كدليل وهناك ما هو أصلح كقوله "وعرتهم الحياة الدنيا"
"المائة : التحكم على الله كما في الآية "
كلام بلا دليل
الحادية بعد المائة : ازدراء الفقراء فأتاهم الله بقوله : " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي "
سبق ذكر هذا 24و8و10و25
"الثانية بعد المائة : رميهم أتباع الرسل بعدم الإخلاص وطلب الدنيا فأجابهم بقوله : " ما عليك من حسابهم من شيء " وأمثالها "
"الثالثة بعد المائة : الكفر بالملائكة
الرابعة بعد المائة : الكفر بالرسل
الخامسة بعد المائة : الكفر بالكتب
السادسة بعد المائة : الإعراض عما جاء عن الله
السابعة بعد المائة : الكفر باليوم الآخر
الثامنة بعد المائة : التكذيب بلقاء الله "
سبق ذكر هذا فى الكفر وهو رقم 48والكلام هنا بلا أدلة
"التاسعة بعد المائة : التكذيب ببعض ما أخبرت به الرسل عن اليوم الآخر كما في قوله : " أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه " ومنها التكذيب بقوله : " مالك يوم الدين " وقوله : " لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة وقوله : " إلا من شهد بالحق وهم يعلمون "
"العاشرة بعد المائة : الإيمان بالجبت والطاغوت
الحادية عشر بعد المائة : تفضيل دين المشركين على دين المسلمين
الثانية عشر بعد المائة : لبس الحق بالباطل
الثالثة عشر بعد المائة : كتمان الحق مع العلم به
الرابعة عشر بعد المائة : قاعدة الضلال وهي القول على الله بلا علم "
الكلام هنا بلا أدلة فى الخمسة
"الخامسة عشر بعد المائة : التناقض الواضح لما كذبوا الحق كما قال تعالى : " بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج "
الفعل موصوف خطأ
"السادسة عشر بعد المائة : الإيمان ببعض المنزل دون بعض
السابعة عشر بعد المائة : التفريق بين الرسل
الثامنة عشر بعد المائة : مخالفتهم فيما ليس لهم به علم
التاسعة عشر بعد المائة : دعواهم إتباع السلف مع التصريح بما خالفتهم
العشرون بعد المائة : صدهم عن سبيل الله من آمن به
الحادية والعشرون بعد المائة : مودتهم الكفر والكافرين
الثانية والعشرون بعد المائة : والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتاسعة والعشرون وتمام الثلاثين والواحدة والثلاثون بعد المائة : العيافة والطرق والطيرة والكهانة والتحكم إلى الطاغوت وكراهة التزويج بين العيدين "
الكلام هنا بلا أدلة

الأحد، 29 نوفمبر 2020

نقد رسالة في أن القرآن غير مخلوق

نقد رسالة في أن القرآن غير مخلوق
الرسالة من تأليف إبراهيم بن إسحاق الحربي والرسالة تناقش مسألة فى كتب التاريخ كان على أثرها معارك كلامية ومعارك حربية باعتبار الأذى والسجن وغيره ممن لحق بمن قال القرآن غير مخلوق
المسألة لها جوانب متعددة
الأول وجود خالقين:
فالقائلين بأن القرآن فى الكون مخلوق قالوا:
إن القرآن لو كان غير مخلوق فهو خالق لأنه لا يوجد سوى خالق ومخلوق ومن ثم يوجد خالقين الله والقرآن ومن هنا كان الرفض لمقولة القرآن غير مخلوق فى الكون لأن القائلين يثبتون بذلك وجود خالقين الله والقرآن ولا يوجد سوى خالق واحد كما قال تعالى
"ذلكم الله ربكم خالق كل شىء لا إله إلا هو"
وقال :
" الله خالق كل شىء"
إذا كل ما سوى الله مخلوق
وهذه حجة لا يمكن لأحد ردها
الثانى : التفرقة بين كلام الله وبين الكلام فى الكون:
التفرقة بين كلام الله وهو إرادة الله وبين الكلام فى الكون وهو كلام المخلوقات فكل ما يحدث فى الكون مخلوق فالقرآن نزل على مخلوق هو جبريل(ص) وهذا المخلوق نزل به على مخلوق أخر هو النبى (ص) وأنزله فى قلبه والقلب مخلوق كما قال تعالى :
"وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك"
كما أنه موجود فى مخلوق وهو المكان سواء كان القلب أو الكتاب المحفوظ أى المكنون ويلمسه مخلوقون هم المطهرون كما قال تعالى :
"إنه لقرآن كريم فى كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين "
إذا فهذا المصحف أو القرآن الكامل موجود فى مكان والمكان ملىء بالمخلوقات وهو مكون من ورقات وهذه الورقات كانت إما أخشاب نبات أو جلود حيوانات وكلها من مخلوقات ومن ثم لا يمكن اعتبار ما فى الكون غير مخلوق
وأما الكلام وهو إرادة الله فهذا هو الله نفسه وهو الخالق والقرآن ليس إلا نذر يسير من إرادات الله وكلامنا كبشر عندما يفسر الذات الإلهية يقسمها ولكن عندنا نقول مريد وخالق وحى ورحيم وجبار فكل هذا معناه واحد فالله لا ينقسم ولا يتبعض
الثالث الوحى الإلهى:
أن القرآن إن كان كما يقولون غير مخلوق فكل الكتب التى نزلت على الرسل مثله فالوحى واحد كما قال تعالى " ما يقال لك إلا ما قيل للرسل من قبلك"
والغريب أن من تكلموا فى المسألة لم يذكروا هذه النقطة
كما فاتت على القوم نقطة وهى تحريف كلام الله ولو كان الوحى فى الكون غير مخلوق ما قدر أحد على تحريفه أبدا ولكن الله أثبت تحريفه فقال :
"وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه"
وأما كلام الله عنده كما قال لا يتغير أى لا يتبدل وهو قوله:
" لا مبدل لكلماته"
فكلام الله لديه لا يتبدل وأما عندنا فى الكون كمخلوقات وهى الإنس والجن فمعرض للتخريع وهو التبديل
والآن لتناول ما جاء فى الكتاب:
"1 - أخبرنا أبو الفتح أحمد بن عمر بن سعيد بن ميمون الجهارى قراءة مني عليه قال ثنا أبو الفضل جعفر بن إدريس القزويني بمكة سنة اثنتين وخمسين وثلثمائة قال قرأت على إبراهيم الحربي ببغداد وكان يصلي بنا في شهر رمضان قال كنت جالسا عند أحمد بن حنبل إذ جاءه رجل فقال يا أبا عبد الله إن عندنا قوما يقولون إن ألفاظهم بالقرآن مخلوقة
فقال أحمد بن حنبل يتوجه العبد بالقرآن إلى الله لخمسة أوجه كلها غير مخلوقة حفظ بقلب وتلاوة بلسان وسمع بآذان ونظر ببصر وخط بيد فالقلب مخلوق والمحفوظ غير مخلوق والتلاوة مخلوقة والمتلو غير مخلوق والنظر مخلوق والمنظور إليه غير مخلوق قال إبراهيم فمات أحمد بن حنبل فرأيته في النوم وعليه ثياب خضر وبيض وعلى رأسه تاج من الذهب مكلل بالجوهر وفي رجليه نعلان من ذهب يخط فقلت ما فعل الله بك فقال لي قربني وأدناني وقال قد غفرت لك فقلت له يا رب بماذا فقال بقولك إن كلامي غير مخلوق "
الخطأ أن القائل جعل مع الله خمسة خالقين هم حفظ بقلب وتلاوة بلسان وسمع بآذان ونظر ببصر وخط بيد كما انه يخالف أنه نسب الخط لمخلوق فى قوله تعالى " ولا تخطه بيمينك"
كما يخالف أن كل ما ذكره موجود فى الأرض وما فى الأرض كله خلقه الله كما قال :
"هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعا"
2 - أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن إسحاق المعروف بالكسائي المصري إجازة بخطه قال ثنا أبو الحسين بوانة أحمد بن عيسى بن بوانه الموصلي إملاء من كتابه بلفظه وأنا أسمع قال ثنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن مروان بن بدينا قال ثنا أبو الفضل صالح بن أحمد قال سمعت أبي يقول افترقت الجهمية على فرق فرقة قالوا القرآن مخلوق وفرقة قالوا كلام الله وسكتت وفرقة قالوا لفظنا بالقرآن مخلوق قال الله تعالى في كتابه فأجره حتى يسمع كلام الله فجبرئيل عليه السلام تسمع من الله تعالى ليسمعه النبي من جبرئيل ويسمعه أصحاب النبي من النبي فالقرآن كلام الله غير مخلوق "
هنا الاستدلال صحيح والكلام عن القرآن الذى هو إرادة أى كلام الله وليس الكلام فى أى جزء من الكون المخلوق
3 - وحدثنا قال ثنا بوانة قال ثنا أبو جعفر قال سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل رحمة الله عليه قلت يا أبا عبد الله أنا رجل من أهل الموصل والغالب على بلدنا الجهمية وفيهم أهل سنة نفر يسير وقد وقعت مسألة الكرابيسي فافتتنهم قول الكرابيسي لفظي بالقرآن مخلوق فقال لي أبو عبد الله إياك وإياك هذا الكرابيسي لا تكلمه ولا تكلم من يكلمه ثلاث مرات أو أربع إلا أن في كتابي أربع قلت يا أبا عبد الله فهذا القول وما جانسه يرجع إلى قول جهم قال هذا كله قول جهم "
القول لا يعود إلى جهم فالمسألة لابد انها وجدت فى كل العصور من قبل حول الوحى المنزل على كل رسول
4 - وحدثنا قال ثنا بوانة قال ثنا أبو جعفر قال ثنا صالح قال ثنا أبي وقال رجل للحكم بن عينية ما حمل أهل الأهواء على هذا قال الخصومات
5 - قال معاوية بن قرة وكان أبوه ممن أتى النبي إياكم فهذه الخصومات فإنهما تحبط العمل
6 - وقال أبو قلابة وكان أدرك غير واحد من أصحاب النبي لا تجالسوا أصحاب الأهواء وقال أصحاب الخصومات فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم ويلبسوا عليكم بعض ما يعرفون "
الروايات 4و5و6 لا علاقة بها بالمسألة وكذلك الروايات7و8و9و10و11
7 - ودخل رجلان من أهل الأهواء إلى محمد بن سيرين فقالا يا أبا بكر تحدثنا بحديث قال لا قالا فنقرأ عليك آية من كتاب الله تبارك وتعالى قال لا ليقومان عني أو لأقومن قال فقام الرجلان فخرجا فقال بعض القوم يا أبا بكر ما عليك أن يقرءا عليك آية من كتاب الله تعالى قال فقال محمد بن سيرين إني خشيت أن يقرءا علي آية فيحرفانها فيقر ذلك في قلبي قال محمد رحمه الله لو أني أعلم أنى أكون قبل هذه الساعة لتركتموها
8 - وقال رجل من أهل البدع لأيوب بن أبي تميمة الشيحاني يا أبا بكر أسألك عن كلمة فولى وهو يقول لا ولا نصف كلمة
9 - وقال ابن طاوس لابن له يكلم رجل من أهل البدع يا بني ضع إصبعيك في أذنيك حتى لا تسمع ما يقول ثم قال اشدد اشدد
10 - قال وقال إبراهيم النخعي إن القوم لم يدخر عنهم شيء ختئ لكم لفضل عندكم
11 - قال وكان الحسن البصري يقول شر داء خالط قلبا يعني الأهواء "
وانتهى الحربى للقول التالى:
"وقد روي عن غير واحد ممن مضى من سلفنا أنهم كانوا يقولون القرآن كلام الله ليس بمخلوق وهو الذي أذهب إليه ولست بصاحب الكلام ولا ارى الكلام في شيء من هذا إلا ما كان من كتاب الله تعالى وحديث رسول الله وعن أصحابه أو عن التابعين رحمة الله عليهم فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محمود والله المعبود فالقرآن من علم الله وعلم الله غير مخلوق والدليل على ذلك قوله ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم نسأل الله أن يجعلنا من العاملين بكتابه وجميع المسلمين إنه على ما يشاء قدير "
الغريب فى المسألة هو اتفاق الكل على كون القرآن كلام الله وكلام الله وهو إرادته غير مخلوقة والمختلف فيه هو القرآن الذى ينطقه ويقرئه ويسمعه المخلوقون فى الكون المخلوق وبالقطع هو مخلوق لأن المخلوق وعمله مخلوق كما جاء على لسان إبراهيم(ص) " والله خلقكم وما تعملون" والعمل الإنسانى قول وفعل والقرآن الموجود بين أيدينا فى الكون هو فعلنا بكتابته وسماعه ونطقه
ثم ذكر الحربى رسالة أحمد بن حنبل للمتوكل العباسى فقال :
"رسالة الإمام أحمد إلى الخليفة المتوكل في مسألة القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله
حدثنا صالح قال كتب عبيد الله بن يحيى إلى أبي رحمة الله عليه يخبره أن أمير المؤمنين أمرني أن أكتب إليك أسألك عن أمر القرآن لا مسألة امتحان ولكن مسألة معرفة وبصيرة فأملى علي أبي رحمه الله إلى عبيد الله أحسن الله عاقبتك أبا الحسين في الأمور كلها ودفع عنك مكاره الدنيا والآخرة برحمته قد كتبت إليك رضي الله عنك بالذي سأل عنه أمير المؤمنين بأمر القرآن بما حضرني وإني أسأل الله أن يديم توفيق أمير المؤمنين فقد كان الناس في خوض من الباطل واختلاف شديد يغتمسون فيه حتى أفضت الخلافة إلى أمير المؤمنين فنفى الله بأمير المؤمنين كل بدعة وانجلى عن الناس ما كانوا فيه من الذل وضيق المحابس فصرف الله ذلك كله وذهب به أمير المؤمنين
ووقع ذلك من المسلمين موقعا عظيما ودعوا الله لأمير المؤمنين فأسأل الله أن يجيب في أمير المؤمنين صالح الدعاء وأن يتم ذلك لأمير المؤمنين ويزيد في نيته ويعينه على ما هو عليه
وقد ذكر عن عبد الله بن عباس رحمت الله عليه أنه قال لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض فإن ذلك يوقع الشك في قلوبكم
وذكر عبد الله بن عمرو أن نفرا كانوا جلوسا بباب النبي فقال بعضهم ألم يقل الله كذا وقال بعضهم ألم يقل الله كذا قال فسمع ذلك رسول الله فخرج فكأنما فقيء على وجهه حب الرمان فقال أبهذا أمرتم أن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض إنما ضلت الأمم قبلكم في مثل هذا إنكم لستم مما هاهنا في شيء انظروا الذي أمرتم به فاعملوا به وانظروا الذي نهيتم عنه فانتهوا عنه
وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال لا تماروا في القرآن فإن مراء فيه كفر
وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجل فجعل عمر يسأله عن الناس فقال يا أمير المؤمنين قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا فقال ابن عباس فقلت والله ما أحب أن يتسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة قال فزبرني عمر ثم قال مه فانطلقت إلى منزلي مكتئبا حزينا فبينما أنا كذلك إذ أتاني رجل فقال أجب أمير المؤمنين فخرجت فإذا هو بالباب ينتظرني وأخذ بيدي فخلا بي وقال ما الذي كرهت مما قال الرجل فقلت يا أمير المؤمنين إن كنت أسأت فإني استغفر الله عز و جل وأتوب إليه وأنزل حيث أحببت قال لتحدثني ما الذي كرهت مما قال الرجل قال إنما قلت يا أمير المؤمنين متى يتسارعوا هذه المسارعة يتحقوا ومتى يتحقوا يختصموا ومتى يختصموا يختلفوا ومتى يختلفوا يقتتلوا قال لله أبوك والله إن كنت لأكتمها الناس حتى جئت بها
وروي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كان النبي يعرض نفسه على الناس بالموقف فيقول هل من رجل يحملني إلى قومه فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي
وروي عن جبير بن نفير قال قال رسول الله إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه يعني القرآن
وروي عن أبي أمامة عن النبي قال ما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه يعني القرآن
وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال جردوا القرآن ولا تكتبوا فيه شيئا إلا كلام الله وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال إن هذا القرآن كلام الله فضعوه على مواضعه
وقال رجل للحسن البصري يا أبا سعيد إذا قرأت كتاب الله وتدبرته ونظرت في عملي كدت أن أيأس وينقطع رجائي قال فقال له الحسن إن القرآن كلام الله وأعمال بني آدم إلى الضعف والتقصير فاعمل وأبشر
وقال فروة بن نوفل الأشجعي كنت جارا لخباب وهو من أصحاب النبي فخرجت معه يوما من المسجد وهو آخذ بيدي فقال يا هناة تقرب إلى الله بما استطعت فإنك لن تقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه وقال رجل للحكم بن عيينة ما حمل أهل الأهواء على هذا قال الخصومات
وقال معاوية بن قرة وكان أبوه ممن أتى النبي إياكم وهذه الخصومات فإنها تحبط الأعمال
وقال أبو قلابة وكان أدرك غير واحد من أصحاب رسول الله لا تجالسوا أصحاب الأهواء أو قال أصحاب الخصومات فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم ويلبسوا عليكم بعض ما تعرفون ودخل رجلان من أصحاب الأهواء على محمد بن سيرين فقالا يا أبا بكر نحدثك بحديث قال لا قال فنقرأ عليك آية من كتاب الله قال لا لتقومان عني أو لأقومنه قال فقام الرجلان فخرجا فقال بعض القوم يا أبا بكر ما كان عليك أن يقرأن عليك آية من كتاب الله فقال محمد بن سيرين إني خشيت أن يقرآن علي آية فيحرفانها فيقر ذلك في قلبي فقال محمد لو أعلم أني أكون مثل الساعة لتركتهما وقال رجل من أهل البدع لأيوب السختياني يا أبا بكر أسألك عن كلمة فولى وهو يقول بيده ولا نصف كلمة
وقال ابن طاووس لابن له وتكلم رجل من أهل البدع أدخل إصبعيك في أذنيك حتى لا تسمع ما يقوله ثم قال اشدد اشدد
وقال عمر بن عبد العزيز من جعل دينه عرضا للخصومات أكثر التنقل وقال إبراهيم النخعي إن القوم لم يدخر عنهم شيء خبئ لكم لفضل عندكم وكان الحسن البصري يقول شر داء خالط قلبا يعني الهوى وقال حذيفة بن اليمان وكان من أصحاب النبي اتقوا الله معاشر القراء خذوا طريق من كان قبلكم والله لئن استقمتم لقد سبقتم سبقا بعيدا ولئن تركتموه يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا أو قال مبينا
وإنما تركت ذكر الأسانيد لما تقدم من اليمين التي حلفت بها مما قد علمه أمير المؤمنين لولا ذلك ذكرتها بأسانيدها وقد قال الله جل ثناؤه وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله وقال ألا له الخلق والأمر
وأخبر تبارك وتعالى بالخلق ثم قال والأمر فأخبر أنه الأمر غير الخلق
وقال تبارك وتعالى الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان فأخبر تبارك وتعالى أن القرآن من علمه وقال ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير
وقال ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين
وقال وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا واق
فالقرآن علم الله
وفي هذه الآيات دليل على أن الذي جاءه هو القرآن لقوله ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم وقد روي عن غير واحد ممن مضى من سلفنا أنهم كانوا يقولون القرآن كلام الله ليس بمخلوق وهو الذي أذهب إليه
ولست بصاحب كلام ولا أرى الكلام في شيء من هذا إلا ما كان من كتاب الله أو في حديث عن النبي وشرعه أو عن أصحابه رحمة الله عليهم أو عن التابعين فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محمود
وإني أسأل الله أن يطيل بقاء الأمير وأن يثبته ويمده منه بمعونة إنه على كل شيء قدير "
الغريب فى الرسالة أنها لم تتعرض لمسألة الخلق بالأدلة وإنما ناقشت الافتراء على القرآن من قبل أهل الأهواء ومن ثم فهى لا تنفع فى مناقشة الموضوع فالرجل يقرر فقط حقيقة وهى القرآن كلام الله ليس بمخلوق ولكنه لا يتعرض لكون كلام الله فى الكون أو كلام الله عند الله ولم يذكر ما رواه الحربى عنه من وجود خمسة أشياء غير مخلوقة وهى الحفظ والتلاوة والسمع والنظر والخط والرجل لن يقول بهذا لأنه يثبت بذلك وجود خمسة خالقين مع الله

