الخميس، 31 أغسطس 2023

الأفواه فى القرآن

الأفواه فى القرآن
بلوغ الفاه
بين الله للمؤمنين أن دعوة الحق والمراد أن دين العدل وهو الإسلام لله مصداق لقوله بسورة الزمر "ألا له الدين الخالص"ويبين لنا أن الذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشىء والمراد أن الذين يعبدون من سوى الله لا يعطون لهم أى عطاء وهذه المقارنة بين دين الله وأديان الكفر ترينا أن الله يعطى المسلم حقه فى الدنيا والآخرة بالثواب ويعطى الكافر حقه بالعذاب وأما الآلهة المزعومة فلا تعطى أى شىء سواء ثوابا أو عقابا ويشبه الله الداعى غير الله بباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه والمراد بفارد كفيه إلى الماء ليصل فمه ومع ذلك ما هو ببالغه أى ما هو بواصله لأن الماء تسرب من بين أصابعه المفرودة فكما أن الأول لا يأخذ شىء من آلهته المزعومة فباسط كفيه لا يأخذ شىء من الماء ويعلن الله فى نهاية الآية أن دعاء الكافرين فى ضلال والمراد طاعة الكاذبين فى خسارة وبألفاظ أخرى أعمال المكذبين بدين الله حابطة لا قيمة لها
وفى هذا قال تعالى :
"له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشىء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا فى ضلال "
خروج البغض من الأفواه
طلب الله من الذين آمنوا أى صدقوا بوحى الله ألا يتخذوا بطانة من دونهم والمراد ألا يجعلوا الكفار أولياء من سوى المسلمين إلا أن يأخذوا منهم التقاة وهى الحذر كما قال فى نفس السورة "إلا أن تتقوا منهم تقاة "ويبين الله لهم السبب فى عدم اتخاذ الكافرين أنصار وهو أنهم لا يألون المسلمين خبالا والمراد أنهم لا يزيدونهم إلا تخبطا أى حيرة وهذا يعنى أن نصيحتهم هى من أجل ضرر المسلمين فى نهاية المطاف حتى لو بدت فى صالحهم أولا،ويبين الله لهم أنهم ودوا ما عنتم والمراد أرادوا الذى رفض المسلمون قبوله منهم وهو الكفر،ويبين لنا أن البغضاء وهى الكراهية قد بدت من أفواههم والمراد ظهرت من حديثهم مع المسلمين وما تخفى صدورهم أكبر أى والذى تكتم نفوسهم أعظم من الذى أظهروا من الكراهية ،ويبين الله لهم أنه قد بين لهم الآيات والمراد قد وضح لهم الأحكام إن كانوا يعقلون أى يفهمون فيطيعون حكم الله
وفى هذا قال تعالى :
"يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون "
إرادة اطفاء نور الله بالأفواه
بين الله للمؤمنين أن أهل الكتاب يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والمراد يحبون أن يزيلوا حكم الرب بكلماتهم وهو تحريفهم مصداق لقوله بسورة المائدة"يحرفون الكلم من بعد مواضعه"ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون والمراد ويرفض الرب إلا أن يكمل نعمته وهو حكمه ولو مقت المشركون مصداق لقوله بسورة النحل"كذلك يتم نعمته عليك"وقوله بسورة التوبة "ولو كره المشركون
وفى هذا قال تعالى :
"يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون "
بين الله للمؤمنين أن من أظلم أى "ومن أضل"كما قال بسورة الأحقاف والمراد أن الكافر هو من افترى على الله الكذب والمراد من نسب إلى الرب الباطل الذى لم يقله وهو يدعى إلى الإسلام والمراد وهو ينادى لطاعة الحق والله لا يهدى القوم الظالمين والمراد والرب لا يحب أى لا يرحم الناس الكافرين والكفار يريدون أى يحبون أن يطفئوا نور الله والمراد أن يزيلوا حكم الله وهو الوحى من الوجود ويبين لهم أنه متم نوره والمراد مكمل دينه مصداق لقوله بسورة المائدة "أكملت لكم دينكم "ولو كره الكافرون أى"ولو كره المشركون" أى ولو بغض المكذبون للدين إكماله .
وفى هذا قال تعالى :
"ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدى القوم الظالمين يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم ولو كره الكافرون "
الأدعياء بالأفواه
بين الله للمؤمنين أنه ما جعل لرجل من قلبين فى جوفه والمراد ما خلق لإنسان من عقلين أى بصيرتين فى نفسه وإنما خلق لكل واحد بصيرة أى عقل واحد مصداق لقوله بسورة القيامة "بل الإنسان على نفسه بصيرة "وما جعل أزواجكم اللاتى تظاهرون منهن أمهاتكم والمراد ما خلق نسائكم اللاتى تحرمونهن بالقول ولا تطلقوهن والدات لكم وهذا يعنى أن كلامهم لا يثبت حقيقة لمجرد قوله ما دام الله لم يشرعه،وما جعل أدعياءكم أبناءكم والمراد وما شرع أن أنسباءكم وهم الأطفال الذين يتبنونهم أولاد لهم والسبب أنهم لم ينجبوهم من أصلابهم وهذا يعنى تحريم الظهار والتبنى لأن ذلكم وهو الظهار والتبنى هو قولهم بأفواههم أى كلامهم بألسنتهم وليس له أساس فى الحقيقة ،وبين لهم أنه يقول الحق أى يحكم بالعدل وفسر هذا بأنه يهدى السبيل أى يبين الطريقين الحق والباطل ليتبعوا الحق مصداق لقوله بسورة البلد"وهديناه النجدين "ويطلب الله منهم أن يدعوهم لآباءهم والمراد أن ينسبوهم إلى آباءهم والمراد أن يسموهم باسم الآباء الحقيقيين المعروفين لديهم لأن هذا أقسط أى أعدل عند الله والمراد فى كتاب الرب ويبين لهم أنهم إن لم يعلموا آباءهم والمراد إن لم يعرفوا آباءهم لسبب ما فالواجب أن يجعلوهم إخوانهم فى الدين أى مواليهم والمراد أنصار فى الإسلام وهذا يعنى أن يسموا الواحد أو الواحدة فلان أخو فلان أو فلانة أخت فلان أو فلانة فى الإسلام أى فلان مولى فلان أو فلانة مولاة فلان أو فلانة
وفى هذا قال تعالى :
"ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه وما جعل أزواجكم اللائى تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعيائكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدى السبيل ادعوهم لآباءهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم فى الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما "
القول بالأفواه
بين الله للمؤمنين والمؤمنات فى عهد النيى (ص)أن لولا فضل وهو رحمة الله والمراد نفع أى نصر الله لهم فى الدنيا وهى الأولى والآخرة وهى القيامة لحدث التالى مسهم فيما أفاضوا فيه عذاب عظيم والمراد أصابهم بسبب الذى خاضوا فيه والمراد تكلموا به عن زوجة النبى (ص)عقاب كبير ويبين لهم أنهم كانوا يقولون بألسنتهم وفسر هذا بأنهم كانوا يقولونه بأفواههم والمراد كانوا يزعمون بكلماتهم ما ليس لهم به علم أى الذى ليس لهم به معرفة يقين والمراد تكلموا عن الذى لم يروه بأنفسهم وهم يحسبونه هين والمراد وهم يظنون الكلام فيه يسير أى مباح وهو عند الله عظيم أى وهو فى كتاب الرب محرم كبير
" وفى هذا قال تعالى :
"ولولا فضل الله عليكم ورحمته فى الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم "
بين الله للمؤمنين أن ما أصابهم وهو ما نزل بهم من الهزيمة يوم التقى الجمعان أى يوم تقاتلت جماعة المسلمين وجماعة الكافرين هو بإذن أى أمر الله والسبب فى الهزيمة هو أن يعلم الله المؤمنين ويعلم الذين نافقوا والمراد أن يميز الله المسلمين ويميز الذين أظهروا الإسلام وأخفوا الكفر ،وبين الله للمؤمنين أنهم قالوا للمنافقين:تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا والمراد هيا لتجاهدوا فى نصر دين الله أى حاربوا كان ردهم :لو نعلم قتالا لأتبعناكم والمراد لو نعرف حربا ستحدث لذهبنا معكم وهذا يعنى أنهم يعتقدون اعتقادا جازما أن الحرب لن تحدث ولذا فهم لن يذهبوا لمعرفتهم بذلك وهذا إدعاء بعلم الغيب منهم وهو ذنب أخر ،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين كانوا فى ذلك اليوم أقرب للكفر أى أعمل للتكذيب بحكم الله من الإيمان وهو التصديق بحكم الله ،وبين لهم أنهم يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم والمراد يتكلمون بألسنتهم كلاما حسنا ليس فى نفوسهم التى تمتلىء بالحقد ،ويبين للمؤمنين أنه أعلم بما يكتمون والمراد أعرف بالذى يخفون فى أنفسهم من الحقد
وفى هذا قال تعالى :
"وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لأتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم والله أعلم بما يكتمون
بين الله لنا أن اليهود قالوا أن عزيرا وهو احد الرسل هو ابن أى ولد الله نسبا وقال النصارى أن المسيح وهو عيسى هو ابن أى ولد الله نسبا وهذا هو قولهم بأفواههم والمراد كلامهم بألسنتهم سببه أنه يضاهؤن قول الذين كفروا من قبل والمراد يقلدوا كلام وهو حكم الذين أشركوا بالله من قبلهم والكل الذى قال هذا قاتلهم الله والمراد لعنهم أى أعد لهم العذاب الأليم أنى يؤفكون والمراد كيف يفترون الكذب على الله وهم يعلمون الحق
وفى هذا قال تعالى :
"وقالت اليهود عزير بن الله وقالت النصارى المسيح بن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهؤن قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون "
خاطب الله الرسول وهو محمد(ص) فينهاه عن الحزن على الذين يسارعون فى الكفر والمراد يزجره عن الأسى على الذين يتسابقون فى عمل أعمال التكذيب لحكم الله لأنهم لا يستحقون ذلك وهم الذين قالوا آمنا بأفواههم والمراد الذين قالوا صدقنا حكم الله بكلماتهم وهى ألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم أى ولم تصدق نفوسهم بحكم الله أى لم يدخل الإيمان فى قلوبهم كما قال بسورة الحجرات "ولما يدخل الإيمان فى قلوبكم"،
وفى هذا قال تعالى :
"يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم "
رد اليد فى الفاه
سأل الله الناس :ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم والمراد هل لم تبلغكم قصص الذين من قبلكم قوم أى شعب نوح(ص)وعاد وثمود والذين من بعد وفاتهم لا يعلمهم أى لا يعرفهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات أى أتتهم مبعوثوهم بالآيات المعجزة والوحى فكانت النتيجة أن ردوا أيديهم فى أفواههم والمراد جعلوا نياتهم على ألسنتهم والمراد أظهروا الذى فى قلوبهم بكلماتهم فقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به والمراد إنا كذبنا بالذى بعثتم به وهو حكم الله ومعجزاته وإنا لفى شك مما تدعوننا إليه مريب والمراد وإنا لفى كفر بالذى تطالبوننا بطاعته عظيم وهذا يعنى أنهم أعلنوا كفرهم للرسل(ص).
وفى هذا قال تعالى :
"ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم فى أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفى شك مما تدعوننا إليه مريب "
الكلمة الخارجة من الأفواه
بين الله للناس أن القرآن ينذر أى يخوف بالعذاب الذين قالوا اتخذ الله ولدا أى اصطفى الله ابنا وهذا يعنى أنهم يزعمون أن الله ينجب أولاد،وبين لنا أن الكفار وآبائهم ليس لهم به أى بذلك القول من علم أى وحى يثبته وإنما هو قول بلا دليل من عند الله ،ويبين أن ذلك القول هو كلمة كبرت أى عظمت فى الخطأ تخرج من أفواههم والمراد تدور على ألسنتهم ويبين لنا أنهم لا يقولون إلا الكذب والمراد إن يزعمون إلا الباطل وهذا يعنى أن لا أصل لتلك الكلمة
وفى هذا قال تعالى :
"وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولوا إلا كذبا"
الختم على الأفواه
بين الله لنبيه (ص)أنه يقول للكفار على لسان الملائكة ككل الأقوال السابقة :هذه جهنم التى كنتم توعدون والمراد هذا السعير الذى كنتم تخبرون به فى الدنيا ،اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون والمراد فذوقوا العذاب الآن بما كنتم تكذبون أى تكسبون أى تكذبون مصداق لقوله بسورة الأنعام"فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون"وقوله بسورة يونس"بما كنتم تكسبون"،وفى يوم القيامة يختم الله على أفواه الكفار أى يشل الله ألسنة الكفار عن الكلام الجهرى مصداق لقوله بسورة المرسلات"هذا يوم لا ينطقون "ويجعل الله أيديهم تكلمه أى تحدثه بما فعلت فى الدنيا وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون أى وتقر أقدامهم بالذى كانوا يعملون فى الدنيا مصداق لقوله بسورة النور"يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون "وهذا يعنى وجود مسجلات فى أعضاء الإنسان تسجل ما تعمله
وفى هذا قال تعالى :
"هذه جهنم التى كنتم توعدون اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون "

