الخميس، 31 أكتوبر 2024

نظرات فى تفسير سورة الإخلاص

نظرات فى تفسير سورة الإخلاص
المؤلف زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن السَلامي البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي (المتوفى 795 هـ) وهو يدور حول تفسير سطر من كتاب الله هو سورة الإخلاص وقد استهل ابن رجب كتابه بالحديث عن موضع النزول فقال :
"«الكلام على سورة الإخلاص»
وفي موضع نزولها قولان:
أحدهما أنها مكية
والثاني مدنية "
والكلام عن الذات الإلهية لابد أن يكون فى أول مرحلة من القرآن حيث يعرف الله نفسه لرسول(ص) وبقية خلقه
وتحدث عن كون السورة نسبة الله وكأن الله له عائلة ينسب لها فقال :
"وذلك في فصول في فضائلها وسبب نزولها وتفسيرها
أما فضائلها فكثيرة جدا؛ منها أنها نسبة الله عز وجل
خرج الطبراني من طريق عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي عن الوازع بن نافع عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص)«لكل شيء نسبة ونسبة الله {قل هو الله أحد * الله الصمد} وليس بأجوف» الوازع ضعيف جدا وعثمان يروي المناكير وسيأتي في سبب نزولها ما يشهد له"

والغريب أنه نفى صحة الحديث الذى استشهد به على النسبة المزعومة وتحدث عن كونها صفة الرحمن فذكر حديث أخر كاذب فقال :
"ومنها أنها صفة الرحمن وفي «صحيح البخاري ومسلم» من حديث عائشة أن النبي (ص)بعث رجلا على سرية فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ {قل هو الله أحد} فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي (ص)فقال «سلوه؛ لأي شيء يصنع ذلك؟» فسألوه فقال لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها فقال النبي (ص)«أخبروه أن الله يحبه»
قطعا لا ذكر للرحمة فى السورة حتى يقال أنها صفة الرحمان إلا إذا كان يعنى الله وليس لفظ الرحمان
وتحدث عن أحاديث تحبذ أو توجب قراءتها فى الصلوات فقال :
"ومنها أن حبها يوجب محبة الله لهذا الحديث المذكور آنفا ومنه قول ابن مسعود «من كان يحب القرآن فهو يحب الله»
ومنها أن حبها يوجب دخول الجنة ذكر البخاري في «صحيحه» تعليقا وقال عبيد الله عن ثابت عن أنس قال كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بـ {قل هو الله أحد} حتى يفرغ منها ثم يقرأ سورة أخرى معها وكان يصنع ذلك في كل ركعة وذكر الحديث وفيه فقال النبي (ص)«يا فلان ما حملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟» فقال إني أحبها فقال «حبك إياها أدخلك الجنة» وخرجه الترمذي في «جامعه» عن البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس عن الدراوردي عن عبيد الله بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن عمر وغربه
وقال روى مبارك بن فضالة عن ثابت عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله إني أحب هذه السورة {قل هو الله أحد} فقال «إني حبك إياها أدخلك الجنة» وقد خرجه أحمد في «المسند» عن أبي النضر عن مبارك بن فضالة به
وروى مالك عن عبيد الله بن عبد الرحمن عن عبيد بن حنين قال سمعت أبا هريرة يقول أقبلت مع النبي (ص)فسمع رجلا يقرأ {قل هو الله أحد} فقال رسول الله (ص)«وجبت» قلت وما وجبت؟ قال «الجنة» وأخرجه النسائي والترمذي وقال «حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث مالك»
وروى أبو نعيم من طريق عمرو بن مرزوق عن شعبة عن مهاجر سمعت رجلا يقول صحبت رسول الله (ص)في سفر فسمع رجلا يقرأ {قل يا أيها الكافرون} فقال «قد برئ من الشرك» وسمع آخر يقرأ {قل هو الله أحد} فقال «غفر له» "

وتلك ألأحاديث تتناقض مع القرآن فى أن المطلوب ليس تكرار قراءة سور معينة وإنما قراءة ما تيسر من القرآن بحيث تتم قراءة القرآن كله كما قال تعالى :
" فاقرءوا ما تيسر منه "

وقال :
" أفلا يتدبرون القرآن "
وتحدث عن أحاديث كثيرة تقول أن السورة ثلث القرآن فقال :
"ومنها أنها تعدل ثلث القرآن ففي «صحيح البخاري» من حديث أبي سعيد أن رجلا سمع رجلا يقرأ {قل هو الله أحد} يرددها فلما أصبح جاء إلى النبي (ص)فذكر ذلك له – وكأن الرجل يتقالها – فقال رسول الله (ص)«والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن» وقد روي عن أبي سعيد عن [أخي] قتادة بن النعمان به
وفي «صحيح البخاري» أيضا من طريق الأعمش عن إبراهيم النخعي والضحاك المشرقي عن أبي سعيد قال قال رسول الله (ص) لأصحابه «أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة» فشق ذلك عليهم وقالوا أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال «الله الواحد الصمد ثلث القرآن» وفي «المسند» من طريق ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن أبي الهيثم عن أبي سعيد قال بات قتادة بن النعمان يقرأ الليل كله بـ {قل هو الله أحد} فذكر ذلك للنبي (ص)فقال «والذي نفسي بيده لتعدل نصف القرآن أو ثلثه»
وفي «المسند» أيضا من طريق ابن لهيعة حدثنا حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو أن أبا أيوب الأنصاري كان في مجلس وهو يقول ألا يستطيع أحدكم أن يقوم بثلث القرآن كل ليلة؟ فقالوا وهل يستطيع ذلك أحد ؟ قال فإن «قل هو الله أحد» ثلث القرآن قال فجاء النبي (ص)وهو يسمع أبا أيوب فقال «صدق أبو أيوب»
وروى يحيى بن سعيد عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم – قال الترمذي اسمه سلمان – عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص)«احشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن» فحشد من حشد ثم خرج نبي الله (ص)فقرأ {قل هو الله أحد} ثم دخل فقال بعضنا لبعض قال رسول الله (ص)«فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن» إني لأرى هذا خبرا جاءه من السماء ثم خرج نبي الله (ص)فقال «إني قلت سأقرأ عليكم ثلث القرآن ألا وإنها تعدل ثلث القرآن» أخرجه مسلم
وروى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن زائدة بن قدامة عن منصور عن هلال بن يساف عن الربيع بن خثيم عن عمرو بن ميمون عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن امرأة من الأنصار عن أبي أيوب عن النبي (ص)قال «أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ فإنه من قرأ {قل هو الله أحد} في ليلة فقد قرأ ليلتئذ ثلث القرآن» ورواه النسائي والترمذي عن بندار
وروى الترمذي عن قتيبة أيضا عن ابن مهدي فهو لهما عشاري ولأحمد تساعي وفي رواية الترمذي عن امرأة أبي أيوب عن أبي أيوب به وذكر اختلافا في إسناده
وروى أحمد عن هشيم عن حصين عن هلال بن يساف عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بن كعب أو رجل من الأنصار قال قال رسول الله (ص)«من قرأ {قل هو الله أحد} فكأنما قرأ بثلث القرآن» ورواه النسائي في «اليوم والليلة» من طريق هشيم عن حصين عن أبي ليلى به من غير ذكر هلال بن يساف وروى الإمام أحمد أيضا عن وكيع بن سفيان عن أبي قيس عن عمرو بن ميمون عن أبي مسعود قال قال رسول الله (ص)«{قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن» ورواه ابن ماجه والنسائي في «اليوم والليلة» من طرق وفي بعض طرقه وقفه
ورواه أبو نعيم من طريق مسعر عن أبي قيس عن عمرو بن ميمون عن أبي مسعود الأنصاري كذا قال!
ومن طريق شعبة عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود
وروى أبو نعيم من طريق على بن عاصم عن حصين عن هلال بن يساف عن ربيع بن خثيم عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن النبي (ص)قال «من قرأ {قل هو الله أحد} في يوم وليلة ثلاث مرات كانت تعدل ثلث القرآن»
ورواه شعبة عن علي بن مدرك عن إبراهيم النخعي عن الربيع بن خثيم عن ابن مسعود عن النبي (ص)
وروى أبو نعيم حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى ثنا أحمد بن حمدون بن رستم ثنا على بن إشكاب ثنا شجاع بن الوليد ثنا زياد بن خيثمة عن محمد بن جحادة عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي (ص)«{قل هو الله أحد} ثلث القرآن» قال إبراهيم هكذا حدثني به وكتبه لي بخطه وإنما يحفظ الإسناد قراءة يس
وروى يوسف بن عطية الصفار ثنا هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أبي بن كعب قال قال رسول الله (ص)«من قرأ {قل هو الله أحد} فكأنما قرأ ثلث القرآن وكتب له من الحسنات بعدد من أشرك بالله وآمن به»
وفي «صحيح مسلم» من طريق قتادة عن سالم ابن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء أن رسول الله (ص)قال «أيعجز أحدكم أن يقرأ كل يوم ثلث القرآن قالوا نعم قال إن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء فقل هو الله أحد ثلث القرآن»
وروى أمية بن خالد عن ابن أخي ابن شهاب عن عمه عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط قالت قال رسول الله (ص)«{قل هو الله أحد} ثلث القرآن» رواه أحمد والنسائي في «اليوم والليلة»
ورواه أيضا من طريق مالك عن الزهري عن حميد من قوله ورواه أيضا من طريق ابن اسحاق عن الحارث بن فضيل عن الزهري عن حميد أن نفرا من أصحاب محمد (ص)حدثوه عن النبي (ص)أنه قال «{قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن لمن صلى بها»
وروى الحافظ أبو يعلى عن قطن بن نسير عن عبيس بن ميمون عن يزيد الرقاشي عن أنس عن النبي (ص)قال «أما يستطيع أحدكم أن يقرأ {قل هو الله أحد} ثلاث مرات في ليلة فإنها تعدل ثلث القرآن» إسناده ضعيف
ويستدل به على أن المراد بكونها تعدل ثلث القرآن أجره وثوابه كما يستدل بحديث أبي الدرداء المتقدم على أنها جزء التوحيد من القرآن وأنه ثلاثة أجزاء توحيد وتشريع وقصص"

ونلاحظ التناقض فى الأحاديث ما بين كونها ثلث أو نصف القرآن والخطأ هنا هو أن سورة الإخلاص ثلث القرآن ،لنا أن نتساءل ما هى أثلاث القرآن ؟
قطعا لا رد ودعونا نتساءل هل المراد ثلث المعانى أم الألفاظ ؟إذا كان أراد المعانى فإن هذه السورة لا تشكل إلا أقل من 1%من معانى القرآن بدليل عدم ورود أحكام فيها سوى 5أو 6على الأكثر بينما القرآن فيه ألوف الأحكام وإذا كان الرد الألفاظ فألفاظها مجتمعة لا تشكل واحد من مائة ألف ثم دعونا نتساءل كيف يساوى قليل ثلث القرآن إذا كان لا تفاضل بين سور القرآن فى أى شىء لأنها كلها كلام الله وكلام الله سواء فى المصدر وفى العمل به
وتحدث عن أحاديث تجعلها كافية من الشر ما نعة له فقال :
"ومنها أن قراءتها تكفي من الشر وتمنعه وقد ثبت في «صحيح البخاري» عن عائشة أن النبي (ص)كان إذا أوى إلى فراشه قرأها مع المعوذتين ومسح ما استطاع من جسده
وروى أبو داود والترمذي والنسائي من طريق معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه عن النبي (ص)قال له «{قل هو الله أحد} والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح (ثلاثا) تكفيك كل يوم» وصححه الترمذي
ورواه النسائي من طريق أخرى عن معاذ عن عبد الله بن خبيب عن أبيه عن عقبة بن عامر فذكره ولفظه «تكفك كل شيء»
عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عن عقبة بن عامر الجهني قال قال لي رسول الله (ص)«قل» قلت وما أقول قال «{قل هو الله أحد} {قل أعوذ برب الفلق} {قل أعوذ برب الناس}» فقرأهن رسول الله (ص)ثم قال «لم يتعوذ الناس بمثلهن أو لا يتعوذ الناس بمثلهن»

وقال البزار في «مسنده» حدثنا إبراهيم الجوهري ثنا غسان بن عبيد عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك قال قال رسول الله (ص)«إذا وضعت جنبك على الفراش وقرأت فاتحة الكتاب و {قل هو الله أحد} فقد أمنت من كل شيء إلا الموت» "
والخطأ فى الأحاديث أن قراءة سورة الإخلاص تحمى من كل ضرر ويخالف هذا أن الله أصاب المسلمين بالخوف والجوع والنقص فى الأنفس والأموال والثمرات وهذه الأنواع كلها أضرار وفى هذا قال تعالى "ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأنفس والأموال والثمرات "ولو كانت القراءة تحمى من الأضرار فلماذا تصيبنا الهزائم والكوارث والأمراض رغم أن مسلمى العصر يكثرون من القراءة ؟أليس هذا عجيبا ؟
وتحدث عن كونها أفضل سور القرآن فذكر أحاديث وهى :
"ومنها أنها أفضل سور القرآن فروى الدارمي في «مسنده» عن أبي المغيرة عن صفوان عن أيفع بن عبيد الكلاعي قال قال رجل يا رسول الله أي سور القرآن أعظم؟ قال {قل هو الله أحد}
وفي «المسند» من طريق معاذ بن رفاعة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن عقبة بن عامر قال قال لي رسول الله (ص)«ألا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والقرآن العظيم ؟» قلت بلى قال فأقرأني
{قل هو الله أحد} و {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس} ثم قال لي «يا عقبة لا تنسهن ولا تبت ليلة حتى تقرأهن»
وروى الترمذي بعض هذا الحديث وحسنه ورواه أحمد أيضا بطوله من طريق أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي عن فروة بن مجاهد عن عقبة بن عامر به
ومنها أن الدعاء بها مستجاب ففي السنن الأربعة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن النبي (ص)سمع رجلا يصلي يدعو يقول اللهم إني أسألك بأني أشهد أن لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد قال «والذي نفسي بيده لقد سأله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب» وقال الترمذي حسن غريب
وفي «المسند» عن محجن بن الأدرع أن النبي (ص)دخل المسجد فإذا هو برجل قد قضى صلاته وهو يتشهد وهو يقول اللهم إني أسألك بأنك الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم
فقال نبي الله (ص)ثلاث مرات «قد غفر له قد غفر له قد غفر له»"

