الأحد، 28 فبراير 2021

قراءة في كتاب الفصحى

قراءة في كتاب الفصحى
الكتاب أو الكتيب تأليف إسلام المازنى ومشكلة الفصحى والعامية تم اختراعها فى العصر الحديث ولا وجود لها من الأساس ولم تكن مشكلة فيما مضى وكانت تسمى اللهجات واختلاف اللهجات كان موجودا عند عرب الجاهلية وهو نفس الحادث حاليا وتشكل تلك اللهجات ما يسمى بقراءات القرآن مثل أن قريش لم تكن تحب النبر وهو نطق الهمزات وبقية العرب تحب النبر والادغام والاظهار ومثل نطق كلمة الصراط الزراط والسراط مثلما تنطق كلمة الظهر الدهر
المشكلة أن القوم منذ قرن ونصف فى التاريخ المعروف أقاموا الدنيا واقعدوها على شىء لا وجود له وهذا الكتاب هو نسج على منوال هؤلاء فيقول المازنى :
(وما عربية هذا الزمان*** كتلك التي ربيت في الخيام)"
وهى مقولة تدل على أن القوم لم يقرئوا كتب اللغة والنحو والشعر لأنهم لو قرئوا بعضا منها لوجدوا أن كل ما يقال على أنه عامى هو شىء أصيل فى الفصحى مثل قولنا على الظهر عالظهر فقد قال قطرى بن الفجاءة :
غداة طفنا علماء بكر بنى وائل وعجنا صدور الخيل نحو تميم
وهو كلام مثبت فى ديوانه وهو جاهلى
قال المازنى أن العامية والتعبير الصحيح هو اللهجات سببت مشكلات قال فيها:
"المشكلات التي تسببها العامية حاليا في الأدب و الكون :

قال عبقرينا شمس الدين :
أفسدتم المنقول والمعقول وال** مسموع من لغة بكل لسان !
( وصيتي ألا يتحدث الأحباب سوى بالفصحى ما استطاعوا )
كنت طرفا في حوار حول الأدب الشعبي بالعامية ، وسطرت موقفا أراه صوابا حول الفصحى وموقف الأديب منها ، وأنقله للفائدة ( مزيدا ) على شكل نقاط :
حجم الخسارة :
* خسارتنا شاملة مع العامية ( دينية * دنيوية * مادية* معنوية )
تأثر المشاعر بالتعبيرات العامية :
* الشعور يأتي بالتعود فمن عود نفسه الفصحى سيشعر بها إن شاء الله وسيفكر بها بعد ذلك، وبذلك نتخلص من العامية التي يحبها المستعمر المخرب لأنها تبعدنا عن لغة القرآن التي فيها الهداية والثواب، وبها نفهم السنة ودرر السلف ، ونواكب العلوم جميعا ، ومعها ترتقي الأنفس وتستعيد شيم الأباة من تراثهم الفصيح
فهلا وعينا الدرس ؟
إنها لغة الكرامة ومقدمة العزة
أم نكون كما قال حيدر
لا يفهمون المكرمات كأنها*** عربية وكأنهم أتراك !
فلتكن ساعة وساعة :
*كلما تحدثنا بالعامية فرح المستعمر المستعبد المستخرب ، لأن معناه أن ملكة الفصحى تقل (ولو بالإزاحة المكانية والزمانية ) فيصير القرآن غريبا جزئيا على العقول ، ولا يجتهد الناس لتعلم الفصحى كثيرا ساعتها للأسف ، أما الرقي كل الرقي فهو أن نحاول فهي مفتاح من مفاتيح النهضة
* الأدب يعين على تذوق القرآن البليغ مبناه ويرقى بالحس وينشر الفكر في أحلي صورة تطهر العقول من أدران الإعلام
والله المستعان ...
الأمر يحتاج مجاهدة للنفس
لكنني سأرد النفس كرهة ***على الذي تتقي والله معوان
وإني لست من ليعت جوانحه ***وبات فيها من الأشجان جذلان
إلى هذه الدرجة ؟ ..... :

* اللغة هي وعاء الحضارة ، وممارساتنا اللغوية هي اللغة ، وأي خروج فيها يستهلك جزءا من المخ والقلب والمشاعر ويبعد عن الأصل
*لغتنا هي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم،وتحدث بها الرسول الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم ، فهي حصن ووعاء للدين وأي مسلم غير عربي يسعى لتعلمها سعيا واجبا ومن ضيعها وهو عربي فقد ساهم في تضييع الدين
والتضييع دركات فكل تأثير سلبي يعد تقصيرا وربما عد حربا على الله تعالى
كما قال أبو الفضل الوليد
فما لغة العرب مسموعة ***من القوم والأكثرون نيام
وما عربية هذا الزمان*** كتلك التي ربيت في الخيام
تحمس جيشا وتنشد شعرا وتعلو الجواد وتجلو الحسام
فأين الإباء وأين السخاء ***وأين الوفاءوأين الذمام
*رأيت مسلمين في بلاد شرق آسيا يسافرون لدبي خصيصا لشراء محمول عربي للجميع - تسع ساعات سفر - ، ويحبون أن أتكلم معهم بالعربية - رغم ضعفهم فيها - وأن أرسل لهم رسائلي بالعربية وكلما نسيت وجرى لساني بغيرها قالوا لا ...لغة القرآن وكان الأمر يصيبني بالحياء والسعادة معا
*اللغة الفصحى أوسع لغات الأرض ولا توجد لغة بنفس السعة ولا بنفس الجمال."

فيما قاله المازنى أخطاء عدة:
الأول قوله" أن لغتنا هي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم" فما يسمى اللغة العربية ليست كل ألفاظها موجودة فى القرآن وإنما بعض منها فمثلا بيت كقولهم:
مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من عل
حوالى 12 كلمة توجد منهم ست كلمات فى القرآن
الثانى قوله" الأدب يعين على تذوق القرآن" قول خاطىء فالقرآن لا يحتاج للأدب حتى يتم فهمه وإنما يحتاج لتفسيره بالقرآن لأن الله فسره به أى بينه كما قال تعالى " إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه"
ثم سأل المازنى سؤالا أجاب عليه كما يظن فقال:
"هل الفصحى صعبة عسيرة معقدة "
* أي لحن أو أوركاكة ( أو غموض أو حذلقة ) في الفصحى فهو خطأ من صاحبه وليس عيبا أو قصورا فيها
فهو العابث باللغة جهلا والمنتقي عن عمى !
فهو واللغة كما قال قيس :
أيا عمرو كم مهرة عربية ***من الناس بليت بوغد يقودها
يسوس وما يدري لها من سياسة ***يريد بها أشياء ليست تريدها
( النص يتسع لمن لا يتقن اللغة العربية أو الجامعة العربية )
يقولون لغتنا قريبة من الفصحي :
*العامية تحطم الفصحى لأنها لا تلتزم بالإعراب وتسكن أواخر الكلمات ، وتغير الحركات في أول الكلمات ، وتبدل بعض الحروف (كإبدال القاف جيما أو همزة )
*التحول من الفصحي إلى العامية مصيبة حدثت وداء حل لابد من التداوي منه لأنه يصيب الدين والنفس معا

يهيم بالغرب لم يقرأ له أدباً ** ويجحد العرب لا يدرى الذى جحدا
وكل ما عنده كتب يعددها ** لم يدر مما حَوت غياً ولا رشدا
ومن حما لغة الأسلاف من عبث ** وزاد عنها حما دينا ومعتقدا
*قال أحد الأدباء عن اللغة العربية: "لقد تعرضت وحدها من بين لغات العالم لكل ما ينصب عليها من معاول الهدم ويحيط بها من دسائس الراصدين لها؛ لأنها قوام فكرة وثقافة وعلاقة تاريخية".
* العامية شتت العرب ومزقتهم إلى دول ، والفصحى توحدهم ، وإلا لصارت الصلة بين المصري والمغربي كالصلة بين المصرى والفلبيني المسلم
وبالفعل حين يتكلم العربي بلهجته المحلية يعجز غيره عن متابعته !
كما قال الشاعر :
***عربية عجماء تلهي العارفا !!
وحين يتكلم الفصحى نفهم ونتواصل
وهي أمور بدهية وتنميتها واجب لنصير أمة متوحدة في وجه التحديات الهائلة"

كما قلت من يتحدثون فى موضوع الفصحى معرفتهم ناقصة فالمازنى يقول هنا:
"العامية تحطم الفصحى لأنها لا تلتزم بالإعراب وتسكن أواخر الكلمات ، وتغير الحركات في أول الكلمات ، وتبدل بعض الحروف (كإبدال القاف جيما أو همزة )"
الفصحى أساسا ليس لها إعراب فالنحو المعروف نشأ بعد نزول القرآن ومع هذا القرآن يخالف القواعد النحوية مثل :
رفع المفعول المطلق فى قوله تعالى "فإذا نفخ فى الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة"
وقوله"وإما ينزغنك من الشيطان نزغ" ومثل المخالفة بين المعاطيف عليهم فنجد مع المنصوب مرفوع كقوله تعالى "والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله"
ونجد قوله فى عمل إن والمعطوف والمعطوف عليه "إن الذين أمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى" وقوله:
"إن الذين أمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى"
عشرات أو مئات ألمثلة فى القرآن تخالف القواهد النحوية
وأما إبدال الحروف الذى ذكره المازنى فهو موجود فى القراءات القرآنية مثل الصراط الزراط والصراط ومثل بصطة وبسطة
إذا القرآن لا يوافق من يعتبرون أنفسهم حماة للغة لأنهم أساسا أقاموا الدنيا واقعدوها على أمور ليس لها أساس من الصحة
ثم قال عن حماية الدول للغاتها:
"أفق ... العالم كله ينافح لأجل لغته ....:
*قامت إسرائيل بإحياء اللغة العبرية الميتة وترفض فرنسا تلويث الأذن الفرنسية بالإنجليزية حتى سن معينة فلا تعلمها للأطفال وتسن قوانين لتكون نسبة الأفلام المترجمة صوتيا كبيرة كي لا يعتاد الناس سماع غير لغتهم ( في عصر العولمة ) واليابان لها باع في حفظ لغتها بالمثل ومنع الأجنبية عن الأطفال وتحافظ ألمانيا على لغتها بقواميس وكتب ومعاجم لغوية متطورة كل عام - خاصة بعد التوحيد - لرأب الصدع اللغوي ، رغم أن لغتهم صعبة وفقيرة
فلماذا ؟
لأن اللغة هي جزء من الذات ...
الذات
فحين يأتي الأجنبي طوعا للعربية حبا في القرءان فهو هنا يغير دينه راضيا مقتنعا موقنا بتغيير حاضره ومستقبله ومصيره وكل صلاته ومنطلقاته وغاياته ، أما نحن فعلام ...!
*الأدب هو المعبر الذي تصل به الدعوة للقلوب ، وتصل به كل رسائل الإصلاح (أو الإفساد )، وترسخ به المعاني وتحب به اللغة التي صيغ بها

فلو صيغ الأدب بطريقة تحبب الناس في العامية فهو أدب محارب لديننا وهويتنا ، ويقلص من مساحة الحق داخلنا ... مهما حسنت نية قائله
ولو تعود الناس على روائع الفصحى أحبوها وانتصر الدين في تلك الخطوة
والله تعالى أعلم
طغى العقوق وعذر الأقربين على ** هذا التراث فأضحى وهو ينتهبُ
باعوا اللآلئ والأصداف من سفه ** وعذرهم أنهم فى الغوص ما تعبُ
لا يخجلون حياء إن هم لحنوا ** فيها وفيما سواها اللحن يجتنبُ
ما قصرت لغة الفرقان عن غرض ** ولم يؤد سواها كل ما يجبُ
كم فى معاجمها من طرفةعجزت **عنها لغات الورى لوتكشف الحجبُ
وكم ترى فى تراب الأرض تحقره ** وفى ثناياه لو فتشته الذهبُ
…"

كلام صحيح عندما نتحدث عن دخول المصطلحات باللغات الأخرى للغتنا العربية صحيح عندما تدرس العلوم كالطب والهندسة والعلوم باللغات الأجنبية فى بلاد يقال ان لغتها الرسمية العربية صحيح عند عرض الأفلام والمسلسلات باللغات الأجنبية وليس عبر الترجمة الصوتية
واما ما يسمونه العامية فليس إلا لهجات القبائل المختلفة فى أيام الجاهلية ومن ثم فهى عربية صحيحة تسير على نفس القوانين ولكن الناس لا يفكرون فى هذا لو تناولت أى لفظ عامى لوجدت أن اصوله موجودة فى كتب اللغة
ثم حدثنا المازنى عن وجوب تعلم المسلم غير العربى للغة العربية وهو كلام صحيح فقال:
"وقد تحدث أهل العلم عن أن تعلم العربية الفصحى واجب على المسلم ، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، على الأقل يوما بيوم من الفاتحة فصاعدا
ووحدة الأمة تقوم على الشرع بلا شك ، وجزء منه لغة التشريع التي تفهم بها الأوامر والمواعظ ، وقد تحدث أهل العلم عن الخطبة بالأعجمية وهل تجوز ! بمعني أنهم يعلمون أنها مشيئة الله تعالى أن تنتشر تلك اللغة وتصير جزءا من الدين
وهو ما لا ينفي الخصوصية ، فرغم الفصحي يبقى لكل شعب بعض ممارساته التي تميزه ، وقد كان وسيكون إلى ما شاء الله تعالى ، ولكن سعادتهم بأن يكون الجميع قلبا وقالبا موصولين بحبل تلك الكريمة ،وهو ما نراه في شرق العالم وغربه من الصادقين قديما وحديثا
هل يصح أن نقول : عامية أو فصحى ! المهم المضمون ؟...:
أعتقد أن الأمر لا خلاف عليه - على الأقل بيننا - في تلك النقطة ، فأراكم والجميع أهل حرص أحسبكم كذلك والله حسيبكم ونسأل الله لنا ولكم مزيدا من العلم والإخلاص"

ثم حدثنا عن كون العامية هى صنيعة المحتل وهى مقولة أدمنها الكثيرون وما زالوا يعتقدون فيها رغم أنها كما قلت ليس لها أساس فعاميات البلاد المختلفة هى لهجات قبلية من الجاهلية وفى هذا قال:
"أعني أننا نتكلم عن الفصحي أو العامية كأدب إسلامي وهو موضع الحوار ، أما المضمون فمتفق عليه ( فمن رغب
عن سنتي رغب عني )
الأمر ليس صراعا بين وسيلة وغاية ...