الأربعاء، 30 أغسطس 2023

الفلاح فى القرآن

الفلاح فى القرآن
أسباب الفلاح:
طلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس لا يستوى الخبيث والطيب أى كما قال بسورة الحشر"لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة"فالخبيث وهو الكافر أى صاحب النار لا يتشابه فى الأجر مع الطيب وهو المسلم صاحب الجنة ،ويبين له أنهم لا يتساوون حتى لو أعجبته أى استحسنت نفسه كثرة الخبيث والمراد كثرة عدد الكفار لأن العدد لا يدل على الفريق الفائز ويقول"فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون"أى كما قال بسورة آل عمران "وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون"فاتقوا تعنى أطيعوا حكم الله وتفلحون تعنى ترحمون والمراد فاتبعوا حكم الله يا أصحاب العقول لعلكم ترحمون
وفى هذا قال تعالى :
"قل لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون"
خاطب الله الذين أمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله طالبا منهم أن يتقوه أى يخافوا ناره فيطيعوا حكمه مصداق لقوله تعالى بسورة البقرة"فاتقوا النار"وفسر هذا بأن يبتغوا إليه الوسيلة والمراد أن يعملوا لجنته المطلوب منهم وهو طاعة حكم الله وفسر هذا بأن يجاهدوا فى سبيله أى يعملوا على نصر دينه بطاعتهم له والسبب حتى يفلحوا أى يفوزوا بجنة الله وهى رحمته مصداق لقوله تعالى بسورة آل عمران"وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون"فأطيعوا تعنى اتقوا تعنى ابتغوا تعنى جاهدوا وتفلحون تعنى ترحمون
وفى هذا قال تعالى :
"يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا فى سبيله لعلكم تفلحون"
طلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس واتقوا الله لعلكم تفلحون وهو ما فسره قوله تعالى بسورة البقرة "اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون "فتقوى الله هى عبادته أى طاعة حكمه وتفلحون تفسرها تتقون
فهنا طلب الله من المسلمين أن يتقوه أى يعبدوه أى يطيعوا حكمه لعلهم يفلحون أى يرحمون والمراد يدخلون الجنة
وفى هذا قال تعالى :
" واتقوا الله لعلكم تفلحون "
بين الله للذين أمنوا أى صدقوا بوحى الله أن الأشياء التالية رجس من عمل الشيطان أى شر من عمل الكافر ولذا هى محرمة عليهم:
-الخمر وهى المغيبات التى تجعل الإنسان لا يدرى ما يقول أو يفعل .
-الميسر وهو المال الناتج من طريق اللعب بأى شىء فيكون هناك كاسب وخاسر.
-الأنصاب وهى الأصنام.
-الأزلام وهى التقسيمات المعتمدة على الحظ فيكون فيها كاسب وخاسر.
ومن ثم يطلب منهم أن يجتنبوها أى أن ينتهوا عنها والمراد ألا يعملوها والسبب حتى يفلحوا أى يفوزوا برحمة الله
وفى هذا قال تعالى :
"يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون"
بين الله لنا أن هود(ص)قال لقومه :أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم أى هل اندهشتم لما أتاكم حكم من خالقكم على إنسان منكم ليبلغكم به ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بسبب تكذيبهم له وهو تعجبهم من تمييز الله له بإنزال الوحى عليه وهو الذى أبلغه لهم وهو أمر ليس عجيب لأنه حدث من السابقين وسيحدث من اللاحقين ،وقال :واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم بصطة فى الخلق والمراد اعلموا نعمة الله عليكم وقت أن اختاركم حكام للأرض من بعد شعب نوح(ص)وأعطاكم زيادة فى القوة مصداق لقوله لهم بسورة هود"ويزدكم قوة إلى قوتكم "وهذا يعنى أن عاد خلفوا قوم نوح(ص)فى البلاد وقد أعطاهم الله قوة أى سعة عظيمة من نعمه ،وقال فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون والمراد فاتبعوا آيات وهى أحكام الله" لعلكم ترحمون "كما وفى هذا قال تعالى :بنفس السورة وهذا يعنى أنه يطلب منهم أن يطيعوا حكم الله حتى يرحمهم .
وفى هذا قال تعالى :
"أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم فى الخلق بصطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون"
خاطب الله الذين أمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله فيقول :إذا لقيتم فئة فاثبتوا والمراد إذا حاربتم جماعة كافرة فاغلبوهم وهذا وجوب أن ينتصر المسلمون ولا يولوهم الأدبار مصداق لقوله بنفس السورة "إذا لقيتم الذين كفروا فلا تولوهم الأدبار "واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون والمراد وأطيعوا حكم الله دوما لعلكم ترحمون مصداق لقوله "وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون "
وفى هذا قال تعالى :
"يا أيها الذين أمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون "
خاطب الله الذين أمنوا أى صدقوا حكمه فيطلب منهم فيقول اركعوا أى اسجدوا أى اعبدوا ربكم والمراد أطيعوا حكم خالقكم وفسره بأنه افعلوا الخير أى اعملوا الصالح لعلكم تفلحون أى تفوزون برحمة الله مصداق لقوله بسورة آل عمران"وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون "
وفى هذا قال تعالى :
"يا أيها الذين أمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون "
طلب الله من نبيه (ص) أن يقول للمؤمنين وهم المصدقين بالوحى جميعا أن يتوبوا إلى الله والمراد أن يعودوا لدين الله والمراد أن ينيبوا لطاعة حكم الله لعلهم يفلحون أى يفوزون برحمته فى الدنيا والآخرة
وفى هذا قال تعالى :" وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون "
المفلح من آمن
بين الله للناس أنه قد أفلح المؤمنون أى قد فاز برحمة الله المصدقون بحكم الله وهم المتزكون مصداق لقوله بسورة الأعلى "قد أفلح من تزكى"
وفى هذا قال تعالى :" قد أفلح المؤمنون "
المفلح من تزكى:
بين الله لنبيه (ص)أنه قد أفلح من تزكى والمراد قد فاز برحمة الله وهى جنته من أسلم لله وفسر هذا بأنه من ذكر اسم ربه فصلى والمراد من علم بحكم خالقه فأتبعه
وفى هذا قال تعالى :"قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى "
أقسم الله بالشمس وضحاها وهو صباحها والقمر إذا تلاها أى تبع الشمس فى الظهور والنهار إذا جلاها والمراد إذا كشف النهار الشمس والليل إذا يغشاها أى إذا يخفى الشمس ،والسماء وما بناها وهو الله الذى شيدها والأرض وما طحاها أى والله الذى كورها ونفس وما سواها أى والله الذى خلقها فألهمها فجورها وتقواها والمراد فعلمها كفرها وإسلامها وهذا هو هدايتها النجدين مصداق لقوله بسورة البلد"وهديناه النجدين "وهو يقسم على أنه قد أفلح من زكاها أى نجح من طهر نفسه والمراد فاز برحمة الله من آمن مصداق لقوله بسورة المؤمنون "قد أفلح المؤمنون" وقد خاب من دساها أى وفشل أى وسقط من دنسها أى ظلمها مصداق لقوله بسورة طه"وقد خاب من حمل ظلما ".
وفى هذا قال تعالى :"
والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها "
المفلح من اهتدى:
بين الله أن المتقون يسيرون على دين من عند خالقهم ويفسره قوله بسورة الأنعام "ومن يشإ يجعله على صراط مستقيم "فالمسلمون يطيعون الصراط السليم الذى نزل عليهم من الله ومن المقارنة بين قوله بسورة القلم "وإنك على خلق عظيم"وقوله بسورة الحج"إنك لعلى هدى مستقيم"نجد أن الخلق هو الهدى هو الصراط المستقيم أى العظيم وقوله "وأولئك هم المفلحون"يفسره قوله بسورة التوبة "وأولئك هم الفائزون"والمتقون هم الذين أفلحوا أى فازوا برحمة الله ومعنى الآية :المتقون يسيرون على طاعة دين منزل من إلههم والمتقون هم الفائزون برحمة الله
وفى هذا قال تعالى :
"أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون "
أمة الخير المفلحون:
طلب الله من المؤمنين أن يكونوا أمة والمراد يشكلوا فريق منهم تكون مهمته هى أن يدعو إلى الخير والمراد أن يرغب فى الإسلام وفسر الله مهمة الفريق بأنهم يأمرون بالمعروف أى يطالبون الآخرين بعمل الصالحات وينهون عن المنكر والمراد ويزجرون الآخرين عن الشر والمراد يطلبون من الناس البعد عن الجرائم وبين الله لنا أن المؤمنين هم المفلحون أى الفائزون برحمة الله فى الدنيا والآخرة
وفى هذا قال تعالى :
"ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون"
المفلحون من ثقلت موازينهم:
بين الله للناس أن الوزن وهو الحكم أى الملك مصداق لقوله بسورة الفرقان"والملك يومئذ الحق للرحمن"وهو الأمر لقوله بسورة الإنفطار"والأمر يومئذ لله"فالحكم فى يوم القيامة العدل لله ،ويبين لهم أن من ثقلت موازينه أى من حسنت أى من قبلت أعماله فأولئك هم المفلحون أى "أصحاب الجنة هم الفائزون"كما قال بسورة الحشر وأما من خفت موازينه أى ساءت أى رفضت أعماله أى كفر بآيات الله فأولئك الذين خسروا أى أهلكوا أى ظلموا أنفسهم والسبب ما كانوا بآياتنا يظلمون أى الذى كانوا بأحكام الله يجحدون أى يكفرون
وفى هذا قال تعالى :
"والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون"
المفلحون من اتبعوا النور المنزل :
بين الله لنا أن الله قال لموسى(ص)أن المكتوب لهم رحمة الله هم الذين يتبعون الرسول النبى الأمى والمراد الذين يطيعون حكم المبعوث المختار المكى وسماه أمى نسبة لأم القرى وهى مكة الذين يجدونه مكتوبا عندهم والمراد الذين يلقونه مذكورا لديهم فى التوراة والإنجيل وهذا يعنى أن محمد(ص)مذكور بالتوراة والإنجيل ذكرا واضحا لا لبس فيه وهو يأمرهم بالمعروف والمراد يطالبهم بالعدل مصداق لقوله بسورة النحل"ومن يأمر بالعدل"وفسر الله هذا فى آيتنا بأنه يحل لهم الطيبات والمراد يبيح لهم الأعمال الحسنات وينهاهم عن المنكر أى يزجرهم عن الظلم وهو السوء وهو الفساد مصداق لقوله بسورة الأعراف"وينهون عن السوء"وقوله بسورة هود"ينهون عن الفساد"وفسر هذا فى آيتنا بأنه يحرم عليهم الخبائث والمراد يمنع عليهم السيئات وهى الأعمال المنكرة وقال ويضع عنهم إصرهم وفسره بأنه الأغلال التى كانت عليهم والمراد أنه يحرم على القوم ثقلهم وهو الأحكام التى كانت تقيدهم فلا يقدرون على طاعتها ،وبين له أن الذين أمنوا به أى صدقوا بحكمه وعزروه أى أطاعوا حكمه وفسرهم بأنهم نصروه أى اتبعوا حكمه وفسرهم بأنهم اتبعوا النور الذى أنزل معه والمراد أطاعوا الحق الذى أوحى إليه مصداق لقوله بسورة محمد"وإن الذين أمنوا اتبعوا الحق من ربهم"أولئك هم المفلحون أى الفائزون برحمة الله مصداق لقوله بسورة التوبة"وأولئك هم الفائزون".
وفى هذا قال تعالى :
"الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذين يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم فالذين أمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى أنزل معه أولئك هم المفلحون"
بين الله لنبيه (ص)أن قول المؤمنين وهو رد المصدقين بحكم الله إذا دعوا إلى الله ورسوله والمراد إذا نودوا إلى طاعة كتاب الرب المنزل على نبيه (ص)ليحكم أى ليقضى بينهم فى قضاياهم هو سمعنا أى علمنا الحكم وأطعنا أى ونفذنا الحكم أولئك هم المفلحون أى "فأولئك هم الفائزون "كما قال بالآية التالية وهم داخلوا الجنة .
وفى هذا قال تعالى :
"إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون "
المفلحون من وقوا شح أنفسهم:
بين الله أن من يمنع كفر نفسه فأولئك هم الفائزون برحمة الله وفى هذا قال تعالى :
" ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون"
