الجمعة، 28 فبراير 2025

العجمة فى الإسلام

العجمة فى الإسلام
العجمة فى القرآن
لسان الملحدين أعجمى :
وضح الله أنه يعلم أى يعرف أنهم يقولون إنما يعلمه بشر والمراد إنما يلقيه له إنسان ،ويبين الله لهم أن لسان الذين يلحدون إليه أعجمى والمراد أن كلام الذين يلقون له غامض والمراد أن كلامه غير مفهوم ومحمد(ص)لا يفهم هذا الكلام لأنه لم يتعلم هذه اللغة الأجنبية بوصفه أمى وأما القرآن فهو لسان عربى مبين أى حكم واضح مفهوم
وفى هذا قال تعالى:
"ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذين يلحدون إليه أعجمى وهذا لسان عربى مبين "
لو نزل القرآن على الأعجمين :
وضح الله أنه لو أنزل القرآن على بعض الأعجمين والمراد لو بلغ القرآن إلى بعض الصم البكم فقرأه عليهم والمراد فتلاه عليهم ما كانوا به مؤمنين أى مصدقين
وفى هذا قال تعالى:
"ولو أنزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين "
لولا فصلت آياته أعجمى وعربى:
وضح الله أنه لو جعل أى أنزل الوحى قرآنا أعجميا أى كلاما غامضا غير مفهوم المراد منه أى حمال وجوه ومعانى لقال الكفار :لولا فصلت آياته أعجمى وعربى والمراد لولا أنزلت أحكامه غامضة وواضحة وهذا يعنى أنهم يريدون بعض الأحكام غامضة غير محدد المراد منها وبعضها واضح مفهوم وذلك حتى يفسروا الغامضة على أهوائهم
وفى هذا قال تعالى:
"ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أعجمى وعربى "
العجمة عند الفقهاء :
تم تعريف العجمة بكونها عدم الافصاح وكونهم من لا يتكلمون اللغة العربية وإنما ينطقون لغات أخرى وفى التعريف قالت الموسوعة الفقهية الكويتية :
"1-الأْعْجميُّ هُو منْ لا يُفْصحُ، سواءٌ أكان من الْعجم أمْ من الْعرب.
أمّا الْعجميُّ فهُو منْ كان منْ غيْر جنْس الْعرب، سواءٌ أكان فصيحا أمْ غيْر فصيحٍ، وأصْل الْكلمة: الأْعْجمُ، وهُو منْ لا يُفْصحُ وإنْ كان عربيًّا فياءُ النّسْبة في الأْعْجميّ للتّوْكيد.
وجمْعُهُ أعْجميُّون، وغالبًا ما يُطْلقُ على غيْر الْعربيّ ممّنْ ينْطقُ بلُغاتٍ أُخْرى من اللُّغات الْمُخْتلفة في الْعالم. ولا يخْرُجُ اسْتعْمال الْفُقهاء عنْ هذيْن الْمعْنييْن اللُّغويّيْن"
واما الكلمات المشابهة فى المعنى العجم واللحان وفيهما قالت الموسوعة :
"أ - الأْعْجمُ:
منْ معاني الأْعْجم أيْضًا: منْ لا ينْطقُ منْ إنْسانٍ أوْ حيوانٍ. ومُؤنّثُهُ عجْماءُ.
ب - اللّحّانُ:
وهُو الْعربيُّ الّذي يميل عنْ جهة الاسْتقامة في الْكلام "
وتبدو معانى التعريف بعيدة عن المعانى فى القرآن كما ان الأحكام التى اخترعها الفقهاء بعيدة كل البعد عن الوحى وقد نقلتها الموسوعة من بطون كتب الفقهاء وأولها :
ان التكبير لابد ان يكون باللغة العربية عندما من يحسن الكلام بها وإن كانت لغته غيرها وهو قول الموسوعة :
"3 - جُمْهُورُ الْفُقهاء على أنّ الأْعْجميّ إنْ كان يُحْسنُ الْعربيّة فإنّهُ لا يُجْزئُهُ التّكْبيرُ بغيْرها من اللُّغات، والدّليل أنّ النُّصُوص أمرتْ بذلك اللّفْظ، وهُو عربيٌّ، وإنّ النّبيّ صلّى اللّهُ عليْه وسلّم لمْ يعْدل عنْها.
وقال أبُو حنيفة يُجْزئُهُ ولوْ كان يُحْسنُها، لقوْله تعالى: {وذكر اسْم ربّه فصلّى} وهذا قدْ ذكر اسْم ربّه، ولكنْ يُكْرهُ لهُ ذلك.
أمّا إنْ كان الأْعْجميُّ لا يُحْسنُ الْعربيّة، ولمْ يكُنْ قادرًا على النُّطْق بها، فإنّهُ يُجْزئُهُ عنْد جُمْهُور الْفُقهاء التّكْبيرُ بلُغته بعْد ترْجمة معانيها بالْعربيّة على ما صرّح به الشّافعيّةُ والْحنابلةُ، أيًّا كانتْ تلْك اللُّغةُ، لأنّ التّكْبير ذكْرُ اللّه تعالى، وذكْرُ اللّه تعالى يحْصُل بكُل لسانٍ، فاللُّغةُ غيْرُ الْعربيّة بديلٌ لذلك. ويلْزمُهُ تعلُّمُ ذلك. ومذْهبُ الْمالكيّة، وهُو وجْهٌ عنْد الْحنابلة، أنّهُ إذا عجز عن التّكْبير بالْعربيّة سقط عنْهُ، ويكْتفي منْهُ بنيّة الدُّخُول في الصّلاة.
وعلى هذا الْخلاف جميعُ أذْكار الصّلاة من التّشهُّد والْقُنُوت والدُّعاء وتسْبيحات الرُّكُوع والسُّجُود."
قطعا لا يوجد دليل على أن التكبير وأذكار الصلاة لابد ان تكون باللغة العربية فى الوحى نصا
وإنما ما قاله الفقهاء هو اختراع بلا نص وحتى بلا رواية من الحديث بل هناك روايات تدل على كلام النبى(ص) بغير اللغة العربية مثل قوله سناه على الثوب الحسن فى الحديث التالى :
5485 حدثنا أبو نعيم حدثنا إسحاق بن سعيد عن أبيه سعيد بن فلان هو عمرو بن سعيد بن العاص عن أم خالد بنت خالد أتي النبي صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة فقال :
من ترون أن نكسو هذه
فسكت القوم قال:
ائتوني بأم خالد
فأتي بها تحمل فأخذ الخميصة بيده فألبسها وقال:
أبلي وأخلقي
وكان فيها علم أخضر أو أصفر فقال:
يا أم خالد هذا سناه
وسناه بالحبشية حسن"رواه البخارى
ومن ثم يجوز التكبير والكلام بغير العربية بنفس معانى الكلمات العربية وإن أحسن اللغة العربية من يتكلم بغيرها فالرسالات الإلهية نزلت بكللغات العالم ولم يختص بها اللسان الذى يسمونه العربى وفى هذا قال تعالى :
"ولكل أمة رسول"
وقال :
" وإن من أمة إلا خلا فيها نذير"
وتحدث الفقهاء عن حرمة قراءة القرآن بغير اللفظ المعروف بالعربى فقالوا كما قالت الموسوعة :
4 - أمّا قراءةُ الْقُرْآن، فالْجُمْهُورُ على عدم جوازها بغيْر الْعربيّة خلافًا لأبي حنيفة، والْمُعْتمدُ أنّهُ رجع إلى قوْل صاحبيْه. ودليل عدم الْجواز قوْله تعالى: {إنّا أنْزلْناهُ قُرْآنًا عربيًّا} ، ولأنّ الْقُرْآن مُعْجزٌ لفْظُهُ ومعْناهُ، فإذا غُيّر خرج عنْ نظْمه، فلمْ يكُنْ قُرْآنًا وإنّما يكُونُ تفْسيرًا لهُ. هذا في الصّلاة، وكذلك الْحُكْمُ في غيْرها فلا يُسمّى قُرْآنًا ما يقْرأُ منْ ترْجمة معانيه. "
قطعا كلمة قرآنا عربيا لا تعنى وحيا باللغة العربية وإنما تعنى حكما عادلا او حكما واضحا بينا ليس فيه اعوجاج كما قال :
" وكذلك أنزلناه حكما عربيا"
وقال مفسرا :
" وكذلك أنزلناه آيات بينات"
وقد تكلم الفقهاء عن مسائل متعددة واوجب بعض منهم الكلام باللغة العربية كالطلاق والشهادة فى القضاء وغير ذلك وهو كلام ليس عليه أى دليل من الوحى الإلهى
قطعا الله أنزل الوحى بكل الألسنة وهو موجود فى بيت الله الحقيقى ولو كان هناك لسان أفضل من لسان والمراد :
لغة افضل من لغة لنزل الوحى بلسان واحد ولكنه نزل بكل اللغات نظرا لوجود(ص) الرسل فى كل مكان من الأرض ولذا اعتبر اختلاف الألسن آية من آياته فقال :
"ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين"
قطعا الموجود بين ايدينا هو المصحف باللغة العربية ولذا فإن بعض ما يقوله الفقهاء صحيح حتى تظهر حقيقة وجوده بكل اللغات فى بيت الله الحقيقى وهو الكعبة لأنه لا يمكن لأحد من الناس ترجمة المصحف ترجمة صحيحة على حسب ما أراد الله وحتى تفسيره تفسيرا صحيحا بدرجة مائة فى المائة غير ممكن لأن التفسير هو تفسير الله كما قال تعالى :
" إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا"

 