فالفصحي جزء من الغاية وركن من الهدف، والمعادون للأمة يدعمون تلك المحاولات ( التي لا شك في حسن نية الكثيرين من أصحابها ) في هجوم خبيث عريض لتفتيت اللغة العربية وعلومها وآدابها ، مما ينعكس على فهم الإسلام والقرب من القرآن كما أسلفنا
والجواب يكون بالبناء .... قال شوقي :
وتقلدي لغة الكتاب فإنها *** حجر البناء وعدة الإنشاء
وهناك الكثير من التعبيرات الفصيحة في القرآن يعدل عنها القوم للعامية ! وكما قلنا الأمر في أوله صعب ولكنه يهون لاحقا إن شاء الله
فكما نجح اليهود وصارت العبرية التي لا حروف لها معروفة ، ولا تشابه حروف الإنجليزية ولا العربية وكانت ميتة حبيسة كتب وعقول قلة ( يعني صلتهم بها أبعد من صلتنا بالفصحى ) سائدة أدبا وطبا ، فمن ثم قويت الصلة بالتوراة المحرفة
*يجب أن ننجح ونتعود ونعود غيرنا ثم نتذوق ويحدث ما حدث سابقا ، وتعود الفصحى لمجدها ويشعر الناس بها ، حين نرتقي نحن بهم ونحاول ونبذل الجهد الذي لدينا في الفصحي بدلا من العامية ستحدث الاستجابة إن شاء الله
ويجب أن تكون الفصحي السهلة الجميلة الواضحة القريبة هي العمدة
فمثلا يقول الله تعالى
( ومن يتق الله يجعل له مخرجا)
ويقول الحبيب صلى الله عليه وسلم :
( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ) صلى الله عليه وسلم
ويقول الشاعر
أخي جاوز الظالمون المدى *** فحق الجهاد وحق الفدى
تلك كلها أمثلة واضحة يفهمها الجميع فلم لا توظف وأمثالها ويقاس عليها
فيعود للأدب الحي بهاؤه ....
كما قام البارودي ثم من بعده شوقي ( على خلافنا لبعض المضامين) فقدما أدبا أنعش العالم وجعله يعود ليشعر بجمال اللغة وسلطانها
فلو قمنا بدعوة ثم عمل كما عمل هؤلاء لأدينا بعض ما علينا والله المستعان على من يعاديها
لهفي على الفصحى رماها معشر***
من أهلها ! شلت يمين الرامي
لا أعرف العربي يلوي فكه ***
إن هم يوما فكه بكلام
إن فاه تسمع لكنة ممقوتة ***من فيه سكسونية الأنغام"

ثم تناول المازنى مسالأة الحرمة فى تكلم العامية فقال:
هل الأمر نخوة وعاطفة ؟ وهل يحرم الكلام بالعامية ؟
ليس الأمر عاطفيا حسب فهمي ،وبالفعل أدع الفرصة لغيري ليجتهد ويبلغ الرسالة أحيانا وفي مقامات معينة مع أناس معينين بالعامية ، وربما يكون أفضل مع المسنين البعيدين تماما - في حدود معينة طبعا - لأنهم لا زالوا يعون بعض الفصيح البسيط القرءاني الجميل،
لكن هنا ... حين نريد أن نحيي الأدب العربي ! فلنصوبه لفظا ومعني ونحوا وصرفا ، ليكون أفضل لوجه الله تعالى ونبتعد عما حرف
لأني أرى بعقلي وعيني أن العداة يدعمون تلك المسألة كما لا يخفى على فطن مثلك
أراها معركة دين وحضارة وثقافة تشكل اللغة وعاءها
هذا ولا أقول أن الأديب العامي مجرم أو آثم حاشاك أخي الحبيب ، بل هي رؤيتي أنا الفقير المسكين الذليل المقصر وأعتقدها صوابا يحتمل التعديل
أقول أن من لديه القدرة على الإحياء ثم تخلى عنها لينعش شيئا عاميا فهو يقلص من قربنا من الحق ومساحته داخلنا نحن العرب خاصة ، وهو أمر مشاهد في الجيل ...
قال سبحانه
{وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ }الأحقاف
ما عنيتها ليست لغة أجنبية ضد لغة محلية فليست عنصرية ،
بل رد القوم للغتهم الأم التي انحرفوا عنها فليس وأدا للسانهم بل تقويما
ما عنيته لغة عامية تحدرت من لغة فصيحة ,وأي تقليص للفصيحة خسارة للدين لأن العرب - خاصة- هم حملة الرسالة ( قبل غيرهم ) وصلتهم بها تحتاج للغة أن تحيا
{وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ } سورة الرعد ... ومن أصدق من الله قيلا ."

فهم خاطىء من المازنى لمضمون الآيات فالقرآن لا يحوى كل ألفاظ العربية حتى يكون الكلام به فقط فمثى لو التزمنا النص القرآنى فكيف نعبر عن التطهر بألفاظ القرآن من البول والبراز والكلمتان ليستا فيه كما أن كلمة المؤخرة والعجيزة والقضيب والمهبل والشرج ليسوا فى المصحف
اللهجات لم يحرمها الله بل اعتبر اختلاف الألسن آية من آياته فقال :
"ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين"
قطعا الموضوع يحتاج لتفصيل اكثر ولكننى أكتفى بنقل فقرة تبين أن كثير مما يسمى عامية هو فصحى القبائل العربية :
(قلت) : قَالَ الفراءُ.
العنعنة فِي قيس وَتَمِيم تَجعل الهمزةَ المبدوءَ بهَا عينا، فَيَقُولُونَ فِي إِنَّك عِنّكَ، وَفِي أَسلم عَسلم والكشكشة فِي ربيعَة وَمُضر يَجعلون بعد كافِ الخِطاب فِي الْمُؤَنَّث شيناً، فَيَقُولُونَ رأَيتُكِش ومررتُ بكِش والكسكسة فيهم أَيْضا يجْعَلُونَ بعد الْكَاف أَو مَكَانهَا سيناً فِي المذكّر والفحفحة فِي لُغَة هُذَيْل يجْعَلُونَ الحاءَ عينا والوَكَم والوَهَم كِلاهما فِي لُغة بني كَلْب، من الأوّل يَقُولُونَ علَيكِمْ وبِكِمْ، حَيْثُ كَانَ قَبل الْكَاف ياءٌ أَو كسرةٌ، وَمن الثَّانِي يَقُولُونَ مِنهِمْ وعنهِمْ وَإِن لم يكن قبل الْهَاء ياءٌ وَلَا كسرةٌ والعجعجة فِي قُضاعة، يجْعَلُونَ الياءَ المشدّدة جيماً، يَقُولُونَ فِي تميميٍّ تميمِجّ والاستِنطاء لُغَة سعْدِ بن بكرٍ وهُذيل والأَزْدِ وَقيس والأَنصار يجْعَلُونَ الْعين الساكنة نوناً إِذا جاورَت الطاءَ، كأَنْطى فِي أَعطى وَفِي فقه اللغةِ للثعالبي اللخْلَخانِيَّة تَعْرِض فِي لغةِ أَعراب الشِّحْرِ وعُمَان، كَقَوْلِهِم مَشَا الله، أَي مَا شَاءَ الله والطُّمطُمانِيَّة تَعْرِض فِي لُغَة حِمْير، كَقَوْلِهِم طَابَ امْهَواءُ أَي طَابَ الهَواءُ" منقول من معجم تاج العروس ج1ص22"

السبت، 27 فبراير 2021

نقد كتاب الحل عند ثوران الشهوة

نقد كتاب الحل عند ثوران الشهوة
الكتاب تأليف محمد صالح المنجد وهو يدور حول الحد من الشهوة وقد استهل الحديث بالكلام عن أنواع الشهوات فقال:
"أنواع الشهوة والحكمة من خلقها:
سبحان الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، وجعل فيه من القوى ما يستمر به جنسه، ويتكاثر به نسله، وتبقى هذه البشرية، عباد الله، جعل الله في الإنسان غرائز، وقال ربنا -عز وجل-: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث}
شهوة النساء، وشهوة الأولاد، وكثرتهم وابتغاء البنين، والذكور منهم، وشهوة المال، القناطير المقنطرة، المال الكثير من الذهب والفضة، ومنهم من شهوتهم في ابتغاء الخيل، والنسل، من السائمة، الأنعام، ومنهم من هو في الزراعة يبتغيها، والحرث، وجعل الله تعالى شهوة الغريزة مركوزة في النفس، هي ميالة إليها، موجودة فيها بطبعها، فمركوز في طبعه هذه الشهوة،"
تفسير الشهوات هنا خطأ فالشهوات شهوة النساء، وشهوة الأولاد وشهوة المال وشهوة الخيل هى شهوة القوة أى السيطرة وشهوة الطعام وتكون بتناول الحيوانات والنبات
ثم سأل عن أسباب خلق الشهوات ثم أجاب فقال:
" فلماذا خلقها الله؟ ولماذا جعلها في الإنسان؟ وعندما يأن بعض الإنسان اليوم تحت وطأة الشهوة يقف متسائلا مع نفسه، لماذا جعلها ربي في نفسي، ولماذا خلقت، وهل كنا استرحنا بعدم وجودها، والتخلص من شدة معاناتها، ومقاساة ألم وطأتها، ولكن المؤمن يعلم بأن الله تعالى حكيم، وأنه -عز وجل- عليم، وأنه تبارك وجل خبير، وقد اقتضت حكمة العليم الخبير الحكيم أن تكون هذه الغريزة في الإنسان، ومن تألم عرف حكم لله في ذلك، فمنها: أنه لا بقاء للنوع الإنساني بدونها، إذا ما الذي يدفع للزواج ليأتي الولد؟ هذه الشهوة، فلولا وجودها لضعف هذه المبتغى فلا يكون من كثرة البشر وتناسلهم، ما أراده الله تعالى لعمارة كل هذه الأرض، وسخر هذه الكواكب السيارة والأفلاك والشمس، والقمر لهذا الإنسان على هذه الأرض، وهيأ السكن للساكن، فجعل فيها هذه الأنهار والأشجار والدواب، لغذائه وراحته، وتلبية احتياجاته، وجعل الأنثى للذكر وخلقها منه لهذا، وجعل فيها هذا المركب من الشهوة لينجذب بعضهم إلى بعض فيحدث من التزاوج والتكاثر ما يريده الله، ثم إن لهذه الغريزة أيضا فائدة عظيمة أخرى في اليوم الآخر، فإن الله جعل في الجنة شهوات طيبة مباركة عظيمة بليغة، يكافئ بها أهل طاعته، وينعم عليهم بلذات مما تشتهي الأنفس، لا تخطر على قلب بشر، وجعل في الأرض ما يذكر بتلك اللذات والشهوات في الجنة، ففي الأرض فاكهة ونخل ورمان، ولكن ما في الجنة من ذلك أعلى، في الأرض أنهار وأشجار ومساكن، وفي الجنة ما هو أفضل من ذلك وأعلى، وفي الأرض نساء وشهوة وما في الجنة من شهوة حور العين ولذة غشيانهن ما هو أعلى وأجلى وأغلى بكثير، ولذلك كانت سلعة الله غالية، سلعة الله الجنة، فيتذكر العبد باللذة الحاصلة من الشهوة في الدنيا، أنه هناك شهوات أعلى وأجلى وأطيب، خالية من المكدرات والمنغصات في جنات النعيم، ولذلك يصبر المؤمنون على المحرمات ابتغاء تلك اللذة في جنة الخلد، وما الذي يصبرهم عن وطأة هذه الشهوات في الدنيا المحرمة، ومقاسات لألام المجاهدة، إلا تذكر هذه اللذات التي جعله الله في جنته، وثالثا أن وضع هذه الغريزة في النفس يؤدي إلى قيام العبد في مقام الابتلاء، وهو مقام يريده الله، لأن السلعة الغالية ينبغي أن لا ينالها كل أحد، وهذه الجنة الشريفة لا يصلح أن يدخلها من هب ودب، فلا بد من تنقية، واصطفاء، واختبار، يكون بعده من يدخلها أهل لها،"
ثم بين المنجد كيفية تنظيم الإسلام شهوة الجماع فقال:
"فوجود هذه الشهوات اليوم في الدنيا هو معبر وبوابة اختبار وابتلاء، من جاوزها كان أهلا لدخول الجنة ومن سقط في هذا الاختبار سقط في عذاب الله من الجحيم والنار التي تلظى، ومن حكمته -عز وجل- أن جعل شدة هذه الشهوة وعلاماتها، واستواءها وكمالها يكون مع البلوغ، فينتقل الطفل إلى مرحلة الرجولة عبرها، بهذا البلوغ الذي يكون فيه من الاحتلام والإنزال آية على وصوله مبلغ الرجال، فيكون مهيأ للنكاح الذي فيه من الفوائد العظيمة والحكم الجليلة ما أراده الله وشرعه، وهذه الجاهلية التي كانت قبل الإسلام، كان أهلها يرتعون في الشهوات، وكانت الفواحش منتشرة فيهم، وكان للمومسات أعلام ورايات، فجاء الإسلام فهذب هذه الغريزة، وحرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وجاءت الشريعة بموافقة الطبع في تلبية رغبة الجسد، وهذه الشهوة المركوزة فيه بمشروعية النكاح، فكان فيه تلبية لحاجة الجسد وإراحة له، وإعفاف للزوج والزوجة، وتكثير للنسل، وابتغاء للولد، وقرة عين في ذلك، وتلبية لحاجة النفس للاستمرار والخلافة، فيكون الأولاد بعد أبائهم استمرارا لنسلهم، وحملا لاسمهم، وعنوان على وجودهم واستمرارهم في هذه الحياة."
ثم حدثنا المنجد عن أن المصيرات للجماع فى هذا العصر قد تكاثرت كثرة هائلة فقال:
"كثرة الفتن والمثيرات في هذا العصر:
جعل الله في الإنسان هذه الغريزة، ثم شرع هذا النكاح الملبي لحاجتها، في الوقت المناسب، وجعل في الأطفال براءة، كما جعل في الشيوخ ضعف وشيبة تؤهلهم للاجتهاد إلى الآخرة، فما بقي من قوة يسيرة أنما هو للانتقال عن هذه الدار إلى دار القرار، فأبى أتباع الشيطان، وجنود إبليس إلا أن يتلاعبوا ببراءة الأطفال، وأن يثيروا الشهوات، ويفتح مصاريع أبواب الشر، فجاءت الفتن من كل جانب، فيما أوجوده من أنواع الحرام تبرجا وعريا سفورا واختلاطا، أفلاما ومجلات، صورا وإعلانات، مواقع في الشبكات، تهييجا للغريزة، وإثارة للشهوات، وإيقاعا للناس في المحرمات، وفتحا لمغاليق تنانير القاذورات، ليقع فيها من الفتيان والفتيات، من أرادهم إبليس أن يكون من جنده وأتباعه، وهكذا حصلت الكارثة، وكان من جراء ذلك اغتيال جزء من براءة الأطفال، بإثارة الشهوات حتى لديهم، فصارت في الأطفال من أنواع الأرجاس من هذه الأشياء مما يشاهد به بعض الأولاد اليوم هذه الصور القذرة وهم في الابتدائية، وتبادل هذه المقاطع الخسيسة، وجاءت التنقية لتسخر لأجل هذا ليزداد البلاء، وتعم الفتن، وتتوالى أنواع الشرور، ومن الناحية الأخرى تأخر الزواج لغلاء المهور، ولشيوع الفساد، والحرام الذي يصرف عن الحلال، والعوائق الكثيرة التي وجدت في طريقه، ونفخ الشيطان في بعض الناس بقضية الحسب والنسب، وأن هذا ليس بكفء لنا، وهذا ليس بأهل لأبنتنا، وهذا دون رتبتنا، فتأخر سن الزواج فأثيرت الشهوات هنا في عالم الأطفال وتأخر سن الزواج من الناحية الأخرى في عالم الكبار فازدادت مدة المعاناة وصارت القضية في الفساد عظيمة جدا."
ثم حدثنا عن العنت وهو الزنى وما يسببه من مشاكل كثيرة فقال:
"العنت وأضراره:
وهنا نأتي إلى قضية العنت، هذا المصطلح وهذه الكلمة التي وردت في كتاب الله تعالى، ما هو العنت؟ إنه مشقة وشدة، نتيجة ماذا؟، إنه إثم وحرام وليد أي شيء، أنه فساد وهلاك من جراء ماذا؟ من ثوران الشهوة، العنت كلمة تطلق على الفساد والإثم والهلاك، والغلط والخطأ والجور، والأذى ودخول المشقة على الإنسان، العنت هو: الزنا والفجور أيضا، والعنت كما قال الثعلبي: الإثم والضرر بغلبة الشهوة.
العنت من المشقة والإعناس، وتحمل ما لا يطاق، العنت وقوع الضرر في دين ودنيا، العنت هو الحرج والمشقة الحاصلة بسبب غلبة الشهوة، وخوف الإثم، وخشية الوقوع في الفاحشة. هذا العنت هو ضيق وشدة وثقل ووطأة، هذا العنت هو معاناة، هو ضغوط، هذا العنت يسبب شرود للذهب، وشلا لقدرة التفكير، ونوعا من الإحباط والاكتئاب، هذا العنت يولد انفعالا وسرعة غضب، هذا العنت يضعف الإيمان، هذا الغلمة الشديدة والشبق الذي يؤدي ربما إلى أنواع من المعاناة الجسدية والآلام، أو الوقوع في شيء من الأمراض، هذا العنت، نتيجة ثوران الشهوة، قام أعداء الإسلام والفضيلة والطهر والعفاف ببث كل ممكن لتثوير الشهوات وفتح المغاليق، مغاليق الشر، فاضطرمت النيران، وزادت الضغوط، قام سوق العنت في البلاد مناديا، يدخلهم في هذه الدوائر الضيقة، مولدا هذه المعاناة، وصارت البشرية ماخور كبير في صحافتها وأفلامها ومعارض أزيائها، ومسابقات جمالها، ومراقصها وحاناتها وإذاعاتها، ومجلاتها، وهذه الإيحاءات السيئة والأوضاع المثيرة، أنك لتجد في كل صيدلية وبقالة تدخل إليها صورا، فضلا عما تجده في الأماكن الأخرى، بل حتى في العالم الافتراضي بخدمة تقنيات الحديثة لتجسد أنواع من الفساد، وتوجد علاقات، وحتى الأشياء الكرتونية لم تسلم من ذلك، الشريعة ودين رب العالمين يأتي بإجراءات لمقاومة العنت، وتنفيس العنت، وتهذيب الغريزة، وتوجيه الشهوة والاستفادة منها، وهؤلاء يريدونها فحشا وحراما، وانتهاكا للأعراض، وأولادا للزنا، يريدونها أنواع من الانحرافات، {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما} {يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا} يخفف جاءت في مجال الشهوة، في مجال الغريزة، في مجال العنت، الله يريد أن يخفف بما شرعه من العبادات والصيام والنكاح والتسري، الله -عز وجل- يريد أن يخفف عنكم بغض البصر والحجاب وتحريم الخلوة وعدم الاستعطار من المرأة عند الأجنبي، والمحرم في السفر، الله يريد أن يخفف عليكم بما شرع، يخفف عنكم بدينه وأحكامه، ويريد الذين يتبعون الشهوات وهم الأشرار كما جاء في حديث أحمد وهو حديث حسن: ((ألا أخبركم بشراركم؟ قال منهم: الباغون للبرآء العنت))."

