السبت، 30 نوفمبر 2024

نظرات فى المحرمات فى التجارة

نظرات فى المحرمات فى التجارة
السؤال الذى يجب طرحه :
هل يوجد سلع محرم بيعها إلى الناس ؟
قطعا اخترع الناس سلعا كثيرة فى حياتنا منها الحلال ومنها الحرام و هناك قاعدة عن البعض تقول :
ان ما حرم الله أكله وشربه حرم بيعه
وبناء على القاعدة نجد مثلا بعض السلع التالية محرم بيعه :
الخمور
وفى هذا قال تعالى :
"يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون"
الأنعام الميتة وما يشبهها والتى قال الله فيها :
"حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام"
الطعام الخبيث وهو :
الطعام غير الناضج أو الذى فسد بسبب السوس والعفن وما شابه
وفى هذا قال تعالى :
" ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون"
قطعا القاعدة التى اخترعها البعض ليست قاعدة فمثلا :
المحرم فى السابق هو الأكل ولكن استخدام الميتة فى الصناعة كسلع ليس محرما فنجد أن جلود الميتة والمنخنقة والموقوذة والمتردية وغيرها مما ذكر حرمة أكله حلال بيع جلوده لاستخدامها فى سلع مثل :
المفارش التى يقعد أو ينام عليها كأثاث فى البيوت أو تتخذ منها بيوت الرعاة المتنقلة أثناء ممارسة الرعى وفى إباحتها قال تعالى :
"والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين"
إذا صوف الميتة وأشباهها وأشعار الميتة وأوبار الميتة سلع مباح بيعها للناس لأن المحرم فى الآيات الأولى هو :
الأكل منها
وفى الآيات التالية مباح استخدامها كمنافع فى الحياة
وهناك قاعدة استنتجها الفقهاء وهى الأخرى قاعدة خاطئة وهى :
حرمة بيع الأعيان النجسة
يقول مهدى كاشف الغطاء محرما إياها فى كتاب أحكام المتاجر المحرمة:
"فعن فخر الدين والمقداد انهما قالا في الاستدلال علي عدم جواز بيع الاعيان النجسة:
انها محرمه الانتفاع، و كل ما هو كذلك لا يجوز بيعه
أما الصغري فإجماعيه، و أما الكبري فلقول النبي (صلّي الله عليه وآله وسلّم): (لعن الله اليهود حُرّمت عليهم الشحوم فباعوها)
علّل استحقاق اللعنه ببيع المحرم فيتعدّي الي كل محرم الانتفاع و لما رواه ابن عباس عن النبي (صلّي الله عليه و آله و سلّم):
(أن الله تعالي إذا حرّم شيئا حرم ثمنه)
ثانيها: ظاهر الكتاب، و هو آيات، منها قوله تعالي: (حُرِّمَتْ عَلَيْكمُ الْمَيْتَهُ وَ الدَّمُ) بناءً علي ما ذكره جمع من أصحابنا من ان نسبه التحريم الي العين يقتضي تحريم جميع منافعها و منها قوله تعالي:
(آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ)
فأنّ الآية دلت علي وجوب اجتناب كل رجس، و الرجس نجس العين، و الاجتناب لا يحصل مع الانتفاع به ببعض المنافع. و منها قوله تعالي:
(وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ)
فان الرجز النجس كما صرح به جماعه من اهل اللغة وهو المناسب ايضاً لقوله تعالي:
(وَ ثِيابَك فَطَهِّرْ) و هجره لا يتم الا بترك جميع الانتفاعات به.
ثالثها: ظواهر بعض الاخبار، كخبر تحف العقول، فانه قال فيه في وجوه الحرام من البيع و الشراء:
(أو شي ء من وجوه النجس، فهذا كله حرام محرم، لان ذلك كله منهيّ عن أكله و شربه و لبسه و ملكه و إمساكه و التقلب فيه بوجه من الوجوه بما فيه من الفساد فجميع تقلبه في ذلك حرام) "
وفى كتاب أخر تنجد البعض يحل تلك الأعيان فنجد الحلى يقول فى كتاب أجوبة المسائل المهنمائية:
"مسألة (5)
ما يقول في الخضر الذي يسقى بالماء النجس دائما هل يكون أكلها حراما أو مكروها أو لا يكون حراما ولا مكروها وهل الماء المعتصر عنها طاهرا أو نجسا.
الجواب لا يحرم أكلها ولا يكره، والماء المعصور منها طاهر، لأن ماهية النجاسة قد عدمت واستحالت بأن صارت ماهية أخرى، لا يندرج في المحرمات ولا في المكروهات."
إذا الأعيان التى يسمونها النجسة مع أن الله لم يسم أحد بذلك فى كتابه إلا الكفار فى قوله :
" إنما المشركون نجس "
تتحول كما تتحول الميتة وعند ذلك يباح بيعها
براز الإنسان وبراز الحيوانات:
عندما يكون براز الحيوانات طرى يحوله البعض إلى وقود من خلال التجفيف وهو ما كانوا يسمونه :
hقراص الجلة
وكانت تستعمل فى ايقاد الأفران البلدية فى البيوت
وأيضا حاليا تقوم البلديات من خلال الصرف الصحي بتحويل البراز إلى سماد جاف يستخدم كسماد طبيعى أى عادى عضوى لتسميد الأرض الزراعية وكذلك يقوم الفلاحون بنقل براز الحيوانات المختلط بالتراب المجفف له أحيانا أو القش فى الزرائب إلى الحقول حيث يكون سمادا عضويا وكذلك يفعلون حاليا فى مزارع الدواجن حيث ينشرون على برازها نشارة الخشب أو التبن ويقومون بنقل تلك الأسمدة العضوية لتسميد أنواع معينة من المحاصيل كالبطيخ والشمام
ذلك السماد العضوى أو أقراص الجلة تباع بعد التجفيف إلى الفلاحين أو غيرهم لاستخدامها لزيادة خصوبة الأرض
ونجد نفس الأمر فى الخمور فعندما تتحول من هيئة الخمر المسكرة إلى هيئة الخل أو ما شابه تتحول إلى سلعة حلال بيعها واستخدامها فالخل يستخدم كمطهر وقاتل للديدان أو بعض المخلوقات الممرضة فيتم غسل الخضار بالخل ثم شطفه بالماء بعد وضعه فى ماء به خل
إذا المحرم عندما يتحول إلى هيئة أخرى يصبح حلالا والملاحظ هو :
ان السلع الطعامية المحرمة تتحول دوما إلى سلع غير طعامية محلل استخدامها ما لم يثبت فسادها
ومن السلع غير الطعامية المحرمة :
البغى بمعنى ممارسة الجماع مقابل المال فالسلعة المحرمة هى الزنى بالعرض كما قال تعالى :
" ولا تقربوا الزنى "
وقال ايضا :
" محصنات غير مسافحات ولا متخذى أخدان "
الأنصاب وهى :
الأصنام أى التماثيل فيحرم بيعها لأن الغرض من صناعتها هو :
عصيان الله وهو عبادة غير الله
وفى هذا قال تعالى :
"يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون"
الميسر وهو اقامة مكان للعب الألعاب التى يكون فيها فائز وخاسر ماليا مقابل نفع صاحب المكان بالايجار أو بشراء سلع أخرى منها أهمها قطعا الخمور
ولذا قال تعالى عن مفاسده ومنافعه :
"يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما"
وهناك آية تطرح سؤالا أخر وهى :
"وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم "
السؤال المطروح:
هل يجوز للمسلم أن يبيع لليهود ما حرمه الله عليهم فى كتابه السابق من الشحوم وهى:
اللحوم على الظهور والحوايا والمختلط بالعظم؟
إن الجزار المسلم مباح له بيع كل الشحوم وهى اللحوم فى البقر والغنم ومباح للمسلم أكل تلك اللحوم دون استثناء
السؤال مكررا :
هذه السلعة الحلال هل يجوز بيعها لليهودى المحرمة عليه؟
الاجابة :
لا يجوز بيعها لمن عرف أنه يعصى الله لأن المطلوب من المسلم هو :
التعاون على البر والتقوى وهو طاعة الله
والمحرم عليه :
عدم التعاون على الإثم والعدوان وهو عصيان أحكام الله
وفى هذا قال تعالى :
" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان "
فكما لا يجوز بيع الأصنام وهى سلعة للكفار الأخرين الذين يعصون الله بها لا يجوز بيع تلك اللحوم ليعصى اليهودى بها أمر الله
ويرد إلى الأذهان سؤال أخر :
هل يجوز بيع الصلبان للنصارى ؟
بالقطع الصلبان أو المصلبة سلعة واجب إنتاجها فى الإسلام لأنها وسيلة لعقاب المحاربين لله ورسوله كما قال تعالى :
"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم أو أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض"
وما نسميه صلبانا ليست صلبانا أى مصالب وإنما هى رموز صغيرة تصنع من خشب أو معدن أو حجر
فالمصلبة إذا ليست هى السلعة المقصودة وإنما المقصود هو الرموز الذى يعلقها النصارى على صدورهم أو أيديهم أو يضعونها على أبوابهم او جدران بيوتهم
هذه السلعة لا يجوز بيعها لهم لأن بيعها هو تكذيب لقوله تعالى :
"وما قتلوه وما صلبوه "

فهم يستخدمون السلعة فى معصية الله ومن ثم كل سلعة تستخدم فى معصية الله كتكذيب أقواله أو أحكامه محرم بيعها وأحيانا يحرم تصنيعها كالأصنام

 