السبت، 28 نوفمبر 2020

قراءة فى كتاب الحلم وتأويله

قراءة فى كتاب الحلم وتأويله
الكتاب تأليف سيجموند فرويد وهو من ترجمة جورج طرابيشى ويبدأ الكتاب بمقولة من مقولات التخلف وهى تقسيم العصور لما قبل العلم وما بعد العلم مع أن أول إنسان كان هو أعلم الناس كما قال تعالى " وعلم آدم الأسماء كلها" وتقول مقولة فرويد المتخلفة:
"ما كان للبشرية أن تحمل نفسها مشقة تأويل أحلامها فى العصر القابل للوصف بأنه عصر ما قبل العلم فالأحلام التى تبقى فى الذاكرة عند اليقظة كانت تعد تجليا نافعا أو ضارا للقوة العليا من آلهة أو أبالسة ومع تفتح الروح العلمى أخلت كل تلك الميثولوجيا الأريبة الساح لعلم النفس ويجمع العلماء اليوم قاطبة عدا نزر يسير منهم على عزو الحلم إلى النشاط النفسى للنائم بالذات ص5
ويتساءل فرويد فيقول:
"إن المعضلة التى تحظى باهتمامنا الأول معضلة دلالة الحلم لهى ذات وجهين فمن جهة أولى نبحث عما يعنيه الحلم من وجهة نظر سيكولوجية وعن مكانته فى منظومة الظاهرات النفسية ونريد من الجهة الثانية أن نعرف هل الحلم قابل للتأويل وهل ينطوى مضمون الحلم مثله مثل أى نتاج نفسى أخر قد نميل إلى مماثلته به على معنى "ص6
ويخبرنا فرويد أن عامة الناس يعتقدون أن الحلم هو تعبير عما يحدث فى المستقبل فيقول:
"ويتشبث الحس الشعبى أخيرا بمعتقده القديم.. أن للحلم فى نظره معنى وهذا المعنى ينطوى على نبوءة وحتى نستخلص هذه النبوءة من مضمون الحلم الذى غالبا ما يكون مبهما ملغزا فلابد من اللجوء إلى بعض الطرائق فى التفسير وهذه الطرائق لا تعدو أن تكون بوجه عام استبدالا لمضمون الحلم كما انطبع فى الذاكرة بمضمون أخر ومن الممكن ان يتم هذا استبدال تفصيلا بواسطة مفتاح لا يجوز أن يتبدل ومن الممكن استبدال الموضوع الأساسى للحلم دفعة واحدة بموضوع أخر لا يعدو الأول أن يكون رمزا له وأهل الجد يبتسمون لهذه الصبيانيات ولسان حالهم جميعا التعبير الشائع إنها أضغاث أحلام"ص7
وهو يبدو هنا ساخرا من معتقد مبنى على الوحى فكل الأحلام التى ذكرت فى الوحى القرآنى هى عبارة عن إحداث حدثت فيما بعد وحتى ما يرويه العهد القديم من أحلام وهو دين فرويد الأصلى يؤكد نفس الفكرة
الكتاب من بدايته حتى نهايته وهو عبارة عن82 صفحة يدور حول مقولة خاطئة وهى أن الأحلام ليست أحداث تحدث فى المستقبل وإنما هى ذكريات حدثت فى الماضى القريب على الأغلب أى نفس نهار الحلم واستخدم الرجل فى إثبات هذا حلم حلمه هو أولا وحاول تحليله وانتهى فى تأويل وهو تفسير الحلم إلى أن كل ما فى الحلم هو أحداث حدثت فى نفس نهار الحلم أو قبله أى أنه تعبير عن ذكريات فيها رغبات مكبوتة وفى هذا قال:
"لنتوقف هنا ولنلق نظرة سريعة على النتائج التى توصلنا إليها حتى الآن عن طريق تحليل ذلك الحلم لقد بدأت بأن عزلت جميع تفاصيله قاطعا بذلك الروابط التى كانت تربطها بعضها ببعض ثم تتبعت اطلاقا من هذه التفاصيل تداعيات الأفكار التى تواردت فى ذهنى وحصلت بتلك الطريفة على جملة من افكار وذكريات نعرفت بينها عددا لا باس به من العناصر الأساسية بالنسبة إلى حياتى الداخلية وقد اتضح أن هذه المادة بعد تسليط الضوء عليها عن طريق تحليل الحلم ذات صلة وثيقة بالحلم نفسه وهذا أمر ما كنت لاكتشفه لو اكتفيت بمجرد فحص بسيط لمضمون الحلم لقد كان الحلم مفككا فير قابل للفهم ومجردا من كل عنصر وجدانى وبالمقابل يتحسس المرء فى الأفكار التى استخلصها من خلفيته شحنة وجدانية مكثفة لها ما يفسرها ويعللها وهذه الأفكار تترابط فى تلك التداعيات أكثر من غيرها أيضا إن بعضا من هذه الأفكار الأساسية لم يظهر فى مضمون الحلم الذى اقترحناه كمثال التعارض بين المغرض والمتجرد وفكرة الدين وأخيرا فكرة الهبة المجانية وكان فى مستطاعى لو وددت أن ابين جميع خيوط تلك الحزمة من الأفكار التى تكشفت لى بطريق التحليل تفضى إلى عقدة واحدة فيما لو شددت عليها بقوة أكبر لكن هناك إلى جانب مصالح العلم مصالح خاصة تنهانى نهيا قاطعا عن نشر بحث كهذا إذ أن مثل هذا العمل كان يقتضينى أن أميط اللثام عن بعض مشاعرى الحميمية التى كشفها لى التحليل لكن الذى لا يحلو لى أن اعترف بها أمام نفسى فخير لى أن ألزم الصمت وإذا سألنى سائل لماذا لم يقع اختيارى على حلم استطيع ان أبوح بتحليله بلا ص14
ويكرر كلامه نفس الكلام مسميا ما يفعله فى الكتاب بالتحليل أى تحليل الحلم فيقول:
إ"ننى أقيم مقابلة فى الحلم بين الحلم كما ألقاه فى ذاكرتى وبين المادة التى سيقدمها لى التحليل فيما بعد وأنا أطلق على الأول اسم المضمون الظاهر للحلم وأطلق على المادة بدون اى تمييز أخر اسم المضمون الكامن للحلم وها أنا ذا أواجه مشكلتين جديديتين لم أقم بصياغتهما حتى الآن:
1-ما العملية النفسية التى انقلب بها المضمون الكامن للحلم إلى ذلك المضمون الظاهر الذى ألقاه فى ذاكرتى عند استيقاظى
2-ما الأسباب التى جعلت من هذا الانقلاب ضروريا
إننى سأطلق على عملية تحول الحلم الكامن إلى حلم ظاهر اسم عمل الحلم وسأطلق على العمل المناقض له العمل الذى ينتج عنه تحول بالاتجاه المعاكس اسم عمل التحليل أما باقى المشكلات المتعلقة بطبيعة التحريض على الحلم وبأصل مادة الحلم وبمعناه المحتمل وبوظيفته وبالحوافظ التى تجعل نسيانه أمرا بالغ اليسر فلن أوليها اهتمامى إلا فيما بعد حين سأنتقل من مسألة الحلم الظاهر إلى مسألة مضمونه الكامن ص16
ويقسم فرويد الأحلام لثلاث أنواع فيقول:
"ونظرا إلى العلاقات القائمة بين مضمون الحلم الكامن ومضمونه الظاهر يمكن تقسيم الأحلام إلى ثلاث فئات فى الفئة الأولى نضع الأحلام الواضحة المعقولة التى تبدو مستعارة بصورة مباشرة من حياتنا النفسية الواعية وهذه الأحلام متواترة الحدوث وهى مقتضبة لا تكاد تستأهل اهتمامنا لأنه ليس فيها ما يدهش وليس فيها ما يثير الخيال ص17
"وفى الفئة الثانية نضع الأحلام المعقولة التى لا يكف معناها بالرغم من وضوحه التام عن ادهاشنا لأن ما من شىء فيها يبرر نظير تلك الاهتمامات ...ونضع فى الفئة الثالثة أخيرا الأحلام التى تفتقر إلى المعنى والوضوح معا الأحلام المتفككة الغامضة العبثية وذلك هو بالأصل الشكل الذى تتحلى فى غالب الأحيان ولهذا يرفض الأطباء الذين لا يعزون إلى الأحلام غير أهمية ضئيلة أن يروا فيها سوى نتاج نشاط نفسى مختزل ولنقل فضلا عن ذلك أنه من النادر بوجه عام ألا تتضمن الأحلام الطويلة بعض الشىء والمتماسكة منطقيا ولو أثرا خفيفا من التفكك وعدم الترابط "ص17
وكرر هذا الكلام بألفاظ أخرى فقال :
"إلى ثلاث فئات فلدينا أولا الحلم الذى يمثل بلا تنكر رغبة غير مكبوتة ...ولدينا ثانيا الحلم الذى يمثل رغبة مكبوتة فى إهاب تنكرى وغالبية أحلامنا تنتمى لهذا النمط ويأتى ثالثا وأخيرا الحلم الذى يعبر عن رغبة مكبوتة ولكن من دون أن ينكرها أو لا ينكرها إلى بأدنى الحدود وهذا الحلم الأخير يرافقه دوما إحساس بالحصر يرغمه على التوقف ص59
وهذا التقسيم إلى أحلام واضحة لا تحتاج لتأويل أى تفسير وأحلام واضحة أيضا ثم أحلام مفككة وهو تقسيم خاطىء فالأول والثانى يعتبران واحد ولا يوجد حلم واضح وضوحا تاما أى يحدث كما فى الحلم
الأحلام تنقسم إلى أحلام مخيفة تسمى الكوابيس كما يعرف الناس وأحلام سعيدة وهى الأحلام الشهوانية والتى تنتهى غالبا بالقذف والأحلام العادية والكل يحتاج لتفسير فى النهاية
ويعود فرويد لتأكيد مقولته الخاطئة وهى أن أحلام الأطفال تعبير عن رغبات النهار الفائت فيقول:
"ليس من العسير علينا أن نتبين أن جميع أحلام الأطفال هذه متشابهة فى نقطة معينة فهى جميعها تحقق الرغائب التى ولدها فيهم النهار ولم يشبعها بصراحة ووضوح وبلا لف أو دوران رغائب متحققة"ص20
ويكرر الكلام فيقول:
"وحتى عندما يتعقد الحلم الطفلى وينزع على الرهافة يظل فى الميسور إرجاعه على الدوام إلى إشباع رغبة" ص21
ويكرر نفس الكلام عن أحلام الراشد فيقول:
"ولدى الراشد أيضا نلاقى الكثير من الأمثلة على هذه الأحلام من النمط الطفلى لكنها مقتضبة جدا على الدوام تقريبا كما ذكرنا آنفا هكذا نرى الكثير من الناس يحلمون بأنهم يشربون إذا ما ظمئوا أثناء النوم وبعد تنحية الرغبة آنيا على هذا النحو يجدون سيرا إلى متابعة النوم هذه الأحلام التى نستطيع أن نسميها أحلام ترفيه إذا شئنا ليست نادرة وغالبا ما تحدث قبيل اليقظة حين يحدس النائم بأنه لم يعد هناك بد من الاستيقاظ فيطفق بأنه واقف على قدميه "ص21
ويكرر كلامه أن احداث الحلم ليست سوى ما حدث فى الليلة السابقة أو النهار الفائت فيقول:
"وعندما نستنتج فى هذا الحال بالتحليل نتبين أن جميع الأحلام بلا استثناء يكمن جذرها فى انطباع تم تلاقيه فى العشية أو بالأحرى أثناء النهار السابق للحلم هذا الاتطباع الذى يمكن أن يسمى بالمحرض على الحلم يكون احيانا قويا.. وفى هذه الحال نقول بصواب أن حلم الليل إن هو إلا استمرار لمشاغل النهار ص34
ويكرر الكلام بأن ما نهتم به فى اليوم السابق هو ما نجده فى الحلم فيقول:
"إن الأشياء التى لا تثير الاهتمام أثناء النهار لا تصبح مثيرة للإهتمام بالنسبة إلى الحلم وأن الترهات التى لا تؤثر فينا فى حالة اليقظة يستحيل أن تلاحقنا أثناء رقادناص35
ويكرر نفس المعنى عن كون الأحلام عبارة عن ذكريات الماضى فيقول:
"وبذلك يسعنا أن نقول أن جميع المواقف تقريبا التى تعرضها علينا أحلامنا ليست شيئا أخر سوى نسخ مزيدة ومعاد فيها النظر على نطاق واسع عن بعض من تلك الذكريات المؤثرة فى النفس" ص39
ويكرر نفس المعنى فيقول أن الأحلام المعقولة والشهوانية هى تعبير مباشر عن رفبة لم تتحقق فى اليوم الفائت فيقول:
نحن نعلم أن الأحلام الليبيدية والمعقولة هى تحقيق غير متنكر لرغبة من الرغبات وبعبارة أخرى نعلم أن الرغبة التى تبين لنا هذه الأحلام تحقيقها العينى هى رغبة يقر بها الوعى لم تجد تلبية فى الحياة اليومية لكنها جديرة لكل اهتمام ...فأساس هذه الأحلام هو بدوره رغبة متحققة رغبة تكشفها لنا من الجهة المقابلة الأفكار الكامنة والفارق الوحيد أن تمثيل هذه الرغبة لا يزال غامضا معتما" ص58
ويبلغ جنون فرويد مبلغه عندما يقول ان الحلم هو صناعة الإنسان المشوهة لرغباته أى الى تجعلها غامضة فيقول:
"إذا سلمنا بأن مضمون الحلم يمثل رغبة متحققة وإذا كان غموض مضمونه من صنيع الرقابة التى تحور وتنكر المواد المكبوتة يغدو من اليسير علينا ان نحدد وظيفة الحلم فبخلاف ما هو شائع لدى سواد الناس من رأى يرى فى الحلم منغصا للنوم نصل إلى هذا الاستنتاج الغريب وهو أن الحلم بمثابة حارس للنوم ص64
ويقرر أن الحلم هو رغبة مكبوتة من الماضى فيقول:
"إن الحلم ضرب من تفريغ نفسى لرغبة فى حالة الكبت" ص66
ويكرر نفس الكلام فى موضع أخر مقررا أن الأحلام هى تعبير عن رغبات مكبوتة من الماضى القريب فيقول:
"إذا سلمنا بأن العلة الرئيسية لتحريف الحلم أو تشويهه تكمن فى مقتضيات الرقابة فلن يدهشنا البتة إن وجدنا جميع أحلام الراشدين تقريبا ترتد عند التحليل إلى رغبة شهوانية إننا لا نتكلم هنا عن الأحلام المشار إليها عادة باسم الأحلام الجنسية والمتضمنة صورا جنسية لا يحجبها أى برقع فكل من حلمها يعرفها ص69
ونلاحظ أن الرجل يناقض نفسه فيقول أن الرقابة النفسية تكون كاملة فتحور وتنكر أى تخفى الشىء فى شىء أخر وهو قوله :
"إذا سلمنا بأن مضمون الحلم يمثل رغبة متحققة وإذا كان غموض مضمونه من صنيع الرقابة التى تحور وتنكر المواد المكبوتة يغدو من اليسير علينا ان نحدد وظيفة الحلم فبخلاف ما هو شائع لدى سواد الناس من رأى يرى فى الحلم منغصا للنوم نصل إلى هذا الاستنتاج الغريب وهو أن الحلم بمثابة حارس للنوم "ص64
ويعود فيعارض قوله فيقول أن تلك الرقابة غير موجودة فى الأحلام الجنسية أى بألفاظه والمتضمنة صورا جنسية لا يحجبها أى برقع وهو ما تعبر عنه الفقرة التالية:
"إذا سلمنا بأن العلة الرئيسية لتحريف الحلم أو تشويهه تكمن فى مقتضيات الرقابة فلن يدهشنا البتة إن وجدنا جميع أحلام الراشدين تقريبا ترتد عند التحليل إلى رغبة شهوانية إننا لا نتكلم هنا عن الأحلام المشار إليها عادة باسم الأحلام الجنسية والمتضمنة صورا جنسية لا يحجبها أى برقع فكل من حلمها يعرفها ص69
ويتحدث فرويد عن أن الأحلام الغامضة المفككة تتضمن أحداث اليوم الماضى المختلفة فيقول:
"إن مادة الحلم الكامنة هى التى تحدد المضمون الظاهر حتى فى أدق تفاصيله تقريبا وكل تفصيل من هذه التفاصيل لا يشتق من فكرة منعزلة وإنما من عدة أفكار مقتبسة من تلك المادة الأساسية وغير مترابطة فيما بينها بالضرورة بل من الممكن أن تكون منتمية إلى أشد ميادين الأفكار الكامنة اختلافا إن كل تفصيل من تفاصيل الحلم هو بكل معنى الكلمة تمثيل فى مضمون الحلم لزمرة من زمر الأفكار المتنافرة تلك ص30
ويكرر الكلام مرة أخرى بألفاظ أخرى قائلا:
"إن ما نلحظه فى الأحلام المعقدة والمشوشة التى نهتم بها الآن من تنافر بين مضمون الحلم الظاهر ومضمونه الكامن لا يمكن أن يعزى إلى ضرورة التكثيف والإخراج الدرامى وحدها بل ثمة مؤشرات معينة فى الإشارة إليها فائدة تشهد على وجود عامل ثالث ص32
ويكرر المعنى مرة ثالثة بألفاظ أخرى مبينا أن عملية الاهتمام وهى الشدة النفسية تحول الأحداث فى الحلم إلى غموض فيقول:
"أثناء قيامه الحلم بعمله تنتقل الشدة النفسية للأفكار والتصورات التى هى موضوع عمل الحلم لتتلبس أفكارا وتصورات أخرى هى بالضبط تلك التى ما كنا نتوقع البتة أن نراها تأخذ مثل تلك الحدة والكثافة إن انتقال الشدة النفسية هذا هو الذى يسهم بأوفر قسط فى تعتيم معنى الحلم وفى الحيلولة دون تعرف العلاقات بين الحلم الظاهر والحلم الكامن أثناء تلك العملية التى أسميها بالنقل فى الحلم أرى أيضا الشدة النفسية أو الوجدانية للفكرة الكامنة تتحول إلى بلبلة مادية وفى الوقت الذى أجد نفسى مدفوعا بأكثر من اغراء إلى ان اعتبر الأكثر وضوحا وجلاء هو الأساسى والجوهرى أتبين انه ينبغى البحث على العكس فى تفصيل غامض مبهم عن بديل فكرة الحلم الأساسية ص33
وكل ما قاله هنا وفى الكتاب هو مخالف للوحى الإلهى فى كون الأحلام هى أحداث عن المستقبل وأنها صنع قوة خارجية هى الله فالإنسان لا يحلم من نفسه بسبب اهتماماته ورغباته المكبوتة فى اليوم السابق فالأحلام ليست ذكريات من الماضى كما يزعم
والغريب أن الرجل يعترف فى الثلث الأخير من الكتاب بكون الحلم تعبير عن المستقبل كما يريده الله وإنما كما يريده الإنسان فيقول:
"ولنلاحظ فضلا عن ذلك وهذا أمر مثير للإهتمام أن الحكمة الشعبية تصيب حين تقول ان الأحلام تتكهن بالمستقبل فالبفعل إن ما يظهره لنا الحلم هو المستقبل لا كما سيتحقق وإنما كما نتمنى أن نراه متحققا "ص59
وهو كلام مجنون تماما فكم من بشر حلم أنه قتل عدة مرات ومع هذا هو حى فهل يريد أى يتمنى الإنسان قتل نفسه فعلا أم أن القتل أو الموت مرات عدة هو تعبير عن شىء أخر غير القتل أو الموت
ويقسم الرجل كما هو معروف فى نظريته الفكر لفكر واعى وفكر لا واعى فيقول:
طإننا نسلم بوجود وظيفتين خلاقتين للفكر فى جهازنا النفسى وتتمتع ثانية هاتين الوظيفتين بامتياز محدد وهو أن جميع منتجاتها تصبح للحال جزء من الوعى بينما يبقى نشاط الأولى لا واعيا أو لا يدلف إلى الوعى إلا بواسطة الثانية" ص61
وهى مقولة خاطئة فلا يوجد شىء اسمه اللاوعى لأن هذه المقولة الغرض منها هو رفع المسئولية التى وضعها الله على الإنسان كى يحاسبه وعندما يعمل الإنسان حسب اللاوعى كما يقول فرويد فإنه يقلت بهذا من عقاب الله وهى مقولة مجنونى فلا أحد يفلت من العقاب الإلخى لكونه عادل
واللاوعى هى مقولة إما اخترعوها للتهرب من الحساب وإما أنهم لم يفهموا مبدأ العادة فالإنسان يفكر فى الشىء فى المرة الأولى أو عدة مرات بعدها وعندما يوقن أنه صحيح فإنه يكرره دون تفكير لأنه يصير عادة ومن ثم يظن البعض كفرويد أنه هذا لا وعى ولكنه وعى لأنه فكر فيه فى المرة الأولى أو مرات بعدها وعندما اقتنع بالشىء بدأ يكرره
ويخبرنا فرويد بخبل أخر وهو أن وظائف الأحلام هى قطع النوم أو اليقظة من النوم فيقول:
"لكن ينبغى أن نستنتج من ذلك فقط أن الحلم يؤدى وظيفتين مهمة ثانيتهما قطع النوم عندما تدعو الحاجة والحلم يشبه فى ذلك الحارس الليلى الحى الضمير المكلف أولا بوأد جميع الأصوات التى قد توقظ السكان ولكن من دون أن يتردد بالمقابل فى أداء الواجب المعاكس فيوقظ جميع الناس حين تصبح الأصوات باعثة على القلق ولا يعود فى مستطاعه وحده أن يتغلب عليها ص67
وطبقا لكلام الوحى فإن الأحلام كما قلنا وظيفتها إخبار عن المستقبل ولكنه إخبار يحتاج فى تفسيره ليس لطبيب نفسى أو مفسر أحلام وإنما لنبى يعطيه الله تأويل الأحاديث وهى الأحلام كما فى حالة يوسف(ص)
ولو اردنا أن نقول الوظائف الحقيقية فسنقول إنها اسعاد الحالم حتى لا يفشل أو احزانه حتى يفشل كما قال تعالى فى حلم يوم بدر عن عدد محاربى الكفار "إذ يريكهم الله فى منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم فى الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور"
ويهبرنا الرجل عن علم الرموز زاعما أن العالم به يقدر على تفسير الأحلام ويزعم أنه هناك رموز وحيدة المعنى ورموز متعددة المعانى فيقول:
"فمن المتعارف عليه أنه ليس أسهل على من تتوافر لديه معرفة عميقة بعلم الرموز ذلك أن يفهم معنى الحلم معنى جميع تفاصيله ومعنى بعض من أقسامه ..وبالرغم من أن الاختصاصيين فى علم رموز الحلم لم يخلصوا إلى نتيجة نهائية بعد ... هناك رموز ليس لها سوى تأويل واحد من قبيل ذلك الإمبراطورة الملك والملكة وهى تعنى الأب والأم ..ص71 ويقول:
"وبعض الرموز عامة الاستخدام وهى تلاحظ لدى جميع الحالمين الذين يجمع بينهم لسان واحد وتكوين فكرى واحد وبالمقابل ثمة رموز أخرى محدودة الاستخدام يبتكرها الفرد بحسب حاجاته ... ويتبقى فى المقام الثانى أم نميز الرموز التى يبدو أن صلتها بالأشياء الجنسية تعود إلى الأزمنة البدائية وهى صلة لا يمكن ان تولد إلا فى أظلم المناطق من شعورنا ..ص72
ويبين أن الأحلام كلها ليست رموزا ففيها أشياء ليست غامضة فيقول :
"وما نعرفه بثقة ويقين هو أن المواد ليست جميعها رموزا فمعرفة الرموز تستطيع أن تهدينا إلى سواء السبيل إلى حد كبير عبر ما يبقى غامضا فى مضمون الحلم الظاهر ص73
ويبين الرجل أنه استمد معرفته فى الحلم من الجهلة بالطب فقال:
"كم كانت دهشتى عظيمة حين تبينت ذات يوم أن اصدق تصور للحلم لا ينبغى البحث عنها لدى الأطباء وإنما لدى الجهلة بالطب ممن يبقى لديهم ذلك التصور مختلطا بالخرافة والتطير" ص8