الخطأ فى الفقرة هو إباحة الله للتسرى فلا يوجد سبايا ولا إماء يتم جماعهن دون زواج لقوله تعالى " " فانكحوا الأيامى والصالحين من عبادكم وإمائكم"
وقوله "فأنكحوهن بإذن أهلهن"
ولو فعلنا هذا بنساء الغير فسيفعله الغير بنساءنا فى الحرب فمن شرع السبايا وجماع الإماء بلا زواج هم الكفار ومن فعله أصبح مثلهم كافر
والخطأ الثانى تحريم الخلوة وهو ما يخالف أنه يجوز اختلاء الرجل مع المرأة التى يطلب زواجها حتى فى السر ما دام الكلام سيدور حول شىء طيب وهو الزواج كما قال تعالى "ولا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا"
ولو كان الاختلاء سرا فلماذا تكلم النبى(ص) نفسه مع المرأة التى ظاهر منها زوجها وحدهما حتى قال تعالى " والله يسمع تحاوركما" ؟
فالخلوة مباحة ما دام الكلام الدائر فيها كلام خير؟
ثم حدثنا المنجد عن تسميات الكفار المخادعة للزنى كتسميته علاقة أو حميمية أو حب أو ما شابه فقال:
"تضليل العباد بمصطلحات خداعة:
وصار تضليل عباد الله بجميع الوسائل، تارة يسمون الزنا وعلاقات الحرام علاقات حميمة، علاقات عاطفة، الزنا الفاحشة الخبيثة تسمى ممارسة الحب، وتترجم هكذا في عبارات الترجمة في مكاتب الترجمة للأفلام الأجنبية، ممارسة الحب، وكذلك في الروايات وفي القصص، بينما نجد الاسم الشرعي بغيضا مبغضا إلى النفوس، تنفر عنه، تفتك منه الأسماع، وتنبو عنه الفطر السليمة، وتتباعد منه العقول المستقيمة، ما هي الأسماء؟ {ولا تقربوا الفواحش} {ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا} {ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث}
فاحشة، ف ح ش خ ب ث، مواد في اللغة، ق ذ ر، قال (ص): ((من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله))."

قطعا يجب تسمية كل شىء باسمه الحقيقى ثم حدثنا المنجد عن الحل الإسلامي للمشكلة فقال:
"الحل الإسلامي في مواجهة العنت:
لما كانت هذه القضية لها وطأتها في النفوس شرعت لها الحدود عند انتهاك حدود الله ومحارمه، فجاء الجلد بمائة جلدة للزاني غير المحصن، والزانية كذلك، وتغريب عام، يبعد عن البلد، عن قرناء السوء، عن مكان المعصية، ليبدأ صفحة جديدة، بعيدا عن أعين الناس الذين وقع بينهم في فعلته، والمرأة الزانية إذا تطوع محرمها بالذهاب معها غربت سنة أيضا ولا تغرب سنة بمفردها لأن ذلك مما ينافي مقاصد الشرع، وما أراده من وراء التغريب.
وأما إذا أحصن فإن الرجم بأسوء طريقة للقتل بالحجارة هو حد الله، إذا أن النفس التي ذاقت طعم الحلال في وطئ صحيح ونكاح طيب ثم لم ترضى بذلك حتى تمادت وفرطت وعصت وعاندت وتجبرت وطغت لتقع في الحرام فلا تستحق العيش بعد ذلك، هذا العنت جاءت الشريعة بأسباب في مواجهته، هذا العنت حتى من بداية البلوغ أحكام تتعلق بتسكين الشهوات،"

قطعا عقاب الله للجريمة هو الجلد وكل روايات الرجم مضادة للكتاب الله وهى اتهام للنبى(ص) بالجهل فالقاضى وهو النبى(ص) فى الروايات يجهل أن اعتراف الزانى كماعز وحده والزانية وحدها كالغامدية ليس دليل على وجود جريمة زنى وإنما دليل على وجود جريمة شهادة زور يستحق ماعز والغامدية عليها الجلد ثمانين جلدة فلكى يتم العقاب لابد من اعتراف الزانية مع ماعز والزانى مع الغامدية أو لابد من ثلاثة شهود مع ماعز أو ثلاثة شهود وامرأة مع الغامدية أو اربعة شهود تطبيق بكلام الله "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا"
ثم كيف يفسر القوم قوله تعالى فى الأمة الزانية " فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب " فى حالة الرجم فلا يوجد نصف موت وهو نتيجة الرجم ومن ثم فالعقاب غير الرجم وهو 50 جلدة بدلا من100 جلدة ثم أن قوله تعالى " الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " ليس فيها تحديد لكون الزانى متزوج أو غير متزوج؟
ونلاحظ عقوبة جديدة لا أصل لها فى الإسلام وهى التغريب وهى عقوبة منافية لكلام فمثلا لو كان الزانى لديه أبوين فهذا ليس عقاب له لوحده وإنما عقاب للأسرة لأنهم فى تلك الحالة لن يجدوا من يخدمهم أو يقوم برعايتهم وهو ما ينافى قوله تعالى " ولا تزر وزارة وزر أخرى"
ثم قال:
"ماذا نقول في الوضوء وأثره، ماذا نقول في غسل (الاحتلام)، ماذا نقول في الصيام يا معشر الشباب: ((يا معشر الشباب من استطاع الباءة] القدرة على النكاح بجميع ما تحمله الكلمة من معنى [فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)).
هذا هو الحل الجذري، الزواج، فإن لم يستطع، فالصيام،"

قطعا رواية الصوم لم يقلها النبى(ص) لأنها لا تتفق مع كتاب الله فالصوم فى اإسلام فى غير رمضان هو عقوبة على ذنوب كالظهار والقتل الخطا وحنث اليمين وحلق الشعر فى الحج والشاب لا يجوز له الصيام طالما لم يكن مذنب ولو اعتبرنا ان الصوم فى النهار ينهى عن الزنى فماذا عن الليل حيث الأكل والشرب
إنه ليس حل وإنما هو ضحك على الفقراء على وجه الخصوص وأيصا الكلام التالى :
"ولا يعيبه عندك يا ولي البنت إذا تقدم إليك أن يكون فقيرا لأن الله -سبحانه وتعالى- قال: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} (النور: من الآية32) لا ترده، إذا كان صاحب خلق ودين فقد يفتح الله على يديه من أبواب الخير لابنتك، وعليك ما الله به عليم وإذا كان كل صاحب ضيق ومن قدر عليه رزقه سيرد، حصل في الأرض فتنة وفساد عريض، وإذا كان الرد للأسباب الواهية والأمور الدنيوية تافهة حصل فتنة في الأرض وفساد عظيم."
الرجل هنا يحلل ما حرم الله وهو تزويج الفقراء والفقر حالة خاصة تتغير فالله أباح زواج من اغتنى والغنى يعنى امتلاكه المهر وليس ان يكون كثير المال كما قال تعالى"وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله"
والله يغنى كل المسلمين والمراد يعطيهم ما يجعلهم يتزوجون ولكن من ليس معه مال عليه الصبر وهو الامتناع عن الزنى حتى يعطيه الله ما يتزوج به
ثم كلمنا المنجد عن عدم تاخير الزواج فقال:
"النكاح لا يؤخر:
قال العلماء:: يجب النكاح لو خاف العنت وتعين طريقا لدفعه مع قدرته.
وقال القرطبي رحمه الله:" ومن خشي على نفسه العنت والضرر بالوقوع في المعصية وجب عليه الزواج إذا كان يستطيعه ولا يكسر شهوته إلا به ".

اتصل مبتعث قبل ثلاثة أيام، يستغيث من أوكرانيا، وآخر من استراليا بالوقوع في الفاحشة، كم عمره؟ ثمانية عشر!! هذا سن يذهب فيها؟!، لا عقل يدفع به الشهوات ولا علم يدفع به الشبهات، هذا سنة يذهب فيها؟ ولذلك في الفتنة سيذهب فيها.
جاءت الشريعة بإتيان الأهل لمن رأى امرأة أعجبته، ((إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليات أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه))
جاءت الشريعة بأكثر من هذا، جاءت بالعجب العجاب في هذا الباب، تعدد الزوجات، لا تكفيك واحدة، {انكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} (النساء: من الآية3).
لا تكفيك حتى الأربعة؟ {ما ملكت أيمانكم} (النساء: من الآية3). بلا عدد كل الحالات.
الذي ليس له قدرة على التعدد واحدة إذا خشي الجور، ويزيد من ملك اليمين ما يريد، مما ملكت إيمانكم من فتياتكم المؤمنات، الذي عنده يسار وقدره ويريد المزيد من الحرائر إلى أربع، ومن الإماء بلا عدد ينتهي إليه، والأمة ليست مثل الحرة في حقوقها، بل وفي كلفتها، فأما في قضية التسري فإنه في كتاب الله تعالى مشروع واضح جلي، وهو مباح بالكتاب والسنة والإجماع إذا تمت شروطه، وقد تسرى إبراهيم الخليل -عليه والسلام- بهاجر، وكانت ماريا القبطية للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان لعمر بن الخطاب أولاد أمهات وكذلك لعلي بن أبي طالب ولكثير من الصحابة
إذا لم يستطع نكاح الحرة، ولم يجد أمة يتسرى يشتريها، يتسرى بها والتسري شراء ملك اليمين، واتخاذ الإماء، لا جناح عليكم إن تبتغوا من أموالكم من الحرائر أو من التسري وشراء ملك اليمين، فمن لم يستطع؟ نكاح الحرة ولا التسري، ولا يجد إلا أمة لكن لا طريق له إليها إلا بالزواج ماذا يفعل؟ الأمة قد تكلف عشرة آلاف لكن قد يتزوجها بألفين، وهي عند زواجها ستبقى ملك لسيدها، لكن لا يجوز لسيدها أن يطأها إذا تزوجت عبدا أو حرا لأنه لا يمكن أن يشترك اثنان في امرأة واحدة في وقت واحد قال الله تعالى في هذه الآية التي لا يعرف كثير من الناس معناها، والواقع أيضا لا يساعدهم على فهمها: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات} يعني الحرائر. لم يستطع طولا: يني قدرة ومالا وسعة. فما هو الحل؟ لم يستطع نكاح الحرائر كأن لم يجد ما يعطيها من مهر أو لم ترضى به النساء الحرائر لعيب فيه، وعنده القدرة على نكاح الأمة، قال الله تعالى: {فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات} تزوجوا الإماء المسلمات غير الكافرات. فيجب أن تكون مسلمة، {والله أعلم بإيمانكم} بحقيقتكم وبواطنكم. {بعضكم من بعض} يا أيها المؤمنين والمؤمنات المتصلون بالنسب إلى آدم (ص) والمتصلون بالدين في الأخوة الإيمانية، {فانكحوهن بإذن أهلهن} فلا بد من رضى السيد عند زواج أمته، {وآتوهن أجورهن} المهور. {بالمعروف} عن طيب نفس دون مماطلة، {محصنات} لا بد أن يكن عفيفات، {غير مسافحات} معلنة بالزنا، {ولا متخذات أخدان} إخلاء للزنا سرا، فالمسافحة الزنا علنا، واتخاذ الأخدان الزنا سرا. {فإذا أحصن} هؤلاء الإماء وذكر الله تعالى حدها ثم قل في شرط نكاح الأمة أيضا: {ذلك لمن خشي العنت منكم} لمن خاف عل نفسه الوقوع في الزنا لشدة الشهوة والمغريات والعزوبة {وأن تصبروا خير لكم} يعني إذا جاهد نفسه ولم ينكح الأمة أحسن، لماذا؟ لأنه يصير أولاده أرقاء بنكاح الأمة، لأن الولد في الشريعة يتبع أمه في العبودية والرق والحرية، فإذا كانت أمه أمة صار الولد رقيقا لصاحب الأمة، وإذا تزوج عبدا حرة فإن الأولاد أحرار تبعا لأمهم، أما الحر السيد إذا وطئ أمته بملك اليمين بعد أن يستبرأها بحيضة إذا اشتراها؛ لأجل التأكد من خلو الرحم فإنها إذا ولدت له وهي أمة لسيد هذا لا يطأها بالزواج، هذا يطأها بملك اليمين، هذا الذي يطأ أمته تتحول الأمة إذا ولدت إلى أم ولد لها أحكام وهي في رتبة أعلى من رتبة الأمة، وولدها من الحر حر وتعتق بمجرد موت السيد، تصبح حرة، ولا يمكن أن تأخذ في إرث أبيه، وتبقى أمة مملوكة وعندها ولد حر، فماذا ستكون نتيجة إذا مات السيد وهو أبوه؟ لا يمكن أن يأخذها في إرثه، فتعتق، هذه أحكام أمهات الأولاد، الأمة إذا وطأها السيد فأنجب منها ولدا ومات عتقت مباشرة، وأما إذا تزوجت الأمة غير سيدها، السيد يطأها ملك اليمين، فتزوجها حر آخر، فإن أولاده أرقاء عند صاحب الأمة ومالكها، ولذلك قال الله: {وأن تصبروا خير لكم} حتى لا يعرض أولاده للرق، لكن إذا ما وجد إلا هذا السبيل أباحها، لم يستطع طول نكاح الحرائر، ما عنده حرة، ويخشى على نفسه العنت، وكانت الأمة عفيفة، فيجوز أن يتزوجها بإذن صاحبها وأن يؤتيها المهر إجراءات كثيرة جدا لمواجهة قضية العنت والشهوة في الإسلام يتضح منها حرص الشريعة على إنقاذ الناس وعلى فتح أبواب الحلال وعلى إزالة الحرج عنهم، والله يريد أن يخفف عنا ويريد أن يتوب علينا، والله -عز وجل- يريد أن يطهرنا"