الجمعة، 29 نوفمبر 2024

الاستعانة بالجن

الناس فى أمر الجن والاستعانة بهم مختلفون وقد بين أحدهم أن الناس اعتقدوا فى الجن معتقدات كثيرة خاطئة فقال فى كتاب الاستعانة بالجن :
"كانت النظرة - لبعض الطوائف المنحرفة - للجن قائمة على تصورات فاسدة، فمن قائل : إن الجن شركاء لله في الخلق والتدبير ومن قائل: إن إبليس مع جنده يمثلون الشر في جهة، ويحاربون الله وملائكته في جهة أخرى. وكان الاعتقاد السائد أن الجن يعلمون الغيب، وذلك بما كانوا يلقونه إلى الكهان عندما كانوا يسترقون أخبار السماء، فيزيد الكهان على الكلمة من الحق مائة كذبة كما ورد في الحديث، فيصدق الناس ذلك
وكانوا يتصورون أن للجن سلطانا في الأرض، إلى غير ذلك من هذه التصورات المنحرفة الجائرة هذه التصورات المختلفة عن الجن كان لها تأثير على تفكير وسلوك هؤلاء الناس وأعمالهم وإرادتهم كما أخبرنا القرآن الكريم عن ذلك بقوله تعالى : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا )، ( سورة الجن - الآية 6 ) "
ونقل الباحث من كتب التفسير تفسيرات بعضهم للآية فقال :
"ومن خلال أقوال أهل العلم في تفسير هذه الآية، يتضح أنه كان للجن تأثير على سلوك مشركي العرب، حيث كان أحدهم يعوذ بالجن عند المخاوف والأفزاع، وأثر ذلك على عقائدهم من حيث التوجه إلى عبادة الجن والذبح لهم، محاولين استرضائهم بأي شكل من الأشكال، ولا يخفى أن التوجه بالعبادة والتعظيم لغير الله من سائر الخلق فساد أي فساد في السلوك ! ناشئ عن فساد التصور والاعتقاد الذي أرسل الله رسله وأنزل كتبه لإنقاذ البشرية من مغبته، بتصحيح تصوراتهم وتقويم سلوكهم، بما بينوه من أن الله هو خالق الجن والإنس وسائر الموجودات، وأنهم يستوون جميعا في عدم قدرتهم على تغيير سنة من سنن الله سبحانه وتعالى التي وضعها في هذا الكون، وأنهم جميعا واقعون تحت سلطان الله وقهره، وأن التوجه لغيره سبحانه بعبادة أو تعظيم شرك كبير، يستحق فاعله الخلود في النار. علاقة الإنس بالجن كما بينها الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه :- …
1)- يقول تعالى : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ
رَهَقًا ) 0( سورة الجن - الآية 6 )
* أقوال أهل العلم في تفسير الآية الكريمة :-
أ - قال الطبري قال حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، في قوله : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ ) قال : كانوا في الجاهلية إذا نزلوا بالوادي قالوا : نعوذ بسيد هذا الوادي، فيقول الجنيون : تتعوذون بنا ولا نملك لأنفسنا ضرا ولا نفعا ! ) ( جامع البيان في تأويل القرآن - 12 / 263 )
قال ابن كثير أي كنا نرى أن لنا فضلا على الإنس، لأنهم كانوا يعوذون بنا إذا نزلوا واديا أو مكانا موحشا من البراري وغيرها، كما كانت عادة العرب في جاهليتها يعوذون بعظيم ذلك المكان من الجان أن يصيبهم بشيء يسؤهم، كما كان أحدهم يدخل بلاد أعدائه في جوار رجل كبير وذمامه وخفارته، فلما رأت الجن أن الإنس يعوذون بهم من خوفهم منهم زادوهم رهقا، أي خوفا وإرهابا وذعرا حتى بقوا أشد منهم مخافة وأكثر تعوذا بهم كما قال قتادة ( فزادوهم رهقا : أي إثما وازدادت الجن عليهم بذلك جراءة، وقال الثوري عن منصور عن إبراهيم (فزادوهم رهقا) : أي ازدادت الجن عليهم جراءة وقال السدي : كان الرجل يخرج بأهله فيأتي الأرض فينزلها فيقول : أعوذ بسيد هذا الوادي من الجن أن أضر أنا أو مالي أو ولدي أو ماشيتي قال قتادة : فإذا عاذ بهم من دون الله رهقتهم الجن الأذى عند ذلك وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبي حدثنا الزبير بن حرب عن عكرمة قال : كان الجن يفرقون من الإنس كما يفرق الإنس منهم أو أشد، فكان الإنس إذا نزلوا واديا هرب الجن فيقول سيد القوم نعوذ بسيد أهل هذا الوادي فقال الجن : نراهم يفرقون منا كما نفرق منهم فدنوا من الإنس فأصابوهم بالخبل والجنون فذلك قول الله عز وجل : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) أي إثما : وقال أبو العالية والربيع وزيد بن أسلم ( رهقا ) أي خوفا وقال العوفي عن ابن عباس ( فزادوهم رهقا ) أي إثما وكذا قال قتادة، وقال مجاهد زاد الكفار طغيانا
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا فروة بن المغراء الكندي حدثنا القاسم بن مالك - يعني المزني - عن عبد الرحمن ابن اسحاق عن أبيه عن كردم بن أبي السائب الأنصاري قال : خرجت مع أبي من المدينة في حاجة وذلك أول ما ذكر رسول الله - صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم - بمكة فأوانا المبيت إلى راعي غنم، فلما انتصف الليل جاء ذئب فأخذ حملا من الغنم، فوثب الراعي، فقال : يا عامر الوادي جارك، فنادى مناد لا نراه يقول : يا سرحان أرسله. فأتى الحمل يشتد حتى دخل في الغنم لم تصبه كدمة، وأنزل الله تعالى على رسوله بمكة : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) قال وروى عن عبيد بن عمير ومجاهد وأبي العالية والحسن وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي نحوه0 وقد يكون هذا الذئب الذي أخذ الحمل وهو ولد الشاة كان جنيا حتى يرهب الإنسي ويخاف منه، ثم رده عليه لما استجار به ليضله ويهينه ويخرجه عن دينه والله تعالى أعلم) ( تفسير القرآن العظيم - 4 / 429 - 430 )
ج - قال القرطبي مثل ذلك
د- وذكر مثل ذلك الشوكاني في كتابه ( فتح القدير )
هـ - قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في تفسير هذه الآية : ( كان الرجل من الإنس ينزل بالوادي، والأودية مظان الجن، فإنهم يكونون بالأودية أكثر مما يكونون بأعالي الأرض، فكان الإنسي يقول : أعوذ بعظيم هذا الوادي من سفهائه، فلما رأت الجن أن الإنس تستعيذ بها زاد طغيانهم وغيهم وبهذا يجيبون المعزم والراقي بأسمائهم وأسماء ملوكهم، فإنه يقسم عليه بأسماء من يعظمونه، فيحصل لهم بذلك من الرئاسة والشرف على الإنس ما يحملهم على أن يعطونهم بعض سؤلهم، لا سيما وهم يعلمون أن الإنس أشرف منهم وأعظم قدرا، فإذا خضعت الإنس لهم واستعاذت بهم، كانت بمنزلة أكابر الناس إذا خضع لأصاغرهم ليقضي له حاجته) ( إيضاح الدلالة في عموم الرسالة - 2 / 120 ) 2)-
ونقل تفاسير فى تفسير آية يستدلون بها على اتصال الجن والإنس فقال :
"يقول تعالى : ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِى أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) 0( سورة الأنعام - الآية 128 )
* أقوال أهل العلم في تفسير الآية الكريمة :-
أ - قال الطبري ما قاله الإمام البغوي وزاد عليه وأما استمتاع الجن بالإنس، فإنه كان فيما ذكر، ما ينال الجن من الإنس من تعظيمهم إياهم في استعاذتهم بهم، فيقولون : ( قد سدنا الجن والإنس) ( تفسير الطبري - جامع البيان في تأويل القرآن - 5 / 343 )
ب - قال البغوي قال الكلبي : استمتاع الإنس بالجن هو أن الرجل كان إذا سافر ونزل بأرض قفر وخاف على نفسه من الجن قال : أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه، فيبيت في جوارهم
وأما استمتاع الجن بالإنس : هو أنهم قالوا : قد سدنا الإنس مع الجن، حتى عاذوا بنا فيزدادون شرفا في قومهم وعظما في أنفسهم، وهذا كقوله تعالى : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) وقيل : استمتاع الإنس بالجن ما كانوا يلقون إليهم من الأراجيف والسحر والكهانة وتزيينهم لهم الأمور التي يهوونها، وتسهيل سبيلها عليهم، واستمتاع الجن بالإنس طاعة الإنس لهم فيما يزينون لهم من الضلالة والمعاصي. قال محمد بن كعب: هو طاعة بعضهم بعضا وموافقة بعضهم لبعض)( تفسير البغوي - معالم التنزيل - 3 / 188 )
ثم قال: "وقد اتخذ بعض الرقات كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى متكأ على مشروعية الاستعانة بالجن المسلم فى العلاج بأنه من الأمور المباحة ولا أري في كلام شيخ الإسلام ما يسوغ لهم ذلك، فإذا كان من البديهيات المسلم بها ان الجن من عالم الغيب يرانا ولا نراه الغالب عليه الكذب،معتد ظلوم غشوم لا يعرف العذر بالجهل،مجهولة عدالته، لذا روايته للحديث ضعيفة، فما هو المقياس الذى نحكم به على أن هذا الجنى مسلم وهذا منافق أو كافر وهذا صالح وذاك طالح، لذا الاستعانة بالجن المسلم (كما يدعى البعض) فى العلاج لا تجوز، قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رقى ورقى له وأمر أصحابه بالرقية فأجتمع بذلك فعله وأمره وإقراره صلى الله عليه وسلم، فلو كانت الاستعانة بالجن المسلم كما يدعى البعض فضيلة ما ادخرها الله عن رسوله يوم سحرته يهود صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته رضوان الله عليهم وهم خير الخلق وأفضلهم بعد أنبيائه. "
وكل ما سبق من تفاسير يثبت ما لا دليل عليه وهو اتصال الجن والإنس ببعضهم البعض وهو أمر محال فالجن والإنس لا يوجد أى اتصال بينهما إلا ما كان فى عهد سليمان (ص) لأن الله سخرهم له وهذه آية أى معجزة من المعجزات التى أعطاها الله فقال:
“فسخرنا له الريح تجرى بأمره رخاء حيث أصاب والشياطين كل بناء وغواص وأخرين مقرنين فى الأصفاد هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب”
ومن ثم لا يمكن وجود اتصال بين الجن والإنس فالنبى(ص) نفسه لم يعلم أن الجن سمعوه وهو يقرأ القرآن حتى أنزل الله سورة الجن فعرفه أنهم سمعوه وفى هذا قال تعالى :
” قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدى إلى الرشد فآمنا به”
فكل ما حدث هو أن الله أرسل هؤلاء النفر لمكان النبى(ص) ليسمعوا القرآن فقط حتى يبلغوا الرسالة الأخيرة لبقية الجن وفى هذا قال:
“وإذا صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم”
إذا الإنسان حتى النبى(ص) لم يتصل بالجن ومن ثم لا يمكن أن يوجد إتصال بين الفريقين وأقصى ما يمكن القول به هو أن الجن قد يسمعون بعض كلام الناس فقط ولكن لا يوجد أى إتصال أى كلام متبادل
استحالة اتصال الجن والإنس ببعضهم أى إتصال سواء كلامى أو جسدى أمر ثابت بالقرآن لأن كل مجتمع منهم منفصل عن الأخر تماما والاتصال بينهما كما قلت يتم بآية أى معجزة كما حدث فى عهد سليمان(ص)وقد منع الله الآيات وهى المعجزات من عهد النبى(ص) فقال :
” وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون”
وقد استنتج بعض الناس من قوله تعالى بسورة البقرة "الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس"ومن قوله بسورة ص"واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب "أن الشيطان وهو الجنى متسلط على عقل وجسم الإنسان وهو استنتاج خاطىء للتالى :
أن كلمة الشيطان لا تطلق على الجنى وحده وإنما تطلق على الجنى والإنسى مصداق لقوله بسورة الأنعام "وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن"
أن كلمة المس لا تعنى دوما الجنون وتعنى الإصابة كما فى الآية الثانية ومعنى الأولى :الذين يأخذون الزيادة على الدين لا يعملون إلا كما يعمل الذى تسيره الشهوة من الكفر ،فالشيطان هنا الشهوات التى داخل الإنسان فهى التى تسيره فى متاهات يحتار بينها ومعنى الثانية هو واذكر رسولنا أيوب حين دعا إلهه أنى أصابنى الشيطان أى المرض بتعب وآلام فقد سمى أيوب المرض شيطانا لأنه بعيد عن الخير الذى هو الصحة .
ولو فرضنا صحة الإستنتاج لحدث عدم وجود أى مسلم واحد لا رسول ولا غيره لأن الجن الكافر فى تلك الحال سيحيل حياة كل مسلم لجحيم لا يطاق حتى يكفر ولن يتحمل أحد الأمراض المؤلمة وضياع المال وغير هذا من المصائب التى سينزلها بها الجن ولكن الحادث هو غير هذا فهناك مسلمين
-أن الجن لا يقدرون على إصابة الإنسان بأى أذى مهما كان والدليل أن الشيطان أعلنها واضحة حيث قال" ما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى" فكل سلطان الشيطان هو الدعوة أى الوسوسة وفى هذا قال تعالى بسورة إبراهيم "وقال الشيطان لما قضى الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى "

 

