الاثنين، 30 سبتمبر 2024

نظرات فى كتاب النصال الخارقة لنحور المارقة

نظرات فى كتاب النصال الخارقة لنحور المارقة
الكتاب من تأليف حسن الحسيني آل المجدد الشيرازي والكتاب يدور حول أحداث لم تقع وشخصيات لا وجود لها اخترعها الكفار من خلال روايات الحديث والسير والتاريخ لكى يجعلوا الناس فرقا كلها يتشاجر ويتقاتل على أحداث لم تقع واشخاص يقدسونهم أو يلعنونهم لم يولدوا يوما ولم يكن لهم وجود
استهل الشيرازى مقدمته بذكر حادث لم يقع وهو قتل يزيد بن معاوية للحسين بن على وكلاهما لا وجود لهما وعدم لعن يزيد بسبب القتل فقال :
"فإن طغاما من القوم المخالفين، ولئاما من حثالات المعاصرين والسالفين، قد تجرأوا على تصويب فعل يزيد، في قتله أبا عبد الله الحسين السبط الشهيد فلا يرون جواز نسبة ذلك الفاجر إلى فسق أو كبيرة، بل ينزهونه عن كل جرم وجريرة، وهم مع ذلك يتولونه ويحظرون التكلم في عظائمه، ويوجبون الامساك عن لعنه والخوض في تفاصيل جرائمه، مع ما تواتر عنه من هتك حرمات الشريعة المطهرة، حتى كاد يلحق بالضروريات.
ويعتلون لذلك بنحو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تسبوا الاموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا».
ويقولون ـ مضللين ـ: ما يجديكم التكلم في لعن يزيد وطرق هذا الباب، وقد أفضى إلى ما قدم وهلك منذ قرون وأحقاب؟!
فيقال لهؤلاء المخذولين: إن الحديث محله في غير كافر ومتظاهر بفسق أو بدعة، فلا يحرم سب هؤلاء ولا ذكرهم بشر؛ بقصد التحذير من طريقتهم والاقتداء بآثارهم ـ كما قال المناوي الشافعي.
وجرو معاوية لم ينفك عن واحدة من هذه الخصال.. (فماذا بعد الحق إلا الضلال).."

والواقعة التى لم تقع هى خرافة للتالى:
-أن فى عهد المزعوم يزيد عاش كثير من الصحابة كما يقول التاريخ مثل عبد الله بن عمر وابن الزبير وسليمان بن صرد وطالما كان الصحابة موجودون فلا يمكن أن تتحول الدولة للكفر لأن التحول يكون فى عهد الخلف مصداق لقوله تعالى بسورة مريم "وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا "والمهتدين والمجتبين هم الصحابة وفيهم قال تعالى بسورة المجادلة "رضى الله عنهم ".
-أن بفرض حدوث وراثة يزيد للخلافة فإن الصحابة لابد أن يحاربوه ولابد أن ينتصروا مهما كانت قوة عدوهم لأنهم يحاربون بصفتهم جنود الله وفيهم قال تعالى بسورة الصافات "وإن جندنا لهم الغالبون "ولكن الروايات تبين لنا عكس ذلك وهو إنهزام جند الله وانتصار جند الشيطان .
-أنه لايجوز أن يتولى يزيد الخلافة لأمور عدة هى وجود الصحابة وأنه ليس صحابيا وليس عالما .
-أن الحسين نفسه – لو كان له وجود حقيقى – لو طلب الخلافة فى وجود الصحابة لكان باغيا لأنه ليس مهاجرا ولا أنصاريا وإنما ممن أتوا بعدهم والخلافة هى حق المهاجرين والأنصار طالما كانوا علماء لأنهم أعظم درجة ممن أمن بعد الفتح وجاهد مصداق لقوله تعالى بسورة الحديد "لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل اولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ".
-أن الحكايات المروية عن مقتل الحسين كاذبة فمبايعة أهل الكوفة له لا تعنى فى الإسلام حقه فى الخلافة لأنها بلد من بلاد كثيرة وحكاية تركه للمدينة حيث يوجد أصحاب جده الذين ينصرون الحق هى الأخرى غير مبلوعة خاصة أنه بين أهله وبين من يريدون للحق أن يعلو .
-أن ما يحكى عن يزيد من أن أباه تركه فى البادية مع أمه حتى شب وكبر حكاية غير معقولة لأسباب عدة أهمها أن يزيد كان الولد الوحيد والأب بطبيعته يحب أن يكون ولده بجواره خوفا عليه وأن يترك معاوية زوجته وابنه عدة سنوات ثم يستدعيهم إنما هو ضرب من الخيال خاصة أن المرأة التى يتغيب عنها زوجها أكثر من أربعة أشهر تصبح مطلقة فى الإسلام حتى ولو لم يطلقها زوجها لقوله تعالى بسورة البقرة "الذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم ".
أن خروج الحسين للكوفة بالطريقة المذكورة وهيه أخذ النساء والأولاد والأقارب إنما هى طريقة مجنون لا يصلح لقيادة حرب فضلا عن قيادة المسلمين ومن ثم فالرواية كذب فى كذب لأن أقل قائد يعرف أن أول قاعدة فى البحث عن قيادة الناس إنما هى الحذر أى الإحتياط وهنا ليس أى إحتياط لخروجه علنا حتى أن بعض الناس نصحوه بعدم الذهاب وتظهر الروايات الحسين متهورا مندفعا فعندما بلغه نبأ تخاذل أهل الكوفة بمقتل مسلم بن عقيل لم يعد من حيث أتى أو يغير من وجهته وإنما ذهب ليلقى حتفه .
-المصيبة الكبرى هى زواج العم على بابنة أخيه وانجابهم الحسن والحسين وغيرهم وهى كارثة لم تقع لأنه لا يجوز للأخ زواج ابنة أخيه كما أن القرآن بين أن بنات النبى(ص) لم يتزوجم إلا فيما بعد نزول آيات الجلباب " قل [زواجم وبناتك ونساء المؤمنين" فلو كن متزوجات كما تقول الرواية ما ذكرهم كبناته وإنما كان سيذكرهم كنساء المؤمنين "
الكتاب قائم على شىء لم يحدث وإنما الكفار هم من وضعوا تلك الروايات لتفرقة الناس ليظلوا يتقاتلوا بينما هم وأحفادهم يشاهدون المعارك ويتفرجون ويتلذذون بدماء تلك الفرق المتناحرة
الكتاب يدور حول وجوب لعن يزيد والأدلة على صحة ذلك مع أنه لا توجد أدلة من الوحى لأن القرآن نزل قبل عقود من تلك الأحداث التى لم تحدث
قال الشيرازى :
"ولله در من قال:
ألعن اللعن إن لعنت يزيدا * * انما اللعن عين ذاك اللعين
وهذه رسالة ضمنتها الادلة القاطعة، والبراهين النيرة الساطعة، الدالة على جواز لعن يزيد بن معاوية، أسكنهما الله في قعر الهاوية، والرد على من منع ذلك من جهلة المفتين، لينقطع منهم الدابر والوتين، إنه سبحانه خير ناصر ومعين.
وينبغي قبل الخوض في المقصود بيان أمور:"

استهل الشيرازى حديثه ببيان معنى اللعن فى كتب اللغة والمصطلح فقال :
"الاول: حقيقة اللعن:
قال الجوهري في الصحاح: اللعن: الطرد والابعاد من الخير.
وقال الزمخشري في أساس البلاغة: لعنه أهله: طردوه وأبعدوه، وهو لعين طريد، وقد لعن الله إبليس: طرده من الجنة وأبعده من جوار الملائكة، ولعنت الكلب والذئب: طردتهما.
وقال الراغب: اللعن: الطرد والابعاد على سبيل السخط، وذلك من الله تعالى في الآخرة عقوبة، وفي الدنيا انقطاع من قبول رحمته وتوفيقه، ومن الانسان دعاء على غيره.
وقال ابن سيدة في المحكم: لعنه الله يلعنه لعنا، عذبه.
وقال المحقق الكركي في نفحات اللاهوت: إذا قيل: لعنه الله على طريق الدعاء كان معناه طرده الله وأبعده من رحمته.
قال: والمراد من الطرد والابعاد هنا نزول العقوبة والعذاب به، وحرمان الرحمة، وهو لازم المعنى، وليس معنى الغضب ببعيد عنه، إذ المتعقل من غضب الله سبحانه فعل أثر الغضب، لا حصول الغضب الحقيقي الذي هو من توابع الاجسام، فإن ذلك محال عليه تعالى. انتهى."

قطعا معنى اللعن هو طلب العذاب للملعون من قبل الداعى سواء بشر أو ملائكة وأما لعن الله فهو تعذيبه للملعون
وتحدث عن إباحة اللعن فى الوحى فقال :
الثاني: مشروعية اللعن:
لا ريب في مشروعية اللعن في الجملة، وإن اختلف العامة في جواز لعن المعين، وسيأتي بيان الحق فيه إن شاء الله تعالى.
وقد دل الكتاب والسنة على ذلك، قال الله تعالى: (أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار).
وقال سبحانه: (قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه).. الآية.
وقال تبارك اسمه: (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم)

وقال عز سلطانه: (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم).
وقال عز من قائل: (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين).
وقال جل وعلا: (وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها»، رواه أبو داود والحاكم عن ابن عمر.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم»، رواه أحمد والترمذي والحاكم عن أبي هريرة، والطبراني في المعجم الكبير عن أم سلمة.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله الربا وآكله وموكله وكاتبه وشاهده وهم يعلمون، والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة»، رواه الطبراني في المعجم الكبير عن ابن مسعود.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله المحلل والمحلل له»، رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن علي ، والترمذي والنسائي عنه وعن ابن مسعود ورواه الترمذي أيضا عن جابر

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن عبد الدينار، لعن عبد الدرهم»، رواه الترمذي عن أبي هريرة.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «ستة لعنتهم، لعنهم الله وكل نبي مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله تعالى، والمتسلط بالجبروت فيعز بذلك من أذل الله ويذل من أعز الله، والمستحل لحرم الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والتارك لسنتي»، رواه الحاكم عن عائشة.
وغير ذلك مما لا يحصى كثرة.
وبالجملة: فلا يرتاب ذو تحصيل في أن اللعن طاعة يستحق عليها الثواب إذا وقع على وجهه، وهو أن يلعن مستحق اللعنة تقربا إلى الله تعالى لا للعصبية والهوى، وقد يكون واجبا كما إذا قصد به البراءة من أعداء الله واقتصر عليه، وسيأتي الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى."

قطعا اللعن جائز مباح بما ورد فى القرآن وأما حكاية الحسن ويزيد فأمر أخر لكون الحوادث لم تحدث ولا يمكن حدوثها فى ذلك العصر كما بينا فى أول النقد
ولكن لو أخذنا الروايات على أنها صادقة وكلها كاذب فيجوز لعن يزيد ومن معه وبناء على جواز اللعن استحل الشيرازى لعن يزيد ومن معه لارتكابهم جرائم القتل وهدم الكعبة التى لا يمكن هدمها ولا مسها لأن الله يعاقب من يريد فقط ارتكاب ذنب فيها العقاب على الإرادة وهى النية وليس الفعل لنه محال وقوعه فيها وفى هذا قال تعالى :
" ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم"
وهو مكان آمن لا يمكن أيذاء من دخله فإذا يحمى من فيه فكيف يتم هدمه واحراقه وسرقته كما تزعم الروايات والتى يقول :
" ومن دخله كان آمنا "
وفى هذا قال :
"هذا، وإنك لخبير بأن تلك الامور التي استحق فاعلها اللعن ليست بأعظم من قتل الحسين وأصحابه، والرضا به، واستباحة المدينة، وهدم الكعبة وضربها بالمجانيق، إن لم تكن دونه، فإذا جاز اللعن هناك فليجز هنا أيضا.
بل الحق أن جوازه هنا بطريق أولى، إذ لا رزية ولا مصيبة في الاسلام أعظم مما وقع يوم عاشوراء بكربلاء، كما لا يخفى على من أنار الله بصيرته، وطهر من الخبث سريرته."

وناقش الشيرازى أدلة مانعى اللعن فقال :
"فإن قال قائل: قد ورد النهي عن كون المؤمن لعانا في قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
«لا تكونوا لعانين» وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا».
قلنا: هذا وارد في النهي عن اتخاذ اللعن خلقا بسبب المبالغة فيه والافراط في ارتكابه بحيث ينجر إلى أن يلعن اللعان من لا يستحق اللعن ـ كما حكى ذلك ابن الجوزي عن خط القاضي أبي الحسين محمد بن أبي يعلى بن الفراء.
وليس فيه النهي عن لعن المستحقين، وإلا لقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا تكونوا لاعنين، ولا ينبغي لصديق أن يكون لاعنا، فإن بينهما فرقا يعلمه من أحاط بدقائق تصاريف لسان العرب.
وأما نهي علي أصحابه عن لعن أهل الشام، فإنه كان يرجو إسلامهم ورجوعهم إليه، كما هو شأن الرئيس المشفق على الرعية، ولذلك قال: «قولوا: اللهم أصلح ذات بيننا وبينهم».
وهذا قريب من قول الله تعالى في قصة فرعون: (فقولا له قولا لينا)، كذا قال أصحابنا رحمهم الله تعالى.
وقال ابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي في (شرح النهج): الذي كرهه منهم أنهم كانوا يشتمون أهل الشام، ولم يكن يكره منهم لعنهم إياهم والبذاءة منهم. انتهى.
وله في هذا المقام كلام ينبغي لرواد الحقائق الوقوف عليه، والله الموفق والمستعان."