ما قاله الرجل كرر فيه خطأ جماع السبايا والإماء بدون زواج وهو زنى صريح فما اباحه الله هو زواج الإماء الصالحات وهن المسلمات كما قال تعالى " ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم"
وشىء أخر بالعقل هل من يمتلك أمة لا يمتلك مال للزواج؟
إنها لو باعها لتزوج بما باعه إنها تناقض فكيف ينمتلك خذات المال ولا يفكر فى بيعه للزواج بدلا من الزنى
قطعا الإسلام قضى على مشكلة العبيد والإماء فى عهد النبى(ص) نفسه وقد مات ولا يوجد فى دولة المسلمين عبد ولا أمة لأن مال الزكاة وغيره مما شرع الله فى عتق الرقاب جعل المجتمع يعتقهم جميعا سواء كانوا مسلمين أو كفارا ولكن الروايات إنما وضعت فى موضوع العبيد والإماء لخدمة شهوات الأغنياء حتى يزنوا دون مقابل
ثم حدثنا المنجد عن الرقيق فى عصرنا فقال:
"عصابات الرقيق في العالم:
عباد الله، تحتفل الأمم المتحدة بمرور مائتي سنة على إلغاء الرق، وقد فتحت أبواب عصابات الرقيق الأبيض في العالم على مصراعيها، يشترون البنات من جمهوريات روسيا وأوكرانيا وغيرها من أوروبا الشرقية وأنحاء العالم ليذهبوا بهن إلى ملاهي الفحش والفجور في الغرب، وتأتي منظمات الإغاثة الإنسانية في الظاهر لكي تأخذ أولاد المسلمين وغير المسلمين من أفريقيا لتبيعهم هناك في العالم وتسوقهم، والذي يتابع أخبار الرقيق الأبيض والأسود وغير ذلك مما يحدث اليوم في العالم يعلم يقينا ويبصر شيئا من الحكمة الإلهية في تشريع التسري وأحكام الإماء، والشرع فيه سعي لعتق الرق وفتح لأبوابه ووجود ما بقي منه حل لمشكلات كثيرة، فعندما يأتي ذلك التاجر ويقول: أريد امرأة لا تغار منها زوجتي، ليست في نفس الرتبة، الزوجة الواحدة لا تكفي، لا أستطيع أن آتي بالتعدد، هذه الضرائر وهذه الغيرة ومشكلاتها، وأنا لا أستطيع أن أصمد أمام وجع الرأس، فأعطني حلا أتي فيه بامرأة هي دون هذه المرأة التي عندي في المرتبة، وليس لها ليلة مثل تلك، وأستطيع أن أنزع عنها دون أذنها، لأنني لا أريد منها ولدا، ولا أريد أن تتفرق ثروتي في غير أولادي من هذه المرأة التي عندي، ولا ترثني بعد موتي، هذا الحل مفصل في باب الإيماء، على أية حال وإن صار هذا الشيء شبه معدوم وغير موجود إلا نادرا في العالم لكن الله إذا أنزل شرعا سيستمر إلى يوم الدين، وسيعود هذا قطعا، ومعلوم أنه في الإسلام مصدره إذا جاهد وحارب المسلمون عدوهم وصار القتال وغلب المسلمون أخذت دراري الكفار سبيا عند المسلمين، وبيان هذا له موضع آخر."
قطعا كل ما يهم المنجد هو أن يشرع لنفسه وغيره التسرى وكما قلت لا يوجد فى الإسلام تسرى لأنه كفر قضى الله ولو كان هناك اسرى فلماذا أمر الله بإطلاق سراح كل الأسرى بعد انتهاء الحرب سواء بمقابل أو بدون مقابل كما قال تعالى " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثختنموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك"
ألم يفكر الرجل وأمثاله أن أمه أو ابنته أو زوجته أو احدى قريباته من الممكن أن تتعرض للسبى وساعتها يقوم الكفار بجماعهن دون إرادتهم بزعم التسرى؟
إن ما هو محرم على الكفار من انتهاك المراة محرم علينا ثم لماذا كان القوم يرفعون أصواتهم بالتنديد عندما انتهك الصرب نساء البوسنة والهرسك ألم يفعلوا نفس الجنون وهو التسرى مع نساء الكفار ؟
ثم حدثنا عن الصوم وغض البصر فقال:
"الصوم وغض البصر عند اشتداد الشهوة:
الصوم عند شدة الشهوة، الصوم عند عدم القدرة على النكاح، بل ربما يحتاج اليوم حتى بعض المتزوجين في غمرة ثوران الشهوات، أنه باب عظيم، ثم قضية الاستعفاف مأمور بها في الشريعة، {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله}.هذا الاستعفاف ماذا يعني؟ يعني أن تحمل نفسك على طريق العفة،"
سبق القول أن الصوم فى غير رمضان عقوبة ولا يعاقب سوى المذنب ومن ثم ليس الصوم حلا للمشكلة الشهوانية لأنه حل بالنهار قماذا عن الليل حيث الأكل والشرب ؟
ثم قال عن غض البصر:
"وعلى سبيل العفة بالأسباب، كما قال تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} فلا بد من حفظ الفرج ولا بد من غض البصر، للاستعفاف لتحقيق الأمر الإلهي، {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا} وليستعفف، فلا بد أن يعفوا أنفسهم وأن يعفوا، {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين} تعفف، لا تقربوا الزنا، لا باتصال ولا سماع الأصوات المثيرة، ولا رؤية الصور، لا تقربوا الزنا، ولا بتعرف على الجنس الآخر وعقد العلاقات مع الجنسين والمصادقات، ولا بفترة الخطوبة، علاقات من هذا النوع، لا تزال أجنبية حتى تعقد عليها، ولا تقربوا الزنا، لا تقربوه، لا تزنوا، لم يقل لا تزنوا فقط، لا تقربوا، لا خلوة بها ولا اختلاط، أتعجب حقيقة من هؤلاء دعاة الاختلاط المجرمين وأثرهم على الناس والمجتمع، يريد أن يضع امرأة بجانب رجل بجانب امرأة بجانب رجل بجانب امرأة وأحيانا توضع في كاونتر صغير لا يتجاوز مساحته متر ونصف في متر ونصف وفي الساعة الثالثة ليلا في المناوبات، واستقبالات، يعني وهي ماذا؟ بجانب على بعد نصف متر ما هي نتيجة؟ وسكرتيره وخلوه، هذه ستأتي بكامل الحجاب، بدون طيب ولا عطر ولا يظهر منها شيئا، أو ماذا؟ ثم يأتي أهل النفاق ليستدلوا بالاختلاط في الحرم، يريد أن يستدل بالاختلاط الاضطراري على الاختلاط الاختياري، لأن بإمكانك يا أيها المعماري أن تصمم مبنى فيه قسم للرجال وآخر للنساء بمخارج وبمداخل بتصميمات بسلالم بمصاعد، لا يرى هذا هذه ولا هذه هذا.
أين مسؤولية مجالس الإدارة، أين مسؤولية الإدارات، ثم بعد ذلك هيئات التقاعد تريد أن تجعل عاملة النظافة في قسم الرجال، وعامل النظافة في قسم النساء، فأين العقول؟ ثم لو حصل اختلاط في الحرم فهو مؤقت، تريد أن تستدل به على الاختلاط الدائم اليومي، في المكاتب والجامعات والاختلاط المستمر، ثم هذا في أقدس مكان، مكان العبادة والطهر، تريد أن تستدل به على الأماكن العادية، ثم أن عمر فصل الرجال عن النساء في الطواف.
عباد الله، {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما}. إحياء واعظ الله في قلب كل مسلم هو الحل، لأن هذه اللذات الآن الشهوات هذه مؤقتة، أنعم واحد في الدنيا سيغمس في النار غمسة ويخرج منها، رأيت خيرا قط؟ رأيت نعيم قط؟ رأيت لذة قط؟ لا يا رب.
مآرب كانت في الشباب لأهلها عذابا، فصارت في المشيب عذابا
لا بد من واعظ الله في قلب كل مسلم، {معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي} "

كرر المنجد بعض الأخطاء والغريب أنه لم يتحدث عن السبب الحقيقى فى هذه المشكلة وغيرها وهم الحكام فمن شرع عمل النساء فى المجتمعات ومن استورد العاملات للخدمة من الخارج خاصة فى دول الخليج ومن أقام المبانى المختلطة ومن سمح لهم ومن جلب المثيرات من الخارج كأدوات التجميل ومن يشغل القنوات التلفازية بالأفلام والمسلسلات واللهو الباطل سوى الأمراء ورجال المخابرات وغيرها
الرجل يجعل المشكلة نابعة من عموم الشعب بينما أصل الفساد واسه هم أعلى المجتمعات التى لا تحكم بحكم الله
ثم حدثنا عن حكم أخذ الأدوية والعلاجات المسكنة للشهوة فقال:
"حكم أخذ الأدوية والعلاجات المسكنة للشهوة:
يتحدث الناس عن أخذ الأدوية، لتسكين الشهوة، نقول تقليل الأطعمة مقدم على أخذ الأدوية، والصيام هذا غرضه، لأن كثرة الطعام مورث لشدة الشهوة، وتعاطي هذه الأدوية إذا كانت خالية من الأضرار الأصل فيه الإباحة، لكن ما هو أعلى منه تفكير والتدبير والتأمل في عاقبة الفواحش، وأن الزناة والزواني في تنور من نار يأتيهم لهب هذا في عذاب القبر قبل عذاب النار، في عذاب البرزخ يأتيهم لهب من أسفل منهم، لأنه هناك مواضع العورات، ثم الدعاء، ((قل اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي ومن شر بصري ومن شر لساني ومن شر قلبي ومن شر منيي)) رواه أحمد وأبو داود وهو حديث صحيح.
(اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى)). ((اللهم حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان))."

قطعا لا يجوز أخذ أى أدوية مزعومة لأنه لا يوجد ما يسكن الشهوة وإنما يوجد من يفسد الجسم بحيث يكون هناك خلل كبير جدا فى عمل الجسم فتأثير تلك الأدوية ليس على الشهوة وإنما على الجسد ككل مما يجعل الإنسان فى حالة خمود وعدم قدرة على العمل
وأما تقليل الطعام أو الإكثار منه فلا علاقة له بالشهوة فالعملية هى عملية رغبة أى إرادة نفسية
ثم حدثنا عن نكاح المتعة فقال:
"يريد أرباب الحرام من الجهة الأخرى فتح الباب في قضية منسوخة وهي نكاح المتعة، ويصيدون فيه الشباب ويدخلونهم في أتون الشرك. وأما الاستمناء فليس بحل، لأنه يثير الشهوة ولا يزال يثيرها وما بعدها ويستجلب ما بعدها وهكذا الخيالات والصور إذا تداعت منبعثة من هذه الشاشات، وما لصق بالذهن والقلب وعلق بها حتى صار حماما، حتى صار مرحاضا، حتى صار كنيفا، لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة، فكيف إذا كان قلبه مستودعا للصور المحرمة فإنا له أن تقربه الملائكة."
قطعا هذا كلام غريب من المنجد فالرجل الذى يبيح التسرى يحرم نكاح المتعة مع أن كلاهما زنى صريح ولكن نكاح المتعة يسمونه زواجا
ثم كلمنا عن العلاجات الغير الطبيعية المضادة للفطرة فقال:
"العلاجات الغير الطبيعية المضادة للفطرة، كالاختصاء، فكر فيها الصحابة، عن أبو هريرة رضي الله عنه أنه طلب من رسول الله (ص)أن يأذن له بالاختصاء فقال: يا رسول الله إني رجل شاب وأنا أخاف على نفسي العنت ولا أجد ما أتزوج به النساء. رواه البخاري.
وقال ابن مسعود: كنا نغزو مع رسول الله (ص)وليس لنا شيء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك. رواه البخاري.
وهذا نهي تحريم، قال ابن حجر: لما فيه من تعذيب النفس، والتشويه مع إدخال الضرر الذي قد يفضي إلى الهلاك، وفيه إبطال معنى الرجولية، وتغيير خلق الله، وكفر النعمة، لأن خلق الشخص رجلا من النعم العظيمة فإذا أزال ذلك فقد تشبه بالمرأة واختار النقص على الكمال.
طيب هل يعتزل اعتزال نهائيا بحيث لا يرى أحدا،: أراد عثمان بن مظعون أن يتبتل- يعني ينقطع للعبادة ويترك النكاح بالكلية -فنهاه رسول الله (ص). رواه مسلم.
الحل الشرعي واضح، وما يفعله أتباع الشيطان واضح، ونحن نختار."