الخميس، 28 نوفمبر 2024

الرد على مقال باحث يحدد مكان جنة عدن

الرد على مقال باحث يحدد مكان جنة عدن
صاحب المقال كمال غزال وهو يدور حول نقد غزال لبحث أعده باحث أمريكى يقوم على باطل وهو :
أن الجنة التى طرد منها الأبوين أرضية وفى مقدمته قال غزال :
"نتناول في هذا المقال كما يوحي عنوانه دراسة أجراها الباحث جوريس زارين وزعم فيها أنه وصل أخيراً إلى تحديد موقع جنة عدن على ضوء قراءته للنصوص التوراتية، عرضت تلك الدراسة في قناة التاريخ History الوثاثقية التلفزيونية"
واستهل غزال مقاله بذكر نصوص القرآن والعهد القديم عن الحكاية فقال :
"لكن قبل البدء في عرض أفكار الدراسة نورد ما ذكرته الكتب السماوية عن جنة عدن بأنهارها وقصة طرد آدم أبو البشر وزوجته حواء (أم كل حي) منها:
جنة عدن في الكتب السماوية
ذكر القرآن الكريم قصة طرد آدم وحواء من الجنة بسبب مخالفتهما لأمر الله المتمثل بعدم الأكل من الشجرة المحرمة، حدث ذلك عندما أغواهما الشيطان حيث يقول الله تعالى :"وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)" - سورة البقرة ."
قطعا النص القرآنى لم يحدد هنا شىء ولكن النصوص الأخرى تقول أن الملائكة في السموات كما قال تعالى :
" وكم من ملك في السموات "
ويخبرنا القرآن بعدم اطمئنان الملائكة في الأرض وخوفها من النزول إليها في قوله تعالى :
" قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا "
ومن ثم لا يمكن أن الجنة الاختبارية في الأرض وإنما في السموات وهى قد تحولت من اختبارية إلى ثوابية بعد نزول الأبوين(ص) إلى الأرض
يضاف إلى هذا أنه لو كانت في الأرض ما طلب الله من الأبوين النزول للأرض لأنها كانت جزء منها كما يزعمون في قوله :
وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ"
وذكر لنا حكايات العهد القديم وهى مخالفة للقرآن في كون من أغوى الأبوين الحية وليس الشيطان فقال :
"كما أن سفر التكوين وهو أول أسفار موسى الخمس كما أنه أول أسفار العهد القديم لدى معتنقي الدين المسيحي القديم من الكتاب المقدس ذكر حدوث إغواء ولكن لم يذكر اسم الشيطان فيه بل اكتفى بذكر أن الثعبان (الحية) هي من أغوت حواء أولاً لتقدم التفاحة من الشجرة المحرمة لآدم لكي يأكلها كما نجده في الآيات التالية من الإصحاح الثالث:
"(1) وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله، فقالت للمرأة: أحقا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة (2) فقالت المرأة للحية : من ثمر شجر الجنة نأكل (3) وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله: لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا (4) فقالت الحية للمرأة : لن تموتا (5) بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر (6) فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بهجة للعيون، وأن الشجرة شهية للنظر. فأخذت من ثمرها وأكلت، وأعطت رجلها أيضا معها فأكل (13)فقال الرب الإله للمرأة: ما هذا الذي فعلت ؟ فقالت المرأة: الحية غرتني فأكلت (14) فقال الرب الإله للحية: لأنك فعلت هذا، ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية. على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل أيام حياتك (22) وقال الرب الإله: هوذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر. والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضا ويأكل ويحيا إلى الأبد (23 ) فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها (24) فطرد الإنسان، وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم، ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة. "
وحدثنا غزال عن الأنهار الأربعة ووجود حديث مشابه للنص في العهد القديم فقال :
"جنة عدن وأنهارها الأربع
يذكر أحد الأحاديث الشريفة أنهار جنة عدن الأربع وهي سيحان وجيحان والفرات والنيل ، ففي صحيح مسلم يرد الحديث :"حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَعَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :" سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ".
- وكذلك في التوارة ورد ذكر أربعة أنهار تنبع من نفس النقطة في جنة عدن هي فيشون (ربما يشير إلى سيحان ؟) و جيحون (ربما يشير إلى جيحان ؟) والفرات وحداقل (اي نهر دجلة في آشور العراق) وذلك في الآيات التالية من الإصحاح الثاني من سفر التكوين :
(8) وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقا، ووضع هناك آدم الذي جبله (9) وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل، وشجرة الحياة في وسط الجنة ، وشجرة معرفة الخير والشر (10) وكان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة، ومن هناك ينقسم فيصير أربعة رؤوس (11) اسم الواحد فيشون، وهو المحيط بجميع أرض الحويلة حيث الذهب (12) وذهب تلك الأرض جيد . هناك المقل وحجر الجزع (13) واسم النهر الثانى جيحون، وهو المحيط بجميع أرض كوش (14) واسم النهر الثالث حداقل، وهو الجاري شرقي أشور. والنهر الرابع الفرات (15) وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها (16) وأوصى الرب الإله آدم قائلا: من جميع شجر الجنة تأكل أكلا (17) وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتا تموت"
فطعا هنا فرق بين أنها الرواية الحديثية وبين انهار العهد القديم في الأسماء والموجود في العهد القديم وفى الحديث تحريف للحقيقة وهى :
ان ألنهار في الجنة هى :
أربعة هى العسل المصفى ونهر الخمر ونهر اللبن ونهر الماء الصافى وفى هذا قال تعالى :
"مثل الجنة التى وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير أسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى"
وقد سماها الله عيون فالعسل المصفى اسمه الرحيق المختوم كما قال تعالى :
" يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفى ذلك فليتنافس المتنافسون ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون"
والماء اسمه عينه السلسبيل كما قال تعالى :
"ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا عينا فيها تسمى سلسبيلا"
واستعرض غزال ما قاله الباحث مطلقا على ذلك دراسة علمية وهى لا تمت للعلم بصلة فقال :
في البحث عن جنة عدن
قبل البدء في عرض أفكار الدراسة التي تتناول تحديد موقع جنة عدن يجدر بالتنويه أن تلك الدراسة قد تصطدم بمنظومة المعتقدات الدينية لدى بعض القراء، لذلك أرجو إعتبارها دراسة ذات منطلق علمي بحت على غرار نظرية داروين في تطور الأنواع والتي تشير إلى أصول الإنسان، كما ليس عرض الدراسة ليس له أية غاية في التأثير على المعتقدات ، مع أن الأفكار الواردة أدناه تعبر عن رأي الباحثين المشاركين فيها حتى وإن بدت كفراً في نظر البعض بسبب النظرة المادية الأحادية للأمور والتي لا تؤمن إلا بالعلم التجريبي فقط فأنا أحافظ على مبدأ:"ناقل الكفر ليس بكافر".
- كان علماء الآثار قد حددوا مراكز تمارس فيها طقوس عبادة الثعبان في العالم القديم وهي أرض سومر Sumaria (تقع في الجزء الجنوبي من العراق حالياً) ، كان الدارس الفيكتوري جورج سميث أول من ترجم ملحمة جلجامش وفي عام 1875 أعلن عن أعظم اكتشافاته وهي إينوما أيليش Enuma Elish أي قصة بدء الخلق بحسب معتقدات السومريين والتي ترجع كتابتها إلى 2000 عام قبل الميلاد، يتحدث النص المحفور أن العالم خلق في 7 أيام وبأن العالم بدأ بحديقة (جنة) كما في النص التوراتي، وعلى عكس التوراة خلق العالم السومري بواسطة ربة لها شكل أفعى عملاقة تسمى تيامات Tiamat ، فهل أخذ العبرانيون تلك الأسطورة السومرية جعلوها لهم ؟ وهل تحولت فكرة تلك الآلهة الأفعى لتصبح غاوياً شيطانياً ؟ ، في ذلك الخصوص يرى الدراسون للأديان القديمة أنه نسق مألوف في علم الأساطير (الميثولوجيا) ، إذ غالباً ما تظهر عناصر مأخوذة عن أسطورة أقدم مجدداً في ديانات لاحقة ، تعود أقدم الأجزاء معروفة من النصوص التوراتية التي أعيدت كتابتها إلى 1000 سنة قبل الميلاد وربما كانت تتضمن أساطير قديمة من الأرض التي أصبحت موطن إبراهيم عليه السلام الذي أتى منه نسل بني إسرائيل ، ولكن هل هي مجرد مصادفة أن يحدد النص التوراتي موقع جنة عدن عند ملتقى منابع نهر الفرات ونهر دجلة ونهرين آخرين هما فيشون Pison (سيحان) وجيحان Gihon ؟ في يومنا هذا يجري نهري الفرات ودجلة عبر أراضي تركيا وسوريا والعراق لكنهما لا ينبعان من نفس المكان كما أن نهرا سيحان وجيحان غير متواجدان .
- ومع ذلك يعتقد جوريس زارين وهو عالم آثار أمريكي-لاتفي وبروفسور في جامعة ولاية ميسوري الأمريكية ومتخصص في الشرق الأوسط أنه توصل إلى حل اللغز ، فقد كان سافر إلى شبه الجزيرة العربية في عام 1971 لإجراء بحث حول آثار الحضارات القديمة هناك فاكتشف بأن شبه الجزيرة والعربية لم تكن على الدوام صحراء قاحلة وإنما كانت تحوي على مياه وافرة جداً على عكس أيامنا هذه، وتشكلت الدلتا من نهري الفرات ودجلة بالقرب من مصبهما وتسمى دلتا وادي الباطن وهي نظام نهري مذهل وضخم يروي المنطقة الشمالية الغربية من شبه الجزيرة العربية ويمضي تدريحياً نحو المنطقة الشمالية الشرقية منها، وهذا أثار إهتمام الباحث زارين لدراسة المنطقة عن كثب.
- وأثناء البحث طلب زارين تزويده بصور جديدة التقطت من قمر لاندسات الصنعي ، ولم يستطع زراين أن يلتقط أنفاسه لدى رؤيته للصور، فقد كشفت الصور عن ما بدا أنه آثار مستحاثية لنهرين أصبحا جافين الآن ويقعان في وقتنا الحاضر في كل من أراضي المملكة العربية السعودية وإيران ، فهل هذا آثار ما ورد ذكره في النص التوراتي ؟ ، يتحدث التوراة عن 4 أنهار تلتقي عند المنبع لكن زارين يعتقد أنها كانت تلتقي عند المصب في منطقة قريبة من نهري دجلة والفرات اللذان يصبان الآن في الخليج العربي. يقول زارين :"مع أنهما لا يلتقيان الآن إلا أنهما ألتقيا مرة في الماضي لما كان مستوى البحر منخفضاً وذلك في 6000 إلى 7000 سنة قبل الميلاد. لذلك أقترح أن موقع جنة عدن كان في المنطقة التي التقت بها الأنهار الأربعة".
- في 600 قبل الميلاد كان مستوى البحر أقل بمقدار 500 قدم (145 متراً) من مستواه الحالي وكان الخليج العربي وادياً ضحلاً مع أربعة أنهار تجري باتجاه البحر وتشكل نهراً واحداً يجري في هذا الوادي الخصيب الذي ربما كان جنة عدن الذي ورد في النص التوراتي، يطلق علماء الآثار على تلك الفترة اسم العصر الحجري الجديد Neolithic والتي شهدت استخدام الإنسان القديم للأدوات وهي تأتي في أواخر العصر الحجري وكان البشر في حينها يعتمدون على الصيد بشكل جماعات لكن أمراً ما تغير بشكل كبير وهو بداية معرفة الإنسان للزراعة التي تعود أول آثارها إلى 6000 سنة قبل الميلاد. وهو نفس الفترة التي كانت تحري فيها الأنهار الأربعة ، وفقاً للنص التوراتي لم يكن بوسع آدم وحواء مجالاً للعودة إلى الجنة بسبب خطيئتهما ، لكن العلم يقترح سبباً ملموساً أكثر وموجود أيضاً في التوراة وهو حدوث فيضان كارثي في المنطقة، ففي حوالي 7800 قبل الميلاد انتهى العصر الجليدي وأصبح الجليد يتكسر ويبدأ بالذوبان بسبب حالة الدفء ، ويتحول الجليد إلى ماء والماء يصب في البحر، تدفق الماء يزيد من مستوى البحر.
- يقول زارين :"في معظم المناطق يستغرق إرتفاع منسوب البحر سنوات لكنه سيحدث فجأة في واد محاط بالسلاسل الجبلية كما هو الحال في الخليج العربي، إرتفاع منسوب المياه سيؤدي إلى تدفقها من الممرات الجبلية وتسقط كالشلال العظيم في الوادي الخصيب مدمرة كل شيئ في طريقها، إن الأدلة الجيولوجية على حدوث تلك الكارثة موجودة ليس فقط في الخليج العربي بل أيضاً في البحر الأسود في تركيا فهناك أيضاً جنة عدن أخرى من حقبة العصر الحجري الجديد Neolithic كما حدث مع طوفان نوح ، سجلت ذاكرة البشر ذلك الفيضان الكارثي من خلال التاريخ الشفوي ليصبح بعدها جزءاً من القصة السومرية عن الطوفان الكبير في ملحمة جلجامش الأسطورية أو أسطورة أتلانتس المفقود (الأرض الغارقة) في الميثولوجيا الإغريقية".
وكل ما قاله زارين وغيره ليس سوى تخمينات فقوله :
"فقد كان سافر إلى شبه الجزيرة العربية في عام 1971 لإجراء بحث حول آثار الحضارات القديمة هناك فاكتشف بأن شبه الجزيرة والعربية لم تكن على الدوام صحراء قاحلة وإنما كانت تحوي على مياه وافرة جداً على عكس أيامنا هذه"
المياه الوافرة شىءلم يشاهده احد ولم يبق أحد من تلك الأيام المزعومة ليقول لنا ما عاشه وهذه هى الأدلة العلمية وليس مجرد تخمينات
وأما قوله :
" فقد كشفت الصور عن ما بدا أنه آثار مستحاثية لنهرين أصبحا جافين الآن ويقعان في وقتنا الحاضر في كل من أراضي المملكة العربية السعودية وإيران ، فهل هذا آثار ما ورد ذكره في النص التوراتي ؟ "
قطعا ما يسمى بالأنهار الجافة أو الأودية الجافة والقول أنها كانت أنهار حقيقة هو تخمين لأن السيول تصنع أنهارا في الصحارى والخلاء عندما تتدفق ثم تجف والسيول عملية تتكرر في الصحارى كل عدة سنوات كما أن الريح الشديدة تتسبب في تكوين مجارى جافة عندما ترفع الرمال من مناطق معينة وتنقلها لمناطق أخرى فتصبح الرض جرداء وكأن هناك من حفرها
وأما قوله :
"في 600 قبل الميلاد كان مستوى البحر أقل بمقدار 500 قدم (145 متراً) من مستواه الحالي وكان الخليج العربي وادياً ضحلاً مع أربعة أنهار تجري باتجاه البحر وتشكل نهراً واحداً يجري في هذا الوادي الخصيب"
وقوله :
" ففي حوالي 7800 قبل الميلاد انتهى العصر الجليدي وأصبح الجليد يتكسر ويبدأ بالذوبان بسبب حالة الدفء ، ويتحول الجليد إلى ماء والماء يصب في البحر"
فكلاهما تخمينات فلم يعش احد تلك الفترات وبقى ليقول لنا ما حدث كما لم يشاهدها احد وهذه هى الأدلة العلمية المعايشة والمشاهدة فإذا انعدموا فلا حقيقة للقول كما يقول المنهج العلمى

 