الخميس، 27 فبراير 2025

العلو في الإسلام

العلو في الإسلام
العلو في القرآن
علو فرعون فى الأرض
وضح الله أن فرعون علا فى الأرض والمراد طغى فى البلاد مصداق لقوله "إنه طغى "وهذا يعنى أنه حكم البلاد بالظلم وفى هذا قال تعالى :
"إن فرعون علا فى الأرض "
علو بعضهم على بعض :
وضح الله أنه ما اتخذ من ولد أى ما أنجب من ابن مصداق لقوله "لم يلد "وما كان معه من إله أى شريك فى الملك ووضح أنه لو كان معه من إله لذهب كل إله بما خلق والمراد
لأخذ كل رب ما أنشأ والمراد ملك كل شريك ما أنشأ من الخلق ولعلا بعضهم على بعض والمراد لقوى بعضهم على بعض وهذا يعنى أن وجود بعض الآلهة- وليس لهم وجود-معناه لو كان فيه آلهة غير الله سيحارب كل واحد الآخرين وينتصر عليهم وفى هذا قال تعالى :
" ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض "
تتبير ما علا المسلمون:
وضح الله لنا أنه إذا جاء وعد المرة الآخرة ليسؤا وجوهكم والمراد فإذا حانت نهاية المرة الثانية ليذلوا أنفسكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة والمراد وليلجوا البيت كما ولجوه أسبق مرة وهذا يعنى أنهم يصلون فى البيت الحرام كما صلوا فيه المرة السابقة ،وقال وليتبروا ما علوا تتبيرا والمراد وليدمروا ما صنعوا تدميرا وهذا يعنى أن الغزاة سوف يزيلون ما وجدوه من الفساد فى البلاد إزالة كاملة وفى هذا قال تعالى :"وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا "
علو بنو إسرائيل علوا كبيرا :
وضح الله لنا أنه قضى أى أوحى لبنى إسرائيل فى التوراة التالى :لتفسدن فى الأرض مرتين والمراد لتظلمن فى البلاد مرتين وفسر هذا بأنهم سوف يعلون علوا كبيرا أى يتكبرن تكبرا عظيما والمراد سوف يكفرون فى البلاد كفرا عظيما عندما يحكمون الأرض المقدسة وفى هذا قال تعالى :"وقضينا إلى بنى إسرائيل لتفسدن فى الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا "
لا تعلوا على الله
وضح الله لنبيه (ص)أنه فتن أى اختبر قبلهم قوم وهم شعب فرعون حيث جاءهم رسول كريم أى مبعوث أمين هو موسى (ص)فقال :أن أدوا إلى عباد الله والمراد أن اتبعون خلق الرب ،إنى لكم رسول أمين والمراد إنى لكم مبلغ مخلص للوحى وفسر طلبه بقول لا تعلوا على الله والمراد لا تتكبروا على طاعة حكم الله إنى أتيكم بسلطان مبين والمراد إنى أجيئكم بدليل صادق وهو المعجزات وفى هذا قال تعالى :"ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم أن أدوا إلى عباد الله إنى لكم رسول أمين وأن لا تعلوا على الله إنى أتيكم بسلطان مبين "
ألا تعلو على وأتونى مسلمين:
وضح الله أن الملكة تسلمت الرسالة فقالت لمن حولها يا أيها الملأ وهم الحاضرين :إنى ألقى إلى كتاب كريم والمراد إنى آتتنى رسالة عظيمة المعنى تقول:إنه من سليمان والمراد إن المكتوب من سليمان(ص)وإنه بسم الله الرحمن الرحيم والمراد بحكم الرب النافع المفيد ألا تعلو على والمراد ألا تخالفوا كلامى وأتونى مسلمين أى وأحضروا عندى مطيعين لحكم الله، وفى هذا قال تعالى : "قالت يا أيها الملأ إنى ألقى إلى كتاب كريم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلو على وأتونى مسلمين "
تعالى الله عما يشركون:
وضح الله لنا أن الرجل وزوجته لما أتاهما صالحا والمراد لما وهبهما الله طفلا سليما جعلا له شركاء فيما أتاهما والمراد خلقا لله أنداد فى الذى وهبهما ووضح أنه تعالى عما يشركون والمراد أنه ساد على الذى يعبدون أى يصفون وهم الآلهة وفى هذا قال تعالى : "فلما أتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما أتاهما فتعالى الله عما يشركون"
تعالى الله الملك الحق:
وضح الله أنه وهو الرب الملك أى الحاكم الحق أى العدل قد تعالى أنه ساد على الذى يعبدون وفى هذا قال تعالى :"فتعالى الله الملك الحق "
سبحانه وتعالى عما يصفون:
وضح الله لنبيه (ص)أن الكفار جعلوا لله شركاء والمراد اخترعوا لله مقاسمين فى الملك هم الجن مع أنه قد خلقهم أى قد أبدع الجن فكيف يكون المخلوق مقاسما لخالقه فى ملكه؟،وخرقوا له بنين وبنات والمراد ونسبوا لله أولاد وإناث وهذا يعنى أنهم جعلوه أبا له صبيان وإناث وكل هذا بغير علم أى بغير وحى من عند الله يقول أن الجن شركائه وأن له بنين وبنات ،سبحانه أى تعالى عما يشركون علا أى تفضل الله عن الذى يعبدون معه والمراد أنه ساد على الذى يعبدون آلهتهم المزعومة التى يقولون بها لأنه خالق وهم مخلوقات وفى هذا قال تعالى : "وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون "
سبحانه وتعالى عما يشركون:
وضح الله أن سبحانه أى الطاعة لحكم الله قد تعالى عما يشركون أى أنه ساد على الذى يعبدون آلهتهم المزعومة التى يقولون بها لأنه خالق وهم مخلوقات وفى هذا قال تعالى :"سبحانه وتعالى عما يشركون"
تعالى عما يشركون
وضح الله للمؤمنين أنه خلق والمراد أنشأ الكون بالحق والمراد ليسود فيه العدل ،وهو قد تعالى عما يشركون أى أنه ساد على الذى يعبدون آلهتهم المزعومة التى يقولون بها لأنه خالق وهم مخلوقات وفى هذا قال تعالى :"خلق السموات والأرض بالحق تعالى عما يشركون"
سبحانه وتعالى عما يقولون:
طلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس لو كان معه آلهة والمراد لو كان مع الله شركاء إذا لابتغوا إلى ذى العرش سبيلا والمراد إذا لوجدوا إلى صاحب الملك طريقا وهذا يعنى أن فى حالة تعدد الأرباب كان الحادث هو أن الأرباب ستجد طريق لقهر الرب صاحب العرش وعليه ستشاركه فى الملك أو تخلعه منه ولكن لا يوجد شىء من ذلك ،سبحانه أى التسبيح له والمراد الطاعة واجبة لحكم الله وتعالى عما يقولون أى أنه ساد على الذى يعبدون آلهتهم المزعومة التى يقولون بها لأنه خالق وهم مخلوقات وفى هذا قال تعالى :"قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لإبتغوا إلى ذى العرش سبيلا سبحانه وتعالى عما يقولون"
عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون:
وضح الله أنه عالم الغيب والشهادة والمراد أنه عارف الخفى والظاهر وقد تعالى عما يشركون أى أنه ساد على الذى يعبدون آلهتهم المزعومة التى يقولون بها لأنه خالق وهم مخلوقات وفى هذا قال تعالى :"عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون ".
أإله مع الله تعالى عما يشركون:
سأل الله أإله مع الله أى أرب مع الله؟والغرض من الأسئلة إخبار الناس أنه هو الرب الوحيد ،تعالى عما يشركون أى أنه ساد على الذى يعبدون آلهتهم المزعومة التى يقولون بها لأنه خالق وهم مخلوقات وفى هذا قال تعالى :أإله مع الله تعالى عما يشركون "
سبحان الله وتعالى عما يشركون
وضح الله أن ربه يخلق ما يشاء والمراد أن خالقه يبدع ما يريد من الأفراد وهو يختار أى يصطفى منهم من يريد رسولا ،وسبحان أى تعالى الله عما يشركون والمراد أن طاعة الله فضلت أى علت على طاعة الذى يطيعون وهو الآلهة المزعومة فهو من يجب طاعته لكونه الإله الوحيد وفى هذا قال تعالى :"وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون "
تعالى جد ربنا
وضح الله أن الجن فقالوا :إنا سمعنا قرآنا عجبا والمراد إنا أنصتنا لكتاب عظيم يهدى إلى الرشد والمراد يرشد إلى العدل فآمنا به والمراد فصدقنا بالقرآن ولن نشرك بربنا أحدا والمراد ولن نطيع مع حكم إلهنا حكم أحدا آخر وأنه تعالى جد ربنا والمراد وأنه تنزهت ذات خالقنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا والمراد ما كان له زوجة ولا ابنا ،وهذا يعنى أن الرب تنزهت ذاته عن الزوجية والأبوية وتعالى عما يقولون وفى هذا قال تعالى :" فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدى إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا "
تعالوا للمباهلة:
وضح الله لرسوله (ص)أن من حاجه أى جادله أى ناقشه فى أمر عيسى(ص) بالباطل من بعد ما جاءه من العلم والمراد من بعد الذى أتاه من الوحى فى أمر عيسى(ص) فعليه أن يطلب من المجادلين التالى :تعالوا أى هلموا إلى فعل الأتى ندع والمراد نجمع كل من أبناءنا وهم أولاد المسلمين وأبناءكم وهم أولاد المجادلين ونساءنا أى وزوجات المسلمين ونساءكم وهن زوجات المجادلين وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل أى ندعو الله فنجعل لعنة الله على الكاذبين والمراد فنطلب إنزال عقاب الله على الكافرين بحكم الله وفى هذا قال تعالى :"فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين"
تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم:
طلب الله من رسوله(ص)أن يخاطب أهل الكتاب وهم أصحاب الوحى السابق نزوله على القرآن فيقول لهم:تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم والمراد هلموا إلى أمر مشترك بيننا وبينكم هو ألا نعبد إلا الله والمراد ألا نتبع حكم سوى حكم الله وفسر الأمر بأن لا نشرك به شيئا أى ولا نتبع مع حكمه حكما أخر وفسر الأمر بأن لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله والمراد أن لا يتبع بعضنا حكم البعض الأخر باعتبارهم آلهة من غير حكم الله الإله الوحيد ومن هنا نفهم أن الألوهية ليست سوى الحكم على الخلق وفى الخلق وفى هذا قال تعالى :"قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله "
تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا
وضح الله للمؤمنين أن ما أصابهم وهو ما نزل بهم من الهزيمة يوم التقى الجمعان أى يوم تقاتلت جماعة المسلمين وجماعة الكافرين هو بإذن أى أمر الله والسبب فى الهزيمة هو أن يعلم الله المؤمنين ويعلم الذين نافقوا ووضح للمؤمنين أنهم قالوا للمنافقين:تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا والمراد هيا لتجاهدوا فى نصر دين الله أى حاربوا كان ردهم :لو نعلم قتالا لأتبعناكم والمراد لو نعرف حربا ستحدث لذهبنا معكم وهذا يعنى أنهم يعتقدون اعتقادا جازما أن الحرب لن تحدث ولذا فهم لن يذهبوا لمعرفتهم بذلك وهذا إدعاء بعلم الغيب منهم وهو ذنب أخر ووضح للمؤمنين أن المنافقين كانوا فى ذلك اليوم أقرب للكفر أى أعمل للتكذيب بحكم الله من الإيمان وهو التصديق بحكم الله وفى هذا قال تعالى :" وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لأتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان "
تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول(ص)
وضح الله للنبى(ص) أن المنافقين إذا نصحهم المسلمون فقالوا :تعالوا إلى ما أنزل الله أى إلى الرسول (ص)والمراد هيا إلى تصديق حكم الله وطاعته أى هيا لتصديق حكم الله المنزل على النبى(ص)وطاعته يراهم يصدون عنه صدودا والمراد يعلم أنهم يبعدون عنه بعدا عظيما أى يعرضون عن تصديقه وطاعته إعراضا وفى هذا قال تعالى : "وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا"
إذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول(ص):
وضح الله للمؤمنين أنهم إذا قالوا للكفار :تعالوا إلى ما أنزل الله أى اتبعوا الذى أنزل الله والمراد أطيعوا الذى أوحى الله وفسره بأنهم يأتون للرسول أى إلى طاعة الوحى المنزل على النبى(ص)قالوا حسبنا ما وجدنا عليه أباءنا أى "بل نتبع ما وجدنا عليه أباءنا"والمراد كافينا الذى لقينا عليه أباءنا من الدين وفى هذا قال تعالى :"وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه أباءنا "
تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم
طلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :تعالوا أى هلموا والمراد اجتمعوا اتل ما حرم ربكم عليكم والمراد أبلغ لكم الذى منع عليكم إلهكم ألا تشركوا به شيئا أى لا تعبدوا مع الله أحدا مصداق لقوله "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا" وفى هذا قال تعالى :"قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا "
تعالوا يستغفر لكم رسول الله(ص):
وضح الله أن المؤمنين إذا نصحوا المنافقين فقالوا :تعالوا يستغفر لكم رسول الله والمراد هلموا يطلب لكم مبعوث الله من الله ترك عقابكم على ذنوبكم كان رد فعلهم هو أنهم لووا رءوسهم أى أعرضوا بأنفسهم وفسر الله هذا للمسلم بأنه رأهم يصدون وهم مستكبرون والمراد علمهم يرفضون وهم مخالفون للنصيحة وفى هذا قال تعالى :وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون "
تعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا:
نادى الله نبيه (ص)فيطلب منه أن يقول لأزواجه وإمائه وهن نسائه إن كنتن تردن الحياة الدنيا والمراد إن كنتن تحببن متاع المعيشة الأولى أى زينتها وهو متاعها فتعالين أمتعكن أى أعطيكن من مال الدنيا نفقة طلاق وأسرحكن سراحا جميلا أى وأطلقكن طلاقا حسنا وفى هذا قال تعالى :"يا أيها النبى قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا "
قد أفلح اليوم من استعلى
وضح الله لنبيه(ص)أن السحرة قال بعضهم لبعض: وقد أفلح اليوم من استعلى والمراد وقد فاز اليوم من استكبر ،وهذا يعنى أن السحرة وحدوا عملهم وسيأتون لأرض المباراة وهم متحدين وهم يبغون الفوز بها وفى هذا قال تعالى :"وقد أفلح اليوم من استعلى "
إن فرعون لعال فى الأرض
وضح الله إن فرعون لعال فى الأرض والمراد لمفسد فى البلاد مصداق لقوله "إنه كان من المفسدين " وفسر هذا بأنه من المسرفين وهم المفرطين فى دين الله أى الكافرين وفى هذا قال تعالى :"وإن فرعون لعال فى الأرض وإنه لمن المسرفين"
فرعون كان عاليا من المسرفين
وضح الله لنبيه (ص)أنه نجى والمراد أنقذ بنى إسرائيل وهم أولاد يعقوب (ص)من العذاب المهين وهو العقاب المذل الذى قرره فرعون لهم وهو الذى كان عاليا من المسرفين أى كان عظيما من المفسدين وفى هذا قال تعالى : "ولقد نجينا بنى إسرائيل من العذاب المهين من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين "
القوم العالين :