وتلك الأحاديث فى جعل سورة أعظم من بقية السور هو تخريف لأن الله وصف القرآن كله بنفس الوصف وهو العظمة فقال :
" ولقد آتيناك سبها من المثانى والقرآن العظيم"

وتحدث عن تكرار قراءتها عشرات أو مئات المرات منبها لضعف الأحاديث فقال :
"وقد ورد في تكرير قراءتها خمسين مرة أو أكثر من ذلك وعشر مرات عقيب كل صلاة أحاديث كثيرة فيها ضعف
وكذلك حديث معاوية بن معاوية الليثي خرجه الطبراني وأبو يعلى من طرق كلها ضعيفة فلم نذكرها "

وتحدث عن سبب نزولها فقال :
"وأما سبب نزولها ففي «المسند» والترمذي عن أبي سعيد الصاغاني محمد بن مبشر عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب أن المشركين قالوا للنبي (ص)انسب لنا ربك يا محمد؟ فأنزل الله {قل هو الله أحد} ورواه الترمذي من طريق عبيد الله بن موسى عن أبي جعفر عن الربيع عن أبي العالية مرسلا وقال هذا أصح من حديث أبي سعيد ورواه أبو يعلى الموصلي والطبراني وابن جرير من طريق شريح بن يونس عن إسماعيل بن مجالد عن مجالد عن الشعبي عن جابر أن أعرابيا جاء إلى رسول الله (ص)فقال انسب لنا ربك فأنزل {قل هو الله أحد} إلى آخرها وروي مرسلا
وروى عبيد بن إسحاق العطار عن قيس بن الربيع عن عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود قال قالت قريش لرسول الله (ص)انسب لنا ربك فنزلت {قل هو الله أحد} قال الطبراني ورواه الفريابي وغيره عن قيس بن عاصم عن أبي وائل مرسلا
وروى ابن أبي حاتم في «تفسيره» حدثنا أبو زرعة ثنا العباس بن الوليد ثنا يزيد بن زريع ثنا علي بن الحسين ثنا أبو عبد الله الحرشي ثنا أبو خلف عبد الله بن عيسى ثنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس أن اليهود جاءت إلى النبي (ص)منهم حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف فقالوا يا محمد صف لنا الذي بعثك؟ فأنزل الله {قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد} فيخرج منه الولد {ولم يولد} فيخرج من شيء "

وانتهى ابن رجب إلى أن كل أحاديث نزول السورة ضعيفة لا يؤخذ بخا فقال :
"قلت فتحصل بعد هذا أن أسباب النزول التي وردت في هذه السورة ضعيفة الإسناد مع اختلاف الأسباب الواردة في ذلك"
ثم ذكر التفسير فقال :
"وأما التفسير:
فقوله{قل} هذا افتتاح للسورة بالأمر بالقول كما في المعوذتين وسورة الجن
وقد سئل النبي (ص)عن المعوذتين فقال «قيل لي فقلت» وذلك إشارة منه أنه (ص)مبلغ محض لما يوحى إليه ليس فيه تصرف لما أوحاه الله إليه بزيادة ولا نقص وإنما هو مبلغ لكلام ربه كما أوحاه إليه فإذا قال {قل هو الله أحد} كان امتثالا للقول الذي قيل له بلفظه لا بمعناه و {هو} اسم مضمر قيل إنه ضمير الشأن وقيل لا
و {الله أحد} إن قيل هو ضمير الشأن فالجملة مبتدأ وخبر وإن قيل لا ففيه وجهان
أحدهما أن {هو} مبتدأ و {الله أحد} مبتدأ وخبر وهما خبر للمبتدأ الأول ولا حاجة فيه إلى ربط لأن الخبر هو المبتدأ بعينه
والثاني أن {هو} مبتدأ و {الله} خبره و {أحد} بدل منه
و {أحد} اسم من أسماء الله يسمى الله به ولا يسمى غيره من الأعيان به
فلا يسمى شيء من الأشياء أحدا في الإثبات إلا في الأعداد المطلقة
وإنما يسمى به في النفي وما أشبهه من الاستفهام والنهي والشرط كقوله {ولم يكن له كفوا أحد} وقوله {هل تحس منهم من أحد} [مريم 98]
وقوله {فلا تدعوا مع الله أحدا} [الجن 18] وقوله {وإن أحد من المشركين استجارك} [التوبة 6] ونحوه"

والتفسير السابق تفسير لغوى غير مفيد وتحدث عن الفرق اللغوى بين الواحد والأحد فقال :
"والأحد هو الواحد في إلهيته وربوبيته وفسره أهل الكلام بما لا يتجزأ ولا ينقسم فإن أريد بذلك أنه ليس مؤلفا مركبا من أجزاء متفرقة فصحيح أو أنه غير قابل للقسمة فصحيح وإن أريد أنه لا يتميز منه شيء عن شيء وهو المراد بالمجسم عندهم فباطل
قال ابن عقيل الذي يصح من قولنا مع إثبات الصفات أنه واحد في إلهيته لا غير
والأحد هو الواحد قال ابن الجوزي قاله ابن عباس وأبو عبيدة وفرق قوم بينهما
قال الخطابي الفرق بين الأحد والواحد أن الواحد هو المتفرد بذاته فلا يضاهيه أحد
والأحد المنفرد بصفاته ونعوته فلا يشاركه فيها أحد
وقيل بينهما فرق آخر وهو أن الأحد في النفي نص في العموم بخلاف الواحد فإنه محتمل للعموم وغيره فتقول ما في الدار أحد ولا يقال بل اثنان ويجوز أن يقال ما في الدار واحد بل اثنان
وفرق بعض فقهاء الحنفية بينهما وقال الأحدية لا تحتمل الجزئية والعددية بحال
والواحد يحتملها لأنه يقال مائة واحدة وألف واحدة ولا يقال مائة أحد ولا ألف أحد
وبني على ذلك مسألة محمد بن الحسن التي ذكرها في «الجامع الكبير» إذا كان أربع نسوة فقال والله لا أقرب واحدة منكن صار موليا منهن جميعا ولم يجز له أن يقرب واحدة منهن إلا بكفارة ولو قال والله لا أقرب إحداكن لم يصر موليا إلا من إحداهن والبيان إليه
وقال العسكري أصل أحد أوحد مثل أكبر وإحدى مثل كبرى فلما وقعا اسمين وكانا كثيري الاستعمال هربوا إلى الكسرة ليخف وحذفوا الواو ليفرقوا بين الاسم والصفة؛ وذلك أن أوحد اسم وأكبر منه
والواحد فاعل من وحد يحد وهو واحد مثل وعد يعد فهو واعد
سؤال قوله {الله أحد} ولم يقل الأحد كما قال الصمد
جوابه أن الصمد يسمى به غير الله كما يأتي ذكره فأتى فيه بالألف واللام ليدل على أنه – سبحانه – هو المستحق لكمال الصمدية فإن الألف واللام تأتي لاستغراق الجنس تارة ولاستغراق خصائص أخرى كقوله زيد هو الرجل أي الكامل في صفات الرجولة فكذلك قوله {الله الصمد} أي الكامل في صفات الصمدية
وأما الأحد فلم يتسم به غير الله فلم يحتج فيه إلى الألف واللام"

وكل هذا لا يهم قارىء القرآن أو سامعه فهو كلام لغوى ومن تفسر الكلمة بكون شىء واحد غير متبعض وكفى دون الدخول فى تلك الفروق اللغوية
وتحدث عن معنى الصمد ذاكرا خلافات القوم فقال :
"قوله {الله الصمد} أعاد الاسم المبتدأ تأكيدا للجملة وخبره {الصمد} وقيل هو نعت والخبر ما بعده
و {الصمد} اختلفت عبارات السلف في معناه وهي متقاربة أو متفقة والمشهور منها قولان
أحدهما أن {الصمد} هو السيد الذي تصمد إليه الخلق في حوائجهم ومطالبهم وهو مروي عن ابن عباس وغيره من السلف
قال ابن الأنباري لا خلاف بين أهل اللغة أن الصمد السيد الذي ليس فوقه أحد الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم وقال الزجاج هو الذي ينتهي إليه السؤدد فقد صمد له كل شيء أي قصد قصده وأنشدوا
لقد بكر الناعي بخير بنى أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
وأنشدوا أيضا
علوته بحسام ثم قلت له خذها حذيف فأنت السيد الصمد
وفي «تفسير ابن أبي حاتم» بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس قال الصمد الذي تصمد إليه الأشياء إذا نزل بهم كربة أو بلاء
وعن إبراهيم قال الذي يصمد إليه العباد في حوائجهم
وعن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال الصمد؛ السيد الذي قد كمل في سؤدده والشريف الذي قد كمل في شرفه والعظيم الذي قد كمل في عظمته والحليم الذي قد كمل في حلمه والعليم الذي قد كمل في علمه والحكيم الذي قد كمل في حكمته وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد وهو الله – سبحانه – هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفو وليس كمثله شيء سبحانه الله الواحد القهار
والقول الثاني أن الصمد الذي لا جوف له وأنه الذي لا يأكل ولا يشرب والذي لا حشو له وأنه الذي لا يدخل فيه شيء ولا يخرج منه شيء ونحو هذه العبارات المتقاربة في المعنى وروي ذلك عن ابن مسعود وقد سبق في حديث أبي هريرة المذكور في أول تفسير السورة والصمد الذي ليس بأجوف
وروي ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عبيد الله بن سعيد – قائد الأعمش – حدثني صالح بن حيان عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال لا أعلم إلا أنه قد رفعه قال «الصمد الذي لا جوف له»
وعن أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود قال الصمد ليس له حشاء
وروي عن ابن عباس أيضا وعكرمة الصمد الذي لا يطعم
وعنه الصمد الذي لم يخرج منه شيء
وعن الشعبي الصمد الذي لا يأكل ولا يشرب وعن مجاهد هو المصمت الذي لا جوف له
وقالت طائفة الصمد الذي لم يلد ولم يولد؛ كأنهم جعلوا ما بعده تفسيرا له وهو مما تقدم أنه الذي لم ينفصل من شيء وروي ذلك عن أبي بن كعب والربيع بن أنس
وتوجيه ذلك أن الولادة والتوليد إنما يكون من أصلين وما كان عينا قائما بنفسه من المتولدات فلا بد له من مادة يخرج منها وما كان عرضا قائما بغيره فلا بد له من محل يقوم به فالأول نفاه بقوله أحد فإن الأحد هو الذي لا كفو له ولا نظير فيمتنع أن يكون له صاحبة
والتولد إنما يكون بين شيئين وكونه تعالى أحدا ليس أحد كفوا له يستلزم أنه لم يلد ولم يولد لأن الوالد والولد متماثلان متكافئان وهو تعالى أحد لا كفو له
وأيضا فالتولد يحتاج إلى زوجة وهي مكافئة لزوجها من وجه وذلك أيضا ممتنع
ولهذا قال تعالى {أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة} [الأنعام 101] وقد فسر مجاهد الكفو هاهنا بالصاحبة
وأما الثاني وهو انفصال المادة فنفاه – سبحانه – بأنه الصمد وهو المتولد من أصلين ربما يتكون من جزئين ينفصلان من الأصلين كتولد الحيوان من أبيه وأمه بالمني الذي ينفصل منهما وكالنار المتولدة من بين الزندين سواء كانا خشبين أو حجرين وحديدا
وهو – سبحانه – صمد لا يخرج منه شيء منفصل عنه
والحيوان نوعان متوالد وهو ما ولده من جنسه وهو الإنسان وما يخلق من أبوين من البهائم والطير وغيرهما
ومتولد وهو ما يخلق من غير جنسه كدود الفاكهة والخل وكالقلم المتولد من الوسخ والفار والبراغيث وغير ذلك مما يخلق من التراب والماء إنما يتولد من أصلين أيضا كما خلق آدم من تراب وماء
وإلا فالتراب المحض الذي لم يختلط به ماء لا يخلق منه شيء لا حيوان ولا نبات والنبات جميعه إنما يتولد من أصلين أيضا
والمسيح – عليه السلام – خلق من مريم ونفخة جبريل وهي حملت به كما تحمل النساء وولدته فلهذا يقال له ابن مريم بخلاف حواء فإنها خلقت من ضلع آدم فلا يقال أنه أبوها ولا هي ولده وكذلك سائر المتولدات من غيرهما
كما أن آدم لا يقال أنه ولد التراب ولا الطين والمتولد من جنسه أكمل من المتولد من غير جنسه ولهذا كان خلق آدم أعجب من خلق أولاده
فإذا نزه الرب عن المادة العلق وهي التولد من النظير فتنزه به عن تولده من غير نظير أولى كما أن تنزيهه عن الكفو تنزيه له عن أن يكون غيره أفضل منه بطريق الأولى
فتبين أن ما يقال أنه متولد من غيره من الأعيان القائمة بنفسها لا يكون إلا من مادة تخرج من ذلك الوالد ولا تكون إلا من أصلين والرب تعالى صمد فيمتنع أن يخرج منه شيء وهو – سبحانه – لم يكن له صاحبة فيمتنع أن يكون له ولد
وأما تولد الأعراض كتولد الشعاع وتولد العلم عن الفكرة والشبع عن الأكل والحرارة عن الحركة ونحو ذلك
فهذا ليس من تولد الأعيان مع أن هذا لا بد له من محل ولا بد له من أصلين كالشعاع فإنه يحتاج إلى محاذاة جسم نوري لجسم آخر يقابله فينعكس عليه شعاعه
فقد تضمنت هذه السورة العظيمة نفي نوعين عن الله تعالى أحدهما المماثلة ودل على نفيها قوله تعالى {ولم يكن له كفوا أحد} مع دلالة قوله {قل هو الله أحد} على ذلك؛ لأن أحديته تقتضي أنه متفرد بذاته وصفاته فلا يشاركه في ذلك أحد
والثاني نفي النقائص والعيوب وقد نفى منها التولد من الطرفين
وتضمنت إثبات جميع صفات الكمال بإثبات الأحدية؛ فالصمدية تثبت الكمال المنافي للنقائص والأحدية تثبت الانفراد بذلك فإن الأحدية تقتضي انفراده بصفاته وامتيازه عن خلقه بذاته وصفاته والصمدية إثبات جميع صفات الكمال ودوامها وقدمها؛ فإن السيد الذي يصمد إليه لا يكون إلا متصفا بجميع صفات الكمال التي استحق لأجلها أن يكون صمدا وأنه لم يزل كذلك ولا يزال فإن صمديته من لوازم ذاته لا تنفك عنه بحال
ومن هنا فسر الصمد بالسيد الذي قد انتهى سؤدده وفسره عكرمة بالذي ليس فوقه أحد
وروي عن علي وعن كعب أنه الذي لا يكافئه أحد في خلقه
وعن أبي هريرة قال هو المستغني عن كل أحد المحتاج إليه كل أحد
وعن سعيد بن جبير قال هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله
وعن الربيع قال هو الذي لا تعتريه الآفات
وعن مقاتل بن حيان قال هو الذي لا عيب فيه
وعن ابن كيسان هو الذي لا يوصف بصفته أحد
وعن قتادة الصمد الباقي بعد خلقه وعن مجاهد ومعمر هو الدائم
وعن مرة الهمداني هو الذي لا يبلى ولا يفنى
وعنه أيضا هو الذي يحكم ما يريد ويفعل ما يشاء؛ لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه
فقد تضمنت هذه السورة العظيمة إثبات صفات الكمال ونفي النقائص والعيوب من خصائص المخلوقين من التولد والمماثلة
وإذا كان منزها عن أن يخرج منه مادة الولد التي هي أشرف المواد فلأن نزه عن خروج مادة غير الولد أولى وكذلك تنزيهه نفسه عن أن يولد فلا يكون من مثله تنزيه له عن أن يكون من سائر المواد بطريق الأولى فمن أثبت لله ولدا فقد شتمه وقد ثبت في «صحيح البخاري» عن أبي هريرة عن النبي (ص)قال «يقول الله عز وجل كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد»
وفي «صحيح البخاري» أيضا عن ابن عباس عن النبي (ص)قال «قال الله عز وجل كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان وأما شتمه إياي فقوله لي ولد فسبحاني أن اتخذ صاحبة أو ولدا»
وقد رد الله على من زعم أنه لا يعيد الخلق وعلى من زعم أنه له ولد كما تضمنه هذا الحديث في قوله {ويقول الإنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حيا} [مريم 66] إلى قوله {لقد جئتم شيئا إدا} [مريم 89]
وفي «صحيح البخاري» أيضا عن النبي (ص)قال «لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله إنهم يجعلون له ولد وهو يرزقهم ويعافيهم»
فهذه السورة الكريمة تضمنت نفي ما هو من خصائص آلهة المشركين عن رب العالمين حيث جاء في سبب النزول أنهم سألوا النبي (ص)عن ربه أي شيء هو؟ أمن كذا أم من كذا أو ممن ورث الدنيا ولمن يورثها حيث كانوا قد اعتادوا آلهة يلدون ويولدون ويرثون ويورثون وآلهة من مواد مصنوعة منها فأنزل الله هذه السورة"