الأربعاء، 27 نوفمبر 2024

نظرات فى رسالة في الإكسير

نظرات فى رسالة في الإكسير
الإكسير كلمة تطلق على مادة لا وجود لها بعضهم سماها الترياق وبعضهم سماها حجر الفلاسفة
المادة الخيالية هى من ضمن الخرافات التى أشاعتها الجهات التى لا تحب أن يسود العلم العالم وهى جهات تستخدم أى شىء لكى تبقى الفوضى فى العالم كما هى
الآكسير هى مادة خيالية تحول العناصر الرخيصة إلى عناصر ثمينة وبتعبير البعض تحول التراب لذهب أو تجعل الشيخ شاب مرة أخرى والأصلع شعراوى والفانى خالد والعقيم منجب
إنها بضاعة كل محتال ونصاب سواء كان نصبا فرديا أو جماعيا وهذه البضاعة كتبت فيها كتب ورسائل لتأكيدها ورسالة الإكسير وهى عبارة عن صفحة من تلك الرسائل التى تؤكد حقيقة الأكسير الخيالى وهى تقول :
"قال مرقوش ملك مصر ابن ثبت ملك الحبش حين سأله سفنجا ملك الصعيد عن إكسير فقال له: ما في الدنيا بضاعة أكثر منه، وهو أكثر من كل شيء على وجه الأرض، وهو عند الغني والفقير والمسافر والمقيم ولولاه لمات الخلق أجمعين."
لاحظوا الكلام ملك مصر وملك الحبش وملك الصعيد فهل الصعيد ليس من مصر؟
وهل حسب التاريخ الحالى ملك الحبش اسمه عربى ثبت وابنه ملك مصر اسمه غير عربى مرقوش؟
والغريب هو أن مادة الإكسير موجودة عند كل الناس بلا استثناء ومع هذا لا أحد يعرف الإكسير الخيالى
قطعا الكلمة صحيحة ولكنها ليست عن الإكسير الخيالى فهى تتحدث عن الماء أو التراب والتراب مصدر كل ثروات الدنيا ففيه كل المعادن ومنه يكون الإنتاج الزراعى والصناعى ولكن الناس شغلوا أنفسهم بالإكسير الخيالى تاركين العمل فى التراب بالزرع والصنع والاستخراج والتركيب
ثم قالت الرسالة:
"قال مرياش الراهب لخاله: إنه ألزم الأشياء لصحتك ولولاه مت"
والأكسير إن قصد به المادة الخيالية فهو وهم وإن قصد به التراب فهو فعلا أهم شىء فى الصحة لأن منه تخرج الأطعمة النباتية والتى تأكل بعضها الحيوانات ويأكل الناس الاثنين ومنهم يستمدون الصحة ومنه يستخرج الناس ومن إنتاجاته الأدوية
ثم قال :
"وقال الحكيم ذو مقراط للملكة أثوسابية:
إذا دخلت يدك في جيبك فامسكي عليك فإنك في الخسران فإن هذه الصنعة لا يشترى سرها بثمن أبداً فإياك أن تضري شيئاً من العقاقير."
إذا صنعة العقاقير وهى صناعة الإكسير لا تشترى ومن ثم يجب عدم الإنفاق عليها من الجيب وإلا فإن صاحب المال يضيع ماله
وهو كلام متناقض فهو نصيحة صحيحة ومع هذا يثبت ما لا وجود له وهو الأكسير الخيالى
وقالت الرسالة أيضا :
"وقال سيدنا هرمس عليه السلام :
في الماء سر عظيم لأنه يصير في الزيتون زيتاً، وفي سمغاً صبغاً، وفي النخل بلحاً وفي كل شيء مثله فالذي هذا سره وفعله يغفل عنه فلما عرفوا هذا السر المصون كتموه أشد الكتمان ورمزوه أشد الرموز وسموه بكل **** ومعدن ونبات وحيوان كما قال ابن أميل في نونيته:
وسموه بأسماء كثيرة ... فأفسدت الضمائر والظنونا
وقالوا كل شيء هو هذا ... بما في الأرض ذاك يلقبونا
وسر الله فيه مستكن ... نهى عن كشفه الأقدمونا"
هرمس الهرامسة يقول الناس أنه سيدنا إدريس(ص) صاحب الحكمة ويزعمون أنه الإله المزعوم تحوت الذى عبده الفراعنة
وهرمس هنا يقول أن الإكسير هو الماء باعتباره المادة التى تعطى الحياة لكل الأنواع كما قال تعالى:
" وجعلنا من الماء كل شىء حى"
فمن الماء خلقت كل الأنواع
وأما الحاج جابر بن حيان وهو شخصية خرافية فى تاريخنا فهو عند الناس مخترع الكيمياء وكأنها لم تكن موجودة عند الأقدمين كاليونان قبله والذى كتبه المنسوبة إليه مملوءة بأسماءهم كمريانس ومارية وأبقراط فقد قال كما تقول الرسالة:
"وقال الأستاذ جابر في كتاب الدرة المكنونة والحكمة المظنونة:
إن الجهال لو عاينوا حجر الحكماء لحلفوا بالله ألا يكون منه ذهباً، ولا فضة، ولو علموا أنه أصلهما وهما منه لوقفوا عند ذلك، وسلموا إلينا، ولكن حال بيننا وبينهم الجهل."
الحاج جابر يقول أن الإكسير ليس الماء وإنما حجر وهو ما يعنى أنه يقصد به التراب الذى يخرج منه كل شىء من زرع وصنع ومعادن وغيرهم "
والحاج صاحب الشذور فقد نقلت الرسالة عنه ما يلى:
"وقال صاحب الشذور في شرحه لديوانه: تالله لو سموه باسمه الذي تعرفه به العامة لكذب به أهل الجهال ولشك به أهل العقل، وقالت مارية الحكيمة بنت سبأ الملك: سر عظيم حقير يداس بالأرجل، ولكن تلك الحقارة كرامة من الله تعالى له حتى لا تعرفه السفهاء ويكون منسياً."
والكلام معناه أنه التراب فهو ما تدوسه الأقدام وهو المستحقر مع أنه مصدر الأرزاق
وأما العم جالينوس فقد قال أنه التراب الذى الذى تحتقره الجهال ومنه تخلق المخلوقات فتنتج أحسن وما يريد الإنسان فقد نقل صاحب الرسالة عنه ما يأتى:
"وقال جلينوس:
إن الحكمة اقتضت أن يخلق أعز الأشياء من أحقر الأشياء فانظر إلى أحسن الملابس في الدنيا وهو الحرير من الدودة، وكذلك أحسن مأكول الطعام وهو الشهد من ذبابة والمسك من حيوان وكذلك العنبر من سمكه والدر من صدفه، وكذلك هذا الشيء من أحقر الأشياء عند الجهال فقط"
انتهت رسالة الإكسير التى لا يعرف كاتبها والمستفاد منها :
أن مادة الإكسير الخيالية لا وجود لها وأما المادة الحقيقية فهى :
التراب
والإكسير تتنوع تسمياته فى العصور المختلفة ففى عصرنا سموه الزئبق الأحمر وبه تمت عمليات نصب كثيرة وسموه منبت الشعر عند الصلع كما سموه الدواء الشافى حبة البركة أو ما شابه كما سموه مفجر الذكورة ....وكل تلك المواد فى النهاية تؤدى إلى مصائب إما مصائب فى الصحة أو فى ضياع المال
وكل نصاب يريد ترويج بضاعته يخترع روايات وأحاديث لترويج البضاعة مثل :
اشتروا الحلبة ولو بوزنها ذهبا
الشونيز- حبة البركة- شفاء من كل داء
ويبدو أن الكتب التى تناولت الإكسير كتب معظمها النصابون والغرض منها فى معظمها تحويل العناصر الرخيصة إلى عناصر ثمينة كتحويل النحاس إلى ذهب
وأما الآخرون وهم قلة نادرة فقد كتبوا الحقيقة وهى:
أن التراب والماء هم أساس الغنى فبواسطة الاثنين تخرج النباتات والحيوانات ومنهم تخرج المعادن والأدوية وكل شىء ومن ثم هما الإكسير الحقيقى لو استخدمهم الناس كما يقول الله فى الزرع والصنع والعلاج

 

الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024

العجائب والغرائب فى دنيا التفسير بالهوى


العجائب والغرائب فى دنيا التفسير بالهوى
العديد ممن ينتمون إلى القرآنيين أو التيار القرآنى زورا يسيرون على هواهم لأنهم أساسا لا يؤمنون إلا بما تهوى أنفسهم
ومن ثم وجدنا هؤلاء القوم بعض منهم يظل يكتب المقالات فى الأمر الذى يهوى حيث أضله شيطانه
هناك فئة تشرب الخمر ولا تريد أن تتوب منها ومن ثم بعضهم نفى تماما تحريم القرآن للخمر والبعض الأخر حول الخمر إلى معنى أخر مخالف لما هو موجود فى القرآن
ومن ذلك قول بعضهم:"
" الله قال عن الخمر أجتنبوه وليس حرم عليكم !!!!
( یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَیۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَـٰمُ رِجۡسࣱ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّیۡطَـٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ )
لو كان محرم كما تقولون هل كان الله ليقول لنا اجتنبوه وهو محرم !!! هل يمكن أن يقول الله القتل حرام فاجتنبوه !!
بالطبع لا ...
لكن ممكن أن يقول لنا عن الخمر أجتنبوه .. لكن كيف ستتجنبوه ؟
هنا ما غاب عن الناس ..
يعني أنت كإنسان تملك عقل يمكن أن تشرب بمقدار معين وبسمو دون أن تفقد وعيك أو توازنك وتخطأ وتفعل الشر ويمكن أن تفعل أي شيء يؤذيك ويؤذي من حولك ...
لكن للآسف الشيوخ والأئمة زرعوا فكرة أن الخمر محرم وحرموا المسلمين من الاستفادة والارباح والإيرادات التي تجنيها الأمم الراقية من هذه الصناعات في تشغيل الكثير من العاملين والعائدات الضخمة .. التي تساعد في دعم ورقي المجتمعات وتقدمها ..
فبقيوا أمة المتأخرين المحرومين"
وقالمقال فى صحيفة :
"وزعمت الجمعية الدولية للمسلمين القرآنيين، في بيان صادر عنها، أن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار المروية في كتب التفسير لم تحرّم شرب الخمر، مشيرة إلى أن الله وصف المسكر بالرزق الحسن، واستشهد بيان الجمعية بالآية 67 من سورة النحل التي قال تعالى فيها: "وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ".
كما استندت الجمعية لتأكيد آرائها إلى بعض الآيات القرآنية الأخرى التي يأمر الله فيها بعدم إقامة الصلاة في حالة السكر، كما يذكر أنّ لها إثما كبيرا وإثمها أكبر من نفعها، مشيرةً إلى أن هذا يفيد بأنّ الخمر إلى جانب إثمها الكبير فيها أيضا منافع، وأن الله يوصى بتجنّبها دون أن يحرّمها بآية صريحة في هذا الصدد، ولو أراد الله عزّ وجلّ تحريمها لاستعمل فعل "حرّم"، كما استعمله في الآيات التي تخصّ الميتة، والدم، ولحم الخنزير"