وضح الله أنه أرسل أى بعث كل من موسى (ص)وهارون (ص)أخاه إلى فرعون وملائه وهم قومه بآيات الله وهى علامات الله وفسرها بأنها سلطان مبين أى دليل عظيم أى برهان كبير فكان ردهم عليهما هو أن استكبروا أى استنكفوا تصديقهم والمراد استعظموا عليهم وفسر الله ذلك بأنهم كانوا قوما عالين أى شعبا كافرين والمراد أنهم كانوا شعبا مستكبرين وفى هذا قال تعالى :"ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملائه فاستكبروا وكانوا قوما عالين "
استكبرت أم كنت من العالين
وضح الله أنه سأل إبليس (ص)عن طريق الوحى فقال :ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى والمراد ما حملك على ألا تقر بأفضلية ما أنشأت بنفسى استكبرت أم كنت من العالين أى هل استعظمت أم كنت من الأرباب ؟والغرض من السؤال هو إخبار إبليس أن المخالف لأمره لابد أن يكون واحدا من اثنين مستكبرا أى مستعظما أى كافر بحكم الله أو من العالين وهم الآلهة ومن ثم فإبليس كافر بحكم الله لأنه ليس إلها فرد إبليس قائلا:أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين والمراد أنا أحسن منه أنشأتنى من نار وأنشأته من طين وفى هذا قال تعالى :"قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى استكبرت أم كنت من العالين قال أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين "
عيشة راضية فى جنة عالية
وضح الله للناس أن من أوتى كتابه بيمينه والمراد فأما من تسلم صحيفة عمله فى يده اليمنى فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه والمراد هلموا اعرفوا عملى المدون فى صحيفتى إنى ظننت أنى ملاق حسابيه والمراد أنى صدقت أن آخذ ثوابى من الله ،لذا هو فى عيشة راضية أى حياة سعيدة فى جنة عالية والمراد فى حديقة عظيمة وفى هذا قال تعالى :" فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إنى ظننت أنى ملاق حسابيه فهو فى عيشة راضية فى جنة عالية "
نفوس راضية فى جنة عالية
وضح الله لنبيه (ص)أن فى يوم القيامة تكون وجوه ناعمة والمراد نفوس سعيدة أى ضاحكة هى لسعيها راضية والمراد بجزاء عملها فى الدنيا سعيدة وهى فى جنة عالية أى حديقة مرتفعة وفى هذا قال تعالى :"وجوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية فى جنة عالية "
عالى القرية سافلها:
وضح الله أن لما جاء أمر الله والمراد لما آتى عذاب الله وهو الصيحة فى الصباح وهو وقت الشروق جعلنا عاليها سافلها والمراد جعلنا أكابر القرية أذلائها وفسر هذا بأنه أمطر عليها حجارة من سجيل منضود والمراد أسقط علي أهلها صخور من طين مجهز للإهلاك وفى هذا قال تعالى :"فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل "
جعلنا عاليها سافلها
وضح الله لنا أنه قال للوط(ص)أن النتيجة أن أخذتهم الصيحة مشرقين والمراد أهلكهم المطر مصبحين ووضح الله لنا أنه جعل عاليها سافلها والمراد جعل أكابر قوم لوط(ص)أذلاء البلدة وكانت الصيحة هى أن الله أمطر الله عليهم حجارة من سجيل والمراد أسقط عليهم صخور من طين وفى هذا قال تعالى :" فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل "
عاليهم ثياب سندس خضر واستبرق:
وضح الله أنه إذا رأى ثم رأى والمراد إذا شاهد وكرر المشاهدة سيشهد نعيما أى متاعا وفسره بأنه ملك كبير أى نفع عظيم منه أن عاليهم ثياب خضر واستبرق والمراد فوق أجسام الأبرار ملابس من حرير أخضر اللون وحرير براق وفى هذا قال تعالى :"وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا عاليهم ثياب سندس خضر واستبرق "
العلى العظيم
وضح الله أن ملكه وسع السموات والأرض والمراد أن حكمه شمل كل من السموات والأرض،ووضح أنه لا يؤدوه حفظهما والمراد لا يتعبه إبقاء السموات والأرض صالحتين غير فاسدتين ووضح أنه العلى أى ذو الكبرياء العظيم أى الكبير والكل بمعنى واحد وهو مستحق العلو أى العظمة وحده وفى هذا قال تعالى :"وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤدوه حفظهما وهو العلى العظيم "
السموات العلى :
وضح الله لمحمد(ص)أن القرآن نزل على طه وهو محمد (ص) نفسه حتى لا يشقى والمراد أن الوحى أوحى لمحمد(ص)حتى لا يعذب فى الأخرة،ووضح له أنه ما أنزل عليه القرآن ليشقى والمراد أنه ما أوحى له الوحى حتى يعذب فالقرآن هو تذكرة لمن يخشى والمراد تفكرة لمن يخاف أى نصح لمن يخاف عذاب الله والقرآن هو تنزيل أى وحى وصاحب الوحى هو من خلق أى فطر السموات والأرض ووصف السموات بالعلى يعنى ارتفاعها فوق الأرض سبع طبقات وفى هذا قال تعالى :"طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى "
كلمة الله هى العليا:
وضح الله للمؤمنين أنه جعل كلمة الذين كفروا السفلى والمراد وجعل حكم الذين كذبوا حكم الله الذليل وهو المهزوم وجعل كلمة الله هى العليا والمراد وجعل حكم الرب هو المنتصر أى الحادث وفى هذا قال تعالى :"وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العليا "
الاستيقان ظلما وعلوا :
وضح الله لنبيه (ص)أن قوم فرعون جاءتهم آياتنا مبصرة والمراد أتتهم معجزات الله ظاهرة فقالوا هذا سحر مفترى وهذا يعنى أنهم جحدوا بها أى كذبوا بها وفسر الله هذا بأن أنفسهم وهى قلوبهم استيقنتها ظلما أى علوا والمراد رفضت الإيمان بها كفرا أى فسادا والمراد رغبة فى استمرار جورهم فى البلاد وفى هذا قال تعالى :"فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا "
الجنة للذين لا يريدون علوا فى الأرض
وضح الله أن الدار الآخرة وهى جنة القيامة يجعلها الله للذين لا يريدون علوا فى الأرض والمراد يسكنها الرب الذين لا يفعلون كفرا فى البلاد وفسر الله العلو بأنه الفساد وفى هذا قال تعالى :"تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا فى الأرض ولا فسادا "
العلى الكبير
وضح الله للنبى(ص) أنه هو العلى أى الكبير وهو العظيم وحده دون سواه وفى هذا قال تعالى :" وأن الله هو العلى الكبير"
إنه على حكيم
وضح الله لنبيه (ص)أن ما كان لبشر والمراد لإنسان أن يكلمه أى يحدثه الله والمراد يفهمه الله ما يريد إلا عن طريقين :وحيا أى إلقاء مباشر بوسيط غير جبريل(ص)وهو الملك وفسر هذا بأنه من وراء حجاب أى من خلف حاجز والمراد أن الله لا يحدثه حديثا مباشرا كحديث الرجل أمام الرجل وإنما الله يحدثه بوسيط لا يتكلم كالبشر مثل الشجرة التى كلمت موسى(ص)،أو يرسل رسولا والمراد أو يبعث مبعوثا هو جبريل(ص) فيوحى بإذنه ما يشاء والمراد فيلقى فى قلب النبى بأمر الله ما يريد الله أن يفهمه إياه ،ويبين له أنه على أى عظيم أى صاحب الكبرياء وهو العلو وهو الحكيم أى القاضى بالحق وفى هذا قال تعالى :"وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى بإذنه ما يشاء إنه على حكيم"
الحكم لله العلى الكبير
وضح الله أن ذلكم وهو دخول الكفار النار سببه أنه إذا دعى الله وحده أى أنه إذا نادى المسلمين لطاعة حكم الله وحده كفروا أى عصوا النداء وإن يشرك به والمراد وإن ينادوا ليعصى حكم الله يؤمنوا أى يصدقوا أى يطيعوا حكم غير الله فالحكم وهو الأمر لله وهو العلى الكبير أى الكبير العظيم وفى هذا قال تعالى :"ذلكم بأنه إذا دعى الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلى الكبير "
إن الله كان عليا كبيرا
وضح الله أنه على أى كبير أى عظيم أى صاحب الكبرياء فى السموات والأرض كما قال "وله الكبرياء فى السموات والأرض" وفى هذا قال تعالى :"إن الله كان عليا كبيرا"
لسان صدق عليا
وضح الله أن إبراهيم (ص)لما اعتزل أى ترك أى فارق القوم وما يعبدون من دون الله أى وما يطيعون من سوى الله وهب أى أعطى الله له ابنه إسحق(ص)ومن خلف إسحق (ص)ولده يعقوب (ص)وكلا جعلنا نبيا أى وكلا اخترنا رسولا ووهب لهم الله من رحمته أى وأعطى لهم من نفعه وفسر هذا بأنه جعل أى أعطى لهم لسان صدق على والمراد كلام صدق عظيم أى وحى عادل كبير وفى هذا قال تعالى :"فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا "
إدريس(ص)رفعناه مكانا عليا:
طلب الله من نبيه(ص)أن يذكر فى الكتاب والمراد أن يقص فى القرآن قصة إدريس(ص)على الناس وهى أنه كان صديقا أى خليلا والمراد صادق القول نبيا أى رسولا إلى الناس بوحى الله ورفعناه مكانا عليا أى وأدخلناه مقاما عظيما والمراد وأسكناه موضعا حسنا هو الجنة وفى هذا قال تعالى :"واذكر فى الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا "
لله المثل الأعلى:
وضح الله للنبى(ص) أن لله والمراد به أتباع الله فلهم المثل الأعلى وهو الجزاء الأفضل وهو الجنة وفى هذا قال تعالى :"ولله المثل الأعلى "
لا تخف إنك أنت الأعلى:
وضح الله أنه قال لموسى (ص)لا تخف أى لا تخشى الهزيمة ،إنك أنت الأعلى أى المنتصر على السحرة وفى هذا قال تعالى :"قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى "
وله المثل الأعلى فى السموات والأرض
وضح الله للناس أنه لله المثل الأعلى والمراد ولله الحكم الحسن فى السموات والأرض مصداق لقوله "ومن أحسن من الله حكما" وفى هذا قال تعالى :"وله المثل الأعلى فى السموات والأرض "
عدم سماع الملأ الأعلى :
وضح الله أنه زين السماء الدنيا بزينة الكواكب والمراد أنه حسن السماء القريبة بنور المصابيح وهى النجوم وهى حفظ من كل شيطان مارد والمراد محمية من كل جنى مخالف لحكم الله والجن لا يسمعون إلى الملأ الأعلى والمراد والجن حقا ينصتون إلى حديث الحضور فى السماء وهم الملائكة لمعرفة الأخبار وفى هذا قال تعالى :"إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملأ الأعلى "
ما كان لى من علم بالملأ الأعلى:
بين الله على لسان نبيه أن النبى (ص) ما كان له من علم أى معرفة بالملأ الأعلى وهم الحضور الفوقى وهم الملائكة إذ يختصمون أى وقت يختلفون وهو اعتراضهم على خلق آدم (ص)، وفى هذا قال تعالى :"ما كان لى من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون "
الاستواء بالأفق الأعلى :
وضح الله أن القرآن وحى الله وعلى أنه لا ينطق عن الهوى أى لا يتكلم القرآن من عند نفسه وهى شهوته وإنما القرآن وحى يوحى أى إلقاء يلقى له علمه شديد القوى والمراد ألقاه له عظيم القدرات وهو ذو مرة والمراد صاحب عزة وهو قد استوى وهو بالأفق الأعلى والمراد وقد قعد أى استقر وهو فى الجهة الفوقية وهى الجو ثم دنا فتدلى والمراد وقد اقترب من محمد(ص) فهبط إلى موضع محمد(ص)فكان قاب قوسين أو أدنى والمراد فكان على قدر شبرين من محمد أى أقرب والمراد أنه اقترب منه لدرجة أن المسافة بينهما كانت قدر شبرين فقط وفى هذا قال تعالى :" إنه هو إلا وحى يوحى علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى فدنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى "
قول فرعون أنا ربكم الأعلى
وضح الله أن موسى (ص)أراه الآية الكبرى والمراد وأشهد فرعون البراهين العظيمة الدالة على صدقه "فكانت النتيجة هى أنه كذب أى عصى أى أبى الإسلام والمراد كفر ثم أدبر يسعى والمراد ثم ذهب يكيد وهو جمع السحرة فحشر فنادى والمراد فجمع الناس فخطب فيهم فقال أنا ربكم الأعلى والمراد أنا خالقكم العظيم والمراد أنا إلهكم الوحيد كما قال "ما علمت لكم من إله غيرى" وفى هذا قال تعالى :" فأراه الآية الكبرى فكذب وعصى ثم أدبر يسعى فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى "
سبح اسم ربك الأعلى:
طلب الله من نبيه(ص)أن يسبح اسم ربه الأعلى والمراد أن يطيع حكم خالقه العظيم مصداق لقوله "فسبح باسم ربك العظيم" وفى هذا قال تعالى :"سبح اسم ربك الأعلى "
ابتغاء وجه ربه الأعلى:
وضح الله للناس أن الأتقى وهو المطيع لحكم الله خوفا من عذابه سيجنب النار والمراد سيبعده الله عن النار والمطيع هو الذى يؤتى ماله يتزكى والمراد الذى يفعل الذى عليه فعله كى يسلم وهو الذى ليس لأحد عنده نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى والمراد الذى ليس لأحد لديه حق يعطى إلا طلب ثواب خالقه الأعظم وهذا يعنى أنه لا يعمل لأحد عمل إلا كان هذا العمل الصالح قصده منه الحصول على رحمة الله وفى هذا قال تعالى :"وسيجنبها الأتقى الذى يؤتى ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى "
ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون:
طلب الله من المؤمنين ألا يهنوا أى ألا يحزنوا والمراد ألا يضعفوا فيطلبوا السلام من الكفار وهم الأعلون والمراد وهم المنتصرين على الكفار إن كانوا مؤمنين أى مصدقين لحكم الله وفى هذا قال تعالى :"ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين"
لا تدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون:
طلب الله من المؤمنين ألا يهنوا والمراد ألا يضعفوا عن القتال وفسر هذا بقوله لا تحزنوا أى لا تخشوا أذى الكفار وتدعوا إلى السلم والمراد وتميلوا إلى طلب عدم القتال وأنتم الأعلون أى المنتصرون وهذا يعنى حرمة طلب السلام عند النصر من المهزوم وفى هذا قال تعالى :"فلا تهنوا وتحزنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون "
الله الكبير المتعال
وضح الله أنه عالم الغيب والشهادة والمراد وهو عارف المجهول والمعلوم فى السموات والأرض وهو الكبير أى صاحب الكبرياء أى العزة مصداق لقوله "وله الكبرياء فى السموات والأرض "وهو المتعال أى العظيم القدر الذى لا يساويه أحد وفى هذا قال تعالى :"عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال"
كتاب الأبرار فى عليين :
وضح الله لنبيه (ص)أن كلا وهى الحقيقة هى أن كتاب الأبرار وهو عمل المسلمين فى الدنيا فى عليين وفى هذا قال تعالى :
"كلا إن كتاب الأبرار لفى عليين "
عليون كتاب مرقوم :
سأل الله نبيه (ص)وما أدراك ما عليين أى والله الذى أعلمك ما عليين هو كتاب مرقوم يشهده المقربون أى سجل مدون كل شىء يراه المقربون وهم المسلمون مصداق لقوله "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره" وفى هذا قال تعالى :"وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون"
العلو في الفقه :
اشترط الفقهاء في الأمر الاستعلاء بمعنى أنه يصدر من صاحب المنصب الأكبر إلى الأصغر وفى الإسلام الأمر لله كله كما قال :