قطعا الاختصاء والتبتل كلاهما محرم

الجمعة، 26 فبراير 2021

قراءة فى كتاب الحكم الشرعي لاستقطاع الأعضاء وزرعها تبرعا أو بيعا

قراءة فى كتاب الحكم الشرعي لاستقطاع الأعضاء وزرعها تبرعا أو بيعا
الكتاب تأليف أمين محمد سلام البطوش وهو يدور حول التبرع بالأعضاء وبيعها ومن ثم زرعها فى أجسام الآخرين وفى هذا قال الباحث فى المقدمة:
"إن الله سبحانه وتعالى خلق هذا الإنسان وكرمه على خلقه ورباه على عينه، فهو الذي يقول في محكم تنزيله مبرهنا على هذه الحقيقة التي لا مراء فيها: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} ويقول سبحانه وتعالى: {والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير} فلما تقدم الإنسان في العلوم ومن بينها علم الطب والجراحة اختلف الناس في استقطاع الأعضاء وزرعها بين مبيح ومانع، وما كان لشيء أن يجد أو يستجد إلا وله حكم في كتاب الله تعالى لقوله عز وجل: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} نتيجة لذلك فإن هذا البحث يقدم محاولة لبيان ما في هذا الأمر من حكم شرعي."

فى المبحث الأول بين البطوش أدلة حرمة جسم الإنسان فقال:
"المبحث الأول: أدلة حرمة جسم الإنسان:

إن الله تعالى لما خلق الإنسان خلقه بيديه، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وطرد إبليس من أجله لعصيانه أن يسجد لآدم، وأسكن آدم الجنة، وعلمه الأسماء كلها، وجعله خليفته في الأرض، فإن كان الإنسان لربه مطيعا مخبتا كان أفضل من الملائكة، وإن عصاه كان أدنى من البهائم، كل هذا دليل على التكريم، فهل تراه يسلمه ويذله ويخزيه ما دام يسير طبقا لخط السير الذي رسمه له ربه، كلا وحاشا أن يكون ذلك.
فها هو سبحانه يقول في حقه: {ولقد كرمنا بني آدم} ويخلقه في أحسن صورة: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} وتتجلى فيه عظمته سبحانه فيقول: {فتبارك الله أحسن الخالقين}."
الخطاء فى الفقرة هى :
الأول أن الإنسان إن كان لربه مطيعا مخبتا كان أفضل من الملائكة، وإن عصاه كان أدنى من البهائم وهو ما يخالف أنه لا يوجد نص فى تلك الأفضلية لأن الملائكة من الجن هم كالبشر فى المكانة واما البهائم فقد اعتبر الله الكفار كالأنعام أو اضل سبيلا فقال "أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا"
الثانى أن عظمة الله تتجلى فى الإنسان بينما عظمته تتجلى فى كل شىء وقد اعتبر الله أن عظمته تتجلى فى خلق السموات والأرض أكثر من خلق الناس فقال "لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس"
ثم قال:
"من أجل ذلك فقد تولاه ربه، وأوصى باحترامه في شرائعه، وحرم قتله بغير حق قال تعالى: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} وهذه قاعدة تحرم مساسه بغير حق ورسول الله (ص) قد بين في سنته أن أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء، كما توعد الله قاتله بالعذاب يوم القيامة قال تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} هذا في الآخرة بالإضافة إلى عقوبة القصاص في الدنيا والحرمان من الميراث إن كان القاتل من ورثة المقتول."
الخطأ هنا أن أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء والروايات متناقضة فى أول ما يقضى أى ما يحاسب عليه الإنسان وكل الروايات تخالف أن القضاء يكون مرة واحدة فالحكم يعرف من تسلم الكتاب باليمين أو بالشمال وليس هناك أحكام جزئية تحاسب على كل عمل بمفرده كما قال تعالى "فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إنى ظننت أنى ملاق حسابيه فهو فى عيشة راضية فى جنة عالية" وقال "وأما من أوتى كتابه بشماله فيقول يا ليتنى لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عنى ماليه هلك عنى سلطانيه خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه"
ثم قال :
"فإذا كان قتل المسلم بغير حق لا يحتمل الإباحة، فكذلك فإن قطع عضو من أعضائه لا يحل ولو كان بإذن المجني عليه كما يرى ابن قدامة في المغني ((بينما يرى الحنفية أن أعضاء الإنسان كالمال بالنسبة لصاحبها)) وليس للإنسان أن يقتل نفسه قال تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} أو يتلف أعضاء جسمه قال تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}لأن الحق في سلامة البدن حق مشترك بين العبد وبين ربه وقد بلغت حرمة جسد الإنسان في نظر فقهاء الإسلام حدا جعلهم يرون دفن ما يسقط منه كشعر أو ظفر
قال القرافي في الفروق ما نصه: "إن حق الله تعالى لا يتمكن العباد من إسقاطه والإبراء منه بل إن ذلك يرجع إلى صاحب الشرع"
ويضيف القرافي: "حرم الله القتل والجرح صونا لمهجة العبد وأعضائه ومنافعها عليه ولو رضي العبد بإسقاط حقه في ذلك لم يعتبر رضاه ولم ينفذ إسقاطه"

الخطأ هنا هو قياس قطع العضو على القتل وهو أمر مختلف لأن العقوبة مختلفة فالقتل عقابه القتل وقطع العضو هو جرح ليس عقابه القتل وإنما قطع عضو مثله لقوله تعالى "والجروح قصاص"
كما أن قطع العضو من قبل اإنسان نفسه يختلف فى النية عن القتل لأن نية المتبرع أو البائع هى افادة الغير أو افادة الغير والنفس بينما القتل هدفه الإضرار بالمقتول
ثم قال :
"والإنسان منذ بداية تكوينه وهو جنين في بطن أمه أدركته حماية الشرع، فالقرآن يؤرخ له ويقول: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا} وألزم الشرع الإسلامي من جنى على امرأة حامل فأسقطت جنينها بغرة عبد كغرامة دنيوية هذا إن سقط ميتا، أما إن سقط حيا ثم مات ففيه الدية كاملة. حتى أن الأم لو تسببت بإسقاط جنينها بواسطة غيرها لزمتها دية الجنين كذلك، ولم يسلم من أعان على هذا الأمر من تبعة مغبته."
والخطأ هنا هو أن الشرع الإسلامي من جنى على امرأة حامل فأسقطت جنينها بغرة عبد كغرامة دنيوية هذا إن سقط ميتا، أما إن سقط حيا ثم مات ففيه الدية كاملة ولا يوجد فى عقوبات القتل غرة عبد وإنما هى القتل او العفو مع الدية أو العفو بلا دية كما قال تعالى "يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفى له من أخيه شىء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم"
ثم قال:
"أضف إلى ذلك أن المرأة الحامل لو كان عليها القصاص أو الحد فإنه لا يجوز التنفيذ حتى تتم حملها وتضعه وترضع وليدها وتربيه إلى الوقت الذي يستغني بنفسه عنها سواء كان الحد بالنفس أو الأطراف ويجوز في الشرع الإسلامي شق بطن الأم الميتة لاستخراج ولدها من رحمها، لأن مصلحة حفظ حياته أعظم من مفسدة انتهاك حرمة بدنها الميت."
قياس قطع العضو من الحى على استخراج الجنين من الأم الميتة قياس خاطىء لكون الإنسان حى وكون الإنسانة ميتة كما ا، العضو حى والجنين يظن أنه حى
ثم قال :
"وقد أجمعت المذاهب الإسلامية على تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح إلا لعذر، أما قبل نفخ الروح فإن العلماء قد اختلفت أقوالهم بين الإباحة والكراهة والتحريم ولكن إن ثبت بطريق موثوق أن الجنين يؤدي إلى وفاة أمه فيجب إسقاطه تطبيقا لقاعدة ارتكاب أخف الضررين، وهذا يعتبر تضحية بالجزء (الفرع) في سبيل إنقاذ الكل (الأصل) "
قاعدة أخف الضررين هنا تتماثل فى حادثة اسقاط الجنين ابقاء لحياة الأم وحادثة التبرع بالعضو لأنها تراعى إنقاذ واحد مع بقاء الأخر والتبرع هنا هنا يخالف أنه يبقى اثنين على قيد الحياة بينما اسقاط الجنين يبقى وقد ثبت طبيا امكانية تخلى الإنسان عن كلية أو جزء من كبد مع عدم إضرار المتبرع
ثم قال:
"وأما بعد الموت فقد تولى الشرع الإسلامي حفظ الإنسان وحمى جثته من عبث العابثين، فالرسول (ص) يقول: ((كسر عظم الميت ككسره حيا)) وفي رواية: ((كسر عظم الميت ككسر عظم الحي في الإثم)) ومن أراد المزيد من هذه الأدلة فعليه بالرجوع إلى المذاهب الفقهية وما كتب في أبواب الجنائز، فسيتبين له الأمر بجلاء ووضوح عظيم الحرمة في مساس الأجساد الميتة."
حرمة جثمان الميت صحيحة هنا ثم تحدث عن إباحة التطبيب والجراحة
فقال:
"المبحث الثاني: إباحة التطبيب والجراحة:

بالرغم مما تقدم بيانه من تعظيم الشرع لحرمة جسم الإنسان، فإن ضرورة العلاج أو الحاجة إليه تفسح المجال وتبرر المحظور الشرعي فالتداوي أمر مأمور به شرعا حفظا لهذا الإنسان، فإن رسول الله (ص) يقول: ((تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم)) وتعلم الطب في الإسلام فرض من فروض الكفاية التي يتعين على طائفة من الأمة القيام به وإلا أثمت الأمة جميعا وهذا العمل وإن كان من فروض الكفاية فإنه يحتاج إلى شروط إليك بعضها:
1 - أن يباشر العمل الطبي مختص فيه مع كون الحاجة ملحة لنتجنب من لا يحذق هذا الفن، فلابد من كونه حاذقا بصيرا عارفا فإن كان غير ذلك فما يحصل من أضرار على يديه كان فيها ضامنا لقوله (ص): ((من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن)).
2 - أن يكون القصد العلاج والرعاية للمصالح المشروعة مع المعرفة بأن الطبيب لا يهدف من عمله غرضا خاصا ولا البحث عن الكشف العلمي، بل جل هدفه علاج المريض ومنفعته.
3 - أن يمارس عمله الطبي وفقا لأصول صنعة الطب وإلا كان ضامنا خشية أن يتولد ما هو أعظم.
4 - إن كان المريض قاصرا، يشترط الإذن من وليه"

قطعا مما لاشك فيه أن التداوى مطلوب وأن من يمارس الطب لابد أن يكون طبيبا متدربا سمح له من قبل الأطباء الكبار بممارسته للطب بعد اجتيازه امتحانات الطب
ثم حدثنا عن فائدة علم التشريح فقال:
"المبحث الثالث: أهمية علم التشريح:
إن للتشريح أهمية كبيرة إذ بدونه لا يعرف الطبيب مكان العضو ولا كيفية اتصاله بالبدن، كما أن للتشريح أهمية أخرى وذلك في الكشف عن السبب الحقيقي للموت في قضايا الجنايات، هذه الأهميات تقف أمام نظرة الناس إلى الجثة الآدمية نظرة ملؤها التقديس والحرمة، ولقد قام علماء من المسلمين القدامى بتشريح الجسم الإنساني وإن كانوا لم يقولوا صراحة بجواز التشريح كابن النفيس الذي اكتشف الدورة الدموية الصغرى وابن الهيثم الذي قام بتشريح العين ولقد استشهد الفقهاء في مواقف عديدة على تصحيح آرائهم على نتائج علم التشريح في زمانهم. أما قبله فكأنها إباحة غير صريحة لهذا العلم وإليك أقوال المذاهب في هذا الموضوع:
الحنفية: ((حامل ماتت وولدها حي يضطرب، يشق بطنها من الأيسر ويخرج ولدها... ولو مات الولد في بطنها وهي حية وخيف على الأم قطع وأخرج بخلاف ما لو كان حيا)).
وكذلك لو بلع مال غيره ولا مال له هل يشق ؟ قولان، الأول: نعم وإن كانت حرمة الآدمي أعلى من صيانة حرمة المال، إلا أنه أزال حرمته بتعديه وجاء في الأشباه والنظائر لابن نجيم تحت قاعدة (الأشد يزال بالأخف) أنه يجوز شق بطن الميتة لإخراج الولد إن كانت ترجى حياته بخلاف ما إذا ابتلع لؤلؤة فمات فإنه لا يشق بطنه لأن حرمة الآدمي أعظم من حرمة المال
المالكية: اختلفوا في شق بطن المرأة، وقيده البعض بأن يكون في السابع أو التاسع أو العاشر
الشافعية: إذا ماتت امرأة وفي جوفها جنين حي يشق جوفها لأنه استبقاء حي بإتلاف جزء من الميت فأشبه ما إذا اضطر إلى أكل جزء من الميت، واشترطوا لذلك حياة الطفل بأن يكون له ستة شهور فصاعدا
الحنابلة: إذا ماتت امرأة حامل شق جوفها، فإن احتملت حياته وتعذر إخراجه بالطريق المعتاد قال البعض يشق، والمذهب لا، لا تدفن حتى يموت
الظاهرية: إن ماتت امرأة حامل والولد يتحرك قد تجاوز ستة أشهر فإنه يشق بطنها طولا ويخرج الولد، ويبرر شق البطن في هذه الحالة بأنه ارتكاب لأخف الضررين وأدعى لتحقيق المصلحة.
فمن أقوال الأئمة المتقدمة يتبين لنا جواز شق بطن الميت من أجل إنقاذ الحي فمصلحة إنقاذ الحي مقدمة على مفسدة هتك حرمة الميت، ولكن مما تقدم رأينا أن بين الحي والميت تعلقا وارتباطا لا يسهل انفكاكه، فهل بالإمكان أن نعدي هذا الجواز إلى ما هو أبعد من ذلك ؟ هذا ما سنصل إليه إن شاء الله ولكن بشروط منها: موافقة ذوي الشأن، ووجود ضرورة تتطلب التشريح وعدم التمثيل في الجثة"