هناك فئة تحب الزنى سواء بالرجال أو بالنساء أو بغيرهم ومن ثم تجد أحدهم يدبج عشرات الصفحات فى تحويل معنى الزنى إلى معنى مخالف أخر للمعنى المعهود فى القرآن فيجعل الزنى هو :
نشر الأخبار الكاذبة وفى هذا قال :
"تعريف الزنى
رأينا في الجزء السابق أن العملية الجنسية طبقا للسان العرب هي الزِّناء الذي يعني الضِّيق، من زَنأ يزنؤ زِناءً، أو زنا يزنو زُنُوّاً بتخفيف الهمز، وأن الزنى المذكور في محكم التنزيل لا علاقة له بالعملية الجنسية، وإنما هو ترويج الأباطيل وتناقلها، ولذلك كان من المنطقي أن يأتي الزنى في سياق سورة النور، التي تتحدث عن أنواع شتى من الكذب المجتمعي، كرمي المحصنات ورمي الأزواج والمجيء بالإفك والإتيان بالبهتان، بل كان من المنطقي أن يأتي الزنى على رأس سورة النور، لأنه أخطر أنواع الكذب.
والزنى من زنى يزني كما قلنا وهو ترويج الأباطيل، وهو قريب من زنّ الذي يعني الاتهام، والذي قد يكون باطلاً.
جاء في لسان العرب: "زَنَّه بالخير زَنّاً وأَزَنّه : ظَنَّه به أَو اتَّهَمه .
..وحتى نكون دقيقين، فالزنّ هو الاتهام بالشيء، صحيحا كان أم باطلاً، وهو أقرب إلى الظن، -لاحظ، رعاك الله، قرب حرف الزاي والظاء في النطق، وبالتالي قرب زنّ وظنّ- أما الزنى، فهو ترويج هذا الاتهام دون تحقق حتى لو كان باطلاً، والذي وصفته الآية من سورة النور: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16).
ولنضرب مثلا. فالشخص الذي يرمي المحصنة، يقوم بفعل الزنّ، أي يزُنُّ، أما الشخص الذي يروج لهذا الاتهام وينشره بين الناس على أنه حقيقة، فهو يقوم بفعل الزِّنى، أي يَزني! وهو أخطر وأنكى. لأن من يرمي المحصنة، قد يتم تكذيبه بعد ذلك، وينتهي الأمر بجلده، أما الذي ينشر هذا الاتهام بين الناس على أنه حقيقة، ويشوه سمعة المحصنة، فكيف يتم جبر الضرر بعدها؟ صعب، أو قل مستحيل!
هناك فئة أخرى حولت معنى القتل والقتال إلى معنى بعيد عن الحرب والذبح لكى تحرم الجهاد
يقول أحدهم فى منشور :
ولكي ندخل بالموضوع سأحضر لكم مثالا حيا على ذلك
بعض المحطات التلفزيونية التي ظهرت على الفضاء وبدأت تبث الفتن الطائفية بين فرق المسلمين وتكفر طوائف بعينها ......واستخدمت لذلك رجالا ملتحين يتحدثون وكأنهم ناطقين باسم الله .....
هؤلاء الرجال يجب على المؤمنين أن يقاتلوهم ولكن كيف ؟؟؟
وذلك بإظهار تاريخهم الوحشي وإجرامهم و كشف الوثائق المكتوبة والتسجيلات الصوتية والمرئية التي تفضح علاقاتهم اللاأخلاقية مع أهلهم وجيرانهم وزملائهم في العمل والعقوبات الجنائية التي تعرضوا لها وصفقاتهم التجارية المشبوهة وسرقة أموال الناس
والاحتيالات التي مارسوها والأماكن التي يرتادونها كالخمارات وبيوت الدعارة وووووو..........
فهذا هو القتل بعينه لهؤلاء المجرمين أمام أتباعهم المخدوعين بهم ....
وأما حيث وجدتموهم : أي حيث أدركتموهم في القنوات الفضائية أو محطات الراديو والصحف والمجلات وصفحات الانترنت والمراكز الثقافية ,وووو
وأما حيث ثقفتموهم : أي بمحاربة جميع حيلهم وأفكارهم المجرمة وذلك بالاستعانة باختصاصيين في علم النفس وعلم المجتمع والمعلوماتية وتكنولوجيا الاتصالات كالأقمار الصناعية وعلوم التجسس وجميع العلوم التي يمكن تكون مفيدة في هذا الأمر
......................
مصطلح قاتلوهم :
فهنا يكون القتال لأفكارهم الإجرامية التي يبثونها عبر التفسير الكاذب والمشوه لكتاب الله والأحاديث الموضوعة على لسان نبيه بهدف الإيقاع بين المؤمنين .....وهنا تكون وظيفة المؤمنين تكذيب هذه الأفكار وإظهار مراد الله الحقيقي من آياته والبحث عن الايات القرآنية التي تُكذب ما يفترونه على رسول الله (ص)
وذلك بإنشاء محطات تلفزيونية وإذاعية وصفحات انترنت ومواقع الكترونية وصحف ومجلات ومراكز ثقافية مضادة لفكرهم ... ينشر فيها الفكر الإيماني الإنساني المعتدل ........الذي يمنع الناس من الإنجراف نحو الفكر الظلامي الذي ينشره اؤلئك الفجار
وقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة : 190]............. مصطلح يُقتـّـلوا :
لنفهم هذا المصطلح سأورد الآية الوحيدة التي حملت هذا المصطلح ....وهنا يعتبر مصطلح عقابي
إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [المائدة : 33]
ومعنى كلمة يُقتّـلوا هنا :
أي أن يُعاقب هؤلاء بجميع صور القتل الممكنة التي تجعلهم عبرة لكل من تسول له نفسه أن يرتكب عملهم هذا ..... ولكن كيف ؟؟؟؟
لنحضر مثالا على ذلك :
حاكم لدولة ما حارب منهج الله الحق في بلده من عدالة بين الناس وسعى فيها فسادا .....فهنا أحد العقوبات المحتملة له من الاحتمالات الأربعة التي ورد ذكرها في الآية السابقة (وذلك حسب ما تقتضيه مصلحة البلاد ) أن تكون عقوبته بتجريده من منصبه وتكسير رتبته ووووووووووووو
ليشعر بالذل والمهانة وقد يُحمل على سيارة مكشوفة ليرميه الناس بالبيض النيء والبندورة على وجهه و يوضع في قفص المحكمة أمام القضاة ويحاكم محاكمة صارمة موبخة أمام الناس وتنشر صوره وهو مقيدا في قفص الإتهام على المجلات والجرائد والمحطات التلفزيونية والمواقع الالكترونية ويحكم عليه بالسجن المؤبد مع الأشغال
المؤبدة وقد تنقل صور من المعتقل بشكل دوري للعقوبات التي يتلقاها داخل السجن مثل تنظيف المراحيض ومسح الأرض وجلي الصحون وغسل الثياب ووووووووو .....ليكون عبرة لمن يعتبر
فهذه صور متعددة للقتل .....وأي قتل .......وما أرحم الإعدام أمام صور القتل هذه ...." منشور معلش نكون صريحين
وهناك من حول معنى لحم الخنزير إلى كل لحم فاسد وليس لحم الخنزير فقط كما هو ظاهر الكلام فقال :
"أول نقطة ينبغي تثبيتها هي أن كلمة ( الخنزير ) في اللسان العربي قرآناً وثقافة تُطلق على حيوان معين لتحقق صفة الخنزرة فيه، والنص المعني بالدراسة يذكر حكم طعام أشياء مادية، وأتت كلمة (خنزير) بصياغة المضاف إليه ، ما يدل على أن كلمة خنزير في النص، لا تدل على صفة، وإنما تدل على الحيوان المعروف في اللسان العربي، ولو كانت كلمة خنزير في النص تدل على صفة اللحم ؛ لا على حيوان معين ومعروف ، لكان ينبغي أن تأتي صياغة الجملة (لحمَ خنزيرٍ) مثل صياغة ما قبلها من الكلمات أي (أن يكون ميتةً أو دماً مسفوحاً أو لحماً خِنزيراً (أو مُخَنزراً) )، وبالتالي يكون صواباًً فهم من قال :إن التحريم متعلق باللحم المخنزر؛ لا بالحيوان المعروف،ولكن أتت بصيغة { و لَحْمُ الخِنزِيرٍ} وكذلك النص الآخر كان ينبغي أن يأتي بصيغة (حُرمت عليكم الميتةُ والدمُ واللحمُ الخِنزيرُ (أو المخنزرُ) ، ولكن أتى بصيغة المضاف{ وَلَحْمَ خنزير}، ومن المعروف أن المضاف سُمِّي كذلك لأنه أضيفت دلالته إلى ما بعده؛ الذي سُمِّي مضاف إليه ، وبالتالي فمحل الحكم تَقيَّد بالمضاف إليه؛ لا بالمضاف، نحو قولنا: لحمُ البقرِ، فالكلام محصور بحيوان البقر، { أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ } الحجرات(12، فالخطاب متعلق بكلمة (أخيه) لا بكلمة (لحم) ، وذكر كلمة (ميتاً) لبيان صفة الأخ؛وذلك لإعطاء المعنى والمقصد صفة الكره ، والنفور، والتقزز (فكرهتموه) ولا يمكن فهم أن أكل لحم الأخ وهو حي مباح!.
ومجيء كلمة خنزير دون ال تعريف في النص الآخر( لحم خنزير) لتدل على صفة اللحم المخنزر عموما وهي تشمل حيوان الخنزير كون لحمه مخنزرا ولكن هذا لايعرف إلا بالنص لذلك أتى نص بكلمة ( لحم الخنزير) بالتعريف ليثبت حكم التحريم له.
وكان الأَولى على من قال بأن دلالة الخنزير صفة؛ لا حيوان معين، أن يُثبت ما أثبته النص من تعلق حكم التحريم بحيوان الخنزير، ومن ثم تفعيل مقصد التحريم، والقول: بأن كل لحم يتخنزر يحرم أكله، وهذه الصفة (الخنزرة) للحم هي عارضة وليست لازمة، وبالتالي يدور حكم التحريم معها، ويزول بزوالها، بخلاف حيوان الخنزير؛ فصفة الخنزرة صفة لازمة لبنيته الجسمية،حيث أنها نظام وقانون تحكم حياة جسمه، لذلك أتى ذكره في النص عَيناً ، وسُمِّي هذا الحيوان خنزيراً ، وبالتالي يستحيل رفع أو إزالة هذه الصفة عنه بواسطة التطهير، أو التعقيم، "
هذه الأمور لا يمكن أن توصف بأنها اجتهادات أو عودة إلى الإسلام الحق لأن أصحابها عمدوا إلى الجرائم المحرمة لتحويلها إلى مباحات
وهو ما يعيدنا مرة أخرى إلى خبائث وليس اجتهادات كاجتهاد القاديانى غلام أحمد الذى حرم الجهاد نزولا على رغبة المحتل الانجليزى واحفاده حاليا يحتلون المناصب العالمية كالمدعى العام للجنائية الدولية الذى ساوى بين المعتدين والمعتدى عليهم ساوى بين نتنياهو وجالانت وبين هنية والسنوار والضيف فجعلهم كلهم مجرمو حرب
بصراحة ووضوح أرى فى بعض من ينتمون للتيار انحرافا وكأنهم يعملون فى صفوف المعتدين بتلك التفسيرات فكلها يؤدى بنا إلى استحلال المحرمات وتحريم المباحات
وكل هذه الآراء تؤدى بنا إلى شىء واحد وهو :
عدم اقامة دولة العدل فلا لزوم لوجود دولة للمسلمين لأن العقوبات كلها أصبحت فى خبر كان ولا لزوم لوجود المسلمين أصلا طبقا لهذه الآراء