المفلحون من رضى الله عنهم :
بين الله لنبيه (ص)أنه لا يجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر والمراد لا يعرف ناسا يصدقون بحكم الرب ويوم البعث يوادون من حاد الله ورسوله والمراد يحبون أى يناصرون أى يحالفون من خالف حكم الله المنزل على نبيه (ص)حتى ولو كان هؤلاء الناس آباءهم أو أبناءهم وهم أولادهم أو إخوانهم أو عشيرتهم وهم زوجاتهم فهم يعادون أفراد عائلاتهم لو كانوا مخالفين لحكم الله أولئك كتب فى قلوبهم الإيمان والمراد أولئك أسكن الله فى نفوسهم التصديق لحكمه وأيدهم بروح منه والمراد ونصرهم بنصر أى بجند من عنده مصداق لقوله بسورة الأنفال "وأيدكم بنصر منه"ويدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها والمراد ويسكنهم حدائق تتحرك من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة مقيمين فيها رضى الله عنهم والمراد قبل الرب منهم أحسن عملهم وهو دينهم الإسلام مصداق لقوله بسورة آل عمران"ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه"وقوله بسورة الأحقاف "أولئك نتقبل عنهم أحسن ما عملوا "ورضوا عنه والمراد وفرحوا بثوابه أى وقبلوا أجر إسلامهم أولئك حزب الله والمراد أولئك متبعوا دين الله ألا إن حزب الله هم المفلحون والمراد ألا إن متبعوا دين الله هم المرحومون أى الفائزون بالجنة
وفى هذا قال تعالى :
" لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب فى قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها رضى الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون "
التائبون هم المفلحون
بين الله لنبيه (ص)أن فى يوم القيامة ينادى أى يخاطب أى يسأل الله الكفار على لسان الملائكة فيقول :ماذا أجبتم المرسلين أى بماذا رددتم على الأنبياء ؟وفى هذا اليوم عميت عليهم الأنباء أى خفيت عليهم الأخبار والمراد أنهم جهلة بالأحداث فى هذا اليوم ومن ثم فهم لا يتساءلون أى لا يستفهمون عن شىء لأن "لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه " كما قال بسورة عبس وأما من تاب أى أناب لدين الله وفسر هذا بأنه آمن أى صدق حكم الله وعمل صالحا أى وفعل حسنا مما فى حكم الله فعسى أن يكون من المفلحين وهم الفائزين بجنة الله مصداق لقوله بسورة مريم "إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ".
وفى هذا قال تعالى :
"ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين"
الظالمون المجرمون لا يفلحون:
بين الله للنبى(ص) أن الأظلم وهو الكافر هو من افترى على الله كذبا والمراد الذى قال على الله باطلا أى نسب إلى دين الله أحكام لم يقلها الله وهو الذى كذب بآياته أى كفر بأحكام الله والمراد الذى كفر بالصدق مصداق لقوله بسورة الزمر"فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه "ويبين لنا أنه لا يفلح المجرمون والمراد أنه لا يفوز الكافرون برحمة الله مصداق لقوله بسورة المؤمنون"إنه لا يفلح الكافرون"
وفى هذا قال تعالى :
"فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون"
بين الله لنبيه (ص) أن الأظلم وهو الأضل مصداق لقوله بسورة الأحقاف"ومن أضل"هو الذى افترى على الله كذبا أى نسب إلى الله الباطل وهو ما لم يقله الله أو كذب بآياته والمراد وكفر بالصدق وهو أحكام الله مصداق لقوله بسورة الزمر"فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق لما جاءه "ويبين له أنه لا يفلح الظالمون والمراد لا يفوز الكافرون برحمة الرب مصداق لقوله بسورة القصص"ويكأنه لا يفلح الكافرون "
وفى هذا قال تعالى :
"ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون "
السحرة لا يفلحون:
بين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لقوم فرعون أتقولون للحق لما جاءكم والمراد أتطلقون على الصدق لما أتاكم أسحر هذا والمراد أخداع هذا ؟ولا يفلح الساحرون والمراد ولا يرحم المجرمون مصداق لقوله بسورة يونس"إنه لا يفلح المجرمون"وهذا يعنى أنه يخبرهم أن ما جاء به ليس سحرا وإنما حق من عند الله
وفى هذا قال تعالى :
"قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون "
يبين الله لنبيه (ص) أن الله قال لموسى (ص)لا تخف أى لا تخشى الهزيمة ،إنك أنت الأعلى أى المنتصر على السحرة ،وألق ما فى يمينك تلقف ما صنعوا أى وارم الذى فى يدك اليمنى يبتلع الذى رموا ،وهذا يعنى أن يرمى العصا حتى تتحول لثعبان يبتلع حبال وعصى السحرة ،وقال إنما صنعوا كيد ساحر أى إن الذى فعلوا سحر ماكر ولا يفلح الساحر حيث أتى أى والمراد ولا يفوز الماكر حيث عمل ،وهذا يعنى أن السحرة لا ينجحون فى مقصدهم مهما فعلوا
وفى هذا قال تعالى :
"قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى وألق ما فى يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى "
الذين يعبدون مع الله آخرين لا يفلحون:
بين الله لنبيه (ص)أن من يدع مع الله إلها آخر والمراد أن من يجعل أى يعبد مع الله ربا مزعوما لا برهان له به والمراد لا علم له به والمراد لا وحى يبيح عبادته فيه فإنما حسابه عند ربه والمراد فإن عقابه لدى خالقه وهو قعوده مذموما مخذولا مصداق لقوله بسورة الإسراء "لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا "ويبين له أنه لا يفلح الكافرون أى أنه لا يرحم الظالمون مصداق لقوله بسورة الأنعام "إنه لا يفلح الظالمون".
وفى هذا قال تعالى :
"ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لايفلح الكافرون "
الكافرون لا يفلحون:
بين الله أن الذين تمنوا مكان قارون بالأمس وهم الذين أرادوا مقام قارون وهو ماله بالبارحة أصبحوا يقولون بعد أن شاهدوا هلاك قارون :ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر والمراد إن الرب يكثر النفع لمن يريد من خلقه ويقلل وهذا إقرار منهم بخطأ تمنيهم فالله يبتلى بالغنى كما يبتلى بالفقر وقالوا لولا أن من علينا أى لولا أن رحمنا الله لخسف بنا والمراد لزلزل بنا والمراد لأهلكنا ويكأنه لا يفلح الكافرون والمراد إنه لا يفوز المكذبون أى إنه لا يرحم الظالمون مصداق لقوله بسورة الأنعام "إنه لا يفلح الظالمون "
وفى هذا قال تعالى :
"وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون "
المفترون على الله لا يفلحون:
طلب الله من نبيه (ص)أن يقول :إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون أى إن الذين "ويقولون على الله"كما قال بسورة آل عمران والمراد إن الذين يقولون على الله الباطل لا يفوزون أى الذين ينسبون لله الباطل لا يرحمون لهم متاع فى الدنيا والمراد لهم نفع قليل فى الأولى ثم إلينا مرجعهم أى "إنا إلينا إيابهم "كما قال بسورة الغاشية والمراد أن عودة الناس إلى جزاء الله ثم نذيقهم العذاب الشديد والمراد ثم ندخلهم العقاب الغليظ مصداق لقوله بسورة فصلت "ولنذيقنهم من عذاب غليظ"وهو النار والسبب ما كانوا يكفرون أى يفسقون مصداق لقوله بسورة الأعراف"بما كانوا يفسقون"
وفى هذا قال تعالى :
"قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع فى الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون "
طلب الله من الناس ألا يقولوا لما تصف ألسنتهم الكذب والمراد ألا يقولوا للذى تقول أفواههم من الباطل هذا حلال وهذا حرام والمراد هذا مباح وهذا ممنوع وهذا يعنى أنهم يشرعون لأنفسهم المباح والممنوع والسبب فى ذلك هو أن يفتروا على الله الكذب والمراد أن ينسبوا إلى الله الباطل وهذا يعنى
أنهم يقولون على الله الذى لا يعلمون أنه من عنده مصداق لقوله بسورة الأعراف"وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون "ويبين لهم أن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون والمراد أن الذين ينسبون إلى الله الباطل لا يفوزون وفسر هذا بأنهم لهم متاع قليل أى نفع قصير المدة فى الدنيا ثم لهم عذاب أليم أى عقاب شديد مصداق لقوله بسورة فاطر"لهم عذاب شديد"
وفى هذا قال تعالى :
"ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم "
المفلح عند الكفرة المستعلى:
بين الله لنبيه(ص)أن السحرة تنازعوا أمرهم بينهم والمراد تناقشوا شأنهم فيما بينهم والمراد فاختلفوا فى حكمهم فيما بينهم وقد أسروا النجوى أى وقد أخفوا الحديث فقال بعضهم لبعض:إن هذان لساحران أى ماكران والمراد مخادعان يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما أى يحبان أن يطرداكم من بلادكم ويذهبوا بطريقتكم المثلى والمراد ويفنوا صنعتكم العظمى وهذا يعنى أنهما يريان أن موسى (ص)وهارون(ص)أهدافهما تتمثل فى طرد السحرة من أرضهم وتضييع الصنعة الكبرى التى يسترزقون منها،وقالوا :فأجمعوا كيدكم أى فوحدوا سحركم ثم ائتوا صفا أى ثم جيئوا وحدة واحدة أى متحدين وقد أفلح اليوم من استعلى والمراد وقد فاز اليوم من استكبر ،وهذا يعنى أن السحرة وحدوا عملهم وسيأتون لأرض المباراة وهم متحدين وهم يبغون الفوز بها .
وفى هذا قال تعالى :
" فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى قالوا إن هذان ساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبوا بطريقتكم المثلى فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى "
لا فلاح لمن يعود لدين الكفر :
بين الله لنبيه(ص)أن كذلك أى بأمر بعثهم أى أحياهم الله حتى يتساءلوا بينهم أى حتى يستخبروا بعضهم البعض فقال قائل أى واحد منهم:كم لبثتم أى كم نمتم ؟والسبب فى سؤاله هذا هو أنه رأى منظرهم غريبا لا يدل على النوم العادى فقالوا له :لبثنا أى نمنا يوما أو بعض أى جزء من اليوم وهؤلاء أجابوا الإجابة العادية لأنهم فى عاداتهم وعاداتنا أن الإنسان قد ينام يوما أو جزء من اليوم ،ويبين له أن الفتية لما رأوا مناظرهم عرفوا أنهم ناموا أكثر من المدة التى ذكروا بكثير فقالوا لبعضهم ربكم أعلم بما لبثتم أى إلهكم أعرف بالمدة التى نمتم ثم قال أحدهم :فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة والمراد فأرسلوا واحد منكم بنقودكم هذه إلى البلدة فلينظر أيها أزكى طعاما أى فليعرف أيها أحل أى أطيب أكلا فليأتكم برزق منه أى فليجيئكم ببعض منه وليتلطف أى وليتخفى ولا يشعرن بكم أحدا والمراد ولا يعلمن بكم إنسان وهذا يعنى أن الفتية كانوا محتاجين للطعام فأوصاهم أخاهم أن يذهب واحد منهم للمدينة لإحضار الطعام بعد شرائه بالمال ونلاحظ قوله "أزكى طعاما"أنهم يعرفون الطعام المحرم من الطعام الحلال ونلاحظ أنه يريد من الذاهب للمدينة التخفى والتنكر حتى لا يعرفه أحد ويريد منه ألا يخبر أحد فى المدينة بأمرهم وبين لهم الأخ:إنهم إن يظهروا عليكم أى إن يعلموا بكم والمراد إن يجدوكم يرجموكم أى يقتلوكم أو يعيدوكم فى ملتهم والمراد أو يرجعوكم إلى دينهم ولن تفلحوا أى ولن تنجحوا إذا دائما ،وهذا يعنى أن الأخ يبصر أصحابه بأن نتيجة تعرف القوم عليهم واحدة من اثنين :الأولى الرجم وهو القتل والثانية الإعادة إلى ملة القوم وهو الرجوع إلى دين الناس وهو الكفر ونتيجة العودة لدين الكفر هى أنهم لن يفلحوا أبدا أى لن يفوزوا برحمة الله دوما .
وفى هذا قال تعالى :
"وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم فى ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا "

الثلاثاء، 29 أغسطس 2023

الفئة فى القرآن

الفئة فى القرآن
الفئة القليلة تغلب الكثيرة
بين الله لرسوله(ص)أن طالوت(ص)لما فصل بالجنود وقد قال بعضهم لما شاهدوا العدو :لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده وهذا يعنى أنهم ظنوا أنهم لن يقدروا على هزيمة العدو فى هذا الوقت ولكن الذين يظنون أنهم ملاقوا الله والمراد الذين يعلمون أنهم داخلوا جنة الله قالوا :كم من فئة أى جماعة قليلة غلبت أى هزمت فئة أى جماعة كثيرة بإذن الله أى بأمر الله والله مع الصابرين والمراد والله ناصر الطائعين لله ،وهذا يبين لنا أن العدد ليس هو السبب فى النصر وإنما السبب هو الرغبة فى نصر دين الله الذى ينصر من يطيعه بكل وسيلة ممكنة
وفى هذا قال تعالى
" قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين "
آية الفئتين
بين الله للمؤمنين أن الآية وهى العبرة لهم كانت فى الفئتين وهم الفرقتين اللتين التقتا أى تقابلتا فى ميدان الحرب فمنهم فرقة أى فئة تقاتل فى سبيل الله أى تحارب لإعلاء دين الله وأخرى كافرة أى وجماعة مكذبة بدين الله تحارب لإطفاء نور الله وكانت الفرقة المؤمنة ترى الفرقة الكافرة مثليهم رأى العين والمراد يشاهدونهم مشاهدة البصر أنهم فى العدد قدرهم مرتين وبين الله لنا أنه يؤيد بنصره من يشاء والمراد أنه يساعد بقوته من يريد وهم المؤمنين وهم جنود الله فى الكون ويبين لنا إن فى ذلك عبرة لأولى الأبصار والمراد عظة يستفيد منها أصحاب العقول وهى أن العدد لا يؤثر فى انتصار المسلمين إذا كان قليل
وفى هذا قال تعالى :
"قد كان لكم آية فى فئتين التقتا فئة تقاتل فى سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأى العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن فى ذلك لعبرة لأولى الأبصار"
الثبات عند لقاء الفئة
خاطب الله الذين أمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله فيقول :إذا لقيتم فئة فاثبتوا والمراد إذا حاربتم جماعة كافرة فاغلبوهم وهذا وجوب أن ينتصر المسلمون ولا يولوهم الأدبار مصداق لقوله بنفس السورة "إذا لقيتم الذين كفروا فلا تولوهم الأدبار "واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون والمراد وأطيعوا حكم الله دوما لعلكم ترحمون مصداق لقوله بسورة آل عمران"وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون.
وفى هذا قال تعالى
"يا أيها الذين أمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون "
التحيز لفئة
خاطب الله الذين أمنوا وهم الذين صدقوا حكمه فيقول :إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار والمراد إذا حاربتم الذين كذبوا حربا فلا تمكنوهم من النصر عليكم أى اثبتوا مصداق لقوله بسورة الأنفال"إذا لقيتم فئة فاثبتوا "ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة والمراد ومن يمكنهم يومذاك هزيمته إلا هاربا من حرب أو مناصرا لجماعة الكفار وهذا يعنى أن من يترك حرب الكفار فى الميدان يكون إما هارب خوفا من الموت أو الجرح وإما مناصر للكفار خاذل للمؤمنين وتولية الأدبار ليس معناها أن يعطيهم المقاتل ظهره ويجرى لأن الحرب ليست كلها مواجهة وإنما التخطيط للحرب يستلزم أحيانا إعطاء العدو صورة مغايرة للحقيقة مثل الهرب من الميدان للإيقاع به فى كمائن يجرها إليه الهاربون حتى يمكنوا أصحابهم منهم ،ويبين الله لهم أن من يمكن العدو من هزيمة المؤمنين قد باء بغضب من الله أى عاد"بسخط من الله
وفى هذا قال تعالى
"يا أيها الذين أمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير "
ليس لصاحب الجنة الدنيوية الكافر فئة ينصرونه
طلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس أن مالك الجنة لم تكن له فئة ينصرونه من دون الله والمراد لم تكن له جماعة ينقذونه من غير الله من عقاب الله له بهلاك الجنتين وهو ما كان منتصرا أى قاهرا لحكم الله ويبين الله لنا أن هنالك والمراد عند الحساب الولاية لله الحق والمراد النصر لله العدل وهذا يعنى أن الله ينتصر من المخلوق الظالم بالعدل ،ويبين أن الله خير ثوابا أى عقبا والمراد أحسن أجرا وهو الجنة .
وفى هذا قال تعالى
"ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا "
ليس لقارون فئة تنصره
بين الله لنا أن الله خسف أى زلزل بقارون وداره وهى قصره بمن فيه الأرض وهى اليابس المقام عليه فما كان له من فئة ينصرونه والمراد فما كان له من جماعة ينقذونه من عذاب الله وما كان من المنتصرين وهم الغالبين وهذا يعنى أنه لم يقدر على الهرب من العذاب .
وفى هذا قال تعالى :
" فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين "
الفئة الكافرة لا تغنى شيئا مهما كثرت
خاطب الله الكفار فيقول :إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح والمراد إن تريدوا الحرب فقد أتتكم الهزيمة وهذا تحذير لهم من العودة لحرب المؤمنين حتى لا يكون مصيرهم الهزيمة كالمرة السابقة ،وإن تنتهوا فهو خير لكم والمراد وإن تتركوا حرب المؤمنين فهو أحسن لكم وهذا يعنى أن الكفار إن يدعوا الحرب فهو أفضل لكم ،وإن تعودوا نعد والمراد وإن ترجعوا لقتال المؤمنين نرجع لهزيمتكم ولن تغنى عنكم فئتكم شيئا والمراد ولن تمنع عنكم جماعتكم عقابا أى هزيمة من الله ولو كثرت أى ولو عظم عددها وأن الله مع المؤمنين والمراد وأن الرب ناصر المصدقين به أى مدافع عنهم مصداق لقوله بسورة الحج"إن الله يدافع عن الذين أمنوا "
وفى هذا قال تعالى
إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغنى عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين "
تقابل الفئتين
بين الله للمؤمنين أن الشيطان زين للكفار أعمالهم والمراد أن هوى النفس وهو القرين أى الشهوة حسنت للكفار مكرهم مصداق لقوله بسورة الرعد"زين للذين كفروا مكرهم"وقال لهم قبل الحرب :لا غالب لكم اليوم من الناس والمراد لا هازم لكم الآن من الخلق وإنى جار لكم والمراد وإنى ناصر أى معين لكم على هزيمة المسلمين وهذا يعنى أنه يعدهم بالنصر ،فلما تراءت الفئتان والمراد فلما تقاتل الجمعان نكص على عقبيه والمراد رجع القرين إلى عادته وهى خذلانه لأنصاره فقال إنى برىء منكم والمراد إنى معتزل لكم أى أنا عدو لكم إنى أرى ما لا ترون والمراد إنى أعرف الذى لا تعرفون إنى أخاف الله
وفى هذا قال تعالى
"وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إنى برىء منكم إنى أرى مالا ترون إنى أخاف الله والله شديد العقاب "
انقسام المسلمين فى المنافقين فئتين
سأل الله المؤمنين فما لكم فى المنافقين فئتين؟ والمراد لماذا أنتم فى المذبذبين بين الإسلام والكفر جماعتين ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن موقفهم من المنافقين لابد أن يكون واحدا وهو عداوتهم والسبب هو أن الله أركسهم بما كسبوا والمراد هو أن الله عذبهم بالذى عملوا من الذنوب.
وفى هذا قال تعالى :
"فما لكم فى المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا "

الاثنين، 28 أغسطس 2023

الفدا فى القرآن

الفدا فى القرآن
لا فداء فى القيامة:
بين الله لنا أن الذين كفروا أى عصوا حكم الله وماتوا وهم كفار والمراد وهلكوا وهم عاصين لحكم الله لن يقبل الله منهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به والمراد لن يرضى الله أن يأخذ منه قدر الأرض ذهبا لو أراد أن يبادل به عقابه حتى يدخل الجنة وبالطبع ليس الغرض من القول سوى نفى وجود الفدية فى الأخرة لأن الذهب ليس موجودا مع الناس فى الأخرة لأنهم يجيئون فراداى ليس معهم شىء ،ويبين الله لنا أن الكفار لهم عذاب أليم والمراد عقاب كبير وليس لهم ناصرين أى ليس لهم منقذين من عقاب الله
وفى هذا قال تعالى :
"إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين "
بين الله لنبيه(ص) أن لو لكل نفس ظلمت ما فى الأرض لأفتدت به والمراد لو كان لكل فرد كذب الحق المال الذى فى الأرض ما أنقذوا به وهذا يعنى أن المال لا ينقذ أحد من العذاب لقوله "ولا يؤخذ منكم فدية" وبين له أن الكفار أسروا الندامة لما رأوا العذاب والمراد أخفوا الحسرة وهى الذل لما شاهدوا العقاب فى انتظارهم وقضى بينهم بالقسط والمراد"وقضى بينهم بالحق" كما قال والمراد أن الله حكم بينهم بالعدل وهم لا يظلمون أى لا يبخسون والمراد لا ينقص من حقهم حقا
وفى هذا قال تعالى :
"ولو أن لكل نفس ظلمت ما فى الأرض لأفتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون"
بين الله لنبيه (ص)أن الذين استجابوا لربهم وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم الجنة وهى الحسنى مصداق لقوله "وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى "وأما الذين لم يستجيبوا له أى لم يؤمنوا ولم يعملوا الصالحات فلو أن لهم والمراد لو أنهم يملكون الذى فى الأرض ومثله أى وقدره معه لأفتدوا به والمراد ما أنقذوا به من العذاب أى ما قبله الله منهم ليبعدهم عن العذاب مصداق لقوله "إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به "ويبين له أن أولئك لهم سوء الحساب أى أشد العقاب وفسره بأنه مأواهم جهنم أى مقامهم أى مثواهم النار مصداق لقوله "أليس فى جهنم مثوى للكافرين " وبئس المهاد أى وقبح القرار مصداق لقوله "وبئس القرار".
وفى هذا قال تعالى :
"للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما فى الأرض جميعا ومثله معه لأفتدوا به أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد"
بين الله لنبيه (ص)أن الذين ظلموا أى كفروا بحكم الله لو أن لهم ما أى الذى فى الأرض جميعه ومثله معه أى وقدر الأرض معه لافتدوا به من سوء العذاب والمراد ما أنقذوا به من شر العقاب يوم القيامة وهو يوم البعث والمراد أن الله لا يقبله منهم مصداق لقوله بسورة المائدة "إن الذين كفروا لو أن لهم ما فى الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم "وهذا لأن الله منع الفدية فقال فى سورة الحديد"فاليوم لا يؤخذ منكم فدية"ويبين له أنه بدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون والمراد أنه ظهر لهم من عند الرب الذى لم يكونوا يتوقعون أى ينتظرون وهو العقاب وفسر هذا بأنهم بدا لهم سيئات ما كسبوا والمراد ظهر لهم عقوبات ما صنعوا فى الدنيا من خطايا وفسر هذا بأنه حاق بهم ما كانوا به يستهزءون والمراد أصابهم الذى كانوا به يكذبون
وفى هذا قال تعالى :
"ولو أن للذين ظلموا ما فى الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون "
بين الله لنا أن الذين كفروا أى كذبوا بحكم الله لو أن لهم أى لو أنهم يملكون ما فى الأرض جميعا ومثله معه أى وقدر ما فى الأرض معه من أجل أن يفتدوا من عذاب يوم القيامة والمراد من أجل أن ينجوا من عقاب يوم البعث ما تقبل منهم أى ما رضى الله أن ينقذهم من العذاب بسبب دفعهم له ملك الأرض ومثلها معها لأن الله حرم الفدية فقال "فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا"ويبين لنا أنهم لهم عذاب أليم أى عقاب عظيم مصداق لقوله تعالى "ولهم عذاب عظيم"وأنهم يريدون أن يخرجوا من النار والمراد أنهم يرغبون فى أن يبعدوا عن النار ولكن الحادث أنهم ليسوا بخارجين منها أى ليسوا بطالعين منها أى ليسوا بمبعدين عنها وفسر هذا بأن لهم عذاب مقيم أى عقاب خالد أى دائم مصداق لقوله "وفى العذاب هم خالدون "
وفى هذا قال تعالى :
"إن الذين كفروا لو أن لهم ما فى الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم"
يبين الله لنبيه (ص)أن يوم القيامة يقع يوم تكون السماء كالمهل والمراد يوم تصبح السماء كالزيت المغلى ووجه الشبه هو حركة السماء التى تشبه حركة فقاعات الزيت عند الغليان من كونها هواء له فتحات كثيرة وتكون الجبال كالعهن والمراد وتصبح الرواسى كالقطن المنفوش ووجه الشبه هو الهشاشة فالجبال تتحول لغبار كثير هش مثل القطن الهش عندما ينفش ،ولا يسئل حميم حميما والمراد ولا يستفهم صديق عن صديق أخر كيف حاله يبصرونهم والمراد يعرفونهم ومع هذا لا يسألون ،فى يوم القيامة يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ والمراد يحب الكافر لو ينجى من عقاب يومها مقابل إدخال كل من بنيه وهم أولاده وصاحبته وهى امرأته وأخيه وهم اخوته وفصيلته التى تؤويه والمراد وجماعته التى تحميه معها فى مكانها ومن فى الأرض جميعا ثم ينجيه أى يبعده عن النار بكل هؤلاء الناس ولكن هذا لا يحدث
وفى هذا قال تعالى :
"يوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن ولا يسئل حميم حميما يبصرونهم يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التى تؤويه ومن فى الأرض جميعا ثم ينجيه "
بين الله لنبيه (ص)أن المؤمنين يقولون لأهل النفاق:فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا والمراد لا يقبل منكم مال أى عدل ولا من الذين كذبوا حكم الله مقابل الإخراج من النار مصداق لقوله ب "ولا يؤخذ منها عدل" ،مأواكم النار أى مقامكم جهنم هى مولاكم أى حسبكم أى ناصرتكم وهو قول ساخر منهم مصداق لقوله بسورة المجادلة "حسبهم جهنم"وبئس المصير أى وساء المقام أى المهاد مصداق لقوله "وبئس المهاد".
وفى هذا قال تعالى :
"فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هى مولاكم وبئس المصير "
الافتداء بالذبح العظيم
بين الله لنبيه (ص)أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)لما أسلما أى أطاعا أمر الله تل أى أرقد إبراهيم (ص)إسماعيل (ص)على الجبين وهو البطن استعدادا لذبحه ناديناه والمراد فأوحى الله له :أن يا إبراهيم (ص)قد صدقت الرؤيا أى قد نفذت الحلم وهذا يعنى أن الذبح فى الحلم كان تفسيره فى الحقيقة الإستعداد للذبح وليس تنفيذ الذبح وقال له إنا كذلك أى بتلك الطريقة وهى الإنقاذ يجزى الله المحسنين أى يثيب الله الشاكرين مصداق لقوله "وسنجزى الشاكرين"إن هذا لهو البلاء المبين أى الإمتحان الكبير وفديناه بذبح عظيم أى وأنقذناه بذبح عجل كبير والمراد أن الله منع ذبحه مقابل ذبح عجل كبير بدلا منه وتركنا عليه فى الأخرين سلام على إبراهيم (ص)والمراد وذكرنا له فى القادمين خير لإبراهيم (ص)وهذا يعنى أن الله ذكر إبراهيم (ص)بكل خير فى الوحى المنزل على القادمين بعده للحياة فى المستقبل وكذلك أى بتلك الطريقة وهى الذكر بالخير يجزى الله المحسنين أى يشكر أى يثيب الرب الشاكرين والسبب إنه كان من عبادنا أى خلقنا المؤمنين أى المخلصين وهم المصدقين بالوحى أى المخلصين مصداق لقوله "إنه من عبادنا المخلصين ".
وفى هذا قال تعالى :
"فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزى المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم وتركنا عليه فى الأخرين سلام على إبراهيم كذلك نجزى المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين "
افتداء الأسرى
بين الله للقوم أنهم قتلوا أنفسهم والمراد ذبحوا بعضهم منهم وطردوا بعض منهم من ديارهم عن طريق المظاهرة عليهم أى مساعدة الأقوام الأخرى على طردهم وهذه المساعدة بالإثم أى العدوان والمراد من الكفر وبين الله للقوم أنهم من مكرهم إذا أتاهم خبر أن أقاربهم أسرى حرب لدى الأقوام الأخرى يعملون على فك أسرهم بالمال والسبب هو أنهم يريدون أن يظهروا لأقاربهم أنهم أصحاب فضل عليهم رغم أن الله حرم طرد القوم لبعضهم بأى وسيلة
وفى هذا قال تعالى :
"ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم "
بين الله للمؤمنين أنهم إذا لقوا الذين كفروا والمراد إذا قاتلوا الذين كذبوا حكم الله فعليهم ضرب الرقاب أى رمى الأعناق بالسلاح والمراد قتل الكفار حتى إذا أثخنتموهم أى حتى إذا هزمتموهم فى الحرب فالواجب هو شد الوثاق أى إحكام القيد على الأسرى والواجب فى الأسرى هو المن بعد الحرب أى إطلاق سراحهم بعد القتال أو الفداء وهو دفع مقابل مالى لإطلاق سراحهم والأسرى لا يتم إطلاق سراحهم إلا بعد أن تضع الحرب أوزارها والمراد إلا بعد أن ينهى القتال أحداثه،وذلك وهو حكم الأسرى ويبين الله أنه لو يشاء لانتصر منهم والمراد لو يريد لانتقم من الكفار الإنتقام التام فأماتهم ولكن أبقاهم على قيد الحياة ليبلوا بعضهم ببعض والمراد ليختبر الناس بعضهم ببعض أيطيعون أم يعصون
وفى هذا قال تعالى :
"فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثختنموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لإنتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض "
افتداء المرأة
بين الله لنا أن الطلاق وهو الانفصال الرجعى مرتان أى عدد مراته اثنين وبعد الثانية على المطلق واحدة من اثنين الإمساك بمعروف وهو إبقاء المطلقة فى عصمته مع معاملتها بالعدل أو التسريح بإحسان وهو الانفصال النهائى الذى لا رجعة بعده إلا بزواجها من أخر وطلاقها بالعدل
وبين الله لنا أن الأزواج لا يحل لهن والمراد لا يباح لهم والمراد يحرم عليهم أن يأخذوا مما أتوا الزوجات شيئا والمراد يحرم عليهم أن يضموا لمالهم بعض أو كل المال الذى أعطوه للزوجات كمهر وهو القنطار الذهبى إلا فى حالة واحدة وهى أن يخافا ألا يقيما حدود الله والمراد أن يخشى الزوجان ألا يطيعا أحكام الله وبألفاظ أخرى أن يرهب الزوجان أن يضرا بعضهما بالضرب أو بالقتل أو بغير هذا من وسائل الأذى وهو ما حرم الله فى حدوده
وبين الله لنا أن لا جناح أى لا عقاب على الزوجين إذا افتدت الزوجة نفسها من عصمة زوجها بدفع بعض أو كل المهر للزوج والمراد أن المرأة إذا أرادت الطلاق حتى لا تكفر فلها أن تدفع لزوجها المهر كله أو بعضه حتى يطلقها دون حقوق لها وبين الله أن ما سبق من الأحكام هو حدود الله أى أحكام وحى الله والواجب علينا ألا نعتدى عليها أى ألا نعصاها ونخالفها لأن من يتعد أى يعصى حدود وهى أحكام الله فهو من الظالمين أى الكافرين بحكم الله الذين يستحقون دخول العذاب
وفى هذا قال تعالى :
"الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون"
فدية افطار يوم صيام
بين الله لنا أن الذين يطيقون أى يقدرون على صيامه فيفطرون نهار رمضان عليهم عقاب هو فدية أى كفارة هى إطعام مسكين أى تأكيل محتاج إفطار وغداء وعشاء وهذا بالإضافة للعقوبة الأولى وهى وجوب صيام عدد مماثل للأيام التى فطرها القادر على الصيام
وفى هذا قال تعالى :
"وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين "
الفدية فى الحج
بين الله للمؤمنين أن المريض وهو العليل وقصد به من به أذى من رأسه والمراد الذى يوجد فى شعره أو أظافره إصابة تجعله لا يقدر على تحمل وجودها يجب عليه فدية أى كفارة من ثلاث :الأولى الصيام وهو الامتناع عن الطعام والشراب والجماع لمدة عشرة أيام ثلاث فى الحج وسبعة فى بلده بعد الرجوع والثانية الصدقة وهى نفقة عشرة مساكين والثالثة النسك وهى ذبح بهيمة من الأنعام عند المشعر الحرام
وفى هذا قال تعالى :
"فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك "

الأحد، 27 أغسطس 2023

الفيض في القرآن

الفيض في القرآن
فيض دموع القسيسين من علمهم بالحق :
بين الله لنا أن الرهبان وهم القسس أى العلماء إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول والمراد إذا علموا بالذى أوحى إلى محمد(ص)ترى أعينهم تفيض من الدمع والمراد تشاهد عيونهم تذرف الدموع والسبب ما عرفوا من الحق والمراد الذى علموا به من وحى الله وهم يقولون أمنا أى صدقنا بوحى محمد(ص)فاكتبنا مع الشاهدين أى فأدخلنا الجنة مع المقرين به ،وهذا يعنى أن النصارى المحبين للمسلمين هم الذين يعلنون إيمانهم بما نزل على محمد(ص)
وفى هذا قال تعالى
"وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا أمنا فاكتبنا مع الشاهدين"
فيض دموع مريدى الحمل :
بين الله لنبيه (ص)أن الحرج وهو العقاب ليس على الذين أتوه ليحملهم وهم الذين جاءوه ليركبهم أى ليجد لهم دواب يركبون عليها للسفر للجهاد قلت لهم :لا أجد ما أحملكم عليه والمراد لا ألقى ما أركبكم عليه وهذا يعنى أن دواب السفر كانت أقل من عدد من يريدون الذهاب للجهاد فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع والمراد فانصرفوا من المكان وأنظارهم تنزل من الدموع والسبب حزنا ألا يجدوا ما ينفقون والمراد غما ألا يلقوا الذى يعملون من أجل الجهاد أى الذين لا يلقون الذى يشاركون به فى الجهاد.
وفى هذا قال تعالى
"ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون "
الفيض فى العمل
بين الله لنبيه (ص)والناس أنه ما يكون فى شأن والمراد أنه ما يفكر فى موضوع وما يتلوا منه من قرآن والمراد وما يتبع منه من وحى وهذا يعنى أن الذى يفكر فيه من الإسلام وما يطيع من أحكام الإسلام ممثلا فى بعضه وأما الناس فما يعملون من عمل والمراد ما يفعلون من فعل إلا كان الله شاهد عليهم إذ يفيضون فيه والمراد إلا كان الله عالم بهم حين يفعلونه وهذا يعنى أن أى شىء يعمله الإنسان مهما كان يكون الله عليم به وهو يمضى فى فعله ،ويبين لنبيه(ص)أنه لا يعزب عنه من مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء والمراد لا يغيب عن علمه قدر ذرة سواء فى الأرض أو فى السماء ولا أصغر من ذلك والمراد ولا أقل حجما من الذرة وهذا يعنى وجود ما هو أقل من الذرة ولا أكبر أى ولا أعظم حجما من الذرة وكل هذا فى كتاب مبين والمراد سجل عظيم وفى هذا قال بسورة النمل"وما من غائبة فى السماء والأرض إلا فى كتاب مبين".
وفى هذا قال تعالى
"وما تكون فى شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا فى كتاب مبين "
علم الله بما يفيض الناس:
سأل الله أم يقولون افتراه والمراد هل يزعمون تقوله أى اختلقه مصداق لقوله بسورة الطور"أم يقولون تقوله"ويطلب الله من نبيه (ص) أن يقول للناس إن افتريته والمراد إن تقولته فلا تملكون لى من الله شيئا والمراد فلا تقدرون لى من الرب على جلب العذاب ،هو أعلم بما تفيضون فيه والمراد هو أعرف بالذى تعملون مصداق لقوله بسورة الحج"إن الله أعلم بما تعملون "كفى به شهيدا بينى وبينكم والمراد حسبى الله قاضيا بينى وبينكم وهو الغفور الرحيم والمراد وهو النافع المفيد لمطيعيه
وفى هذا قال تعالى
أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لى من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بينى وبينكم وهو الغفور الرحيم "
الافاضة كمت يفيض الناس فى الحج:
طلب الله من المؤمنين الإفاضة من حيث أفاض الناس والمراد السير من حيث سار الأخرون من الناس وهذا يعنى أن يسير المسلمين مع بقية الناس دون تفرقة إلى ما بعد عرفات ،ويطلب منهم أن يستغفروه أى يتوبوا إليه والمراد أن يطلبوا منه العفو عن ذنوبهم ،ويبين لهم أنه غفور رحيم أى تواب لمن تاب نافع له بالرحمة وهى الجنة فى الآخرة والنصر فى الدنيا .
وفى هذا قال تعالى
"ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم "
الفيض من عرفات:
بين الله للمؤمنين أن ليس عليهم جناح أى عقاب إذا ابتغوا فضل من ربهم والمراد إذا طلبوا رزقا من الله سواء دنيوى أو أخروى ،ويبين لهم أنهم إذا أفاضوا أى دخلوا من عرفات وهو أول جزء يقابل داخل الكعبة فعليهم ذكر الله عند المشعر الحرام والمقصود ترديد اسم الله وهو القرآن فى مكان الذبح بالبيت الحرام بمكة والواجب هو ذكر الله كما هداهم أى ترديد اسم الله كما علمهم الله فى الوحى
وفى هذا قال تعالى
ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين "
الافاضة فى الافك
بين الله للمؤمنين والمؤمنات فى عهد النيى (ص)أن لولا فضل وهو رحمة الله والمراد نفع أى نصر الله لهم فى الدنيا وهى الأولى والآخرة وهى القيامة لحدث التالى مسهم فيما أفاضوا فيه عذاب عظيم والمراد أصابهم بسبب الذى خاضوا فيه والمراد تكلموا به عن اتهام بعضهم بالزنى عقاب كبير وبين لهم أنهم كانوا يقولون بألسنتهم وفسر هذا بأنهم كانوا يقولونه بأفواههم والمراد كانوا يزعمون بكلماتهم ما ليس لهم به علم أى الذى ليس لهم به معرفة يقين والمراد تكلموا عن الذى لم يروه بأنفسهم وهم يحسبونه هين والمراد وهم يظنون الكلام فيه يسير أى مباح وهو عند الله عظيم أى وهو فى كتاب الرب محرم كبير
وفى هذا قال تعالى
"ولولا فضل الله عليكم ورحمته فى الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم "
لا افاضة للماء من الجنة على الكفار
بين الله لنا أن أصحاب النار وهم سكان جهنم نادوا أى تكلموا مع أصحاب الجنة وهم سكان الحديقة فقالوا :أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله والمراد أرسلوا لنا من الماء أو من الذى أعطاكم الله من المتع،وهذا يعنى أنهم يريدون رزق حسن يمتعون به بدلا من الرزق المؤلم فى النار ،فرد أهل الجنة :إن الله حرمهما على الكافرين والمراد إن الله منعهما على المكذبين لدينه وهذا هو قوله بسورة المائدة"إنه من يشرك بالله فقد حرم عليه الجنة ومأواه النار".
وفى هذا قال تعالى
"ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين"

السبت، 26 أغسطس 2023

قراءة فى كتاب زوال (إسرائيل): حتمية قرآنية

قراءة فى كتاب زوال (إسرائيل): حتمية قرآنية
المؤلف أبو الوليد الأنصاري وفى مقدمته تحدث الرجل عن آراء الناس فى مشكلة وجود اليهود فى أرض فلسطين وأنهم منقسمون ما بين من يريد التعامل مع اليهود كأمر واقع وما بين من يريد اقتلاعهم من الأرض وما بين من يريد السلام حاليا والحرب مستقبلا وفى هذا قال :
"أما بعد: ففي الوقت الذي عظمت فيه محنة أهل الإسلام، وكادت عراه أن تنتقض، ووشيه أن يندرس، بكيد أعداء هذا الدين، ومكر الليل والنهار: حتى اشتد الخطب، وتداعى الكرب، وصار الواحد من المسلمين يجهد في إقناع نفسه بصواب المقلوب من الحقائق فصار الشرك بالله تعالى توحيدا ودينا، والتزلف إلى أعداء الله حنكة ودهاء، والقعود عن نصرة المستضعفين والذب عن أعراض المسلمين حكمة وعقلا، وفي الجملة صار الحق باطلا والباطل حقا.. أقول في هذا الوقت العصيب، والأمة أحوج ما تكون إلى الصادق الأمين من أهل العلم وحملة الدين، الناصح لله ولرسوله ولعامة المسلمين وخاصتهم، قعد أدعياء العلم المنتسبون إليه عن بيان الحق ودعوة الناس إليه، بل راحوا يزينون الباطل، ويخلعون عليه أوصاف الديانة ويسمونه بمياسم الشريعة، تبريرا لقعودهم مع الخوالف، ورضا بالدني من الحياة الدنيا، فاتخذهم الجهلة الرعاع وصنائعهم حجة لترك الخروج وترك إعداد العدة له. إن قلت: «قال الله، قال رسوله قال الصحابة سادة الأجيال» سيقول: «شيخي قال لي عن شيخه، والشيخ عندي عمدة الأقوال» وكان من أثر هذا الداء العضال الذي أصيبت به أمة الإسلام -ولعمر الله إنه منها لبمقتل- إقبال الناس ورضاهم بما قام به الحكام المرتدون في زماننا هذا من عقد معاهدة سلام دائم مع اليهود ومن لم يرض منهم بذلك اغتر بتلبيسات أولئك الخوالف وقالتهم السوء إذ قالوا «إن وجود اليهود على أرض فلسطين أضحى واقعا مفروضا على الأمة قبوله، وعليها أن تهيئ نفسها للتعامل معه». ومنهم المغلوب على أمره الذي لا يجد قوت يومه، وظن في هذه المعاهدة الملعونة خلاصا له مما هو فيه، وأحسن القوم حالا من راح ينعق فيقول: «الأرض مقابل السلام»"
وتحدث عن أول البقية وهم أهل العقول الذين يزنون ألمور بميزان وحى الله فقال :
"إلا أولو بقية ينهون عن السوء والفساد في الأرض، لولاهم لخسف الله الأرض ومن عليها: ولولا همو كادت تميد بأهلها * ولكن رواسيها وأوتادها همو ولولا همو كانت ظلاما بأهلها * ولكن همو فيها بدور وأنجم وأغفل أولئك الأبعدون أن الأمر أمر إيمان وكفر، توحيد وإسلام، وامتحان يمتحن الله به العباد، ليميز الخبيث من الطيب، ويفرق بين الحق والباطل، ولينزل نصره على من نصر دينه من عباده، وأدى حق الله عليه، وجاهد في الله حق جهاده كما قال تعالى: {أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة، والله خبير بما تعملون..} [التوبة: 16] وقال تعالى، {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله، ألا إن نصر الله قريب} [البقرة: 214] وغير ذلك من الآيات، فهذا الذي يريده الله تبارك وتعالى بعباده من الابتلاء والامتحان، وهو سبحانه قد كتب لدينه ولرسله وللمؤمنين النصر والغلبة والعزة والظهور،"
إذا الرجل يرى النصر قادم على كل أعداء المسلمين ومنهم اليهود وهو فى سبيل إثبات ذلك كتب التالى :
" أما الكفر والباطل فمهما عظمت دولته، وامتد سلطانه فهو زائل لا محالة، فما ظنك بدولة اليهود المغضوب عليهم، قتلة الأنبياء وأعداء الرسل، وزوالها قد نطق به كتاب ربنا سبحانه، وبين فيه مقوماته وأسبابه، وبه بشر نبينا وإمامنا وقدوتنا (ص)فديناه بأرواحنا وآبائنا وأمهاتنا. وأنا في هذا المقام أستعين الله تعالى في بيان ما دل على هذا الذي ذكرته من الكتاب والسنة بشارة لعباد الله المؤمنين، وإيقاظا للغافلين، وشوكة في حلوق أعداء هذا الدين وأذنابهم من الخوالف أراحنا الله والمسلمين من شرهم آمين.. آمين اليهود والإفساد في الأرض"
ثم ذكر براهينه على حتمية زوال دولة اليهود من أرض المسلمين فقال :
" فأقول وبالله تعالى التوفيق: أما الكتاب فقال ربنا سبحانه وتعالى: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا * فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا * ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا * إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علو تتبيرا * عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا} [الإسراء: 4-8]. فهذه الآيات قد ذكر فيها سبحانه وتعالى عصيان بني إسرائيل ومخالفتهم أمر الله تعالى وأنهم يستكبرون استكبارا شديدا بعلوهم وجراءتهم على الله تعالى. قلت / وقد أطال المفسرون في بيان المرتين المشار إليهما وذكر من سلط عليهم فيهما، وغالبهم ذكر أن المرتين قد سبقتا، فأول المرتين قتل زكريا (ص)والآخرة قتل يحيى بن زكريا. وأضاف الزمخشري في الثانية: «وقصد قتل عيسى بن مريم»، وكذا ذكره ابن جرير وابن عطية وابن حبان الأندلسيان والقرطبي وابن كثير وغيرهم رحمهم الله. وفي هذا الذي قالوه بحث ونظر، فإن عمدتهم في ذلك كما قال العلامة الشنقيطي في «الأضواء» أخبار إسرائيلية مشهورة في كتب التاريخ والتفسير، والعلم عند الله تعالى. ومع ذلك فإن موضع الدلالة على ما سقناه لأجله لا إشكال فيه بحمد الله تعالى، وهو أن الله تعالى لما بين أن إفسادهم في الأرض وعلوهم فيها سبب لبعث من يسومهم سوء العذاب توعدهم تعالى بأنهم كلما عادوا إلى معصيته وخلاف أمره وقتل رسله وتكذيبهم عاد عليهم بالقتل والسبي وإحلال الذلة والصغار بهم. وعن ابن عباس قال: قال الله تبارك وتعالى بعد الأولى والآخرة: {عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا} قال: فعادوا فسلط الله عليهم المؤمنين. ونحوه روي عن قتادة . رواه عنهما ابن جرير ، قال العلامة الشنقيطي «قوله {وإن عدتم عدنا} لما بين جل وعلا أن بني إسرائيل قضى إليهم في الكتاب أنهم يفسدون في الأرض مرتين، وأنه إذا جاء وعد الأولى منهما: بعث عليهم عبادا له أولي بأس شديد فاحتلوا بلادهم وعذبوهم. وأنه إذا جاء وعد المرة الآخرة: بعث عليهم قوما ليسوءوا وجوههم، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، وليتبروا ما علوا تتبيرا، وبين أيضا أنهم إن عادوا للإفساد المرة الثالثة فإنه جل وعلا يعود للانتقام منهم بتسليط أعدائهم عليهم، وذلك في قوله {وإن عدتم عدنا} ولم يبين هنا: هل عادوا للإفساد المرة الثالثة أو لا..؟ ولكنه أشار في آيات أخر إلى أنهم عادوا للإفساد بتكذيب الرسول (ص)، وكتم صفاته ونقض عهوده، ومظاهرة عدوه عليه، إلى غير ذلك من أفعالهم القبيحة. فعاد الله جل وعلا للانتقام منهم تصديقا لقوله {وإن عدتم عدنا} فسلط عليهم نبيه (ص) والمسلمين، فجرى على بني قريظة والنضير وبني قينقاع وخيبر ما جرى من القتل والسبي والإجلاء، وضرب الجزية على من بقي منهم، وضرب الذلة والمسكنة، فمن الآيات الدالة على أنهم عادوا للإفساد قوله تعالى {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين * بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين} [البقرة: 89-90] وقوله {أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم...} [البقرة: 100] الآية، وقوله {ولا تزال تطلع على خائنة منهم.. } [المائدة: 13] الآية ونحو ذلك من الآيات. ومن الآيات الدالة على أنه تعالى عاد للانتقام منهم قوله تعالى {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا. وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار، ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار. ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب} [البقرة: 59] وقوله تعالى {وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا. وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها...} [الأحزاب: 26] الآية وغير ذلك من الآيات.» إنتهى كلامه . عاقبة الإفساد في الأرض قلت / وهو مبني على ما ذكره المفسرون في شأن العلوين المذكورين في الآيات، وأيا كان الأمر فإن وعد الله تعالى قائم لعباده المؤمنين بأن يسلط عليهم بسبب فسادهم -كلما عادوا إليه- من يسومهم سوء العذاب، وها هم اليوم قد علوا في الأرض فأهلكوا الحرث والنسل، وأفسدوا في البلاد، وإنا لنسأله تعالى أن يعجل لهم ما توعدهم به وأن يجعل ذلك على أيدي الصالحين من عباده بمنه وفضله سبحانه،"
الرجل هنا خرج من إشكالية زمن المرتين بأن هناك دليل واضح على تكرار فساد اليهود بعد المرتين وتكرار هزيمتهم وهو جملة:
" وإن عدتم عدنا"