كل ما قاله البطوش هنا لا يتعدى اخراج الجنين الحى من بطن أمه الميتة وأما تشريح الجثث فيكون فى أضيق الحدود وهى القضايا التى يتم فيها الشك فى وجود جريمة قتل عن طريق السم أو الإشعاع أو حقنة خاطئة أو تناول كمية زائدة من الخمر التى تسمى مخدرات وما شابه
ثم حدثنا عن حكم التشريح فقال:
"المبحث الرابع: مدى شرعية التشريح:
لما كانت شريعة الإسلام تنزيلا من حكيم حميد عليم بما كان وما سيكون، أنزلها على خير الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين، فقد جعلها سبحانه قواعد كلية، ومقاصد سامية شاملة، فكانت تشريعا عاما خالدا صالحا لجميع طبقات الخلق في كل زمان ومكان.
إن كثيرا من الجزئيات والوقائع التي حدثت لا نجدها منصوصا عليها نفسها في الكتاب أو السنة، وربما لم تكن وقعت من قبل فلا يعرف لسلفنا الصالح فيها حكم، لكن من البحث العلمي يتضح أنها مندرجة في قاعدة شرعية عامة، ومن ثم يعرف حكمها."
قول البطوش عن عدم وجود نصوص فى بعض المسائل فى الفقرة وهو "إن كثيرا من الجزئيات والوقائع التي حدثت لا نجدها منصوصا عليها نفسها في الكتاب" يناقض وجود نصوص فى كل القضايا فى الكتاب فى قوله فى المقدمة "وما كان لشيء أن يجد أو يستجد إلا وله حكم في كتاب الله تعالى لقوله عز وجل: {ما فرطنا في الكتاب من شيء}"
ثم كلمنا عن عدم وجود نص فى مسألة التشريح فقال :
"ومسألة التشريح لجثث موتى بني آدم لا تعدو أن تكون جزئية من هذه الجزئيات التي لم ينص عليها في نص خاص، فشأنها شأن الوقائع التي جدت، لابد أن تكون مشمولة بقاعدة كلية من قواعد الشريعة وشمولها وصلاحيتها لجميع الخلق، قال تعالى: {وما كان ربك نسيا} وقال تعالى: {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما} وقال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}
إن من قواعد الشريعة الكلية ومقاصدها العامة أنه إذا تعارضت مصلحتان قدم أقواهما، وإذا تعارضت مفسدتان ارتكب أخفهما تفاديا لأشدهما، ومسألة التشريح داخلة في هذه القاعدة على كل حال، فإن مصلحة حرمة الميت – مسلما كان أو ذميا – تعارضت مع مصلحة أولياء الميت والأمة فالمتهم عند الاشتباه مثلا يطلب تشريح جثة المجني عليه لإثبات الجناية أو نفيها وفي هذا حفظ للحق وإعانة لولي الأمر على ضبط الأمن والتحقق من المجرمين لردع من تسول له نفسه ارتكاب جريمة يظن أنها تخفى على الناس. كما أن الشخص قد يموت موتا طبيعيا وفي التشريح تبرئة للمتهم، أضف أنه يمكن الكشف على الأمراض السارية بواسطة التشريح، وبذلك تحفظ الأمة من الأوبئة والأمراض السارية الخطيرة. من هذا تبرز أهمية علم التشريح، وما دام أنه جزء من علم الطب فالعلم به إذن من فروض الكفاية التي لابد لجماعة من المسلمين معرفته والتدرب عليه. ولذلك فإن التدرب على الجثث الحقيقية يعرف الطبيب بمكان العضو المصاب وأوصافه، خلافا لمن رأى التدرب على الجثث غير الآدمية لاختلاف الأوصاف وعدم التمكن من الوصول إلى الحق في هذا الموضوع."
وفى الفقرة السابقة أباح الرجل التشريح من أجل معرفة حق القتيل وحق المتهم بقتله ومن أجل حماية الأمة من الأوبئة ولكنه لم يذكر تصوصا وإنما اعتمد قاعدة فقهية ألفها الفقهاء وهى:
إذا تعارضت مصلحتان قدم أقواهما، وإذا تعارضت مفسدتان ارتكب أخفهما تفاديا لأشدهما وهى قاعدة تخالف كتاب الله فقد فرض الله القتال وفيه مفاسد من نواحى متعددة كالقتل والجرح والتخريب فقال " كتب عليكم القتال وهو كره لكم"ومع تلك المفاسد الكثيرة فيه خير وهو حفظ دولى المسلمين وعدم اعتداء أحد عليهم نتيجة رد العدوان
وطبقا للقاعدة فالأولى عدم الحرب لأن مفاسدها ظاهرة وكثيرة وهو ما يعارض فريضة الله
وكذلك الحكم بحلق الرأس فى الحج بسبب الأذى فالحلق منع لمضرة جسدية ولكنه مقابله مضرة مالية هى الصدقة او النسك او جسدية وهى الصوم ومع هذا أباح منع الأذى مع أن المضرتين لا يعرف الإنسان من منهما الأكبر
ثم قال :
"المبحث الخامس: قواعد الطب الإسلامي:
قواعد الطب الإسلامي تؤخذ من القواعد الكلية في الفقه الإسلامي.
أولا - قواعد التصرف في الحق لسلامة الحياة والجسد:
أ - حق الله تعالى وحق العبد في نفس هذا الأخير يوكلان لمن ينسبان إليه ثبوتا وإسقاطا.
ب - لا يجوز لإنسان أن يتصرف في حق الغير إلا بإذنه.
ج - قتل الإنسان أو فصل عضو من أعضائه لا يحتمل الإباحة بغير حق.
د - لا يملك الإنسان إسقاط حقه، فيما اجتمع فيه حق الله تعالى، لعدم جواز تصرفه في حق الله تعالى.
هـ - يقدم ما كان فيه حق الله وحق العبد على ما كان فيه حق العبد وحده
و- حق الله مبني على التسهيل بخلاف حق الآدمي فإنه مبني على التشديد إلا عند الضرورة

ثانيا: قواعد المفاضلة بين المصالح والمفاسد:
1 - جواز ارتكاب أخف الضررين دفعا لأعظمهما، فالواجب تحصيل أعلى المصلحتين، فإن تعذر رخص في التقديم والتأخير بينهما، ومثاله من صال على نفسين مسلمتين فلم نتمكن من دفعه عنهما فإننا ندفع عن أي واحدة منهما
أ – إذا اجتمعت المفاسد في عمل واحد فإنه لا تفاضل بينها لأن الواجب درء الجميع، فإن تعذر ذلك درأنا الأفسد فالأفسد
ب – إذا اجتمعت المصالح والمفاسد، فالمطلوب تحصيل المصالح ودرء المفاسد جميعا إن أمكن، فإن تعذر ذلك وكانت المفسدة أعظم من المصلحة أو مساوية لها درأنا المفسدة وفوتنا المصلحة لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح أما إن كانت المفسدة أعظم من المصلحة التي تقابلها فتقدم المصلحة من ذلك مثلا أن مصلحة إنقاذ الحي أولى بالرعاية من مفسدة انتهاك حرمة الموتى بشرط أن تكون المصلحة راجحة على المفسدة وأعظم منها.
ج – يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام
2- الضرورات تبيح المحظورات:
أ – تقدر الضرورة بقدرها
ب – يجب أن تكون المصلحة التي تقتضيها الضرورة أعظم من مفسدة المحظور.
ج – الضرر لا يزال بمثله، فلا يجوز مثلا لشخص قتل غيره ليدفع الضرر عن نفسه وذلك بأخذ علاجه أو غذائه الذي هو بحاجة إليه بمثل حاجته هو.
د – الحاجة تنزل منزلة الضرورة سواء كانت الحاجة عامة أو خاصة.
هـ - الاضطرار لا يبطل حق الغير
ثالثا: قواعد مزاولة العمل الطبي والجراحي:
1 - حق التطبيب والجراحة لأن الشرع أجاز التداوي، فهذا يتضمن جواز ممارسة الطب.
2 - جواز ممارسة الطبيب للجراحة لا تعطيه حق تشريح أجساد الآخرين إلا بالرضا من المريض باستثناء حالات الاستعجال والضرورة.
3 - مراعاة أصول العلاج في حفظ الصحة الموجودة للمريض ورد المفقودة بقدر الإمكان وإزالة العلة أو تقليلها بقدر الإمكان.
4 - استعمال طرق العلاج الأسهل فالأسهل.

5 - لا مسئولية على الطبيب فيما يجوز له فعله.
6 - لا يتقيد عمل الطبيب بشرط السلامة، لأن المطلوب منه القيام بالمعتاد ما دام رضي المريض أو وليه بذلك."

البطوش هنا تكلم بكلام عام والمفترض هو لإظهار النصوص ولكنه بنى معظم كلامه على قواعد الفقهاء التى كثيرا ما تتعارض مع نصوص الوحى كقاعدة أخف الضررين ودرأ المفسدة مقدم على جلب المصلحة فمثلا أخف الضررين تتناقضات مع حادثة حرق العجل الذهبى ونسفه فكان أخف الضررين إذابة العجل واستخدام الذهب فى صناعة حلى ومع هذا فعل موسى(ص) الضرر الأكبر وهو الحرق والنسف ومثلا جادثة تكسير الأصنام كان أخف الأضرار ألا يكسرها إبراهيم(ص)كلها وإنما يكسر واحد ولكنه كسرها كلها عدا واحد وعرض نفسه للضرر وهو حرقه
وقاعدة درأ المفسدة مقدمة على جلب المصلحة تتعارض مع حادثة تقديم يوسف(ص) المصلحة العامة لأهله باعادتهم للحق عن طريق ارتكاب مفسدة أخذ أخيه بتهمة السرقة وهى بمشئية لقوله تعالى" أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه فى دين الملك إلا أن يشاء الله "
كما نجدها فى حادثة الفتح حيث قدم الله مصلحة المؤمنين الذين كانوا يخفون إيمانهم فى مكة حيث أبقاهم على قيد الحياة بكف أيدى الفريقين عن القتالبدلا من المفسدة وهى قتلهم على يد إخوانهم المسلمين الذين لا يعلمون بايمانهم فقال"وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا"هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله فى رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما"
ومن ثم حدثنا عما قال أنه بعض الأعمال المستحدثة في الطب والجراحة
فقال:
"المبحث السادس: حكم الشرع في بعض الأعمال المستحدثة في الطب والجراحة
الإسلام بطبيعته يشجع البحث العلمي ويدعو إليه فالله تعالى يقول: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}. إلا أن للبحث العلمي في بعض الأحيان هفواته التي لا تغتفر، وشطحاته التي لا تصيب الهدف، وعلى ذلك لابد من تمحيص النتائج على ضوء القواعد التي وضعها صاحب الشرع سبحانه وتعالى، العليم بأحوال عباده فإنه كما قال: {وفوق كل ذي علم عليم}
قطع الأعضاء البشرية لغرض الزرع:
لما كان مما يجوز للطبيب أن يعمل مبضعه في جسم المريض من أجل علاجه وإبعاد الأذى عنه، فهل له مثل ذلك ولكن في جسم سليم ليخلص جسما آخر هو بحاجة إلى العلاج ؟ أي هل يجوز أن يكون علاج المريض جزءا أو قطعة أو عضوا من جسم سليم ؟ فيكون الأول معطيا والآخر آخذا أو متلقيا.
بالنسبة لزرع عضو في جسم المريض من أجل إنقاذه لا إشكال عليه في الشريعة الإسلامية، فإنه علاج مباح ما دام حصل إذن الشرع بالعلاج وإذن المريض بالتداوي وتقبله ولكن الصعوبة كل الصعوبة في قطع العضو من الحي أو الميت.
فلنتكلم أولا على استقطاع عضو حي لإنقاذ حي بحاجة إلى ذلك العضو:
أول ما نلجأ إليه في مثل هذا الأمر هو البحث في الشريعة الإسلامية قبل غيرها، فإن أجازت هذا العمل ترتب عليه الجواز من الناحية الطبية وإلا فلا، والحقيقة أنه لا نص على هذه القضية بصراحة في القرآن الكريم ولا في السنة المطهرة، بل هي قضية تندرج تحت غيرها من القواعد الكلية كما أسلفت فيما سبق، والقواعد الفقهية تراعي ثلاثة أمور في الغالب هي:
دينية: تتصل بمدى حرمة الانتفاع بأجزاء الآدمي حيا أو ميتا.

فقهية أو قانونية: تتعلق بالوسيلة الفنية التي يمكن بواسطتها بلورة هذا الانتفاع.
تزاحم المصالح: أي المفاضلة بين المصالح المتزاحمة.
نجد أن الفقهاء أجازوا الانتفاع بلبن الظئر، وذلك بتأجيرها أو استئجارها، فقد اختلفوا في الناحيتين الأولى والثانية، ولكن هذا الاختلاف دل على سعة الأفق والتوقعات المستقبلية لما يجد ويستحدث، مما يحفز المختص في أن يبحث مدى شرعية استقطاع الأعضاء من جسم حي أو ميت لغرض الزرع، وعليه فلابد من الموازنة والترجيح بين أدلة الإباحة وأدلة الحظر:
هل جسم الإنسان من الأموال وهل هو ملك لصاحبه ؟
والصحيح أن جسم الإنسان ليس مالا له ولا يجوز بيعه.
فلا الشرع ولا الطبع ولا العقل يجيز بيع الأجزاء الآدمية، لأن الله كرمه وميزه عن غيره، والأصل في المبيعات أن تكون أشياء خارجة عن الإنسان، وأعضاؤه ليست خارجة عنه وإذا أراد الناس أن يقولوا: ولكن الإنسان تضمن قيمته إذا قتل، قلنا: إن هذا استدلال فاسد لأن الأصل في الضمان في الفقه الإسلامي يتمثل في القضاء الكامل للمضمون صورة ومعنى وإن جاز في بعض الحالات فإنه على سبيل الاستثناء وهو قول الجماهير من أهل العلم.
وعند الحنفيه: أن أطراف الإنسان تعتبر من قبيل الأموال بالنسبة لصاحبها، ومعنى الأطراف هنا ينسحب على أي عضو أو جزء من الأجزاء الإنسانية معزولا عن باقي الأعضاء التي لا يجوز التصرف بمجموعها.
ولكن الإنسان يستطيع أن يضحي بجزء من أجزاء بدنه لإنقاذ حياته فهي كالمال خلق وقاية للنفس ونجد أن الحنفية أنفسهم أجازوا العقد على منافع الأشياء – بالإجارة – بالرغم من أن المنافع ليست من الأموال عندهم، وهو استحسان تبرره الضرورة
هل أجزاء الإنسان المنفصلة عنه طاهرة ؟
إن من شروط صحة العقد أن يكون محل العقد طاهرا منتفعا به طبعا وشرعا فلا يصح العقد على نجس أو محرم لم يتفق الفقهاء على طهارة الجزء المنفصل، فعند الحنفية أن ما انفصل عن جسم حي وكان فيه دم فهو نجس لا يجوز الانتفاع به ونص أيضا على أنه لا يجوز التداوي بعظم الآدمي أو أي جزء منه لعدم الطهارة أو الكرامة الإنسانية
أما المذاهب الأخرى فالراجح فيها أن أجزاء الآدمي المنفصلة طاهرة كجملته كما ذهب نفر إلى جواز بيع أجزاء الإنسان إذا كان يستفاد منها
أما بالنسبة لجثة الإنسان فالراجح في المذاهب الفقهية أنها طاهرة خلافا لبقية الميتات لقوله (ص): ((لا تنجسوا أمواتكم فإن المؤمن لا ينجس حيا أو ميتا)) ولكن منع النووي من الانتفاع بأي جزء من أجزائه بعد الموت لحرمته وكرامته ويتعين دفنه.
ويحسن بنا أن نفهم أن حرمة استعمال الدواء النجس إنما تكون عند عدم وجود الطاهر، فإن لم يوجد الطاهر جاز استعمال النجس للضرورة وليس في هذا مخالفة لقول النبي (ص): ((إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها)) أو ((لا شفاء في نجس)) ويجوز للإنسان أن ينتفع بجزء من أجزائه للتداوي بشرط أن تكون المصلحة في ذلك أعظم من ترك الجزء، وتطبيقا لذلك يجوز لصق ما انفصل من الجسد في موضعه كما ويجوز ترقيع الجلد المحروق من مكان آخر سليم.
ومعلوم في الفقه الإسلامي أنه لا يجوز بيع الأجزاء الآدمية لأنها ليست ملكا للشخص بل هي بمجموعها مسخرة للإنسان ليقوم بطاعة ربه وقضاء حوائجه، ولكن إذا كان بالهبة وبدون مقابل فما الذي يمنع ذلك بشرط أن تكون القضية بوسيلة جائزة ومشروعة.
وقد أجاز الفقهاء إجارة الظئر كما قدمنا فهو بيع لأجزاء آدمية بشرط الرضاء الصحيح المحل المبين، والسبب المشروع فلبنها مال متقوم يجوز بيعه عند الشافعية والحنابلة في رواية، وعند المالكية والله تعالى يقول: {فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن}"