الاثنين، 25 نوفمبر 2024

قراءة فى مقال محاربات الأمازون

قراءة فى مقال محاربات الأمازون .. قبيلة من النساء احترفت إذلال الرجال!
صاحب البحث اياد العطار وهو يدور حول وجود قبيلة محاربة من النساء فقط وقد استهل البحث بطلب التخيل من النساء للتالى :
"تصوري عزيزتي القارئة أن تعيشي في مجتمع كل أفراده من بني جنسك أي النساء فقط مجتمع لا مكان فيه لأخ يتحكم فيك ويصرخ عليك لأتفه الأسباب و لا لزوج ينكد عليك عيشك لأن الطعام لم يعجبه أو لأنك اشتريت شيئا ما أرهق جيبه النحيل واستفز طبعه البخيل وتصوري أنك في منتهى الشجاعة لا تهابين أي شيء و لديك من القوة ما يجعل أثخن شارب عربي ينحني لك خوفا و وجلا لا بل الأدهى من ذلك هوانك محاربة باسلة تغزين مدن الرجال فتأسرين من يعجبك منهم وتجعليه عبدا عندك يطيعك في كل ما تأمرين .. ربما تتساءلين سيدتي هل هذا خيال؟ ربما يكون كذلك لكن اسمحي لي قبل ان ينكد احد الرجال هذا الحلم عليك أن أقص عليك أسطورة رواها القدماء عن قبيلة تدعى الأمازون كان جميع أفرادها من النساء المحاربات اللواتي لم يخضعن لرجل في حياتهن بل طالما هزموه و مسحوا به الأرض."
وطرح العطار سؤالا عن كون هذه حقيقة أم لا فقال مجيبا بتعدد الأقوال فيهن :
"هل الاسطورة حقيقية .. هل كان هناك حقا نساء محاربات؟
الأمازونيات نساء جميلات حسناوات عرف عنهن بغضهن الشديد للرجال إلى درجة أنهن كن يقتلن أطفالهن إذا ولدوا ذكورا كانت مملكتهن للنساء فقط وويل لعاثر الحظ من الرجال إذا قادته خطاه إلى دخول حريم أرضهن فهو ملاقي حتفه لا محالة.
و قد وردت في كتب والواح المؤرخون الإغريق القدماء الكثير من الأساطير عن الأمازونيات فذكروا إنهن أول من روض الخيل وامتطاها من بني البشر وانهن خضن عدة حروب ضد أثينا و غيرها من المدن الإغريقية القديمة وقد اختلفوا حول مكان مملكتهن فذكر بعضهم أنها تقع في الأناضول إلى الجنوب من البحر الأسود وان كلمة "أمازون" معناها "بدون رجل" في الإغريقية القديمة فيما زعم فريق آخر بأن ارض الأمازون تقع إلى الشمال في أوكرانيا وهناك أيضا من قال بأن مملكة الأمازون تقع في شمال أفريقيا وزعم بأن اسمها مشتق من كلمة "امازيغ" أي سكان شمال افريقيا الاصليين الذين سكنوا تلك الاصقاع منذ فجر التاريخ. و رغم اختلاف المؤرخين حول مكان مملكة الأمازون إلا أنهم اتفقوا على أنها كانت مملكة واسعة تتكون من عدة مدن ذكروها بالاسم وان ملكة الأمازونيات كانت فائقة الحسن والجمال و غاية في الشجاعة والإقدام لكن نقطة ضعف الأمازونيات الوحيدة والأمر الوحيد الذي يحتجن إلى الرجال فيه كان الجماع والتكاثر وذلك كي لا تقل أعدادهن وينقرضن ولهذا السبب و لمرة واحدة في السنة كانت الأمازونيات البالغات يذهبن في رحلة جماعية إلى إحدى المدن الواقعة عند حدود مملكتهن فيضعن أسلحتهن جانبا ثم تنصب كل واحدة منهن خيمة ويتربصن حتى يأتي إليهن رجال تلك المناطق ممن يعلمون قصتهن ومسلكهن فيضاجعونهن ليوم و ليلة واحدة فقط وهذا اليوم اليتيم خلال السنة كان هو يوم السلم الوحيد بين الأمازونيات ومعشر الرجال أما في سواه فلم يكن هناك شيء في الدنيا أحب إلى قلب الأمازونية من إذلال الرجل وقتله. و عند عودة الأمازونيات من رحلة التكاثر السنوية كانت الحوامل منهن ينتظرن بفارغ الصبر حتى يلدن ليرين ما أنجبت بطونهن وويل للمولود إذا كان ذكرا لأن المسكين كان يقتل فورا أو يترك في البرية ليموت جوعا وتلتهمه الحيوانات المفترسة وفي أحيان نادرة قد يكون في قلب الأم ذرة من الرحمة فتحمل مولودها الذكر لتتركه عند مشارف إحدى البلدات أو المدن الإغريقية ليلتقطه سكانها ويربوه. أما إذا كان المولود أنثى فكانت تستقبل بالحفاوة والتبريك وتبدأ الأم بتعليم ابنتها فنون القتال والكر والفر منذ نعومة أظفارها كما تقوم بقطع ثديها الأيمن أو تكويه بالنار حتى لا ينمو و ذلك لكي لا يعيقها مستقبلا عند استعمال قوس الرماية وغيره من الأسلحة كما أن الأمازونيات اعتقدن بأن قطع أو كي الثدي الأيمن سيقوي بالمقابل الذراع والساعد الأيمن إضافة إلى شجاعتهن و صلابتهن فقد عرف عن الأمازونيات أيضا صبرهن وشدة جلدهن ومن عجائب ما ذكره المؤرخون الإغريق حول قدرة التحمل لديهن هوان الأمازونية بإمكانها عند الضرورة البقاء فوق صهوة جوادها لعدة أيام بدون أن تترجل وخلال هذه المدة يكون غذائها وشرابها الوحيد هو دماء الحصان الذي تمتطيه عن طريق جرح صغير تشقه في رقبة الحيوان وتمص الدم منه."
وكل هذا الكلام لابد أن يقودنا إلى الحكاية إما أنها أسطورة وإما أنها رد فعل على ممارسة الرجال للزنى مع الرجال ومن ثم
الحكاية لا تزيد عن كونها القرية الزانية النسائية حيث تمارس النساء الزنى مع النساء لأن الرجال تركوا جماعهن وانشغلوا بجماع بعضهم البعض
ويبدو أن الكلمة نفسها تعنى إماء الزنى
بالقطع لا يمكن أن يتواجد مثل هذا المجتمع إلا فى حالة وجود مجتمع أخر ترك جماع النساء منشغلا بجماع الرجال
هذه وجهة نظرى فى الموضوع فحالات الكراهية بين الرجال والنساء قليلة ولا يمكن أن تدفع النساء إلى اقامة مجتمع البغيضات أو المبغوضات معا لتباعد القرى والمدن
وتحدث عن اشتياق الأمازونيات للرجال رغم ما يقال عن كرههن للرجال فقال :
"رغم كل ما ذكره القدماء حول قسوة الأمازونيات و كرههن الأعمى لجنس الرجال لكن ذلك لم يمنع من أن تقع بعضهن صريعات سهام العشق والهوى ففي بعض الروايات ذكروا أن الأمازونيات في غزواتهن وحروبهن كن يقتلن جميع الأسرى من الرجال لكن أحيانا كان البعض من الشباب يستثنون من القتل لكي يكونوا عبيدا وكان العبد من الرجال يؤخذ إلى مملكة الأمازون ليقوم بالأعمال المنزلية كالطبخ والتنظيف في بيت سيدته كما كان عليه أحيانا أن يكون شريكها في الفراش سواء برضاه أوتقوم باغتصابه عنوة!.
ومن قصص عشق الأمازونيات أيضا ما ذكرته إحدى الأساطير الإغريقية في أن ملكة الأمازونيات هيبوليتا أحبت بطلا إغريقيا وهربت معه إلى أثينا حيث تزوجا وانجبت منه طفلا و قد كان هروبها وزواجها سببا في حرب مدمرة نشبت بين الأمازونيات وسكان مدينة أثينا الإغريقية. وفي ملحمة الإلياذة هناك أيضا ذكر للأمازونيات تحت اسم "النسوة اللائي يحاربن كالرجال" إذ تروي الملحمة أنهن قاتلن مع جيش طروادة ضد الإغريق وان البطل أخيل وقع في حب ملكتهن. أما في أسطورة هرقل الإغريقي فقد كانت مهمته التاسعة هي سرقة حزام ملكة الأمازون السحري و قد استقبلته الأمازونيات بحفاوة كبيرة نظرا لما تناهى إلى سمعهن من قصص عن شجاعته الكبيرة و مغامراته الخارقة لكن هرقل مثله مثل بقية الرجال قابل حفاوة الأمازونيات بالغدر فقتل ملكتهن وسرق حزامها ثم فر هاربا.
أما المؤرخ الإغريقي الشهير هيرودوت فقد أسهب في حديثه عن الأمازونيات وذكر عنهن قصة طريفة يمكن تلخيصها في أن الإغريق خاضوا حربا شرسة ضد الأمازونيات حتى هزموهن وقتلوا واسروا الكثير منهن وقد حملوا أسيراتهم في ثلاث سفن أبحرت بهن إلى أثينا لكن خلال الرحلة البحرية تمكنت الأمازونيات الأسيرات من فك وثاقهن و قمن بقتل جميع البحارة الإغريق ثم قدن السفن على غير هدى حتى رست بهن عند احد الشواطئ الجنوبية لروسيا وقد تصادف وصولهن إلى تلك البقعة النائية مع قدوم مجموعة من الشباب الاسكثيين الذين كانوا في رحلة صيد فنشب بين الفريقين قتال عنيف إلا أن الاسكيثيين سرعان ما اكتشفوا بأن أعدائهم ليسوا سوى نساء لذلك انسحبوا من المعركة وعوضا عن القتال اخذوا يتوددون إلى الأمازونيات ويتصنعون اللطف والرقة حتى روضوهن ثم اتخذوهن زوجات واصبحن شريكاتهم في كل شيء حتى في الصيد والقتال ولهذا اشتهر الاسكيثيين بين الأمم القديمة بأن نسائهن محاربات باسلات يقاتلن مع الرجال في ساحة الوغى."
وتحدث العطار عن رفض الكثيرين لهذه الخرافة وظهور العديد من النظريات فقال :
"في العصر الحديث نظر الناس إلى قصة المحاربات الأمازونيات كأسطورة وخرافة قديمة لكن وجود الكثير من الكتابات والرسوم والنقوش في تراث الكثير من الأمم والشعوب القديمة والتي تحدثت بأطناب عن المحاربات الأمازونيات دفعت عددا من الباحثين والآثاريين إلى الاعتقاد بوجود بعض الجذور التاريخية الحقيقية للأسطورة وكانت الأقوام البدوية القديمة كالاسكيثيين والسرمتيين الذين اجتاحوا جنوب روسيا واسيا الصغرى منذ القرن التاسع قبل الميلاد هم الأقرب إلى أن يكونوا مصدر الأسطورة فالاسكيثيين كانوا من البرابرة وكانوا في غاية الوحشية والتعطش للدماء يسلخون جلود أعدائهم وهم أحياء ويستعملون جماجم خصومهم ككؤوس للشراب واذا مات احدهم كانت تقام له جنازة ضخمة وكبيرة يحضرها أعيان القوم ويتم خلالها التضحية بزوجة الميت وبعض أهله ويدفنون معه أيضا كنوزا ثمينة (يدفنون الزوجة والمال حتى يستفاد منها الميت في الحياة الأخرى حسب عقيدتهم والتي كانت شائعة لدى الكثير من الأمم)
وذكر هيرودوت و غيره من المؤرخين القدماء بأن نساء هذه القبائل كانت تشارك مع الرجال في الصيد والقتال وانهن كن فارسات وراميات بارعات كالرجال. و قد اكتشف علماء الآثار حديثا العديد من قبور الاسكيثيين والسرمتيين في روسيا واوكرانيا واستخرجوا منها كنوزا و نفائس لا تقدر بثمن لكن المفاجأة الصاعقة كانت تنتظر الباحثين في احد القبور حيث عثروا على هيكلين عظميين لامرأتين مدفونتين و هما ترتديان بزة قتال كاملة والى جانبهن وضعت أسلحتهن و قد تبين بالفحص المختبري أن احد الهيكلين يعود إلى امرأة أمضت اغلب سنين حياتها و هي تمتطي الخيل حتى أن عظام فخذيها تحدبا نتيجة ذلك أما المرأة الأخرى فقد وجودا داخل كتفها نصل سهم يبدوانه أصابها بجرح خطير أثناء القتال في إحدى المعارك و قد ماتت متأثرة بجراحها وقد كان هذين الهيكلين بمثابة الدليل على صحة رواية المؤرخ هيرودوت التي كان الباحثين يعتبروها إلى وقت قريب من الأساطير كما إن الاثاريين عثروا أثناء تنقيبهم في قبور السرمتيين في أوكرانيا على الكثير من رفات المحاربين القدماء وقد شكلت النساء المحاربات نسبة 25% من مجموع الهياكل المكتشفة وفي انكلترا اكتشف عام 2006 قبر قديم يضم رفات العديد من المقاتلين الرومان و من ضمنهم بقايا امرأتين ترتديان ملابس القتال وتحملان السلاح ويبدو انهما كانتا من المرتزقة الذين يرافقون الجيوش الرومانية في الحروب ويرجح العلماء بأن موطنهن الأصلي هو جنوب روسيا أو بلغاريا.
الاكتشافات الأثرية الأخيرة دفعت الكثير من الباحثين إلى التساؤل بجدية حول حقيقة أسطورة النساء المحاربات وقد وضع بعضهم نظرية مفادها أن الإغريق دخلوا حقا في معركة مع نساء محاربات ولكنهن لم يكن أمازونيات وانما اسكيثيات ذهب عنهن رجالهن من اجل الغزو والحرب وهذه عادة كانت تتكرر لدى القبائل البدوية الاسكيثية إذ كان الرجال يغادرون لفترات طويلة قد تمتد لعدة سنوات و خلال هذه الفترة فأن النساء كانت تقوم محل الرجال في حماية القبيلة والدفاع عنها ويبدوان الإغريق قد اشتبكوا مع إحدى هذه القبائل التي ذهب عنها رجالها للغزو
و هناك نظريات أخرى حول حقيقة أسطورة المحاربات الأمازونيات تزعم بأن جزيرة كريت اليونانية هي الموطن الحقيقي للأسطورة وانها ظهرت خلال الحقبة التاريخية التي تعرف بالمينوسية والتي امتدت على الجزيرة منذ الألف الثالث وحتى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد وعلى الرغم من أن العلماء لم يستطيعوا حتى اليوم فك رموز الكتابة المينوسية لكن الآثار التي عثروا عليها من تلك الحقبة كشفت عن مجتمع تقوده النساء أو على الأقل يتساوى فيه الرجال والنساء بشكل كامل فالجداريات والنقوش داخل قصور وبيوت المينوسيين أظهرت الرجال والنساء وهم يشاركون في الألعاب الرياضية معا على قدم المساواة كما إن آلهة المينوسيين كانت جميعها أنثوية وبدا جليا أن النساء كانت لهن اليد العليا في أمور الدين والدنيا في ذلك المجتمع الغامض الذي تعتبر لوحاته ونقوشه من أرقى واجمل ما وجد من آثار في حوض البحر الأبيض المتوسط.
نظرية أخرى اعتقدت أن طبقة الكاهنات في المعابد هي المصدر الأصلي لأسطورة الأمازونيات فقد كانت هذه الطبقة تشكل مجتمع نسوي خاص له طقوسه و قوانينه بعيدا عن سيطرة و هيمنة الرجل وهناك أيضا نظرية ادعت أن الأسطورة نابعة عن الشذوذ الجنسي الذي اشتهر به الإغريق فكما كان اللواط والرجال المتحابون من الأمور العادية في المجتمع الإغريقي حتى أن الكثير من الفرق العسكرية الإغريقية والإسبارطية والمقدونية كانت تتكون من أزواج من الرجال المتحابين كذلك لم يكن السحاق والنساء المتحابات أمرا غريبا في ذلك المجتمع بل إن كلمة السحاق الانكليزية ( Lesbian ) مشتقة في الأساس من اسم جزيرة إغريقية ولدت فيها أشهر سحاقية في التاريخ و هي الشاعرة صافو (القرن السادس قبل الميلاد) والتي زعم البعض بأنها كانت تعيش مع مجموعة من النساء في إحدى الجزر وقد اشتهرت بأشعارها التي كانت تتغزل فيها بالنساء علانية و لذلك ربما يكون أصل الأسطورة يعود إلى مجموعة من النساء الشاذات اللواتي عشن معا بعيدا عن الرجال."
وايا كان أصل أسطورة الأمازونيات فلابد ان نذكر بأن هناك الكثير من الأشياء التي تحمل اسم "أمازون" في عصرنا الحالي ربما يكون أشهرها هو نهر الأمازون والغابات المحيطة به في البرازيل و قد سمي كذلك لأن مكتشفه الاسباني فرانشسكو دي اوريلانا عندما وصل إلى ما يعرف اليوم بحوض نهر الأمازون عام 1542 للميلاد زعم بأنه شاهد في الأدغال القريبة من النهر مجموعة من النساء المحاربات فتبادر إلى ذهنه إنهن محاربات الأمازون اللواتي ذكرتهن الأساطير الإغريقية ولهذا السبب أطلق على النهر والغابات المطرية المحيطة به اسم "الأمازون" و لكن اغلب الظن أن ما شاهده فرانشسكو في الأدغال لم يكن سوى مجموعة من رجال الهنود الحمر ولكن بسبب طول شعرهم و عدم نمو الشعر على وجوههم واجسادهم لربما ظن أنهم نساء."
وتحدث عن ظهور الخرافة فى وسائل الأعلام من خلال المسلسلات والأفلام فقال :
أسطورة المحاربات الأمازونيات تم اقتباسها في السينما والتلفزيون واغلبنا يتذكر مسلسل المحاربة زينا ( Xena ) التي عرض في التسعينات واكتسب شهرة واسعة والذي يدور حول قصة أميرة محاربة قديمة تخوض المغامرات الأسطورية وتعمل من اجل الخير و هناك أيضا العديد من الأفلام السينمائية حول موضوع المحاربات الأمازونيات و لكن اغلبها مع الأسف يدور في فلك أفلام الإثارة والإغراء والإباحية فرغم أن محاربات الأمازون اشتهرن بقسوة قلبهن وتعطشهن لدماء الرجال إلا إن فكرة وجود مجتمع من النساء الحسناوات اللواتي يرتدين ملابس القتال القديمة التي تكشف من الجسد أكثر مما تخفي طالما دغدغت مشاعر الرجال و حملتهم إلى خيالات واوهام ربما تكون بعيدة كل البعد عن الأسطورة الحقيقية.
1 - في الكامرون تقوم الأمهات بكي وتشويه أثداء بناتهن منذ الطفولة لكي يجعلنهن اقل جاذبية بالنسبة للرجل و ذلك حتى لا يتعرضن للاغتصاب أويتم تزويجهن في صغرهن و هناك واحدة من كل أربع فتيات كاميرونيات تعرضت لهذه العملية المؤلمة والتي تحاول الأمم المتحدة والمنظمات العالمية مكافحتها في أفريقيا مثل بقية العادات المؤلمة كختان الفتيات.
2 - عرب الجاهلية كانوا يتركون نسائهم خلفهم عندما يذهبون للغزو و لكن مع الأسف نساء العرب لم يكن أمازونيات إذ طالما تم سبيهن بسهولة مع النوق والجمال. "
ويظل الأصل الشهوانى للحكاية هو الأصل الذى يمكن الرجوع إليه فلا يمكن وجود مجتمع كهذا إلا كرد فعل على وجود مجتمع رجالى يمارس الزنى مع بعضه فلن يمكن اجتماع مجموعة كبيرة من النساء فى مكان غامض وعدم شوقهن للرجال إلا فى مجتمع من الزانيات ببعضهن
وحتى مجتمع النساء العاريات حاليا لم يتحقق رغم وجود الشبكة العنكبوتية وتكتفى الزانيات بمصاحبة بعضهن البعض من خلال التواجد فى بيت واحد وليس فى قرى 

الأحد، 24 نوفمبر 2024

قراءة فى كتاب قانون تفسير القرآن للنجم الطوفي

قراءة فى كتاب قانون تفسير القرآن للنجم الطوفي
المؤلف محمد علي محمد عطا والكتاب يدور حول اختراع الطوفى قانون لتفسير القرآن وفى مقدمته تحدث المؤلف عن أن الطوفى تحدث عن حل إشكال وضع منهج للتفسير فقال :
"المقدمة
في كتابه "الإكسير في قواعد التفسير" شغلت النجم الطوفي (ت 716 هـ) قضية منهجه فى تفسير القرآن الكريم حيث أفصح في مقدمته عن إشكال يتلجلج في صدره من جهة التفسير وهذا الإشكال الذي أبهمه في هذه المقدمة فصله في القسم الأول من "الإكسير" الذي عنونه: "في معاني القرآن" وقد سلك في سبيل توضيحه طريقة متدرجة"

وتحدث المؤلف عن أسباب اقدام الطوفى على وضع القانون فقال :
"مقدمات قانونه:
أولا: الدافع لوضع هذا القانون:
وضح النجم الطوفي أسباب وضعه لهذا القانون في مقدمة كتابه "الإكسير" فقال :"لم يزل يتلجلج في صدري إشكال علم التفسير ولم أر أحدا منهم كشفه فيما ألفه ولا نحاه فيما نحاه فتقاضتني النفس الطالبة للتحقيق الناكبة عن جمر الطريق لوضع قانون يعول عليه ويصار في هذا الفن إليه".
وهذا الإشكال الذي أبهمه في هذه المقدمة فصله في القسم الأول من "الإكسير" الذي عنونه: "في معاني القرآن" كما ذكرت سابقا وهو كما يفهم من كلامه اختلاط الآراء في التفسير واشتباك الأصلي بالدخيل مما يجعل الحاجة ماسة لقانون/منهج ينظم أمرين: الأول تفسير القرآن والثاني: الترجيح بين آراء المفسرين وقد قدم لقانونه بتمهيد طويل."