والصمد هو الباقى الحى الذى لا يموت وليس كل كل تلك الخلافات التى لا نهاية لها والتى استغرقت عشرات الصفحات وهذا لا يهم تالى القرآن فى شىء
وتحدث عن كونه لا يلد ولا يولد فقال :
"وفي «المسند» من حديث أبي بن كعب بعد ذكر نزولها لأنه ليس أحد يولد ولا أحد يرث إلا يورث يقول كل من عبد من دون الله وقد ولد مثل المسيح والعزير وغيرهما من الصالحين ومثل الفراعنة المدعين الإلهية فهذا مولود يموت وهو إن كان قد ورث من غيره ما هو فيه فإذا مات ورثه غيره والله – سبحانه – حي لا يموت ولا يورث سبحانه وتعالى والله أعلم
سؤال نفى سبحانه الولادة قبل نفي التولد والتولد أسبق وقوعا من الولادة في حق من هو متولد
وجوابه أن الولادة لم يدعها أحد في حقه – سبحانه – وإنما ادعوا أنه ولد فلذلك قدم نفيه لأنه المهم المحتاج إلى نفيه
سؤال آخر كيف نفى أن يكون مولودا ولم يعتقده أحد؟
جوابه من وجهين
أحدهما أنهم سألوا عمن ورث الدنيا؟ ولمن يورثها؟ وهذا يشعر بأن منهم من اعتقد ذلك
والثاني أنه نفى عن نفسه – سبحانه – خصائص آلهة المشركين فإن منهم من عبد المسيح ومنهم من عبد العزير وهما مولودان ومنهم من عبد الملائكة والعجل وهي متولدات وقد تقدم أن نفي الولادة تدل على نفي المتولد بطريق الأولى
فائدة قال ابن عطية {كفوا} خبر كان واسمها أحد والظرف ملغي وسيبويه يستحسن أن يكون الظرف إذا تقدم خبرا
ولكن قد يجيء ملغيا في أماكن يقتضيها المعنى كهذه الآية وكقول الشاعر أنشده سيبويه
ما دام فيهن فصيل حيا
ويحتمل أن يكون {كفوا} حالا لما قدم من كونه وصفا للنكرة كما قال كثير لعزة
لمية موحشا طلل
قال سيبويه وهذا نقل في الكلام وبابه الشعر
فهذه السورة تتضمن انفراده ووحدانيته وأنه منقطع النظير وأنه إنما نزه عن أن يكون من أجناس المخلوقات لأن أفراد كل جنس من هذه الأجناس متكافئة مماثلة الذهب يكافئ الذهب والإنسان يكافئ الإنسان ويزاوجه ولهذا قال تعالى {ومن كل شيء خلقنا زوجين} [الذاريات 49] فما من مخلوق إلا ولهو كفو هو زوجه ونظيره وعدله ومثيله فلو كان الحق من جنس شيء من هذه الأجناس لكان له كفو وعدل وقد علم انتفاؤه بالشرع والعقل
فهذه السورة هي نسب الرحمن وصفته وهي التي أنزلها الله في نفي ما أضاف إليه المبطلون من تمثيل وتجسيم وإثبات أصل وفرع فدخل فيها ما يقوله من يقوله من المشركين والصابئة وأهل الكتاب ومن دخل فيهم من منافقي هذه الأمة من تولد الملائكة أو العقول أو النفوس أو بعض الأنبياء أو غير الأنبياء
ودخل فيها ما يقوله من يقوله من المشركين وأهل الكتاب من تولده عن غيره كالذين قالوا في المسيح أنه الله والذين يقولون في الدجال أنه الله والذين يقولون ذلك في علي وغيره
ودخل ما يقوله من يقول من المشركين وأهل الكتاب من إثبات كفو له في شيء من الأشياء مثل من يجعل له بتشبيهه أو بتجسيمه كفوا له أو يجعل له بعبادة غيره كفوا أو يجعل له بإضافة بعض خلقه إلى غيره كفوا فلا كفو له في شيء من صفاته ولا في ربوبيته ولا في إلهيته
فتضمنت هذه السورة تنزيهه وتقديسه عن الأصول والفروع والنظراء والأمثال
وليس في المخلوقات شيء إلا ولا بد أن ينسب إلى بعض هذه الأعيان والمعاني فالحيوان من الآدمي وغيره لا بد أن يكون له إما والد وإما مولود وإما نظير هو كفؤه وكذلك الجن والملائكة كما قال تعالى {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون} [الذاريات 49]
قال بعض السلف {لعلكم تذكرون} فتعلمون أن خالق الأزواج واحد قال تعالى {والشفع والوتر} [الفجر 3] قال مجاهد كل شيء خلقه الله فهو شفع قال تعالى {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون} [الذاريات 49] الكفر والإيمان والهدى والضلالة والشقاوة والسعادة والليل والنهار والسماء والأرض والبر والبحر والشمس والقمر والجن والإنس والوتر الله تبارك وتعالى
وهو الذي ذكره البخاري في «صحيحه» فإنه يعتمد قول مجاهد لأنه أصح التفسير قال الثوري إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به واختاره الشيخ/ مجد الدين ابن تيمية"

وتحدث عن معنى الكفؤ فقال :
"وحقيقة الكفؤ هو المساوي والمقاوم؛ فلا كفو له تعالى في ذاته ولا في صفاته ولا في أسمائه ولا في أفعاله ولا في ربوبيته ولا في إلهيته ولهذا كان الإيمان بالقدر نظام التوحيد كما قال ابن عباس لأن القدرية جعلوا له كفوا في الخلق
وأما توحيد الإلهية فالشرك فيه تارة يوجب الكفر والخروج من الملة والخلود في النار ومنه ما هو أصغر كالحلف بغير الله والنذر له وخشية غير الله ورجائه والتوكل عليه والذل له وقول القائل ما شاء الله وشئت
ومنه ابتغاء الرزق من عند غير الله وحمد غيره على ما أعطى والغنية بذلك عن حمده ومنه العمل لغير الله وهو الرياء وهو أقسام
ولهذا حرم التشبه بأفعاله بالتصوير وحرم التسمي بأسمائه المختصة به كـ (الله) و (الرحمن) و (الرب)
وإنما يجوز التسمية به مضافا إلى غير من يعقل وكذلك الجبار والمتكبر والقهار ونحو ذلك كالخلاق والرزاق والدائم ومنه ملك الملوك وقد جعل ابن عقيل التسمية بهذا مكروهة
قال ابن عقيل كل ما انفرد به الله كـ (الله) و (رحمن) و (خالق) لا يجوز التسمي به وكلما وجد معناه في الآدمي فإن كان يوجد تكبرا كالملك العظيم والأعظم وملك الملوك والجبار فمكروه والصواب الجزم بتحريمه
فأما ما يتسمى به المخلوقون من أسمائه كالسميع والبصير والقدير والعليم والرحيم فإن الإضافة قاطعة للشركة وكذلك الوصفية فقولنا زيد سميع بصير لا يفيد إلا صفة المخلوق وقولنا الله سميع بصير يفيد صفته اللائقة به فانقطعت المشابهة بوجه من الوجوه ولهذا قال تعالى {هل تعلم له سميا} [مريم 65]
وفيه قولان أحدهما نفي التسمية
والثاني نفي المساواة وقد نفى – سبحانه – عن نفسه المثلية بقوله {ليس كمثله شيء} [الشورى 11] ونفى عن العدل والتسوية بقوله {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} [الأنعام 1] وقوله {قالوا وهم فيها يختصمون * تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين} [الشعراء 96 - 98] ونفى عنه الند بقوله {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} [البقرة 22] وقوله {أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا} [فصلت 9]

وفي الحديث أي الذنب أعظم؟ قال «أن تجعل لله ندا وهو خلقك» وقال للذي - قال له ما شاء الله وشئت - «أجعلتني لله ندا؟» وفي رواية «أجعلتني لله عدلا»
وقال كعب السموات السبع والأرضون السبع أسست على هذه السورة {قل هو الله أحد}
ومعنى هذا – والله أعلم – أن السموات والأرض إنما خلقت بالحق والعدل والتوحيد كما قال {وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين * ما خلقناهما إلا بالحق} [الدخان 38 39]"

قطعا لا يمكن أن يكون تفسير سطر مئات أو آلاف السطور فهذا تضييع لوقت الناس وادخالهم فى متاهات لا طائل منها وإنما التفسير يكون بألفاظ سهلة لا تتعدى صفحة مثل :
سورة الإخلاص
سميت بهذا الاسم وهو من النوادر فى القرآن كالفاتحة حيث لم يذكر فى السورة .
"بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد "المعنى بحكم الرب النافع المفيد قل هو الله واحد الرب الباقى لم ينجب ولم ينجب ولم يكن له ندا أحدا،يبين الله لنبيه (ص)أن اسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو أن يقول للناس :الله أحد والمراد واحد لا ثانى له ،الله الصمد أى الله الحى الذى لا يموت ،لم يلد أى لم ينجب أولادا ولم يولد والمراد ولم ينجبه أحد ،ولم يكن له كفوا أحد والمراد ولم يكن له ندا أحدا وهذا يعنى عدم وجود مثيل له والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس

 