قطعا فى الفقرات السابقة عدم أمور :
الأول عدم اعتبار الإنسان مال بينما هناك باب شهير اسمه ملك اليمين فيه يباع الإنسان ويشترى وهو باب فى الإسلام عالجه الإسلام للقضاء عليه ولكنه إثبات لوجود الإنسان كسلعة أحيانا
الثانى أن قطع الأعضاء فيه حكم واجب بالقطع وهو بتر الأعضاء بسبب قاهر وهو منع فساد باقى الجسد كما فى حالة الغرغرينا تطبيقا لثوله تعالى " وما جعل عليكم فى الدين من حرج " أى ضرر أى أذى وأيضا قطع الأعضاء بسبب أحكام القضاء فى السرقة وحد الحرابة
الثالث أثبت الرجل جواز بيع أشياء من الجسد مقابل أجر وهو لبن المرضعة غير الأمة بقوله تعالى " فسترضع له أخرى" وايضا إرضاع الأم المطلقة باجر فى قوله" فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن"
الرابع الاستقطاع المتحدث عنه يكون إما بالتبرع وإما بالشراء فأما بيع العضة بمقابل فغير جائز وأما التبرع شرط عدم وجود ضرر على المتبرع فجائز إن لم يوجد حل طبى أخر من باب قوله تعالى "ويؤثرون على أنفسهم "
ثم تناول حكم الانتفاع بأجزاء الآدمي في حالات الاضطرار فقال:
"المبحث السابع: حكم الانتفاع بأجزاء الآدمي في حالات الاضطرار
لقد أباح الشرع الإسلامي أكل المحرمات، وورد ذلك في القرآن الكريم كقوله تعالى: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم} ومن هذه الآية المباركة خرج الفقهاء بقاعدة كلية تقول: ((الضرورات تبيح المحظورات وأن الضرورة تقدر بقدرها)). والذي يتضح لي في هذا الموضوع أن الله تعالى الذي أباح أكل الميتة لتبقى الحياة لا يمنع من إباحة الاستدواء بها، فإن ضرورة الدواء كضرورة الغذاء تبيح المحظورات، ويزيد هذا القول قوة أن إباحة الأكل جازت خوفا من الهلاك ومثله العلاج نستعمله خوفا من الهلاك."

البطوش هنا يبيح التداوى بأعضاء الموتى مستشهدا بأية فى محرمات الطعام وهو كلام لا ينفع وهو لا ينفع أيضا كقياس لاختلاف الموضوعين والنتائج والأسباب فى الكثير من الأمور فمثلا المتداوى لن يموت على الفور إن لم يأخذ العضو بينما الجائع سيموت إن كان مضى على جوعه مدة طويلة
ثم قال:
"والفقهاء القدامى منعوا من الانتفاع بلحم الإنسان على بني جنسه في أبواب الضرورة لا أبواب الأطعمة والضرورة في رأي الفقهاء تبيح التداوي بالمحرم إذا لم يوجد غيره من المباحات يقوم مقامه، وعليه فهل الضرورة تبيح استقطاع أجزاء من جسم الإنسان أو جثة كوسيلة لعلاج إنسان آخر ؟
يذهب الحنفية: إلى عدم جواز التداوي بعظم الآدمي أو أي جزء من أجزائه بينما خالف في ذلك السرخسي وأجاز المداواة في العظم
ويذهب المالكية: إلى أن الضرورة لا تبرر الانتفاع بأجزاء آدمي غيره ولو كان ميتا، وهذا يشمل عندهم غير معصوم الدم كالمرتد، لكرامة الإنسان التي تتعلق بإنسانيته بصرف النظر عن صفته، وهناك سبب آخر وهو الخوف من هلاك الحي بسبب ذلك كما أن بعضهم يرى أن السبب تعبدي لا تدرك حكمته.
وأما الظاهرية: لا يجيزون الانتفاع بأجزاء الآدمي إلا اللبن وحده لوجود نص بإباحته.
وأما الحنابلة: فهم لا يجيزون حتى للمضطر الانتفاع بأجزاء الآدمي ولو ميتا متى كان معصوم الدم قبل موته ومن تقدم يحرم هذا العمل حتى للضرورة ومن جانب آخر، يجيز الشافعية للمضطر أن ينتفع بأجزاء الآدمي سواء كان معصوم الدم أو مهدور الدم وفقا للتفصيل التالي:
يجوز للمضطر أن يستعمل جسم إنسان مهدور الدم كالحربي والزاني المحصن أو جثته في الغذاء ولا يجوز عندهم أن يقطع جزءا للغذاء، ولا أن يقدم جزءا للمضطر لأن الضرر لا يزال بمثله. ويجوز للمضطر، عند الشافعية أن يقطع جزءا من جسمه ليأكله إن لم يجد غيره، لأنه إحياء للنفس بإتلاف عضو فجاز، وهذا من باب استيفاء الكل بزوال الجزء وعللوا الجواز قياسا على قطع العضو الذي أصابته الأكلة (الغرغرينا) لإحياء النفس
ومؤدى هذا أنه يجوز عندهم استقطاع جزء من جسمه لمصلحته العلاجية، وهو جواز مشروط بما يلي:
1 - ألا يجد المضطر غيره، ولو مغلظ الحرمة كلحم الخنزير.
2 - أن يكون المضطر معصوما، فلو كان مهدور الدم لم يجيزوا له الانتفاع بلحم الآدمي الميت.
3 - ألا يكون المضطر ذميا أو معاهدا أو مستأمنا إذا كانت أجزاء الميتة لمسلم.
4 - أن يكون الضرر المترتب على عدم الانتفاع أعظم من الضرر المترتب على عدم مراعاة المحظور (أي المصلحة أعظم من المفسدة).
وكل هذا في أجزاء الميت خلافا لأجزاء الحي.
ونتيجة لما تقدم من الحظر والإباحة بشروط كل منهما، فهل إذا توافرت شروط الضرورة ورضاء الإنسان بأن يعطي عضوا من جسده، إذا كان الهدف من ذلك لا يتعارض مع الكرامة الإنسانية، والمصلحة أعظم من المفسدة، فهل تنقلب الضرورة إلى إباحة أم لا ؟
أمام هذا الجواب عقبتان:
الأولى: دينية تتجسد في حرمة الآدمي وكرامته من ناحية وفي الضرر الذي يعود عليه من ناحية أخرى.
والثانية: تتجسد في الطابع الفقهي لأنها تتصل بالوسيلة (العقود) التي يمكن بها نقل الانتفاع بأجزاء الآدمي إلى آخر غيره.

فالعقبة الثانية لا تستوقفنا كثيرا لأن قضايا العقود تختلف من وقت لآخر، بينما في العقبة الدينية لابد لنا من وقفة، فإنه لما كان جسم الإنسان يتعلق فيه حقان: الأول: حق الله تعالى، والثاني: حق الآدمي، ولابد من معرفة إذن الشرع وإذن الآدمي كي نرتب عليهما جوابا نهائيا لهذه المسألة.
فالله تعالى يقول: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا} ففي هذه الآية الكريمة الدليل الواضح لحفظ المصالح الاجتماعية.
ويقول تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} فالتضحية من أجل الغير لها حدود تتقيد بها بشرط أن لا تؤدي إلى الهلاك أو الضرر. والسنة النبوية قد عبرت عن الوحدة الإنسانية ومدى ارتباط المؤمن بأخيه، فقال (ص): ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)). فمن هذا الحديث الشريف يمكن أن نقول بصراحة: إن أجزاء المسلمين إذا نقلت إلى بعضها البعض دون ضرر للمعطي فإنها مباحة وليست من تغيير خلق الله؛ لأن المسلمين جسد واحد. والأحكام الشرعية إنما جعلت لمصالح العباد، فقد ترى الشيء لا مصلحة فيه فيمنع منه الشرع، فإذا وجدت المصلحة فيه جاز
وإن صدور عدة فتاوى بإباحة نقل القرنية من إنسان لآخر منها فتوى دار الإفتاء المصرية الواردة في السجل رقم 88 مسلسل 512 ص93، وفتوى رقم 73/1966 المسجلة رقم 500/100 متنوع[84].
شروط إباحة الاستقطاع من الجثة:
1 - أن تكون حالة الضرورة واضحة بينة.
2 - التحقق من موت الشخص المستقطع منه.
3 - أن يكون قد أذن بذلك بدون مقابل في أثناء حياته أو رضي وليه بعد مماته.

4 - أن تكون من مسلم إلى مسلم بناء على الحديث المتقدم.
5 - أن يكون المعطي إنسانا بالغا عاقلا راشدا، وله حق الرجوع متى شاء.
6 - أن لا يتجاوز حالة الضرورة للقواعد الشرعية.
المبحث الثامن: فتاوى العلماء في هذه المسألة
انعقدت الدورة التاسعة لمجلس هيئة كبار العلماء في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية في شهر شعبان عام 1396هـ، وكانت قد تقدمت سفارة ماليزيا بجدة بمذكرة تستفسر فيها عن حكم إجراء عملية جراحية على ميت مسلم لأغراض مصالح الخدمات الطبية، كما جرى استعراض البحث المقدم في ذلك من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وتبين أن الموضوع ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: التشريح لغرض التحقق عن دعوى جنائية.
الثاني: التشريح لغرض التحقق عن أمراض وبائية لتتخذ على ضوئه الاحتياطات الكفيلة للوقاية منها.
الثالث: التشريح للغرض العلمي تعلما وتعليما.
وبعد تداول الرأي والمناقشة ودراسة البحث المقدم من اللجنة المشار إليه أعلاه قرر المجلس ما يلي:
بالنسبة للقسمين – الأول والثاني – فإن المجلس يرى أن في إجازتهما تحقيقا لمصالح كثيرة في مجالات الأمن والعدل ووقاية المجتمع من الأمراض الوبائية، ومفسدة انتهاك حرمة الجثة المشرحة مغمورة في جنب المصالح الكثيرة والعامة المتحققة بذلك، وأن المجلس لهذا يقرر بالإجماع إجازة التشريح لهذين الغرضين سواء كانت الجثة المشرحة جثة معصوم أم لا.

وأما بالنسبة للقسم الثالث وهو التشريح للغرض التعليمي فنظرا إلى أن الشريعة الإسلامية قد جاءت بتحصيل المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها، وبارتكاب أدنى الضررين لتفويت أشدهما، وأنه إذا تعارضت المصالح أخذ بأرجحها، وحيث إن تشريح غير الإنسان من الحيوانات لا يغني عن تشريح الإنسان، وحيث إن في التشريح مصالح كثيرة ظهرت في التقدم العلمي في مجالات الطب المختلفة، فإن المجلس يرى جواز تشريح جثة الآدمي في الجملة، إلا أنه نظر إلى عناية الشريعة الإسلامية بكرامة المسلم ميتا كعنايتها بكرامته حيا وذلك لما روى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي (ص) قال: ((كسر عظم الميت ككسره حيا)) ونظرا إلى أن التشريح فيه امتهان لكرامته وحيث إن الضرورة إلى ذلك منتفية بتيسير الحصول على جثث أموات غير معصومة. فإن المجلس يرى الاكتفاء بتشريح مثل هذه الجثث وعدم التعرض لجثث أموات معصومين والحال ما ذكر.
والله الموفق،"

الرجل أباح هنا نقل الأعضاء بين الأحياء ما لم يكن هناك ضرر ومن الأموات للأحياء وأباح التشريح بكل أنواعه ومن ضمنه الصنف الثالث للضرورة
قبل كل هذا لابد من القول :

أنه لا يجوز النقل إلا بعد استنفاد كل وسائل التداوى المعروفة
لا يجوز بيع الأعضاء لأن البائعين يبيعونها بسبب فقرهم
يجوز التبرع بالأعضاء بالرضا فى الحياة أو بعد الموت
أن النقل من الأموات يكون أولا لعدم وجود ضرر على الأموات من نقل الأعضاء وأما النقل من الأحياء فيكون أخر ما يتم اللجوء إليه إذا تعذر وجود العضو بين الموتى
النقل بين الأحياء يجب ان يستفتى كثرة من الأطباء عشرة مثلا فإن اجتمعوا على رأى فبها حسنت وإن لم يجتمعوا فيأخذ بقول الأغلبية 

الخميس، 25 فبراير 2021

قراءة فى خطبة السفر في الإجازة

قراءة فى خطبة السفر في الإجازة
بدأت الخطبة بالحمدلة والصلاة وهى تدور حول ما يسمونه الإجازة الصيفية حيث قال الخطيب:
"أما بعد .. أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله سبحانه، فإن تقوى الله هي الزاد في الحال والسفر، (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) .
أيها الأحبة .. عندما نتحدث عن السياحة والسفر فإننا نتحدث عن أهم قضايا الإجازة الصيفية "

بداية فى الإسلام لا يوجد شىء اسمه اجازات أى تعطل عن العمل حتى فى أيام العيد ففى يوم الجمعة الذى جعلوه اجازة قال تعالى عن العمل قبل الصلاة " إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع" وقال فى العمل بعد الصلاة "فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله"
ثم ذكر الرجل ما ظن أنه فوائد السفر فقال:
"ولا شك أن السفر له فوائد كثيرة أشار إليها الشافعي رحمه الله في قوله:
تغرب عن الأوطان تكتسب العلا /وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفريج هم واكتساب معيشة/وعلم وآداب وصحبة ماجد
فإن قيل في الأسفار ذل وشدة/وقطع الفيافي وارتكاب الشدائد
فموت الفتى خير له من حياته/بدار هوان بين واش وحاسد
فالشافعي رحمه الله عد من فوائد السفر خمس فوائد: وهي: انفراج الهم، واكتساب المعيشة، وتحصيل العلم، واكتساب الأدب، وصحبة الأخيار .
وقال الثعالبي: من فضائل السفر، أن صاحبه يرى من عجائب الأمصار، ومن بدائع الأقطار ، ومحاسن الآثار ، ما يزيده علما بقدرة الله تعالى .
أيها المبارك .. هل ستسافر؟ وإلى أين تسافر ؟ وهل تعود من سفرك مأجورا ، أو تعود مأزورا ، أو تعود سالما لا لك ولا عليك.
هذا التفصيل يجرنا إلى الحديث عن أنواع السفر ."