الأدلة السابقة فى منع اللعن تخالف آيات الوحى فى وجوب لعن الكفار وهو الدعاء عليهم عندما يعتدون على المسلمين
وتحدث عن الأعمال التى توجب اللعن فقال :
"الثالث: الصفات المقتضية للعن
قال الغزالي في (الاحياء): الصفات المقتضية للعن ثلاثة:

الكفر والبدعة والفسق.
وقال الشيخ الامام المحقق الكركي في (النفحات): لا ريب أن اللعن من الله تعالى هو الطرد والابعاد من الرحمة، وإنزال العقوبة بالمكلف، وكل فعل أو قول اقتضى نزول العقوبة بالمكلف من فسق أو كفر فهو مقتض لجواز اللعن، ويدل عليه قوله تعالى في القاتل: (وغضب الله عليه ولعنه)، وقوله تعالى: (والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين) رتب اللعن على الكذب، وهو إنما يقتضي الفسق، وكذا قوله تعالى: (والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) رتب الغضب على صدقه في كونها زنت، والزنا ليس بكفر.
وقوله تعالى: (ألا لعنة الله على الظالمين) أي على كل ظالم،
لان الجمع المعرف للعموم، والفاسق ظالم لنفسه كما يرشد إليه قوله تعالى: (فمنهم ظالم لنفسه) حيث جعله سبحانه قسيما للمقتصد وقسيما للسابق بالخيرات.
قال رحمه الله: ولا ريب أن الكبائر مجوزة للعن، لان الكبيرة مقتضية لاستحقاق الذم والعقاب في الدنيا والآخرة، وهو معنى اللعن.
وأما الصغائر فإنها تقع مكفرة لقوله تعالى: (الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم) فقد فسر بصغائر الذنوب، فلهذا لا ينقص إيمان فاعلها، ولا ترد شهادته، ولا تسقط عدالته.
نعم، لو أصر عليها ألحقت بالكبائر، وصار اللعن بها سائغا. انتهى كلامه "

قطعا كل ذنب لم يتب منه صاحبه ,اصر عليه يوجب لعنه وأما من تاب فلا يجوز لعنه كما يجوز لعن الكافر المستمر فى كفره
وتحدث عن أدلة لعن يزيد من القرآن وهو كلام ليس صحيحا فلا وجود ليزيد فى الكتاب وإنما الموجود لعن من يرتكبون الذنوب ولا يتوبون منها وفى هذا قال :
"جواز لعن يزيد من الكتاب:
إذا تمهد هذا فلنشرع في تقرير ما دل على جواز لعن يزيد بن معاوية ـ لعنهما الله تعالى ـ من الكتاب والسنة بحول الله وقوته.
أما الكتاب العزيز:

1 ـ فقوله تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله..).. الآية.
استدل به الامام أحمد بن حنبل على لعن يزيد، كما حكاه أبو الفرج ابن الجوزي في الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد، عن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء، إذ روى في كتابه المعتمد في الاصول بإسناده عن صالح بن أحمد، قال: قلت لابي: إن قوما ينسبوننا إلى توالي يزيد.
فقال: يا بني! وهل يتوالى يزيد أحد يؤمن بالله؟!
فقلت: لم لا تلعنه؟!
فقال: ومتى رأيتني ألعن شيئا؟! لم لا يلعن من لعنه الله في كتابه؟!
فقلت: وأين لعن الله يزيد في كتابه؟!
فقرأ: (فهل عسيتم..) ـ الآية، فهل يكون فساد أعظم من القتل؟
وفي رواية: يا بني! ما أقول في رجل لعنه الله في كتابه؟!
2 ـ وقوله تعالى: (والذين... ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار).
قال الامام أحمد: وأي قطيعة أفظع من قطيعته صلى الله عليه وآله وسلم في ابن بنته الزهراء ـ كما حكاه الشبراوي في (الاتحاف).
3 ـ وقوله تعالى: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن).
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في (الدلائل) وابن عساكر عن سعيد بن المسيب، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بني أمية على المنابر، فساءه ذلك.
قال الفخر الرازي: وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء."

الحديث يزعم رؤيتهم عيانا على المنابر فى عهد الرسول(ص) وهو ما يناقض أنه رآهم فى الحلم فى الحديث التالى :
وأخرج ابن أبي حاتم عن يعلى بن مرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أريت بني أمية على منابر الارض، وسيتملكونكم فتجدونهم أرباب سوء»، واهتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لذلك، فأنزل الله (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس).
وأخرج ابن مردويه نحوه عن الحسين بن علي."

ثم قال :
قلت: ولا ريب أن يزيد داخل في الملعونين من بني أمية دخولا أوليا.
قال ابن حجر الهيتمي المكي في تطهير الجنان واللسان: صح أنه صلى الله عليه وآله وسلم رأى ثلاثة منهم ـ يعني بني الحكم بن أبي العاص ـ ينزون على منبره نزو القردة، فغاظه ذلك وما ضحك بعده إلى أن توفاه الله سبحانه وتعالى.
قال: ولعله هؤلاء ويزيد بن معاوية، فإنه من أقبحهم وأفسقهم، بل قال جماعة من الائمة بكفره. انتهى.
4 ـ وقوله تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا).
فمن ذا الذي يشك في أن قتل الحسين عليه السلام وجماعة من آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وسبي الذرية الطاهرة على أقتاب الجمال، وضرب الثنايا الشريفة بالقضيب، وغير ذلك مما يذوب الفؤاد بذكره، إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة عليهما السلام ومحاربة لهم؟! ـ مع ما قد فرض الله من مودتهم وأوجب على العباد من محبتهم ـ.
وما أحسن قول عمر الهيتي في ذلك:
بأية آية يأتي يزيد * * غداة صحائف الاعمال تتلا
وقام رسول رب العالمين يتلو * * ـ وقد صمت جميع الخلق ـ: (قل لا)
يعني قوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى).

أما النبي صلى الله عليه وآله وسلم فالحسين منه، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: «حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الاسباط»، رواه الترمذي وابن ماجة، والبخاري في الادب المفرد، وأحمد والحاكم
الحديث كاذب لكونه اتهام مباشر للنبى(ص) بزنى المحارم مع ابنته والعياذ بالله

ثم قال :
"وأما علي وفاطمة فذلك معلوم بالضرورة والوجدان، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «من آذى عليا فقد آذاني»، رواه أحمد، والبخاري في (تاريخه) وابن حبان في (صحيحه)، وابن مندة، والحاكم في (المستدرك).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة عليها السلام: «إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك»،
رواه الحاكم عن علي عليه السلام وأبو يعلى والطبراني، وأبو نعيم في فضائل الصحابة.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني»، رواه البخاري ومسلم والترمذي والحاكم.
قال الشريف السمهودي: ومعلوم أن أولادها بضعة منها، فيكونون بواسطتها بضعة منه صلى الله عليه وآله وسلم. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر: فيه تحريم أذى من يتأذى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بتأذيه، فكل من وقع منه في حق فاطمة 3 شيء تأذت به فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يتأذى به بشهادة هذا الخبر.
قال: ولا شيء أعظم من إدخال الاذى عليها من قبل ولدها، ولهذا عرف بالاستقراء معاجلة من تعاطى ذلك بالعقوبة (ولعذاب الآخرة أشد) انتهى.
قلت:

ويلحق بذلك وجه إلزامي، وهو أن يزيد ـ لعنه الله ـ آذى الصحابة بقتل الحسين عليه السلام، وإيذاء كل واحد منهم إيذاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ عند القوم ـ
ولا خلاف في أن إيذاءه صلى الله عليه وآله وسلم موجب لاستحقاق اللعن.
أما الصغرى فظاهرة، وأما الكبرى فقد أخرج الترمذي في (سننه) عن عبد الله بن مغفل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الله الله في أصحابي، الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه».
5 ـ وقوله تعالى: (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم).
وقد كان اللعين منافقا ظاهر النفاق، دلت على ذلك أقواله وأفعاله وأحواله.
فقد اشتهر عنه أنه لما جاءه رأس الحسين جمع أهل الشام وجعل ينكت رأسه بالخيزران وينشد أبيات ابن الزبعرى المشهورة:
ليت أشياخي ببدر شهدوا * * جزع الخزرج من وقع الاسل
فأهلوا واستهلوا فرحا * * ثم قالوا: يا يزيد لا تشل
قد قتلنا القرم من ساداتهم * * وعدلناه ببدر فاعتدل
قال الامام أحمد ـ في ما حكاه عنه القاضي أبو يعلى في كتاب الوجهين والروايتين ـ: إن صح ذلك عن يزيد فقد فسق.
وزاد فيها بيتين مشتملين على صريح الكفر، وهما قوله ـ فض الله فاه ـ:
لست من خندف إن لم أنتقم * * من بني أحمد ما كان فعل
لعبت هاشم بالملك فلا * * خبر جاء ولا وحي نزل
قال مجاهد: نافق.
وقال الزهري: لما جاءت الرؤوس كان يزيد في منظره على جيرون، فأنشد لنفسه:
لما بدت تلك الحمول وأشرقت * * تلك الشموس على ربى جيرون
نعب الغراب فقلت صح أو لا تصح * * فلقد قضيت من الغريم ديوني
وإلى ذلك أشار عبد الباقي العمري في الباقيات الصالحات بقوله:
نقطع في تكفيره إن صح ما * * قال للغراب لما نعبا
قال ابن عقيل ـ من الحنابلة ـ: ومما يدل على كفره وزندقته فضلا عن سبه ولعنه أشعاره التي أفصح بها بالالحاد، وأبان عن خبث الضمائر وسوء الاعتقاد، فمنها قوله في قصيدته التي أولها:
علية هاتي أعلني وترنمي * * بذلك أني لا أحب التناجيا
حديث أبي سفيان قدما سما بها * * إلى أحد حتى أقام البواكيا
ألا هات فاسقيني على ذاك قهوة * * تخيرها العنسي كرما وشاميا
إذا ما نظرنا في أمور قديمة * * وجدنا حلالا شربها متواليا

وإن مت يا أم الاحيمر فانكحي * * ولا تأملي بعد الفراق تلاقيا
فإن الذي حدثت عن يوم بعثنا * * أحاديث طسم تجعل القلب ساهيا
ولا بد لي من أن أزور محمدا * * بمشمولة صفراء تروي عظاميا
ومما يعزى إليه، قوله:
معشر الندمان قوموا * * واسمعوا صوت الاغاني
واشربوا كأس مدام * * واتركوا ذكر المغاني
أشغلتني نغمة العيدان * * عن صوت الاذان
وتعوضت عن الحور * * خمورا في الدنان
ومنها قوله:
ولو لم يمس الارض فاضل بردها * * لما كان عندي مسحة في التيمم
وذكر ابن أبي الدنيا أنه لما نكت بالقضيب ثنايا الحسين أنشد لحصين بن الحمام المري:
صبرنا وكان الصبر منا سجية * * بأسيافنا تفرين هاما ومعصما
نفلقن هاما من رؤوس أحبة * * إلينا وهم كانوا أعق وأظلما
قال مجاهد: نافق فيها، ثم والله ما بقي في عسكره أحد إلا تركه، أي عابه وسبه.
قال ابن أبي الدنيا: وكان عنده أبو برزة الاسلمي، فقال له: يا يزيد! ارفع قضيبك، فوالله لطالما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقبل ثناياه.
وهذا كله كفر بواح، ونفاق صراح، وإنكار للرسالة والبعث والمعاد، وتناه في ضروب الزندقة والالحاد.
وقد أجمع أصحابنا الامامية ـ أعلى الله كلمتهم ـ تبعا لائمة العترة الطاهرة على كفره وخروجه عن ربقة الاسلام، وقطع بذلك بعض أئمة الجمهور ـ كما تقدم ويأتي إن شاء الله تعالى ـ.
6 ـ وقوله تعالى: (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين).
ويزيد ظالم غشوم بلا شبهة، فيشمله اللعن الوارد في الآية، بل هو من أتم مصاديق الظالم، والله العالم.

وقد تبين لك ـ بما قررنا ـ أن الآيات بإطلاقها وعمومها تدل على جواز لعن هذا اللعين وأضرابه من الفاسقين، كما ذهب إليه الامام أحمد وغيره من جهابذة المحققين.
جواز لعن يزيد من السنة
هذا، وقد دلت السنة المطهرة أيضا على جواز لعن يزيد ـ لعنه الله ـ وهي أحاديث:
منها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي وفاطمة والحسنين: «أنا حرب لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم».
أخرجه الامام أحمد في مسنده عن أبي هريرة، وروى الترمذي عن زيد بن أرقم: «أنا حرب لمن حاربتم، وسلم لمن سالمتم».
وقد دل الحديث على أن محاربة الحسين عليه السلام محاربة لجده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وهو كفر بالاجماع، فيكون فاعله مستحقا للعن والعذاب الاليم.
ومنها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ستة لعنتهم، لعنهم الله وكل نبي مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله تعالى، والمتسلط بالجبروت فيعز من أذل الله ويذل من أعز الله، والمستحل لحرم الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والتارك لسنتي»، رواه الحاكم عن عائشة.
قال المناوي في قوله صلى الله عليه وآله وسلم «والمستحل من عترتي ما حرم الله»: يعني من فعل بأقاربي ما لا يجوز فعله من إيذائهم أو ترك تعظيمهم، فإن اعتقد حله فكافر، وإلا فمذنب.
قال: وخص الحرم والعترة باللعن لتأكد حق الحرم والعترة وعظم قدرهما بإضافتهما إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.انتهى.
قلت:

لا يرتاب من كان له مثقال حبة من خردل من إنصاف في أن يزيد ومن خرج لقتال الحسين إنما استحلوا منه ما حرم الله، فهم كفرة بمقتضى هذا الحديث، وعلى فرض التنزل فإنهم فسقة مذنبون، فاللعن مسجل عليهم على كلا التقديرين، والله تعالى أعلم.
ومنها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من أخاف أهل المدينة أخافه الله عز وجل، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا»، رواه أحمد ومسلم.
وأخرج الطبراني من حديث السائب بن خلاد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا»، ورواه الطبراني أيضا في الاوسط والكبير عن عبادة بن الصامت بإسناد جيد ـ كما قال الحافظ المنذري.
وأخرج الطبراني في المعجم الكبير عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من آذى أهل المدينة آذاه الله، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل».
قال الامام أحمد: أليس قد أخاف أهل المدينة؟!.
قلت:
لا خلاف أن يزيد أخاف أهل المدينة وظلمهم وآذاهم، وذلك في وقعة الحرة، وما أدراك ما وقعة الحرة!
ذكرها الحسن البصري مرة فقال: والله ما كاد ينجو منهم، قتل فيها خلق من الصحابة ومن غيرهم.