الأربعاء، 25 نوفمبر 2020

نقد كتاب الواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم ومسلمة

نقد كتاب الواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم ومسلمة
الكتاب من تأليف محمد بن عبد الوهاب وبدأ بما سماه الأصول الثلاثة وهى معرفة الرب والدين والنبى محمد(ص) وهو كلام خاطىء فالأصل واحد وهو الرب أى الله لأن الأصل فى دعوة كل نبى كما قال تعالى
"ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا أن اعبدوا الله" وقال "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"
والدين وهو الإسلام لا ينفصل عن الله فبه يعرف الله وكل حكم أراده وفى هذا قال :
"الأصول الثلاثة التي يجب على كل مسلم ومسلمة معرفتها...
وهي : معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمدا صلى الله عليه وسلم :
فإن قيل لك : من ربك ؟ فقل : ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته ، وهو معبودي ، ليس لي معبود سواه .
وإذا قيل لك : ما دينك ؟ فقل : ديني الإسلام ، وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد وبالطاعة والبراء من الشرك وأهله .
وإذا قيل لك : من نبيك ؟ فقل : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ، وهاشم من قريش ، وقريش من العرب ، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم."
الأخطاء فى الفقرة هو :
1-هو معرفة النبى محمد(ص) وحده وهو ما يخالف قوله تعالى على لسان المسلمين "لا نفرق بيت أحد من رسله" فكل الرسل (ص) المذكورين فى القرآن مطلوب معرفتهم
2-هو كون النبى (ص) محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ، وهاشم من قريش ، وقريش من العرب ، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم (ص)فهذا التعريف ليس من كتاب الله فمحمد فى كتاب الله هو رسول الله وخاتم النبيين وأما كونه من العرب فلا ذكر للعرب فى القرآن
وتحدث أن قواعد الدين أمرين فقال:
"أصل الدين وقاعدته أمران...:
الأول : الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له ، والتحريض على ذلك ، والموالاة فيه ، وتكفير من تركه .
الثاني : الإنذار عن الشرك في عبادة الله ، والتغليظ في ذلك ، والمعاداة فيه ، وتكفير من فعله ."
والدين كل ما فيه قواعد وحقيقة المسألة التى لم يعبر عنها تعبيرا صحيحا هى أن الدين ينقسم فى الدعوة إلى أوامر ونواهى يعمل بها من يؤمن به
ثم تحدث عن شروط شهادة الوحدانية فقال:
"شروط لا إله إلا الله:
الأول : العلم بمعناها نفيا وإثباتا.
الثاني : اليقين ، وهو : كمال العلم بها ، المنافي للشك والريب .
الثالث : الإخلاص المنافي للكذب .
الرابع : الصدق المنافي للكذب .
الخامس : المحبة لهذه الكلمة ، ولما دلت عليه ، والسرور بذلك .
السادس : الانقياد لحقوقها ، وهي : الأعمال الواجبة ، إخلاصا لله ، وطلبا لمرضاته .
السابع : القبول المنافي للرد "
وكل ما ذكره بعضه هو تفسير لبعض فالإخلاص هو الصدق هو المحبة هو الانقياد هو القبول والعلم هو اليقين فالكل يتلخص فى الإيمان وهو التصديق والعمل بما صدق وهو ما تكرر فى القرآن تحت تعبير الذين أمنوا وعملوا الصالحات
وبعض هذا ذكر ما ظنه الأدلة على الشروط السبع التى هى اثنان فقط فقالك
"أدلة هذه الشروط من كتاب الله تعالى ومن سنة (ص) ::
دليل العلم : قوله تعالى : { فأعلم أنه لا إله إلا الله } وقوله : { إلا من شهد بالحق وهم يعلمون } أي بـ " لا إله إلا الله " { وهم يعلمون } بقلوبهم ما نطقوا به بألسنتهم .
ومن السنة : الحديث الثابت في الصحيح عن عثمان رضي الله عنه قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ) ."
الرواية التى ذكرها هنا تعنى دخول معظم الكفار الجنة لأنهم ماتوا وهم يعلمون من المسلمين أن دينهم لا إله إلا الله وفرعون مات عالما بها ودهل النار رفم علمه وقوله لها كما قال تعالى "فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين"
ثم قال:
"ودليل اليقين : قوله تعالى : { إنما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون } فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا -أي لم يشكوا - فأما المرتاب فهو من المنافقين .
ومن السنة : الحديث الثابت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة ) وفي رواية : ( لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة ) . وعن أبي هريرة أيضا من حديث طويل : ( من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها من قلبه فبشره بالجنة ) ."
الروايات هنا عكس الاية المستشهد بها التى ترتب على اليقين بها الأعمال الصالحة ليس فيها عمل فلو أن مؤمنا أيقن ولم يعمل لكان كافرا لأنه سمع ولم ينفذ كما قال تعالى "ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون" وقد قال محذرا المؤمنين من عدم العمل " بم تقولون مالا تفعلون"فاليقين لا ينفع بلا عمل ثم قال:
"ودليل الإخلاص : قوله تعالى : { ألا لله الدين الخالص } وقوله سبحانه : { وما من أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء } .
ومن السنة : الحديث الثابت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أسعد الناس بشفاعتي من قال لاإله إلا الله خالصا من قلبه -أو من نفسه - ) وفي الصحيح عن عتبان بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله عز وجل ) وللنسائي في " اليوم والليلة "من حديث رجلين من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، مخلصا بها من قلبه ، يصدق بها لسانه . . . إلا فتق الله السماء فتقا ، حتى ينظر إلى قائلها من أهل الأرض ، وحق لعبد نظر إليه الله أن يعطيه سؤله ) ."
نفس الخطأ وهو أن الروايات لم تربك القول بالعمل ثم قال:
"ودليل الصدق : قوله تعالى : { الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذببين } وقوله تعالى : { ومن الناس من يقول ءامنا بالله واليوم الآخر وما هم بمؤمنين * يخادعون الله والذين ءامنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون * في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون } .
ومن السنة : ما ثبت في الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، صادقا من قلبه ، إلا حرمه الله على النار ) ."
نفس ما قيل عن الروايات السابقة ثم قال:
"ودليل المحبة : قوله تعالى : { ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين ءامنوا أشد حبا لله } وقوله : { يأيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم } ومن السنة : ما ثبت في الصحيح عن أنس رضي الله عنه ، قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار ) .
ودليل الانقياد : ما دل عليه قوله تعالى : { وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون } وقوله : { ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن } وقوله : { ومن يسلم وجهه لله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى } أي بـ " لا إله إلا الله " ، وقوله تعالى : { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } .
ومن السنة : قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ) وهذا هو تمام الانقياد وغايته .
ودليل القبول : قوله تعالى : { وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا ءاباءنا على أمة وإنا على ءاثارهم مقتدون * قال أولوا جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه ءاباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون * فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين } وقوله تعالى : { إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون * ويقولون أإنا لتاركوا ءالهتنا لشاعر مجنون } .
ومن السنة : ما ثبت في الصحيح عن أبى موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا ، فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله به الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ، أصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك الماء ولا تنبت كلأ ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك راسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به )."
ثم بين الرجل أن نواقض الإسلام عنده عشرة والحقيقة أنه أمر واحد وهو الشرك أى الكفر ففى داخله كله ما قاله من الوساطة وعدم تكفير الكفار والسحر والاعتقاد بوجود دين أفضل من الإسلام والاستهزاء والإعراض ومظاهرة الكفار وفى هذا قال :
"نواقض الإسلام...
اعلم أن نواقض الإسلام عشرة :
الأول : الشرك في عبادة الله تعالى ، قال الله تعالى : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } وقال : { إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار } ومنه الذبح لغير الله ، كمن يذبح للجن أو للقبر .
الثاني : من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم ، كفر إجماعا .
الثالث : من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم .
الرابع : من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه ، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه - كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه - فهو كافر .
الخامس : من أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به ، كفر .
السادس : من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه أو عقابه ، والدليل قوله تعالى : { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } .
السابع : السحر ، ومنه الصرف والعطف ، فمن فعله أو رضي به كفر ، والدليل قوله تعلى : { وما هم بضارين به من أحد إلا بأذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم } .
الثامن : مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين ، والدليل قوله تعالى : { ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } .
التاسع : من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام ، فهو كافر .
العاشر : الإعراض عن دين الله تعالى ، لا يتعلمه ولا يعمل به ، والدليل قوله تعالى : { ومن أظلم ممن ذكر بآيت ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون } .
ولا فرق في جميع هذه بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره ، وكلها من أعظم ما يكون خطرا وأكثر ما يكون وقوعا ، فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه ، نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه."
وقطعا الشرك هو أن تذنب والذنب يعنى أنك أطعت غير حكم الله فى أى مسألة فكل ذنب ناقض لللإسلام اى خروج عليه أى كفر به وعلاج اى ذنب هو التوبة منه أى الاستغفار مع رد الحقوق إن كان فى الذنب حقوق لأخرين وفى هذا قال تعالى
"والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروه لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون"
وقال "ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ".
ثم قسم الرجل التوحيد لثلاثة أنواع فقال :
"التوحيد ثلاثة أنواع:
الأول : توحيد الربوبية : وهو الذي اقر به الكفار على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يدخلهم في الإسلام ، واستحل دماءهم وأموالهم ، وهو توحيد الله بفعله تعالى ، والدليل قوله تعالى : { قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون } والآيات على هذا كثيرة جدا .
الثاني : توحيد الألوهية : وهو الذي وقع فيه النزاع من قديم الدهر وحديثه ، وهو توحيد الله بأفعال العباد ، كالدعاء والنذر والنحر والرجاء والخوف والتوكل والرغبة والرهبة والإنابة ، وكل نوع من هذه الأنواع عليه دليل من القرآن .
الثالث : توحيد الذات والأسماء والصفات : قال الله تعالى : { قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد } وقوله تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون } وقوله تعالى : { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }"
وبالقطع ما قاله الرجل ليس من دين الله فى شىء فليس عليه أى دليل فالتوحيد واحد وهو التصديق بالله وحده كرب أى إله والعمل بكتابه فليس قول الشهادة توحيدا من دون عمل صالح فالشهادة وهى التصديق بها والعمل بكتاب الله مرتبطان لا ينفكان
وقسم الرجل الشرك لثلاثة أنواع وهو تقسيم كالأخر ليس عليه دليل من كتاب الله فقال:
"ضد التوحيد الشرك:
وهو ثلاثة أنواع : شرك اكبر ، وشرك اصغر ، وشرك خفي .
النوع الأول من انواع الشرك : الشرك الأكبر ، لا يغفره الله ولا يقبل معه عملا صالحا ، قال الله عز وجل : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا } وقال سبحانه : { لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يابني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار } وقال تعالى : { وقدمنا غلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا } وقال سبحانه : { لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين } وقال سبحانه : { ولو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون } .
والشرك الأكبر أربعة أنواع :
الأول : شرك الدعوة : والدليل قوله تعالى : { فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الله إلى البر إذا هم يشركون } .
الثاني : شركانية الإرادة والقصد : والدليل قوله تعالى : { من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم اعمالهم فيها وهم لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا وباطل ما كانوا يعملون } .
الثالث : شرك الطاعة : والدليل قوله تعالى : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون } وتفسيرها الذي لا إشكال فيه :طاعة العلماء والعباد في المعصية ، لا دعاؤهم إياهم ، كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم لما سأله ، فقال : ( لسنا نعبدهم !) فذكر له أن عبادتهم طاعتهم في المعصية .
الرابع : شرك المحبة : والدليل قوله تعالى : { ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله } .
النوع الثاني من أنواع الشرك : شرك اصغر : وهو الرياء ، والدليل قوله تعالى : { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بربه أحدا } .
النوع الثالث من أنواع الشرك : شرك خفي : والدليل قوله صلى الله عليه وسلم : ( الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة السوداء على صفاة سوداء في ظلمة الليل ) ، وكفارته قوله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا وأنا أعلم ، وأستغفرك من الذنب الذي لا أعلم )."
وكل هذه التقسيمات لم يقلها الله فى كتابه وإنما المعروف طبقا للإيمان والعمل أنها تكون فى الإيمان كما تكون فى العمل وتقسيمه لأكبر واصغر هو تقسيم خاطىء لأنه إما يكون كبير وصغير فقط ولا يوجد خفى وإما أن يكون هناك شرك خفى وشرك ظاهر
ثم قسم الكفر وهو شرك لا فرق بينهم إلى نوعين وفى كل نوع قسمه لأخرين فقال:
"الكفر كفران:
النوع الأول : كفر يخرج من الملة : وهو خمسة أنواع :
النوع الاول : كفر التكذيب : والدليل قوله تعالى : { ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين } .
النوع الثاني : كفر الإباء والاستكبار مع التصديق : والدليل قوله تعالى : { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين } .
النوع الثالث : كفر الشك : وهو كفر الظن ، والدليل قوله تعالى : { ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن ان تبيد هذه أبدا * وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها ثوابا وخيرا منقلبا * قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا * لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا } .
النوع الرابع : كفر الإعراض : والدليل قوله تعالى : { والذين كفروا عما أنذروا معرضون } .
النوع الخامس : كفر النفاق : والذليل قوله تعالى : { ذلك بإنهم ءامنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون } .
النوع الثاني من نوعي الكفر : وهو كفر اصغر لا يخرج من الملة ، وهو كفر النعمة : والدليل قوله تعالى : { وضرب مثلا قرية كانت ءامنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون }."
والرجل فهم خطأ أن أنعم الله تعنى الرزق من الأكل والشرب والكسوة وخلافهما فقط بينما لبنعم على نوعيم مادية كما يقال وكلامية فالله قال أن النعم هى الوحى الذى يوعظ به أى يبلغ للناس فقال"إن الله نعما يعظكم به" فنعمة الله هى ميثاقه كما قال تعالى "واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذى واثقكم به" وفسره بكونه الوحى المنزل فقال "واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل من الكتاب والحكمة "
ثم قسم النفاق لاعتقادى وعملى وهو تقسيم يوافق التصديق والعمل وقسم الاعتقادى والعملى لأنواع فقال:
"أنواع النفاق:
النفاق نوعان : اعتقادي وعملي :
النفاق الاعتقادي ستة انواع صاحبها من أهل الدرك الأسفل من النار:
الأول : تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم .
الثاني : تكذيب بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم .
الثالث : بغض الرسول صلى الله عليه وسلم .
الرابع : بغض بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم .
الخامس : المسرة بأنخفاض دين الرسول صلى الله عليه وسلم .
السادس : الكراهية بانتصار دين الرسول صلى الله عليه وسلم .
النفاق العملي : خمسة أنواع : والدليل قوله صلى الله عليه وسلم : ( آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان ) وفي رواية : ( إذا خاصم فجر ، وإذا عاهد غدر )."
وهى تقاسيم ليس عليها أى دليل لأن كل عمل من أعمال النفاق هو قسم والأعمال تعد بالمئات والآلاف
ثم ذكر معنى الطاغوت ورؤساء الطاغوت فقال:
"معنى الطاغوت ورؤوس أنواعه:
اعلم رحمك الله تعالى أن أول ما فرض الله على ابن آدم الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ، والدليل قوله تعالى : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } .
فأما صفة الكفر بالطاغوت أن تعتقد بطلان عبادة غير الله وتتركها وتبغضها وتكفر أهلها وتعاديهم .
وأما معنى الإيمان بالله أن تعتقد أن الله هو الإله المعبود وحده دون سواه. وتخلص جميع أنواع العبادة كلها لله. وتنفيها عن كل معبود سواه ،وتحب أهل الإخلاص وتواليهم. وتبغض أهل الشرك وتعاديهم. وهذه ملة إبراهيم التي سفه نفسه من رغب عنها. وهذه هي الأسوة التي أخبر الله بها في قوله تعالى : { قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العدواة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده } .
والطاغوت عام في كل ما عبد من دون الله ورضي بالعبادة من معبود أو متبوع أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله فهو طاغوت.
والطواغيت كثيرة ورؤوسهم خمسة :
الأول : الشيطان الداعي إلى عبادة غير الله ، والدليل قوله تعالى : { ألم أعهد إليكم يا بني ءادم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين} .
الثاني : الحاكم الجائر المغير لأحكام الله ، والدليل قوله تعالى : { ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم ءامنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا} .
الثالث : الذي يحكم بغير ما أنزل الله ، والدليل قوله تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } .
الرابع : الذي يدعي علم الغيب من دون الله ، والدليل قوله تعالى : { عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا } ، وقال تعالى : { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وماتسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين } .
الخامس : الذي يعبد من دون الله وهو راض بالعبادة ، والدليل قوله تعالى : { ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين } .
واعلم أن الإنسان ما يصير مؤمنا بالله إلا بالكفر بالطاغوت ، والدليل قوله تعالى : { فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم } ، الرشد : دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، والغي : دين أبي جهل ، والعروة الوثقى : شهادة أن لا إله إلا الله ، وهي متضمنة للنفي والإثبات ، تنفي جميع أنواع العبادة عن غير الله ، وتثبت جميع أنواع العبادة كلها لله وحده لا شريك له "
وكل ما ذكره هو نفسه معنى الكفر أى الشرك فالطاغوت هو الطغيان أى الظلم ...ومن فى أى مجتمع كافر كما قال الله ينقسمون للكبار والصغار أو للمستكبرين والمستضعفين