قطعا السفر فيه فوائد وله مضار وقد ذكر الله أن السفر متعب وسماه بلوغ البلدة بشق الأنفس وهو تعب الأنفس فقال " وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس"
وبين الخطيب وجود أنواع للسفر منها المباح ومنها المحرم فقال:
"السفر أنواع ، منه الواجب والمستحب والمباح والمحرم والمكروه .
فمن السفر المشروع : السفر لطلب العلم النافع .
وقد ألف أهل العلم وصنفوا في الرحلة في طلب العلم ، وجمع ميراث محمد - صلى الله عليه وسلم - . ورحل جابر بن عبد الله الصحابي الجليل، من المدينة مسيرة شهر في حديث عن رسول الله بلغه عن عبد الله بن أنيس، حتى سمعه عنه. قال الإمام الشعبي: لو سافر رجل من الشام إلى أقصى اليمن في كلمة تدله على هدى أو ترده عن ردى ما كان سفره ضائعا.
ولهذا لما سئل الشعبي عن هذا العلم الغزير الذي وهبه الله ، من أين لك هذا العلم؟ قال : بنفي الاعتماد ، والسير في البلاد (يعني السفر في طلب العلم) ،وصبر كالجماد ، وبكور كبكور الغراب .

وإن من السنن الحسنة التي انتشرت في بلادنا المباركة سنة الدورات العلمية المكثفة التي تعقد في كثير من المدن ، ويسافر إليها الشباب من شتى الأماكن ليتلقوا مفاتيح العلوم ، والتأصيل العلمي في فنون العلم . فعلى الشاب أن يختار من هذه الدورات أو من مواد كل دورة ما يناسب مستواه العلمي ، ثم بعد ذلك يحرص على الاستفادة وجمع الفوائد ومراجعة العلم ، مع التأدب بآداب مجالس العلم . والتي ذكرها العلماء في كتب فضل العلم وآداب العالم والمتعلم ، وطرق الاستفادة من الشيوخ ، ومن الكتب المعاصرة النافعة كتاب (معالم في طريق الطلب) للشيخ عبد العزيز السدحان وفقه الله فهو كتاب مفيد مليء بالفوائد والتجارب في تلقي العلم وتحصيله والتأدب بآدابه .
ومن السفر المشروع أيضا السفر إلى بيت الله الحرام أو مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، فيرجع الشاب إن رجع من سفره مثابا مأجورا ، وإن مات مات على عمل صالح.
وتأملوا معي قصة هذا الشاب الذي خرج مع إخوانه لأداء العمرة .. وعندما وصلوا إلى مكة دخلوا المسجد الحرام ، وهم بلباس الإحرام ، كانوا مسافرين فقالوا : لعلنا نصلي أولا ثم نؤدي العمرة ، صفوا للصلاة ، وتقدم الشاب يصلي بهم ، وبدأ يقرأ القرآن ، (والضحى والليل إذا سجى ، ما ودعك ربك وما قلى ، وللآخرة خير لك من الأولى ، ثم قال: ولسوف يعطيك ربك فترضى ، فتوقف لسانه ، ثم توقفت أنفاسه ، وخر بين يدي ربه ميتا ، محرما مصليا قارئا للقرآن . وسوف يرضى بإذن الله تعالى .

ومن السفر المشروع السفر لصلة الرحم وزيارة الأقارب ، فقد روى الإمام مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((زار رجل أخا له في قرية، فأرصد الله على مدرجته ملكا، فقال: أين تريد؟ قال: أريد أخي في هذه القرية، قال: هل لك من نعمة تربها عليه؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله عز وجل، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه)) .
أيها الإخوة .. من أنواع السفر : السفر المباح : كالسفر للترويح البريء وإجمام النفس وهذا مباح في الأصل ، وقد يتحول إلى عبادة مستحبة كأن يكون عونا للإنسان على الطاعة ، أو توسعة على الأهل والأولاد وإدخالا للسرور عليهم في حدود الاعتدال ."

ذكر الخطيب هنا السفر للترويح البريء وإجمام النفس ولا يوجد فى الإسلام ما يسمى الترويح البرىء فالسفر مثلا للاستحمام فى مياه البحر او التعرض للأشعة الشمسية وأمثال هذا هو ضرب من الخبل النفسى فالاستحمام يجوز بأى ماء فلماذا يسرف الإنسان ويتعب نفسه فى السفر من أجل شىء من الممكن ان يفعله فى مكانه وكذلك التعرض لأشعة الشمس وكذلك ما يسمى السفر للتنزه فى حدائق الحيوانات والنبات قهذا محرم إلا يكون سفرا لدراسة الحيوان والنبات لأن هذا تضييه للوقت فى غير طاعة الله
ثم قال :
"ومن أنواع السفر : السفر المحرم ،كالسفر لبلاد الكفر بلا ضرورة ، وقد ذكر أهل العلم شروطا ثلاثة لجواز السفر إلى بلاد غير المسلمين، أولها: أن يكون عند الإنسان دين يدفع به الشهوات، ثانيها: أن يكون عنده علم يدفع به الشبهات، ثالثها: وجود الحاجة للسفر كالعلاج أو الدعوة إلى الله أو تعلم علم ينفع المسلمين أو للتجارة، وكل ذلك مشروط بأن يكون مظهرا لدينه، عالما بما أوجب الله عليه، قوي الإيمان بالله، قادرا على إقامة شعائره، ولديه من العلم والتقوى ما يحول بينه وبين التأثر بالشبه والشهوات .
ومن السفر المحرم أيضا : السفر لبعض البلدان الفاسدة ، وقضاء الأوقات فيها على المحرمات .
يتهافت الشباب على وكالات السفر ليسافروا إلى تلك البلدان ، بل وحتى بعض كبار السن لم يسلموا من هذه المنكرات فهذا شيخ قد جاوز عمره الستين سنة ، سافر من هذه البلاد إلى إحدى البلدان المعروفة ليتعاطى الخمور ويقع في أحضان المومسات -عافاني الله وإياكم- فشرب في اليوم الأول ست زجاجات من الخمر، وشرب في اليوم التالي أكثر من ذلك، وشرب في اليوم الثالث اثنتي عشرة زجاجة؛ وبينما هو جالس مع أصحابه شعر بنوع من الغثيان ، فذهب ليتقيأ (أكرمكم الله) في دورة المياه . انتظره أصحابه طويلا ثم ذهبوا إليه ليجدوه ميتا ورأسه في محل قضاء الحاجة عافانا الله و إياكم من ذلك .
تحولت السياحة في عرف الكثير من الناس إلى صياعة .. تحرر من الواجبات .. وارتكاب للمحرمات ، وتعاط للمسكرات والمخدرات ، وسهرات مع النساء العاهرات .. يسافرون عبر بوابات المطار ، فيعودون عبر بوابات الإيدز والمخدرات ، بل قد يعود بعضهم وقد انسلخ من عقيدته ، وتمرد على دينه وأهله .
أخي الكريم .. يا من أعد العدة للسفر الحرام ، اسأل نفسك وأنت تدعو دعاء السفر : اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى .
هل تريد حقا بهذا السفر البر والتقوى .
وإذا عدت إلى بلادك بعد سفرك وأنت تقول: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون ، فاسأل نفسك: أزاد إيمانك في سفرك هذا أم لا؟ هل تحب أن يعلم الناس ما الذي صنعته خلال سفرك أم لا؟ فكيف بالله .. (وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير) .
هل بلغك خبر ذاك الشاب الذي ابتعد عن أهله فقلت غيرته واختلى بالمعاصي فمات بين يدي عاهرة؟ وهل سمعت بخبر من مات وقد ملأ بطنه بالشراب المحرم؟ أو ما علمت بوباء الإيدز والأمراض الجنسية التي فتكت بالملايين ممن ولغوا في المحرمات .
ومن المؤسف أن إحصائيات الإيدز في العالم لا زالت في ازدياد ، بما في ذلك الدول العربية والخليجية .
إنهم صرعى الشهوات الذين شغلتهم لذة الشهوة المحرمة عن تأمل عواقبها وعقابها .. مثلهم كما يقول ابن الجوزي في صيد الخاطر كمثل الكلب .

يقول ابن الجوزي : إن الكلب قال للأسد: يا سيد السباع ، غير اسمي فإنه قبيح . فقال له: أنت خائن لا يصلح لك غير هذا الاسم . قال: فجربني ، فأعطاه شقة لحم ، وقال: احفظ لي هذه إلى غد وأنا أغير اسمك . فجاع وجعل ينظر إلى اللحم ويصبر . فلما غلبته نفسه قال: وأي شيء باسمي وما كلب إلا أحسن اسم ، فأكل .
وهكذا الخسيس الهمة ، القنوع بأقل المنازل ، المختار عاجل الهوى على آجل الفضائل ، فالله الله في حريق الهوى إذا ثار ، وانظر كيف تطفئه ط

ما ذكره الرجل عن السفر لبلاد الكفر وإباحته لضرورة قاهرة هو أمر صحيح ولكن الحكام يقومون بابتعاث الطلبة للجنون كدراسة الدين ولفتنا عند الأجانب وهو أمر يندى له الجبين كما يقومون بالتعاثهم لدراسات معظمها إن لم يكن كلها كفر وجلب كفر لبلاد المسلمين والغريب أم المبتعثين معظمهم يعود لنشر الكفر فى البلاد لأن الكفار يقومون بتجنيدهم كعملاء لهم والغريب أن هؤلاء هم من ينولون المناصب المختلفة فى المستقبل ويحافظون على مصالح الكفار ولا يهمهم أى مصلحى أخرى
ثم قال الخطيب:
"أيها الأحبة .. كيف يكون سفرنا مباركا؟
القاعدة النبوية هي قوله - صلى الله عليه وسلم - اتق الله حيثما كنت) .. كما عند الترمذي عن أبي ذر ، وهذا من جوامع الكلم .
تقوى الله تعني : المحافظة على أوامر الله ، واجتناب نواهيه .
تقوى الله ليست محددة بزمان ولا مكان ، وأنت عبد لله في جميع الأحوال
ولا يليق بالعبد أن يعطي نفسه إجازة دينية في السفر ، والله يقول (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) .
مهمة الإنسان في هذه الحياة عبادة الله ، كما قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).
المسلم الحق ثابت على مبادئه، معتز بدينه وعقيدته، في كل زمان ومكان ، فمحياه كله لله، وأعماله جميعها لمولاه، (قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين ، لا شريك له وبذالك أمرت وأنا أول المسلمين)"

قطعا على المسلم طاعة أحكام الله فى سفره ثم قال مبينا ما سماه آداب السفر:
"الحمد لله على إحسانه ...
أيها المؤمنون .. للسفر آداب كثيرة .
فيستحب لمن عزم على السفر أن يبدأ بالتوبة من المعاصي وأن يخرج من مظالم الخلق ويقضي ما أمكنه من ديونهم، ويكتب وصيته ، ويترك لأهله ما يلزمهم من نفقة ونحوها. ويستحب له أن يطلب رفيقا صالحا، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه .

وقد حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على الرفقة في السفر، فقال: ((الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب)) رواه أحمد وأبوداود والترمذي ومالك وصححه الألباني ."
قطعا رواية لم يقلها النبى(ص) لأنه لو قالها فقد اعتبر نفسه وصاحبه فى الغار شيطانان كما قال تعالى "ثانى اثنين إذ هما فى الغار"
ولكان إبراهيم(ص) ولوط(ص) شيطانان لأنهما سافر أى هاجرا من بلد الكفر التى أهلكها الله قبل الهلاك
لا الراكب شيطان ولا الاثنين ولا الثلاثة طالما هم فى طاعة اللهثم قال:
"ويشرع للمسافر أن يدعو بدعاء السفر في أول سفره ، كما يستحب له التكبير إذا ارتفعت به الأرض، والتسبيح إذا انخفضت به الأرض ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في سفره إذا علا على شرف كبر، وإذا هبط واديا سبح، وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا) رواه البخاري ."
هذا الكلام يجعلنا نترك حكم الله فى الركوب للسفر وهو قوله تعالى :
"والذى خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون"
فهنا المذكور هو قول سبحان ولا يوجد فى الآيات تكبير والكلام يكون عند بداية السفر بالركوب وليس فى اآ مرحلة أخرى
ثم قال :
وعلى المسافر أن يراعي تصرفات أبنائه وبناته ، وأن يحذر من انفلاتهم في مشاهدة القنوات الفضائية التي توجد في بعض الفنادق والشقق المفروشة ، وعليه أن يلزم نساءه الحجاب الشرعي ، فلا تتساهل المرأة في أمر الحجاب في الأسواق والطرقات بحجة أنها لا تعرف في السفر .
أيها الأحبة .. وقبل أن نسافر ، علينا أن نتذكر أننا كلنا مسافرون ، مسافرون في حياتنا وسائرون إلى ربنا .
كل إنسان في هذه الحياة مسافر إلى ربه كما يقول ابن القيم فمن الناس من يحط رحله في الجنة ومنهم من يحط رحله في النار ، فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور .
إنه السفر الذي لا بد له من التزود ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) .
تزود للذي لا بد منه فإن الموت ميقات العباد
أترضى أن تكون رفيق قوم لهم زاد وأنت بغير زاد"