الأربعاء، 30 أكتوبر 2024

نظرات فى محاضرة المسيح(ص) وأمه معالم وبراهين

نظرات فى محاضرة المسيح(ص) وأمه معالم وبراهين
المحاضر أحمد بن حمد الخليلي والمحاضرة اعتذر فى أولها الخليلى بأنه لم يعدها وإنما هو حديث خواطر مختلفة بدون سابق إعداد وكان أول المحاضرة كلام كثير عن هذا ألأمر وقد ارتأيت أن أبدا النظر فى المحاضرة عند كلامه عن المسيح(ص) وأمه حسب ما جاء فى القرآن
وقد تحدث الخليلى عن أن الله لا حاجة له ولد ينسب له باعتبار أن النصارى يعتقدون كون المسيح ولد الله تعالى عن ذلك فقال :
"الله تبارك وتعالى وهو الأزلي الذي لا أول له وهو الأبدي الذي لا آخر له، فهو سبحانه وتعالى وجوده سابقٌ على وجود غيره وهو غير محدود بأمد لا في البداية ولا في النهاية فوجوده غير مسبوق بعدم ولن يأتي من بعده عدم، إذن كيف يكون الله تبارك وتعالى بحاجة إلى الولد؟!!! تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً فالقرآن الكريم نفى عن الله تبارك وتعالى اتخاذ الصاحبة والولد، وفي معرض النفي - نفي اتخاذ الولد - بيّن أنه كيف يكون له ولد ولم تكن له صاحبة - سبحانه وتعالى."
وتحدث عن كون المسيح (ص)عبد من البشر مثل غيره فقال :
" والمسيح (ص) هو عبدٌ من عباد الله، هو من جنس البشر تسلسل من آدم (ص) إلى مريم العذراء، فهو - (ص) - كسائر البشر. "
وتحدث عن المعتقد النصرانى فيه فقال :
"على أن الذين قالوا بأن الله سبحانه وتعالى اتخذه ولداً زعموا بأنه اتخذه ولداً وأنزله إلى الأرض وجعل مريم تحمله ثم تلده من أجل أن يكون سبباً لتكفير خطيئة البشر التي ارتكبها آدم (ص). ولننظر، قبل كل شيء ما هي هذه الخطيئة؟ هذه الخطيئة التي يزعمونها إنما هي أكل آدم وحواء - عليهما السلام - من الشجرة التي نهاهما الله سبحانه وتعالى أن يقتربا منها، ولا ريب أن في أكلهما مخالفة لأمر الله سبحانه وتعالى"
ودافع الخليلى عن آدم (ص) مبينا أنه كان ناسيا لأمر ونهى الله وليس متعمدا فقال :
"ولكن قبل كل شيء نجد أن القرآن الكريم يثبت أن آدم (ص) نسي عندما أقدم على هذا الشيء " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً "، فالله سبحانه وتعالى برّأه من التعمد لارتكاب الخطيئة إذ قال بأنه نسي ولم يكن ما ارتكبه عمداً منه. فهذه الخطيئة إن سميت خطيئة إنما ذلك من باب أن يُقال بأن حسنات الأبرار سيئات المقربين، ذلك لأن آدم هو صفي الله وقد كان حريّاً بأن يكون ذاكراً لعهد ربه حريصاً على تذكره باستمرار، وقد حذره الله سبحانه وتعالى من مكائد الشيطان ونهاه عن قربان تلك الشجرة."
وقد أخطأ الخليلى فى ذلك فلم يكن ألأمر نسيانا وارتكابا لذنب غير متعمد لقوله تعالى :
" فعصى آدم ربه فغوى "
وبدليل اعتراف الأبوين بذنبهما واستغفارهما كما قال تعالى :
"قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين"
وكيف يكون نسيان وشهوة النفس وهى الشيطان ذكرتهما بنهى الله لهما عندما دعتهما للكل " ما نهاكما ربكما عن تلكما الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو من الخالدين"
فهذا تذكير من الشهوة بأن الله نهاهما وهذا ليس له معنى سوى التعمد وليس النسيان
وتحدث عن معتقد النصارى فى قتل وصلب المسيح(ص) فقال :
"هذه الخطيئة عندما تُقرن بقتل النفس ماذا عسى أن يكون قدرها؟! وعندما تكون هذه النفس هي نفس ابن الله سبحانه وتعالى، كيف يكون قتل ابن الله سبحانه وتعالى وصلبه كفارةٌ لتلك الخطيئة التي ارتكبت عن غير عمد؟!! هذه قضية يدركها العاقل من أول وهلة لأنها مرفوضةٌ فطرةً وعقلاً. على أن أولئك الذين زعموا أن المسيح (ص) هو ابنٌ لله سبحانه وتعالى يعترفون أحياناً يعترفون أحياناً بأنه عبد ويعترفون بأنه إنسان من الجنس البشري، ويدّعون مع ذلك تارةً أنه ابنٌ لله وتارةً أخرى يقولون هو الله. والأناجيل الأربعة المحرفة جاءت بهذا التناقض العجيب، ففي أحدها هو عبد وفي الثاني هو إنسان وفي الثالث هو ابنٌ لله وفي الرابع هو الله. ثم في تقديم المقدم لهذه الأناجيل جاء بأنه لا تناقض ما بين هذا الذي قيل فيها، فهذا العبد هو ذلك الإنسان وهو ذلك الابن وهو الله تعالى الله عن ذلك، فكيف يكون هذا الإنسان هو الله أو ابنٌ لله؟!!!
وحديث الخليلى أن كل سفر من الأربعة قال فى المسيح(ص) قولا غير الأخر خطأ فكل الأسفار تقريبا تحدثت عن بنوته وكونه إنسان بشرى وكونه ابن لله وكونه إله فلم يختص واحد منهم بادعاء معين فمثلا كونه ابن الله نجده فى الأربعة:
18: 10 انظروا لا تحتقروا احد هؤلاء الصغار لاني اقول لكم ان ملائكتهم في السماوات كل حين ينظرون وجه ابي الذي في السماوات" متى"
18: 35 فهكذا ابي السماوي يفعل بكم ان لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لاخيه زلاته" متى"
26: 53 اتظن اني لا استطيع الان ان اطلب الى ابي فيقدم لي اكثر من اثني عشر جيشا من الملائكة" متى"
1: 1 بدء انجيل يسوع المسيح ابن الله "مرقس"
22: 70 فقال الجميع افانت ابن الله فقال لهم انتم تقولون اني انا هو"لوقا
1: 18 الله لم يره احد قط الابن الوحيد الذي هو في حضن الاب هو خبر"يوحنا"
وتحدث عن أن أساقفة النصارى تحيروا بسبب الكتب وهى الأسفار فقال :
"وكيف يكون هذا العبد هو الله سبحانه وتعالى أو هو ابناً لله؟!!! وعرضت هذه القضية على الأساقفة من النصارى وطلبت منهم الإجابة عن هذه المشكلة وقد حاولوا أن يلفوا ويدوروا حول ذلك ولكنهم ما استطاعوا أن يأتوا بشيء وقالوا بأن العقل يقف حائراً أمام هذا الأمر وما على العقل إلا أن يستسلم لما جاء به الدين.. ولكن كيف يكون هذا الدين مناقضاً للعقل؟!!!."
وتحدث الخليلى عن كون القرآن أثبت الحقايق عن المسيح(ص) وهو كونه عبد لله ونفيه أن يكون ابن زنى كما قالت اليهود أو يكون ابنا لله أو إلها فقال :
"ونحن عندما نقلب صفحات القرآن الكريم لنتأمل الآيات الكريمة، آيات الله تعالى المنزلة، نجد أن الله سبحانه وتعالى يقرن الحقائق التي يعرضها فيما يتعلق بجانب الألوهية بالأدلة العقلية بما تستسيغه العقول وتقبله الفِطَر ولا تجد إلا أن تُسلّم له تسليماً. والقرآن الكريم جاء بالوسطية فهو لم يغالي في المسيح وأمه حتى يصفهما بصفات الألوهية وهو أيضاً لم يغمطهما حقهما ولم يرمهما بالتهم حتى يجعلهما شيطانين من البشر، فالقرآن الكريم كرّم المسيح (ص) وكرّم أمه عليها السلام ونزلت في القرآن الكريم سورة سميت باسم مريم عليها السلام تخليداً لذكراها وتنويهاً بعفتها وبياناً لقدرها. كذلك نجد في هذه السورة وفي سورٍ متعددة في القرآن الكريم ذكر المسيح (ص) بأحسن الأوصاف ولكن مع ذلك لم يخرج المسيح في وصف القرآن عن كونه عبداً لله تعالى ولم تخرج مريم العذراء عليها السلام عن كونها أمةً لله سبحانه وتعالى. فاليهود جعلوا مريم بغيّة - كرمها الله ونزهها -، وجعلوا المسيح (ص) ابن زنى - كرمه الله تعالى ونزهه عن ذلك -. والنصارى غالوا فيهما حتى جعلوا المسيح ابناً لله أو جعلوه أنه هو الله، ورفعوا منزلته إلى مقام الألوهية ووصفوه بما وصفوه به من الصفات التي لا تليق بالإنسان، مع أنهم في ذلك - كما قلت - متناقضون، فقبل كل شيء كيف يمكن أن يكون هذا الذي يُوصَف بصفات الألوهية كيف يمكن أن تجتمع فيه صفات الألوهية وصفات البشرية معاً؟!! "
وتحدث عن تناقض النصارى فى أمر صفات المسيح(ص) فقال :
"والنصارى هم مختلفون بأنفسهم في هذا الأمر .. هل صفات الناسوتية ذابت في صفات الألوهية في المسيح (ص) حتى لم تبق فيه صفة الناسوتية أو أنها ازدوجت صفات الناسوتية وصفات الألوهية فكان ناسوتياً لاهوتياً في نفس الوقت؟ هذا أمر اختلفوا فيه، وقد أدى الخلاف في الكنائس النصرانية إلى الصراع بين طائفتين مختلفتين في الاعتقاد في هذا الأمر، أدى الأمر إلى صراعٍ ليس صراعاً جدلياً فحسب بل كان صراعاً دموياً عسكرياً دام فترةً من الوقت."
وتحدث الخليلى عن أنه طرح على بعض النصارى أسئلة فى مسألة الصفات ولم يجيبوا عنها فقال :
"ومما طرحته على بعض هؤلاء الذين ينتسبون إلى هذا الدين من الأسئلة: هل المسيح (ص) عندما حملته مريم كان بشراً خالصاً أو أنه كان متصفاً بصفات الألوهية في نفس الوقت؟ فأثبتوا أنه كان متصفاً بصفات الألوهية. وسألتهم: هل كان المسيح (ص) قبل ذلك موجوداً قبل أن تحمله مريم عليها السلام أو أنه خُلِق خلقاً جديداً؟ فادّعوا أنه كان موجوداً من قبل.وهذا من التناقض العجيب، كيف يكون هذا الذي فيه صفات الألوهية والذي تحمله امرأة في رحمها ثم تلده كما تلد سائر النساء بمخاض كيف يمكن أن يكون متصفاً بصفات الألوهية؟!! هذا أمرٌ عجيب."
وتحدث عن القرآن أعلن أن المسيح(ص) مجرد بشرى وهو رسول من رسل الله(ص) فقال :
"القرآن الكريم أثبت قبل كل شيء أن الله سبحانه وتعالى كرّم المسيح (ص) بالرسالة وأنه قد خلت من قبله الرسل فهو ليس بدعاً من الرسل وأن مريم عليها السلام هي صدِّيقة، فهي وفية قائمة بأمر الله من أولياء الله تعالى المتقين الأبرار، يقول الله سبحانه وتعالى : " ما المسيح بن مريم إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام "، فهما كسائر البشر كانا يأكلان الطعام، كانا بحاجة إلى الغذاء بل لم يكونا كالملائكة الذين هم ليسوا بحاجة إلى غذاء مادي، وإنما كانا بحاجة إلى غذاء مادي، فكيف يكون الذي بحاجة إلى غذاء مادي كيف يكون إلهاً أو ابناً لله ومعنى كونه ابناً لله أنه جزءٌ من الله انفصل عنه سبحانه وتعالى عن ذلك؟!!. "
وتحدث عن أن القرآن نفى على لسان المسيح(ص) الألوهية والبنوة وغير هذا فقال:
"والله سبحانه وتعالى يبين في كتابه الكريم أن المسيح (ص) تبرأ نفسُه مما وُصِف به من صفات الألوهية، فقد قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه العزيز : " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح عيسى بن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة "، نجد أن المسيح هنا يتبرأ مما نُسِب إليه ويدعو بني إسرائيل إلى أن يعبدوا الله الذي هو ربه وربهم، ثم يخيفهم عاقبة الإشراك ويبين أن من أشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار. ويقول الله سبحانه وتعالى : " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم قل فمن يملك من الله شيئاً إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم وأمه ومن في الأرض جميعاً "، فلو أراد الله سبحانه وتعالى إهلاك المسيح بنقمةٍ منه أو إهلاك أمه أو إهلاك من في الأرض جميعاً لو أراد تعذيبهم من يملك دفع ذلك؟!! بهذا يتبين أن المسيح (ص) ما هو إلا عبدٌ لله تعالى خاضعٌ منيبٌ، وأنه (ص) هو بحاجة إلى رحمة الله تعالى وبحاجة إلى عفوه - عز وجل -، وبحاجة إلى لطفه، فمن الذي يدفع عنه المكروه إلا الله؟!! ولو كان هو إلهاً لكان قادراً على دفع المكروه عنه بنفسه، ولو كان هو ابناً لله سبحانه وتعالى لكان متصفاً بصفات الألوهية لأن الابن يكون من جنس أبيه، فبما أن الأب إله وله ابن - تعالى الله عن ذلك - لا بد من أن يكون الابن أيضاً متصفاً بصفات الألوهية، ومن كان متصفاً بصفات الألوهية فهو قادرٌ على كل شيء لا يحتاج إلى غيره لدفع المكروه عنه."
وتحدث عن إثبات القرآن أن المسيح(ص) بشر خرج من رحم امرأة من بين الدماء فقال :
" وما يتشبثون به من كونه خُلق من غير أب وكان حمله بطريقةٍ لا بالطريقة المألوفة عند البشر جاء القرآن الكريم بما ينقض ذلك إذ الله سبحانه وتعالى أثبت أنه (ص) إنما كان بكلمة من الله، فالله سبحانه وتعالى يحكي بشارة الملائكة لمريم العذراء عليها السلام " إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمةٍ منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين * ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين *"، وهي بنفسها تعجبت من ذلك كيف يكون لها ولدٌ ولم يمسها أحد من البشر " قالت أنّى يكون لي ولدٌ ولم يمسسني بشرٌ قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون "، فهو كان بهذه الكلمة الإلهية، كلمة " كن " التي أوجدته من عدم كما أوجدت هذا الكون الذي لم يكن له أصلٌ من قبل في الوجود وإنما حدث بأمر الله سبحانه وتعالى بقوله: " كن "، " إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون "، ذلك أمر الله سبحانه. فهو كلمة، عُبِّر عنه بالكلمة لأن خلقه كان بسبب هذه الكلمة من الله تبارك وتعالى، وإلا فهو بشر ولكن خلقه لم يكن بطريقةٍ طبيعيةٍ مألوفةٍ عند البشر وإنما كان بما يخرق نواميس هذا الكون، والله سبحانه وتعالى هو الذي أوجد هذه النواميس وعندما يريد خرقها فإن ذلك مقدورٌ عليه، إذ هو سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، فمن قدر على إيجاد هذه النواميس الكونية هو قادرٌ على تبديلها متى شاء بما يريد عز وجل. وبيّن أن ذلك ليس ببدعة، فلئن كان خُلِق بغير أب فآدم (ص) خُلق من غير أبٍ ومن غير أم، يقول الله تعالى: " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من ترابٍ ثم قال له كن فيكون "، فعيسى (ص) خُلق كما خُلق آدم (ص) من غير أن يكون خلقه بطريقةٍ طبيعية بتلاقي الخليتين: الخلية الذكرية والخلية الأنثوية، وإنما كان بمجرد كلمة " كن "، فهو مشابهٌ لآدم من حيث الحيثية، أما من حيث كونه حملته أمه ووضعته أمه فهو يختلف عن آدم في ذلك."
وتحدث عن أن القرآن نفى على لسان المسيح (ص) كونه إلها هو وأمه فقال :
"والله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه أن عيسى (ص) تنصل وتبرأ مما نسبه إليه هؤلاء الذين ألصقوا به من الصفات ما لا يليق بالبشر، فالله سبحانه وتعالى يقول: " وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما نفسي ولا أعلم ما نفسك إنك أنت علام الغيوب * ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن يعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيءٍ شهيد * "، فقد تبرأ من ذلك وبيّن أنه ما قال لهم إلا " اعبدوا الله ربي وربكم "، وأنه ليس له الحق أن يدعي ذلك، وأنه لو كان قال ذلك لعلمه الله تعالى، فإنه يعلم ما في طوايا نفسه وما في خفايا ضميره، بينما هو لا يعلم من علم الله شيئاً إلا ما علمه سبحانه وتعالى، وهذا مما يدل أيضاً على أنه عبدٌ، فمن كان لا يحيط بكل شيٍ علماً إنما هو متصفٌ بصفات العبودية وليس متصفاً بصفات الربوبية إذ الربوبية تقتضي الإحاطة بكل شيءٍ علماً."
وتحدث الخليلى عن أن القرآن نهى النصارى وغيرهم عن الغلو فى المسيح(ص) وغيره فقال :
"والله سبحانه وتعالى أقام الحجة في كتابه على أهل الكتاب الذي غلوا في المسيح (ص)، فقال لهم : " يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قومٍ قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل "، وقال: " يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرٌ لكم إنما الله إلهٌ واحد "؛ نجد أن الله سبحانه وتعالى خاطب أهل الكتاب بما يدحض ما كانوا يزعمونه من أن المسيح (ص) هو ابنٌ لله سبحانه وأن الله ثالث ثلاثة وينهاهم عن الغلو..قبل كل شيء ينهاهم عن الغلو في الدين ويأمرهم أن لا يقولوا على الله إلا الحق ويبين أن المسيح (ص) إنما هو رسولٌ من عند الله، فهو جاء ليبلغ رسالة الله كما جاء من قبله من الرسل بتليغ رسالة الله، وأنه كلمةٌ من الله ورحٌ منه، ويأمرهم أن يؤمنوا برسله الإيمان الصحيح الذي لا يرفع هؤلاء المرسلين إلى درجات الألوهية، فإن المرسلين إنما هم عبادٌ لله وإن تميزوا بما تميزوا به من رجحان العقل وصفاء النفس وطهارة السريرة وقوة البصيرة ونفاذ العقل، إلا أنهم لا يتعدون طور العبودية ولا يتصفون بشيءٍ من صفات الألوهية. يأمر الله سبحانه وتعالى أهل الكتاب أن يلتزموا المنهج الصحيح وأن لا يقولوا على الله إلا الحق، فالمسيح بن مريم إنما هو رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم، كلمة " كن " التي وُجد بسببها وكان ذلك بما شاء الله سبحانه وتعالى أن يكون من نفخ رسول الله الذي جاء إلى مريم وهو روحٌ منه سبحانه وتعالى أرسله رسولاً إلى مريم من أجل أن ينفخ فيها حتى تحمل بعيسى (ص) كما أراد الله تبارك وتعالى. "
وانتهى الخليلى إلى ما جاء في القرآن عن المسيح(ص) هو المعتقد الصحيح فقال :
"فإذن يتبين من ذلك كله أن ما جاء به القرآن الكريم من الاعتقاد الصحيح في عيسى (ص) إنما هو القول الحق وهو القول الوسط فهو لم يحط من قدره وقدر أمه حتى يجعله زنيماً ويجعل أمه بغياً كما قالت اليهود، وهو أيضاً لم يرفع قدره إلى مرتبة الربوبية أو لم يصفه أنه ابنٌ لله كما زعم أولئك الزاعمون. "