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2020

نقد كتاب العبرة في شهر الصوم

نقد كتاب العبرة في شهر الصوم
الكتاب هو محاضرة ألقاها عبد المحسن بن حمد العباد البدر فى إحدى الثانويات وقد استهلها بالعنوان الدنيا دار ابتلاء وامتحان مبينا هدف خلق الناس وهو عبادة الله فقال :
"الدنيا دار ابتلاء وامتحان:
خلق الله عباده ليعبدوه وحده لا شريك له، وقال في كتابه العزيز: ?وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون?، وأرسل رسله الكرام ليرسموا لهم طريق العبادة، وقال: ?ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت? وجعل حياتهم الدنيوية موطنا لابتلائهم وامتحانهم أيهم أحسن عملا، وقال: ?الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا?, ثم قال: ?وهو العزيز الغفور? مبينا أن هؤلاء الممتحنين منهم من يحسن في عمله فيجازى بما يقتضيه اسمه الغفور ومنهم من يسيء فيكون مستحقا للعقوبة بما يقتضيه اسمه العزيز, وذلك كقوله تعالى: ?نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم, وأن عذابي هو العذاب الأليم? "
وجعل البدر رمضان موسما من مواسم الآخرة فقال:
"موسم من مواسم الآخرة:
وكما فضل الله بعض البشر على بعض وبعض الأماكن على بعض فضل بعض الزمان على بعض، ومن ذلك تفضيل شهر رمضان المبارك وتمييزه على غيره واختياره ليكون محلا لإيجاب الصوم على الناس ?وربك يخلق ما يشاء ويختار? فلقد فضل الله هذا الشهر وجعله موسما من مواسم الآخرة يتنافس فيه عباده المتنافسون ويتسابقوا فيه لتحصيل الفوز والزلفى عند الله المتسابقون، يتقربون فيه إلى ربهم بصيام النهار وقيام الليل وتلاوة كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ويتقربون إلى الله بهذا وغيره من الطاعة مع الحذر والبعد عن المعصية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور"
والخطأ فى الفقرة هو أن الله فضل رمضان على غيره من الشهور ولا يوجد نص فى التفضيل فإذا كان فضل للصوم ونزول القرآن جملة واحدة فهناك شهور مفضلة بالحج وعدم القتال
ثم بين الترغيب فى صوم التطوع فقال:
"زيادة في الخير:
ولما فرض الله على العباد صيام شهر رمضان رغبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهائه بصيام ست من شوال ليعظم لهم الأجر وليكونوا كمن صام الدهر، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر» قال الحافظ المنذري: "رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والطبراني وزاد وقال: «قلت: بكل يوم عشرة، قال: نعم»، ورواته رواة الصحيح" انتهى وذلك أن السنة أقصى حد لها ثلاثمائة وستون يوما فإذا أضيف إلى شهر رمضان ستة أيام من شوال وصيام كل يوم بعشرة أيام لأن الحسنة بعشر أمثالها يكون المسلم كأنه صام السنة كلها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «كان كصيام الدهر» وذلك فضل عظيم من الله فله الحمد والشكر على نعمه التي لا تحصى ولا تعد "
والحديث لا يمكن تصديقه لسبب بسيط وهو حرمة صوم أيام العيد فقوله واتبعه ستا يعنى صوم يوم العيد وهو يوم محرم صومه طبقا لحديث أخر
زد على هذا أن صوم غير رمضان جعله الله عقوبة على الذنوب كالقتل والظهار والحنث فى اليمين فكيف يتطوع المسلم بشىء عقابى؟
وحدثنا البدر عن اتصال الصوم بالحج فقال:
"من خير إلى خير:
ومن فضل الله وإحسانه إلى عباده أن يسر لهم الأسباب التي ترفع في درجاتهم وتجعلهم على صلة وثيقة دائما بعبادة ربهم فإذا مرت بهم أيام وليالي شهر رمضان التي يكفر الله فيها السيئات ويرفع الدرجات ويقيل العثرات تقربوا فيها إلى ربهم فإذا ما تصرمت أيامه وانتهت تلتها مباشرة أشهر الحج إلى بيت الله الحرام فإن يوم عيد الفطر الذي هو أول يوم من شهر شوال هو أول يوم في أشهر الحج التي قال الله تعالى فيها: ?الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب? نعم إذا انتهت أيام شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن الشهر المبارك الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد الشياطين أيام الصيام التي قال الله تعالى عنها في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، إذا انتهت هذه الأيام جاءت أيام الحج الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه» رواه البخاري ومسلم وغيرهما وقال عنه صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» رواه البخاري ومسلم وغيرهما، فلا يكاد المسلم يودع موسما من مواسم الآخرة إلا استقبل موسما آخر ليكون على صلة مستمرة بعبادة خالقه وبارئه الذي أوجده من العدم وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة"
ومما ينبغى قوله أن القول بكون شوال من شهور الحج واستبعاد شهر يسمى المحرم من شهور الحج امر مشكل وهى مشكلة لم ينتبه لها الكثيرون
وحكاية المواسم التى يقول بها البدر أمر خاطىء فكل أيام السنة أيام عبادة ومن المواسم ارتبط فى أذهان بعض الناس أن العبادة مرتبطة بأيام معينة فمثلا لا يصلون فى أيام الأسبوع ويصلون يوم الموسم الجمعة ومثلا البعض يتوقف عن التدخين فى رمضان فإذا انتهى عاد للتدخين ومثلا يقرئون القرآن فى رمضان فإذا انتهت علاقتهم بقراءة القرآن
ثم حدثنا عن العبرة من شهر الصوم فقال :
"العبرة من شهر الصوم:
وهذا الموسم المبارك من مواسم الآخرة قد ودعته الأمة الإسلامية منذ أيام فطوبى لمن وفقه الله فيه للأعمال الصالحة وتفضل عليه بقبولها ويا خسارة من مرت به أيامه دون أن يقدم فيها لنفسه صالحا يلقاه إذا غادر هذه الدار وما أعظم مصيبته إن كان قد شغل أيامه بما يرضي الشيطان ويتفق مع ما تهواه النفس الأمارة بالسوء، والعياذ بالله
وهذا الموسم العظيم الذي مرت بنا أيامه يشتمل على فوائد جمة وعلى عبر وعظات تبعث في النفس محبة الخير ودوام التعلق بطاعة الله كما تكسب النفس بغض المعصية والبعد من الوقوع فيما يسخط الله عز وجل
وسأحاول فذ هذه الكلمات تسجيل بعض تلك العبر والعظات التي يخرج بها المسلم معه من شهر الصيام والتي هي الحصيلة الطيبة له في تلك الأيام المباركة فأقول مستمدا من الله التوفيق والتسديد:
أولا :
إن أيام شهر رمضان إذا مرت بالمسلم فهي فرصة من فرص العمر قد تسنح له هذه الفرصة مرة أخرى أو أكثر وقد يوافيه الأجل المحتوم قبل بلوغ ذلك، والمهم في الأمر أن تكون هذه الفرصة قد انتهزت بشغلها في الطاعة والبعد من المعصية وأهم من ذلك أن تحصل المداومة على ذلك فإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها كما أن من العقوبة على السيئة السيئة بعدها وذلك أن المسلم الناصح لنفسه إذا وفق لبلوغ هذا الشهر المبارك وشغله في طاعة ربه الذي خلقه لعبادته وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة فارتاحت نفسه للأعمال الصالحة وتحرك قلبه للآخرة التي هي المستقر والمنتهى والتي لا ينفع الإنسان فيها إلا ما قدمت يداه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، نعم إذا ألفت النفس الطاعة في تلك الأيام المباركة رغبة فيما عند الله وكفت عن المعصية خوفا من عقاب الله فلفائدة التي يكسبها المسلم من ذلك والعبرة التي يجب أن تكون معه بعد ذلك أن يلازم فعل الطاعات واجتناب المنهيات؛ لأن الله تعبد عباده حتى الممات ?واعبد ربك حتى يأتيك اليقين? ?يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون? فلا يليق بالمسلم وقد ذاق طعم الطاعة في شهر الصيام أن يحل محل تلك الحلاوة مرارة المعصية، ولا يسوغ له إذا أرغم عدوه في شهر الصيام أن يدخل عليه السرور في شهر شوال وما بعده من الشهور، وليس من صفات المسلم الناصح لنفسه أن يودع فعل الخيرات مع توديع شهر الصيام فيستبدل الزمن الذي هو أدنى بالذي هو خير فالمعبود في رمضان وغير رمضان حي لا يموت قيوم لا ينام يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل وعمل الليل قبل عمل النهار لا يظلم مثقال ذرة ? وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ? "
الخطأ فى الفقرة أن أيام شهر رمضان فرصة من فرص العمر والحق هو أن كل لحظة فرصة لطاعة الله وليس أيام رمضان وحدها فالعبادة واجبة طوال العمر وليس فى أيام معينة ثم أكمل الكلام قائلا:
"ثانيا:
الصيام سر بين العبد وبين ربه لا يطلع على حقيقته إلا هو سبحانه وتعالى ولهذا جاء في الحديث الصحيح يقول الله تعالى: «كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا اجزي به يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي» وذلك أن بإمكان العبد أن يختفي عن الناس ويغلق على نفسه الأبواب ويأكل ويشرب ثم يخرج إلى الناس ويقول أنا صائم ولا يعلم ذلك إلا الله تبارك وتعالى ولكن يمنعه من ذلك إطلاع الله عليه ومراقبته له وهذا شيء يحمد عليه الإنسان والعبرة من ذلك أن يدرك أيضا أن الذي يخشى إذا أخل الإنسان بصيامه هو الذي يخشى إذا أخل الإنسان بصلاته وزكاته وحجه وغير ذلك مما أوجبه الله فالذي فرض الصيام هو الذي فرض الصلاة والصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ولعظم شأنها وكونها هي الصلة المستمرة ليلا ونهارا بين العبد وبين ربه افترضها الله على نبيه ليلة عرج به إلى السماء فإذا وجد المسلم أن إخلاله بالصيام كبير وعظيم فيجب أن يجد ويدرك أن حصول ذلك منه في الصلاة أكبر وأعظم وتلك من أجل الفوائد وأعظم العبر التي يستفيدها المسلم من شهر الصيام "
الخطأ فى الفقرة كون الصلاة أفضل أركان الإسلام وهو كلام بلا دليل فكل حكم فى الإسلام عظيم إلا أن يقول الله أن الحكم الفلانى أعظم ثوابا كالجهاد الذى هو أفضل الأعمال ثوابا كما قال تعالى " فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة" فالصلاة لم تفرق فى الثواب بين المجاهد والقاعد وإنما فرق بينهما فى علو الدرجة الجهاد ثم قال البدر:
"ثالثا:
إن مما يشرح الصدر ويدخل السرور على النفوس الطيبة أن تكون المساجد عامرة بالمصلين في شهر رمضان ويكون انشراحها أعظم والسرور أكبر في المداومة على ذلك فالفائدة التي يليق بالمسلم بعد الذي شاهده في تلك الأيام من اكتظاظ المساجد بالمصلين أن يعقد العزم ويصمم على أن يكون ممن يداوم على هذا الخير ليكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله فإن من بينهم الرجل الذي يكون قلبه معلقا بالمساجد كما ثبت ذلك في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "
بالقطع المفترض أن المساجد تكون عامرة فى كل الأيام وليس فى رمضان فالاكتظاظ الرمضانى ثم الانفضاض بعده عن المساجد يعبر عن ثقافة المواسم الخاطئة والتى ثبتها فى نفوس الناس العلماء بكتب الفضائل التى معظمها غير صحيح ثم أكمل البدر ككلامه فقال:
"رابعا:
وجوب الصيام عن الطعام والشراب وسائر المفطرات محله شهر رمضان أما الصيام عن الحرام فمحله طيلة عمر الإنسان فالمسلم يصوم في أيام شهر رمضان عن الحلال والحرام ويصوم طيلة حياته عن الحرام فالصيام عن الحلال والحرام معا قد مرت أيامه أما الصيام عن الحرام فهو مستمر دائم وذلك أن الصوم في اللغة الإمساك عن الشيء، والصوم الشرعي هو الإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس والمعنى الشرعي جزء من جزئيات المعنى اللغوي فكما يطلق المعنى اللغوي على المعنى الشرعي فهو يشمله ويشمل غيره ومن ذلك الامتناع عن الحرام فامتناع العين واللسان والأذن واليد والرجل والفرج عما منعت منه هو صيام من حيث اللغة وذلك أن الله تفضل على العباد بهذه النعم التي لا غنى لهم عنها ولكن الله كما امتن عليهم بها أوجب عليهم استعمالها فيما يرضيه وحرم عليهم استعمالها فيما يسخطه ومن أعظم شكر الله على هذه النعم أن يكون المسلم مستعملا لها حيث أمر أن يستعملها فيه ممتنعا عن استعمالها في معصية من تفضل عليه بها وبكل نعمة ظاهرة وباطنة سبحانه وتعالى
فالعين شرع استعمالها في النظر إلى ما أحل الله ومنع من استعمالها في النظر إلى الحرام وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم
والأذن شرع استعمالها في استماع ما أبيح لها وحرم على العبد استعمالها في سماع ما لا يجوز سماعه وامتناعها عن ذلك صيامه وحكمه مستمر دائم
واللسان شرع استعماله في كل معروف ومنع استعماله في كل ما هو منكر وامتناعه من ذلك صيامه وحكمه مستمر دائم
واليد شرع استعمالها في تعاطي ما هو مباح ومنع من استعمالها في كل حرام وامتناعها من ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم
والرجل شرع استعمالها في المشي إلى كل خير ومنع من المشي فيها إلى الحرام وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم
والفرج أبيح استعماله في الحلال ومنع من استعماله في الحرام وامتناعه من ذلك صيامه وحكمه مستمر دائم
وقد وعد الله من شكر هذه النعم واستعملها حيث أمر الله أن تستعمل وعده بالثواب الجزيل وتوعد من لم يحافظ عليها ولم يراع ما أريد استعمالها فيه بل طلقها فيما يسخط الله ولا يرضيه بل يرضي الشيطان الذي هو عدو الله وعدو المخلصين من عباد الله توعده بعقابه وأخبر أن هذه الجوارح مسئولة يوم القيامة عنه وهو مسئول عنها فقال تعالى: ?ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا?, ?وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون?, وقال تعالى: ?ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون, حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون, وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون?
وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه بعد أن أمره بحفظ اللسان، وقال له معاذ: «يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال عليه الصلاة والسلام: «ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم» رواه الترمذي وقال صلى الله عليه وسلم: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة» رواه البخاري في صحيحه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه, ورواه الترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه: «من وقاه الله شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه دخل الجنة» وقال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأخرجا من حديث أبي موسى رضي الله عنه مرفوعا: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» وقال صلى الله عليه وسلم: «المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار» رواه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم: «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات» أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
والحاصل أن الله أوجب على العبد أن يصون لسانه وفرجه وسمعه وبصره ويده ورجله عن الحرام وهو صيام من حيث اللغة وهذا الصيام لا يختص بوقت دون آخر بل يجب الاستمرار عليه حتى الممات طاعة لله تعالى ليفوز برضا الله ويسلم من سخطه وعقوبته، فإذا أدرك المسلم أنه في شهر الصيام امتنع عما أحل الله له؛ لأن الله حرم عليه تعاطي ذلك في أيام شهر رمضان فالعبرة من ذلك أن يدرك أن الله قد حرم عليه الحرام مدة حياته وعليه الكف عن ذلك والامتناع منه دائما خوفا من عقاب الله الذي أعده لمن خالف أمره وفعل ما نهى عنه
وقد أخبر عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي عن ربه أن للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه فالصائم يفرح عند فطره لأن النفس عند الفطر تتعاطى ما منعت منه وهو محبوب لها ولأنه قد وفق لإنهاء الصيام الذي جزاؤه عظيم عند الله ويفرح الفرحة الكبرى عند لقاء ربه حيث يجازيه على صيامه الجزاء الأوفى
ومن حفظ لسانه عن الفحش وقول الزور وفرجه عما حرم الله عليه ويده من تعاطي ما لا يحل تعاطيه وسمعه من سماع ما يحرم سماعه وبصره عما حرم الله النظر إليه واستعمل هذه الجوارح فيما أحل الله من حفظها وحافظ عليها حتى توفاه الله فإنه يفطر بعد صيامه هذا على ما أعده الله لمن أطاعه من النعيم وأول ما يلاقيه من ذلك ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يجري للمؤمن عند الانتقال من هذه الدار إلى الدار الآخرة حيث يأتيه في آخر لحظات في الدنيا ملائكة كأن على وجوههم الشمس معهم كفن من الجنة وحنوط من الجنة يتقدمهم ملك الموت فيقول: يا أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء إلى آخر ما بينه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مما يجري بعد ذلك وهذه هي البوادر الطيبة التي يجدها أمامه من حرص على سعادة نفسه وسعى في خلاصها مما يفضي بها إلى الهلاك والدمار، ولهذا أرشد طبيب القلوب صلوات الله وسلامه عليه الرجل الذي سأله عن قيام الساعة إلى ما هو أهم من قيامها وهو الاستعداد لها بالأعمال الصالحة فإنه صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله عن قيامها: «وماذا أعددت لها؟» مبينا أن الإنسان في حياته الدنيوية عليه الاستعداد لحياته الأخروية، وقد قال الله تعالى: ?وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب? وذلك أن كل سفر لا بد فيه من زاد يناسبه والسفر إلى الآخرة زاده تقوى الله والعمل بطاعته والسير على النهج القويم الذي جاء به رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم"
كلام صحيح المعنى وبالقطع دأب بعض القوم على التركيز على أن الصوم عن الثلاث هو المطلوب بينما المفروض هو الامتناع عن كل الذنوب لأن أى ذنب يبطل الصوم فأى ذنب هو خروج على الإسلام أى كفر ومن ثم لا يقبل الصوم حتى يتوب الإنسان من ذنبه
وختم البدر كلامه فقال:
"كلمة ختامية:
واختتم هذه المحاضرة بكلمة تخصنا معشر الذين امتن الله عليهم بسكنى طيبة الطيبة دار الهجرة والعاصمة الأولى للمسلمين فأقول:
إن شهر رمضان المبارك شهر شرفه الله وخصه بخصائص لا توجد في غيره وقد ودعناه نحن وسائر الأمة الإسلامية منذ أيام ونرجوا أن نكون جميعا ممن فاز فيه برضا الرب جل جلاله والذي أحب أن أذكره هنا هو أنه إذا كان هذا الوقت المفضل والزمن المقدس قد مضى وذهب عنا وعن سائر المسلمين في كل مكان فإن لدينا ولله الحمد والمنة المكان المقدس، فقد جمع الله لنا في شهر رمضان بين شرف الزمان وشرف المكان وإذا ذهب شرف الزمان فإن شرف المكان باق موجود فها هي بين أيدينا سوق من أسواق الآخرة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فقد صح عن الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام»، إنه الفضل العظيم من الله صلاة في هذا المسجد المبارك مسجد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام تفوق ألف صلاة في سائر المساجد سوى المسجد الحرام، إن المشتغلين في التجارة الدنيوية يتحرون المواسم التي تنفق فيها السلع وتروج فيها التجارة فيتجشمون الأخطار ويقطعون الفيافي وينتقلون بتجارتهم من مكان إلى آخر إذا علموا أن السلعة التي تساوي ريالا واحدا قد تباع بريالين اثنين، هذا أمر لا مرية فيه ولا شك ونحن في هذا البلد الطيب الصلاة الواحدة في مسجد سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام لا تساوي صلاتين أو ثلاثا أو عشرا أو مئة فحسب بل تفوق ألف صلاة في غيره سوى المسجد الحرام، سبحان الله، ما أعظم فضله وأوسع جوده وإحسانه فله الحمد والشكر على نعمه "
والخطأ فى الفقرة هو أن أجر الصلاة ينغير بنغير المكان وأيضا الطاعات وهو كلام لم يقله الله فكل الطاعات ثوابها واحد فى أى مكان كما قال تعالى " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" والروايات كلها فى هذا الموضوه لم تخرج من فم النبى(ص) ولو عقل من سمعوا الروايات لعلموا ان الكفار من وضعوا تلك الروايات حتى يترك المسلمون بلادهم الأصلية للكفار يأخذونها ويتجمعوا فى مكة والمدينة طمعا فى الثواب المزعوم وإنما الثواب واحد كما قال الله فى القرآن حفاظا على دولة المسلمين وكرر البدر كلامه فقال :
"ولا يفوتني أن أقول: كما أن النعمة من الله علينا في سكنى طيبة الطيبة عظيمة والمنة جسيمة فإن علينا أن لا ننسى أنه على قدر النعمة تكون المسؤولية فكما أن الإحسان في هذا المكان المقدس أجره عظيم عند الله فإن الإساءة فيه ليست كالإساءة في الأمكنة الأخرى التي لا تفضيل فيها فمن يعصي الله بعيدا عن الحرم ليس كمن يعصيه في الحرم، وليس من يرتكب الحرام وهو في المشرق والمغرب كمن يقترف الذنوب في مكة المكرمة أو المدينة المنورة فإن البون شاسع بين هذا وذاك، فالمدينة المنورة أعز مكان وأقدس بقعة على وجه الأرض بعد مكة المكرمة فهي تلي مكة في الفضل ويليها المسجد الأقصى وهذه المدينة المباركة هي منطلق الرسالة ومنها شع النور إلى سائر أنحاء الأرض وهي المركز الرئيسي والعاصمة الأولى للمسلمين في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم منذ هاجر إليها وفي زمن أبي بكر وعمر وعثمان وبعض من عهد علي رضي الله عن الجميع، وفيها قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وكثير من الصحابة رضوان الله عليهم، وعلى هذه الأرض نزل جبريل عليه السلام بالوحي من السماء إلى محمد عليه الصلاة والسلام وهي الأرض المشتملة على أول جامعة إسلامية أبرز خريجيها أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين وعلي أبو الحسنين ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهره ورابع الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وعن سائر الصحابة أجمعين وهي الأرض التي مستها أقدام صفوة الصفوة وخلاصة الخلاصة من البشر بعد الأنبياء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين، فجدير بنا وقد أكرمنا الله بالبقاء فيها أن نتزود فيها من الأعمال الصالحة التي تنفعنا بعد الموت وأن نكون على حذر من الوقوع فيها بما يسخط الله عز وجل "
ونفس الخطأ تكرر وهو كلام يدل على أن البدر وأمثاله ممن يصدقون روايات الثواب غافلين عن أن ما يقولونه هو تضييع لدولة المسلمين وهى أرضهم التى يحكمونها طمعا فى ثواب غير موجود