"لله الأمر من قبل ومن بعد "
وحكاية أن أولى الأمر أعلى من عيرهم من بقية الناس يتناقض مع قوله تعالى :
" إنما المؤمنون اخوة "
كما يتعارض مع أن كل شىء فيه خيار هو بالشورى كما قال تعالى :
" وأمرهم شورى بينهم " فلم يقل لأن الشورى ليست قاصرة على مسلم دون مسلم في الأمور التى خير الناس فيها 

الأربعاء، 26 فبراير 2025

الحيلة فى الإسلام

الحيلةٌ في الإسلام
الحيلة في كتاب الله:
بين الله للمؤمنين أن النار هى مصير الذين لا يهاجرون حفظا لإسلامهم إلا المستضعفين وهم الأذلاء أى الواهنين من الرجال وهم الذكور والنساء وهن الإناث والولدان وهم الأطفال الذين لا يستطيعون حيلة والمراد لا يقدرون على تدبير مكر يهربون به إلى أرض الأمان وفسر هذا بأنهم لا يهتدون سبيلا والمراد لا يجدون طريقا يهربون منه لأرض الأمان حفاظا على إسلامهم وهؤلاء يعفو الله عنهم أى يغفر الله لهم أى يرحمهم حيث يدخلهم الجنة ويبين لهم أنه عفو أى غفور والمراد نافع مفيد للمستضعفين بإدخالهم الجنة وفى هذا قال تعالى :
"إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا"
ومن امثلة الحيلة فى الكتاب وهى الحيلة المشروعة للحفاظ على الأولاد ما طلبه يعقوب (ص) من اولاده من دخول البلد من أبواب متعدد وليس من باب واحد حتى إذا حدث مكروه لبعضهم نجا البعض الأخر
قطعا المفسرون أجمعوا على أن هذا الأمر منعا لحسدهم وهو ما يخالف أن الناس فى مصر أساسا لا يعرفون أنهم أبناء رجل واحد حتى يحسدوهم وإنما هو تفكير الحفاظ على أمن الأولاد ولذا وصف الله يعقوب(ص) بالعلم فقال :
"يا بنى لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغنى عنكم من شىء"
والمثال الثانى كانت حيلة يوسف (ص) التى بدت فى ظاهرها حيلة سوء وهى اتهام أخيه بالسرقة حيث أمر فتيانه بوضع الصواع وهو السقاية فى حقيبة بعير أخيه ولكن الغرض منها فى النهاية جمع شمل الاخوة مع تعليمهم درسا لا ينسى وهو عدم تخلى الاخوة عن بعضهم البعض وفى هذا قال تعالى :
"ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إنى أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية فى رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون "
والمثال الثالث حيلة امرأة العزيز بخداع نسوة المدينة في كون إصرارها على الزنى مع الفتى أمر لا يمكن الفرار منهم وذلك بوضع الطعام مع السكاكين وخروج يوسف وهن يمسكن السكاكين وهن يأكلن وفى هذا قال تعالى :
" فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن واعتدت لهم متكئا وأتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشا لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم"
وهو حيلة سوء كالمثال الرابع وهو أنها انتظرت خروج سكان البيت منه ثم أغلقت أبواب البيت وذهبت لتطلب من الفت معاشرتها وفى هذا قال تعالى :
"وراودته التى هو فى بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربى أحسن مثواى إنه لا يفلح الظالمون"
وأما ما يسمونه أن الله تحايل تعالى عن ذلك علوا كبيرا في زوجة أيوب (ًص) فالله لم يتحايل وإنما الوحى كان سببه هو أن المرأة لم تكن تستحق الضرب المؤلم كما أقسم أيوب(ص) ومن ثم كان المخرج من اليمين هو جمع الأعواد الصغيرة وهى الضغث وضربها بها وبذلك هى لن تتألم من ضربة واحدة وكان المخرج لأيوب(ص) من عدم قدرته على التكفير عن يمينه بسبب جسده المنهك فهو لا يقدر على الصوم ولم يكن معه مال في ذلك الوقت
وفى هذا قال تعالى :
" وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب"
وقد عرف البعض الحيلة فقال :
" الْحذْق في تدْبير الأْمور وهو تقْليب الْفكْر حتّى يهْتدي إلى الْمقْصود، وأصْل الْياء واوٌ، وهي ما يتوصّل به إلى حالةٍ ما، في خفْيةٍ.
وأكْثر اسْتعْمالها فيما في تعاطيه خبْثٌ. وقدْ تسْتعْمل فيما فيه حكْمةٌ.
وأصْلها من الْحوْل، وهو التّحوّل منْ حالٍ إلى حالٍ بنوْع تدْبيرٍ ولطْفٍ يحيل به الشّيْء عنْ ظاهره، أوْ من الْحوْل بمعْنى الْقوّة. وتجْمع الْحيلة على الْحيل.
أمّا في الاصْطلاح فيسْتعْمل الْفقهاء الْحيلة بمعْنًى أخصّ منْ معْناها في اللّغة، فهي نوْعٌ مخْصوصٌ من الْعمل الّذي يتحوّل به فاعله منْ حالٍ إلى حالٍ، ثمّ غلب اسْتعْمالها عرْفًا في سلوك الطّرق الْخفيّة الّتي يتوصّل به إلى حصول الْغرض، بحيْث لا يتفطّن لها إلاّ بنوْعٍ من الذّكاء والْفطنة "
وتستخدم ألفاظ متعددة للتعبير عن الحيلة كالخدعة والغرور والتدبير والكيد والمكر والتورية والتعريض والذريعة
قطعا الحيلة تستخدم التفكير إذا كانت لهدف مباح وتستخدم الشهوة إذا كانت لهدف محرم ومعنى الحيلة :
استخدام خطوات متعددة للوصول لهدف محدد وهى خطوات تكون خفية على الأطراف الأخرى
وقد قسم الفقهاء الحيل لنوعين فقالوا فى الحيل المشروعة :
"تقْسيم الْحيل:
تنْقسم الْحيل باعْتبار مشْروعيّتها إلى حيلٍ مشْروعةٍ وحيلٍ محرّمةٍ.
الْحيل الْمشْروعة:
9 - وهي الْحيل الّتي تتّخذ للتّخلّص من الْمآثم للتّوصّل إلى الْحلال، أوْ إلى الْحقوق، أوْ إلى دفْع باطلٍ، وهي الْحيل الّتي لا تهْدم أصْلاً مشْروعًا ولا تناقض مصْلحةً شرْعيّةً.
وهي ثلاثة أنْواعٍ:
أ - أنْ تكون الْحيلة محرّمةً ويقْصد بها الْوصول إلى الْمشْروع، مثْل أنْ يكون له على رجلٍ حقٌّ فيجْحده ولا بيّنة له، فيقيم صاحب الْحقّ شاهديْ زورٍ يشْهدان به ولا يعْلمان ثبوت هذا الْحقّ.
ومتّخذ هذا الْقسْم من الْحيل يأْثم على الْوسيلة دون الْقصْد.
ويجيز هذا منْ يجيز مسْألة الظّفر بالْحقّ، فيجوز في بعْض الصّور دون بعْضٍ.
ب - أنْ تكون الْحيلة مشْروعةً وتفْضي إلى مشْروعٍ.
ومثالها الأْسْباب الّتي نصبها الشّارع مفْضيةً إلى مسبّباتها، كالْبيْع، والإْجارة وأنْواع الْعقود الأْخْرى، ويدْخل فيه التّحيّل على جلْب الْمنافع ودفْع الْمضارّ.
ج - أنْ تكون الْحيلة لمْ توضعْ وسيلةً إلى الْمشْروع فيتّخذها الْمتحيّل وسيلةً إلى ذلك، ومثاله الْمعاريض الْجائزة في الْكلام.
ومن الْحيل الْمشْروعة ما لا خلاف في جوازه ومنْها ما هو محل تردّدٍ وإشْكالٍ وموْضع خلافٍ."
كما سبق القول الحيل تكون خفية عن الأطراف الأخرى وحرمتها أو حلها تكون متوقفة على الهدف منها وأما خطوات تنفيذها ففى بعضها تكون في الظاهر أمر محرم كأمر يوسف(ص) فتيانه بوضع السقاية في رحل أخيه ولكن الهدف يكون مباحا
والمراجع للحيل المباحة وحتى المحرمة وحتى الآية الوحيدة التى ذكر فيها اللفظ الحيلة يجد أن أحداثها وقعت في مجتمعات كافرة وإن كان بعض سكانها مسلمين
ومن ثم المسلمون في المجتمع المسلم لا يتعاملون بالحيل في مجتمعاتهم التى تحكم بحكم الله إلا من قبيل وصول القاضى للحق وهناك حكايات متعددة في هذا وإن كان بعضها لم يحدث ومنها:
قضاء سليمان (ص)في الولد الذى اختطفته امرأى وادعت أنه ولدها كما قالت الأم أنها ابنها فل جأ إلى حيلة شق الولد نصفين لا ظهار الحقيقة وقد رفضت الأم الحقيقية ذلك وطالبته باعطاء الولد للخاطفة فعلم أنها الأم الحقيقية فأعطاها الولد
ومثل حكاية القاضى التى لم يكن يعرف سارق الدقيق وعندما جمع بعض المتهمين ومن ضمنهم السارق خدعه القاضى بالقول أن السارق على ذقنه أو رأسه ريشة أو دقيق وعند ذلك وضع اللص يده ليزيل الدقيق أو الريشة فعرفه القاضى
وأما الحيل المحرمة فالهدف منها الحصول على شىء محرم وفيها قال الفقهاء :
"الْحيل الْمحرّمة:
10 - وهي الْحيل الّتي تتّخذ للتّوصّل بها إلى محرّمٍ، أوْ إلى إبْطال الْحقوق، أوْ لتمْويه الْباطل أوْ إدْخال الشّبه فيه. وهي الْحيل الّتي تهْدم أصْلاً شرْعيًّا أوْ تناقض مصْلحةً شرْعيّةً. والْحيل الْمحرّمة منْها ما لا خلاف في تحْريمه ومنْها ما هو محل تردّدٍ وخلافٍ.
والْحيل الْمحرّمة ثلاثة أنْواعٍ وهي:
أ - أنْ تكون الْحيلة محرّمةً ويقْصد بها محرّمٌ:
ومثاله منْ طلّق زوْجته ثلاثًا وأراد التّخلّص منْ عار التّحْليل، فإنّه يحال لذلك بالْقدْح في صحّة النّكاح بفسْق الْوليّ، أو الشّهود فلا يصحّ الطّلاق في النّكاح الْفاسد.
ب - أنْ تكون الْحيلة مباحةً في نفْسها ويقْصد بها محرّمٌ كما يسافر لقطْع الطّريق، أوْ قتْل النّفْس الْمعْصومة.
ج - أنْ تكون الْحيلة لمْ توضعْ وسيلةً إلى الْمحرّم بل إلى الْمشْروع، فيتّخذها الْمحْتال وسيلةً إلى الْمحرّم.
كمنْ يريد أنْ يوصي لوارثه، فيحْتال لذلك بأنْ يقرّ له، فيتّخذ الإْقْرار وسيلةً للْوصيّة للْوارث "
قطعا الحيلة المحرمة يعرفها صاحبها من هدفه فمثلا هدف امرأة العزيز في غلق الأبواب بعد خروج سكان البيت هو الزنى والهدف في حيلتها الثانية اشاعة الفاحشة بين النساء

 

الثلاثاء، 25 فبراير 2025

الإغارة فى الإسلام

الإغارة فى الإسلام
الإغارة معناها القيام بشن هجوم على العدو ومن المعروف أن الهجوم على العدو قد يكون مباح وقد يكون محرم
المباح هو طاعة الله فى قاعدة رد العدوان تطبيقا لقوله تعالى :
" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "

المحرم هو العدوان على العدو بلا اعتداء منه وهو مخالف لقوله تعالى :
" ولا تعاونوا على الإثم والعدوان "
وهم يسمون هذا الفعل المحرم :
الحرب الاستباقية أو الحرب الهجومية
وهم يرددون مقولة :
ان سبب الحرب هو إعداد العدو لشن حرب على المسلمين
والله لا يبيح شن أى هجوم إلا بناء على هجوم من العدو لأن ألصلف ى العداوة هو :
أن كل دولة تستعد لحرب قادمة مع العدو
والحرب الاستباقية تتناقض مع وجوب إعداد المسلمين القوى المختلفة كما قال تعالى :
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة "
فلو قمنا بها سيقوم العدو بها فى أى وقت ضدنا ومن ثم لا فائدة من العدوان لأن الغرض من الاستعداد هو :
اخافة العدو ليوقف العدوان ويستمر السلام وليس الأصل الحرب بالعدوان على الغير
وفى الموسوعة الفقهية ذكر كتاب الموسوعة أن الفقهاء أباحوا الحرب الاستباقية وهو ما يسمونه فى الجاهلية :
الاغارة
وهة على حد قول بعضهم شعرا :
بغاة ظالمين وما ظلمنا ولكن سنبدأ ظالمين
وهو اعتراف بأن الاغارة ظلم
المصيبة فيما ذكرته الموسوعة هو أن هذه الحرب قد تكون قبل دعوتهم للإسلام وتعريفهم به
وهو ما يتناقض مع وجوب دعوة كل الناس كما قال تعالى :
" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "

فأى رحمة فى عدم دعوة الناس من قبل هؤلاء العصاة لله ؟
كما يتناقض مع قوله تعالى :
" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن "
يقول التعريف :
"التَّعْرِيفُ:
1 - الإْغَارَةُ لُغَةً: الْهُجُومُ عَلَى الْقَوْمِ بَغْتَةً وَالإْيقَاعُ بِهِمْ.
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ عَنْ ذَلِكَ. وَيُرَادِفُهُ الْهُجُومُ
الْحُكْمُ الإْجْمَالِيُّ، وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
2 - الأْصْل أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ الإْغَارَةُ عَلَى الْعَدُوِّ الْكَافِرِ ابْتِدَاءً قَبْل عَرْضِ الإْسْلاَمِ عَلَيْهِمْ . "
قطعا شن عدوان على الكفار هو :
اعتداء على دين الله
والمراد :
عصيان لأوامر الله مثل قوله تعالى :
" فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم "
وقوله تعالى :
" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم والله يحب المقسطين"
وقوله تعالى :
" وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم "
والمصيبة أن القائلين بهذا الرأى لا يوجد معهم اى دليل من وحى الله فحتى الروايات المنسوبة للنبى (ص) معظمها يطلب تخيير الكفار بين الإسلام والجزية والقتال ومنها :
"حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع بن الجراح عن سفيان ح وحدثنا إسحق بن إبراهيم أخبرنا يحيى بن آدم حدثنا سفيان قال أملاه علينا إملاء ح وحدثني عبد الله بن هاشم واللفظ له حدثني عبد الرحمن يعني ابن مهدي حدثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال اغزوا باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا قال عبد الرحمن هذا أو نحوه وزاد إسحق في آخر حديثه عن يحيى بن آدم قال فذكرت هذا الحديث لمقاتل بن حيان قال يحيى يعني أن علقمة يقوله لابن حيان فقال حدثني مسلم بن هيصم عن النعمان بن مقرن عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وحدثني حجاج بن الشاعر حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا شعبة حدثني علقمة بن مرثد أن سليمان بن بريدة حدثه عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرا أو سرية دعاه فأوصاه وساق الحديث بمعنى حديث سفيان حدثنا إبراهيم حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء عن الحسين بن الوليد عن شعبة بهذا"رواه مسلم
ويبدو أن ألأصل الذى يستند عليه رأى أولئك الفقهاء هو حديث قتال الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ومن رواياته :
4/1209- وعَن ابن عُمَر رَضِيَ اللَّه عنْهَما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ مُتفقٌ عليه."
وهو لا يتفق مه أحاديث متعددة تناقضه حيث تطلب تعليم الناس الإسلام أولا مثل حديث :
" لما بعث معاذا إلى اليمن قال له النبي ﷺ: ادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض منهم زكاة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم "

الاثنين، 24 فبراير 2025

الدهن فى الإسلام

الدهن فى الإسلام
الدهن فى القرآن :
حب الدهان
طلب الله من نبيه(ص) ألا يطع المكذبين والمراد ألا يتبع دين الكافرين مصداق لقوله بسورة الفرقان"فلا تطع الكافرين"ودوا لو تدهن فيدهنون والمراد أحبوا لو تكذب بدين الله فيكذبون مثلك.
وفى هذا قال تعالى :
" فلا تطع المكذبين ودوا لو تدهن فيدهنون "
الكفار مدهنون بالحديث
سأل الله الناس أفبهذا الحديث أنتم مدهنون والمراد هل بهذا القرآن أنتم كافرون أى تجعلون رزقكم أنكم تكذبون أى تحكمون أن نفعكم أن تكفرون ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بكفرهم بالحديث وهو القرآن الذى قرروا أن رزقهم وهو منفعتهم أى مصلحتهم هى التكذيب به .
وفى هذا قال تعالى
"أفبهذا الحديث أنتم مدهنون وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون "
شجرة تنبت بالدهن
وضح الله للناس أنه أنبت بالماء شجرة تخرج من طور سيناء والمراد نبات ينبت من أرض جبل سيناء وهذه الشجرة تعطى الناس الدهن وهو الزيت صاحب الاستعمالات المتعددة والصبغ للآكلين وهو الطعام للطاعمين والمراد أن ثمار الزيتون طعام للناس
وفى هذا قال تعالى :
"وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين "
والدهن فى المعنى المعروف يطلق على المواد الزيتية سواء كانت مما يتجمد أو مما يسيل وهذه المواد بعضها له رائحة معروفة
ومن أنواع الدهن ما يسمى السمن وهو يطلق على المادة المتكونة وهى القشدة من لبن الأنعام والتى تطفو فوق اللبن بعد أيام ويتم جمعها وخضها
كما يسمون الدهن الشحم مع أنه اللحم فى القرآن وهى المواد البيضاء التى تكون بين اللحم
وقد رتب الفقهاء بناء على الروايات المنسوبة للنبى(ص) ومن آمنوا به أمورا متعددة تتعلق بالدهن
الأول الدهن المتنجس وهو يسمون الحيوانات الميتة مثل الفأر الساقط فى السمن والذى يموت فيه نجاسة مع أنها خباثة والمقصود :
شىء ضار لأن تحلل الجثة ينتج عنه دخول الضرر فى السمن وقد اختلف الفقهاء فى هذا الأمر ما بين محرم لهذا السمن وما بين مطهر له بالماء وهى عملية صعبة وقد نقلت الموسوعة الفقهية من بطون كتبهم الآراء وهو قولها :
"4 - ذهب جُمْهُورُ الْفُقهاء (الْمالكيّةُ والشّافعيّةُ على الأْصحّ وهُو قوْل الْقاضي وابْن عقيلٍ من الْحنابلة ومُحمّدٍ من الْحنفيّة) إلى أنّ الدُّهْن الْمائع إذا تنجّس لا يقْبل التّطْهير لقوْله صلّى اللّهُ عليْه وسلّم لمّا سُئل عن الْفأْرة تمُوتُ في السّمْن: إنْ كان جامدًا فألْقُوها وما حوْلها، وإنْ كان مائعًا فلا تقْربُوهُ وفي روايةٍ للْخطّابيّ: فأريقُوهُ.
فلوْ أمْكن تطْهيرُهُ شرْعًا لمْ يقُل فيه ذلك لما فيه منْ إضاعة الْمال، ولبيّنهُ لهُمْ، وقياسًا على الدّبْس والْخل وغيْرهما من الْمائعات إذا تنجّستْ فإنّهُ لا طريق إلى تطْهيرها بلا خلافٍ .
ويرى الشّافعيّةُ في وجْهٍ، وأبُو يُوسُف من الْحنفيّة وأبُو الْخطّاب من الْحنابلة أنّ الدُّهْن الْمُتنجّس يطْهُرُ بالْغسْل، وكيْفيّةُ تطْهيره أنْ يُجْعل الدُّهْنُ في إناءٍ، ويُصبّ عليْه الْماءُ ويُكاثر به، ويُحرّك بخشبةٍ ونحْوها تحْريكًا يغْلبُ على الظّنّ أنّهُ وصل إلى جميع أجْزائه، ثُمّ يُتْركُ حتّى يعْلُو الدُّهْنُ، فيُؤْخذ. أوْ يُنْقب أسْفل الإْناء حتّى يخْرُج الْماءُ فيطْهُر الدُّهْنُ .
هذا ويُشْترطُ التّثْليثُ لتطْهير الدُّهْن عنْد الْحنفيّة كما جاء في الْفتاوى نقْلاً عن الزّاهديّ .
وقال في الْفتاوى الْخيْريّة: ظاهرُ كلام الْخُلاصة عدمُ اشْتراط التّثْليث، وهُو مبْنيٌّ على أنّ غلبة الظّنّ مُجْزئةٌ عن التّثْليث.
كما يرى صاحبُ الْفتاوى الْخيْريّة أنّ شرْط غليان الدُّهْن لتطْهيره الْمذْكُور في بعْض الْكُتُب إنّما هُو منْ زيادة النّاسخ، أوْ يُحْمل على ما إذا جمد الدُّهْنُ بعْد تنجُّسه ."
قطعا أى مادة أى خبث تؤدى لمرض الإنسان محرمة التناول كما قال تعالى " ويحرم عليهم الخبائث"
وقال :
" ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون "
والمسألة التالية هو استعمال من نوى الحج أو يؤدى أعمال الحج للدهن وقد اختلفوا فى المسألة وفيه قالت الموسوعة :
"5 - اتّفق الْفُقهاءُ على أنّهُ لا يجُوزُ للْمُحْرم أنْ يدْهُن بدُهْنٍ فيه طيبٌ لأنّهُ يُتّخذُ للطّيب وتُقْصدُ رائحتُهُ فكان طيبًا كماء الْورْد . وأمّا ما لا طيب فيه، فقد اخْتلف الْفُقهاءُ في اسْتعْماله للْمُحْرم، فيرى الْحنفيّةُ والْمالكيّةُ حظْر اسْتعْمال الدُّهْن للْمُحْرم في رأْسه ولحْيته وعامّة بدنه لغيْر علّةٍ، وإلاّ جاز .
وذهب الشّافعيّةُ إلى أنّ الأْدْهان الْمُطيّبة كالزّيْت، والشّيْرج، والسّمْن والزُّبْد، لا يحْرُمُ على الْمُحْرم اسْتعْمالُها في بدنه، ويحْرُمُ عليْه في شعْر رأْسه ولحْيته واسْتدلُّوا بما رُوي أنّ النّبيّ صلّى اللّهُ عليْه وسلّم ادّهن بزيْتٍ غيْر مُقتّتٍ أيْ غيْر مُطيّبٍ وهُو مُحْرمٌ . ويرى الْحنابلةُ - على الْمُعْتمد عنْدهُمْ - جواز الادّهان بدُهْنٍ غيْر مُطيّبٍ في جميع الْبُلْدان "
قطعا لم يحرم الله استعمال الدهن لضرورة للحاج أو لغيره سواء له رائحة أم لا كما قال تعالى :
" قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق "
والمسألة الثالثة هى بيع الدهن المتنجس وقد اختلفوا أيضا فيها وهو ما ذكرته الموسوعة فى قولها :
"6 - يرى جُمْهُورُ الْفُقهاء (الْمالكيّةُ والشّافعيّةُ والْحنابلةُ) على الْمشْهُور والأْصحّ منْ مذاهبهمْ عدم صحّة بيْع الدُّهْن الْمُتنجّس؛ لأنّ أكْلهُ حرامٌ بلا خلافٍ، فقدْ سُئل النّبيُّ صلّى اللّهُ عليْه وسلّم عن الْفأْرة تمُوتُ في السّمْن فقال: إنْ كان مائعًا فلا تقْربُوهُ وإذا كان حرامًا لمْ يجُزْ بيْعُهُ؛ لقوْل النّبيّ صلّى اللّهُ عليْه وسلّم: إنّ اللّه إذا حرّم على قوْمٍ أكْل شيْءٍ حرّم عليْهمْ ثمنهُ . ولأنّهُ نجسٌ، فلمْ يجُزْ بيْعُهُ قياسًا على شحْم الْميْتة .
وذهب الْحنفيّةُ والْمالكيّةُ - على مُقابل الْمشْهُور عنْدهُمْ - والشّافعيّةُ في وجْهٍ إلى صحّة بيْع الدُّهْن الْمُتنجّس - وهُو الّذي عرضتْ لهُ النّجاسةُ - لأنّ تنْجيسهُ بسُقُوط النّجاسة فيه لا يُسْقطُ ملْك ربّه عنْهُ، ولا يُذْهبُ جُمْلة الْمنافع منْهُ، ولا يجُوزُ أنْ يُتْلف عليْه فجاز لهُ أنْ يبيعهُ ممّنْ يصْرفُهُ فيما كان لهُ هُو أنْ يصْرفهُ فيه .
ورُوي عن الإْمام أحْمد جوازُ بيْع الدُّهْن الْمُتنجّس لكافرٍ يعْلمُ نجاستهُ؛ لأنّهُ قدْ رُوي عنْ أبي مُوسى: لُتُّوا به السّويق وبيعُوهُ ولا تبيعُوهُ منْ مُسْلمٍ وبيّنُوهُ .
هذا وبعْد أنْ نقل الدُّسُوقيُّ الْخلاف في الْمذْهب الْمالكيّ حوْل جواز وعدم جواز بيْع الزّيْت الْمُتنجّس قال: هذا في الزّيْت على مذْهب منْ لا يُجيزُ غسْلهُ، وأمّا على مذْهب منْ يُجيزُ غسْلهُ - ورُوي ذلك عنْ مالكٍ - فسبيلُهُ في الْبيْع سبيل الثّوْب الْمُتنجّس .
أمّا الْودكُ (دُهْنُ الْميْتة) فلا يجُوزُ بيْعُهُ اتّفاقًا، وكذا الانْتفاعُ به لحديث الْبُخاريّ إنّ اللّه ورسُولهُ حرّم بيْع الْخمْر والْميْتة والْخنْزير والأْصْنام، فقيل: يا رسُول اللّه أرأيْت شُحُوم الْميْتة فإنّهُ يُطْلى بها السُّفُنُ ويُدْهنُ بها الْجُلُودُ ويسْتصْبحُ بها النّاسُ، قال: لا، هُو حرامٌ ."
قطعا الدهن الذى يؤكل محرم بيعه إذا كان فيه جثة فأر أو ما شابه لحرمة أكل الخبائث فالمحلل هو الطيبات من الرزق وأما استعمال الدهن فى منافع غير الأكل سواء كان فيه حشرات أم لا فهو أمر مباح طالما سيلقى الجثة أو ما سموه النجاسة دون أن تكون نجاسة عند الله
والمسألة الرابعة هو الاستصباح بالدهن النجس عند الفقهاء وقد أباحوه استعماله مع أنهم فى المسألة السابقة حرموا استعمال دهن الميتة فى أى منفعة وقد ذكرت الموسوعة أرائهم فى قولها :
"7 - يرى جُمْهُورُ الْفُقهاء جواز الاسْتصْباح بالدُّهْن الْمُتنجّس في غيْر الْمسْجد؛ لأنّ النّبيّ صلّى اللّهُ عليْه وسلّم سُئل عنْ فأْرةٍ وقعتْ في سمْنٍ فقال: إنْ كان جامدًا فألْقُوها وما حوْلها، وإنْ كان مائعًا فاسْتصْبحُوا به، أوْ فانْتفعُوا به . ولجواز الانْتفاع بالنّجاسة على وجْهٍ لا تتعدّى. أمّا الاسْتصْباحُ به في الْمسْجد فلا يجُوزُ؛ لئلاّ يُؤدّي إلى تنْجيسه .
ويميل الإْسْنويُّ إلى جواز الاسْتصْباح بالدُّهْن الْمُتنجّس في الْمسْجد حيْثُ قال: وإطْلاقُهُمْ يقْتضي الْجواز، وسببُهُ قلّةُ الدُّخان "

 