وتحدث عن أن المعتقد النصرانى يشابه المعتقدات الوثنية خاصة البوذية فى عقايد الثالوث وتاريخ الميلاد ... معتمدا فى ذلك على ما قاله الشاعر القروى الخورى النصرانى فقال :
"على أن الإنسان العاقل عندما ينظر في هذه المزاعم يجد أن هذه المزاعم انتقلت إلى هذه الديانة التي نُسبت إلى المسيح (ص) والمسيح براءُ منها ومن اعتقادها من الوثنيات التي كانت من قبل، وحتى ما يقال من أن ميلاده كان في اليوم الخامس والعشرين (25) من الشهر الثاني عشر (12) في فصل الشتاء قبل أكثر من عشرين عاماً كتاباً يتحدث عن هذه الديانة وما فيها من التناقضات العجيبة وعن ارتباطها بالديانات الوثنية، وقال مؤلف الكتاب بأنه مما ثبت أن البوذيين كانوا يعتقدون في بوذا أيضاً أنه ولد في اليوم الخامس والعشرين من هذا الشهر، وكذلك عقيدة التثليث كانت موجودة عند البوذيين، وكذلك عقيدة الفداء كانت موجودة عند البوذيين، فهذا خليطٌ جاءوا به من هنا وهناك. وقبل فترةٍ من الزمن، قبل أكثر من عشرين عاماً وبالتحديد في عام 1977م، كتب أحد علماء النصارى العرب اللبنانيين وأدبائهم وصية نشرتها مجلة الرسالة اللبنانية، هذا العالم الأديب هو الشاعر المعروف بالشاعر القروي وكان معروفاً أيضاً بالخوري، قال في وصيته هذه: ( لقد أثبتت المصارد التأريخية أن يسوع المسيح (ص) كان يعبد الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، واستمر على ذلك أتباعه إلى نهاية القرن الثالث الميلادي عندما تنصر قسطنطين عاهل الروم، فأدخل في النصرانية بدعة التثليث، ومالأه على ذلك بعض الأساقفة وعلى رأسهم مكاريوس الذي لقب نفسه أرثوذكس - أي مستقيم الرأي -، وقد عارضه سائر الأساقفة وعلى رأسهم آريوس، وعُقدت مجامع للحوار فاز فيها آريوس بالحجة القاطعة والحق اليقين، ولكن السلطة التي هي مصدر البلاء وضعت ثقلها في الميزان فأسكتت صوت الحق وظل الحق يتململ في قيده منتظراً آريوساً جديداً )، ثم يقول: ( وكم أتمنى وأنا الأرثوذكسي المولد أن يكون هذا الآريوس بطريركاً بطلاً ينفي عن ديننا وصمةً ألصقها به غرباء غربيون، وكثيراً ما كان الغرب مصدر بلاءنا الديني والسياسي معاً..)، ثم أتبع ذلك قوله : ( وتصديقاً مني برسالة نبينا العربي وإيماناً مني بمعجزته القرآن أردت أن أكون قدوةً لإخواني أدباء النصرانية فأدخل في دين الله، ولكنني رأيت إصلاح ديننا الأول خيرٌ من الانتقال عنه إلى دين جديد، وكخطوةٍ في هذا السبيل أُعلن عن عزوفي عن أرثوذكسيتي المكاروسية إلى أرثوذكسيتي الآريوسية...) إلى آخر ما جاء في وصيته هذه، وقد كتب هذه الوصية بعدما بلغ من العمر تسعين عاماً. ونجد في كلامه ما يدل: أولاً أن الديانة النصرانية وعقيدتها الثالوثية إنما هي بعيدة عما جاء به المسيح (ص)، وأن المسيح (ص) إنما جاء بعقيدة الوحدانية، كان يعبد الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
ثانياً: أن هذه العقيدة - عقيدة التثليث - إنما جاءت من الغرب الوثني عندما تنصّر قسطنطين بعدما كان أباطرة الروم ضد هذه الديانة، ضد ديانة المسيح (ص) وما جاء به من الحق من عند الله، حتى أنهم كانوا ينكلون بأتباع هذه الديانة تنكيلاً، ونقل هذا الإمبراطور المتنصر إلى النصرانية مخلفات ديانته الأولى من الوثنية.
ثالثاً: أن أصحاب البصائر من أتباع المسيح (ص) عارضوا ما جاء به هذا الحاكم المتنصر وما وافقه عليه الذين مالأوه بسبب طمعهم ورغبتهم فيما عنده من المال، وأن الحجة وضحت للناس عندما عُقدت مجامع للحوار، وكان فيما أحسب المجمع الذي أُلِّه فيه المسيح هو مجمع نيقيّه وهذا المجمع كان على رأس القرن الثالث أو بعد القرن الثالث، هذا يعني أن مدة ثلاث قرون مضت والمسيح (ص) لم يُألَّه عند أتباعه. والذين عارضوا، وعلى رأسهم آريوس، فازوا بالحجة القاطعة والحق اليقين إذ أبلجت حجتهم وأفلست حجة أولئك الذين مالأوا من مالأوه من هؤلاء الذين نقلوا إلى هذه الديانة ما كان في دياناتهم الأولى من عقائد الوثنية. ولكن السلطة قد كانت هي مصدر البلاء لأنها هي التي نقلت هذا المعتقد إليهم وضعت ثقلها في الميزان وأسكتت أصوات أولئك الذين كانوا يعارضون ما جاءوا به من هذا الهراء الوثني وظل الحق يتململ ينتظر من يدافع عنه ومن يبلج حجته، وقد أبلج الله تبارك وتعالى حجة الحق ببعثه عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم ليقيم الحجة على الناس، فانتظار آريوس جديد يأتي من أجل أن تنبلج الحجة ومن أجل أن يظهر الحق ومن أجل أن يقوى صوت الإيمان إنما هو انتظارٌ مفروغ منه، فقد سبق الحق ظهوره بمجيء عبد الله ورسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم ونزول القرآن الكريم عليه حجة قاطعة وآية بينة كما يعترف بذلك هذا الموصي نفسه.
ثم أننا نجد أن في هذه الوصية اعترافاً بأن دين الإسلام هو دين الله، فهو مما قاله: ( وقد كنت أود أن أكون قدوةً لإخواني أدباء النصرانية فأدخل في دين الله )، وهذا ما جعلني أطمع في ذلك الوقت في إسلام هذا الرجل، وقد كنت أود أن أكتب إليه رسالة أدعوه فيها إلى الإيمان والإسلام وأقيم عليه حجة الحق بأنه لا داعي إلى انتظار آريوس بعد مجيء محمدٍ صلى الله عليه وسلم بالحجة القاطعة والحق اليقين الذي تعترف به، ولكن وجدت له بيتاً من الشعر ثبطني عن ذلك وهو أنه يدعو إلى وحدة بين العرب جميعاً مسلمهم وكافرهم من غير أن يلتفتوا إلى الدين وكان مما قاله:
فيا مرحباً بالكفر يجمع بيننا.........وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم
فلعل الله أراده أن يكون من حصب جهنم والعياذ بالله."
قطعا ما قاله الشاعر القروى إن كان قاله حقا ليس صحيحا فالبوذية ليس فيها ثالوث ولا تؤمن بقيامة أو بعث أخروى وإنما تقوم على أعمدة ثمانية كما جاء فى كتاب سفر بوذا والذى يتشابه مع أسفار العد الجديد تشابها ظاهرا كما كتبت فى فى كتاب نقد البوذية:
اسمع الحقيقة الرابعة جيدا فهى طريق الخلاص له ثمانية دروب احرص أولا على الأعمال التى تصنع مصيرك فى المستقبل لا يكن لديك إلا مشاعر خالية من الإهمال والنهم والغضب احرس شفتيك وكأنهما باب قصر يسكنه ملك واحرص على ألا يخرج منها أى دنس وفى أخر الأمر ليكن كل عمل من أعمالك هجوما على الخطأ أو مساعدة لمن يستحق النمو هذه هى الدروب الأربعة الأولى ""
وأنهى الخليلى محاضرته بالتالى :
"هذه معالم من الحقائق التي برزت من خلال ما جاء في القرآن الكريم ولا بد من الرجوع إليها من أجل استلهام الحقيقة في هذا الأمر، فالقرآن الكريم هو - كما قلت من قبل - كتاب الله الذي لم تطله يد من أيدي المحرفين المضللين، وقد صانه الله تعالى مما وقع على الكتب السابقة " إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "، ليكون حجة قائمة إلى أن تقوم الساعة"

 

الثلاثاء، 29 أكتوبر 2024

قراءة فى تفسير قوله تعالى (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)

 

قراءة فى تفسير قوله تعالى (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)
المفسر للآية عبد العزيز بن مرزوق الطريفي وهو يدور حول تفسير الآية المذكورة فى سورة الفاتحة وقد استهل حديثه بأن المقصود بالمغضوب عليهم والضالين اليهود والنصارى فقال :
"سورة الفاتحة سورة عظيمة اشتملت على معان صالحة كثيرة، ومن ذلك: الدعاء بالهداية إلى الصراط المستقيم المجانب لطريق اليهود وطريق النصارى، الذين اتصفوا بكل قبيح كالاعتداء بالأقوال الشنيعة على الله، والأقوال والأفعال السيئة على رسله وأوليائه، فعاقبهم الله في الدنيا بأنواع العقوبات الشديدة."
وتحدث عن وجوب قراءة الفاتحة فى كل ركعة من الصلاة فقال :
"الدعاء في كل ركعة من ركعات الصلاة
أمر النبي عليه الصلاة والسلام بقراءة الفاتحة لتضمنها هذا الباب العظيم في كل ركعة فقد جعل النبي عليه الصلاة والسلام صلاة من لم يقرأها خداجاً كما روى البخاري ومسلم، (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) وقال عليه الصلاة والسلام: (كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فيها خداج خداج خداج)؛ وذلك لتضمنها هذا الباب العظيم من أبواب العبادة وهو سؤال الله عز وجل الهداية من طريق أهل الإيمان وأهل الإيمان هم النبيون والملائكة ومن تبع الأنبياء من أهل الصلاح والتقى والعبادة فيسأل الله عز وجل طريقهم. ولذلك سماه صراطاً مستقيماً غير معوج والمعوج هو السبل التي تجتال الإنسان عن يمين وعن شمال وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليها كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في حديث عبد الله بن مسعود وغيره. "
قطعا الأحاديث السابقة تخالف القرآن في أن المطلوب في الصلاة هو ذكر الله وهو قراءة بعض من القرآن كما قال تعالى :
" إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله "

وهو ذكر اسم الله أى وحى الله كما قال :
" في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه "
ومن ثم لا ذكر للفاتحة في الآيات وحدها وإنما المطلوب هو قراءة ما تيسر من القرآن كما قال تعالى :
"فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ"
وتحدث أن موضوعه هو سؤال المسلم البعد عن صراط المغضوب عليهم والضالين فقال :
"ما يعنينا الكلام فيه هو الكلام على جزء من ذلك الدعاء وهو سؤال الإنسان الله جل وعلا البعد عن منهج المغضوب عليهم والضالين؛ والسبب من ذلك والحكمة من جعل ذلك الدعاء في كل ركعة فهذا الدعاء يلهج به الإنسان ويتلفظ به في كل ركعة؛ ولغلبته على حال الإنسان في كل صلاة قَلَّ من يتدبر ذلك المعنى؛ والحكمة من ذلك الدعاء ولماذا كان في كل ركعة؟ وما الحكمة من تخصيص اليهود والنصارى؟ وما الحكمة من جعل اليهود مغضوباً عليهم والنصارى ضالين؟ وما الحكمة من التعقيب بعد هذا الدعاء بآمين؟ وليس من المعتاد في حال من الأحوال أن الإنسان إذا دعا لنفسه أن يعقب بعد دعائه بآمين بخلاف هذا الموضع. والحكمة من الإكثار من هذا الدعاء في هذه السورة ظاهر جلي؛ وذلك أنه ما من شر ومعصية قد عصي الله عز وجل بها وما من فتنة حلت في الناس إلا وأصلها من المغضوب عليهم والضالين فإذا كفي الإنسان هذا الطريق كفي الشر كله وإذا وفق لطريق أهل الإيمان على الصراط المستقيم وفق للخير كله."
وبعد أن عرض أسئلته فصل كل واحد فتحدث عن عظمة الدعاء مبينا معنى الصراط المستقيم فقال :
"عظمة الدعاء بالهداية إلى الصراط المستقيم
ولهذا يظهر ذلك عند من تبصر بصفات أهل الكتاب من اليهود والنصارى ويعلم الحكمة البالغة من جعل الإنسان يدعو في كل صلاة من غير ملل بهذا الدعاء إذا علم صفاتهم وأحوالهم وصدهم عن دين الله جل وعلا يعلم أن ذلك هو سبيل الخير في هذه الأرض وأن الإنسان كلما أكثر من ذلك الدعاء بقلب مخلص لله جل وعلا تحصل الهداية وأبعده الله عز وجل عن طريق الغواية والصراط المعوج. ولهذا ينبغي للإنسان بل يجب عليه حال قراءته للفاتحة في صلاة أو في غيرها أن يستحضر التعبد بذلك اللفظ، وأن يستحضر أيضاً الدعاء. ولذلك الله جل وعلا لما أنزل على عباده: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] قال الله جل وعلا كما في الصحيح: (قد فعلت قد فعلت) أي: أنه دعاء؛ ولذلك يحرم كثير من الناس بركة هذا الدعاء؛ لأنه ما استحضر ذلك الدعاء عند قراءته له ويظن أن هذه إنما هي سورة تقرأ فحسب بل هي سورة وهي دعاء أيضاً ينبغي للإنسان أن يستحضر ذلك. وإنما حرم كثير من الناس بركة هذا الدعاء العظيم وبعدوا عن التدبر لمعانيه وكذلك بعدوا عن توفيق الله عز وجل لهم بإجابة الله جل وعلا لهذا الدعاء؛ لأنهم تلفظوا بذلك الدعاء والسؤال من غير استحضار الدعاء، وإنما استحضروا تلاوة تلك السورة فحسب. ولذلك الإنسان يقرأ هذا السورة في اليوم والليلة ممن أتى بالفرائض والسنن التي أتت عن النبي عليه الصلاة والسلام أكثر من أربعين مرة يدعو هذا الدعاء وهو أكثر دعاء يلهج به الإنسان بين يدي الله سبحانه وتعالى فلا يجوز الجهل به بل يجب التفقه بتلك المعاني والأسرار التي جعلها الله عز وجل في تلك السورة وفي ذلك الدعاء. وما الحكمة أن تربط صحة الصلاة بتلاوة هذا الدعاء الذي أنزله الله عز وجل وجعله في كتابه العظيم في هذه السورة؟ ولماذا خص من فرق الضلال والكفر والأقوام المنحرفة عن سبيل الله تعالى خص اليهود والنصارى؟ وهذا يظهر بيانه بمعرفة ما يأتي من صفاتهم "
قطعا المطلوب فى قراءة أى شىء من القرآن فى الصلاة هو تدبر الآيات المقروءة بمعنى معرفة معناها للعمل بها أمرا أو نهيا ولذا قال تعالى :
" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها "
وتحدث عن أن المفسرين والفقهاء أجمعوا على أن المقصود بالمغضوب عليهم اليهود والضالين هم النصارى فقال :
"تفسير المغضوب عليهم والضالين
المغضوب عليهم والضالون هم اليهود والنصارى بالإجماع ولا خلاف عند المفسرين في ذلك روى الإمام أحمد والترمذي في سننه وغيرهما من حديث محمد بن جعفر عن شعبة عن سماك عن عباد عن عدي بن حاتم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون) وجاء هذا عن عبد الله بن عباس من حديث الضحاك وابن جريج عن عبد الله بن عباس، وجاء هذا من طرق عدة عن مجاهد بن جبر وعكرمة وزيد بن أسلم وعبد الرحمن بن زيد وغيرهم من أئمة التفسير قال: ابن أبي حاتم في تفسيره قال: ولا أعلم خلافاً عند أهل التفسير أن المغضوب عليهم اليهود والنصارى هم الضالون فلا خلاف في ذلك عند المفسرين قاطبة ويكفي في ذلك ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا. "
وقطعا لا يوجد إجماع لأن هذا الاجماع معناه هو :
إباحة اتباع أى طريق أخر من طرق الكفر ما عدا طريقى اليهود والنصارى وهو ما لا يمكن أن يقول به مسلم فالمغضوب عليهم هم أنفسهم الضالين وهم كل فرق الكفر بلا استثناء أحد
وتفسير الآية هو :
"صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين "فسر المسلمون فى دعاءهم الصراط المستقيم بأنه صراط الذين أنعم الله عليهم وليس صراط المغضوب عليهم أى الضالين ،والذين أنعم الله عليهم هم المسلمون من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وفى هذا قال تعالى بسورة النساء"ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا"وأما المغضوب عليهم فهم الكفار الذين انشرحت صدورهم بالكفر مصداق لقوله بسورة النحل"ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضبا من الله" وفسرهم بقوله بسورة النساء"ومن يكفر بالله وملائكته ورسله واليوم الأخر فقد ضل ضلالا بعيدا"وغضب الله هو لعنته مصداق لقوله بسورة الفتح"وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم "ومن ثم فالمعنى علمنا دين الذين هديتهم غير المعذبين أى غير الكافرين
،إذا فالمسلمون يطلبون من الله أن يعلمهم دين المسلمين السابقين لهم فى الإسلام وليس دين من أديان الكافرين .
وتحدث عن الحكمة من نرك طرق اليهود والنصارى فقط باعتبارهم أشد الناس عداوة فقال :
"الحكمة من الدعاء بمجانبة طريق المغضوب عليهم والضالين
الحكمة من ذلك: أن اليهود والنصارى هم أشد عداء لهذه الأمة وهم بمجموعهم أكثر أهل الأرض وهم دعاة الضلال فما من ذنب عصي الله عز وجل فيه إلا وهو فيهم وما من عقاب عاقب الله عز وجل فيه أمة من الأمم إلا ولليهود والنصارى فيه نصيب وافر؛ ولذلك عظم الله عز وجل جانب هذا الدعاء وجعل الإنسان يتلوه في كل ركعة وجعل تأكيد ذلك أن الإنسان بعده يدعو الله عز وجل الاستجابة فيقول: آمين كما روى أهل السنن وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث وائل بن حجر أن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إذا قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] قال: آمين يمد بها صوته) وجاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إذا قال الإمام: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] فقولوا: آمين فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) الملائكة تؤمن والمصلون يؤمنون ويرفع بذلك الصوت وهذا يخرج عن الأصل؛ فإن الإنسان حينما يدعو الله جل وعلا بدعاء لا يعقب لنفسه بدعائه أن يقول: آمين إلا في أضيق الأحوال وهذا منها ويدل على التأكيد والعناية بهذا الدعاء ولم يأت دعاء يدعو الإنسان به ثم يعقب بدعائه بآمين أظهر وأجلى من هذا الدعاء على وجه الإطلاق لا في الكتاب ولا في السنة. وذلك أن الإنسان يسأل الله عز وجل أبواب الخير كلها بسؤاله الصراط المستقيم ويستعيذ من أبواب الشر كلها بالاستعاذة من طريق المغضوب عليهم والضالين وهم اليهود والنصارى. "
قطعا الطريفى هنا يتناسى أن الله وصف بعض النصارى بأنهم ألأقرب للمؤمنين فقال :
"ولتجدن أقربهم مودة للذين أمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون"
وتناسى أن منطوق آية الأشد العداوة ادخال المشركين وهى فرق الكفار الأخرى وهى :
"لتجدن أشد الناس عداوة للذين أمنوا اليهود والذين أشركوا"
وتحدث عن التعقيب على الدعاء بقول آمين فقال كلاما ليس له قيمة في كتاب الله فقال :
"تعقيب الدعاء بقول آمين
ولذلك أكد الله عز وجل أهمية هذا الدعاء بمؤكدات عدة وجعل جميع السبل التي تجعل الدعاء مستجاباً عند الله سبحانه وتعالى وله الحظوة والمكانة جعلها في هذا الدعاء من التقديم بين يدي الله عز وجل والتقرب بالعبادة التي يتقرب بها الإنسان لله سبحانه وتعالى ويتوسل بها قبل دعائه وكذلك أن يعقب بعد هذا الدعاء بآمين وهو الاستجابة؛ ولذلك الإنسان يدعو لكنه لا يقول: آمين؛ ولذلك موسى عليه الصلاة والسلام كان يدعو ربه بلسان واحد وأخوه هارون يقول: آمين فقال الله عز وجل لموسى: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا [يونس:89] فالمؤمن والداعي كلاهما يدعو فآمين هي الدعاء فيجوز أن يقال: آمين بالمد ويجوز أن يقال: أمين بالقصر. ولذلك يقول: مجنون ليلى: يا رب لا تسلبنّي حبها أبداً ويرحم الله عبداً قال آمينا ويقول الشاعر في قصر كلمة آمين إذا يقال: أمين: تباعد مني فطحل إذ سألته أَمِين فزاد الله ما بيننا بعداً فيجوز للإنسان في حال الدعاء أن يؤمن على دعائه فيما جاء فيه الدليل ويجوز في غيره لكن الأصل لا يؤمن على دعائه؛ لأنه دعا بلفظ الدعاء وباللفظ آكد ومن خلفه لكي لا يتلفظ مع الداعي ولا يكون الدعاء جماعة قال: آمين أي: استجب ولكنه في هذا الموضع يدعو مع قراءته تلك أن الله عز وجل يستجيب له بقوله: آمين؛ ولذلك يعتبر المؤمن داعياً لله سبحانه وتعالى. "
قطعا ليس فى القرآن كلمة آمين وهو ما يعنى أنها زيادة فى الروايات وضعها الكفار فيما وضعوا من أحاديث نسبوها زورا للنبى (ص) ومن المعروف أن أى دعاء من يدعوه يطلب من الله استجابته فلماذا هذا الدعاء وحده خصته الروايات بذلك دون وجود سبب ؟
وكلمة آمين حاليا شبهة من شبهات الكفار ومنهم اليهود والنصارى حيث يدعون أن الكلمة مأخوذة من كتبهم ولغاتهم التى كتبت بها كتبهم المحرفة