وتحدث عطا عن أن هناك بعض من آيات القرآن تحتاج للتفسير نتيجة وجود غموض فى معانى بعض الألفاظ فقال :
"ثانيا: التمهيد للقانون:
أ- بدأ ببيان احتياج بعض قراء القرآن إلى التفسير والتأويل: وبين فيه أن القرآن من حيث الوضوح والغموض في لفظه ومعناه ينقسم إلى:
1. واضح اللفظ والمعنى فهو لا يحتاج لتفسير "فهو بين بنفسه؛ لاتضاح معناه واشتهاره وضعا أو عرفا ونصوصيته في معناه نحو: {فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه} [الحجر:22]. فإن لفظ الإنزال والسماء والماء والإسقاء معروفة مشهورة ونصوصيتها في مدلولاتها غير منكورة" .
2. غير واضح اللفظ والمعنى جميعا ويحتاج لتفسير إما بسبب الاشتراك؛ نحو {ثلاثة قروء} [البقرة:228] للطهر والحيض وعسعس الليل لأقبل وأدبر و {لا يمسه إلا المطهرون} [الواقعة:789] لاحتماله النهي والخبر.

أو لظهور تشبيه كآيات الصفات نحو: {يداه مبسوطتان} [المائدة:64] {وجه ربك} [الرحمن:27] {ولتصنع على عيني} [طه:39] {ولا أعلم ما في نفسك} [المائدة:116].
أو لغرابة في اللفظ نحو: {ضاق بهم ذرعا} [هود:77] {ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم} [الذاريات:59] و {فرت من قسورة} [المدثر:51] وهو المحتاج إلى التفسير""

وتحدث عن غموض بعض القرآن وهو أمر ليس مسلما فى غموض فى القرآن لأنه واضخ مبين ولكن هناك عجز فى النفوس عن الفهم الصحيح لما يسمونه الغموض فقال:
"ثالثا: إشكال ورده: وفي أثناء بيانه السابق أجاب عن إشكال مؤداه: ما فائدة اشتمال القرآن على ألفاظ غريبة تحتاج إلى تفسير وهو نزل لتكليف الخلق بالعمل بمضمونه وقد كان واضحا وقت نزوله؟ وكان جوابه هو:
1. لغة العرب تحتوي على الواضح والغامض وكلاهما بليغ في موضعه والقرآن جاء على لغة العرب فلو جاء بأحدهما فقط لكان مقصرا عن رتبة اللغة فلا يصلح للإعجاز.
2. الواضح من القرآن جاء للتعبد على الفور من غير احتياج إلى نظر وغير الواضح جاء ليتعبد العلماء باستخراج معناه وليتعبد المقلدون لهم أيضا بتقليدهم فيه فيعظم أجرهما وأنزل الله المتشابه ليتعبد الجميع بالإيمان به فالعمل بالمفهوم منه والإيمان بغير المفهوم منه تعبدان صحيحان يميزان بين الطاعة والعصيان.
3. لعل غير الواضح شرك من أشراك الضلال يوقع فيه المعترض وقد ذكر الله أنواعا من هذه الأشراك فقال تعالى: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا} [الأنعام:53] وقوله تعالى: {ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم} [الحج:53] .
4. ولعل ذلك لحكمة خفيت علينا؛ لأن الله تعالى لا يفعل شيئا عبثا بدون حكمة وخفاء الحكمة لا يعني عدم وجودها ومن زعم عدم وجودها لأنها خفيت عليه كان مدعيا مساواة الله في علمه ومشاركته في معلوماته وهذا كفر "

وما قاله الطوفى وكرره عطا هو كلام يناقض القرآن لقوله تعالى :
" ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر "

وقال الله مبينا أنه بينه كله :
" ثم إن علينا بيانه "
وتحدث عن مسألة تفسير الرسول(ص) للقرآن كلمة كلمة فقال :
"رابعا: هل فسر الرسول القرآن حرفا حرفا: أثار الطوفي هذا السؤال ثم أجاب عنه بأن ظاهر الأمر أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يأخذون التفسير عن النبي (ص) واستشف ذلك من قول ابن مسعود رضي الله عنه:"كنا لا نجاوز عشر آيات حتى نعرف أمرها ونهيها وأحكامها" وكانوا يأخذونه عن بعض الصحابة أيضا؛ لأن بعض الصحابة كانوا يفتون ويؤخذ عنهم العلم في عهد رسول الله ويحتمل أنهم كانوا يأخذون التفسير عن الرسول (ص) وعن بعض الصحابة في آن فلم يمت النبي (ص) إلا وقد أخذ عنه التفسير حرفا حرفا."

ورغم اقرار الطوفى بوجود تفسير منزل على النبى(ص) إلا أنه قال بضياعه فقال :"وبعد هذا التأكيد على أن الرسول (ص) فسر القرآن كاملا أجاب عن سؤال: هل وصل إلينا تفسير الرسول (ص) كاملا؟
وفي الإجابة عن ذلك أكد النجم الطوفي أنه ضاع كثير من تفسير رسول الله بسبب: عدم أخذ كل الصحابة عن النبي كل التفسير بل بعضه وموتهم قبل نقله كله لغيرهم فلم يكتمل التفسير عند واحد من الصحابة بل تفرق علمه بينهم هذا بالإضافة إلى أن النفر الذين عنوا بجمع القرآن على عهد رسول الله كانوا نفرا معدودين قليلين.
ولعل التابعي الذي أخذ بعض التفسير عن الصحابي لم يجتمع بصحابي آخر يكمل له التفسير أو اجتمع بمن لا زيادة عنده على ما أخذ عن الصحابي الأول.
وبناء على هذا النقص شرع المفسرون في إكمال التفسير باجتهادهم؛ معتمدين على اللغة تارة وعلى السنة تارة وعلى نظير الآية المطلوب تفسيرها من القرآن تارة ثالثة إضافة إلى الاعتماد على موارد أخرى مثل: التاريخ وأيام الأمم الخالية والإسرائيليات ونحوها.
ومعنى ذلك أن التفاسير المتداولة بين الأمة فيها كثير مما لم يقله النبي (ص) بل فيها ما لو عرض على النبي (ص) لرده وزجر قائله ويتأكد هذا من اختلاف المفسرين في الآية الواحدة أو في الحرف الواحد على عشرة أقوال وأكثر وأقل وبعض هذه الأقوال يرد بعضه أو يضاده أو يناقضه.
ونتج عن ذلك كثرة الدخل في التفاسير حتى آل الأمر إلى وجود أقوال كثيرة وفعلت كل طبقة من المفسرين كما تفعل الأخرى من زيادة الوجوه والأقوال والاختيارات وينسبون هذه الأقوال لمذاهبهم وآرائهم.

تماما كما حدث في مذاهب الفقهاء فقد نشأ عن تفرق الصحابة في الأمصار واختصاص بعضهم بما ليس عند الآخر من ناسخ ومنسوخ أو زيادة في حكم تقييد مطلق أو تخصيص عام ونحوه فأفتى كل منهم بما انتهى إليه علمه ثم أضيف إلى ذلك اختلافهم في تأويل الكتاب والسنة بحسب فهمهم وبحسب لغات العرب والقرائن والأحوال ثم تلقى التابعون عنهم ذلك وساروا سيرهم فكثر الاختلاف جدا وقد استشهد الطوفي بأن ما ذكره هذا في اختلاف الفقهاء هو ما ذكره الحميدي
خامسا: رد الطوفي شبهة قد تثار على كلامه مؤداها: كيف يقول المفسرون برأيهم وهم أهل ورع وهناك حديث يحرم ذلك بشدة حيث يقول رسول الله:"من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار". وقال أبو بكر الصديق:"أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في القرآن ما لا أعلم" وكان الأصمعي مع تقدمه وسعة باعه يحتمي تفسير القرآن وإعرابه؟ فهذا محال ولابد أن كل ما أوردوه من تفسير هو منقول عن الرسول (ص).
وأجاب عن ذلك بأنه يجوز أنهم ما علموا بحديث تحريم القول في القرآن بالرأي والذي علمه منهم نفذه ولم يتكلم برأيه والذي تكلم منهم وأخطأ يكون خطؤه خطأ اجتهاديا وهو مرفوع كما في أحكام الفروع.
ويجوز أنهم علموا ولكنهم حملوا المنع على الجاهل وليس العالم بدليل لفظ الحديث:"بغير علم" كما قال الحسين بن مسعود في مقدمة تفسيره وموقف أبي بكر الصديق يخرج بأنه قال ذلك في ما لا يعلم بدليل أنه تكلم في أحكام الشريعة بما يعلم والشريعة والقرآن كلاهما من دين الله ويخرج موقف الأصمعي بأنه إما أن يكون احتماؤه للكلام فيما لا يعلم وهذا توفيق؛ لأنه لا يعلمه وإما أن يكون مع العلم وهذا قد يكون جبنا وجمودا أو خروجا إلى السلامة واكتفاء بمن تكلم فيه قبله.
ويجوز أنهم رأوا أنه يتعين عليهم الكلام فزهدهم وورعهم حثهم على سد هذا الخلل حتى لا يقول فيه أهل الجهل وأن يدرس من علم الشريعة ما لا يمكن تداركه ورأوا أن الخطأ عنهم مرفوع في ذلك كما رفع عن الخطأ في الأحكام الفرعية الاجتهادية تماما كما حدث مع موسى بن عقبة عندما نقح المغازي مما دخل عليها من الكذب وأثنى العلماء على صنيعه "

قطعا ما قيل عن ضياه التفسير الإلهى للقرآن على الرسول (ص) هو ضرب من الوهم فهو محفوظ كالقرآن فى الكعبة الحقيقية وإلا كيف يحتكم المسلمون لشىء معدوم فى قوله تعالى :
"وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ"؟
القرآن وتفسيره موجود فى الكعبة الحقيقية من أجل أن يحتكم المسلمون المختلفون فى تفسير بعض المسائل إليه
وقد سمى الله التفسير البيان كما قال تعالى :
" قم إنا علينا بيانه "
وسماه الذكر المبين للمنزل وهو القرآن فقال :
" ونزانا عليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم"
وأما قانون أو منهج الطوفى فى التفسير فقد اقترح التالى :
"المبحث الثالث: القانون المقترح:
بعد هذه المقدمة الممهدة التي شملت تاريخ التفسير وإشكالاته بدأ في عرض قانونه الذي يقترحه لتنقية التفسير مما علق به وهذا القانون يشمل شقين؛ منهج تفسير الغامض ومنهج الترجيح بين اختلافات المفسرين.
الشق الأول: منهج تفسير الغامض: فقد رأى النجم الطوفي أن القرآن من حيث الوضوح والغموض بين أمرين:
1. واضح المعنى واللفظ وهذا لا إشكال فيه؛ لأن المراد منه هو المفهوم منه لكل عاقل مثل قوله: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} {ولا تقربوا الزنا} [الإسراء:32] ... إلخ.
2. وغامض اللفظ والمعنى وهذا الذي يحتاج لتفسير وقد يكون بين أمرين:
أ فيه دليل عقلي قاطع أو نص تواتري عن النبي أو إجماع العلماء أو نص آحادي صحيح. وحينئذ يجب المصير فيه إلى ما دل على أنه المراد منه سواء كان ما دل عليه أحد هذه الطرق موافقا لظاهر لفظ الكلام أو لا؛ لأن الدليل العقلي والمتواتر يفيدان العلم القاطع فلا يعارضهما الظاهر المحتمل ولذلك قدمهما. وأما الإجماع فلاستلزامه دليلا تقوم عليه الحجة من نص وغيره فلا إجماع إلا عن مستند ولقيام الدليل على أن الأمة معصومة من الاجتماع على ضلالة وأما النص الآحادي الصحيح فلأنه يعتاد عليه الظن ويوجب العمل والعلم على مذهب مرجوح لذلك هو أولى من غيره.