الأحد، 23 فبراير 2025

الحجاز فى الإسلام

الحجاز فى الإسلام
أول ما نسمع أو نقرأ كلمة الحجاز فأول ما يخطر فى بالنا هو أرض الحج فلم يكن الناس يعرفون اسم السعودية ولا غيرها كبنى رشيد إلا من حوالى تسعين عاما وإنما هى بلاد الحجاز والتى هى فى أذهاننا مرتبطة بما يسمى الساحل الشرقى للبحر الأحمر وإن كان الأمر فى القرآن غير هذا
الحجاز معناها هو الفاصل بين أشياء قد تكون أرض أو تكون ماء أو غيرها وقد عرفت الموسوعة الفقهية الكويتية الكلمة فقالت :
"التّعْريفُ:
1 - الْحجازُ لُغةً من الْحجْز، وهُو الْفصْل بيْن الشّيْئيْن. قال الأْزْهريُّ:
الْحجْزُ أنْ يحْجز بيْن مُتقاتليْن، والْحجازُ الاسْمُ وكذا الْحاجزُ، قال اللّهُ تعالى:
{وجعل بيْن الْبحْريْن حاجزًا}
أيْ حجازًا بيْن ماءٍ ملْحٍ وماءٍ عذْبٍ لا يخْتلطان، وذلك الْحجازُ قُدْرةُ اللّه .
ويُقال للْجبال أيْضًا حجازٌ، أيْ لأنّها تحْجزُ بيْن أرْضٍ وأرْضٍ."
وقد بينت الموسوعة أنه لا يوجد اتفاق بين القوم فى تعريف المنطقة فقد ذكرت أقوال متعددة فى التعريف وهى :
"والْحجازُ الْبلدُ الْمعْرُوفُ، سُمّي بذلك من الْحجْز الّذي هُو الْفصْل بيْن الشّيْئيْن، قيل: لأنّهُ فصل بيْن الْغوْر (أيْ تهامة) والشّام والْبادية.
وقيل: لأنّهُ فصل بيْن تهامة ونجْدٍ. وقال الأْزْهريُّ: سُمّي حجازًا لأنّ الْحرار حجزتْ بيْنهُ وبيْن عالية نجْدٍ .
وقد اخْتلفتْ عباراتُ اللُّغويّين في بيان ما يدْخُل تحْت اسْم الْحجاز وبيان حُدُوده، فقال ياقُوتٌ الْحمويُّ:
الْحجازُ الْجبل الْمُمْتدُّ الّذي حال بيْن الْغوْر، غوْر تهامة، ونجْدٍ
ثُمّ نقل عنْ الأْصْمعيّ الْحجازُ منْ تُخُوم صنْعاء منْ الْعبْلاء وتبالة إلى تُخُوم الشّام.
وقريبٌ منْهُ قوْل هشامٍ الْكلْبيّ إنّ جبل السّراة منْ قُعْرة الْيمن إلى أطْراف بوادي الشّام سمّتْهُ الْعربُ حجازًا، فصار ما خلْفهُ إلى سيْف الْبحْر غوْر تهامة، وما دُونهُ في شرْقيّه إلى أطْراف الْعراق والسّماوة نجْدًا. والْجبل نفْسُهُ وهُو سراتُهُ وما احْتُجز به في شرْقيّه من الْجبال وانْحاز إلى ناحيةٍ فيه هُو الْحجازُ ."
وهذا الاختلاف والتناقض فيما بين اللغويين وأما الفقهاء فلم يكن أمرهم أفضل فقد اختلفوا أيضا
وأمّا في اصْطلاح الْفُقهاء وخاصّةً عنْد الشّافعيّة والْحنابلة الّذين قصرُوا حُكْم جزيرة الْعرب الْوارد في الْحديث، فبيانُ مُرادهمْ بالْحجاز كما يلي:
قال الشّافعيُّ: والْحجازُ مكّةُ والْمدينةُ والْيمامةُ ومخاليفُها كُلُّها. ثُمّ قال: " ولا يتبيّنُ أنْ يُمْنعُوا رُكُوب بحْر الْحجاز، ويُمْنعُون من الْمُقام في سواحله، وكذلك إنْ كانتْ في بحْر الْحجاز جزائرُ وجبالٌ تُسْكنُ مُنعُوا منْ سُكْناها لأنّها منْ أرْض الْحجاز ".
وذُكر في الْمنْهاج وشرْحه منْ مُدن الْحجاز وقُراهُ: مكّة والْمدينة والْيمامة وقُراها كالطّائف ووجٍّ وجدّة والْينْبُع وخيْبر، (وأضاف عميرةُ الْبُرُلُّسيُّ فدكًا)
وقال الشّافعيّةُ: إنّ الْكافر يُمْنعُ منْ الإْقامة بجزائر بحْر الْحجاز ولوْ كانتْ خرابًا، ومن الإْقامة في بحْرٍ في الْحجاز ولوْ في سفينةٍ.
وفسّر الْقلْيُوبيُّ الْيمامة بأنّها الْبلدُ الّتي كان فيها مُسيْلمةُ، والّتي سُمّيتْ باسْمها زرْقاءُ الْيمامة. وهذا يقْتضي أنّ الْحجاز عنْد الشّافعيّة - وعنْد الْحنابلة كما يأْتي - يشْمل ما هُو شرْقيُّ جبال الْحجاز حتّى الْيمامة وقُراها وهي منْطقةُ الرّياض الآْن ، أوْ ما كان يُسمّى قديمًا الْعرْضُ أو الْعارضُ وهي بعْضُ الْعُرُوض، جاء في مُعْجم الْبُلْدان: الْعُرُوضُ الْيمامةُ والْبحْريْنُ وما والاهُما .
وليْستْ الْبحْريْنُ وقاعدتُها هجرُ من الْحجاز
وكذلك فسّرهُ الْحنابلةُ: فإنّهُمْ عنْدما تعرّضُوا لما يُمْنعُ الْكُفّارُ منْ سُكْناهُ بيّنُوا أنّ الْمُراد بجزيرة الْعرب في الْحديث (الْحجازُ) .
جاء في الْمُغْني: قال أحْمدُ في حديث أخْرجُوا الْمُشْركين منْ جزيرة الْعرب : جزيرةُ الْعرب الْمدينةُ وما والاها، قال ابْنُ قُدامة: يعْني أنّ الْممْنُوع منْ سُكْنى الْكُفّار الْمدينةُ وما والاها وهُو مكّةُ والْيمامةُ وخيْبرُ والْينْبُعُ وفدكُ ومخاليفُها وما والاها. وجاء في كلامه ما يدُل على أنّ تيْماء وفيْدًا ونحْوهُما لا يُمْنعُ أهْل الذّمّة منْ سُكْناها وكذلك الْيمنُ ونجْرانُ وتيْماءُ وفيْدٌ منْ بلاد طيّئٍ .
وجاء في مطالب أُولي النُّهى: يُمْنعُ أهْل الذّمّة منْ الإْقامة بالْحجاز، وهُو ما حجز بيْن تهامة ونجْدٍ والْحجاز كالْمدينة والْيمامة وخيْبر والْينْبُع وفدك وقُراها، وفدكُ قرْيةٌ بيْنها وبيْن الْمدينة يوْمان. وقال ابْنُ تيْميّة: ومنْ الْحجاز تبُوكُ ونحْوُها، وما دُون الْمُنْحنى وهُو عقبةُ الصّوّان يُعْتبرُ منْ الشّام كمعانٍ "
وهذه الاختلافات ليست ضيقة وإنما واسعة ولم يرد اللفظ ولا التسمية فى القرآن وقد رتب الفقهاء على الروايات أحكاما لم ينزل الله بها من وحى أى سلطان من عنده وهو ما ذكرته الموسوعة فى الفقرة التالية من مادة حجاز :
"الأْحْكامُ الشّرْعيّةُ الْمُتعلّقةُ بالْحجاز:
2 - الأْحْكامُ الشّرْعيّةُ الْمُتعلّقةُ بجزيرة الْعرب ومنْها الْحجازُ ترْجعُ أساسًا إلى أرْبعة أحْكامٍ:
الأْوّل: أنّها لا يسْكُنُها غيْرُ الْمُسْلمين.
والثّاني: أنّها لا يُدْفنُ بها أحدٌ منْ غيْر الْمُسْلمين.
والثّالثُ: أنّها لا يبْقى بها دارُ عبادةٍ لغيْر الْمُسْلمين.
والرّابعُ: أنّها زكويّةٌ كُلُّها لا يُؤْخذُ منْ أرْضها خراجٌ."
وأما الحكم الأول وهو أن أرض الحجاز لا يسكنها سوى المسلمين فهو يناقض أن الله لم يمنع وجود الكفار فى أرض المسلمين إلا فى مكان واحد وهو المسجد الحرام كما قال تعالى :
" "يا أيها الذين أمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد بعد عامهم هذا"
والروايات متناقضة فهم يقولون أن عمر بن الخطاب أخرج كل الكفار من جزيرة العرب وقاعدتها الحجاز كما يثال ومع هذا فى روايات قتل عمر كان فى أرض المدينة وهى وسط الحجاز كعب الأحبار اليهودى وجفينة النصرانى وأبو لؤلؤة المجوسى الذى قتل عمر فى تلك الروايات
فكيف أخرجهم وهم من كانوا معه داخل المدينة واتفقوا على قتله كما تقول تلك الروايات ؟
وأما الحكم الثانى وهو دفن المسلمين فقط فى تلك الأرض فيتناقض مع روايات قتل عمر حيث دفن القتلة فى تلك الأرض بعد قتلهم ولو كان ألأمر محرم فكيف تم دفن الكفار من قريش ومن اليهود وغيرهم فى تلك الأرض فى تلك الحروب بيمن المسلمين وغيرهم كما تقول الروايات ؟
وهناك رواية عن قتلى بدر أنه(ص) رماهم فى طوى خبيث فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن أبي طلحة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش، فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث" فلو كان دفنهم فى أرض الحجاز محرما لطلب من المسملين نقلهم خارج الحجاز وهو الذى لم يحدث
قطعا دفن الميت فى أى مكان واجل بغض النظر عن يانته كما فى قصة أبن آدم القاتل والقتيل
والسؤال كيف رضى النبى(ص) بدفن رأس المنافقين عبد الله بن أبى بن سلول فى أرض المدينة هو وغيره من المنافقين مع كفرهم ونفاقهم إذا الحكم عدم جواز دفنهم فى الحجاز ومنه المدينة وألأعجب أن يعطى حسب الروايات قميصه لابنه لكى يكفنه فيه
والحكم الثالث إزالة دور عبادة الكفار المعاهدين من الحجاز وهو الذى لم يحدث لأن الله حرم هدمها فقال :
"ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا"
وأما الحكم الرابع وهو كونها أرض زكوية وليست أرض خراج فهذا ما لا دليل عليه لأن الزكاة والجزية مرتبطان بوجود الكفار المعاهدين والمسلمين أو مرتبطان بالمعاهدات فيما بينهم

 

السبت، 22 فبراير 2025

قراءة في كتاب تحرير الجواب عن ضرب الدَّواب

قراءة في كتاب تحرير الجواب عن ضرب الدَّواب
المؤلف محمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي (831-902) وهو يدور حول أحكام الدواب من خلال الروايات ومما لا شك فيه أن الروايات فيها معانى صحيحة تركز على الرحمة بالحيوان وقد ذكر السخاوى سبب تأليف الكتاب وهو أن بعضهم سأله عن حكم ضرب الدواب فألف الكتاب وهو قوله :
"فهذا جزء أجبت فيه عن مسألة ضرب الدواب وأسعفت به من سأل عنها من الفضلاء ذوي البراعة والانتخاب نفعني الله وإياه به وسائر المسلمين وختم لنا بخير أجمعين"
وذكر في مستهله أحاديث تنهى عن الضرب وهى :
" قد جاء الضرب في أحاديث؛ منها:
[1] ما رواه النسائي في «سننه الكبرى» -بسند صحيح- من حديث عبد الله بن أبي الجعد عن جُعَيل الأشجعي قال: «غزوت مع رسول الله (ص)في بعض غزواته وأنا على فرس لي عجفاء ضعيفة فلحقني رسولُ الله (ص)فقال: سر يا صاحب الفرس قلت: يا رسول الله عجفاء ضعيفة فرفع رسول الله (ص)مخفقة -يعني: دِرَّةً كانت معه فضربها بها وقال: اللهم بارك له فيها قال: فلقد رأيتني ما أملك رأسها أن تقدَّم الناسَ ولقد بعْتُ من بطنها باثني عشر ألفًا»
الخطأ هو حدوث معجزة تحول الدابة العجفاء الضعيفة لدابة قوية تسبق الدواب بالدعاء ودون اطعام وعلاج وهو ما يخالف أن الله منع الآيات وهى المعجزات عن الناس في عهد النبى(ص) فقال " وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون "
ثم قال :
[2] ومنها ما رواه البيهقي في «دلائل النبوة» -بسند صحيح أيضًا- من حديث أبي حازم عن أبي هريرة قال: «جاء رجل -أو قال فتى- إلى النبي (ص)فقال: إني تزوجت امرأة فقال: هل نظرت إليها فإن في أعين الأنصار شيئًا؟ قال: قد نظرت إليها قال: على كم تزوَّجتها؟ فذكر شيئًا قال: فكأنكم تنحتون الذهب والفضة من عُرْض هذه الجبال من عندنا اليوم شيء نعطيكه ولكن سأبعثك في وجه تصيب فيه فبعث بعثًا إلى بني عبس وبعث الرجل فيهم فأتاه فقال: يا رسول الله أعيتني ناقتي أن تنبعث قال: فناوله رسول الله (ص)-لعله يده- كالمعتمد عليه للقيام فأتاها فضربها برجله رجله قال أبو هريرة : والذي نفسي بيده لقد رأيتها تسبق القائد»
وهو في «صحيح مسلم» والنسائي لكن بدون المقصود منه هنا"
هنا نفس الخطأ وهو أن الناقى عندما رفست برجل النبى(ص) انقادت لصاحبها مع أنها لم تكن تتحرك في السابق والحديث هنا يجيز ضرب الدواب ثم قال :
[3] ومنها حديث جابر -المتفق على صحته- في بعيره الذي تخلف وأرد أن يسيبه ولفظه في بعض روايته في «الصحيح» : «قلت: إني على جمل ثفال -يعني: بطيء الحركة- فقال: أمعك قضيب؟ قلت: نعم قال: أعطينه فأعطيته إياه فضربه فزجره» الحديث وفي بعضها مما هو في الصحيح أيضًا : «فتخلف -يعني: الجمل- فنزل فضربه بمحجنه ثم قال: اركب»
وفي بعضها عند مسلم: «فنخسه ثم قال: اركب باسم الله»وفي بعضها عند أحمد
(6): «فقال أنخه وأناخ رسول الله (ص)ثم قال: أعطني هذه العصا -أو اقطع لي عصا من شجرة- ففعلت فأخذها فنخسه بها نخسات»
وفي بعضها مما هو عند الطبراني: «فنفث فيها -أي: العصا- ثم مجَّ من الماء في نحره ثم ضربه بالعصي فوثب»
ولغيره: «ونضح ماء في وجهه ودبره وضربه بعُصَيَّة فانبعث»وفيها من أعلام النبوة ما لا يخفى وبها يستدل لجواز ضرب الدابة لتسير وإن كانت غير مكلفة وقد ترجم النسائي في «سننه الكبرى» على الأخير منها: «ضرب البعير» وعلى الأول منها: «ضرب الفرس»
لكن محل ذلك ما إذا لم يتحقق أن ذلك منها من فرط تعب وإعياء"
والملاحظ في الأحاديث السابقة إباحتها ضرب الدواب وطاعتها للنبى(ص) الذى يضربها وحده دون أصحابها وكل الأحاديث تدخل في إطار الآيات المعجزات الممنوعة في عهده وبعده
وتحدث السخاوى عن معاملة الدواب بالحيلة كتحريك رجلى الراكب عليها أو بخداعها عن طريق الطعام ثم ضربها فقال :
"وقد رُوِّينا في تاسع عشر «المجالسة» من طريق شعيب بن حرب قال: «لما خرجت إلى يوسف بن أسباط اكتريتُ حمارًا فركبته فجعل لا يمشي كما أريد فقال لي المكاري حرِّك رجليك يمشي فقلت له: ما كنت لأحمله على أكثر من طاقته»
ويُعلم ذلك بقرائن منها -كما نُقل عن بعض الأئمة- أنه يشار إليها من مكان بعيد بالعلف ونحوه فإن قصَدته فجائز له حملها بالضرب لتصل إلى الحد الذي قصدت به العلف لكن ذلك غير لازم لاحتمال أنها تكلفت في العَدْو إلى العَلف فوق طاقتها محبَّةً فيه ورغبةً إلى الوصول إليه على أنه روي أنه (ص)في غزوة تبوك لما جهد الناسُ الظهرَ جهدًا شديدًا وشكوا ذلك إليه ورآهم رجالًا لا يرجون ظهرهم نظر رسول الله (ص)من مضيق ممر الناس وقد وقف عليه والناس يمرون فنفخ فيها وقال: (اللهم احمل عليها في سبيلك فإنك تحمل على القوي والضعيف والرَّطب واليابس في البر والبحر) فاستمرت قال راويه : «فما دخلنا المدينة إلا وهي تنازعنا أزمتها» وكأنه (ص)عدل عن الضرب إلى الدعاء للمشقة في استيعابها بالضرب أو لتتنوع أسباب المعجزة أو لشدة ضعفها ونحوه ما يُروى فيمن ساء خُلقه من الدَّواب والرقيق أنه (ص)أمر أن يُقرأ في أذُنِه : { أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } فإن علاجها بالضرب حينئذ لا يؤثر في زوال المحذور بل ربما يكون سبباً لزيادته"
والخطأ هنا هو أن الدواب تحركت بالدعاء بدلا من الاطعام والعلاج وهو نفس خطأ حدوث الآيات المعجزات
ثم ذكر روايتن تنهى عن الضرب وتأمر المعاملة بالرفق فقال :
"وقد روى ابن المنذر في «الأوسط» وأحمد في «مسنده» وغيرهما من حديث المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة- ا- قالت: كُنت على بعير فيه صعوبة فكنت أضربه- أو أحْزقه- فقال لي رسول الله (ص) (يا عائشة! عليك بالرفق فإنه لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع منه إلا شانه) وهو في «صحيح مسلم» بمعناه: «ركبت بعيرًا فكانت فيه صعوبة فجعلت تُرَدِّدُهُ فقال لها رسول الله (ص) (عليك بالرفق)» وذكره ترجم عليه ابن المنذر: «ذكر الرفق بالدواب»
ومنه في القول عند عثورها كما جاء عن أسامة بن عمير مما أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم -قال: «كنت ردف رسول الله (ص)فعثر بعيرُنا فقلت: تعسَ الشيطانُ فقال لي رسول الله (ص) (لا تقل: تعس الشيطان؛ فإنه يعظم حتى يصير مثل البيت ويقول: بقوَّتي ولكن قل: باسم الله فإنه يصغر حتى يصير مثل الذباب»وعن حسان أن رجلًا كان على حمار فعثر به فقال: تعِسْتَ فقال صاحب اليمين: ما هي حسنة فأكْتُبها فأوحي -أو نودي-: «ما ترك صاحبُ اليمين فاكتبه» رواه البيهقي في الشعب
والخطأ هو الدعاء على الشيطان بقول تعس الشيطان يجعله يكبر حتى يصبح مثل البيت وهى آية معجزة وقد منع الله الآيات المعجزات عن الناس فقال بسورة الإسراء "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون "
وتحدث عن أن الدابة لا تضرب في الوجل والمطر فقال حاكيا حكاية :
"وعن بعضهم قال: «خرجت من حَرَّان إلى الموصل في زمن الشتاء والوحل والأمطار وكانت جمال الناس تقع كثيرًا وقاسى الناسُ شدَّة عظيمة فكنت أخشى على نفسي لما أعلم من ضعفي فنمت فسمعت قائلًا يقول: ألا أعلمك شيئًا إذا قلته لم يقع جملك وتأمن به؟ فقلت له: بلى والله ولك الأجر فقال لي: قل: { إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا } الآية فقلت: فما وقع جملي حتى دخلت الموصل وهلك للناس شيء كثير من سقوط جمالهم وسلم ما معي»
ففي هذه الحالة أيضًا لا يضربها؛ لأنه لا قوة لها في العثر والوحل نعم له ضربها على الجفل ومعالجتها في تجنبه برفق
وتحدث عن النهى عن شرب الدواب على وجوهها فقال :
وكله محل الجواز أيضًا فيما عدا الوجه؛ لشمول النهي الوارد فيه كل حيوان محترم الآدمي والحمير والخيل والإبل والبغال والغنم وغيرها لكنه في الآدمي أشد بل يروى في النهي عن لطم خدِّها ما أخرجه أحمد عن المقدام بن معديكرب قال: «سمعت رسول الله (ص)ينهى عن لطم خدود الدواب وقال: (إن الله قد جعل لكم عصيًّا وسياطًا»"
وتحدث عن عدم تحميل الدابة ما لا تطيق فقال :
"ولا شك في تحريم تكليفها ما لا طاقة لها به من حمل وسير والضرب حينئذ بسبب ذلك حرام وقد ورد أنه يُقَصُّ للشاة الجلحاء -يعني: التي لا قرن لها- من القرناء فالقصاص هنا من باب أولى وقريب منه حديث أخذ الفرخين كما سيأتي وكذا ورد مما يقتضي سؤال رب الدابة عن صنيعه معها حديث: (من قتل عصفورًا في غير شيء -إلا بحقه- سأله الله عز وجل عن ذلك قيل: يا رسول الله وما حقه؟ قال: أن يذبحه ويأكله) وفي لفظ: (من قتل عصفورًا عَبثًا ولم يقتلني منفعةً) صححه ابن حبان وغيره"
والخطأ هو سؤال العصافير عن قتلها لغير الأكل فلا أحد يسأل الله في القيامة وحتى اللاعب لا يسئاه الله عن ذنبه كما قال :
ط فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان "

وتحدث ذاكرا أحاديث عن رحمة الحيوان بطرق مختلفة فقال :
"بل وردت الوصية بها في أحاديث:
[1] فروى الحارث بن أبي أسامة في «مسنده» من حديث أبي الدرداء أنه أتى بقوم قد أناخوا فحمَّلوه غِرارتين ثم عَلوْه بأخرى فلم يستطع البعيرُ أن ينهض فألقاها عنه أبو الدرداء ثم أنهضه فانتهض فقال أبو الدرداء: إن غفر الله لكم ما تأتون إلى البهائم ليغفرنَّ عظيمًا إني سمعت رسول الله (ص)يقول: (إن الله يوصيكم بهذه العُجم خيرًا أن تنزلوا بها منازلها فإذا أصابتكم سَنَة أن تنجو عليها نقيها)
[2] وعند الإمام أحمد في «مسنده» وكذا عند غيره مرفوعًا منه: «لو غفر لكم ما تأتون الرواية إلى البهائم لغَفَر كثيرًا»
[3] وعند الإمام أحمد في «مسنده» من حديث عبيد الله بن زياد أنه دخل على ابني بُسْرٍ السُّلمِيِّين فقال لهما: «يرحمكما الله الرجل منا يركب دابته فيضربها بالسوط ويكفحها باللجام هل سمعتما من رسول الله (ص)في ذلك شيئًا؟ فإذا امرأة قد نادت من جوف البيت: أيها السائل إن الله عز وجل يقول: { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ }فقالا: هذه أختنا وهي أكبر منا وقد أدركتْ رسول الله (ص)
[4] وللطبراني في «الكبير» بسند جيد عن عبد الله بن عمرو بن العاص ما أن رسول الله (ص)صلى الظهر فوجد ناقة معقولة فقال: (أين صاحب هذه الراحلة؟) فلم يستجب له أحد فدخل المسجد فصلى حتى فرغ وخرج فوجد الراحلة كما هي فقال: (أين صاحب هذه الراحلة؟) فاستجاب له فقال: أنا يا نبي الله فقال: (ألا تتقي الله عز وجل فيها؟ إما أن تعقلِها وإما أن ترسلها حتى تبتغي لنفسها)
[5] ونحوه حديث: (دَخلت امرأةٌ النارَ في هِرَّةٍ حبسَتْها حتى ماتت لا هي أطعمَتْها وسَقَتْها إذ هي حبستْها ولا هي أرسَلتها تأكلُ من خَشاش الأرض)
وبه استُدل لجواز حبس الطائر ونحوه في القفص ونحوه وكذا استنبطه أبو العباس ابن القاص من فوائد حديث: (يا أبا عُمير ما فعل النُّغَير) وسبقه لذلك البخاري فإنه ترجم في «الأدب المفرد»من تصانيفه:«الطير في القفص» وساق بسند صحيح عن هشام بن عروة قال:«كان بن الزبير بمكة وأصحاب رسول الله (ص)يحملون الطير في الأقفاص» ثم أردفه بحديث: (يا أبا عُمير ما فعل النعير )
[6] وروى أبو داود في «سننه» والطبراني وصححه ابن خزيمة وغيره من حديث سهل بن الحنظلية قال: « مرّ رسول الله (ص)ببعير قد لحق ظهره ببطنه فقال: (اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة وكلوها صالحة)» وفي رواية: _فاركبوها صحاحًا)
[7] وفي «سنن أبي داود» من حديث عبد الله بن جعفر ما أنه (ص)قال لبعض الأنصار -وقد جاء بعير له يشكوه إلى النبي (ص)وأنه يُدْئبُه في العمل ويُجيعُه-: (أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها) "
وحديث كلام البعير معجزة وقد منعها الله فقال " وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
وتحدث عن حرمة ذبح البعر عندما يكبر سنها فقال :
"وفي رواية أن البعير كان لجماعة وأنهم قالوا: «يا رسول الله إنا سَنَوْنا عليه منذ عشرين سنة فلما كبُرتْ سنُّة وكانت عليه شُحَيمة أردنا نحره لنَقْسمه بين غلمتنا» وأنه (ص)سألهم في ابتياعه منهم فقالوا: «هو لك يا رسول الله قال: فأحسنوا إليه حتى يأتيه أجله» ومنعهم من نحره ومحل الإقتداء بهذا الصنيع إذا أمن الضياع ولم يجُرَّ ذلك إلى فساد منه
ونحو هذا في إعفاء الدابة من النحر قصة إغارة المشركين على سَرح الدينة وفيه العضباءُ ناقةُ النبي (ص)وكانت من سَوابق الحاجِّ وفي المأسورين امرأة من الأنصار -يُقال يُقال أنها امرأة أبي ذر ما- قال الراوي: «فكانوا إذا كانوا من الليل يريحون إبلهم في أفنيتهم قال: فنوَّموا ليلة فقامت المراة فجعلت لا تضع يدها على بعير إلا رَغًا حتى أتتعلى العَضبْاء قال: فأتَّتْ على ناقةِ ذلولٍ مُجَرَّسَةٍ -وفي رواية: وهي ناقةُ مُدَربَّةُ- فلم ترْعث قال: فركبتْها قعَدتْ في عَجُزِها ثم زجَرتْها فانطلقت ونذِرُوا بها فطلبوها فأعْجزتهم»قال: ونذرت لله إنْ نجّاها اللهُ عليها لتَنْحَرنَّها قال: فلما قدمتْ المدينة عُرفت الناقة ناقة النبي (ص)فأخبر النبي (ص)بذلك فقال: (بئس ما جَزَتْها -أو جَزَيتيها- إن الله أنجاها عليها لتنْحَرنَّها لا وفاءَ لنذْر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم) أخرجه مسلم في «صحيحه» وأبو داود وغيرهما وفي رواية عند البيهقي من حديث عمرو بن شعيب "
وتحريم ذبح الأنعام لكبر سنها أو للنجاة عليها هو تشريع لم يقله النبى (ص)لتعارضه مع قوله تعالى " أحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم " فلم يذكر الله في المحرمات الأنعام المنجو عليها أو الكبيرة السن
وتحدث عن إحسان ذبح الحيوان فقال :
وما أحسن قوله (ص) (إن الله كتبَ الإحسان على كلِّ شيء فإذا قتلتُم فأحسنوا القِتْلة وإذا ذبحتُم فأحسنوا الذِّبْحة وليُحِدَّ أحدُكم شفْرَته وليُرحْ ذبيحته) (لا تُنزعُ الرحمةُ إلا من شقيٍّ) (من رحم ولو ذبيحة يوم القيامة) (والشاة إن رحمتها رحمك الله) ... في أحاديث كثيرة يندرج فيها ما نحن فيه"
كما تحدث وجوب الرفق بأولاد الدواب والطيور من خلال ابقاء لبن لرضاعتهم فقال :
ونحوها: (إذا حلبتَ شاة فأبْقِ لولدها دع دواعي اللبن) (قلموا أظفاركم لا تعطبوا بها ضروع مواشيكم)"
ونهى عن نزع أولاد الدابة منها وكذلك الطير فقال :
" (ونزل (ص)منزلًا فأخذ رجلٌ بيْضَ حُمَّرة فجاءت ترفّ على رأس النبي (ص)فقال: أيكم فجَع هذه ببيضتها؟ فقال رجل: يا رسول الله أنا أخذت بيضتها فقال النبي (ص) اردد رحمة لها) وروِّينا في «فوائد ابن ملاس» من طريق الحسن بن أبي الحسن عن أبي هريرة أن رسول الله (ص)قال: (كان فيمن كان قبلكم رجل يأتي وكْرَ طائر إذا أفرخ يأخذ فرخيه فشكا ذلك الطائر إلى الله عز وجل ما يصنع ذلك الرجل به فأوحى الله عز وجل إليه: إن هو عاد فسأهلكه فلما أفرخ خرج ذلك الرجل كما كان يخرج وأخذ سُلمًا فلما كان في طريق القرية لقيه سائل فأعطاه رغيفًا من زاده ثم مضى حتى أتى ذلك الوكر فوضع سلمه ثم صعد فأخذ الفرخين وأبواهما ينظران فقالا: يا رب إنك وعدتنا أن تهلكه إن عاد وقد عاد فأخذها فلم تهلكه قال: فأوحى الله إليهما ولم تعلما أني لا أغلب أحدًا تصدَّق في يوم -بصدقة ذلك اليوم- بميتة سوء) "
والحديث السابق لم يقله النبى(ص) لأنه اتهام لله تعالى باخلاف الوعد وهو ما لا يتفق مع قوله تعالى " إن الله لا يخلف الميعاد "
وتحدث عن القول عند ركوب الدابة فقال :
"بل وردت فيه بخصوصه أحاديث؛ منها في القول عند ركوبها رجاء التخفيف عنها:
فيروى أنه (ص)قال: (من قال إذا ركب دابة: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء سبحانه ليس له سميّ سبحان الذي سخر لنا هذا وما كما له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعليه وسلم قالت الدابة: بارك الله عليك من مؤمن خففتَ عن ظهري وأطعتَ ربك وأحسنتَ إلى نفسك بارك الله في سفرك وأنجح مقصدك)
والحديث يعارض كتاب الله مزيدا القول " والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعليه وسلم" وقول القرآن هو " وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون"
وتحدث عن مظاهر أخرى لرحمة الحيوان فقال :
"ومنها في كيفية وضع الحمل عليها مما يكون عونًا لها على السير وتخصيص كل دابة بما تطيقه والمبادرة لحلِّ الرِّحال عن النزول عنها وتقديم علفها على أكل صاحبها وكذا المباردة إلى سقيها كل ذلك شفقة عليها وإبقاء لها: ففي حديث عند الطبراني والبزار وغيرهما أنه (ص)قال: (أخِّروا الأحمال فإنَّ اليدَ مُغْلقةٌ والرِّجْلَ مُوثَقَة)
ولأبي يعلى عن عائشة قالت: «خرجت مع رسول الله (ص)في حجة الوداع وخرج معه نساؤه وكان مَتاعي فيه خف وهو على جمل ناج وكان متاع صفية في ثِقل وهو على جمل ثِفال بَطيء يَتبطأ بالركب فقال رسول الله (ص) حوِّلوا متاع عائشة على جمل صفية وحولوا متاع صفية على جمل عائشة حتى يمضي الركب»وينبغي أن لا يجمع بين ركوبه ومتاعه في الحمل إلا إن كانت الدابة المركوبة محتملة للحمل عليها؛ لأنه (ص)قال -كما سيأتي -: (اركبوها سالمة وايْتَدِعوها سالمة)
وفي «سنن أبي داود» من حديث حمزة الضَّبّيّ عن أنس بن مالك قال: «كنا إذا نزلنا منزلًا لا نسبّح حتى نحُل الرِّحال» يريد بذلك: لا نصلي سُبحة حتى نحط الرحال ونُجمَّ المطي
وكان بعض العلماء يستحب إذا نزل منزلًا أن لا يَطعَم حتى يعلف الدابة ولا يقصِّر في سقيها فقد صح أنهم قالوا: «يا رسول الله وإنَّ لنا في البَهائم لأجرًا؟» قال: (في كُلِّ ذاتِ كَبِدٍ رَطبةٍ أجْرٌ)
ومنها في كراهة وقوف الدابة وراكبها جالس على ظهرها؛ شفقة عليها: ففي «سنن أبي داود» من حديث أبي مريم عن أبي هريرة عن النبي (ص)أنه قال: (إياي أن تتخذوا [ظهور] دوابكم منابر فإن الله عز وجل إنما سخَّرها لكم لتُبْلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجتكم)
وفي رواية عند ابن خزيمة والحاكم وابن حبان في «صحاحهم» وغيرهم من حديث سهل بن معاذ بن أنس الجُهني عن أبيه أن النبي (ص)قال: (اركبوا هذه الدواب سالمة وايتدعوها سالمة ولا تتخذوها كراسي) .."