وهو استدلال صحيح فالمرتين مضوا منذ زمن طويل وتكرر نفس الأمر مرات عدة بعدها وهاهو يتكرر فى عصرنا وأما النصر فالله أعلم متى يأتى عليهم
وذكر الرجل آية أخرى فقال :
" فقد قال تعالى في كتابه الكريم {وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم} [الأعراف: 167]. قال مقيده ، وهذه والله بشارة ثانية لأهل الإسلام، وقد قال العلامة ابن كثير في تفسيرها بعد أن ذكر ما قيل من أن موسى (ص)ضرب عليهم الخراج، ثم قهر الملوك لهم من اليونانيين والكشدانيين وغيرهم، ثم قهر النصارى لهم وإذلالهم إياهم، ثم جاء الإسلام ومحمد (ص) فكانوا تحت قهره وذمته يؤدون الخراج والجزية، قال العوفي عن ابن عباس في تفسير هذه الآية قال: هي المسكنة وأخذ الجزية منهم، وقال علي بن أبي طلحة عنه: هي الجزية، والذي يسومهم سوء العذاب محمد رسول الله (ص) وأمته إلى يوم القيامة، وكذا قال سعيد بن جبير وابن جريج والسدي وقتادة»
والخطأ فى الفقرة السابقة أن الاية فى هزائم اليهود الدنيوية وهو ما يناقض مضمون ألاية حيث تتكلم عن عذاب البرزخ بقولها ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب " لأن فترات انتصار اليهود كالفترة الحالية ليس فيها عذاب لهم وإنما سعادة وفرح لهم
وتحدث عما جاء فى الروايات الكاذبة فقال :
" قلت / ووعد الله تعالى قائم بذلك لهذه الأمة حتى يقاتلهم المسلمون مع عيسى بن مريم (ص)وهم مع الدجال لعنه الله كما بشر به رسول الله (ص) كما سأذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى. وإلى نحو ذلك أشار ابن كثير في تفسيرها فقال: «ثم آخر أمرهم أنهم يخرجون أنصارا للدجال فيقتلهم المسلمون مع عيسى بن مريم (ص)وذلك آخر الزمان»"
ولا وجود لعيسى(ص* فى المستقبل ولا للدجال المزعوم فهذا غيب لا يعلمه محمد(ص) ولا غيره كما قال تعالى :
"إنما الغيب لله"

وقال على لسان رسوله(ص):
" ولا أعلم الغيب"
وعيسى (ص) لن يعود للحياة الدنيوية مرة أخرى لقوله " وسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا"
فالبعث حيا هو بعثه فى القيامة مثله مثل يحيى (ص* فى قوله تعالى " والسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا"
فلو كان هناك عودة للدنيا لعاد يحيى(ص) ولكنها عودتنا جميعا يوم البعث
ثم قال:
"وقال تعالى: {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين} [المائدة: 64]. فبين سبحانه ما هم عليه من الكفر والإعراض عن الدين والحسد العظيم الدافع لهم إلى الكيد بالمؤمنين، ثم بين سبحانه أنه يدفع عن عباده المؤمنين ذلك ويرد كيدهم بأمرين: الأول: أنه سبحانه ألقى بينهم العداوة والبغضاء فلا تجتمع قلوبهم، بل العداوة واقعة بينهم دائما، لا يجتمعون على حق، ما داموا مخالفين مكذبين لرسول الله (ص). قلت: ومثل هذه الآية قوله تعالى {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى} [الحشر: 14]. الثاني: أنه سبحانه توعدهم بإطفاء كل نار للحرب يوقدونها فكلما عقدوا أسبابا يكيدون بها رسول الله (ص) والمسلمين، وكلما أبرموا أمرا يحاربون به دين الله تعالى، أبطله الله ورد كيدهم عليهم وحاق مكرهم السيئ بهم. ثم بين سبحانه أنه لهم بالمرصاد لما جبلوا عليه من حب الإفساد في الأرض حتى صار صفة لهم والله لا يحب من هذه صفته. الأدلة من القرآن الكريم وقال القرطبي في قوله تعالى {كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله} «كلما» ظرف، أي كلماجمعوا وأعدوا شتت الله جمعهم». ثم ذكر في الآية قولا آخر وهو أن المعنى «كلما أوقدوا نار الغضب في نفوسهم وتجمعوا بأبدانهم وقوة النفوس منهم باحتدام نار الغضب أطفأها حتى يضعفوا، وذلك بما جعله من الرعب نصرة بين يدي نبيه (ص)». قلت: والصواب إن شاء الله تعالى أن هذه الخاصية -وهي النصر بالرعب- باقية في الأمة متى استقامت على دين الله تعالى وشريعته تكرمة لنبيه (ص) ولهذه الأمة التي جعلها خير أمة أخرجت للناس، وبسط الدليل على هذا الموضع في غير هذا المحل والله أعلم. ثم -إعلم- أرشدك الله تعالى- أن الله عز وجل قد ذكر من أوصاف اليهود في كتابه ما هو من مقومات زوالهم وذلتهم وخذلانهم ما تضيق عنه هذه الورقات إلا أننا نذكر هنا بعضه: - فمن ذلك أن الله تعالى قد لعنهم وغضب عليهم، وقد اتفق أئمة التفسير على أن المراد بقوله عز وجل {غير المغضوب عليهم} هم اليهود، ويؤيد هذا قوله تعالى: {قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله، من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل} [المائدة: 60]. ومن ذلك أن الله تعالى جعلهم أهل ذلة ومسكنة وصغار كما قال سبحانه {ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون} [آل عمران: 112]. وقوله تعالى هنا {أين ما ثقفوا} شرطية، وما زائدة، وثقفوا في موضع جزم، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله، ومن أجاز تقديم جواب الشرط قال: ضربت هو الجواب، ويلزم على هذا أن يكون ضرب الذلة مستقبلا، وعلى الوجه الأول هو ماض يدل على المستقبل، أي ضربت عليهم الذلة،وحيثما ظفر بهم ووجدوا تضرب عليهم، وهذا المعنى يؤيد قول من جعل الاستثناء في قوله {إلا بحبل من الله وحبل من الناس} منقطعا، لأن الذلة لا تفارقهم أينما كانوا، وهو معنى أين ما ثقفوا، فإنه عام في الأمكنة. ونقل ابن حبان القول بذلك -أعني بانقطاع الاستثناء عن الفراء والزجاج- قال: وهو اختيار ابن عطية الأندلسي، وقيل: بل هو متصل والمعنى ضربت عليهم الذلة في عامة الأحوال إلا في حال اعتصامهم بحبل الله وحبل الناس. كذا ذكره الزمخشري. وقد قال ابن عباس : {إلا بحبل من الله وحبل من الناس} أي بعهد من الله وعهد من الناس. ونحوه عن مجاهد وعكرمة والضحاك وعطاء وقتادة والحسن والسدي والربيع بن أنس، كما رواه عنهم ابن جرير . قلت: والظاهر من الآية أن الخلاف في أمر الاستثناء وارد على الذلة، أما المسكنة وهي كما قال ابن عطية «...التذلل والضعة، وهي حالة الطواف للمتلمس للقمة واللقمتين المضارع المفارق لحالة التعفف والتعزز به، فليس أحد من اليهود -وإن كان غنيا- إلا وهو بهذه الحالة». فالظاهر أنها لازمة لهم في جميع الأحوال، قال ابن كثير {وضربت عليهم المسكنة} أي ألزموها قدرا وشرعا
. - ومنها أنهم أهل جبن وهلع وخور كما قال تعالى {لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر، بأسهم بينهم شديد} [الحشر: 14] وقال عنهم: {وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون} [آل عمران: 111]. - ومنها وهو كالسبب لما قبله حرصهم على الحياة ولو كانت حياة خسة ومهانة كما قال تعالى عنهم {ولتجدنهم أحرص الناس على حياة...} [البقرة: 96]. قلت: لفظ «حياة» هنا نكرة في سياق الإثبات، وهي ربما أفادت العموم بمجرد دلالة السياق كما في قوله تعالى {علمت نفس ما قدمت وأخرت} [المائدة: 82]، وكما في قول
القائل(: يوما ترى مرضعة خلوجا
وكل أنثى حملت خدوجا
وكل صاح ثملا مروجا
فإنه أراد كل مرضعة بدليل ما بعده، وكذا قوله تعالى هنا على «حياة» فإنها نكرة لإفادة معنى حرصهم على أي مرتبة من مراتب الحياة الدنيا وإن كانت حياة الذلة والهوان، قاتلهم الله أنى يؤفكون. - ومنها ما ذكره سبحانه عنهم من الفرقة والخلاف وشدة العداوة والبغضاء كما دل عليه قوله تعالى {وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} [المائدة: 64] وقوله تعالى: {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى}... وفي هذا من النفع العظيم لأهل الإسلام بتفريق صفوفهم وتمزيق جموعهم وضرب بعضهم ببعض الشيء الكثير مما هو من مكائد الحرب والقتال والحمد لله، وقد سبق الكلام على الآيتين بما يغني عن الإعادة ولله الحمد."