الاثنين، 23 نوفمبر 2020

أحكام وآداب زيارة مسجد النبي (ص)

أحكام وآداب زيارة مسجد النبي (ص)
الكتاب ليس من تأليف عبد العزيز بن باز مع أنه كلامه المفرق فى فتاوى ومقالات جمعه بندر بن عتيق المطيري وفى المقدمة قال:
"فهذه رسالة مختصرة جليلة في أحكام وآداب زيارة مسجد النبي (ص)من كلام الإمام ابن باز جمع فيها الشيخ ما ينبغي أن يفعله وما ينبغي أن يحذر منه في الزيارة في كلام سهل ميسر "
استهل الكتاب بذكر ما سماه الجامع أحكام الزيارة وآدابها فقال:
" أحكام الزيارة وآدابها :
تسن زيارة مسجد النبي (ص) لما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" وعن ابن عمر أن النبي (ص) قال "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" رواه مسلم وعن عبد الله بن الزبير قال : قال رسول الله (ص)"صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي هذا" أخرجه أحمد وابن خزيمة وابن حبان وعن جابر أن رسول الله (ص)قال "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه" أخرجه أحمد وابن ماجة والأحاديث في هذا المعنى كثيرة "
بالقطع ما ذكر هنا من الروايات ليس فيها شىء اسمه زيارة النبى(ص) وإنما كل الروايات تتحدث عن الصلاة فى المسجد المنسوب للنبى(ص) والروايات كلها مخالفة للقرآن فيما يلى:
أن أجر الصلاة هو عشر حسنات كما قال تعالى "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" بينما الأجر المناقض هو أكثر من أجر ألف صلاة أى 1000×10=10000حسنة
أن المساجد لا يقال عنها مسجد فلان أو علان ولا يجوز نسبتها لغير الله كما قال تعالى "وأن المساجد لله"
وتحت عنوان تنبيه قال أن الزيارة سنة أى ليست واجبه فقال:
" تنبيه :
الزيارة للمسجد النبوي سنة وليست واجبة وليس لها تعلق بالحج بل السنة أن يزار المسجد النبوي في جميع السنة ولا يختص ذلك بوقت الحج لقول النبي (ص)"لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى" متفق عليه وإذا زار المسجد النبوي شرع له أن يصلي في الروضة ركعتين ثم يسلم على النبي (ص) وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر كما يشرع زيارة البقيع والشهداء للسلام على المدفونين هناك من الصحابة وغيرهم والدعاء لهم والترحم عليهم كما كان النبي (ص)يزورهم وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين و إنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية" وفي رواية عنه (ص) أنه كان يقول إذا زار البقيع "يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد"
ويشرع أيضا لمن زار المسجد النبوي أن يزور قباء ويصلي فيه ركعتين لأن النبي (ص) كان يزوره كل سبت ويصلي فيه ركعتين وقال عليه الصلاة والسلام "من تطهر في بيته فأحسن الطهور ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه كان كعمرة" هذه هي المواضع التي تزار في المدينة المنورة أما المساجد السبعة ومسجد القبلتين وغيرها من المواضع التي يذكر بعض المؤلفين في المناسك زيارتها فلا أصل لذلك ولا دليل عليه والمشروع للمؤمن دائما هو الإتباع دون الابتداع والله ولي التوفيق "
وما قيل هنا معظمه لا علاقة له بزيارة المسجد المنسوب للنبى(ص) كزيارة البقيع وزيارة مسجد قباء فما شرعوزه هو زيارة المسجد المنسوب للنبى(ص) وحده ومن ثم فما يقال عن غيره لا يصح
وأما حديث شد الرحال فهو مخالف للقرآن فهناك مسجد واحد فقط هو من يزار أى يحج له وهو البيت الحرام كما قال تعالى ط ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا"
ثم ذكر الرجل أفعال الزيارة المشروعة عند ابن باز فقال:
" ما يفعله الزائر إذا وصل مسجد النبي (ص):
إذا وصل الزائر إلى المسجد (فعل الآتي) :-
1) استحب له أن يقدم رجله اليمنى عند دخوله ويقول "بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم اللهم افتح لي أبواب رحمتك" كما يقول ذلك عند دخول سائر المساجد وليس لدخول مسجده (ص)ذكر مخصوص
2) يصلي ركعتين فيدعو الله فيهما بما أحب من خيري الدنيا والآخرة وإن صلاهما في الروضة الشريفة فهو أفضل لقوله (ص)"ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة"
3) بعد الصلاة يزور قبر النبي (ص)وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر فيقف تجاه قبر النبي (ص)بأدب وخفض صوت ثم يسلم عليه ، عليه الصلاة والسلام قائلا "السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته" لما في سنن أبي داود بإسناد حسن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص)"ما من أحد يسلم علي إلا رد الله على روحي حتى أرد عليه السلام" وإن قال الزائر في سلامه "السلام عليك يا نبي الله السلام عليك يا خيرة الله من خلقه السلام عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين أشهد أنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في الله حق جهاده" فلا بأس بذلك لأن ذلك كله من أوصافه (ص) ويصلي عليه عليه الصلاة والسلام ويدعو له لما قد تقرر في الشريعة من شرعية الجمع بين الصلاة والسلام عليه عملا بقوله تعالى {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} ثم يسلم على أبي بكر وعمر ويدعو لهما ويترضى عنهما
وكان ابن عمر إذا سلم على الرسول (ص)وصاحبيه لا يزيد غالبا على قوله : السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا أبا بكر ، السلام عليك يا أبتاه ، ثم ينصرف ، وهذه الزيارة إنما تشرع في حق الرجال خاصة أما النساء فليس لهن زيارة شئ من القبور كما ثبت عن النبي (ص)"أنه لعن زوارات القبور من النساء والمتخذين عليها المساجد والسرج"
وأما قصد المدينة للصلاة في مسجد الرسول (ص)والدعاء فيه ونحو ذلك مما يشرع في سائر المساجد فهو مشروع في حق الجميع لما تقدم من الأحاديث في ذلك
4) يسن للزائر أن يصلي الصلوات الخمس في مسجد الرسول (ص)وأن يكثر فيه من الذكر والدعاء و صلاة النافلة اغتناما لما في ذلك من الأجر الجزيل
ويستحب أن يكثر من صلاة النافلة في الروضة الشريفة لما سبق من الحديث الصحيح في فضلها وهو قول النبي (ص)"ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة"
أما صلاة الفريضة فينبغي للزائر وغيره أن يتقدم إليها ويحافظ على الصف الأول مهما استطاع وإن كان في الزيادة القبلية لما جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي (ص)من الحث والترغيب في الصف الأول مثل قوله (ص)"لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" متفق عليه ومثل قوله (ص)لأصحابه "تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم ولا يزال الرجل يتأخر عن الصلاة حتى يؤخره الله" أخرجه مسلم وأخرج أبو داود عن عائشة بسند حسن أن النبي (ص)قال "لا يزال الرجل يتأخر عن الصف المقدم حتى يؤخره الله في النار"وثبت عنه (ص)أنه قال لأصحابه "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ؟ قالوا : يا رسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف" رواه مسلم
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وهي تعم مسجده (ص)وغيره قبل الزيادة وبعدها وقد صح عن النبي (ص)أنه كان يحث أصحابه على ميامن الصفوف ومعلوم أن يمين الصف في مسجده الأول خارج الروضة فعلم بذلك أن العناية بالصفوف الأول و ميامن الصفوف مقدمة على العناية بالروضة الشريفة وأن المحافظة عليهما أولى من المحافظة على الصلاة في الروضة وهذا بين واضح لمن تأمل الأحاديث الواردة في هذا الباب والله الموفق
5) يستحب لزائر المدينة أن يزور مسجد قباء ويصلي فيه لما في الصحيحين من حديث ابن عمر قال "كان النبي (ص)يزور مسجد قباء راكبا وماشيا ويصلي فيه ركعتين" وعن سهل بن حنيف قال : قال رسول الله (ص)"من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة" رواه أحمد والنسائي وابن ماجة
6) يسن (لزائر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم) زيارة قبور البقيع وقبور الشهداء وقبر حمزة لأن النبي (ص)كان يزورهم ويدعو لهم ولقوله (ص)"زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة" أخرجه مسلم وكان النبي (ص)يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية" أخرجه مسلم من حديث سليمان بن بريدة عن أبيه
وأخرج الترمذي عن ابن عباس قال مر النبي (ص)بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال "السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر"
ومن هذه الأحاديث يعلم أن الزيارة الشرعية للقبور يقصد منها تذكر الآخرة والإحسان إلى الموتى والدعاء لهم والترحم عليهم
فأما زيارتهم لقصد الدعاء عند قبورهم أو العكوف عندها أو سؤالهم قضاء الحاجات أو شفاء المرضى أو سؤال الله بهم أو بجاههم ونحو ذلك فهذه زيارة بدعية منكرة لم يشرعها الله ولا رسوله ولا فعلها السلف الصالح رضي الله عنهم بل هي من الهجر الذي نهى عنه الرسول (ص)حيث قال "زوروا القبور ولا تقولوا هجرا "
وهذه الأمور المذكورة تجتمع في كونها بدعة ولكنها مختلفة المراتب فبعضها بدعة وليس بشرك كدعاء الله سبحانه عند القبور وسؤاله بحق الميت وجاهه ونحو ذلك وبعضها من الشرك الأكبر كدعاء الموتى والاستعانة بهم ونحو ذلك "
فيما سبق تكرر بعض ما قاله الرجل فى تنبيه من زيارة قبور البقيع وقباء وزاد قبرى الصاحبين والمسجد المنسوب للنبى (ص)مثله كمثل أى مسجد فى الأرض عدا المسجد الحرام المباح فيه مباح فى الكل والمحرم فيه محرم فى الكل وحكاية زيارة القبور قبور النبى(ص) والصحابة تتعارض مع فتاوى ابن باز وغيره فى تحريم زيارة المساجد التى بها قبور مثل:
"الرسول(ص)نهى عن الصلاة عند القبور ولعن اليهود والنصارى باتخاذهم المساجد على القبور، قال عليه الصلاة والسلام: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا خرجه البخاري ومسلم في الصحيحين، وقال عليه الصلاة والسلام: ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك خرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي ، وفي الصحيحين: عن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله تعالى عنهما أنهما ذكرتا للنبي (ص) كنيسة رأتاها في أرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال النبي (ص)أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله فأخبر أنهم بهذا العمل هم شرار الخلق بكونهم يبنون على قبور الصالحين مساجد ويصورون صورهم عليها، هذا من عمل شرار الخلق، فالواجب على حكام المسلمين وعلى أعيان المسلمين التعاون في هذا الأمر، وأن لا يبنى مسجد على قبر وأن لا يدفن ميت في مسجد"https://binbaz.org.sa/fatwas/8115