والأحاديث السابقة في عدم الجلوس على الأنعام للكلام يعارض حديث الوقوف عليها للكلام في الفقرة ألآتية:
"..لكن قد قال ابن المنذر في «الأوسط»: يحتمل -إن ثبت الخبر- أن يكون المراد الوقوف لغير حاجة أما إن كانت حاجة فلا ويدل له حديث جابر في صفة النبي (ص) ففيه: «ثم ركب (ص)ناقته القصواء حتى أتى الموقف بعرفة فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حَبْلَ المشاة بين يديه واستقبل البيت فلم يزل يدعو حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلًا ثم دفع رسول الله (ص)وأردف أسامة خلفه»وعند البيهقي في «الشعب» عن ابن المبارك أنه قال: «كم من مركوب خير من راكبه وأطوع لله وأكثر ذكرًا» وعن صدقة بن يسار قال: «كان عليه السلام في محرابه إذ نظر إلى دودة صغيرة فتعجب من خلقها فأنطقها الله تعالى فقالت: يا داود أنا على صغري أطوع لله منك على كبرك» "
والحديث يعارض أن داود(ص) لم يعطه الله منطق الدود وإنما كان منطق الطير المسبح معه
وتحدث عن وجوب اطعامها في الأرض الخصبة فقال:
"ومنها في النزول عنها عند المرور بالأرض المخصبة بالكلأ المباح لتَرعى فيها وعد كفِّها عن المكان السهل:
فروى البزار من حديث عُقيل عن الزهري عن أنس عن النبي (ص)قال: (إذا أخصبت الأرض فانزلوا عن ظهركم فأعطوه حقه من الكلأ وإذا أجدبت الأرض فامضوا عليها بنقيها)
وفي الباب عن جماعة:
فعن أبي هريرة عن النبي (ص)قال: (إذا ركبتم هذه الدواب فأعطوها حظها من المنازل) أخرجه الدارقطني في «أفراده» ..وعن جابر قال: قال رسول الله (ص) (إذا سافرتم في الخصب لأمكنوا الركاب من أسنانها ولا تجاوزوا المنازل) الحديث ... أخرجه باللفظين ابن خزيمة وبأحدهما أبو داود"..."
وتحدث عن وجوب تسييرها في الأرض السهلة وليس الأرض التى تؤذيها فقال :
"وعن ابن عمر ما عن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله (ص)يقول: (إذا ركب أحدكم الدابة فليحملها على ملاذها -أو قال: على ملاذة- فإن الله تعالى يحمل على القوي والضعيف) أخرجه الدارقطني في «أفراده»
وقوله: (على ملاذها) جمع ملذ وهو موضع اللذة؛ أي: ليُجْرها في السهولة لا في الحزونة؛ وهي المكان الغليظ الخشن
ومنها في المشي عنها لتستريح بل وليستريح هو أيضًا غالبًا فقد روى الطبراني في «الأوسط» أنه (ص)(كان إذا صلى الفجر في السفر مشى)
وبلغنا عن الشيخ صالح الزواوي المغربي أحد من أدركته والناس ممن لقيتُه من أصحابه كالمتفقين على صلاحه أنه كان في بعض أسفاره راكبًا ناقة فسمعها وهي تقول له: أتعبتني يا صالح فنزل عنها فمشى إلى أن سمعها وهي تقول: اركب فقد استرحت وهذا لا استبعاد فيه فقد أخرج البخاري في «صحيحه» أنه (ص)قال: (بينما رجل راكب على بقرة التفتت إليه فقالت: لم أخلق لهذا خُلقْتُ للحراثة فقال النبي (ص) آمنت به أنا وأبو بكر وعمر ما) الحديث"
الخطأ هو معجزة كلام البقرة وهو ما يناقض منع الله الآيات المعجزات وتحدث عن الغناء وهو الحداء للدواب فقال:
"ومنها في تنشيطها بالحُداء وإراحتها بذلك ... وفيه أحاديث صحيحة:
منها قوله (ص)في مسير له لعبد الله بن رواحة (يا ابن رواحة انزل فحرك الركاب فقال: يا رسول الله لقد تركت ذلك قال عمر : اسمع وأطع فرمى بنفسه وقال:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزل السكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا)
ولكن يحرص أن لا يكون ذلك بشيء من الآلات المحرَّمة؛ كالرباب ونحوه"
قطعا هذا الكلام هو بمثابة الاشاعة المنتشرة حاليا حول تأثير الموسيقى على المخلوقات فالأنعام لا تفهم كلام البشر حتى تستجيب للغناء
وتحدث عن أمور أخرى من الرحمة فقال :
"ومنها في الرفق في السير بها إبقاء عليها وعلى نفسه أيضًا؛ لقوله (ص) (المنبَتّ لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى) ..ومنها في إكرام الخيل منها: فيروى أنه (ص)كان يمسح وجه فرسه بكُمِّه وفي لفظ (كان يفتل ناصية فرسه بإصبعيه)
وفي حديث آخر: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة وأهلها معانون عليها)
ومنها في تفقد الإمام لها وسؤاله عنها من أربابها:
فروى الحارث بن أبي أسامة في «مسنده» من حديث ابن عوان قال: «سأل عمرُ رجلًا عن إبله فذكر عجفًا ودبرًا فقال عمر: إني لأحسِبُها ضِخامًا سمانًا قال: فمضى ثم مرَّ عليه عمر وهو في إبله يحدوها وهو يقول:
أقسم بالله أبو حَفص عُمر ما إن بها من نَقَبٍ ولا دَبَر فاغفر له اللهم إنْ كان فجر قال: فقال له عمر: ما هذا؟ قال: أميرُ المؤمنين سألني عن إبلي فأخبرتُه عنها فزعم أنها يحسبها ضخامًا سِمانًا وهي كما ترى قال: فإن أنا أمير المؤمنين عمرُ ايتني في مكان كذا وكذا فأتاه فأمرَ بها فقُبضتْ فأعطاه مكانها من إبل الصدقة»
فهذه الأشياء تُوضح عدم إهانتها والمبالغة في ضربها وكلفتها لا سيما وقد جاء في كونهم يدفع الله عز وجل بهم البلاء ما أخرجه البيهقي في «سننه» وأبو يعلى في «مسنده» ..عن أبي هريرة عن النبي (ص)أنه قال: (مهلًا عن الله مهلًا فإنه لولا شباب خُشَّع وبهائم رُتَّع وشيوخ رُكَّع وأطفال رضَّع لصب عليكم العذاب صبًّا)
وله شاهد عند الطيالسي «مسنده» والطبرني في «معجمه» وابن منده في «معرفة الصحابة» وابن عدي في «الكامل» .. قال قال رسول الله (ص): (لولا عباد لله ركع وصبية رُضَّع وبهائم رُتَّع لصب عليكم العذاب صبًّا) ورُوِّينا من حديث أبي عبد الله الرازي قال سمعت الشيخ أبا عبد الله الحسين بن علي بن نعيم المصريَّ قاضي البُرلس يحكي عن بعض سكان البُرلس قال : «سمعت قائلاً يقول ليلاً من جانب البحر ويُنشد بيتين فقصد الصوت فلم أجد أحدًا فعلمت أنه هاتف هتف بالحق وهما هذان البيتان :
لولا رجال لهم وُردٌ يقومونا وآخرون لهم سَرْدٌ يصومونا
لزلزلت أرضُكم من تحتكم سحَرًا لأنكم قوم سوء لا تبالونا"
والخطأ فيا سبق هو أن من اسباب منع العذاب الدواب والرضع والشيوخ والشباب وهو ما يخالف أن السبب هو تأجيل الله العذاب إلى الأجل كما قال تعالى :
"ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا"
وقال أن البهيمة تدعو الله لراكبها فقال :
"وعند الديلمي في «الفردوس» بلا إسناد عن ابن عمر ما عن النبي (ص)أنه قال: (إن الرجل إذا ركب البهيمة تقول: اللهم اقذف في قلبه الرأفة والرحمة) "
قطعا البهائم لا تدعو لأحد
وبهذا انتهى الكتاب كما يقول السخاوى ولكنه تحدث مستدركا أحكام عن لعن الدواب وتعليق الأجراس في أعناقها وما شابه فقال :
"وإلى هنا انتهى ما وقفت عليه الآن مما علمته في هذه المسألة وبقي مما يتعلق بالدابة تحريم لعنها وكذا وضع الجرس في عنقها ووسمها في وجهها والتَّحريش بين البهائم لثبوت النهي عن ذلك كله والأخير منها عند أبي داود في «سننه» من حديث مجاهد عن ابن عباس ما قال: «نهى رسول الله (ص)عن التحريش بين البهائم»
وعند البخاري في «الأدب المفرد» له عن ابن عمر ما من قوله
وجاء عن فضيل بن عياض كما هو عند البيهقي في «الشعب» أنه قال: «كان يقال: ما أحد يسب شيئًا من الدنيا دابة ولا غيرها فيقول: أخزاك الله ولعنك الله إلا قالت: أخزى الله أعصانا لله قال فضيل: وابن آدم أعصى وأظلم»وعن أبي الدرداء أنه قال: «ما لعن الأرضَ أحد إلا قالت: لعن الله أعصانا»
واستحباب الاستعاذة من الشيطان الرجيم إذا سمع نهيق الحمار بل ويُروى الصلاة على النبي (ص)أيضًا والاستعاذة بالله من شر ما رأى بخلاف أصوات الديكة فإنه يستحب إذا سمعها أن يسأل الله تعالى من فضله ويرغب إليه وكذا يذكر الله عز وجل عند هدير الحمام
واستحباب تسمية الرجل دابته والاعتقاب عليها في السفر وغيره وجواز ركوب الثلاثة عليه إذا كانت مُطِيقة وأحقيَّة صاحبها بمقدّمها إلا أن يأذن لغيره والاكتفاء بمركب واحد فقد روى أحمد والترمذي عن بريدة أنه (ص)قال: (يكفي أحدكم من الدنيا خادم ومركب)
وكراهية استصحاب النجائب ففي الحديث المرفوع أنها إبل الشياطين قال: «وهي أبل تجيبات أسمنها صاحبها فلا يعلو بعيرًا منها ويمر بأخيه قد انقطع به فلا يحمله عليها»
وسيرة السلف الاقتصاد في المركب فقد ورينا في أواخر الجزء العشرين من «المجالسة» من طريق أبي عمرو بن العلاء قال: حدثني رجل من أهل صنعاء قال: «كان عمر بن الخطاب بين مكة والمدينة على بعير حرن غليظ فكان رجلًا رثًّا له فأتاه بناقة وطية فقال: يا أمير المؤمنين بعيرك حرن فلو ركبت هذه فركبها فسارت به ساعة ثم قال: كأن راكبها غصن بمَرْوَحة إذا تدلت به أو شارب نَمِك ثم أناخ فنزل وقال: دونك ناقتك»
وكذا أورد أنه: (لو علمت البهائم من الموت ما يعلمُ ابنُ آدمَ ما أكلتم منها سَمينًا) وأنه «ما مِنْ دابة إلا وهي مُسِيخةٌ يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلعَ الشمس شَفقًا أن تقوم الساعة إلا الجن والإنس»وإنه ورد فيما أخرجه أبو داود في «سننه» من طريق الشعبي عمَّن له صحبة ورفعه: (من ترك دابة بمهْلكةٍ فأحياها رجلٌ فهي لمن أحياها)
ومن الحكايات المضحكة: «أن بعض المغفلين عثرت به دابتُه فالتفت وقال لغلامه: اقطع علفها أدبًا لها فقال: تموت بذلك فاعلفها ولا تُعلمها أني أذنت لك -أو كما قال»"
ومما يجب قوله أن أحكام الدواب وردت فيها الكثير من الأحاديث الكاذبة ورغم أنها كاذبة فإنها تذكر أحكاما صادقة غابت عنا