ب ليس فيه شيء مما سبق بل فيه: آحاد ضعيفة أو شيء من أصحاب التاريخ والسير غير مفيد للعلم بصحة ما دل عليه أو ظنه بدليل خارج عن قرينة عقلية أو غيرها أو تأويل مختلف عليه متعارض بين العلماء.
وفي هذه الحالة ننظر فإن كان ما ورد فيه من الأحاديث الضعيفة والتواريخ والسير المذكورة موافقا للمفهوم من ظاهر الكلام أو من فحواه أو معقوله= فنحمله على ما فهم منه وفي هذه الحالة يكون الخبر الضعيف ونحوه مؤكدا لما استفيد من اللفظ.
وإن لم يكن شيء منها يوافق المفهوم من ظاهر اللفظ أو معقوله ألغي هذا الدليل؛ لضعفه وضعف ما يفيده الظن واعتبر مفهوم ظاهر الكلام لقوته وقوة ما يفيده من ظن ما لم يمنع منه مانع أقوى منه؛ لأن المقصود من الكلام هو الإفهام والظاهر من المتكلم الحكيم إرادة ظاهر الكلام.
الشق الثاني: الترجيح بين التأويلات المختلفة عن العلماء.
ننظر في هذه التأويلات فإن كانت تشتمل على التناقض والتضاد مثل "القرء" كان أحد الضدين متعينا للإرادة؛ لاستحالة الجمع بينهما وحينئذ يجب الوصول للمراد بطريق قوي راجح من الطرق السابقة أو غيرها إن أمكن.
وإن كان لا يشتمل على التناقض والتضاد بل هو مجرد اختلاف ففي هذه الحالة ننظر: هل يحتمل اللفظ جميع هذه التأويلات فإن كان ذلك يحمل عليها جميعها ما أمكن سواء كان احتماله لها مساويا أو كان في بعضها أرجح من بعض؛ لأن حمله على بعض دون بعض إلغاء للفظ بالنسبة لبعض محتملاته من غير موجب وهو غير جائز ولأنه لو كان مرادا فإعمال اللفظ بالنسبة إليه أحوط من إهماله.
وإن كان احتمال اللفظ لهذا القول متفاوتا في الرجحان جاز في مقام الترجيح تقديم الأرجح فالأرجح بحسب: دلالة اللفظ عليه أو جلالة قائله أو عاضده الخارجي وغير ذلك من وجوه الترجيحات.

وضرب النجم الطوفي مثالا لاحتمال اللفظ لوجوه متعددة بقوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم} [الواقعة:75] فقد قيل: هي مساقط النجوم في المغرب. وقيل: نزول القرآن؛ لأنه نزل في ثلاث وعشرين سنة فاللفظ يحتمل القولين فيجوز أن يكون القسم بهما مرادا لله عز وجل؛ لأنهما عظيمان فإنه يجوز إرادة حقيقة اللفظ ومجازه جميعا منه وكذلك القسم بعظيم؛ الضحى الليل الشمس يراد القسم بحقائقها لعظم الآيات فيها ويجوز أن القسم بخالقها وربها على حذف المضاف؛ أي ورب الضحى وكذلك الأقوال في المقام المحمود فقد قيل فيها اثنا عشر قولا واللفظ يحتملها جميعا وإرادتها جائزة واجتماعها ممكن.
وإن كان لا يحتمل اللفظ جميع التأويلات لدليل فلا يحمل إلا على ما أمكن من هذه التأويلات."

وهذا المنهج للأسف هو المنهج المتبع حاليا وهو منهج لا يفيد بشىء لأنه يرد التفسير لأقوال بشر فى النهاية من خلال قراءة كتب المجالات المختلفة بينتما المفروض هو :
رد القرآن للقرآن أولا فإن عجز المفسر ولا نقول عجز القرآن ليس أن يلجأ لشىء أخر لأن أقوال البشر غالبا لن نفع بأى شىء
وتحدث عطا عن أهمية القانون فقال :
"ثانيا: أهمية هذا القانون: بين النجم الطوفي أهمية التزام هذا القانون فبين أنه يدفع كثيرا من خبط المفسرين بتباين أقوالهم واختلاف آرائهم .
ثالثا: المستفيد من هذا القانون: بين النجم الطوفي من الذي يستفيد بهذا القانون وبين أنه يستفيد منه "من كانت له يد في معرفة المعقول والمنقول واللغة وأوضاعها ومقتضيات ألفاظها والمعاني والبيان بحيث إذا استبهم عليه تفسير آية وتعارضت فيها الأقوال صار إلى ما دل عليه القاطع العقلي أو النقلي على تفصيل سبق ثم إلى مقتضى اللفظ لغة ونحو ذلك. أما الذي يقصر في هذه العلوم فلا ينتفع بهذا القانون؛ لأنه يكون كمن له سيف قاطع لكنه لا تقله يده لعلة به" ."

وهذا القانون هو نفس ما يقوله الكثيرون باللجوء إلى كتب اللغة والحديث وغيرها وهو ما سيؤدى فى النهاية إلى نفس الاختلافات والتنازعات فى المراد
وتحدث عطا عن أن الطوفى تخيل شبهة حول القانون فذكرها فقال :
"رابعا: شبهة حول هذا القانون: استحضر النجم الطوفي شبهة ستثار حول قانونه مؤداها أنه لاشك أن المفسرين نقلوا كل ما بلغهم من وجوه التفسير ولم يتعرض أحد منهم لما ذكر الطوفي
في قانونه؛ لذلك فقانونه غير معتبر والزعم بأنه لا سبيل إلى الانتصاف من علم التفسير بغير هذا القانون بعيد جدا
وأجاب الطوفي عن هذه الشبهة بأن عدم تعرضهم لهذا القانون لا يدل على عدم اعتباره؛ لجواز أنهم نقلوا ما نقلوه ليعتبر بالقانون المذكور مثل علم الحديث الذي نقل فيه العلماء كل ما بلغهم حتى جاء جهابذة علماء الحديث ووضعوا قانونا نقحوا به هذه الروايات.
ثم جاء الفقهاء وتسلموا الحديث من أهله وفيه المتعارض والموهم للمتناقض فقام له الأصوليون ووضعوا قانونا يزيل تعارضه وتناقضه فاستخرجوا بذلك أقوالا فقهية متعارضة وآراء متناقضة فتسلمها كل أهل مذهبهم عن إمامهم فاجتهدوا فيها باعتبارها قوانين ذلك الإمام وقواعد مذهبه ولم يقل أحد إن نقل المحدثين والأصوليين والفقهاء لكل ما وردهم دليل على عدم اعتبار القوانين المميزة لما يجب إعماله مما يجب إهماله.
والجواب الثاني أنه لا أحد يفتح طريقا إلى مقصد نجيب يوصل إليه قطعا بسهولة ويسر ويقال له إن أحدا ممن تقدمك لم يفتح هذا الطريق؛ لذا فهو غير موصل للمقصود. فهذا استدلال بالجهل وربما يغفل المتقدم عما تنبه له المتأخر وإلا لزم ألا يزداد علم الشريعة عما كان عليه في أول أمره وهذا غير حاصل فعلم الشريعة زاد جدا بسبب استدراك المتأخر على المتقدم."

وهو نفس ما قلناه وهو أن القانون يؤدى لنفس النتيجة وهو اختلاف الناس وليس اجتماعهم على تفسير واحد صحيح
وتحدث عن قانون مماثل لابن تيمية مقارنا بين القانونين فقال :
"خامسا: بين قانون ابن تيمية وقانون النجم الطوفي:
ذكر ابن تيمية (ت 728 هـ) رحمه الله في كتابه "مقدمة التفسير" منهجا لتفسير القرآن وله شقان أيضا؛ شق يبين كيفية التفسير وشق يبين كيفية معالجة الخلاف بين المفسرين؛ وأهم قواعد الشق الأول هي:
1. تفسير القرآن بالقرآن.
2. تفسير القرآن بالسنة.
3. تفسير القرآن بأقوال الصحابة.
4. تفسير القرآن بأقوال التابعين وإجماعهم حجة.
5. التفسير بمجرد الرأي حرام.
6. الإسرائيليات يستأنس بها.
وأهم قواعد الشق الثاني هي:
1. استيعاب الأقوال كلها؛ لأن من حكى الخلاف ولم يستوعب الأقوال فهو ناقص فقد يكون الصواب فيما سبق.
2. بيان الباطل من الصحيح؛ لأن من يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح ناقص أيضا.
3. ذكر فائدة الخلاف وثمرته لئلا يطول النزاع والخلاف فينشغل به عن الأهم.
ويلاحظ على قانون ابن تيمية أنه لم يذكر اللغة من قريب أو بعيد بينما النجم الطوفي جعل اللغة مؤنسة إن وافقت الرأي أو النص التواتري أو الإجماع أو النص الآحادي الصحيح.
وجعلها مقدمة على الآحاد الضعيفة والتاريخ والظن بدليل خارج عن قرينة والتأويل المختلف عليه المتعارض بين العلماء فإن وافقتها كانت مؤكدة للغة وإن خالفتها لا يؤخذ بها."

والمقارنة أنهاها عطا بأن قانون الطوفى ينتهى إلى الانتصار على قانون ابن تيمية فقال :
"وهي نقطة تفوق لصالح قانون النجم الطوفي."

وأما انتقادات عطا لقانون الطوفى فهى :
"سادسا: ملاحظات حول هذا القانون
الملاحظة الأولى: أول ملاحظة على هذا القانون وهي ملاحظة لافتة أن الطوفي قدم الدليل العقلي القاطع على النص الصحيح المتواتر عن رسول الله (ص) وعلى إجماع العلماء وعلى النص الآحادي الصحيح.
وسمة العقلانية هي السمة الغالبة على فكر نجم الدين الطوفي وقد ظهرت في نظريته حول المصلحة وتقديمها على النص وقد سببت له مشاكل في عصره مع مجايليه من العلماء وأثارت حوله الشكوك من زندقة وتشيع وقد حرم ابن تيمية القول في القرآن بالرأي وشدد على ذلك جدا وأكثر من النقول التي ينفر أصحابها من ذلك .
الملاحظة الثانية: ذكر النجم الطوفي أن تفسير رسول الله للقرآن لم يقع كاملا لأحد من الصحابة وبالتالي لم يقع كاملا للتابعين ولكن وقع مجزءا فيهم وهذا القول غير صحيح فقد ذكر مجاهد أنه عرض المصحف على ابن عباس يوقفه عند كل آية منه ويسأله عنها ولهذا قال الثوري:"إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به" ولهذا يعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري والإمام أحمد وغيره من أهل العلم بالتفسير الذين كانوا يكررون الطرق عن مجاهد وكذلك ابن عباس الذي أقسم أنه ما نزلت آية إلا وهو يعلم فيم نزلت وأين نزلت .
الملاحظة الثالثة: أن النجم الطوفي لم يعتبر النظائر القرآنية في قانونه فلم أجد لها ذكرا رغم أنه فسر بالنظائر القرآنية كثيرا في كتابه "تفسير سورة ق".
وفي مفارقة لها اعتبارها جعل ابن تيمية التفسير بالنظائر القرآنية أول مرحلة في التفسير .
الملاحظة الرابعة: اعتبر جلالة القائل مرجحا عند الاختلاف في التأويل ولم يبين مقصوده منها هل المقصود بها جلالة القائل من الصحابة أم من علماء التفسير؟
وقد تفهم على وجوه عدة فعلي بن أبي طالب وهو من هو في العلم! كان يرد تفسيره وقد يقول عليه بعض المفسرين :"روي عن علي ولا يصح" وقدموا تفسير غيره على تفسيره. وقد يكون القائل جليلا ولكنه يقول في غير فنه أو يقول برأيه فيكون قوله واجب التمحيص.
وقد يوضح ذلك ما قاله ابن تيمية رحمه الله في "مقدمة التفسير" حيث تحدث عن جلالة القائل وضعته من عدة وجوه أولها: أن أهل مكة من الأجلاء في التفسير حيث قال :"وأما التفسير فإن أعلم الناس به أهل مكة؛ لأنهم أصحاب ابن عباس كمجاهد وعطاء بن أبي رباح وعكرمة مولى ابن عباس وغيرهم من أصحاب ابن عباس؛ كطاووس وأبي الشعثاء وسعيد بن جبير وأمثالهم وكذلك أهل الكوفة من أصحاب عبد الله بن مسعود ومن ذلك ما تميزوا به عن غيرهم وعلماء أهل المدينة في التفسير مثل زيد بن أسلم الذي أخذ عنه مالك التفسير وأخذه عنه أيضا ابنه عبد الرحمن وعبد الله بن وهب".
وقد يقصد بغير الجليل أهل البدع والأهواء وأصحاب المناهج المخالفة لأهل السنة والجماعة الذين يفسرون القرآن بما يوافق بدعهم ومذاهبهم
الملاحظة الخامسة: قدم النجم الطوفي في قانونه الإجماع على الآحاد الصحيحة وهذا عكس ما ذهب إليه ابن تيمية في مقدمته للتفسير حيث قدم الآحاد الصحيحة على الإجماع

الملاحظة السادسة: لم يبين النجم الطوفي مقصده بالإجماع هل هو إجماع الصحابة أم التابعين أم أهل الحديث أم أهل التفسير أم غيرهم؟ وقد خصص ابن تيمية في مقدمته على التفسير الإجماع بأنه إجماع أهل العلم بالحديث .
الملاحظة السابعة: يشترك ابن تيمية مع النجم الطوفي في الاعتبار بالأخبار الضعيفة في التفسير ولكنه لا يطلب مقابلتها باللغة كما طلب النجم الطوفي.”

والانتقادات وهى الملاحظات صحيحة وتبقى الكلمة الخيرة وهى :
وجوب العودة لتفسير الله المنزل على الرسول فى الكعبة الحقيقية للخروج من دائرة الاختلاف هو الحل
وإلى حين الوصول لها يجب الالتزام بتفسير الجمل لبعضها فى المصحف هو الحل الأمثل حاليا ويجب البعد عن كتب اللغة والروايات فما ألفت إلا لاضلال الناس وابعادهم عن المعانى الحقيقية