وحكى المدائني في كتاب الحرة عن الزهري، قال: كان القتلى يوم الحرة سبعمائة من وجوه الناس من قريش والانصار والمهاجرين ووجوه الموالي، وأما من لم يعرف من عبد أو حر أو امرأة فعشرة آلاف، وخاض الناس في الدماء حتى وصلت الدماء إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وامتلات الروضة والمسجد.
قال مجاهد: التجأ الناس إلى حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنبره والسيف يعمل فيهم. انتهى.
وأبيحت المدينة أياما بأمر يزيد لعنه الله ـ كما قال الحافظ ابن حجر ـ وبطلت الجماعة من المسجد النبوي أياما، واختفت أهل المدينة أياما، فلم يمكن أحدا دخول مسجدها حتى دخلته الكلاب والذئاب وبالت على منبره صلى الله عليه وآله وسلم، وافتض فيها نحو ألف بكر، وحمل فيها من النساء اللاتي لا أزواج لهن نحو من ألف امرأة، وقيل: عشرة آلاف امرأة، وكان الرجل بعد ذلك إذا زوج ابنته لا يضمن بكارتها، ويقول: لعلها افتضت في وقعة الحرة.
ولم يرض مسلم بن عقبة المري ـ أمير ذلك الجيش ـ إلا بأن يبايعوه ليزيد على أنهم خول له، إن شاء باع وإن شاء أعتق، فذكر له بعضهم البيعة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فضرب عنقه.
ثم سار الجيش إلى قتال ابن الزبير، فرموا الكعبة بالمنجنيق وأحرقوها بالنار.
فأي شيء أعظم من هذه العظائم الموبقة التي وقعت في إمرته ناشئة"

وكل ما حكى الرجل من ألأدلة ليس فى يزيد وإنما فيمن ارتكب الذنوب وكل من ارتكب ذنبا لم يتب منه جائز لعنه لكونه كفر ككفر الكفار حيث استمروا فى كفرهم وقد سبق القول أن كل هذه الروايات لا صحة لها ولم يحدث منها شىء فكلها تاريخ كاذب وضعه الكفار لتفريق الناس وابعادهم عن القرآن منشغلين بخلافات لم تحدث إلا فى بطون كتب الروايات

 

الأحد، 29 سبتمبر 2024

نقد كتاب الخمس في الكتاب والسنة

نقد كتاب الخمس في الكتاب والسنة
صاحب الكتاب جعفر سبحانى التبريزى وهو يدور حول الاستشهاد بمصادر أهل السنة على صحة مذهب الشيعة فى الخمس وقد استهله بآية الخمس متحدثا عن سبب نزولها فقال :
"الخمس في الكتاب والسنة :
الأصل في ضريبة الخمس هو قوله سبحانه: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا علي عبدنا يوم الفرقان يوم التقي الجمعان والله علي كل شيء قدير)
لا شك أن الآية نزلت في مورد خاص أعني: يوم الفرقان يوم التقي الجمعان وهو غزوة «بدر» الكبري "
وأدخلنا الرجل فى متاهة من الأسئلة عن المقصود بالغنيمة مستشهدا بما جاء فى كتب اللغة -وقد حذفت أكثره لتكراره وعدم الحاجة له- فقال :
لكن الكلام في مادة «الغنيمة» في قوله سبحانه: (ما غنمتم) هل هو عام لكل ما يفوز به الإنسان في حياته أو خاص بما يظفر به في الحرب من السلب والنهب؟ وعلي فرض كونه عاما فهل المورد مخصص أو لا؟ فيقع الكلام في مقامين: الأول: الغنيمة مطلق ما يفوز به الإنسان فالظاهر من أئمة اللغة أنه في الأصل أعم مما يظفر به الإنسان في ساحات الحرب بل هو لغة لكل ما يفوز به الإنسان وإليك بعض كلماتهم: قال الخليل: الغنم: الفوز بالشيء في غير مشقة والاغتنام: انتهاز الغنم قال الأزهري: قال الليث: الغنم: الفوز بالشيء والاغتنام انتهاز الغنم قال الراغب: الغنم معروف والغنم: إصابته
والظفر به ثم استعمل في كل مظفور به من جهة ...ولأجل ذلك نجد أن المادة استعملت في مطلق ما يفوز به الإنسان في الذكر الحكيم والسنة النبوية لقد استعمل القرآن لفظة «المغنم» فيما يفوز به الإنسان وإن لم يكن عن طريق القتال بل كان عن طريق العمل العادي الدنيوي أوالأخروي إذ يقول سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقي إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة) والمراد بالمغانم الكثيرة: هواجر الآخرة بدليـل مقابلته لعرض الحياة الدنيا فيدل علي أن لفظ المغنم لا يختص بالأمور والأشياء التي يحصل عليها الإنسان في هذه الدنيا أو في ساحات الحرب فقط بل هو عام لكل مكسب وفائدة وإن كان أخرويا كما وردت هذه اللفظة في الأحاديث وأريد منها مطلق الفائدة الحاصلة للمرء روي ابن ماجة في سننه: أنه جاء عن رسول الله(ص): «اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما» وفي مسند أحمد عن رسول الله(ص): «غنيمة مجالس الذكر الجنة» وفي وصف شهر رمضان عنه(ص): «غنم للمؤمن» وفي نهاية ابن الأثير: الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة ...الثاني: المورد غير مخصص إذا كان مفهوم اللفظ عاما يشمل كافة ما يفوز به الإنسان فلا يكون وروده في مورد خاص مخصصا لمفهومه ومضيقا لعمومه فإذا وقفنا علي أن التشريع الإسلامي فرض الخمس في الركاز والكنز والسيوب أولا وأرباح المكاسب ثانيا فيكون ذلك التشريع مؤكدا لإطلاق الآية ولا يكون وروده في الغنائم الحربية رافعا له "

وكل هذا الكلام لا يهم المسلم منه شىء فالكلمات تستعمل فى اللغة بمعانى متعددة وكان ينبغى على التبريزى الاقتصار على المعنى فى الآية فهى أساس البحث
قطعا الغنيمة فى الآية تتحدث عن الأموال التى يغنمها المجاهدون فى الحرب من سلاح وطعام وحلى يلبسها المقاتلون أو ملابس أواشياء يرتديها المقاتلون كالدروع والخوذ والساعات وما شابه
ومن ثم لا علاقة لأى مال ثابت بالغنيمة وهو ألأرض وما عليها من مصانع ومزارع وغيرها ولذا جعل الله الأرض كلها للمسلمين جميعا وليس للمجاهدين فقال :
" ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون "
وتحدث السبحانى التبريزى عن الخمس فى الركاز فقال :
"وإليك ما ورد في السنة من الروايات في الموردين:
وجوب الخمس في الركاز:
من باب الغنيمة اتفقت السنة علي أن في الركاز الخمس وإنما اختلفوا في المعادن فالواجب هوالخمس لدي الحنفية والمالكية وربع العشر عند الشافعية والحنابلة وقد استدلت الحنفية علي وجوب الخمس في المعادن بالكتاب والسنة والقياس فقالوا: أما الكتاب: فقوله تعالي: (واعلموا انما غنمتم من شيء فأن لله خمسه) ويعد المعدن غنيمة لأنه كان في محله من الأرض في أيدي الكفرة وقد استولي عليه المسلمون عنوة وأما السنة: فقوله(ص): «العجماء جبار ـ أي هدر لا شيء فيه ـ والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس» والركاز يشمل المعدن والكنز لأنه من الركز أي المركوز سواء من الخالق أوالمخلوق وأما القياس: فهو قياس المعدن علي الكنز الجاهلي بجامع ثبوت معني الغنيمة في كل منهما فيجب الخمس فيهما ...و قد تضافرت الروايات عن طريق أهل السنة علي وجوب الخمس في الأمور الأربعة:
أ الركاز ب الكنز ج المعدن د السيوب
روي لفيف من الصحابة كابن عباس وأبي هريرة وجابر وعبادة بن الصامت وأنس بن مالك وجوب الخمس في الركاز والكنز والسيوب وإليك قسما مما روي في هذا المجال: في مسند أحمد وسنن ابن ماجة واللفظ للأول: عن ابن عباس قال: قضي رسول الله(ص) في الركاز الخمس وفي صحيحي مسلم والبخاري واللفظ للأول: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله(ص): «العجماء جرحها جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس» قال أبو يوسف في كتاب «الخراج»: كان أهل الجاهلية إذا عطب الرجل في قليب جعلوا القليب عقله وإذا قتلته دابة جعلوها عقله وإذا قتله معدن جعلوه عقله فسأل سائل رسول الله(ص) عن ذلك؟ فقال: «العجماء جبار والمعدن جبار والبئر جبار وفي الركاز الخمس» فقيل له: ما الركاز يا رسول الله؟ فقال: «الذهب والفضة الذي خلقه الله في الأرض يوم خلقت»
وفي مسند أحمد: عن الشعبي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله(ص): «السائمة جبار والجب جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس» قال الشعبي: الركاز: الكنز العادي وفيه أيضا: عن عبادة بن الصامت قال: من قضاء رسول الله(ص) أن المعدن جبار والبئر جبار والعجماء جرحها جبار والعجماء: البهيمة من الأنعام وغيرها والجبار هوالهدر الذي لا يغرم وقضي في الركاز الخمس وفيه: عن أنس بن مالك قال: خرجنا مع رسول الله(ص) إلي خيبر فدخل صاحب لنا إلي خربة يقضي حاجته فتناول لبنة ليستطيب بها فانهارت عليه تبرا فأخذها فأتي بها النبي(ص) فأخبره بذلك قال: «زنها» فوزنها فإذا مائتا درهم فقال النبي: «هذا ركاز وفيه الخمس» وفيه: أن رجلا من مزينة سأل رسول الله مسائل جاء فيها: فالكنز نجده في الخرب وفي الآرام؟ فقال رسول الله(ص): «فيه وفي الركاز الخمس» وفي نهاية اللغة ولسان العرب وتاج العروس في مادة «سيب» واللفظ للأول: وفي كتابه ـ أي كتاب رسول الله ـ لوائل بن حجر: «وفي السيوب الخمس» السيوب: الركاز قالوا: «السيوب: عروق من الذهب والفضة تسيب في المعدن أي تتكون فيه وتظهر» والسيوب: جمع سيب يريد به ـ أي يريد النبي بالسيب ـ المال المدفون في الجاهلية أوالمعدن لأنه من فضل الله تعالي وعطائه لمن أصابه» تفسير ألفاظ الأحاديث العجماء: الدابة المنفلتة من صاحبها فما أصابت في انفلاتها فلا غرم علي صاحبها والمعدن جبار يعني: إذا احتفر الرجل معدنا فوقع فيه انسان فلا غرم عليه وكذلك البئر إذا احتفرها الرجل للسبيل فوقع فيها إنسان فلا غرم علي صاحبها وفي الركاز الخمس والركاز: ما وجد من دفن أهل الجاهلية فمن وجد ركازا أدي منه الخمس إلي السلطان وما بقي له والآرام: الأعلام وهي حجارة تجمع وتنصب في المفازة يهتدي بها واحدها إرم كعنب وكان من عادة الجاهلية أنهم إذا وجدوا شيئا في طريقهم لا يمكنهم استصحابه تركوا عليه حجارة يعرفونه بها حتي إذا عادوا أخذوه وفي «لسان العرب» وغيره من معاجم اللغة: ركزه يركزه ركزا: إذا دفنه والركاز: قطع ذهب وفضة تخرج من الأرض أوالمعدن واحده الركزة كأنه ركز في الأرض وفي نهاية اللغة: والركزة: القطعة من جواهر الأرض المركوزة فيها وجمع الركزة: الركاز إن هذه الروايات تعرب عن وجود ضريبة غير الزكاة هي الخمس وعليه كلام أبي يوسف في كتابه «الخراج» وإليك نصه: كلام أبي يوسف في المعدن والركاز قال أبو يوسف: في كل ما أصيب من المعادن من قليل أو كثير الخمس ولوان رجلا أصاب في معدن أقل من وزن مائتي درهم فضة أواقل من وزن عشرين مثقالا ذهبا فإن فيه الخمس وليس هذا علي موضع الزكاة إنما هو علي موضع الغنائم وليس في تراب ذلك شيء إنما الخمس في الذهب الخالص والفضة الخالصة والحديد والنحاس والرصاص ولا يحسب لمن استخرج ذلك من نفقته عليه شيء وقد تكون النفقة تستغرق ذلك كله فلا يجب إذن فيه خمس عليه وفيه الخمس حين يفرغ من تصفيته قليلا كان أو كثيرا ولا يحسب له من نفقته شيء من ذلك وما استخرج من المعادن سوي ذلك من الحجارة ـ مثل الياقوت والفيروزج والكحل والزئبق والكبريت والمغرة ـ فلا خمس في شيء من ذلك إنما ذلك كله بمنزلة الطين والتراب قال: ولوان الذي أصاب شيئا من الذهب أوالفضة أوالحديد أوالرصاص أوالنحاس كان عليه دين فادح لم يبطل ذلك الخمس عنه ألا تري لوان جندا من الأجناد أصابوا غنيمة من أهل الحرب خمست ولم ينظر أعليهم دين أم لا ولو كان عليهم دين لم يمنع ذلك من الخمس قال: وأما الركاز فهوالذهب والفضة الذي خلقه الله عز وجل في الأرض يوم خلقت فيه أيضا الخمس فمن أصاب كنزا عاديا في غير ملك أحد ـ فيه ذهب أو فضة أو جوهر أو ثياب ـ فإن في ذلك الخمس وأربعة أخماسه للذي أصابه وهو بمنزلة الغنيمة يغنمها القوم فتخمس وما بقي فلهم قال: ولوان حربيا وجد في دار الإسلام ركازا و كان قد دخل بأمان نزع ذلك كله منه ولا يكون له منه شيء وإن كان ذميا أخذ منه الخمس كما يؤخذ من المسلم وسلم له أربعة أخماسه وكذلك المكاتب يجد ركازا في دار الإسلام فهو له بعد الخمس إن الناظر في فتاوي العلماء وروايات الواردة في وجوب الخمس في الركاز الذي هوالكنز عند الحجازيين والمعدن عند أهل العراق يقف علي أن إيجابه من باب انه فوز بالشيء بلا بذل جهد كالغنائم المأخوذة في الغزوات وهذا يعرب عن أن مدلول الآية أوسع مما يتصور في بدء الأمر يقول ابن الأثير ناقلا عن مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا والذي سمعت أهل العلم يقولون: إن الركاز إنما هو دفن يوجد من دفن الجاهلية ما لم يطلب بمال ولم يتكلف فيه نفقة ولا كبير عمل ولا مؤونة فأما ما طلب بمال وتكلف فيه كبير عمل فأصيب مرة وأخطئ مرة فليس بركاز والركاز عند أهل الحجاز كنز الجاهلية ودفنها لأن صاحبه ركزه في الأرض أي أثبته وهو عند أهل العراق المعدن لأن الله تعالي ركزه في الأرض ركزا والحديث إنما جاء في التفسير الأول منهما وهوالكنز الجاهلي علي ما فسره الحسن وإنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه والأصل فيه أن ما خفت كلفته كثر الواجب فيه وما ثقلت كلفته قل الواجب فيه ويؤيد ذلك ما رواه الإمام الصادق عن آبائه في وصية النبي(ص) لعلي قال: «يا علي إن عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في الإسلام ووجد كنزا فأخرج منه الخمس وتصدق به فأنزل الله: (واعلموا انما غنمتم من شيء فان لله خمسه)» إلي غير ذلك من الأخبار تري أن النبي(ص) جعل الكنز من مصاديق الغنيمة الواردة في الآية المباركة وهذا يعرب عن سعة مفهوم الآية غير أن الشيعة الإمامية عممتها إلي أرباح المكاسب ولكن السنة خصصتها بالركاز والكنز والمعدن وسيوافيك ما يدل علي وجوب الخمس في أرباح المكاسب في روايات أهل السنة الخمس في أرباح المكاسب هذا هو بيت القصيد في المقام والهدف من عنوان المسألة هواثبات ذلك حيث يظهر من غير واحد من الروايات أن النبي الأكرم أمر بإخراج الخمس من مطلق ما يغنمه الإنسان من أرباح المكاسب وغيرها وإليك بعض ما ورد في المقام: قدم وفد عبد القيس علي رسول الله(ص) فقالوا: إن بيننا وبينك المشركين وإنا لا نصل إليك إلا في شهر الحرام فمرنا بأمر فصل إن عملنا به دخلنا الجنة وندعواليه من
وراءنا» فقال(ص): «آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع; آمركم: بالإيمان بالله وهل تدرون ما الإيمان؟ شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وتعطوا الخمس من المغنم» ومن المعلوم أن النبي(ص) لم يطلب من بني عبد القيس أن يدفعوا غنائم الحرب كيف وهم لا يستطيعون الخروج من حيهم في غير الأشهر الحرم خوفا من المشركين فيكون قد قصد المغنم بمعناه الحقيقي في لغة العرب وهو ما يفوزون به فعليهم أن يعطوا خمس ما يربحون وهناك كتب ومواثيق كتبها النبي وفرض فيها الخمس علي أصحابها وستتبين بعد الفراغ من نقلها دلالتها علي الخمس في الأرباح وإن لم تكن غنيمة حربية فانتظر كتب لعمرو بن حزم حين بعثه إلي اليمن:

«بسم الله الرحمن الرحيم هذا عهد من النبي رسول الله لعمرو بن حزم حين بعثه إلي اليمن أمره بتقوي الله في أمره كله وأن يأخذ من المغانم خمس الله وما كتب علي المؤمنين من الصدقة من ال**** عشر ما سقي البعل وسقت السماء ونصف العشر مما سقي الغرب» والبعل ما سقي بعروقه والغرب: الدلوالعظيمة كتب إلي شرحبيل بن عبد كلال و حارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال قيل ذي رعين ومعافر وهمدان: «أما بعد فقد رجع رسولكم وأعطيتم من المغانم خمس الله» كتب إلي سعد هذيم من قضاعة وإلي جذام كتابا واحدا يعلمهم فرائض الصدقة ويأمرهم أن يدفعوا الصدقة والخمس إلي رسوليه أبي وعنبسة أو من أرسلاه» كتب للفجيع ومن تبعه: «من محمد النبي للفجيع ومن تبعه وأسلم وأقام الصلاة وآتي الزكاة وأطاع الله ورسوله وأعطي من المغانم خمس الله » كتب لجنادة الأزدي وقومه ومن تبعه: «ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطاعوا الله ورسوله وأعطوا من المغانم خمس الله وسهم النبي وفارقوا المشركين فإن لهم ذمة الله وذمة محمد بن عبد الله» كتب لجهينة بن زيد فيما كتب: «إن لكم بطون الأرض وسهولها وتلاع الأودية وظهورها علي أن ترعوا نباتها وتشربوا ماءها علي أن تؤدوا الخمس» كتب لملوك حمير فيما كتب:
«وآتيتم الزكاة وأعطيتم من المغانم: خمس الله وسهم النبي وصفيه وما كتب الله علي المؤمنين من الصدقة» كتب لبني ثعلبة بن عامر: «من أسلم منهم وأقام الصلاة وآتي الزكاة وأعطي خمس المغنم وسهم النبي والصفي» كتب إلي بعض أفخاذ جهينة: «من أسلم منهم وأقام الصلاة وآتي الزكاة وأطاع الله ورسوله وأعطي من الغنائم الخمس» إيضاح الاستدلال بهذه المكاتيب يتبين ـ بجلاء ـ من هذه الرسائل أن النبي(ص) لم يكن يطلب منهم أن يدفعوا خمس غنائم الحرب التي اشتركوا فيها بل كان يطلب ما استحق في أموالهم من خمس وصدقة ثم إنه كان يطلب منهم الخمس دون أن يشترط ـ في ذلك ـ خوض الحرب واكتساب الغنائم هذا مضافا إلي أن الحاكم الإسلامي أو نائبه هما اللذان يليان بعد الفتح قبض جميع غنائم الحرب وتقسيمها بعد استخراج الخمس منها ولا يملك أحد من الغزاة عدا سلب القتيل شيئا مما سلب وإلا كان سارقا مغلا فإذا كان إعلان الحرب وإخراج خمس الغنائم علي عهد النبي(ص) من شؤون النبي(ص) فماذا يعني طلبه الخمس من الناس وتأكيده في كتاب بعد كتاب وفي عهد بعد عهد؟ فيتبين أن ما كان يطلبه لم يكن مرتبطا بغنائم الحرب هذا مضافا إلي أنه لايمكن أن يقال: إن المراد بالغنيمة في هذه الرسائل هو ما كان يحصل الناس عليه في الجاهلية عن طريق النهب كيف وقد نهي النبي(ص) عن النهب والنهبي بشدة ففي كتاب الفتن باب النهي عن النهبة عنه(ص): «من انتهب نهبة فليس منا» وقال: «إن النهبة لا تحل
وفي صحيح البخاري ومسند أحمد عن عبادة بن الصامت: بايعنا النبي(ص) أن لا ننهب وفي سنن أبي داود باب النهي عن النهبي عن رجل من الأنصار قال: خرجنا مع رسول الله(ص) فأصاب الناس حاجة شديدة وجهد وأصابوا غنما فانتهبوها فإن قدورنا لتغلي إذ جاء رسول الله يمشي متكئا علي قوسه فأكفأ قدورنا بقوسه ثم جعل يرمل اللحم بالتراب ثم قال: «إن النهبة ليست بأحل من الميتة» وعن عبد الله بن زيد: نهي النبي(ص) عن النهبي والمثلة إلي غير ذلك من الأحاديث التي وردت في كتاب الجهاد وقد كانت النهبة والنهبي عند العرب تساوق الغنيمة
والمغنم ـ في مصطلح يومنا هذا ـ الذي يستعمل في أخذ مال العدو فإذا لم يكن النهب مسموحا به في الدين وإذا لم تكن الحروب التي تخاض بغير إذن النبي(ص) جائزة لم تكن الغنيمة في هذه الوثائق غير ما يفوز به الناس من غير طريق القتال بل من طريق الكسب وما شابهه ولا محيص حينئذ من أن يقال: إن المراد بالخمس الذي كان يطلبه النبي(ص) هو خمس أرباح الكسب والفوائد الحاصلة للإنسان من غير طريق القتال أوالنهب الممنوع في الدين وفي الجملة: إن الغنائم المطلوب في هذه الرسائل النبوية أداء خمسها إما أن يراد بها ما يستولي عليه من طريق النهب والإغارة أو ما يستولي عليه من طريق محاربة بصورة الجهاد أو ما يستولي عليه من طريق الكسب والكد والأول ممنوع بنص الأحاديث السابقة فلا معني أن يطلب النبي(ص) خمس النهبة والثاني يكون أمر الغنائم بيد النبي(ص) مباشرة فهو الذي يأخذ كل الغنائم ويضرب لكل من الفارس والراجل ما له من الأسهم بعد أن يستخرج الخمس بنفسه من تلك الغنائم فلا معني لأن يطلبه النبي(ص) من الغزاة فيكون الثالث هوالمتعين وورد عن أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ما يدل علي ذلك فقد كتب أحد الشيعة إلي الإمام الجواد قائلا: أخبرني عن الخمس أعلـي جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلي الصناع وكيف ذلك؟ فكتب بخطه: «الخمس بعد المؤونة» وفي هذه الإجابة القصيرة يظهر تأييد الإمام لما ذهب إليه السائل ويتضمن ذكر الكيفية التي يجب أن تراعي في أداء الخمس وعن سماعة قال: سألت أبا الحسن (الكاظم) عن الخمس؟ فقال: «في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير»
وعن أبي علي ابن راشد (وهو من وكلاء الإمام الجواد والإمام الهادي) قال: قلت له (أي الإمام الهادي ): أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقك فأعلمت مواليك بذلك فقال لي بعضهم: وأي شيء حقه؟ فلم أدر ما أجيبه؟ فقال: «يجب عليهم الخمس» فقلت: وفي أي شيء؟ فقال: «في أمتعتهم وصنائعهم» قلت: والتاجر عليه والصانع بيده؟ فقال: «إذا أمكنهم بعد مؤونتهم» إلي غير ذلك من الأحاديث والأخبار المروية عن النبي الأكرم(ص) وأهل بيته الطاهرين التي تدل علي شمول الخمس لكل مكسب ثم إن هنا سؤالا وهواذا كان إخراج الخمس من أرباح المكاسب فريضة إلهية فلماذا كان أمرا متروكا قبل الصادقين ؟ فان الأخبار الدالة عليه مروية عنهما وعمن بعدهما من الأئمة بل أكثرها مروية عن الإمامين الجواد والهادي وهما من الأئمة المتأخرين فهل كان هذا الحكم مهجورا عند الفريقين بعد عصر النبي(ص) إلي عصر الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ؟ والجواب هوانه قد عرفت تضافر الروايات النبوية علي وجوب الخمس في كل ما يربح الرجل ويفوز وأما عدم قيام الخلفاء به فلأجل عدم وقوفهم علي هذا التشريع كما أن عدم قيام النبي(ص) بهذه المهمة علي رؤوس الأشهاد لأجل تفشي الفقر بين المسلمين يومذاك والناس كانوا حديثي عهد بالإسلام وكانت المصلحة تقتضي تأخير إجراء التشريع إلي الأعصار اللاحقة وأما عصر الصادقين الذي ورد فيه بعض الروايات ثم وردت تتري إلي عصر الجوادين فلأجل تكدس الأموال بين المسلمين الأمر الذي اقتضي الإجهار بالحكم ودعوة الشيعة إلي العمل به وإلا فأصل تشريع الخمس كان في عصر النبي(ص) كما عرفت "
وكل ما سبق من روايات سواء عند السنة أو عند الشيعة كلها كاذبة لم ينطق بها النبى(ص) ولا من كانوا فى عصره فلا وجود للخمس سوى فى الغنيمة فقط فلا خمس فى الركاز ولا السيول ولا غيرها لأن الروايات تتعارض مع كون ما فى الأرض ملكية مشتركة للمسلمين جميها لا يحق لحد أن يأخذ منها شىء خاص وحده كما قال تعالى :
" ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر ان الأرض يرثها عبادى الصالحون"
فكلنا ورثة لما فى الأرض من منافع سواء على سطحها أو فى باطنها
وهو نفس ما قاله الله أنه وزع الأقوات وهى المنافع على الكل بالتساوى فقال :
"وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين "

كما أن اخوة المؤمنين تمنع تميز أحدهم عن ألأخر فى العطاء من ألرض كما قال تعالى :
" إنما المؤمنون اخوة "
ومن ثم لا وجود للخمس فى غير غنيمة المجاهدين وقد تحدث عن مواضعها فى القرآن فقال :
"مواضع الخمس في القرآن الكريم:
مواضع الخمس في القرآن الكريم يقسم الخمس حسب تنصيص الآية علي ستة أسهم فيفرق علي مواضعها الواردة في الآية قال سبحانه: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل) غير أنه يطيب لي تعيين المراد من ذي القربي يقصد بـ (ذي القربي) صاحب القرابة والوشيجة النسبية ويتعين فرده بتعيين المنسوب إليه وهو يختلف حسب اختلاف مورد الاستعمال ويستعان في تعيينه بالقرائن الموجودة في الكلام وهي: الأشخاص المذكورون في الآية أو ما دل عليها سياق الكلام قال سبحانه: (وما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولـي قربي) والمراد أقرباء المذكورين في الآية أي النبي والمؤمنين لتقدم قوله: (والذين آمنوا) وقال سبحانه: (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربي) والمراد أقرباء المخاطبين في الآية بقوله: (قلتم) و (فاعدلوا) وقال سبحانه: (وإذا حضر القسمة أولوا القربي) والمراد أقرباء من يقسم ماله أعني الميت مطلقا فقد أريد من ذي القربي في هذه الآيات الثلاث مطلق القريب دون أقرباء النبي خاصة لما عرفت من القرائن بخلاف الآيتين التاليتين فإن المراد أقرباء النبي(ص) لنفس الدليل قوله سبحانه: (ما أفاء الله علي رسوله من أهل القري فلله وللرسول ولذي القربي) وقوله سبحانه: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي) المراد في الآيتين قرابة الرسول(ص) لتقدم ذكره وعدم صلاحية السياق إلا لذلك وأما آية الخمس من سورة الأنفال المتقدم ذكرها فقد اتفق المفسرون علي أن المراد من ذي القربي قرابة الرسول(ص) فسدس الخمس لذي القربي و هو حكم خالد ثابت غير منسوخ إلي يوم القيامة وأما الأسداس الثلاثة الباقية فهي للأصناف الثلاثة المذكورة في الآية ـ أعني: اليتامي والمساكين وابن السبيل ـ وهل المراد مطلق اليتامي والمساكين وأبناء السبيل أو يتامي آل محمد و مساكينهم وأبناء سبيلهم وبالجملة: الثلاثة من ذوي القربي علي الخصوص؟ والسياق هنا وإن لم يقتض الالتزام بأحدهما إلا أن السنة الشريفة الواردة عن الرسول(ص) وأهل بيته اقتضت الأخير كما يأتي في البحث التالي "
الرجل هنا يقصر القرابة على قرابة الرسول(ص)وعلى يتامى أقاربه ومساكينهم وأبناء سبيلهم وهو كلام لو صدقناه لوجب التالى :
أن ينفق الرسول (ص) أو من يخلفه من أقاربه حسب القرابة وعلى هذا يكون عليه أن ينفق على كفار بنى هاشم أو كفار بنى عبد المطلب ومساكينهم ويتاماهم وأبناء سبيلهم وهو كلام لا يمكن أن يكون إلا جنون لأن القرابة لم تحدد مسلمين أم كفار
ونجد تعبير ذى القربى مطلق لأن الله لواراد قرابة الرسول الخاتم (ص) فقال ولآقاربك ويتاماك ومساكينك وأبناء سبيلك وإنما أراد أن من يقوم مقام الرسول(ص) فى الحكم سيكون له نفس الجزء من الخمس
والغريب أن وقت نزول الآية لم يكن هناك أطفال من قرابة الرسول(ص) يتامى ولا أبناء سبيل لأن كل من هاجروا كانوا رجالا ونساء بالغات
والمعروف ان أموال المسلمين توزع على مسلمين وليس على كفار محاربين
وتحدث عن روايات الخمس فقال :
"مواضع الخمس في السنة
وأما السنة فهي أيضا تدعم ما هو مفاد الآية: روي عن ابن عباس: كان رسول الله(ص) يقسم الخمس علي ستة: لله وللرسول سهمان وسهم لأقاربه حتي قبض إن السهم الوارد في قوله: «وسهم لأقاربه» تعبير آخر عن ثلاثة أسهم من الخمس يدل عليه قوله «علي ستة: لله وللرسول سهمان» فان معناه سهم لله وسهمان للرسول أي سهم لنفس الرسول وسهم «لذي القربي» فتبقي الأسهم الثلاثة في الخمس و من لأقاربه أعني: اليتامي والمساكين وابن السبيل وهذا هوالذي عليه الإمامية في تقسيم الخمس "
الغريب فى تفسير السبحانى لرواية السابقة أن عدد الأسهم ستة ومع هذا يعتبر سهم الأقارب بأربعة أو بثلاثة على أنهم كلهم أقارب الرسول(ص) وهو ما لا يتفق مع تخصيص سهم للٌأقرب فقط من السنة فلا يمكن أن يتضمن سهم واحد ثلاثة مع الرابع مع كونه واحد وعدد ألسهم سنة
ثم قال :
"وروي عن أبي العالية الرياحي : كان رسول الله(ص) يؤتي بالغنيمة فيقسمها علي خمسة فتكون أربعة أخماس لمن شهدها ثم يأخذ الخمس فيضرب بيده فيه فيأخذ منه الذي قبض كفه فيجعله للكعبة وهو سهم الله ثم يقسم ما بقي علي خمسة أسهم فيكون سهم للرسول وسهم لذي القربي وسهم لليتامي وسهم للمساكين و سهم لابن السبيل قال: والذي جعله للكعبة فهو سهم الله ولعل جعله للكعبة كان لتجسيد السهام وتفكيكها وربما خالفه كما روي عطاء بن أبي رباح قال: «خمس الله وخمس رسوله واحد وكان رسول الله(ص) يحمل منه ويعطي منه و يضعه حيث شاء ويصنع به ما شاء» والمراد من كون سهمهما واحدا كون أمره بيده(ص) بخلاف الأسهم الأخر فإن مواضعها معينة وبذلك يظهر المراد مما رواه الطبري: «كان نبي الله إذا اغتنم غنيمة جعلت أخماسا فكان خمس لله ولرسوله ويقسم المسلمون ما بقي (الأخماس الأربعة) وكان الخمس الذي جعل لله ولرسوله لرسوله ولذوي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل فكان هذا الخمس خمسة أخماس خمس لله ولرسوله» فالمراد منه ـ كما يظهر ـ أن أمر السهمين كان بيد الرسول ولذا جعلهما سهما واحدا بخلاف السهام الأخر وإلا فالخبر مخالف لتنصيص القرآن الكريم لتصريحه بأن الخمس يقسم أسداسا وأما تخصيص بعض سهام الخمس بذي القربي ومن جاء بعدهم من اليتامي والمساكين وابن السبيل فلأجل الروايات الدالة علي أنه لا تحل لهم الصدقة فجعل لهم خمس الخمس من آل محمد(ص) روي الطبري: كان آل محمد(ص) لا تحل لهم الصدقة فجعل لهم (ذوي القربي) خمس الخمس وقال: قد علم الله أن في بني هاشم الفقراء فجعل لهم الخمس مكان الصدقة"
والرجل يناقض نفسه بأنه ألربعة أخماس مخصصة لقرابة الرسول(ص) من اليتامى والمساكين وابن السبيل وهو ما يناقض نص الطبرى" ويقسم المسلمون ما بقي (الأخماس الأربعة)" فالرسول (ص) هنا لا يقسم الأربعة أخماس وإنما المسلمون من يقسمون فلو كان لأقاربه ما قسمه المسلمون
وركز على أن روايات الشيعة تجعل كل الغنيمة لآقارب محمد(ص) فقال :
" كما تضافرت الروايات عن أئمة أهل البيت أن السهام الأربعة من الخمس لآل محمد(ص) فتبين ان سدس الخمس لذي القربي والأسداس الثلاثة الباقية للطوائف الثلاث من آل محمد هذا ما يستفاد من الكتاب والسنة غير أن الاجتهاد لعب دورا كبيرا في تحويل الخمس عن أصحابه وإليك ما ذهبت إليه المذاهب الأربعة: إسقاط حق ذي القربي بعد رحيل النبي(ص) اتفق أكثر فقهاء المذاهب تبعا لأسلافهم علي إسقاط سهم ذوي القربي من خمس الغنائم وغيره وإليك كلماتهم: قالت الشافعية والحنابلة: تقسم الغنيمة و هي الخمس إلي خمسة أسهم واحد منها سهم الرسول ويصرف علي مصالح المسلمين و واحد يعطي لذوي القربي وهم من انتسب إلي هاشم بالابوة من غير فرق بين الأغنياء والفقراء والثلاثة الباقية تنفق علي اليتامي والمساكين وأبناء السبيل سواء أ كانوا من بني هاشم أو من غيرهم وقالت الحنفية: إن سهم الرسول سقط بموته أما ذووالقربي فهم كغيرهم من الفقراء يعطون لفقرهم لا لقرابتهم من الرسول وقالت المالكية: يرجع أمر الخمس إلي الإمام يصرفه حسبما يراه من المصلحة ز وقالت الإمامية: إن سهم الله وسهم الرسول وسهم ذوي القربي يفوض أمرها إلي الإمام أو نائبه يضعها في مصالح المسلمين والأسهم الثلاثة الباقية تعطي لأيتام بني هاشم ومساكينهم وأبناء سبيلهم ولايشاركهم فيها غيرهم وفي هامش «المغني» لابن قدامة بعد ما روي أن أبابكر وعمر قسما الخمس علي ثلاثة أسهم: «و هو قول أصحاب الرأي ـ أبي حنيفة وجماعته ـ قالوا: يقسم الخمس علي ثلاثة: اليتامي والمساكين وابن السبيل وأسقطوا سهم رسول الله بموته وسهم قرابته أيضا وقال مالك: الفيء والخمس واحد يجعلان في بيت المال وقال الثوري: والخمس يضعه الإمام حيث أراه الله عز وجل وما قاله أبو حنيفة مخالف لظاهر الآية فإن الله تعالي سمي لرسوله وقرابته شيئا وجعل لهما في الخمس حقا كما سمي الأصناف الثلاثة الباقية فمن خالف ذلك فقد خالف نص الكتاب وأما جعل أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ سهم ذي القربي في سبيل الله فقد ذكر لأحمد فسكت وحرك رأسه ولم يذهب إليه ورأي أن قول ابن عباس و من وافقه أولي لموافقته كتاب الله وسنة رسوله(ص) إسقاط سهم ذي القربي اجتهاد تجاه النص ثم إن الخلفاء بعد النبي الأكرم اجتهدوا تجاه النص في موارد منها إسقاط سهم ذي القربي من الخمس وذلك أن الله سبحانه وتعالي جعل لهم سهما وافترض أداءه نصا في الذكر الحكيم والفرقان العظيم يتلوه المسلمون آناء الليل وأطراف النهار وهو قوله عز من قائل: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله و ما أنزلنا علي عبدنا يوم الفرقان يوم التقي الجمعان والله علي كل شيء قدير) وقد أجمع أهل القبلة كافة علي أن رسول الله(ص) كان يختص بسهم من الخمس ويخص أقاربه بسهم آخر منه وأنه لم يعهد بتغيير ذلك إلي أحد حتي قبضه الله إليه وانتقاله إلي الرفيق الأعلي فلما ولي أبو بكر تأول الآية فأسقط سهم النبي وسهم ذي القربي بموت النبي(ص) ومنع بني هاشم من الخمس وجعلهم كغيرهم من يتامي المسلمين ومساكينهم وابناء السبيل منهم قال الزمخشري: وعن ابن عباس: الخمس علي ستة أسهم: لله ولرسوله سهمان وسهم لأقاربه حتي قبض فأجري أبوبكر الخمس علي ثلاثة وكذلك روي عن عمر ومن بعده من الخلفاء قال: و روي أن أبا بكر منع بني هاشم الخمس وقد أرسلت فاطمة تسأله ميراثها من رسول الله(ص) مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فأبي أبوبكر أن يدفع إلي فاطمة منها شيئا فوجدت فاطمة علي أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتي توفيت وعاشت بعد النبي(ص) ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا ولم يؤذن بها أبابكر وصلي عليها الحديث وفي صحيح مسلم عن يزيد بن هرمز قال: كتب نجدة بن عامر الحروري الخارجي إلي ابن عباس قال ابن هرمز:
فشهدت ابن عباس حين قرأ الكتاب وحين كتب جوابه وقال ابن عباس: والله لولا أن أرده عن نتن يقع فيه ما كتبت إليه ولا نعمة عين قال: فكتب إليه: إنك سألتني عن سهم ذي القربي الذين ذكرهم الله من هم؟ وإنا كنا نري أن قرابة رسول الله(ص) هم نحن فأبي ذلك علينا قومنا الحديث وأخرجه الإمام أحمد من حديث ابن عباس في أواخر ص من الجزء الأول من مسنده و رواه كثير من أصحاب المسانيد بطرق كلها صحيحة وهذا هو مذهب أهل البيت المتواتر عن أئمتهم ـ عليهم السلام ـ لكن الكثير من أئمة الجمهور أخذوا برأي الخليفتين فلم يجعلوا لذي القربي نصيبا من الخمس خاصا بهم فأما مالك بن أنس فقد جعله بأجمعه مفوضا إلي رأي الإمام يجعله حيث يشاء في مصالح المسلمين لا حق فيه لذي قربي ولا ليتيم ولا لمسكين ولا لابن سبيل مطلقا
وأما أبو حنيفة وأصحابه فقد أسقطوا بعد النبي(ص) سهمه وسهم ذي قرباه وقسموه بين مطلق اليتامي والمساكين وابن السبيل علي السواء لا فرق عندهم بين الهاشميين وغيرهم من المسلمين والشافعي جعله خمسة أسهم: سهما لرسول الله(ص) يصرف إلي ما كان يصرف إليه من مصالح المسلمين كعدة الغزاة من الخيل والسلاح والكراع و نحو ذلك وسهما لذوي القربي من بني هاشم وبني المطلب دون بني عبد شمس وبني نوفل يقسم بينهم (للذكر مثل حظ الأنثيين) والباقي للفرق الثلاث: اليتامي والمساكين وابن السبيل مطلقا إلي هنا خرجنا بالنتيجة التالية: إن الخمس يقسم علي ستة أسهم الثلاثة الأولي أمرها بيد الإمام يتولاها حسب ما رأي من المصلحة والثلاثة الأخري للأيتام والمساكين وأبناء السبيل من آل النبي الأكرم لا مطلقهم"
والغريب هيما سبق هو أن السبحانى يحاول تحوير معانى ما نقله من مصادر أهل السنة وهو :
أن سهم القربى غير سهام اليتامى والمساكين وأبناء السبيل ليجعله كله سهم وحده وهو ما يأباه النص القرآنى لأن ذى القربى يشمل القريب سواء يتيم أو مسكين أو ابن سبيل فلو كان يريد ذلك المعنى ما ذكر الثلاثة أصناف لأن كل الأقارب داخلة فيه
والغريب فيما كتب هو ذكره أن فى بنى عبد المطلب فقراء من المسلمين وقت نزول الآية مع أنه لم يكن منهم موجودا إلا عدد يعد على اصابع اليد أو اليدين وليس منهم أحد يتيم ولا ابن سبيل