وما يسمى بالروضة وكونها جزء من الجنة فكلام يخالف كون الجنة حاليا فى السماء كما قال تعالى "وفى السماء رزقكم وما توعدون" فالموعود وهو الجنة والنار فى السماء حاليا كما قال تعالى "وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات"
ومن ثم فالروايات هنا متناقضة بين فتواه وفتواه المنقولة هى الأخرى من موقعه
وتحت عنوان تنبيهات وتحذيرات قال :
" تنبيهات وتحذيرات لزائر مسجد رسول الله (ص):
1) لا يجوز لأحد أن يتمسح بالحجرة أو يقبلها أو يطوف بها لأن ذلك لم ينقل عن السلف الصالح بل هو بدعة منكرة
2) لا يجوز لأحد أن يسأل الرسول (ص)قضاء حاجة أو تفريج كربة أو شفاء مريض أو نحو ذلك لأن ذلك كله لا يطلب إلا من الله سبحانه وطلبه من الأموات شرك بالله وعبادة لغيره ودين الإسلام مبني على أصلين : أحدهما أن لا يعبد إلا الله وحده ، والثاني أن لا يعبد إلا بما شرعه الله و الرسول (ص)وهذا معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
3) لا يجوز لأحد أن يطلب من الرسول (ص)الشفاعة لأنها ملك الله سبحانه فلا تطلب إلا منه ، كما قال تعالى{قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون} فتقول "اللهم شفع في نبيك ، اللهم شفع في ملائكتك وعبادك المؤمنين ، اللهم شفع في أفراطي" ونحو ذلك وأما الأموات فلا يطلب منهم شئ لا الشفاعة ولا غيرها سواء كانوا أنبياء أو غير أنبياء لأن ذلك لم يشرع ولأن الميت قد انقطع عمله إلا مما استثناه الشارع
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص)"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" وإنما جاز طلب الشفاعة من النبي (ص)في حياته ويوم القيامة لقدرته على ذلك فإنه يستطيع أن يتقدم فيسأل ربه للطالب أما في الدنيا فمعلوم وليس ذلك خاصا به بل هو عام له ولغيره فيجوز للمسلم أن يقول لأخيه اشفع لي إلى ربي في كذا وكذا ، بمعنى أدع الله لي ويجوز للمقول له ذلك أن يسأل الله ويشفع لأخيه إذا كان ذلك المطلوب مما أباح الله طلبه ، وأما يوم القيامة فليس لأحد أن يشفع إلا بعد إذن الله سبحانه كما قال الله تعالى{ من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } وأما حالة الموت فهي حالة خاصة لا يجوز إلحاقها بحال الإنسان قبل الموت ولا بحاله بعد البعث والنشور لانقطاع عمل الميت وارتهانه بكسبه إلا ما استثناه الشارع وليس طلب الشفاعة من الأموات مما استثناه الشارع فلا يجوز إلحاقه بذلك ، ولاشك أن النبي (ص)بعد وفاته حي حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء ولكنها ليست من جنس حياته قبل الموت ولا من جنس حياته يوم القيامة بل حياة لا يعلم حقيقتها وكيفيتها إلا الله سبحانه ولهذا تقدم في الحديث الشريف قوله 0ص) "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
فدل ذلك على أنه ميت وعلى أن روحه قد فارقت جسده لكنها ترد عليه عند السلام والنصوص الدالة على موته (ص)من القرآن والسنة معلومة وهو أمر متفق عليه بين أهل العلم ولكن ذلك لا يمنع حياته البرزخية كما أن موت الشهداء لم يمنع حياتهم البرزخية المذكورة في قول الله تعالى{ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون}
وإنما بسطنا الكلام في هذه المسألة لدعاء الحاجة إليه بسبب كثرة من يشبه في هذا الباب ويدعو إلى الشرك وعبادة الأموات من دون الله فنسأل الله لنا ولجميع المسلمين السلامة من كل ما يخالف شرعه والله أعلم
4) ما يفعله بعض الزوار من رفع الصوت عند قبره (ص)وطول القيام هناك فهو خلاف المشروع ، لأن الله سبحانه نهى الأمة عن رفع أصواتهم فوق صوت النبي (ص)وعن الجهر له بالقول كجهر بعضهم لبعض وحثهم على غض الصوت عنده في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ، إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم} ولأن طول القيام عند قبره (ص)والإكثار من تكرار السلام يفضي إلى الزحام وكثرة الضجيج وارتفاع الأصوات عند قبره (ص)وذلك يخالف ما شرعه الله للمسلمين في هذه الآيات المحكمات ، وهو (ص)محترم حيا وميتا فلا ينبغي للمؤمن أن يفعل عند قبره ما يخالف الأدب الشرعي
5) ما يفعله بعض الزوار وغيرهم من تحري الدعاء عند قبره مستقبلا للقبر رافعا يديه يدعو فهذا كله خلاف ما عليه السلف الصالح من أصحاب رسول الله (ص)وأتباعهم بإحسان بل هو من البدع المحدثات وقد قال النبي (ص)"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد حسن وقال (ص)"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منا فهو رد" أخرجه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"
ورأى علي بن الحسين "زين العابدين" رجلا يدعو عند قبر النبي (ص)فنهاه عن ذلك وقال ألا أحدثك حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله (ص)أنه قال "لا تتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم" أخرجه الحافظ محمد بن عبد الواحد المقدسي في كتابه الأحاديث المختارة
6) ما يفعله بعض الزوار عند السلام عليه (ص)من وضع يمينه على شماله فوق صدره أو تحته كهيئة المصلي فهذه الهيئة لا تجوز عند السلام عليه (ص)ولا عند السلام على غيره من الملوك والزعماء وغيرهم لأنها هيئة ذل وخضوع وعبادة لا تصلح إلا لله كما حكى ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح عن العلماء والأمر في ذلك جلي واضح لمن تأمل المقام وكان هدفه اتباع هدي السلف الصالح
وأما من غلب عليه التعصب والهوى والتقليد الأعمى وسوء الظن بالدعاة إلى هدي السلف الصالح فأمره إلى الله ونسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق لإيثار الحق على ما سواه إنه سبحانه خير مسؤول
7) ما يفعله بعض الناس من استقبال القبر الشريف من بعيد وتحريك شفتيه بالسلام أو الدعاء فكل هذا من جنس ما قبله من المحدثات ، ولا ينبغي للمسلم أن يحدث في دينه ما لم يأذن به الله وهو بهذا العمل أقرب إلى الجفاء منه إلى الموالاة والصفاء وقد أنكر الإمام مالك رحمه الله هذا العمل وأشباهه وقال "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها" ومعلوم أن الذي أصلح أول هذه الأمة هو السير على منهاج النبي (ص)وخلفائه الراشدين وصحابته المرضيين وأتباعهم بإحسان ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا تمسكهم بذلك وسيرهم عليه
وفق الله المسلمين لما فيه نجاتهم وسعادتهم وعزهم في الدنيا والآخرة إنه جواد كريم
8) ليست زيارة قبر النبي (ص)واجبة ولا شرطا في الحج كما يظنه بعض العامة وأشباههم ، بل هي مستحبة في حق من زار مسجد الرسول (ص)أو كان قريبا منه أما البعيد عن المدينة فليس له شد الرحل لقصد زيارة القبر ولكن يسن له شد الرحل لقصد المسجد الشريف فإذا وصله زار القبر الشريف وقبر الصاحبين ودخلت الزيارة لقبره (ص)وقبري صاحبيه تبعا لزيارة مسجده (ص)وذلك لما ثبت في الصحيحين أن النبي (ص)قال "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى"
ولو كان شد الرحال لقصد قبره (ص)أو قبر غيره مشروعا لدل الأمة عليه وأرشدهم إلى فضله لأنه أنصح الناس وأعلمهم بالله وأشدهم له خشية وقد بلغ البلاغ المبين ودل أمته على كل خير وحذرهم من كل شر كيف وقد حذر من شد الرحل لغير المساجد الثلاثة وقال "لا تتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم"
والقول بشرعية شد الرحال لزيارة قبره (ص)يفضي إلى اتخاذه عيدا ووقوع المحذور الذي خافه النبي (ص)من الغلو والإطراء كما قد وقع الكثير من الناس في ذلك بسبب اعتقادهم شرعية شد الرحال لزيارة قبره (ص)وأما ما يروى في هذا الباب من الأحاديث التي يحتج بها من قال بشرعية شد الرحال إلى قبره عليه الصلاة والسلام فهي أحاديث ضعيفة الأسانيد بل موضوعة كما قد نبه على ضعفها الحفاظ ، كالدار قطني ، والبيهقي ، والحافظ ابن حجر ، وغيرهم فلا يجوز أن يعارض بها الأحاديث الصحيحة الدالة على تحريم شد الرحال لغير المساجد الثلاثة "
وكل ما قيل هنا يغنى عنه أن تفصل القبور نهائيا عن المسجد إن كانت القبور فى المسجد حقا كما يقال لأن محمد عبد الوهاب ومن معه قاموا بنقلها لمكان غير معروف عندما استولوا على الحكم هو وآل سعود كما يروى البعض فى كتب التاريخ
كما يغنى عنه القول أو واجبنا تجاه النبى(ص) هو الاقتداء به لا غير كما قال تعالى "لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا"
ولو فهم القائلين بالزيارة لقالوا أن كل قبور النبيين(ص) سنة لأن الله يقول " لا نفرق بين أحد من رسله" ولكنهم يختصون النبى الأخير(ص) بذلك وحده دونهم وهو كلام يعنى عنه عدم زيارة القبور إلا للضرورة وهى دفن جنازة
وتحت عنوان أحاديث موضوعة في الزيارة قال:
" أحاديث موضوعة في الزيارة يجب الحذر منها :
وإليك أيها القارئ شيئا من الأحاديث الموضوعة في هذا الباب لتعرفها وتحذر الاغترار بها
الأول : "من حج ولم يزرني فقد جفاني"
الثاني : "من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي"
الثالث : "من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد ضمنت له على الله الجنة"
الرابع : "من زار قبري وجبت له شفاعتي"
فهذه الأحاديث وأشباهها لم يثبت منها شئ عن النبي (ص) قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" بعد ما ذكر أكثر الروايات طرق هذا الحديث كلها ضعيفة
وقال الحافظ العقيلي : لا يصح في هذا الباب شئ
وجزم شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله أن هذه الأحاديث كلها موضوعة وحسبك به علما وحفظا وإطلاعا
ولو كان شئ منها ثابتا لكان الصحابة رضي الله عنهم أسبق الناس إلى العمل به وبيان ذلك للأمة ودعوتهم إليه لأنهم خير الناس بعد الأنبياء وأعلمهم بحدود الله وبما شرعه لعباده وأنصحهم لله ولخلقه فلما لم ينقل عنهم شئ من ذلك دل ذلك على أنه غير مشروع ولو صح منها شئ لوجب حمل ذلك على الزيارة الشرعية التي ليس فيها شد الرحال لقصد القبر وحده جمعا بين الأحاديث والله سبحانه وتعالى أعلم "
الغريب أن كل الروايات الموضوعة تطلب الزيارة وهى توافق إباحة الزيارة ومع هذا القوم لا يستدلون بها ولو راجعوا الروايات كلها لن يجدوا حديث فى زيارة قبر النبى (ص) أو غيره ولا حتى فى زيارة المسجد المنسوب للنبى(ص) سوى حديث شد الرحال وهو حديث يعارض كتاب الله كما سبق القول ومن ثم لا يوجد ما يعتمدون عليه فى إباحة زيارة القبر