الاثنين، 28 أكتوبر 2024

نظرات فى بحث النظريات الحديثة في الإدارة المدرسية

نظرات فى بحث النظريات الحديثة في الإدارة المدرسية
مؤلف البحث أمجد قاسم وكعادة من يكتبون فى مختلف المجالات حاليا تجد معظمهم لا يعود إلى كتابهم الأساسى وهو القرآن وإنما يعودون إلى مساطيل ومخرفى الغرب والشرق حتى فيما هو قاسم مشترك بين الناس فلا يمكن لشعب من الشعوب ان يجهله لأن كل الشعوب لها تجارب فى التعليم
تحدث قاسم عن أهمية الإدارة المدرسية فقال :
"أصبحت الإدارة المدرسية عملية هامة في المجتمعات المتقدمة، وتزداد أهميتها باستمرار بزيادة مجالات ونشاطات الإنسانية، واتساعها وكثرة التحديات التي تواجهها، والإدارة بشكل عام علم من العلوم له مقوماته وأسسه وأصوله ونظرياته، وهي تتطور وتتجدد حتى تتلاءم مع ظروف المجتمعات وتتعايش معها ومع تقدمها من خلال التفاعل اليومي بين مدير المدرسة والمعلمين والبيئة المحيطة، وما تحدثه هذه العملية التفاعلية من سلوكيات سيكولوجية تؤثر سلبا أو إيجابا في نتائج المدرسة، الأمر الذي يتطلب معرفة نوعية السلوك للمدير أثناء أدائه لمهامه الإدارية والبنيوية والإنسانية والاجتماعية (محامدة، 2005، ص 17)
وكالعادة يريدون نقل النظم الكافرة دون تمحيص وهو قول قاسم:
"وعليه فإن مدرسة القرن الحادي والعشرين، تتطلب من مدير المدرسة جهدا إضافيا من أجل أن يوجه ويدير مدرسته بطريقة عصرية حضارية ديموقراطية متوازنة ومدركة لحجم التحديات التي تواجهه، ويكون ذلك من خلال التخطيط الدقيق للأهداف التربوية التي تسعى المنظومة التعليمية لتحقيقها."
وكما هى العادة يتم الحديث عن تطوير الإدارة المدرسية من خلال الغرب وأما الألوف المؤلفة من معلمى كليات التربية وأساتذتها فى بلادنا فلا دور لهم سوى النقل عن الغرب يقول قاسم عما يجرى فى الغرب :
"حاول العديد من دارسي الإدارة المدرسية تحليل العملية الإدارية ومحاولة وضع نظريات لها، ولقد كان لهذه المحاولات أثر في تحقيق نوع من التقدم في هذا المجال، فقد حاول كل من بول مورت P.mort ومساعده دونالد هـ. روس Donald H.Ross وضع أسس لنظرية الإدارة والتي وردت في كتابهما (مبادئ الإدارة المدرسية) كما حاول جيس ب. سيرز Jess.Serars البحث في وظيفة الإدارة في دراسة أعدت في عام 1950 تحت عنوان (طبيعة العملية الإدارية)، كما أعد البرنامج التعاوني للإدارة التعليمية في أمريكا عدة برامج للتعرف على أساليب نظرية للإدارة التعليمية، ومنها كتاب عام 1955 بعنوان (أساليب أفضل للإدارة المدرسية)، واستحدث سيمون في كتابه (مفهوم الرجل الإداري) عام 1945 طبيعة وأهمية اتخاذ القرار في العملية الإدارية، وفي عام 1968 وضع يعقوب جيتزلز J.W.Getzels نظرية علمية في الإدارة المدرسية، حيث نظر للإدارة باعتبارها عملية اجتماعية، بينما نظر سيرز إلى الإدارة التعليمية من حيث وظائفها ومكوناتها وحلل العملية الإدارية إلى عدة عناصر رئيسية، ويمكن القول بأن جميع الجهود التي بذلت كلها جهود متأثرة بأفكار رجال الإدارة العامة والصناعية أمثال (تايلور) (وهنري فايول) (ولوثر جيوليك)، وغيرهم من رجال الإدارة العامة. (الفريجات 2000)
ومن أبرز النظريات الحديثة في الإدارة المدرسية ما يلي:
1. نظرية الإدارة كعملية اجتماعية.
2. نظرية الإدارة كعلاقات إنسانية.
3. نظرية الإدارة كعملية اتخاذ قرار.
4. نظرية المنظمات.
5. نظرية الإدارة كوظائف ومكونات.
6. نظرية القيادة.
7. نظرية الدور.
8. نظرية الأبعاد الثلاثة.
9. نظرية النظم.
10. نظرية تصنيف الحاجات لماسلو.
11. نظرية الاحتمالات أو الطوارئ.
12. نظرية التبادل في تقرير القيادة لهومان.
13. نظرية البعدين في القيادة."
هل توقف دور أستذة كليات التربية والمعلمين عند عملية النقل فقط وجعلنا فئرات تجارب للغرب كما هو الحال فى وزارات التعليم فى بلادنا التى تغير النظام التعليمى كل عقد أو أقل بحجة التطوير وقد عاشت وماتت أجيال من المعلمين ولم يحدث أى تطوير فى التعليم لأن التعليم لا يتطور أساسا وكل ما يجرى إنما هو عمليات نصب واحتيال وتجارة فكل وزير ياتى بتغيير المناهج ويأتى بشركات أصحابه أو معارفه أو أصحاب من يزينون له التغيير لطباعة الكتب أو إنتاج أجهزة لا تستعمل أو تستعمل فى غير ما صنعت له
من خلال خبرة37 سنة فى التعليم الفاشل نجد المشاكل التى تواجه المعلمين كثيرة جدا غالبها نتيجة النقل عن الغرب خاصة
أولا عدم وجود أحكام ثابتة فمثلا تجد فى مجال عمل المعلمين فى أثناء التوزيع على الصفوف المعلم الأكبر يختار ما يريده هو ويوزع ما يريد على الباقة حسب علاقته بهم والمفروض هو أن الحكم :
المعلم صغيرا أو كبيرا لابد له من دورة كاملة على الصفوف كلها فمثلا من يعمل فى الصف الأول فى العام التالى يعمل فى الثانى ثم الثالث ثم الرابع .. حتى يعمل فى كل الصفوف ويعود فيصنع دورته وهكذا يكون قد عمل فى كل الصفوف ودرسها كلها ولكن الحادث هو معارك وشكاوى على توزيع الصفوف فى الغالب
مثلا تكليف المعلم بما لا علاقة له بالتعليم داخل الفصول مثل قيامه بإدارة المقصف المدرسى أو التدريب أو عملية الصيانة للأثاث والمبنى وعمل حفلات أو رحلات أو ...والمفروض هو أن المعلم مسئول فقط عن التلاميذ فى مادته داخل الفصول والمعامل أو خارجها وهو ما يسمى بالحصص
و كل العمليات التنظيمية المفروض أن المسئول عنها هو الإدارة بكل موظفيها وليس المعلمين
لابد أولا من وضع أحكام ثابتة ومناهج ثابتة لا تتغير بتغير وزير أو غيره وقد عرض قاسم نظريات الإدارة فقال :
أولا: نظرية الإدارة كعملية اجتماعية Social Processing Theory
تعتبر هذه النظرية من أكثر النظريات شيوعا في الإدارة التعليمية، وهي تنظر للإدارة بتسلسل هرمي للعلاقات بين الرؤساء والمرؤوسين في إطار نظام اجتماعي، بهدف تحقيق أهداف النظام التربوي، وهذه النظرية ترى أن النظام الاجتماعي للمؤسسة التعليمية يتألف من عنصرين يؤثر كل منهما في الآخر:
1) المؤسسة التعليمية والدور الذي تقوم به والتوقعات لهذا الدور نحو تحقيق الأهداف، وهذا يمثل البعد الوظيفي أو المعياري.
2) الأفراد العاملون في المؤسسة، والنشاطات التي يقومون بها في المؤسسة، وهذا يمثل البعد الشخصي (الفريحات، 2000، ص 50).
إن التحليل الدقيق للدور المتبادل بين الطرفين السابقين، أي البعد التنظيمي والبعد الشخصي يمكن توضيحه في النماذج التالية:
أ- نموذج جيتزلز Getzels
ينظر جيتزلز إلى الإدارة على أنها تسلسل هرمي للعلاقات بين الرؤساء والمرؤوسين في إطار نظام اجتماعي، وأن أي نظام اجتماعي يتكون من جانبين يمكن تصورهما في صورة مستقلة كل منهما عن الآخر وإن كانا في الواقع متداخلين.
فالجانب الأول يتعلق بالمؤسسات وما تقوم به من أدوار أو ما يسمى بمجموعة المهام المترابطة والأداءات والسلوكيات التي يقوم بها الأفراد من أجل تحقيق الأهداف والغايات الكبرى للنظام الاجتماعي والجانب الثاني يتعلق بالأفراد وشخصياتهم واحتياجاتهم وطرق تمايز أداءاتهم، بمعنى هل هم متساهلون، أم متسامحون، أم يتسمون بالجلافة أم بالتعاون أم هل هم معنيون بالإنجاز ... . وما إلى ذلك من أمور يمتازون بها.
والسلوك الاجتماعي هو وظيفة لهذين الجانبين الرئيسيين، المؤسسات والأدوار والتوقعات وهي تمثل البعد التنظيمي أو المعياري، والأفراد والشخصيات والحاجات وهي تمثل البعد الشخصي من العلاقة بين مدير المدرسة والمعلم يجب أن ينظر إليها من جانب المدير من خلال حاجاته الشخصية والأهداف أيضاً، فإذا التقت النظريات استطاع كل منهما أن يفهم الآخر وأن يعملا معاً بروح متعاونة بناءة، أما عندما تختلف النظريات فإن العلاقة بينهما تكون على غير ما يرام.
والفكرة الأساسية في هذا النموذج تقوم على أساس أن سلوك الفرد ضمن النظام الاجتماعي وفي إطاره كالمدرسة مثلاً هو محصلة ونتيجة لكل من التوقعات المطلوبة منه من قبل الآخرين وحاجاته الشخصية وما تشمله من نزعات وأمزجة. (عطوي، 2001).
ويرى جيتزلز وجوبا أن السلوك الاجتماعي هو حصيلة تركيب معقد لعاملي الدور والشخصية، وقد تم تصوير هذه العلاقة في الشكل التالي: (الفريجات، 2000، ص 51)
ب - نموذج جوبا Guba للإدارة كعملية اجتماعية
ينظر جوبا إلى رجل الإدارة على أنه يمارس قوة ديناميكية يخولها له مصدران: المركز الذي يشغله في ارتباطه بالدور الذي يمارسه والمكانة الشخصية التي يتمتع بها، ويحظى رجل الإدارة بحكم مركزه بالسلطة التي يخولها له هذا المركز، وهذه السلطة يمكن أن ينظر إليها على أنها رسمية لأنها مفوضة إله من السلطات الأعلى، أما المصدر الثاني للقوة المتعلقة بالمكانة الشخصية وما يصحبه من قدرة على التأثير فإنه يمثل قوة غير رسمية ولا يمكن تفويضها وكل رجال الإدارة بلا استثناء يحظون بالقوة الرسمية المخولة لهم، لكن ليس جميعهم يحظون بقوة التأثير الشخصية، ورجل الإدارة الذي يتمتع بالسلطة فقط دون قوة التأثير يكون في الواقع قد فقد نصف قوته الإدارية، وينبغي على رجل الإدارة أن يتمتع بالسلطة وقوة التأثير معاً وهما المصدران الرئيسيان للقوة بالنسبة لرجل لإدارة التعليمية وغيره.
ج - نظرية تالكوت بارسونز T.Parsons
يرى بارسونز أن جميع المنظمات الاجتماعية يجب أن تحقق أربعة أغراض رئيسية هي:
1. التأقلم أو التكيف: بمعنى تكييف النظام الاجتماعي للمطالب الحقيقة للبيئة الخارجية ويميز بارسونز بين ثلاث وظائف رئيسة في الترتيب الهرمي في التنظيمات الإدارية هي:
أ - المستوى الفني ومهمة أعضائه أداء الواجبات والعمال الفنية كالمعلمين والموجهين والفنين.
ب - المستوى الإداري ومهمة أعضائه الوساطة بين مختلف أقسام الأجهزة الإدارية وتنسيق جهودها.
ت - مستوى المصلحة العامة وهو ما يهتم بالنظام الاجتماعي الخارجي.
إن هذه العلاقة بين هذه المستويات هي علاقة متبادلة ومتداخلة باستمرار، غير أن هناك انفصالا واضحا في التسلسل الهرمي للسلطة والمسؤولية بين المستويات الثلاث (الفريجات، 2000، ص 52)."
والنظريات الاجتماعية القائمة على تسلسل القيادة الهرمى اخالف أن المؤسسات فى الإسلام تدار جماعيا فكل الأفراد معا فى نفس المركب اخوة كما قال تعالى :
" إنما المؤمنون اخوة "
وكلهم يتم التشاور فيما بينهم فيما يخص العمل كما قال تعالى :
" وأمرهم شورى بينهم "
وتحدث عن النظرية كعلاقات إنسانية فقال :
"ثانيا: نظرية الإدارة كعلاقات إنسانية Leadership Theory
تهتم هذه النظرية بالعلاقة الإنسانية في العمل ومدى ترابط وانسجام هذه العلاقات، كما تركز على شخصية القائد أو المدير المسؤول في المنظومة التعليمية، وهذه النظرية تؤمن بأن السلطة لا تورث وهي ليست من التركيب البيولوجي للقائد، بل هي انعكاس للواقع المحيط وهي نابعة بالتالي من القائد لأتباعه في المدرسة، يعني ذلك أن سلطة القائد نظرية يكتسبها الإداري والمدير من أتباعه من خلال إدراكهم للمؤهلات التي يمتلكها هذا القائد.
وليس المطلوب أن ينخرط الإداري في علاقات شخصية مباشرة مع العاملين بحيث تلغي المسافة الاجتماعية التي تفصل بين الإداري والمرؤوسين، حيث أن جهد الإداري سوف يتبعثر بعيدا عن الهدف الإنتاجي للمؤسسة.
إن ما تطالب به هذه النظرية، هو مراعاة الأبعاد النفسية والاجتماعية التي تجعل العاملين يؤدون دورهم بالتزام تام، لأن العاملين يتطلعون دائما إلى نوع من الفهم المشترك يجعل السلطة تشعرهم بأن مصلحتها أن تنظر في شأنهم بعناية مثلما تولي متطلبات العمل عنايتها (عريفج، 2001، ص 25)."
وعيبها هو نفس العيوب السابقة وهو أنها إدارة فردية بالأساس ويضاف لها أن العلاقات الإنسانية لا يجب أن تدخل ضمن إطار أى شىء من العمل فلا الحب ولا الكراهية له دور ولا القرابة ولا الصداقة أو غير هذا كما قال تعالى :
" ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألآ تعدلوا "
فالمطلوب من الكل هو التعامل بالعدل وهو المعروف
وتحدث عن النظرية كعملية اتخاذ قرار فقال :
ثالثا: نظرية الإدارة كعملية اتخاذ قرار Decision Making Theory
إن القرار هو لب العملية الإدارية والمحور الذي تدور حوله كل الجوانب الأخرى للتنظيم الإداري، وتركيب التنظيم الإداري يتحدد بالطريقة التي يتخذ بها القرارات، ويرى هربرت سيمون H.Simon إن التنظيمات الإدارية تقوم أساسا على عملية اتخاذ القرار، وإن اتخاذ القرارات هو قلب الإدارة، وإن مفاهيم نظرية الإدارة يجب أن تكون مستمدة من منطق وسيكولوجية الاختبار الإنساني.
فالعديد من القرارات التي لا حصر لها في الإدارة التعليمية لها أثرها على النظام التعليمي، إلا أنه ينبغي أن يميز بين هذه القرارات، فبعضها يتعلق بالمادة أو المحتوي، وأخرى تتعلق بالطريقة، وفيما يتعلق بالمادة فيمكن تمثيله ببناء وتنظيم المناهج والبرامج التعليمية، ومدى تحقيق هذه البرامج والمشروعات للأغراض المنشودة من التربية، وفيما يتعلق بالطريقة فيتمثل في كيفية اختيار الطريقة التي تسمح لواضعي المناهج بإشراك غيرهم في اتخاذ القرار، يقول سيمون إن القرارات تقوم على أساسين:
أ - مجموعة الحقائق والمعلومات، وهذه يجب أن تكون خاضعة للاختبار، لبيان صدقها أو زيفها.
ب - مجموعة القيم، وهي تخضع للاختبار لأنها تتعلق بعملية الاختيار الأحسن أو الأفضل، وكذلك بالصورة المثالية التي يجب أن يكون عليها موضوع القرار (الفريجات، 2000، ص 53).
ويمكن مراعاة الخطوات التالية عند اتخاذ القرار:
1) التعرف على المشكلة وتحديدها.
2) تحليل وتقييم المشكلة.
3) وضع معايير للحكم يمكن بها تقييم الحل المقبول والمتفق مع الحاجة. 4) جمع المادة (البيانات والمعلومات).
5) صياغة واختيار الحل أو الحلول المفضلة واختيارها مقدما أي البدائل الممكنة.
6) وضع الحل المفضل موضع التنفيذ مع تهيئة الجو لتنفيذه وضمان مستوى أدائه ليتناسب مع خطة التنفيذ ثم تقويم صلاحية القرار الذي اتخذ وهل هو أنسب القرارات؟. (الخواجا، 2004، ص 42)."
قطعا ما يتم الحديث عنه هو نتاج أن البشر المنظمون للتعليم جهلة لا يعرفون كل شىء ومن ثم بعد أن يضعوا التنظيم يتوالى ظهور الثغرات ومن ثم تتوالى المشاكل التى من المفروض ألا تكون موجودة ومن ثم قلنا أن التنظيم الإلهى الذى يتم العدل فيه فى كل شىء هو النظام المفترض عندما يكون كل شىء واضح ويتم الاحتكام فيه للوحى
ومن ثم التنظيم العادل هو الأساس والذى لا يضيع الوقت ويعتمد على العدل التام كمثال للظلم هو ادخال التعلم التعاونى والتقويم على أساسه فعدد من الطلاب مطلوب منهم عمل شىء معين وفى غالب ألأحيان من يقوم بالعمل كله أو معظمه هو طالب واحد أو اثنين والباقى لا يعمل أى شىء ومن ثم يتساوى من عمل بمن لم يعمل
بالطبع التعاون مطلوب ولكن التقويم عليه ليس مطلوبا لأنه يوقع الظلم حيث يعطى الفاشل كالممتاز نفس الدرجة وهى مخالفة لقوله تعالى :
" كل نفس بما كسبت رهينة "
وتحدث عن نظرية المنظمات فقال :
رابعاً: نظرية المنظمات: Organization Theory
تعتبر التنظيمات الرسمية وغير الرسمية نظاماً اجتماعيا في نظرية التنظيم، ومن خلال النظام تكون الإدارة أحياناً عاملاً يزيد أو ينقص من التعارض بين أعضاء المجموعات والمؤسسات أو المنظمة - المدرسة - فنظرية التنظيم هي محاولة لمساعدة الإداري ليحلل مشاكل المنظمة وترشده في خطته وقراراته الإدارية كذلك تساعده ليكون أكثر حساسية لفهم المجموعات الرسمية وغير الرسمية التي له علاقة بها. (الخواجا، 2004، ص 42).
ثم نظريات أخرى فقال :
خامسا ً: نظرية الإدارة كوظائف ومكونات
يعتبر سيرز من أوائل من درسوا الإدارة التعليمية دراسة واسعة، ونشر كتابه المعروف باسم The Nature Of The Administration Process وذلك في عام 1950، وقد حلل فيه العملية الإدارية إلى عدة عناصر رئيسة هي:
التخطيط، التنظيم، التوجيه، التنسيق، والرقابة، وتقابل بالترتيب بالمصطلحات التالية:
Planning ,Organizing , Directing ,Coordinating and Controlling
وعند تحليل هذه الوظائف يمكن الكشف عن طبيعة العمل الإداري في الميادين المختلفة، حيث أن الوظائف نفسها هي ما يقوم به الإداري.
ففي عملية التخطيط، يحتاج الإداري إلى تدارس الظروف استعداداً لاتخاذ قرارات ناجحة وعملية، تأخذ بعين الاعتبار طبيعة الأهداف والإمكانيات المتوفرة لتحقيقها، والعقبات التي تعترض التقدم نحو الأهداف وموقف العاملين منها.
وفي عملية التنظيم يحتاج إلى أن يضع القوانين والأنظمة والتعليمات على صورة ترتيبات في الموارد البشرية والمادية، بما يسهل عمليات تنفيذ الأهداف المتوخاة على المنظمة أو التنظيم الذي ينشأ عن الترتيبات.
وفي عملية التوجيه ينشّط الإداري إجراءات التنفيذ بالتوفيق بين السلطة التي يكون مؤهلاً لها من خلال صلاحيات مركزه والسلطة المستمدة من ذكائه ومعلوماته وخبراته المتمثلة في إدراكه الشامل لأهداف المنظمة، وطبيعة العمل المناط بها، وإمكانياتها المادية والبشرية، والقوى والظروف الاجتماعية المؤثرة عليها.
وفي عملية التنسيق، يحتاج الإداري إلى جعل كل عناصر التنظيم وعملياته تسير بشكل متكامل لا ازدواجية فيه ولا تناقض، بحيث توجه الجهود بشكل رشيد نحو الأهداف المرسومة في نطاق الإمكانيات المتوفرة، وفي حدود ما تسمح به القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية في بيئة التنظيم.
أما الرقابة: فهي متابعة مباشرة أو غير مباشرة للمؤسسة لتقييم نظام عملها، ومدى جدواها على ضوء الأهداف المنتظرة منها (عريفج، 2001، ص 30 - 31).
أما نظرية هالبين Halpin فهي تذهب إلى القول بأن الإدارة سواء كانت في التربية أو الصناعة أو الحكومة، تتضمن أربعة مكونات كحد أدنى وهي:
1. العمل، وهو كيان التنظيم الإداري وبدونه ينتفي سبب وجود المنظمة الإدارية.
2. المنظمة الرسمية، وهي تتميز في المجتمعات الحديثة بتوصيف الوظائف وتحديدها وتفويض السلطات والمسئوليات، وإقامة نوع من التنظيم الهرمي للسلطة.
3. مجموعة الأفراد العاملين، وهم الأفراد المنوط بهم العمل في المنظمة.
4. القائد وهو المنوط به توجيه المنظمة من اجل تحقيق أهدافها. (الفريجات، 2000، ص 54). سادسا: نظرية القيادة Leadership Theory
تركز هذه النظرية على أن عملية القيادة التربوية للمؤسسات التعليمية هي من الأمور الهامة بالنسبة للمجتمع وبالنسبة للإدارة التعليمية وبالنسبة للمدرسة، وان عملية القيادة في الحقيقة متشابكة بين كم كبير من الأطراف، أولياء أمور الطلاب ومدرسين وطلاب ومجتمع محلي وسلطات تربوية عليا، وعليه فإن القيادة ليست امتلاك مجموعة من الصفات والاحتياجات المشتركة فحسب، بل هي علاقة متبادلة بين المؤسسة التربوية وأعضاء المدرسة.
إن هذه النظرية تقترب من أفكار نظرية العلاقات الإنسانية في كونها تركز على بلوغ الهدف الطبيعي للإنسان (الخواجا، 2004).
سابعا: نظرية الدور Role Theory
تهتم هذه النظرية بوصف وفهم جانب السلوك الإنساني المعقد في المؤسسات التعليمية (المدارس).فيجب علي الإداري أن يولي اهتماماً خاصاً بالمهارات و المقدرات والحاجات الشخصية لكل مدرس ويتخذ من الإجراءات ما يعزز وسائل الاتصال بينهم وبينه وطبيعتهم الإجتماعياً وتنمية معلوماتهم حتى يمكن أن يكون دور كل واحد منهم إيجابياً وفعالاً ومساعداً على تحقيق هدف المدرسة (الخواجا، 2004، ص 47).
ثامنا: نظرية الأبعاد الثلاثة
نمت هذه النظرية من خلال أعمال البرنامج التعاوني في الإدارة التعليمية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتحاول هذه النظرية أن تشرح الظاهرة الإدارية على أساس تصنيفي منتظم، وهي تحاول الإجابة على السؤال الجوهري: ما الذي يحتاج المرء إلى معرفته لتحسين وتنمية الإدارة التعليمية؟ حيث من الضروري عندما نطالب بالتنمية الإدارية أن نفهم مهارات الأداء المطلوبة، التي يقوم بها رجل الإدارة التعليمية، أي ما يعرف بمستوى الوظيفة (مواصفات الوظيفة)، ويلزم أيضا معرفة طبيعة الشخص الذي يقوم بأداء هذه المهارات الإدارية، وأن هناك وسطا اجتماعيا يحيط به، ومعنى ذلك أن هناك ثلاثة عوامل تتشكل منها نظرية الأبعاد الثلاثة وهي:
1. الوظيفة، تذهب هذه النظرية إلى أن هناك ثلاثة عوامل تحدد الوظيفة وهي:
أ - المحتوي.
ب - العملية.
ت - التتابع الزمني.
2. رجل الإدارة، وجوانب هذا البعد تكمن في ثلاثة عناصر وهي:
أ - طاقة رجل الإدارة الجسمية والعقلية والعاطفية.
ب - سلوكه من حيث دراسته للمشكلة وما يرتبط بها من جمع البيانات والتنبؤ والتنفيذ والمراجعة.
ت - التتابع الزمني.
3. الجو الاجتماعي، ويقصد به العوامل والضغوط الاجتماعية التي تحدد الوظيفة وتؤثر على تفكير رجل الإدارة وسلوكه. (الفريجات، 2000، ص 55)
تاسعا: نظرية النظم System Theory
شاع استعمال هذه النظرية في العلوم البيولوجية والطبيعية، وكذلك شاع استخدامها في العلوم الاجتماعية الأخرى، والتي من بينها علم الإدارة التعليمية والمدرسية، وتفسر هذه النظرية النظم المختلفة بأنها تتكون من تركيبات منطقية بواسطة تحليلها لتفسر الظواهر المعقدة في المنظمات أو المؤسسات في قالب كمي بالرغم من أن البحوث التطبيقية المتعلقة بالتغير في المواقف أو الدراسات الاجتماعية تكون أحياناً غير عملية أو غير دقيقة، تقوم هذه النظرية على أساس أن أي تنظيم اجتماعي أو بيولوجي أو علمي يجب أن ينظر إليه من خلال مدخلاته وعملياته ومخرجاته، فالأنظمة التربوية تتألف من عوامل وعناصر متداخلة متصلة مباشرة وغير مباشرة وتشمل: أفراد النظام، جماعاته الرسمية وغير الرسمية، الاتجاهات السائدة فيه ودافع النظام والعاملين فيه، طريقة بنائه الرسمي، التفاعلات التي تحدث بين تركيباته ومراكزها، والسلطة التي يشتمل عليها.
ويرجع نشأة أسلوب تحليل النظم إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، عندما استخدمه الجيشالأمريكي فيما عرف باسم (بحوث العمليات)، ومن هنا انتقل إلى الميادين الأخرى، بيد أن الاهتمام به في التعليم بدأ مؤخرا ً، وبدأ يظهر بصورة واضحة منذ العقد السادس من القرن العشرين وكان ذلك على يد عالم الاقتصاد بولدنج (Bolding) وبكلي (Buckley) عالم الاجتماع، وقد جاء هذا الاهتمام نتيجة لتزايد الاهتمام بالتعليم ونظمه من ناحية، وتركز الاهتمام على اقتصاديات التعليم من ناحية أخرى.
وأسلوب النظم في الإدارة يشير إلى عملية تطبيق التفكير العلمي في حل المشكلات الإدارية، ونظرية النظم تطرح أسلوباً في التعامل ينطلق عبر الوحدات والأقسام وكل النظم الفرعية المكونة للنظام الواحد، وكذلك عبر النظم المزاملة له، فالنظام أكبر من مجموعة الأجزاء.
أما مسيرة النظام فإنها تعتمد على المعلومات الكمية والمعلومات التجريبية والاستنتاج المنطقي، والأبحاث الإبداعية الخلاقة، وتذوق للقيم الفردية والاجتماعية ومن ثم دمجها داخل إطار تعمل فيه بنسق يوصل المؤسسة إلى أهدافها المرسومة (عمايرة، 2002).
عاشرا: نظرية تصنيف الحاجات لماسلو Maslow
يعتبر ماسلو أن القوة الدافعة للناس للانضمام للمنظمات والمؤسسات الإدارية وبقائهم فيها وعملهم باتجاه أهدافها هي في الحقيقة سلسلة من الحاجات، وعندما تشبع الحاجات في أسفل السلسلة تظهر حاجات أعلى يريد الفرد إشباعها، وهكذا يستمر الاتجاه إلى أعلى، وتصنف الحاجات من وجهة نظر ماسلو إلى:
• حاجات فسيولوجية (جسمية) أساسية كالطعام والماء والسكن والهواء .. الخ
• الانتماء الاجتماعي (حب - انتماء - تقبل الآخرين)
• الأمان والضمان الفسيولوجي والمالي.
• الاحترام (احترام الذات وتقدير الزملاء)
وينبغي أن ندرك بأن الحاجة المشبعة ليست محفزاً، ولكن تظهر حاجة أخرى محلها كمحفز، وحاجات الفرد متشابكة ومعقدة ويميل الفرد إلى السلوك الذي يؤدي إلى تحقيق حاجاته المحفزة.
أحد عشر: نظرية الاحتمالات أو الطوارئ
تؤكد هذه النظرية على الأسس التالية:
• ليست هناك طريقة واحدة مثلى لتنظيم وإدارة المدارس.
• لا تتساوى جميع طرق التنظيم والإدارة والفاعلية في ظرف معين، إذ تعتمد الفاعلية على مناسبة التصميم أو النمط للظرف المعين.
• يجب أن يبنى الاختيار لتصميم التنظيم ولنمط الإدارة على أساس التحليل الدقيق والاحتمالات المهمة في الظرف المعين.
• وحيث أن الإدارة هي العمل مع ومن خلال الأفراد والمجموعات لتحقيق أهداف المنظمة فإن الاحتمال المرغوب هو الذي يدفع المرؤوسين إلى اتباع سلوك أكثر إنتاجاً وفاعلية من أجل تحقيق أهداف المنظمة. (عطوي، 2001)
اثنا عشر: نظرية التبادل في تقرير القيادة لهومان Homan
تركز نظرية التبادل في تقرير القيادة لهومان على المردود الذي سيناله القيادي إذا ما أتخذ موقفا قياديا في مشكلة ما قد تواجهه، ثم يدرك وبشكل واعي وحقيقي ماذا سيحدث إذا فقد القيادي تقبل الجماعة له، أو إذا لم يبذل مزيدا من الجهد والعمل.
أيضا تقارن هذه النظرية بين المردود والتكاليف من أجل تبرير العمل القيادي وأهمية المبادرة في العمل وأهمية أن يكون قائدا ناجحا بدلا من أن يكون منقادا من قبل الآخرين.
ثلاثة عشر: نظرية البعدين في القيادة
لقد بين تحليل سلوك القادة أن هناك نمطين وشكلين لهذا السلوك، فهو إما أن يكون سلوكا موجها نحو مهمة Mission أو أن يكون سلوكا موجها نحو الناس، وقد وجد أن بعض القادة قد يطغى على سلوكهم المسار الأول وهناك من يطغى على سلوكهم المسار الثاني. إن مهمة القائد الناجح هو أن يخلق حالة من التوازن بين السلوك الموجه نحو المهمة والسلوك الموجه نحو الناس "
وكل هذه النظريات نابعة من بيئات وظروف معينة لا تعتمد الحل الإلهى فى التعليم أو غيره وكلها يقوم على نفس ما جعل البشرية تكفر وهو قائد وأتباع أو كبار وصغار وأن القيادة هى من تتحكم فى المجموع وأيا ما يكون الكلام هنا أو هناك فهو فى النهاية كلام بشرى مؤدى للظلم فى النهاية
المجتمع سواء كمؤسسات أو أفراد قائم فى الإسلام على الإدارة الجماعية ولذا سمى الله القوم كلهم ملوكا فقال :
" وجعلكم ملوكا "
وهو نفس المعنى :
" وأمرهم شورى بينهم "
وهو نفس المعنى :
" وتعاونوا على البر والتقوى "
فأصحاب المناصب فى الإسلام دورهم التنسيق بين الأفراد وهم منهم لعمل أى شىء مفيد