 

السبت، 28 سبتمبر 2024

نظرات فى كتاب الإجماع السكوتي

نظرات فى كتاب الإجماع السكوتي
صاحب البحث بندر بن سعد زاكي الحربي وهو يدور حول ما سماه الاجماع السكوتى وقد عرفه فقال :
المطلب الأول: تعريف الإجماع السكوتي:
الإجماع السكوتي هو أن يقول بعض علماء العصر قولاً ويسكت الباقون , أو يعلن بعض المجتهدين قولاً ويسكت بقية أهل العصر من المجتهدين سكوتاً لا يستدل منه على رضا ولا سخط.
المطلب الثاني: بيان أن الإجماع السكوتي غير مختص بالصحابة وخلاف الحنابلة في ذلك.
اختلف الحنابلة في هذه المسألة على قولين:
القول الأول - أنه مختص بالصحابة:
وهو ظاهر كلام الأكثرين أن افتراضهم هذه المسألة في عصر الصحابة دون غيرهم.
قال القاضي في " العدة" (4/ 1170): (إذا قال بعض الصحابة قولا، وظهر للباقين، وسكتوا عن مخالفته والإنكار عليه حتى انقرض العصر، كان إجماعا.
وهذا ظاهر كلام أحمد في رواية الحسن بن ثواب، قال: "أذهب في التكبير غداة يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، فقيل له: إلى أي شيء تذهب؟ قال: بالإجماع: عمر وعلي وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس". وظاهر هذا: أنه جعله إجماعا، لانتشاره عنهم، ولم يظهر خلافه ... )
القول الثاني - أنه غير مختص بالصحابة:
قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (3/ 78): (اعلم أنه في " الروضة " فرض هذه المسألة في الصحابة، وليس مختصا بهم، بل هذه مسألة الإجماع السكوتي، منهم ومن غيرهم من مجتهدي الأعصار ... )
وقال علاء الدين الكناني في شرحه على مختصر الروضة المسمى "سواد الناظر" (3/ 583): (إذا اشتهر في عصر الصحابة أو غيرهم قول بعضهم التكليفي وبلغ علماء العصر ومضت مدة ... فإجماع).
والراجح أنه غير مختص بالصحابة "
قطعا لا وجود للاجماع السكوتى كدليل للتالى :
اولا كونه شرك بالله لأنه اشراك للبشر مع الله فى التشريع وهو ما يكذب قوله تعالى :
" شرع لكم من الدين"

ثانيا أن الشرع فيه بيان كل حكم كما قال تعالى :
" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء "
ومن ثم لا حاجة لاجماع بشر بالسكوت أو بالكلام
وتحدث عن محل نزاع الفقهاء فى ألمر فقال :
" الاجماع السكوتي ومناقشة الأدلة والرأي الصواب في المسألة
المطلب الأول:
تحرير محل النزاع:
إن كان ذلك القول ليس في تكليف , بل في امر عادي فهذا ليس بإجماع.
كقول بعضهم "حذيفة أفضل من عمار " فان سكوت الباقين لا يدل على انعقاد الإجماع على ذلك؛ لأنه لا حاجة لهم إلى إنكار ذلك ولا إلى تصويبه وان كان ذلك القول في حكم شرعي تكليفي؛ فينظر:
إن صرح الساكتون بالرضا, أو وجد منهم علامات تدل على رضاهم من هذا القول , فانه يكون إجماعا وان صرحوا بالسخط , أو وجد منهم علامات تدل على سخطهم ,فهذا ليس بإجماع وان سكتوا ولم يظهر منهم علامات تدل على الرضا , ولا علامات تدل على السخط , فهل هذا يدل على انهم موافقون للمجتهد المعلن رأيه ويسمى إجماعا , أم لا؟ اختلف في ذلك على مذاهب."
قطعا لا يمكن معرفة رضا الناس من سخطهم سواء كان المقصود الفقهاء او الصحابة أو غيرهم لعدم معرفة من هو الفقيه من غير الفقيه ومن هو العاقل ومن هو المجنون
وكلمة الاجماع لا محل لها فقد أجمع المسلمون ومعهك النبى على خطأ وهو دفاعهم عن مرتكب الجريمة التى رمى بها غيره وهو برىء منها حتى نزل قوله تعالى :
"وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ"
كما أجمع اخوة يوسف(ص) على منكر وهو قتل يوسف (ص)أو طرحه فى البئر كما قال تعالى :
"وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ"
وعرض الحربى آراء الفقهاء فى مذاهبهم وأدلة كل فريق فقال :
"المطلب الثاني:
بيان خلاف العلماء في الإجماع السكوتي ومناقشة الأدلة والرأي الصواب في المسألة.
اختلف العلماء في الإجماع السكوتي هل يعتبر إجماعا وحجة أم لا على
ثلاثة عشر مذهبا ذكرها الإمام الزركشي في البحر المحيط أهمها ثلاثة مذاهب
المذهب الأول: أنه إجماعا وحجة
وهو قول كافة العلماء وبه قال أكثر الحنفية وهو ظاهر كلام أحمد واختاره القاضي أبو يعلى وابن عقيل وأبو الخطاب، وابن قدامة،
وهو الصواب من مذهب الشافعي وبه قال أكثر أصحاب الشافعي
وعليه جمع من الأصوليين كالسرخسي, والنسفي
ولاكن بعض هؤلاء اشترط انقراض العصر كالجبائي المعتزلي والآمدي قال الشيخ ابن عثيمين وهذا أقرب الأقوال.
المذهب الثاني: أنه حجة وليس باجماع
والمقصود أنه يكون حجة ظنية لا إجماع قطعي، ونسبه المرداوي، وابن النجار لأحمد وأصحابه وهو مذهب أبي هاشم الجبائي والصيرفي ، واختاره الآمدي وهو أحد القولين عن الإمام الشافعي إلا أن أبا علي بن أبي هريرة من أصحاب الشافعي اشترط أن يكون فتيا فقيها
المذهب الثالث: ليس بإجماع ولا حجة.
وهو مذهب داود الظاهري ، وابنه محمد واليه ذهب الشريف المرتضى وينسب إلى القاضي الباقلاني وعزاه للشافعي وقال "انه آخر أقواله" وممن نسبه إلى الإمام الشافعي أيضاً كثير من الشافعية كالآمدي,ونص الغزالي في المنخول أنه قول الشافعي في الجديد وفخرالدين الرازي، وقال إمام الحرمين: إنه ظاهر مذهب الشافعي واختاره الغزالي في " المستصفى "
أدلة أصحاب المذهب الأول القائلين بأنه إجماعا وحجة:
الدليل الأول: أنه لو اشترط لانعقاد الإجماع أن ينص كل واحدمنهم على رأيه بصراحة لأدى ذلك إلى عدم انعقاد الإجماع أبدا؛ لأنه يتعذر اجتماع أهل كل عصر على قول يسمع منهم، والمتعذر معفو عنه؛ لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]،والمعتاد في كل عصر أن يتولى كبار العلماء إبداء الرأي، ويسلم الباقون لهم فثبت بذلك: أن سكوت الباقين دليل على أنهم موافقون على قول من أعلن رأيه في المسألة، فكان إجماعا وحجة.
الدليل الثاني: الوقوع؛ حيث إن المجتهدين من التابعين إذاحدثت حادثة بينهم، ولم يجدوا حكما لها في نص، ووجدوا قولا فيها لصحابي، وعلموا أن هذا القول قد انتشر، وسكت بقية الصحابة عن الإنكار، فإن التابعين لا يجوزون العدول عن ذلك القول، بل يعملون به؛ بناء على أنه قول قد أجمع عليه.
الدليل الثالث: قياس المسائل الاجتهادية على المسائل الاعتقادية،بيان ذلك:
أنه قد ثبت أن العلماء قد أجمعوا على أن السكوت معتبر في المسائل الاعتقادية، أي: سكوت الساكت في العقيدة يدل على رضاه؛ لأنه لا يحل السكوت فيها على باطل، فيقاس عليها المسائل الاجتهادية، والجامع: أن الحق واحد، فلا يحل له السكوت في الأمور الاجتهادية إذا كان عنده بخلاف ما أعلن؛ لأن الساكت - عن الحق شيطان أخرس؛ لأن الحكم لو كان عنده بخلافه: لكان سكوته تركاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا بخلاف ما شهد الله به لهذه الأمة من أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فلو تصور منهم ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأدَّى ذلك إلى الخلف في كلامه سبحانه وتعالى، وهو محال، فوجب أن نحمل سكوت الساكت على أنه موافق لما أعلنه ذلك المجتهد، وهو الذي تدل عليه عدالته واما قول الشافعي "لا ينسب إلى ساكت قول" أراد به ما إذا كان السكوت في المجلس ولا يتصور السكوت إلا كذلك وفي غيره لا سكوت على الحقيقة.
وصرح بذلك أيضا التلمساني في "شرح المعالم" وأنه ليس من محل الخلاف بل هو إجماع وحجة عند الشافعي رحمه الله. قال: ولهذا استدل على إثبات القياس وخبر الآحاد بذلك لكونه في وقائع.
أدلة أصحاب المذهب الثاني القائلين بانه أنه حجة وليس بإجماعأن سكوت الباقين يدل دلالة ظاهرة على الموافقة فيكون قول ذلك المجتهد المعلن مع سكوت الباقي من المجتهدين عن الإنكار - مع قدرتهم على ذلك - حجة يجب العمل به كخبر الواحد والقياس. وإنما لم نقل إنه إجماع، لأن سكوت الباقي من المجتهدين يحتمل تلك الاحتمالات الستة السابقة الذكر فأثرت على وصوله إلى درجة الإجماع.
جوابه:
إن هناك قاعدة وهي: " أن كل احتمال لا يعضد بدليل صحيح فلا يعتبر "، والاحتمالات الستة السابقة الذكر قد بينا بعدها، وعدم صحتها، فثبت من إبطالها: أن سكوتهم يدل على رضاهم بالقول الذي أعلنه ذلك المجتهد - لا سيما وأنه لا مانع من إعلان مخالفتهم - وإذا كان الأمر كذلك فيكون ذلك إجماعا وحجة.
ادلة اصحاب المذهب الثالث القائلين بانه ليس باجماع ولا حجة
قالوا: السكوت يحتمل غير الموافقة من عدم اجتهاد أو خوف أو تعظيم , كما روي عن ابن عباس في مسألة العول أنه سكت مهابة من أمير المومنين عمر بن الخطاب
اجيب عنه: بمنع احتمال الثلاثة.
أما عدم الاجتهاد: فاننا اشترطنا مضي مدة كافية للتأمل في الواقعة.
وأما الخوف: فانه لايليق بالمجتهدين الذين يؤمنون بالله تعالى , اذ من عاداتهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير أن يخافوا في الله لومة لائم.
وأما التعظيم: فلا يظن فيمن هو عدل -ولا سيما من الصحابة رضي الله عنهم - أن يعظموا أحداً يخالف حكم الله.
واعترض على ذلك: بأن الفسق هو السكوت عن المنكر , وقول المجتهد (أي رأيه الذي رآه في المسألة الاجتهادية) ليس كذلك.
أجيب: أن هذا قبل أستقرار المذاهب اذ المجتهد يخطي ويصيب.
واما مسألة العول فان فيها نظر.
لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا لايهابون أحداً في أظهار الحق , ولا يخافون في الله لومة لائم , و يعتبرونه نصحا والسكوت عنه غشا في الدين.
ثم ان المناظرة في مسألة العول وخلاف ابن عباس مشهور بين العلماء رواية , وكان ابن عباس موضع حفاوة وتقدير من عمر رضي الله عنهما , يدل على ذلك ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه. فقال: لم يدخل هذا معنا ولنا ابناء مثله؟ فقال عمر انه من حيث علمتم , فدعاني ذات يوم فأدخلني معهم فما رأيت أنه دعاني الا ليريهم.
فقال: ما تقولون في قوله تعالى:" {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} .... السورة فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره اذا نصرنا وفتح علينا وسكت بعضهم فلم يقل شيئا. فقال لي أكذاك تقول يابن عباس. فقلت: لا , قال فما تقول: قلت: هو أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه الله له , قال: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} , وذلك علامة أجلك فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول "
ثم ان عمر كان ألين للحق وأشد انقيادا فهو الذي قال " لا خير فيكم ان لم تقولوا ولاخير فيّ ان لم اسمع " وقال: " من أحب الناس إليًّ من أهدى إليًّ عيوبي ".
وعندما أراد جلد المرأة الحامل , قال له معاذ بن جبل رضي الله عنه: " ان جعل الله لك على ظهرها سبيلا ما جعل الله لك على ما في بطنها سبيلا " فقال رضي الله عنه: " لولا معاذ لهلك عمر "
وعندما وقف على المنبر ينهي عن المغالاة في المهور , قالت امرأة قرشية: أما سمعت قول الله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَاخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20]
فقال امرأة خاصمة عمر فخصمته ,
فإذا كان عمر كذلك في سرعة استجابته للحق. فكيف يقال: ان ابن امتنع عن إظهار رأيه مهابة من عمر. فابن عباس لم يمتنع من إظهار رايه , وانما امتنع من مناظرة عمر ومحاجته؛ لان ذلك كان منه احتشاماً واجلالاً له كما يكون الشبان مع ذوي الأسنان في كل عصر.
والصحابة - رضي اللَّه عنهم - ومن سار على نهجهم من العلماء الذين سلكوا طريق النصح، وتركوا الغش كانوا ينكر بعضهم على بعض، ويتناظرون، ويتجادلون لتحقيق الحق، وإبطال الباطل كمناظرتهم في مسألة " الجد والإخوة " حتى أن ابن عباس - - قال: " ألا يتقي الله زيد يجعل ابن الابن ابنا، ولا يجعل أب الأب أبا "، وكذلك مسألة " التحريم "، و " دية الجنين "، وغيرها لا تخفى على أحد، فكل هذا يدل دلالة واضحة على أن المجتهد لا يسكت عن شيء هو يعلم خلافه، بل. يبين رأيه فيها دون إلزام "
وبعد أن عرض الآراء الثلاثة الرئيسية رجح أن الاجماع السكوتى اجماع وحجة فقال :
"والراجح
أنه إجماعا وحجة وذلك لأنه لو اشترط لانعقاد الإجماع: أن يصرح كل مجتهد برأيه في المسألة لأدى ذلك إلى عدم انعقاد الإجماع أبدا؛ لأنه يتعذر اجتماع أهل كل عصر على قول يسمع منهم، والمتعذر معفو عنه، والمعتاد في كل عصر أن يتولى كبار العلماء إبداء الرأي، ويسلم الباقون لهم بعد مدة تكفي لبحث المسألة، فثبت أن سكوت الباقين دليل على أنهم موافقون على قول من أعلن رأيه في المسألة فكان إجماعا وحجة ,والله اعلم. "
قطعا ما قرره الفقهاء مخالف لنص الوحى فلا أحد يملك التشريع من الخلق بسكوته أو بكلامه والاجماع إنما هو شرك بالله تعالى فى التشريع الذى بين أنه لم يترك منه شىء فقال :
" ما فرطنا فى الكتاب من شىء "

 

الجمعة، 27 سبتمبر 2024

حكم الرهائن

حكم الرهائن
الرهائن يقصد بهم :
المحتجزون فى مكان ما بواسطة عصابة أو بعض من العدو تسلل إلى أرضنا لتحقيق هدف ما خاص به
قطعا احتجاز أى مجموعة من البشر على أرض دولة المسلمين من قبل العصابات أو المجرمين هو من باب جريمة حرب الله ورسوله(ص) وهى جريمة الافساد فى الأرض
وقد بين الله أن عقوبات جريمة الحرب وهى :
القتل عن طريق :
تقطيع اليد مع رجل من خلاف أى رجل يمنى مع يد يسرى أو يد يمنى مع رجل يسرى وبعد التقطيع يتم الصلب على المصلبة أو الصليب وترك المحارب ينزف حتى يموت على الصليب
النفى من الأرض وهو :
الإغراق فى المياه
وهذه العقوبات تنفذ فيمن تم القبض عليهم عند تنفيذ الجريمة أيا كانت ومن ذلك جريمة
احتجاز الرهائن
وفى هذا قال تعالى :
"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم"
وأما المحارب الذى لم يقدر عليه وهو :
المحارب الذى لم يقبض عليه أثناء ارتكاب الجريمة وبعدها تاب وأناب وعاد لدين الله فهذا تقبل توبته كما قال تعالى :
"إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"
ومن ثم التائب من العصابة أو هو العصابة نفسها وحده فهذا لا عقاب عليه طالما لم يتم القبض عليه فى أثناء ارتكاب الجريمة وجاء من نفسه إلى المسلمين معلنا عودته للإسلام
والنوع الثانى من الرهائن هو :
من احتجزهم العدو فى أرضنا أو فى أرضه وهؤلاء يعتبرون من ضمن الأسرى أو الأسارى سواء كانوا ممن يسمونهم مدنيين أو عسكريين
وهؤلاء يتم إما مبادلتهم بأسرى من أسرى العدو عندنا أو يتم دفع الفدية لاطلاق سراحهم أو كما قال تعالى :
" وإن يأتوكم أسارى تفادوهم "
والآية وإن كان فى أسرى بنى إسرائيل فهى تنطبق على المسلمين فى كل زمان ومكان
فى عمليات احتجاز الرهائن لأى سبب من الأسباب يجب الحفاظ على أرواح وهى نفوس المحتجزين كما قال تعالى:
"مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا "
ومن ثم على قوات الأمن أو قوات المجاهدين ألا تقوم بأى عملية انقاذ لهؤلاء الأسرى قد تؤدى لهلاك واحد منهم إلا إذا كانت متأكد مئة فى المئة أن أحد منهم لن يقتل
وفى عمليات الاحتجاز نجد أن الحاجزين للناس يتفاوضون من أجل تحقيق هدف معين فالبعض يريد سرقة المال أو يريد إطلاق سراح محكوم عليه أو يريد يسرق شىء معين من مؤسسة ما أو يريد إطلاق سراح اسرى أو يريد علاج أحد ما أو يريد تهريب مخدرات ...........
الأسباب التى يريد المحتجزين للناس تنفيذها متعددة ومن ثم يجرون ما يسمونه عملية تفاوض لاطلاق سراح الأسرى مقابل تنفيذ الشىء
وفى القرآن حكايات قريبة من ذلك ولكنها عملية تفاوض وليست عملية احتجاز رهينة وهى :
مفاوضة اخوة يوسف(ص) له كى يطلق سراح أخيه اللص فى نظرهم فمرة طلبوا منه :
أن يطلق سراح أخيهم مقابل أن يأخذ أى واحد منهم مكانه
وقد رفض اجابة طلبهم
وفى هذا قال تعالى:
"قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ"
والحكاية الثانية أقرب لعملية الرهائن وهى :
أن فرعون احتجز بنى إسرائيل فى مصر ولم يجب طلب موسى(ص) أن يتركهم يذهبون خارج مصر معه
وفى هذا قال تعالى :
" فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىٰ"
ومع استمرار عملية الاحتجاز من أجل الاستعباد نزل العقاب الإلهى بالآيات الخمس المفصلات :
الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ
وفى هذا قال تعالى :
"فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ"
ومن أجل رفع هذا العقاب فاوض فرعون ومن معه من كبار القوم موسى(ص) على أن يطلب من ربه :
رفع العقوبات عنهم
مقابل :
أن يطلق سراح بنى إسرائيل فيخرجوا من مصر
وفى هذا قال تعالى:
"وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إسرائيل"
ولما كشف الله العذاب عنهم لم يطلقوا سراح المحتجزين كما تم الاتفاق عليه فنكث فرعون بشرطه وفى هذا قال تعالى :
"فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ"
وعبر الله عن نفس القصة بألفاظ اخرى لها نفس المعنى فقال تعالى :
"وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ"
قطعا عمليات الاحتجاز غالبا ما تنتهى باطلاق سراح المحتجزين طالما تم تحقيق مطالب الحاجزين لهم وغالبا ما تنتهى بالتالى :
هروب الحاجزين إلى دول أخرى مع غنيمتهم أو هروبهم إلى أماكن يظنون أن قوات الأمن أو المجاهدين لن تصل إليها فيما بعد
ومن ثم تقوم القوات بالهجوم على الحاجزين فى أى مكان تعرف أنهم مختبئون فيه بعد اطلاقهم سراح المحتجزين لاسترداد ما أخذوه من أموال أو متاع أخر له قيمة ما
فالغرض من عملية التفاوض هو :
الحفاظ على نفوس الأحياء حية وسليمة قدر المستطاع
وأما عمليات تبادل الأسرى عند احتجاز قوات معادية مدنيين فى الغالب فيجب الحفاظ أيضا على النفوس حية وسليمة
ولكن إذا كانت هذه العمليات تتم خارج إطار حرب معلنة فيجب رد العدوان بمثله كما قال تعالى :
" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "
وكما قال :
"وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به "
فعمليات الاحتجاز لا يجب أن تمر دون عقاب سواء كان عمليات داخلية او عمليات من الخارج ولكن العقاب يكون بعد اطلاق سراح الأسرى
أحيانا فى حالة عدم وجود دولة المسلمين نتيجة ضعفهم وتفرقهم وقلتهم تحدث عمليات احتجاز لهم من قبل الكفار إما لتعذيبهم وإما لقتلهم كما فى حادثة أصحاب الأخدود
القصة تقول :
ان الكفار احتجزوا العديد من المسلمين الضعاف وقاموا بعمل حفرة جمعوا فيه الأحطاب والأخشاب ثم أوقدوا فيها النيران ثم قاموا أو قام جنودهم برمى المؤمنين المسلمين فى النار حتى احترقوا فيها وهؤلاء الكفار يتفرجون عليهم ضاحكين عليهم متلذذين بصرخاتهم وآهاتهم
وفى هذا قال تعالى :
"قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ"
قطعا هذه الجرائم لا يمكن أن تنسى من ذاكرة من شاهدوها ويجب على المسلمين إن قامت لهم دولة فى المستقبل القريب من ارتكاب تلك الجرائم الوحشية ألا ينسوا من ارتكبوا تلك الجرائم ويقوموا بتنفيذ عدالة الله وهى :
القيام بتعذيب وحرق كل من اشترك فى تلك الجريمة متعمدا
وهذا من باب قوله تعالى :

" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "
وكما قال :
"وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به "

تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم
وعلى المسلم أن ينفذ كلام الله لأنه إذا لم يتم تنفيذ تلك العدالة فمن المؤكد أن من حرقوا مسلمين سيحرقونهم مرة ثانية وثالثة ورابعة... كما يحدث حاليا فى فلسطين لأن المقاومين متمسكين بالقانون الدولى فلا يهاجمون المدنيين تاركين شرع الله فى مثلية العقوبة فإن قتل مدنيين يجب قتل مدنيين من عندهم فهذا سيوقفه إما من خلال ثورة المدنيين عليه عندما يقتل بعضهم أو خوفا على أقاربه وأصحابه أن يصيبهم نفس الأمر

 

الخميس، 26 سبتمبر 2024

قراءة فى خطبة مكانة الصحابة وفضائلهم

قراءة فى خطبة مكانة الصحابة وفضائلهم
الخطيب عبدالباري الثبيتي والخطبة تدور حول فضل الصحابة وجعلهم خيرة الناس وأفضلهم فقال :
"عبادَ الله:
أجمع المسلمون على أنّ الصحابة رأسُ الأولياء وصفوة الأتقياء، قدوةُ المؤمنين وأسوة المسلمين وخير عبادِ الله بعدَ الأنبياء والمرسلين، جمَعوا بين العلم بما جاء به رسول الله وبين الجهادِ بين يديه، شرّفهم الله بمشاهدة خاتَم أنبيائه وصُحبته في السّراء والضّرّاء وبذلِهم أنفسَهم وأموالهم في الجهاد في سبيل الله، حتّى صاروا خيرةَ الخِيَرة وأفضلَ القرون بشهادة المعصوم . هم خيرُ الأمَم سابقِهم ولاحقهم، وأولِّهم وآخرهم."
والحقيقة أن الخيرة أو أفضل الناس لا يكونون فى عصر واحد وإنما فى عصور متعددة ولذا جعل الأفضل وهم المقربون بعض من الأوائل وبعض من الأواخر فقال تعالى :
"السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ"
وجعل الأقل وهم أصحاب اليمين بعض من الأوائل وبعض من الأواخر فقال :
"وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ"
وتحدث عن كونهم الخيرة مستشهدا برواية فقال :
" هم الذين أقاموا أعمدَة الإسلام وشادوا قصورَ الدّين، قطعوا حبائلَ الشّرك، أوصلوا دينَ الإسلام إلى أطرافِ المعمورة، فاتّسعت رقعة الإسلام، وطبَّقت الأرض شرائعَ الإيمان، فهم أدقّ النّاس فهمًا وأغزرُهم علمًا وأصدقهم إيمانًا وأحسنهم عملاً. كيف لا؟! وقد تربّوا على يدَي النبي ونهلوا من ماء معينه الصّافي وشاهدوا التنزيل. روى أحمد عن عبد الله بن مسعود قال: (إنّ الله نظر في قلوب العباد فوجد قلبَ محمّد خيرَ قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته، ثمّ نظر في قلوب العباد بعدَ قلب محمّد فوجد قلوبَ أصحابه خيرَ قلوب العباد، فجعلهم وزراءَ نبيّه، يقاتلون على دينه)."
قطعا هو نفس الخطأ والحديث هو تزكية للنفس لا يقولها المسلمون كما قال ناهيا إياهم عن تزكية أنفسهم :
" فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى"
وعرف الصحابة بأنهم من صحبوا أو رأوا النبى(ص) وهو تعريف ليس صحيحا لأن الصحبة ثابتة للكفار خاصة من احبهم النبى(ص) وكفروا فقال :
"مَن صحبَ النبيَّ أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه"
وفى كفر بعضهم :
" إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء"
والحقيقة أن الذين أمنوا معه وليس الصحابة
وتحدث عما سموه فضائل الصحابة والحقيقة أن لا فضل لأحد من الخلق أيا كان لأنه عمله يكون شكر لنفسه كما قال تعالى:
" ومن شكر فإنما يشكر لنفسه "
والحديث هو :
"وردت الآياتُ الصريحة والأحاديث الصّحيحة في فضائل الصحابة رضي الله عنهم، مِن ذلك قوله عزّ وجلّ: وَالسَّـابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَـاجِرِينَ وَالأنْصَـارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّـاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَـارُ خَـالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذالِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100]، وقال عزّ وجلّ: لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَـابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَان اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [الفتح:18، 19]، وفيهم يقول رسول الله : ((لا يدخل النارَ أحد ممّن بايع تحت الشّجرة))، وقال عزّ وجلّ: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران:110]، وقال عزّ وجلّ: لِلْفُقَرَاء الْمُهَـاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَـارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّـادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّءوا الدَّارَ وَالإيمَـانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً مّمَّا أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىا أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر:8، 9]، وقال عزّ وجلّ: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَـاهُمْ فِى وُجُوهِهِمْ مّنْ أَثَرِ السُّجُودِ [الفتح:29]"
وذكر أحاديث تتعارض مه نص القرآن فى كون الخيرية فى الأوائل والأواخر فقال :
" روى البخاريّ عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((خير أمّتي قرني، ثمّ الذين يلونهم، ثمّ الذين يلونهم)) قال عمران: فلا أدري أذَكرَ بعد قرنه قرنين أو ثلاثًا. وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((لا تسبوا أحدًا من أصحابي، فإنّ أحدَكم لو أنفق مثل أحدٍ ذهبًا ما أدرك مدَّ أحدهم ولا نصيفَه))."
وتحدث عن أن الخير فيما كانوا عليه وهو دين الله فقال :
"إنّ الخيرَ كلّ الخير في ما كان عليه أصحاب رسول الله ، هم من حفِظ الله بهم كتابَه أمينًا عن أمين، حتّى أدّوا أمانةَ ربّهم.
تفرّغ فريق من الصّحابة لحمل أمانةِ السنّة، وذرعوا أقطارَ الأرض لينشروها، وآخرون حملوا أمانةَ الخلافة والرّعاية والجهادِ والحقوق، وعملوا على نقل الأمَم إلى الإسلام، يعرّبون ألسنتَها، ويطهِّرون نفوسَها، ويسلكونها طريقَ الله المستقيم، وقد بارك الله في أوقاتهم، وأتمّ على أيديهم في مائة سنة ما لم يتحقّق لغيرهم، كانوا سبّاقين للنّاس في كلّ خير، في ميدان الجهاد، في ميدانِ الدّعوة، في ميدان البَذل والعطاء، في ميدان النّوافل والعبادة، فرضي الله عن الصّحابة أجمعين.
نصَروا رسولَ الله في غزواته وحروبِه، بايَعوه على بذلِ أنفسهم في سبيل الله، أخرج البخاريّ عن أنس رضي الله عنه قال: خرج رسول الله إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداةٍ باردة، فلم يكن لهم عبيدٌ يعملون ذلك لهم، فلمّا رأى ما بهم مِن النصَب والجوع قال : ((اللهمّ إنّ العيش عيش الآخرة، فاغفِر للأنصار والمهاجِرة))."
وتحدث عن حب المؤمنين(ص) فى عصر النبى(ص) له فقال :
"نال الصحابة رضي الله عنهم شرفَ لقاء النبيّ ، فكان لهم النصيب الأوفى من محبّته وتعظيمه، سُئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كيف كان حبُّكم لرسول الله ؟ قال: كان ـ والله ـ أحبَّ إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمّهاتنا ومن الماء البارد على الظمأ.
سأل أبو سفيان بن حرب ـ وهو على الشّرك حينذاك ـ زيدَ بن الدّثِنّة رضي الله عنه حينَما أخرجه أهل مكّة من الحرم ليقتلوه وقد كان أسيرًا عندهم: أنشدك بالله يا زيد، أتحبُّ أنّ محمّدًا الآن عندنا مكانَك نضرب عنقَه وأنّك في أهلك؟ قال: والله، ما أحبّ أن محمّدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنّي جالس في أهلي، فقال أبو سفيان: ما رأيتُ مِن النّاس أحدًا يحبّ أحدًا كحبّ أصحاب محمّد محمّدًا.
حكّم الصحابة رضي الله عنهم رسولَ الله في أنفسهم وأموالهم فقالوا: هذه أموالنا بين يدَيك فاحكُم فيها بما شئت، هذه نفوسنا بين يديك لو استعرضتَ بنا البحرَ لخضناه نقاتِل بين يديك ومن خلفك، وعن يمينك وعن شمالك. وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه: وما كان أحدٌ أحبَّ إليَّ من رسول الله ولا أجلّ في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له، ولو سئِلت أن أصفَه ما أطقتُ، لأنّي لم أكن أملأ عيني منه.
نحن نحبّ أصحابَ رسول الله ، ولا نفرّط في حبّ أحدٍ منهم، ولا نتبرّأ من أحدٍ منهم، ولا نذكرهم إلا بالخير، ويُشهد لجميع المهاجرين والأنصار بالجنّة والرضوان والتّوبة والرحمة من الله، ويجب أن يستقرَّ علمك وتوقِن بقلبك أنّ رجلاً رأى النبيّ وشاهده وآمن به واتّبعه ولو ساعة من نهار أفضل ممّن [لم] يرَه ولم يشاهده، ثمّ التّرحّم على جميع أصحاب رسول الله صغيرهم وكبيرهم أوّلِهم وآخرهم وذكر محاسنِهم ونشر فضائلهم والاقتداء بهديِهم والاقتفاء لآثارهم، نكفّ عمّا شجر بين أصحاب رسول الله ، فقد شهدوا المشاهدَ معه، وسبقوا النّاس بالفضل، غفر الله لهم، وأمر بالاستغفار لهم والتقرّب إليهم وبمحبّتهم، فرضَ ذلك على لسان نبيّه ، فلا يتتبّع هفواتِ أصحابِ رسول الله وزللَهم إلاّ مفتون القلبِ في دينه."
وتحدث عن ألاثار المروية فى فضائل الصحابة بعضها كاذب فقال :
"إنّ هذه الآثار المرويّة في مساويهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيدَ فيه ونُقص وغُيِّر عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون، إمّا مجتهدون مصيبون، وإمّا مجتهدون مخطِئون، ثمّ إنّ القدر الذي يُنكَر من فعلِ بعضِهم قليل ونزر مغفور في جنب فضائلِ القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهادِ في سبيله والهجرةِ والنُّصرة والعلم النافع والعمل الصالح."
وتحدث عن عدالة كل الصحابة والحق أن كل من آمن وعمل صالحا فى عصره لا يشك فى إسلامه فقال :
"لا يُسأل عن عدالة أحدٍ من الصّحابة، بل ذلك أمرٌ مفروغ منه؛ لكونِهم على الإطلاق معدّلين بنصوص الكتاب والسنّة وإجماع من يُعتَدُّ به [في] الإجماع [مِن] الأمّة، ومِن حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعًا: ((آية الإيمان حبُّ الأنصار، وآية النّفاق بغض الأنصار)) أخرجه البخاري، وأخرج مسلم من حديث أبي سعيد رفعه: ((لا يبغضُ الأنصارَ رجلٌ يؤمن بالله واليوم الآخر)) أخرجه مسلم.
وتحدث عن ترتيب الصحابة فى الأفضلية فقال :
"إخوةَ الإسلام، أفضلُ الصّحابة الخلفاءُ الأربعة، ثمّ بقيّة العشرة المبشّرين بالجنة، قال : ((خير هذه الأمّة بعد نبيّها أبو بكر ثمّ عمر))، وقال : ((اقتَدوا باللّذَين من بعدي: أبي بكر وعمر))، وفي صحيح مسلم أنّ أصحاب النبيّ كانوا في سفر فقال : ((إن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا))، وفي صحيح البخاري عن محمد بن الحنفيّة أنّه قال لأبيه عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: يا أبتِ، مَن خير النّاس بعد رسول الله ؟ قال: أوَما تعلم يا بنيِّ؟! قلت: لا، قال: أبو بكر.
أنزل الله في فضائلِ أبي بكر رضي الله عنه آياتٍ من القرآن، قول الله عزّ وجلّ: وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُواْ أُوْلِى الْقُرْبَىا وَالْمَسَـاكِينَ [النور:22]، لا خلافَ أنّ ذلك في أبي بكر رضي الله عنه، فنعته بالفضلِ رضوان الله عليه، وقال تعالى: ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ [التوبة:40]، لا خلاف أيضًا أنّ ذلك في أبي بكر رضي الله عنه، شهِد له ربّ العالمين بالصّحبة، وبشّره بالسّكينة، وحلاّه بثاني اثنين كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من يكون أفضل ثانِي اثنين الله ثالثهما؟!، وقال : ((ما نفعني مالٌ قطّ ما نفعني مال أبي بكر))، فبكى أبو بكر رضي الله عنه وقال: هل أنا ومالي إلاّ لك يا رسول الله؟!.
وفي عمر رضي الله عنه يقول النبيّ كما في صحيح البخاري: ((ما لقيَك الشيطان سالكًا فجًّا إلا سلك فجًّا غيرَ فجِّك))، ويقول : ((قد كان في الأمم قبلكم محدَّثون، فإن يكن في أمّتي منهم أحدٌ فإنّ عمرَ بن الخطاب منهم)) أخرجه مسلم. ومعنى محدَّثون أي: ملهَمون. وعمر رضي الله عنهم مُلهَم، قد جاء القرآن بموافقته، فقد نصح رسولَ الله أن يحجب نساءَه، وقال: يا رسول الله، لو اتّخذتَ من مقام إبراهيم مصلَّى، وقال له في شأن الأسرى، فأنزل الله القرآنَ بموافقة عمر الملهَم. وهكذا أيضًا فتح الله الفتوحاتِ على يدِ عمر. وعن جابر قال: قيل لعائشة رضي الله عنها: إنّ ناسًا يتناولون أصحابَ رسول الله حتّى أبا بكر وعمر، فقالت: وما تعجَبون من هذا؟! انقطع عنهم العملُ، فأحبَّ الله أن لا ينقطعَ عنهم الأجر.
أمّا عثمان بنُ عفّان فقد جاء إلى النبيّ بألف دينار في ثوبه حين جهّز النبيّ جيشَ العسرة، قال: فصبّها في حجر النبيّ ، فجعل النبيّ يقلّبها بيده ويقول: ((ما ضرّ ابنَ عفان ما عمل بعد اليوم)) يردّدها مرارًا.
وفي عليّ رضي الله عنه قال رسول الله في غزوة تبوك: ((لأعطينّ الراية غدًا رجلاً يفتَح الله على يدَيه، يحبّ اللهَ ورسوله، ويحبّه الله ورسولُه))، فبات الناس ليلتَهم أيّهم يُعطى، فغدوا كلّهم يرجوه، فقال: ((أين علي؟)) فقيل: يشتكي عينيه، فبصق في عينيه ودعا له فبرأ كأن لم يكن به وجَع، فأعطاه فقال: أقاتلهم حتّى يكونوا مثلَنا، فقال: ((انفُذ على رسلك حتّى تنزل بساحتِهم، ثمّ ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم))."
وهذا الكلام عن ترتيب الأفضلية يتعارض مع كون الله وحده هو الأعلم بمن هو الأكرم او الأفضل كما قال :
"هو أعلم بمن اتقى"
وهو أمر من الغيب لا يعلمه النبى(ص) كما قال الله على لسانه:
" ولا أعلم الغيب"
وقال أنهم كلهم فى الجنة فقال :
"إخوةَ الإسلام، الصحابة كلُّهم مِن أهل الجنّة، قال تعالى: لاَ يَسْتَوِى مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَـاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مّنَ الَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَـاتَلُواْ وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [الحديد:10]"