والكلام السابق كله ليس عن انتصارات اليهود ولا النصارى وإنما عن أن الله يفسد مساعيهم لاشعال الحروب وجعلهم يتحابون فيما بينهم
وتحدث عما قصصهم فى القرآن والروايات فقال:
" وأنت لو تتبعت ما قصه تبارك وتعالى عنهم في كتابه كما في سورة البقرة والأعراف وغيرهما لرأيت من أحوالهم مع أنبيائهم وتكذيبهم لهم وصدهم عن سبيل الله عجبا، ولذلك لم تلعن أمة في كتاب الله تعالى كما لعن اليهود؛ ولم يسخط الله عز وجل ويغضب على أمة ما سخط وغضب عليهم نعوذ بالله تعالى من ذلك، فقل لي بربك ماذا بقي لهم بعد ذلك كله من مقومات الحياة والبقاء إلا ما يسخره الله تعالى لهم من أسباب يديل لهم بها دولة يعلون بها مفسدين في الأرض، ثم يبعث عليهم من عباده من يزيل ملكهم ويسلبهم ما هم فيه. الأدلة من السنة المطهرة أقول: وأما البشارة النبوية التي أخبر بها الصادق المصدوق (ص)فقد روى البخاري في صحيحه وأحمد في مسنده والترمذي في السنن من حديث ابن عمر أن النبي (ص) قال: «تقاتلون اليهود، حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر، فيقول: يا عبدالله، هذا يهودي ورائي فاقتله». وفي رواية عند البخاري أخرجها في كتاب المناقب: «تقاتلكم اليهود، فتسلطون عليهم، ثم
يقول الحجر: يا مسلم، هذا يهود ورائي فاقتله». وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن رسول الله (ص) قال: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله». وفي هذه الأحاديث تأكيد الأمر بوقوع قتال اليهود وقتلهم لا محالة، وظاهر قوله في الحديث «لا تقوم الساعة» وقوع القتال قبل ذلك وأنه ليس مقيدا بكونه من أشراطها، وقوله فيه «تقاتلون» الخطاب فيه للصحابة والمراد من يأتي بعدهم، لكن روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عمر مرفوعا «ينزل الدجال هذه السبخة -أي خارج المدينة- ثم يسلط الله عليه المسلمين فيقتلون شيعته، حتى أن اليهودي ليختبئ تحت الشجرة والحجر فيقول الحجر والشجرة للمسلم: هذا يهودي فاقتله». قال الحافظ ابن حجر : "وعلى هذا فالمراد بقتال اليهود وقوع ذلك إذا خرج الدجال ونزل عيسى، وكما وقع صريحا في حديث أبي أمامة في قصة خروج الدجال ونزول عيسى، وفيه «وراء الدجال سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى. فيدركه عيسى عند «باب لد» فيقتله وينهزم اليهود، فلا يبقى شيء مما يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء فقال: يا عبدالله -للمسلم- هذا يهودي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجرهم». أخرجه ابن ماجة مطولا وأصله عند أبي داود، ونحوه من حديث سمرة عند أحمد بإسناد حسن وأخرجه ابن منده في كتاب الإيمان من حديث حذيفة بإسناد صحيح". إنتهى كلام الحافظ "
والأحاديث السابقة باطلة لأنها تذكر حدوث معجزات وهى آيات كحديث الأحجار وهو ما منعه الله بقوله:
" وما منعنا أن نرسل بالا]ات إلا أن كذب بها ألولون"

كما أن تلك ألأحاديث تحرم العمل بالأسباب وهو اعداد القوة لحرب ألعداء كما قال تعالى " واعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
اعتمادا على خبر الأحجار المتحدثة
والخطأ اعتبار نبات الغرقد يهودى بينما كل المخلوقات مسلمة عدا كفار الناس كما قال تعالى :
" وله أسلم من فى السموات والأرض"

وكرر الرجل كلامه عن تصديق اأحاديث الكاذبة فقال :
"قال مقيده : وهل يحتمل وقوع هذه البشارة المذكورة بقتالهم مرتين الأولى على ما في حديث الصحيحين والثانية عند نزول عيسى (ص)فيقاتل الدجال ويستأصل اليهود الذين هم أتباعه؟ فيه بحث والله تبارك وتعالى أعلم، وعلى كل حال ففي هذا الحديث بشارة عظيمة لهذه الأمة ببقاء دين الإسلام إلى نزول عيسى بن مريم (ص)وبقاء الطائفة المنصورة التي تقاتل إلى وقت نزوله كما رواه أحمد في مسنده وأبو داود في السنة من حديث عمران بن حصين مرفوعا «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال». وأحاديث الطائفة المنصورة كثيرة مشهورة في الصحيحين وغيرهما، وفي قوله (ص) هنا لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق مع قوله حتى يقاتل آخرهم إشارة إلى بقاء القتال مستمرا بين أهل الإسلام وغيرهم ومنهم اليهود، وقد ورد وصف هذه الطائفة بأنها قائمة بأمر الله وأنها ظاهرة وأنها منصورة في حديث أبي هريرة والمغيرة بن شعبة ومعاوية بن أبي سفيان وثوبان رضي الله عنهم أجمعين. وفي هذا كله دلالة على أن هذه الأمة موعودة بالنصر والتمكين متى أخذت بأسباب ذلك من إعداد العدة والقتال في سبيل الله عز وجل، وما لليهود ودولتهم بعد ذلك من بقاء، عجل الله تعالى بزوال ملكهم وجعلنا من جنده الذين قال فيهم في كتابه الكريم سبحانه مبينا وعده لأنبيائه ولهم {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين. إنهم لهم المنصورون. وإن جندنا لهم الغالبون} [الصافات: 171-173]. "
وما ذكره الرجل من كلام الروايات تغنى عنه الآيات التى ذكرها أخيرا وهى أن الله ينصر المؤمنين عندما ينصرون دينه على كل الأعداء

الجمعة، 25 أغسطس 2023

الفض فى القرآن

الفض فى القرآن
الفضة من متاع الدنيا:
بين الله لنا أنه زين للناس حب الشهوات والمراد حبب للكفار أخذ المتع من :النساء وهى الإناث التى يجامعهن فهى شهوة الجنس كما تسمى حاليا وشهوة النساء عند الرجال وشهوة الرجال عند النساء ،والبنين وهم الأولاد الذين يعتقد أنهم مصدر عزة له وهى شهوة الصبيان،والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والمراد الأثقال الموزونة من الذهب والفضة وهى شهوة المال ،والأنعام والحرث ويقصد بهما شهوة الطعام فهما كناية عن شهوة الأكل أى الطعام والشراب فالأنعام هى الحيوانات والحرث هو النبات ومنهما أكل المخلوق،ويبين الله أن تلك المتع هى متاع الحياة الأولى والمراد هى منافع الحياة الأولى والله عنده حسن المآب والمراد لديه خير المتع وهى متع الجنة فى الأخرة
وفى هذا قال تعالى:
"زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب"
الفضة لكى كانزيها:
خاطب الله الذين آمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله فيقول:إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل والمراد إن عديدا من العلماء أى الخوافين ليأخذون أملاك الخلق بالزور والمراد يأخذون السحت مصداق لقوله بسورة المائدة "أكالون للسحت"وهذا يعنى أنهم يفرضون دفع أموال دون أن ينزل الله بدفعها حكم ويصدون عن سبيل الله والمراد ويردون الناس عن اتباع حكم الله والذين يكنزون الذهب والفضة والمراد والذين يجمعون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله والمراد ولا يصرفونها فى نصر دين الرب فبشرهم بعذاب أليم والمراد فأخبرهم بعقاب شديد يوم يحمى عليها فى نار جهنم والمراد يوم يوقد على الذهب والفضة فى لهب النار فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم والمراد فتشوى بها مقدمات أجسامهم وهى الوجه والصدر والبطن والأفخاد والأقدام من الأمام وجنوبهم هى الأيمن والأيسر وخلفيات أجسامهم وتقول لهم الملائكة هذا ما كنزتم لأنفسكم والمراد هذا ما جمعتم لمصلحتكم أصبح ضررا لكم ،فذوقوا ما كنتم تكنزون والمراد فاعرفوا ألم الذى كنتم تجمعون .
وفى هذا قال تعالى :
"يا أيها الذين أمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها فى نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون "
هبة الفضة وغيرها للكفار :
بين الله لنبيه (ص)أن لولا أن يكون الناس أمة واحدة والمراد أن لولا أن يصبح الخلق جماعة ذات دين واحد لجعل الله لمن يكفر بالرحمن والمراد لخلق الله لمن يكذب بدين النافع وهو الله التالى :بيوت أى مساكن لها سقف من فضة أى سطوحها الموجودة على الجدران من معدن الفضة وهو اللجين ،ولها معارج عليها يصعدون والمراد ولها سلالم عليها يصعدون على السطح ،ولها أبوابا أى منافذا للخروج والدخول وسررا أى وفرشا عليها يتكئون أى يرتاحون وكل هذا من الفضة وزخرفا أى وزينة أى ذهب وهذا يعنى أن الله يجعل بيوت الكافر من الذهب والفضة وكل ذلك هو متاع الحياة الدنيا والمراد نفع المعيشة الأولى وأما أجر الآخرة والمراد الجنة عند الرب أى لدى الإله فهى للمتقين أى للمطيعين لحكم الله وهم المؤمنين مصداق لقوله بسورة يوسف"ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا ".
وفى هذا قال تعالى :
"ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين "
بعض أدوات الجنة من قوارير الفضة:
بين الله لنبيه(ص)أن الأبرار جزاهم الله بما صبروا أى أثابهم بما تبعوا حكمه جنة أى حديقة وحريرا أى ولباسهم فى الجنة من الحرير وهم متكئين فيها على الأرائك والمراد وهم راقدين فيها على الفرش وهى الأسرة لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا والمراد لا يعلمون فيها حرارة ولا بردا وإنما جوها دائما معتدل جميل لا يشتكون منه ودانية عليهم ظلالها والمراد وواقعة على أجسامهم خيالات أشجار الجنة وذللت قطوفها تذليلا والمراد وأعطيت لهم ثمار الجنة اعطاء مستمرا ويطاف عليهم بآنية من فضة والمراد ويدور عليهم غلمان بصحاف من فضة وأكواب أى كئوس من فضة كانت قواريرا قواريرا من فضة والمراد كانت زجاجات زجاجات أى شفافات شفافات من فضة قدروها تقديرا أى صنعوها صناعة متقنة .
وفى هذا قال تعالى :
"وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ويطاف عليهم بأنية من فضة وأكوابا كانت قواريرا قواريرا من فضة قدروها تقديرا "
حلى الفضة فى الجنة:
بين الله لنبيه (ص)أنه إذا رأى ثم رأى والمراد إذا شاهد وكرر المشاهدة سيشهد نعيما أى متاعا وفسره بأنه ملك كبير أى نفع عظيم منه أن عاليهم ثياب خضر واستبرق والمراد فوق أجسام الأبرار ملابس من حرير أخضر اللون وحرير براق وفى هذا قال بسورة الحج"ولباسهم فيها حريرا"وهم قد حلوا أساور من فضة والمراد وقد لبسوا حلى من الفضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا والمراد ورواهم خالقهم سائلا عذبا مباركا وقالت الملائكة لهم :إن هذا كان لكم جزاء أى "ثوابا من عند الله"كما قال بسورة آل عمران وكان سعيكم مشكورا والمراد وكانت طاعتكم مثابة بالجنة لكم .
وفى هذا قال تعالى
"وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا عاليهم ثياب سندس خضر واستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا "
الغلظة تفض الناسعن صاحبهت:
بين الله لرسوله(ص)أنه برحمة من الله والمراد بوحى منه أطاعه لان للمؤمنين أى ذل لهم والمراد أصبح خادما لهم ،ويبين له أنه لو كان فظا أى غليظ القلب والمراد قاسى النفس أى كافر الصدر لإنفض المؤمنين من حوله أى لتخلى المؤمنين عن طاعته والمراد لكفروا بما يقول فتركوه وحيدا
وفى هذا قال تعالى :
"فبما رحمة من ربك لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك "
الانفضاض عن صاحب الحق للهو والتجارة:
بين الله لنبيه (ص)أن المنافقين إذا رأوا تجارة أو لهوا والمراد إذا علموا بييع أو متعة من الألعاب انفضوا إليها والمراد ذهبوا عندها وتركوك قائما والمراد وذروك مقيما الصلاة ويطلب الله منه أن يقول لهم ما عند أى ما لدى الرب وهو الجنة خير من اللهو ومن التجارة والمراد أفضل من المتعة ومن البيع والله هو خير الرازقين والمراد أحسن النافعين لمطيعيه
وفى هذا قال تعالى :
"وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين "
لا إنفاق حتى الانفضاض عن الرسول(ص):
بين الله لنبيه(ص)أن المنافقين هم الذين قالوا لبعضهم ولإخوانهم الكفار :لا تنفقوا على من عند رسول الله والمقصود لا تعطوا المال لمن يصاحب نبى الله والسبب حتى ينفضوا من حوله والمقصود حتى يتركوا صحبته وهذا يعنى أنهم يعتقدون أن المؤمنين يصاحبون النبى (ص)من أجل المال الذى يدفعه المنافقون وإخوانهم اليهود المنافقين معهم ،ويبين الله لهم أن لله خزائن وهى مفاتح الرزق فى السموات والأرض لو أراد أن يعطى منها النبى (ص)لأعطاه الكثير فمالهم المزعوم هو من عنده ولكن المنافقين لا يفقهون أى"ولكن المنافقين لا يعلمون"كما قال بنفس السورة والمقصود لا يعقلون فيطيعون حكم الله
وفى هذا قال تعالى :
"هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله ولله خزائن السموات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون "